أطفالنا ومشكلاتهم التربوية والنفسية أسبابها والوقاية منها
المؤلف: مصطفى رجب
التصنيف: كتب أخرى
عرض PDFالوصف:
مصطفى رجب، أطفالنا ومشكلاتهم التربوية والنفسية أسبابها والوقاية منها، المكتب المصري لتوزيع المنشورات 1999 القاهرة.
مقدمة
مجموعة موضوعات مستوحاة من عالم الطفولة، تشكل في جملتها محاولة جسورة على السير قدما وسط هذا العالم الذي نجهله ولا تكاد تعرف عنه شيئا ، في حين أن المعرفة به حتمية لا تقبل الجدال، فأطفالنا هم نصف الحاضر وكل المستقبل. وهم فلذات الأكباد وبهجة الفؤاد ، فمعرفة سماتهم وخصائصهم ومشكلاتهم شيء لا بد منه ، حتى يمكن أن نطوى المسافات بيننا وبينهم فلا نشقى بهم ولاهم يشقون بجهلنا عنهم ، ولكي جنبهم العثرات والكبوات ، وتقر اعيننا بهم ، وتصنع بذلك . طفولة سعيدة حقاً ، ومستقبلا أفضل لنا ولبلادنا
- وهذه الموضوعات تسير في اتجاهين :
الاتجاه الأول:
يتضمن موضوعات متباينة هدفها نحو مزيد من المعرفة بعالم الأطفال الرحب ، وهي :
[1] سيكولوجية اللعب في عالم الطفول
[2] لغة الأطفال ( لغة الطفولة الأولى ) .
[3] خصائص لغة الطفل العربي .
[4] أطفالنا ومشكلات القراءة
الصفحة 9
[5] الموهبة والعبقرية لدى الأطفال
[6] أطفالنا والعقد النفسية .
الاتجاه الثاني:
يتضمن مشكلات الطفولة في مراحلها المتعاقبة المبكرة والمتوسطة والمتأخرة، ونعرف من خلالها بالمشكلة وأعراضها
وأسبابها وطرق علاجها وفي مشكلات :
[1] التبول اللاإرادي
[2] من أمراض الكلام : اللجلجة .
[3] الخوف وضعف الثقة بالنفس .
[4] الكذب
[5] السرقة .
[6] العدوان والغضب والتخريب والغيرة
[7] التأخر الدراسي والهروب من الدراسة
[8] الجنوح والأزمات العصبية .
الصفحة 10
سيكولوجية اللعب في عالم الطفولة
إن اللعب هو المدخل الوظيفي لعالم الطفولة، والوسيط التربوي الفعال لتشكيل شخصية الفرد وبناء صرح صحته النفسية في سنوات طفولته ، وهي تلك الفترة التكوينية التي. تجمع نظريات علم النفس على أهميتها الحاسمة حيث تمثل ركيزة أساسية للبناء النفسى للفرد فى مراحل نموه المتعاقبة.
أهمية اللعب في مرحلة الحضانة :
ويعتبر اللعب - بمختلف صوره - نشاطا سائداً في حياة أطفال الحضانة ، وعن طريق اللعب يمكن أن يتقدم نمو الطفل في جوانبه الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية . ومن ثم يستطيع اللعب في حالة تقديمه بطريقة منظمة أو موجهة أن يحقق فوائد هامة لأطفال هذه المرحلة - فهو يكفل مجالا لإعداد الطفل وتدريبه على نحو مبسط للعمل الجدي في مستقبل أيامه ، وهو وسيلة لاستغلال ما لدى الطفل من طاقة زائدة وتوجيه هذه الطاقة وجهات بناءه عبر مسارات صحية وصحيحة، وهو وسيلة الطفل للتعرف على العالم الذى يعيش فيه واستكشافه . بل ان اللعب يتمتع بأهمية اجتماعية ، حيث أنه يحفل بالعديد من المواقف التي يمكن أن يتعود فيها الطفل على العلاقات ثنائية الاتجاه - تلك العلاقات التي تقوم على الأخذ والعطاء ويحكمها
الصفحة 12
نظم وقواعد متفق عليها .
اللعب والصحة النفسية للطفل :
اللعب له دورهام وحيوي فى علاقته بالصحة النفسية للطفل ومن ثم يهمنا فى هذا الصدد أن نركز على نواح خمس تمس جوانب الصحة النفسية للطفل بطريقة أو بأخرى ، هذه الجوانب الخمسة هي : الجانب النفسي للعب في مراحل الطفولة ، وكذلك الجانب التربوى فالجانب الاجتماعي، ثم الجانب التشخيصي وأخيرا الجانب العلاجي في لعب الأطفال.
أولا : الجانب النفسي للعب في مرحلة الطفولة :
لا شك أن اللعب نشاط سار وممتع للطفل ، حيث توفر مادة اللعب ارتياحا وهدوماً في نفس الطفل، وتستثير شوقه واهتمامه المعرفة بصفة عامة . ويعتبر اللعب من أهم وسائل تفهم الطفل للعالم المحيط به، كما أنه أحد الوسائل التي يعبر بها الطفل عن نفسه .
ويعتبر البعض أن اللعب هو مهنة الطفل ، حيث أنه في سياق اللعب تتشكل وتتضح السمات الأساسية للطابع الذي يميز الطفل .
ويرى علماء النفس أن اللعب قد يكون مخرجاً ومتنفساً وعلاجاً لمواقف إحباطية في حياة الطفل حين تنطلق الطاقة العصبية للطفل أثناء لعبه فتبعده عن التوتر و التهيج.
الصفحة 13
ويساهم اللعب فى علاج حالات نفسية متنوعة فقد يصبح نشاطا دفاعيا تعويضيا ، كما يساهم في علاج حالات أخرى منها على سبيل المثال حالات الأطفال المنسحبين المنعزلين . فهؤلاء الأطفال عن طريق اللعب يمكن إشراكهم ودفعهم الى إنجاز عمل ما من خلال نشاط اللعب. ومن ثم يتعودون على المشاركة الجماعية بالتدريج ، فحين يشتركون في اللعب تتاح لهم الفرصة للقيام بعمل بعض المهام والواجبات ، وهنا يصبح اللعب أيضا عاملاً من عوامل نموهم الاجتماعي.
وتنمو إمكانات الطفل وقدراته الخلاقة والابتكارية من خلال اللعب . فاللعب يساعد على نمو الطفل العقلي والمعرفي وخاصة نمو إدراكه ، كما يسهم فى إشباع حاجات الطفل النفسية مثل الحاجة الى التملك مثلا ، حيث يمتلك الطفل عروسة أو قطار أو أى لعبة أخرى فيشعر أن هناك أجزاء من بيته يستطيع السيطرة عليها.
أما الاطفال نور الخبرات الفقيرة فيقدم اللعب لهم مجموعة من المثيرات تساعدهم في زيادة خبراتهم وابراز وكشف قدراتهم وإمكاناتهم التى لم تتضح لفقر البيئة المحيطة بهم .
كما يوفر اللعب المثيرات المتعددة التي تحقق الطفل المضطرب نفسيا حالة من الفاعلية والنشاط فيصبح اللعب بذلك
الصفحة 14
مدخلا ملائما يؤدى إلى تيسير الاتصال بالطفل - وبخاصة المنطوى - بل ومفتاحا لفهم اهتماماته وميوله وخصائصه
وطباعه فيسهل علاجه.
ولذلك يقول المطلون النفسيون أن اللعب هو الطريق الأفضل للكشف عن مشكلات الطفل كما أنه وسيلة لفهم الطفل ودراسة
سلوكه، ودراسة مشكلاته وعلاجها.
ثانيا : الجانب التربوي للعب في مرحلة الطفولة :
إن اللعب كنشاط يعبر به الأطفال عن حياتهم يجعله وسيلة هامة للتربية ، ومدرسة تساعده في التربية والنمو ، فالعربي أثناء لعب الاطفال تكون لديه الفرصة لتوجيه اهتمام الأطفال إلى الظواهر التي لها قيمة من الناحية التربوية ، فيستغل اهتمامهم بالحياة المحيطة بهم فى تنظيم متابعتهم الظواهر وملاحظة خصائصها لتنمية أفكارهم، فهو يجيب على اسئلتهم ويستمع إلى محادثاتهم وآرائهم بل ومشاكلهم أثناء لعبهم ويساعدهم عند الضرورة على تحقيق الفهم.
وعن طريق اللعب أيضا يستطيع المربى أن يؤثر على كل جوانب شخصية الطفل فيؤثر على ادراكه واحساسه وإرادته وسلوكه بل يستخدم اللعب كوسيلة لنموه العقلي ونموه الخلقي ونموه اللغوي ..الخ
فعن طريق مساعدة الطفل على تصحيح أفكاره والإجابة عن
الصفحة 15
أسئلته ومخاطبته تتطور لغته وتنمو وتتحول أفكاره الى حركة في اللعب .
هكذا يستغل المربى اللعب كوسيلة للتربية العقلية ووسيلة لتطوير كلام الطفل. وبذلك يصبح اللعب مدرسة للطفل يكتسب فيها قواعد وعادات وسلوك الافراد وعلاقتهم بالعمل والخصائص الاجتماعية للمجتمع وعلاقات الافراد المتبادلة.
وبوساطة اللعب ايضا يعلم العربي الاطفال قواعد السلوك الاجتماعي ويصحح مفاهيمهم ويثبتها بل وينمي فيهم صفات كثيرة مثل الشجاعة والامانة والصبر وضبط النفس والابتكار ... ويستطيع المربى أن يقدم للاطفال بعض الافكار الهامة من خلال قصص يقومون بلعب أدوارها فتتعمق بذلك أفكارهم في مرحلة اللعب وتتضح وتثبت . ويكتبون معلومات جديده يتطلبها اللعب تحت إشراف المربى.
بتنظيم اللعب وادارته يستطيع العربي التأثير على مجموعة الاطفال بل والتأثير على كل طفل على حدة عن طريق المجموعة. فبعد أن يصبح الطفل مشتركا في اللعب يصطدم بضرورة. مواسمة أهدافه وأفعاله مع الآخرين وتتبع القواعد التي تحدد في اللعب .
فاللعب - أنن - كشكل رئيسي من أشكال نشاط الطفل ،
الصفحة 16
يجرى فيه بدرجة كبيرة نمو الذاكرة والتفكير والادراك والتخيل والكلام والانفعالات والاراده والخصال الخلقية . ولكن لا ينبغي أن نفهم من ذلك أن نمو هذه العمليات النفسية وخصائص الشخصية يحدث تلقائيا لدى الطفل لمجرد أنه يلعب فحسب، فهناك وجهة نظر تذهب الى أن الطفل الصغير يتعلم بوحي من خبرته الخاصة، وانه بنفسه يكتشف هذا العالم . ولا شك أن الطفل يستوعب الكثير عن طريق المحاكاة المباشرة للاشخاص المحيطين به : فبهذه الطريقة اساسا يستوعب اللغه والكثير من خبرات الحياة وهذه الخبرات التي يكتسبها الطفل بطريقة تلقائية واستقلالية ذات قيمة تربوية عظيمة : فهي تنمى فيه حب الاستطلاع والشغف ، والفاعلية، والتزود بانطباعات عديده عن العالم المحيط به .
ثالثا : الجانب الاجتماعى للعب عند الاطفال :
الاطفال أثناء لعبهم يعيشون في الحياة الحقيقية بمعنى أنهم يصورون علاقاتهم بالأشياء المحيطة بهم من خلال لعيهم . ولذلك تتعدد وتتنوع العابهم وتعبر عن الظواهر الاجتماعية بصفة عامة. مثل اقامة الإفراح والموالد وغيرها.
هذا بالطبع الى جانب ألعابهم الجماعية المنظمة في المدرسة والرحلات أو هواياتهم الخاصة كجمع طوابع البريد او
الصفحة 17
العملات أو الفراش أو الزهور أو هواية الرسم أو عزف الموسيقى .. الخ
ولكن ليس معنى هذا أن ألعاب الاطفال التي تعكس حياة الأسرة والحضانة والروضة والمدرسة تختفي بل تصبح أكثر شمولا وتعقيدا من حيث المضمون وذلك مثل عمل الوالدين في المنزل وخارجه وعلاقة الوالدين ببعض وبأطفالهم والأقارب والمعارف. هذا الى جانب تشرب الاطفال لقيم الأسرة وعاداتها وتقاليدها التي تعكس فى الواقع قيم وعادات وتقاليد المجتمع ومن هنا يصبح اللعب كنشاط يقوم به الطفل وسيلة لنموه الاجتماعي.
وهكذا نرى الأطفال يتعلمون أثناء لعبهم وأثناء تعرفهم على الحياة من خلال لعبهم، كما قالت بذلك العربية السوفيتية . ن . ك . كروبسكيا ، وذلك يعني أن الطفل يكون له اصدقاء من خلال اللعب ويبدأ فى تعلم بعض العادات والقيم الاجتماعية في لعبه معهم ، فالطفل يتعلم في لعبه اصول اللعبة التي هو فرد فيها كما يتعلم قوانينها والاخلاقيات اللازمة لطبيعة دوره في اللعب كما يراعى ويفهم طبيعة أدوار الآخرين ويحترم أفكارهم. أفكارهم. وتظهر أيضا روح التعاون بين أفراد اللعبة ، بل ويكون صداقات جديدة تقلال لعبه ويكون علاقات اجتماعية مع رفاق لعبه ويتعرف على
الصفحة 18
المثيرات الاجتماعية التي تتخلل اللعب . كل ذلك يكون بالتدريج طبعا بعد أن يبدأ يقل لعب الطفل مع نفسه الذي يميز لعبه في الطفولة المبكرة.
و مع قرب انتهاء مرحلة الطفولة المتوسطة ، وبداية مرحلة الطفولة المتأخرة ، يبدأ لعب الأولاد يتمايز عن لعب البنات فنجد البنت تلعب مع افراد جنسها من البنات ، والولد مع الاولاد مما يزيد تأكيد دور كل منهما الاجتماعى فى الانتماء الى جنس معين.
وفى داخل الأسرة ، من ناحية أخرى ، يساعد اللعب الخيالي أو الإيهامي على تخفيف العداوات بين الأخوة الأكبر والأصفر. ومن خلال اللعب مع الأطفال الآخرين ، يتعلم الطفل كيف يعقد علاقات اجتماعية مع القرياء ويوسع من دائرة اتصالاته بالآخرين ، وكيف يواجه ويحل المشكلات التي تجلبها مثل تلك العلاقات ، ومن خلال الالعاب التعاونية ، يتعلم الطفل مهارات اجتماعية مرغوبة كالاخذ والعطاء المتبادلين ، والعطاء أكثر من الأخذ في بعض الاحيان وان يتعاون مع الآخرين ، وكيف يتبادل معهم المسئوليات والالتزامات وهو يتعلم ايضا ان يتقبل بروح معنوية الخسارة أو الهزيمة في بعض الأحيان مثلما يفرح ويغتبط بالكسب والفوز.
الصفحة 19
رابعا : الجانب التشخيصي للعب :
اللعب يعتبر اداة علاجية نفسية هامة للأطفال المشكلين أو المصابين باضطرابات نفسية وطبيعي أن تسبق عملية العلاج عملية التشخيص ، لأنه على اساس التشخيص تتحدد خطوات العلاج وأذا كان التشخيص صائبا كان الطريق الى العلاج سريعا ومضمون النتائج، وعلى هذا يستخدم اللعب كأداة للتشخيص ، ولذلك تجهز حجرة اللعب عند الطبيب النفسي للطفل بألعاب متنوعة الشكل والحجم والموضوع لتمثل الأشخاص والأشياء الهامه فى حياة الطفل التي توجد في مجال سلوكه . وحين يدخل الطفل حجرة اللعب نلاحظ اختلافا واضحا في تصرفات الأطفال وفقا لقدراتهم العقلية والانفعالية . فبعض الأطفال تكون لديهم استجابة انفعالية . فمنهم من يتطلع ويتفحص اللعب بل ويفصح عن رغبته في اللعب . ومنهم من يتطلع بصعوبة الى اللعب المختلفة ناقلا بصره إلى الأشياء الأخرى الموجودة في الغرفة . ومنهم من تستحوذ بعض اللعب على اهتمامه فيبدأ بمد يده لأخذها أو يستأذن ليحصل عليها أو يتخذ أية إجراءات تساعده للتوصل الى اللعبة التي يفضلها .
ومن الأطفال من يستطيع أن يصنف اللعب التي أمامه ويتخذ منها المجموعة التي تقوم على اساس فكرة معينة والتي تخدم
الصفحة 20
طبيعة اللعبة التي سيقوم بها. ومنهم من يختار مجموعة من اللعب الكبيرة ليس بينها أى علاقة أو غرض محاولا أن يستحوذ . عليها دون وجود هدف واضح لديه أو فكرة محددة . وغير ذلك من العديد من الانماط السلوكية والانفعالية يقوم بها حين يدخل غرفة اللعب.
ومن هنا يستغل علماء النفس والمشتغلون بالصحة النفسية والمحللون النفسيون طريقة اللعب في التشخيص ثم بعد ذلك يبدأون العلاج. هذا الى جانب بعض الاختبارات المتعددة ومنها الاختبارات التي تعتمد على اللعب . وكما ذكرنا في حالة التشخيص يستغل اللعب فى ملاحظة سلوك الطفل وانفعالاته وقدراته لتقويم سلوكه والكشف عن مشاكله من خلال ما يسجل عن الطفل أثناء لعبه. ويقوم الأخصائي النفسى بتحليل كل ما سجل عن الطفل اثناء لعبه معتمدا على أن سلوك الطفل. المضطرب نفسيا ، وهو يلعب ، يختلف عن سلوك الطفل العادي الصحيح نفسيا . فالطفل في لعبه غالبا ما يعبر بصورة رمزية عن قصة حياته والجو الانفعالى فى الأسرة وعلاقاته بأبويه وأخوته ورفاقه . وهنا تظهر أهمية ملاحظة الطفل اثناء لعبه : حيث توفر هذه الملاحظة ماده غنيه للكشف عن خصائص النشاط الحركي لدى الطفل وتصوراته المكانية وخصائصه
الصفحة21
الانفعالية والسلوكية . كما تكشف الملاحظة عن قدرة الطفل على التعلم ، فتبين كيف تكون لديه علاقات بين الأشياء ؟ وكيف يستخدم خبرته الماضية ؟ وهل يستطيع تعميمها أو نقل أثر التعليم الى مادة أو مواقف مشابهة ؟ وهل في استطاعته و مقدوره الإنجاز المستقل .
هكذا يستخدم اللعب كمدخل للتشخيص وطريقة لدراسة شخصية الطفل ومعرفة عالم الطفولة .
خامسا : الجانب العلاجي للعب:
إن الطفل بحاجة الى " التنفيس " عن المخاوف والصراعات والتوترات التي تخلقها الضغوط المفروضة عليه من بيئته . والاساليب غير الرشيدة والخاطئة التي تخلقها الضغوط المفروضة عليه من بيئته والأساليب غير الرشيدة والخاطئة في تربية الابناء ، ومن الطرق الفعالة للعلاج النفسي في هذا المجال بصفة عامة ومع الاطفال على وجه الخصوص ما يعرف بأسلوب " العلاج باللعب "
ويعتبر اللعب من الأساليب الهامة في تعلم ودراسة . وتشخيص وعلاج مشكلات الاطفال. وقد تحدث كثير من علماء النفس عن أهمية اللعب بالنسبة للطفل ، فيرى " جارى لاندرث :
الصفحة22
"1953 " أن اللعب بالنسة للطفل هو كالتعبير اللفظي -Ver balizationt بالنسبة للبالغ، وأنه وسيلة إلى اكتشاف العلاقات ووصف الخبرات والافصاح عن الرغبات ، وتحقيق الذات تحقيقا كاملاً.
+Self-Fullfillmentها للعب وسيلة التعبير الطبيعية والمريحة بالنسبة للاطفال ، فنادرا ما يناقش الاطفال مشاعرهم لانهم يعبرون عن احاسيسهم عن طريق تمثل هذه المشاعر والاحاسيس.
الصفحة23
لغة الأطفال
لغة الطفولة الاولى
توجد فروق بين الاطفال في لغتهم تبعا للفروق الفردية فيما بينهم ، وهذه الفروق قد تكون في القدرة على التعبير ، أو في النطق وإخراج الأصوات ، أو في الطلاقة ، أو في ترتيب الأفكار، أو في سعة القاموس اللغوى .
ويرجع بعض هذه الفروق الى عوامل وراثية ، كما أن بعضها الآخر يرجع الى عوامل التنشئة الاجتماعية في البيئة .
فالطفل يولد وهو مزود بحاجة فطرية الى التعبير ، وينزعة قوية الى محاكاة ما يستمع اليه من اصوات فيعمد إلى المناغاة والتلاعب بالأصوات، وبقدرة قطرية على تعلم اللغة . واكتساب مهاراتها وهذا ما نسمية في علم النفس بالنمو اللغوي عند الأطفال .
واللغة ظاهرة اجتماعية، والطفل يعيش في بيئة يستمع فيها الى من يحيطون به، وهم يتحدثون ويعبرون ويتفاهمون ، وهو يستمد من هؤلاء نماذج الاحاديث التي يحاكيها وأهم من ذلك أن هؤلاء المحيطين به، والمقربين اليه يستجيبون عادة للأصوات التي يحدثها هو، وتؤدى هذه الاستجابة الى أن
الصفحة 24
يتحقق للطفل بالتدريج أنه يستطيع أن يستخدم الحديث كوسيلة يضمن بها تعاون الآخرين ، واستجابتهم لاشباع حاجاته .
والأطفال يختلفون فيما يرثون من قدرات واستعدادات لغوية فمنهم من يولد وهو مزود بقدر كبير من الأصوات التعبيرية، فهو منذ البداية أقدر على التعبير من غيره ومنهم من تكون له أذن واعية دقيقة في تمييز الأصوات، ومنهم من يكون أكثر استعدادا للمحاكاة، أو أذكى في استيعاب اللغة .
فالطفل يبدأ حياته بالصياح يعبر عن ذاته ، وما هو الا أن ينتهى عام حتى يلفظ ببضع كلمات ، وما هو الا عام آخر حتى يبدأ في استخدام لحديث التقليدي ، الذي يبدأ بالكلمات البسيطة ثم المركبة .
ومما تجدر ملاحظته في خلال هذا النمو :
1) أن نطق الطفل وطريقته فى اخراج الأصوات يتأثران بما يستمع اليه من نطق الكبار ، فالطفل يميل الى اصطناع نفس طريقة الذين يحيطون به، ويتم ذلك بطريقة تلقائية ومن المعروف أن اللغة بنت المحاكاة .
2) أن ثراء القاموس اللغوى للطفل بمعانيه ومفرداته يتوقف على البيئة الاجتماعية الى حد كبير ، ولذلك ترى أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة فقيرة في ثقافتها - يكون قاموسهم اللغوى عادة اضيق في الافق وأقل في المعنى من قاموس
الصفحة 25
زملائهم الذين ينشأون في بيئة غنية في ثقافتها.
ولكن ينبغي ألا ننسى أن الطفل لا يتعلم لغة الحديث بمجرد الاستماع إليها من الكبار لأن اللغة قبل كل شيء وسيلة عملية الاشباع حاجاته الأساسية ، ولو لم تكن اللغة وسيلة لاشباع هذه الحاجات لما كان ثمة نمو لغوى يذكر، فمجرد قولك للطفل : ان
هذا قط أو أن هذه كره - ليس كفيلا بأن يتعلم الطفل الكلمتين واذا تعلمهما فهو ترديد لفظى اجوف، وإنما الذي يحدث هو أن الطفل - تحت ضغط من حاجته هو الى أن يحصل على الكرة . أو ليلفت نظرك الى القط مضطر الى أن يستخدم هاتين الكلمتين، وأن يستبدلهما بصيحاته البدائيه ، وإيماناته وإشاراته التي كان يستعين بها في شهوره الأولى.
فعملية تحصيل اللغة عملية تتم عن طريق حاجتين أساسيتين الأولى : حاجة الطفل الى أن يحمل الآخرين على أن يؤدوا خدمات له .
والثانية : حاجته الى أن يشاركه الآخرون في مشاعره نحوهم : في الخوف والفرح والأسف.
هذا يعنى من الناحية التربوية أن نمو المهارات اللغوية يتوقف على البيئة اللغوية التي يعيش فيها الطفل ، حيث يعتمد الطفل على التقليد في تعلمه اللغوى فيقلد الأخوه بعضهم بعضا
الصفحة 26
في أساليب الحوار وقديما كان العرب على إدراك واع بأهمية البيئه اللغويه فكانوا يرسلون أطفالهم إلى مرضعات في
ليتعلم الطفل اللغة الصحيحة التي لم تتأثر بعد بعوامل الحضارة والتمدن .
النمو اللغوي عند الأطفال :
يرتبط نمو الطفل بمروره بعدة مراحل في مراحل الصراخ ومرحلة الأصوات الانفعالية ومرحلة المناغاة ومرحلة التقليد ثم مرحلة المعاني .
وتستطيع الأم أن تميز دلالة كل صيحة من هذه الصيحات وقبل أن يبلغ الطفل الرضيع شهوراً من عمره - يكون عادة قد بدأ يستشعر اللذة في التصويت من أجل التصويت ذاته ، ويقرر بعض علماء اللغة أن الطفل السوى في خلال نصف العام الأول من عمره يتعلم معظم الأصوات التي يحتاج إليها في كلامه فيما بعد.
وينتقل الطفل بعد هذه الشهور الستة الأولى إلى مرحلة جديدة : ينتقل من مرحلة التصويت الانفعالي إلى مرحلة التصويت الرمزي ، التي تتميز بتعرفه على من حوله، وبمحاولته استخدام الأصوات المحببة إليه يخلع عليها ألواناً خاصة من النطق المعبر، فقد يستخدم صوتاً واحداً يعبر به عن أحاسيس مختلفة، ولكنه يكفيه فى كل مرة بنطق معين للدلالة على إحساس
الصفحة 27
معين.
