سيكولوجية الفروق الفردية علم النفس الفارقي
المؤلف: أسعد شريف الأمارة
التصنيف: علم النفس الفارقي
عرض PDFالوصف:
أسعد شريف الأمارة، سيكولوجية الفروق الفردية علم النفس الفارقي، دار صفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1435ه الموافق ل 2014م، عمان.
مقدمة
تتميز العلوم الانسانية ومن بينها تخصصنا في علم النفس والارشاد بكل فروعه التربوية والنفسية والاجتماعية والخدمية الأخرى مثل العناية بكبار السن والاطفال والمشكلات التربوية.. الخ ، بتعدد وتنوع مكوناتها النظرية ومطلقاتها هذا ما يمنحنا مبررا منطقيا لوجود مبحث متميز يحمل اسم سيكولوجية الفروق الفردية ليكون ضمن ما يمكن أن نعرفه ب علم النفس الفارقي وهو المبرر ذاته اعطى المختصين في علم النفس وضع اسس نظريات علم النفس او نظريات الارشاد في مؤلفات تشمل كل ما كتب عنها بل وايضا نظريات الشخصية أو علم النفس الصناعي أو علم النفس الاجتماعي او علم النفس الكلينيكي او الارشاد الفردي او الارشاد الجمعي او الدراسات النفسية المتعلقة بالنمو او الاشكالات النفسية فيما يتعلق بالنمو المعرفي للأطفال او الدراسي ولكن ورغم كثرة ما كتب ويكتب في مجال النظريات والادبيات المتعلقة فأننا لا نلمح اشارة الى نظرية تهتم بالفروق الفردية رغم انها القاسم المشترك الاعظم بين جميع ما ذكرناه وما نسيناه من تخصصنا في علم النفس وفي التربية ولا حتى مجرد استخدام لهذا المصطلح وبالمثل فان الكتابات المتخصصة في الفروق الفردية علم النفس الفارقي اهملت او تناست وربما لا تولي اهتماما مذكورا للنظرية التي تحكم هذا المجال في تخصصنا السيكولوجي والتربوي والمجالات الاخرى المقاربة له مثل الدراسات الاجتماعية والخدمة الاجتماعية والعمل الاجتماعي ، كل تلك التخصصات مع الدراسات النفسية والتربوية هي احوج كثيرا لمعرفة الفروق الفردية طالما انها تدرس الانسان في مواقف حياتية متنوعة ومتعددة المناحي.
الصفحة9
ان اغفال الحديث عن اهمية الفروق الفردية يرجع الى موقف نظري خاطئ انطلقت منه الغالبية العظمى من المشتغلين في هذا المجال السيكولوجي والتربوي والاجتماعي والمهن الخدمية الأخرى.
ان الاساس الذي يعطينا السند القوي في دراسة الفروق الفردية بين الناس وفي الفرد نفسه وبين الجماعات وبين الاقوام المختلفة وحتى بين الملل والاعراق هو ان التشابه بين البشر أكبر بكثير وأهم من الاختلاف بينهم فيما يتعلق بتركيب ووظائف الاعضاء عموما والجهاز العصبي على وجه الخصوص.
ان من اهم العقبات التي واجهت مسار الدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية والخدمات المرتبطة بها والمقدمة للإنسان في كل مراحل حياته هي انه يتعامل مع وحدات متباينة، تتغير بتغير الزمان والمكان فضلا عن صعوبة اخضاعها للتجريب ومن هنا قدمت لنا الفسيولوجيا ما بدا وكأنه الحل السحري للموقف. ففيما يتعلق باختلاف البشر عن بعضهم البعض فإن المنظور الفسيولوجي يتجاوز هذا الاختلاف وصولا الى ما يعد مشتركا متشابها بين اجناس البشر جميعا وهو المنظومة العصبية الجهاز العصبي هذا فضلا عن تطور التيار الاحصائي الذي يقوم اساسا في الدراسات النفسية والاجتماعية والتربوية على فكرة تسلم بوجود تنوع حقيقي في الظاهرة الانسانية، أي التسليم بعدم تشابه الوحدات محل الدراسة والاتجاه مباشرة نحو المعالجة الرقمية التي تكشف عن الخصائص العامة التي تميز تلك الاختلافات
يستفيد من هذا الكم المعرفي في هذه الصفحات بين دفات الكتاب جميع من يدرس العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية فضلا عن من يدرس القانون ويمارسه مستقبلا أو من يعمل في مجال المحاماة او العلوم السياسية، ولا اقصد هنا الدراسة
الصفحة 10
الاكاديمية فحسب وانما الممارسة الميدانية في التخصص وكذلك من يضطلع في الادارة او الاقتصاد أو المحاسبة دراسة أو ممارسة فهو يعطيه فسحة كبيرة من المعلومات المعرفية المؤكدة في الفروق بين الفرد نفسه وبين الافراد وفي المواقف المتنوعة سواء في العمل أو في التقدير للأداء الشخص
هذا الكتاب ربما لا نغالي إذا قلنا انه نزهة فكرية معرفية محكمة للتعرف على قدرات الافراد وقدرات الفرد نفسه سواء في التفكير او في الاداء او في التعامل التصرف ازاء اي موقف يوجهه يحتاج هذه المعلومات من يدرس العلوم الانسانية بأجمعها وممن يدرس اللغات المختلفة بأنواعها والعلوم العلمية المتخصصة باسرها، فهو يكشف الكثير من الفروق وبواطنها غير المرئية ولكن يدركها القارئ المتخصص والقارئ العادي" العام"
الصفحة11
الفصل الأول: ماهي الفروق الفردية
الفروق الفردية ظاهرة عامة يشترك فيها جميع افراد الكائنات الحية )البشر والحيوانات وحتى الحشرات(فالاختلافات موجودة لدى البشر كما هي موجودة بين الكائنات الحية الأخرى وفي نفس الوقت نجد تلك الفروق داخل الفرد نفسه في طريقة التفكير وفي التكيف وفي التعامل مع المواقف الحياتية ويقول علماء النفس ان الافراد يختلفون في قدراتهم على التعلم وحل المشكلات واكتساب اللغات والعادات السلوكية والمعرفية كما يختلفون في طريقة استجابتهم للمواقف مثل الخوف والسلوك العدواني ونشاطاتهم الأخرى كالفعل الجنسي وحب الاستطلاع والجوع والعطش.. الخ من النشاطات المتنوعة ولا تقتصر الاختلافات من الناحية السلوكية أو النفسية فحسب وانما من الناحية الفسيولوجية ايضا والبيوكيمائية في كل خاصية يمكن قياسها او رصدها في ما يصدر من الانسان من سلوك او فعل او تغييرات فسلجية او حتى تكوينية في الخلق مثل عمل القلب والمعدة أو الرئتين او البنكرياس، فنجد الكثير من الاختلافات من حيث الشكل والحجم في هذه الاجهزة بين الافراد وربما بين الاخوة ايضا ممن ينتسبون لاب واحد وأم واحدة فضلا عن التركيب الكيمائي لسوائل الجسم واللعاب والبول وحتى رائحة الجسم التي تنبعث من الفرد تختلف عن شقيقه أو عن شقيقته رغم ان في احيان كثيرة تشعر الزوجة بنفس رائحة زوجها في ابنائه ولكن الاختلاف واضح ايضا بين الافراد حيث تتركز هذه الرائحة في ابن بشكل كبير وتكون أخف في آخر وهكذا نرى ان الاختلافات واضحة.
الصفحة 15
سيكولوجية الفروق الفردية
اما اذا رصدنا الفروق بين الافراد من الجنس البشري فنكاد نراها واضحة جدا خصوصا اذا ما تقاربت تصوراتنا في موقف سياسي او ديني او اجتماعي او الغرض الزواج بين فتى وفتاة وتتباعد كثيرا ونجد الفجوة شاسعة استنادا الى ما يتميزون به من فروق فردية في طريقة التفكير او المعالجة ولذا تقول )انستازي(اننا بحاجة دائما الى أن نكيف انفسنا مع الافراد الآخرين الذين نتواصل معهم من افراد المجتمع وذلك استناداً الى ما يتميزون به من فروق فردية)انستازي وآخرون (1969فالفروق في الخصائص والسمات الفردية الشخصية موجودة داخل الفرد نفسه وكذلك موجودة بين الافراد.
تشكل الاختلافات المتنوعة في الكثير من نتاجات الفنانين والرسامين والادباء ويستطيع الانسان ملاحظة تلك الفروق بسهولة خصوصا في الصفات الجوهرية التي تميز الشخصيات التي يعبرون عنها.
شعر المربون وعلماء النفس ورجال السياسة والادارة بالفروق الفردية بين الافراد مما اضطرهم أن يجدوا تنظيما وتحديدا منهجيا لتلك الفروق وتم قياسها بأساليب حديثة تعتمد على القياس باستخدام ادواته الموضوعية.
ترى الدارسات المهتمة بالفروق الفردية أن هناك اتجاهان يوضحان طبيعة الفروق الفردية )طلعت منصور وآخرون(1978 وهي:
الاتجاه الأول: يؤكد على ان البيئة أو المجتمع بما يتضمنه من تأثيرات متعددة هو في ظهور الفروق الفردية اي ان البشر متساوون فيما لديهم من امكانيات واستعدادات وقدرات، وان الفروق التي تبدو بين الافراد في ظل هذا الاتجاه انما تعود الى أن فرص تنمية هذه الامكانيات والاستعدادات والقدرات لم تكن واحدة، أي أن الفرص لم تكن متكافئة وبالتالي يهتم هذا الاتجاه بضرورة تهيئة الفرص المتكافئة امام الجميع.
الصفحة16
اما الاتجاه الثاني: فيؤكد على أن الفروق التي تبدو بين الناس انما ترجع الى حقائق بيولوجية تفسر في ضوء الاستعدادات الوراثية أو الجينات التي تجملها الصبغيات او الكروموسومات للوالدين، ومن ثم كان على المجتمع أن يستفيد بما يظهر فيه من موهبة وعبقرية وابتكار.
خلاصة ما نستطيع قوله ونؤكده ان الافراد متساوون إذا ما اتيحت للجميع نفس الفرص المتكافئة مع عدم اغفال ان معالجة الافراد للمواقف الحياتية غير متساوين في خصائص البيولوجية والسيكولوجية وفي تكوين شخصيتهم بشكل عام.
نظرة تاريخية عن الفروق الفردية
عرف الانسان منذ أقدم العصور معنى الفروق الفردية فهو عرف ان المقاتل الجيد يتمتع بقدرات تختلف عن الآخرين من المقاتلين وكذلك في ادارة سلطة الدولة وقد استرعت هذه الاختلافات بين الافراد انتباه المفكرين والعلماء من قديم الزمن ويقول )د سيد خير الله ( ان افلاطون وضع اهدافه الاساسية في جمهوريته المثالية ، وضع كل فرد في عمل خاص يناسبه، وفي الجزء الثاني من كتاب الجمهورية توجد العبارة التالية : انه لم يولد اثنان متشابهان بل يختلف كل فرد عن الآخر في المواهب الطبيعية فيصلح احدهما لعمل بينما يصلح الثاني لعمل آخر. فيقسم افلاطون في جمهوريته الناس الى فئات تبعا للاختلافات الموجودة بينهم ويحدد مهنا معينة لكل فئة بما يتفق وهذه الفروق.
ولم تهمل قدرة ارسطو وعبقريته الاختلافات الفردية بل افاض في مناقشتها وخصوصا الفروق الفردية بين الجماعات بما في ذلك الفروق بين الاجناس والفروق من الناحية الاجتماعية والفروق بين الجنسين في السمات العقلية والخلقية.
الصفحة17
من المستغرب فعلا ان دراسة الفروق الفردية لم يكن اكتشافها على ايدي علماء النفس أو التربية بل هي اكتشاف عالم فلكي ففي العام 1796 طرد مدير
مرصد رويال ماسكيلين بجرينتش مساعده )كينبروك (من وظيفته بسبب الفرق الثابت في 18 ثانية بين ملاحظاته المسار النجوم وملاحظات رويال لها ارجع مدير المرصد هذه الفروق الى عجز كنبروك وهي لا تتجاوز ثانية واحدة فقط، وفي سنة 1816 خلص العالم الفلكي المشهور)بيزل (من دراسته لهذه الفروق الى ما عرفه بالمعادلة الشخصية للملاحظين المختلفين ومضمونها ان الافراد يختلفون من حيث سرعة زمن الرجع اي الزمن الذي يمر بين صدور المثير وحدوث الاستجابة يختلف في مدته او طوله من فرد الى آخر. وباختصار بانها مقدار الفرق بالثواني بين تقدير ملاحظين شخصين يقومان بالملاحظة" وكما اوضح "بيزل" تغير هذه المعادلة من وقت الى آخر بالنسبة للشخص الواحد.
وفي هذا يمكن أن يعد اعتراف بأن الذي كان خطأ في حادثة جرنتش انما هو في الحقيقة مظهر من مظاهر الفروق الفردية. وكان الهدف الاهم في هذه المعادلة هو تصحيح الفروق في الثواني بين تقرير الملاحظين وبذلك فهي أقرب ما يكون من مفهوم الخطأ الثابت في الفروق السيكوفيزيقية وربما عد هذا اول تسجيل نشر عن المعلومات الكمية للفروق الفردية ذلك لأن هذه المحاولات استطاعت ان تحول الفروق الى تقديرات عددية يمكن المقارنة بين مختلف الاشخاص على اساسها بدلا من المقارنات اللفظية غير المحدودة.
جعل هذا الحدث التاريخي ان يلفت اهتمام الباحثين في النصف الأول من القرن التاسع عشر بقياس الفروق الفردية ولم يكن هدف علماء النفس المشتغلون بالمختبرات التجريبية قياس الفروق الفردية ولا حتى الانتباه لها ، اذ كان الاعتقاد
الصفحة18
السائد انها اخطاء ولذلك اهتموا بدراستها للتخلص منها والوصول الى صياغة يمكن ان تكون معممة الى السلوك الانساني او قانون عام يصف السلوك الانساني. كان هذا الاتجاه عند )فونت (الذي انشأ اول مختبر لعلم النفس في مدينة ليبزغ الالمانية في العام 1879 بالرغم من ان فيبر وفخنر وهلمهولتز قاموا بتجارب ذات طبيعة نفسية إلا ان معمل فونت كان الأول الذي تكرس لعلم النفس بالكامل.
وجاء بعد فونت تلميذه سير فرانسيس جالتون العالم البيولوجي في الاستمرار بطريق حركة قياس الفروق الفردية على أسس صحيحة.
اهتم جالتون بدراسة الوراثة والعوامل الوراثية الا أنه تبين من خلال ابحاثه ودراساته الى الحاجة المهمة الى قياس المميزات التي يتشابه فيها الاقارب ويختلفون فيما بينهم مع غيرهم من الناس اذ كان بحاجة جدا لأن يقيس بدقة العلاقة بين الاباء والاخوة والاخوات والتوائم. قدم جالتون كمية كبيرة من المعلومات عن الفروق الفردية كما كان من آثاره اعداد عدد كبير من الاختبارات العقلية التي لازالت تستخدم حتى اليوم.
انشا جالتون في العام 1882 معملا لقياس بعض الظواهر الانسانية أو الانثروبولوجية ) علم الانسان القياسي ( وفيه استطاع قياس حدة البصر والسمع والقوة العضلية وزمن الرجع ووظائف حسية حركية بسيطة أخرى.
جمع جالتون ولاول مرة أضخم مجموعة من البيانات عن الفروق الفردية في العمليات النفسية البسيطة وصمم بنفسه اختبارات بسيطة طبقها وما زال البعض منها يطبق رغم التعديل الذي اجري عليها ومن بين هذه الاختبارات "اختبار قضيب جالتون" للتمييز البصري للأطوال و صفارة جالتون" لتحديد اعلى مقام سمعي.
الصفحة19
توصل جالتون بعد ملاحظاته المعملية ان المعتوهين تنقصهم في الاغلب القدرة على تمييز الحرارة والبرودة والألم.
كان لجالتون السبق الأول في تطبيق منهج الاستبيان والمقياس المتدرج واستخدم منهج التداعي الحر وله جهد كبير في تطوير بعض الطرق والوسائل الاحصائية المستخدمة لتحليل البيانات عن الفروق الفردية.
أكد جالتون على ضرورة اتخاذ عينة مضبوطة تمثل المجتمع الانساني كطريقة لفهم طبيعة الفروق الفردية ومستوياتها ومداها. وأدرك جالتون بنفس الفترة الزمنية ضرورة التعرض لفكرة الخطأ الاعتدالي في دراسة الفروق الفردية وعد بذلك أول من استخدم اسلوب الارتباط والمعيار المئيني وهكذا سار من بعده تلميذه "كارل بيرسون"
ومن الأمور التي واكبت اهمية جالتون في دراساته عن الفروق الفردية هو تركيزه على الجانب الوراثي ولكن دون أن يغفل الجانب البيئي في ايجاد الفروق وهذا التركيز على الجانب الوراثي ربما يعود الى طبيعة الظروف التي عاش فيها جالتون والاتجاهات التي كانت سائدة انذاك والعقائد التي كان يؤمن بها المجتمع ايضا فقد كان جالتون طفلا موهوبا حيث ) كان قادرا على القراءة قبل بلوغه سن الثالثة من العمر ( وكان قريبا لأشخاص مشهورين متعددين من بينهم شخص أثر فيه كثيرا وهو ابن خالته تشارلز دارون
تعريف الفروق الفردية:
تعرف الفروق الفردية بأنها: الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في) طلعت منصور وآخرون(
الصفحة20
وتعرف بأنها الاختلافات في درجة وجود الصفة ) جسمية أم نفسية( لدى الافراد مقاسة بالدرجة المئينية إذا كان الهدف هو معرفة الفروق بين الافراد وتحديد مستوى كل فرد في صفة معينة ومقاسة بالدرجة المعيارية إذا كان الهدف هو معرفة الفروق داخل الفرد في أكثر من صفة.
اما "انستازي" فتعرف علم النفس الفارق بانه علم دراسة الفروق السيكولوجية بين الافراد او بين الجماعات ) صلاح مخيمر وعبدة ميخائيل رزق)
ترى موسوعة علم النفس والتحليل النفسي أن الفروق الفردية هي:
الفروق الجسمية والعقلية والنفسية التي تميز فردا عن آخر فهذا الفرد أكثر ذكاء من ذاك وهذا أقل انطوائية من ذاك كما ان هذا اطول من ذلك ن وتلزمنا معرفة الفروق بين الافراد بعضهم وبعض حتى نعامل كلا بالطريقة التي تناسبه فأسلوبنا في التعامل مع المريض النفسي ينبغي ان يختلف عن اسلوبنا في التعامل مع السوي نفسيا ، واسلوبنا في التعامل مع ضعيف العقل ينبغي ان يختلف عن اسلوبنا في التعامل مع الشخص الذكي وهكذا. ولدى كل منا مهارة تلقائية في التعامل مع الناس على وفق ما بينهم من هذه الفروق الفردية والافراد تختلف فيما بينها في خصائصها مما يجعل كل شخصية منفردة ومتفردة عن غيرها ومما يعطي اهمية أكبر لدراسة الفروق الفردية والاستفادة التطبيقية منها خاصة إذا كانت هذه الدراسات دراسات علمية مستهدفة تنظيم العلاقات الاجتماعية والمهنية والادارية وتوزيع الادوار بين اعضاء المجتمع، ولولا وجود الفروق الفردية كحقيقة واقعة ما كان هناك اصلا حاجة الى الاختبارات والمقاييس النفسية والعقلية والجسمية (فرج طه وآخرون (
الصفحة 21
لماذا ندرس علم النفس الفارقي الفروق الفردية
منذ ظهور أولى الدراسات النفسية المهتمة بالفروق بين الافراد وبين الجماعات وفي الفرد نفسه ومازال البحث مستمرا الى الوقت الحاضر لدى علماء النفس بدراسة اوجه الشبه والاختلاف بين الناس ومحاولاتهم الجادة على تبسيطها وترتيبها فضلا عن ذلك فإن علماء النفس يبحثون عن نظريات ليوحدوا ويفسروا المتغيرات التي تحدد مثل هذا التشابه سواء بين الافراد او بين الجماعات لذا بات اهتمام علم النفس الفارق بدراسة الفروق بين الافراد يشكل الاساس للدراسة والبحث فعلم النفس الفراق هو الدراسة العلمية الموضوعية التجريبية لظاهرة الفروق الفردية )البهي السيد(
ان علم النفس الفارقي " سيكولوجية الفروق الفردية" يهدف الى فهم السلوك الانساني بوساطة معرفة ودراسة الفروق الفردية بين الناس وبين الجماعات وفي الفرد نفسه وازاء ذلك يعتمد في فهمه لهذا السلوك على تجميع المعلومات والحقائق التي تميز تلك الفروق عن غيرها من الظواهر النفسية الأخرى ثم يحللها بإحدى الوسائل العلمية المناسبة لطبيعة تلك الظواهر وهذا التحليل يؤدي الى فهمها وتوجيهها وإقامة البناء العلمي النظري الذي ينظمها في قوانين ونظريات تصلح للتعميم والتنبؤ بل تتعدى ذلك لحل ومعالجة التباينات.
علم النفس الفارقي يدرس الفروق الفردية بين الناس لمواجهة المشكلات العملية والمشكلات التربوية لدى الاطفال في مختلف مراحل الدراسة فربما تكون هناك تساؤلات تربوية منها معرفة القدرات والميول لدى الطلبة ) اختيار الدراسة(او فيما يتعلق بالمهنة اختيار الافراد للمهن التي تتناسب وقدراتهم أو كلينيكية (مثل تحديد الافراد الذين يحتاجون الى( رعاية خاصة( أو تنبؤية مثل )معرفة القدرات العقلية – التفوق العقلي( او التخلف العقلي.
الصفحة 22
يمكن اجمال بعض بعض الاهتمامات التي خصها علم النفس الفارقي:
- دراسة مدى وطبيعة الفروق الفردية في العمليات النفسية.
-اكتشاف العلاقات المتبادلة بين العمليات العقلية لدى الفرد وذلك حتى يتسنى لنا الوصول الى تصنيف العوامل وتحديداي الوظائف أكثرها أهمية.
- معرفة الجوانب الجسمية المؤثرة في الاداء) مثال: استخدام الرياضيين قدراتهم في السباقات(
- معرفة الجوانب النفسية وعلاقتها بالجوانب العقلية والجسمية في مختلف الاداءات والامتحانات لدى الطلبة.
ولخص "مخيمر ورزق" هدف دراسة الفروق الفردية بـ "تفسير السلوك وكانت الوسيلة الى ذلك:
(1دراسة السلوك في ظروف بيئية وبيولوجية متغيرة دراسة تحليلية مقارنة.
(2 ربط الفروق الملاحظة بالعوامل المصاحبة مما يسمح بتحديد تأثير كل عامل في تطور السلوك.
اما مجال دراسة علم النفس الفارق اي صلب موضوعه فينحصر في:
■ دراسة الفروق بين مسالك الافراد من حيث طبيعتها ومداها فاكتساب فعل منعكس شرطي او تعلم المتاهة مثلا يحتاج الى عدد من المحاولات يختلف من نوع حيواني الى آخر ومن فرد الى فرد ضمن النوع الحيواني الواحد.
■ دراسة عوامل الفروق، هناك عوامل مختلفة تؤثر في تحديد الفروق بين مسالك الافراد على وفق العوامل التالية : الفيزيائية "كالموطن" والبيولوجية "كالعمر والجنس والسلالة" والثقافية" كالاتجاهات والقيم" والاجتماعية "ككثافة
الصفحة23
السكان والمستوى الاقتصادي والتنظيم الحضري وتخطيط المدينة استنادا التوزيع السكان اعتدال "
وتجيب الفروق الفردية على التساؤلات التالية:
ما طبيعة الفروق السلوكية؟
ما اسباب هذه الفروق او ما هي العوامل المختلفة المحددة لها، وما مدى تأثير كل عامل منها؟
ما صورة السمة او النمط الذي تتخذه هذه الفروق؟
انواع الفروق الفردية الرئيسة
تظهر انواع الفروق الفردية في العديد من المجالات التي تمس الانسان مباشرة منها المظاهر السلوكية والنواحي التربوية وبعض الجوانب الشخصية وسوف نستعير من د.سيد خير الله تصنيفه لهذه الانواع وهي:
الفروق اما ان تكون في نوع الصفة، واما ان تكون في درجة وجودها فاختلاف الطول عن التوزن اختلاف في نوع الصفة (1 واختلاف الاطوال هو اختلاف في الدرجة
(2وقد تصنف المظاهر العامة للفروق الفردية في الشخصية الى فئتين هما : الفروق الفردية في الاداء الاقصى والفروق الفردية في الاداء المميز اي العملي او الواقعي.
(3 ويمكن تلخيص انواع الفروق الرئيسة في اربعة طوائف هي :
الصفحة24
اولاً: الفروق بين الافراد
وهي تعني اختلاف الافراد بعضهم عن بعض من حيث قدراتهم وسماتهم ففي القدرة الواحدة يلاحظ ان الافراد يختلفون من حيث القوة والضعف والمتوسط ويهدف قياس هذا النوع من الفروق الى مقارنة الفرد بغيره من افراد مجموعته او صفه الدراسي او عمره او بيئته من ناحية من النواحي النفسية أو التربوية أو المهنية أو الجسمية اتحديد مركزه النسبي فيها حتى يمكن تصنيف الافراد الى مستويات او الى جماعات متجانسة.
ثانياً: الفروق في ذات الفرد
وتعني اختلاف قدرات وسمات الفرد الواحد من حيث القوة والضعف ويهدف هذا النوع من الفروق الى مقارنة النواحي المختلفة في الفرد نفسه لمعرفة نواحي القوة والضعف بالنسبة لنفسه بمعنى مقارنة قدراته المختلفة معا للتعرف على اقصى امكانياته في كل منها بغرض الوصول الى تخطيط أفضل البرامج تعليمه او لتدريبه. كما تفيد في توجيهه مهنيا وتربويا حتى يحقق أكبر نجاح في حدود امكانياته هو، فربما يكون الفرد متفوقا في القدرة الرياضية ومتوسطا في القدرة الابتكارية وضعيفا في القدرة اللغوية. وهناك فروق في القدرات الفردية لدى الافراد مثل القدرة على المناقشة وايصال الفكرة بسهولة للمقابل بينما تكون ضعيفة عند آخر، ويتمتع فرد آخر بقدرة عالية في الكتابة والاجابة التحريرية. وكذلك الأمر بقدرات المدرسين في ايصال المعلومة للطالب، ليست المشكلة في المنهج وليست في طريقة التدريس وانما في قدرات المدرس ذاته فالمدرس المقتدر يستطيع ان يتتبع الكثير من هذه الفروق نتيجة لملاحظاته على تلاميذه وكذلك في مستوى اداءه.
الصفحة25
نلاحظ هذه الفروق كماً وكيفاً بين الكبار الذين يمارسون اداء العمل الواحد فنحن لا يسعنا القول ان جميع الافراد الذين يمارسون العمل الواحد يؤدونه بنفس الفاعلية والدقة وانما يختلفون في ادائه.
وللحصول على صورة أكثر موضوعية وأكثر تشخيصا لضروب التباين داخل الفرد يرسم بيانا نفسيا او مكوناً للفرد، فالبيان النفسي يوضح للنظرة الأولى المستوى النسبي للشخص في اي عدد من الاختبارات او المقاييس الاخرى ويجب تحويل درجات الشخص اولا في الاختبارات المستخدمة الى وحدات يمكن مقارنتها. وهذه هي الخطوة الرئيسة في عملية التوجيه والاختيار التعليمي فالحكم في كيفية التخطيط التربوي بالنسبة للطالب وللحكم على ما يجب ان يبرز فيه أو يتفوق فيه وما العمل الذي يجب ان يهتم به فإننا نحتاج الى معرفة شكل البيان النفسي للقدرة
ثالثاً: الفروق بين المهن
من المعروف ان المهن المختلفة تتطلب مستويات مختلفة من القدرات والاستعدادات والسمات وقياس هذه الفروق يفيدنا في الانتقاء وفي التوجيه المهني وفي اعداد الفرد وعموما للمهن وهذا وما ينطبق على المهن المختلفة ينطبق على المواد الدراسية المختلفة.