وقد نستمع إلى الطفل في هذه المرحلة ينطق : نعمتى (ماما) و(بابا)، ولكن ينبغي ألا يفهم من هذا أنه قد بدأ يتحدث، ذلك لأن نطقه يمثل هاتين الكلمتين في هذه المرحلة - يغلب أن يكون مجرد ترديد الأصوات ألف سماعها ، دون أن تكون لها في ذهنه دلالاتها اللغوية المصطلح عليها ، والواقع أن الحديث الأصيل المصحوب بالمعنى لا يبدأ عادة، إلا في خلال السنة الثانية من العمر، حيث ترتبط الأصوات المنطوقة بأشياء معينة أو بمواقف وأنشطة معينة، وهذا الارتباط يجعل الطفل قادراً على الاستجابة لهذه الأصوات كمعان، وعلى استخدامها كاسماء.
وعلى أي حال فإن الطفل السوى يستطيع – قبل نهاية السنة الأولى - أن ينطق بكلمة أو كلمتين. وأن يسخدمهما استخداما صحيحا في التعبير عن حاجة من حاجاته.
ومن القضايا التي اثبتتها البحوث أن البنات عادة يبدأن. التحدث قبل البنين وأنهن يحتفظن بهذا التفوق لفترة من الزمان ويمجرد أن ترسخ في ذهن الطفل فكرة أن الأشياء اسمعن مواء - يبتدئ ولعه وشغفه بعملية التسمية ونشاطه فيها . بل أن معظم
الصفحة 28
الأطفال يبتدعون اسماء خاصة بهم لمسميات معينة، أو للتعبير عن مواقف معينة.
وإذا تتبعنا لغة الطفل وجدنا أن معظم ما ينطق به في خلال العام الثاني من الكلمات - يكون (أسماء)، وقد ينطق الطفل بالاسم وهو يريد به معنى الجملة ، فقوله (ماما) قد یعنی به تعالى يا ماما) وقوله (لبن) قد يعنى به (أريد اللبن) وهكذا .. ثم تظهر الافعال والأدوات المختلفة بعد أن تكون الاسماء قد استقرت لديه دلالة ونطقاً.
وخلاصة القول أن لغة الطفل تبدأ في النمو منذ أن يستمع في مهده إلى لغة الكبار وكلما زاد اليهم استماعا، وكلما ازداد خبرة وكلما زاد نضجا، ارتبطت لديه الرموز الصوتية بالأشياء وبالصفات وبالعلاقات المختلفة، وبذلك يبنى الطفل ذخيرة من المعاني، والمفاهيم، ثم إنه يستخدم رموز الكلام في تفكيره وفي حديثه متدرجا من الكلمات المفردة أو العبارات المتقطعة إلى الجمل والعبارات الطويلة، حتى إذا بلغ من دخول المدرسة استطاع أن يقص الحكايات، ويروى الحوادث، ويتفهمها إذا استمع اليها تقص وتحكى .
والطفل بطبيعته محب للاستطلاع ويدفعه هذا الحب إلى الاتصال المباشر بكل ما يحيط به، وبذلك تزداد ثروته اللغوية من ألفاظ ومعان يوماً بعد يوم، فهو يتناول اللعب ويلعب مع
الصفحة 29
رفقائه , و هو يرقب أعضاء اسرته و جيرانه في احاديثهم و الوان نشاطاتهم, و هو ينتقل مع ذويه من مكان الى مكان ; وهو يستمع إلى القصص ويرويها ، وهو يمارس ألوان النشاط المختلفة من وثي وجرى واختفاء وتسلق الخ... ، وهو في خلال كل هذه الخبرات يضيف إلى قاموسه اللغوى كلمات وتراكيب جديدة ويزداد تفهماً لكلمات ورموز لغوية جديدة، وقدرة على استخدام كل أولئك أو بعضه حين يتحدث أو يستمع ، ومهما يكن من شي فإن الطفل يبلغ سن دخول المدرسة ، وهو يملك أدوات الحديث والفهم ويستطيع استخدام أجزاء الحديث الاسياسية من اسماء وأفعال، وحروف، كما يستطيع صياغة الجملة والعبارات، والتراكيب التي تحمل ما يريد أداءه من معان، تتفق مع نضجه وخبراته .
تطور مفاهيم الكلمات عند الأطفال:
ولو أننا تتبعنا الأطوار التي تمر بها كل كلمة من كلمات اللغة منذ يسمع بها الطفل أول مرة إلى أن يتحدد مفهومها الذي يتفق عليه العرف اللغوى - لتملكتنا الدهشة ولأمنا بانه ينبغي أن نعيد النظر فى كثير مما تكتبه اليوم للأطفال في الأعمار المختلفة، لمراجعة دلالات الكلمات والتراكيب، فالكلمة تمر
الصفحة 30
بالطفل في عديد من المواقف المختلفة وهو حين يستمع اليها في البداية - قد تأخذ في ذهنه دلالة معينة ، ولكنها في معظم الأحوال غير دقيقة، ثم أنها بتغير المواقف، وازدياد الخبرة يتغير مفهومها شيئا فشيئا، إلى أن يأتى الوقت الذي يتحدد فيه هذا المفهوم، ويستقر طبقا للعرف السائد في البيئة التي يعيشون فيها.
وبديهي أن الطفل لا يقف - كما يفعل العلماء ليحدد المفاهيم والتعاريف، ولكن كل هذا عمليات ذهنية تتأتي تلقائيا ثم تنتهي إلى مفهوم ما يقفز إلى ذهنه كلما سمع كلمة (غريبة) أو شاهدها، أو قرأها فيما بعد حينما يتعلم القراءة.
بمثل هذا الأسلوب ينمو القاموس اللغوى للطفل ، وهذا القاموس لا يكاد يستقر فهو في نمو مستمر، ومفرداته تكاد تكون في تعديل مستمر، وفى أى وقت معين نجد أن هناك كلمات وتراكيب - قد تحدد مفهومها واستقر طبقا لما يستخدمه الكبار كما نجد أن هناك كلمات وتراكيب أخرى لاتزال في طور التكوين، أو مازال فيها غموض، ولمعرفة هذا وذاك أهمية كبيرة. عند من يتعاملون مع الأطفال عن طريق اللغة ، متحدثين أو كاتبين.
ومن ناحية أخرى تعتبر اللغة في هذه المرحلة، أداة ذات فائدة كبرى في زيادة قدرة الطفل على التأثير في بيئته التي
الصفحة 31
يعيش فيها والسيطرة على دوافعه الخاصة، فإذا كان الطفل قادراً على التعبير عن رغباته بوضوح، فإن الفرصة لديه أكبر في إشباع حاجاته النفسية.
والطفل - أيضاً - من خلال اللغة يستطيع أن يحقق عملية التواصل بينه وبين المحيطين به حتى من خلال الإشارات غير اللغوية كالابتسامة والعبوس والإيمامة أو التعبير بعضلات الوجه عن سعادته أو عن دهشته أو عن خوفه ، فاللغة الطفل سواء كانت لفظاً أو إشارة ضرورة حتمية من ضروراته والتي يتعذر عليه أن يحيا بدونها .
وحتى نكفل النمو اللغوى السليم لأطفالنا توصى البحوث النفسية التي أجريت فى مجال سيكولوجية اللغة بما يلى :
ضرورة إثراء الطفل لغوياً خاصة في عامه الثاني، ففي سن الثانية يستطيع الطفل استعمال جملة مكونة من كلمتين معا وتزداد حصيلته اللغوية حتى تصل إلى 1000، كلمة أو أكثر ويتم ذلك من خلال النماذج اللغوية الصحيحة التي ينبغي التحدث بها أمام الطفل والتي تلائم مرحلة نموه، والعمل أيضا على تقريب المسافات فيما بين اللغتين العامية والفصحى، وتصحح الطفل أولاً بأول الأخطاء اللفظية التى يقع فيها ، ويحرص على تقديم نماذج جيدة للألفاظ ومراعاة مخارجها الصحيحة.
الصفحة 32
- كما توصى البحوث النفسية بالابتعاد عن مشكلة ثنائية اللغة في المرحلة الأولى من عمر الطفل فلا يصح تعليم الطفل لفتين في وقت واحد فلا قدراته تسمح بذلك، ولا يستطيع أن يتعلم واحدة منها التعلم الجيد والصحيح أن نبدأ في تعليم اللغة القومية أولا ثم اللغة الأجنبية.
- ينبغي التخلص سريعا من المبالغة في قص الحكايات الخيالية على مسامع الطفل حتى يمكنه تخطى المسافة فيما
بين عالم الخيال وعالم الواقع.
- تدريب الطفل تدريباً جيداً على أدب الاستماع فهو وسيلة جيدة لنقل الأفكار والآراء والمعلومات من مختلف وسائل
الاعلام. - لا ينبغي الخوف من الأخطاء الشائعة في ألفاظ الأطفال وكلماتهم خاصة في العام الثانى من العمر لأنها ستزول بفعل عامل النمو والخبرة.
الصفحة 33
خصائص لغة الطفل العربي
قام أحد الباحثين بدراسة لغة الطفل العربي في مصر واستطاع أن يرصد عدة ظواهر مميزة للغة الطفل في مصر هی :
أولا : يغلب على لغة الأطفال أن تتناول المحسوسات لا المجردات:
وتعليل ذلك أن الطفل أول ما يتعلم الحديث - يبدأ بما تقع عليه حواسه، وبما يسميه علماء اللغة (أسماء النوات) كمقابل لأسماء المعاني)، فهو يتعرف أولا على : (بابا) و (ماما) و(لبن) و(كرسي) و(كلب)... الخ
أما الافعال والحروف فلا تظهر في لفته إلا بعد الاسماء المحسوسة، وأما اسماء المعنويات مثل : (حب) و(حنان) و(فرح) و(نسيان)، فهي تختلف في ظهورها ، بما أنها تقتضى خبرات معينة، في مواقف معينة تهيئ للطفل عملية (التعميم) وذلك لأن قدرة الطفل على التعميم لا تأتى إلا متأخرة بعض الوقت. ومن أجل هذا نجد كلمات مثل (الحرية) و(الشعور) و (الكرامة) لا تعنى شيئا بالنسبة للطفل في هذه السن، وقد خلا
الصفحة 34
منها فعلا القاموس اللغوى للطفل المصرى فيما بين سن الخامسة والسادسة، ومن العبث أن تشتمل العادة المقرومة، أو المسموعة التي تقدمها للأطفال الصغار على أشباه هذه الكلمات.
ثانيا : يغلب على لغة الطفل أن تتركز حول النفس :
وتعليل ذلك أن الطفل قبل سن دخول المدرسة غير اجتماعي وإنما تغلب عليه روح الأنانية، فهو محصور في دائرة ضيقة من نويه وأقاربه، وهم يؤثرونه بالحب والحنان ويمنحونه ما يريد ، فهو لديهم قرة العين، وينعكس كل هذا عليه فلا يفكر إلا في نفسه غالباً.
وترى الطفل يلعب مع أقرانه ويمتزج بهم، ولكنه سرعان ما ينفصل عنهم عقب تنافس أو شجار، أو لأنه وجد غيرهم، وقد يشترك مع جماعة باسماً، ولكن سرعان ما يغادرهم باكياً، إذا لم يحققوا رغبته الخاصة فى الاستئثار بشئ ما . ثم إن خبرات الطفل في هذه السن وتجاريه ضيقة، تقع كلها في دائرة محدودة لا تتعداها كثيرا، وتفكيره لا يستطيع أن يبعد عن هذه الدائرة كثيراً من أجل هذا نراه حين يتحدث عن هذه الخبرات، أو يعبر في موقف من المواقف يتركز حديثه غالباً حول نفسه، وحتى إذا خاطب الطفل غيره أو أشار في حديثه إلى غيره فالأغلب الأعم
الصفحة 35
أن يكون مقصده النهائي هو النفس لا الغير
وإذا راقيت حديث الطفل فى سن دخول المدرسة - لقت نظرك تكراره للضمائر التي تدل على المتكلم مثل : (أنا) والتاء في مثل العبت والياء فى مثل (ضربني). بل أن الطفل يكرر كلمة (أنا) ، حيث كان يمكنه الاستغناء عنها باستخدام حرف العطف، وإنما يفعل ذلك إمعاناً في إحساسه بنفسه وتأكيدا لذاته.
ثالثا : يغلب على لغة الطفل السذاجة وقصور التحديد :
وذلك أن قاموس الطفل ينمو رويداً رويداً في خلال السنوات الأولى، حتى يبلغ أكثر من ألفي كلمة في حوالي السنة السادسة من عمره، ثم يأخذ فى الزيادة في المرحلة الابتدائية وتضاف إليه كلمات جديدة...
ولما كان نصيب كل كلمة من التكرار والاستعمال والمواقف والخبرات التي ترد فيها تختلف عن نصيب غيرها من الكلمات كان هذا التكرار هو الذي يثبت الكلمات ويزيدها رسوخا وكانت قدرة الطفل فى هذه الفترة على التعميم والتجريد قاصرة وخبراته محدودة ضحة فإن من المتوقع أن تكون كلماته غامضة غير محددة المعنى ، وأن يعوزها التحديد، ومن ثم
الصفحة 36
يستخدمها الطفل استخداماً مشوشاً غير دقيق.
وإذا كانت الكلمات لا تستخدم فى الأغلب منعزلة عن غيرها، وإنما ترد في عبارات وجمل وقد تختلف معانيها باختلاف التراكيب التي تقع فيها - فقد يختلط الأمر على الطفل حين يستمع إلى كلمة جديدة، ويخلع عليها معنى ، ثم يحاول بعد ذلك استخدامها في سياق جديد.
ومن أجل هذا نرى أن تفسير الأطفال لكثير من الكلمات والعبارات حين يسألون عن تفسيرها ، أو استخدامهم لها حين يستخدمونها - يبعثنا نحن الكبار على الضحك ، ومثل ذلك ما تجده في استخدام الأزمنة من خلط كذلك الطفل الذي يقول سافرت بكره أى غداً، أو في استخدام الافعال كذلك الذي يقول (أكلت شاي).. الخ.
رابعا : تكرار الكلمات والعبارات :
التكرار لدى الطفل نزعة طبيعية تتجلى في نواحي سلوكه المختلفة منذ الطفولة الأولى فهو يكرر ما ألفه من حركات أو أصوات، ونزعة الطفل إلى التكرار أكثر وضوحا في التعبير اللغوي , بما أن اللغة من أيسر العمليات التي تبرز فيها قدرة الطفل على محاكاة الكبار، ويستمر تكرار الطفل للكلمات والعبارات في مراحل نموه المختلفة وأن كان يجنح إلى النقص
الصفحة 37
كلما كبر ونمت قدرته العقلية واتسعت أمامه أفاق الابتكار وزاد محصوله اللغوى من الكلمات والأدوات التي تعينه على ربط
الجمل والعبارات ..
خامسا : تقديم المتحدث عنه في الجملة الخبرية :
ومن الظواهر الواضحة في دراسة أساليب الأطفال في كلامهم، وتخلع على حديثهم طابعاً خاصاً، أن الطفل يبدأ عبارته الإخبارية عادة بالاسم المتحدث عنه، أو ما يسميه البلاغيون المسند إليه ثم يذكر المسند بعد ذلك ، سواء أكان اسماً أم فعلاً ولا يعكس الأمر إلا نادراً.
فالطفل يقول : (أحمد راح المدرسة) ، ولا يقول : (راح أحمد المدرسة ) إلا نادراء ويقول : (الشمس طلعت) ولا يقول : (طلعت
الشمس) إلا في إجابة عن سؤال ... وهكذا .
وفي ضوء هذه الظاهرة - ندرك أن ما درجت عليه كتب القراءة القديمة من البدء عادة بالفعل في القصص ونحوها كقولهم : (خرج حسان يوما)، أو (تطلع الشمس في الصباح) ليس له ما يبرره، إذ أن يبعد الأطفال عن أسلوبهم الذي يستخدمونه في أحاديثه.
الصفحة 38
سادسا : تختلف مفاهيم الأطفال لكثير من الكلمات والتراكيب اختلافا بينا عن مفاهيم الكبار لنفس الكلمات و التراكيب :
ذلك لأننا لا نستطيع الفصل بين النمو العقلي والنمو اللغوى للطفل، فما النمو اللغوى إلا مظهر من مظاهر النمو العقلي ، يخضع لعامل النضج) من ناحية ثم لعامل . التعليم) أو ا(لتدريب) من ناحية أخرى.
وتتكون مفاهيم الطفل عن الأشياء تبعا للخبرات التي يتعرض لها في حياته، وهو يربط في أثناء ذلك بين الأشياء ورموزها. الصوتية التي اصطلح عليها في العرف اللغوي وتكون مفاهيمه في أول الأمر مشوبة بالغموض، وقصور التحديد، وكلما زادت
هذه المفاهيم دقة، ووضوحا، وتحديدا .
وعلى هذا فليس من المتوقع - أن نجد عند الطفل في سن دخول المدرسة من مفاهيم الكلمات مثل ما نجد عند الكبار الناضجين، وبالتالي تكون لمعظم الألفاظ التي يستخدمها دلالات نفس الألفاظ بالنسبة الكبار، أو بالنسبة لما جاء في معاجم اللغة.
ونحن - مع الأسف - كثيراً ما تغفل هذه الحقيقة فنستخدم في حديثنا مع الطفل أو فيما نقدمه له من مادة مقروءة كلمات
الصفحة 39
وعبارات نعتقد - طبقا لمفاهيمنا - أنها تحمل إليه معنى معينا، والحق أنها قد تقصر عن أداء هذا المعنى إلى حد كبير من حيث لا تدرى ، وقد نتهم الطفل حينئذ بالغباء، أو التظف وماهو بالغبي ولا المتخلف.. والعكس كذلك صحيح ، فالطفل قد يستخدم كلمة في تعبيره الشفهي أو الكتابي ، وهو يقصد بها معنى معينا في ذهنه يختلف عما نفهمه نحن من العبارة وتضرب بعض الأمثلة التوضيح :
خذ كلمة (البحر) التي يستخدمها الكبير، أو الكتاب المدرسي، ترى ما دلالتها في ذهن الطفل ?
أن كلمة البحر قد تعنى بالنسبة للطفل العربي في مصر في من الرابعة .. أي كمية من الماء تجمعت في مكان ما، سواء في الحمام أو في أرض المدينة، فإذا بلغ السادسة فأن ما لدينا من أحاديث الأطفال في هذه السن يشير إلى أنهم يستخدمونها ليعنوا بها نفس الشيء، ولكن في نطاق أوسع فأن القناة الصغيرة) بحر والنهر) بحر، والبحيرة) بحر، و(البركة) بحر و(البحر) بحر.
فإذا استخدم المعلم هذه الكلمة فى حديثه، أو قرأها الطفل في قصة أو كتاب فقد يظن المعلم واهماً أنها ستثير في ذهن
الصفحة 40
الطفل من المعنى ما تثيره في ذهنه هو، وذلك غير صحيح.
لهذا نستطيع أن نقول : إن الأطفال في هذه السن مفاهيم معينة لكثير من الكلمات والتراكيب التي يستخدمونها ، والتي لابد أن ترد في المادة اللغوية التي ستقدم لهم في المدرسة، أو في المجلة، أو فوق خشبة المسرح، أو في الإذاعة، أو في التليفزيون.
وأن هذه المفاهيم قد تختلف في كثير، أو في قليل عما اتفق عليه العرف في لغة الكبار، أو لغة المعاجم، وأنه لكي يكون تعاملنا مع الأطفال لغويا قائما على أساس سليم، ولكي نستطيع أن تعدل بالتدريج من مفاهيم هذه ، حتى نصل بها إلى ما اصطلح عليه العرف اللغوى - ينبغي أن ندرس لغة الأطفال، وأن تنتهى دراستنا إلى وضع معجم لهم يستعين به المعلمون والمؤلفون في الكتابة للطفل.
فن الكتابة للطفل:
الكتابة للطفل تخضع للموهبة أولا ثم الدراسة العلمية الجادة والمتعمقة وينبغي أن يأخذ كاتب الأطفال في اعتباره مختلف العوامل التربوية والسيكولوجية والفنية ... ، وحتى نضمن أسلوبا كتابيا مناسبا للغة الطفل لابد من :
الصفحة 41
- مراعاة مستوى الطفل ودرجة نموه ويجب في كاتب الأطفال أن يكون ممن مارسوا مهنة تعليم الصغار .
- اختيار الألفاظ السهلة الواضحة الغنية بالصور البصرية والمعاني الحسية.
- استعمال اسلوب التكرار في الكتابة لتوضيح المعنى .
- التشويق لجذب اهتمام الطفل .
- كتابة الفكرة الواحدة بأساليب متنوعة يراعى فيها مستوى الطفل.
-الابتعاد عن أسلوب الوعظ والإرشاد والنصح المباشر .
-ا ختيار العناوين المؤثرة وإيجاد اسماء أبطال القصص مناسبة ومعبرة.
-استعمال الحوار القصصي والمسرحى الملائم.
ومن فنون اللغة وأدابها تستهوى الأطفال أشكالا متعددة كالقصة والمسرحية والقصيدة ولكل من هذه الفنون خصائص وسمات يجب مراعاتها فلو أخذنا - مثلا - مسألة تذوق الطفل للشعر لترى أثر التذوق الهام في حياة الصفار.
إن الطفل بفطرته يميل إلى التنغيم يميل إلى التنغيم والإيقاع الموسيقى المقفي. فيأخذ لسانه يترنم ببعض ما تلقى على
الصفحة 42
مسامعه شعرا محببا يملا الفراغ النفسي لديه , شعرا سهل الفهم بعيدا . عن الغموض المبهم لان الطفل يكون اكثر استعدادا لتذوق الموضوع إذا ما فهم معناه .. والتذوق اللغوى ضروري للطفل لعدة أسباب أهمها :
- أنه يبرز قيمة الشئ ويجعله يرتبط بالوجدان .
- إن اللغة بتراثها الأدبي وسيلة يتعرف بها الطفل على ماضي الأمة وحاضرها.
- إن اختيار الألفاظ اللغوية يفيد في توضيح الأفكار والتعبير . عنها بوضوح .
- للتذوق اللغوى صلته الوثيقة بتنمية الذوق السليم..
- كما أنه يزيد من استمتاع الطفل بلغته ويفتح له أفاقاً رحبة فإذا كانت اللغة هي الأساس فى أى عمل أدبي فإن الكتاب الذين يكتوب للأطفال بحاجة ضرورية إلى معرفة نتائج البحوث اللغوية المعاصرة فيما يتعلق بالنمو اللغوى للطفل ومدى ثراء قاموسه اللغوى وحصيلته اللفظية.
وكاتب الأطفال بحاجة ماسة إلى الإلمام بأصول علم النفس اللغوى وحقائقه التي تدور حول الفهم والإدراك والتفكير والتذكر والذكاء بوجه عام وغير ذلك من الحقائق شديدة الصلة بلغة الطفل.
الصفحة 43
- ومن جانب آخر يتعين على من يكتبون للطفل مراعاة مستواه حصيلته اللغوية بالإضافة إلى أنهم مطالبون بالارتقاء بالطفل إلى مستويات لغوية أكثر نموا وارتقاء مع الاعتبار أن لكل عمل أدبي مفرداته وتراكيبه اللغوية الخاصة به ، كما أنه لكل طور من أطوار الطفولة القاموس اللغوى الخاص به والملائم لطبيعته.
واللغة الملائمة للطفولة ليس هي اللغة التقريرية أو الخطابية المباشرة المقترية من النثر ولا صعوبة اللغة المتمثلة في. الألفاظ الغربية أو بناء الجمل الطويلة المركبة.
الصفحة 44
لماذا نعلم أطفالنا القراءة ؟
- القراءة عملية عقلية تتضمن الرموز أو الحروف التي يتلقاها القارى عن طريق حاسة البصر ، وتحتاج ضمن ما تحتاج إليه إلى الربط بين الخبرة الشخصية ومعاني هذه الرموز، فهى بذلك عملية تفكير متعددة المراحل.
- والقراءة ليست عملية آلية بحتة لا تتعدى قراءة الكلمات وفهم معانيها طبقا لخبرات القارئ وثقافته، بل هي معرفة معاني الكلمات ودلالتها وفهمها بالإضافة إلى تقييم وتقويم المقروء والاستفادة منه.
- ونحن نعلم القراءة بهدف تنمية مهارات معينة لديهم، فمن خلال القراءة تتسع خبرات الأطفال وتنمو ، وتشبع لديهم حب الاستطلاع للمعرفة بالوانها المختلفة، ويستطيعون معرفة الكون وما يحدث فيها من ظواهر ومن غرائب وعجائب، وبالقراءة يتخطون حاجز الزمان فيقرأون عن خبرات ماضية وتاريخ أمم مضت عليهم أزمنة سحيقة، ويقرأون كذلك عن المستقبل من خلال قصص الخيال العلمى، والتنبؤات العلمية التي ستحدث بعد سنين بالقراءة - أيضا - يتعلمون على حاجز المكان فيقرأون عن دول وحضارات بعيدة آلاف الأميال من مجتمعه
الصفحة 47
وفي أدب الرحلات يطوف الأطفال حول العالم يستطلعون ويكتشفون ويبحثون ولم يبرحوا مكانهم، وإنما ذلك كله من بين
دفتى كتاب .
- والقراءة تزود الأطفال بالمقدرة على التوافق الشخصي والاجتماعى حيث تزودهم باتجاهات ايجابية وخبرات تفيدهم في التغلب على مشكلاتهم الشخصية، وتنمي لديهم الشعور بالذات وفهمها الفهم الأمثل.
والقراءة ضرورة أساسية لإعداد الطفل الاعداد العلمي السليم فمن خلالها يكتسب ويتعلم صنوف المعرفة التي ترغب
في تعلميها له ، أو التي ينبغي عليه أن يتعلمها .
ومن خلال القراءة تتوفر للطفل أسباب التسرية والترفيه والاستمتاع من خلال قصص أو كتب جيدة الفكرة، سهلة الأسلوب جميلة السرد، تصور شخصياتها بدقة وأمانة شديدة.
. مالذي نفعله إزاء تعليم الطفل القراءة ؟
- حينما نقدم للطفل ما نريد له أن يقرأه ينبغي أن نعنى بزيادة الثروة اللفظية لديه، فنشرى جوانب حصيلته اللغوية بكلمات جديدة ومعان متعددة، مع ابتعادنا عن الغريب من الألفاظ أو الإكثار المبالغ فيه من المترادفات من الكلمات .
- وينبغي أن نهتم بتدريب الطفل على استنباط الأفكار
الصفحة 48
والمعلومات فنسأله بعد أن يقرأ شيئاً ما موضوع ما قرأت وماذا فهمت ؟ وهل تستطيع أن تقسمه إلى أفكار أو إلى أحداث
مرحلية؟ فنفرس فيه الدقة والعمق في فهم المادة المقروءة.
- وعلينا أيضا أن نعود الطفل على القراءة الصامتة بعد أن كان يقرأ قراءة جهرية فنوفر عليه الجهد والوقت وتساعده على زيادة فهم ما قرأه.
- وجين تعلم الطفل القراءة ينبغي أن نعوده على سرعة القراءة فنساعده على قراءة الإعلانات في وسائل الإعلام المختلفة أو سرعة تصفح الجرائد والمجلات اليومية ولا ننسى أن نسأله ما الذي استرعى انتباهك أو استوقف نظرك وأنت تقرأ الصحيفة أو المجلة .
- وحين نشرع في تعليمه القراءة – أيضا – علينا أن نغطي من أنفسنا القدوة والمثل في حب القوامة والمعرفة، فيتعين أن نهتم بالزاد القرائي للطفل اهتماماً موازياً بما كله وملبسه فنوفر له القصة والكتاب والمجلة، وتشجعه على القراءة في أوقات معلومة فينشا الطفل ومعه نفس تواقة إلى المعرفة والقراءة ويجتهد دائماً في البحث عن المعرفة أينما كانت.
- وتوفير الكتاب للطفل يحتاج إلى التدقيق في نوعه فتختاره مع ميول الطفل، وفي مضمونه فنراعى فيه بساطة الفكرة
الصفحة 49
ووضوحها وقرب المأخذ وسهولته، وأن يكون جيد الطبع واضح الحروف جميل الصور من ورق مصقول بحيث يشرق الطفل ويستثير اهتمامه، هذا بالإضافة إلى توفير المكان جيد الاضاءة كي يقرأ الطفل بسهولة ويسر.
- وحيث إن الطفل يرغب في تملك الاشياء والاستحواذ عليها، فينبغي أن نخصص له كتبه,
ونخصص له مكتبته كلما كان ذلك سكنا، ونعلمه المحافظة على الكتاب، فتشبع في ذاته غريزة التملك.
متى يستعد الطفل للقرامة؟
وإذا كانت القراءة للطفل هامة بهذه الدرجة، وما ينبغي اتباعه عند تعليم الطفل القراءة الا يجدر بنا أن نتساءل : متى يكون الطفل مستعدا للقراءة ولتعلم أسسها ومبادئها؟
ومن المعروف من دراسات علم نفس الطفولة أن الاستعداد القراءة لدى الطفل يستلزم ثلاثة أنواع من النمو :
1)النمو العقلي 2) النمو الجسمي 3) النمو الذاتي الاجتماعي أما النمو العقلي فيعتمد على عاملين أساسيين هما :
1) النضخ الداخلي 2) التدريب والخبرة
- وتعنى بالنضج الذاتي تلك العوامل الأساسية التي تدخل. من مظاهر النمو العقلى ، ولها تأثيرها على الاستعداد للقراءة
الصفحة 50
وهي الوصول إلى عمر عقلي معين يسمح بالقراءة وغالبا لا يكون قبل سن السادسة إلا في حالات بعينها، وكذلك القدرة على تذكر أشكال الكلمات ومدى تذكر المقروء والقدرة على التفكير المجرد ثم القدرة على الربط بين المعاني وكلها عمليات عقلية معرفية تتضمن نضجاً ذهنياً معيناً.
- أما التدريب والخبرة فهما حصيلة عملية التنشئة الاجتماعية والتربية الهادفة داخل الأسرة أولا حيث تربي الطفل في ضوء الخبرات المختلفة التي يمكنه الحصول عليها، وثانيا المدرسة حيث التربية المقصودة والموجهة، ويبدو أثر المدرسة واضحا على الاستعداد القرائي للطفل في زيادة الحصيلة اللغوية، وصحة النطق ، والقدرة على تركيب الجمل واستنباط المعاني المختلفة بالإضافة إلى اتساع مدارك الطفل والقدرة على التفكير في حل المشكلات ، ثم القدرة على الاحتفاظ بسلسلة من الحوادث في المعقل .
أما النمو الجسمي فيقصد به الصحة العامة للجسم وسلامة الحواس الضرورية التعلم القراءة كالسمع والبصر وسلامة أعضاء النطق ونمو العضلات المتحكمة في أطراف الأنامل في اليد اليمني أو اليد اليسرى في حالة الطفل الأعسر ( الذي يكتب بيده اليسرى) .
الصفحة 51
- ويقصد بالنمو الذاتي الاجتماعي نمو المهارات الشخصية والاجتماعية لدى الطفل وذلك من خلال مدى مقدرته على التوافق الاجتماعي والشخصي مع ذاته أولا ثم المحيطين به ثانيا ، مع وجود الاستعداد العاطفي الذي يلائم بين الطفل والموقف المدرسي ويساعده على الاستجابة للعمل فالطفل لا يستطيع تعلم القراءة بصورة أفضل مالم يكن متزنا عاطفيا ومتوافقا توافقا نفسيا سليما .
مراحل تطور القراءة عند الطفل :
وتأخذ القراءة مراحل تطورية متعددة ففي مرحلة ما قبل المدرسة ينبغي أن يتعلم الطفل علاقة اللغة المكتوبة باللغة المنطوقة وأن يفهم أن الكلمة المكتوبة تقابل الكملة المنطوقة فإذا قلنا له أسد» مثلا فينبغي أن يرى صورته ثم ندله على كتابة اسمه والحروف التي يتكون منها الاسم، ومن الضروري أن تكون الكلمات التي تعلم الطفل القراءة من خلالها من الألفاظ الشائعة على لسانه المألوفة بالنسبة له .
وفي هذه المرحلة ينمو لدى الطفل - بشكل تدريجي - حصيلة اللغوية من المفردات المتداولة وبمرور الوقت يستطيع أن يفهم الجمل ويستخدمها الاستخدام الصحيح، ومن ثم تنمو لديه المقدرة على الاستماع والاستيعاب للقصص ويستطيع كذلك أن
الصفحة 52
يستخدم اللغة ويفهمها بدرجة تتناسب ونضجه العقلي.
- ومن المعروف أنه هناك فروقا واضحة بين الأطفال في الاستعداد للقراءة فهو الأساس في نمو القدرة على القراءة في مختلف مراحلها، كما توجد فروق فردية واضحة بين الأطفال في سن السادسة من العمر في عملية القراءة ففي نهاية العام يكون الطفل العادي قد اكتسب حصيلة لغوية معينة يستطيع أن يتعرف عليها بالنظر، ويكون قد وصل إلى درجة من الاستقلال. في استخدام أساليب التعرف على الكلمات، ووصل إلى درجة من المهارة في القراءة الصامتة أو الحيوية للكلمات وقد يستطيع أن يستقل بذاته في عملية القراءة.
- وفي نهاية العام الثامن من العمر يكون الطفل قد مشى في طريق القراءة من أجل الدرس والتحصيل واكتساب المعرفة خطوات واسعة، ويتكون لديه عنصر السرعة في القراءة الصامتة بدرجة أكبر من القراءة الجهرية، ويتكون لديه اتجاه ایجابي نحو الكتب والقراءة بوجه عام، ويستطيع كذلك أن يقوم بعملية القراءة بمفرده، وفى الأعوام التالية من عمر الطفل التاسع والعاشر والحادي عشر تصبح القراءة لديه أداة لتحقيق الاستماع وتحصيل المعلومات بأنواعها المختلفة، ثم يصبح قارتا مستقلا، وبعد ذلك يسير نموه بخطى مطردة في طريق القراءة حتى يصل
الصفحة 53
إلى مرحلة النضج القرائي في سن الشباب.
ماذا يقرا الأطفال؟
- في البدء كانت الحكاية» أو >>الحدوثة<< التي ترويها الأم أو المربية على مسمع من الطفل حتى يتعلم القيم الفاضلة، أو حتى يكف عن بكائه ويهدأ ويستريح أو لنشجعه على تقديم الحكايات التي أعجبته وأسعدته في ثوب من لغته البسيطة ومعانيه القليلة. ثم يتعلم القراءة وليس ثمة شيء يستحوذ على اهتمام الطفل سوى قراءة القصة والاستمتاع بها والاسترشاد بمعانيها و ادابها .
والقصة من الفنون الأدبية المؤثرة على السلوك القيمي للأطفال في المواقف اليومية، وهى أكثر فنون أدب الأطفال انتشارا وجاذبية للأطفال، ومن أقدرها على إمتاعهم واستثارة مشاعرهم، وهي تنمى لديهم القدرة على الإبداع والابتكار وتحلق بهم في أجواء الخيال فتثرى خيالاتهم وترضى أذواقهم .
وتوجد أنواع كثيرة من قصص الأطفال أهمها :
1) القصص الخيالي يدور حول الحيوانات أو الطيور أو المخلوقات الغريبة أو عالم الجن أو السحر وتبرز من خيال القصص الاسطوري خصائص الشعوب والأمم والأجناس.
ويقوم البطل بخوارق العادات ويهدف لتكوين القيم الرفيعة.
الصفحة 54
وهي تقوم على مخاطبة عقل الطفل وخياله وعواطفه، وتتنوع فيها المشاعر بين الفرح والحزن والرضا والغضب والحيل البارعة والشجاعة والمغامرة التي يكون أبطالها من الحيوانات والطيور أو الأطفال الصغار وهي تغمر دنيا الطفل بالبهجة والسرور بما فيها من مغامرات مضحكة طريقة فيها العبرة وأسلوبها قصصي، ومفرداتها مألوفة، وجملها قصيرة.
2) القصص الديني : ويتناول موضوعات دينية هي : العبادات والعقائد والمعاملات وسير الانبياء والرسل ، وقصص القرآن الكريم والكتب السماوية، والبطولات والاخلاق الدينية وما أعده الله تعالى لعباده من ثواب أو عقاب وأحوال الأمم السابقة وعلاقتها بقضية الايمان بالله تعالى، وموقفها من الخير والشر.
وشاع في القصص الديني قراءة قصص الانبياء والصالحين، وقصص الحيوان في القرآن الكريم وغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين ونساء خالدات، والسيرة وكلها حكايات تدعو إلى الفضائل وتنفر من الرذائل، وتجمع بين المتعة والتشويق والمغزى الخلفي وفيها حقائق دينية مفيدة، وفيها مواقف للعظة والاعتبار ، ودلائل
الصفحة 55
على ان حياة الأنبياء والرسل حياة مثالية كريمة، تصور مواقف البذل والعطاء والتضحية في سبيل المبدأ والعقيدة.
3) قصص المغامرات : نوع يعرف بالقصص البوليسي يدور حول جريمة ارتكبها شخص أو أكثر، وأبطال القصة عادة
من الأطفال يساعدون رجال الشرطة، ويسعون إلى الكشف عن الجناة عن طريق سلسلة من الأحداث.
وهي تدور حول انتصار الخير على الشر فأن المنحرفين مصيرهم السجن والجريمة لا تفيد وهي تبين كيف يمكن أن يكون الأطفال عنصرا مفيدا في المجتمع بذكائهم وشجاعتهم. ولا تخلو هذه الألغاز من معلومات خاصة بالأماكن المختلفة بأسلوب جذاب ممتع يتناسب مع القصة البوليسية مما تستوجبه من الإيقاع السريع للأحداث والتسلسل المنطقي والحبكة الفنية الحوادث، وهى تؤكد القيم التربوية المنشودة في المجتمع العربي والاسلامي.
4) لقصص العلمي : ويدور حول حدث علمي أو اكتشاف أو اختراع وقع في عصر من العصور. ويتناول البيئة التي نشأ فيها المخترع وصفاته الشخصية وقدرته على اجتياز العقبات التي تقف في طريقه وكيف يتغلب عليها وصولا إلى اختراعه أو كشفه العلمي. وبعض هذه القصص تهتم بالخيال العلمي عناية
الصفحة 56
واضحة. وهذا يعني أن الهدف الأساسي من القصة واستخدامها كأسلوب للتعليم هو تنمية الخيال والسلوك والقيم المرغوبة وتزويد الأطفال بالثقافة العلمية وأسلوب التفكير العلمي.
5) القصص التاريخي : ويعتمد على الأحداث التاريخية والمواقع العربية والغزوات، ويأتي هذا القصص ممزوجا بقصة حب تقع بين أبطاله وقد يتضمن هذا النوع قصص الرحالة بما فيه من معلومات عن البلدان والقارات والمحيطات وهو يتضمن عادة طرائف من الشرق والغرب ترمي إلى تنمية الخيال والإلمام بثقافة الناس وطبائعهم وعاداتهم وحضاراتهم، وبها قصص طريفة حوادثها أخاذة وأسلوبها مشوق تبهج الطفل القارئ وتطلعه على ألوان مشوقة من الحياة وتدفع عنه السام وتعوده حسن التفكير.
وهي قصص تعرف الطفل مزايا العرب وصفاتهم من بطولة وشجاعة وكرم وتزود الأطفال بثقافة إسلامية وعالمية وحضارية تضور مواقف العطاء والبذل والوطنية والفداء في سبيل الوطن والكفاح من أجل المبدأ والعقيدة والوطن . والأطفال عادة ما يتوحدون مع البطل ويعيشون الأحداث على أنها واقع يشاركون فيه.
الصفحة 57
6) القصص الاجتماعي : ويتناول الأسرة والروابط الأسرية والعلاقة بين الأب والأم والأبناء والأخوة والجيران والمناسبات الأسرية المختلفة مثل أعياد الميلاد والزواج واحتفالاته، وصور ومواقف للنجاح والإنجاز ومواجهة الحياة بشرف وجد وأمانة.
7) قصص الرسوم : وهى القصص القصيرة التي تستخدم الرسوم والصور للتعبير عن حكاية بسيطة ، تهدف إلى تنمية الخيال والسلوك السليم والقيم المرغوبة والاستعداد للقراءة لدى الأطفال الصغار الذين لم يلتحقوا بالمدرسة أو الذين في الصفوف الأولى منها .
الصفحة 58
الموهبة والعبقرية لدى الأطفال
الطفل الموهوب هو ذلك الطفل الذي لديه القدرة على الإبداع في أحد الأنشطة الانسانية ومجالات المعرفة والفنون المختلفة وهو الطفل الذي لا يقل ذكاؤه عن >>140<< حسب مقاييس الذكاء. وفي عدد نوفمبر من 1982 من مجلة العربي الكويتية وردت أسماء لعباقرة وموهوبين من الأطفال كالموسيقار موزارت الذي لحن السونيتات الشعرية وهو في السادسة من عمره.
وظهر في فرنسا بسكال وهو عالم وفيلسوف ورياضي حيث نشر بحثاً علمياً عن السمع وكان عمره ١٢ عاماً. كما نشر دانتي اليكرى أشعاره عن باتريسا عندما كان عمره 9 أعوام. ويروى أن العالم الرياضي كاوس بدأ في حل الغاز السائل الرياضية عندما كان في الثالثة من عمرة.. وكانت معلومات لا نقل عن معلومات الأستاذ الجامعي في الرياضيات.
ويوجد في المانيا الاتحادية الآن شاب عمره ٢٤ عاما يسكن مدينة ميونخ اسمه (المرايدر) ويعتبر اليوم من فطاحل الرياضيات في المانيا. فقد برز نبوغه عندما كان عمره ١٢ عاما، وكان يملك من المعلومات الرياضية أكثر من أساتذته,
الصفحة 59
مما دعا أساتذته إلى إرساله إلى الجامعة فورا . وبدأ بإلقاء المحاضرات في جامعة ميونخ عندما بلغ الثالثة عشرة من العمر وحصل على الدبلوم في الرياضيات في الرابعة عشرة من العمر وكتب أطروحة الدكتوراه في الفيزياء عندما بلغ التاسعة عشرة من العمر. وظهرت في ألمانيا أيضاً قبل عدة سنوات طفلة اسمها انيا سليا وكان عمرها خمسة أعوام عندما بدأت تغنى ألمان الأوبرا الطويلة ولمدة ساعتين دون انقطاع حتى أنها كانت تقود الأوركسترا عندما بلغت الحادية عشرة من العمر، ومن الأطفال النابغين الذين أصبحوا من مشاهير العلماء العالم الفيزيائي فيرنر هايسنبيرغ» الذي نال جائزة نوبل في الفيزياء.
وقد برز نبوغه أيام الدراسة الثانوية وكان يشرح لطلاب الصف السادس الثانوي أعقد المسائل الرياضية رغم أنه كان في السنة الأولى من الدراسة المتوسطة.
وتشير المصادر التاريخية إلى أحد النوابغ الأطفال وهو كريستيان هاينريش ها ينكن حيث ظهر نبوغه وهو في الرابعة من العمر علما بأنه ولد عام ١٧٢١م في مدينة لوبيك في ألمانيا وقد انصرف اهتمامه آنذاك إلى التاريخ العالمي وعندما كان عمره ثلاث سنوات أصبح مختصا في تاريخ الدانمرك ونشر
الصفحة 60
فيما بعد كتابا عن ذلك.
وظهر في القرن السادس عشر طفل تابعة في بريطانيا اسمه «جيمس كريستوف، حيث ولد عام 1560 في سكوتلندا وكان ملماً بجميع المسائل الفكرية منذ طفولته وتحدى عام 1580 علماء فرنسا للإجابة على الأسئلة العلمية ب>> 120<< ، لغة.
وفي الهند ظهر طفل نابغة عام 1887 يدعى >>سرنيفاسا رامونيان اليانغلر<< ، الذي ولد في >>مدراس<<، وعندما كان في الابتدائية أدهش أساتذته بذكائه ونبوغه في حل المسائل الرياضية المعقدة حتى أرسلته المدرسة إلى المرحلة الثانوية دون اجتياز الابتدائية ونشر في الخامسة عشرة كتابا في الرياضيات وكان يخلو من الشروحات ولكنه كان يحتوى على الحلول النظرية فقط واكتشف طرفا مختلفة لحل (6000) معادلة رياضية . وأرسل مرة خطابا إلى عالم الرياضيات البريطاني البرفسور هاری ضمنه حلا لأكثر من 120 معادلة هندسية مما أدهش الأستاذ الانجليزي ثم أصبح هذا الطفل الهندي عالما مشهورا إذ اكتشف نظرية الاعداد ..
ولم يستطع العلماء أنذاك قياس معدل ذكاء رامانیان ولكنه كان على أكبر الظن يملك معدل (200) من معدلات الذكاء وهذا
المعدل هو من المعدلات النادرة في العالم..
الصفحة 61
كما أشارت إحدى الدراسات إلى أنه من بين (256) شخصا تم تشخيص أربع حالات ذكاء وراثي عن الأب أو الأم، أما بقية الحالات فتلعب التربية فيها دورا كبيرا . في عام 1940 ظهر في الولايات المتحدة توأمان هما جورج وشارل وكان هذان التوأمان يستطيعان معرفة التواريخ السنوية فمثلا كانا يعرفان أي يوم يصادف في15 كانون الثاني يناير من عام (2002) فهو يوم جمعة.. وعرفا بسرعة خارقة اليوم الذي يصادف فيه الأول من تموز يوليو عام (4393) حيث يكون يوم الاثنين كما كانا يعرفان الأيام والتواريخ لـ 50 ألف عام قادمة وكانا لا يحتاجان المعرفة ذلك سوى بضع ثوان.
إن العلماء لم يستطيعوا حتى الآن إدراك اللغز المحبر لنبوغ الأطفال المبكر وربما يكون هذا الذكاء نفحة من الخالق، علما بأن دماغ الإنسان يزن 1400 جرام وأن كل ملم مكعب منه يحتوى على (70) ألف خلية وهذا عامل مهم بالنسبة للتفكير وقد يحدث أن يتمتع دماغ هؤلاء النوابغ بخلايا أكثر من غيرهم. فمثلا ظهر في بغداد عام 1960 طفل اسمه عادل شعلان كان يستطيع حل معادلات الضرب لـ 30 عددا وأكثر ولكنه لم يجد أنذاك من يرعاه، وبدلا من أن يدرس الهندسة ليواصل عطاء نبوغه، درس الزراعة وخسر المجتمع أنذاك وقد تضاءل معدل
الصفحة 62
نبوغه بمرور الزمن.
من القائلين بأن توجيه عناية خاصة بهم يعنى من الناحية التربوية خلق عقدة العظمة والغرور عندهم واستمر بعض المدرسين وأشياعهم من أصحاب هذه الفكرة ينظرون التوابع الأطفال على أنهم عبء على متوسطي التلاميذ ووصفوهم بالغرور والشئون وخلق المشاكل.
ومن الخرافات الشائعة أن الطفل الموهوب يغلب عليه أن يكون ضئيلا ذا عامة جسمية، شارد الذهن عزوفا عن المجتمع، غريب الأطوار، زرى الشكل . واستندوا في أحكامهم هذه على أمثلة فردية العباقرة اتصلوا بمثل هذه الصفات، إلا أن الدراسات النفسية برهنت عكس ذلك تماما، واتفق غالبية الباحثين على أن العباقرة أصحاء الأجسام حيث (العقل السليم في الجسم السليم)، متواضعون ، نور جلد على البحث والدرس متعاونون، شخصياتهم قوية، عندهم أصالة وابتكار، وأن من أبرز خصائصهم الطاقة العقلية والمقدرة والكفاية والموهبة. أما الطاقة العقلية فهي بعض صفات الفرد الطبيعية.
وأما القدرة فهي القدرة على الأداء والإنجاز.
أما الكفاية فيراد بها ، على ضوء المفاهيم النفسية التقليدية القدرة على التعليم التي يحتمل التنبؤ بها بواسطة الإنجاز
الصفحة 63
والتدريب .
أما الموهبة التي ينتشر استعمالها كثيرا فتدل على أن الفرد. يمتلك قدر قخاصة أو أكثر إلى درجة عالية وهي عبارة عن أداء من غير مجهود يذكر.
وقد برهن لويس تزمان بشكل خاص نتيجة تتبعه مراحل حياة مجموعة من موهوبي الأطفال قرابة ثلاثين عاما، على أن الغالبية العظمى منهم تميزوا بلقب هذه الخصائص مجتمعة ونجحوا فى حياتهم العملية نجاحاً باهراً، فمنهم الطبيب . والمهندس والصحفي ، وأستاذ الجامعة، والمحامي، ورجل الأعمال، ووجد حياتهم العاطفية غنية وظروفهم المعاشية حسنة. على أننا يجب أن نشير هنا إلى أن نجاحهم في حياتهم العملية لم يكن ليتحقق على هذه الصورة لو لم يجدوا أمامهم. فرصا مناسبة، ولو لم يعطهم المجتمع ما يستحقونه من عناية واعتراف وتوجيه .
كيف تتعرف على الأطفال الموهوبين؟
تستطيع المدرسة الحديثة أن تكتشف أطفالها النوابغ بالتعاون مع المنزل، ومع كل من له صلة بهؤلاء الأطفال. لأن الذكاء الخارق لا يعبر عن نفسه دائما في الأعمال العقلية. والانشطة المدرسية التي تؤدى في المدرسة فقط.
الصفحة 64
وهناك طريقة موضوعية لاكتشاف التوابع وهي تطبيق اختبارات الذكاء الخاصة بالأطفال ثم تقارير الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، فإذا استعملت هذه الاجراءات مع ملاحظات الأباء والمدرسين والمشرفين التربويين ونتائج الاختبارات المدرسية أمكن الحصول على فكرة أصوب عن حقيقة الأطفال واستعدادتهم.
في المراحل المبكرة :
وفي مرحلة الطفولة الأولى، يستطيع الأباء والأمهات أن يلاحظوا بعض الخصائص الهامة التي قد تميز الطفل الذكي عن غيره، وهي الكلام المبكر ، والمشي المبكر، والاسئلة الكثيرة الاستفسارية، وسهولة استعمال الكلمات والافكار.
وفي دور الحضانة يستطيع المدرسون ملاحظة حديث الطفل، واستعماله لأكبر عدد من المفردات على الوجه الصحيح والقدرة على التخيل وسعة الحيلة عند مواجهة المشاكل والاهتمام بأشياء كثيرة، والرغبة فى مزيد من التعليم عنها والاسئلة الهامة واظهار الاهتمام بالأجوبة ومحبة الكتب، وتمييز كلمات مفردة على الصفحة المطبوعة وفهمها، والرغبة في القراءة والتركيز على موضوع ما من غير تشتت، مدة أطول من الآخرين.
الصفحة 65
ويكاد يصعب على الملاحظ أن يميز الطفل الموهوب في النواحي الفنية كالرسم والتلوين إلا إذا استمر في الملاحظة وأحاط الطفل بجو من التشجيع كي يخلق في نفسه شعورا بالطمأنينة والرضا.
أما استعمال اختبارات الذكاء، فيعتبر وسيلة هامة لقياس واختبار الطفل صاحب الذكاء الخارق، وفي الدول المتقدمة تربويا، توجه عناية كبيرة إلى مدرسى الأطفال النوابغ، فيدريون احسن تدريب ويختارون أحسن اختيار بحيث تتوافر فيهم خصائص الذكاء العام، والمعرفة بطبائع الأطفال، والعلم والصبر، والأصالة والشجاعة، والعطف والروح الاجتماعية والأمانة ، وتقديس مهنة التدريس والمهارة في الإدارة والقيادة والتنويع ، والابتكار في الأساليب.
الأطفال الموهوبون لهم مشاكلهم:
يدرك الذين يعيشون مع موهوبي الأطفال أو المعنيون بدراستهم، أنهم يواجهون في الغالب جميع مشكلات الأطفال الآخرين خلال فترة النمو، وزيادة على ذلك يواجهون مصاعب خاصة لا تواجه الطفل العادي اطلاقا. وليست هذه المشاكل نتيجة غرور وخيلاء وإنما هي بسبب نظرة الآخرين لهم.
ومن أخطر مشكلات موهوبي الأطفال مشاعر اللامبالاة التي
الصفحة 66
بيديها أباؤهم إزاء عبقريتهم وقد يمعن بعض الآباء في تثبيط العبقرية عند أبنائهم. وقد يكون الوالدان في شغل شاغل بمشاكل الحياة عن مجرد التعرف على أحوال الطفل. وقد يكون شعور اللامبالاة عند الوالدين ناتجا عن الفقر والجهل وعلى نقيض شعور اللامبالاة عند الوالدين ، نجد بعضاً منهم يغالي في الاحتفاء بذكاء طفله وواقعه نقعا نحو ممارسة المسائل العقلية والفنية، مما يثقل كاهل الطفل ويفسد عليه نموه الطبيعي.