رابعاً: الفروق بين الجماعات
ربما تختلف جماعة ما عن جماعة أخرى بخاصية معينة لذا تختلف الجماعات في خصائصها ومميزاتها المختلفة وتشمل هذه الاختلافات في الحالة المزاجية أو السلوكية أو العقلية او القدرة على التحمل.. الخ واثبتت الدراسات الميدانية المتعددة أن هناك فروقا بين جوانب الحياة النفسية في كل من الجنسين بين
الصفحة26
الجنسيات المختلفة وبين الاعمار المختلفة.. الخ وقياس هذه الفروق يفيدنا في دراسة سيكولوجية الجماعات وخصائص النمو ودراسة العوامل التي ربما تكون مسؤولة عن هذه الفروق لانماء الصالح منها والتغلب على غير الصالح. وكذلك تفيد هذه الدراسات في معرفة الفروق حينما يطبق اختبار للقراءة على مجموعة من الاولاد مقارنة مع مجموعة اخرى من البنات
حركة القياس النفسي ودور الفروق الفردية فيها:
عد تطور علم النفس وفروعه في العلوم التربوية والارشاد نموذجا لاهم ملامح التطور الحقيقي في مسار علم النفس الحديث ويلاحظ من خلال انطلاق حركة القياس النفسي والتربوي ووقوفها ثابتة كمنهج علمي مكمل لجميع فروع علم النفس وخصوصا بعد ان تخلص علم النفس من سيطرة الاستبطان على معظم مناهجه.
يتفق معظم الباحثين في علم النفس ان حركة القياس النفسي الحقيقية بدأت من تأسيس أول معمل في علم النفس وهو معمل )فونت ( في جامعة ليبزج في العام 1879
كان )فونت( يؤمن ويعترف بالفروق الفردية على الاقل في الظواهر التي استطاع قياسها بأجهزته البسيطة فهو استطاع أن يقيس سرعة التفكير على الاقل ورد الفعل وشدة الانتباه وزمن الرجع. ويذكر فونت في فترة مبكرة وجود احتمالات كبيرة واختلافات بين الافراد والاكثر من ذلك انه صمم جهازا لقياس الفروق الفردية في سرعة التفكير أطلق عليه اسم " مقياس التفكير.
واضافت جهود " كاتل" في دراسة سرعة العمليات الادراكية ذات اهمية خاصة نتيجة لاهتمامه بفحص مدى الانتباه وشدته مما اضفى عناية أكبر وتركيزا أكثر
الصفحة27
على الفروق الفردية من خلال اختباراته التي أجراها على عدد كبير من الناس استطاع ان يصوغ قوانين سلوكية عامة تبين التحديد الكمي لنوع ودلالة الفروق الفردية وخصوصا على الطلبة الجدد في جامعة كولومبيا الامريكية.
اما فرانسيس جولتون الذي يعد المكتشف الحقيقي للفروق الفردية والمقاييس النفسية من خلال اهتمام اصيل تركز على نظرية التطور لدارون وما يترتب على ذلك من ابعاد يقول صفوت فرج ان تيار القياس اكتسب قوته الدافعة من المبادرات القوية التي قام بها كاتل في الولايات المتحدة.
عدت رؤية "جولتون " التطورية المتعمقة ذات اهمية بالنسبة للفروق الفردية لا في مجال علم النفس فحسب بل في كل الدراسات المتعلقة بالكائن الحي حيث كان يقضي شهورا في معرض كينسنجتون الذي اسس فيه معملا للانثربومتري استطاع خلال وجوده بقياس الخصائص البدنية لعدد كبير من المترددين على المعرض تطبيقا لهذه النظرة التطورية العميقة مقابل ثلاث بنسات للفرد. وفرت البيانات التي جمعها من المفحوصين مصادر كبيرة للثروة العلمية بوبها في مؤلف سماه تصنيف الرجال على وفق مواهبهم الطبيعية.
وجاءت اسهامات الطبيب الشهير "كريبلن " الذي كان مهتما بالاختبارات الاكلينيكية للمرضى السيكاتريين " مرضى العقل ودراساته المستفيضة في مجال الطب العقلي حتى انه اعد اختبارات لقياس ما رأى أنه ربما تكون سببا للعوامل الجوهرية التي تسبب المرض وهي محاولة لقياس هذه الاسباب واستخدم في ذلك اختبارات تتضمن عمليات حسابية بسيطة صممت لقياس أثر التدريب والذاكرة والاستهداف للتعب ومدى التشتت واستطاع بعد ذلك "ابنجهاوس " ان يطبق اختبارات الحساب والذاكرة وإكمال الجمل على العديد من المفحوصين وتوصل الى ان هناك تناظرا بين أداء الاطفال وتحصيلهم المدرسي.
الصفحة28
ساعد القياس النفسي خلال نشأته الأولى وتطوره في اكتشاف مشكلة التخلف الدراسي والتخلف العقلي بشكل مبكر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر حتى بلوغ تطورها في بدايات القرن العشرين حينما طور الفرد بينيه الفرنسي مقاييس الذكاء، ففي نهاية القرن التاسع عشر كان الفرد بينيه وفيكتور هنري وتيودور سيمون يطورون اساليب لدراسة عدد من الوظائف العقلية وظلوا يعتقدون أن مفتاح قياس الذكاء هو التركيز على العمليات العقلية العليا بدلا من الوظائف الحسية البسيطة وقد توج هذا العمل بتطوير مقياس بينيه للذكاء في العام 1905. هذا الاكتشاف الكبير آنذاك حفز العلماء الانكليز على المضي كثيرا في الاساليب الاحصائية واتخذ الالمان وجهة اخرى في تأكيدهم على أهمية دراسة المرض النفسي والعمليات العقلية المعرفية الاكثر تعقيدا مثل الادراك والتفكير والتذكر والانتباه والوعي والتشتت، اما الفرنسيون فركزوا على التجريب الاكلينيكي.
في العام 1904 طلبت وزارة التعليم الفرنسية من الطبيبان الفرنسيان الفرد بينيه & تيودور سيمون" معونتهما في تصنيف الاطفال المعوقين تعليميا في المدارس الفرنسية وبدا منذ ذلك الحين في اعداد الصورة الأولى لمقياسهما المعروف باسم مقياس )بينيه - سيمون ( والذي نشراه في العام 1905 وتضمن المقياس ثلاثون اختبارا غالبيتها تقيس التفكير المعرفي ) حوالي الثلثين (وبقيتها تتعلق بالنمو الحركي والذاكرة والتفكير الابتكاري. قنن الاختبار بتطبيقه على خمسين طفلا من فئات الاعمار 11,9,7,563 بحيث ضمت كل فئة عشرة اطفال اختارهم معلموهم على اساس انهم متوسطوا القدرة العقلية وشمل التطبيق بالاضافة الى ذلك عددا لم يذكره بينيه من الاطفال ضعاف العقول. كان بينيه يعتقد أن القدرة العقلية تنمو مع الطفل بقدر نضجه لهذا عندما قدم مقياسه في العام 1905
الصفحة29
باعتباره مجموعة من الاختبارات التي تقيس الذكاء مرتبة من الاسهل الى الاكثر صعوبة ولم تبقى الاختبارات التي شملت المقياس ثابتة بل أجرى عليها عدة تعديلات آخرها في العام 1911 قبل وفاته ورغم أن الكثير من علماء النفس والمشتغلين في مجال القياس النفسي والتربوي يدين ل "بينيه اكثر من اي شخص اخر في وضع اسس الاختبارات النفسية وله فضل جذب الاهتمام المشكلة القدرة العقلية وتكريس برنامج لقياسها وتقديرها بالاختبارات إلا ان البعض يجد اهتماما رائدا في الفترة نفسها بمشكلة الفروق الفردية حيث كتب فيها وليم شتيرن في العام 1900 وهو الذي قدم بعد ذلك الاضافات المهمة للذكاء بابتكاره طريقة حساب نسبة الذكاء".
ما هو القياس:
القياس كما يراه انجلش وانجلش" تستخدم في عدة معان منها: النتيجة التي نحصل عليها من عملية القياس اي القيمة التي نحصل او نخرج بها من قياسنا لشيء ما متضمنة تحديد كميته تقديرا لوجود الشيء او عدم وجوده فضلا عن ذلك يمكن ان يعد القياس المعيار الذي نستخدمه لقياس اي شيء كما متعارف على قياس الغرام أو الطن او المتراو الساعة او الدقيقة عند حساب الوقت.
ولما كان القياس يجري بأشراف الانسان وان الانسان غير معصوم من الغلط او السهو أو ضعف الموضوعية والتحيز الواضح فقد وضع علماء القياس بندا مهما في شروط التطبيق لأي اداة نفسية ومنها الموضوعية، والموضوعية تعني بشكل عام نقيض الذاتية وهي بذلك لا تقتصر على الاختبارات نفسيه فحسب بل في كافة انواع القياس في العلوم جميعا وتجنب وتحاشي الذاتية قدر المستطاع.
والقياس يعني ايضا اجراء نعزو بوساطته خصائص كمية لشيء ما فنقوم بتعيين الاشياء او الخصائص الكمية لها على وفق قواعد معينة ومحددة وبهذا
الصفحة30
يكون القياس متضمنا عملية القياس فعليا والاداة المستخدمة فيه مثل السنتميتر او المتراو الكيلو او الطن الكيلو متر او الطول أو العرض أو المساحة.. الخ
تعريف القياس النفسي:
يعرف الصمدي والدرابيع القياس بأنه العملية التي اعدت لقياس الكم والكيف للسمات الشخصية أو العقلية.
يرى) كينيث ( أن القياس يتضمن التقدير... تلك العملية التي يتم من خلالها تفرقة وتمييز الاشياء وعليه فإنه كما يمكن قياس طول الطاولة بالمتر او الزمن اللازم لقطع مسافة محددة بساعة أو درجة الحرارة بميزتها فإنه يمكن تقدير تلك الخصائص من خلال ادراكاتنا واحساساتنا للمثيرات البيئية المختلفة.
يعرف )ستيفنز( القياس على انه إعطاء قيم رقمية لخاصية ما بحيث تمثل مقدار ما يمتلكه الفرد أو الشئ من الخاصية على وفق شروط او قواعد محددة.
القياس هو:
التكميم.... اي مقدار ما يملكه شخص ما من سمة ما.
العلاقة بين القياس النفسي والفروق الفردية:
يقول "د. صفوت فرج" كانت سيكولوجية القرن التاسع عشر حتى فترة متأخرة فيه تعد الفروق الفردية خطأ من أخطاء القياس باعتبار الظاهرة العلمية تتسم بالثبات والاستقرار وأن الظاهرة النفسية يجب ان تقاس بقدر من الثبات مع انعدام في تباينها وان هذا التباين الذي يظهره القياس إنما يرد الى عدم الدقة وأخطاء الملاحظ إلا ان الفضل في إدراك مفهوم الفروق الفردية يعزى إلى علماء الفلك أكثر منه الى علماء النفس أو الفسيولوجيا عندما وضعوا المعادلة الشخصية
الصفحة31
التي يؤرخ بها للفهم الحقيقي للفروق الفردية والاهتمام بها مما جعل القياس النفسي يسير بخطى حثيثة منذ هذا الاكتشاف.
ان الترابط بين القياس والفروق الفردية ظل متلازما منذ البدايات الأولى لتأسيس القياس والفروق الفردية وأفضل دليل على ذلك المسلمات التي يقوم عليها القياس النفسي والتي يمكن ايجاز بعضها:
(1) الفروق بين الافراد فروق كمية : يقوم الاتجاه الاحصائي في علم النفس على التسليم بوجود اختلافات أو فروق بين الافراد، ويسعى الى اكتشاف القوانين العامة أو الاتجاهات العامة التي تنظم تلك الفروق. والمسلمة الأولى التي قام عليها هذا الاتجاه هي ان الفرق بين فرد وآخر فيما يتعلق بأية خاصية نفسية هو فرق في الدرجة وليس فرقا في النوع.
(2) الفروق بين الافراد تتوزع توزيعا اعتداليا : وتقوم هذه المسلمة على فكرة ان الافراد من حيث امتلاكهم لأية خاصية لا يتوزعون توزيعا عشوائيا بل أن ما يحكم هذا التوزيع هو ما يسمى بقانون المنحنى الاعتدالي بمعنى ان غالبية الافراد متوسطون وان قلة منهم على هذا المتوسط وان قلة اخرى مقابلة تقل عنه. وعليه يمكن القول ان الفروق الكمية تخضع في توزيعها وانتشارها بين الافراد الى ما يسمى بالتوزيع الاعتدالي، فأغلبية الحالات تقع في منتصف المدى ويقل عدد الحالات بانتظام كلما ابتعدنا عن القيمة المتوسطة واتجهنا نحو كل من الطرفين.
الصفحة 32
الفصل الثاني: الخواص العامة للفروق الفردية
يحاول المختصون في الدراسات النفسية أن يضعوا تقسيمات تتناول الخواص الاساسية للفروق الفردية أو في احيان كثيرة يطلق عليها خصائص الفروق الفردية ولا يهمنا في هذا التسمية بقدر ما تهمنا المعلومات التي سنوردها بهذا الخصوص.
تتميز الفروق الفردية بميزات او خصائص منها:
اولاً: الفروق الفردية فروقا كمية وليست نوعية
اي ان الفرق بين شخص وآخر لا يعني ان احدهما لديه قدرات لا تتوافر نهائيا في الشخص الآخر ولكنها تعني أن جميع القدرات متوافرة في كل فرد وان الفرق ينحصر في مقدار توافر القدرة أو السمة في كل فرد ومعنى ذلك كما يقول سيد خير الله انه لا يمكن تقسيم الافراد بالنسبة لاية قدرة او سمة نفسية تقسيما ثنائيا حادا الى من يمتلك القدرة" ومن لا يمتلك القدرة ولكن امتلاك السمات عند الافراد او القدرات يتمثل بمقياس متصل اتصالا تاما. فالفرق بين الطول والقصر هو فرق في الدرجة ذلك لأنه توجد درجات متفاوتة من الطول والقصر يمكن المقارنة بينها باستخدام مقياس واحد. كذلك الأمر في سمة عقلية مثل الذكاء فالفرق بين العبقري وضعيف العقل هو فرق في الدرجة وليس فرقا في النوع لأنه توجد درجات متفاوتة بينهما ولأنهما يقاسان بمقياس واحد لذلك كان التقسيم الثائي لبعض الصفات تقسيما غير علمي لأنه قائم على تصور أن الفرق بين الافراد في الصفة فروق في النوع او انه يقوم على تصور ان الصفة المدروسة تمثل بكميات منفصلة والواقع
الصفحة 35
انه يمكن تتبع أي صفة في درجاتها المختلفة عن الافراد من ادناها الى اقصاها )سيد خير الله ص .(312
ان الفروق بين الافراد ليست هكذا فروقا في النوع وانما هي فروق في الدرجة. ولا تكون الفروق الفردية فروقا في النوع إلا بمعنى واحد وهي ان المقارنة تكون بين صفتين ولا تكون المقارنة في ضوء صفة أو سمة واحدة فاختلاف الاطوالطول عن الوزن اختلاف في نوع الصفة ولذا لا يخضع مثل هذا الاختلاف الى القياس لعدم وجود مقياس مشترك بينهما، فالطول بالأمتار والوزن يقاس بالكيلو غرامات والفرق بين الطول والوزن لا يقاس بالأمتار ولا بالكيلوغرامات.
اذن الفروق اما ان تكون في نوع الصفة واما ان تكون في درجة وجود الصفة فالفروق بين الافراد في أي صفة واحدة، هي فروق في الدرجة وليست في النوع فالفرق بين الطول والقصر هو فرق في الدرجة ذلك لانه توجد درجات متفاوتة من الطول والقصر ويمكن المقارنة بينهما باستخدام مقياس واحد. وينطبق الامر كذلك في قدرة عقلية مثل الذكاء.
ثانياً: مدى الفروق الفردية وتشتتها
المدة كما هو معروف احصائيا هو الفرق بين اعلى درجة لوجود أية سمة أو قدرة وأقل درجة لها مضافا اليه واحد صحيح. وتحتلف القدرات بين الافراد ففرد ما يمتلك قدرع عالية في تذكر الارقام والاعداد بينما شخص آخر ليس لديه هذه القدرة بينما شخص آخر لديه قدرة عالية في ايجاد المفردات المناسبة لغويا وهو ما يعرف بفقه اللغة اي قدرته اللغوية عالية في هذا الجانب، ونلاحظ شخص ثالث لديه قدرة عضليه وجسميه مميزة عن اقرانه في المطاولة والتحمل او الركض السريع أو القفز العالي ويكون تميزه واضح على اقرانه من نفس العمر واثبتت الابحاث العلمية
الصفحة 36
على ان أوسع مدى للفروق الفردية يظهر في سمات الشخصية وأن أقل مدى يظهر في الفروق الجسمية، وأن مدى الفروق الفردية في النواحي العقلية المعرفية يعتدل بين هذين الطرفين، هذا ويختلف المدى باختلاف الجنسين ذكورا واناثا ففي التوزيع التكراري لدرجات كل من الذكور والاناث في الذكاء يلاحظ ان الاناث أكثر تجانسا من الذكور.
ثالثاً: معدل ثبات الفروق الفردية
تخضع الفروق الفردية للتغير والتبدل مع مرور الوقت على أن مقدار التغيير فيها ليس على درجة واحدة في مختلف صفات الشخصية كما يقول سليمان الخضري الشيخ واثبتت الدراسات الميدانية أن معدل ثبات الفروق في الصفات العقلية أكبر من معدل ثبات الفروق في السمات الانفعالية وربما يرجع هذا الى عاملين
اولهما: أن مدى التشتت في السمات الانفعالية أكبر منه في الصفات العقلية
المعرفية مما يجعل فرصة التغير في الفروق أكبر.
ثانيهما: أنه من المحتمل ان تكون الصفات الانفعالية أكثر تأثرا بالعوامل الثقافية البيئية من الصفات العقلية.
واكدت بعض الدراسات النفسية بان الميول تظل ثابتة عبر سنوات طويلة واكثر الفروق تغيرا ما توجد بين سمات الشخصية فيما ترى بعض الابحاث أن نسبة الذكاء وخاصة قبل سن الرشد تكون ثابتة ولكن هناك ابحاث حديثة تشير الى احتمال زيادة نسبة الذكاء نتيجة للتدريب والتعليم.
رابعاً: العمر الزمني والفروق الفردية
العمر الزمني وهو العمر الذي يمكن قياسه بالأشهر بعد تحويله من السنين لدى الافراد ويستخرج العمر الزمني وكذلك العمر العقلي لمعرفة نسبة الذكاء. ففي
الصفحة37
مرحلة الطفولة تختلف معامل الارتباط عنها في مرحلة المراهقة والرشد وكذلك في مرحلة الشيخوخة وهذا يعني تداخل القدرات الخاصة بحيث أن الطفل المتوسط في قدرة معينة عادة ما يكون متوسطا ايضا في المرحلة وبالتالي تقل الفروق داخل الفرد من ناحية وبين الافراد وبعضهم من ناحية اخرى. اما في مرحلة المراهقة والرشد فيقل التداخل بين القدرات الخاصة. فالفرد المتوسط في قدرة معينة ليس بالضرورة ان يكون متوسطا في باقي القدرات وهذا يبين ازدياد الفروق داخل الفرد من ناحية وبين الافراد وبعضهم من ناحية اخرى ن اما في مرحلة الشيخوخة فمن المحتمل أن تعود القدرات الخاصة الى التداخل مع بعضها البعض وبالتالي تقل الفروق بين الفرد ونفسه وبين الافراد بعضهم )سيد خير الله ص (314
اسباب الفروق الفردية:
التساؤل الذي يطرحوه علماء النفس هو لماذا يختلف الافراد بعضهم عن بعض؟ وما هي اسباب هذه الاختلافات؟ وما مدى شدتها او تقاربها؟ انها تساؤلات مشروعة ومهمة تتضمن كل ميادين السلوك الانساني. وطرح علماء النفس تساؤلات اخرى منها ما هي العوامل التي ينشأ عنها الاختلاف؟ وظل الجدل محتدما وكبيرا واتسعت المناقشات حولها وتوصلوا الى ان اسباب الفروق والعوامل المؤدية اليها كثيرة ومتشابكة ولكنها على اختلافها تكمن في:
(1) البيئة والوراثة
(2) الجنس
(3) المستوى العقلي المعرفي
الصفحة 38
البيئة والوراثة:
من هو السبب الاكثر تأثيرا في الفروق الفردية لا سيما ان كلا العاملين مؤثران في جميع ما يصدر من الانسان من افعال او سلوك ورغم أن الاتجاه القائم لدى علماء النفس هو ان خصائص السلوك الانساني وطبيعة سماته وقدراته لا ترجع الى عوامل وراثية فحسب بل الى عوامل بيئية ايضا، وربما كان التفاعل بين هذين العاملين هو الاصح فكل منهما يساعد الآخر ويكمله. فالاستعدادات الفطرية الوراثية لا يمكن ان تظهر ويتضح أثرها بدون عوامل البيئة. فالإنسان يولد مزود بوراثة معينة ثم يعيش في بيئة مادية واجتماعية تؤثران فيه ويؤثر فيها طوال حياته مثل) الاسرة، المدرسة، الواقع الاجتماعي، ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه (فالبيئة أن صح التعبير ليست قوة مستقلة عن الوراثة او قوة تضاف اليها بل قوة تتفاعل معها ومن هذا التفاعل يتم نمو الفرد وسلوكه وما يتسم به من صفات جسمية وعقلية ومزاجية واجتماعية ن فكلا العاملين ضروري ومهم ولا وجود لأثر أي منهما دون وجود أثر للآخر.
خلاصة القول ان علماء النفس توصلوا بأن الفروق الفردية بين الافراد هي نتاج التفاعل بين الوراثة والبيئة وبمعنى آخر يمكن ان تعد الفروق الفردية هي نتاج التفاعل بين
- امكانات الفرد وهي تمثل الجانب الوراثي
الخبرات أو الممارسات التي يمر بها الفرد والمرتبطة بهذه الامكانات
قوة الدافعية لدى الفرد حيث تحدد مدى استفادة الفرد من هذه الممارسات
ودرجة اقباله على هذه الخبرات.
الصفحة 39
اذن نستطيع القول ان الفروق الفردية تجمع الوراثة + البيئة الدافعية ويمكن
ان نصيغها كما يلي:
الوراثة + البيئة + الدافعية - الفروق الفردية والعكس صحيح.
ويمكن أن نورد مثالا على ذلك وهو إذا كان هناك فروق فردية بين شخصين وكانا متكافئين في امكاناتهما والخبرات التي يمران بها فانه يمكن تفسير الفروق بينهما على اساس اختلافهما في درجة الدافعية، اما اذا كانا متشابهين في امكاناتهما ودرجة الدافعية فانه يمكن تفسير الفروق بينهما على اساس اختلافهما في نوع وكم الخبرات التي يمران بها، واذا كانا متشابهين في نوع وكم الخبرات التي يمران بها ودرجة الدافعية لديهما فانه يمكن تفسير الفروق بينهما على اساس اختلافهما في امكاناتهما الوراثية. اما إذا كانا متكافئين في عامل واحد من العوامل الثلاثة السابقة فانه يمكن تفسير الفروق الفردية في إطار اختلافهما في العاملين الآخرين.
الجنس
تناولت الدراسات المختلفة في علم النفس أن الفروق الفردية تكون واضحة المعالم بين الاناث عنه عند الذكور وهي حقيقة مهمة يعرفها من يشتغل في مجال البحوث التربوية والنفسية فالفروق بين الجنسين باتت من الحقائق الواضحة التي لا يغفلها المشتغلون في هذه التخصصات فكثيرا ما نسمع في هذا المجال بعد اجراء التطبيقات الميدانية وفرز النتائج كلمات مثل أظهر أداء الجنسين في عينة التقنين فروقاً بين الذكور والاناث، وكان الفرق الأكبر على المتغير التالي كذا بالمئة أو نقرأ أن بعض الذكور يحصلون على درجات أكثر ارتفاعا من الاناث مقارنة بأغلب الاناث كما ان بعض الاناث يحصلن على درجات أقل من اغلب الذكور وهكذا.
الصفحة 40
ان الدراسات الميدانية تحاول ان تقيس الفروق الفردية على الاداة التي صممت لها فمثلا البحوث التجريبية التي اجريت على الذكور والاناث اظهرت ان النمو العقلي عند الاناث اعلى منه عند الذكور حتى سن المراهقة وخلال فترة المراهقة بزداد الذكور عن الاناث في النمو ثم تتقارب المستويات عند الجنسين في النمو العقلي وخاصة الذكاء. كما اكدت تجارب اخرى تفوق الذكور على الاناث في الجوانب العقلية.
كما اظهرت الابحاث والدراسات المتخصصة في مستويات التفوق في بعض المواهب والمهارات والقدرات العقلية عند الجنسين فالذكور يتفوقون على الاناث في القدرات العددية والميكانيكية والعلوم الطبيعية، وتتفوق الاناث على الذكور في القدرات اللغوية وفي القدرة على التذكر واختبارات الدقة والخفة في استعمال الاصابع واعمال السكرتارية.
وتشير انستازي في كتابها المعنون القياس السيكولوجي وفي فصله الرابع بقولها "ينبغي على الاخصائي النفسي أن يتيقظ عند تفسيره لنتائج المقياس مع الذكور ومع الاناث بحيث يضع في الاعتبار تلك البنود التي تعكس الاختلافات بين الجنسين".
والفروق بين الجنسين اي فروق جوهرية نفسية أو عقلية تميز بين الذكور كمجموع والاناث كمجموع كأن يكون احدهما أكثر انطواءا او انبساطا او يكون احدهما اعلى في القدرة الحسابية او اقل في القدرة الميكانيكية.. الخ )فرج طه وآخرون(
ان الفروق الفردية بين الجنسين لا تقتصر في الجوانب العقلية فحسب بل تظهر ايضا في الجوانب الاخرى مثل الشخصية.
الصفحة41
المستوى العقلي المعرفي:
يقول د. احمد محمد الزعبي كلما ازدادت العمليات العقلية تعقيدا وصعوبة، ازدادت تبعا لذلك الفروق العقلية القائمة بين الافراد واثبتت بحوث ثوراندايك بأن تباين الفروق العقلية عند الانسان اوسع من تباينها عند الحيوان، وتزداد هذه الفروق في الجوانب المكتسبة عما هي عليه في النواحي الفطرية وسوف نتناول في الفصول اللاحقة الفروق الفردية في العمليات العقلية المعرفية بشكل مفصل وموسع
الفروق الفردية في الشخصية:
قبل ان نحاول ايجاد العلاقة بين تأثيرات الفروق الفردية في مجمل الشخصية سوف نستعرض بعض التعريفات الاساسية التي تناولت الشخصية كمؤثر اجتماعي مرة وكأسلوب في الاستجابات مرة اخرى ثم تناولتها كمتغير داخلي بين المثيرات والاستجابات مرة ثالثة.
تعرف الشخصية بأنها ما للفرد من تأثير اجتماعي.
وتعرف ايضا بأنها مجموع استعداداتنا المعرفية والانفعالية والنزوعية.
ويعرفها وودورثWoodworth
بانها الاسلوب العام لسلوك الفرد كما يظهر في عاداته التفكيرية وتغيراته
واتجاهاته وميوله وطريقة سلوكه وفلسفته الشخصية في الحياة.