وفي غمر تدفع الأباء لأبنائهم الاذكياء نحو التفوق العقلي يغفلون عن أن نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي قد لا يكون على مستوى نموه العقلي، ويفوتهم أن النمو المتكامل للطفل الموهوب هو سبيله إلى الإبداع المنشودة.
ومن أهم مشاكل الأطفال الموهوبين زنهم يوضعون في الغالب في مدارس توجه مناهجها لارضاء احتياجات ومستويات الاطفال المتوسطين، ولذلك يجد بعضهم المدرسة لا تحقق
رغباته ولا تشبع حاجاته. ولا تتحدى طاقاته العقلية، فيتكاسل ويحجم عن بذل مزيد من الجهد، وبهذا لا يتاح له أن يكتسب العادات الجيدة في الدراسة والبحث استهانة منه بمستوى منهج مدرسته، فإذا قدر له في المستقبل أن يدخل الجامعة ودراساتها
الصفحة 67
تتطلب منه الانتباه والتركيز يتوافق دراسيا في الجامعة .
وأخطر المشكلات التي يتعرض لها الطفل الموهوب تنجم عن استهانة مدرسه به دون أن يحاول تحدى ذكائه، وإطلاق طاقاته
العقلية وهذا يسبب له خيبة أمل وانطواء.
وهناك مشكلة تكوين الصداقات مع زملاء الفصل، فالغالب أن زملاء الفصل يستكثرون عليه قدراته العقلية فيعرضون عنه فاما أن يفرض نفسه عليهم بشتى الطرق، أو أن يعتزلهم إلى عالم الكتب والنشاطات العقلية الخاصة، وحتى في حالة تقبل زملاء الفصل له، فأنه لن يكون سعيدا بأنشطته العادية التي قد تبدو له تافهة.
كيف تربي الطفل الموهوب؟
الطفل الموهوب نو طاقة عقلية هائلة يجب استغلالها على أكمل وجه ، وإلا أصيب بخيبة أمل، وربما أصبح عينا على المجتمع، يمتلئ نقمة وحقدا وعندما يصعب علاجه وإعادة تسييره في الاتجاه الصحيح. ولهذا ينبغي على الآباء أن يهينوا الأجواء الملائمة لأطفالهم.
أما المدرسة فإنها تتحمل المسئولية العظمى، فعلى القائمين بشئون التربية أن يتلمسوا أحدث السبل وأفضلها لتربية الموهوبين، وهناك عدة اتجاهات في تربية هؤلاء الأطفال، منها
الصفحة 68
نقل الطفل إلى فصل دراسي أعلى من عمره الزمني بحيث يلائم عمره العقلي وهي طريقة القفز أو الطريقة التقليدية التي مازالت تتبع في بعض البلاد العربية والأجنبية وأضرار هذه الطريقة أكثر من منافعها، بالنظر إلى أن الطفل سيحشر مع زمرة من الأطفال، تكبره سنا ، وتختلف عنه في الميول والاتجاهات وهذا يشعره بالعزلة والانطواء غير أن الطريقة المتبعة هي وضع نوابغ الأطفال في الفصول الدراسية العادية مع العناية بإعداد مناهج خاصة إضافية يكلفون القيام بها في بيوتهم، وفي ساعات النهار في المدرسة وتعرف هذه بطريقة التقوية للمناهج وهنا يجد الطفل النابغة في المناهج الخاصة ما يتحدى ذكاءه، كما أنها لا تسبب له عزلة اجتماعية، بل ينغمس مع المجموعة ويشارك في نشاطاتها المختلفة. فإذا لم يبدع في الألعاب فإن له من ذكائه ما يملأ نفسه فرحة واغتباطا فينمو شخصية متزنة متكاملة.
الصفحة 69
الأطفال والعقد النفسية
من المعروف في علم النفس أن العقدة النفسية تتكون لدى الطفل بشكل لاشعوري في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي عبارة عن اتجاه وجداني مكبوت يجعل الطفل يسلك سلوكا معينا يتصف بالاضطراب ويجعل له نمطا خاصا مميزا له عن غيره من الأطفال العاديين.
والعقدة مجموعة من الأفكار والدوافع والذكريات المكبوتة تعتبر بمثابة مازق نفسي يطرأ على البناء العام للشخصية نتيجة لظروف خاصة اقترنت بها المرحلة الأولى من مراحل الطفولة.
- وكم هي عديدة أسباب نشأة العقد النفسية في نفوس اطفالنا، فمنها ما هو معروف لنا نحن الآباء وندرك أسبابه، ومنها ما نجهله ولا ندرى له سببا، ورغم ذلك ربما يعلم البعض أن هناك محددات أساسية لنشء هذه العقد نوردها إجمالا ثم نبسط فيها القول فنقول :
- إن العقد النفسية وليدة صدمة الفعالية قاسية تعرض لها الطفل في بداية عهده بالحياة، ولم تجد هذه الصدمة في نفس الطفل ما يمهد لها السبيل للخروج من نفسيته فاختزنت بفعل
الصفحة 70
عملية الكبت ثم عادت للخروج بعد سنين قد تطول أو تقصر فيشكل عقدة من السبب المباشر وراء هذه الصدمة .
- قد يكون السبب فيها الأباء والأمهات وخصوصا في الأعوام الخمسة الأولى من عمر الطفل وأية ذلك أن جهل الأباء بنفسية الابناء ونقص خبراتهم التربوية اللازمة لمثل هذه السن أو خطأ الأسلوب التربوي المتبع في تربية الطفل، وربما كان ضعف شخصية الأب أو الأم أو كليهما هو السبب المباشر في زرع العقدة في نفس الطفل. ولربما كان بعض الآباء والأمهات أصحاب عقد نفسية أو يعانون اضطرابا نفسيا مما يساعد على نقلها مباشرة إلى الطفل، أو تكون سببا في اضطراب حياته وتهديد نموه النفسي.
وقد يكون السبب - أيضا - أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة كالتدليل الزائد أو القسوة الزائدة، وكلا الأسلوبين خطأ فادح يعاني منه الطفل بقسوة وضراوة، فلا يصح أبدا أن نجعل من الطفل شخصية مستبدة طاغية تأمر فتطاع، فتلبي جميع أوامره وننتهى عن نواهيه، ويتمادى الطفل في ذلك بعد أن أصبح ضعفنا الشديد أمامه مطلية سهلة لتنفيذ كل ما يريد وبنفس القدر ينبغي الاقلاع الفوري عن القسوة البالغة في معاملة الطفل حتى لا نزرع فيه عقدة الخوف فينشأ مترددا
الصفحة 71
خضوعا ، وربما تسبب ذلك في كراهية الطفل لأبويه أو لأحدهما نتيجة قسوته وصرامته وما يترتب على هذا من وبال محقق على
نمو الطفل النفسي.
عقدة أوديب-
- والعقد النفسية عديدة ومتنوعة تختلف فيما بينها من حيث المضمون والمسببات وريما كان أشهرها «عقدة أوديب ، التي أشار إليها «فرويد» واعتبرها العقد الوحيدة في حياة الإنسان بيد أنه أسرف في إحصاء أسبابها بشكل يكاد يتركز في تعلق الطفل بأمه تعلقا شهوانيا وغيرته من أبيه لهذا السبب لكن هذا التعليل لا نستطيع قبوله ونحن أمام اطفال أسوياء وفي بيئة لها تقاليد وقيم وأعراف مستمدة من رسالات السماء، بل المنطق أن تقول أن الطفل الذكر في سنواته الأولى يحب والديه على حد سواء ثم يتعلق بأمه تعلقا شديدا لأنها باختصار عالمه الرحب أو ناقلته على العالم الكبير ويكون حب الأم والإقبال عليها غير متساو مع حب الآب والتعلق به حتى ينمو جسميا ونفسيا ومع الثالثة من عمره يتساوى كلاهما في بوادر الإحسان إليه فيحبهما بقدر متعادل ومتوازن، وأمل في حب الطفل لأمه ما تعتبره بكرة لحب طرف من الجنس الآخر في مستقبل أيامه.
ويمكن التغلب على هذه العقدقوعلاجها من خلال تهيئة بيئة
الصفحة 72
نفسية مناسبة للطفل تكفل له فيها النمو النفسي الجيد، وإذا تحقق لدى أحد الأطفال ذلك التعلق الذي أشار إليه «فرويد» فسرعان ما يزول بقدوم طفل آخر في الأسرة، ويكتشف الطفل أن الأم، تحولت بحبها إلى الطفل الجديد وتركزت رعايتها فيه.هذا بالإضافة إلى التنشئة الاجتماعية السليمة التي تستبعد التدليل الزائد، أو القسوة الزائدة.
عقدة الذئب :
- ومن العقد النفسية «عقدة الذنب وتبدو مظاهرها على الطفل في الرغبة في عقاب الذات والتقليل من شأنها، أو الرغبة في الانتقام، وتنشأ هذه العقدة منذ الطفولة نتيجة تنشئة اجتماعية تسرف في العقاب وتهويل أخطاء الطفل والتغاضي عن حسناته واشعاره بالذنب والتأنيب دائما، فنجد أن الطفل ينمو وينمو معه ضمير غير طبيعي ومتضخم فإذا بهذا الضمير يحاسبه على اللفتة والحركة وكل صغيرة وكبيرة ويهول له أبسط الأخطاء فيشعر الطفل دائما بوخز الضمير في جميع تصرفاته وسلوكه سواء كان مخطئا أو غير ذلك، وتعلم أن المخطئ سيعاقب على هذا الخطأ ولذلك اقترن عندنا الذئب بالعقاب . وهذا العقاب يخفف من وخز الضمير طالما ارتكب ذنبا . والمصاب بعقدة الذنب يندفع من تلقاء نفسه في عقاب نفسه
الصفحة 73
بنفسه. ويدفعه ذلك حاجة لاشعورية فيرتكب تصرفات ويضع نفسه في مأزق لا ينال منها إلا العقاب والألم والحرج ويكون هذا العقاب إما نفسيا أو اجتماعيا أو جسمانيا، وهؤلاء الأفراد يجدون لذة في عقاب انفسهم، فهم يبحثون عن المشاكل لأنفسهم دائما لأنهم يجدون راحة في ذلك.
وتعالج هذه العقدة عن طريق التوسط في العقاب فلا يتورط الأباء بعقاب الطفل بطريقة رادعة عنيفة أو حبسه أو ضربه وعدم الإسراف في لوم الطفل وتأنيبه على كل كبيرة وصغيرة وعدم تضخيم الاخطاء الصغيرة وتهويلها بل ينبغي أن يكون النصح والإرشاد أولا ثم النقاب الخفيف أخيرا.
عدم اظهار مواطن الضعف وإظهار مواطن القوة في الطفل :
تربية الطفل على احترام ذاته وتقدير نفسه التقدير المطلوب فتبتعد الأم من الألفاظ التي تجرح أحاسيس الطفل كالقول أنت عار علينا أو (انت سبب كل المرض اللي عندنا) وهكذا .
عقدة النقص :
وهذه العقدة وثيقة الصلة بعقدة الذنب ومن أعراضها الشعور بالخوف وضعف الثقة بالنفس والخجل الشديد وخشية مواجهة الآخرين واعتبار نظرة الغير بمثابة الحكم والادانة واللوم
الصفحة 74
والسخرية وهي تنشأ من الشعور المبكر بالخيبة والفشل في مواقف متكررة ومن كثرة نقد الطفل وأمه وتصحيح أخطائه علي الملا وينتج عنها سلوك تعويضي غالبا ما يكون في صورة عدوان موجه ضد الآخرين.
ومن مظاهر عقدة النقص في السلوك الغرور والرغبة الشديدة في السيطرة والطموح الزائد، والإسراف في تقدير الذات والتظاهر بالشجاعة والعدوان على الآخرين في أشكال مختلفة سواء بالقوة أو بالفعل الذي يصل إلى حد السرقة أحيانا. كل هذه مظاهر تعنى تحدى الفرد للمجتمع لكي يثبت الفرد لنفسه وللآخرين أنه ليس عاجزاً وأن لديه من القوة ما يستطيع أن يتحدى به حتى القانون، وتنشأ هذه العقدة في ظروف تخلق في نفس الطفل صراعا عنيفا، وهذه الظروف منها . التربية الخاطئة التي تقوم على الموازنة غير السليمة بين الأطفال واللوم الشديد المستمر وتكليف الطفل بأعمال تفوق قدرته، فيفشل فيها باستمرار وإحباط دوافعه والتحقير من شأنه باستمرار وهذا يجعل الفرد في موقف صراعي عنيف بين رغبته في تأكيد ذاته والحصول على التقدير الاجتماعي، وخوفه من الفشل.
الصفحة 75
العلاج :
عدم مقارنة الطفل بغيره من الأطفال بصورة خاطئة مما يولد تأثيرا عكسيا على الأطفال وبدلا من أن يتفوق الطفل يعاند ويزداد تخلفا.
التشجيع المستمر للطفل في توازن وقصد واعتدال.
اظهار مواطن القوة في الطفل ومحاولة تشجيعها وعدم التركيز على مواطن الضعف وجدها في شخصية الطفل عدم اظهار مواطن الضعف في الطفل باستمرار كان نقول له أنت ولد خائبة وقد تقول الأم لابنتها وهل رأيت شكلك في المرأة، وذلك يهدم البناء النفسي للطفل.
فقد يتوهم الأباء أنهم يستحثون أبنائهم على الاعتراف بأخطائهم ومحاولة التغلب عليها ولكن الأبناء لا يدركون هذه الأمور على وجهها الصحيح مما يترتب عليه العاقبة غير المنشودة وفي الواقع أن الكثير من الأساليب التربوية التي يتبعها الأباء لتشجيع أبنائهم أو حفزهم على التنافس وتشجيعهم على التفوق ماهي إلا طرق فاشلة وعقيمة لا تؤدى إلا إلى زيادة شعور الطفل بالنقص وقد تدفعه إلى سلوك طريق تعويضي متطرف أو شاد کرد فعل مضاد.
الصفحة 76
عقدة >>الخوف:<<
وهي العقدة التي تنشأ نتيجة لمشاعر القلق والخوف وعدم الطمأنينة، ومن المعروف أن شخصية الطفل لا يتأتى لها النمو
الكامل إلا إذا تيسر له :
- الشعور بالأمن : ويكتسبه الطفل من المحيطين والقائمين على تربيته.
- تكوين مفهوم الذات ويكتسبه الطفل من خلال وعيه بقدراته وبذاته ومدى رضاه عن هذه الذات .
- الاستقلال الذاتي : ويتحقق للطفل على نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة فيبدأ يشعر بكيانه ويتخلى عن السلوك الاعتمادي الذي تعوده.
ومن المعروف أن عملية الخوف تنتقل إلى الطفل من والديه بفعل العملية التي يطلق عليها علماء النفس المشاركة الوجدانية، فمن الملاحظ أن بعض الآباء لا يستطيعون أخفاء مظاهر القلق واللهفة والجزع حول حياة الطفل ومستقبله والوان سلوكه المختلفة، وهذا كله يلقى بظلاله على شخصية الطفل فينتقل إليه في صورة خوف وشكوك مستمر وقلق ظاهر .
كذلك يخطئ بعض الوالدين حينما يطرحون مشكلات الأسرة
الصفحة 77
الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسية وخاصة ما يتعلق بالطفل ذاته مما يفقد الطفل الشعور بالأمن، وربما يحلو لبعضهم الحديث عن المستقبل بصورة متشائمة مما يجعل الطفل يانسا متشائما، أو يزداد اضطرابه الوجداني النفسي ومشاعر الأمن التي يحتاجها الطفل للتغلب على عقدة الخوف تنشأ لدى الطفل في الأعوام الخمسة الأولى من عموه وتقوم الأم بتصيب كبير في إرساء دعائمها في نفس الطفل ، وحتى يمكن تدارك ذلك من . البداية ينبغي التغلب على أى مشكلات تطرأ على موضوع الأمن النفسي بين الأم وطفلها. ثم الأب ودوره كطرف اساسي في بث الشعور بالأمن لدى الطفل.
عقدة الكترا :
وتنشأ في نظر «فرويد» نتيجة رغبة لاشعورية لدى البنت في الاستئثار بأبيها والاستحواذ عليه مما يجعلها في حالة نفور و كراهية لاشعورية لأمها.
وذلك لأن الأب مصدر إرضاء حاجات البنت ولأن الأم منافس قوى لها وهي عقدة لا ينجو منها أى طفل ولكن التربية الرشيدة من شأنها تصفية هذه العقدة وانقاذ البنت من شرورها فيما. بعد فإن عجزت البنت عن تصفيتها تقلل متعلقة بأبيها تعلقا مرضيا.
الصفحة 78
ويرى فرويد أن هذه العقدة طبيعية في نمو الأفراد بحكم الصلة بينهم وبين الوالدين وأن هذه العقدة أساس كثير من الاضطرابات الشخصية أن لم تكن كلها ..
ومما يؤخذ على فرويد أنه جعل هذه العقدة سمة ثابتة بين الناس جميعا ولها أساس فطرى بيولوجي، غير أننا لا نستطيع أن تعزو وجود العقدة إلى عوامل حضارية محلية محضة كما يرى بعض العلماء، وذلك لأن البنت في كل حضارة وفي كل مكان عاجزة من الناحية البيولوجية فلابد لها أن تتعلق بأي شخص يرضى حاجاتها العضوية وحاجاتها إلى الأمن، سواء أكان هذا الشخص أباها أو غيره .
ومن الطبيعي أيضا أن تغار البنت وأن تكره كل من ينافسها في حبها لأبيها وحتى يمكن أن تتغلب على مشكلة العقد النفسية لدى أطفالنا ينبغي أن يتصف الجو الأسرى بالاستقرار والتوسط في عملية تربية الأطفال ويهيئ لهم صحة نفسية جيدة فمن الضروري مراعاة الحقائق التالية:
- إشباع الحاجات النفسية للطفل وخاصة الحاجة إلى الانتماء والأمن والحب والتقدير والأهمية والقبول والنجاح والاستقرار.
- تنمية القدرات والاستعدادت الشخصية للطفل عن طريق
الصفحة 79
الخبرات التربوية السليمة والموجهة.
- تعليم الطفل أسس ومبادى التفاعل الاجتماعي واحترام حقوق الغير.
- ارساء دعائم التوافق النفسي بشقيه الشخصي والاجتماعي لدى الطفل.
- ينبغي تكوين الاتجاهات السليمة نحو الوالدين فلا يبالغ أحدهما في الاستحواذ على الطفل والسيطرة عليه، بل تراعى التعادلية في العطاء والحب من كلا الوالدين إلي الطفل.
- تكوين الاتجاهات السليمة بين أطفالنا فلا نفرق بين بنت وولد ولا نزوع في نفوسهم الغيرة أو الضغينة.
وبهذه الأمور يمكننا أن نقي أطفالنا شر العقد النفسية ونضمن لهم نموا نفسيا سليما.
مشكلات الطفولة : اعراضها - أسبابها - طرق علاجها
- التبول اللاإرادي.
2- اللجلجة .
3- الخوف وضعف الثقة بالنفس .
4- الكذب .
5- السرقة
6- العدوان والغضب والتخريب والغيرة
7- التأخر الدراسي والهروب من المدرسة .
8- الجناح واللزمات العصبي
الصفحة 81
>>مشكلات الطفولة<<
أسبابها وأساليب علاجها
إن كل مشكلة من مشكلات الأطفال لها جانبان يتعين مراعاتهما إذا أردنا أن تتعامل مع هذه المشكلة بطريقة تربوية بهدف مواجهتها ووضع الحلول لها الجانب الأول يتمثل في البحث عن مواقع وأسباب المشكلة . فعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يكذب ويقالى فى الكذب فإنه من اللازم في هذه الحالة أن نسأل لماذا يكذب الطفل، وتتعرى دوافع وأسباب هذا الكذب أو إذا كان الطفل يسرق أدوات زملائه في الفضل أو أخوته في البيت كان من الضروري أن نبحث عن أسباب ودوافع الشرقة وهكذا ..
والجانب الثاني للمشكلة يتمثل فى التوصل إلى سبل علاج هذه المشكلة، وطبعا يكون هذا ممكنا إذا استطعنا أن نضع ايدينا على مواقع وأسباب المشكلة.
ومن الجدير بالذكر أن نوضح أن علاج مشكلات الأطفال لا يتم عن طريق الوصفات المجربة» أو >>الروشتات الجاهزة<< لأن كل طفل مشكل له طبيعة متفردة، فقد تشترك مجموعة من
الصفحة 83
الأطفال في مشكلة واحدة وليكن السرقة، هذه المشكلة السلوكية قد تبدو واحدة ولكن دوافع المشكلة وأسبابها تختلف من طفل لآخر. فدوافع السرقة عند كل طفل قد تختلف اختلافا كبيرا عن دوافع السرقة لدى طفل آخر، وبالتالي تختلف طرق ووسائل العلاج.
ومن المهم أن نشير إلى أن علاج مشكلات الأطفال قد لا يكون موجها فقط إلى الأطفال أصحاب المشكلة، ولكن جانبا كبيرا من العلاج قد يوجه إلى بيئة الطفل في محاولة لإصلاحها قدر المستطاع وتحسينها، أو إلى أباء الأطفال المشكلين حتى يتعاملوا مع الطفل بأسلوب جديد واتجاهات جديدة، وحتى يعدلوا عن أساليبهم الخاطئة التي يستخدمونها في التعامل مع أطفالهم.
ويهمنا قبل عرض المشكلات أن نسجل بعض الملاحظات التي يجب وضعها في الاعتبار، هذه الملاحظات يمكن تلخيصها فيما يأتي :
الأولى : إن هذا النوع من المشكلات أو الصعوبات قد تبدو مشكلة في ظاهرها ولكنها في حقيقة الأمر لا تعدو إلا أن تكون مظهرا أو أكثر من مظاهر النمو في مرحلة معينة. ولذلك تجي هذه المشكلات بسيطة ويمكن لأطفال هذه المرحلة أن يتخلصوا منها بسهولة، إلا إذا ساعدت العوامل البيئية على تفاقمها
الصفحة 84
وتعقيدها .
الثانية : أنه يمكن أن نضيف إلي هذه المشكلات البسيطة نوعا آخر من المشكلات التي لا تخرج عن كونها عادات سيئة تعلمها الصغير كنتيجة لظروف معينة يمر بها الأطفال في البيئة التي يعيشون فيها .
الثالثة: إن هناك نوعا من المشكلات التي تعترض حياة الأطفال كنتيجة لما يعانونه من توتر نفسي وكنتيجة الظروف الاجتماعية التي قد يمر بها هؤلاء الأطفال في المدرسة أو في المنزل، وهذا النوع من المشكلات مهم لأن له أثرا على الصحة النفسية لهؤلاء الصفار وريما كان معوقة لتوافقهم النفسي في مستقبل حياتهم ولهذا كان من الواجب علينا كفريين فأباء أن نعتنى بدراسة هذه المشكلات لأنها تعرقل نمو الطفل والمجتمع على السواء.
الصفحة 85
(1) مشكلة التبول اللاارادي
تظهر مشكلة التبول اللاإرادي عندما يتبول الأطفال اثناء نومهم في سن كان ينتظر منهم أن يكونوا قد تعودوا ضبط جهازهم البولي والاستيقاظ في الوقت المناسب لتفريغ ما في مثانتهم من بول والسن الذى يتمكن فيه الطفل من ضبط الجهاز البولي يختلف من طفل إلى آخر ولو أنه من المفروض الا الطفل أثناء نومه بعد سن الرابعة وإذا حدث ذلك بصورة متكررة فالأمر يمثل مشكلة تتطلب دراسة وعلاجا وقد يحدث التبول اللاإرادي بصورة عارضة بالنسبة لبعض الأطفال بسبب تناول الطفل كميات كبيرة من السوائل وعدم تفريغ الطفل المثانته قبل النوم أو الإصابة الطفل بالحمى أو بالبرد العادي أو إصابة الطفل بالتهاب في جهازه البولي أو في حالة الخوف الشديد لو الاضطراب الانفعالي الذي يسود الطفل قبل النوم وانعكاس ذلك على أحلامه. فالحالات العارضة غير المتكررة عادة ما تزول بسرعة بزوال السبب الطارئ أما المشكلة التي تتطلب علاجا مناسبا فهي أن يتبول الطفل لا إراديا بصورة متكررة.
والتبول اللاإرادي يسبب الكثير من الضيق والخجل للطفل
الصفحة 86
ويزداد هذا الضيق وهذا الخجل كلما كان الطفل أكبر سناء كما يثير قلق الآباء واضطرابهم، وقد يثير التبول اللاإرادي غضب الجاهل من الآباء على الطفل فينزلون به العقاب بصوره المختلفة كلما تبول لا إراديا مما قد يسبب تعقيد المشكلة. وتجسيمها .
الأسباب العضوية التبول اللاإرادي :
أشارت الدراسات التي اهتمت بدراسة هذا الاضطراب عند الأطفال إلى أن الأسباب العضوية لتبول الطفل لا إراديا يمكن حصرها في العوامل التالية :
أن يكون الطفل مصابا بمرض عضوي ، أو بضعف في عضلات المثانة، كما يحدث في حالات الالتهابات في مجرى البول لدي الجنسين من الأطفال ذكورا وإناثا، كما قد يحدث التبول اللاإرادي أيضا في بعض حالات الإنهاك العصبي العام. وفقر الدم، ونقص الفيتامينات ووجود بعض الأمراض المتوطنة، إذ قد يؤدي الضعف العام الناتج عن المرض العضوي إلى ضعف السيطرة علي العضلات بصفة عامة وعضلات المثانة. بصفة خاصة.
كما قد يحدث التبول اللاإرادي لمجرد شرب الطفل لكثير من السوائل قبيل النوم مع تعرضه للإصابة بالبرد.
الصفحة 87
صغر حجم المثانة، وهذا عيب خلقي ، تظهر أثاره في سن الخامسة أو السادسة حين يحتاج الطفل إلى استيعاب كمية أكبر من البول في المثانة قبل أن يتخلص منها عن طريق التحكم الذاتي في هذه الحالة يستطيع الطفل أن يتحكم في البول نهارا ليقظته، لأنه سيفرغها في أوقات متقاربة ، لكنه أثناء النوم سيفقد القدرة على التحكم، ويمكن اكتشاف ذلك بعمل أشعة ملونة للحجم الفعلي للمثانة.
حدوث نوبات صرعية للطفل أثناء الليل، وأثناء هذه النوبات الصرعية تحدث انقباضات شديدة للمثانة فتفرغ محتوياتها من البول .
الأسباب النفسية للتبول اللاإرادي :
قد يرجع التبول اللاإرادي في بعض الأحوال الأسباب نفسية فقد يلجا الطفل لا شعوريا إلى التبول اثناء النوم كوسيلة لجذب انتباه الوالدين وإثارة اهتمامها به.
وقد يمثل التبول اللاإرادي صورة من صور السلوك التوافقي غير المناسب الذي يلجأ إليه الفرد لا شعوريا دفاعا عن نفسه فيكون هذا التبول اللاإرادي صورة من صور النكوص حيث يرتد الطفل سلوكيا إلى مرحلة نمو سابقة كانت بالنسبة له أكثر سعادة وأكثر أمنا .
وقد يرجع التبول اللاإرادي في بعض الأوقات إلى
الصفحة 88
الاضطرابات الانفعالية التي تصيب الطفل وإلى حالة الخوف الشديد التي تسيطر عليه وتسبب له التوتر والقلق.
الأسباب الأسرية للتبول اللاإرادي :
وقد يرجع السبب في تبول الطفل لا إراديا - إلى أسباب أسرية : متمثلة في معاملة الوالدين واستخدامهما للعقوبة أو التهديد ومحاولة السيطرة والتحكم في كل تصرفاته ولذلك قد يجد الطفل لذة لاشعورية عندما يقوم بممارسة التبول اللاإرادي الذي يثير ضيق وغضب الوالدين. وقد يكون سبب التبول اللاإرادي الخوف، ويكون سبب الخوف شعور الطفل بأن مركزه في الأسرة مهدد، وذلك بعد ولادة طفل جديد للأسرة، وتحول أنظار . واهتمام كل من بالبيت إلى المولود الجديد، وبذلك يبدأ الطفل في التبول لا إراديا .. وهذا الخوف هو ما يسميه الآباء بالغيرة. عند وفاة عزيز عليه كالوالد أو الوالدة، أو الجد أو الجدة، ممن كانوا يعتنون به عناية كبيرة تجعل مركزه يتأثر بالوفاة. وبذلك يظهر وقد يشعر بنفس الشعور مانع حمل اللاإرادي بعد أن كان الطفل قد تعلم ضبط التبول والتحكم فيه.
ومن الأسباب الأسرية اعتماد الطفل على أمه، أو حاجته للالتجاء إليها . ففي كثير من حالات التبول نجد أن الطفل يعتمد . كثيرا على أمه، فهي تطعمه، وتلبسه، وتقوم له بكل صغيرة
الصفحة 89
وكبيرة والتبول هنا قد يكون حيلة لاشعورية تساعد على تحقيق ما تشتاق إليه نفس الطفل من الأشياء التي اعتاد عليها ويلاحظ أيضا أن الحالات التي يكون فيها الأب قاسيا على الطفل يكون فيها في حاجة إلى الالتجاء إلى الأم..
الأسباب المدرسية للتبول اللاإرادي :
كذلك قد يرجع التبول إلى أسباب مدرسية ، كما يحدث أحيانا حين يبدأ الصغير في الذهاب للمدرسة دون تهيئة سابقة لمجتمع المدرسة فيخاف عليه. ولذلك كثيرا ما تتردد شكوى بعض الأمهات من أن طفلها بدأ تبوله عند التحاقه بالمدرسة.
أعراض التبول الجانبية :
يصاحب التبول في أثناء النوم أعراضا منها ما هو محسوس كاتساخ الفراش وتعرضه للتلف، وتلوث هواء غرفة النوم، ومنها. ما هو نفسي كالشعور بالنقص، أو فقدان الشعور بالأمن. وهذه. الأعراض، إما أن تكون من نوع الشعور بالنقص أو فقد الشعور بالأمن، كالفشل الدراسي والشعور بالذلة والخجل، والميل إلى الانزواء، والتهتهة، والنوبات العصبية، وغير ذلك ، وأما أن تكون تعويضية كالعناد، والتخريب والميل إلى الانتقام، وكثرة النقد وسرعة الغضب، وغير ذلك.
ويصاحب التبول - في كثير من الحالات - النوم المضطرب والأحلام المزعجة، وتدهور الحالة العصبية.
الصفحة 90
علاج التبول اللاإرادي عند الأطفال :
تكون البداية الصحيحة للعلاج بالتأكد من سلامة الجسم من كل ما يحتمل أن يكون سببا في عملية التبول، ولهذا يجب فحص حالة الجسم العامة فحصا دقيقا ويجب تحليل البول والبراز والدم لهذا الغرض.
- تحسين حالة البيئة التي يعيش فيها الطفل فيجب أن يعيش الطفل مطمئنا. وذلك بالتغلب على حالات الخلاف بين الوالدين وتحسين معاملة الوالدين للطفل. ويعالج كذلك ما قد يكون هناك من غيرة أو تأخر دراسي.
وينبغي أن يشعر الطفل بضرورة معالجة المشكلة وإن علاجها أمر بسيط يتوقف نجاحه كله عليه شخصيا. وإن المشكلة خاصة به وليست مشكلة أمه أو أبيه.
ويمكن تلخيص عوامل نجاح معالجة التبول اللاإرادي في المواظبة والدقة في تنفيذ النظام الذي يضعه المعالج، وفي وجود الاهتمام الكافي من جانب الطفل والأم وفى الثقة بالنجاح. وهذه الثقة في النجاح تزداد عادة بالنجاح نفسه والشعور بمقداره، ويأتي هذا كله بعد التأكد من إزالة الأسباب الجسمية أو العوامل الانفعالية الناشئة عادة بدورها من مجال حياة الطفل.
الصفحة 91
ومن الأخطاء التي يقع فيها الآباء عند التعرض لهذه المشكلة :- أن الوالدين - عند مواجهتهما لمشكلة تبول طفلهما تبولاً لا إراديا أثناء الليل - يقعان عادة في كثير من الأخطاء وقد تؤدى بعض هذه الأخطاء إلى تثبيت المشكلة، أو الإيحاء بثبوتها في طبيعة الطفل لدرجة لا يفيد معها بذل أي مجهود ازاها.
ومن هذه الأخطاء مثلا أن يعلن الآباء أن الطفل يشبه في تبوله في أثناء نومه بعض أقربائه مما قد يوحى بأن المشكلة وراثية وأنه لا أمل في التخلص منها.
ومنها أن ينسب الآباء المشكلة إلى سبب جسماني فيهملون العلاج النفسي، وقد يغفلون عن السبب الجسمي رغم أهميته فيصعب على الطفل حينئذ أن يكون العادات اللازمة للتغلب على مشكلته لأن السبب فى تبول الطفل سبب جسمي فقط مثل التهاب المسالك البولية أو غير ذلك.
ومنها أيضا أن يتعمد الوالدان اذلال الطفل على فعلته أو ضريه وتوبيخه أو معاملته معاملة يشوبها الغضب ، أو إلصاق صفة سيئة به، أو معاملته على أنه حالة تستحق الرثاء فهذه كلها أساليب المعاملة من عيوبها أنها تعود الطفل على توقع الشر، وتجعله يفقد القدرة على ضبط المثانة بسبب الخوف والإحساس بالنقص، ولكن يجب أن يعامل الطفل - الذي يتبول لا إراديا بالعطف والإرشاد النفسي الصحيح.
الصفحة 92
وأخيرا أن يبالغ الآباء في العطف على الطفل، فيبالغون - مثلا - في مراعاة شعور الطفل إلى حد أنهم يخفون معالم التبول قبل أن يشعر بها الطفل نفسه بأن يغيروا له ملابسه أو فراشه قبل أن يستيقظ من نومه، وهذه المبالغة في مراعاة إحساس الطفل توحى له بخطورة المشكلة وصعوبة التغلب عليها .
وبعد .. فيما يلى بعض نصائح وهي موجهة أساسا للآباء حتى يساعدوا طفلهم على التخلص من الحالة المرضية المتمثلة في التبول اللاإرادي :
- أن يحذر الآباء إهانة الطفل الذي يتبول لا إراديا أو تأنيبه أو تعنيفه أو تخويفه. - تعويد الطفل على تفريغ مثانته قبل الذهاب إلى النوم كل ليلة.
- تعويد الطفل على الاستيقاظ ليلا لتفريغ ما في مثانته وأن يوقظ لهذا الفرض ايقاظا تاما . - تيسير عملية ذهاب الطفل إلى دورة المياه للتبول واضاعتها وأن تكون دورة المياه قريبة من حجرة نوم الطفل واصطحاب أحد الكبار للطفل إلى دورة المياه إذا كان يخاف الذهاب إليها ليلا بمفرده.
الصفحة 93
- عدم تمكين الطفل من تناول كميات كبيرة من السوائل قبل
النوم.
- المباعدة بين الطفل وبين تعاطى الأطعمة التي تهيج الجهاز البولي وعلاج الإمساك إن وجد.
- علاج الطفل علاجا نفسيا إذا ثبت أن تبوله اللاإرادي له دوافع نفسية وتوجيه الآباء إلى أسلوب مناسب للتعامل مع الطفل ومحاولة إشباع بواقعة وحاجات النفسية والاجتماعية ووضع الطفل موضع الاهتمام والرعاية من جانب أفراد الأسرة.
- يجب أن يشعر الطفل بأن الأسرة تثق كل الثقة في أنه سينجح في التغلب على التبول اللاإرادي. إذ أن هذه الثقة تساعده كثيرا وتدفعه إلى بذل الجهد.
الصفحة 94
بعض مشكلات مرحلتي الطفولة المتوسطة والمتأخرة
1- من أمراض الكلام في مرحلة الطفولة (اللجلجة)
اللجلجة اضطراب في إيقاع الكلام وطلاقته يتميز بالتوقف والتكرار أو الإطالة في الأصوات أو الحروف أو الكلمات، ويأخذ هذا الاضطراب الكلامي شكلا تشنجيا في عملية تشكيل أو تقويم أصوات الحروف فتخرج بصعوبة ومجاهدة بالغتين». فالطفل الذي يعاني من هذه المشكلة يعرف ما يريد قوله تماما ولكن تحدث له إعاقة في النطق يصعب ملاحظتها .
أمراض اللجلجة :
هناك عدد من الاعراض المتعددة والمختلفة المميزة لظاهرة اللجلجة يمكن تحديدها فيما يأتي :
(1) الميل إلى التكرار (تكرار للمقاطع - الكلمات - الحروف) مصحوبا بالتردد والتوتر النفسي والجسمي .
(2) الإطالة : إطالة الأصوات خاصة الحروف الساكنة وهذا العرض أهم ما يميز كلام المتلجلج.
(3) الإعاقات : والتي يبدو فيها المتلجلج غير قادر على
الصفحة 95
إنتاج الصوت إطلاقا بالرغم من المجاهدة الكبيرة وواضح ما يكون ذلك في بداية الكلمات والمقاطع والجمل.
(4) الاضطرابات الحركية : وهي مظاهر ثانوية مصاحبة للجلجة من حركات غير منتظمة للرأس ورمش العينين وحركات الفم المبالغ فيها وأصوات معوقة، مع ارتفاع في حدة الصوت أو خروجه بطريقة شاذة وغير منتظمة وارتعاشات حول الشفاه كما تحدث حركات فجائية لا إرادية لليدين أو الرجلين أو أجزاء الجسم الأخرى.
اسباب وعوامل حدوث الجلجة :
اللجلجة ظاهرة مركبة، بقدر ماهي نتاج عوامل كثيرة فأسباب اللجلجة يمكن أن تختلف من طفل لآخر وهكذا فإن محاولة تقسيم مسببات اللجلجة إلى أقسام معينة يعتبر عملية صعبة حيث يوجد تداخل كبير بينها . إلا أنه من الممكن أن نحدد اقساما ثلاثة رئيسية لحدوث اللجلجة.
1) الأسباب الانفعالية (النفسية) :
يرى أصحاب مدرسة التحليل النفسي أن اللجلجة تعتبر نوعا من التثبيت (0) على مراحل غير ناضجة في التطور الجنسي، وإن
الصفحة 96
الأطفال المتلجلجين يعانون من مقادير من اضطرابات الشخصية وسوء التوافق الانفعالي فضلا عن القلق والشعور بالإحباط.
2) الأسباب البيئية - الاجتماعية :
من العوامل التي تؤدي إلى اللجلجة التوتر في جو الأسرة والخلافات الأسرية، وشعور الطفل، بأنه غير متقبل من جانب أفراد أسرته.
كما أن ضغوط الأسرة والمدرسة لها دور كبير في حدوث اللجلجة والدليل على ذلك أن كثيرا من الأطفال يصابون . باللجلجة عند بدء الالتحاق بالمدرسة فقد تكون المدرسة - في بعض الأحيان - مسئولة عن ظهور اللجلجة عند بعض الأطفال وكثيرا ما تكون المدرسة جها صالحا لتثبيت اللجلجة وزيادة وضوحها. ولعل سبب ذلك هو أن جو المدرسة يعيش فيه الطفل مدة طويلة ولحياته فيها أهمية خاصة بالنسبة لحفظ كرامته في نظر نفسه، وبالنسبة لمستقبله وشعوره بالأمن عند النظر إليه فإن كان جو المدرسة يشعره مثلا بالإخفاق في التحصيل لعدم ملامة المواد الدراسية لقدراته العقلية ، أو وجود فروق كبيرة بينه وبين زملائه في الدرة على التحصيل الدراسي، أو يشعر بالفشل في تعليم اللغات بنوع خاص، أو بالفشل في تحقيق
الصفحة 97
التوافق الاجتماعي، فإن هذا يزيد حالة الخوف لدى الطفل وحالة التوتر اليه، وإذا ظهر هذا الشعور بالفشل في المدرسة، فإن المنزل عادة يزيد الموقف تدعيما مما يزيد الحالة سوما على سوء. ومما يساعد علي ظهور التوتر في العلاقات بين المدرس وتلميذه شدة الاهتمام بالامتحانات وما تحدثه من قلق وما يترتب على ذلك من إرهاب وعقاب وإرهاق بالعمل وتوتر عام في الجو المدرسي كله.
كذلك فإن من الأخطاء المعروفة وراء حدوث اللجلجة - الطلاق الاسئلة على التلاميذ اطلاقا سريعا والالحاح في طلب الإسراع في الإجابات أو إرغام الطفل على سرعة الإجابة وهو في حالة خوف أو غضب ، أو إرغامه على التزام الصمت في الحال إذا كان يشكو من شيء ما، أو له طلب معين من المدرس.
3) الاسباب العضوية - التكوينية :
يعتقد بعض علماء النفس أن الأسباب العضوية في مجملها عبارة عن أسباب استعدادية، وفى هذا يرى «فان رايير» أن ما يؤكد وجود هذه الأسباب العضوية - التكوينية - أن اللجلجة تميل إلى الوجود بكثرة في عائلات خاصة عبر أجيالها المتعاقبة مما يوحي بأنها حالات وراثية، وإنها أكثر في الذكور عنها في الإناث، مما يشير إلى نوع من الارتباط بالجنس، ويرى فريق آخر من علماء النفس أن من أهم الاسباب العضوية للجلجة
الصفحة 98
عامل الوراثة فمعظم المتلجلجين تنتقل إليهم اللجلجة من طريق الأمهات وأن المتلجلجين لهم أسلاف متلجلجون أكثر من العاديين.
. علاج اللجلجة :
أولا : العلاج العضوي :
التأكد من أن الطفل لا يعاني من أسباب عضوية تؤدى إلى حدوث اللجلجة، خصوصا ما يتعلق بالنواحي التكوينية كوجود اختلال في الجهاز العصبي المركزي واضطراب الأعصاب المتحكمة في الكلام، مثل اختلال أربطة اللسان أو إصابة المراكز الكلامية في المخ بتلف أو نزيف أو ورم أو مرض عضوي. كما يجب علاج عيوب الجهاز الكلامي القم الأسنان اللسان - الشفتان الفكان) التي قد تؤثر على النطق خصوصا عيوب الشفة العليا وسقف الحلق علاجا عضويا. عادة كما يتعين علاج عيوب الجهاز السمعي كشفك السمع، لأنها قد تؤثر على نطق الطفل، فتجعله عاجزا عن التقاط الأصوات الصحيحة للألفاظ، وكثيرا ما تتحسن حالات اللجلجة الناتجة عن ضعف السمع تحسنا ملحوظا بعد تصحيح السمع سواء بعلاج سبب ضعف السمع أو بتركيب سماعة تساعد الطفل على السمع بصورة صحيحة.
الصفحة 99
كما أنه يجب أن توجه العناية إلى الصحة العامة للطفل بوجه عام لأن لها أثراً كبيراً على حيويته ونشاطه وذكائه وقدرته على الكلام والتعبير عن نفسه، فكلما كانت صحة الطفل العامة حسنة كلما كانت فرصته في التعبير عن نفسه طيبة.
ثانيا : العلاج النفسي :
وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي عند الطفل والتنمية شخصية الطفل ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص مع تدريبه على الأخذ والعطاء، حتى تقلل من ارتباكه وانسحابه وانزوائه في البيئة التي يعيش فيها .
والواقع أن العلاج النفسي للأطفال عامة يعتمد نجاحه على تعاون الآباء والأمهات وتفهمهم للهدف منه، بل يعتمد أساسا على درجة الصحة النفسية للآباء والأمهات ، فكم من حالات الأطفال، كان العلاج النفسي فيها موجها للأب والأم حتى تتحسن حالة الأطفال، ذلك لأنه مالم تتحسن معاملة الأبوين للطفل ومالم يساعداه على الاعتماد على نفسه، وعلى تقوية روحه المعنوية، فلا أمل في نجاح العلاج، ذلك لأن إعادة الاتزان الانفعالي للطفل والبيئة التي يعيش فيها بحيث يشعر فيها بالأمن والطمأنينة، وبالدفء العاطفي البعيد عن التدليل أمر ضروري للعلاج النفسي.
الصفحة 100
ثالثا : العلاج الكلامي :
وهو علاج ضروري و مكمل العلاج النفسي، ويجب أن يتزامن معه أي يحدثان في نفس الوقت في أغلب الأحيان ، ويتخلص في تدريب المريض عن طريق الاسترخاء الكلامي، والتمرينات الكلامية الايقاعية، وتمرينات المنطق، والتعليم الكلامي من جديد مع التدرج من الكلمات والمواقف السهلة إلى المواقف الصعبة، وتدريب جهاز النطق والسمع عن طريق استخدام المسجلات الصوتية، ثم تدريب المريض لتقوية عضلات النطق والجهاز الكلامي بوجه عام.
رابعا : العلاج البيئي :
يقصد بالعلاج البيئي إدماج الطفل في أنشطة اجتماعية وجماعية تدريجيا، حتى يتدرب على الأخذ والعطاء وتتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي وتنمو شخصيته ويعالج من خجله وانزوائه وانسحابه الاجتماعي، ومما يساعد على تنمية الشخصية من الناحية الاجتماعية للعلاج باللعب والاشتراك في الأنشطة الرياضية.
كما يتضمن العلاج البيئي إرشاد الآباء القلقين إلى أسلوب التعامل مع الطفل، فيتجنبون مثلا إجباره على الكلام تحت ضغوط انفعالية، أو في مواقف يخشاها وأن يتركوا الأمور
الصفحة 101
للتدرج من المواقف السهلة إلى المواقف الصعبة، مع المرونة لدرجة كبيرة، حتى لا يعاني الطفل من الإحباط والخوف والشعور بالفشل، وحتى تتحقق له مشاعر الأمن والطمأنينة بكافة الوسائل - كما يجب تعاون الآباء والمعالج والمدرسة لخلق الجو الصالح للطفل في المدرسة، بحيث لا يشعر بالحرج سواء في الفصل عن طريق أسئلة المدرس وتسميع الدروس أو عن طريق اعتداء وسخرية زملائه.
نصائح عملية للآباء والمربين :
وفيما يلى بعض الإرشادات والتوجيهات التي يتعين على الآباء والمربين اتباعها كي تساعد إلى حد ما في إتمام العلاج:-
- من أهم الارشادات التي يجب أن يعيها الآباء والمريون هي أنه مالم ينجحوا في مساعدة الطفل على أن يثق بنفسه، ويثق بمقدرته على التخلص من عيوبه، فإنه لا فائدة من أي مجهود أو حتى أي علاج.
على الآباء والمربين مساعدة الطفل الذي يعاني من اللجلجة، أو أي مرض من أمراض الكلام، بعد التأكد من خلوه من أي مرض عضوي أن يساعدوه على ألا يكون متوتر الأعصاب أثناء الكلام حساسا لعيوبه في النطق، بل عليهم أن
الصفحة 102
يساعدوه على الاسترخاء والهدوء النفسي، ويمكن تحقيق ذلك يجعل جو العلاقة مع الطفل جوا يسوده الود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة بين الطفل والشخص الذي يحاول مساعدته سواء كان أحد الوالدين أو المعلم في المدرسة.
- عدم الاسراع في علاج الطفل والتعجيل بمطالبته بسلامة مخارج الحروف والمقاطع شده، ذلك لأن التعجيل والإصرار على سلامة مخارج الحروف والمقاطع والكلمات من شأنه أن يزيد الطفل توترا نفسيا وجسميا ويقظة لمشكلته وعيوبه، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ارتباكه، ويعقد الحالة نفسيا، ويزيد من صعوبة الاضطراب في النطق.
- عدم توجيه اللوم أو السخرية للطفل الذي يعاني من اللجلجة أو عيوب الكلام، سواء من الآباء والأمهات أو من الاقران والأخوة، وذلك أن اللوم والنقد يفقدان الطفل ثقته بنفسه، ويؤديان إلى اضطرابه الانفعالي وشعوره بالنقص.
- الاهتمام بحديث الطفل المتلجلج والاصغاء إليه وتشجيعه فالطفل يجد في انصات أبويه أو معلميه إليه تحقيقا لرغبة ملحة في التعبير عن نفسه واثبات ذاته، مما يجعله يزداد ثقة بنفسه ويساعده على الإحساس بالأمن المتبادل بين البيئة وبينه ومن ثم
الصفحة 103
يمكنه شيئا فشيئا أن يعبر عن نفسه تدريجيا ، بدرجات أقل فأقل من صعوبات النطق.
- ينبغي ألا يحرم الوالدان الطفل من التحدث، كلما أراد ذلك مع عدم مقاطعته أو تصحيح ألفاظه عندما يتحدث، لأنه رويدا رويدا سيدرك خطاه ويصححه بنفسه، كما يمكن اختيار أوقات ملائمة لنصحه أو تصحيح خطأه في مناسبة يكون فيها الطفل على استعداد لقبول ما يقال له.
- في الحالات المستعصية يتعين على الآباء والمربين اللجوء إلى العيادات النفسية، حيث تمارس ألوان العلاج النفسي المختلفة مع هذه الحالات، ولا يفيد العلاج وحده مالم تكن هناك مؤازرة مستمرة واهتمام مستمر من الآباء أو المحيطين بالطفل فبالتعاون يتحقق العلاج وهو الهدف الأساسي لكلا الطرفين .
الصفحة 104
مشكلة الخوف وضعف الثقة بالنفس
أولا : الخوف :
1) التعريف بالمشكلة :
- الخوف حالة انفعالية داخلية طبيعية يشعر بها الانسان في بعض المواقف ويسلك فيها سلوكا يبعده عادة عن مصادر الضرر.
- وهذا كله ينشأ عن استعداد فطرى أو جده الخالق – عز وجل - في الإنسان والحيوان .
وهذا الخوف لا يعتبر مشكلة في حد ذاته ولكن المشكلة هنا هو الخوف مما لا يخيف الآخرين من نفس الجنس والسن والبيئة ويسمى الخوف في هذه الحالة بالمخاوف المرضية.
2) أنواع المخاوف :
. يقسم «فرويد» المخاوف إلى قسمين كبيرين : أولهما : المخاوف الموضوعية الحقيقية ويرتبط فيها الخوف بموضوع معين محدد كالخوف من الحيوان أو من الظلام أو من الموت والثاني : المخاوف العامة غير المحدودة، ولا يرتبط فيها
الصفحة 105
الخوف بأي موضوع فحالة الخوف تكون كأنها هائمة عائمة لا تستقر على موضوع ما، وصاحب هذه الحالة يائس متشائم يتوقع الشر وسوء الطالع في أي وقت وفي أي شيء ويطلق «فرويد» على هذه الحالة اسم «القلق العصبي».
3) مخاوف الأطفال ومصادر تكوينها :
- تتقسم مخلوف الأطفال بحسب موضوعاتها إلى حسية وغير حسية فالمخاوف الحسية يدركها الطفل بحواسه المختلفة كالخوف من العسكري أو بعض الحيوانات كالحصان أو الأسد أو غير ذلك.
أما المخاوف غير الحسية فلا يمكن الطفل إدراك حقيقتها كالخوف من الموت أو من جهنم أو العفاريت أو الغيلان أو غير ذلك.
ومن هنا نتبين أن منشأ الخوف في نفس الطفل يرجع إلى عدم معرفته الواقعية ببعض الأشياء كالعفاريت والغيلان ومن ثم نتبين بساطة الخطة التي يجب اتباعها للوقاية من الخوف وعلاجه وهي : توضح الغريب وتقريبه من إدراك الطفل ثم ربط مصادر الخوف بأمور ساره محببة بدلا من ربطها بأمور تثير الخوف فحسب. فإن كان الطفل - مثلا - يخاف الكلاب تساعده على تربية كلب صغير .. إلى غير ذلك.
الصفحة 106
4) أسباب مشكلة الخوف :
جهل الآباء بنفسية أطفالهم حينما يستغلون خوفهم من شيء ما للإضحاك والتسلية فيصرخ الطفل خائفا من هذا الشيء ويضحك الأب مما يهدد بالنتائج السيئة من حيث علاقة الطفل بوالده، وفي شخصية الطفل وسلوكه بوجه عام.