ويضع البورت تعريفا للشخصية بقوله الشخصية هي التنظيم الديناميكي في الفرد لجميع التكوينات الجسمية والنفسية الذي يحدد الاساليب التي يتكيف بها الشخص مع البيئة.
الصفحة42
ان الشخصية اذن هي مجموعة او تكوينات جزئية ممثلة من "الجسمية" و "النفسية" وتجدر الاشارة الى ان التكوينات النفسية للشخصية يندرج تحتها تكوينات جزئية هي جميع ما يتميز به الفرد من عادات واتجاهات وانفعالات وعواطف واستعدادات وقيم، كل هذه تتفاوت من فرد الى آخر ومن لحظة الى اخرى داخل الفرد الواحد، فالفرد يحوي هذه التكوينات الجزئية وله نظامه الخاص ولكنه في نفس الوقت يرتبط بالتكوين الكلي للشخصية في انتظامها العام.
ان الشخصية تتمايز من فرد الى آخر ومن مجموعة الى اخرى في ما يلي:
–بما ان الشخصية هي استعداد يحدد استجابة الفرد المختلف المثيرات التي تحيط به فان كل فرد يختلف عن الآخر بمستوى الاستجابة وبمستوى الاستعداد وكذلك بمستوى رد الفعل ازاء المثيرات وهنا تظهر الفروق الفردية بين الافراد وحسب نمط الشخصية ومكوناتها.
– ان الفرد في شخصيته يبين الاساليب التي يتكيف بها مع بيئته وهي اساليب خاصة به تميزه عن غيره من الافراد وهنا تبرز الفروق الفردية في هذه الناحية.
- أن تكيف الفرد مع بيئته يتراوح بين القوة والاعتدال والضعف أو ربما يكون تكيفا سلبيا او ايجابيا وهي محاولة يقون بها كل فرد للتفاعل مع هذه البيئة في واقعها الحالي أو كما يتخيلها كل فرد وحسب ما يمتلك من تصورات وتخيلات وهنا تكون الفروق الفردية واضحة ومتباينة بين الافراد
ان الشخصية بمعنى ادق هي الإطار الخاص بالفرد الذي تنتظم فيه طبيعته الجسمية والعقلية والنفسية وخبراته وقدراته وما اكتسبه من افكار ومعتقدات بصورة مباشرة وغير مباشرة والتي تتفاعل فيما بينها في مواجهة المثيرات المختلفة مؤدية استجابات خاصة تدل على الكيفية الفريدة التي يتعامل بها وتميزه عن غيره، وتدلنا الفروق الفردية في الشخصية بكل وضوح بروزها في كيفية اداء
الصفحة 43
الممثلين ادوارهم او اداءهم او توحدهم بالدور الذي يقومون بتمثيله حتى قيل انه ينبغي ان يتولى وصف الشخصية الفنانون لا العلماء لما بها من تمايز واضح في الفروق المتباينة، فالفنانين يستطيعون تصوير الشخصية في تفردها وتميزها ووضوح فروقها الفردية بكل جلاء. يقول طلعت منصور آخرون الواقع أن مشكلة التفرد في الشخصية ليست بأصعب من مشكلة التفرد البيولوجي فحينما بتفاعل عدد كبير جدا من المتغيرات المستقلة الوراثية والبيئية في احداث اثر معين فان النتيجة الحتمية هي التفرد مثل التفرد الذي يوجد في بصمات الاصابع ومع ذلك فهذا لا يمنع من تصنيفها ودراستها رغم أن النواحي التي يختلف بها الناس كثيرة ومتعددة بحيث لا يمكن حصرها الا ان بالبحث الاحصائي الموضوعي تبين ان الفروق بين الافراد تميل لان ترتبط فيما بينها بشكل يجعل من الممكن تحديد ابعاد او سمات أكثر عمومية.
ويرى علماء النفس أن مجموعة الصفات التي تضم التنظيم النفسي في الشخصية هي الاكثر ظهورا في الفروق الفردية ويقول علماء النفس ان التنظيم النفسي هو عبارة عن نظام متكامل من السمات النفسية التي تميز الفرد في تفاعله مع مواقف الحياة والتي تحدد اهدافه وتميز سلوكه في تكيفه وتوافقه مع الظروف المادية والاجتماعية كما تحدد اساليب تعامله مع الناس المحيطين به في البيئة التي يعيش فيها او اسلوب حياته أن الفروق بين الافراد تظهر في الجوانب التالية:
. الصحة العامة
. المظهر وابعاد الجسم
. نواحي القوة والعاهات ونواحي النقص والعجز
. افرازات الغدد الصماء وغير الصماء ووظائف الاعضاء
. النشاط الحسي والحركي) .طلعت منصور وأخرون(
الصفحة 44
وتظهر الفروق في الشخصية بشكل واضح في:
-الجوانب الانفعالية العامة والثبات الانفعالي
-السمات الخاصة كالانضواء والانبساط والخضوع والسيطرة والعدوان والمسالمة
-الاتجاهات والميول والعواطف والانفعالات والقيم
-المستوى التحصيلي "الدراسي"
-المعلومات العامة
-الخبرات السابقة
-القدرات العقلية العامة "الذكاء"
-القدرات العقلية "كالقدرة الرياضية والعددية والميكانيكية واللغوية والفنية والابتكارية"
الفروق الفردية في الذكاء والقدرات والاستعدادات الخاصة:
تعد دراسة القدرات العقلية الخاصة ذات صلة مباشرة بالفروق الفردية فدراسة القدرات العقلية تعني "البحث الكمي للفروق الفردية في الذكاء والقدرات العقلية"
الاخرى وتفسير هذه الفروق تفسيرا علميا)ابراهيم وجيه محمود(1979
ان تداخل الفروق الفردية في معرفة الذكاء وقياسه والقدرات ودراستها اضفى اهمية كبرى في تطور علم الحديث بعد أن تطورت المقاييس النفسية والتربوية حتى عد الاتجاه الرئيس والمسيطر على فهم ودراسة الذكاء والقدرات العقلية ويمثل الاتجاه التقاء جهود اثنين من الرواد المؤسسين لهذا المجال الاول هو عالم النفس الفرنسي الفريد بينيه الذي صمم اول اختبار لتمييز الاطفال العاديين من الاطفال المعاقين عقليا وهو اختبار لم يكن يهدف الى قياس القدرات الحسية-الحركية
الصفحة 45
لكنه كان يهدف الى دراسة عمليات الفهم والتفكير والقدرة على تقدير الامور.(محمد طه(2006
ولو استعرضنا بعض تعريفات الذكاء لوجدنا ان هناك تفاوت كبير في هذا المفهوم وسنحاول قدر المستطاع جمع ما يفيدنا في هذا المبحث
يعرف البعض الذكاء بأنه القدرة على التعلم
كلفن يعرف الذكاء بأنه تعلم التكيف للبيئة
ادواردز يرى بأنه القدرة على تغيير الاداء
ديربورن بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والافادة منها
جودنف الذكاء هي القدرة على الافادة من الخبرة للتصرف في المواقف الجديدة.
شترن الذكاء مقدرة عامة للفرد يكيف بها تفكيره عن قصد على وفق ما يستجد عليه من مطالب او التكيف عقليا طبقا لمشاكل الحياة
سبيرمان يرى أن الذكاء هو القدرة على إدراك العلاقات والمتعلقات
تيرمان يعرف الذكاء بأنه القدرة على التفكير المجرد
وكسلر يعرف الذكاء الذ وضع له تعريفا اجرائيا بأنه قدرة الفرد الكلية لان يعمل في سبيل هدف، وان يفكر تفكيرا ناضجا ، وان يتعامل بكفاءة مع بيئته
كما وضع "جاريت تعريفا اجرائيا آخر للذكاء فعرفه بأنه القدرة على النجاح في المدرسة او الكلية.
الصفحة46
ومن التعريفات الشائعة للذكاء تعريف "بورنج " بأن الذكاء كقدرة يمكن قياسها هو القدرة على الاداء الجيد على اختبارات الذكاء.
الذكاء والفروق الفردية.. محاولة اجتهادية للتقارب:
بدأ القياس السيكولوجي في بداياته الأولى لقياس الفروق في مستوى تعلم الاطفال والمقارنة بينها بعد أن تبين ان بعض التلاميذ يتأخرون عن اقرانهم في التعلم واكتساب المعلومات الصفية وذهبوا ابعد من ذلك لمعرفة ما اسماه علماء النفس بالذكاء باعتباره قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية ، ولذلك كانت اختبارات الذكاء الأولى تتيح قياسا عاما لذكاء الفرد مع المقارنة بينه وبين اقرانه بنفس الفصل الدراسي وبنفس العمر ومستوى التعليم ومع تقدم واتساع مجالات استخدام مقاييس الذكاء وتطورها بدأ يتضح ان للذكاء وجوها متعددة يختلف فيها الافراد عن بعضهم البعض ويختلف فيها الفرد الواحد تفصيليا من وجه لآخر ومن لحظة لأخرى قبل واثناء وبعد التطبيق وازاء ذلك تطورت عدة عوامل وتداخلت مع بعضها في قياس الذكاء والفروق الناتجة عنها ويمكن ان نوجز بعض هذا التطور
(1لوحظ انه توجد فروق في اداء الفرد الواحد لاختبارات الذكاء المختلفة التي يفترض فيها انها تقيس شيئا واحدا بل لوحظ ايضا انه في داخل الاختبار الواحد
ربما تتسع الفروق بين درجات الاختبارات الفرعية وايضا لوحظ ان وحدات الاختبارات ذات الطبيعة المتشابهة تكون درجاتها متشابهة الارتفاع او الانخفاض في اداء نفس الفرد وتشير تلك الملاحظات الى ان هناك استعداد معين لدى كل فرد يؤثر في الدرجة التي عليها الفرد في تلك الوحدات حسب طبيعتها وعلى ذلك فالذكاء اذن ليس مجرد الاستعداد العام بل ان هناك استعدادات متعددة ومختلفة تتواجد داخل الفرد الواحد.
الصفحة 47
(2ظهر ان الاختبارات التي كان يفترض فيها ان تقيس قدرة عامة هي الذكاء العام لا تضم من الوحدات ما يغطي كل قدرات الفرد. فالقدرة الميكانيكية ملا لم تكن موجودة في تلك الاختبارات إلا بقدر ضئيل تماما لا يغطي قياسها.
(3ازداد الطلب على معرفة الاستعدادات والقدرات الاخرى لوضوح الفروق داخل الفرد نفسه على هذه الاختبارات مما جعل علماء النفس في مجال الاستشارات المتعددة ان يأخذوا عامل الفروق الفردية والجمعية خلال التقييم وخصوصا الاستعدادات والقدرات الخاصة.
(4انتشار استخدام الاساليب الاحصائية الدقيقة في معالجة قياسات مثل الذكاء العام وتحديد القدرات والاستعدادات المختلفة وبروز الفروق الفردية بشكل ادق مما ادى انتشار الاهتمام بها أكثر.
بعض اختبارات الذكاء الفردية والجمعية:
الاختبارات الفردية:
(1اختبار ستانفورد بينيه يعد أول الاختبارات العقلية التي وضعت لقياس الذكاء واجريت عليه عدة تعديلات لاحقة، ويضم المقياس 142 اختبارا منها 122 اختبارا اصليا فضلا عن 20 اختبارا احتياطيا بمعدل سؤال في كل مستوى عمري ورتبت اختبارات المقياس تبعا لمستويات الاعمار التي تمتد. عامين حتى سن الراشد المتفوق. من
(2مقياس وكسلر بلفيو للأطفال ، للراشدين والمراهقين
ويتكون من مقياس خاص بالأطفال من سن الخامسة عشر والمقياس الاخر تكملة لهذا المقياس ويصلح لقياس ذكاء الراشدين والمراهقين وهما من أشهر المقاييس الامريكية، وشخص وكسلر اوجه القصور التي كانت تعاني منها
الصفحة48
المقاييس المتاحة آنذاك ومنها مقياس ستانفورد بينيه. يتكون المقياس من (11) اختبارا فرعيا تنقسم الى قسمين او مقياسين، المقياس اللفظي ويضم ستة اختبارات هي: المعلومات العامة والفهم العام، والاستدلال الحسابي والمتشابهات واعادة الارقام والمفردات اما المقياس العملي ويضم خمسة اختبارات هي: رموز الارقام وتكميل الصور ورسوم المكعبات وترتيب الصور وتجميع الاشياء.
وهناك اختبارات اخرى منها متاهات بورتيوس واختبار السفينة واختبار هيلي لإكمال الصور وهناك مجموعة من المقاييس منها مقاييس الذكاء طبقت بشكل فردي وتعتمد ايضا على الملاحظات المباشرة لسلوك الرضيع وتتصل غالبا بالنمو الحسي الحركي ومنها جداول جيزيل للنمو واختبار اوزيرسكي للكفاءة الحركية ومقياس فاينلاند للنضج الاجتماعي ومقياس كاتل لذكاء اطفال المهد.
الاختبارات الجمعية:
تتميز هذه المقاييس الجماعية بخاصيتين أساسيتين: انها تجرى في موقف جماعي وأنها تستهدف غالبا تصنيف الافراد الى فئات أو مجموعات، وينتشر استخدام المقاييس الفردية عادة في العيادات والمجالات الاكينيكية اما المقاييس الجماعية فتستخدم اساسا في مجالات التعليم والصناعة والقوات المسلحة ويمكن القول ان الرابط الاساس في هذه التطبيقات هو تحقيق الهدف الذي وضعت من اجله فضلا عن قياس الفروق لدى الافراد او في الفرد نفسه.
لم تكن بداية اهتمام علماء النفس بابتكار هذا النوع من المقاييس بداية اكاديمية محضة بل كانت بداية عملية بالدرجة الأولى شأنها في ذلك شأن المقاييس الفردية التي بدأ الاهتمام بها ببروز الحاجة الى اتخاذ قرار عملي يحدد صفات العقول من بين الاطفال الفرنسيين وكان الامر بالمثل فيما يتعلق ببداية حركة الاختبارات
الصفحة49
الجماعية ن لقد كانت هذه الحركة نتاجا مباشرا للحرب العالمية الأولى وفي الولايات المتحدة الامريكية على وجه التحديد.
ظهرت حاجة ملحة واجهها علماء النفس الذين كانوا يعملون آنذاك في صفوف الجيش الامريكي وهي الحاجة الى تصنيف المجندين على وجه السرعة من حيث قدراتهم العقلية العامة ومعرفة الفروق الفردية والجماعية بينهم ومن الاساسيات التي كان يبحث علماء النفس عنها هي بعض الثوابت منها:
هناك اختلاف في مدى تباين السمات داخل الفرد وهذا التباين يختلف ايضا من شخص لآخر-
تتناقص الفروق داخل الفرد الواحد مع تزايد التدريب ومع التقدم في السن-
مقاييس تباين السمات داخل الفرد الواحد تعتمد على معاملات الارتباط يسن السمات-
بدأ استخدام المقاييس الجماعية في الولايات المتحدة الامريكية بأن قام أرثر اوتيس في العام 1917 بوضع مقياس الفا وبيتا الجماعيين لقياس الذكاء بين رجال القوات المسلحة الامريكية بهدف تصنيفهم وايجاد الفروق الفردية والجماعية بينهم وكذلك اكتشاف القدرات الاخرى. كان مقياس)الفا) يتكون من ثمانية اختبارات لكل منها تعليماته الخاصة وهذه الاختبارات: اختبار الانتباه المسائل الحسابية، التفكير اللغوي، القدرة على ادراك علاقات التشابه والتضاد، القدرة على ترتيب الكلمات، تكميل سلاسل الاعداد، ادراك العلاقات المنطقية واخيرا المعلومات العامة.
اما مقياس)بيتا) فيتكون من سبعة اختبارات المتاهات عد مجموعات من المكعبات، تسلسل علامات وتذكر الاشياء وما يقابلها من ارقام، تصحيح الارقام تكميل الصور، تقسيم الاشكال الهندسية.
الصفحة50
ازداد الاهتمام بالمقاييس الجماعية بشكل كبير بعد ذلك وتعدد مقاييس الذكاء الجماعية واتسع نطاق استخدامها واتضحت مزاياها ومشكلاتها ايضا.
الفروق الفردية والتحصيل الدراسي
مما لاشك فيه أن الحاجة ماسة لدراسة الفروق الفردية وفهمها وقياسها بدقة وموضوعية في ميدان التربية والتعليم لاسيما أن دراسة الفروق قطعت شوطا طويلا في مجال الذكاء والقدرة على التعلم بين الافراد ولكي يتكمن علماء النفس من وصف التلاميذ داخل المدرسة وخارجها بأوصاف تكون علمية ودقيقة لابد ان تأخذ دراسة الفروق الفردية دورا مهما في هذا المجال الحيوي، فمن المحتمل ان يكون التلميذ ذكيا ولكن ظروفه الاسرية والمشكلات المحيطة به تؤثر على حالته النفسية وربما تعيقه عن الدراسة وتجعله يبدو متأخرا عن زملائه وقاصرا عن منافستهم او حتى مواكبتهم.
ان عملية التعلم والتعليم عمليتان متداخلتان في العملية التربوية فلو استعرضنا المفهوم الأول "التعلم لوجدناه يشير الى التغيرات النمائية التي تحدث على سلوك المتعلم نتيجة تفاعله مع انواع الخبرات التعليمية في البيئة اما "التعليم" كما تعرفه موسوعة علم النفس والتحليل النفسي فهو فالمصطلح يستخدم بمعنيين: الأول بمعنى عملية. التدريس وخاصة في مجال تعليم المهارات والتدريب ويمثل في هذه الحالة كل نشاط تعليمي مقصود بهدف مساعدة الفرد على التحكم في الخبرة المتعلمة واتقانها والقدرة على ممارستها. اما المعنى الثاني فهو اصطلاح يعني النفقات المالية المدفوعة كأجر العملية التعليم.
والعملية التربوية بمجملها ترتبط بالتصميم والتخطيط والاجراءات وغير ذلك من عناصر في البيئة يقوم بها المعلم لتنظيم الموقف التعليمي بقصد تسهيل عملية
الصفحة51
التعلم على التلاميذ وان تسهيل عملية التعلم على التلاميذ تعني تمكينهم من اكتساب الاهداف التعليمية المقصودة وتطوير سلوكهم العقلي والوجداني والحركي بفضل عملية التعليم التي تقوم بتحديد السلوكيات التعليمية ومحور العملية التعليمية هو التلميذ في المدرسة بكل مراحلها وبينت الدراسات ان التلاميذ سريعي الفهم يجدون نجاحا اكبر في المدرسة من الاطفال بطيئي الفهم كما ان اتجاهاتهم نحو المدرسة تختلف كما تختلف اهتماماتهم ايضا تبعا لدرجة النمو الجسمي واهتمامات زملائهم ولهذا فإنه عندما تكيف الانشطة التعليمية في المدرسة وفقا لاحتياجات الاطفال والفروق الفردية بينهم فلا بد من ان نضع في الاعتبار عوامل كثيرة بالإضافة الى العمر العقلي.
نجد ايضا فروقا فردية بين الاطفال في الاستيعاب للمادة الدراسية مثل الرياضيات او الفيزياء او الاحياء او المواد الاجتماعية لذا فدور المدرس هنا يكون كبيرا اثناء التدريس حينما يركز على التحصيل الدراسي فالمدرس الواعي لا يلبث ان يكتشف ان التحصيل الدراسي للتلاميذ لا يمكن عزله عن سمات وخصائص فردية عديدة لا يمكن عزلها عن التحصيل الدراسي مثل الذكاء الذي سبق التطرق اليه والسمات النفسية التي سنتحدث عنها في الفصول اللاحقة والقدرات الفسيولوجية بالإضافة الى العوامل البيئية التي يحمل التلاميذ مؤثراتها بدرجات مختلفة مما يجعل كل طالب يتمايز عن بقية الطلاب في تكيفه الدراسي واستيعابه للمعلومات واتجاهاته المختلفة نحو المدرسة ولهذا لابد للمدرس ان يأخذ بنظر الاعتبار ما يلي:
ما يحمله التلاميذ من خصائص وسمات مختلفة انما هي نتاج تداخل عاملي البيئة والوراثة فلذا على المدرس ان لا يغفل هذا الجانب المهم خلال تعامله مع طلابه فهم ليسوا متساوين في القدرات او الامكانيات بل هناك تباين ربما واسعا في بعض القدرات او السلوك او التفهم.
الصفحة52
ما يجمع الطلبة من خصائص جسمية وعقلية وانفعالية وتحصيلية انما هي متداخلة مع بعضها البعض بحيث لا- نستطيع عزلها عن بعضها ولا يمكن النظر اليها بشكل مستقل فعليه لما يعاني الطالب الطالبة من ظروف صعبة سوآءا كانت انفعالية أو اجتماعية فإن ذلك يؤثر سلبا على تشغيل قدراته وتوظيفها كاملة ويكون هناك فاقد في الطاقة المهيئة للعمل فعلا.
هناك بعض الجوانب الاخرى لا يمكن نسيانها وهي نمط شخصية الطالب أو الطالبة التي يبدو انها مهمة في عملية- اكتساب المعلومات ومعالجتها معرفيا فبعض الطلبة ينتابه الخوف والقلق في الامتحانات مما يسبب له ارباك كامل في المعلومات وتناسقها مما يعيق العملية التربوية ايضا، والبعض منهم يزداد لديه النسيان بسبب الخوف في المواقف التعلمية العادية او في الامتحانات وهو ما يسمى بفوبيا الامتحانات
●تتباين القدرات الخاصة مثل الميكانيكية أو اللغوية او الرياضية خلال مراحل العمر منها المراهقة او المراحل اللاحقة- لها ومتطلباتها وتختلف هذه بطبيعة الحال من شخص لآخر.
ان الفروق في العملية التربوية والتحصيل الدراسي واسعة جدا ومتداخلة ولا يمكن ارجاع اسبابها الى عامل واحد او اكثر وانما تدخل فيها سمات الطالب وقدراته وامكانياته المتاحة فعلا للعمل والاستعدادات للتقبل العلمي لمادة ما ويمكن ان نختم به هذا الجانب من هذا الفصل أن وحدة القياس لم تكن بعد بالمستوى الذي يمكن ان يؤخذ به كاداة موضوعية جدا حتى تصبح مرجعية او وحدة قياس نقارن بها اداء الفرد في موقف ما بنفس الدقة في موقف آخر بغض النظر عن الظروف النفسية والبيئية والاستعدادات الذهنية للتقبل واسترجاع المعلومات بدون ان يكون هناك فاقد كبير من المعلومات المستوعبة.
الصفحة53
الفصل الثالث: الفروق الفردية والسلوك
السلوك هو النشاط الكلي المركب الذي يقوم به الفرد والذي ينطوي على عمليات جزئية وحركات واداءات تفصيلية (عبد المجيد منصور وآخرون .(2002
وترى موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بأن السلوك هو ما تقوم به اجهزتنا الجسمية من نشاطات قد نستطيع عند التركيز الاحساس بها كالتنفس وطرفة العين وضربات القلب وايضا من نشاطات لا نستطيع الإحساس بها حتى لو قصدنا إلى ذلك مثل افرازات المعدة وإفراز السكر في الدم عند الاحساس بالخطر)فرج طه وآخرون(1993
اذن ان السلوك هو ما يتضمن الجوانب التالية الادراكي المعرفي والانفعالي الوجداني والحركي الاجرائي ويقول دانييل لاجاش لا يقصد بالسلوك هنا المظاهر الخارجية والمادية البحتة بل هو جماع الافعال الفسيولوجية والنفسية واللفظية والحركية التي تقوم بها شخصية متصلة ببيئة المحاولة حل التوترات التي تحفزها ولتحقيق إمكانياتها ، والخاصية الساسة للسلوك هي ان له معنى هو ما للأفعال التي يتضمنها السلوك من قدرة على خفض توترات الكائن الحي وهو يتضمن التفكير الشعوري وهو ضرب رمزي من السلوك يحل محل الفعل المادي أو يمهد له وهو يتضمن الاتصال اعني ذلك المظهر الاساس لتفاهم الكائن الحي مع بيئته.
ان طريقة سلوك فرد ما في تعامله تختلف عن الآخر بكثير من الاوجه منها الدافعية نحو هذا الموضوع او مهارته الخاصة التي يختلف بها عن الآخرين أو خبراته الشخصية او العوامل المكتسبة ومعالجته له بطريقة تميزه عن اقرانه بنفس المستوى
الصفحة57
العمري أو التعليمي وهو ما سماه علماء النفس وخصوصا من يدرسون علم النفس الفارقي " العمر النضجي ، والنضج هي استعدادات خاصة للفرد دون أي أثر للمران وكذلك الظهور المفاجئ لمظاهر سلوكية جديدة واضطراد انماط السلوك وتسلسلها بنظام واحد في افراد النوع الواحد. والمعروف ان النضج هي عملية تطور ونمو داخلي لا دخل للفرد فيه ولذا فالفروق بين الافراد في هذه الظاهرة تبدو واضحة جدا في السلوك وما يصدر عن الفرد في مواقف الحياة المختلفة.
ان مبدأ الفروق الفردية في السلوك تقوم على اساس تفاعل عاملي الوراثة والبيئة في النمو فيسرع النمو عند بعض الافراد ويكون طبيعيا لدى البعض الآخر وبطيئا لدى البعض رغم اننا ندرك تماما أن هناك فروقا واضحة لدى التلاميذ في ما يطلقونه من افكار ولدى البالغين في اسلوب التعامل ونطلق على البعض بالعقلاء وعلى البعض الآخر بالشواذ لما يطرحونه من افكار غير مألوفة وهذا هو مبدا الفروق الفردية بين الافراد في السلوك.
الفروق الفردية والعمليات العقلية العليا:
الادراك التفكير الانتباه، التذكر، النسيان
تعد الموضوعات التقليدية في مجال علم النفس المعرفي هي الادراك التفكير التذكر الانتباه والنسيان وموضوعات اخرى مثل التخيل ومن الموضوعات الحديثة في هذا التخصص في علم النفس مثل اتجاه معالجة الدماغ للمعلومات والذكاء الاصطناعي وعلم الاعصاب المعرفي والذي يهتم بدراسة دور الدماغ في تفسير العمليات المعرفية من خلال اصابات الدماغ)الحوادث والتليف( وتحديد جوانب القصور المعرفية الناتجة عن هذه الاصابات في مجالات اللغة والادراك والانتباه. اما تنمية التفكير فهو يهدف اساسا الى الاهتمام بالتفكير وتنميته والتدريب عليه من خلال برامج معدة لهذه الغاية وهناك موضوعات
الصفحة58
دقيقة ومتخصصة في هذا المجال تؤكد على دراسة العمليات المعرفية من خلال تتبع المثيرات الحسية في شبكة الترابطات العصبية داخل اجزاء الدماغ هنا تلعب الفروق الفردية بشكل مباشر في عمليات اكتساب المعارف وتنمية القدرات وتبدو مفاصل حركة الفروق الفردية جلية جدا وبارزة لان موضوعات علم النفس المعرفي تتداخل مع انظمة الحاسوب وتحاكيها، فالكثير من الافراد يمتلكون هذه القدرات ويستطيعون فهم العمليات المعرفية من خلال فهم الاجراءات التي يعتمد عليها في اتجاه المعلومات في انظمة الحاسوب تظرا للتشابه بين النظم المعرفية والنظم الحاسوبية ويرى علماء النفس المعرفي بان هناك فروق بين نظم الحاسوب والعقل الانساني من حيث التركيب المادي إلا ان كليهما يعملان على وفق مبادئ مشتركة ولهما ميزات مشتركة من حيث طاقات التخزين والمعالجة المركزية والاعتماد على المدخلات والمدخلات والمخرجات من هنا برزت اهمية الفروق الفردية في الاساليب المعرفية ذات الصلة بالشخصية فالأساليب المعرفية قادرة على تفسير الكثير من جوانب الشخصية المعرفية والاجتماعية والانفعالية مما يعطيها القدرة على ان تلعب دورا مهما في تنظيم بيئة الفرد وسلوكه كموجه لأسلوب الفرد في التعامل مع مواقف الحياة المختلفة وتتداخل اهمية الفروق الفردية في دراسة الجوانب المعرفية الدقيقة من خلال توجيه السلوك في مجال او موقف محدد فضلا عن أنها تعد موجهات عملية التعلم بالكشف عن القدرات الخاصة بعملية التعلم كونها تفرض شكلا وطريقة للتعامل مع مثيرات البيئة ومواقف التعلم الجديدة وتنظمها ولذا وجد علماء النفس المعرفيون بهذا الترابط ما يلي:
تعكس دراسة الجوانب المعرفية فروقا بين الافراد وليس فروقا بين الثقافات مما يجعل عملية قياسها ممكنة وسهلة ولذلك فانه يتوقع ان يتوزع افراد المجتمع بين اشكال وانواع هذه الاساليب المختلفة وتشير قوانين النمو ان الاساليب المعرفية قابلة للتوزيع بشكل طبيعي او اعتدالي بين اراد المجتمع
الصفحة59
الواحد، ويفسر هذا التوزيع الاعتدالي من خلال تباين توزيع الافراد اعتداليا على هذه الاساليب.