يزداد الخوف عند الأطفال حينما نستثيرهم من أجل حفط النظام أو قضاء الطفل لعمل معين أو متعة من القيام بلعب أو ضوضاء أو غير ذلك فتهددهم بعبارات مثل (إذا لم تكف عن كيت وكيت فسيأخذك العسكري أو الشحاذ أو الزيال أو القرد أو ستضعك في الغرفة المعلومة بالفئران).
- وتكون النتيجة أحد أمرين : أما أن الطفل لا يقلع عما يفعل ، ولا توقع عليه العقوية فيكتشف بذلك ضعف الوالدين وعدم تحقيق وعيدهم ويدرك مبلغ قوته عليهم، وأما أمن يصدع بالأمر ويهدأ ويشب جبانا خضوعا لغير سبب معقول ، والنتيجة وبال محقق في الحالتين.
كثرة مخاوف الأم - مثلا - من أشياء عديدة ، أو خوف المدرسة مما. يسير انتقال الخوف منهما إلى الطفل بفعل >>المشاركة الوجدانية<<.
الصفحة 107
كثرة شجار الكبار أمام الطفل أو شجار الأبوين معا ، أو صخب الأب وغضبه وهذا ، قد يزعزع ثقة الطفل في نفسه. المسائل المجهولة غير الحقيقية كالغول مثلا أو التي لا يمكن التكفل إدراكها إدراكا حسيا كالنار والموت. خوف الأطفال من الظلام لارتباطه في أذهانهم بالعفاريت وغيرها مما يثيره الكبار.
5) أساليب العلاج والوقاية المشكلة الخوف :
- من أهم أساليب الوقاية التي يجب أن تراعى أنه إذا حدث الطفل ما حادثة مزعجة فلا يجوز أن نترك الطفل ينساها لأنه ينساها غالبا بفعل الكبت وبذلك تصير حالة لاشعورية ولكن أثرها لا ينتهي فمن المحتمل أن تصبر مصدرا للاضطرابات النفسية المختلفة.
ضرورة أن يعرف الآباء والأمهات أن الشوف يتكون غالبا بالاستثارة والتكرار، فالقاعدة العامة أذن هي منع الاستثارة. وعليهم أن يتذكروا أن فهم الشيء على حقيقته وتكوين عاطفة طيبة نحوه من أهم العوامل التي يجب اقامتها لتعمل ضد الخوف.
ومن أهم القواعد التي يجب تأكيدها أن الخوف ينتقل بالإيحاء والمشاركة الوجدانية ولنتذكر أن إيحاء السلوك أقوى
الصفحة 108
من إيحاء الألفاظ.
فإذا أردنا للطفل ألا يخاف الدواء مثلا فعلينا نحن الآباء الا نخافه ولنروض أنفسنا على تحمل مرارته خاصة أمام أطفالنا. على الآباء أن يروضوا أنفسهم على عدم القلق على أبنائهم، أو أن يخفوا القلق أن كان خارجا عن ارادتهم بعيدا عن الأطفال.
وأن يقللوا من التحذير والمبالغة في النقد وأن يمتنعوا عن الاستهزاء بالأطفال والسخرية منهم.
على الآباء أن يتذكروا دائما أن عالم الطفولة عالم دقيق الحس سريع التأثر شديد الانفعال، قليل الادراك نادر الخبرة ضئيل الحيلة.
من أهم العوامل التي تساعد على زوال الخوف من الظلام أن يكون الكبار أنفسهم ممن لا يخافون الظلام، وتعود الطفل بالتدريج على الظلام، وأن نمتنع عن استثارة الخوف لديه وهو في الظلام لأن مجال الظلام يصعب على الأطفال تحديد موقفهم فيه خصوصا إذا حدث لديهم الاضطراب .
يتعين علينا أن نقضى على مصادر الخوف لدى الأطفال سواء كانت أسرية أو بيئية أو سلوكية، وذلك بالعلاج الناجح
الصفحة 109
وأساليب الوقاية مع مواكبة جوانب النضج الاجتماعي والانفعالي والعقلي والجسمي والديني لدى الأطفال.
ثانيا : ضعف الثقة بالنفس :
ترتبط صفة ضعف الثقة بالنفس بالخوف ارتباطاً شديداً. ذلك لأن الخوف هو السبب الرئيسي في ضعف الروح الاستقلالية لدى الأفراد.
ومن مظاهر هذا الضعف : التردد وانعقاد اللسان في المجتمعات والتهتهة واللجلجة والانكماش والخجل وعدم القدرة على التفكير المستقل، وعدم الجرأة وقلة الأقدام على أي عمل مخافة أن ينحرف عن الكمال قيد أنملة.
ومن الغريب أن مظاهرة كذلك التهاون والاستهتار وسوء السلوك والاجرام.
3) أسباب المشكلة :
تتكون تلك العادة لدى الطفل في سنى حياته الأولى ومن عجب أن من يغرس ضعف الثقة عند الطفل هما والداه أكثر الناس حرصا عليه وحبا له.
وذلك لتغير معاملتهما له - دون قصد - في عامة الثاني حيث يتعلم المشي والكلام، ويريد أن يتحرك ويلعب ويعبث بالأشياء التي حوله ومن هنا يزجره الوالدان بقصد التوجيه أو التربية أو
الصفحة 110
التأديب فيشعر الطفل بالانقباض وينتقل من الامتلاء بثقته في نفسه إلى فقدها، ومن الإيمان بقوة الشخصية إلى التشكك في وجودها.
القصور الجسماني والعقلي وغيرها من العوامل الطبيعية : أن ضعف الطفل وقوة من حوله يشعران بقلته ونقصه وشعفه ويتضاعف أثر هذا العامل الطبيعي بفعل بعض التغيرات الحادثة في مجال حياته كتكرار الحوادث التي تقع يفعل القضاء والقدر أو بفعل معاملة الوالدين، وهذا كله يضاعف نقص ثقته بنفسه.
- قد يكون الطفل من قوى العاهات أن يشوبه نقص جسمي كالحول أو العرج أو العسر أو النحافة أو البدانة أو فرط القصر أو الطول الشديد وعندما نسخر منه أو نهرا به او تعطف عليه عطفا شديدا يشعر بنقصه ويتركز انتباهه على عاهته، الأمر الذي يشعره بالعجز.
- الضعف العقلي وذلك حينما يتأخر الطفل في دراسته ويجد نفسه في سنة دراسية كل أطفالها أصغر منه في السن، ووجوده
هنا يفقده احترام نفسه وتقديره اياها .
ومما يثبط همة الطفل ويحط من قدره الموازنات الجائرة
الصفحة 111
فكثيرا ما يوازن الأباء بين طفل وطفل آخر بهدف أن يتحمس الطفل للمثابرة والعمل وهذا يؤدى - غالبا - إلى أسوأ النتائج وأرخم العواقب... والطفل في هذه الحالة موزع بين قوتين :
إحداهما الرغبة في النجاح والتفوق .
والأخرى شعور خفى يستولى عليه ويمزق جهوده ويشعره بان الإخفاق أمر لا مفر منه .
وهذا الشعور من جراء الجو المنزلي المحيط به والذي يشعره بأنه لا قيمة له ولا وزن. بعض الآباء يتدخلون في تفكير الطفل وحديثه وعمله ولعبه بمناسبة وبغير مناسبة، وبذلك يعودونه على الاعتماد على الغير وضالة الثقة بالنفس، ويحرمونه من اكتساب خبراته بنفسه .
اساليب العلاج والوقاية :
يجب أن تكون القاعدة الأساسية هي الانتقال التدريجي في أسلوب المعاملة من السنتين الأوليين إلى ما بعدهما على وجه الخصوص من عمر الطفل وأن يعطى الفرصة الكافية لمزاولة ما عنده من نشاط وفي جو تتحقق فيه العوامل المشبعة لحاجات الطفل النفسية من تقدير وعطف ونجاح وحرية وشعور بالأمن والاستقرار.
يجب مساعدة الطفل على الكبر والنمو في عضلاته وحركاته
الصفحة 112
ومختلف انشطته وإذا كان الطفل به نقص جسمي فلا يصح أن نسخر منه لأن ذلك يشعره بالنقص كما لا يجوز أيضا أن نعطف عليه عطفا زائدا لأن ذلك يجعل الطفل يركز انتباهه على عاهته، بل يجب معاملته على أنه طفل سوى تماما .
إذا كان الطفل من المتأخرين دراسيا فينبغي أن نقف على المسببات الأخرى للمشكلة ككثرة تنقله من مدرسة إلى أخرى . أو ارهاقه بعمل مدرسي فوق طاقته أو غير ذلك، فيتعين علينا أن نعطى الطفل ثقة في نفسه ونشعره بالنجاح والتقدم.
- ينبغي أن يبتعد القائمون على تربية الطفل عن الموازنات بين لأطفال تماما، وأن يستبدلوا النقد والتوبيخ والزجر بالتشجيع والنصح والتوجيه السديد، وأن يصدقوا في معاملتهم للأطفال داخل الأسرة، وأن يراعوا التجانس في تنظيم الفصول المدرسية قدر المستطاع.
ينبغي أن يتحاشى القائمون على تربية الطفل المساعدات الدائمة للطفل والخوف الشديد عليه ، كحراستهم في ذهابهم وايابهم من المدرسة، والدروس الخصوصية، واختيار الملابس والاعتناء بكل كبيرة وصغيرة في حياة الطفل وهذا يكون أشخاصا خائفين متردين أو ثائرين متمردين.
الصفحة 113
ينبغي التخفيف من السلطة الوالدية والاستقرار على الحزم الموجه من قبل الوالدين وأن يعطى الطفل مزيدا من الحرية والشعور بالاستقلال.
الخوف المرضى (الفوبيا):
- وهو خوف غير منطقي وغير معقول، ولا يمكن تبريره ظاهريا، ولا نستطيع في معظم الأحوال أن نرده إلى أسبابه الحقيقية، لأنه يرتبط بأشياء عادية غير مخيفة فبعض الأطفال يخشون الذهاب إلى المدرسة وفى ذلك ما يبعث على القلق لدى الأباء وتسمى هذه الحالة فوبيا المدرسة، وبعض الأطفال يخافون الزحام والأماكن المغلقة.
وقد يكون السبب المباشر في مثل هذه الحالات أن الطفل ينوء عبء ذلك الشعور العنيف بالقلق، فتقترن لديه حالة القلق هذه بوجود أشياء أخرى كوجود قط أو بحر أو حصان أو مكان مفتوح أو زحام وغير ذلك ومن الحالات الغربية التي ذكرها أحد المشتغلين بالعلاج النفسي للأطفال أن فتاة جامعية كانت تخشى رؤية أية مياه جارية خشية شديدة تصل إلى حد الفزع حتى لو كانت نافورة أو بحيرة أو مياها راكدة أو صنبور مياه داخل المنزل، وبتحليل الحالة النفسية بوساطة المعالج النفسي تبين أن الفتاة حينما كانت طفلة في الثالثة من عمرها حدث أن
الصفحة 114
وقعت في مجرى مياه وشارفت على الفرق وأنقذت في اللحظات الأخيرة، وحدث أن كبتت هذه الخبرة الانفعالية المتمثلة في الخوف الرهيب، ثم بدأت تظهر في سن الشباب بشكل خوف مرضى من المياه.
وهذا النوع من المخاوف المرضية من الممكن أن يزول أو يضعف عندما يتذكر الفرد هذه الخبرة المخيفة وبمساعدة الأبوين.
- وعود على بدء.. نقول أن التنشئة التي تقوم على إشعار الطفل بالذنب أو الخجل أو النقص أو توقع عليه عقوبة شديدة إنما تسئ إلى الطفل ونموه النفسي وتوقعه في هاوية المخاوف المرضية بدلا من أن تأخذ بيده على طريق النمو النفسي السليم.
الصفحة 115
مشكلة الكذب
تتصل مشكلة الكذب بالخوف اتصالا وثيقا وذلك لأن الكذب الحقيقي عند الأطفال ينشأ عن الخوف والغرض الأساسي منه حماية النفس وتأتى خطورة المشكلة من أن الكذب يتسغل في العادة لتغطية الذنوب والجرائم الأخرى.
والكذب - في صورته العامة - هو عدم مطابقة القول للواقع مطابقة تامة - وعدم توخى الأمانة في عرضه ومما يساعد على الكذب واستمراره لدى الطفل اللباقة وذلاقة اللسان، وخصوبة الخيال ونشاطه.
والكذب أنواع عديدة سنذكرها مجملة، ثم نبسط القول في كل نوع على حدة ذاكرين أسابه ومظاهره وسبل علاجه وكيفية الوقاية منه.
وهذه الأنواع هي:
- الكذب الخيالي - الكذب الوقائي أو الدفاعي - الكذب الالتباسي - كذب التقليد - الكذب الادعائي - الكذب العنادي . الكذب الفرضي أو الأناني - الكذب المرضى أو المزمن - الكذب الانتقامي.
الصفحة 116
الكذب الخيالي:
وهو ما يقصه الطفل من نسج خياله ووحى إلهامه من حكايات وأسعار ظنا منه أنها حقيقة وواقع. وإذا حكمنا على طفل كهذا بالكذب. كان ذلك كحكمنا على الشعراء والروائيين بأنهم كاذبون لما يأتون به من وحى الخيال.
وسببه : خصوبة الخيال ونشاطه كما أشرنا منذ قليل .
وعلاجه : عند كشف هذه المقدرة في نفوس الأطفال ينبغى أن نحسن توجيهها، ونستفيد منها وذلك كفيل بجعله موهبة في فنون الأدب. وإذا لم يتيسر ذلك فإن طبيعة نموه وسنه كفيلة بالقضاء على هذه المشكلة. وعلى العربين أن يشعروا الطفل بأن حديثه هذا ضرب من الخيال ويبادلونه قصة بقصة وخيالا بخيال، ويعرفونه بأنها قصص سليمة ولكنها تخالف الواقع وتجافي الحقيقة.
الكذب الالتباسي :
وسببه : أن الطفل لا يمكنه التمييز عادة بين ما يراه حقيقة واقعة وما يدركه واضحا في مخيلته ...
فكثيرا ما يسمع الطفل حكاية خرافية أو قصة واقعية وسرعان ما تملك عليه مشاعره، وتسمعه في اليوم التالي يتحدث عنها وكأنها وقعت بالفعل.
الصفحة 117
وعلاجه : هذا النوع من الكذب يزول عادة من تلقاء نفسه إذا كبر المطفل ووصل عقله إلى مستوى يمكنه فيه أن يفرق بين
الحقيقة والخيال.
هذا مع شيء من التوجيه والإرشاد فلربما رأى الطفل حلما ثم أصبح يقصه على أنه حدث له بالفعل، ويفيد الإرشاد من الناحيتين الانفعالية والإدراكية وعلى هذا فالكذب الخيالي ولالتباسي يمكننا أن نسميهما الكتب البريء .
الكذب الادعائي :
وهو الكذب الموجه لتعظيم الذات وجعلها مثاراً للإعجاب ومركزا للانتباه وتحقيق ذلك يشبع حاجة النزوع للسيطرة في نفس الطفل. ومنشأ هذا الكذب ينبع من الشعور بالنقص ومن أمثلته أن يتحدث الطفل عما عنده من لعب عديدة أو ملابس جميلة، والواقع أنه ليس عنده منها شيء أو يفاخر بمركز أبيه وسيطرته على كل شيء وغير ذلك مما يخالف الواقع.
وأسباب ومظاهر هذا الكذب : أنه قد يتسبب في عدم مقدرة الطفل على الانسجام مع من حوله، ومن ضيق البيئة التي يعيش فيها الطفل كالمنزل مثلا أو من كثرة القمع والإذلال الواقعين عليه ممن حوله.
ومن أنواعه : أن الطفل يدعى المرض أو يدعى أنه مضطهد
الصفحة 118
أو مظلوم أو سيئ الحظ ليحصل على أكبر قسط من العطف والرعاية لأنه حرم منهما في محيط الأسرة .
وعلاجه : ينبغي أن نكشف عن النواحي الطبية في نفس الطفل ونوجهها لتنبت نباتا حسنا ونشعره بأنه إذا كان يقل عن
أقرانه في ناحية ما فإنه يزيد عنهم في نواح أخرى.
ينبغي الإسراع في علاج هذا الطفل منذ الصغر حتى لا يتفاقم الخطر وإلا نما مع الطفل وصار ديدناً له يصاحبه في غنيه ورواحه ويستحيل إلى ظاهرة مرضية خطيرة.
الكذب الفرضي أو الأناني :
وهو أن يكذب الطفل رغبة منه في تحقيق غرض شخصي أو الوصول إلى ماريه
وسببه : عدم راف ثقة الطفل بالكبار المحيطين به ونتيجة عدم توافر ثقته في والديه لكثرة عقابهما له ووقوفهم في سبيل تحقيق رغباته وحاجاته.
وعلاجه : إشباع حاجات الطفل وتحقيق رغباته بشيء من القصد والحكمة.
الكذب الانتقامي : وهو أن يكذب الأطفال ليتهموا غيرهم باتهامات يترتب عليها عقابهم أو سوء سمعتهم.
وأسبابه : الغيرة بين الأطفال فالذي يغار من أخيه يكيد له
الصفحة 119
عند أبويه - مثلا - انتقاما منه .
وعدم المساواة في المعاملة بين الأطفال يشعرهم بالرغبة في الانتقام .
وعلاجه : يتطلب الحرص التام واليقظة المذرة لمثل هذا أساس النوع من الكذب من الآباء والمعلمين لأنه قائم على غير ا من الحقيقة.
الكذب الدفاعي : وهو أكثر أنواع الكذب شرعا، فالطفل يكذب خوفا مما قد يقع عليه من عقوبة .. ويسمى لهذا الكذب الوقائي.
أسبابه :
- المعاملة القاسية للطفل عقابا على أخطائه والتي تخرج عن الحد المعقول .
- قد يكذب الطفل ليحتفظ لنفسه بامتياز خاص ، مثل الطفل الذي يسأل عما بيده فيقول أنها شيء مر والواقع أنه حلوى.
- الشعور بالنقص والرغبة في وقاية النفس من السلطة الجائرة في المنزل. - ومن أنواعه : كتب الاخلاص فالطفل يكذب عادة ليحمى أخاه أو زميله من العقوبة وتنتشر هذه الظاهرة في مرحلة المراهقة حيث يشتد الولاء للجماعة والإخلاص للأقران.
الصفحة 120
كذب التقليد :
- كثيرا ما يكذب الطفل تقليد - الوالديه أو من حوله على أساس أنهما قدوة له.
- ويحدث أحيانا حينما يطرق الباب ضيف يقول الوالد لولده «قل له بابا غير موجود، فيساعد الطفل على الكذب وريما قال
الطفل للطارق «بابا بقول لك أنا غير موجود».
الكذب العنادي :
وهو : أن يكذب الطفل لمجرد السرور الناشئ من تحدى السلطة خصوصا أن كانت شديدة الرقابة والضغط قليلة العطف والحنو.
وينبغي معاملة الطفل بشيء من حنان ومنحه الحرية في تدبير أموره وشعوره بالاستقلال في أفعاله.
الكذب المرضى أو المزمن :
- وفي هذه الحالة يصل الكذب إلى مرحلة الإدمان فيصدر عن الشخص على الرغم من ارادته.
ويلاحظ هذا في الكذب الادعائي لأن الشعور بالنقص يكون مكبوتا ويصبح الدافع للكذب دافعا لا شعوريا خارجا عن إرادة الشخص.
وفي هذه الحالة يتطلب العلاج جهدا متصلا ووقتا طويلا.
الصفحة 121
اساليب الوقاية والعلاج :
عند علاج الكتب ينبغي البحث عن الدوافع المؤدية إليه وهل هو كذب بقصد حماية صديق والتستر عليه.. أو بقصد الظهور بمظهر لائق وتغطية شعور بالنقص، أو أنه كذب التباسي مرجعه خيال الطفل وأحلام يقظته، أو عدم قدرته على التذكر، إلى غير ذلك من الدوافع والأسباب.
وينبغي أيضا أن نتعرف على حقيقة الأمر وعما إذا كان الكذب عارضا أم أنه عادة عند الطفل، وهل هو بقصد الانتقام والتشفي أو أنه بدافع لاشعوري مرضى.
ينبغي أن نضع في الاعتبار من الطفل ونعطيه الأهمية اللازمة فلو كان الطفل دون سن الرابعة من العمر فلا تنزعج لما . ينسجه خياله من قصص أو وقائع غير صحيحة ولكن يجب علينا أن نساعده على أن يدرك الفرق بين الواقع وبين الخيال مستخدمين في ذلك الدعاية والمرح ، دون أن تتهمه بالكذب أو تؤنبه علي ما يؤلفه من قصص خيالية.
أما إذا كان عمر الطفل بعد سن الرابعة أو الخامسة فيجب أن نحدث من أهمية الصدق وفوائده ولكن بروح كلها محبة وعطف واعزاز وقبول ، دون أن يكون حديثنا له مغزى النصيحة والتأنيب.
كما ينبغي أن يعامل الطفل بقدر من التسامح والمرونة إذا
الصفحة 122
لجأ إلى أسلوب الطفيلة والخيال من وقت لآخر دون أن نتهمه بالكذب ويكفي أن نذكره دائما بأنه قد أصبح كبيرا ويفرق بوضوح بين الواقع والخيال وبين الصدق والكذب ، دون لوم أو عقاب. كما ينبغي أن يكون الأباء خير مثل يحتذى به الطفل فيقولوا الصدق ويعلموا معه ومع غيره بمقتضاه حتى يصبحوا قدوة صالحة للأبناء الصغار ...
وقبل هذا وبعده أيضا ينبغي أن ينشأ الطفل على تربية دينية صحيحة من خلال هدى القرآن الكريم والسنة النبوية .
بعض المبادئ العامة :
يجب أن نتبين هل الكذب عارض .. أم أنه متكرر مزمن ، والدوافع المسببة له
يجب أن ندرك أن الكذب قد يكون عرضا، وقد يكوم مصحوبا بأعراض أخرى كالسرقة أو العصبية الزائدة ونوبات الغضب لذلك فأن علاج الحالة يجب أن يبحث عن الدوافع والحاجات النفسية التي كانت السبب في ظهور هذه الأعراض.
لا جدوى من علاج الكذب بالعقاب والتهديد والتشهير والسخرية .. إن العقاب والتهديد والتشهير والسخرية.. لم يردعا الطفل عن الكذب بل سيتسببان في أعراض أخرى كما أن التشهير والسخرية لهما أثر ضار للغاية على شخصية
الصفحة 123
الطفل.
إن العلاج يجب أن يبدأ بالبيئة التي يعيش فيها الطفل من حيث أسلوب المعاملة والحياة الاجتماعية للطفل.. يجب أن نساعد الطفل على الحصول على استجابات طيبة مع الاصدقاء والراشدين. وبمعنى آخر يجب أن نشبع في الطفل حاجاته النفسية الضرورية، وهى الشعور بأنه محبوب والشعور بالثقة في النفس، ذلك لأن توفير جو المحبة والشعور بالأمن للأطفال يساعد الطفل على الصدق.
يجب أن يدرك كل من في البيئة خصوصا الأباء أن الطفل يتقمص سلوك من حوله ومن ثم يجب أن يكونوا قدوة للأطفال فالآباء والأمهات الذين يتباهون بالأكاذيب يدفعون أبناءهم إلى تقليدهم في سلوكهم. يجب أن نتيح للطفل فرصا للمغامرة المعقولة والاستمتاع بحياة مشوقة ، فالحماية الزائدة للطفل ومنعه من الاختلاط واللعب والتفاعل الاجتماعي تضر بشخصيته وتدفعه إلى الكذب وتجعله يتطلع إلى المشاركة الوجدانية في السلوك الاجتماعي لا قرانه وتشعره بالكبت والضيق والملل.
يجب أن يشعر الطفل بأنه يعيش في بيئة مرنة متسامحة وأن نعوده على الحب والتسامح وأن نبعده عن تنمية الاتجاهات السلوكية التي تدفعه إلى الكراهية والانتقام.
يجب أن نتجنب الظروف التي تشجع الطفل على الكذب
الصفحة 124
وتضطره للدفاع عن نفسة ويجب إذا اعترف الطفل بكذبته الا نعاقبه لأن عقابه فى هذا الحال يعتبر عقابا على الصدق يجب أن نكون أوفياء إذا قطعنا عهدا مع الطفل لأنه يصاب بصدمة قوية إذا خالفنا الوعد ومن ثم يتحلل من الالتزام . بالصدق في أقواله.
وأخيرا يجب علينا اشباع حاجات الطفل النفسية ، وأن ندرك متى يمكنه أن يفرق بين الواقع والخيال فنبصره بأهمية الأمانة والصدق فيما يقوله ويفعله ، ونشجعه على ذلك .. مع عدم المبالغة والقلق على تنشئة الطفل على الصدق فإن الطفل إذا نشأ في بيئة شعارها الصدق قولا وعملاً فإنه ينشأ صادقا وأمينا.
الصفحة 125
مشكلة السرقة
السرقة سلوك يعبر عن حاجة نفسية ويمكن التعرف على هذا السلوك في ضوء دراسة شخصية الطفل وطرق تكوينها فريما كانت السرقة وسيلة لإثبات الذات، وربما كان تعبيرا عن ميل للتملك والاستمتاع بالقوة، وقد تكون صورة من صور الاضطراب النفسي .
وفى السنوات الأولى من حياة الطفل، وحتى سن الخامسة قد يحصل الطفل على أشياء لا تخصه، أي أشياء يملكها غيره . لكنه حين يفعل ذلك، يفعله بشكل عفوي، وعادة ما يكون سبب ذلك أن الطفل لم يحقق النضج العقلي والاجتماعي الذي يجعله يميز بين الملكية العامة والملكية الخاصة وسلوك الطفل في هذه الحالة قد لا يزعجنا كوالدين ومربين، وكل ما هو مطلوب حينئذ من الكبار المحيطين بالطفل أن يوضحوا له الفارق بين ما هو ملك له، وما هو ملك للغير.
ولكن السرقة كسلوك مرضى عندما تظهر على الأطفال ، فيما بعد سن الخامسة عادة ما تسبب قلقا شديدا للآباء والمعلمين الذين يتعاملون مع الطفل.
ومن هنا علينا أن نبحث في دوافع السرقة عند الأطفال.
نواقع السرقة عند الأطفال:
الصفحة 126
دوافع السرقة عند الأطفال كثيرة ومختلفة، ويجب لعلاج أي حالة من حالات السرقة أن نتعرف الهدف الذي من أجله أقدم
الطفل على الاستيلاء على مالا يخصه.
ويمكن أن نلخص مواقع السرقة فيما يأتي :
- قد يكون الدافع إلى السرقة جهل الطفل المعنى الملكية الخاصة، وغياب مفهوم احترام ملكية الآخرين، أي أن نموه لم يمكنه بعد من التمييز بين ما يملكه ومالا يملكه ، كما أنه لا يفهم أن أخذ أشياء الغير أمر سيحاسب عليه، ومثل هذا الطفل لا يمكننا أن نعتبره سارقا، ويكفى لكى نعوده على سلوك الأمانة أن ننمى فكرته عن الملكية، وذلك بأن نخصص له أدوات خاصة ليتناول بها الطعام مثلا، أو كمقعد خاص، وطبق خاص، وأقلام ، خاصة ... الخ
- وقد يكون الدافع إلى السرقة حرمان الطفل من أشياء ليس بمقدوره الحصول عليها، فيشعر بحاجة ملحة أو رغبة في الاستيلاء عليها .. فيدفعه هذا إلى سرقة النقود لشراء هذه الأشياء..
- وقد يكون الدافع للسرقة الرعبة في حصول الطفل على مركز مرموق بين أقرانه، فقد يسرق طفل للتفاخر بما لديه أو ليقصده زملاؤه بأن يعطيهم مما سرق، ومثل هذا الطفل يعاني
الصفحة 127
عادة من شعور بالنقص. وقد يكون سبب السرقة لدى بعض الأطفال هو تقليد أقرانهم فى البيئة التي يعيشون معا فيها .
- وقد يسرق بعض الأطفال لشغل وقت الفراغ، فيسرق الطفل نقودا من المنزل ليمكنه الذهاب إلى السينما ومصاحبة أقران السوء من زملائه. ويحدث ذلك عادة للأطفال الذين يعيشون في جو أسرى مضطرب لا يتصف بالأمن والطمأنينة ومن ثم تنعدم في هذا الجو الأسرى الرقابة من أحد الوالدين أو كليهما .
- وقد يلجأ الطفل إلى السرقة في الأسر التي تعودت فيها الأم على الاحتفاظ بكل شيء مغلق وبعيد عن متناول الأطفال وهذه السرقات تعبر عن رغبة الطفل في الاستطلاع والمعرفة والوصول إلى ما تحتويه هذه الخزانات المغلقة، فإذا حدث أن نسيت الأم إحداهما مفتوحا فأنه يسرع إلى العبث في محتوياتها لإشباع ،فضوله، فإذا عوقب على هذه الافعال فقد يستمر في سرقة بعض الأشياء الانتقام من الأم وقسوتها ، وهنا نقول أن الدافع إلى السرقة الانتقام.
- وقد يكون الدافع إلى السرقة إشباع ميل أو عاطفة أو هواية، كميل الطفل إلى ركوب الدراجات أو دخول السينما، أو شراء ما يلزمه لممارسة هواية خاصة كالتفكير في اقتناء لعبة أعجبته أو الاشتراك في مسابقة يرفض الإعلان عنها لخوفه ألا
الصفحة 128
يقتنع الوالدين بما يرغب.
- وقد يكون الدافع إلى السرقة أن الطفل نشأ في أسرة متصدعة أو حي موبوء، وعودته على السرقة و الاعتداء على ممتلكات الغير، وتشعره السرقة عادة بنوع من القوة ونشوة الانتصار. وتقدير الذات لأنه بإمكانه الافلات من العقوبة.
- وقد يكون سبب السرقة الضعف العقلي أو انخفاض الذكاء، والوقع تحت سيطرة أولاد أو زعماء أذكياء من أقران الطفل يوجهونه إلى السرقة ويشجعونه عليها ويزينون له سهولة الفعل وغياب العقاب، وقد يسرق الطفل لأنه مريض بمرض . نفسي أو عقلي.
بعض ردود الأفعال الخاطئة من جانب الآباء أو غيرهم :
كثيرا ما يصدر عن الآباء عندما يكتشفون أن ابنهم قد سرق شيئا ما ردود أفعال متباينة خاطئة يمكن تلخيصها فيما يأتي :-
- حالة من الذعر تنتابهم عندما يفاجؤون بمثل هذا العمل، ثم تجسيمهم للأمر، وتصورهم أن ما وقع هو كارثة كبرى - هذا الذعر ، وهذه المبالغة ليس إلا تصرفا خاطنا قد يترتب عليه أضرار بالغة.
- كثرة العقوبات : صحيح أن مبدأ العقاب ليس سيئا في
الصفحة 129
ذاته فالطفل يتقبل فكر أنه يستحق عقوبة تتناسب مع الخطأ الذي ارتكبه، ولكن لا يجب الا نبالغ في عقابه إلى أننا نبطش به وإلا فإننا ربما ايقظنا في الطفل تلك النوازع الداخلية التي حفزته إلى السرقة.
- قد تلجأ بعض الأمهات أو المدرسات) إلى العقوبة التي تذل كرامة الطفل، كأن تجير الطفل على الاعتراف بجرمه أمام أفراد الأسرة وهم مجتمعون أو أمام التلاميذ في الفصل .. الخ.
- وقد تلجأ بعض الأمهات أو المدرسات) إلى معايرة الطفل بالسرقة أو عقابه أمام زملائه ، ولو فعلت ذلك لعاد إلى السرقة ثانية، ذلك أن الطفل يصدق كل ما يقال له.
- قد يغفر الآباء للأبناء أخطاءهم، بل أكثر من ذلك قد يمتدح الآباء الطريقة التي سرق بها الأبناء ما سرقوه بوصفهم «بالمهارة» مثلا وحينئذ تكون النتيجة أن يعتقد الابن أن كل شيء قد أصبح مباحا له. وهذا التغاضي عما فعله لا يتساوى من حيث الخطورة من بطشنابه.
أساليب الوقاية والعلاج :
أولا : على الوالدين أن يجتنبا الاندفاع إلى أشعار الطفل بسوء ظنهما فيه وتخوفهما منه، وعدم ثقتهما في تصرفاته كان يقفلا جميع الإدراج مثلا بالمفتاح أو أن يسرفا - في الوقت نفسه - في الثقة بالطفل ، كان يتركا مبالغ كبيرة من النقود
الصفحة 130
ملقاه هنا وهناك في متناول يده فإن هذا اغراء له بالسرقة. فإذا وقعت السرقة فيجب ألا يخفيا على الطفل علمهما بهاء ولكن لا على أنها سرقة بل على أنها «خطاء وقع لا أكثر ، فلا يغلظا له القول ، أو يذكراه من حين لآخر بما صنع بل عليهما . أن يجعلاه يشعر بأنه مازال يحتفظ بثقتهما به.
ثانيا : على الوالدين أن يواجها الموقف على حقيقته ، وذلك بان يتحدثا إلى الطفل بصراحة، فكلما كنا صرحاء معه، وتقبلا له ، أزاده فهما لما نقول، وكلما أحس براحة استراح، واطمان للكبير الذي يناقشه .
ثالثا : على الوالدين افهام الطفل حقوقه وواجباته، وأن هناك أشياء من حقه الحصول عليها وأشياء ليست من حقه ، ولا . أن تمتد يده إليها، بالإضافة إلى إرشاده إلى الطريق الذي يجب أن يسلكه في المستقبل. وينصح علماء الصحة النفسية أن نروى للطفل القصص المشوقة عن السرقة واللصوص، وما يلقونه من عقاب، وسوء معاملة ونهاية سيئة ، بينما يكون جزاء الأمانة الشعور بالسعادة وتلقى المكافاة ورضا المجتمع وتقديره أن الأب والأم - أحدهما أو كلاهما - يستطيع أن يتخذ مع . الطفل بعض الاجراءات الصارمة حين يخطئ، ولكن عليهما ألا يفقدا الطفل حنانهما عليه، وكل اجرا يتخذانه معه يجب أن
الصفحة 131
يكون مباشرا، وأن تكون له مبرراته من وجهة نظر الطفل نفسه وبعدئذ يجب القفل الموضوع نهائيا. كما ينصح علماء النفس الأسرة بأن تحيط أطفالهما بجو من الرعاية والحنان والاستقرار، ومكافاة الطفل على تصرفاته الأمنية مع نفسه ومع الآخرين.
رابعا : على المربين أن يدرسوا كل حالة على حدة ، وبمعزل عن غيرها من الحالات. فهناك أولاد يسرقون لأنهم ضحية قدوة سيئة ، قد تكون في عائلاتهم ذاتها .
خامسا : كما يتعين على المدرسين ، في المدارس الابتدائية، الاهتمام بتوضيح مدى الاحترام والتقدير والمكافاة للأطفال الذين يصدر عنهم سلوك يدل على الأمانة والصدق سادسا : كذلك يتعين على رسائل الإعلام التركيز على قصص الأمانة وتقدير هؤلاء الأشخاص الأمناء الاهتمام بهم , ولا يكون كل تركيزها على السرقات وحوادث الاحتيال.
دور العلاج باللعب في التغلب على مشكلة السرقة :
في العادة لا يلجأ الوالدان إلى عرض حالة الطفل المشكل على المعالج النفسي المختص إلا إذا تفاقمت حالته وأصبح من الضروري الذهاب إلى العيادة النفسية، وفي علاج حالة السرقة قد يلجا المعالج النفسي إلى علاج المشكلة علاجا جمعيا أو علاجا فرديا، وقد يحتاج الأمر إلى العلاج السلوكي وذلك بتعديل
الصفحة 132
سلوكيات الطفل السارق وبناء الوان سلوكية جديدة، أو يضطر إلى العلاج البيئي والقصد منه اصلاح البيئة والتغلب على العوامل المرضية فيها.
وفيما يلى سنعرض فكرة موجزة عن علاج مشكلة السرقة عن طريق اللعب.
وتنقسم أساليب العلاج باللعب إلى طائفتين :
الأولى : أساليب علاجية توجيهية، يأخذ فيها المعالج على عاتقه مسئولية التوجيه والتفسير.
الثانية : أساليب علاجية غير توجيهية، يترك فيها المعالج عملية التوجيه للطفل.
وفى استخدام العلاج. اللعب غير الموجه ، يسمح للطفل في. غرفة اللعب أن يعمل أو يقول كل ما يريد. ويكون المعالج ودودا. مهتما بالطفل طول الجلسة ، ولكنه لا يتقدم بالاقتراحات مباشرة، ويظل متيقظا، لما يقوم الطفل بالتعبير عنه سواء باللعب أو بالحديث كاشفا عن تقبله لسلوك الطفل وتفهمه له .
وهكذا يعطى المعالج للطفل الفرصة لكي يخرج - عن طريق اللعب - ما تراكم لديه من مشاعر مختلفة كالتوتر والإحباط وعدم الطمأنينة والعدوان.
وقد أفاد العلاج باللعب غير الموجه ، من الكثير من أساليب العلاجات النفسية السابقة عليه، فأخد من «فرويد» اهتمامه بما
الصفحة 133
يتضمنه سلوك الطفل من تعبير عن دوافعه ورغباته، وما للتنفيس الانفعالي من قيمة علاجية، وبما للعب من قيمة تعبيرية بالنسبة للأطفال.
والعلاج عن طريق اللعب يمكن أن نصفه بأنه اتاحة الفرصة للطفل أن ينمو فى أفضل الظروف، وأنه إذا كان اللعب هو وسيلة الطفل الطبيعية عن الذات، فإن المعالج يتيح للطفل أن يلعب، وأن يعبر باللعب عن اتجاهاته ومشاعره المكبوتة المتراكمة، والتي قد تعبر عن الإحباط أو عدم الأمن ، والقلق والخوف والحيرة .
وعن طريق اللعب تتضح هذه الاتجاهات والمشاعر، وبذلك يستطيع الطفل أن يواجهها وأن يسيطر عليها أو أن يتخلى عنها، وهو عندما يتغلب على توتره الانفعالي، يبدأ في إدراك ماله من الدرة، كما يبدأ في التفكير لنفسه، وفي اتخاذ قراراته بنفسه، أو بعبارة اخرى يبدأ في أن يحقق ذاته.
فاعليات العلاج باللعب :
كتب أسترAnster (1943) قائمة بستة استخدامات للعب في مجال العلاج يمكن عرضها كالتالي :
(1) يمكن أن يستخدم اللعب كأداة التشخيص من أجل فهم الطفل .
(2) يمكن أن يستخدم اللعب في إقامة علاقة عمل مع الطفل .
(3) يمكن أن يستخدم اللعب للتعرف على طريق لعب الطفل .
الصفحة 134
في حياته اليومية، والتعرف على دفاعاته ضد القلق.
(4) يمكن أن يستخدم اللعب لمساعدة الطفل على أن يعبر ويصف بالألفاظ مادة شعورية معينة والمشاعر المرتبطة بها.
(5) يمكن أن يستخدم اللعب لمساعدة الطفل في أن يفصح عن مادة لاشعورية معينة وأن يخفف من الضغط والتوتر المصاحب لها . (6) يمكن أن يستخدم اللعب لتنمية اهتمامات الطفل المتصلة بمرحلة العمرية، والتي يستطيع أن ينقلها إلى حياته اليومية، والتي سوف تقوية في حياته المستقبلية.
ويستخدم بعض المعالجين اللعب لمجرد الاتصال بالمرض كموضوع للحديث، والموقف الاجتماعي الذي يمكن أن يخلقه. والبعض يحدد الطفل عددا قليلا من الدمى ويشجعه على القيام من جديد بمشاهد يعرف أنها تحدث به صدمة ، أو يشك في أنها تفعل هذا ، وذلك لتخفيف مخاوف الطفل منها بسرعة.
ويمكن باستخدام اللعب أن نعود الطفل احترام ملكية الآخرين ونفرس في نفسه الأمانة والشعور بها عندما نضع فيه الثقة كاملة بأن نجعله مثلا مسئولا عن الأشياء التي أمامه ومسئولا أيضا عن الأشياء أو اللعب التي تخص الآخرين فهنا يشعر الطفل بالأمان ويستطيع أن يتفاعل مع الموقف ويتخلص من مأزق السرقة كمشكلة واضطراب نفسي.
الصفحة 135
مشكلة العدوان ونوبات الغضب والتخريب والغيرة
1) التعريف بالمشكلة :
تظهر نوبات الغضب في جميع الاعمار ولاسيما الأعمار التي تحدث فيها تغيرات أساسية في حياة الفرد فهي تظهر في السنة الأولى عند الفطام وتظهر عند مجي مولود جديد في الأسرة وعند الانتقال من حياة الحضانة المنزلية إلى المدرسة، وعند دور المراهقة والبلوغ.
والغضب حالة نفسية يشعر بها كل إنسان، ولكن الفرق بين فرد وأخر هو أن المواقف المثيرة للغضب تختلف من فرد إلى اخر اختلافات بيئية سواء في نوعها أو في درجتها .
- وأساليب التعبير عن الغضب قد تكون بتحطيم السبب المثير نفسه بالاعتداء عليه بأحد أساليب العدوان من ضرب وعض وقد تكون بالاعتداء على ممتلكاته بالتدمير والاحراق والسلب . أو بالتهديدات والشتائم إلى غير ذلك.
والنزعات الاعتدائية بصفة عامة صادرة عن استعداد راسخ في طبيعة الإنسان ويمكن أن يتجه نشاطها اتجاهاً هداماً ضاراً ويمكن أن يتجه اتجاها بناء مفيداً لكل من الفرد والمجتمع.
الصفحة 136
ومما يؤثر عن «ماكت وجال» منشى نظرية الفرائز في علم النفس أنه قال إن غريزة المقاتلة لعبت دوراً أكبر مما لعبته
غريزة أخرى في تطور التنظيم الاجتماعي.
2) أسباب المشكلة :
- يظهر الغضب عند الأطفال في أسلوبين مختلفين :
- أسلوب إيجابي مصحوب بالثورة أو الصراخ أو الرجم بالحجارة أو دفع الأبواب.
- أسلوب سلبى مصحوب بالانسحاب أو الانزواء أو التهجم أو الإضراب عن الأكل أو عن الكلام.
- والنوع الثاني أضر على صاحبه من النوع الأول إذ تصحبه عملية كبت لانفعال الغضب وقد يتبعه الاستغراق في أحلام اليقظة.
ومن أسباب الغضب :
إذا كانت السلطة السيطرة الأب والأم متغيرة يحدث الغضب كان تمتنع الأم عن اعطاء الطفل شيئا ما فيثور ويصرخ إلى أن تتراجع وتعطيه أياه.. والطفل أيضا يثور في وجه أمه ولا يستطيع ذلك أمام أبيه وقد يحدث العكس .
الشعور بالفشل الاجتماعي كالتأخر الدراسي أو عدم القبول والرفض الاجتماعي من والديه أو من معلميه أو في حالات
الصفحة 137
الغيرة أو الشعور بالظلم والغبن والاضطهاد.
- تقييد الحرية حرية الحركة الجسمية أو اللعب الحر فلا يستطيع الطفل أن يمارس حياته من خلال اللعب كنشاط فعال في هذه المرحلة.
وقد يكون الغضب عند الأطفال صورة من الغضب عند الأباء ويحدث هذا بالتقليد أو الإيحاء ، أو كرد فعل لغضب أحد الوالدين وما يترتب عليه لسبب تافه جدا كفقد زرار قميصه - أو تأخر الأكل).
- كذلك الضعف الجسمي العام يضعف من قدرة الطفل على السيطرة على موقف ما مما يجعل الشخص هائجا متوترا ، وثائرا لأتفه الأسباب.
أو نتيجة لاختلال مصادر القوة والنشاط في الجسم كازدياد افرازات الغدة الدرقية أو التناسلية ، أو فوق الكلوية.
- وقد يكون الغضب ناتجها عن تسمم الجسم عن طريق مباشر أو غير مباشر بسبب الإمساك أو المتعب الشديد أو قلة
النوم أو سوء التغذية ... الخ .
أساليب العلاج :
لا يجوز الإكثار من التدخل في أعمال الأطفال، أو تحديد حركتهم أو إرغامهم على الطاعة لمجرد الطاعة ، وإنما يكون التدخل بتعقل وبمقدار .
الصفحة 138
- لا يجوز إظهار الأطفال بمظهر العجز والسخرية منهم والتندر بهم أو تهدئتهم بالضغط والعنف والشدة ، بل أن السماح لهم بالتعبير عن انفعالاتهم العنيفة أحيانا يعتبر أمرا منطقيا وسليما.
لا يجوز اغتصاب ممتلكات الأطفال أو تخريب أدواتهم خاصة في أوقات اشتداد الغضب لديهم.
لا يجوز الظهور أمام الأطفال بمظهر العنف والقلق ولا بمظهر الإهمال لهم وعدم الاهتمام بهم.
لا يصح أبدا أن يسمح للطفل بالحصول على حاجاته بطريق . الصراخ ولا يجوز مخايلته أو تدليله في هذه الحالة.
يجب أن نضبط أنفسنا قدر الإمكان أمام الأطفال فلا يرى الطفل منا الغضب والعبوس بل يجب أن يتعود الأباء المرح والبشاشة وخاصة عند عودتهم من العمل. لا ينبغي استثارة الأطفال لمجرد تسلية الكبار كما لا يجوز إثارة غضبهم بمنع حاجة عنهم ثم التنازل لهم عنها بمجرد غضبهم أو ثورتهم.
لا يصح مطلقا مناقشة سلوك الطفل مع غيره على مسمع منه.
كما لا يجوز إثارة الغيرة بين الأطفال ولا يجوز الإكثار من الموازنات العلنية بينهم ولا خلق جو التفرقة فيما بينهم.
وينبغي توجيه الطفل وارشاده لاستغلال وقت الفراغ
الصفحة 139
استغلالا حسنا والسماح له بمزاولة الأنشطة والالعاب المختلفة والتي يجد نفسه فيها ويعبر عن حاجاته وأدواره من خلالها.
التخريب :
و ويترتب علي النزعات العدوانية لدى الأطفال حدوث مشكلة تالية وهى تخريب واتلاف الأشياء.
ومن المعروف أن كثيرا من الحالات التي تسمى اتلافا . أساسا حب استطلاع طبيعي ينفذه الطفل بطريقة تجريبية ويصحبه غالبا سوء تقدير لفهم الاشياء مع بعض الرعونة لعدم اكتمال النمو، وقد يصحب التخريب شيء من الخوف والتستر نتيجة سوء معاملة الوالدين، ويتلك القوى التي تنفع الطفل للبحث والاستطلاع هي من الوسائل التي تعلمه وتكسبه القدرة على فهم البيئة وحسن التوافق الشخصي والاجتماعي معها ..
ومن الأمثلة المعروفة عندما يرى الطفل والده يقوم بحركات بسيطة حين يكتب مثلا، وأنه يترك آثارا سوداء على الورق الأبيض فنلاحظ أن الطفل يحاول مسك القلم وتقليد هذه الحركات فإن انتبه الوالدان وأدركا قيمته فإنهما قد يعطيانه ورقا وقلما ليخطط ما يشاء، أما إذا لم يعط الولد هذه الفرصة فإنه قد يخطط خفية في كتب والده ويتلها ونرى من هذا أن ما يسمى في العادة تخريبا لا يكون مقصودا لذاته، وإنما يحدث عرضا في أثناء النشاط الطبيعي للطفل، وهذا يشبع حاجات نفسية ملحة ويحقق غايات حيوية للطفل ، مثل التعلم وحب الاستطلاع .
الصفحة 140
هذا كله يحدث في الأطفال العاديين ولا نعتبره اضطرابا اجتماعيا يستحق العلاج إلا إذا كان هذا التخريب متكررا رغم توجيه الوالدين بأن هذا خطأ، ورغم أن الطفل نتاج له فرصة اللعب واستكشاف الأمور المحيطة به.
ومن أسباب التغريب لدى الأطفال :
زيادة النشاط الجسمي بصورة غير عادية كما يحدث في حالات زيادة الحركة ، وقد سبق الحديث عنها.
قد يكون سبب التلف المتكرر أن الطفل مصاب بقصور عقلي أو لديه درجة من درجات التخلف العقلي.
وقد يكون السبب عوامل انفعالية مكبوتة ومن المعروف أن كثيراً من هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات في السلوك مثل قضم الأظافر والتبول اللاإرادي إيا كان سبب هذا الانفعال فقد يكون الغيرة وكراهية السلطة الضابطة والمشاكل الأسرية أو الشعور بالنقص لديهم.
وبذلك يصير التخريب مظهرا من مظاهر الانتقام، أو إثبات الذات.
- بعض الأعراض العضوية قد تؤثر في سلوك الشخص بما فيها اختلال افرازات الغدة الدرقية أو النخامية، مما ينتج عنه اختلال بين نشاط الطفل العقلي ومكوناته الجسمية.
الصفحة 141
مشكلة الغيرة
1) التعريف : الغيرة حالة انفعالية يشعر بها الفرد، ولها مظاهر خارجية يمكن الاستدلال منها - احيانا - على الشعور الداخلي ، وليس هذا سهلا وذلك لأن الشخص يحاول جاهدا أن يخفى غيرته بإخفاء مظاهرها .
والغيرة شعور مؤلم ينتج - عادة - عن خيبة الفرد في الحصول على أمر محبوب كشخص أو مركز أو قوة أو مال، ونجاح شخص آخر في الحصول عليه، ولذا نجد أن انفعال الغيرة انفعال مركب من حب التملك والشعور بالغضب، لأن عائقا ما وقف دون تحقيق غاية هامة، ولا يعترف الفرد بالغيرة لأنها تنطوي على شعور بالنقص بل كثيرا ما تكبت لأن النفس البشرية لا تقبل ألم الخيبة ولا الشعور بالنقص.
وتدخل الغيرة كعامل هام في مشكلات أخرى كالتبول اللاإرادي ونوبات الغضب وضعف الثقة بالنفس.
2) مظاهر الغيرة:
من مظاهر الغيرة الغضب بمظاهره المتباينة من ضرب أو سب أو هجاء أو تشهير أو تخريب ... الخ
ومن مظاهرها الميل للصمت، أو التهجم أو الابتعاد أو
الصفحة 142
الانزواء أو الاضطراب عن الأكل أو فقد الشهية أو التكوس إلى غير ذلك من مظاهر الشعور بالنقص.
والغيرة مظاهر جسمانية كنقص الوزن والصداع والشعور بالتعب وهذا كله يجعل كشف الغيرة كسبب مباشر في أحداث
هذه المظاهر صعبا للغاية.
3) ومن أسباب الغيرة :
أن يشعر الفرد بحقه في امتياز اجتماعي معين أو أن يحصل عليه بالفعل ثم يفقده ليحصل عليه شخص آخر فبالتالي يشعر بالغيرة.
تنشأ غيرة الطفل - أحيانا - من فتور العناية به من قبل أمه بسبب كبره، أو عنايتها بمولود آخر ، كذلك يغار بشدة إذا وجهت الأم عناية فائقة لوالده . فيحس بأنه حرم من هذه العناية.
وتحدث الغيرة كذلك من الموازنات الصريحة أو الضمنية بين الأخوة أو الأقران ونعني بالموازنة الضمنية أن الجو نفسه يوحى بالموازنة وبتفضيل واحد على الآخر في جمال الخلقة أو التفوق العقلي، فيشعر المفضل عليه بالنقص وضعف الثقة بالنفس وتدب الغيرة في نفسه.
الصفحة 143
4) علاج الغيرة :
على الفرد أن يحاول أن يغتبط لخير الآخرين ويحاول مجاهدة نفسه حتى يتمكن من ارساء دعائم صحته النفسية. تنشأ الغيرة بين الأخوة نتيجة للجور في العناية على حق أحدهم لذا يجب على الأباء والمربين أن يعاملوا الجميع بقدر متساو من العطف والحنان والتوجيه والتشجيع.
منعا للموازنات بين الأخ وأخيه والطفل وزميله، يمكن الموازنة بين الطفل ونفسه في أوقات مختلفة فإن تقدم في وقت ما عما كان عليه في وقت سابق فهذا كان لتشجيعه.
وعلى المدرسة أن تشجع هوايات الأطفال مما يجعلهم يؤكدون نواتهم وعلى الأسرة الا تفرق في المعاملة بين أفرادها أو تفضل الولد على البنت وغير ذلك من دواعي الغيرة وأسبابها.