تهتم الفروق الفردية بدراسة ممارسة الفرد لنشاطه المعرفي من تفكير وتخيل وإدراك وحل للمشكلات واتخاذ قرارات هذه الفروق ليست فروقا في الكم بين الافراد وانما هي فروقا في اسلوب وطريقة التفكير والإدراك عند التعامل مع موقف معين مما يعطي الفرد نمطا مميزا في التفكير والإدراك.
ترتبط اساليب التعامل المعرفية بعلاقات سلبية او ايجابية مع متغيرات عديدة مثل: الدافعية والذكاء والنجاح الأكاديمي اعتمادا على طبيعة المهمة التي يقوم بها الفرد لوجود فروق فردية واضحة داخل الفرد نفسه او بينه وبين اقرانه من الافراد وهكذا.
ان الفروق الفردية في العمليات المعرفية تبدو واضحة وفعالة جدا في جميع فروعها وخصوصا معالجة المعلومات حيث يرى "ستيرنبرغ " ان مستويات معالجة المعلومات من خلال ترميزها وتخزينها واسترجاعها تعد مهمة جدا في الفروق بين الافراد حيث يكون التباين واضحا في هذه العمليات من خلال المعالجة المادية او المعالجة السمعية أو معالجة المعاني وهي معالجة معاني المثيرات البصرية والسمعية معا وكذلك في العمليات المعرفية الاخرى وسنخصص في الصفحات القادمة دور الفروق الفردية في اكتساب اللغة واهمية القدرات الخاصة فيها وهي تعد اساسا جزء من معالجة المعلومات بعد تلقيها واثناء المعالجة واستدعائها لتصبح بطريقة مختلفة عما تم اكتسابه وهي ما تسمى بالمعالجة العميقة للمعلومات.
الفروق الفردية واكتساب اللغة:
تعد اللغة الانجاز الانساني المتميز الذي يختص به الانسان عن الكائنات الحية الأخرى وكانت وما تزال "اللغة" اساس النظام الاجتماعي وجوهره وطريقة نقل
الصفحة60
المعلومة والتواصل فضلا عن نقل التراث وتدوين التاريخ حتى ان علماء النفس افردوا لها في تخصصهم مكانة خاصة في تخصصهم وبرزت دراسات حديثة مشتركة بين علم النفس وعلم اللغة عرف بعد ذلك بعلم النفس اللغوي الذي يهتم بمعالجة القضايا المتعلقة بتركيب اللغة وكيفية اكتسابها وكيفية استخدامها وفهمها بشكل متنوع مع معرفة الفروق الفردية بين الناس في استثمارها استثمارا أمثل في امتلك البعض قدرات عالية في فقه اللغة لكي يعبر الناس عما في عقولهم بطريقة اصيلة ومتقدمة ومناسبة ومطابقة للمعاني المراد تعريفها
يتعلم الاطفال العاديين ابناء البشر اللغة ويبدو ان هناك شيئا في كونهم بشرا يميزهم عن اطفال الكائنات الحية الأخرى حتى يبدو تعلم اللغة ممكنا وسهلا لديهم، وعد هذا التعلم انجازا عظيما فالناس يسمعون لغة باستمرار وربما يتعلموها دون تعليم منظم او مخطط وهو تعلم غريزي وكذلك الحال عند الاختلاط مع الاقوام الاخرى ويكون تعلم لغتهم أكثر سعادة لنا نحن البشر وهنا تبدو الفروق الفردية ايضا واضحة وجلية في تعلم لغة جديدة في فترة ربما ليست طويلة والاكثر دهشة هو اجادتها كلغة الام اللغة الاصلية للفرد فنحن نسمع خلال مراحل حياتنا بغن فلان من الناس يجيد اجادة تامة أكثر من لغة ويتحدث بها ويكتب وربما وصل الحال بالبعض ان يكتب شعرا أو قصة وهذه تعد بحد ذاتها موهبة لا يمتلكها كل الناس.
تقول ليندا دافيدوف" يفكر الناس احيانا في اكتساب اللغة على انه انجاز مماثل لتجميع شريط التسجيل وعلى وفق هذا الرأي فإن الكلمات والعبارات والجمل تسمع ثم تمارس وتخزن واخيرا تستخدم، لكن البشر ليسوا مجرد اوعية تخزين لقصاصات الاشرطة التي يستمع اليها ~عند الحاجة للمطالعة
الصفحة61
ان اللغة وسيلة خلاقة جدا وفي كلمات) روجر يراون ( إن الحاجة الى تكوين الجمل ليست من الامور النادرة إنها الامر العادي المألوف فمن الضروري دائما ان يقول المرء اشياء لم يسمع بها قط على النحو المطلوب تماما كما انه من المعتاد أن تظهر الحاجة الى قول شيء لم يتحدث به احد الناطقين بتلك اللغة. ويقول "نعوم شومسكي " عالم اللغة الرائد في هذا المجال ان دور العوامل الوراثية "الجينات" في تزويد الكفاءات الاساسية دورا مهما واضاف شومسكي " ان المادة المسموعة غالبا ما يمثل بدايات مضللة وجزئيات واخطاء وترددات ومع ذلك يكتسب الاطفال القواعد التي تخبرهم بما هي الجملة المكونة جيدا وكيف يمكن أن تستخدم وتعمم هذه الجملة.
ان فهم اللغة يعني ان القارئ أو المستمع يستطيع ان يحقق الاهداف المراد من النص كما أرادها صاحب النص الاصلي وبعبارة ادق استخدام العمليات العقلية بشكل موفق لاستيعاب النص من خلال ادراكه بشكل صحيح ثم ترميزه وتخزينه على اعتبار ان مستويات الفهم متباينة من فرد الى آخر بفعل الفروق الفردية وان الناس تفهم كل على حسب طريقته وهي استنادا لمبدأ الفروق الفردية في القدرات. وهناك اختبارات تقيس الفروق في فهم المعاني واختبارات تقيس القدرة اللفظية واخرى تقيس الطلاقة في التعبير وهناك العديد من الاختبارات الاخرى التي توضح الفروق بشكل دقيق القدرة اللغوية.
الفروق الفردية والدافعية الجنسية:
يشكل النمو الطبيعي للإنسان مؤشرا كاملا لجميع اجهزته بما فيها الغريزة الجنسية، فالبلوغ يعطي للغريزة الجنسية أن تصعد للسطح عن الانثى والذكر على حد السواء، فحال وصول الانسان الى مرحلة المراهقة تشكل هذه التطورات في حياته ازمة للسواد الاعظم من المراهقين وأسرهم في مجتمعاتنا العربية والاسلامية فالجنسية تبدو للبعض بمثابة امتحان عسير للأسرة او المراهق )الذكر والانثى( على
الصفحة62
حد سواء ويرى التحليل النفسي أن الغريزة والاخلاق التي تنقلها التربية هما وجها لوجه صديقان او عدوان ويقول بيير داكو ولهذا السبب كانت هذه الغريزة الجنسية الذائعة الصيت عرضة لكثير من الانحرافات فيشعر المراهق بانه مدفوع خارج ذاته دون ان يعلم الى اين ولماذا وكيف وتظهر الحساسية في الوقت الذي يظهر فيه الميل الجنسي ويقوى الدافع الجنسي.
ان طبيعة الحياة الجنسية لدى الانسان لا يمكن قياسها قياسا موضوعيا كما في الموضوعات الجسدية الاخرى مثل الدم او الكلى او الرئتين أو القلب.. الخ لذا يصعب التوصل الى مقياس يعين مقادير القوة او الضعف الجنسي او الفروق بين الافراد في العملية الجنسية بحد ذاتها أو حتى المشاركين في الفعل الجنسي) الذكر او الانثى (الا ما نستدل منه بشكوى احدهما من عدم الاستمتاع بالممارسة لا من حيث فنياتها وانما من حيث الدافع الجنسي والاداء الجنسي الفعلي واستكمال لذتها ، لذا فالضعف الجنسي عند الاثنين او الفحولة عند الرجل او الشبق المفرط عند المرأة يبقى غير خاضع للقياس الا بعد بروز الشكوى من احد المشتركين في العملية الجنسية وكثيرا ما ماتت الشكوى في صدور البعض من النساء خصوصا في بعض المجتمعات المنغلقة مثل سكان الارياف او سكان البدو او بعض القبائل التي تعتقد بحرمة البوح بمثل هذه الموضوعات وتعد بحد ذاتها" تابو".
يطرح "علي كمال" بعض الاسباب المؤدية الى الضعف الجنسي وهو عادة ما يسبب المشاكل بين المشتركين في العملية الجنسية ومنها:
البنية الجسمية، الحالات المرضية الجسمية، منها النحول المرضي العام الامراض القلبية، أمراض الكلى والجهاز البولي، امراض المفاصل، امراض الجهاز العصبي، مرض السكري، امراض الأوعية الدموية، الاضطرابات الهرمونية التداخل الجراحي.
الصفحة63
من المحتمل ان تؤدي مثل هذه الحالات الى الخلاف المبطن ثم الى الانفصال ويحدث احيانا ان تكون هناك مشكلات بسبب الصدمة النفسية التي ربما يعاني منها البعض من العملية ذاتها وما توحي لهم به من تشويه لتكامل صورتهم عن أنفسهم.
الفروق بين الانثى والذكر في العملية الجنسية:
من يبحث في الفروق في الحياة الجنسية بين الانثى والذكر سيجد حتما الكثير من هذه الفروق ومنها الفروق بالدافع الجنسي والرغبة الجنسية والسلوك الجنسي المبطن والمعلن هذه الفروق هي امر واقع في حياة البشر جميعا، اما إذا قمعت فأنها تعيق التوافق الجنسي اولا والتوافق النفسي ثانيا وتظهر اشكال من السلوكيات المبطة مثل العدوان او النقمة لمن سبب هذا العائق عند الانثى أو الذكر. ان التأمل في مستوى هذه الفروق يفيد كثيرا في عملية التكامل النفسي وتحقيق الضرورات البيولوجية عند الانسان، وطبيعة الحال ان الفروق الفردية في شدة الرغبة او ضعفها لدى الرجل او المرآة هي حقيقة واقعة لها ان تزيد او تقل طبقا لطبيعة كل فرد ذكرا او انثى وهي ناتجة عن عوامل اجتماعية وحضارية وتكوينية متعددة ولا يمكن فصلها عن مسارها القيمي في المجتمع الذي يعيش فيه الافراد فلو قلنا ان المبادرة للاستمالة الجنسية في المجتمعات الشرقية تكون عادة من طرف الذكر بينما هي حق طبيعي للمرأة في المجتمعات الغربية، كما هو الحق عند الذكر بالأولوية وبنفس الشدة تظهر محاولات سلوك التملك عند كل من الذكر والانثى وقد تكون بدرجات متساوية عندهما في المجتمعات الشرقية، فإن التملك ربما يكون بدافع الرغبة بالاحتفاظ والابقاء على ذريته واستمرارها لدى الذكر اما عند الانثى فان نزعتها للتملك لشريكها تمثل مسعاها للإبقاء على ما يفي بحاجتها وحاجات اطفالها.
الصفحة64
ان الفروق الفردية في الرغبة الجنسية لدى الذكر والانثى مختلفان ليس في شدتها او ضعفها فحسب بل بالممارسة ذاتها فلكل منهما اسلويه بعرض اغواءه تجاه الآخر فكلا الجنسين يمارس شكلا من السلوك الجنسي فالرجل اسلوبه وللأنثى اسلوبها وتؤكد الدراسات المتخصصة في هذا المجال ان الانثى اقل لجوءا واستغلالا لأعضائها الجنسية من الرجل لغرض جلب الانتباه والاثارة، لا نقصد هنا الاستعراض الجنسي التجاري او لغرض تسويق بضاعة الجنس مقابل الحصول على المال او الاستعراض في الرقص لغرض الشهرة، وانما المقصود بالفعل المؤدي الى الاجتذاب بين الجنسين لغرض التكاثر وتوافر اللقاء لأغراض التناسل ولعل ما يقوم به كل من الذكر او الانثى من جواذب خاصة به ما زال يخدم الاغراض رغم ان هناك فروقا فردية بينهما.
الفروق الفردية والسمات
تعد السمات بشكل عام ما تميز الافراد عن بعضهم البعض ولكن ما نود تناوله هنا بعض السمات الاجتماعية ومنها العلاقات الاجتماعية القيادة الحاجة للمعرفة، والادراك الاجتماعي.
ان حجم العلاقات الاجتماعية بين الناس واضحا ومؤثرا في كل نواحي الحياة المختلفة فالأفراد لديهم تباين في الفروق الفردية بكل من سمة العلاقة الاجتماعية مع الآخرين أو القيادة او الحاجة الى المعرفة او الادراك الاجتماعي، فالعلاقات الاجتماعية هي علاقات عامة وتوصف بأنها طيبة أو سيئة كما تسميها موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بمقدار ما تنطوي عليه من ثقة متبادلة بين الاطراف بعضهم البعض ومن احترام وتعاون بناء فالفروق الفردية تظهر هذه العلاقات لدى بعض الافراد لتتسع وتأخذ حيزا كبيرا في الشخصية الانسانية وخصوصا اذا تم في اطار عمليات التفاعل الاجتماعي، فالشخص كيف يتعامل وكيف يؤثر في شخصيته او
الصفحة65
يتأثر بها وباتجاهات المقابل " الآخر"، فليس كل الناس يمتلكون هذه القدرة وتتفاوت لدى بعض الناس في شدتها وضعفها، فتبدو لدى البعض بأن صاحبها انطوائي قليل الاختلاط ولا يقيم علاقات اجتماعية واسعة.
لا شك ان السمات الشخصية تلعب دورا مهما في اقامة العلاقات الاجتماعية وادراك الآخرين بطريقة تختلف من شخص الى آخر وكذلك القيادة، إذ يصبح بعض الاشخاص قادة دون سواهم ومعنى هذا أن الجماعة بإزاء موقف معين تكشف عن رغبات معينة، وان السمات الشخصية للفرد التي تستطيع أن ترضي الحاجات هي وحدها التي يمكن ان تصبح سمات القائد كما يقول " محمد ابراهيم عيد ويجملها في الخصائص التالية:
المبادأة في الصلات الاجتماعية-
القدرة على التنظيم-
التشابه من حيث هو مجاراة للجماعة-
ان اهمية الفروق الفردية في هذه الجوانب المختلفة لها دلالاتها واهميتها لدى الافراد كما ان لهذه السمات جميعها تأثيرها في شخصيات الآخرين وكذلك مكوناتها المختلفة ومدى تباينها بتباين الفروق الفردية.
الصفحة66
الفصل الرابع: الفروق الفردية في السمات داخل الفرد نفسه والتغ
تعرف موسوعة علم النفس والتحليل النفسي السمة بانها صفة جسمية او نفسية، فطرية أو مكتسبة والتي تميز فردا عن الآخرين تمييزا حادا، وتعبر السمة عن استعداد ثابت نسبيا لنوع من السلوك وهناك سمات غالبة أو سائدة لدى الفرد، وسمات مؤقتة والسمة استعداد ديناميكي من شأنه تعيين كيفية اتجابة الفرد في مواقف معينة. والسمة اذن في حكم الاستعداد الذي لا ينشط إلا إذا توافرت الظروف المهيئة لاستثارته ولأن الظروف المهيئة دائما ظروف بيئية فهي متغيرة ولذلك فإن السمات ينبغي النظر اليها على انها متغيرات تؤدي دورها في تفسير السلوك إذا استطعنا حصر جميع الظروف المحيطة بالفرد والسمات يمكن أن تكون شائعة بين مجموعة كبيرة من الافراد وتسمى بالسمات المشتركة او سمات فريدة لدى أفراد بعينهم.
ان السمة هي نتاج تفاعل العوامل البيولوجية والبيئية معا، فالفرد الذي يمتلك سمة معينة في شخصيته توصم به شخصيته حتى تكاد تصبح علامة مميزة فيه لذا فالسمة:
توجد لدى كل فرد
منسجمة نسبيا مع الانا
ثابتة نسبيا
تتميز بالبقاء الطويل
الصفحة 69
ان الفروق في الفرد نفسه والفروق بين الافراد هي فروق بالسمات إذا جاز لنا القول ذلك ويمكن ان تكون أبسط صيغة لان نطلقها في مجال الفروق في الفرد وبين الافراد.
سبق وان ذكرنا في كتابنا السابق " سيكولوجية الشخصية" أن ما يعرف بأنماط الشخصية التي تصفه وتسميه بأسماء السمات بمعنى ان ينظر الى السمات على انها عبارة عن مفاهيم استعدادية اي مفاهيم تشير الى نزعات السلوك او الاستجابة بطرائق معينة داخل الفرد نفسه وفي مواقف مختلفة وفي اوقات مختلفة ايضا، ومن المفترض ان الفرد الاستعدادات النفسية من موقف الى اخر.
ان السمات في الفرد نفسه تصف مجموعة مترابطة أو متشابهة من السلوك او الاستجابات بطرق معينة في مواقف واوقات مختلفة ولكل فرد سماته وتحدد هذه السمات شخصيته ونقاط ضعفه وقوته ومدى مرونته او تصلبه او قدرته على التكيف، ولا نغالي اذا قلنا ان سمات الفرد الواحد تختلف من حالة الى أخرى ومن موقف لأخر حسب ما تحدده الحالة النفسية - المزاجية فأحيانا يكون الفرد كريم جدا في موقف لا يستدعي الكرم الحاتمي، بينما يكون عكسه تماما في موقف آخر وكذلك في سمة الطيبة والاندفاع وكذلك الحال في القلق او اللامبالاة تجاه موقف معين، حتى ان علماء النفس وضعوا صيغة "السمة" في قياس محدد القياس ابعاد الوجدان ذاتها ومنها : الندم الكره الاكتئاب، الدهشة، الارتباك الانشغال الغضب الدونية.. الخ، ومن السمات المفرحة: البهجة، السعادة التعجب، السرور.. الخ.
الصفحة70
الفروق الفردية في النمو العقلي داخل الفرد:
يرى علم نفس النمو ان النمو الانساني هو عملية النمو والتغير عبر الزمان ومجالات هذا النمو تتضمن المجال البيولوجي، والمعرفي، والانفعالي، والاجتماعي واللغوي، والاخلاقي. لذا تنتج التغيرات النمائية عن التفاعل ما بين العوامل الجينية والعوامل البيئية وكل تغير ثابت نسبيا في السلوك يعزى الى هذا التفاعل والذي يعد بحد ذاته نتاج لعملية التعلم وتوصل علماء النفس كل تغير ثابت نسبيا في الابنية المعرفية وفي مهارات معالجة المعلومات هو نتاج عملية التعلم ايضا وكل تغير ثابت نسبيا في عمليات الترميز والتخزين والاسترجاع هو نتاج عملية التعلم، وكل تغير ثابت نسبيا في اداء الخلية العصبية هو نتاج عملية التعلم في حين ان النضج ما هو إلا تحقق المخطط الجيني بكل ما يحمله هذا المخطط من برمجة تتحقق بالفعل في لحظة زمنية من عمر الفرد بشكل آلي وحتمي وقدري ما لم تحل ظروف بيئية دون ذلك.
اكد "روفن "في كتابه الموسوم والصادر في حزيران من العام (2001) حيث اشار الى ان هناك مجموعة من المبادئ تصف نمط وعملية النمو والتطور، هذه المبادئ او المميزات تصف النمو المثالي كعملية متوقعة ومنتظمة وبما يمكننا التنبؤ بالكيفية التي سيتطور بموجبها معظم الاطفال، انهم يتطورون بنفس السرعة وفي نفس الوقت تقريبا وبالرغم من وجود فروق فردية بين شخصيات الاطفال وكذلك الكبار ومستوى انشطتهم وأجندة التحولات النمائية الجذرية مثل الاعمار والمراحل، فإن مبادئ النمو وخصائصه تظل انماطا عالمية يتشارك فيها معظم اطفال العالم وكذلك البالغين بغض النظر عن جنسهم او جنسياتهم او موطنهم او اعراقهم... الخ ومن هذه المبادئ : النمو يتخذ اتجاها طوليا من اعلى الى اسفل بمعنى من الرأس الى
الصفحة71
القدمين اي ان الطفل يسيطر على رأسه اولا ثم ذراعيه واخيرا ساقيه. وكذلك يتخذ النمو اتجاها مستعرضا من المحور الرأسي الى الاطراف الخارجية وهذا يعني ان الحبل الشوكي يتطور قبل الاجزاء الخارجية للجسم.
ولا يسعنا القول من جانب النمو النضجي حيث انه محصلة بين النضج والتعلم، أي ان التغيرات في الدماغ والجهاز العصبي ذات اهمية كبيرة للنضج، هذه التغيرات تساعد على تطوير وتحسين مهارات التفكير ) معرفيا( والحركة)جسميا (
يؤكد علماء النفس أن سرعة النمو بين طفل وآخر وبين فرد وآخر مختلف بالسرعة وبالأنماط والتتاليات في النمو والتطور نفسه لذا تظل السرعة في النمو العقلي مختلفة من شخص لأخر وان ادراكنا لهذه الحقيقة) حقيقة الفروق الفردية في السرعة( يفرض علينا ان نكون حذرين بعض الشيء في الركون الى العمر وخصائص المرحلة لوصف او عنونة الاطفال فثمة مسافة زمنية لأية مهمة نمائية وخصوصا العقلية منها فالنمو العقلي هو النمو والتطور الذي يطرأ على الطفل مع تقدم سنه حتى مرحلة الرشد في ما يخص امكاناته العقلية العامة مثل الذكاء وامكاناته الخاصة مثل الاستعدادات العقلية المختلفة وقدراته الذهنية المتنوعة كاللغوية والحسابية والرياضية والميكانيكية والفنية إذ تكون في مستوى بدائي وضعيفة وقاصرة ولكن بمرور السن تتزايد وترتقي كفاءتها وتبرز وتكون الفروق الفردية واضحة من مرحلة وفترة زمنية الى اخرى وتكون متباينة وواضحة جدا في مرحلة الطفولة حيث يبدو النمو العقلي واضحا جدا وملموسا وخصوصا من الناحية اللغوية.
الفروق الفردية في النمو الجسمي والحركي:
يراقب بعض الوالدين ابنائهم وهم يكبرون بسرعة فائقة في مرحلة الطفولة والمراهقة وهي حقيقة ان النمو في هذه المراحل مضطرد وسريع في الوزن والطول
الصفحة72
ويصاحبه عدد من التطورات الداخلية المهمة في العضلات والعظام والجهاز العصبي المركزي الذي يتدخل بشكل جوهري فيما بعد بمستوى الاداءات الجسمية التي سيصبح الاطفال قادرين على اداءها في المراحل العمرية المختلفة اللاحقة.
تبدو الفروق الفردية بين الاطفال واضحة جدا خصوصا في النمو الجسدي ويمكن قياس مستوى النضج الجسدي بوساطة التصوير بالأشعة للرسغ واليد حيث تبين الاشعة عدد العظمات ودرجة تكلسها بما يعرف بأسم العمر العظمي باستخدام هذه التقنية وجد الباحثون أن نضج الاناث أسرع منه لدى الذكور. فعند الميلاد تكون الاناث متقدمات عن الذكور بحوالي من(6- 4)أسابيع في نضج الهيكل العظمي ولكن في العام الثاني عشر فإن الجوة بين الجنسين تصل الى حوالي سنتين كاملتين)محمد الريماوي ص (167.
اما بخصوص النمو العضلي فالفروق الفردية بين يكون ملحوظ سواء في قوة العضلات الكبيرة أو كتلة تلك العضلات وهذا التطور في النمو العضلي يكون متسارعا لدى الذكور أكثر منه لدى الاناث في اواسط العشرينات من العمر حيث تشكل العضلات حوالي 40% من وزن الذكور و 24% من وزن الإناث.
ان النمو الجسمي لدى البشر جميعا يسير بسرعات مختلفة فمثلا الدماغ والرأس ينموان بسرعة أكبر وصولا الى نسبتها لدى الراشدين مقارنة بأي جزء آخر من أجزاء الجسم، في حين أن الاعضاء التناسلية تنمو ببطء شديد في مرحلة الطفولة ولكنها تتطور بسرعة إبان مرحلة المراهقة كما ان الانسجة اللمفاوية التي تشكل جزءا من جهاز المناعة وتساعد الاطفال على مقاومة العدوى تتنامى بسرعة لتصل الى مستواها لدى الراشدين في نهاية مرحلة الطفولة قبل ان تتراجع سرعتها في المراهقة.
يلاحظ ان الفروق الفردية بين الافراد تظهر حيث تتفاوت السرعة في النمو لدى الافراد فقد نجد طفلين في نفس العمر أحدهما وصل الى مرحلة البلوغ ويبدو أنه
الصفحة73
الأكبر في حين أن الثاني ما زال يعكس ملامح الطفولة ويبدو أنه الاصغر، يمكن ان نعزو هذه الفروق في النمو الجسمي الى اصول ثقافية، بمعنى ان هناك فروقا بين افراد الثقافات المختلفة في نموهم الجسمي مثلا يلاحظ أن الافراد من آسيا وامريكا الجنوبية وافريقية يبدون وكأنهم أصغر من اولئك المنحدرين من امريكا الشمالية وشمال أوروبا واستراليا.
يعد الطفل الانساني مخلوقا ضعيفا مقارنة بأطفال الكائنات الحية الاخرى فالطفل البشري يظهر نهاية الشهر الاول نضج في عضلات الرقبة وينضج معها الدماغ الى درجة تسمح له الوصول الى اول نقطة مفصلية في نموه الحركي ثم يتوالي النمو شيئا فشيئا حتى يصل الشهر السادس حيث يبدأ الطفل بالجلوس بدون مساعدة ويحاول الكلام اما بين بين الشهر التاسع ونهاية العام يبدأ بالمشي متكئا على شيء ثم يقف وحده وبعد ذلك يتقن الوقوف، حديثنا هنا ليس عن مراحل النمو بل نلاحظ ان الاعمار التي يتقن فيها الاطفال هذه المهارات تختلف من طفل الى اخر فإن الطفل الذي يبكر في إظهار مثل هذه المهارات لا يدلل على اي تميز في القدرة العقلية او اية قدرات اخرى مقارنة بالطفل الذي يتباطأ في اظهار هذه المهارات ولكن يرى" شافير 2002" ان الحركات الجسمية في مرحلة النمو مثل الزحف والمشي والجري افعال تسيرها الدوافع والمقاصد او الغايات التي تدفع بالطفل الى اعادة تنظيم نشط لما لديه من مهارات وتحويلها الى مهارات جديدة أكثر تعقيدا ، إن هذا يساعد في تفسير الفروق بين الاطفال في التآزر النشط بين مكونات المهارة الحركية.
تبين الفروق الفردية في النمو الجسمي من خلال ابحاث متخصصة ظهرت ان الفتيات اللواتي يعشن في ضغوط نفسية ناشئة عن خلافات بين الام والاب يبلغن في وقت أبكر من تلك اللواتي يعشن في بيوت أكثر هدوءا وخالية من الضغوط.
الصفحة74
اليس كاربر2000
وتشير البحوث المقارنة جول سن البلوغ لدى المراهقات عبر المراحل التاريخية المتعاقبة ان ثمة اتجاه نحو التبكير في البلوغ لدى المراهقات مقارنة بما كان عليه الحال قبل مئة عام من الان هذا الاتجاه بدأ منذ مئة عام في المجتمعات الصناعية في العالم وكذلك في المجتمعات المترفة كما سجل ان افراد هذه المجتمعات الصناعية هم الاطول والاكثر وزنا عبر المئة عام الماضية وترجع التفسيرات للأسباب التالية وهي التغذية الجيدة والرعاية الطبية وهما مسؤولتان عن هذه الظاهرة. ويرجع العلماء تأخر البلوغ للتغذية الفقيرة والتعرض للأمراض المعيقة للنمو كما لوحظ ايضا ان الممارسة الرياضة والانشطة الجسمية الاخرى الضعيفة دورا في تأخر البلوغ او عدم انتظام الدورة الشهرية عقب مجيئها لأول مرة.
الفروق الفردية في النمو النفسي والانفعالي:
يقصد بالنمو كما تراه موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بأنه كل زيادة مضطردة في حجم الكائن الحي او أحد اعضائه وايضا الزيادة في وظيفة من وظائف الكائن او أحد اعضائه بحيث يصبح قادرا على اداء لم يكن يستطيعه من قبل. والنمو عبارة عن مجموعة من التغيرات التي تطرأ تلقائيا مصاحبة لتقدم العمر الزمني للفرد، وهي تغيرات تتعلق بالجسم او الشكل أو الوزن أو الطول او وظائف الاعضاء وتركيبها وتعقيدها عن ذي قبل. فالنمو إذن تطور بالكائن الحي ووظائفه نحو مستوى أكثر نضجا ونماءا وفاعلية عن ذي قبل.
اما تعريف الانفعال فهو إثارة المشاعر سواء أكانت سارة او مؤلمة، اضطراب او تأجيج العقل بسبب مثيرات خاصة تترافق مع بعض الآثار الملاحظة على الجسم. ويرى عدد من علماء النفس ان طبيعة الانفعال في هذه الايام تختلف عنها في الاجيال
الصفحة75
السابقة، انهم يعتقدون أن الانفعال اليوم وظيفي بمعنى ان له علاقة بأهداف الفرد وجهوده وليس حالة نفسية داخلية خاصة فالتعبيرات الانفعالية تعمل كإشارات اجتماعية وليس مجرد إشارات فسيولوجية داخلية، إن الانفعال مرتبط بما يريد الفرد ان يفعله ويضبف علماء النفس ان أحد مجالات النمو الانفعالي المهمة هو مجال التنظيم الانفعالي.
ان الفروق الفردية في مستويات الانفعال تحددها ثلاث صور فالبعض يظهر الخوف والبعض يظهر الغضب الخارجي والبعض تبدو عليه استجابة الكآبة التي تتألف من التعبير عن غضب المرء من نفسه أو بعبارة اخرى من توجيه اللوم نحو الذات وترافق استجابة الانفعال ظهور اعراض فسيولوجية تبين أن هرمون النور أدرينالين يتم إفرازه على حين الاستجابة الادرينالية كانت تبدو على البعض ممن يستجيبون باستجابة الخوف أو الاكتئاب. هذه الانفعالات واستجابتها تتفاوت بين الافراد في مختلف المواقف ومن فرد لآخر ويرى علماء النفس ان تأثير الانفعال في السلوك كبيرا حيث يستجيب الدماغ والجسم باستجابة انفعالية عندما يستثيره مثير خارجي وتتراوح الاستجابات من الاعتيادية الى الشدة عند الافراد فبعض علماء النفس يرون ان الانفعال يختلف عن الدوافع بسبب أن الانفعال له تأثير سيئ على السلوك إذ يؤدي به الى الاضطراب والاختلال، والبعض الآخر من علماء النفس فيرى ان الانفعال يمكن ان يؤدي الى انتظام السلوك كما تفعل الدوافع.
الفروق الفردية في المزاج:
تصف موسوعة علم النفس والتحليل النفسي المزاج بأنه اتجاه انفعالي وميل للفرد له درجة ما من الثبات يهيئه للاستجابة للمواقف، ويتكون المزاج من خلال مراحل التنشئة والنمو والتعلم والنضج وهو يعبر عن طبيعة الفرد الانفعالية وعن البناء النفسي في علاقة الفرد بنفسه او في تفاعله مع الواقع المحيط. كما أن الحالة
الصفحة76
المزاجية تعد أحد مظاهر التقييم للأمراض النفسية والعقلية كما ان للحالة المزاجية اهمية كبيرة في مجال اداء العمليات العقلية فربما تؤثر على ادائها الوظيفي من حيث تحقيق هذا الاداء في اطار وظيفي سوي ويضطرب هذا الاداء ويضمحل اذا ما انحرفت الحالة المزاجية عن معدل الطاقة السوية بالنسبة لمثيرات الواقع النفسي او الواقع الخارجي.
المزاج هو الحالة النفسية التي يتلاءم بها الفرد مع المواقف الخارجية واختلالها يعني تعكر المزاج الذي ينبعث من الداخل. وهو لذلك استجابة نفسية يقوم بها الفرد عندما يواجه موقفا لم يستعد له من قبل ويقول علماء النفس، المزاج يطلق على المظهر الخارجي للسلوك وعلى الطاقة النفسية والاجتماعية فالموقف الواحد الجديد ربما يسترك في مواجهته أفراد كثيرون ولكنهم يختلفون في استجابتهم اختلافا كبيرا في الموقف ذاته ، فالبعض يستجيب لموقف الخوف برد فعل اعتيادي والاخر يستجيب بحالة من الرعب وكذلك مواقف الحياة الاخرى مثل الحب والكره والتعامل بقسوة او لين ن وهكذا يختلف الافراد في نوع الاستجابة ولهذا يرى)كامل( بأن المزاج هو مجموعة الخصائص الفردية التي تميز ديناميكية النشاط النفسي عند الانسان فخصائص رد الفعل تختلف من فرد لآخر ومن موقف لآخر كما هو الحال في المزاج فتختلف من فرد لأخر ومن موقف لأخر ومن حالة لأخرى.
المزاج والحالة الوجدانية:
الوجدان هو ذلك الشعور الانفعالي بالخبرة المعاشة سواء أكانت سارة ام غير سارة، بها لذة ام بها ألم الوجدان هو ايضا شحنة من الطاقة النفسية التي تتصل بالموضوع، وقد ينتقل من موضوع لأخر وربما ينقلب الى نقيضه فيحل وجدان الكراهية محل الحب على سبيل المثال والعكس صحيح وهو ما عرف على تسميته بالوجدان المقلوب أو ارتكاس الوجدان وهناك حالة يحس فيها الفرد باضطراب
الصفحة77
وجداني وهو ذلك الشكل الذي يعجز فيه الفرد عن معايشة الواقع وهو اختلال في الامزجة ولا يصيب كل الناس وانما عناك فروق فردية بين الناس في هذا النوع من السلوك فيبدو في حالة من التطرف عند شخص ما ومعتدل عند شخص آخر ولهذا نجد ان الافراد يختلفون في امزجتهم حيث ان لدى البعض جهازا عصبيا حساسا جدا ونشاط غددهم كبيرا مما ينجم عن ذلك اندفاع في الاستجابة للمواقف وسرعة في التهيج والغضب في حين نجد ان لدى البعض الآخر جهازا عصبيا هادئا وغددا اقل نشاطا مما يترتب على ذلك وجود اشخاص هادئين ومعتدلين في الاستجابة المواقف الحياة المختلفة منها الخوف والانفعال.
ان اشتداد صراع الحب والكراهية الذي يعصف بالوجدان انما هو المأساة المحورية في دراسة الاكتئاب كما يقول "مصطفى زيور " ويضيف بقوله إن قلب الانسان تسكنه قوتان متناقضتان لكل منهما طاقة تكاد تساوي الأخرى تتنافسان في اتجاهين متعاضين ومع ذلك فإن هاتين القوتين قد تتداخلان الواحدة في الاخرى او ربما تحل الواحدة محل الاخرى بل يبدو ان التداخل سمة اساسية في حياة الانسان تبهظ كاهله وهي التي يطلق عليها في التحليل النفسي ثنائية الوجدان وهكذا نجد ان الانسان مدفوعا بحاجة ملحة الى الحب والخلق والتشييد ونجده في نفس الوقت واحيانا بنفس الالحاح مشدودا الى الكراهية والتدمير، إنه موجب سالب معا . وإذا وجهنا النظر الى الكراهية في صورتها الفجة المدمرة وجدنا الانسان الكاره محطما لغيره وفي ظروف بعينها محطما لنفسه إذ لم يسعفه الحب فيسانده في تلطيف حدة الكراهية، وهكذا فإن الامزجة ترتبط بالحالة النفسية للإنسان دائما.
المزاج بين الوراثة والبيئة:
تتأثر الفروق الفردية المزاجية بالعوامل الوراثية الى حد كبير وتتصل بالتكوين الجسمي ايضا وبتفاعل هذه العوامل مجتمعة يتأثر مزاج الفرد، وهناك
الصفحة78
عوامل جسمية لها تأثير واضح مثل الغدد الصماء كالغدة الدرقية والغدد الجنسية والغدد النخامية، هذه تصب إفرازاتها في الدم ونسب هذه الافرازات يؤثر في النمو الجسمي والحالة الانفعالية والمزاجية للفرد. كما يؤثر المزاج على الجهاز العصبي وجهاز الدوران وعمليات الأيض وما يجري داخل الجسم من تفاعلات كيميائية وكل ذلك يؤثر على في الأعصاب فيما يتعلق بقوتها أو ضعفها.
يتميز بعض الناس بطاقات انفعالية عالية ومزودين بطاقات انفعالية كبيرة يصعب التحكم فيها. أو كبح جماعها ومثل هؤلاء الاشخاص يتميزون بالثورة او الانفعالية الدائمة والهياج المستمر أو القلق حتى ان البعض تميزت شخصيته بالشخصية الانفعالية او الشخصية القلقة ويمثل هؤلاء التطرف الموجب في مجال الفروق الفردية في المزاج في حين نلاحظ اشخاصاً يتميزون بالهدوء والشديد أو الاتزان أو برود في رد الفعل إزاء معظم المواقف الحياتية حتى وإن كانت شديدة ويعد هذا موروث من الاباء أو من الامهات حتى انها عدت سمات توصف بها شعوب بعينها وهو التطرف السالب في مجال الفروق الفردية المزاجية أو الفروق بين المجتمعات. ويصف علماء الصحة النفسية هؤلاء بالاستقرار النفسي والهدوء العاطفي أو يمكن أن نطلق عليهم أصحاب المزاج الهادئ - المتزن.
أما البيئة فتؤثر في الحالة المزاجية الفردية وتظهر الفروق الفردية واضحة جداً سواء على مستوى الفروق الفردية أو بين الجماعات وكثيرا ما يعول علماء النفس على اهمية البيئة في تشكيل سلوك الفرد وعد العامل الاساس والمؤثر لشدته في تكوين سلوك الانسان فالبيئة هي التي تحدد نماذج السلوك المزاجي للفرد ولها أثرها الكبير في تهذيب النفوس واعتدالها كما ان للثقافة والحضارة أثرها البارز في سيطرة الفرد على مزاجه المتطرف وقدرته على التحكم بأعصابه في حالة إثارتها.
الصفحة79
ونلاحظ الحالة المزاجية تكون أشدها في الحياة الاجتماعية وايجاد الحلول للمشكلات في مواقف مختلفة من التعقيدات وخصوصا في الاشكالات بين الأفراد او بما يتعلق بالقضايا الاجتماعية المعقدة وكذلك في التعاملات التجارية والتجاذبات السياسية ومناقشاتها الملتوية التي تحتاج الى مزاج هادئ ومتزن لغرض الحصول على الحق او السيطرة على مجريات الأمور في المناقشات مع أطراف يتسمون بالتطرف أو التعصب الديني أو السياسي أو المذهبي.
تشكل البيئة الاسرية مع بعض التداخلات الوراثية لدى البعض من مرهفي الاحساس وخصوصا اصحاب المزاج المرهف من الفنانين او الادباء او الكتاب فتجعل منهم البيئة الهادئة مبدعين في تخصصاتهم، فكثيرا من الاطفال يمتلكون هذه السمات في بواكير حياتهم وتبدو علامات المزاج الهادئ هي السمة الاكثر سيادة على تصرفاتهم فيتعلم الطفل من اسرته اولى هذه الاساسيات فتعززها الاسرة في سني حياته الأولى ويتعلم ان يكون مزاجه هادئا أو ربما حادا فإذا استجاب الوالدان الى ابنهم في تشكيل سلوكه فإنه يجد التعزيز المناسب والدعم الذي يرسخ هذه السمات، اما اذا اهمل الوالدان طلب طفلهما فإن الطفل يتعلم الاسلوب الذي يناقض سماته الشخصية فيكون أكثر ميلا للفوضوية رغم وجود علامات القدرات باقية في ذاته، فالرعاية الصحيحة للأبناء يمكن أن تساعد في تقوية الميول النفسية للفرد برغم فطريتها بمعنى ادق كلما كانت الرعاية في سن مبكرة من حياة الانسان كان تأثيرها اقوى ان الحالة المزاجية تحكمها الوراثة والبيئة والحالة الوجدانية ويمكن ان نصيغها بالمعادلة التالية :
الحالة المزاجية - الوراثة * البيئة * الحالة الوجدانية
تعد الشخصية من أكثر الأجهزة النفسية تأثراً بالحالة المزاجية وتنعكس على السلوك مباشرة رغم إن التباين واضح بين الأفراد نحو الارتفاع أو الانخفاض
الصفحة80
وتدلنا الاحصائيات بشكل أدق بين المدى الأعلى والأدنى ولكن التناول النفسي أكثر ملائمة بكثير من التناول الإحصائي الخالص لأننا في المقام الأول يكون لدينا فرض محدد تماما فيما يتعلق بالسمات الشخصية لدى الاشخاص ذوي الامزجة المختلفة وعلى اية حال ليس للذكاء دخل كبير في الحالة المزاجية حتى نعول عليها وعلى الأسباب في حال كانت شديدة ام طفيفة ، وعموما فكلما زاد الذكاء أو انخفض لم يعطينا مؤشرا في الفروق الفردية بالحالة المزاجية واعتقد إن الفروق في هذا الجانب تحتاج الى تفسيرات جوهرية نفسية لا احصائية ويمكن أن تدرس ضمن وجهة النظر التنبؤية بالسلوك لذوي الذكاء المرتفع أو المعتدل ويبقى مجال البحث مفتوحا في العديد من الدراسات النفسية المتعلقة بالفروق الفردية لدى الانسان اذا ما عرفنا ان الوظائف النفسية التالية لم تقاس ولم تدرس بمعايير الفروق الفردية والوظائف النفسية هي:
التفكير: يعد سمة ظاهرة لدى بعض الافراد في سلوكهم-
العاطفة: وتكون سائدة لدى بعض الافراد في سلوكهم-
الإحساس وبتضمن متطلبات اللذة والألم وانتهاج السبل الموصلة اليها ويكون ذلك ظاهريا في تصرفات البعض-
الخيال والحدس او التخمين ويظهر في الأحكام والسلوك لدى عدد من الأفراد-
وفي الختام يمكن أن يكون خلاصة القول انه من العبث بل من المستحيل قولبة الناس في مزاج واحد او تصنيف الناس فيما يتعلق بأمزجتهم فالفروق في الأنماط المزاجية بين الافراد فروق في الدرجة ولكل نمط مزاجي فوائده وأثره العظيم في الحياة الإنسانية فبعض مواقف الحياة تستوجب بعض الجرأة أو المرونة أو
الصفحة81
التشدد او الاقدام والبعض الآخر يستوجب الصبر والتأني والحلم والأناة ولهذه المواقف افراد يمتلكون بعض سماتها والبعض الآخر لا يمتلك هذه السمات او تقل لديهم.
الفروق بين الجماعات
يمكن تحليل الفروق الفردية في السلوك الاجتماعي الى فروق في الدافع والقدرة، والاسلوب التعبيري ويشير الدافع الى الاهداف المرجوة، والقدرة الى المهارة التي يتحقق بها هذا الهدف والاسلوب الى الطريقة التي يتم بها هذا ويعتقد "اراجيل" ان التباين في السلوك الاجتماعي هما تعبيرات عن الدوافع في مجال السلوك الاجتماعي سواء كانت بين الافراد في المجتمع او بين الجماعات لذا نجد نمط العلاقات الاجتماعية الذي يفضله الشخص ويبحث عنه لا يتفق دائما بها مع الآخرين وهو الحال نفسه بين الجماعات فهناك بعض التجمعات يشعر افرادها بعدم الاتفاق والصراع ويعجزون عن العمل الفعال وقد تؤدي الى الاضطراب وخصوصا في التجمعات ذات الاصول العرقية المختلفة ومن الصعب ايجاد التوازن في داخل مثل هذه الجماعات البشرية.
والفروق الفردية بين الجماعات تختلف عن الفروق الفردية بين الافراد فالفروق بالسمات بين فردين تختلف عن سمات مجتمع بأكمله او الفروق بين الجنسين هي فروق فردية بين ذكر وانثى ولكن حينما تأخذ منحى التفوق العقلي او القدرة لدى جنس ما بعينه تصبح الفروق بين جماعات أن الفروق بين ابناء المدن في صفة ما او خصيصة ما وأبناء الارياف يكون التباين واضحا.. وهكذا فان الفروق الفردية داخل كل مجموعة تتضاءل كلما اتجهنا نحو المتوسط وتزداد كلما اتجهنا بعيدا عن المتوسط سواء باتجاه الطرف الموجب من المنحنى الاعتدالي اي اعلى من المتوسط أو
الصفحة 82
باتجاه الطرف السالب أي أدنى من المتوسط الى الحد الذي يصبح عنده التباين بين المجموعات أكبر من التباين داخلها.
أظهرت الدراسات الفروق بين الذكور والإناث في بعض القدرات ومنها:
إن الإناث أكثر تفوقا من الذكور في القدرات اللفظية والتي تشمل القدرات-
التالية:
أ. القراءة
ب. فهم معاني الكلمات
ج التهجي
د. الفهم اللغوي
هـ. الطلاقة التعبيرية
– الذكور أكثر تفوقا من الاناث في القدرات التالية :
أ. القدرات المكانية
ب القدرات الكمية وتشمل القدرة الرياضية القدرة العددية
الاناث اعلى من الذكور في الحساسية للمس وفي التعبير عن الخوف والمساندة والشعور بمساعدة الآخرين وتأكيد الذات وأنهن أكثر ميلا للاحتفاظ بالصداقات والعلاقات الاجتماعية وأقل ميلا للعدوانية من الذكور.
الذكور أعلى من الاناث في القدرة على حل المشكلات والقدرة على التحمل والصبر وأدراك مفهوم الذات الايجابي وفي النشاط والحيوية وكذلك في الدافعية للمثابرة.
الصفحة83
الفروق بين الجماعات على أساس عرقي
تعترض الدراسات التي تهتم بالأعراق والملل والنحل بين الاقوام صعوبات كثيرة من اهمها الأداة التي توضع للقياس فضلاً عن المعايير الموضوعية التي تتضمنها الادوات ثم هناك العينة واختيارها بين هذه الملة او تلك الجماعة فحتى بين الجماعات فروق ثقافية وانتماءات عرقية يصعب حصرها فالمشكلة تكمن من اختيار الاختبار الناجح ثم تصميم الإطار الثقافي التي يضم جميع معايير ومكونات عينة الدراسة.
حظيت العديد من الدراسات التي قام بها علماء النفس في بلدان عديدة بالدعم والمساندة وكان من المؤمل ان تصل الى درجة معقولة من الموضوعية والحيادية ومن أبرز تلك الدراسات التي اجريت دراسة الفروق في الذكاء بين السود والبيض في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أن معظم الدراسات التي انجزت بينت ان هناك فروقا في حاصل الذكاء بين البيض والسود يصل الى 12 - 15 درجة لصالح البيض ودراسات اخرى تناولت التفاوت الاقتصادي والاجتماعي وأظهرت الفروق الكثير من التفاوتات.
وأجريت دراسة أخرى عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعلاقته بالذكاء تمت مقارنة بين الاطفال البيض والسود والمكسيكيين ولكن كانت درجاتهم أقل في الاختبار اللفظي والاختبار العملي المتحررين من أثر الثقافة. كل تلك الدراسات اظهرت الكثير من عدم الدقة وبرزت الكثير من المشكلات المتعلقة بالحيادية نذكر منها:
حيادية القائم بالاختبار: ان احدى مشكلات علم النفس هي ان الانسان في دراسة علم النفس انما يدرس نفسه ومن ثم فإن ما يقيسه لدى المفحوص يكون لديه غالبا موقف حياله.
الصفحة84
– العلاقة بين الفاحص والمفحوص : يقول علماء النفس ان اساليب اقامة مثل هذه العلاقة تختلف من موقف لآخر تبعا لطبيعة الاختبار ولطبيعة الهدف من اجرائه.
– الظروف التجريبية : عادة يتطلب الحد الأدنى من الظروف الفيزيقية وتضمن حدا معقولا من مساعدة المفحوص لأجراء التطبيق والسؤال المهم الذي يطرحه علماء النفس بخصوص الظروف المناسبة اثناء التطبيق والظروف المناسبة ليست ظروفا واحدة في كل المجتمعات، بمعنى ادق علينا ان نفرق بين الظروف المناسبة في مجتمع ما والتي تختلف حتما عنه في مجتمع آخر، فاذا ما بدت مناسبة هناك في المجتمع العربي اللبناني أو العراقي او المصري او الاردني) لا تبدو مناسبة هنا في المجتمع الاسكندنا في او الخليجي او العربي في شمال افريقيا.
– الدافعية : عندما تفقد الاختبارات موضوعتها في قياس اية ظاهرة جماعية تهم الانسان فأن الدافعية تضعف حتما ، فنحن لا يمكن أن نتصور فردا أو جماعة تؤدي اختبارا معينا دون أن يكون هناك دافع ايجابي او سلبي لأداء هذا العمل.
الصفحة85
الفصل الخامس: ماهي القدرة الخاصة، القدرة العامة
الاستعداد، الميل، التفوق العقلي؟
القدرة:
تعرف القدرة بأنها كل ما يستطيع الفرد اداءه في اللحظة الحاضرة من اعمال عقلية أو حركية سواء بتدريب او بدون تدريب. وترى موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بان القدرة هي إمكان الفرد الحالة التي وصل اليها بالفعل سواء عن طريق نضجه أم نموه أم خبرته أم تعليمه أم تدريبه على مزاولة نشاط ذهني او حسي أو حركي في مجال معين مثل اللغة او الرياضة أو الميكانيك او الادب او الرسم او السباحة أو الركض.
وهناك العديد من القدرات مثل القدرة الحركية والقدرة الحسية والقدرة العامة القدرة العددية والقدرة الفنية القدرة الكتابية والقدرة اللفظية والقدرة المطلقة والقدرة المكانية.
ويعرفها علماء النفس بتعريفات متنوعة كل على حسب منطلقه الفكري
النظري أو التطبيقي فيعرفها:
• دريفر : انها القوة على اداء الفعل البدني او العقلي قبل أو بعد التدريب.
• وارن & بنجهام بأنها القوة على اداء الاستجابة وهي تشمل المهارات الحركية كما تشتمل على حل المشاكل العقلية.
الصفحة89
▪ فيرنون يرى بانها وجود طائفة من الاداء الذي يرتبط مع بعضه ارتباطا عاليا ويتمايز الى حدما كطائفة عن غيره من التجمعات الأخرى للأداء.
▪ بيرت القدرات وسائل علمية لتصنيف الاداء.
▪ جوزيف تيفن مفهوم القدرة يشير الى السعة التي تم تنميتها او المعلومات او المهارات التي تم بالفعل انماؤها.
▪ سيشور : يرى بأنها مقياس المعدل التعلم المحتمل حدوثه.
وتعرف القدرة ايضا: القوة على اداء استجابات معينة.
▪ ويعرفها احمد عزت راجح بأنها كل ما يستطيع الفرد ادائه في اللحظة من
اعمال عقلية او حركية سواء كان ذلك نتيجة تدريب او بدون تدريب
ويمكن ملاحظة الفروق الفردية واضحة جدا بمستويات القدرة وتختلف من فرد لآخر ومن موقف لآخر، فالفرد لا يؤدي نفس الفعل بنفس الدرجة وذلك لوجود اختلاف تأثير الخبرات والممارسات التي يمر بها الفرد والمرتبطة بمحتوى القدرة والحالة الانفعالية للفرد.
القدرة الخاصة
ترى موسوعة علم النفس والتحليل النفسي أن القدرة الخاصة تقابل الذكاء لأنه يعد قدرة عقلية عامة لكنه ذكاء في مجال محدد وخاص. فالقدرة اللغوية مثلا ذكاء في مجال اللغة، والقدرة الميكانيكية ذكاء في مجال الميكانيك، والقدرة العددية ذكاء في مجال التعامل بالأرقام والاعداد وكل هذه نماذج من القدرات الخاصة التي يصعب حصرها. وتضيف الموسوعة ان القدرات الخاصة تتكامل مع الذكاء العام للنجاح في أي نشاط إنساني، فنجاح الفرد في مهنة معينة يعتمد الى حد كبير على ذكائه العام وعلى قدرته الخاصة في هذا العمل.
الصفحة90
القدرة العامة
عندما بدأ القياس السيكولوجي بقياس ما اسماه علماء النفس بالذكاء كونه قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية ولذلك كانت اختبارات الذكاء الأولى تتيح قياسا عاما لذكاء الفرد يتمثل في النهاية في نسبة الذكاء لذا يطلق على الذكاء القدرة العقلية العامة أو القدرة العامة لأنه قدرة عقلية تتدخل في كافة انواع الانشطة الذهنية على اختلافها وإن كان بنسب متفاوتة فهو يلزم للعمليات الحسابية كما يتناول الانشطة اللغوية وبالمثل الانشطة الفنية وكذلك الاعمال الميكانيكية فضلا عن التصميمات الهندسية وحل المشكلات الرياضية .. الخ وتقول موسوعة علم النفس من هنا ينطبق على وصف القدرة العقلية العامة في مقابل القدرات العقلية المتخصصة كالقدرة العددية والقدرة اللغوية والقدرة الميكانيكية والقدرة الفنية.. الخ والتي تتدخل كل منها في الانشطة الخاصة بها فقط.
يعد الذكاء قدرة عقلية عامة كما تؤكده ادبيات القياس النفسي ودراساته التطبيقية فالذكاء من ابرز مكونات الشخصية واقواها شدة ووضوحا وتأثيرا ونلاحظ ذكاء الفرد أكثر ما يكون في عدة معالم خاصة بالفرد منها
- حدة الفهم وسرعته ودقته فضلا عن الصواب المؤكد.
- قدرة الفرد الذكي على التعلم والتحصيل الدراسي
- القدرة على معالجة المواقف الجديدة التي تتعرض لها الشخصية بمهارة ناجحة
- لديه القدرة على ادراك العلاقات المجردة بين الاشياء او الموضوعات
- يستطيع ان يتعامل بالرموز والمجردات
لديه امكانية عالية من الاستفادة من الخبرات الماضية في مواجهة المواقف والظروف الحالية
الصفحة91
- يستطيع انجاز اعمال تتميز بالتعقيد والصعوبة
- لديه القدرة على الابداع والابتكار والاصالة اثناء قيامه بأوجه نشاطه المختلفة.
وهناك العديد من انواع الذكاء منه الذكاء الاجتماعي وهو الذي يقع على الحدود ما بين الذكاء والتوافق الاجتماعي النفسي وهو في واقع الامر أقرب منه الى التوافق الاجتماعي والنفسي منه الى الذكاء العام، وهو يعد سمة شخصية أكثر مما يعد قدرة عقلية كما يقول "د. فرج عبد القادر طه." اما الذكاء الاصطناعي فهو مصطلح يشير الى استخدام الكومبيوتر في حل المشكلات التي تحتاج الى تفكير بمعنى ادق جعل الكومبيوتر يفكر في حل المشكلات بدلا من العقل الطبيعي في الانسان.
الاستعداد
يقول د. احمد محمد الزعبي الاستعداد سابق للقدرة فهو قدرة كامنة يحولها النضج والتعلم الى قدرة فعلية ونستدل على وجود الاستعداد عند الفرد بقدرته على التعلم بسهولة وسرعة والتفوق بذلك، كما تختلف القدرة العقلية عن الاستعداد العقلي من حيث ان القدرة تهتم بالوضع الراهن في حين ينظر الاستعداد الى المستقبل.
ويعرف الاستعداد على انه قدرة الفرد الكامنة على ان يتعلم بسرعة وسهولة وان يصل الى مستوى عال من المهارة في مجال معين كالرياضيات او الموسيقى او الطيران.
وتعرف ايضا: بأنها قدرة الفرد الكامنة على تعلم عمل ما إذا اعطي التدريب المناسب واتيحت لها الظروف الملائمة.
ويعرف قاموس )وارن(الاستعداد الخاص بأنه حالة أو مجموعة من الصفات الدالة على قابلية الفرد مع شيء من التمرين على اكتساب المعلومات او المهارات او
الصفحة92
مجموعة من الاستجابات مثل القدرة على التحدث بإحدى اللغات أو القدرة على الانتاج الموسيقي.. الخ. ومن هذا التعريف يتضح أن الاستعدادات ليست وراثية برمتها، فالاستعداد هو نتيجة تفاعل الوراثة مع البيئة.
ويعرف الاستعداد: بأنه امكانية الفرد لتعلم مهارة معطاة عندما يزود بالتعليم المناسب.
ويعرف احمد عزت راجح الاستعداد بأنه قدرة الفرد الكامنة على ان يتعلم في سرعة وسهولة وعلى أن يصل الى مستوى عال من المهارة في مجال معين كالرياضيات أو الموسيقى وذلك إذا توفر التدريب اللازم.
الاستعداد هو الاستطاعة أو القدرة التنبؤية للقدرة، اما القدرة فهي تنفيذ الاستعداد في مجال النشاط الخارجي، وهذا يعني ان الاستعداد سابق على القدرة وملازم لها، ويقول سيد خير الله القدرة ما هي الا قدح للاستعداد الخاص بعوامل النضج والبيئة.
الميل
يعرف "د. فرج طه" الميل بانه اتجاه ايجابي محب ودود نحو موضوع معين قد يكون شخصا او مادة دراسية او فكرة ويعد الميل من الدوافع النفسية المكتسبة حيث نكتسبه من البيئة المحيطة بنا وبالتالي تختلف ميول كل فرد منا عن الآخر بل وتتعدل بالخبرات التي يمر بها والظروف التي يصادفها فتتغير بعض الميول وتتحول. وهناك العديد من الميول منها الميول العدوانية والميول الذهانية والميول العصابية والميول المهنية. وتعد الميول المهنية
من الميول الاكثر انتشارا خصوصا بالنسبة للتفضيل نحو عمل معين حتى وان كان دخله أقل لأنه يجد فيه متعة نفسية نتيجة حبه له. يأخذ علماء النفس
الصفحة 93
والمختصين في مجال التوجيه المهني نظر الاعتبار ميول الفرد المهنية قبل القيام بعمليات التوجيه المهني او التأهيل المهني او الاختيار المهني.
التفوق العقلي
تعني كلمة التفوق تلك القدرة العادية او الاستعداد العقلي العالي لدى الفرد وهذه القدرة أو ذلك الاستعداد إما أن يكون موروثا او مكتسبا عقليا كان ام بدنيا. ويعرف التفوق العقلي حسب ما يلي، اما مع محك الذكاء أو مع محك التحصيل الدراسي، فاذا كان مع محك الذكاء فإنه يعرف "هولنجورث التفوق العقلي بأن الطفل المتفوق عقليا هو الذي يتراوح معمل ذكائه بين( 130-(140- باستخدام مقياس ستانفورد بينيه للذكاء مؤيدة بذلك وجهة نظر تيرمان.
اما تعريف التفوق العقلي في ضوء محك التحصيل فيعرف بأنه فيعرف باسو التفوق العقلي بأنه القدرة على الامتياز في التحصيل.
اما كلباترك فيعرف التفوق العقلي بأنهم الاشخاص الذين يكون اداؤهم ممتازا وباستمرار في مجالات الحياة.
وظهرت تعريفات متعددة للتفوق العقلي في ضوء محكات متعددة ومن هذه التعريفات تعريف ديهان الذي يرى بأن التفوق العقلي يتضمن المحكات التالية:
القدرة العقلية العامة
- القدرة على التفكير الابتكاري
- القدرة على التفكير العلمي
- القيادة الجماعية
- المهارة الميكانيكية
الصفحة 94
- الاستعداد الخاص في الفنون الممتازة
- القدرة على ادراك العلاقات
- القدرة اللفظية الرياضية
التخيل المكاني
اما تعريف )رينزلي( للتفوق العقلي بأنه حصيلة تفاعل مجموعة من السمات وهي:
قدرات عامة تفوق المستوى المتوسط
مستوى عال من الدافعية
مستوى عال من الابتكارية
وهكذا نستنتج ان محكات تعريف التفوق تتنوع باستخدام أكثر من محك وهي ظاهرة صحيحة، لان التفوق ظاهرة متعددة الجوانب عند الانسان.
الابتكار
يعرف جيلفورد الابتكار بأنه عملية عقلية معرفية أو نمط من التفكير التباعدي يتصف بالطلاقة والمرونة والاصالة والحساسية للمشكلات وينتج عنه ناتج ابتكاري
تحظى بتقدير الجماعة.
الصفحة95
ويعرف تورانس الابتكار: عملية إدراك المشكلات والفجوات أو الثغرات او التناقضات أو عدم الاتساق في المعرفة المرتبطة بمجال ما من المجالات التي
ويعرف سبيرمان الابتكار: بانه عملية تفكير تحدث عندما يتمكن العقل من إدراك العلاقة بين شيئين بطريقة يتولد عنها ظهور شيء ثالث.
القدرة اللغوية:
من المؤكد ان اللغة بالنسبة للإنسان تعد المميز الاساس في ما يختص به عن الكائنات الحية الاخرى وهي بحد ذاتها وظيفة عقلية تتمثل في الثروة اللغوية والفهم الدقيق للكلمات والمعاني والمفردات وتفيد لورا بيرك بقولها انه على الرغم من ان التطور اللغوي يكاد ان يتكامل في نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة إلا ان المراهقين يطورون القدرة على التفكير التأملي والتجريد حيث يضيف المراهق الى قاموسه اللغوي مفردات مجردة متعددة ومتنوعة.
واظهرت الدراسات المتعلقة بالفروق الفردية في اكتساب اللغة ان الاناث يتفوقن على الذكور في هذه القدرة وينتج عن ذلك أن الاناث يتعلمن النطق السليم بسرعة أكبر من الذكور كما ان محصولهن اللغوي يكون أكثر، كما وجدت الدراسات المتخصصة بتشوهات النطق واضطراباته ان الذكور أكثر من الاناث فربما تصل نسبة هذه الاضطرابات عند الذكور 4-8 أضعاف ما هي عليه عند الاناث.
يكتسب كل البشر العاديين اللغة ويبدو ان هناك شيئا في كونهم بشرا يجعل تعلم اللغة ممكنا حتى عند الاطفال الصم أو ممن يعانون من مشكلات في السمع، هذا الانجاز المتميز يتفاوت به البشر في سرعة الاستيعاب أو كمية الكلمات المستوعبة أو نوعية استخراج الكلمات واستخدامها بعد خزنها وتساؤلنا يدور حول تفسير اكتساب اللغة؟
الصفحة96
أكد نعوم شومسكي عالم اللغة الرائد دور العوامل الوراثية (الجينات) في تزويد الكفاءات الاساسية فهو يرى شومسكي" ان المادة المسموعة غالبا ما يمثل بدايات مضللة وجزئيات واخطاء وترددات ومع ذلك فيكتسب الاطفال القواعد التي تخبرهم بما هي الجملة المكونة جيدا وكيف يمكن أن تستخدم وتعمم ويضيف " شومسكي" تؤكد الملاحظات التالية ان الناس لديهم استعداد داخلي لتنمية اللغة في:
(1تشابه تسلسل مراحل اكتساب اللغة في جميع بلاد العالم
(2حساسية الرضيع المبكرة للغة
(3ظهور القدرات المرتبطة باللغة عند الاطفال الرضع الخرس
(4تخصص الكلام الانساني والجهاز التنفسي والمخ
ويرى بعض العلماء أن اكتساب اللغة وتعلمها جيدا يتضمن اسلوب حل المشكلات، بمعنى ادق يتعلم الفرد طرائق متنوعة من حل المشكلات بإجادته اللغة
لذلك تكمن الفروق الفردية فيما يلي:
- سرعة اكتساب اللغة
- كمية اللغة المتعلمة
- ادراك المعاني المباشرة وغير المباشرة) حيث تظهر قدرة عالية مستقبلا في فقه اللغة)
- انتظام تكوين المفاهيم من الكلمات المجردة
-تعلم أكثر من لغة
الصفحة 97
تقول ليندا دافيدوف تؤثر انواع معينة من التفاعلات الاسرية في اكتساب اللغة ايضا فمن المحتمل ان تنمو الكفاءات أكثر عندما تستخدم الاسر اللغة لمدى واسع من الاستخدامات فاللغة التي توسع تفكير الطفل عرضة أكثر لتشجيع استخدام اللغة الناضجة وتظهر بعد ذلك الفروق الفردية بين الافراد في الاستخدام الامثل للغة.
القدرة الرياضية ) الحسابية - العددية: (
يقول "سيد خير الله القدرة الرياضية هي صفة معرفية كامنة وراء مجموعة اساليب النشاط المعرفي الذي يهدف الى التفكير في العلاقات الحسابية والمعادلات الجبرية والعلاقات المكانية.
وتعد القدرة الرياضية الحسابية قدرة مركبة، بمعنى آخر تنقسم الى قدرتين فرعيتين هما الحساب والجبر والاخرى الهندسة بأنواعها المستوية والفراغية وما يرتبط بها ولو تناولنا القدرة الأولى وهي الحساب والجبر فنجد انها تتميز بالدقة وتتطلب الاتقان والسرعة وتعتمد كثيرا على الذاكرة وترابط المجردات مع الاتزان الانفعالي فضلا عن ان التفكير الرياضي يعتمد كثيرا على حل المسائل التي تعتمد على القدرة المنطقية والفهم الصحيح للمسائل. وتضم القدرة الرياضية ناحيتين اساسيتين هما ناحية الشكل وناحية الموضوع.
وتصف موسوعة علم النفس القدرة العددية هي مدى قدرة الفرد على التعامل بالأرقام والاعداد من حيث الدقة والسرعة والكفاءة ولهذا فهي تشمل على قدرة الفرد على القيام بالعمليات الحسابية البسيطة والمعقدة من جمع وطرح وضرب وقسمة كما تشتمل على قدرته على اكتشاف العلاقات بين الارقام بعضها وبعض.
الصفحة98
تتميز القدرة الرياضية بثلاث عوامل هي:
) انظر الخطاطة الموجودة في الصفحة 99 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه(
اما من ناحية الشكل فيمكن تمييز اربعة عوامل وهي:
) انظر الخطاطة الموجودة في الصفحة 99 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه(
الصفحة 99
تشتد الفروق بين الجنسين في القدرة الرياضية خصوصا بين الذكور والاناث، حيث دلت الابحاث الى ان الذكور يتفوقون على الاناث في القدرة على الملاحظة المكانية ومقارنة الاشكال في بعدين وكذلك القدرة على التصور على المجسمات وكذلك القدرة التحليلية.
القدرة الميكانيكية
وهي امكان ومعرفة كيفية فك الآلة الى اجزائها ثم تركيب هذه الاجزاء لتكوين الآلة من جديد فضلا عن فهم عملية عملها وترابط الاجزاء الوظيفية بين اجزائها ليس ميكانيكيا فحسب بل من حيث آلية عملها وتشابكاتها مع المعرفة في اكتشاف مكان العطل بها مع امكانية إصلاحه بدقة وسرعة.
والقدرة الميكانيكية هي عبارة عن مجموع الصفات التي تسهم في النجاح بالأعمال الميكانيكية ووجدت الدراسات المتخصصة بأن الذكور يتفوقون بشكل عام على الاناث في هذه القدرة.
تتطلب هذه القدرة بعض المهارات الخاصة منها التوافق الحركي، الاتزان الحركي، التصور البصري، العلاقات المكانية وسرعة التكيف مع الجو الآلي والمكائن وظروف العمل الصناعي الذي يختلف تماما عن العمل المكتبي أو اللفظي او الكتابي.
ان القدرة الميكانيكية تقاس من خلال ما يلي:
الصفحة100
) انظر الخطاطة الموجودة في الصفحة 101 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه(
ويقول علماء النفس ان ظهور القدرة الميكانيكية يتأخر حتى سن 13 عاما معنى ذلك من الصعب قياسها والتنبؤ بها إلا في سن متأخرة بالقياس الى القدرة اللغوية او الرياضية.
القدرة الفنية:
يرى علماء النفس أن القدرة الفنية هي قدرة مركبة من عدة قدرات ثانوية بسيطة تتجمع فيها اساليب النشاط الذي يتعلق بالقدرة على إدراك الموضوعات من اشكال والوان واصوات وحوادث وانفعالات في علاقات معينة تهدف الى توحيد الاجزاء المختلفة وتجميعها في كل او في إطار واحد يحكم عليه المختصون أو من يهتم بهذا الفن بأنه ذو قيمة جمالية عالية. وترتبط أهمية دراسة القدرة هذه القدرة خصوصا في انها ذات علاقة بمختلف الوسائل التي تكون على مباشرة ومساس
الصفحة101
بالإعلان والصحف والمجلات وما يتعلق بالديكور والسينما والتلفزيون والفضائيات ودخل حديثا عالم الاتصالات بالأنترنيت وتأسيس المواقع والصفحات الشخصية مما يعطي لمسات فنية مباشرة على أي عمل ينتج في هذا المضمار.
يعتقد علماء النفس المهتمين بهذا الجانب ان تحليل القدرات الفنية يدخل ضمن الفروق الفردية بشكل دقيق تماما حيث تتفاوت قدرات الافراد في مجال الابداع الفني وانتاجه المميز.
القدرة الموسيقية
تتميز القدرة الموسيقية بميزات معينة تظهر فيها الفروق الفردية بين الافراد واضحة لما يمتلكه اصحابها من قدرات ربما لا توجد عند الاخرين حيث يفتقد الناس العاديين هذه القدرة لا من حيث وجودها فحسب وانما من حيث وجود ثلاثة انواع من القدرات وهي:
)انظر الخطاطة الموجودة في الصفحة 102 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه(
الصفحة 102
ان التباين في القدرات الموسيقية بين الافراد تتراوح من الابداع والتلحين وتكوين قطع موسيقية صعبة تبقى خالدة مثل السمفونيات التسعة للموسيقار الشهير بيتهوفن أو الحان خالدة عبر قرون وعقود من الزمن منها حلاق اشبيلية والدانوب الازرق وغيرها من الموسيقى الخالدة، وهناك الموسيقى التي سرعان ما تنطلق لفترة قصيرة وتختفي وتعبر عن زمنها فقط لذلك فإن الفروق واضحة من قوة العمل الموسيقي ولكن عموما اظهرت الدراسات المتخصصة في ميدان سيكولوجية الموسيقى ان هناك ستة اختبارات فرعية تهدف الى قياس العوامل الآتية:
(1تمييز النغمات من حيث درجة الذبذبة الصوتية.
(2تمييز شدة الصوت من حيث الارتفاع والانخفاض.
(3تمييز الانسجام بين نغمتين مختلفتين.
(4تمييز المسافات الزمنية بالنغمات.
(5التوقيت او الايقاع
(6تذكر النغمات المتشابهة.
ووجدت د. آمال صادق الى ان القدرات الموسيقية يمكن تصنيفها من حيث الشكل الى عدد من القدرات الطائفية تبعا لطبيعة الاختبارات المتشعبة بها فمثلا لم نجد عاملا للتمييز الصوتي او التذكر الموسيقي وانما وجدت عوامل تتعلق بالعمليات . اي عوامل الإحساس السمعي وعامل الادراك الموسيقي وعامل التذوق الموسيقي.
الصفحة103
القدرة الرياضية
تعد القدرة الرياضية وظيفة بدنية وعقلية يتمتع بها بعض الناس وليس كل الناس فالبعض يمتلك قدرات تختلف عن الآخرين في القدرة على التحمل والمطاولة او الركض السريع أو القفز العالي او العريض او السباحة او رفع الاثقال او الملاكمة وهي ما تسمى بألعاب القوى أو الالعاب الفردية فضلا عن الالعاب الجماعية مثل كرة القدم أو السلة او الطائرة. يتميز اصحاب الرياضات المختلفة بقدرات متنوعة قد لا يمتلكها اشخاص آخرين بنفس الاعمار او بنفس المستوى التعليمي او بنفس البيئة الاسرية او الاجتماعية فكما يختلف الناس في ميولهم واستعداداتهم ومدى تقبلهم للدراسة العلمية او الادبية او الفنية أو الموسيقية أو المهنية او الميكانيكية ، يختلف ايضا في قدراتهم الرياضية البدنية، فمن يمتلك قدرة رياضية في لعبة ما أو قدرة ما في هذه المجالات فبالإمكان ان يبدع بها حينما يجد التدريب والمران اللازمان لتقوية هذه القدرة ولكن لا يستطيع من لا يمتلك هذه القدرة ان يكون متميزا بأية رياضة فالرغبة وحدها لا تكفي من أن تجعل الفرد متمكنا في رياضة او مهارة ما. فالميول والاستعدادات تعد عوامل مساعدة للنجاح في تحقيق النتائج القياسية والبروز في هذه المهارة او تلك واثبتت الدراسات الميدانية ان التدريب يصقل القدرات وينجح في تنمية المهارات وان النتائج التي يحققها الرياضي الذي يمتلك القدرات المصاحبة للمران يصل الى درجات عالية من التفوق وحصد الاوسمة، ولا ننسى الفروق الفردية بين الرياضيين في اللعبة الواحدة وفي الفرد نفسه في أدائه ، فحتى الاداء يختلف لدى الفرد الواحد ، فكثيرا ما نسمع بعض المهاجمين في لعبة كرة القدم ان المهاجم فلان انتقد ادائه في هذه المباراة او بعض الاحيان نسمع
الصفحة104
المدربين يقولون إن لكل مباراة ظروفها، والمقصود هنا بالظروف هي الفروق الفردية المستوى اداء الافراد. وينعكس ذلك بشكل مباشر على الحالة النفسية والانفعالية لكل الافراد في كل مباراة تبرز الفروق الفردية بشكل واضح في اداءات الرياضيين من مباراة لأخرى.
الصفحة105
الفصل السادس: الفروق الفردية في النفس الإنسانية
تعد النفس الانسانية مكمن كل الفروق الفردية في تطرفها واعتدالها ، في مرضها وسويتها وحين ندرسها ضمن علوم النفس بكل تياراتها وفروعها فإننا ندرس قلب الانسان وضميره من تناقضاته حتى وان كان اختباءه بين ثنايا هذا الجزء من النفس أو ذلك الجزء المخفي ولكن يمكن أن تكون الفروق الفردية معيارا لاسيما ان صلتها بالقياس وطيدة في الكشف عن النفس على اقل تقدير من ناحية السيكوميتري سيان الامر حينما يفضح المخفي بلا مقاييس سيكومترية وانما من خلال كشوفات التحليل النفسي بكل دقائقه في كشف الفروق داخل الفرد نفسه وبين الافراد من الجنسين في المواقف المختلفة في موضوع واحد حتى ليبدو التناقض واضحا في السلوك، انها جدلية الوجود الانساني في ما تخفي بواعث النفس ودوافعها وما تحاول ان تحوره بسلوك ليس متناقضا تماما ولكن يخفي وراءه اكثر من قصد ، هذا التحوير في فعل النفس يكاد ان يكون سمة لدى البشر في تعاملهم او تفكيرهم وهو بسبب عمليات التكثيف والازاحة الرمزية التي تكشف عن اثارها في حياتنا اليومية في فلتات اللسان وزلاته وفلتات القلم وهوامشه وتضليلاته غير المفهومة أو حتى في النكتة التي ينقلها فلان من الناس أو فلانة من النساء، انها الفروق الفردية في النفس الانسانية ولكن من الصعب علينا ان نخضعها للقياس السيكوميتري فهو يعجز أن يضعها ضمن ادواته المحدودة في القياس ولكن تبدو واضحة لنا في عقولنا وفي سلوكنا وحتى وان اخفيناها ، اظهرتها حركاتنا وهمساتنا وان اضعف الايمان تظهرها احلامنا ولدى بعضنا تظهرها كوابيسهم
الصفحة109
التي ضاقت بها صدورهم بعد أن ضاقت بها أنفسهم وفلتت من قيود الرقابة في النفس ولسنا مغالبين إذا قلنا أن همهماتنا مع النفس سوف تأخذ طريقها للظهور بدون ان ندري أو في غفلة من الرقيب الذي وضعه فرويد رغم قساوة انانا "الانا" الصارم.
ان الفروق الفردية في النفس الانسانية ضرب من لغة النفس الداخلية لا يدركها الانسان الا بعد أن يجد الفروق بينه وبين الآخر ويكتشفها ذاتيا بدون اداة للقياس ويظل يخفيها ولا يعترف بها لأنه يعتقد انها منقضة في شخصيته ولكنه يدعو الى غيرها مثل التفوق والابداع والابتكار والتميز في الرياضيات او اللغة او الفن في داخله ان حاز على واحدة من تلك في نفسه وتكوينه والامر سيان بينهما للعارف بالنفس فكلاهما على وفق منطق القياس السيكوميتري هو الابتعاد عن المتوسط العام لجميع الناس وهو انحراف زاد او نقص.
علينا الان ان نبحث في سيكولوجية الفروق الفردية في النفس الانسانية وهو بحد ذاته مبحث مختلف عن المباحث السابقة للكتاب لا من حيث منجيته ولا من حيث أسلوب قياس الظاهرة او معرفتها وانما من حيث رصدها لأنها تعد انفعالات حبيسة ربما تهدد اتزان الانسان وبالتالي فإن اي موهبة ما هي الا ضرب من التصعيد ، واي فروق ما هي إلا تباين في داخل النفس وتحتاج الى افراغ أي إفراغ الانفعالات التي قد تؤدي الى الاختلال المرضي بطريقة تحفظ لصاحبها اتزانه هنا يكون للفروق الفردية سبق المعرفة في ادراكها حتى وان كانت في ثنايا النفس واستعصى على القياس التقليدي اكتشافها.
سنتناول في هذا الفصل الفروق الفردية في نواحي عديدة بالنفس ونحاول جاهدين وضعها في سياقها الطبيعي لكي نستطيع معرفة الفروق بينها.
الصفحة110
الفروق الفردية في السوية
وتعني الخلو من الانحرافات او الاضطرابات او الامراض الواضحة السواء سواء أكانت جسمية أو نفسية أو اجتماعية فضلا عن عدم وجود شذوذ لدى الفرد عما يتصف به عامة أو غالبية الناس او اعضاء المجتمع الذي ينتمي اليه سواء كان ذلك في سماته او خصائصه او حتى في تصرفاته.
ويرى عبد السلام زهران" ان السوية هي القدرة على توافق الفرد مع نفسه ومع بيئته والشعور بالسعادة وتحديد اهداف وفلسفة سليمة للحياة يسعى لتحقيقها. والسلوك السوي هو السلوك العادي اي المألوف والغالب على حياة غالبية الناس. اما الشخص السوي هو الشخص الذي يتطابق سلوكه مع سلوك الشخص العادي في تفكيره ومشاعره ونشاطه ويكون سعيدا ومتوافقا شخصيا وانفعاليا واجتماعيا.
ويعتقد "علي كمال" ان التوصل الى تقدير صحيح للحياة النفسية في السوية لأي فرد يتطلب الاحاطة التامة بسلوك الفرد وشخصيته وبمظاهر حياته الفكرية والعاطفية ومن الواضح أن الكثير من الخصائص الفردية يمكن ملاحظتها من قبل الغير وخاصة السلوك وبعض الانفعالات العاطفية وهي ما يمكن رصده في الواقع ويمكن أن يعد مؤشرا للفروق الفردية بين الافراد ومرصودا بالكامل، اما العمليات العقلية واوجه الحياة العاطفية الدقيقة فهي تقع ضمن التجربة الذاتية للفرد وما يعيشه من خبرات خاصة به ومن المحتمل لا تنعكس في مظاهر شخصيته أو سلوكه بقدر واضح او كما يراها الآخرون.
يضيف د. علي كمال من الواضح أن الناس يتفاوتون في تجاربهم النفسية، ليس في عمق هذه التجارب وتشعب نواحيها واختلاف اسبابها ومصادرها فحسب بل هم يتفاوتون ايضا في مقدرتهم على التحسس بهذه التجارب وفي إدراك
الصفحة111
قيمتها الفعالة في حياتهم النفسية ثم انهم يختلفون في مقدرتهم على التعبير عن هذه الخبرات بشكل يتساوى مع عمقها وطبيعتها.
تقول د. سهير كامل احمد اذا تأملنا في حياة وسلوك الافراد الذين نعرفهم ونتعامل معهم في كل يوم والذين لا تصل اعمالهم وتصرفاتهم الى درجة الاختلال التام والشذوذ والغرابة فيتبين لنا انهم لا يتساوون جميعا من حيث قناعتهم بحياتهم ورضاهم من انفسهم او من حيث قدرتهم على التوفيق بين مختلف أهدافهم واهتماماتهم ونزعاتهم او من حيث نجاحهم في اقامة العلاقات الطيبة والتوافق مع الاشخاص المحيطين بهم ومع مطالب البيئة الاجتماعية والمادية، أو نرى في من نعرفهم أفرادا يغلب الرضا والسعادة على حياتهم، وآخرين يغلب على حياتهم الضيق والتعاسة، انها الفروق الفردية بين الناس في تعاملهم مع مواقف الحياة ومتطلباتها. لذا استنادا لذلك ان السوية ليست فقط مجرد الخلو من المرض لأننا نلاحظ ان مجرد الخلو من المرض لا يحتم قدرة الفرد على مواجهة الازمات العادية ولا يتبعه الشعور الايجابي بالسعادة.
ان مبدأ الفروق الفردية يقوم على اساس التفاوت في القدرات او في طرائق التعامل ازاء مواقف الحياة ويمكن القول أن شخصا هكذا نمطه بعد في نظر الاسوياء شخصا سويا لأنه يتميز بالقدرة على السيطرة على العوامل التي تؤدي الى الاحباط او اليأس بل انه يستطيع ايضا ان يسيطر على عوامل الهزيمة المؤقتة دون اللجوء الى ما يعوض هذا الضعف أو عدم النضج، انه يستطيع ان يصمد امام الصراع العنيف ومشكلات الحياة اليومية ولا يصيبه إلا القليل من الهزيمة والفشل مستعينا ببصرته وقدرته على التحكم الذاتي بينما آخر لا يستطيع ان يصمد وتتدهور حالته وربما يكون من مجموع المرضى النفسيين بسبب تلك الحادثة أو ضعف قدرته على مواجهتها.
الصفحة112
ان السوية في محك الفروق الفردية مسألة نسبية، حيث يتمتع الفرد بدرجة من الدرجات اي انه ليس هناك حد فاصل بين الصحة والمرض وهذا يؤيد ما ذهب اليه صموئيل مغاريوس في تعريفه للصحة النفسية بانها.. مدى أو درجة نجاح الفرد في التوافق الداخلي بين دوافعه ونوازعه المختلفة، وفي التوافق الخارجي في علاقاته ببيئته المحيطة بما فيها من موضوعات واشخاص
وازاء ذلك يمكننا القول ان السوية ليس لها حد نهائي او حدود، فلا يوجد إنسان يخلو من الصراع أو من القلق، ولم يمر بتجربة محبطة او عانى من الفشل وما ترتب على ذلك من مشاعر وانفعالات، كما ان المضطربين أنفسهم يختلفون في درجة الاضطراب ابتداء من المشكلات السلوكية ومرورا بالاضطرابات النفسية العصابية وانتهاءا بالاضطرابات الذهنية العقلية". حتى التوافق الاجتماعي هو أمر نسبي ومختلف من فرد لآخر ومن مجتمع لآخر ومن عصر الآخر اي باختلاف الزمان والمكان.
الفروق الفردية في اللاسوية
اللاسوية هي الانحراف عما هو عادي والشذوذ عما هو سوي. واللاسوية حالة مرضية فيها خطر على النفس وعلى المجتمع تتطلب التدخل لحماية الفرد او المجتمع منه)زهران( ويطرح بيير داكو" فكرة مؤداها ان الانسان السوي إنسان توتره" السيكولوجي قوي ومتناغم ولنفرض أن هذا الانسان وضع حيال ظرف ما أعد له العدة فماذا سيحدث؟ إنه بكل بساطة سيهضم الحدث بسهولة تامة.
مثال: كان لابد لأحدكم أن يدخل غرفة فوجدها دون أن يعلم مسبقا تغص بالناس الذين صوبوا نظراتهم إليه.
الصفحة113
فإذا كان سوياً:
(1يتوقف بما أن الظرف مفاجئ كي يلاحظ الوضع.
(2يقرر بسرعة ويتقدم باحتراس
(3يتصرف بعد بضع دقائق بيسر تام ودون خوف ولا انفعال ولا عدوانية ولا تصلب
(4لا يشعر بالتالي بالتعب ولا بالانفعال ولا يكلفه هذا العمل اي طاقة يصرفها ، بل انه يندمج في الظروف الاخرى التي تكون شخصيته.
أما إذا كان غير سوي، خجولا مثلا أو مصابا بالكبت والتشنج والعدوانية...إلخ فإنه:
(1يتوقف بما ان الظرف مفاجئ وجديد
(2يصيبه "الوجل" والحصار الانفعالي
(3ويبدو الخوف والانفعال.
(4ويبقى وكان على رأسه الطير أو يهرب أو يهاجم.
(5ويشعر بالتعب ويكلفه هذا العمل من الناحية الانفعالية، يضاف الى هذا ان العمل لم ينجز ويحتمل أن يجتر إخفاقه في التكيف وأن يتعزز في شعوره بالدونية وأن تتكون في نفسه مخاوف مرضيه واحقاد .. الخ.
الفروق الفردية بين الانسان السوي والانسان غير السوي:
السوية واللاسوية مفهومان لا يفهم أحدهما إلا بمعرفة الآخر والرجوع اليه، فالفرق هنا فرق في الدرجة وليس في النوع بين السوي واللاسوي او بين الانسان العادي والانسان الشاذ، ويقول "زهران أن الافراد يمكن ترتيبهم على متصل مستمر
الصفحة114
بين السوية واللاسوية وبين العادية والشذوذ ونجد أن السوية واللاسوية مفهومان نسبيان في مراحل العمر المختلفة وفي الازمنة المختلفة وفي الثقافات المختلفة وفي الظروف المختلفة في الفرد نفسه ومع الافراد، وبين افراد المجتمع أنفسهم ومع المجتمعات الأخرى حتى ليبدو سلوكا شاذا في مجتمع ما ولكنه سوي في مجتمع آخر.
يعتقد علماء النفس أن الحياة المعاصرة تتطلب الافا من ضروب التكيف فثمة سائر الظروف الجديدة المختلفة والمتنوعة في التعامل معها مع الاحداث غير المتوقعة والمسؤوليات الكبيرة فضلا عن الصدمات والازمات والاخفاقات المصاحبة لعدة انفعالات متنوعة تواجه الانسان فماذا يفعل ازاءها؟ بالتأكيد سيختلف رد الفعل تجاهها من فرد لآخر، فالشخص السوي يدمج سائر الظروف ويهضمها بشكل متناغم في شخصيته ويتم ذلك دون أي تعثر او شكوى او انزلاق في متاهات المرض بل ان الانسان السوي يستطيع ان يصهر جميع المواقف والاحداث بطرق ناجحة يجاوز من خلالها هذه المواقف ويخرج بأقل ما يمكن من الخبرات المؤلمة.
اما الشخص غير السوي فإنه يتعثر في في استيعاب هذه الظروف والازمات ومواجهتها فتظهر عندئذ تشكيلة واسعة من الاعراض تتدرج من الانزعاج المعنوي البسيط الى بعض الوساوس الأكثر حدة.
الفروق الفردية في التوافق:
ترى موسوعة علم النفس والتحليل النفسي ان التوافق النفسي هو كل سلوك او نشاط يقوم به الانسان خاصة والكائن الحي عامة هو نشاط يهدف منه الى تحقيق التوافق ويعني التوافق ان يحقق الفرد نجاحا في مواقف حياته المختلفة فيستفيد منها او يتحاشى قدر الامكان اضرارها وعندما يفشل السلوك في تحقيق
الصفحة115
التوافق الذي يبتغيه الفرد نصفه بالانحراف او الاضطراب او المرض النفسي فالفرد في مثل هذه الحالات يكون هدفه الاساس تحقيق التوافق إلا انه قد أخطأ السبيل الى ذلك. والتوافق النفسي يتضمن اشباع حاجات الفرد ودوافعه بصورة لا تتعارض مع معايير المجتمع وقيمه، ولا تورط الفرد في محظورات تعود عليه بالعقاب ولا تضر بالآخرين أو المجتمع. فالفرد المتوافق توافقا حسنا هو الذي ينجح في تحقيق التوازن بين كل هذه الامور، فيظفر بالنجاح.
ويرى " أحمد فائق" إن التوافق هو حالة وقتية تتزن فيها قوى المجال بما فيه الشخص ذاته فكل مجال انساني يتضمن عديدا من القوى المتنافرة المتنازعة ويتضمن الانسان الذي سنحو بسلوكه انتحاء خاصا حسب نظام هذه القوى حيث ينعكس عليه تأثير هذه الانتحاء.
والفروق الفردية في التوافق تبدو في مواقف متعددة فنجد ان الاشخاص لا يبدون في كثير من الاحيان اختلافات كثيرة في تصرفاتهم مهما تغير مجالهم الانساني ويبدو ذلك أمرا يتوقف في جانب منه على مدى نضجهم ، فالطفل أكثر قابلية للتأثر بمجاله من البالغ كما ان البالغ ربما يظهر تأثرا بالمجال في احيان وعدم قابلية للتأثر به في أحيان أخرى، ذلك فضلا عن أن هناك من يمكنهم التأثير في مجالهم بشكل فعال وحسب نوع المجالات، وهي الفروق الفردية ذاتها، وتختلف المواقف المؤقتة من حيث تأثيرها على الاشخاص وحسب قابلية كل شخص لذا ارتباط حالة التوافق لدى الفرد نفسه تحكمها صراعات داخلية تميزها الحالة المزاجية وقوة الدافعية داخل الفرد ويقول علماء النفس أن التوافق هو نتاج قوى متصارعة بين الفرد وبيئته ، امكانياته والفرص المتاحة له في بيئته ولا يمكن لعالم النفس أن يدرس الانسان ان لم ينظر الى التوافق بكونه لحظة اتزان بين الجانبين.
الصفحة116
اما من ناحية توافق الانسان في مجالات الحياة الاخرى فان للتغييرات التي تحدث في داخل جسده فروق ايضا كما هو الحال للتوافق الذي يحدثه الفرد لكثير من المؤثرات التي تطرأ عليه من البيئة التي يعيش فيها. فالإنسان يعيش في بيئة طبيعية معينة وفي مجتمع خاص له حضارته وعاداته وتقاليده الخاصة ويتفاعل دائما مع البيئة التي يعيش فيها فهو يتأثر بها ويؤثر فيها، هذه التفاعلات والتأثيرات متفاوتة بين الافراد بالشدة والاعتدال او الخفيفة. فكما يعمل الفرد مع ظروف الحياة بتوافقات متنوعة في تقلب وتغير دائمين وازاءها يضطر الانسان الى أن يعدل استجاباته على ضوء الموقف وهنا يتفاوت الافراد في هذه التوافقات ويختلفون وهنا تبرز الفروق الفردية، فقد يضطر البعض الى احداث تغيير في البيئة، بينما البعض لا يستطيع احداث توافق جديد ويبقى ملتزما في نفس البيئة ومثال ذلك اذا وجد الانسان ان مهنته لا تدر عليه ما يكفيه من الرزق فانه ربما يلجأ الى تعلم مهنة اخرى اكثر رواجا وبذلك يستطيع ان يزيد دخله وان يحيى حياة افضل من وضعه السابق، أو يغير دراسته لأنه وجد فيها انها لا تناسبه فيغيرها نحو دراسة اقرب الى نفسه وهذه العملية فيها فروق فردية واضحة لا سيما ان عملية التوافق تعتمد على تغيير الانسان لاستجاباته ولنشاطه ، والمعروف أن بعض الافراد تكون استجاباتهم بطيئة أو منعدمة بينما البعض الآخر تكون استجاباتهم أكثر فعالية لمواقف الحياة المتنوعة. وليس التوافق محصورا في الجوانب المهنية والدراسية فحسب بل في الجوانب الاجتماعية ايضا وهي الأكثر تعقيدا في حياة الانسان وفيها يكون التفاوت كبيرا والفروق الفردية أكبر.
وبما ان التوافق به ابعاد متنوعة بتنوع مجالات الحياة هناك ايضا تنوع في الفروق الفردية في التوافق، فمجالات التوافق هي: التوافق التربوي المهني الاجتماعي الصحي، والنفسي.
الصفحة117
أن التوافق كما هو معلوم عملية تتسم بالمرونة والتوافق المستمر مع الظروف المتغيرة اي ان هناك ادراك لطبيعة العلاقة الدينامية بين الفرد والبيئة وتتفاوت هذه العلاقة الدينامية بفروق فردية بين الافراد وهذه الفروق دائمة ومستمرة ومتصلة كما هي عملية التوافق ويقول "لورانس شافر " إن الحياة إنما هي سلسلة من عمليات التوافق التي يعدل الفرد سلوكه في سبيل الاستجابة للموقف المركب الذي ينتج عن حاجاته وقدرته على اشباع هذه الحاجات ولكي يكون الانسان سويا ينبغي ان يكون توافقه مرنا وينبغي ان تكون لديه القدرة على استجابات منوعة تلائم المواقف وتنجح في تحقيق دوافعه.
وينوه سميث" عن الفروق في التوافق بقوله التوافق السوي اعتدال في الاشباع اشباع عام للشخص عامة لا اشباع لدافع واحد شديد على حساب دوافع اخرى والشخص المتوافق توافقا ضعيفا هو الشخص غير الواقعي وغير المشبع بل والشخص المحبط. وتظهر الفروق الفردية كبيرة وواضحة ومتباينة في التوافقات بأنواعها.
الخجل:
يعرف "بيير داكو" الخجل بانه استعداد وجداني وانفعالي يتمثل في العلاقات بين الخجول والآخرين. وهو اضطراب وظيفي يتجلى بفعل ضرب من عدم التكيف المؤقت أو الدائم.
والخجل هو اضطراب مؤقت يتصل بالوظيفة النفسية الانفعالية لفترة قصيرة في حضرة الآخرين مصحوبة بمشاعر مضطربة مع حالة من الحصر.
يمر الخجول بلحظات مرعبة قبل واثناء اللقاء مع الآخرين تصل الى حد التعرق او احتباس نبرات الصوت او التلعثم او حتى الارتعاش في الحالات القوية من الخجل ونلاحظ ذلك كثيرا في مواقف الحياة حينما يكلف شخصا ما ان يعبر عن رأيه
الصفحة118
فجأة او يتهيأ للقاء مباشر على الهواء في الفضائيات او عند لقاء شاب قليل الخبرة بفتاة لأول مرة او فتاة بشاب لأول مرة تتساقط الكلمات وتغيب وتتشنج عضلات الحبال الصوتية وتبدو أطراف الاصابع من كثرة الفرك والارتعاشات الملعونة المصحوبة بانفعالات منفلتة اشبه بسيل من الشلل العارم في جميع اجزاء الجسم حتى الساقين تكاد تفقد وظيفتهما في حمل الجسد الذي أصبح واهنا
يعتقد البعض ممن مر بخبرة الخجل الشديد قوله انها نفحة لا تقاوم، ثمة رعب كالبرق اصابه، هذه المشاعر يكمن وراءها الخوف واي خوف انه الخوف من أن يكون مهزلة شنيعة تستولي عليه، يعتقد انه لم يعد سوى آلة تنبض بضربات القلب المسموعة، ويصف أحدهم عبارة مساء الخير اشبه بفرقعة تشبه فرقعة السوط مصاحبة بعض الشيء التوتر.
يقول علماء النفس بخصوص الفروق الفردية في مستويات الخجل ومدياته فإن ذلك يعتمد على الاتفاق الذي يكون في منحنى التمييز بين مستويات الخجولين جميعا في انهم محشوين بالعناصر الشديدة التعقيد، وان ثمة ضروبا من الخجل بقدر ما يوجد بين الخجولين ويقول" داكو" لذا يجب أن نميز بصورة عامة عدة نماذج من الخجولين الخجولين بالمعنى الصحيح للكلمة، والخجولين العرضيين، والخجولين المشهورين والخجولين الذين يلغي الخجل شخصيتهم وافعالهم الشخصية إلغاءاً تاماً. فضلا عن الظروف التي تثير الخجل. والتساؤل هو: هل الجنس الآخر او السلطة هما اللذان يسببان بصورة خاصة خجل الشخص؟ وإذا كانت السلطة فبأي صورة؟ الاجتماعية بحضور الآخرين وفي حضرتهم، ام الفنية؟ اي المطلوب من الشخص ان يتقمص الدور المطلوب بدقة في بعض مواقف الحياة.
الصفحة119
والتساؤل الاهم هل يعاني الشخص ازمات دورية من الخجل؟
ام ان الخجل سمة دائمة لدى البعض؟
ام انها حالة موقفية مؤقتة؟
بعد أن فحص العديد من علماء النفس الخجل فحصا سيكولوجيا وجدوا انه استعداد وجداني وانفعالي يتمثل في العلاقات بين الخجول والآخرين. وهو اضطراب وظيفي في عدم القدرة على التكيف المؤقت. ومن مظاهره
الفسيولوجية:
- اضطراب في الافرازات اي تعرق شديد في الاطراف وجفاف الريق
توسع الأوردة السطحية التي تسبب احمرار الوجه
انقباض الأوردة السطحية التي تسبب اصفرار الوجه
- اضطرابات كبيرة احيانا في الكلام والتنفس مع تشنج في الصدر والحبال الصوتية حتى تبدو وكأنها متصلبة ينشأ عنها كلام متقطع و"نفس" متهدج ولجلجة مع تنفس غير منتظم وتغير في نبرة الصوت او صوت غير مسموع احيانا او غير مفهوم.
تصلب العضلات مع اختلال في الحركات الارادية وتردد وتعثر وفقدان التوازن
- ارتعاش الاصابع
انقباض في المنطقة الواقعة امام القلب مع احساس بالإغماء
إنهاك وعرق ووهن متواصل
الصفحة120
النفسية
ثمة شيء واحد يؤثر على الخجول في الموقف الضاغط وهو الظرف الذي يثير الخجل، فهو لا يعرف شيئا مما هو خارج عنه. ولا يرى شيئا ولا يلاحظ شيئا
- يشعر الخجول بأنه مشلول بصورة واضحة
- الخجول ينظر الى الطرف الآخر الذي يثير الخجل بحدة بصر لا حدود لها
- كل شئ يستقر في دماغ الخجول قبل واثناء الموقف في ادق تفاصيله واصغر الالفاظ ثم يأتي بعد ذلك الاجترار النفسي الذي يدور ولا يقف
- ضيق داخلي شديد مصحوب بالاختناق مع رعب دفين
- تعطل العقل والذكاء من انطلاقهما بيسر حتى يكاد ان يلفهما الضباب الكثيف الذي يشل الحركة
- شلل داخلي يستقر في النفس
ان الفروق الفردية في الفرد نفسه تظهر لنا مستويات الخجل لدى الفرد في حالاتها البسيطة وكذلك تظهر الفروق الفردية بين الافراد في شدة مستويات الخجل او اعتدالها وترتبط الانفعالات مع الخجل بشكل كبير لا سيما أن الانفعالات تعبر عن الظروف لكل حالة، والانفعالات استجابات اولية تثيرها التغيرات المفاجئة والمباشرة وترتبط بهذه الاستجابات استجابات سيكولوجية وفسيولوجية وعصبية وعضلية وتعبيرية.
ويقول علماء النفس غالبا ما يعد الخجل وفرط الانفعالية متماثلين، فهل هذا صحيح؟
الصفحة121
نحن نعلم تماما ان من يتصف بفرط الانفعالية هو عبد لاستجاباته الانفعالية وهو في نفس الوقت، اندفاعي في اغلب الاحيان والمواقف.
كذلك الخجول فإنه في اثناء أزمة الخجل يصبح هو ايضا عبداً لهذه الاستجابات نفسها. وغالبا ما يعرض الخجل بوصفه ظاهرة من ظواهر الانفعالية فكل انفعالي بحسب هذا خجول. ولكننا إذا نظرنا الى الانفعالية فإننا لا يمكن ان نريط الخجل بها. فكثير من الانفعاليين ليسوا خجولين قطعا، وكثير من الخجولين لا يتصفون بفرط الانفعالية. ولكن نستنتج ان اساس الخجل هو شعور بالدونية متموضع او غير متموضع فالخجل إذن ضرب من ضروب الكف، والكف يحبس الطاقة، واساس الكف الكبت، ويبقى العامل الاهم هو التربية التي توجه الاستجابات.
الغضب
هو انفعال سيء غير مريح يصاحب الرغبة في الاعتداء والتدمير وإنزال الضرر بالآخرين او بالذات احيانا ويصاحب الغضب تغيرات فسيولوجية تستهدف تهيئة الجسم بالقوة والطاقة اللازمة للاعتداء واشباع دافع الغضب كارتفاع السكر في الدم واندفاع الدم الى العضلات وزيادة درجة التجلط في الدم.. الخ كما ان للغضب مظاهر خارجية ايضا تظهر على ملامح الوجه وتغير لونه واهتزاز بعض أطراف الجسم وضعف السيطرة عليها)فرج طه (1993
ويعرف الغضب ايضا بأنه حالة انفعالية تصيب الفرد بصورة حادة او مفاجئة وتؤثر في سلوكه وخبرته الشعورية ووظائفه الفسيولوجية الداخلية وينشأ في الاصل عن مصدر نفسي ) عبد اللطيف خليفه (1991
الصفحة122
ويختلف الغضب عن العدوان او السلوك العدواني في ان الغضب ناجم عن الانفعالات او المشاعر العدوانية بينما العدوان أو السلوك العدواني سلوك صريح.
ويختلف بطبيعة الحال الغضب عن غيره من السلوك الآخر في ان الغضب هو تعبير الشخص الغاضب عن غضبه في اوجه مختلفة وبأساليب عديدة بعضها له صفة الحياد، أي لا يؤذي احد ويتمثل في الانسحاب من الموقف الذي اثار الغضب والبعض الاخر ربما يسلك سلوكا مختلفا، كان يكون الغضب فعلا دافعا نحو انجاز شيء مفيد وربما يصلح في النفس مثل التحدي الذي يؤدي بالشخص الغاضب أن يقرر التحدي بالدراسة بشدة او المرأة التي يزداد اهتمامها بنظافة منزلها أو فريق كرة القدم أو السلة الذي يكون الغضب دافعا قويا لإنجاز الفوز أو لدى بعض المحتجين الذين يلجاون للاحتجاج السلمي بدل من اللجوء الى العنف، أو ربما يسلك البعض سلوكا عكسيا مما تقدم مثل اللجوء للعنف ولإساليب القوة او اشعال الفتنة بين الافراد الغاضبين. هذه الافعال تصدر من النفس البشرية ويحكمها الظرف مع الفروق الفردية بين الناس في طريقة واساليب التعامل التي تحددها شخصية الافراد ضمن دائرة الغضب ومواقفه.
قد يكون الغضب مرتدا نحو الذات فيؤذي صاحبه كما هو الحال في المواقف المؤدية الى ان يكبت الفرد مشاعره الغاضبة فيتحول الغضب داخليا الى مشاعر للاكتئاب والذنب والخجل والقلق أو البلادة
يبدو ان هناك فروقا كبيرة في مستويات الغضب بين الافراد وبين الجنسين ايضا وفي مختلف المجتمعات وربما يكون سمة عامة في عصرنا الحالي لوجود المثيرات المتنوعة وتنوع الشخصيات مع ازدياد المتطلبات الرئيسة التي يصعب تحقيقها للإنسان في عصرنا الحالي مما يؤدي الى ازدياد الغضب وتناميه لا بين الناضجين فحسب بل بين المراهقين والاطفال ايضا وان اختلفت الآساب والغايات. ويقول
الصفحة123
"اراجيل" يمكن تفسير تلك الفروق الفردية جزئيا في ضوء عوامل التنشئة الاجتماعية وخبرات الطفولة، ويتوقع علماء النفس ممن يميلون الى الربط بين الاحباط وازدياد الغضب الفردي أو الجمعي والعدوان
التوتر
شعورا بالشدة والضغط يؤدي الى اختلال التوازن لتهيئة الفرد لتغيير سلوكه المواجهة عامل مهدد في الموقف، ويقترن عادة التوتر بعوامل انفعالية في الشخصية ويمكن ان يعد التوتر حالة شعورية إذا كانت المشاعر المرتبطة به من قلق وعدم رضا متجهة نحو جانب معين من الموقف ونحو تحقيق أهداف في هذا الموقف يعرفها فإذا لم يدرك الفرد نتائج توتره فيكون التوتر مرتبطا بدوافع لاشعورية ويعد" كورت ليفين" صاحب الفضل في توضيح اهمية مفهوم التوتر في البحوث الحديثة عن سيكولوجية الدوافع.
اما تأثير التوتر فيراه علماء النفس بداية فقدان الفرد لتوازنه النفسي والفسيولوجي الذي يؤدي به إما الى إعادة التوازن أو فقدان هذا التوازن. ولهذا فهو البؤرة التي تؤدي الى الاضطرابات النفسية والعقلية والسيكوسوماتية "النفسجسمية".
التوتر يؤدي الى خلل في التكامل الفسيولوجي العصبي والغدي وفي التكامل النفسي والاجتماعي. وبالتالي تظهر آثاره إذا لم يستطيع الفرد حل الموقف حلا مناسبا في اضطراب مميز في جانب او بعد من ابعاد شخصية الفرد والتوتر يفقد الكثير من طاقة الفرد وقدرته على التركيز، فإذا كان طالبا فإن التوتر يحدث لديه نسيان للمعلومات وتداخل وتشوه ادراكي وربما يقود الى ازمة تطول الذاكرة مما تؤدي الى ارتباك المعلومات وتداخلها.
الصفحة124
والتوتر عادة يزداد لدى الطلبة في فترات الامتحانات وخصوصا الصعبة او في حالة عدم تهيؤ الطالب للامتحانات او عدم التوقع لامتحان مفاجئ ولكن مواقف الحياة كثيرة تسبب التوتر مثل فترات حدوث الكوارث او حوادث طرق السير او اثناء الاصطدامات الشديدة للقطارات او مواقف اخرى، فيعاني البعض خللا واضطرابا متفاوتا وعادة يكون هذا الاضطراب موقفيا، ويتفاوت الناس في قدرتهم لامتصاص هذا المؤثر وكل حسب قدرته وشخصيته وهنا تبرز الفروق الفردية واضحة في امتصاص الموقف الصادم أو تحييده. فالبعض يكون رد فعله شديد وطويل الأمد، بينما يكون الآخر اقل شدة ومتوازن ينتهي بعد فترة من الوقت ليست بالطويلة جدا ولا تترك اثارا كبيرة، هذه الفروق الفردية تشمل النساء ايضا وبنفس الدرجات وان اختلفت المواقف، فالدراسات النفسية المتخصصة بردود الافعال تجاه الكوارث وجدت فورقا فردية متباينة فالبعض يجد صعوبة في تذكر الاحداث اليومية بسبب الكارثة وظهور دلائل على فقدان ذاكرة جزئي لدى 8% و 3% لدى عينة بلغ عدد افرادها 100 طالب وذلك بعد اسبوع، وبعد اربعة اسابيع من حدوث زلزال سان فرانسيسكو عام 1989.
بينت الدراسات المتعلقة بتأثير التوتر في المواقف الضاغطة مثل حوادث السير او التعرض للسطو المسلح أو مشاهدة مواقف القتل أن بعض الافراد يشتد عندهم التوتر بشكل كبير مما يحدث تشويه وتحريف للموقف الذي تم مشاهدته، بينما البعض الآخر يكون التأثير أقل وهذه هي الفروق الفردية بين الافراد في مستويات التوتر ، ووجد بعض علماء النفس لدى بعض ممن تعرضوا لمواقف شديدة من التوتر ان ينعكس على الثقة بالنفس لديهم وربما يسهل عليهم أن يصدقوا معلومات غير حقيقية تقال لهم عن الاحداث التي شاهدوها أو مروا بها وهذه الشريحة من الناس اكثر استهدافا للحوادث.
الصفحة125
لماذا الفروق الفردية في التوتر:
يرى علماء النفس أن التوتر يحدث بسبب شدة الانفعالات وهي ناتجة عن مجموعة متنوعة من انماط المثيرات الفطرية والمثيرات المتعلمة والمواقف الاجتماعية فانفعال الخوف عند الانسان والحيوان واحد وان اختلف بالشدة عنه لدى الطفل او الانسان البالغ وبالتالي فهو مثير شديد ومفاجئ. وكما يحدث الانفعال التوتر يحدث بنفس الوقت الغضب، والغضب كما يقول علماء النفس نوع آخر من الانفعال الذي يمكن ان تحدثه مواقف معينة على اساس فطري، كما ان مشاعر الغضب كثيرا ما ترتبط مع العدوان او نوبات الغيط ومصحوبة بالتوتر. ويقول "سيجموند فرويد" ان العدوان غريزة تبحث دائما عن مخرج في الميل الى التدمير والحرب والسادية والحياة الاجتماعية، وهي مصحوبة كلها بشيء قوي من التوتر، إذا لم تجد التفريغ فأنها والمخارج غير الضارة مثل التنافس الرياضي او التنافس التجاري او الصراع حول القوة السياسية بين الدولة، فإن السلوك الفردي أو الجمعي يضطرب وينهار الفرد أو الدولة.
ان تفريغ التوتر هي ميل لأحداث الاستقرار والاتزان النفسي وتجنب الآلم وإذا لم يستطيع الفرد ذلك فان النتائج تكون غير مسرة.
الغضب يؤدي الى ← التوتر
التوتر يؤدي الى ← فقدان السيطرة ثم الى العدوان
كما نتعرف على تعبيرات الوجه لدى الطالب المتوتر فنجد طالب آخر يتمتع يراحة تامة واتزان كامل وكلاهما بنفس الموقف قبل لحظات الدخول الى الامتحان او لحل مشكلة امام جمع غفير من زملائهم الطلبة او امام لجنة لفحص الكفاءة في الاداء، ويقول علماء النفس ان تعبيرات الوجه مرتبطة ارتباطا فطريا بالانفعال، والى
الصفحة126
اي حد تكون متعلمة؟ يجيب علماء النفس بذلك قولهم إن الاطفال الذين أصابهم الصمم والعمى يميلون إلى أن تظهر لديهم نفس التعبيرات التي نجدها عند الاطفال الاسوياء في نفس المواقف وفي نفس مستوى العمر تقريبا وهذا يوحي بانها انماط فطرية. ولكن التعلم الاجتماعي له في نفس الوقت بعض التأثير على طريقة التعبير بالوجه عن التوتر والانفعالات )موراي (1988
الصراع والاحباط
الصراع هو تعارض بين دافعين او نزعتين او رغبتين او أكثر بحيث يحبذ كل جزء من الشخصية واحدا منها، وهنا يقع صراع بين أجزاء الشخصية أو مكوناتها أو اجهزتها مما يسبب للشخصية الحيرة والارباك والتردد في انحيازها الى اي منها لترضيه وتتجاهل الآخر. ويتطرق "فرج طه" الى نوع من انواع الصراع وهو الصراع داخل النفس وهذا النوع الذي يدور رحاه بين جوانب النفس الثلاثة وهي الانا والانا الاعلى والهو او هو الصراع الذي ينشأ داخل النفس عندما يحبذ جانب منها أمراً معينا بينما يرفضه جانب آخر الصراع داخل النفس شيء طبيعي وسوي فكل منا يكابد هذا النوع من الصراع بدرجاته ومستوياته المختلفة ، شعورية ، وكأن هذا الصراع من سنة الحياة لكن الفشل في حله هو الذي ربما ينتج عن فشل في حل الصراع داخل النفس البشرية لكن ليس كل صراع ولا كل فشل في حله ينتج بالضرورة مرضا نفسياً )فرج طه ص(430
ويقصد بالإحباط هو وجود عائق يحول دون إشباع حاجة من الحاجات أو حل مشكلة من المشكلات ويؤدي بالفرد الى الشعور بالتوتر والضيق والغضب والقلق وتشتيت الانتباه وربما يؤثر في مستوى اداء الفرد ومن هنا عد الاحباط من اهم
الصفحة127
العوامل المؤثرة سلبيا على توافق الفرد الشخصي وربما تتحول الى حالة مرضية ويرجع علماء النفس العوائق المسببة للإحباط الى:
)انظر الخطاطة الموجودة في الصفحة 128 ضمن النسخة الورقية بدف اعلاه(
وتشمل العوامل البيئية كل ما يتعلق ببيئة الفرد الخارجية المادية مثل القيام بعمل وتعترضه عوائق مختلفة تسبب الاحباط، ومن امثلة ذلك إذا كان الطالب مرتبط بموعد مهم كحضور امتحان واعترضته بعض المنغصات في الشارع وهو متوجه الى قاعة الامتحان لتأديته مثل الازدحام او حدوث عطل في السيارة التي تقله الى قاعة الامتحان او اصلاحات مفاجئة في الطريق او حادث سير اضطرت السلطات الى تغيير اتجاه السير وما الى ذلك من المواقف. وهناك امثلة كثيرة في حياتنا اليومية نواجهها، وتكون الفروق الفردية واضحة حيث يمتعظ البعض من هذه العراقيل ويعدها فأل سوء عليه وتعكر مزاجه ولدى البعض الآخر مسألة طبيعية لا صلة لها بالامتحان حتى وان امتعظ بعض الشيء لفترة دقائق.
وتتدخل العوامل الشخصية الذاتية ايضا في خلق الاحباط وتكوين الصراع لذا يتطلب أن يواجه الفرد المواقف المتضاربة وان يختار بينها ولهذا يطلق على مثل هذه المواقف بالمواقف الصراعية وان ما ينشأ عن وجود الفرد فيها هو الصراع وتكون الفروق الفردية بين الافراد في مواجهة العوامل المسببة متفاوتة حسب نمط شخصية الفرد وما يحمل في داخله من تكوينات تساعده على حل الاشكال.
الصفحة128
وهناك عوامل شخصية في داخل الفرد نفسه تسبب الصراع حتى ولو كانت غير واقعية ومتخيلة او وليدة مشاعر النقص وتسبب مثل هذه المشاعر مشكلات عديدة تمنع من اكتساب مهارات جديدة لأنه ربما يتخيل انه غير مؤهل لذلك فهو قد يمتنع مثلا عن تعلم لعبة رياضية ما لاعتقاده بعدم كفاءته لتعلمها وفي نفس الوقت يتولد لديه شعور تجاه اولئك الذين يجدون متعة في مزاولة مثل هذه الرياضة.
وفي حياتنا اليومية تبدو الفروق الفردية متباينة في الكثير من المواقف ويدخل دور الاحباط فيها بشكل كبير منها أن جهود البعض تحبط المحاولات وقد تفشل في تكوين صداقات بسبب عوامل شخصية أو سلوكية معينة، مثل الشك بالآخرين او وجود قلق أو الشعور بالعزلة أو الشعور بالنقص لديه ونجد هذه التفاوتات في الفروق الفردية واضحة وملموسة بين الافراد في المجتمع الواحد.
الاحباط والفروق الفردية:
يتحدد قوة تأثير الاحباط او اعتداله والنتائج المترتبة عليه على وفق شخصيات الافراد المختلفين وعليه فمن المتوقع حدوث ردود افعال متباينة باختلاف انماط الشخصيات وتنوعها والموقف الذي يحكمها، فالإحباط واحد في التأثير على الناس ولكن استجاباتهم مختلفة تجاهه، فما يزعج احداً من الناس ربما لا يزعج آخر اطلاقا ويكون اقل قوة عند آخر، فلو حاول شخصين حل مسألة فكرية في الرياضيات او الفيزياء صعبة فمن المحتمل أن ينزعج احد الشخصين ويرمي القلم ويصاب بالإحباط نتيجة فشله في حل المسألة بالسرعة المطلوبة في حين ان الآخر ربما يستمر ساعات حتى يتوصل الى الحل دون أن يطرا عليه اي اثر من الانزعاج أو الضيق.
هناك تنوع في شخصية الافراد في قدراتهم على مواجهة المواقف او المشكلات التي تعتريهم بدون اي ضيق او انزعاج وربما تصل عند البعض الى ان يلجأ الى تعميم
الصفحة129
هذا الفشل ويرى في نفسه بانه غير قادر على فعل اي شيء على الاطلاق وقد ينكر على نفسه فرصة تنمية مهارات لازمة للتعامل مع مشكلاته حتى يحلها، بينما نجد شخص آخر على العكس تماما حيث يجد الثقة في نفسه ويمتلك مهارات متنوعة يستدعيها بكل مرونة في حل المشكلات التي تعترضه فضلا عن قدرته على اكتساب مهارات جديدة بسهولة ويسر ويبقى القول المهم إن قدراتنا على مواجهة المشكلات تنبع من قدراتنا على تحمل الاحباط وامكانية التعامل وان اختلف الناس في قدراتهم الذاتية الخاصة.
لما كانت الفروق الفردية تقوم على اساسين مهمين هما العوامل الوراثية " الفطرية" والعوامل البيئية المكتسبة فإن الاختلافات في القدرات او الكفاءات تحكمها العوامل الفطرية أو المكتسبة بين الافراد حيث تؤثر في قدرتهم على حل مشكلاتهم وفي درجة مرونة الاساليب المستخدمة في التعامل مه هذه المشكلات. فالبعض من الناس قد يستخدم طريقة واحدة تعود عليها في مواقف معينة ولكنه ربما يعجز عن تغييرها امام اية احتمالات اخرى فنراه يتمسك بها ويصر على استخدامها في حل كل المشكلات الاخرى وربما يتعاظم تأصل هذه العادة لديه وترسخها لدرجة انه يصاب بالإحباط عند عدم جدواها في ايجاد الحل فيزداد لديه القلق المصاحب للإحباط مع الشعور بعدم كفاءته وعجزه، مثل هذا الشخص والكثير من نمط شخصيته تكون شخصياتهم متصلبة غير قابلة على التعامل مع اساليب اخرى بها من المرونة، بينما هناك اشخاص آخرين لديهم القدرة على التعامل بمرونة مع مواقف ومشكلات الحياة وينبع ذلك من نمط شخصياتهم ونحن نعترف بهذه الحقائق والوقائع النفسية العلمية، فكل فرد مختلف عن الآخر ومجموع اختلافاته تكون شخصيته التي ينفرد بها. ويتوجب علينا ونحن نعمل في مجال التطبيقات النفسية والتربوية والارشادية وحتى الاجتماعية في عملنا يجب علينا
الصفحة130
ان نسمح لكل فرد أن ينمو بسرعته الخاصة وبطريقته المميزة لشخصيته وكيفية إدراك مواقف الحياة والتعامل معها بالخزن او المعالجة بعد ذلك لأنها تنم عن نمط شخصيته، وكذلك الحال في تعاملنا مع الطلبة سواء في اكتساب المعلومات الدراسية والمعارف والعلوم، فكل طالب يأخذ الخبرة الدراسية ما يريد وما تتفق وامكاناته لا أكثر ولا أقل أكثر.
ان الاصرار الذي يبديه بعض المعلمين أو المريين على ان عمل الاطفال او التلاميذ أو الطلبة يجب أن يقاس فقط بمستويات محددة وامتحانات مقننة تضعها المدرسة او الادارة بشكل مركزي محكم وان جميع الطلبة يتعلمون المادة الدراسية بنفس الطريقة وفي نفس الزمن بالاستيعاب يؤدي بالضرورة الى عجز الطالب عن التعبير عن نفسه بحرية ويصاب بالإحباط والقلق والتوتر في كل مرة يواجه فيها خبرة دراسية او تعليمية وبالتالي فإنه يترك مقاعد الدراسة والسبب يعود لعدم تفهم القائمين عليه على قدراته وهو اغفال للفروق الفردية بين المتعلمين أو بين الناس جميعاً.
الفروق الفردية في الاستهداف للحوادث:
ان التناول النفسي الموضوع الاستهداف للحوادث لنا نحن البشر هو موضوع مشابه كثيرا لموضوع الاستهداف للمرض النفسي وربما نصوغ التساؤل التالي:
- لماذا ؟
- متى ؟
- وكيف؟
يكون الانسان مستهدفا للحوادث في حياته اليومية.
الصفحة131
من اهم الامور التي تدور في اذهان المهتمين بدراسة علم النفس عموما وفي الفروق الفردية خصوصا، اسئلة ثلاثة اولها ، لماذا يستهدف احد الناس بالحادث ولا يستهدف غيره حتى من كان من نفس العائلة او المحيط بمثل هذا الحادث او حادث آخر.
ثانيها، لماذا يقع الفرد بالحادث في وقت ما بالتحديد ولا يقع فيه قبل ذلك حتى مع توفر عوامل ظرفية مماثلة في السابق.
ثالثهما، كيف يحدث الحادث او المشكلة لهذا الشخص وليس لغيره؟
وتعرف الحادثة بأنها حدث يقع للفرد أو يتورط فيه دون سابق معرفة او توقع وينتج عنه اضرار تصيب الفرد أو الآخرين او المعدات أو الممتلكات، فاذا نتج عن الحادثة جرح او عاهة أو وفاة يمكن تسميتها عندئذ اصابة)فرج طه (1989
يهمنا الان ان ننعم النظر في اسباب ذلك على وفق نظرية الفروق الفردية بعد ان طرح علماء النفس مشكلة استهداف سائقي سيارات الاجرة للحوادث وطرحوا بعض الاسباب منها قولهم قد يرجع بالطبع الى الفروق في الاستهداف للحوادث ولكنه ربما يرجع ايضا الى الفروق بين اعمار السيارات والفروق بين مناطق المدينة التي اجتازتها السيارات في رحلاتها، والى الفروق في عدد الساعات التي عملها السائق او الاوقات من اليوم التي كان يعمل بها.
ان البيانات الأولية اظهرت ان الحوادث تقتل ضعف الذين تقتلهم الامراض المعدية سنويا واعتاد الناس سماع العدد الكبير لقتلى حوادث الطرق أو المنازل او الحوادث التي تحصل في المعامل الصناعية او شركات انتاج الحديد والصلب او الادوات الثقيلة. وتعد الحوادث أكبر مسببات الوفاة منذ الميلاد الى منتصف العمر بل انها تظل تمثل أكثر اسباب الوفاة تكراراً لدى خمس الافراد الذين تجاوزوا الستين
الصفحة132
عاما. والمعروف أن الغالبية العظمى من الحوادث يتسبب فيها البشر. ونحن نعتقد بشكل يبدو طبيعيا أن بعض الاشخاص أكثر تعرضاً لوقوع الحوادث من غيرهم وربما تكون استعداداتهم للوقوع في الحوادث راجعة الى الاهمال او البطء او الغباء او القصور بشكل أو بآخر.
اسباب توزيع الحوادث:
اما:
- بالصدفة. ويرجع هذا الفرض الحادثة الى عامل الصدفة المحضة اذ تكون الصدفة هي المسؤولة مسؤولية كاملة عن حدوث الحوادث ويرى هذا الافتراض ان جميع الافراد متساوون في استعداداتهم للتورط في الحوادث أي أن حدوث حادثة ليس مجرد حظ عاثر لمن تقع له. كما يرى هذا الفرض انه ليست هناك اية عوامل شخصية تميز فرداً عن آخر فيما يتعلق بمدى استعداده للحوادث او تؤثر بحال على معدل حوادثه
او
- القابلية للحوادث نتيجة التكوين النفسي البيولوجي الخاص بالفرد. ان التكوين النفسي البيولوجي الخاص بالفرد يؤثر في تكوين درجة ثابتة نسبيا من القابلية للتورط في الحوادث لديه تختلف عن غيره وتتسبب في الفروق بين الافراد فيما يتعلق بمدى تورطهم في حوادث، ويؤكد هذا الافتراض أن القابلية للحوادث تتوزع لدى الافراد على بعد واحد مستمر هو ما يعرف بالمتصل شانها في ذلك شأن غيرها من سمات الشخصية وخصائصها، فكل فرد يتميز بدرجة معينة من القابلية للحوادث ربما تكون هذه الدرجة كبيرة فتنتج للفرد تورطاً متكرراً في الحوادث ومن المحتمل تكون منخفضة
الصفحة133
بحيث تبعده الى حدما عن التورط في الحوادث. وهذه القابلية للحادثة كما يقول "د. فرج طه" ثابتة الى حدما بالنسبة للفرد في مقارنته بزملائه ولا يعني هذا الافتراض ان قابلية الفرد للحوادث تكون واحدة بالنسبة لكل المواقف، فهي بالنسبة لعمل معين قد تكون عالية وبالنسبة لآخر عند نفس الفرد قد تكون منخفضة اي ان هذه القابلية للحوادث تنقسم الى قابليات نوعية شأنها في ذلك شأن القدرة العامة والقدرات الخاصة. فهذا الفرد ذو قابلية متوسطة للحوادث وذو قابلية عالية الى حدما لحوادث الطريق وذو قابلية منخفضة الى حدما الحوادث العمل داخل المصنع وهكذا.
هذه الفروض حاولت تفسير الفروق بين الافراد فيما يقع لهم من حوادث. ويطرح علماء النفس فروق بين اصطلاح القابلية للحوادث واصطلاح التعرض للحوادث فالقابلية للحوادث تشير الى العامل الشخصي المرتبط بالفرد والذي يشارك في توريطه في الحادثة.
اما التعرض للحوادث فيشير الى جملة العوامل المختلفة التي تسبب الحادثة كالصدفة العارضة والظروف الخارجية السيئة وقابلية الفرد للحوادث مجتمعة معاً.
يرجع فرويد الاستهداف للحوادث الى ان الدوافع اللاشعورية تلعب الدور الاساس في تحديد ما يقع للفرد من احداث يومية وان هناك فكرة شائعة في ميدان علم النفس والطب النفسي ترى ان الحوادث في الغالب ليست احداث صدفة بل مرتبطة بكيفية ما بعوامل دينامية داخل الفرد وان من المعتقد أن سمات الشخصية والانفعالات والاتجاهات والعوامل الدافعة الاخرى إنما تكمن وراء حقيقة ما هو معروف من ان بعض الافراد يبدون خضوعا غير عادي للحظ العاثر او سوء حظهم، والفشل والاستهداف للحوادث.
الصفحة134
درس "سيجموند فرويد "ظاهرة الحوادث تحت مسميات وعناوين مختلفة منها الافعال التي تنفذ بشكل خاطئ والافعال العرضية وافعال الصدفة وبرهن "فرويد" على ان الحوادث كباقي الافعال العرضية التي يقع فيها الناس وليست اتفاقية وان لها معنى وتقبل التأويل وان بوسع المرء أن يستنتج منها وجود دوافع ونوايا مكبوتة. والمقصود بمعناها ان لها دلالة وأنها تصدر عن مقصد، عن نزعة وأنها تحتل مكاناً معيناً في سلسلة من العلاقات النفسية. ويتضمنها ايضا قول "فرويد" وثم مجموعة اخرى من الظواهر تشبه الهفوات شبهاً كبيراً لكنها غير جديرة ان تسمى بهذا الاسم وسنسميها الافعال العارضة أو العرضية وهي افعال تبدو هي الاخرى كان لا دلالة لها ولا دافع وراءها ولا اهمية لها، فهي تتداخل وتلتبس مع الحركات والايماءات التي تعبر عن الانفعالات ويندرج في هذا الصنف من الافعال العارضة كل ما نقوم به من افعال لا هدف لها في الظاهر ويضيف ".فرويد" قوله لا اتردد في ان اؤكد لكم ان لهذه الظواهر معنى وانها يمكن تفسيرها، كما انها علائم صغيرة تشير الى عمليات نفسية اخرى اهم منها ، فهي افعال نفسية بالمعنى الكامل لهذا الاصطلاح.
ان الاحداث التي تأتي بضرر غير متوقع للشخص او للآخرين على ما يبدو وتشبع حاجات لا شعورية للعقاب ترجع الى مشاعر الغضب والذنب، وان هناك من الشواهد ما يؤيد ان الشخص الذي يحدث إصابات كثيرة وحوادث متكررة له طابع شخصي مميز يكون بمثابة عامل مسبب في الحوادث.
الفروق الفردية في الشعور بالعداوة
لا شك ان ما قلناه في ما يتعلق عن الفروق الفردية ببعض الخصائص مثل الاحباط والاستهداف للحوادث والسواء وللأسواء والتوافق والخجل والغضب والتوتر يرتبط بشخصية الانسان بكل المعايير، فإنه يكون بنفس المستوى بخصوص الفروق
الصفحة135
الفردية فيما يتعلق بالشعور بالعداوة لدى الفرد الواحد او بين الافراد، وهو تعبير عن السلوك تجاه الآخر رغم ان الشعور يعني هو التعبير عن هذه الحالة "العداوة" أو تلك بمعنى الوجدان.
ويطرح سيد عويس مفهوما للشعور بالعداوة ما هو إلا انفعال يندفع من شخص معين ضد شخص آخر وربما يكون هذا الشعور بغضا مقنعاً أو يكون فعلا بغيضاً موجها ضد شخص، وما الفعل البغيض الموجه ضد شخص الا تعبيرا ظاهريا عن الشعور بالعداوة ضده )سيد عويس (1968
والشعور بالعداوة هو نمط من انماط سلوك الانسان تتداخل في تكوين الشخصية حتى يبدو في احد جوانبه التعصب الشديد وفي الطرف الآخر الخفيف وكلا الحالين يعد شعورا بالعداوة، ويتفاوت الناس في هذه السمة ان امكن اطلاق التسمية عليها والملاحظ ايضا ان جميع الناس يظهرون هذا المشاعر تجاه غيرهم بنسب متفاوتة واحيانا تكون ظاهرة جمعية بين الجماعات في هذه المدينة ضد تلك المدينة أو هذه الدولة ضد تلك الدولة.
ان الشعور بالعداوة في المجتمع يكون احيانا شعورا موجها وشعورا فردي او شخصي وربما يكون شعورا جماعيا وتختلف نسبته قوة أو ضعفا من مجتمع الى آخر ومن زمان الى آخر وذلك لاختلاف الناس واختلاف المجتمعات وتباين الظروف الاجتماعية او الاقتصادية والسياسية التي تواجهها هذه المجتمعات.
من انماط الشعور بالعداوة:
تطرقنا الى شيء من انماط الشخصية في هذا الكتاب، فأنماط الشعور بالعداوة اساسا ينبع من انماط الشخصية، لذا ان للشعور بالعداوة هو الاخر له
الصفحة136
انماط عديدة واشكال وتتفاوت هذه الانماط بين الافراد بفروق فردية وجماعية فمن انماط الشعور بالعداوة الفردي أو الشعور بالعداوة ضد جماعة معينة أو دين ما او مذهب ما او حتى ضد فريق رياضي او مطرب ما أو مغنية او شاعر او مؤلف او حتى مدرس يعطي العلم من خلال وظيفته. ومن انماط الشعور بالعداوة ذلك النمط العاطفي التكوين وهو ما نلاحظه من افواه الاطفال حينما يمنعه اهله من ممارسة لعبة ما او الخروج في اوقات غير مناسبة.
يعد الشعور بالعداوة تجاه الآخرين هو عدم الشعور بالأمان منهم فالجماعات التي تشعر بعدم الامان من الدولة تكمن في دواخلها مشاعر قوية بالعداوة وان كانت مستترة وغير معلنة وفي حدود معينة لذا يمكن القول انه كلما ازداد الشعور بعدم الأمان كلما ازداد الشعور بالعداوة، وكلما كبتت هذه المشاعر في دواخل الناس وعدم قدرتهم عن التعبير والبوح بها كلما تولد القلق النفسي المرضي.
ان الشعور بالعداوة قد يكون رد فعل لميول عنيفة واجهها الفرد أو جماعة ما في مواقف حياتية سابقة وهي ميول نحو التمرد على السلطان، أي سلطان كان الدولة الدين الاب المدرس وبصفة عامة انه تمرد ايا كان نوعه. هذه المشاعر الدفينة التي تختلج في النفس اذا لم تجد لها منصرفا مقبولا فأنها تبدأ بالخروج على شكل سلوك غير مقبول مثل انواع النميمة وتجريح الغير او الغيبة وهي في الحقيقة تخاذل داخل النفس عن التصريح عما يدور فيها من خلجات فتلتمس مشاعر العداوة مصدر آخر للنقمة وهدف آخر وينقل هذه المشاعر ويستبدلها بهدف آخر لكي يفرغ ما في النفس.
ان الشعور بالعداوة يختلف في شدته بين الناس ويتفاوت ايضا من فرد لأخر كما هي الصفات الأخرى، فالفروق الفردية في هذه الصفة تحكمها الضبط
الصفحة137
الاجتماعي ومستوى التوتر في محيط المجتمع أو الجماعات، وبلاحظ الناس أن كل نظام اجتماعي تصدر عنه انواع مختلفة من السلوك في اوقات وازمان مختلفة وفي نظم سياسية مختلفة ايضا.
الصفحة138
المصادر العربية والأجنبية
المصادر العربية
- ابراهيم وجيه محمود ، القدرات العقلية ، خصائصها وقياسها ، القاهرة : دار المعارف 1979
- إدوارد ج موراي، الدافعية والانفعال ، ترجمة احمد عبد العزيز سلامة القاهرة دار الشروق 1988
- اديب محمد الخالدي، الفروق الفردية والتفوق العقلي، عمان : دار وائل للنشر 2003
- انستازي وآخرون، ميادين علم النفس النظرية والتطبيقية، ترجمة أحمد زكي صالح وآخرون، المجلد 2 القاهرة دار المعارف بمصر 1969.
- أيزنك هـ. ج. الحقيقة والوهم في علم النفس، ترجمة قدري حفني & رؤوف نظمي، القاهرة: دار المعارف بمصر )ب.ت(
- اسعد الامارة، سيكولوجية الشخصية، منشورات الاكاديمية العربية كوبنهاكن، الدنمارك 2006
- بيير داكو ، الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث ، ترجمة وجيه اسعد ، دمشق : الدار المتحدة 2007
- حامد عبد السلام زهران الصحة النفسية والعلاج النفسي، القاهرة : عالم الكتب )ب. ت(
الصفحة141
- دانييل لاجاش، المجمل في التحليل النفسي ، ترجمة مصطفى زيور وعبد السلام القفاش ، القاهرة : مطبعة عين شمس 1979
- رجاء محمود ابو علام & ونادية شريف، الفروق الفردية وتطبيقاتها التربوية ، الكويت : دار القلم 1983
- سليمان الخضري الشيخ الفروق الفردية في الذكاء، القاهرة دار الثقافة للطباعة والنشر 1976
- سهير كامل احمد ، الصحة النفسية والتوافق، الكويت : السيف للنشر والتوزيع 2002
- سيد عويس، محاولة في تفسير الشعور بالعداوة ، القاهرة : دار الكاتب العربي للطباعة والنشر 1968
- سيد خير الله، سلوك الانسان، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 1980.
- صفوت فرح، القياس النفسي ، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 2007
- طلعت منصور وانور الشرقاوي وعادل عز الدين و فاروق ابو عوف، اسس علم النفس العام، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية (1981)
- عدنان يوسف العتوم، علم النفس المعرفي، عمان : دار المسيرة 2004
- عبد المجيد منصور وزكريا الشربيني واسماعيل محمد الفقي، السلوك الانساني بين التفسير الاسلامي واسس علم النفس المعاصر، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 2002
- عبد الله الصمادي & ماهر الدرابيع القياس والتقويم النفسي والتربوي عمان : دار وائل 2004
الصفحة142
- علي كمال ، الجنس والنفس ج 1 ، بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1994
- علي كمال، النفس ، بغداد : دار واسط 1988
- مصطفى خليل الشرقاوي ، علم الصحة النفسية ، بيروت : دار النهضة العربية )ب. ت(
- عبد اللطيف خليفة ، الانفعالات)في( عبد الحليم السيد واخرين، علم النفس العام ، القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر 1991
- فرج عبد القادر طه وشاكر قنديل وحسين عبد القادر و مصطفى كامل عبد الفتاح، موسوعة علم النفس والتحليل النفسي الكويت دار سعاد الصباح 1993
- فرج عبد القادر طه، علم النفس الصناعي والتنظيمي، القاهرة : دار المعارف 1988
- فؤاد ابو حطب القدرات العقلية ، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 1980
- محمد طه، الذكاء الانساني، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 330 اغسطس : الكويت 2006
- فؤاد البهي السيد ، الذكاء ، القاهرة : دار الفكر العربي 1976
- ليندا دافيدوف مدخل علم النفس ، ترجمة سيد الطواب وآخرون، القاهرة : دار ما كجروهيل للنشر 1983
- محمد محمود الخوالدة ، مقدمة في التربية ، عمان دار المسيرة للنشر 2004
- محمد عودة الريماوي، علم نفس النمو، عمان : دار المسيرة 2004
الصفحة143
- محمد ابراهيم عيد ، علم النفس الاجتماعي، القاهرة : مكتبة زهراء الشرق2000
- معتز سيد عبد الله & عبد اللطيف محمد خليفة، علم النفس الاجتماعي
- القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر 2001
- ميشيل أراجيل، علم النفس ومشكلات الحياة الاجتماعية ، ترجمة عبد الستار
- ابراهيم، القاهرة : مكتبة مدبولي 1982
الصفحة144