الصفحة 144
مشكلة التأخر الدراسي والهروب من المدرسة
مشكلة التأخر الدراسي:
الطفل المتأخر دراسيا هو ذلك الذي يكون مستواه أقل من زملائه في مستوى التحصيل الدراسي .
ب - ومن صور التأخر الدراسي :
تأخر دراسي عام : فيكون الطفل متأخرا في جميع المواد الدراسية ويرتبط هذا التأخر بالغباء حيث تتراوح نسبة الذكاء بین 70 – 80.
تأخر دراسي خاص : في مادة بعينها كالحساب مثلا وسببه النقص في القدرة الرياضية من بين القدرات العقلية للطفل.
ومن أضرار التأخر الدراسي :
قد يؤدى التأخر الدراسي إلى أصابه الطفل المتأخر ببعض الأمراض النفسية مثل الغيرة الشديدة أو الخوف وضعف الثقة بالنفس أو التخريب أو سيطرة السلوك العدواني عليه إلى غير ذلك من المشاكل المترتبة على شعور التلميذ بالنقص.
قد يصاب الطفل المتأخر دراسيا بالانطواء أو السلبية أو
الصفحة 145
العدوان أو السرقة ويترتب على ذلك اضطراب صحته النفسية.
قد يكون الطفل المتأخر دراسيا عائقا في طريق العملية التعليمية إذ أنه يشغل مكان غيره إذا تكرر رسويه حيث أنه يضيع جهد المدرس وذلك بالتكرار من أجله وربما أصيب التلاميذ النابهون بالملل والانصراف عن الدرس.
ومن أسباب المشكلة :
- أسباب فردية
- أسباب اجتماعية .
- أسباب مدرسية
الأسباب الفردية:
وهي أسباب خاصة بالتلميذ نفسه، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام جسمية وعقلية وسيكولوجية (نفسية).
فمن الناحية الجسمية : يعاني الطفل المتأخر دراسيا من ضعف عام بسبب سوء التغذية أو إصابته بالأمراض الطفيلية أو ضعف السمع أو البصر، ويترتب على هذا عدم متابعته للدروس اليومية فيتأخر عن أقرانه.
ومن الناحية العقلية :
قد يكون مستوى ذكاء الطفل المتأخر دراسيا أقل بكثير من مستوى الذكاء العام لبقية الأطفال أو ربما يكون متخلفا في
الصفحة 146
قدراته العقلية، مما يجعله غير متابع لدروسه.
وقد يكون قصور الطفل في بعض القدرات الخاصة هو السبب في تخلفه فى بعض المواد فإذا كان ضعيفا في القدرة
اللغوية تأخر في دراسة اللغات وهكذا .
ومن الناحية السيكولوجية (النفسية) :
إذا كان الطفل مصابا بعاهة ما فربما كان معرضا للسخرية من زملائه فيتولد لديه الشعور بالنقص وضعف الثقة بنفسه فيكره المدرسة ويكثر غيابه وربما لجا إلي حيل تعويضية لا شعورية كالتبرير والنكوص وغيرها .
إذا كان الطفل يعامل بتدليل وعطف زائد عن الحد أو بقسوة من قبل الوالدين فإن هذا يؤثر على صحته النفسية تأثيرا ضارا يدفعه إلى التخلف دفعا .
عدم استقرار الجو الأسرى وكثرة المشاحنات العائلية وانخفاض المستوى المعيشي للأسرة قد تكون سببا في تشتيت ذهنه وقدراته، كما أن عدم التوجيه يجعله يهمل دروسه ويتوانى في أداء واجباته.
الأسباب الاجتماعية:
المنزل غير المستقر والحياة الأسرية المضطربة بالإضافة إلى ضالة المستوى الاقتصادي وانهيار المستوى الثقافي للأسرة كل ذلك يؤدى إلى تمزيق التلميذ نفسيا، وتأخره دراسيا.
الصفحة 147
ارتياد أماكن اللهو كالسينما والنوادي والحدائق العامة وكذلك جماعة الاقران ورفاق السوء، لهما الأثر الكبير في انصراف الطفل عن المدرسة وكثرة هروبه منها .
انخفاض المستوى التعليمي للوالدين له أثر كبير على تحصيل الأطفال وتفوقهم الدراسي.
الأسباب المدرسية :
قد يكون الجو المدرسي العام متوترا مشحونا بالأعمال الدراسية طول الوقت مما يجعله خانقا للتلميذ فينصرف عنه.
التزمت الشديد من قبل النظام المدرسي وتقييد حريتهم يولد في نفوسهم الضيق والسام والرغبة في الخلاص من المدرسة.
استخدام بعض المدرسين للقسوة في معاملاتهم مع الأطفال وكثرة تنقلاتهم بين الفصول سبب رئيسي في تشتت أذهان الأطفال فضلا عن اتباعهم لطرق تدريس غير تربوية.
كثرة تنقل الطفل من مدرسة إلى أخرى بسبب ظروف الأسرة ونقل الإقامة من مكان إلى آخر بسبب عمل الوالد أو غيره من الأسباب.
طرق العلاج :
بالنسبة للأسباب الفردية:
يجب الاعتناء بصحة الأطفال العامة وذلك بإجراء فحص
الصفحة 148
طبي دوري شامل للأطفال مرة كل عام على الأقل، هذا بالإضافة إلى وجود طبيب لكل مدرسة والتعاون مع أسرة الطفل المريض. على المدرس أن ينوع في طرق تدريسه ويبسط شرح القواعد العامة مع حسن استخدام الوسائل التعليمية حتى يمكن أن يصل إلى الأطفال ذوى الذكاء المتوسط.
ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال أثناء الشرح وإذا كان مستوى العمر العقلي منخفضا انخفاضا حادا فينغي على القائمين بتربية الطفل أن يحولوه إلى مدارس التربية الفكرية.
وبالنسبة للأسباب السيكولوجية ينبغي أن يسود التعاون التام بين المنزل والمدرسة ليقدما الخبرة الكافية إلى الأسرة من الاخصائى الاجتماعي أو النفسي لتلافي أسباب القصور النفسي لدى الأطفال.
بالنسبة للأسباب الاجتماعية :
ضرورة إفساح المجال أمام الطفل لإشباع رغباته في الترويح والترفيه عن نفسه تحت إشراف الأسرة وتوجيه المدرسة كما تتدخل الأسرة - بالقدر المعقول - في اختيار الطفل لأصدقائه.
توجيه الأسرة لقيمة التعليم وضرورة تعليم أبنائهم وتشجيعهم على ذلك.
الصفحة 149
بالنسبة للأسباب المدرسية
تخفيف التزمت والشدة خلال اليوم المدرسي والإكثار من الأنشطة الترويحية التى تحبب الأطفال في المدرسة وتجعلهم
يقبلون على دروسهم بشغف، ليرتفع مستواهم التجميلي.
ينبغي أن يسود الحب والمودة طبيعة العلاقة بين المدرس وتلاميذه حتى يأخذوا عنه بشغف ويقبلوا على دروسه.
أن تتوخى المدرسة استقرار مدرسي الفصول وعلى المدرس أن ينظر إلى طريقة تدريسه - دائما - ويتناولها بالتعديل أو التغيير مع ضرورة توجيه النشاط التربوي توجيها علاجياً سليماً وتحسين مستوى التوافق المدرسي.
وأخيرا ينبغي أن يتضح أن الوقاية خير من العلاج، فبدلا من أن نترك الطفل يتردى في هاوية الاضطرابات النفسية ثم نبدأ في علاجه علينا أن نقيه مسببات هذه الاضطرابات فنعمل – قدر استطاعتنا - على تنقية الجو الأسرى والمدرسي من شوائب التفكك والاضطرابات حتى نضمن صحة نفسية سليمة لأطفالنا.
الهروب من المدرسة :
يترتب على مشكلة التآخر الدراسي لدى الأطفال مشكلة أعقد وهي الهروب من المدرسة ومن أسبابه أن الطفل قد يكون
الصفحة 150
مصاباً باضطراب نفسي أو عقلي ونتيجة لهذا الاضطراب يهرب من المدرسة.
وقد تكون أسبابه اجتماعية فتظهر رغبة الطفل في البحث عن فائدة أو لفت انتباه الآخرين أو لإشباع حب التفاخر أمام باقي الزملاء وفي العادة يكون التشجيع من طفل تعود الهروب من المدرسة أو من مجموعة من الأطفال يشجع أحدهم الآخر على ترك المدرسة وتحدث مشكلة التسرب الدراسي.
وقد يكون خلافات في الأسرة أيا كان السبب، مثل الخلاف بين الوالدين أو الإخوة أو بين أحد الوالدين والطفل، خاصة في الخلافات الشديدة التي يصعب حلها ، مما يضطر الطفل إلى عدم الاستنكار وبالتالي يحاول الهروب من المدرسة.
وقد يكون سبب هرويه أنه متخلف عقليا ونتيجة لهذا لا يستطيع أن يتواءم مع باقي الأطفال في فصله الدراسي.
ومما يلاحظ عن الأطفال المصابين باضطراب في الشخصية أنه يكثر فيهم الانحراف والاضطرابات الاجتماعية الأخرى.
وقد يكون الهروب بسبب مشكلة بين الأطفال والمدرسة أو بين الطفل وأحد زملائه فيخشى الذهاب إلى المدرسة.
ويكثر الهروب من المدرسة في سن المراهقة مع زيادة حب المغامرة والخروج عن السلطة، أو الخروج عن سيطرة. الآخرين.
الصفحة 151
نموذج التأخر الدراسي :
هذا هو الضعف القرائي وتتعدد أسبابه لكنها تنحصر في مجوعتين من الأسباب.
الأولى : أسباب انفعالية وبيئية وتربوية وتتضمن عدم التوافق الشخصي والاجتماعي والعوامل البيئية وعوامل ترجع إلى المدرسة.
والثانية : أسباب عضوية وتتضمن العيون السمعية والبصرية وعيوب النطق والكلام والضعف البدني وقصور القدرات العقلية. وهذه المشكلة من أخطر المشكلات التي يعاني منها أطفال المرحلة الابتدائية حيث تعطل المدرسة عن أداء وظيفتها ويستطيع كل معلم أن يقرر وجود هذه المشكلة في كل فصل دراسي بالمرحلة الابتدائية، حيث توجد مجموعة من المتعلمين الذين يعجزون عن مسايرة بقية زملائهم في التحصيل الدراسي فتصبح المشكلة هنا مشكلة تأخر دارسي نوعي.
وتتفاقم المشكلة، حيث يعانى المتأخرون دراسيا من مشاعر النقص ، والإحساس بالعجز عن مسايرة غيرهم، وغالبا ما يحاول هؤلاء التعبير عن هذه المشاعر السلبية بالسلوك العدواني أو بالانطواء والانعزال ، أو الهروب من المدرسة، أو من المجتمع ككل، وكثيرا ما تكون اتجاهاتهم نحو أنفسهم ونحو
الصفحة 152
الآخرين اتجاهات سلبية، وقد يصل الحال ببعضهم إلى درجة الياس أو تقبل نواتهم على أنهم فاشلون أو منبوذون، وفي هذه الحالة قد يصعب تعديل سلوكهم كما يصبح الأمل ضعيفا في جدوى العلاج معهم.
ومن الأسباب الرئيسية في رسوب الطفل في المرحلة الابتدائية التخلف أو الضعف في القراءة، وإذا قدر للطفل أن ينتقل من صف دراسي إلى ما هو أعلى منه - بصرف النظر عن المستوى التحصيلي له - فإنه يواجه صعوبة استيعاب المنهج الجديد، فتزداد المشكلة تعقيدا. ولقد سادت نظرية النقل الآلي في المرحلة الابتدائية، وأدى ذلك إلى وجود المتأخرين دراسيا وتسربهم إلى المرحلة الاعدادية وهذا بدوره يسبب مشكلات دراسية للمعلمين والتلاميذ في المرحلتين الابتدائية والاعدادية. ولا شك أن تحديد حاجات هؤلاء المتعلمين ومستوياتهم وإعداد الخبرات والمعلومات والمهارات التي تسد هذه الحاجات وتلائم تلك المستويات أمر عسير بالنسبة إلى المعلم العادي ولذا فإنه من الضروري أن يعمل المعلمون مع الموجهين والاخصائيين المختصين بالاشتراك مع إدارة المدرسة لوضع أو اختيار البرنامج المناسب لعلاج هؤلاء التلاميذ من الضعف القرائي أولا، ومن ثم يمكن تجنب المشكلة في وقت مبكر، وكلما تم التعرف على الطفل المتأخر دراسيا وأمكن تحديد نوع تأخره سهل اعداد برنامج دراسي ملائم له.
الصفحة 153
مشكلة جناح الأحداث واللزمات العصبية لدى الأطفال
يعنى الجناح تلك الانماط السلوكية أو الأفعال الخارجة على المعايير الاجتماعية، وعلى القانون المنظم للعلاقات فيما بين أفراد المجتمع. والأحداث هم الأطفال والمراهقون الذين يشبع في سلوكهم تلك الأنماط السلوكية أو يرتكبون تلك الأفعال الخارجة على ما تواضع عليه الناس والخارقة للقانون.
وتعد مشكلة جناح الأحداث من أهم المشكلات بالنسبة لعلماء النفس والتربية والاجتماع والخدمة الاجتماعية والقانون وبالنسبة لرجال الأمن، وذلك لما يترتب عليها من فاقد خطير الأثر وإهدار للطاقات النفسية والبشرية والاقتصادية، وانتهاك للقيم الاجتماعية والأمنية. لذا يتزايد الاهتمام بمتابعتها وتقصى أسبابها ومحاولة تدارك آثارها السيئة وعلاجها ، واتخاذ الاجراءات الوقائية للتقليل من احتمالات حدوثها.
نشأة السلوك الجانح وتطوره :
من المعروف أن الطفل يكتسب سلوكه ويتشرب معاييره الاجتماعية خلال تنشئته الاجتماعية في الأسرة أولا، ثم من .
الصفحة 155
المحيطين به في بيئته ومدرسته كلما اتسعت دائرة اتصالاته الاجتماعية واحتكاكه بالآخرين، ومع اضطراد نموه الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي.
ويحسن بنا الرجوع إلى السنوات المبكرة الأولى من عمر الطفل لمتابعة الجذور الأولى لهذه الظاهرة التي ربما تمتد إلى مراحل الطفولة المتأخرة والمراهقة أو تتأصل وتصبح طابعا مميزا للسلوك فيما بعد.
ففي هذه السنوات الأولى يبدى الطفل نزوعا قويا تلقائيا إلى استطلاع محتويات بيئته مدفوعا بحب الاستطلاع والمعالجة فيستخدم أعضاء جسمه وحواسه المختلفة في اكتشاف مكونات البيئة من حوله وفي جس المثيرات والأشياء، فيجذبها ويطرق عليها، ويقلب فيها، وينقب في محتوياتها، ويشمها وبتحسسها لاسيما ما اتسمت بالجدة بالنسبة له أي كلما انخفضت درجة معرفته وألفته بها ..
ولهذه العملية وظائف في غاية الأهمية بالنسبة للطفل منها تعرفه على كنه الأشياء والمثيرات والتمييز بينها، واشباع حاجته للنمو العقلي يؤكد ذلك أنه كثيرا ما يثير عديدا من الأسئلة التي قد ندهش لها عن ماهية الأشياء ومصادرها وعلاقاتها ووظائفها. حتى أنه ربما تطرق إلى أكثر المسائل تعقيدا كأصل الكون مثلا، بل وأصله هو من أين أتي؟ وكيف؟ ولماذا؟ . كما أنه عن
الصفحة 156
طريق هذه العملية الاستطلاعية يحاول اكتشاف علاقة أعضاء جسمه بالنسبة للبيئة التي يحيا فيها، ويستمتع باللذة الحاسية : الناجمة عن الآثار التي تتركها حركاته وأفعاله بهذه المثيرات أو تلك الأشياء ومن ثم يجب على المحيطين بالطفل أن يتفهموا سلوكه وفقا لتلك الأغراض عندما يمارس نشاطه فيتلف أو يحطم عن غير قصد منه شيئا ما ، فقد يتحسس آلية خزفية ثمينة ينبهر بلونها وبريقها ويشعر باللذة عندما يتلمسها فتنكسر دون ارادته، وقد يشخبط بالألوان أو الطباشير على سطوح الجدران أو الاثاث أو حتى على جسمه موليا باكتشاف الآثار الناتجة عن حركة يده على هذا السطح أو ذاك، لكنه ربما شوه الحائط أو لطخ يديه وملابسه بالألوان، وقد يقلب في جهاز راديو أو تسجيل أو ساعة ليعرف من أين ينبعث ذلك الصوت أو تلك الدقات المنتظمة المحيرة له فيتف الجهاز دون تعمد، وربما يطرق بملعقة على طبق صيني مستمتعا بالية يده وبالإيقاع الصوتي الناتج فينكسر هذا الطبق وهو في كل ذلك ليس مدفوعا بنزعة عدوانية تحطيمية تخريبية وإنما هو مدفوع برغبة تلقائية فطرية للاستطلاع والاكتشاف والمعالجة. وقد ثبت أن هذا الدافع له أصوله البيولوجية ليس بالنسبة للإنسان فقط وإنما بالنسبة للحيوانات العليا أيضا.
الصفحة 157
ألا إن الأمور قد تتطور وتتخذ شكلا آخر بعد ذلك خاصة مع التدليل الزائد للطفل، وترك الحبل معدودا له على الغارب فيؤدى بالطفل إلى سلوكيات دافعها التخريب والتدمير المتعمد، أو إذا لم يتفهم المحيطون بالطفل في بيئته الأسرية سلوكياته الاستطلاعية الأولى حق الفهم، فيواجونها بالإحباط والتقييد والتهديد والعقاب ويحرمونه منها، ولا يهيئون له منافذ بديلة مقبلوه لتفريغ طاقته الحيوية في نشاطات ايجابية وبناءة، فيزداد توتره وقلقه. ومع ازدياد التقييد والحرمان يشتد القلق وتأخذ النزعة إلى التخريب والتحطيم في الظهور عنادا من الطفل للكبار أو انتقاما منهم أو لإثبات الوجود والتعويض عن شعوره بالنقص. وهكذا يصبح سلوكية عدوانيا وتتسع دائرته شيئا فشيئا، حيث يبدأ في تحويل غضبه من الوالدين أو ذوى السلطة ويفرغها على الأشياء التي تقع في طريقه فيدمرها ويحطمها أو يوجه غضبه نحو اقرانه فيتعدى عليهم بالضرب، أو نحو الناس فيستلب ممتلكاتهم مثلا .
مظاهر جناح الأحداث :
مع غياب الرعاية الأسرية والنفسية والارشاد والتوجيه تتعدد. المظاهر السلوكية لجناح الأحداث ومن أهمها : التمرد والعنف والتخريب والتدمير القسوة والعدائية السرقة والنصب والاحتيال والتزييف، الانحرافات السلوكية الجنسية كالاغتصاب وهتك
الصفحة 158
الاعراض والجنسية المثلية، تعاطى المسكرات والمخدرات وإدمانها، التدخين في سن مبكرة، التحرش بالناس ومناواة السلطات الأمنية والشغب.
وعادة ما تصاحب هذه المظاهر السلوكية شعور الحدث بالمرارة والنقمة تجاه الأسرة والمجتمع، وبالحقد على الآخرين وكراهيتهم، وبالغيرة منهم، كما يكون مفهومه عن ذاته سلبيا ومشوها فيبدو غير متقبل لذاته ويشعر بالتعاسة والشقاء وسوء المصير، وربما وصل به الأمر إلى حد اللامبالاة وعدم الاكتراث بعواقب سلوكه الجانح وأعماله العدوانية التخريبية، كما يبدو الحدث فاقدا لبصيرته غير مهتم بمستقبله، غير مسيطر على تصرفاته سهل الاستثارة والتهيج.
أسباب جناح الأحداث : ..
1) اسباب شخصية جسمية وحيوية : في بعض الحالات ربما تنحصر أسباب الجناح في بعض أوجه القصور العضوي كالإعاقات الجسمية والطرفية والعقلية والإصابة بالأمراض وتأخر النضج، وما يؤدى إليه كل ذلك من مشاعر النقص والعجز والرغبة في التعويض الزائد وبصورة شاذة .
الصفحة 159
2) اسباب شخصية نفسية :
الشعور بالعجز - الحرمان المادي والعاطفي والتعويض عنه بالعدوان لتأكيد الذات - الشعور بالذنب والاثم وتحويله إلى الخارج - الشعور بالفشل والإحباط - الشعور بالتهديد وعدم الأمن وبالتوتر والقلق - الأزمات والصراعات النفسية - تأخر النضج النفسي - الانحرافات السلوكية كإدمان المخدرات - الاندفاعية وعدم ضبط النفس - الأنانية - عدم التبصير والاستهتار - الغواية والاستهواء - ضعف الضمير الخلقي. وعدم تقدير المسئولية.
3) اسباب بيئية ومدرسية واقتصادية :
أساليب التنشئة الوالدية والمعاملة المدرسية الخاطئة كالتدليل والنبذ والإهمال والقسوة والعقاب البدني والإكراه والتسلط - غياب الرقابة الأسرية والمدرسية - اضطراب الجو الأسرى وتفكك العلاقات الأسرية نتيجة انفصال الوالدين أو الشجار أو التسبب - تدهور الحالة الاقتصادية والفقر وما يترتب على ذلك من حرمان وعوز وعدم رضا وسعى مريض للثراء على حساب الناس أو لتحقيق الذات بتدمير الآخرين - اقران السوء - ضغوط وقت الفراغ ومشكلاته - ضغوط الدراسة وعدم كفاية النشاطات المدرسية التنفيسية والإعلانية وعدم تنوعها وملاستها لاهتمامات التلاميذ وميولهم.
الصفحة 160
الوقاية من جناح الأحداث :
لسد المنابع الأساسية للظاهرة يلزم اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية النفسية والاجتماعية والتربوية، ومن بينها ما يلى :
1) رفع مستوى المعيشة وتوفير الحد الأدنى من الحقوق الأساسية للإنسان من حيث الإسكان والتعليم وفرص التشغيل. والعمل ، والرعاية الاجتماعية والصحية.
2) الجدية في تعميم الخدمات النفسية والارشادية والتوجيهية والعلاجية للأسر والأطفال والمراهقين والشباب . بالأحياء السكنية والمؤسسات التعليمية والخدمية والإنتاجية والترويحية.
3) التوسع في إنشاء مراكز رعاية الشباب والنوادي وقصور الثقافة والمكتبات العامة. إتاحة فرص تشغيل المراهقين والشباب بمراحل التعليم خلال العطلات الصيفية لمساعدتهم على حسن استغلال أوقات فراغهم، واستثمار طاقاتهم، بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة.
علاج جناح الأحداث :
1) العلاج النفسي الفردي والجماعي : لتعديل السلوك العدواني بسلوكيات بناءة وتعديل مفهوم الذات والسمات المرتبطة بالجناح والعمل على إزالة أسباب الإحباط ومصادر
الصفحة 161
الضغط والقلق والتوتر الانفعالي - وحل الصراعات النفسية واستخدام العلاح بالعمل والعلاج الديني.
2) الإرشاد العلاجي والتربوي والمهني : لمساعدة الجانح على رسم فلسفة جديدة لحياته، ومساعدته على إشباع حاجاته النفسية المحبطة، وعلى استثمار طاقاته واستعداداته في دراسة ملائمة أو مهنة مناسبة. إرشاد الوالدين للأساليب الصحيحة والسوية في تنشئة الأبناء والعمل على تجنيبهم مواقف الإحباط والصراع، وتبصيرهم بالآثار السيئة للأساليب الخاطئة، وحثهم على تفهم وحاجات الأبناء وتحذيرهم من استخدام القسوة والعقاب العنيف مع الجانحين.
3) العلاج البيئي : عن طريق التعديلات البيئية اللازمة بالنسبة للأسرة والمدرسة والمجتمع للمساعدة على شغل أوقات الفراغ في نشاطات بناءة، توفير الخدمات النفسية والاجتماعية الأحداث الجانحين في الأسرة والمدرسة، والإيداع في المؤسسات للتأهيل النفسي والتربوي والمهني».
الصفحة 162
اللزمات العصبية
ونعني باللزمات العصبية عدم استقرار الطفل على حال واحدة ، وقد يأخذ عدم استقرار الطفل على حال واحدة، وقد يأخذ عدم الاستقرار صورة خاصة في حركة معينة كرمش العين، أو هز الكتف، أو فرقعة الأصابع، أو قرض الأظافر أو عض الأقلام أو اللعب بخصلة من الشعر، أو غير ذلك من اللزمات الخاصة التي تكون بؤرة يتمركز فيها النشاط العصبي غير الموجه .
أسباب المشكلة:
- الحالة الجسمية للطفل قد تتسبب في عدم استقراره وعصبيته، ومن هذه الحالات الديدان المختلفة ، أو الاضطرابات الغددية، أو الهضم أو تضخم اللوز وكل ما يؤثر على الصحة العامة تأثيرا سيئا .
- من الناحية الوراثية، قد يرث الطفل عصبيته وعدم استقراره عن والديه أو أقاربه.
- الإصابة بإحدى العاهات كالعمى أو الصمم أو البكم أو العرج أو صعوبة النطق.
الصفحة 163
- أسباب نفسية مثل الصراع والإحباط والحرمان، والضغط الانفعالي والقلق والشعور بالشقاء والبؤس لعدم تحقيقه للحاجات الأساسية كالأمن والحب والنجاح أو لتأخره في قدراته العقلية أو الحسية أو الجسمية.
- أسباب بيئية : مثل المعاملة الأسرية الخاطئة كالتفرقة في المعاملة أو تفضيل الولد على البنت وشيوع التوتر الأسرى
والعصبية العامة في الأسرة.
أعراض اللزمات العصبية :
من مصاحبات العصبية العامة وعدم الاستقرار ضعف العقل وضعف القدرة على التركيز أو على الاستقرار.
ومن أهم الأعراض مص الأصابع وقرض الأظافر والأزمات العصبية التي تحدث بشيء من المفاجأة والسرعة والتكرار وعدم تدخل الإرادة كرمش العين، أو تحريك الأنف أو جوانب الفم أو تحريك الكتف وما شاكل ذلك.
لائحة المصادر و المراجع
انظر الصفحة من ( 167 الى 168 ) ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه