علم النفس النمو

المؤلف: محمد عبد الله العابد أبو جعفر

التصنيف: سيكولوجيا النمو

عرض PDF

الوصف:

محمد عند الله العابد أبو جعفر، علم النفس النمو، مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية 1435-1434ه الموافق ل 2013-1014م.

الجزء الأول: تقديم

إن ظاهرة النموهي إحدى المعجزات الإلهية التي يستحيل على الإنسان تفسيرها ، إلا بالقدر الذي يؤذن له به من قبل الخالق الواهب للحياة والقابض لها فَلْيَنظُرِ الْإِنسَنُ مِمَّ خُلِقَ : خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ دَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَابِبِ ) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ، لَقَادِرٌ (1) .

الله سبحانه خلق الكون وما عليه من أشياء وأحياء . وهو الذي خلـق الإنسان وخطط لمسيرة تطوره من نطفه لاترى بالعين المجردة إلى أن يبلغ أشده في نسق بديع متسلسل يعتمد فيه اللاحق على السابق وتكون فيه عملية النمو مستمرة متدرجة شاملة لنواحي التغيير الكمي والكيفي والعضوي

والوظيفي .

إن هذه التغيرات الجسمية والنفسية علم نفس النمو ، أي دراسة السلوك المادي والمعنوى للأطفال(*) والمراهقين والراشدين والشيوخ ، حيث يمر الفرد بعملية نمو وتحول حتى يصل إلى التكوين النفسي والجسمي الذي يميز الراشد الناضج ليتحول بعد ذلك هذا النمو إلى نمو سلبي عبر الشيخوخة والهرم، كنمو هدام يؤدي بالفرد إلى نهاية الحياة .

ويشمل هذا الكتاب المحاور الرئيسة لعلم النمو بصفة عامة ابتداء 

  الهوامش:

  1. سورة الطارق الآيات 8.7.6.5

(*) السلوك المادي هو الذي نلاحظ عن طريق الحواس مثل الحكة والكلام, أما السلوك المعنوي فهو الشعوري مثل الأحاسيس والمشاعر والعواطف الداخلية التي لايدركها إلا صاحبها 

الصفحة 7


من قوانين النمو ومؤثراته وعناصره وطرق دراسته وانتهاء باستعراضخصائص النمو في كل مرحلة على حدة ، وبما أن هذا الكتاب موجها إلى مستوى التعليم المتوسط ، فقد حاولنا تبسيط لغة الكتابة قدر الإمكان وأكثرنامن الأمثلة التوضيحية معرفين المصطلحات والمفاهيم أينما وجدت ونظرا لعدم التطرق لتفاصيل بعض الموضوعات (*) فقد رسمت علامة قرب نهاية بعض الفقرات أو الكلمات إشارة إلى أن شرحاً مبسطاً توضيحياً موجوداً بذيل الصفحة ، أو توجيه القارئ إلى الرجوع إلى الملاحق بآخر الكتاب ، أما وجود بعض الأرقام بنهاية بعض الفقرات فهو إشارة إلى الهوامش التي استنبطت منها تلك المعلومات•

إن العملية التعليمية تشمل عناصر متعددة لعل من أهمها التلميذوالمعلم والمادة التعليمة ، ويعتمد نجاحها على نجااح عملية الاتصال الفعال بين المعلم والتلميذ. فإذا اعتقد المعلم بأن مهمته تقتصر على سرد المعلومات والشرح والإلقاء والتلقين ، فسوف لن يكون ناجحا في مهمته ، أما إذا تفهم بأن عملية الإتصال التعليمي لا تكتمل إلا بالاستجابات السلوكية الصادرة عن التلاميذ فسوف يناقشهم ويتفاعل معهم ويستجيب لاستفساراتهم مما يكملدائرة الاتصال ويمكن المعلم من قياس مدى تحقيقه لأهداف درسه .

المعلم هو الدرع الواقي ضد جميع أوجه القصور في البيئة التعليميةسوء كان هذا القصور في المنهج أو المنهج أو البيئة النفسية للتلميذ أو نقصمعينات التدريس .. ألخ فهو الصانع المبدع للموقف التعليمي الناجح .

                                                                                                                                            المؤلف

الهوامش:

(*)يعتبر هذا الكتاب موجزاً لعلم نفس النمو نظراً لشمولية مفرداته كافة لمظاهر النمو ومراحله من الإخصاب إلى الشيخوخة .

الصفحة 8



التعريف ببعض المفاهيم والمصطلحات

لمصلحة القارئ الذي لم يسبق له الإطلاع على ميادين علم النفس و نظرياته، رأيت أنه من الصواب توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات التي يتضمنها هذا الكتاب لتسهيل عملية فهم ما احتواه من مواضيع :

1- الشعور :

وهي الأحاسيس والمشاعر التي لا يدكها أو يشعر بها إلا صاحبها . ويقسم ( فرويد ( الشعور إلى ثلاث مناطق ؛ هي الأولى : هي بؤرة الشعور وهو ماتدركه وتشعر به الآن . والثانية : ماقبل الشعور ، وهي الخبرات القريبة التي يسهل تذكرها أو استدعاؤها ، فعادة ما يسهل علينا تذكر من قابلناهم بالأمس والثالثة : اللاشعور ، وهي الخبرات القديمة المتراكمة سلبية كانت أو ايجابية وان لم تكن مهمة في حياتنا فعادة ما يصعب تذكرها فقد يصعب علينا تذكر شخص درسنا معه ولم نره لعديد من السنوات .

2 الإندماج الإجتماعي :

وهو التجاوب مع الأخرين ومشاركتهم أنشطتهم وإقامة علاقة ايجابية معهم وإظهار القدرات والخبرات والسعى نحو تحقيق الأهداف والإحساس بسعادة الحياة

3- الدور الإجتماعي :

وهو متفق عليه ضمنياً أو يقره المجتمع من أنماط وأنشة سلوكية خاصة بشريحة اجتماعية معينة أو جنس معين أو سن معينة. فدور المرأة غير دور الرجل ودور الطفل في الأسرة أو المدرسة غير دور الأب أو المعلم ، ودور المرأة في المجتمع الإسلامي غير دورها في المجتمع الغربي

الصفحة 9

4. المدرسة السلوكية :

وهي أحد الاتجاهات في علم النفس التي ترى بوجوب اقتصار دراسة علم النفس على السلوك الظاهري للإنسان ولا تؤمن بأساليب الاستبطان الداخلي ويرى ( د. واطسون ) بأن السلوك مصدره عضوى ارتباطي بين مثير واستجابة وحتى الكلام يرده إلى كلام داخلي غير مسموع وأخر خارجي مسموع .

5. المتغيرات:

وهي العوامل أو الأسباب أو المحركات التي تؤثر في متغيرات أخرى أثناء التجريب وعادة ما تشمل التجربة متغيرات مستقلة ومتغيرات تابعة وتغيرات دخيلة . وبمعنى آخر تؤثر المستقلة على التابعة ولكن المجرب لا يعلم المجرب شيئا عن المتغيرات الدخيلة فهي تؤثر على سير التجربة دون علمه .

6. الأمراض الدهانية :

تنقسم الأمراض النفسية إلى نوعين : الأول دهاني ينتج عن صدمات مادية أو حوادث أو أمراض جسمية أو تسمم إلخ وهو صعب العلاج ، أما النوع الثاني فهي الأمراض العصابية ( نفسية ) وهي نفسية المنشأ سببها التربية ومشاكل الحياة والظروف القاسية والكوارث العاطفية .. وهسهلة العلاج نسبياً

7. مطالب النمو :

وهي مستويات من النمو يجب أن يصل إليها الفرد عند بلوغه سن معينة . فعلى سبيل المثال يجب أن يقف الطفل مع نهاية عامه الأول ويجب على المراهق أن يصل إلى البلوغ الجنسي في سن معينة، وإذا تقدم أو تأخَّر الفرد في الوصول إلى مستوى النضج المطلوب في سن 

الصفحة 10

معينة ، فإن نموه يكون غير سوي أو غير عادي مثل الآخرين .

ج - علم النفس النمو :

لعله من المفيد هنا ولمصلحة الارئ الذي لم يسبق له دراسة علم النفس أن نعرف بعض المصطلحات التي لا مناص من استخدامها عند الخوض في أي علم من العلوم الإجتماعية عامة وعلم النفس بصفة خاصة وحيث أن علم النفس النمو ما هو إلا فرع من فروع علم النفس العام ، أي يقوم بتطبيق مظريات وقوانين وحقائق علم النفس مثل : حقائق الشخصة أو الذكاء أو الدوافع أو غيرها في مجال النمو ، فلابد من تعريف علم النفس العام أولاً .

فما هو علم النفس إذاً؟

    علم النفس (سيكولوجي ) : مصطلح ينحدر من اللعنة اليونانية القديمة ويتكون من كلمتين هما ( سيكو ) بمعنى النفس و ( لوجي ) بمعنى العلم . وأول من استخدمه التسمية هو الفيلسوف ( جزكلينوس ) أستاذ الفلسفة بجامعة ماربورج بألمانيا سنة (1950م ) . وبحكم قواعد النطق والتركيب اللغوي تحول الحرف E إلى O عند ارتباط الكلمتين وأصبحتا مصطلحاً واحداً كتسمية لعلم النفس .

     ويعرف علم النفس بتعريفات متعددة تختلف باختلاف مدارسة وعلمائه وتطور هذا العلم الذي بدأ خرافياً مع بداية مسيرة الإنسانية حتى أصبح فلسفياً ثم شعورياً إلى أن صار علماً يختص بدراسة سلوك الكائنات الحية ولأغراض إجرائية يمكننا تعريفه كالآتي :

الصفحة 11

' علم النفس هو الدراسة العلمية لسلوك الكائن الحي بهدف فهم هذا السلوك وضبطه والتحكم فيه والتنبؤ به مستقبلاً " ويقصد بالدراسة العلمية هنا تطبيق الأساليب والإجراءات العلمية التجريبية في الدراسة أمّا الضبط والتحكم فيقصد بهما تعديل السلوك الإيجابي عن طريق معرفة أسباب السلوك .

-السلوك :

وهو " الأنشطة المادية والنفسية كافة التي يقوم بها الكائن الحي خلال تفاعله مع البيئة المحيطة من أجل التكيف " أي كل ما يقوم به الإنسان من أقوال وأفعال ظاهرة ، شعورية أو لا شعورية بل وكل ما يطرأ عليه من تغيير أو تطوير مادي أو معنوي يعتبر نمطاً من أنماط السلوك

-البيئة :

وهي ما يحيط بالكائن الحي من أشياء وأحياء وتنقسم إلى بيئة خارجية مادية وبيئة داخلية شعورية لدى الإنسان ، ثم تتشعب البيئة الخارجية إلى بيئات جزئية متعددة كالبيئة الجغرافية والإجتماعية والإقتصادية .... إلخ

-التكيف :

وهو الملائمة أو المواءمة أو التوافق بين الكائن الحي ومكونات البيئة المحيطة وذلك بغية تحقيق حفظ التوازن وبقاء الكائن الحي واستمراره .غير أن مصطلح التكيف شائع الإستخدام في المجالات الطبيعية فالجراحة الطبية على المريض بهدف إعادته إلى حالته الصحية العادية تعتبر تكيفاً ، وتغير لون الحرباء من الأخضر إلى الأصفر عند انتقالها من الشجرة إلى الحصاد يعتبر تكيفاً مع البيئة ، أما في المجالات الإجتماعية ، والنفسية فعادة ما يستخدم مصطلح التوافق

الصفحة 12

- التوافق :

هو الملاءمة بين الظروف الإجتماعية والمشاعر النفسية للفرد ، وبين الإطار الإجتماعي المحيط به أو الشعور النفسي الذي يعيشه . فنقول التوافق الإجتماعي والتوافق الزواجي والتوافق النفسي ، أي قبول الفرد لذاته ورضاه عنها وتوافقه معها .

-علم النفس النمو :

هذا وينقسم علم النفس إلى فروع نظرية عامة وأخرى تطبيقية حيث تختص الفروع العامة بدراسة سلوك جميع الأفراد دراسة نظرية تصاغ من خلال نتائجها النظريات والبديهيات والحقائق العامة في النفس ، مثل نظريات الأنا والشعور والشخصية والذكاء .. وغيرها بينما تختص الفروعالتطبيقية بتطبيق تلك النظريات على فئات خاصة أو ظواهر سلوكية معينة مثل علم النفس الصناعي الذي يدرس سلوك المنتجين ، وما يتعلق ، بالمهنة وعلم النفس الهسكري الذي يدرس سلوك العسكريين وعلم نفس النمو الذي يختص بدراسة مظاهر النمو لدى الكائنات الحية بما في ذلك الإنسان . وقد تكون دراسة مظاهر النمو شاملة للمراحل العمرية كافة كما هو الحال بالنسبة لمفردات هذا الكتاب أما إذا اقتصرت الدراسة على مرحلة معينة أو مجموعة مراحل فقد نجد تسميات وصفية أخرى لعلم نفس النمو ، مثل علم النفس الطفل وعلم النفس المراهقة وعلم النفس الراشد وهكذا مع بقيةالمراحل العمرية .

الصفحة 13

ويمكننا أن نعف علم نفس النمو على أنه " الدراسة العلمية لظاهرة النمو ومحاولة تفسيرها من حيث أصولها ونشأتها ، ومساراتها وطبيعتها تطورها وأثراها ونتائجها والعوامل التي قد تعيقها أو تعطل مسيرتها "(1)

-وعلم نفس النمو هو أحد الفروع التطبيقة لعلم النفس الذي يختص بدراسة ظاهرة النمو لدى الإنسان ، فهو إذا الدراسة العلمية لمظاهر النمو الجسمية والعقلية والمعرفية والإنفعالية والإجتماعية لدى الفرد بهدف فهم ومعرفة التغيرات التي تحدث لتلك المظاهر ومحاولة ضبطها وتوجيهها والتنبؤ بها مستقبلاً .

- وهو كذلك العلم الذي يختص بتطبيق نظريات علم النفس العام في مجال النمو لدى الكائنات الحية متبعاً في ذلك الأسلوب العلمي في البحث بهدف فهم وضبط وتوجيه ما يحدث لهذا الكائن من تغيرات منذ بداية حياته حتى نهايتها .

النمو :

أما ظاهرة النمو فهي دورة حياة الكائن الحي ( الإنسان ) وهي سلسلة متتابعة من التغيرات العضوية والسلوكية منذ تكوين الخلية الملقحة ) الزيجوت وحتى الممات . هذا التغير يكون سريعاً خلال السنوات الأولى من العمر تم يأخذ في التباطؤ حتى إذا ما تجوز الفرد مرحلة الشباب لايكون التغير ملحوظاً . وتشمل هذه التغيرات تغيرات إنشائية هدفها الإرتقاء بالفرد حتى النضج وتغيرات هدامة هدفها إنهاء الحياة (2). 

الهوامش:

(1) القذافي ، رمضان محمد ، علم نفس النمو ، الجامعة المفتوحة ، طرابلس ، 1995ف .

(2) الزيتي ، محمد محمد ، سيكولوجية النمو والدافعية ، دار اكتب الجامعية ، الإسكندرية ،

1969 ف

الصفحة 14

هذه التغيرات هي مظاهر سلوكية تشمل الجسم في شكله ووزنه وحجمه وتشمل السلوك الإجتماعي المتمثل في اكتساب المعايير والأعراف الإجتماعية وتكوين العلاقات مع الآخرين واكتساب المعارف والخبرة والإنفعالات والعواطف كالغضب والخوف والحب وبهذا المعنى يمكننا أن نعرف في علم نفس النمو أيضاً على أنه الدراسة العلمية لمظاهر النمو لدى الكائن البشري منذ بداية تكوينه كبويضة مروراً بمراحل نموه المختلفة حتى نهاية حياته ولكي ندرك مفهوم علم نفس النمو جيداً ، فلابد لنا من معرفة الفرق بين النمو والتغير كمفهومين قد يلتقبان في المعني وقد يختلفان فيه فيه بسبب مفهوم التغير الذي يشمل التغيرات الإيجابية البناءة والتغيرات السلبية الهدامة ، فمفهوم النمو في علم النفس تغير ايجابي تقدمي نحو الأفضل كما هو الحال في التغيرات التي تحدث لدى الكائن البشري من الضعف إلى القوة ومن الجهل إلى العلم ومن الأنانية إلى التعاون ، ومن الخوف إلى الطمأنينة والجرأة ( وليد طفل - شاب- راشد ) أمّا مفهوم التغير فقد يكون ايجابياً تقدمياً يفيد النمو والتطور والتقدم أو سلبياً هداماً كما هوالحال عند اقتراب الشيخوخة وضعف الحواس ونقص القوة وتدهور القدرات ، والسير تدريجياً نحو الموت ، وبهذا المعنى يمكننا أن نسمي التغيرات الإيجابية بالنمو التقديمي والتغيرات السلبية بالنمو التقدمي والتغيرات السلبية بالنمو الهدام الذي يقود إلى النهاية .

د. عناصر النمو واتجاهاته :

-يتضمن النمو ، نمو الأعضاء والأجهزة الجسمية من ناحية ونمو وظائف هذه الأعضاء والأجهزة من ناحية ثانية ، فوظيفة الرئتين التنفس ووظيفة الحبال الصوتية الكلام ووظيفة المعدة هضم الطعام ... وهكذا ،

الصفحة 15

ويتضمن النمو كذلك عناصر مختلفة منها التغير التقدمي في أعضاء الجسم ووظائفها مثل التغير في النوع من حيوان منوي وبويضة أنثوية إلى جنين ينبض بالحياة والحركة ومنها التغير في العدد كتغير عدد الأسنان بين الطفولة والمراهقة والرشد ومنها التغير في الحجم كما وكيفاً أثناء مراحل النمو (1) يعني ذلك أن التغير يحدث تكوينياً ونوعياً وكمياً . ووظيفياً ، فالأسنان اللبنية تختلف عن الدائمة نوعاً وحجماً وعدداً ، وأجهزة وأعضاء الجسم المختلفة لم تكن موجودة في البويضة المخصبة إلا في شكل إمكانيات وراثية لم يصل العلم الحديث إلى كشف كل أسرارها بعد ، كما في قوله

تعالى ( وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (2) . وعلم نفس النمو بالإضافة إلى بعض العلوم الأخرى كعلوم الحياة والطب والتشريح وعلم وظائف الأعضاء مختص بدراسة تلك المظاهر التنمية المختلفة. 

هذا وتشير قوانين النمو إلى أن النمو الجسمي يتجه من الوسط أوالمركز إلى الأطراف ومن العمومية إلى الخصوصية . ومثال ذلك نموالعمود الفقري أولا ثم العضلات الكبيرة ثم الصغيرة المتطرفة مما يؤهل الطفل إلى تحريك جسمه قبل يديه ثم يديه قبل أصابعه ... وهكذا يؤكد هذا الإتجاه أيضاً نمو الأجهزة الداخلية المركزية وقدرتها على العمل منذ الميلاد مثل الرئتين والمعدة بينما تكون عديد الأجهزة والأطراف غير قادرة على أداء وظائفها عند الميلاد. 

الهوامش:

(1)Me Candlewss Boyd Children And Adolescents Holt Rinehart

And Winston Newyork ( )

  1. سورة الإسراء : الآية (85)

الصفحة 16 

يتجه النمو كذلك من الأعلى إلى الأسفل أو من الرأس القدمينفالطفل عند الميلاد قادر على التنفس والبلع بينما لا يستطيع التحكم في عملية الإخراج وتكون حواس السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، قادرة على أداء وظائفها عند الميلاد ولو بصورة مبدئية بينما لا يستطيع الطفل حديث الولادة التحكم في حركة أرجله بل هي حركة تلقائية في شكل أفعال منعكسة ليس هذا فحسب بل يكون تعلم الطفل وإدراكه عاما قبل أن يكون خاصاً فهو يدرك النساء كافة على أنهن أمهات له في البداية ثم يميز امه بعد ذلك فيهرع إليها وينفر من الأخريات. ومع بداية تعلم اللغة يشير الطفل بكلمة واحدة إلى جميع أنواع الأطعمة ثم يتعلم تسمياتها لاحقاً.

هـ - أهمية دراسة علم النفس النمو :

إذا كان علم نفس النمو يتهم بدراسة اتجاهات النمو وعناصره العضوية التكوينية كالطول والوزن والحجم والفسيولوجية والحسية ونمو الأطراف والعضلات ويهتم كذلك بدراسة وظائف كل أعضاء الجسم وأجهزته خلال جميع مراحل النمو من المرحلة الجنينية وحتى الشيخوخة ، فيمكننا إذن أن نؤكد أهمية دراسته في الآتي :

1- يفيدنا من الناحية النظرية بأن نعمق فهمنا للطبيعة الإنسانية خاصة وطبيعة حياة الكائنات الحية الأخرى بصفة عامة ، كما يمكننا من فهمالعلاقة بيننا وبين البيئة التي نعيش فيها ومدى تأثرنا وتأثيرنا فيها

2 - تمكننا دراسة علم نفسر النمو من تحديد معايير عامة للنمو في كــل مرحلة عمرية مما يساعدنا على وصف نمو الأفراد ومقارنته بتلك المعايير . فمعرفتنا بوزن المولود الجديد الذي يتراوح ما بين

الصفحة 17

3.500-3.250 كيلو جرام . في المتوسط ترشدنا إلأى التأكد من سلامة واكتمال نمو أي من المواليد ، الجدد وفيما إذا كان طبيعيا أو يحتاج إلى عناية خاصة وحصيلة الطفل اللغوية التي تتراوح ما بين 2000.2500 مفردة عند السادسة من العمر ترشدنا إلى سلامة النمو اللغوي لدى الطفل أو فيما إذا كان متقدما أو مختلفا عن هذا المعيار . وهكذا تساعدنا دراسة علم نفسر النمو على تحديد و تشخيص معدل النو لدى أي فرد وفي أي مرحلة عمرية

- هذا من الناحية النظرية أما من الناحية التطبيقية تساعدنا دراسة علم نفس النمو في العديد من المجالات ومختلف الأعمار والتخصصات منها :

أ - في المجال الأسري تساعدن دراسة النمو في مراقبة وتوجيه نمو أطفال قبل الميلاد وبعده حتى يتمكنوا من تحقيق التغيرات الإيجابية وتعديل التوقف عن الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها .

ب- نحن كافراد وبإدراكنا لحقائق النمو يمكننا الإستفادة الشخصية حيث نستطيع تقييم سلوكنا ونتوافق مع ما يحدث لنا من تغيرات جسمية سن الأربعينات عندما يلاحظن ظهور التجاعيد على وجوههن وتساقط الشعر وفقدان جاذبية الشباب ، الأمر الذي ينعكس سلبا على الحياة الأسرية ، إلا أن المرأة المدركة لطبيعة النمو الجسمي والفسيولوجي المصاحب للمرحلة العمرية التي تمر بها يساعدها على التوافق مع كل التغيرات والحفاظ على استمرار الحياة الأسرية الهادئة السعيدة 

ج- في المجال المدرسي تمكن دراسة علم نفس النمو المدرسين والإداريتين والموجهين وكل العاملين بالبيئة المدرسية من معرفة خصائص نمتو الأطفال النفسية والجسمية مما يؤدي بدوره إلى رعايتهم وتجيههم نحو أساليب السلوك السوي ، وإتاحة الفرص لهم في تنمية قدراتهم وميولهم ومواهبهم. 

الصفحة 18

د - في مجال المناهج التعليمية ، تساعد دراسة علم النفس النمو المربين والتربويين على بناء مناهج تعليمية تلائم النمو النفسيالعقلي للأطفال وتنمي شخصياتهم وتجعل من الطفل مركز الإهتمام الذي يصمم من حوله المنهج التعليمي

هـ - تفيد دراسة علم النفس النمو علماء النفس والعاملين في مجال الصحة النفسية والإرشاد الإجتماعي والنفسي سواء في مصحات الأمراض النفسية أو المدارس والمستشفيات ومراكز الأمومة والطفولة أو على مستوى توجيه النشء ، من خلال التربية المفتوحة عبر قنوات الإعلام المختلفة . حيث يمكن لهؤلاء مساعدة الشباب والأطفال والشيوخ وكل الفئات العمرية على تقليل الصعوبات التعليمية والتربوية والمهنية والإجتماعية التي تواجههم سواء على مستوى مشاكل التخلف الدراسي أو الإخفاق المهني أو مشاكل الزواج والطلاق أو غيرها من الإنحرافات السلوكية المرضية التي تنهي بصاحبها إذا تمكنت منه ، إلى مصحات الأمراض العقلية.

و - تفيد دراسة علم نفس النمو الأطباء والممرضين على تفهم دوافع المرض أو التمارض بالتعاون مع الأخصائي النفسي، فبمغربة معايير النمو الطبيعية يمكن للطبيب معرفة الحالة الصحية للمريض وتشخيصها ومحاولة علاجها .

ز- معرفة حقائق النمو في المراحل العمرية المختلفة تفيد رجال الأمن والقضاء سواء في التعرف في على دوافع الجريمة أو الإنحراف أو في العمل على معالجتها دون إلحاق الضرر بشخصية الطفل وخير دليل

الصفحة 20

      على ذلك معاملة الأحداث قضائيا بغير معاملة الراشدين

ح- معرفة معايير النو وحقائقه تمكن مسئولي المؤسسات التربوية والخدمية العامة وأصحاب الأعمال الحرة من انتقاء العناصر المنتجة الفعالة من خلال التنبؤ بمستقبلها العلمي والعملي وبما يعود على تلك المؤسسات من رفع لكفايتها الإنتاجية

      أن علم نفس النمو يطبق نظريات وقوانين وحقائق علم النفس العام وهو يدرس السلوك في جميع مجالاته لدى الناس كافة ، فإن مردودة الإيجابي يعود على المجتمع ككل سواء من خلال نجاح الأسرة أو المدرسة أو المؤسسة التربيوية أو العسكرية أو الإنتاجية أو العلاجية في تنمية وتنشئة الفرد منذ بداية حياته ليصبح مواطناً صالحاً يفيد نفسه ومجتمعه .

الصفحة21



         العوامل التي تؤثر على النمو



تشمل مؤثرات النمو أربعة محاور رئيسة هي العوامل الوراثية والبيئية والآثار الناتجة عن إفرازات الغدد وعوامل النضج والتدريب والتعليم وفيما يلي استعراض لتلك العوامل كل على حدة :

أولاً : العوامل الوراثية:

تمثل الوراثية كل العوامل الذاتية التي كانت موجودة لدى الفرد قبل ولادته أي منذ بداية حياته الرسمية . وتشير قوانين الوراثة إلى أن ما نرثه هو مجموعة الإمكانيات التي تتضح فيما بعد إلى خصائص وراثية تميز جنسياً عن آخر وتميز بين الأفراد من الجنس الواحد . مثال ذلك بذرة القمح التي تزرعها لتتفتح إمكانياتها فتخرج الأوراق والسيقان والسنابل شريطة توفر الظروف البيئية الملائمة لنموها . إن مثل هذه الإمكانيات الوراثية الكامنة في البويضة الأنثوية والحيوان المنوي تتحول بعد الإخصاب إلى خصائص وراثية لتخرج لنا مخلوقاً جديدا يحمل نفس الخصائص والصفات التي اتصف بها آباؤه وأسلافه .

     هذا وتؤثر الوراثة على النو سلباً وإيجابياً ، فمثلما نرث مستوى رفيعا من الذكاء قد نرث استعداداً لاستقطب بعض الأمتراض كالبول السكري أو العشى الليلي وقد نرث بنية جسمية قوية أو ضعيفة أو بشترة بيضاء أو صفراء أي نأخذ مما هو موجود لدى آبائنا وأسلافنا من خصائص وسمات.تؤثر الوراثة أيضاً على سرعة النمو وتباطئه ونضجه أو قصوره ونوعه ومداه ، وتنقل الخصائص الوراثية إلى الأجيال الجديدة عن طريق ( الجينات ) التي تحملها الكرموزومات التي يحملها كل من الحيوان المئوي الذكري والبويضة الأنثوية وبعد اختراق الحيوان المنوي جدار

الصفحة 22

البويضة والتصاق نواته بنواتها تصبح بويضة مخصبة تحمــل صفات من الأب والأم والأجداد وتتفاعل هذه الموروثات بعضها مع بعض لتنتج صفات جديدة قد تختلف بعضها عن تلك التي تميز الآباء والأمهات ، مثــال ذلك زواج آسيـوي بأوربية مما قد ينتج عنه طفل أوروبي القامة وأسيوي العينين وقد يكون شعره أشقر أو بشرته صفراء وقد تكون كل هذه الصفات أو بعضها بين البينين كنيجة لتلك التفاعلات التي تحدث داخل البويضة .

أ-السمات والخصائص الموروثة :

تنقسم السمات الوراثية إلى نوعين : سمات وراثية ( سائدة ) وأخرى ( منتجــة ) . ويقصــد بالمنتـجة تلك الصفات أو السمات المتخفية التي قد لا تظهــر دائــما وقـد تأتي من أجيال سابقة لا علم ولا معرفة للجيل الحالي بها وهي التي قد تجعل الطفل لايشبه أباه تماما ومنها صفة فقدان شعر الرأس أو ( الصلــع ) التــي تخص جنس الذكر فقط حتى ولو كانت موروثة من ناحية الأم وقــد تظهر عند طفل ولا تظهر عند أخيه وقد تختفي أجيالاً ثم تظهر من جديد ، والمثل الشعبي يقول : " العرق يمتد إلى االسبعين جد ". أما السمات السائدة فتشمل لون ونوع الشعر ولون البشرة ولون العينين وتقاسيــم الوجــه وملامحة العامة وفصيلة الدم وحدود الجسم الهيكلية وحدود طــول القــامة ونسب أعضاء الجسم بعضها لبعض والإستعدادات لاستقطاب بعــض الأمراض كمرض البول السكري والعشى الليلي وبعض الأمراض الصدرية*على أن معظم الإستعدادات المرضية تنقلها جينات متنحية ،وتكونالفرصة أكبر للإصابة بالمرض إذا نقل الإستعداد له من جين متنح من الأب.

الهوامش:

*يجب التنبيه إلى أن المرض لا ينتقل إلى الأبناء حتى لو كان الأبوان مصابين إلاّ أن فرص الإصابة لديهم تكون أكثرهم من غيره

الصفحة 23

وآخر من الأم .

ب- أهداف الوراثة :

1. المحافظة على النوع حيث يبقي الإنسان ينجب إنساناً والحيوان ينجب حيواناً .

2. المحافظة على السلالة حيث يبقى الزنجي ينجب زنجياً والعربي ينجب عربيا والأوروبي ينجب أوروبياً

3. المحافظة على الجنس حيث يبقى نصف البشر أو الحيوانات الأخرى ذكوراً والنصف الآخر إناثاً وقد لايكون هذا في نفس العائلة الواحدة أو المجتمع الواحد لسبب أو لآخر ولكن على مستوى البشرية يكون عدد الإناث والذكور دائماً متقارباً

4. المحافظة على قرب الأجيال من المتوط فليسوا كل الناس طوالاً ولا كلهم قصاراً ولكن الجميع يتمتع بصفات قريبة من المتوسط ، فالأبوين الطويلين مثلاً قد يكون بعض أطفالهما أطول منهما وبعضهما أقصر منهما وربما البعض منهم مساو لهما في الطول في الطول وهكذا مع بقية الصفات الجسمية والعقلية الأخرى وعادة ما تكون المعادلة الوراثية للطول وبعض الصفات الجسمية الأخرى كالآتى :


الصفحة24

لقد أشرت سلفاً إلى أن الخالق المبدع جعل للوراثة أهدافاً محددة منها المحافظة على النوع و السلالة وحفظ التوازن بين الذكور والإناث وبقاء صفات الخلف مشابهة لصفات السلف . وهو جل شأنه لم يخلق شيئاً عبثاً وكان قادراً على أن يخلق الإنسان في أي صورة شاء. وحيت أنه فضله على سائر مخلوقاته فقد أرتضى له هذه الصورة لأسباب هو دون غیره 

غير أن التطورات العلمية في مجال الهندسة الوراثية وعلم أحياء الجزئيات وعلم الإستنساخ وغيرها من علوم التكنولوجيا والمعلوماتية أثارت تساؤلات وتخوفات حول مستقبل البشرية برمتها وأفرزت خلافات حادة بين مختلف الأوساط العلمية والسياسية والدينية . فبينما يبشر المؤيدون بما ستقدمه هذه المستجدات العلمية من أفاق جديدة في مجالات الطب و وفرة الغذاء وزيادة متوسط الأعمار وغيرها من الإنجازات الإيجابية لصالح الإنسان خاصةً نجد المعارضين يحديرون من التدخل في صنعة الله خشية الإخلال بالتوازن الطبيعي للخلق إضافة إلى إعتبارات أخلاقية ودينية ويعتبرون التخلص من المستنسخ الجديد بعد الإستفادة من بعض أطرافه قتلاً عمداً محرماً لدى الأديان والشرائع السماوية كافة ، فهو أيضا مخلوق طوره الإنسان بإذن من ربه كما يحذرون كذلك من وقوع هذه القدرات العلمية في الأشرار من بني البشر ليسخرونها فيما يغضب الله وفي غير صالح البشرية . 

وفي ضوء هذه التطورات العلمية وما يشهده العالم من تلاش لحدود الدولة الوطنية ، الأمر الذي يستوجب تزويد القارئ ببسطة موجزة عن بعض التطورات في مجال الخرائط الجينية للإنسان حيث تشغل أبحاث [ المجين البشري ] بال العلماء ورجال الدين والسياسين على د سواء فيما هو المجين البشري ياترى ؟

الصفحة 25

المجين البشري : هو حامض [ د. ن . أ . D.N.A] الموجود في الخلية البشرية يتكون من مجموعها جسم الإنسان . وتحتوي كل خلية حية في هذا الجسم ( ما عدا خلايا كريات الدم الحمراء ) على نسخة مطابقة من الحامض مرتب في عدد (23) زوجا من الكرومزومات . ويمثل هذا المجين جملة المخزون الوراثي الذي يحدد الصفات الجسمية والنفسية للإنسان ويتضمن عمليات الإعداد والتجهيز كافة الذي يحدد تريخ الفرد الصحي والنفسي بصورة مسبقة ويمتلك الإنسان (80.000) جينة وتتطابق صفات الجينات البشرية بنسبة 99.9 % ) الأمر الذي يرجع مصدر الاختلاف بين بني البشر إلى حرف كيميائي واحد بين كل ( 1000) حرف من المجين البشري 

   هذا وتحتوي خريطة المجين البشري على (3.2 مليار حرف كيميائي وتوصلت البحوث العلمية إلى كشف مسودة أولية له شمل (2.1) مليار حرف كما توصل العلماء كذلك إلى أن (7%) من أحرف المجين البشري لا تكشف عن أي جينات وإنما تحتوي على إرشادات وتعليمات لتوجيه (%3) فقط من الأحرف المهمة للمجين [ مكتب التربية العربي ، 2001].

   إن الكشف عن المخزون الوراثي البشري ربما يتيح الفرصة لكشف الخلل الوراي المسبب لبع الأمراض ومن ثم اكتشاف علاج لها كبعضالأمراض السرطانية وأمراض القلب والكلى وارتفاع ضغط الدم والسكري والزهيمر وغيرها ، غير أن هذه التعرية لأســــــرار التكوين البري لاتخلو من المخاطر فقد تتيح الفرصة إلى الشروع في إعادة تصميم هذا المخلوق الذي كرمه الله على سائر خلقه وذلك عن طريق مجين معدل يغير من المواصفات الحالية للإنسان كتحقيق أحلام

الصفحة 26

النازية في تطوير الإنسان الأسمى أو استغلال هذه المكتشفات لصالح دولة ضد أخرى أو تغيير المخزون الوراثي للإنسان أو خلطة بمخزون وراثي لمخلوقات أخرى مما سيؤدى بدوره إلى تغيير الإمكانات والقدرات الجسمية والعقلية البشرية كالقدرة على مقاومة الأمراض أو تغيير درجة حرارة الجسم أتغيير نمط الغذاء . إن موقف الإسلام من العلم والعلماء موقف واضح ومؤيد للبحث العلمي والتعلم ، في أول كلمة أوحى بها الله إلى نبيه صلّى الله عليه و سلّم هي كلمة ( قرأ ) .

(¹)

وذلك في قوله تعالى : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (٢)خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ (1)رغم أن الله خلق الكون وما عليه أن التخصيص في هذه الآية جاء تكريماً للإنسان بالمعرفة والعلم . 

ويصف الله تعالى الذين عميت أفئدتهم بالجهالة والذين لم يتفكروا في خلق الله بأنهم كالأنعام أو أضل سبيلاً . كما في قوله تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ هُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِمَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِمَا أُوْلَئِبِكَ كَالْأَنْعَمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) (2) .

وقال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ (3) فالمسلم إذاً مطالب بالبحث عن المعرفة ، وهو مثاب على طلبها ومأجورعلى مسعاه سواء أدرك غايته أو ضى دونها . عن وائله بن الأسقع قال : قال رسول الله - ﷺ - )) من طلب علماً فأدركه كتب الله – عز وجل – له كِفْلَيْن من الأجر ومن طلب علماً فلم يدركه فإن له كفل من الأجر )) (4) 

الهوامش:

1 سورة العلق : الأيتان (21)

2 سورة الأعراف : الآية (179) .

3. سورة العنكبوت : الآية (19) .

4. أخرجه الدرامي في سنته

الصفحة 27

فإذا كانت هذه الأبحاث العلمية تسعى حقيقة إلى إسعاد الإنسان وتقدمه فلا غبار على ذلك أما إن سخرت لخدمة الشيطان في تغيير خلق الله لأغراض شريرة فالإسلام منها براء

ثانيا : العوامل البيئية :

تشمل البيئية كل العوامل التي تؤثر على الكائن البشري منذ تكوينه في الرحم وكل ما يؤثر على النمو خارج نطاق الوراثة يعتبر بيئياً بما في ذلك بيئة الرحم فقد تصاب الأم الحامل بأمراض تؤثر على الجنين ونصفه كآثار بيئية على نموه .

وتنقسم البيئة لى بيئات جزئية منها البيئة المادية الجغرافية الإجتماعية والثقافية والدينية .. الخ . وتنقسم تلك البيئات الجزئية إلى بيئات أصغر منها فمتغيرات البيئة الاجتماعية مثلاً منها ما هو عام يخص كل البشر ومنها ما يؤثر أو يخص المسلمين فقط ثم العرب المجتمع الليبي الذي يميز بعلاقات وتراث خاص الأسرة .. وهكذا تشمل البيئة أيضا العوامل الإقتصادية والسياسية والثقافية التي تؤثر على نمو الشخصية . ومن السمات البيئية الخاصة اللغة والدين والقيم الأخلاقية والسلوك الإجتماعي كالعادات والتقاليد والقوانين والمعايير العامة السائدة في المجتمع الذي يعش فه وفما يلي أهم المؤثرات البيئية على النمو الجسمي والصحي للفرد :

أ- الغذاء :

الغذاء بأنواعه هو أصل المواد التي يحتاجها الجسم لنمو واستمرار بقاء الكائن حياً ، فهو الذي يزود الجسم بالطاقة التي تمكنه من الحركة والسلوك الحسي والفسيولوجي والعقلي . تجدد الخلايا وتكاثرها الذي يؤدي بدوره إلى نمو الجسم وأجهزته المختلفة يعتمد على العناصر الغذائية والنمو الوظيفي كالسمع والبصر والكلام واتفكير مصدره الأعضاء التي لا تنمو.ولاؤدي وظائفها إلا بالغذاء ، فبدون الغذاء لا نمو ولا حياة .

الصفحة 28

   هذا وتخف متطلبات الجسم من العناصر الغذائية ؟ فالطاقة مثلاً مصدرها الكربوهيدرات التي تتوقر في مواد غذائية أكثر من غيرها كالنشويات والسكريات ، والدهنيات ، بينما يحتاج تجدد الخلايا ونمو أنسجة الجسم إلى المواد البروتينية التي تتركز في اللحوم والبقوليات ويحتاج الجسم كذلك إلى المركبات الكيميائية والأملاح والمعادن والفيتامينات التي تكون الفواكه والمواد الخضراء غنية بها، إلا أن جميع المواد الغذائية تحتوي على قليل أو كثير مما يحتاجه الجسم لنمو والغذاء الصحي المتكامل هو ذلك الغذاء المتنوع الذي يشمل حاجات الجسم الغذائية

   إن أمراض سوء التغية تؤثر سلباً على النمو سواء بتأخره أو انحرافاً عن المسار الطبيعى أو ضعف مقاومة الجسم لأمراض أخرى ، وهى ناتجة أساساً إما عن نقص الغذاء أو عدم توازنه . على أن الإفراط في الغذاء لديه نتائج سلبية لا تقل عن نقصه ومنها أمراض التخمة والسكري وبعض أمراض القلب .

ب الأمراض :

تؤدي الأمراض إلى عرقلة مسيرة النمو وانحرافها وخاصة تلك الأمراض المزمنة التي تعتبر عاهات مستديمة تضعف نشاط وحيوية الف وقد تؤدي إلى الموت المبكر ، وقد يصيب المر الأم الحامل فيؤثر على الجنين ، كمأراض الدرن والزهري والحصبة الألمانية

ج- الحوادث :

قد يندهش الفرد من معدل الإحصائيات التي توثق الإصابات الناتجة عن الحوادث سواء بين الأطفال أو الراشدين فالحريق والسقوط والتسمم والإختناق والغرقكلها أنواع من الحوادث أدت إلى وفاة الكثير من الأطفال والكبار ، ناهيك عن حوادث المور التي تأخذ ريبتها كل ساعة من الأرواح والأموال والإصابات المسببة لعاهات مستديمة تعيق حياة ونمو الأفراد. 

الصفحة 29

د -التلوث :

وهو تلو الماء أو الهواء أو الغذاء بالإشعاع أو بمواد دخلية تفسده وتؤدي إلى تسممات وأمراض قد يجهل الطب مصدرها لجهله بالمادة المفسدة أو المسببة للمرض أو التسمم ، فالكيماويات التي ترش بها الخضروات والفواكه والمواد الغذائية أو ما يسمى ( بالأغذية المهجنة) قد تكون سبب كثير من التشوهات التي يولد الطفل مزوداً بها أو بعض الأمراض المستعصية كالسرطانات والأورام مما يعرقل النمو ويحيد به عن مسار الطبيعي ، الأمر الذي يتطلب من المجتمع بأسره تشديد الرقابة على أنواع الأغذية المستوردة والمنتجة محلياً لكي لا تصبح مصدراً هداماً لصحة أفراد المجتمع بدلاً من أن تكون مصدر نموهم وحياتهم

- أعمار الوالدين :

يعتبر العمر المناسب للولادة بين العشرين والخامسة والثلاثين ، فجسم الأم في هذه الفترة قادراً على تزويد الجنين بإمكانيات جيدة من الحياة ملؤها الحيوية والنشاط والقوة الجسدية وفرص أفضل لطول العمر والتمتع بالصحة النفسية ، لأن الأبوين في هذا العمر قادران على إعطاء الوقت والجهد الكافي لتربية وتنشئة ورعاية أطفالهم، خاصة خلال مراحل العمر الأولى أكثر من أولئك الذين تجاوزوا سن أو لازالوا يافعين مراهقين قبل العشرينات من العمر ، فبجانب الصحة والسلامة والقوة الجسمية التي يتمتع بها الشباب والراشدون قبلا لأربعينات حيث تتوفر في هذا العمر مقومات النضج الإجتماعي والصبر والمثابرة وتحمل المسؤولية وغيرها من الصفات الانفعالية والمزاجية الضرورية لتحمل وزر تربية وتنشئة الأطفال

   لا ينعي ذلك طبعاً اقتصار الإنجاب على هذه المرحلة العمرية فنحن شاهدنا ونشاهد بعض النساء اللاتي ينجبن أطفالاً أصحاء أسوياء وهن في أواخر الأربعينات من العمر إلا أن كثيراً ما تشير الدراسات إلى أن بعض حالات الضعف العقلي راجعة إلى الحمل في سن متقدمة أي ما بعد الأربعينات .

الصفحة 30 

و-الإنفعالات :

ومنها الخوف والغضب والتوتر العصبي خاصة إذا كانت شديدة ، فثيراًيؤدي إلى اضطرابات فسيولوجية وخلخلة في إفرازات الغدد الصماء والقنوية مما يلحق أضرارا بالغة بنمو الجنين .

ز-الولادة المبكرة أو السابقة لأوانها :

وهي التي قد تنتج عن انفعالات حادة أو أمراض أو نقص تغذية أو ظروف غير طبيعية أخرى تؤدي إلى ولادة الجنين قبل استكمال نموه ، مما يعرضه بالتالي إلى عدم القدرة على التكيف مع البيئة الخارجية ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض ، وفي كثير من الأحيان يؤدي الأمر إلى موته وخاصة في غياب الخدمات الملائمة كتوفر ( الخدمة الوقائية ) والمتابعة الطبية الدائمة .)أنظر -الصورة الموجودة في الصفحة 31 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه (

الصفحة 31

ثالثاً : النضج والتدريب والتعلم :

النضج هو النمو الطبيعي الطبيعي التلقائي الذي لا يحتاج إلى تعليم أو تدريب ، فنمو القدرات العقلية يحتاج إلى نضج في الجهاز العصبي أو ّ لاً ، ونمو المهارات كالمشي والقفز والكتابة تحتاج إلى نمو الأرجل والأيدي أو ّ لاً ، ونمو الكلام و والمفردات الغوية يحتاج إلى نمو الحبال الصوتية وجهاز الكلام والجهاز العصبي .. وهكذا .فالنضج الجسمي العضوي شرط أساس للنمو العقلي والإجتماعي والإنفعالي. 

  أما التدريب والتعليم فهما ضروريان أيضا إذا ما توفر النضج لنمو أي مهارة أو قوة حركية أوعقلية أو معرفية فلو لم نعلّم الطفل اللغة العربية فسوف لن يتعلمها حتى وإن كان جهازه الكلامي قادراً على النطق وكذلك الكتابة والموسيقى والرياضة وغيرها من المهارات الحركية والعقلية . 

  أجريت في تجارب في هذا المجال على صغار الطور حيث أخذت مجموعتان متشابهتان أحداهما ضابطة و أخرى تجريبية ، دُرِّبت المجموعة التجريبية على تعلم مهارة التقاط لمدة أسبوع ثم امتحنت ونجحت في السيطرة على تلك المهارة في حين لم تنجح المجموعة التي لم يتم تدريبها . وبعد تدريبها على الإلتقاط لمدة أقصر من مدة تدريب الأولى نجحت هي الأخرى في السيطرة على مهارة الإلتقاط وبذلك استنتج الباحثون بأن عامل النضج [ تاريخ بداية التدريب ] ساعد المجموعة الثانية على التعلم في وقت قصير ممايعني أن كلا من النضج والتدريب ضروريان لتعلم تلك المهارة . 

  بمعنى أن المجموعة الثانية بدأت التدريب في عمر أكبر من الأولى مما أدى إلى تعلمها في وقت قصير أما التدريب فهو ضروري بغض النظر عن العمر .

الصفحة 32

رابعاً : الغدد :

الغدد هي المصانع الصغيرة التي تكرر المواد الغذائية وتستخرج منها العصارات والمركبات الكيميائية اللازمة لنمونا وبناء أجسامنا وتنقسم إلى قسمين :

أ-الغدد الصماء اللآّ قنوية :

وهي التي تفوز مباشرة في الدم وتشمل الغدد النخامية والصنوبرية والدرقية وجارات الرقية والثيموسية والكظرية وجزرلانجر هانز . والغدد التناسلية .

ب -الغدد القنوية :

وهي التي تفرز عبر قنوات إلى مواقع معينة ومنها الغدد اللعابية والعرقية والدمعية والدهنية والمعوية والبروستات . وللهرمونات التي تفرزها الغدد أثر بالغ على النمو فالزيادة ، أو النقصان في إفراز الغدد يؤدي إلى خلخلة النمو وتأخر أو انحرافه عن مساره الط بيعي حيث أن إفراز الغدد يرتبط مباشرة بوظائف الجس المختلفة بما يؤثر بطرق غير مباشرة على سلوك الفرد ومثال ذلك تصبب العرع وزيادة كريات الدم الحمراء على الوجه عند الغضب وكذلك ظهور كريات الدم البيضاء على الوجه مما يؤدي إلى اصفرار عند الخوف .. الخ ، وفيما يلي بي ان لأنواع الغدد ومواقعها وآثار زيادة أو نقصان إفرازاتها على النمو :

1. الغدة النخامية :

وتقع تحت سطح المخ وتفرز ( هرمون النمو ) وهي همزة الوصل بين جهاز الغدد والجهاز العصبي مسئولة على نشاط الغدد الأخرى ، حيث يتحكم الفص الأمامي في مسيرة النمو بينما يؤثر الفص الخلفي على ضغط الدم وتنظيم الماء في الجسم ويتسبب نقص إفراز الغدة النخامية في تأخرالنمو بصفة عامة كما تتسبب زيادة إفرازاتها في الضخامة الجسمية إلى درجة غير طبيعية .

الصفحة 33

الغدة الصنوبرية :

وتقع تحت سطح المخ وعند قاعدته وتفرز هرمونات ( الميلاتونين والسبرتوتين والنوراد ريثالين ) ولها أثر بالغ علي هرمانات الجنس كما تؤثر في كيمياء المخ . ويسبب نقص إفرازاتها في البكور الجسمي واضطراب الحالة الإنفعالية كما تتسبب الزيادة في إفرازاتها اضطرابات النشاط الجنسي واضطراب النمو بصفة عامة .

. 3الغدة الرقية :

وموقعها في العنق أمام القصبة الهوائية ولها فصان جانبيان وجزء متوسط بينهما التحكم في عملية الأيض بصفة ونقص إفرازها في الطفولة يسبب الضعف العقلي ( القزامة أو القصاع) ونقص إفرازها عند الكبار يسبب التأخر العام في النمو الجسمي والعقلي ( الملسيديما ) أمّا زيادة إفرازاتها فتسبب زيادة الأيض وتضخم الغدة الدرقية .

. 4الغدد جارات الدرقية :

وهي أربع غدد صغيرة على سطح الغدة الدرقية وتفــرز هرمون( الباراثورمون) ووظيفتها تنظيم أيض الكالسيوم والنفور ويسبب نقص إفرازاتها مرض الكزاز أو التتانوس ( تقلص العضلات والموت ) وتسبب زيادة الإفراز في تضخم الغدة الدرقية وهشاشة وتتشوه العظام .

.5 الغدد التيموسية :

وموقعها في التجويف الصدري وإفرازاتها غير معروفة ووظيفتها كف النمو الجنسي وتضمر عند البلوغ ونقص إفرازها يسب البكور الجنسي .

. 6الغدة الكظرية :

موقعها فوق الكليتين وتفرز ( الكورتيزدن والإبينيفرين ) وهي مسئولة عن تنظيم أيض الصوديوم والماء وتؤثر على الغدد التناسلية وعلى الغدد التناسلية وعلى الجهاز العصبي ويسبب نقص إفرازاتها مرض اديسون الذي من أعراض اضطرابات الهضم وانخفاض ضغط الدم أمّا زيادة إفرازاتها فتسبب سرعة النمو الجنسي 

الصفحة34 

.7غدد جزر لانجرهانز :

وتقع في البنكرياس وتفرز [ لإنسولين والجلوكاجون ] وهي مسئولةعن أيض الكربوهيدرات وتسبب زيادة الإفرازات في غيبوبة الأنسولين ونقص الإفراز يسبب مرض السكر .

 .8 الغدد التناسلية :

وهي المبيضان عند الأنثى والخصيتان عندالرجل وتفرز [ الأندروجينز والاستروجيستيرون ] وهي مسئولة عن نمو الخصائص الجنسية والتكاثر ونقص الإفراز يسبب الضعف الجنسي وزيادة الإفراز تتسبب في البكور الجنسي واضطرابات إفرازاتها تتسبب في الإضطرابات النفسية .(1)

الهوامش:

-1 زهران، حامد عبدالسلام ،علم نفس النمو، عالم الكتب، القاهرة،1990 م

الصفحة 35



مناهج البحث في علم نفس النمو



   المنهج هو الطريقة التي تتم بها دراسة ظاهرة سلوكية أو موضوع معين وبما أن المواضيع والمظاهر السلوكية تختلف من علم إلى آخر فإن منهجاً معيناً يلائم هذا المجال أو العلم قد لا يلائم مجالاً أو علماً آخر ، والتجارب المعمليةفي مجال الفيزياء أو الكيمياء مثلاً تختلف عن التجارب في مجال العلوم الإجتماعية والنفسية إلا أن كلاً منها يطبق شروط البحث العلمي حتى تصبح نتائج بحوثها ونظرياتها معتمدة مقبولة

أولاً : المنهج التجربي :

    يعتبر التجريب من أدق مناهج البحث وأكثرها موضوعية حيث يطبق التجريب إجراءات وخطوات الأسلوب العلمي عن طريق بط المتغيرات التي قد تتدخل في سير التجربة من ناحية ، إمكانية إعادتها للتحقق من دقة نتائجها من ناحية أخرى ، الأمر الذي قد يصعب تحققه مع بعض المناهجالوصفية فملاحظة سلوك الباكين مثلاً لا يمكن الحكم فيها أو إعادتها عمداً على عكس ما يحدث مع التجارب المعملية ، وينطبقذلك على صعوبة التأكد من نتائج منهج الاتطان المتبع في علم النفس لدراة المظاهر اللوكي الداخلية للأراد إلا عن طريق مقارنة التقارير اللفظية . وبمعنى آخر يمكن للمجرب السيطرة الكاملة على المتغيرات المختلفة التي تشملها تجربته بايصعب تحقيق ذلك مع المناهج الوصفية الأخرى . هذا وتشمل التجربة العناصر والخطوات الآتية : 

الصفحة 36

أ-المجموعة التجريبية :

وهي التي يقوم الباحث بالتجريب عليها .

ب-المجموعة الضابطة :

وهي المجموعة المشابهة أو المطابقة للمجموعة التجريبية في جميع حصائصها ما عدا متغيرات التجريب الذي يريد الباحث قياس أثرها أثرها على المجموعة التجريبية.

ج-تشمل التجربة ثلاث أنواع من المتغيرات وهي :

 -1متغيرات مستقلة :

وهي التي يريد الباحث قياس أثرها على مجموعتة التجريبية 

2- متغيرات تابعة :

وهي التي يريد الباحث قياس ثر المتغيرات التجريبيةعليها.

 -3متغيرات دخيلة :

وهي تلك المتغيرات التي قد تتدخل في سير التجربة وقد تفد نتائجها دون علم الباحث .

د- تتمن التجربة الخطوات التالية : 

-1 ملاحظة الظاهرة موضوع الدراسة :

بمعنى أننا لابد وأن نلاحظ ظاهرة لكي نقرر دراستها ، فخلال القرن الماضي مثلاً لم تُجْرَ دراسات عنحوادث المرور وذلك سبب بسيط وهو عدم وجود سيارات على الطرقات

-2 انتقاء ظاهرة الدراسة :

الظواهر التي تحتاج إلى دراسة متعددة و يمكن دراستها جميعاً في آن واحد وبذلك لامناص من دراسة الأهم قبل المهم ، فدراسة الأمراض المتفشية تفرض أولوية دراستها للحد من انتشارها قبل الأمراض غير المعدية .

-3الفروض :

وهي تخمينات ذكية تحدد من خلالها أه ويعمل داف الدراسة المجـرب على التأكد مـن صحتها من عدمها ومثال ذلك افتراض أن الطرقات الرديئة سبب مباشر للحوادث وتجمع المعلومات عن أسباب حوادث السيارات ، لنتأكد من ذلك الفرض وقد نجد سبباً آخر للحوادث

الصفحة 37

كعدم صيانة المـــركبات مثلاً ، وبذلك قد نؤكد أو نرفض ما افترضناه بناء على نتائج الدراسة .

. 4جمع المعلومات أو إجراء التجربة :

وهي الخطوات العملية التي نقـــــومخلالها بجمع معلومات حول الظاهرة موضوع الدرا ، كإجراء التجربة وتسجيل تطوراتها أو جمع المعلومات عن أسباب حوادث امرور ويعنى ذلك التحقق من صحة الفروض .

5.التحليل الإحصائي :

بعد جمع المعلومات لابد من تحليلها وتصنيفه لتعطى معنى يؤكد أو يرفض ما فرضناه مسبقاً ، ويتم ذلك باستخدام عدة إجراءات إحصائية كمعاملات الإرتباط والنسب المئوية .

6.استخـلاص النتائج :

بعــد إجراء التحليــلات الإحصائية نصل إلى إعلان نتائج الدراسة كأن نقول ملاً بأن

31% من حوادث المرور سببها رداءة الطرقات مما يعني تأكيد صحة الافتراض وقبوله .

7.التأكد من صحة النتيجة :

يتم ذلك بمقارنة النتائج بنتائج دراسات مشابهة أجريت في أماكن أخرى أو بإعادة التجربة وفي حالة الوصول إلى نفس النتيجة تعتبر مؤكدة(*)

الهوامش:

(*) يمكن للمدرس أن ينتقي أي ظاهرة سلوكية ويمثل عناصر التجربة وخطواتها كمثال حي للطلاب. 

الصفحة 38

ثانيا : المنهج الوصفي :

ويعني ملاحظة الظواهر السلوكية ووصفها ، أي جمع بيانات ومعلومات عنها وهي في وضعها الراهن دون إدخال عوامل أو متغيرات جديدة عليها ، ويتبع هذا المنهج جملة من الملاحظات منها ما يلي :

أ -الملاحظة العلمية : وهي ودراسة الوضع الراهن للظاهرة السلوكية دون تدخل من الباحث وتعتبر هذه الملاحظة من أهم مصار جمع المعلومات التي يتبعها المنهج الوصفي . وفي مجال علم نفس النمو يمكننا أن نلاحظ الطفل المتخلف دراسياً من قبل مدرسيه أو الباحث نفسه أو أوليلء أمره ويسمى ذلك بالملا حظة الخارجية ، أما استجواب التلمذ نفسه فيسمى بالملاحظة الداخلية أو منهج التأمل الباطن .

ب -الملاحظة العفوية :وهي التي تحدث تلقائيا أو عن طريق الصدفة وقد تكون مفيدة في بعض الأحيان ، فملاحظة البراكين والزلازل والكوارث الطبيعية تعتبر مصدراً مهماً للحصول على معلومات حولها

ج- الملاحظة في مجال الطبيعة:لا يمكننا طبعاً أن نحدث خسوفاً او كسوفاً ولكن يمكننا فقط ملاحظتها عند حدوثها وكذلك هجرة الطيور والأسماك وغيرها من الظواهر الطبيعية التي ينتقل الباحث إلى مكان حدوثها ويسجل المعلومات التي يلاحظها .

ثالثاً : الطريقة الطولية :

وهي طريقة يتتبع فيها الباحث ظاهرة الدراسة على مدى فترة زمنية معينة قد تدوم أياماً أو شهوراً أو سنوات يخلص بعدها الباحث إلى كمِّ من المعلومات الوصفية لتطور تلك الظاهرة موضوع البحث ، مثال ذلك تتبع دراسة الأحوال الجوية على مدى الأعوام الطويلة عن طريق توثيق درجات

الصفحة 39

الحرارة أو معدلات نزول الأمطار سنويا حتى يمكننا أن نقول معدل درجات حرارة الأرض في ارتفاع مستمر نتيجة للإشعاعات والتلوث وتدمير البيئة ، وإذا استمر الحال بهذا المعدل فربما تصبح الأرض غير قابلة للحياة بعد بضع مئات من السنن 

   إن الطريقة الطولية في الدراسة تتميز بدقة معلوماتها إلا أنها تستغرق وقتاً طويلاً وتستهلك جهداً ومالاً أي أنها غير إقتصادية .

رابعاً: الطريقة المستعرضة :

تستخدم هذه الطريقة في دراسة المجموعات الكبيرة التي تهتم بدراستها العلوم السلوكية كعلم النفس ، وعلم الإجتماع ، وعلم نفس النمو الذي يختص بدراسة ظاهرة النمو لدى كل الأطفال ، وعادة ما يستخلص الباحث عينة ممثلة لمجتمع الدراسة الأصلي ويعمم نتائجه على المجتمع الذي أخذت منه العينة أو مجتمعات مشابهة تحمل نفس الخصائص ، ومن مميزات هذه الطريقة الإقتصاد في الوقت والجهد والمال على عكس الطريقة الطولية ، إلا أن من عيوبها دقة نتائجها .

خامساً : وسائل جمع المعلومات :

في جميع أنواع المناهج البحثية نحتاج إلىجمع المعلومات وفي مجال النمو نحتاج إلى جمع معلومات عن الأطفال أو الأفراد أو الجماعات التي نريد دراستهم ومن وسائل جمع المعلومات في هذا المجال ما يلي :

أ -تاريخ الحياة :

وهي جمع المعلومات عمن يراد دراستهم عبر مسيرة حياتهم سواء منهم شخصياً أو من أولياء أمورهم أو أقربائهم أو مدرسيهم أو أصديقائهم أو ملفاتهم الصحية والأمنية والرياضية والاقتصادية .. الخ وقد نستفيد من

الصفحة 40

مذكراتهم وكتاباتهم ومؤلفاتهم الشخصية أو أي معلومات من أي شخص أو مؤسسة أو مجال احتكوا به أو أشتغلوا فيه ،إن مثل هذه المعلومات قد لا يكون جزءاً منها موضوعياً أو قد يكون غير مؤكد أو مبالغ فيه وبالتالي تعتبر هذه المعلومات قابلة للخطأوالصواب ولا يمكن التعميم على أساسها . 

ب ـ دراسة الحالة :

إذا قلنا بأننا نريد دراسة مظاهر نمو أحد الأشخاص بالعائلة او المصحة او المدرسة مثلاً فإننا في هذه الحالة نحلل تاريخ حياته جزئياً عبر مراحل نموه المختلفة وبقدر واف من التفصيل كلما أمكننا ذلك وتعتبر هذه الطريقة من أنجح الطرق التي يتبعها المعالج النفسي أثنأ علاج الحالات المرضية ، ليكشف بعض العلاقات بين الأحداث السابقة في حياة المريض وبين حالتهالمرضية الحالية ويخبرنا علم النفس عن كثير من الحوادث التى أدت فيهاالأحدات المؤلمة الماضية إلى أنماط سلوكية أنحرافية الآن دون أن يشعربها المريض ، فالضابط الألماني الذي يصر عن عدم التجائه إلى الملاجئ أثناء القصف مفضلاً تعرضه للموت بدلاً من دخوله مكان موصد الجوانب،أكتشف بعد تحليل وتتبع حالته عبر مسيرة حياته ، بأن كلباً كبيراً مخيفاً كادأن يفتك به ذات يوم وبينما كان فاراً منه عبر زقاق ضيق وجد نفسه فجأة أمام حائط يقفل ذلك الزقاق ولولا انفتاح أحد أبواب المنازل بذلك الزقاق ،وانقاذ ذلك الطفل المرتجف رعباً لقضى ذلك لكلب الشرس ، وبعد أستعراض حياة هذا الضابط وأكتشاف هذه الحادثة تم علاجها وأصبح لا يخاف الأماكن المغلقة .

ج ـ الملاحظة :

لقدسبق وأن تعرضنا بالنقاش لبعض أنماط لملاحظة خلال مناقشتنا المنهج الوصفي ، والملاحظة هي الوسيلة المتبعة في مناهج الدراسات الطولية والوصفية والتجريبية ، وهى ملاحظة وتسجيل وتوثيق المعلومات عن 

الصفحة 41

الشخص أو الأشخاص المراد دراستهم ومنها ملاحظة سير حالة المريض في المستشفى أو الطفل في المدرسة أو الطيور أثناء مواسم هجرتها .

د ـ المقابلة :

وهي الأتصال الذي يتم بين الباحث وبين الفرد أوالأفراد الذين يريد دراستهم وقد تُبنى علاقة بين الفاحص والمفحوص ، وقد تتم هذه المقابلة شفوياً مع تسجيل المعلومات كتابياً أو آلياً وقد تتم كتابياً من قبل الشخص المراد دراسته بحضور الباحث ، هذا وقد تكون هذه المقابلة في شكل أستجواب شفوي أوتحريري وقد تكون حرة في شكل حديت عام بين الباحث والشخص المراد دراسته ،على أن ينتقي الباحث ما يريد من معلومات حول موضوع الدراسة ، وتهدف المقابلة عادة إلى الحصول على المعلومات أو حل بعض المشكلات أو تعديل بعض المعتقدات والمشاعر بخصوص االدراسة أو ثقة المفحوص بفاحصه ، وهي من أكثر وسائل جمع المعلومات أستخداماً في دراسات النمو والدراسات ألاجتماعية .

الصفحة 42



القوانين العامة للنمو



    قصـد بالقوانين العامة للنمو تلك المسارات أو الحقائق أو المظاهر التنموية التي لابد لكل فرد أن يعبر من خلالها وهي عامة لأنها تطبق علىًجميع الناس ، فلابد للجميع أن يجلس قبل أن يمشى وأن يتعلم الكلام قبل أن يتعلم القراءة ولابد لنا أن نكون أطفالاً قبل أن نكون مراهقين أو راشدين .

    تـم التـوصل إلى هذه القوانين أو المسارات العامة نتيجة لدراسات علم النفس وملاحظة ومتابعة لدى الكثير من الناس من مختلف البقاع والأجناس . وإشاًرة إلى أهمية دراسة علم نفس النمو فان الإلمام بهذه القولننين يساعد الآباء والمربين والأطباء وغيرهم ممن يتعاملون مع الأطفال والمراهين على معرفة مسارات النمو الصحيحة التي تحدث في وقتها وبكيفية طبيعية واكتشاف أي انحراف للنمو في وقت مبكر حتى يمكن علاجه ، وفيما يلي بعض من هذه القوانين :

أ-استمرار عملية النمو :

النمـو مفهو شامل لجميع مظاهرالزيادة أوالنقصان(*)لـدى الفـردوالاعتقـاد بــأن النمــو الجسـمي يتوقـف مع نهاية مرحلة المراهقة اعتقاد خاطئ حيث أن التفاعل بين الجسم وأجهزته المختلفة لا يتوقــف إلا بالممات يرا وما التغت التي فان الإلمام بهــذه تحـدث على مسار النمـومن الزيادة الإيجابية إلى النقصان السلبي إلا نمط النمو الهدام ، إضافة إلى أن التغير في نواحي النمو العقلي والمعرفي والإنفعالي مستمر مابين الميلاد والممات .

الهوامش :

(*) بدية ما أسميناه بالنمو الهدام الذي يبدأ مع الشيخوخة بتناقص القدرات والإمكانيات والسير في تجاه الهرم والموت .

الصفحة 43


إذن : النمو عملية مستمرة الظاهر ومنها الباطن ، فنمو الإسنان مثلاً يبدأ أشهر الحمل الأولى إلا أننا لا نلاحظه إلا مع نهاية السنة الأولى بعد الميلاد وكذللك النمو الجنسي الذي نلاحظه مع بداية المراهقة كانت بدايته مع الإخصاب .. وهكذا ، والنمو بهذا المنى يكون مستمراً لا توقف بين الإخصاب والممات ، تتخلله فترات كمون ، وفترات ظهور ، ويسرع أحياناً ويتباطأ أحياناً أخرى وتتغير اتجاهاته من الضعف إلى القوة ومن القوة إلى الضعف والتناقص حتى النهاية المحتومة .

ب سير النمو في مراحل :

لاحظنا بأن النمو مستمر لا توقف فيه ولا فواصل ولاثغرات ، إلا أنه يتميز بخصائص معينة خلال فترات معينة من العمر ويمكننا توضيح استمرارية النمو وسيره في مراحل بمقارنته بفصول السنة ، حيث تتداخل نهاية الشتاء ببداية الربيع ونهايته ببداية الصيف ، غير أن منتصف الشتاء يختلف تماماً عن منتصف الربيع أو منتصف الصيف حيث تختفي صفات الشتاء تماماً منتصف الربيع وتختفي صفات الربيع تماماً الصيف وهكذا مراحل نمو الأطفال حيث يكون طفل الثانية المتقدم في نموه مشابهاً لطفل الثالثة المتأخر قليلاً بينما يكون الفرق شاسعاً وواضحاً إذا ما قورن الأطفال عند منتصف المرحلة ، فطفل منتصف مرحلة الرضاعة مثلاً عمره سنة ] يختلف تماماً عن طفل مرحلة الطفولة المبكرة [ العام الرابع ] في خصائص النمو كالطول والوزن واللغة .. الخ .

   هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن لكل مرحلة خصائص مميزة لا تشترك فيها من المراحل ، فاللغة تبدأ في مرحلة المهد ودخول الروضة في المبكرة والمدرسة مع بداية الطفولة المتأخرة وعلامات البلوغ

   مع المراهقة .. وهكذا مع بقية المراحل ، إن تقسيم حياة الفرد إلى مراحل يقتصر على الناحية النظرية ولأغراض تسهيل دراسة مظاهر النمو

الصفحة 44


وخصائصه وتبقى الحياة وحدة متكاملة ياأثر سابقها بلاحقها ويتأثر بعضها بالبعض الآخر .

ج- تفاوت سرعة النمو بين مراحلة المختلفة :

    سرعة النمو ليست ثابتة لابين الأفراد بعضهم والبعض الآخر ولابين جوانب النمو في ذات الفرد . نلاحظ ذلك بين الأطفال من ذوي العمر الواحد ، فقد يكون أحدهم أطزل من الآخر أو أذكى منه في مرحلة عمرية معينة إلا أنهم يتلاحقون ويتعاملون في وقت لاحق قبل بلوغ الرشد هذا إن لم تكن الفرقات مستديمة نتيجة لمقومات وراثية أو بيئية مختلفة

   أما اختلاف السرعة بين مراحل النمو وجوانبه في ذات الفرد الواحد فهذا قانون إلهي طبيعي يمكننا من امتلاك الأصل قبل الفرع والأهم قبل المهم سواء على مستوى أجهزة وأعضاء الجسم المختلفة أو على مستوى مراحل النمو المتلاحقة فالجهاز العصبي مثلاً [ يسرع ] أولاً ، لأنه يسيطر على كل جوانب النمو الأخرى ، والتنفس والبلع والهضم عمليات أساسية في الحياة ووجودها ضروري منذ البداية على عكس عملية التحكم في الإخراج أو المشي التي نكتسبها مؤخراً ، وكذلك تنمو الأجهزة الداخلية والأعضاء الرئيسة أوّلاً لتنمو بعد ذلك الأطراف .

   مرحلة ماقبل الميلاد هي أساس الحياة والنمو فيها سريع جداً خلال تسعة أشهر تقريباً تنمو البويضة المخصبة التي لا ترى بالعين المجودة إلى مولود طوله (50) خمسون سنتيمتراً ووزنه يساوي 3.500 ثلاثة كيلو جرامات ونصف أي تتضاعف حجمها بما يقارب ( 6000.000.000) ستة آلاف مليون مرة .

   بينما يصل متوط وزن الراشدين إلى ما يقارب (75) كيلو جرام . ومتوسط طولهم إلى حوالي (170) سم أي تضاعف الوزن طول الحياة إلى ما يقارب العشرين مرة والطول ما يقارب الثلاث مرات فقط.

الصفحة 45


     وخلال مراحل ما بعد الميلاد تكون اللاحقة أقل سرعة من السابقة ما عدا مرحلة المراهقة التي تحدث في بدايتها طفرة جسمية سريعة . تفاوت سرعة النمو هذه لا تقتصر على النواحي الجسمية بل تنطبق عى كثير من جوانب النمو الأخرى فالإنفعالات تهدأ مع الطفولة المتأخرة لتتأجج مرة أخرى مع المراهقة واللغة والقدرات والمهارات تزداد وتتفتح مع التعليم المدرسي والنضج الاجتماعي والواقعية تتضح مع الرشد

د  -تأثر النمو بالظروف الداخلية والخارجية :

   لقد سبق أن أشرنا في الجزء الخاص بمؤثرات للنمو إلى أن البيئة والوراثة والغدد والنضج والتدريب ، كل يؤثر على سير النمو سلباً وإيجاباً والظروف الداخلية هنا هي الوراثة والغدد والنضج فإذا كان الطفل يحمل في إمكانية التي ورثها من أبويه أو أسلافه أمراضاً أو نقصاً في الذكاء أو كان أبواه قصيرين فسوف يؤثر ذلك على نموه ويمكننا أن نتوقع إصابته ببعض الأمراض أو عدم التفوق الدراسي المتميز أو بأنه سوف لن يكون عملاقاً طويلاً . إذا كان لديه نقص في إفراز الغدة النخامية مثلاً فسوف يؤثر ذلك على نشاط الغدد الأخرى مما قد يعرضه للإصابة ببعض الأمراض أو التخلف العقلي وهكذا يكون مستوى الطول وغيرها من الخصائص الجسيمة ، لكي يتكلم الطفل لابد من نضج حباله الوتية وإذا لم تنضج لسبب أو لآخر فف يكون أبكم ويمكننا القول إذا بأن الظروف الداخلية للفرد تؤثر في نموه شأنها في ذلك شأن الظروف الخارجية البيئية فإذا ولد الطفل سليماً ولم يتغذ فسوف يموت وإذا ما أصيب في حادث فسوف يكون معاقاً وإذا لم يعلمه الذين من حوله اللغة فسوف لن يتكلم أو يتعلم وهكذا شأن العناصر البيئية الأخرى المؤثرة على النمو .

الصفحة 46


هـ - تداخل همليات النمو :

   الجهاز العصبي هو المسيطر على جميع عمليات النمو العضوي والوظيفي ويعتمد نشاط واستمرار الجهاز العصبي بدوره على الغذاء الذي يأتيه عن طريق الدم بعد أن قام الجسم بأجهزته المختلفة بإنتاجه وتنقيته ، فالعلاقة هنا تكاملية يعتمد فيها الأول على الثاني والعكس صحيح . فسيولوجياً أجزاء الجسم المختلفة التي تؤدي إلى النمو معقدة ومتداخلة يعتمد فيها كل جزء على الآخر بكيفية ايجابية تدعم زيادة واستمرار النمو ولكي نستوعب عملية من عمليات النمو لابد من فهم علاقتها بالعمليات الأخرى فلا يمكننا معرفة الظروف الملائمة لزيادة التحصيل والخبرة الأكاديمية مثلاً إلا في ضوء معرفة الإمكانيات الصحية والعقلية للفرد ، ولا يمكننا فهم الظروف المناسبة للسلامة الصحية للفرد إلا في ضوء معرفة إمكانياته الجسمية الداخلية وإذا كان الفرد ناجحاً في حياته المدرسية فيمكننا أن نتنبأ بسلامة نموه الانفعالي والاجتماعي استناداً إلى نجاحه المدرسي .. وهكذا مع بقية عمليات النمو المعقدة.

و- الفروق الفردية في النمو :

   يقصد بها الفروق بين نمو الأفراد ، فالله سبحانه يخلق فردين متطابقين تماما (*)فكل طفل ينمو بطريفته الخاصة سواء من حيث سرعة النمو أو كمه أو كيفيته . الملاحظ للمواليد الجدد يجد بعضهم كثير الصراخ وبعضهم هادئ ، بضهم يكسو رؤوسهم شعر كثيف وبعضم لم ينمو الشعر على رؤوسهم بعد ، بعضهم يزن أكثر من بعض وهكذا نلاحظ الفروقات واضحة بين الناس كباراً وصغاراً ويمكننا تقديرها بمقارنتها بالمتوسط العام للمجموعة وإذا كانت الفروقات شاسعة أي تقع على أطراف المنحنى الاعتدالي ، فعادة ما يوصف هؤلاء بالشواذ كالأقزام مثلاً أو العمالقة أو العباقرة أو المتخلفين عقلياً .

الهوامش:

(*) لم يتم التأكد من نواتج الاستنساخ وربما يختلف الحال مستقبلا ولكن حتى وإن تشابه نتاج الاستنساخ جسميا فالاختلاف سلوكياً لا زال قائماً. 

الصفحة 47


ز  -النمو يتجه من أعلى إلى أسفل :

    يتجه النمو في جميع مظاهره من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين ، النمو العضوي والنمو الوظيفي مثلاً يبدآن من الجهاز العصبي الذي موقعه الرأس وأثناء الشهر الثاني من الحمل يصل طول الرأس لدى الجنين إلى ما يقارب نصف طول جسمه وعند الميلاد يساوي ربعه تقريباً وتتناقص سرعة نمو الرأس مقارنة بأجزاء الجسم الأخرى ليصل طوله عند الرد إلى ما يقارب 8% إلى 10% من طول الجسم فقط . يولد الطفل وهو قادر على الامتصاص والهضم والتنفس بينما لايستطيع التحكم في عملية الإخراج ولا التحكم في حركة أطرافه ولا الوقوف ، أي أن الأجهزة والأعضاء الخاصة بذلك لم تصل بعد إلى مستوى من النمو يمكنه من التحكم فيها ، ومن هنا يمكننا القول بأن النمو يبدأ من الأعلى إلى الأسفل ومن الأهم إلى المهم . 

ج- النمو يتجه من الوسط إلى الأطراف :

    أجهزة التنفس والهضم التي تنمو وتؤدي وظائفها أولاً تقع في مركز الجسم يليها في ذلك اللعضلات الكبيرة والقوية مثل العمود الفقري علات الكتفين لينتقل النمو من خلالها إلى اليدين والرجلين حيث يتم التحكم في حركتها مؤخراً .

ط  -يتجه المو من العموم إلى الخصوصية :

كما هو الحال في النمو الجسمي الذي يتشكل من الكبير إلى الصغير ينتقل النموفي النواحي الإدراكية والمعرفية والاجتماعية والإنفعالية من العموميات إلى الخصوصيات ومن اللامتمايز فنحن ندرك مثلاً اللوحة الفنية الطبيعية على أنها منظر طبيعي لغابة خضراء عند وقوع البصر عليها لأول مرة ، إلا أننا ندرك بعد ذلك بأن هذا المنظر يشمل بعض البيوت أو السيارات أو الحيوانات أو الأفراد ، ويزداد إدراكنا.

الصفحة 48


لجزئياته كلما أمعنا النظر والتدقيق فيه ، والطفل شهوره الأولى يألف أمه نتيجة للرضاعة والرعاية ولوجودها معـه فترات طويلة بذلك يدرك الطفل جميع النساء أو ربما الأشخاص بنفس الآلفة إلا إنه عند الشهر الرابع تقريباً يبدأ التمييز بين أمه والنساء الأخريات عن طريق الرائحة والصوت ودرجة حرارة الجسم وغير ذلك من الخصائص التي تجعله يفرق بينها وبين الآخرين فيصرخ ويكتـ ظ إذا ما اقترب من الغرباء ، ويمسك الطفل في البداية براحة يده ثم بأصابعه بعد ذلك . والتهيج الانفعالي عند الطف عام في البداية ثم يتميز إلى خوف وغضب وحب بعد ذلك ، إذا جميع مظاهر النمو لدى الفرد تسير من العام إلى الخاص ومن اللامتمايز إلى المتمايز



مراحل النمو



أشرنا سابقا إلى تقسيم مراحل النمو بهدف تسهيل دراسة مظاهر النمو المتعددة حيث تتميز كل مرحلة بخصائص لا تتكرر في المراحل الأخرى وأغلب الباحثين يقسمون النمو إلى المراحل التالية :

  1. مرحلة ما قبل الميلاد : وتشمل المرحلة الجنينية منذ الإخصاب إلى الميلاد

ب- مرحلة الرضاعة : وتسمى أيضا بمرحلة المهد وتشمل العامين الأولين من العمر

ج - مرحلة الطفولة المبكرة : وتسمى أيضاً بمرحلة ماقبل المدرسة وتشمل السنوات الثالثة والرابعة والخامسة من عمر الطفل .

د مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة : وتسمى أيضاً بمرحلة المدرسة الإبتدائية وتشمل السنوات من ( 6-12 نة وتبدأ مع السادسة لتنتهي مع الثانية عش من عمر الطل . هذا ويقسم كثير من الباحثين هذه المرحلة إلى قسمين حيث يسمى القسم الأول من ( 6-9 سنوات بمرحلة الوطى بينما يسمى القسم الثاني من ( 10-12 سنة بمرحلة الطفولة المتأخرة .

الصفحة 49


هـ - مرحلة المراهقة : تستمر هذه المرحلة منذ باية البلوغ أو النضج الجنسي إلى نهاية العشرينات من العمر حيث تختلف بداية البلوغ وتمام النضج وفقاً للفروق الفردية والجنسية فالبنات يصلن إلى البلوغ قبل الأولاد وكذلك في داخل نفس الجنس ييسبق الأطفال بعضهم بعضاً وكذلك الحال في الوصولإلى تمام النضج أو الانتهاء من المرهقة وبذلك يسهل تحديد بداية المراهقة للطفل بينما يصعب تحديد نهايتها كثير من الكتاب يقسمون المراهقة إلى ثلاث مراحل مبكرة من (13-15) سنة و وسطى من ( 15- 18) سنة ومتأخرة من (19-21) سنة

و- مرحلة الرشد : وتبدأ من نهاية المراهقة مع بداية العقد الثالث من العمر تقريباً وتنتهي مع بداية مرحلة الشيخوخة التي تظهر علاماتها مع بداية العقد السابع من العمر ، وهناك أيضاً من يقسمها إلى مرحلتين ، الأولى مرحلة الشباب وتشمل العقد الثالث والرابع ومرحلة الرشد وتشمل العقد الخامس والسادس من العمر·

ز- مرحلة الشيخوخة : وتبدأ مع نهاية مرحلة الرشد وتنتهي ببداية مرحلة العجز أو الهرم وقد تمتد الشيخوخة خلال العقد السابع والثامن من العمر وعادة ما يبدأ العجز أو بعدها ويعتمد ذلك على متوسط العمر بالمجتمع ففي العالم الثالث مثلاً يبدأ العجز والأمراض المزمنة مع العقد السابع تقريباً بينما يتأخر ذلك في بعض البلدان الغربية كالسويد مثلاً إلى العقد التاسع ، وتسمى هذه المرحلة أيضاً بمرحلة العمر الثالث.

جوانب النمو : هي مظاهر أو نواحي أو أركان النمو ، وهي تقسيمات نظرية هدفها تسهيل دراسة مظاهر النمو لدى الفرد ، أما من الناحية الواقعية فالنمو وحدهة واحدة متكاملة يؤثر ويتأثر كل جانب منها بالآخر ، ويقسم النمو إلى أربعة محاور جوانب رئيسية هي :

الصفحة 50


  1. النمو الجسمي :

ويشتمل النمو الفسيولوجي ، والحركي ، والحسي ، ويختص نمو الجسم بنمو الهيكل ، والطول ، والوزن ، والأنسجة ، وأعضاء الجسم المختلفة ، ويشمل النمو الفسيولوجى نمو وظائف الأعضاء وأجهزة الجسم المختلفة كضغط الدم والتنف والهضم والتغذية والغدد وإفرازاتها في حين يختص النمو الحركي بنمو حركة الجسم واكتياب المهارات الحركية العامة والخاصة ، وأما النمو الحسي فيختص بنمو الحواس كالسمع والبصر والشم والإحساسات الجلدية و الألم والجوع والشعور بالحاجة إلى الإخراج وكذلك النمو الجنسي الذي يختص بنمو الأجهزة التناسلية والسلوك الجنسي.

     ب بالنمو العقلي :

ويختص بنمو الوظائف العقلية كالذكاء والقدرات والعمليات العقلية كالإدراك والانتباه والتذكر والخيال ... الخ ، ويشتمل النمو العي أيضاً النمو اللغوي مثل اكتساب المفردات والمهارات اللغوية .

     ج- النمو الاجتماعي :

ويعني تطور الحياة الاجتماعية وعملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي واكتساب القيم والمعايير والأخلاقيات التي منها انمو الديني والأخلاقي ومهارات الاتصال الاجتماعي المختلفة

    د- النمو الإنفعالي :

وهو تطور الإنفعالات من تهيج عام بعد الولادة إلى انفعالات متمايزة مثل الخوف ، والحب ، والغضب ، والنفور ، والانشراح ، والحنان .. الخ .

الصفحة 51

مطالــب النمو 

    يقصد بمطالب النمو ، تلك المستويات أو الأشياء أو الحاجات التي يجب على الفرد أن يتعلمها أو يحققها أو يصل إليها خلال مراحل نموه المختلفة وبكيفية وزن الوليد مثلاً عند تتناسب مع المراحل الزمنية له ميلاد يقارب من الثلاثة كيلو جرامات ونصف وطوله حوالي خمسون سنتيمتراً ، هذان مطلبان للنمو يجب على كل وليد أن يحققهما عند الميلاد وإلا اعتبر غيرمكتمل النمو من حيث الطول والوزن ، حصيلة الطفل اللغوية عند دخول المدرسة تقارب ألفان وخمسمائة مفردة لغوية وأي طفل لم يصل إلى هذه الحصيلة يعتب متخلفاً لغوياً وأغراض المراهقة يجب أن تظهر على المراهق مع عامه الثاني أو الثالث عشر وإذا لم تظهر بوادرها بهذا بهذا.. وهكذا الحال بالنسبة الوقت اعتبر متخلفاً في بلوغه الجنسي ومراهقته لمراحل النمو المختلفة .

    معرفة مطالب النمو تفيدنا في تقييم نمو الفرد من حيث تقدمه أو تأخره ، حيث سبق الأطفال بعضهم البعض في كل أو بعض جوانب النمو ، وإذا كانت فروقات بسيطة راجعة إلى طبيعة سرعة النمو أو لطبيعة الفروق الفردية فهي إذا طبيعية ولا قلق منها ، أما إذا كانت الفروقات شاسعة فيجب التنبه إليها واستشارة الطبيب أو المختص لتشخيص سبب التقدم أو التأخر، ينطبق ذلك على كل جوانب النمو ، الطبي للنواحي الجسميةوالصحية والنفسي للنواحي النفسية والتربوي للنواحيالتربوية ... وهكذا .

    هذا ومن جوانب النمو المهمة التي يجب ملاحظة تحظة تحقيق مطالب النمو الجسمي والفسيولوجي والجنسي والحركي والجسي وكذلك النمو الانفعالي والعقلي والتعليمي والاجتماعي وواللغوي والعاطفي ، وعلى سبيل النثال لاالحصر ، هاهي بعض مطالب النمو العامة لكل المراحل يليها تخصيص لكل من مراحل الطفولة والمراهقة والرشد .

الصفحة 52

أولا: مطالب عامة لكل مراحل النمو:

1 تحقيق الصحة البدنية ونمو الإمكانيات الجسمية واستغلال القدرات والطاقات إلى الحد الأقصى الممكن .

-2 اكتياب العادات الصحية السليمة في الأكل والنوم ومزاولة الرياضة واللعب والمحافظة على سمة الفرد العامة .

-3 تعلم المهارات واكتساب سلوك حركي متآزر ومتناسق  يشير إلىنمو حركي سليم .

-4 نمو الذكاء بما يناسب العمر الزمني واستغلال الإمكانيات العقليةو الوصول إلى مستوى من التحصيل المعرفي والثقافي يتناسب مع مستوى النمو القلي .

-5 تحقيق نمو لغوي سوي مما يساعد في يساعد في تحقيق النموالإجتماعي والآتصال بالآخرين وتيسر عمليات التعليم والاكتساب فيمجالات النمو النفسي كافة .

-6 اكتساب الثقة بالذات وتقبلها وتقبل الحياة بواقعية وتكوين الاتجاهات السليمة نحو البيئة وموناتها .

-7 اكتساب أساليب المشاركة الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي في الأسرة والجماعات الأخرى وتعلم مهارات الأتصال والاستمتاع بالحياة والحرية بما لايلحق الضرر بحياة أو حرية الآخرين .

-8 تنمية الميول والاتجاهات والاهتمامات بما يتناسب مع وجنس الفرد وبما يحقق التوافق الاجتماعي الإيجابي .

-9 تنمية القدرة على إشباع الواقع والغرائز والحاجات مثل الحاجات الجنسية ودافع الأبوة والأمومة ودافع الإنجاز والتفوق والحاجة إلى

الصفحة53 

الأمن والانتماء التقدير والمحبة والدفاع عن الحقوق المشروعة والدفاع عن النفس وتحقيق الصحة النفسية .. كل ذلك ذلك بما لا يلحق الضرر بالقيم الدينية والأعراف والمعايير السلوكية الاجتماعية العامة  وبما يناسب الإمكانيات الذاتية وبما يلائم الأساليب التوافقية المعقولة دون تطرف ولا مغالاة ، فلا إفراط ولا تفريط .

ثانياً : مطالب النمو خلال مرحلة الطفولة :

1 اكتساب القدرة على المحافظات على الحياة وتعلم الأنماط السلوكية الحركية كالمشي واستخدام العضلات والأطراف وتعلم الأكل والكلام وضبط عملية الإخراج وتحقيق التوازن الغسيولوجي .

-2 اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب وتعلم متطلبات الأمن والسلامة والمهارات العقلية والمعرفة الضرةرية للتوافق مع البيئة المادية والإجتماعية

-3 تعلّم ما للطفل من حقوق وما عليه من واجبات تجاه الآخرين سواء على مستوى أفراد الأسرة أو زملاء المدرسة وا لأصدقاء أو الآخرين من كبار وصغار .

-4 اكتساب القدرة على التفاعل الاجتماعي والاتصال الفعال في اختيار الصداقات وتحديد العلاقات حسب السن والجنس والمكان والزمان .

-5 تنمية الضمير الذاتي والتمييز بين الخطأ والصواب والخير والشر وتعلم المعايير العامة للأخلاق والقيم الدينية .

-6 اكتساب الشعور بالمسئولية وأساليب المشاركة الفعالة واحترام الخصوصية الشخصية .

-7 تحقيق النضج الانفعالي بما يناسب المرحلة العمرية وتعلم مستويات الإرتباط الانفعالية مع الآباء والإخوة والآخرين .

الصفحة54 

-8 اكتساب المفاهيم والتطورات الخاصة بالحياة اليومية الأسرية واحترام قواعدها ومعرفة الدور الخاص بكل فرد من أفرادها .

ثالثاً : مطالب النمو خلال مرحلة المراهقة :

1 تكوين مفهوم سوي نحو الذات الجسمية وتقلبها بما هي عليه ، الله

خلق الناس متفاوتين في قدراتهم وإمكانياتهم ولكل منهم عيوب وميزات منهم من يتفوق عقلياً ومنم من يتفوق جسمياً ومنهم من يتفوق اجتماعياً أو اقتصادياً .. ويجب التوافق مع الأمر الواقع حتى يكون الفرد سعيداً راضياً بما قسم الله له .

-2 تعلم الأمور الخاصة بالجنس وتقبل التغييرات الجسيمة والفسيولوجية للذكو والإناث وما يترتب على ذلك من وظائف طبيعية خلال الحياة .

-3 اكتساب مواصفات المواطن الصالحة واستكمال التعليم وبناء علاقات اجتماعية سوية  مع الأقران من الجنسين وفقاً للأدوار الجنسية الطبيعية والمعايير الاجتماعية السائدة .

-4 تنمية الشعور بالكيان الذاتي والاعتزاز بالنفس والوثوق بها وتحمل المئوليات الاجتماعية بما يتلائم وطبيعة المرحلة .

-5 توسيع  الاهتمامات بما يلائم طبيعة مرحلة الدراسة وبما لا يؤثر على وقتها وقتها ومتطلباتها مع التفكير في مهنة المستقبل والاستعداد لها .

-6 الاستعداد لتحمل مسئوليات الاستقلال الاقتصادي والفكري والتهيؤ للاعتماد على النفس وبناء أسرة جيدة من خلال العمل على ضمان نجاح تعليمي ومهني مستقبلي قريب .

-7 تحقيق السيطرة على الدوافع الجنسية واكتساب معرفة واعية عن التربية الجنسية بما لا يحدث صراعات نفسية لدى المراهق مثل تأنيب الضمير أو الخوف من المرض عند ارتكاب بعض بعض الممارسات الجنسية ولا حياء في الدين .

الصفحة55 

8 تعلم القيم الدينية والأخلاقية التي تتلائم مع المحيط الذي يعيش فيه كمافهيم العدل والحرية والخير والكرم والإيثار ... الخ .

-9 تنمية القدرة على فهم البيئة الإجتماعية والدينية والعرقية المحلية والعالمية بما ينمي المراهق الانفتاح على الحياة دون تعصب ولاتمييز ولا تقوقع وبما يضفي عليه عدالة التعامل مع الآخرين بغض النظر عن عرقهم أو لونهم أو جنسهم أو دينهم لايلحق الضرر بهويته الدينية أو الاجتماعية أو القومية .


رابعاً: مطالب النمو خلال مرحلة الرشد :


تستمر مرحلة الرشد من العشرينات حتى الستينات من العمر وتتخللها عدة تغيرات جسمية  وفسيولوجية خلال العقد الخامس من العمر ومثل تساقط الشعر وظهور الشيب وتجاعيد  الوجه ونقص القدرات الحسية بصفة عامة وخصوصاً مع نهاية المرحلة ، وبهذا تكون مطالب النمو على النحو التالي :

-1 التوافق مع التغيرات الجسمية والصحية  وتقبلها كواقع يجب أن لايؤثر على سعادة الفرد وعلاقاته الاجتماعية .

-2 التوافق مع الحياة الزوجية وتقبل التغير الذي تحدثة في طبيعة العلاقات مع الأصدقاء والعادات السابقة  شغل الوقت أو السفر الزيادات الاجتماعية .

-3 بذل الجهد لتربية الأطفال وإعالتهم والاعتناء بهم ومساعدتهم في شئنهم الدراسية والتعليمية والقيام بعملية التنشئة الاجتماعية عن طريق أداء أمور القدوة لهم قولًا وعملًا .

-4 المحافظة على العمل وتحمل مسئولياته المهنية والقانونية واحترامه كمصدر للارتزاق وحفظ الماكنة الاجتماعية للمواطن الصالح الذي يفيد نفسه وأهله ومجتمعه .

-5 تحمل المسئولية الوطنية وما تتطلبه من واجبات وتضحيات في سبيل الوطن والشرف والدين والقومية .

الصفحة56 

6 تجدد الهوايات وتنميهتها بما يلائم طبيعة هذه المرحلة .

-7 تحقيق وتنمية الشخصية المتزنة انفعالياً وانتقاء فلسفة خاصة للحياة وأسلوب ثابت للتعامل من حيث الثوابت القيمية والأخلاقية والتوافق مع تغيرات الحياة الاجتماعية والتقنية .

-8 تنمية القدرة على الصبر والمثابرة من أجل العناية بالوالدين الكبار ومعاملتهم بلطف ومحبة والتوافق مع ظروف شيخوختهم وعجزهم كرد للجميل وإرضاء للنفس والرب .


خامساً : مطالب النمو خلال مرحلة الشيخوخة:

الشيخوخة  مرحلة  قاسية  لامفر  منها  تتخللها  المتاعب  والآلام والأمراض والفقر والغربة وفقـدان الأصدقاء والرفاق وكثيراً مايتخللها الؤس والكآبة وعدم الاتزان الانفعالي والخوف من شبح الموت ،  وبذلك يجب أن يحسب حيابها ويتم الاستعداد لها قبل قدومها وفي كل الأحوال يجب على المسن أن يحقق الآتي :

1 الرضا والقناعة والتوافق مع الضعف الجسمي والمشاكل الصحية ونقص أو فقدان كفاية بعض الحواس .

-2 تغيير الأنشطة والأعمال بما يتلائم والإمكانيات الجسمية .

-3 تغيير الاهتمامات والميول بما يتلائم مع القدرات الصحية والاقتصادية وبمايتلائم مع مرحلة التقاعد وفقدان العمل .

-4 تنمية الاستعداد لتقبل المساعدة اللازمة من الأبناء والأقارب والأصدقاء

-5 تقبل الابتعاد عن الأولاد وتفهم مشاغلهم وإعالتهم لأسرهم وأبنائهم الجدد.

-6 تقبل فراق الأحباب كالزوج أو الزوجة أو الأصدقاء أو الأقارب عن طريق الموت أو عدم القدرة على الاتصال أ الزيارة .

-7 تحقيق التوافق مع الأجيال الجديدة وما يحملون معهم من عادات وسلوكيات وأفكار قد لاتعجب المسن ولم يألفها من قبل 

الصفحة57  

8 الاستعداد للعجز والانتقال إلى الدار الأخرة بالتوبة النصوحة وفعل الخير والنضج به والتفكير عما يكون قد ارتكبه في الماضي بالقول والفعل وفقاً للإمكانيات الصحية والاقتصادية والعقلية وخير ما يوصي به الجميع هي الوصية العاشرة،عن ابن عباس– رضي الله عنه– قال رسول الله - -

" اغتنم خمس قبلخمس شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك شغلك ، وحياك قبل موتك " . صدق رسول الله فيما قال . نكرر القول هنا بأن مطالب النمو في جميع المراحل هي مستويات للنمو في جوانبه كافة طبقاً للمراحل العمرية المختلفة وهي في العموم تنطبق على الإنسان العادي الطبيعي ولا يجب مطابقتها على كل الناس نتيجة

لوجود الفروقات الفردية والجنسية وطبيعة النمو التي قد تختلف من شخص إلى آخر.

الصفحة58  

أسئلة للمراجعة الجزء الأول

س:1 ما الفرق بين ظاهرة النمو وعلم نفس النمو؟ وكيف يختلف النمو عن التغير ؟ وهل يفيدان نفس المعنى؟


س:2 مالفرق بين النمو العضوي والنمو الوظيفي ؟


س:3 ماذا نستفيد من دراسة علم نفس النمو ؟


س:4 عدِّد المؤثرات العامة للنمو مناقشاً إحداها .وموضحاً إجابتك بالأمثلة .


س:5 مالفرق بين السمات الوراثية السائدة والمنتجة ؟


س:6 ما الغدد الصماء ؟ وما الفرق بينها وبين الغدد القنوية ؟


س:7 كيف تؤثر الغد على النمو ؟


س:8 ما مميزات وعيوب كل من المنهج الوصفي والمنهج التجريبي في دراسة النمو؟


س9 : ما مميزات وعيوب كل من الطريقة الطولية والطريقة العرضية في

دراسة النمو ؟

س10 : حدد أنواع الملاحظات التي يتبعها المنهج الوصفي واشرح اثنتين منها ؟

الصفحة59  

س:11 ما الفرق بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية ، وما أنواع المتغيرات في المنهج التجريبي ؟


س12 : عدد وسائل جمع المعلومات عن مظاهر النمو وأشرح إثنتين منها ؟


س13 : حدد القوانين العامة للنمو واشرح اثنين منها ، موضحا اجابتك بالأمثلة ؟


س14 : مالفرق بين مراحل النمو وجوانبه ؟ وأي مراحل النمو أقصر من حيث المدة الزمنية ؟


س15 : قارن بين مطالب النمو في مرحلتي الطفولة والمراهقة ، واذكر خمسة من مطالب النمو العامة ؟


س16 : قارن بين مطالب النمو في مرحلتي ارشد والشيخوخة ؟


الصفحة60  



الجزء الثاني الطفولة والمراهقة



أولًا : مرحلة ما قبل الميلاد : قال تعالى :

تصف لنا هذه الآيات عظمة الخالق سبحانه في بدء حياة جيدة من خليتين منفصلتين ومن شخصين مختلفين ، تبدأ هذه الحياة وتتدرج من مرحلة إلى أخرى حتى يولد طفل جديد بعد بضعة أشهر ، فسبحان بادىء الخلق أول مرة.كما في قوله تعالى

تكتسب مرحلة ما قبل الميلاد أهمية خاصة ، فهي التي تبدأ فيها الحياة وتتأسس فيها أصول أجهزة الجسم المختلفة ؤ تنمو فيها أعضاؤه الداخلية والخارجية وتتحول فيها الإمكانيات الوراثية إلى قدرات و إمكانيات سلوكية ، ولذلك اكتسبت هذه المرحلة عناية فائقة من البحث والدراسة لمعرفة أنسب الظروف التى يجب توفيرها للأم الحامل حتى ينمو الجنين في ظروف طبيعية ملائمة ، وعادة ماتتم دراسة الأجنة عن طريق ملاحظة الإجهاضات [الولادات غير الطبيعية ] التي غالباً ما يموت فيها المولود أو يولد ميتاً وحيث أن الإجهاض قد يحدث منذ الساعات الأولى بعد الإخصاب فان خزائن .

الهوامش:

.(1)سورة المؤمنون : الآيات (14-13-12)

 (2)سورة يس : منالآية : .(81)

الصفحة63  

مستشفيات الولادة تزخر بكم هائل من المعلومات عن الأجنة في جميع الأعمار ، حتى إن شريطاً مصففاً من الصور يصف الحياة الجنينية كاملة وقيل بأن الجنين ينام ويستيقظ ويلعب ويغضب ويعتدي على أمه بالركل واللكم ، ويسبح ويغير موقعه في الرحم وقيل أنه حتــى يقـرر الانتـحار أحياناً . استنتجت هــذه الآراء من الأســباب التى تؤدي إلى الإجهاض وعند عــدم وجــود أي سـبب مادي جسمى مرضي طبي ،يعزى الأمر إلى الحالــة النفسـية للأم وجنينها . عند حالات الندم الشديد واليأس و القنوط من الحمل ، وخاصــة الحمل غير الشرعي ، غير المرغوب فيه فــقد يحدث الإجهاض ويقال في بعــض الحالات هــذه الحــالات أن سببه الجنين نفســه ، بعض الدراســات بينت أن الأمهات قــد يرغبن مولــوداً ذكراً أو مولودة أنثى وعند عدم تحقق الرغبة تشعر الأم بخيبة الأمل والإحباط وفي إحدى مثل هذه الحالات شعرت الأم بإحباط وخيبة أمل شديدة عند اكتشافها بأن مولودها ذكراً وهي تريد أنثى ، فانتقم منها المولولود الجديد بعدم فتح عينيه بحضورها رغم أنه يفتح عينيه في غيابها وبعد شعورها بالذنب وندمها على ما فعلت واعتذارها فتح لها عينيه . أما عن أثر حياة الحامل على حياة الجنين جســميا ونفسيا فتشير

الدراســات الطبــية والنفســية كافــة إلـى العلاقــة المباشـــرة بين الحامل وجنينها ، كســوء التغذيــة ونقص الفيتامينات أو الأملاح أو الأكســجين في دم الحامل أو الســمات الأنفعاليــة الحـادة أو القلـــق والخـوف والحـوادث التدخين وتعاطي المخدرات أو الحمل في سن مبكرة أو متأخــرة .. كل ذلك له أثر صحي ونفسي بالغ الخطورة على صحة الجنين ، خاصــة وأنــه ينمو بسرعــة فائقة ليزيد حجمه ووزنـه وطولـه وتتكـون أجهزتـه وأطرافـه بالساعات والدقائق فإذا

الصفحة64  

ما قسمنا         لتبين لنا مقدار السرعة التي ينمو بها الجنيـن

ليضاعف نموه كل هذه المرات خلال الفترة ما بين الإخصاب والميلاد.

أ - الإخصاب :

الحيوان المتوي يساوي    من حجم البويضة الأنثوية تقريبا التي هي

أكبر خلية في جسم المرأة ولا ترى إلا بالمجهر ، كما هو مبين بالشكل رقم

أنظر الشكل 1 الموجود في الصفحة 65

يحتوي كل قدف على مئات الآلاف من الملايين من الحيوانات المنوية نصفها لها خصائص مختلفة عن النصف الثاني ويشار إلى النصف الأول بحرف )س( ونصفها الثاني ويشار إليه بحرف )ص( ، ويحمل كل حيوان ثلاثا وعشون كروموزما ، تسمى اثنتان وعشرون منها بالكروموزمات الذاتية ويسمى رقم ثلاثة وعشرون بالكروموزوم الجنسي لأنه هو الوحيد المسئول عن تكوين جنس الجنين الجديد ذكراً أو أنثى . تحمـل البويضـة الأنثويــة ثـلاثا وعشرون كروموزوماً أيضاً تسمى اثنتان

الصفحة65  

وعشرون منها بالكروموزومات الذاتية ورقم ثلاثة و عشرون فقط يسمى بالكروموزوم الجنسي ، وكل خزينة المرأة من البويضات تحمل كروموزومجنسي من نوع ) س ( فقط .


وحيث أن المرأة تنجب بويضة واحدة في كل دورة حيض [ في بعض الأحيان بويضتين كما هو الحال أثناء التوائم وقد تنجب في حالات شاذة غير طبيعية أكثر من ذلك ] فإن تكوين الجنس ذكراً أو أنثى يعتمد على الحيوان المنوي من الذكر ، فإذا خصبت البويضة بحيوان من نوع )س( فستكون البويضة المخصبة تحمل[ س + س = أنثى ] وإذا خصبت بحيوان منوي من النوع الذي يحمل كروموزوم )ص( فستكون النتيجة [ ص + س = ذكر ] .

هذا وبما أن البويضة تخصب بحيوان واحد من كل الملايين فسيكون الناتج راجعاً إلى الصدفة (*) أو إلى مشيئة الله فهو الذي يهب من يشاء ذكوراً ويهب من يشاء إناثاً ويجعل من يشاء عقيماً .يقول بيكوس ) 1771 م( "تحمل المرأة ما يقارب 033.333 بويضة

في خزينتها الأنثوية ) المبايض ( عند الميلاد إلا أن معظمها يضمر ويندثر قبل سن البلوغ ، وعند البلوغ ويبقى لديها ما يقارب 03.333 بويضة ولكن لا ينضح منها إلا حوالي (033) تنجب منها واحدة شهرياً أو أثنين في حالة التوائم المتآخية "  (1) .

البويضة المخصبة تحمل ثلاثـة وعشـرين زوجاً من الكروموزومات

وكل  كروموزوم  يحمل  مائة  (133)  من  الجينات  التي  هي  حاملة

الاسـتعدادات الـوراثية وتتفاعـل الجينات بعضها مع البعض الآخر ويأخـذ

الجنتين إمكانياته الوراثية حسب القانون الاتي :   من الأب والأم  من الأجداد الأربع  من الأجداد الثمانية .. وهكذا إلى ما لا نهاية ، فإذا كان

الهوامش:

(*) رأي غير المسلمين

(1) زهران ،حامد عبدالسلام ، 1.(1990)


الصفحة66  

الأب أو أوروبياً مثلًا والأم آسيوية فسيكون المولود الجديد متصفاً بمزيج من الصفات الأوربية وآسيوية ـ وربما بعـض سماته غير معروفة الأصل لأنها ترجع إلى أسلاف تفصله عنهم مئات السنين . وفي دراسة أجراها الطبيب [ فرانسوا بابا ] فى فرنسا تحت عنوان

[ ولد أو بنت ] اتضح أن أطعمة معينة قد تحدد نوع المولود ذكراً أو أنثى . وتدعى الدراسة أنها نجحت قي تحديد جنس المولود لدى %88 من الحالات التي شملتها التجربة وذلك  عن طريق إتباع نظام محدد من الغذاء لمدة محددة وتحت إشراف طبيب مختص . شملت التجربة (111) امرأة ونجحت (120) منهن في إنجاب الأطفال حسب الجنس الآتي اخترنه . كما قام فريق أخر من الحبراء بتطبيق تجاربهم على مجموعةمن النساء في مدينة [ مونتريال بكندا ] ونجحت تلك التجارب بنسبة تتراوح بين %83  %88 . ويؤكد فرانسوا على أن النظام الغذائي الذي قد يساعد على اختيار نوع الجنين ، يجب أن يتبع بدقة متناهية ، ويشير إلى أن جسم الإنسان يحتوي على أربعة كم الأملاح الحيوية ، و هي الصوديوم ، والبوتاسيوم ، و الكالسيوم ، والمغنيسيوم ، وهذه الأملاح تؤثر على تحديد جنس الجنين ، ويرى وجوب احتواء غذاء الأم على قدر كبير من أملاح الطعام لإنجاب الذكور ، أي يجب أن يكون الغذاء غنياً بأملاح الصوديوم و البوتاسيوم . أما لإنجاب الإناث فيجب أن يكون الغذاء محتوياً على قدر كبير من الكالسيوم والمغنيسيوم مما يعني شراب قدر كبير من الحليب .

هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن تناول قدر كبير من الأملاح أو الحليب قد لا يؤدي  بالضرورة إلى إنجاب جنس المولود المرغوب فيه ، بل يؤكد المجرّب نفسه على أن وصفته الغذائية التي وصفها في دراسته قد لا تؤدي أيضاً إلى الإنجاب المرغوب ، ناهيك على تأكيده على ضرورة إشراف

طبيب مختص على النساء اللاتي يرغبن في إتباع هذا البرنامج الغذائي الخاص .

الصفحة67  

وعلى سبيل المثال النساء اللاتي يعانين من ارتفاع في ضغط الدم يجب

أن يتناولن قدراً كبيراً من الأملاح (*) .


تشير الدراسة إلى أنه يجب على المرأة التي ترغب في إتباع هذا النظام الغذائي الخاص ، أن تبدأ به قبل عشرة أسابيع من بدء الحمل مع عدم استعمال أية وسيلة لمنع الحمل خلال هذه الفترة ما عدا الأقراص )الحبوب ( التي تؤثر على سير العملية في الجسم .


وتأكيداً على مشيئة الله وقصور الإنسان في الوصول إلى أسرار الخلق ،يؤكد العلماء بأنهم لا يعرفون كيف يؤدي هذا النظام الغذائي إلى تلك النتائج بل يفترضون بأن الغذاء ربما يحدث تحولات في عملية التمثيل الغذائي التي تؤثر بالتالي على غشاء البويضة الأنثوية الذي يتقبل بدوره حيوانات منوية خاصة بإنتاج إناث أو ذكور .


ويـرى [ هـاري جرومون ] أخصائي علـم الــولادة بــأن النظــام الغذائي الخاص ربما يكون له تأثيره علــى إفرازات الرحم التي تسبح فيها الحيوانات المنوية وفي كل الأحوال تبقى إرادة الله هي العليا فهوالذي :

.????

ب-النمو الجسمي للجنين :

تبدأ عملية النمو ، كما أسلفنا الذكر ، بعد نفاذ الحيوان المنوي الذكري من خلال غشاء البويضة الأنثوية والتحام نواته بنواتها لتتكون خلية جديدة ، تنقسم هذه الكروموزومات المتحدة من كل من الحيوان المنوي والبويضة بشكل طولي إلى نصفين لتكون خلية أخرى وعندئذ تكون عملية تطور النمو

الهوامش:

(*) يجب على أية امرأة عدم تجريب هذا البرنامج إلا تحت إشراف طبيب مختص . (1) سورة الشورى الآيتان : .47-46

الصفحة68  

قد بدأت , و في فترةقصيرة تتراوح بين 20 و01 ساعة يكون الحيوان

المنوي قد التحم بالبويضة ونتج عن هذا الالتحام اثنتان من الخلايا وهي عملية انقسام ذاتي تتكرر بعد ذلك كلما استمر تطور النمو .

أنظر الشكل 1 الموجود في الصفحة 69

ويقسم بعض العلماء مرحلة نمو  الجنين إلى ثلاثة أطوار رئيسية : يسمى الأول منها بمرحلة البويضة )الزيفوت ( تستمر منذ الإخصاب إلى أن تغرز البويضة المخصبة في جدار الرحم , وتستغرق هذه العملية عادة من عشرة إلى أربعة عشر يوما ً وتمتد المرحلة الثانية من أسبوعين إلى ثمانية أسابيع وتسمى بمرحلة ) الجنين الأمبريوني ( وتتميز هذه المرحلة بظهور وتمايز كل الأعضاء الرئيسي للجنين ، أما المرحلة الثالثة التي تمتد من الأسبوع التاسع إلى الولادة فتسمى بمرحلة ) الجنين الفيتوسي ( وتتميز بأنها المرحلة التي يتكامل فيها نمو أعضاء الجنين .

الصفحة69  

1 – مرحلة البويضة :

تقع عملية الإخصاب في القناة التي تخرج من المبيض [ موقع إنتاج البويضات ] إلــــى الرحم . و تضاعف البويضة المخصبة خلاياها خلال رحلتها غبر تلك القناة لينتهـــي بها الأمر إلى الرحم وتنغرز فيه , وبعد انقضاء ما يقارب الأسبوعين تكون البويضــــة المخصبــة قد خرجت منها عدة زوائد تنغرز في الغشاء المخاطي للرحم وتنتهـــي بــذلك هـــذه المرحلة لتنتهي معها استقلالية المخلوق الجديد ببداية المرحلة الثانية التـــي يصبح فيــها الجنين الامبريوني معتمداً في غذائه وتنفسه على دم أمه .


-2 مرحلة الجنين الأميريوني :

بعد تثبيت البويضة النامية لنفسها بأمان في جدار الرحم ، تبدأ في النمو بسرعة وتتحول الكتلة الحقيقة من الخلايا إلى جنين امبريوني يمكن التعرف على ملامحه العامة .


ويتكون الجزء الداخلي من البويضة المخصبة من ثلاث طبقات متمايزة التي تنشأ منها الأعضاء والأغشية المختلفة المكونة لجسم الأنسان .

تختص الطبقة الخارجية من الأمبريو [ إكتودورم ] بتكوين الطبقات الخارجية للجسر مثل الجلد والشعر و الأظافر وكذلك الجهاز العصبي ، وأما الطبقـة الثانية [ ميزومورم ] فتختص بتكوين أجزاء الجسم الداخلية مثل الطبقة الداخلية للجلد والعضلات والهيكل العظمى والجهاز الدوري ، في حين تختص الطبقة الثالثة بتكوين الأجهزة الداخلية مثل البطانة الكاملة للقناة الجوفمعوية والرئتين و الكبد و البنكرياس .


هذا وتعمل الطبقة الخارجية من خلايا البويضة المخصبة كذلك على حماية الجنين الامبريوني النامي بداخلها حيث تكون طبقتين من الأغشية محيطتين ، والطبقتان يكونان الكيس الامبوني [ بداخله السائل الاميوني ]

الصفحة70 

الذي يحمي الجنين من الصدمات المادية التي تتعرض لها الأم . كما تكون هذه الخلايا الحبل السري الذي يتغذى عن طريقه الجنين ويعتبر تكوينه أهم خطوات عملية تطور النمو ، و من خلال الحبل السري تمر كل العناصر الغذائية الموجهة للجنين النامي بعد أن تتم عملية ترشيحها و تصفيتها وتنقيتها من قبل المشيمة وهي ذلك الجزء من الرحم الذي يحيط بالجنين . تقوم المشيمة بوظيفة التخلص من الفضلات مثل ثاني أكسيد الكربون من جسم الجنين إلى الجهاز الدوري للأم ، و من هنا تكون الرابطة البيولوجية بين الجنين وأمه رابطة قوية و مهمة لحياة الجنين .


-3 مرحلة الجنين الفينوسي :

يطلـــق علــى الجنــين اســم الجنــين الفيتوسـي بعـــد مـــرور شـــهرين تقريبا مـــــن الإخـاب وحتـى نهاية الحمل ، وخلال هـذه الفترة يتكامل نمو الجنـين وتظهر الاستجابات الحركية وتصبح أكثر تعقيداً حتى أن لمس بطن الحامل يجعله يتنى جدعه ويحرك رأسه ، وفيما يلي وصف لنمو الجنين خلال فترة الحمل مقسمة إلى مراحل زمنية و بشكل أكثر تفصيلًا .


ج – العوامل التي تؤثر على نمو الجنيب :

لقد تحددت المؤثرات الوراثية على الجنين منذ لحظة الإخصاب وذلك عن طريق الجينات التي ورثها من والديه وأسلافه ، غير أن ما يؤثر عليه بعد ذلك يعتبر بيئياً أي عوامل خارج إطار الوراثة حتى ولو كان جنيناً في بطن أمه ومن هذه العوامل ما يلي :


-1عمر الأم :

تشير الإحصاءات إلى أن إنحاب المرأة يكون أكثر أمانا إذا حدث بين سن العشرين والخامسة والثلاثين من العمر ، وبالرغم من التقدم الطبي الذي جعل مرحلة الحمل عموماً أكثر أماناً للجنين وأمه إلا أن الحمل قبل الثامنة

الصفحة71  

عشرة وبعد الخامسة والثلاثين من العمر قد تترتب عليه بعض المخاطر منها الأمهات المراهقات يواجهن قدراً أكبر من مخاطر الإصابة بتسمم الحمل أو ) التوكسيما ( وهو اضطراب لا تعرف مسبباته وتتضمن أعراضه ارتفاع في ضغط الدم وزيادة مفرطة في الوزن والاحتفاظ بالسوائل في الأنسجة و الإصابة بالأنيميا وهي نقص في خلايا الدم الحمراء وفي الحديد وكذلك مضاعفات من مخاطر أو آلام الوضع والتعرض للولادات المبكرة أي قبل وقتها .

أما الأمهات اللأتي تجاوزن الخامسة والثلاثين تزداد احتمالات تعرضهن للأمراض أثنــاء الحمل ويكون المخاض لديهن أطول وأصعب كما تــزداد مخاطر اختلال الصبيغات لدى الجنين، فمـن المعروف أن مرض دووان أكثر شيوعاً لدى مواليد من أمهات تقدمن في العمر إلى الأربعينات وما بعدها . وتصل نسبة المواليد المصابين بهذا المرض إلى واحد من كل ثمانين مولودا لدى الأمهات اللاتي بلغن ما بين الأربعين والأربعة والأربعين ومولود من كل أربعين فى عمر الخامسة والأربعين فما فوق ، مع احتمالات أكبر في أن يكونوا المواليد أقل وزنا من المعتاد أو يولدوا أمواتاً ، ورغم هذه المخاطر فلا يعنى ذلك أن الإنجاب قبل العشرين أو بعد الخامسة والثلاثين خطر في كل الأحوال ، بل والجميع يعرف العديد من الولادات الصحية السليمة في مثل هذه الاعمار .


-2غذاء الأم :

قد لا يكون المثل القائل بأن الحامل تأكل لاثنين لها ولجنينها ، صحيحاً ولكن المهم هو نوعية الطعام التي تتناوله الحامل . فالزيادة المفرطة في وزن المرأة الحامل أمراً غير صحي ولكن الغذاء المتوازن في كميته وعناصره الغذائية يعتبر ضرورياً لضمان صحة الأم وجنينها .

الصفحة72  

ومن عناصر الغذاء المتوازن المهمة ، البروتين حيث يتعرض المواليد الذين ينقصهم البروتين أثناء الحمل إلى أمراض خطيرة ، وأطفال الأمهات اللأتي تعرضن لسوء التغذية أثناء الحمل ن ويكونوا أكثر تعرضاً لإصابة قواهم العقلية مما يجعلهم أقل ذكاء من نظرائهم الذين لم تتعرض أمهاتهم لسوء التغذية .


-3 العقاقير :

تكون بنية الجنين هشة وأجهـزته الجسمية لم تكتـمل بعــد وبذلك يكون تأثيره ولو بجرعة صغيرة من العقاقير تأثراً شديداً ومع ذلك نجد بعض الأمهات الحوامل يتناولن الأدوية والعقاقير أثناء الحمل مثل عقاقير تنظيم الهرمونات أوالتداوي  من  البرد  أو  المهدئات  والمنشطات  والمضادات  الحيوية والمخدرات بل وحتى الجرعات المفرطة من الفيتامينات ، و عليه يجب على الحامل أن تتوخى الحذر في تناول أي عقار إلا للضرورة وعن طريق الطبيب المختص حيث تؤدي العقاقير إلى اعتلال صحة المولود وتشويه خلقته .

أما الإدمان على الخمور أو المخدرات فهي أمور مفزعة حقاً ومن نتائجها المؤسفة ازدياد عدد المدمنين من الأجنة والمواليد الجدد نتيجة إدمان الأم الحامل , فهل يتصور المرء أن يقدم لمولود جديد كأساً من الخمر أو سيجارة أو حقنة من المخدرات وهذا بالضبط ما تفعله الأم الحامل لجنينها .!!


.4 الاشعاعات :

الاشعاع مؤثر خطير على صحة الجنين ، فأشعة إكس مثلا خلال الأسبوعين الأولين من الحمل تدمر البويضة المخصبة بصفة دائمة تقريباً أما بين الأسبوع الثاني والسادس من الحمل فالإشعاع يؤدي إلى تشوهات  خطيرة للجنين ، و لعل أبشع الأضرار هو ما تلحقه أشعة إكس و الإشعاع بصفة عامة من ضرر على جينات الطفل التي لا تظهر أثارها إلا بعد عدة

الصفحة73  

أجيال وعليه ينبغي ابتعاد الحامل عن أشعة إكس و الإشعاعات بصفة عامة حتى تضع حملها .


.5 أمراض واضطرابات الأم الحامل :

كل الأمراض تؤثر على الجنين وأكثرها وضوحاً مرض الحصبة الألمانية [ الروبيلا ] فقد يولد الطفل الذي أصيبت أمه أثناء حملها بهذا المرض ، بتشوهات في  القلب أو بالصمام أو بفقدان البصر أو التخلف العقلي . أما الأمراض الفيروسية مثل  الجدري والتهاب الكبد ، تكون آثارها شديدة على الجنين خاصة إذا أصيبت الأم عند بداية الحمل ، و الأمراض التي تنتج عن عدوى الحيوانات المنزلية مثل القطط أو آكل اللحوم الحمراء دون طبخها مثل مـرض [ التوكسو بلازمواس ] فقد يكون طفيفا عند الراشدين ولكنه شديد الخطورة للأجنة ، وقد وجد أن %23من الأطفال الذين أصيبت أمهاتهم بهذا المرض يولدون ولديهم أوجه نقص وإختلالات عقلية منها التأخر العقلي ، وقصور في النظر وضعف في السمع .مرض [ الزهري ] إذا أصيبت به الحامل له آثار خطيرة على الجنين . فقد يؤدي به إلى الضعف والتشوه والتخلف العقلي وقد لا تظهر هذه الأعراض على الطفل إلا بعد عدة سنوات . غير أنه لحسن الحظ إذا ما عولجت الأم خلال الأربع شهور الأولى من الإصابة فقد لا يصاب الجنين بنواتج هذا المرض .

أمراض أخرى تصيب الحوامل وتؤثر سلبا على نمو الجنين منها ارتفاع ضغط الدم الناتج عن مرض [ الوكيميا ] الذي لا يعرف سببه ، و أثر [ العامل الريجيس ] وهو عامل كيميائي في الدم وإذا اختلفت فصيلته بين الرجل والمرأة يؤدي إلى نتائج سلبية بالنسبة للمواد وذلك عن طريق هجوم الأنظمة الدفاعية لجسم الأم على الجنين بسبب هذا العامل الغريب الذي يحتويه دمه والذي ورثه من والديه وقد يسبب هذا الهجوم إلى شلل دماغي أو تأخر عقلي أو الصمم أو الموت في بعض الأحيان وكل ذلك يعتمد على قوة الأجهزة الدفاعية لجسم الأم .

الصفحة74  

.6 الحالات الانفعالية للأم :

التغيرات الانفعالية مثل الإجهاد والإرهاق النفسي تؤدى إلى تغيرات في كيميــاء الدم لأنها تنشيط الجهاز العصبي المستقل ، الأمر الـذي يؤدي بدوره

إلــــى إفــــراز الغدد الصماء لبعض المواد الكيميائية في مجرى الدم مما

يؤثر سلباً على الجنين حتى يمكن ملاحظة تهيجه وتوتره وحركته .


.7 الولادة المبكرة :

قد يؤثر الضغط الشديد على رأس الطفل أو نقص الأكسجين أثناء الولادة

المبكرة أو السابقة لأوانها إلى مضاعفات سلبية على نمو الطفل مثل تباطؤ النمو وتأخره وتأثر الوظائف  الحركية وقد يؤدي نقص الأكسجين الشديد

اثناء الولادة إلى شلل فى الأيدى أو الأرجل. وتشير الإحصاءات إلى أن

%03 من حالات الشلل المخى حدثت اثناء الولادة او بعدها مباشرة.


.8تأخر الولادة عن موعدها:

فكما للولادة عن الناضجة اًثارها السلبية على المولود فكذلك الحال

بالنسبة لتأخر الولادة عن موعدها .وقد يصاب المولود التأخر باضطرابات في الجهاز التنفسي ونقص في الشهية أو الشلل الدماغي وتشير الإحصاءات

إلى أن %28 من المصابين بالشلل الدماغي كانوا من ذوي الولادات

المتأخرة عن موعدها.


.9الولاة العسرة:

وهي صعوبة الولادة مما يسبب نقص الأكسجين أو عطب المخ أو بعض الأطراف نتيجة لشد الجنين ومحاولة إخراجه مما قد يسبب شلل بعض الأطراف. ولصعوبة الولادة نواتج سلبية شأنها شأن الولادة المبكرة أو المتأخرة.

الصفحة75  

ثانيا: مرحلة الرضاعة [ المهد ]


أ.الولادة : قال تعالى :




تصور هده الًاية الكريمة المستوى العقل والمعرفي للمولود الجديد وكذلك إمكانياته الحسية والجسمية التي وأن وجدت عــند الميلاد إلا أنـــها

مـــازالت مبدئية ويحتاج الوليد إلى رعاية الكبار لكي يستطيع البقاء والنمو.

ومع نهاية مرحلة الحمل تكون الحامل مستعدة جسمياً ونفسياً لعملية الولادة ، حيث يزداد نشاط الغدد الصماء وخاصة الغدة النخامية التـــي تفرز هرمون الإكستوسين الذي يعمل على مساعدة عضلات الرحم على الانقباض تهيئة الإخراج الجنين منه ، وتزيد المبايض من إفرازات الاستروجين لبيدأ المخاض الذي يمر بثلاث مراحل . تبدأ الأولى منها بانفتاح عنق الرحم ودفع الجنين إلى خارجه وتستغرق هذه المرحلة ما يقارب التسع ساعات في

المتوسط بينما تستغرق المرحلة الثانية حوالى ساعة ونصف عند الولادة

الأولى وحوالي نصف ساعة فقـط للــولادات الـــلاحقة . وتقتصر هذه المرحلة على مرور الجنين من عنق الرحم عبر المهبل إلى الخارج . أما المرحلة الثالثة فتستغرق حوالي ربع ساعة وهي خروج المشيمة بعد خروج الجنين.

الهوامش:

(1)سورة النحل : الآية .(78)


الصفحة76  

هذا ويبدأ المخاض بتقلص عضلات الرحم وانقباضها كل حوالي ربع ساعة تتقارب تدريجياً حتى تكاد تكون متصلة أثناء المرحلة الثانية من الولادة . كما تعاون الأم في إخراج الجنين عن طريق عضلات البطن والحجاب الحاجز عن طريق التقلص والانقباض أثناء عملية الولادة . تكون عملية المخاض طويلة أثناء الولادة الأولى وتستغرق حوالي اثنتي عشر ساعة تقريباً بينما تستغرق حوالي نصف هذا الوقت في الولادات اللاحقة ، كما أن مؤشرات المخاض قد تبدأ ثم تتوقف لساعات طويلة لتبدأ من جديد ، وفي كل الأحوال تكون الفروقات الفردية بين الحوامل متوقعه في الدرجة والمدى الزمني.

تشمل الولادة ثلاثة أنواع ، تكون الأولى ولادة طبيعية بمساعدة الممرضة [قابلة ] وتكون الثانية بتدخل جراحي بسيط لمساعدة خروج الجنين من المهبل وتكون الثالثة عن طريق الجراحة الكلية وهي مايسمى بالولادة [ القيصرية ] وهي إخراج الجنين من جانب بطن الأم . وفي أغلب الأحوال إن لم يكن جميعها ،لاتبقي هذه الجراحة أثراً ولا تحلق با لأم ضررا إذا توفرت الخدمات الطبية الماهرة والتعقيم الجديد وخدمات التمريض المناسبة ويتحدث علماء النفس عن الصدمة النفسية التي يقاسيها المولود الجديد ، ويسمونها بصدمة الميلاد نتيجة لانتقاله المفاجىء من عالم الهدوء والسكينة والقرار المكين إلى عالم المعاناة منذ اللحظة الأولى التى يصطدم فيها الهواء بالقصبة الهوائية للوليد فتحدث شهقة قوية يعتقد الكبار بأنها صراخاً وهي ناتجة عن اصطدام الهواء بالقصبة الهوائية والرئتين لأول مرة . ذلك معاناة الولادة واختلاف درجة الحرارة والبـرودة واختلاف الضغـط وغيرها من مكونات البيئة الدنيوية الطبيعية عن بيئة الرحم .

عادة ما تصابالأم أيضا بنكسة بسيطة بعد الميلاد يسمونها نكسة ما بعد الميلاد وهي مسحة من الهدوء والكآبة نتيجة لاختلال الوزن فجاة وربما


الصفحة77  

شيء من النزيف وآلام الولادة غير أن بهجة المولود الجديد والإطار الاجتماعي الأسري سرعان ما يشغل الأم وينسيها خبرة الولادة السلبية لتنتقل إلى خبرة الأمومة السعيدة خلال اليوم التالي للولادة . من حق الوليد على والديه حسن تسميته ، فقد قال رسول الله -  - : من حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه " وكان –  – يغير الأسماء القبيحة لدى الناس والبلدان .

ب - من الميلاد إلى الطفولة :

قد لا يبدو لنا أن أثنى عشر شهراً زمنا طويلًا ، خاصة ونون منشغلين بالأمور الحياتية اليومية ، ولكن التغيرات التي يشهدها الرضيع خلال عام من الزمن تكون حقاً تغيرات هائلة في جوانب شخصيته وخبراته العقلية والعاطفية كافة فبعد حياة رحيمة هادئة ومستقرة يجد الوليد نفسه فجأة في عالم جديد من الأضواء والضوضاء ويكتسب خبرة الجوع والعطش والبلل والحرارة والبرودة ولم تعد حاجاته البيولوجية تشبع تلقائياً ، بل عليه أن ينتظر ويصرخ ويعاني قبل أن تشبع هذه الحاجات . ليس هــذا فحسب بل لا يستطيع الطفل عند ميلاده من أن يتحكــم في

حركات جسمه و أطراف وبعد عام من الزمن يكون قادراً على التسلل خارج المكان الذي ينام أو يلعب فيه . يولد الطفل وهو لا يعرف أحد ولا يفهم شيئاً مما يدور حوله ، سوى بعض الإحساسات المادية المباشرة كاللمس والضوء والصوت و الألم ، ولكنـه بعـد عـام يمكنه التعرف على أفـراد أسرته والابتـهاج لهم ويمكنه تناول الأشياء بيده ويستطيع التعبير عن خوفه أو قلقه بالبكاء عن ارتياحه وأطمئنانه بالضحك بل ويستطيع الوقوف وحتى المشي بالمساعدة أو بدونها أحياناً .أما خلال السنة الثانية من العمر فيتغير سلوك الطفل ونموه تغيراً ملحوظاً نتيجة لاكتسابه اللغة والقدرة على التنقل بمفرده وكذلك التطور السريع في قدراته العقلية والمعرفية و الاجتماعية ، وفيما يلي وصف مظاهر النمو لدى طفل مرحلة الرضاعة .

الصفحة78  

ج – خصائص النمو الجسمي خلال مرحلة الرضاعة :

يولد الطفل الطبيعي كامل النمو من الناحية الجسمية وتكون كل أجهزته قادرة على العمل مبدئياً مما يمكنه من الحياة فهو قادر على التنفس والامتصاص والبلع والهضم والإخراج أللا إرادي , يكون جلده ميالا إلى الحمرة الغامقة فيما يشبه الزرقة ، يكسو بعض أطرافه شعر ناعم وتغطي جلده طبقة شمعية وتزول تلقائياً بعد بضع ساعات من الولادة , أطراف الوليد غير متماسكة وتكون ذراعاه ورجلاه منثنية أغلب الوقت ، تكون عظام الوليد لينة وعضلاته ضعيفة ولا يستطيع السيطرة على حركاته ، يكون حجم الرأس كبيراً بالنسبة للجسم ويساوي طوله ربع طول الجسم بينما يساوي خلال الرشد من 8 إلى %13 من طول الراشد . يساوي حجمالعينين نصف حجمها عند الرشد ويكون وزنه من 0إلى 0.13 كيلوجرام في المتوسط ويصل إلى ما يقارب العشرين ضعفاً أثناء الرشد . يكون طول الوليد حوالي خمسون سنتيمتراً ويتضاعف من 0 إلى 0.1 من المرات خلال الرشد .

توجد فروق فردية وجنسية بين المواليد الجدد وينصح بعدم المقارنة بينهم ، تكون الفروقات فــي الوزن والحجـــم والطــول وفــي وجـــود وكثافــــة شـــعرالرأس وفي الرضاعة وفترات الصراخ ... الخ وعادة ما يكون الأولاد أكبر حجماً وأثقل وزناً و أطول قليلًا من الإناث . يكون شكل الرأس غير طبيعي ومخروطي الشكل وقد يفقد جزءاً من شعره أثناء الأشهر الأولى نتيجة لطول فترات النوم بوضع واحد ويعود إلى شكله الطبيعي بعد ذلك . يزداد طول ووزن الوليد ونمو عضلاته من حيث الحجم وتزداد قدرته على التحكم فيها ، ويصبح طول الوليد حوالي ستون سنتمتراً مع نهاية الشهر الرابع وخمسة وسبعون مع نهاية العام الأول وخمسة وثلاثون سنتيمتراً مع نهاية العام الثاني ، و يزداد الوزن بمعدل أسرع من زيادة الطول حيث يصل وزن الوليد إلى ما يقارب ستة كيلو جرامات مع نهاية

الصفحة79 

الشهر الخامس ويزداد الوزن بصفة ملحوظة حتى نهاية العام الأول ، وبعد تعلم المشي وكثرة الحركة يقل معدل زيادة الوزن بل يتناقص الوزن مه نهاية العام الثاني من العمر ،يتباطأ معدل نمو الرأس خلال هذه المرحلة مقارنة بمرحلة ما قبل الميلاد ومقارنة بمعدل نمو الأجزاء السفلى والأطراف ويمثل طول جسم الطفل مع نهاية مرحلة الرضاعة حوالي طوله عند الرشد ، ورغم أن نمو الأسنان بدأ منذ الشهر الخامس للحمل ، إلا أن أعراض ظهروها تبدأ مع الشهر السادس أو السابع بعد الميلاد ،

وهي الأسنان اللبنية التي سيتم استبدالها مستقبلًا وعددها عشرون سناً ويصاحب ظهورها ارتفاع في درجة الحرارة وإسهال وآلام في اللثة ، تبدأ الأسنان اللبنية بظهور القاطعين الأوسطيين الأسفلين ثم القواطع الأربع العلوية ثم قاطعين جانبين أسفليين ثم أربعة أضراس أمامية ثم أربعة أنياب ثم أربعة أضراس خلفية وتتم هذه العملية خلال عامين ونصف من العمر ، أما الأسنان الدائمة فعددها اثنتان وثلاثون سناً ويبدأ ظهورها مع العام السادس من العمر .

د . النمو الفسيولوجي :

النمو الفسيولوجي والجسمي ويعتمدان كل على الآخر ومع تطور الجسم وأعضائه المختلفة ، تنمو كذلك أجزاء الجسم الداخلية كالجهاز العصبي والتنفسي والغددي والبولي والتناسلي ، و ينمو المخ بسرعة من ) 013جم (

عند الميلاد إلى ) 1333جم ( مع نهاية العام الثاني، أي ما يقارب )   (

وزنه عند الرشد ، أمّا الغدد الصماء فتتأثر بمعدل النمو وتؤثر فيه وتنمو موازية لمعدل النمو الجسمي ، يزداد حجم الرئتين وتزداد سعتهما وينمو الجهاز التنفسي تبعاً لنمو الجسم وكذلك الجهاز الهضمي الذي يتأثر بنوع الغذاء وكمه و لا يستطيع الرضيع هضم غذاء الراشدين . أمَّا الإخراج فيسيطر الطفل على عملية التبرز قبل التبول ويجب تدريب الطفل بلطف وصبر على ضبط العمليتين وتعويده على الجلوس لقضاء الحاجة بعد الوجبة الرئيسية ولو لفترة وجيزة خلال النصف الثاني من العام الأول ولكن دون

الصفحة80  

إجبار أو عقاب ، أمَّا الجهاز التناسلي فيبقى في حالة كمون ونمو بطيء خلال هذه المرحلة .

هـ - النمو الحركي :

يحرك الرضيع رأسه أولًا ثم جدعه ثم أطرافه ، وبعد أن يستطيع الرضيع رفع جسمه وأطرافه يستطيع الجلوس بالمساعدة مع الشهر الرابع ثم

المشي بالمساعدة مع نهاية العام الأول ، ويزداد التآزر الحسي الحركي

ويستطيع الرضيع أن يمسك الأشياء ثم يتسلق السلالم ويبنى الأبراج والمكعبات مع منتصف العام الثاني ويصعد السلالم ويمشي إلى الخلف خطوة أو أكثر مع نهاية العامين من العمر 

و . النمو الحسي :

تكون حواس السمع والبصر والشَّم والذوق والإحساسات الجلدية ضعيفة عند حديث الولادة ، وهو لا يسمع إلا الأصوات العالية التي يستجيب لها بالانتفاض ولا يرى إلا الأضواء القوية التي يستجيب لها بإغماض العين و لا تثيره إلا الروائح القوية التي يستجيب لها بالعطس والنفور ، كما يستجيب فقط للمذاق الحار أو المالح أو الحامض عن طريق التقزز ، أمَّا الإحساسات الجلدية فهي ضعيفة أيضاً ، غير أنه حساس للحرارة والبرودة ويستجيب للمس الشفتين بالامتصاص وإحساساته الحشوية ضعيفة خلال الأسابيع الأولى ، لضعف إحساسه بالألم مثلًا ينصح دائماً بإجراء العمليات الجراحية الضرورية وعملية الختان خلال الأسابيع الأولى من الميلاد ، كما يستجيب الوليد للجوع والعطش بالتوتر والبكاء .

هذا فيما يخص مستوى نمو الحواس عند الولادة ، أمذَا خلال مرحلة المهد ونتيجة لسرعة معدل النمو خلالها تتطور الحواس وتؤدي مهامّها

بوضوح بعد أيام معدودة من الميلاد ويصبح الوليد طفلًا جذاباً وتصبح

استجاباته للمثيرات البيئية ذات معنى .

الصفحة81  

-  حاسة السمع :

منذ الشهر الخامس بعد الميلاد يستطيع الرضيع أن يميز صوت أمه ويبدي ارتباطاً لسماعه ويخاف الأصوات العالية و أصوات الغرباء ويرتاح إلى الأصوات الهادئة والإيقاعات التراتبية كالمناغاة وينسجم معها ويسترخي لها ، أمَّا مع بقية المرحلة فيكون سمعه دقيقاً ولا يقل كثيراً عن سمع الكبار .

-  حاسة البصر :

لا يستطيع الطفل في البداية نركيز بصره على الأشياء القريبة من وجهه إلا بعد شهرين من عمره تقريباً ، وحيث أن النمو البصري سريع جداً لدى الرضيع ، فيستطيع خلال الشهر الخامس الربط بين ما يراه وما تصل إليه يده ، وبعد الشهر الثامن يستطيع الرضيع أن يرى الأشياء الدقيقة و يلتقطها كالدبوس أو الإبرة ، و يتميز الأطفال عموماً بطول البصر فيرون البعيد قبل القريب ، وتستمر هذه الخاصية إلى العام السادس من العمر ، ويمكن للطفل أن يدرك الألوان منذ الشهر الرابع من العمر ويدرك الأعماق منذ الشهر السادس بعد الميلاد .


-  حاسة الشم :

يتمكن الرضيع من الاستجابة للمؤثرات السمعية المختلفة منذ الأشهر الأولى في حياته ويرتاح للروائح الطيبة وينفر من الكريهة وعادة ما يقلد سلوك الكبار في تقريب الأشياء من أنفه ليكتشف رائحتها .


-  الحاسة الحشوية :

منذ الأسابيع الأولى يمكن للرضيع الطبيعي الشعور بحالة الجوع وامتلاء المعدة والمثانة ، ويمكنه التحكم في عملية التبول الاإرادي خلال النهار منذ منتصف العام الثاني من عمره ، أمَّا خلال النوم ليلًا فيمكنه السيطرة على هذه العملية خلال منتصف العام الثالث وغالبية الأطفال يسيطرون على عملية التبرز قبل التبول مع وجود فروقات فردية بينهم في التحكم في العمليتين وخاصة من الجانب النفسي حيث يؤدي العقاب إلى تأخر الطفل في

الصفحة82  

السيطرة على هذه العمليات الحيوية ، وينمو الإحساس بفقدان التوازن مبكراً لدى الرضع ويخافون السقوط .


-  حاسة الذوق :

ينمو الذوق بسرعة لدى الرضع حيث يرفضون تغيير نوع الحليب ويحبون الأشياء الحلوة ويكرهون الأشياء ذات المذاق المر والحامض ويميزون بسرعة بين الحلو ، والحار والمالح .


-  الحاسة الجلدية :

تكون الحاسة الجلدية ضعيفة في البداية وتتطور منذ الأسبوع الثالث حيث يبدأ الوليد في الاستجابة للضغط واللمس والتمييز بين درجات الحرارة الباردة والساخنة ، و في كل  الأحوال ومع تطور السلوك الحركي تصبح الإحساسات الجلدية ذات معنى عن طريق التجريب وتتسع المجالات الإدراكية للبيئة المحيطة ، فلمس الأشياء الساخنة مثلًا يؤلمه ويعلمه الابتعاد عنها والسقوط يعلمه الحذر ويستخدم الرضيع حواسه لاكتشاف أعضاء جسمه ليدرك أنها خاصة به ، فعندما يقضم أصبعه يكتشف أنه جزء منه .


ز . النمو العقلي :

يتم الإدراك والتعلم عن طريق الحواس و لا يمكن الوصول إلى معرفة مستوى ذكاء الرضيع وتعلمه إلا عن طريق اللغة أو الملاحظة لسلوكه الحركي ، وحيث أن الحصيلة اللغوية للرضيع بسيطة قي كلمة أو اثنتين مع نهاية العام الأول وما يقارب ) 213 ( مفردة لغويــة مـع نهايـــة العـام الثاني ، فقد طور علماء النفس ومنهم ) بياجيه ( ما يسمى بمقياس الذكاء

الحسي الحركي ، ويتمثل ذلك في الكشف الطبي على سلامة حواس الوليد الجديد ، فإذا كانت سليمة وطبيعية فنقول بــأن ذكــاءه عــادي طبيعـــي و إذا تتبع ببصره ضوءاً متحركاً خلال الشهر الرابع وميز الوجوه المألوفة خلال الشهر السادس وميّــَز الغـرباء ونفـر منهـم ، فنقـول بأن ذكاءه طبيعي ، وإذا

الصفحة83  

اسـتجاب لصورته في المرآة خلال الشهر التاسع من عمره وأمسك بالأشياء في يده واستطاع الوقوف والمشي مع نهاية العام الاول ، فنقول بأن ذكاءه

طبيعي ، و اذا أشار إلى جزئين من أعضاء جسمه على الأقل ونفذَ أوامر مألوفة وبسيطة مع نهاية العامين من عمره ، فنقول يأن ذكاءه طبيعي ، و عند تحقيق الطفل لذلك المستوى من النمو الحس الحركي ، فنقول بأن نموه العقلي سليم وطبيعي ، أما بعد العامين من العمر فنستخدم الاختبارات الحركية واللغوية لقياس مستوى الذكاء والنمو العقلي والمعرفي للأطفال .


ح . النمو اللغوي

يصدر أصواتاً تلقائية عند الولادة ، وما نسميه بصرخة الميلاد لا تعدو عن كونها شهقة تلقائية ناتجة عن اصطدام الهواء بالقصية الهوائية والرئتين لأول مرة ، و ليست تشاؤماً من الدنيا كما فكر بعض علماء النفس القدامى ن يتحول الطفل تدريجياً إلى المناغات والصراخ تعبيراً عن الخبرات السارة والمؤلمة ن ومع نهاية العاــم الأول يستطيــع الطفل نطق كلمــة أو اثنتين من كلمات الحروف الشفهية مثل [ بابا ] و [ ماما ] ، و مع نهاية العام الثاني يكتسب الطفل ما يقارب من [ 213 ] مفردة لغوياً تتمحور غالبيتها على

مكونات البيئة المحيطة وحاجات الطفل الخاصة ، ويرتبط النمو اللغوي بسلامة جهاز الكلام ومستوى الذكاء وسلامة الجهاز العصبي للطفل ، وكذلك على تدريبه والحديث له وعدم تركه لوحده لفترات طويلة ، و الأطفال الذين لهم أخوة أقدر على تنمية حصيلة لغوية أكبر من أولئك الذين لا يعيشون مع أطفال آخرين .


ط . النمو الانفعالي :

لا يعرف الوليد في البداية شيئاً فلا يحب ولايكره و لا ينفر و لا يميل و لا يخاف ولايغضب،غـير أنه سرعان ما تتطور انفعالاتـه من خلال راحته

الجسمية وإشباع حاجاته البيولوجية ، ويرى علماء النفس أن التهيج العام الذي ينتاب الوليد الجديد عند شعوره بالجوع أو الألم أو البلل أو اختلال

الصفحة84  

درجة حرارة الجسم ما هو إلا حصيلة مختلطة من الانفعالات المختلفة التي سرعان ما تتبلور عن طريق التعلم والخبرة إلى انفعالات وعواطف متمايزة مثل الحب والغضب والنفور ، ويبدأ الطفل عند الولادة بالتهيج  العام ثم انشراح وانقباض مع الشهر الثاني وغضب وخوف وتقزز مع الشهر السادس وعطف وبهجة مع نهاية العام الأول من العمر وانجذاب إلى الأطفال والكبار والمألوفين مع منتصف العام الثاني وفرح أو غضب أو خوف واضح مع نهاية السنة الثانية من العمر .


ي . الرضاعة :

تشير الدراسات الطبية والنفسية كافة إلى أن الرضاعة الطبيعية من صدر الأم تقلل بدرجة ملحوظة ) دالة إحصائياً ( من إصابة الأطفال بأمراض سوء التغذية والإسهال والرشح والسعال مقارنة بأطفال الرضاعة الاصطناعية من الزجاجة أو الكوب الخاص ، وذلك منذ الولادة وحتى الشهر السادس من العمر . هذا عندما يكون حليب الرضاعة الصناعية خاص  بالأطفال  ويكون  توقيت  الرضاعة  منظماً والأدوات  وزجاجة الرضاعة معقمة ونظيفة والماء صالح للشرب ومعقم . أمَّا إذا غابت هذه المواصفات عن الرضاعة الاصطناعية فستكون حتماً خطراً على الرضيع ، كما هو الحال في كثير من بلدان العالم الثالث حيث ترتفع نسبة وفيات الأطفال .

يحتوي حليـب الأم على المقومات والعناصـر الغذائية والتحصينات الطبيعية الوراثية ضد الأمراض ما لايحتويه الحليب الصناعي ومن الضروري إرضاع الوليد من صدر أمه قبل إعطـائه أي حليب أو سوائل أخرى ، والحليـب الكثيف الضارب إلى الاصفرار غير ضار للرضيع ويعتبر حقنة تطعيم تحصنه ضد كثير من الأمراض ، وإرضاع الوليد مباشرة بعد الولادة يساعد الأم على إضرار الحليب ، و يجب عدم فصل الوليد عن أمه بعد الولادة بل يجب أن يبقى إلى جانبها في غرفة واحده طوال الوقت ، و لا يعني بكاء الأطفال دائماً بأنهم في حاجة إلى رضاعة ،

الصفحة85  

فبكاء بعد الولادة ناتج عن اختلاف البيئة الطبيعية عن البيئة الرحمية من حيث الهدوء والسكينة وإشباع كل حاجات الجنين تلقائياً . أما خلال الأسابيع والأشهر اللاحقة فبكاء الطفل يُعتبر في كثير من الأحيان عن الحاجة إلى الاحتضان والمناغاة والاطمئنان النفسي بين ذراعي الأم وفي حضنها . تعتقد كثير من الأمهات بأنه إضافة إلى متاعب الحمل والولادة ستزيد الرضاعة الطبيعية من إنهاك الأم وإضعاف صحتها ، و على العكس من ذلك تماماً فإن الرضاعة الطبيعية تساعد الأم على تقلص الرحم ورجوعه إلى حجمه الطبيعي قبل الحمل كما تؤدي بالأم إلى زيادة شهيتها إلى الأكل مع التخلص من الشحوم والسوائل التي تراكمت في جسمها أثناء الحمل . تمنع الرضاعة الطبيعية المنظمة ليلًا ونهاراً من معاودة العادة الشهرية للمرضع مما يعنى  عدم قدرتها على الحمل  من جيد أثناء الرضاعة بنسبة

) (%78 بل ويساعد التخلص من الحليب من الثدي في عدم إصابته بأمراض الثدي الخطيرة . الرضاعة الطبيعية تساعد المرضع على الارتياح النفسي لنمو رضيعها فلا قلق من إصابته نتيجة لتـلوث الحليب الصناعي إضافـة إلى توفير الجهدالتي تبذله الأم في تحضير وجبة الرضاعــة وخاصة أثنـاء الليل . تمنــع الرضاعــة الطبيعيــة تشقــق الحلمــات وتقرحها وتضفي بهجة فطرية على الأم وتسعد الزوج وتستدرُ عطف ومساعـدة أفراد الأسرة. عند إرضاع الطفل يجب أن يكون جسمه كله نحو أمه مع إعطاء

الرضيع وقته للرضاعة ليكون مسترخياً وسعيداً مطمئناً ويكون اهتمام الأم موجه إلى الرضيع والحديث إليه بأصوات إيقاعية وحركة هادئة . لا يجب إرضاع الطفل والأم نائمة أثناء الليل ، خاصة الأسابيع والأشهر الأولى تفادياً لاختناقه . عندما يكون ضرورياً إرضاع الطفل صناعياً فيجب الحذر التام من تلوث أدوات وأواني الرضاعة ويجب أن ترضع الأم طفلها بنفسها وتضعه في حضنها وكأنها ترضعه من ثديها ولا تتركه لوحده أثناء الرضاعة ولا توكل المهمة إلى إخوته أو أي شخص آخر . فرضاعة الأم طبيعية أو صناعية تعطي الرضيع إتابة فطرية وسعادة نفسية .

الصفحة86  

ثالثا : مرحلة الطفولة المبكرة  

أ – الخصائص العامة لمرحلة الطفولة المبكرة :

يسود الاتفاق بين من كتبوا في هذه المرحلة على أنها تبدأ مع بداية العام الثالث من عمر الطفل وحتى نهاية العام الخامس منه ، وتسمى كذلك بمرحلة رياض الأطفال أو مرحلة ما قبل المدرسة وتتميز هذه المرحلة بخصائص وعلامات منها :

.1 سيادة السلبية والمقاومة على سلوك الطفل و عدم الاهتمام بأوامرالكبار. .2 العصيان والرفض والانفجارات الغضبية .

.0 الحركة والنشاط واللعب بكل ما يقع بيده ، و شدة الميل إلى الفكاك والتركيب .

.0 الثرثرة وكثرة السؤال وشدة النزعة إلى الاستطلاع .

.1 نمو سريع في اكتساب اللغة والمهارات الحركية ونمو سريع في جميعجوانب الشخصية .

.1 يصل الطفل في هذه المرحلة إلى الاتزان الفسيولوجي وضبط عملية الإخراج .

.7 بداية التنميط الجنسي حيث يميل الأولاد إلى تقليد ما يعمله الرجال وتميل البنات إلى تقليد ما يعملنه النساء .

.8 بنهاية هذه المرحلة واكتساب بعض المفاهيم المجردة وفهمها يبدأ ظهور ما يسمى بالضمير أو وسائل الضبط الذاتي بخصوص الممنوع والمرغوب وتتضح كذلك الفروق في الشخصية بين الأطفال .

.7  يستطيع الطفل مع نهاية هذه المرحلة أن يفرق بين الصواب والخطأ وبين الخير والشر وخاصة في المواقف المباشرة والمتقاربة زمنياً.

الصفحة87  

ب – خصائص النمو الجسمي :

.1 تستمر الأسنان اللبنية في الظهور و مع نهاية المرحلة يكتمل نمو الأسنان اللبنية المؤقتة وبدخول العام السادس يبدأ الطفل في تغيير الأسنان اللبنية بالدائمة .

.2 تزداد سرعة نمو الأطراف وتقل سرعة نمو الجدع والأجزاء المركزية من الجسم .

.0 يزداد الطول من حوالي تسعين سنتمتراً في العام الثالث إلى حوالي مائة وعشرين سنتمتراً مع نهاية المرحلة .

.0 يزداد الوزن بمعدل حوالي كيلو جرام واحد في السنة رغم أن التغير في الوزن والحجم يكون أقل من المرحلة السابقة .

.1 يزداد نمو العظام ويتحول كثير من الغضاريف إلى عظام صلبة وتزداد العظام حجماً وعدداً.

.1  تنمو العضلات الكبيرة بينما تنمو العضلات الصغيرة بسرعة أكل حتى أن الطفل يكون قادراً على الحركات التي تتطلب عضلات كبيرة أكثر من تحكمه في السلوك الحركي الدقيق كضبط القدمين مثلًا أو الإمساك بالأشياء عن طريق الأصابع .

ج – خصائص النمو الفسيولوجي :

.1 ينمو الجهاز العصبي خلال المرحلة إلى ما يقارب %73من وزنه النهائي .

.2 يصبح التنفس أكثر عمقاً وبطئاً ويقل عدد نبضات القلب ويرتفع ضغط الدم عن المرحلة السابقة .

.0 يسيطر الطفل في هذه المرحلة على ضبط عملية الإخراج والتبول اللاإردادي .

.0 تقل ساعات النوم ويتراوح معدلها خلال هذه المرحلة بين (12-11) ساعة يومياً .

.1 تستطيع جميع الغدد أداء وظائفها ما عدا الغدد التناسلية التي لم يتم نضجها بعد .

الصفحة88  

د . خصائص النمو الحركي والحسي :

أشرنا سابقاً إلى أن النشاط الحركي يميز هذه المرحلة فطفل هذه المرحلة لا يستقر إلا إذا نام مرهقاً من التعب ومن أهم خصائص سلوكه الحركي ما يلي :

.1 يكون السلوك الحركي شديداً وسريعاً ومتنوعاً .

.2 مع بداية المرحلة يكون السلوك الحركي للطفل غير متناسق وغير دقيقوغير مترابط وذلك بسبب عدم نضج العضلات الدقيقة ونقص التآزر الحسي الحركي .

.0 مع تقدم المرحلة يتعلم الطفل الجري والقفز والتسلق ويتطور سلوك يديه مع التدريب ويصبح قادراً على الرمي وبناء المدرجات واستخدام الأموات والإمساك بمقود الدراجة .

.0 أغلب ألعاب الطفل فردية وعند الكتابة والرسم يجد الطفل صعوبة في بداية المرحلة في الإمساك والتعامل مع الأقلام والألوان ولكن مع نهايتها ومن خلال التدريب يسيطر الطفل على جميع المهارات الدقيقة واستخدام الأصابع بنجاح .

-1 عن طريق التدريب يمكن للطفل السيطرة على استخدام الملعقة والأكل بها خاصة خلال السنوات الأخيرة من المرحلة .

-1 خلال العام الرابع يستطيع الطفل القفز أثناء الجري وخلال الخامسة يمكنه ربط حذائه وخلال السادسة يستطيع تقليد رسم معين بنجاح .

-7 في بداية المرحلة لا يميز الطفل بين الاتجاهات كاليمين واليسار ومع تقدم المرحلة يستطيع الطفل إدراك البعد المكاني للأشياء ويعرف الأعلى والأسفل واليمين والشمال .

-8 خلال العام الثالث من العمر يستطيع الطفل أن يقارن بين الأحجام , كبير وصغير ، ولكنه غير قادر على إدراك المسافات بدقة وأما الأوزان فلا يستطيع التفريق بينها بدقة إلا مع نهاية المرحلة .

الصفحة89  

7 يستطيع الطفل التمييز بين القليل والكثير عند بداية المرحلة ولذلك يختار دائماً الكبير والكثير .

-13 مع نهاية المرحلة يدرك الطفل التسلسل الزمني للماضي والحاضر والمستقبل ويدرك الأمس واليوم والغد ، و في كل الأحوال يكون الطفل أنانياً متمركزاً حول ذاته في كل ما يدركه .

-11 حواس التذوق والشم والسمع والبصر تكون متكاملة في تأدية وظائفها وتعتمد على التعلم لتمييز التأثيرات البيئية .

هـ - خصائص النمو العقلي :

من مميزات هذه المرحلة كثرة السؤال ، فالطفل أصبح قادراً على التنقل مع الكبار والاختلاط مع الأخرين وهو يسمع ويرى ويريد أن يعرف كل شيء يدور من حوله ، فهو يسأل أسئلة يمكن الإجابة عليها وأخرى يصعب إجابتها ويصعب عليه فهمها ، فهو مثلًا يسأل عن مكان وجود الله ؟ ومن أين يأتي الأطفال ؟ وأين يذهب الموتى ؟ ومن هو النبي ؟ ومتى سيعود جده الذي سمع بأنه مات ... الخ وفي كل الأحوال يجب إجابة الطفل على قدر تفكيره وعدم إعطائه إجابات كاذبة ، ومن خصائص النمو العقلي للطفل في هذه المرحلة ما يلي :

.1 الاستطلاع والاستكشاف كتحطيم الألعاب أو جهاز المذياع ليعرف ما بداخله والتجسس من أثقب الأبواب ليعرف ماذا من بالداخل والخروج إلى الشارع أو الغابة ليعرف ماذا يدور هناك ومحاولة التعرف على كل ما هو غريب أو مقفل .

.2 تكوين المفاهيم مثل مفهوم الزمن الذي يتكون من الأيام والشهور والسنوات .. مفهوم المكان ممثل في المواقع والبلدان والقرى والمسافات والمفاهيم العامة الأخرى الذي تساعده اللغة والذكاء مع نهاية المرحلة على استيعابها كأنواع الملابس والمأكولات والحيوانات والأشجار والأطفال والكبار.. الخ .

الصفحة90  

0  يزداد مستوى الذكاء حيث يدرك الطفل مع نهاية المرحلة الأفكار المجردة فهو يعرف مثلًا أن الطيور تشمل أنواع كثيرة تتميز بميزات مشابهة في الشكل والحجم ، الأمر الذي يعني إدراك علامات التشابه والتمايز بين الأشياء ن إضافة إلى إدراكه لبعض المفاهيم مثل الخير والشر التي تتمثل في الأعمال الخيرية والأعمال الشريرة .

.0 تزداد قدرة الطفل على الفهم وذلك عن طريق اللغة والتعلم والاحتكاك بالآخرين فهو يفهم أن لعبته تتركب من أجزاء و أن أسرته تتكون من أفراد و أن جسمه يتكونمن أعضاء ويفهم مدلول القصة المجردة ويحكي حكاية قصيرة ويقول فكاهة بسيطة ويحفظ أرقاماً وكلمات وحكايات .

.0 تزداد قدرته على تركيز الانتباه مع أواخر المرحلة ومع بدايتها قد يبدأ قصة ولا يكملها وقد يسألك سؤالًا و لا ينتظر الإجابة إلا أنه مع الخامسة والسادسة من العمر يستطيع أن يركز انتباهه إلى ما يمكنه من التفاعل مع الآخرين بتعاون وايجابية .

.1 خيال الطفل في هذه المرحلة خصب وغير واقعي في كثير من الأحيان كاللعب الإيهامي وأحلام اليقظة ، فالطفل يقلد سلوك الكبار عن طريق اللعب الخيالي حيث يرى الدمية وكأنها حقيقة ، فيلاطفها أو يثور عليها ولعب الأوراق المالية يعاملها وكأنها نقود حقيقية.

.1 يكون التفكير متمركزاً حول الذات ويكون خيالياً بعيداً عن الواقع إلا أنه مع دخول المدرسة يميل إلى الحياة الواقعية أكثر فأكثر .

.7 تعتبر اللغة مفتاح النمو العقلي والمعرفي وخلال هذه المرحلة تزداد حصيلة الطفل من المفردات اللغوية ويستطيع فهم الآخرين ويستطيع نقل أفكاره وطلباته ، كما يتحسن نطقه للكلمات ونتيجة لنمو جهاز الكلام لديه تختفي صعوبة نطق بعض الحروف كحرف )س( أو )ر( وتختفي اللجلجة ) تكرار حرف الجيم ( واللألأة ن ويستطيع بناء الجمل ويميز الماضي من الحاضر والمستقبل أثناء الحديث ولو لم يستطيع بعد فهم المعنى المجرد للأزمنة .

الصفحة91  

8 تزداد قدرة الطفل على التذكر القريب كتذكر الأجزاء المفقودة من اللعبة وعندما يراك يتذكر ما يريده منك .


و – خصائص النمو الانفعالي :

يعرف الفيتوري وآخرون 1021)م ( الانفعال بأنه حالة وجدانية تتسم بالاستثارة و المفاجأة والاضطراب ، فهو تغير مفاجئ يؤثر في الكائن الحي ويصاحبه سلوك وآثار خارجية .(1)

هذه الآثار والتغيرات السلوكية التي تصاحب الافعال تكون داخلية وخارجية ، مثال ذلك دقات القلب وسرعة التنفس وتصبب العرق والارتعاش وتلعثم اللسان واحمرار الوجه أو اصفراره واضطرابات فسيولوجيا الجسم كل ذلك أعراض لانفعالات مختلفة كالغضب والخوف ، ومن خصائص النمو الانفعالي خلال مرحلة الطفولة المبكرة الآتي :

.1 عند توتر الطفل انفعالياً تستبدل الاستجابات الجسمية التي كان يستخدمها خلال مرحلة الرضاعة باستجابات لفظية ويتم ذلك تدريجياً مع تقدم السنوات فطفل السنة الثالثة الذي ينتشل اللعبة من أخيه ويضربه قد ينتشلها منه في الخامسة أيضاً ولكن قد يكتفي بتوبيخه .

.2 تتضح خلال هذه المرحلة وتتمايز الانفعالات حيث يمكن تمييز الطفل الخائف من الغاضب .

.0 تتصف الانفعالات كافة في هذه المرحلة بالشدة والعنف والتطرف ، الكراهية أو الحب أو الميل ألى شخص أو شيء معين والفرح والبكاء والنفور ، خلال انفعالات وعواطف معتادة وشديدة وعنيفة لدى طفل هذه المرحلة .

.0  تتصف انفعالات الطفل خلال هذه المرحلة بالتقلب والتغير السريعين فهو ينتقل من ضحك إلى بكاء ومن كراهية إلى حب ومن غيرة إلى نفور .

الهوامش:

(1) الفيتوري مصطفى احمد والغزالي ، حماد فلاح ، علم النفس للصف الثاني ثانوي [ أدبي ] وما في مستواه وزارة التربية والتعليم ، طرابلس (1426) ميلادية .

الصفحة92  

1 يتمركز السلوك الانفعالي في هذه المرحلة حول الطفل نفسه أو حول ذاته وممتلكاته فكل ما يثير انفعالاته يخصه شخصياً ن مثل قضاء حاجاته الجسمية أو ألعابه أو ما يقوم به من أعمال ما يرتكبه من أخطاء أو ما يهدد وجوده النفسي ، والطفل في هذه المرحلة يخاف ويغضب ويخجل ويشعر بالذنب ويغير من غيره ويحب ويكره وكلها انفعالات تتعلق به وبما يقوم به من أنشطة سلوكية .

.1 تتطور مخاوف الأطفال في هذه المرحلة لتشبه مخاوف الكبار ، الخوف من الظلام والأصوات العالية يتحول إلى خوف من العقاب والحرمان ويقلد الطفل أبويه و أخوته في انفعالاتهم فإذا بكوا يبكى معهم وإذا ضحكوا يضحك معهم .

.7 مع نهاية المرحلة يميل الطفل إلى نوع من الثبات الانفعالي حيث تصبح الاستجابات أكثر تكافؤاً مع مثيراتها ويعني ذلك بأنه لا يغضب لأتفه الأسباب وإنما إذا غضب فسيكون غضبه نتيجة لمثيرات أو أسباب مثيرة حقاً للغضب . كفقدان شيء ثنين أو استفزاز حاد من قبل الآخرين .

الصفحة93  

رابعاً : مرحلة الطفولة الوسطى


أ – الخصائص العامة :

تسمى هذه المرحلة بمرحلة الطفولة الهادئة وذلك لانخفاض معدل سرعة النمو الجسمي مقارنة بالمراحل السابقة والمراهقة وتبدأ مع العام السابع من العمر حتى نهاية العام الثاني عشر منه وتسمى كذلك بمرحلة الطفولة المتأخرة وعادة ما يطلق أسم الطفولة الوسطى على الاعوام من 7)إلى 7 ( والطفولة المتأخرة من 13) إلى (12 وفي هذا الكتاب يقصد بالطفولة الوسطــى المرحلة العمرية ما بين 7) ، 7 ( من العمر ، إلا أن بعض نواحي النمو تسرع وتتقدم نتيجة لدخول المدرسة الابتدائية واتساع آفاق البيئة الاجتماعية وقضاء ساعات طويلة بعيداً عن البيت مما يعودا الطفل على الاستقلال نسبياً والاعتماد على نفسه في قضاء كثير من حاجاته الشخصية ، فمهارات القراءة والكتابة والحساب وزيادة المفردات اللغوية وتعلم اللغة  الرسمية بدلًا من الهجات المحلية والتدريب على بعض المهارات الرياضية ومعرفة قوانينها و ضبط الوقت واحترامه وأهميته ... كلها جوانب نمو عقلية ومعرفية واجتماعية تساعد المدرسة على اكتسابها وسرعة تنميتها ، كما تتميز هذه المرحلة ببعض الخصائص التي لا تحدث في المراحل الأخرى منها :

.1 بداية استبدال الأسنان اللبنية بالأسنان الدائمة .

.2 الخروج الفعلي إلى المجتمع وتكوين صداقات جديدة من زملاء المدرسة .0 الاستقلال عن المنزل لفترات طويلة من الوقت .

.0  تتضح الفروق الفردية خلال هذه المرحلة ويكتسب الطفل اتجاهات نحو الذات .

.1 تصل حاسة اللمس خلال هذه المرحلة إلى مستوى يساوي ضعف الحساسية اللمسية عند الراشدين مما يدل على تميز دقة هذه الحاسة في هذه السن .

الصفحة94  

1 الميل إلى نفس الجنس أثناء اللعب والصداقات .

.7 بداية تكوين الضمير أو الأنا الأعلى وسرعة نمو الذات . .8 الهدوء والاستقرار الانفعالي مقارنة بالمراحل السابقة .

ب – خصائص النمو الجسمي :

.1 تهدأ سرعة النمو الجسمى مقارنة بالمراحل السابقة .

.2 تتغير الملامح العامة للجسم وأطرافه و تتعدل تقاسيم الوجه لتصبح أكثر تناسقاً أي إذا رأيت صورتك وأنت رضيع فسوف لن تستطيع التعرف عليها الآن أما صورك بعد الست سنوات فيمكنك التعرف عليها الآن ، لأن الزيادة تكون متناسقة ومتناسبة بين جميع أطراف الجسم وتقاسيم الوجه .

.0 يصل حجم الرأس في هذه المرحلة إلى ما يقارب حجمه عند الرشد . .0 يزداد طول الأطراف في هذه المرحلة بما يساوي ضعف زيادة طول الجسم ويرجع ذلك إلى اختلاف سرعة النمو بين المراحل المختلفة حيث تتناقص سرعة ما أسرع في المراحل السابقة .

.1 تستبدل الأسنان اللبنية بالأسنان الدائمة .

.1 يزداد الطول بنسبة %1 تقريباً في السنة بينما يزداد الوزن بما نسبته

%13تقريباً في السنة .

.7  عادة ما يكون الأولاد أطول قليلًا من البنات من نفس العمر والوزنمتساو تقريباً .

.8 تزداد قدرة الطفل على السيطرة على العضلات الدقيقة مثل استخدام الأصابع في الكتابة والإمساك بالقلم أو إمساك الملعقة ويرجع ذلك إلى نمو العضلات الدقيقة بعد أن أخذت العظلات الكبيرة دورها في النمو خلال المراحل السابقة .

.8 عظام الطفل لازالت لينة وعليه كثيرا ما تظهر حالات الكسور بين أطفال هذه المرحلة نتيجة لكثرة الحركة ومزاولة الرياضة و التسلق والجري

الصفحة95  

7 طول البصر أو قصره أو عيوبه تظهر الآن ويمكن علاجها باستخدا النظارات أو العلاج الطبي لأن قدرة الطفل العقلية واللغوية تمكن الطبيب من التشخيص واكتشاف عيوب البصر .

.13نمو القلب في المرحلة بطيء مقارنة بنمو الجسم وعليه يجب عدم إرهاق الطفل أو تكليفه بأعمال ترهقه لأن قدرته على التحكم ضعيفة .

ج – خصائص النمو الفسيولوجي :

.1 ينخفض معدل نبض القلب ويزداد ضغط الدم أي يميل إلى الاعتدال مع زيادة عمر الطفل الزمني .

.2 تؤدي زيادة طول وسمك الألياف العصبية إلى حاجة الطفل إلى غذاء متوازن كمّاً وكيفاً .

.0 يقل عدد ساعات النوم مقارنة بالمراحل السابقة وتحتفي غفوات نوم النهار .

.0 منذ بداية المرحلة تتم السيطرة الكاملة على أجهزة الإخراج والتبول اللاإرادي لدى المتخلفين في ضبط هذه العملية وإذا حدث تبول لا إرادي فهو راجع إما إلى حالات نفسية غير طبيعية أو لمرض معين ويجب استشارة الطبيب بالخصوص .

د. خصائص النمو الحركي :

.1 نتيجة لنمو العضلات الصغيرة يتم الانسجام الحركي ، ويكون الطفل قادراً على العمل اليدوي الدقيق كالحل والتركيب .

.2 يتمكن الطفل من صقل مهاراته اليدوية والجسمية والحركية والسيطرة على القفز والتسلق والجري والتوازن في ركوب الدراجة ولعب الكرة بدلا من التخبط في مثل هذه الألعاب خلال المرحلة السابقة

.0 يتم التآزر بين اليدين والعينين مما يؤدي إلى اخفاء الحركات الزائدة أثناء النشاط.

الصفحة96  

0 تزداد سرعة ودقة الحركات مما يؤدي إلى الإشباع الانفعالي للطفل ويمكنه من استخدام الأدوات والآلات البسيطة آمنة الاستخدام .

.1 في المدرسة يستطيع الطفل أن يمارس الألعاب الرياضية المقننة ويستخدم الأدوات والأجهزة المدرسية ويفضل الكتابة بخط كبير في بداية المرحلة ويستخدم الصلصال ويصمم الأشكال الورقية .

.1 لازال الطفل في هذه المرحلة ميالًا إلى كثرة الحركة مما يؤديا إلى قلقة من طول حصة الدرس ، مما  يعزز آراء التربويين في التأكيد على إتاحة الفرصة للطفل في الحركة والتنقل أثناء الحصة ، وتصميم المناهج الدراسية بما يلائم ذلك ، ونتيجة للارتباط بين نمو الحواس والحركة فيعتمد السلوك الحركي على سلامة الحواس وأدائها ، حيث يؤدي القصور الحسي في البصر أو السمع مثلًا إلى التخبط وعدم ضبط السلوك الحركي .

هـ- خصائص النمو الحسي :

.1 يتضح النمو الوظيفي للحواس ويكون الإدراك الحسي وخاصة اللمسوالبصر ملحوظاً في عملية القراءة والكتابة والتمييز بين الأشياء .

.2 تزداد قدرة الطفل على إدراك الزمن حيث يدرك فصول السنة وفيالعام الثامن  يمكنه إدراك شهور السنة وكذلك معنى الأيام والأسابيع والساعات والدقائق .

.0 تزداد قدرة الطفل على إدراك مفهوم العدد عن طريق تعلمه العمليات الحسابية مثل الجمع والطرح .

.0 تزداد قدرة الطفل على إدراك الألوان واستخدامها في رسوماته ويفضل بعضها على بعض .

.1 يدرك الطفل الحروف الهجائية ويفرق بين الحاء والجيم مثلًا ويستخدم الحروف في الكتابة .

.1 تزداد القدرة على السمع ولكنه لازال ضعيفاً مقارنة بوظائف الحواس الأخرى.

الصفحة97  

7 يتميز البصر بالطول خلال هذه الفترة لدى غالبية الأطفال ويجب مراعاة ذلك عند تصميم القاعات الدراسية .

.8 حاسة اللمس قوية جداً حيث تكون أقوى من أي مرحلة عمرية أخرى في حياة الإنسان .

.7 حاسة الشم والتمييز بين الروائح تكون قوية بما يساوي قوة تمييز الراشدين .

.13 حواس الطفل في هذه المرحلة تمكنه من القدرة على التمييز فهو قادر على وصف الصور وصفاً تفصيلياً دقيقاً.

.11يميز الطفل الإيقاع الموسيقى الواضح إلا أنه يجد صعوبة في تمييز التقسيم اللحني الدقيق .


و – خصائص النمو العقلي :

.1 تؤدي المدرسة دوراً رئيسياً في النمو العقلي والمعرفي للطفل حيثتزوده بجملة من المعارف والحقائق وتثري حصيلته اللغوية وتوسع حصيلته الثقافية و توسع مداركه للبيئة المحيطة

.2 المهارات الأكاديمية وحل المشكلات التعليمية تشحذ القدرات العملية للطفل وتساعده على تنمية ذكائه وقدراته وشبع ميوله ورغباته مما يسهم في سرعة نموه العقلي .

.0 يزداد تحصيل الطفل المدرسي من خلال تعلم القراءة والكتابة والحساب حيث يميل الطفل إلى الرسم والقراءة والقصص القصيرة وكتابة العبارات على الجدران والأوراق ويستخدم الكتابة في التعبير عن انفعالاته تجاه آخرين .

.0 يتحول التذكر لدى الطفل من التذكر الآلى إلى التذكر المبني على الفهم حيث تزداد قدرة الطفل على الحفظ للقصص والأشعار المفهومة .

.1 تزداد قدرة الطفل على التركيز والانتباه غير ان قدرة الطفل على التركيز تكون ضعيفة اثناء الحديث الشفوي مقارنة بتركيزه على الصور أو الرسوم المتحركة أو المواد المكتوبة .

الصفحة98  

1 يتحول التفكير في مثل هذه المرحلة من التفكير الحسي )المبنى على إدراك الحواس ( إلى التفكير المجرد كالتفكير في معاني الكلمات بدلًا من التفكير فى الجزء المفقود من اللعبة كما يستطيع الطفل تعميم تعلمه على المواقف المشابهة .

.7 يتحـول الخيال من الإيهام إلى الواقعـية فبدلًا من تخيل العصـا حصاناً يتحول اللعب إلى الركوب الحقيقي للحيوانات أو الدرجات أو الالعاب الأخرى . تزداد رغبة الطفل إلى الاستطلاع بغرض اكتشاف المجهول وكلما بقى التشجيع والاستجابة زاد حبه للاكتشاف والاستطلاع والتعلم .

.8 يتميز الطفل بحبه للقصص والحكايات ومشاهدة الإذاعة المرئية وكثيراً ما يستمتع بالحكايات الفاكهية والنكت والطرائف .

.7 تنمو قدرته على تعلم المفاهيم وينتقل من المفاهيم الحسية المادية إلى المجردة المعنوية ومن البسيطة إلى المعقدة ومن المركزة حول الذات إلى المفاهيم الموضوعية العامة .


ز – خصائص النمو الانفعالي :

.1 تميل انفعالات الطفل إلى الثبات والاستقرار مقارنة بالمراحل السابقة إلا أنه لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الانفعالي .

.2 تنضج بعض العواطف والعادات الانفعالية فالطفل في هذه المرحلة يعبر عن الحب نحو والديه و أخوته والأصدقاء ويحاول الحصول عليه وخاصة من الكبار ، ويميل الطفل إلى المرح واللعب والفكاهة البسيطة .

.0 لازال الطفل في هذه المرحلة يعبر عن الغيرة من أخوته وزملائه ويعبر عن غضبه ومضايقته من مصدر الغيرة ولو بأساليب أكثر هدوءاً مستبدلًا أسلوب الاعتداء البدني خلال المراحل السابقة بالعقاب أو الانتقام بأسلوب الوشاية أو الألفاظ

.0 نتيــجة لدخــول المدرسـة والابتــعاد عــن البيـت لأول مــرة قـــد تظــهر علـى الطـفل بعــض علامــات الاضــطراب مثــل مص الإبهــام أو

الصفحة99  

التبول اللاإرادي أو قضم الأظافر ولكن إذا تعامل الآباء مع هذه الظاهرة السلوكية بهدوء فسوف تنسى تلقائيا بعد تعود الطفل على المدرسة والاستقلال النفسي عن التوأمين وقضاء أوقات طويلة بعيداً عنهم .

.1 يقبل الصراع النفسي ومناقض العواطف مما يؤدي إلى تخفيف حدة الانفعالات فبدلًا من الحب والكره فى آن واحد ونتيجة لاتساع البيئة والانشغال بالأنشطة المتنوعة يستطيع طفل هذه المرحلة اشباع حاجاته وتخيف حدة انفعالاته .

.1 إذا رجع الطفل ولم يجد أمه أو أحد أفراد عائلته بالبيت يشعر بالتعاسة والحزن فهو شغوف بلقاء أسرته بعد غياب عنها .

.7 اللعب مع الأب يعطى متعة وبهجة وسروراً لطفل هذه المرحلة ويساعد الطفل على التخلص من احباطاته ومشكلاته وصراعاته .

.8 في بداية هذه المرحلى تكون عقدة التوحد مع نفس الجنس من الوالدين مازالت تثير كثيراً من الغيرة والانفعالات ، حيث تقلد البت امها وتريد ان تستحوذ على انتباه الأب وكذلك الولد الذي يريد أن  يقلد سلوك الأب ليستحوذ على انتباه الأم ، فالولد يحول أعطاء الأوامر لأمه والنوم في فراش أبيه والحديث بطريقة سلطوية .. وكذلك البنت تحاول تلبية طلبات أبيها وتستخدم المطبخ ، ويسمى هذا السلوك بعقدة أوديب (1) .

الهوامش:

(1) رواية اسطورية تحكي قصة ولد قتل أباه وتزوج أمه دون أن يعلم ، الولد فارق أسرته وهو رضيع

وتربى مع قبيلة ثانية وترأسها وحارب قبيلة أبيه وانتصر عليها وقتل رئيسها ) أباه( وسبى زوجته وتزوجها دون أن يعلم أنها أمه .

الصفحة100  



الحاجات النفسية للطفل



يقصد بالحاجة ذلك النقص في متطلبات الحياة المادية والنفسية أي أنه نقص أو افتقار إلى شيء معين إذا توفر ، توفر معه الاشباع ولارتياح والتوافق للكائن الحي . هذا وتتعدد الحاجات وتتنوع فنحن في حاجة إلي ما يكفل بقاؤنا كالغذاء والأمن والتخلص من التوتر والشفاء من الاسقام والأمراض والألم الجسمى ونحن كذلك في حاجة إلى الترفيه وإلى الحب وإلى اللعب وإلى قبول الأخرين ، يعنى ذلك أن الحاجات المادية الجسمية والفسيولوجية التى تحفظ بقاء الكائن الحي من ناحية  والحاجات النفسية التى تجعل حياة الكائن البشري أكثر سعادة وتحفزا وراحة من ناحية أخرى ، وفيما يلي أهم حاجات الطفل النفسية :

.1 الحاجات الجسمية والفسيولوجية مثل الغذاء والهواء والماء ودرجاتالحرارة المناسبة والوقاية من الحوادث والأمراض والتوازن بين النشاط والحركة والراحة بل وكل ما يهدد سلامة وبقاء الطفل .

.2 الحاجات النفسية وهي التي تجعل حياته سعيدة خالية من التوتر والإحباط والفشل والصراع أي تعمل على جعله يعيش حياة حضارية مستقرة وهادئة وهانئة ومما يوفر ذلك حاجة الطفل إلى الأمن والاستقرار البدني والنفسي عن طريق الانتماء والتفاعل مع الأسرة والرفاق والزملاء، حيث يشعر بالأمان من كل العوامل المهددة عن طريق حمايته ورعايته وإشعاره بأنه يعيش في حماية من حوله أي أنهم مصدر حماية وأمن وليسوا مصدر تهديد وخطورة.

الصفحة101  

0 .حاجة الطفل إلى القبول و المحبه ، الطفل يشعر بأنه مستقر ومطمئن إذا شعر بأنه محبوب ومقبول ومرغوب في صحبته ووجوده مع الآخرين سواء في الأسرة أو خارجها وإذا شعر بالرفض أو عدم الارتياح له فإنه يضطرب انفعالياً ويقلق ويشعر بالغربة والنقص .

.0 الطفل في حاجة إلى الرعاية والتوجيه وتعلم معايير السلطة والخطأ وصواب والممنوع والمرغوب فيه من السلوك . الرعاية الو الدية سواء مادية أو نفسية ضرورية لنمو الطفل واستقراره وكذلك رعاية الأخوة والكبار والمدرسين وغيرهم ممن يتم الاحتكاك بهم يعتبر ضروريا لسلامة نمو الطفل . فقدان السند المادي أو النفسي تظهر أثاره واضحة من خلال فقدان أحد الوالدين أو الحرمان  الاقتصادي أثناء الطفولة حيث تشير الدراسات إلى أن أغلب المضطربين نفسياً والمنحرفين يأتون من بيوت فقدوا فيها الرعاية والتوجيه أثناء طفولتهم .


.1 حاجة الطفل إلى الرضى النفس الذاتي وحاجته إلى إرضاء الآخرين ، الطفل الذي ينجح في تعليمه المدرسي ويشعر بصحة بدنه ويعرف مدى حب ورعاية أهله له ويرى ويسمع التشجيع وتقدير والقبول من الرفاق والمربين والكبار يكون سعيدا بنفسه معتزا بها راضيا عنها مما يؤهله للنجاح في حياته وينبئ بنمو شخصية سوية في المستقبل . كذلك الطفل  الذي يتفاعل مع الآخرين بمنطقية وثقة وواقعية يلقى استحسانا وقبولا منهم مما يدل علي أنه قام بواجبه نحوهم وأرضاهم ، الأمر الذي يعود عليه يدل على أنه قام بواجبه نحوهم وأرضاهم ، الأمر الذي يعود عليه بالارتياح وتحقيق الحاجة إلى إرضاء الآخرين .


.1 الطفل في حاجة إلى الاستقلال والتمتــع بقــدر من الحرية في سلوكه بما لا يؤثرعلى اســتقلال وحرية الآخرين ،وبذلك يجب أن نتيــح الفرصة للطفل في اتخاذ قراراته واختياراته مهما كانت بسيطة كاختيار الألعاب

الصفحة102  

أو الأصدقاء أو القيام ببعض الأعمال التي تخصه دون فرض آراء واختيارات الكبار عليه ، يجب على الآباء تشجيع المبادرات الذاتية للطفل فيما يخصه شخصياً وينمي فيه روح المبادءة والمشاركة والتعاون والشعور بالإنجاز والنجاح كشخصية مستقلة ذات كيان خاص .



.7 الطفل في حاجة إلى تعلم أنماط السلوك السليم أي أنه يتقبل القوانين والأعراف والآداب العامة وآراء السلطة الأبوية والتربوية والقانونية بما لا يجعله إمعة ينصاع لكل رأي أو أمر ولكن بما يجعله قادراً على التمييز بين حقوقه وحقوق الآخرين وبما يمكنه من الانخراط في الحياة الاجتماعية وتقبل دوره الاجتماعي .


.8 الطفل في حاجة إلى الشعور بالنجاح مما يحتم على الكبار تشجيعه ووصفه بما يحب من عبارات الإطراء والثناء وتوجيهه إلى الأعمال التي يستطيع النجاح فيها حتى يتذوق نشوة النجاح بنفسه ، وعن طريق التوجيه من الكبار يجب إبعاد الطفل عن الأعمال والمنافسة والمشاريع التي لا تتلاءم مع إمكانياته حتى يتجنب الفشل والإحباط .


.7 الطفل في حاجة إلى تقدير ذاته واحترامها عن طريق الاعتراف من قبل الآخرين بكفاءاته وقدراته واحترام آرائه وأفكاره ، فهو دائماً يسعى إلى تبوء المكانة المرموقة وأخذ الاعتبار بوجوده من خلال إنجازاته وأعماله . النمو السوي للذات يشكل حجر الزاوية للشخصية السوية وإشباع حاجات الطفل النفسية يعزز الذات ويساعد على نمو سليم لها .


.13 الحاجة إلى اللعب واللعب مهنة الطفل إلا أنــه يقتصرعلى الأطفال فقط فالحيوانات تلعب والكبار يلعبون والاختلاف في نوع الألعاب ودرجتها فقط ،للعب دور مهم في بناء الشخصية ونظريات كثيرة تقترح مهام اللعب ، منها

الصفحة103  

التدريب على مهنة المستقبل حيث تتدرب القـطة علــى الصيد والطيور على التقاط ، وحل والتركيب والزراعة والبناء والركوب لدى الأطفال ما هو إلا تدريب على أعمال سيقومون بها مستقبلًا .

هناك أيضاً نظرية التخليص التي تشير إلى الطفل يزاول ألعاباً قام ويقوم بها الإنسان منذ بداية البشرية في شكل أعمال وتطور فهي من الجني و الزراعة والصيد والصناعة .. إلى اختراق الفضاء الخارجي ، وكل ذلك يمثلها الطفل في ألعابه . هناك نظرية تصريف الطاقة أي عن طريق اللعب

يصرف الطفل طاقته وينفس عن مكبوتاته ويشبع رغباته وتطلعاته . وفي كل الأحوال اللعب حاجة مهمة للطفل وهو وسيلة للإشباع والتدريب والتخلص من التوترات وشغل الفراغ .

الصفحة104  

تفاعل الطفل مع الأسرة

أ - معنى التفاعل :

يشير مفهوم التفاعل في علم نفس النمو إلى العلاقة الاجتماعية بين الناس فرادي أو جماعات على أن تكون هذه العلاقة ذات تأثير متبادل بحيث يؤثركل طرف في الآخر(1) . أما الأسرة فهي الجماعة الأولى التي ينشأ ويتربى فيها الطفل وعادة ما تتكون من الأب ولأم والأخوة ، ومن الطبيعي أن تكون علاقة الطفل بأسرته أقوى علاقاته الاجتماعية وخاصة أمه وأباه ثم أخوته ومن يعيشون معه حيث يتفتح الطفل على الدنيا بحواسه وإدراكه فيجدهم من حوله يرعونه ويغمرونه بالحب والعطف ويشبعون حاجاته البيولوجية والنفسية ، ينقسم الآباء إلى قسمين آباء حقيقيون ) بيولوجيون ( وآباء نفسيون ، أي يقومون بتربية الطفل ورعايته وتنشئته بدلا من الأم البيولوجية أو الأب البيولوجي .

وبما أن حياة الطفل منذ بدايتها تشمل جوانب اجتماعية متعددة فسرعان ما يكون علاقات بمن حوله بما يتلاءم وتلك الجوانب فهو يحب من يشبع حاجاته كالغذاء والدفء والأمن ويكره من يقف حائلًا دون إشباع وهو كذلك يغير ويعتدي ويتعاون ويكون أنانياً ويميل إلى هذا وينفر من ذلك ويقدم الولاء أحياناً ويرفض وينقلب أحياناً أخرى ويحب الثواب ويهاب العقاب ز كل هذه أنماط سلوكية يقوم بها الطقل محاولة منه للتوفيق بين متطلباته ودوافعه وحاجاته وبين متطلبات البيئة الاجتماعية المحيطة ، وكل هذه الأنماط السلوكية لها علاقة تفاعلية مؤثرة على جوانب الشخصية الأخرى كالجوانب .

الصفحة105  

العقلية والانفعالية والجسمية ، و بطبيعة الحال كلما كان السلوك الاجتماعي ايجابياً بناءً ومقبولا كلما كان أثره على نواحي الشخصية الأخرى ايجابياً بناءً أيضاً . وحيث أن علاقات الطفل تكون مع والديه أولا ثم أخوته ثم الآخرين وفقا لاتساع دائرته الاجتماعية التي ترتبط بنموه وعمره الزمنى وإمكانياته العقلية والجسمية ، فبداية العلاقات الاجتماعية تكون مع الوالدين .


ب – علاقة الطفل مع والديه :

الارتباط العاطفي الأول في حياة الطفل يكون مع أمه ، فهي أول شخص يوجه له الطفل طاقته الانفعالية وهي كذلك أول شخص يجرب فيه الكراهية والبغض حيث تتنازعه إزاءها دوافع مناقضة ، فهي الحنان وهي العدوان وهي مصدر العطف والحرمان في آن واحد ، فهي التي تعطيه أو تمنعه وهي التي ترضيه أو تعاقبه ، أما الأب فهو محل إعجاب الطفل إلا أنه يحقد عليه ويغير منه لأنه يشاطره حب أمه ويشغل حيزاً من اهتمامها ، الطفل تحت هذه الظروف مضطر إلى التوافق والتكيف رغم هذه المناقضات فيضحي ببعض رغباته ويكبت بعض مشاعره ويؤجل بعض طلباته في سبيل الحصول على عطف وقبول واهتمام والديه . بهــذه الكيفية فأن التفاعل يكسب الطفل مبادئ سلوكية جيدة منها التعامل مع الواقع بدلًا من اعتماد مبدأ اللًذة وتفادي الألم اللذان كانا يشكلان القاعدة العامة السلوكه ، ومع نمو الطفل يصل إلى حل للصراع بينه وبين والديه بكبت مشاعر السلبية واستبدالها  بتمثل القواعد الأخلاقية و التنظيمية التي

تدين بها الأسرة وتوجه سلوكها الاجتماعي. الطفل الذي يلقى العطف من والديه يكون متعاوناً وإيجابياً ،أما إذا كان العطف مفرطـاً والاعتماد عليهما مطلقـاً فسوف لن يسعى إلى تكوين علاقات خارج الاسرة طالما يتمتع بالارتباطات الطفولية الأسرية الحنونة . اما إذا كانت العلاقات بين الطفل وولديه تسودها القسوة و الحرمان و الخوف فسوف لن يكون متعاوناً ولا إيجابياً بل متقوقعاً أنانياً هيوباً في علاقاته مع الآخرين .

الصفحة106  

إذا كانت مواقف الطفل مع والديه متعارضة ومتناقضة كانت علاقاته بالآخرين عدوانيه وعنيفة ومتناقضة كذلك . يشبه التربويون الطفل في تعلمه واكتسابه لعاداته السلوكية وأنماط الشخصية المختلفة بقطعة الفلين التي تتشرب الماء ببط ، وتفقده ببط فهو يكتسب اتجاهاته وقيمه وأفكاره ومعايير حكمه على السلوك من والديه والمحيطين به بطرق مقصودة وغير مقصودة لتصبح جزء من سلوكه وشخصيته ، يتبناها ويدافع عنها ويتخذها أسلوباً لحياته ومعاملاته حتى إذا انتقل إلى المراهقة وبدأ التمحيص فيما تعلمه وتقييم ما اكتسبه من معايير سلوكية وأخلاقية وطرق للتكيف فإما وجد انسجاماً وتوافقاً مع المعاييرالعامة للمجتمع أو وجد تناقضاً معها مما قد يؤدي إلى الصراع والقلق والتخبط وصعوبة التكيف ومما يؤدي بالتالي إلى نمط من الشخصية التي تجد صعوبة في التوافق مع البيئة الاجتماعية أثناء الرشد ألا أنه قد يعيد تقييم مواقفه أثناء المراهقة والرشد ويتخلص بصعوبة من تلك الرواسب غير المرغوب فيها التي اكتسبها أثناء طفولته .أشرنا إلــى التفاعل كعمليـة ثنائية يتأثر فيها كل طرف بالآخر فكيــف يؤثر الطفل على أسرته ؟ يؤثر الطفل فيـمن حوله بطرق شـتى فالمتزوجون الجدد لا يشعرون باكتمال رجولتهم أو أنوثتهم إلا بإثبات  خصوبتهم عن طريق الإنجاب ، والمولود الأول يضفي على والديـه سعادة كبيرة بتحقيــق ذلك الهدف.دوافع الأبوة والأمومة موجودة لدى الإنسان والحيوان والأبوان

يشبعان دوافعهما الأبوية عن طريق تربية الطفل والعطف عليه والعناية به كمخلوق ضعيف في حاجة إلى مساعدتهما ليعيش ويبقى . المولود الجديد يعتبر ركيزة الزواج وأساس بناء الأسرة واستقرارها حيث يولد الثقة فيه و يساعد على استمراره وسعادته ، فلا تنشرح الحياة وتتفتح أبوابها أمام الزوجين إلا بوجود الأطفال الذين يملئون قلوب والديهم بالحب والاطمئنان ، والإخوة يعلمون بعضهم البعض ويشبعون دوافع بعضهم البعض عن طريق اللعب والاحتكاك الاجتماعي وكثيراً ما أشارات الدراسات إلى أن الأطفال

الصفحة107  

الذين عاشوا فى أسر بها عدد من الأطفال  كانوا أكثر تفوقا في حصيلتهم اللغوية ومستواهم الدراسي ، وكثيراً ما يتمتع الاطفال الذين تربوا في أسر بها عدد من الاطفال بعلاقات اجتماعية أكثر واقعية نتيجة لعدم التدليل المفرط لدى الطفل الوحيد من ناحية ونتيجة لتعلم معايير السلوك كالتعاون والتنافس ومعرفة الحقوق والواجبات قبل الخروج إلى الشارع أو المدرسة من ناحية أخرى .


ج – علاقة الطفل بأخوته :

يرتبـط الطــفل بعلاقـة عاطفيــة قويـة مع أخوته مما يساهـــم في تشـكيل حياته الاجتماعية المقبـلة ، الطفل وأخوته يكونـون مجتمعا صغيراً تختـف فيـه نوعيـة العلاقات عن علاقته بوالديه ، الطـفل مـع أخـوته يتنافـس ويغير ويعتــدي عليه ويثأر لنفـسه منهـم ويتعاون معـهم ويعطـف عليهم ، كل هـذه التفاعـلات تكـون أكثر تنبيـها بما سيلاقيــه الطـفل عند خروجه إلى

الشارع أو المدرسـة ، الأمـر الذي يجعله أكثر خبرة وجــرأة وتبادلا للأدوار وتعاونــاً مع رفاقـه من خارج الأسـرة . علاقـة الأخوة تختلف عن علاقات الرفاق من خارجها حيث يسود الولاء للأسرة على المشاعر الفردية ويحافـظ على استمرار العلاقـات الودية والتعاون بين الأخــوة .الأخوة يجدون تنفيساً فـي اللعب مع بعضهم البعض سواء بالتعاون والتضامن ضد بطش الكبار وسيطرتهم أو بالتفاعل نداً لند و بالتنفيس عن المكبوتات وممارسة السيطرة خاصة من كبارهم على صغارهم ، وفي كل الاحوال مع وجود الآباء تكون الأسرة أكثر تماسكاً وتضامنا

وتعاوناً وتكون الممارسات فيها أكثر عدالة وموضوعية ، و جود الأخوة يساعد الطفل على التحرر من التبعية والاعتماد على والديه ويساعده على الاستقلال المبكر في كثير من جوانب سلوكه ويساعده على دخول المجتمع وهو أكثر ثقة بنفسه وأكثر اعتمادا عليها .

الصفحة108  

إذا كانت معاملة الوالدين متحيزة وغير عادلة فستكون المنافسة شديدة والغيرة حادة بين الأخوة مما يؤثر على نمو الشخصية المستقبلية فإذا أحب أحداً يظل دائماً قلقاً خائفاً من فقدانه وساورته الشكوك في كل ما يتعلق بذلك المحبوب ويكون أكثر تردداً في بناء أي نوع من العلاقة مع الآخرين .المبالغة والتطرف في معاملة الطفل سواء من قبل والديه أو أخوته وسواء بالتدليل والحماية أو بالقسوة والإهمال والحرمان لها آثار سلبية على نمو شخصيته المستقبلية فإما أن يكون مغروراً عنيداً متسلطاً وإما أن يكون سلبيا متراجعا فاقداً للثقة بنفسه شاعرا بالنقص وعدم المقدرة ، أما الاهتمام المتزن بالطفل دون مغالاة في الحب والحماية ودون إهمال وحرمان وقسوة فهو زاد الطفل إلى دخول مرحلة من  الرشد متزنة وواقعية ،  وكما  يرى أصحاب مدرسة التحليل النفسي فإن  الشخصية توضع أساساتها أثناء الطفولة .


د. علاقة الطفل بمن يعيشون معه :

الطفل في بداية حياته تحكم سـلوكه الدوافع والغرائــز البيولوجيـــة الأوليــة ثم ينمــو ويــدرك العالـــم من حوله ويشعر بوجــوده وكينونته ويصـدر أحكاما على من حوله حسب معاملتهــم له حيــث يميل إلى مـن يعطــف عليــه ويلاطــفه وينــفر ممن يعامله بقسوة ، إذاً الكبار في الأسرة يعاملهم معاملة الآباء والصغار معاملة الأخوة ومع زيادة النضج يتحقق من أن الكبار قد يكونوا أجداداً أو أقرباء لأبويه والصغار أيضاً إما أخوة له من الأب أو الأم أو أقرباء له ، وعادة ما يرتبط الطفل بعلاقات جيدة مع أجداده ، وبعلاقات مع الصغار تبعاً لمعاملة الكبار لهم أي معاملة أبيه وأمه لهم فإذا تفتح على معاملة جيدة لهم ارتبط معهم بعلاقات جيدة والعكس صحيح إلا أن الطفل قد يغير عواطفه تجاههم مع زيادة إدراكه ونموه وعادة ما تتحسن العلاقات بين الأخوة من الأب والأم مع المراهقة والنضج .

الصفحة109  

هــ   ترتيب الأطفال في الولادة والطفل الوحيد والطفل الأصغر والبنت الوحيدة مع مجموعة الأولاد والولد الوحيد مع مجموعة الأخوات ، كل يلاقي معاملة خاصة فالطفل الوحيد ملل والكبير يغير ممن يأتي بعده والصغير يلاقي العطف من الجميع والمعاق أو المريض يجد العناية والعطف وكل تلك الأنماط السلوكية تؤثر تأثيراً مباشراً على نمو الشخصية المستقبلية والقاعدة العامة هي لا إفراط ولا تفريط فلا مغالاة ولا تدليل زائد ولا قسوة وإهمال و حرمان .

الصفحة110  



مرحلة المراهقة



أولًا : معنى المراهقة وأهمية دراستها :


إذا كانت الطفولة هي المرحلة التي ترسى فيها دعائم الشخصية فإن المراهقة هي المرحلة التي تتبلور فيها ملامح هذه الشخصية وتأخذ فيها معالمها طابع الثبات النسبي حتى تقدم لنا مع نهايتها مواطناً ناضجاً راشداً يتحمل وزر نفسه ويكون مستعداً لدخول مرحلة الحياة الحقيقية وما تحمله معها من أعباء أسرية واجتماعية . ومن هنا عرفت المراهقة بتعريفات متعددة تحمل المعنى ، إضافة إلى ما يحدث خلال المراهقة من تغييرات جسمية وفسيولوجية وسلوكية . يقول )أحمد زكي صالح ( بأن " المراهقة هي المرحلة التي تبدأ من البلوغ الجنسي وهو القذف عند البنين والطمث عند البنات وتنتهي بمطلع الرشد وهو الاقتراب من الاكتمال في النضج الجسمي والعقلي والانفعالي" . ومن هنا يسهل تحديد بداية مرحلة المراهقة إلا أن نهايتها أمر بالغ الصعوبة بسبب عدم القدرة على تحديد مستويات النضج في مظاهر النمو الأخرى كالنمو العقلي والاجتماعي والانفعالي فهناك من يقول بأن الحياة الحقيقية تبدأ في الأربعينات من العمر والنبي – ❒  – أسندت له مهام التبشير بالرسالة السماوية مع بداية العقد الخامس من عمره .

الصفحة111  

وعرّفت المراهقة أيضاً ، بأنها جسر العبور من الطفولة إلى الرشد ندخلها أطفالًا ونخرج منها راشدين فهي مرحلة التأهب للنضج في جميع نواحي النمو ، فمع نهايتها يصل الفرد إلى أقصى طول له – وخلالها يتقدم المراهق نحو النضج العقلي والانفعالي عن طريق الاستقلال عن الغير ، حتى يصل إلى وعي تام بالمعايير الاجتماعية السائدة في محيطه ويتحمل مسئولية توجيه ذاته واتخاذ قرارات واختيارات تخص حياته الشخصية ويتبنى فلسفة خاصة توجه سلوكه وعلاقاته بكل مقومات البيئة التي يعيش فيها .


ثانيا : الفرق بين المراهقة والبلوغ :

المراهقة تشير إلى فترة زمنية تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالنضج الكامل في جميع مناحي النمو وتستمر طوال العقد الثاني من العمر تقريبا ً، و يختلف

معنى المراهقة باختلاف الثقافات والشعوب فالمراهقة في المجتمعات الصناعية والحضرية تمتد إلى ما وراء العشرينات من العمر لعدم قدرة الفرد على الاستقلال  الاقتصادي أو الزواج المبكر ، وتحمل المسئولية الشخصية . وتختلف كذلك في المجتمعات العربية والإسلامية حيث تعامل الأنثى بخصوصية وحرص فطفلة العاشرة من العمر قد تمنع من الخروج إلى الشارع وحدها ولا يسمح للمراهقة بإنشاء علاقات خارج نطاق الإناث و قد تجبر على ارتداء ملابس معينة بينما لا تعاني نظيرتها في المجتمعات العلمانية مثل هذه القيود وفي ذات الوقت يعامل الولد بمرونة واستقلالية في قضاء أوقات فراغه وصداقاته . إن  المعاملة  الخاصة  التي  تلقاها  البنت  في  المجتمعات  العربيــة والإسلامية قد تبدو في البداية قاسية وغير مقبولـة للمراهـقة ، إلا أنهـا سـرعـان ما تكتشف أن والديهـا أو أوليا أمرهـا كانوا أكثر حرصاً على  سـلامتها من الانحراف والضياع وهم بحكم الثقافة والشريعة أولياؤهم سواء كانت مراهقة أو مطلقة أو عاجزة .

الصفحة112  

بينما تعاني فتاة الغرب الضياع والتشرد وكثيراً ما يؤدي بها الحال إلى الانتحار أو امتهان مهنة رخيصة تستغل من خلالها وكأنها بضاعة رديئة الصنع تستهلك قبل الثلاثينات لتفسح الطريق لغيرها من المنتجات الجديدة .

هذا ويختلف مصطلح البلوغ عن مصطلح المراهقة حيث يشير البلوغ إلى البلوغ الجنسية أو النضج الفسيولوجي الذي يحدث عند البنات عند حوالي الثالثة عشر من العمر بينما يتأخر عند الأولاد إلى حوالي الرابعة عشر من العمر تقريباً علما بأن بعض الحالات تتقدم وأخرى تتأخر عن هذه الأعمار من كلا الجنسين ، ومرجع ذلك ، الفروقات الفردية والجنسية والظروف الذاتية والوراثية والبيئية للأطفال كالغذاء والمناخ والأمراض وطبيعة نمو الطفل . البنات مثلًا تسبق الأولاد إلى البلوغ بسنة أو سنتين والشعوب التي تقطن المناطق الباردة تتأخر بداية المراهقة لأطفالها عن الشعوب التي تقطن المناطق الحارة بسنة أو سنتين وفي المناطق الحارة قد تصل البنت إلى المراهقة أو البلوغ في حوالي العاشرة من العمر أحياناً ، و في كل الأحوال البلوغ الجنسيى حدث يحدد بداية مرحلة المراهقة فقط لتستمر هذه المرحلة إلى العشرينات من العمر .


ثالثا : أهمية دراسة المراهقة :

علماء النفس  والتربية والاجتماع يعتبرون مرحلة المراهقة غاية في الأهمية ويسمونها بالميلاد النفسي للفرد حيث  يتحول بالميلاد الأول  من جنين  إلى طفل ويتحول  من طفل إلى راشد من خلال المراهقة . الميلاد الأول مادياً جسمياً أما الميلاد الثاني فهو نفسي  تتبلور وتتحدد من خلاله معالم شخصية الفرد وتأخذ  شكلها النهائي في جميع الخصائص النفسية والاجتماعية والعقلية .

الصفحة113  

من خلال المراهقة يكتشف الفرد ذاته الحقيقية الواقعية وتتحدد فلسفة حياته المستقبلية ويتحمل مسئولية المواطنة الكاملة ويخرج من المراهقة بفكرة واقعية عن الزواج والحياة الأسرية .

دراسة مرحلة المراهقة تساعد الإباء والمدرسين والمربين ومسئولي مؤسسات الشباب والأطباء وغيرهم ممن يتعاملون مع المراهقين على معرفة خصائص نمو المراهق حتى يتمكنوا من التعامل معه بطرق علمية وكفاية تربوية بما يكفل توجيهه  نفسياً واجتماعياً خاصة وأن شخصية المراهق وسلوكه يتصفان بالرعونة والسيولة الانفعالية والرهافة العاطفية والحساسية الاجتماعية فهو يغضب لأتفه الأسباب ويخجل وينسحب بسهولة وخصوصاً عند بداية  المرحلة التي تتغير خلالـــها معــالم حسمه والتـي كثيراً مـــا تسبب له الإزعــاج والإحراج وخاصة لدى الإناث .


إن دراسة هذه المرحلة مهمة لصالح المراهق وأسرته ومجتمعه لكي تتسنى مساعدته على الانتقال بسلاسة ويسر من عدم التأكد من الذات والقدرات إلى الشعور بالأمن والتسامح الاجتماعي ومن الاعتماد على الكبار إلى الاعتماد على النفس ومن قبول الحقيقة من السلطة  إلى طلب الدليل  لإثبات مصداقيتها  ومن الرعونة إلى الثبات الانفعالي ومن الاهتمام بالمظاهر البراقة إلى الواقعية العقلية ومن عدم الاهتمام بأنماط السلوك العامة إلى فهم تلك الأنماط وتصنيفها في شكل قيم أخلاقية ودينية وقانونية واجتماعية ومن الجهل بالأمور الجنسية والشعور بالذنب حيالها إلى  تربية جنسية مقننة سليمة . إن دراسة مرحلة المراهقة تمكننا من فهم البناء المعقد لشخصية المراهق ومن ثم مساعدته على اجتيازها بسلام

الصفحة114  

رابعا : النمو الفسيولوجي وتأثيراته النفسية على المراهق :

النمو الفسيولوجي هو النمو الداخلي أو نمو أجهزة وأعضاء الجسم الداخلية التى لا يمكن ملاحظتها من قبل الآخرين وكما أشرنا سابقاً إلى أن الوراثة والغدد لهما آثار بالغة على  النمو الجسمي  والفسيولوجي وأشرنا كذلك إلى قوانين النمو التي تؤكد بأن النمو عملية مستمرة متكاملة بعضها كامن وبعضها بطيء وبعضها سريع ، فالغدد التناسلية التى ظلت كامنة وتنمو ببطء شديد طوال فترة الطفولة تأخذ دورها وتنشط مع بداية المراهقة لتضمر غدد أخرى طفولية هي الغدد الثيموسية والصنوبرية وتأخر ضمورها يؤخر ظهور علامات البلوغ واستمرار السمات الطفولية .

ويعتمد ظهور علامات دخول المراهقة والبلوغ على إفرازات الغدد النخامية والكظرية والتناسلية التي تؤدي إلى جملة  من التغيرات الجسمية والفسيولوجية منها ظهور شعر الوجه وخشونة الصوت واتساع الكتفين والقذف لدى الذكور حيث تفرز غدد التناسل وهي الخصيتين الهرمونات الجنسية بإشارة من الغدة النخامية التى تثير المشاعر الجنسية والبروستاتا التي تفرز السائل المنوي .

تؤدي إفرازات هذه الغدد إلى تغييرات جوهرية فى بنية الإناث الجسمية حيث تبـدأ لـديهن العادة الشهرية ) الحيض كل ثمانية وعشرون يوما تقريباً ( ويـزداد حجم الرحم والمهبل وبروز النهدين واتساع الحوض وتزداد الشحوم بالأرداف والفخذين ، الامر الذى يؤهل الأنثى للحمل والـولادة الإرضاع كتخصص إلهـي طبيعي ، وغـدد الأنثى التناسلية هي المبايض ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن أي خلخلة فـــي إفــرازات الغـدد التناسليـة بالزيـادة أو النقصان يـؤدي إلى ظهور علامات ما يسمى بالجنس الثالث علـى الفـــرد أي يصبح المراهـق لا هو بالرجل ولا بالمـرأة وكذلك المــراهــقة وعادة ما يسمى هـذا الوضع بالخنوثة. أي عـدم ظـهور علامات الرجولــة على الذكور وعدم ظهور علامات الأنوثة على الإناث أو ظهور علامات الجنس المخالف على الجنس الآخر

الصفحة115  

واضطرابات إفرازات الغدد تسبب كذلك البكور الجنسيى ) البلوغ المبكر ( وفي كل الأحوال وصل الطب الآن إلى معالجة بعض هذه الانحرافات الفسيولوجية سواء بالعقاقير أو الجراحة وتجدر الإشارة هنا إلى أن علامات الرجولة أو الأنوثة قد تظهر قبل المراهقة لدى بعض الحالات الشاذة . هذا وتسبب التغيرات الفسيولوجية التى تحدث عند بداية المراهقة زيادة فى الطول والوزن بشكل سريع تسمى ) طفرة النمو ( وتسبق البنات البنين في هذه الطفرة الجسمية كما هو الحال بأسبقية البلوغ ، وتشير الدراسات إلى أن البنات يصلن إلى أقصى طول ببلوغ سن السادسة عشرة من العمر ، أما الوزن فهو متغير فقد يزداد وقد يتناقص تبعاً للحالة الصحية للمراهق إلا إنه يتجه نحنو الزيادة لدى الجنسين في الأحوال الصحية العادية .


خامساً : الانعكاسات النفسية للتغير الفسيولوجي :

.1  تعتمد الانعكاسات النفسية لسلوك المراهق على عدد من العوامل  منها ما هو ذاتي وراثي ومنها ما هو بيئي ، فقد تكون انعكاسات أيجابية إذا كانت بنية المراهق صحية وجذابة ومتسقة مع  نفسه  فالأولاد يكونون أكثر سعادة وثقة بالنفس وقبولا للذات  إذا تمتعت شخصياتهم بالرشاقة والوسامة والطول المعقول والذكاء وظهور علامات الرجولة والبلوغ مبكراً نسبياً ،

يظهر ذلك واضحاً من ملاحظة سلوك المراهقين  خلال استعراضهم لقوتهم الجسدية  واستحسان  الجنس  آخر  لهم  والمفاخرة  بانجازاتهم  الرياضية ونجاحهم في علاقاتهم الاجتماعية بمجتمع الكبار ومحاولة إظهار كل  ما يقربهم من صفات الرجولة والرشد . أما إذا تأخرت علامات البلوغ لديهم وتدنت سماتهم الجسمية أو الصحية كنقص الذكاء أو سوء قوام البنية أو إصابتهم ببعض العاهات أو عدم تناسق تقاسيم وجوههم أو أعضائهم أو انعدام جاذبية بشرتهم قسيكون لذلك آثار سلبية على سلوكهم مما يؤثر على تقدمهم الدراسي وعلى شعورهم بالدونية أو القصور وربما التقدير الخاطيء لإمكانيات الذات مما يقود إلى الخجل

الصفحة116  

والتردد والإمعية وعدم القدرة على بناء علاقات اجتماعية بناءة والخوف الشديد من عدم النجاح في بناء علاقات ناجحة مع الجنس الآخر . يقود ذلك ، إن حدث ، إلى تبنىأنماط سلوكية سلبية مقنعة بغطاء نفسي لا شعوري كاستخدام الحيل اللأشعورية لبلوغ درجة من التكيف تضمن سلامة  التفاعل  الاجتماعي  قدرالإمكان  وإذا  فشلت  تلك  الحيل  فيحل الصراعات فقد ينحرف المراهق ويتبع أساليب سلوكية هدامة كالغش والتحايل والنصب  والحقد وكراهية الإطار الاجتماعي بمن  فيه ومحاولة هدمه عن طريق العنف والتخريب والتدمير للمتلكات العامة والقيادة المتهورة للمركبات الآلية وربما اقتناء بعض المسكرات أو المخدرات .

-2 بخصوص البكور  الجنسي  المعتدل لدى الإناث والرشاقة والصحة ووسامة التقاسيم ومستوى الذكاء زاكتمال علامات الأنوثة له نفس الآثار الإيجابية على  سلوك المراهقة كما هو  الحال بالنسبة للمراهقين الذكور وكذلك الآثار  السلبية إذا انعكس الأمر ، إلا إن الإطار الاجتماعي والثقافي يؤدي دوراً مهماً في المحافظة على سلامة  المراهقة ، فالرشيقة الجميلة الجدابة المددللة إذا لم تجد رعاية تربوية كافية فيؤدي بها ذلك إلى تعاسة بنات البلدان الصناعية وستعاني من العنوسة والوحدة والشقاء لأن قصور حكمتها وغرورها قادها إلى تكوين علاقات واسعة مع الجنس الآخر.وكراهية بنات جنسها مما يؤدي بكل من يعرفها إلى عدم الزواج منها ، هذا أقل ما يمكن أن يقال في حق أولئك المراهقات اللاتي يعتقدن بأن الدنيا بأكملها وقفت لتستمتع بالتفرج على مشيتها أو قيافتها أو جمالها . هذا ومن سمات السلوك النفسي لدى المراهقين والمراهقات الذين تتأخر علامات بلوغهم في الظهور انخفاض النشاط الاجتماعي والشعور بالوحدة والخجل والقلق وحسد الآخرين من فئاتهم العمرية وتأخر النزعات الاستقلالية لديهم واستمرار سيطرة الكبار مما يلوث العلاقة بين الوالين والأبناء ، إضافة إلى صعوبة النوافق والنزعات العدوانية واللجوء إلى استخدام الحيل اللأشعورية والشعور بالنقص والدونية مما قد يسبب جروحا عميقة في الشخصية فيما بعد .

الصفحة117  

أن المراهقين والمراهقات في حاجة ماسة إلى التشيجع وتدعيم خبرات النجاح مهما كانت ضئيلة من قبل الكبار فهم في حاجة إلى التغيير والاعتراف بهم وبدورهم الجنسي حتى ولو لم تظهر عليهم علامات البلوغ ، وقد يعوضون ذلك بالتفوق المدرسي والسلوك الفاكهي والتعاون سعياً منهم إلى القبول والاعتراف بهم من قبل الآخرين .


سادساً : النمو الجسمي وخصائصه :

النمو الجسمى هو زيادة أو التغير الخارجي للجسم الذي يمكن ملاحظته من قبل الآخرين ومع بداية المراهقة ، عند الثانية عشرة تقريباً ، لدى البنات ومنذ الثالثة عشر تقريباً لدى الأولاد . تحدث زيادة سريعة في نمو أطراف الجسم وأعضائه كافة مما يؤدي إلى الزيادة في الطول والوزن والحجم لدى جميع المراهقين . يمكــن ملاحظة هذه الزيادة باتساع الكتفين لدى الذكور واتســاع محيـط

الأرداف لدى الإناث كما يطول الجـدع لدى الجنسـين وتزداد العظام صلابة وقوة وتنمو وتشتد العضلات ويستمر النمو الجسمى هذا لدى الجنسين حتـي سن الواحدة والعشرين تقريباً إلا أن سرعة نمو المراهق تهدأ بعد سن الرابعة عشر عند الإناث والخامسة عشر عند الذكور إضافة إلى الفروقات الفردية والجنسية حيث  يكون نصيب البنات وافر من الشحوم والدهون يقابله نمو العضلات وصلابتها  عند الأولاد وتصل  البنات  إلى أقصى طول لهن عند سنا لسادسة عشر ومعدل نموهن أسرع بينما يصل الولد إلى أقصى طول له عند الثامنة عشر من عمره .

مع بداية المراهقة يزداد كذلك نمو القلب ولكن لا تنمو الشرايين بنفس السرعة وعليه ينصح بعدم الإرهاق والابتعاد عن التدريبات الشاقة ويلاحظ على المرافق  أيضاً الخمول والكسل والارتعاش  وعدم الاستقرار الحركي نتيجة  لطفرة النمو السريع مع  بداية المرحلة ، وبما أن نمو العظام يسبقه نمو العضلات فيلاحظ على المراهقين الطول والنحافة غير أن نسب الجسم وتوازنه تتعدل مع نهاية المراهقة .

الصفحة118  

عــدم التــوازن الحركــي وخلخلــة التوافــق العصبي والعقلي والرعونة وعدم التوافق الحسي العصبي وعدم تناسب تقاسيم الوجه من حيث الحجم أو طول اليدين مقارنة بالجسم .... كل ذلك يرجع إلى تفاوت سرعة النمو بين أعضاء الجسم المختلفة مما يسبب قلق المراهق وخوفه من سوء قوامه ، الامر الذي قد ينتج عنه انعكاسات نفسية سلبية في كثي من الأحيان حيث يكون المراهق فكرة خاطئة عن نموه نتيجة لوصف الآخرين له بعدم السواء وقصور القدرات ونقص النمو وتشتت الانتباه وعدم الاكتراث واللامبالاة .. الخ ووعي المراهق بظروف نموه هذه وإدراكه بأنها ستتعدل مع نهاية المرحلة يطمئنه ويساعده على اجتياز المراهقة بسلام .



سابعاً : النمو الانفعالي وخصائصه :


الانفعال مفهوم افتراضي ) لا ندركه عن طريق الحواس ( غير أننا نستنتج وجوده من النتائج المترتبة عليه ، فعندما نرى شخصاً مسودا لوجه مرتعدا لفرائص متربص إلى الهجوم نقول بأنه غاضب وعندما نرى طفلًا يصرخ ويجري مرتعشاً نقول بأنه خائف .. وهكذا ، إلا أن ما نقصده بالنمو الانفعالي للمراهق أشمل من مجموعة الانفعالات والعواطف التي لهما انعكاسات جسمية فسيولوجية مثل الغضب والحب والخوف والتقزز .. الخ ، فالحياة الانفعالية للمراهق تشمل أنماطاً سلوكية متعددة كالصراعات النفسية والقلق والتناقض الانفعالي وتقلب الأفكار والأمزجة ومحاولة ضبط الأنا الشهوانية وتطرف العواطف وعدم التأكد من الذات التي تمثل القدرات والإمكانيات الشخصية ، ومعاناة جهل الآخرين لواقعه وصراعاته مع السلطة الأدبية والتربوية وكسب ود الجنس الأخر والتوافق مع الواقع الأسري ومحاولة الاستقلال ..

الصفحة119  

يصف )ستانلي هول ( مرحلة المراهقة بأنها مرحلة عواصف وتوتر وشدة ، تكتنفها الأزمات النفسية والتقلبات الانفعالية وتسودها المعاناة والإحباط والصراع والقلق والمشكلات وصعوبات التوافق ويتخللها التأرجح بين الأمل واليأس وبين المرض والصحة وبين العبوس والابتهاج .(1) ويشير )أحمد زكي صالح ( إلى وجود صراع في حياة المراهق يؤدي إلى الانتقال من حالة انفعالية إلى أخرى فهو يتأرجح بين التهور والجبن وبين المثاليةوالواقعية وبين الغيرة والأنانية وبين الغضب والاستسلام وبين التدين والكفر وبين الكرم والبخل وبين القلق والطمأنينة وغير ذلك من التناقض في الأفكار والمعتقدات والطموحات والقرارات.


بهذه الصورة يمكننا وصف المراهق بأنه شخصية مضطربة غير مستقر تبحث عن سند للمساعد فى حل المشكلات و عند الفشل و الإحباط ينقلب المراهق ضد ذلك السند أو المصدر الذي يقدم المساعدة أو كان سبباً فى إثارة المشاكل.وفي غالب الأحيان لا يجد المراهق ملاذاً من الهموم و التعاسة إلا اللجوء إلى الاستغراق في الخيال وأحلام اليقظة . والكثير من مشاكل المراهقة سببا صراعات بين هدفين أو رغبتين متناقضتين ، لا يستطيع تحقيقهما في أن واحد ، فهو يسعى مثلًا إلى أن يصبح راشداً مستقلًا متحملًا للمسئولية ولكنه في ذات الوقت يرغب في أن يبقى طفلًا ينعم بالسعادة والأمن من قبل والديه ، يود المراهق أن يعتمد على نفسه ولكنه في حاجة إلى مساعدة أسرته اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً . يسعى إلى الحرية

وتحقيق الذات وإشباع الرغبات وفي ذات الوقت يرغب في أن يرضي

المعايير الاجتماعية والقيم الدينية والأخلاقية وتحقيق التوافق الاجتماعي . الدوافع الجنسية مصدر ضغط دائم ومستمر على المراهق و الهو مما يولد الكآبة والحزن وألام تأنيب الضمير ، يريد المراهق اتخاذ قرارات مهمة في


الهوامش:

Hall ,G.S., Adolescence, Applelon ,New York-(1)

الصفحة120  

حياته إلاأنه خائف من فشلها ، كل هذه التناقضات تفسر صعوبة مرحلة المراهقة وشدتها وتوتراتها الانفعالية وكذلك أهمية اجتياز المراهق لها بسلام لضمان سلامة حياته المستقبلية (1) .

هذا ويتميز السلوك الانفعالي في المراهقة بالآتي :

.1 حدة  الانفعالات وتطرفها فهي ، شديدة وعنيفة  لا يستطيع  المراهق السيطرة عليها ولا على مظاهرها الجسمية والفسيولوجية .

.2 عدم الثبات والتقلب الانفعالي وعدم ملائمة الانفعال مع مثيره .

.0 تذبذب مثيرات الانفعال فقد تثيره مثيرات طفولية وقد  تثيره مثيرات كما نلاحظها في سلوك الكبار .

.0 التناقض الانفعالي كحب وكره شخص واحد  مثلًا )لانبيك لا نصبر عليك (

.1 شدة الحساسية الاجتماعية القابلية للإثارة  تحت ضغوط المتغيرات الجسمية والفسيولوجية .

.1 التغير المزاجي وعدم الاستقرار والانتقال المفاجئ من الكآبة إلى البهجة أومن الحب إلى  الكراهية أو تغيير رأيه  بعد الاقتناع أو  البكاء إلى الضحك أو من الثورة إلى الهدوء ، أو من الطاعة والولاء إلى التمرد والعصيان ... وهكذا . هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن حياة المراهق بجميع مظاهرها تتأثر سلباً وإيجاباً بالإطار الاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه فالأسرة المتزمتة التقليدية القاسية قد تزيد  من معاناة المراهق  وصعوبة اجتيازه لهذه المرحلة

الهوامش:

(1)يفسر فرويد الشخصية إلى ثلاثة أركان (1):الهو :تمثل النزعات الشهوانية  والدوافع  الأولية . (2)الأنا : الشعور بالكينونة . (3)الأنا الأعلى : الضمير أو منظومة القيم والمعايير والأخلاق التي يكتسبها الفرد.


الصفحة121  

بينما قد يلقى مراهق الأسرة المعتدلة الديمقراطية يد العون والمساعدة على حل مشكلاته وتسهيل اجتيازه للصراعات النفسية والمشاكل ، ولا يقتصر تعامل المراهق على  الأسرة فقط  بل يتعداه  إلى جميع  المؤسسات الاجتماعية كالمدرسة والرفاق والنادي وسائل  التثقيف والإعلام ورجال الأمن والقانون وغيرهم ممن يحتك ويتفاعل معهم المراهق ، و هؤلاء جميعاً قد يجعلون المراهقة مرحلة نمو عادية سلسة وسعيدة وقد يحولونها إلى جحيم يطال سعيره الجميع .



ثامناً : النمو العقلي وخصائصه:

النمو العقلي هو التغيرات الايجابية )الزيادة(في أداء الأفراد صغاراً أو مراهقين في الاختبارات والمقاييس العقلية ، يعني ذلك الزيادة في  نمو الذكاء والقدرات الفرعية أو الطائفية تناسباً مع زيادة العمر الزمني. يعرف ) سبير مان ( الذكاء على أنه يتكون من قدرة عقلية عامة تتدخل في أنواع النشاط العقلي وتوجه جميع أنماط السلوك ، وقدرات أولية أو جزئية أو طائفية تتمركز في أنشطة أو أنماط سلوكية مختلفة . فالســلوك الحركي مثــلًا يتأثر  بالقدرة العقلية العامة ) الذكاء (وكذلك السلوك اللفظي والحسي وكذلك السلوك والإدراك والخيال والإبداع وهكذا مع جميع الأنشطة السلوكية ، أما القدرات  الطائفية أو الأولية فهي التي تشمل نشاطاً واحداً أو مجالًا متميزاً بجملة من الأنشطة المتجانسة  أو المتشابهة ، فالرياضة البدنية بصفة عامة  مجالا أما لعبة كرة القدم فهي نشاطاً محدداً والتفوق العلمي مجالًا يشمل جميع العلوم أما التميزفي الرياضيات مثلًا أو الأدب أو الفن يعتبر نشاطاً خاصاً تدعمه قدرة رياضية

أو أدبية أو فنية خاصة أو طائفية .

الصفحة122  

وكلما تركز نشاط الفرد نحو قدرة أو مجال خاص قل  نشاطه أو تميزه في المجالات الأخرى ، أي  أنه  ركز نصيبه من القدرة العامة في مجال دون الآخر شكل رقم (1) يوضح تداخل القدرات الطائفية بالقدرة  العامة

) الذكاء .(

أنظر الشكل الموجود في الصفحة123 

بالنظر إلى الشكل رقم (1) يمكننا أن  نستنتج بأن  صاحب القدرة الطائفية )ب(  ضعيف في الآداب بينما يكون  صاحب القدرة الطائفية  )ج(

قدرات رياضية  متميزة  لأنه  شغل  حيزاً كبيراً من  قدراته  العامة )الذكاء(وخصصها للرياضيات . لكي نتفهم معنى النمو  العقلي لا بد من مثال  آخر هو علاقة الذكاء بالوراثة أي أن القدرة العقلية أو النمو العقلي يعتمد على الاستعدادات الوراثية أكثر من اعتماده على المثيرات  البيئية ، جميع الاختبارات والمقاييس العقلية تشير إلى أن الوراثة تؤثر على الذكاء بنسبة %83 تقريباً بينما تؤثر البيئة بما نسبته %23 من مستوى ذكاء  الأفراد ، وفي كل الأحوال البيئة والوراثة للذكاء  كالأكسجين والرئة للحياة فلا حياة بدون اكسجين ولا حياة بدون رئة .

الصفحة123  

كما تجدر الإشارة هنا إلى الارتباط الوثيق بين النمو العقلي والمعرفي فعادة ما يشار  إلى  اكتساب الخبرة والمعارف بأنها تمثل النمو المعرفي والواقع أنه يصعب  فصل النمو المعرفي عن النمو  العقلي الذي هو أساس النمو المعرفي فتعلم الحساب والكتابة معرفة ولكن القدرة على تعلمها نمواً عقلياً . أن فهم طبيعة الذكاء عملية معقدة ، فلا يمكننا إدراك هذه الطبيعة عن طريق الحواس ، فهي ليست  شيئاً مادياً ولكنها خاصية لنشاط بشري ذي طبيعة دينامية تطورية غالباً ما توصف بالتجديد . والذكاء أيضاً عملية مجردة لا ندركه حسياً ولكن نستدل على وجوده من الآثار المترتبة عليه ، ولذلك عرف الذكاء بتعريفات متعددة نذكر منها إضافة إلى تعرف ) سبيرمان ( سالف الذكر ما يلي :

أ-  تعرف )شتيرون ( الذي يرى فيه بأن  الذكاء هو القدرة العامة للفرد على ملائمة تفكيره شعورياً للمواقف الجديدة وظروف الحياة المتجددة .

ب – تعريف ) شتودارد(الذي يفترض فيه بأن الذكاء هو القدرة على القيام بأوجه  النشاط  التي تتميز بالصعوبة والتعقيد  والتجديد والاندفاع نحو الهدف والقدرة على الانتباه والتجديد والاحتفاظ بهذه الأوجه من النشاط تحت ظروف تتطلب تركيز الجهد ومقاومة العوامل الانفعالية .

ج- تعرف ) وكسلر( الذي يقول فيه بأن الذكاء هو طاقة الفرد الكلية على العمل بهدف التفكير المنطقي والتفاعل مع المحيط البيئي بنجاح .

د – تعريف )  الفرد بينية ( للذكاء على أنه القدرة على اتخاذ اتجاه محدد والاستمرار فيه والقدرة على النقد الذاتي والملائمة مع المحيط الذي يعيش فيه .

الصفحة124  

وفي كل الأحوال يتجه علماء النفس إلى اتجاهين مختلفين في تفسير ظاهرة الذكاء حيث يفسر أصحاب الاتجاه الأول الذكاء في ضوء السلوك الفسيولوجي للفرد محاولين ربط نشاط الجهاز العصبي بالسلوك الذكي ، ومن هؤلاء ) واطسون ( وهو من رواد المدرسة السلوكية ، فهو لا يعترف بوجود عمليات عقلية صرفة بل يرجع هذه العمليات إلى أنماط خاصة من

النشاط الجسمى ويقيم التفكير بأنه يتركب من استجابة  كلامية باطنية أو حديث حيوي غير مسموع  ويفترض بأن التفكير يجب أن يكون  حركياً حسياً من نوع ما وينسب آخرون من المدرسة السلوكية الذكاء إلى نشاط الجهاز العصبي ويعتقدون في إمكانية تغيره بعبارات فسيولوجية . ومن هؤلاء) ثورندايك( الذي يرى بأن الذكاء والقدرات العقلية عموماً

تعتمد على أسباب فسيولوجية ويتمثل الذكاء عنده في العمل  الذي يقوم به عدد كبير من  الروابط  العصبية وعدد هذه  الروابط هو الذي  يحدد مستوى ذكاء الفرد  ويعرف الذكاء )بأنه القدرة على تكوين ارتباطات واقترانات بين المنبه والاستجابة ( . أما أصحاب التفسيرات النفسية للذكاء ومنهم ) بنتر ( الذي يربط مستوى الذكاء بالقدرة على التكيف ويقول بأن الذكاء هو القدرة على التكيف مع المواقف الجديدة ،ويعرفه ) تيرمان ( بأنه القدرة على التفكير المجرد ، ويعرفه )ودورت( بأنه القدرة على الاكتساب والتعلم .ويعرفه ) شتيرن (

بأنه القدرةعلى التكيف العقلي لمشاكل الحياة وظروفها الجديدة.أما) بياجيه( فيعرفه  بأنه عملية توافق وتنظيم  ، و التوافق عنده هو حفظ التوازن بين الفرد والبيئة الذي  يعيش فيها أما التنظيم فهو عملية يمكن اكتسابها بوضع الخطط وتصميم الإستراتيجيات التي تعمل  على  تحديد سلوك الفرد في علاقاته مع البيئة ، ويضيف ) بياجيه ( بأن الذكاء هو صورة من صور الاتزان الذي تميل نحوه كل  البنيات  العقلية  والبنيات  العقلية هي عبارة عن بنيات افتراضية تتكون داخل العقل أثناء تطوره وبمعنى آخر خلال نمو الإنسان من الطفولة إلى الرشد .

الصفحة125  

و لا تشير الدراسات في علم  نفس النمو إلى وجود  طفرة  في نمو الذكاء كما هو الحال في النمو الجسمي وهو ما يتوافق وقوانين سرعة النمو أي الأهم قبل المهم ، فالذكاء مسئول عن النمو الفسيولوجي والحركي واللفظي والاجتماعي والانفعالي بل وكل نواحي النمو والأجدر بأن ينمو باطراد ايجابي عبر سنوات الطفولة والمراهقة ، ومن مميزات السلوك العقلي خلال المراهقة ما يلي :

أ-  تتضح وتتميز القدرات  الطائفية الخاصة كالقدرات اللفظية والعددية والميكانيكية والحركية و الفنية وترتبط بالميول والاتجاهات  لتظهر بذلك الفروق الفردية بين المراهقين سواء بين الجنسين أو في داخل  الجنس الواحد فهذا يتجه إلى الفن وآخر للرياضة وثالث للخطابة والأدب ورابع للمهن الميكانيكية ....

ب - نتيجة لزيادة التحصيل العلمي  والانتقال إلى مرحلة التعليم المتوسط والنمو في القدرات العقلية يزداد فهم المراهق للمفاهيم والمدركات المجردة بدلًا من التركيز الحسي المادي  أثناء مراحل الطفولة السابقة . هذه القدرة على التفكير المجرد بدأت طبعاً منذ بداية مرحلة الطفولة المتأخرة حيث بداية  فهم الوقت والاتجاهات والأبعاد  المكانية  إلا  أن إدراك المجردات

يتعمق خطر المراهقة بفضل زيادة القدرة على التفكير والنقد والتحليل الناتج عن الشك  والبحث عن الحقيقة  ، فعادة ما يتفحص المراهق في مفاهيم مثل الجنة والنار و الأخوة والتعاون والإيثار والأنانية .. الخ ، حتى يجد لها معان منطقية يقبلها عقلياً وعملياً.

ج - يزداد ويتعمق مدى انتباه المراهق زمنياً وكيفياً أي أنه أقدر على الفهم ويستطيع  التركيز على أكثر  من موضوع في آن واحد  وتزداد  قدرته كذلك على التذكر المبنى على الفهم ولمدة أطول من ذي قبل .

د - يتميز خيال المراهق بالشمولية والتجرد إلا أنه خيال أقرب  إلى الواقع ولو أنه لا يتقيد بالزمان أو المكان ، ونعني بالواقع أنه قابل للتطبيق العملي فطفل المرحلة المبكرة مثلا قد يتخيل نفسه بأنه طائر يطير ، من ربوة إلى

الصفحة126  

أخرى بينما يتخيل المراهق بأنه بطل رياضي مشهور أو صاحب ثروة طائلة أو متزوج بأجمل بنات عصره ... وهكذا .

هـ - تزداد سرعة التحصيل  العلمي ،فالمراهق أصبح  أقدر  على  الحفظ والفهم والاسترجاع وعلى فهم مختلف الموضوعات العلمية خاصة بعد نمو إدراكه من المحسوس إلى المجرد 

و - تزداد القدرة على التفكير حيث يستطيع الآن أن يدرك  العلاقات المجردة بين الأشياء مما يجعله قادراً على الاستدلال والاستنتاج وإصدار الأحكام واتخاذ القرارات .

ز – تزداد القدرة على التعلم نتيجة لزيادة المفردات اللغوية  والقواعد وتبرز  كذلك القدرات الجسمية والعضلية التي تمكنه  من تعلم كثير من المهارات ونتيجة لزيادة قدراته العقلية الإدراكية يتحول التعلم في هذه المرحلة من التعلم الآلي إلى التعلم المبني على المنطق والتعلم المجرد


تاسعاً : النمو الاجتماعي وخصائصه :

يتمثل النمو الاجتماعي  في عمليات التنشئة الاجتماعية وإكسابا لطفل ادواراً وأنماط سلوكية تتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه ورغم أن الحياة الاجتماعية موجودة لدى الإنسان وأغلب الحيوانات المعروفة مما يشير إلى فطرية السلوك الاجتماعي الذي يهدف في حد ذاته إلى بقاء النوع، إلا أن السلوك الفردي )الانانية ( قد يطغى على الاجتماعي إذا ما هدد هذا الأخير بقاء الفرد نفسه وهذا ما يلاحظ في سلوك المملكة الحيوانية أيضاً . أن  الكائن البشري على عكس بعض الحيوانات وبحكم طول فترة طفولته وعدم قدرته  على الحياة دون مساعدة  غيره منذ  ميلاده ، فهو بالضرورة سيتعلم حياة اجتماعية تبدأ بالأم والأسرة والمدرسة والمجتمع ،ومن خصائص النمو الاجتماعي خلال مرحلة المراهقة مايلي :

-1 اســـتمرار عمليــة التنشئة والتطبيــع الاجتــماعي ســواء عــن طــريق الأســرة أو المؤســسات الاجتماعية الأخـرى وعلــى رأســها المدرسة ، و تتــغير خصائـص النمــو مــن طــفل إلى مراهــق ويتغير مركزه الاجتماعي

الصفحة127  

وخاصة في المجتمعات التقليدية التي قــد تنتــهي فيــها مرحلــة المراهــقة بالبلوغ الذي يؤهـل المراهـق رأسا للزواج ودخول مجتمع الراشـدين. بتغــير المركز الاجتماعي للمراهق يتغير الدور الذي  يناط به  فهو الآن قادر على فهم المعايير والقيـم السـائدة في المجتـمع وعليـه احترامها وإتباعـها ، وعلى الكبار إقناع المراهقين بجدوى هذه القيم والتقاليد  حتى

يتسنى للمراهق احترامها عن قناعة ، أما العقاب والإجبار على إتباع سلوك لا يفهم المراهق جدواه فذلك أمر بالغ الخطورة .

-2 بانتقال المراهق إلى الشق  الثاني  من  التعليم الأساسي تزداد  ثقته بنفسه وتزداد  استقلاليته مما  يساعد على تحمل  أعباء المسئولية سواء بالتوجيه والإرشاد الأسري أو المتخصص أو عن طريق المحاولة والخطأ وذلك بتفادي الخبرات المؤلمة التي  جربها خلال حياته المدرسية أو الاختلاط بشلة الأقران أو التعامل مع السلطة الإدارية المدرسية والمحلية .

-0 تدرج المراهق بمراحل التعليم  المتوسط يزيد من استقلاليته واعتماد على نفسه نتيجة لاتصاله بالمؤسسات الاجتماعية  المختلفة كالثقافية والتعليمية والأمنية ودور العبادة والمشاركة في الانشطة الرياضية  والسفر كل ذلك يكسب المراهق مهارات اجتماعية في الاتصال بالآخرين وتعلم

أنماط الحياة الاجتماعية عن طريق  المشاركة الفعلية  فيها  و اكتساب خبراتها عن طريق التجريب لا التلقين كما هو الحال في أغلب التعلم الاجتماعي أثناء مراحل الطفولة الأولى .

-0 تظهر على المراهق نزعات الميل إلى الاستقلال مما يدخله في صراعات  أسرية في أغلب الأحيان  ، كاستقلالية  اختيار الرفقاء أو صداقات و علاقات الجنس الآخر أو  الاختيارات  التعليمية أو اختيار الملابس  أو شغل أوقات الفراغ .. في  كل هذه المجالات وغيرها يصر المراهق على عدم التدخل فيها نزوعاً إلى الحرية في إدارة شئون حياته .

-1 تظهر على المراهق  علامات الوعي بذاته الجسمية والاعتناء بصحته وملابسه ورشاقته ويكون حساساً تجاه النقد أو توجيهه بالخصوص 

الصفحة128  

1 يعود المراهق إلى الميل إلى الجنس الآخر مع بداية المراهقة بعد نفور الطفولة المتأخرة التي كان الميل فيها إلى نفس الجنس .

-7 يلاحظ على المراهق الميل إلى القيادة أو الزعامة إذا ما توفرت مقوماتها لديه وكثيراً ما يظهر التوحد مع قيادات أو زعامات أو شخصيات يكون المراهق معجبا بهم ، وما نجاح المؤسسة التجارية في استغلال عقول المراهقين ونهب أموالهم إلا استناداً إلى هذه الخاصية الاجتماعية لدى المراهقين والشباب فتسريحات  وملابس نجوم السينما  والرياضة يعتبر اقتناؤها من قبل المراهقين دليلا على الإعجاب والطموح والتوحد مع سلوكيات وشخصيات هؤلاء النجوم .

-8 يزداد وعي المراهق بالواقع الاجتماعي له ولأسرته وكذلك للنواحي الاقتصادية والدور الذي تقوم به في تشكيل الشرائح والطبقات الاجتماعية مما يحفزه إلى الالتحاق بنوع من التعليم يؤهله لأن يكتسب مكانة مرموقة في المجتمع .

-7 نتيجة للصراعات والقلق  الناتج عن التغيرات الفسيولوجية والعقلية ، والمعرفية يلاحظ على المراهق النزوع إلى التمرد والتعصب والمنافسة وضيق الافق لنصائح الكبار وآرائهم ويزيد  من ذلك  طبعاً مستوى تعليم الوالدين فإذا كانوا أميين مثلًا يشعر المراهق بأنه أقدر على فهم البيئة والمجتمع والعلاقات أكثر منهم وبالتالي لن يكترث بنصائحهم وآرائهم .

الصفحة129  

الانحرافات الانفعالية عند المراهق


الانحراف هو  تصور نظري يمثل البعد عن المتوسط في  الاختيارات والمقاييس المعيارية فعادة ما يكون المتوسط معقولا وما يبتعد عنه يكون شاذا أو منحرفاً ، وحيث أن لكل  مثير استجابة فإذا  كانت الاستجابة الانفعالية متكافئة مع مثيرها أو  مساوية له أو معقولة ومقبولة من غالبية

الناس فهي إذاً استجابة عادية أما إذا كانت متطرفة ولا تقبل من غالبية الناس فهي إذاً لا تقع ضمن الإطار الوسط وهي بالتالي منحرفة ومن هنا نتساءل فهل يا ترى تعتبر أحلام اليقظة انحرافاً انفعالياً ؟


أولا : أحلام اليقظة :

عند الحديث عن النمو العقلي في المراهقة تعرضنا إلى تطور الخيال من الوهمي غير الواقعي إلى الخيال الواقعي أي القابل  إلى التطبيق و التطبيق و الأقرب  إلى الواقع لان يتخيل  المراهق  نفسه بطلًا رياضياً الأمر الذي قد يتحقق مستقبلًا وأحلام اليقظة لا تبعد عن هذا المعنى بكثير ، ولكن نتعرف على طبيعتها فلابد من التعرف على أسبابها .

الخيال جرء من سلوكنا العقلي ولولاه لما وصل الإنسان إلى المستوى الحضاري والتقني الذي نعيشه  الآن ، فخيال عباس بن فرناس للإنسان الطائر أوصلنا إلى صنع الطائرات و تأملاتنا  وطموحاتنا وتخيلنا للمشي على الماء أوصلنا إلى صنع السفينة وتخيل أو تصور المراهق لحياته المستقبلية المملوءة بالسعادة والزواج والثراء والقوة البدنية والشهرة الاجتماعية قد توصله إلى تحقيق ذلك بالعمل تجاه تحقيق تلك الأهداف في الحياة الواقعية .

الصفحة130  

وحيث إن أحلام اليقظة ما هي إلا ضرب من الخيال فإجابتنا للسؤال السابق إذا " هل تعتبر  أحلام اليقظة انحرافاً ؟ " إذاً كانت أحلام اليقظة معقولة بين  الواقع والخيال ولا تشغل إلا جزء من حياة المراهق وتفكيره فهي مقبولة كجزء من نموه العقلي ، لا تشكل خطراً على شخصيته  ولا تعتبر انحرافاً . أما الاستغراق في أحلام اليقظة إلى درجة تعرقل حياة المراهق التعليمية والاجتماعية والعقلية وتشغل الحيز الأكبر من تفكيره وطاقاته وحياته فهنا تعتبر انحرافاً يجب التصدي له ومعالجته . ولمعالجة هذا الانحراف لا بد من معرفة أسبابه ، تشير نظرية التحليل النفسي إلى وسائل الدفاع النفسي كأسلحة وقائية للشخصية ضد القلق والإحباط والتوتر وهي حيل يلجاْ إليها الفرد لا شعورياً أي دون قصد منه للتخفيف من حدة التوتر الناتج عن المعاناة والمشاكل النفسية . إذا يمكننا أن نبرز سلوك  أحلام اليقظة الانحرافية في هذا  الإطار كوسيلة هروبية من الواقع المر الذي يعانيه المر الذي يعانيه المراهق ومن ثم يمكن معالجتها عن طريق  إزالة  أسباب التوتر والقلق والإحباط والصراع  وإدماج المراهق في الحياة العملية  العادية وإشباع حاجاته النفسية لكي يكون هادئا سعيداً متوافقاً يتعامل مع الواقع الحاضر أكثر من تعامله مع المستقبل الخيالي . إن بعــض الضغوطــات النفســية والفسيولوجيــة التــى يئن  بها المراهق مثل  إلحاح الدوافع الجنسية والعوز الاقتصادي وربما بعض العيوب  الجسمية وعدم الاعتراف الاجتماعي والصراعات القيمية والدينية والضغوطات المدرسية وكبت النزعات الاستقلالية .. كل ذلك قد يدفع المراهق  إلى الإشباع اللاشعوري عن طريق ما تسميه نظرية التحليل النفسي بالتعويض حيث يستغرق المراهق  في أحلام اليقظة ويشبع نزعاته ورغباته في الخيال نتيجة لفشله في إشباعها في عالم الواقع ، و في كل الأحوال أحلام اليقــظة ليست حكراً على مرحلة المراهقة بل موجودة في كل المراحل وما الفرق إلا في الدرجة وليس في النوع حيث يطغى الخيال

الصفحة131  

والوهم والابتعاد عن  الواقع  على  حياة المراهق من خلال أحلام اليقظة أثناء المراهقة  مما يجعل الكثيرين من  المهتمين بهذه المرحلة بوصفها بالانحرافات الانفعالية .


ثانيا : الشعور بالنقص :

نتيجة لتطلعات المراهق نحو حياة مستقبلي لم تتأكد معالمها بعد ونتيجة لتمكنه الجسمي ، يحاول المراهق اقتحام مختلف المجالات ، فهو يريد أن

يكون بطلًا رياضياً وأن  يحصل على الأموال وأن يكون متدنياً ..  إلا أن الرياح قد لا تأتي بما  تشتهي السفن ، وبذلك قد يعاني المراهق  إحباطاً وفشلًا في كثير أو قليل مما يقوم به من أعمال أو مشاريع ومن ثم يتولد لديه مع تكرار الهزيمة شعور بالقصور وعدم القدرة وعدم الاستطاعة على تحقيق ما حققه الآخرون ، ومع تخبط  المراهق وفي غياب التوجيه الرشيد

وتراكم خبرات الفشل المؤلمة التي يحاول المراهق كتبها وتناسيها وابعادها عن بؤرة تفكيره وشعوره المباشر إلى تلك  المنطقــة المظلمــة مـن الشخصية التـي تسميها نظرية التحليل النفسي بمنطقة  ) اللأشعور ( وهي مخزن ما لا نريد التفكير  فيه إلا أن سلوكنا  يتأثر  بتلك الأفكار المخزنة والتي نعتقد بأنها منسية بينما تؤثر تلك الأفكار في سلوكنا بكيفية لاشعورية وذلك بتكوين بعض العاهات أو العقد  النفسية التي  منها عقدة الشعور بالنقص . ويفسر ) فرويد ( الشعور إلى ثـلاث  مناطـق  ، هي : ما قبل  الشعور وبؤرة الشعور و اللاشعور ،فمنطقة ما قبل الشعور تحتوي الوقائع القريبة زمنيا فنحن نتذكر بسرعة من الأشخاص الذين قابلناهم بالأمس أو الأعمال التي  قمنا بها البارحة ، بؤرة الشعور هو ما نشعر به حالياً أو  ما نقـوم به من  أعمال  الآن ونعرف  من هــم الأشــخاص الذين نعمل معهم  الآن .. الخ ، أمــا اللاشـعور فهي تلك المنطقة من  شعورنا  التي تحتوي الخبرات الماضية والقديمة في حياتنا فنحن مثلًا لا نتذكر كل الاشخاص الذين دارسو معنا من عشر سنوات مضت ولا نتذكر بسهولة أين كنا أو ماذا كنا نعمل

الصفحة132  

فيمثل هذا اليوم من العام الماضي ، وبذلك نفترض بأن اللاشعور هو مخزن لخبراتنا السلبية والسارة منذ ميلادنا بل و ربما قبله ، وهذه الخبرات موجودة ومختبئة يمكن تذكرها إذا كانت أحداثا بارزة في حياتنا ويمكن عدم تذكرها غير أنها قد تؤثر في سلوكنا بكيفية خفية خاصة خلال الخبرات المؤلمة التي لا نحبها ولا نريد أن نتذكرها ، بل  يمثلها  علماء النفس بقطعة  فلين نغمرها تحت سطح الماء ونضغط عليها بأقدامنا وإذا حاد عنها القدم سهوا تطفو فوق السطح  وهذا ما يحدث خلال الاحلام أو عند زلات اللسان أو النسيان.

الشعور بالنقص هو عبارة عن مفهوم سلبي يكونه المراهق عن نفسه حيث يصف نفسه بقصور القدرات ونقص الإمكانيات ويرى نفسه بصورة غير واقعية ماؤها الدونية والفشل وانعدام الكفاءة ، يؤثر ذلك طبعا على سلوك المراهق فتراه مترددا سلبيا خائفا  غير قادر على خوض  غمار المواقف الجديدة ، ضعف  الإرادة فى الدفاع عن مواقفه  ، تنقصه روح المبادرة أو القيام بمهام  هو في الواقع قادر على إنجازها ، قد يكون سبب هذا الشعور  محكات حقيقية كالإخفاق في  المجال  الرياضي لظروف صحية وجسمية حقيقية وقد يكون نتيجة لظروف تربوية أسرية قاسية إبان الطفولة المبكرة كفقدان السند أو  الحرمات أو القسوة وقد يكون اقتصادياً نتيجة للفقر والعوز الاقتصادي .. إلا أنه في كل الأحوال تؤدي التربية الأولى والإمكانيات الجسمية والعقلية دورا أساسياً في تكوين مفهوم الذات لدى الفرد ، إضافة إلى سوء التوجيه التربوي والنفسي سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي تختص برعاية الطفولة والشباب .

والذات هي تصور الفرد لنفسه وتوجد عدة تصورات لها ، فهناك الذات الواقعية ، وهي أن يتصور الإنسان نفسه وفقا لقدراته وإمكانياته الحقيقية فسوف لن يعتقد بأنه سيكون بطلا رياضيا إذا كانت إمكانياته الجسمية لا تسمح بذلك وهناك  الذات  المثالية  وهي شعور الفرد  أو اعتقاده أو تصوره لنفسه  وفقاً لتمنياته  أن يتصور نفسه  بإنه عبقري وهو في الواقع

الصفحة133  

ضعيف الذكاء أو يتصرف وكأنه  ثري  وهو في الواقع  فقير الحال ، وهناك الذات الاجتماعية وهي إدراك الآخرين للفرد فقد تدرك المرأة صورتها الفوتوغرافية بأنها تشبه من هن في الثلاثين من العمر وقد يدرك زوجها نفس الصورة بأنها تشبه من هي في الخمسين من العمر وقد تدرك أمها نفس الصورة بأنها تشبه من هن في العشرين من العمر..... وهكذا

وهناك الذات الدونية وهي التحقير من الذات المخالف للواقع وهناك الذات المغرورة وهي الشعور بأكثر من الواقع والذات الناجحة هي الواقعية حيث لا يضع الفرد أهدافــا خارج نطاق قدراته فيفشل في تحقيقــها و لا هي دون قدراته فيبــقى حبيس الدنية في الوقت الذي يمكنه تحقيق أكثر من ذلك . المراهق الذي ينشأ على التشجيع من الكبار وتدعيم مواطن النجاح وقبول الآخرين له وحبه والعطف  عليه ةالأخذ بيده وإرشاده إلى المواقف التي يستطيع النجاح فيها سوف تكون فرص إصابته بشعور النقص ضئيلة أما إذا تربى منذ صغره على نعته بالضعف ونقص الكفاءة وانعدام القدرة وقسوة المعاملة وتجاهل أهمية ما يقوم به من أعمال فسوف ينمو معه هذا الشعور السلبي الذي يسمى بعقدة الشعور بالنقص . قـد يعاني بعض المراهقـين العاهاتا لجسمية أو الإعاقة العضوية أو العقـلية أو مرض أوضعف جسمي عام أو تطرف في الوزن أوالقامة كالنحافة المفرطة أو السمنة المفرطة أو غير ذلك من الخصائص  الجسمية أو العقلية غير المرغوب فيها مما يؤدي إلى تكوين وتدعيم الشعور بالنقص. الشعور بالنقص سمة من سمات شخصية المسنين حيث  يلاحظ على

المسن أعراض الشعور بالنقص مع تدهور الصحة ونقص الحواس وفقدان الأدوار  الاجتماعية نتيجة للتقاعد  أو المرض أو الضعف التي عادة ما يصاحبه قصور اقتصادي واجتماعي يؤدي إلى سلبية المسن وتردده وشكه في نوايا الآخرين وأهدافهم من التعامل معه . وبذلك ينصح الآباء والأمهات والمدرسين بعدم تحقير الأطفال مهما

كانت قدراتهم وعدم مقارنتهم بغيرهم من حيث الانجاز والقدرة وعدموصفهم بأوصاف يكرهونها مع تشجيعهم وتوجيههم إلى المواقف والأعمال

الصفحة134  

التي يستطيعون النجاح  فيها حتى يكتسبوا الثقة بأنفسهم وإتاحة فرص الاستقلال أمامهم كلما أمكن ذلك .


ثالثاً : التقلبات المزاجية :

مزاج المراهق غير  مستقرة يشوبها  التغيير المفاجئ شأنه في ذلك شأن الطفولة المبكرة حيث يكون الطفل فجائي التغير في أنشطته السلوكية كافة ، والمراهق متغير الذوق والانفعال والأفكار والاختيارات والطموحات ، فهو متقلب بين الحزن  والبهجة وبين  الرفض والقبول وبين التزمت والاقتناع وبين العطف والقسوة ، يحدث هذا نتيجة  للتغيرات الفسيولوجية  وطفرات النمو  الجسمي  من  ناحية  ونتيجة  للضغوطات   الأسرية  والمدرسية والاجتماعية من ناحية أخرى ، فالأوامر والنواهي تتعارض مع نزعات المراهق إلى الاستقلال  ، والدين والقوانين والأعراف تقف حائلًا دون إشباع الرغبات الجنسية ، التردد والخوف من الفشل والالتزامات العائلية والمدرسية تعرقل مسيرة الرفاق نحو اللهو والاستمتاع .. كل ذلك يجعل من المراهق شخصية .

مضطربة حادة  الطبع متقلبة المزاج ، هذه الصراعات النفسية والقيمية والأخلاقية والعقلية قد تجعل  من المراهق  شخصية متمردة عنيدة متهورة متقلبة الأدوار والأمزجة إلى درجة يمكن وصفها بمشكلة التقلبات المزاجية لدى المراهقين . هذه التقلبات في الأنماط السلوكية المزاجية للمراهق قد تؤدي إلى انحرافات حقيقية فقد تدفع المراهق إلى اقتناء الخمور والمسكرات والمهدءات وقد تدفعه همومه وصراعاته واحباطاته إلى الانحراف الجنسيى وقد تؤدي العلاقات المتردية مع الأسرة أو المدرسة إلى الانقطاع  عن المدرسة واللجوء إلى الرفقة السيئة التي قد ينغمر المراهق من خلالها في مستنقع الجريمة أو السرقة أو التطرف العقائدي كوسيلة هروبية من الواقع المؤلم الذي يعانيه .

الصفحة135  

ولذلك ينصح أولياء  الأمور والتربويين وقواد ومؤسسات الشباب مراعاة الظروف التنموية للمراهقين وطبيعة النمو الانفعالي  والتقلبات المزاجية لديهم والتأكد من أن أسلوب الإرغام والتحدي واستخدام القوة لا تجدي نفعاً مع الشباب المراهقين في حين  أن أساليب الإقناع والاقتناع والصبر والرفق والمهادنة وحلول الوسط وتقدير ذات  المراهق من خلال آرائه وأفكاره هي السبيل الأجدى نفعاً في التعامل معه خاصة وأنه متقلب المزاج فما يتشبث به الآن قد يتخلى عنه بسهولة بعد حين وما يحبه الآن قد يكرهه قريباً .


رابعاً :الاضطرابات الانفعالية الفسيولوجية :

تسمى كذلــك بالاضطرابــات النفسية أو السيكوفسيولوجية وهــي شائعة خلال فترات  التغير السريع مثل فـترات دخول الأطــفال إلى  المدرسة لأول مرة أو بداية المراهقة حيث التغيرات الجسمية والفسيولوجية السريعة والمطالب الاجتماعية الجديدة واختـلاف توازن المراهـق و اضـطرابه النفسي والفسيولوجـي. نتيجة للبلوغ الجنسي . إن مثل هذه التغيرات السريعة لا تؤدي بالضرورة إلى مشكلات انفعالية لدى كل المراهقين ولكنها  تؤدي إلى قلق واضطراب

لدى القابلين منهم إلى الاضطراب نتيجة لأساليب التربية الخاطئة أو نتيجة لعيوب جسمية أو خبرات سلبية تراكمت مع الزمن لتجعلهم فريسة سهلة لمثل هذه الاضطرابات التي سنوجز أهمها في الآتي :

أ – القلق :

وهو خوف غالباً ما يكون مجهول السبب حيث يصبح المراهق فجأة متهيجاً وغير مستقر ، وغالباً ما تظهر عنده أعراض جسمية كالدوخان أو

الصفحة136  

الصداع أو الغثيان مع  شيوع اضطرابات النوم لديه ، وغالباً ما ينسب

المراهق أسباب قلقه إلى متغيرات خارجية ، إلا أن الأسباب الحقيقية لقلقه كثيراً ما تكون ناتجة عن علاقات المراهق بوالديه أو انشغاله الشديد بظروف ومطالب نموه أو الخوف وقصور الحيلة في التعامل مع نزعاته الجنسية أو العدوانية وغيرها من النزعات والمشكلات النفسية والاجتماعية الناتجة عن صعوبة التكيف مع الإطار الاجتماعي والديني والسلطوي الذي يعيش فيه، ونتيجة لقصور خبرة المراهق وقلة حيلته  لحل مثل هذه المشكلات فيجب مساعدته على تجاوز محنته من قبل  أولياء الأمور أو المدرسين أو المختصين خاصة إذا كانت نوبات القلق هذه متكررة وتستغرق أوقات طويلة ، العلاج المبكر له أهمية حتى لا تصبح مظاهر القلق أسلوباً دائماً في الحياة .

ب – اكتئاب المراهقة :

تظهر مشاعر  الاكتئاب لدى  بعض المراهقين في مظاهر السلوك السلبي ألانسحابي  حيث تظهر مشاعر الحزن وحب الوحدة وانعدام التعاون الجماعي غير أن  أغلب  المراهقين المكتئبين يخفون هذه المشاعر تحت ستار عدم  الاستقرار والسأم  والشكاوي المرضية المتوهمة أو بعض مظاهر الجنوح كالتهور والاندفاع أو تعاطي الخمور والمخدرات  أو الافراط في الأنشطة الجنسية.

ويتخذ سلوك المراهق المكتئب أحد مظهرين ، إما أن يكون كثير الشكاوي من الإحساس بالفراغ وافتقار المشاعر حتى يبدو وكأنه فقد ذات  ومشاعر الطفولة دون أن يصل إلى ذات نامية ومشاعر راشدة فلا هو بالطفل و لا هو بالراشد ، وقد يؤدي به هذا الفراغ إلى الحزن والقلق الشديد ، غير أن هذا النوع  من الاكتئاب يمكن معالجته بسهولة إذا وجد المراهق من يرشده ويأخذ بيده ويتفهم مشاكله ويتعاطف معه أما النوع الآخر من الاكتئاب فهو ناتج عن الخبرات السلبية الانهزامية   المتراكمة والفشل المتكرر لفترات طويلة  من الزمن ، وفي مثل هذه الأحوال يشعر المراهق المكتئب  بأنه

الصفحة137  

سوف لن يتمكن من حل مشاكله وبالتالي قد يلجأ إلى حلول تلفيقية هروبية إنحرافية كالإدمان والجريمة وعادة ما تحدث كوارث في مثل هذه الحالات كأن يكون موقف  واحد ) كالقشة التي قسمت ظهر البعير ( فإذا  فقد المكتئب علاقة مهمة في حياته كعلاقته بأحد والديه أو أصدقائه أو أحبائه فيكون هذا الموقف حاسماً في حياته وقد يذهب به إلى غير رجعة ، وعادة ما يحتاج علاج مثل هذه الحالات إلى خبرات متخصصة وإعادة تأهيل ومآزره مكثفة من قبل أولياء الأمور والمحيطين بالمراهق المكتئب .


ج - توهم المرض :

وهو شعور المراهق ببعض الأسقام أو القصور في  بعض أعضاء

الجسم أو الاحساس بأعراض مرضية ليس لها أساس حقيقي كل هذه الاوهام ليس لها أساس منطقي ولكنها تعبير خفي عن القلق الشديد الذي يعاني منه المراهق .

ومن الاعراض السلوكية لتوهم المرض لدى بعض المراهقين كثرة انشغالهم بوظائف أجسامهم  والمبالغة في تفكيرهم واهتماماتهم و اعتقادهم

بأن خطأ  موجود في نبض قلوبهم أو هضمهم مع أن كل تلك الوظائف الجسمية سليمة تماماً .


ترى كذلك متوهموا المرض يبالغون في أهمية بعض الأعراض المرضية الطفيفة كانسداد الأنف أو الزكام أو الاضطرابات العابرة للمعدة أو بعض التقلصات العضلية البسيطة ، و معنى ذلك كله ، أن المراهق الذي يتوهم المرض يتخيل أو يبالغ في بعض الأعراض المرضية البسيطة أو غير الموجودة في غالب الأحيان ويشغل بها نفسه انشغالًا زائداً ومفرطاً في التطرف .

قــد يكــون فــي بعــض الأحيان أساس واقعي لشكوى المراهق ولكن ليس بالدرجة الخطيرة التي تبرز مثل هذا الاهتمام والانشغال ، والمراهقون

الصفحة138  

الذين تظهر عندهم أعراض توهم المرض عادة ما ينتمون إلى أسر تنشغل وتهتم كثيراً وبإفراط بأمور الصحة والمرض ) الوسواس .(


وقــد يفيــد توهــم المــرض أحيانــاً فــي العنايــة بالصـحة وتفـادي الأنشـطة والمواقـف التي قد تضر بصحة الفرد، و الانشغال  بالجسم قد يعتبر أمراً سوياً في سلوك المراهق ولكن  استمرار أعراض التطرف والمبالغة في توهم الأمراض قد يحتاج إلى معالجة نفسية مختصة .

إن طفرة  النمو التي  تصاحب  بداية المراهقة والتي  نلاحظ مظاهرها الخارجية في الزيادة المفاجئة في الطول والوزن والحجم ، تحدث تغيرات وتطورات فسيولوجية  داخلية  أيضاً ، منها إفرازات  الغدد  الصماء ونشاط الغدد التناسلية وتغير حجم ووظائف العديد من الأجهزة والأعضاء الجسمية الداخلية ، هذه التغيرات تنعكس على سلوك المراهق حيث يكون في كثير من الأحيان مرتعشاً غير قادر على التركيز  مضطرباً في تآزره الحسي الحركي ، كثير النوم كسول ومتبلد  ، كثير النسيان ويصطدم بالأشياء ويسقطها من يده دون إرادة سريع الإثارة والغضب ومتقلب الأفكار والأمزجة أحياناً فاقد الشهية أحياناً أخرى ..... كل ذلك له آثاره الانفعالية على المراهق كالخجل من بعض المظاهر الجسمية المفاجئة وخاصة لدى الإناث أو الواقع السلبي لنعت المراهق بالرعونة والتخبط من قبل الكبار أو الشعور بالذنب وتأنيب الضمير والخوف من المرض عند مزاولة العادة السرية أو القلق عند الشعور بالتعب والإرهاق دون مجهود يذكر.

إن توهم المرض أو القلق أو الاكتئاب ما هي  إلا اضطرابات  نفسية انفعالية ناتجة في كثير من الأحيان  عن طبيعة النمو الفسيولوجي في المراهقة وتوعية المراهق بطبيعة نموه ومعرفته بأنها ظروف مؤقتة مر بها السلف قبل الخلف ، تساعده على التغلب عل مشاكله واجتياز مراهقته بسلام

الصفحة139  

اسئلة مراجعة الجزء الثاني

س-1 لماذا تعتبر مرحلة ما قبل الميلاد حجر الأساس في حياة الفرد؟

س-2 كيف تؤثر الظروف البيئية الخارجية على حياة الجنين في بطن أمه ؟

س-0 لماذا تنجب بعض النساء أولاداً وبعضهم إناثاً أكثر من غيرهن من النساء ؟

س-0 تتبع لتطور الجسمي والفسيولوجي لنمو الجنين منذ الإخصاب إلى الميلاد .

س-1 قارن بين مظاهر السلوك الحركي و الانفعالي لدى طفل مرحلة الطفولة المبكر.

س-1  لماذا سميت  مرحلة الطفولة المبكرة بمرحلة الحركة والنشاط والشقاوة ؟

س-7 لماذا يقلد الولد أباه وتقلد البنت أمها خلال مرحلة الطفولة المبكرة ؟ س-8 لماذا سميت مرحلة الطفولة الوسطى بمرحلة الطفولة الهادئة ؟

س-7 وضح كيف يؤثر الالتحاق بالمدرسة الابتدائية على جميع مظاهر النمو .

س-13 ما المقصود بالحاجة النفسية وما هي الحاجات النفسية للطفل ؟ س-11 لماذا تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة أزمات وشدة وتوتر ؟ س-12 مالفرق بين المراهقة والبلوغ؟

س-10 لماذا تعتبر المراهقة غاية في الأهمية ؟

س-10 قدم وصفاً مختصراً لمظاهر النموالجسمي والفسيولوجي في المراهقة ؟

س-11 متى تكون أحلام اليقظة سلوكياً طبيعياً لدى المراهق ؟ومتى تكون اننحرافاً؟

الصفحة140  

س-11 قارن بين الشعور بالنقص والتقلبات المزاجية كانعكاسات في طبيعة النموالانفعالي في المراهقة .

س-17 ما المقصود باللاشعور ؟ وما معنى مفهوم الذات ؟

س-18 بماذا تنصح الأسرة المراهق  حتى تعامله بطرق تربوية سليمة تؤدي إلى مساعدته على اجتياز هذه المرحلة بسلام ؟

س-17 ماهي أعراض القلق لدى المراهق ؟ وكيف السبيل لعلاجها ؟

س-23 ماهي أعراض الاكتئاب لدى المراهق ؟ ومتى يكون الاكتئاب خطيراً ؟

س-21 ماهي أسباب توهم المرض ؟ وهل لتوهم المرض فوائد ؟

الصفحة141  



الجزء الثالث مرحلتي الرشد والشيخوخة



أولًا :مرحلة الرشد :

هي مرحلة من مراحل النمو يتدخل فيها الشباب مع الرشد ولها خصائصها المتميزة في جميع جوانب النمو ، تبدأ هذه المرحلة مع بداية العقد الثالث من العمر )بعد الواحد والعشرين ( وتنتهي مع نهاية الستينات منه ، وهي أطول مراحل النمو مع أنها تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات والظروف المعيشة . الشيخوخة المبكرة والسن القانونية للتقاعد و مستوى التعليم

والثقافة ومستوى الاقتصادي للمجتمع كلها عوامل تؤثر في تأخر بداية أو بتبكير بنهاية هذه المرحلة ،مثال ذلك الشباب الذين يتأخرون في التخرج من

التعليم العالي مما يطيل فترة اعتماده على أسرته وتأخير استقلالية حياته عنها فهو مراهق من الناحية و راشد من ناحية أخرى ، أما التدهور الصحي المبكر كما هو الحال في مجتمعات العالم الثالث حيث يفقد الشخص عمله ودوره الاقتصادي والاجتماعي ويعتبره الآخرون في عداد فئة المسنين الذين لم يعودوا يمثلون أدوار الراشدين ، إذاً بداية ونهاية مرحلة الرشد تعتمد على عدة عوامل إلا أن جوانب النمو الجسمي العقلي تكتمل مع نهاية المراهقة مما يؤهل الفرد إلى دخول مرحلة الرشد.

الصفحة144  

أ .خصائص النمو الجسمي :

1ـ يصل الفرد خلال هذه المرحلة إلى توازن وتساق تام بين جميع مظاهر النمو الجسمي والفسيولوجي كالتوازن بين نمو العضلات ونمو العظام والتآزر بين النمو العصبي والعضلي مما يؤكد الدقة في الإدراك والحركات والتناسق في الاستجابات للمثيرات المختلفة .

.2 إلى اللياقة البدنية الكاملة حيث تصل القوة إلى أعلى مستوى لها خاصة قوة العضلات والعظام والجلد وكذلك اللأجهزة الفسيولوجية وأوجه النمو الداخلي كافة مع السيطرة العقلية والحسية والحركية الكاملة على جميع أنشطة و أجهزة الجسم وأطرافه المختلفة .

.0 الميل إلى مزاولة الأنشطة الرياضية والاهتمام بها والتخصيص في الألعاب المفضلة والتفوق فيها حيث يبلغ الرياضي نجوميته خلال العقدين الأولين من هذه المرحلة وعادة ما يلاح رياضات معينة كحمل الأثقال والملاكمة والمصارعة والرياضة المغامرة شائعة بين الراشدين ....

ب ـ خصائص النمو العقلي :

.1يتحمل الراشد مسئولياته القانونية والاجتماعية كافة دليل على تكامل النمو العقلي ويتحمل مسئولية سلوكه نتيجة لإدراكه الواعي للعلاقات التي تربط بين الظواهر السلوكية وحقائق الأمور المجرد وغير المباشرة كما يستطيع إدراك المستقبل القريب والبعيد .

الصفحة145  

2يدرك الراشد المواقف بأسلوب واقعي ومنطقي وعقلاني ولم تعد الآراء والأفكار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية مقبولة إلا بعد تمحيصها ومناقشتها وقياسها .

.0لم تعد العاطفة موجهة للسلوك بل يحدث التوازن بين العقل والعاطفة ويغلب على سلوك الراشدين العقلانية والتوازن والثبات.

.0 تتضح خلال مرحلة الرشد القدرة على النقد البناء مع الميل إلى القراءة لدى الشرائح المتعلمة مع الجدية في مزاولة المهنة والاستمرار في صيغة أو طريقة للارتزاق الأعمال الحرة أو أحد المهن المختلفة الأخرى .

.1 تتضح القدرة على التركيز والتفكير المنطقي والتابعة المواضيـع والانتباه لكـل جزئيـات الموقـف أو المشكلـة أو الموضوع.

.1 الاهتمام بمتابعة الأحداث العامة والقومية والعالمية عن طريق الأخبار أو القراءة أو الاتصال بالأشخاص والهيئات التي تهتم بمثل هذه الشئون .

.7 القدرة على التخطيط للموضوع ومتابعة تنفيذه وتقويمه وإصدار أحكام منطقية بشأن نجاحه أو فشله مع القدرة على التعاون والتشاور مع الآخرين بالخصوص .

ج- خصائص النمو الانفعالي :

1 . يتجه الراشد منذ بداية شبابه إلى الاهتمام بشريكة الحياة ويركز اهتمامه

على الأمور الأسرية والزواج وإشباع الدوافع والعواطف والنزعات والوجدانية عن طريق تبادل الحب مع الشرك )الزوج أو الزوجة ( والأطفال الذين يشـغلون الكبـار ويغـمرونهم بإشبـاع عــواطف الأبـوة والأمـومة والـغيرية. (1)

الهوامش:

(1)التضحية من أجل الآخرين على عكس الأنانية .

الصفحة146  

2 تعتبر مرحلة الرشد مرحلة التخصيص العاطفي بعد التعميم ، فبينما تكثر الاهتمامات العاطفية والأصدقاء و العلاقات خلال مرحلة المراهقة ، تتمحور العلاقات عند الكبار في أشخاص قلائل وعادة ما يكونوا محددين في إطار العائلي كالزوجة والأخوة والأقارب وقلة من الأصدقاء وخاصة القدامى منهم.

.0 تتصف انفعالات الراشدين بالثبات الأنفعالي بدلا من تقلب المرهقـة وتسيـر نحـو الاعتـدال المنطقـي بـدلا مـن التطـرف حتى يصبح الراشد أكثر سيطرة على انفعالاته وعواطفه ويعبر عنها دون تهور واندفاعية .

.0يتصف الراشد بالقدرة على تأجيل والاستبدال في إشباع الحاجات النفسية ولدية القدرة على اختيار الوقت المناسب لهذا الإشباع .

.1الراشد لدية القدرة على الاستقرار وتحمل مسئولية اختياراته وحتى إذا لجأ إلى مشورة أو مساعدة الآخرين فسيكون ذلك عن طريق التعاون أو للضرورات التي تفرضها مسيرة الحياة .

.1يتصف سلوك الراشد بالشعور بتقبل مسئولية والواجب ويصر على الحق ويرغب في مساعدة الآخرين .

.7 تكون طموحات الراشد متناسقة مع إمكانياته .

.8يتقبل الراشد الواقع بحلوه ومره ويدرك مرارة الحياة لن تتغير بأماني أو أحلام اليقظة ولكن تتغير بالجهد والعرق والعمل .

الصفحة147  

د- خصائص النمو الاجتماعي :


.1 يهتم الراشد بالتنظيم الجماعي أو الانتماء إلى جماعات أو منظمات تقوم بالأعمال الوطنية أ والخيرية أو الاجتماعية ويحاول دائما المساهمة في تذليل الصعاب التي تواجه المجتمع .

.2يميل الراشد إلى الزعامة المبنية على المركز الاجتماعي أو الفكر وعادة ما يكون ذلك عن طريق الإقناع والاقتناع والاحترام المتبادل بين أفراد الجماعة وزعيمها مع البعد عن التعصب الأعمى أو التزمت أو الأنانية .

.0تكون العلاقات الاجتماعية بين الراشدين أكثر عمقاً وثباتاً ويسودها الفهم والاحترام المتبادل .

الصفحة148  

ثالثاً.مرحلة الشيخوخة : قال تعالى -:





الشيخوخة ، هي المرحلة التي تبدأ مع نهاية الراشد وتنتـهي بـمرحلة الـعجز أو الـهرم وهـي مرحلة من العمر الإنسان عادة ما يطلق عليها أسم ) العمر الثالث ( والشيخوخة عملية تبدأ مع بدية عمر الفرد ، أي كل ما زاد عمره يوماً زاد اقترابه من الشيخوخة يوماً ،وكما سبقت الإشارة يصعب تحديد عمر معين لبداية مرحلة الشيخوخة فهي استهلاك تدريجي لأعضاء الجسم مع تقدم السن وتتأثر هذه العملية بعدة عوامل منها الغذاء ونوع المهنة والظروف البيئية القاسية والأمراض والحوادث والظروف النفسية المتعلقة بالفرد و تركيبة المجتمع وتقاليده...وفي أغلب المجتمعات تعتبر التقاعد القانونية بداية مرحلة الشيخوخة . وتتراوح سن التقاعد بين الخامسة والخمسين لذوي المهن اليدوية و القاسية كعمال المنجم مثلًا بينما  تتأخر إلى سن الخامسة والستين لدى أصحاب المهن السياسية وأكاديمية . الظروف الاقتصادية والديموغرافية (*) للمجتمع قد تحدد سن التقاعد وقد تكون مبكرة لإتاحة فرصة العمل لشريحة الشباب وخفض معدَّل البطالة وقد تستخدم الآلة بدلا من العمَّال الذين يجبرون على التقاعد لأسباب اقتصادية لصالح أرباب العمل .

الهوامش:

(1) سورة الإسراء الآيتان 24-23:

(*) الديموغرفية ، مصطلح يطلق لوصف التركيبة السكانية مثل الشرائح العمرية ،زيادة أو نقصان السكان أوتركيبة العرقية أو الدينية أو الجغرافية .........الخ

الصفحة149  

و قد يستخدم مصطلح المسنون تعبيراً عن الشيخوخة ويرى البعض أن الشيخوخة هي السن التي ينتهي فيها نضج الإنسان لتبدأ مرحلة جديدة من النمو السلبي أو الهدام حيث تبدأ عملية الهبوط والتفكك التدريجي لأعضاء الجسم مما يؤدي إلى عجزها عن أداء  وظائفها ، كالتدهور التدريجي لحاستي النظر والسمع وتساقط الأسنان وظهور أعراض الإرهاق والتعب والألم للأعضاء و المفاصل المختلفة مع ملاحظة بعض أعراض ضعف الذاكرة والخصائص النفسية التي يتميز بها كبار السن .

ويصف بعض المختصين الشيخوخة بأنها مرحلة عمرية تظهر فيها مجموعة من التغيرات العضوية و الجسمية تتميز بالضعف العام في الصحة ونقص القوة العضلية وضعف الحواس وتناقص الطاقة الجسمية و الجنسية بوجه عام مع ظهور تغيرات نفسية وظفية كضعف الانتباه والذاكرة ونقص الاهتمامات وشدة المحافظة و التوتر الانفعالي والرهافة النفسية ومقاومة التجديد)زهران (1770 . ودراسة الشيخوخة تشكل علماً في حد ذاته يسمى بعلم الشيخوخة وهو العلم الذي يدرس عمليات التقدم في السن والتغيرات الجسمية والنفسية المصاحبة لها ومحاولة مساعدة المسنين وحل مشاكلهم البيولوجية والنفسية والاجتماعية والصحية التي تتفاقم تدريجياً مع التقدم في السن)بدوي.(1782 يستخدم علم دراسة الشيخوخة نظريات علم النفس وعلم الاجتماع ونظريات الشخصية وعلم الأحياء والعلوم الطبية وغيرها من العلوم

الصفحة150  

السلوكية بهدف تحقيق التفاعل الاجتماعى للمسن والحفاظ على صحته النفسية واتزان شخصية ،بل وصحته العقلية والبدنية بشكل عام .

يعتبر التقاعد من أهم الأحداث التي يواجهها الفرد خلال حياته . فبعد أن كان مواطناً صالحاً منتجاً متمتعاً بمكانة أسرية واجتماعية مرموقة ، إذ به فجأة ، مواطناً مهمشاً قد لا يحتاج إلى خدماته أحد ولم يعد له دور اجتماعي يذكر ، بل يعاني مشكلات صحية و اقتصادية واجتماعية ناجمة عن تقدم سنة وتقلص دخله و فقدانه لزملائه وأقران عمله السابق . الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الشعور بالوحدة وقلة الأهمية يؤدي إلى صعوبة تكيفه مع الأوضاع الجديدة لديه شعورا سلبياً يتمثل في الإقلاع التدريجي عن الأنشطة الاجتماعية المختلفة وفقدان الثقة بالآخرين والشك في نواياهم تجاهه بل وربما إثارة المشاكل الأسرية لأتفه الأسباب . إن مثل هذه الخصائص النفسية والاجتماعية للمسنين ليست بالضرورة أن تكون حتمية لدى جميعهم بل أظهرت دراسات المتقاعدين والمسنين بإمكانية استمرارا المتقاعدين والمسنين في أنشطتهم الاجتماعية والاقتصادية التي كانوا يزاولونها أثناء الخدمة مع تطوير لهذه الأنشطة بما يلائم إمكانياتهم الصحية العامة وظروفهم الاجتماعية التي من أهمها الشعور بالوحدة بعد زواج الأبناء والبنات وتكوين أسر جديدة وربما فقدان شريك أو شريكة الحياة أو صداقات القديمة عن طريق المرض أ الموت أو ظروف أخرى أبعدتهم عن التقاعد .

الصفحة151  

مـن نتائـج هــذه الدراسات نظريتــي النشــاط والاستمـــرارية حيــث ترى الأولــى بـأن المسن يستطــيع الاحتفـاظ بقدر كبـير مـن الأنشطــة التي كان يزاولها خلال مرحلة رشده .كما إيجاد البدائل لأنشطته المفقودة وتكوين صداقات جيـدة واهتمامات بديلـة بأن نظريـة النشاط هـذه تعتمد على الإمكانيات المادية والاجتماعية المتاحة للـدور الاختياري )الدور أو الأنشطة خلال التقاعد ( فكلما زادت موارد هذا الدور استمرت الإمكانيات الجيدة مع تقدم السن ، كلما استطاع المسن مواجهة الروح المعنوية المتدنية نتيجة لخروجه من الدور الإجباري الذي كان يزاوله أثناء الرشد وقبل التقاعد . أما النظرية الاستمرارية فتقوم على افتراض مواصلة المتقاعد لنفس الأنشطة التي كان يزاولها قبل تقاعده تفاديا لاستحداث أدوار جيدة وتستند هذه النظرية إلى خصائص سلوك المسنين الذين غالباً ما يتميزون بالميل إلى المحافظة على نفس النشاط أو أنماط الحياة التي تعودوا عليها وتشير نتائج دراسات أخرى إلى أن كثيراً من المتقاعدين يحاولون أن يستمروا في أنشطة حياتيه مشابهه للأنشطة التي كانوا يزاولونها قبل التقاعد.

إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع العربي الليبي تختلف عن ظروف المجتمعات التي أجريت بها مثل هذه الدراسات ، فنظام التكافل الاجتماعي والثقافة العربية البدوية وحقوق الوالدين في الثقافة الإسلامية ونظام الأسرة الليبية ، كل ذلك مظاهر ايجابية لصالح المتقاعدين والمسنين حيث لازال دور المسن مهم مؤثر في سير الحياة الأسرية فهو عميدها الذي يستشار في كل كبيرة وصغيرة ولازالت العناية به ممثلة لأهم

الصفحة152  

واجبات الأبناء سواء من الناحية الاجتماعية أو الدينية إضافة إلى أن المجتمع الليبي يعتمد على الأنشطة الجزئية للزراعة وتربية الحيوانات مما يشغل كثيراً من المتقاعدين ويزودهم بمتعة نفسية ويشعرهم باستمرارية العمل والإنتاج ويجنبهم الفراغ القاتل . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن ظروف المتقاعدين الليبين من سكان المدن قـد يعانون نفـس مشاكل المتقاعدين في البلدان الصناعية الأمـر الذي يحتم على المسئولين إيجاد بـدائل تشغل وقـت المتقاعـدين والمسنين مثل تشكيل الملتقيات الدينية وأمكنة خاصة بهم تتوفر فيها أنشطة تتلاءم

وإمكانياتهم مع العناية الصحية والمساعدة الاقتصادية مما يخفف عنهم أعباء الوحدة  والفراغ  والعوز  الاقتصادي.  المعاشات  الأساسية  والخدمات

والمساعدات التي يقدمها الضمان الاجتماعي يجب أن تكون موضوع مراجعة باستمرار لتواكب احتياجات المسنين المتجددة وفقا للظروف الاقتصادية والاجتماعية العامة .

أ.  أهمية دراسة الكبار والمسنين :

نتيجة للتقدم العلمي والتقني خلال النصف الأخير للقرن العشرين زاد متوسط العمر في كثير من البلدان المتقدمة وزاد عدد المسنين مما أثقل كاهل ميزانيات تلك الدول حيث تعتبر هذه الشريحة فئة استهلاكية غير منتجة مما أدى إلى زيادة الاهتمام بدراستها لتخفيف كلفة إعالتها ومحاولة إدخالها ضمن الفئات الإنتاجية خاصة هؤلاء الذين شغلوا مواقع مهمة ويتمتعون بخبرة نادرة في مجال تخصصاتهم . ووصل الاهتمام بدراسة هذه الفئة إلى

الصفحة153  

أن أصبحت لدراستهم كعلم الشيخوخة وعلم نفس الشيخوخة وعلم الشيخوخة الاجتماعي . (*) إن الاهتمام بدراسة المسنين يعكس الدوافع الاقتصادية لتخفيض تكاليف إعالتهم من ناحية ويعكس كذلك توفير سبل الراحة لهم وعلاجهم وإسعادهم كعرفان لما قاموا به من أعمال تجاه مجتمعهم . ودراسة كبار السن أهدافه متعددة لعل من أهمها :

.1نتائج تخفيض المصروفات العامة على مؤسسات رعاية المسنين والأقسام الخاصة برعايتهم بالمستشفيات .

.2تطويع التقنية لمساعدة المسنين والعجزة في العناية بأنفسهم وشعورهم بالاستقلالية وتخفيف وطأة شعورهم السلبي عند اعتمادهم على الغير ، فالأطراف الصناعية والباب الآلي وأجهزة التحكم عن بعد والكرسي الآلي والأجهزة الطبية الشخصية لقياس ضغط الدم ونسبة السكر فيه وأجهزة الإنذار المبكر .. كل ذلك ساهم في اعتماد المسنين والعجزة و المعاقين على

أنفسهم مما يزيد من راحتهم وسعادتهم ، بل وكان المسنون والمعوقون سبب اكتشاف وتصنيع كثير من هذه التقنيات والأجهزة التي استفاد منها الصغار والكبار على حد سواء .

.0في المجتمعات التي لا زالت تتمتع بنعمة التكافل الاجتماعي كالمجتمعات الإسلامية تساعد دراسة الكبار على تفهم خصائصهم النفسية والصحية مما

الهوامش:

(*) بنية الشرائح العمرية ونسبتها لعدد السكان ،أطفال ،شباب ،شيوخ ...ألخ .


الصفحة154  


يمكننا من معهم بكفاية حتى نحقق إرضاءهم وسعادتهم الأمر الذي نشبع من خلاله دوافعنا في أداء الواجب نحوهم .

.0خلال سنوات الصحة والشباب نعتقد بأن كبر السن والشيخوخة تحدث للآخرين فقط إلى أن تظهر علاماتها علينا متمثلة في بياض الشعر وقصور الحواس والانحدار نحو الضعف ، عندئذ نتحقق بأن الشيخوخة ليست آتية فحسب بل لقد وصلت فعلًا . ودراستنا لخصائص الشيخوخة الجسمية العقلية الاجتماعية والانفعالية يساعدنا على التوافق معها وتقبلها كمرحلة عمريه لا فرار منها مما قد يخفف من حدة وطأتها والتعامل معها كحقيقة واقعية .

.1دراسة المسنين تساعدنا على الاستفادة من خبرتهم الطويلة في الحياة فحكمة نصائحهم وآرائهم زاد يجب أن نتزود به ونواجه به خير الحياة وشرها .

ب.التغير الجسمي والحركي لكبار السن :


.1 الضعف العام و نقص الطاقة الجسمية وضعف العضلات .

.2 الضعف الطاقة الجنسية وارتفاع نسبة إصابة البرستات عند المسنينالذكور .

.0 ضعف الحواس وخاصة السمع والبصر .

.0 انحناء الظهر وجفاف الجلد وتبقعه وسهولة انشقاقه .

الصفحة155  

1 ارتعاش الأطراف وتباطؤ الأداء الحركي.

.1 تدهور التآزر الحسي الحركي العصبي .

.7 عند الإناث تضعف الطاقة الجنسية منذ بداية سن اليأس .

.8 ضعف  المقاومة  للأمراض  وهشاشة  العظام  وسهولة  كسرها واعوجاجها.

.7 كثرة السقوط وعدم السيطرة على المشي مما يسبب إصابة المسنين بالكسور وخاصة الحوض والعمود الفقري والأطراف.

.13تساقط الشعر وتحوله إلى شعر ناعم ضعيف البنية .

.11صعوبة الشفاء من المرض نتيجة لضعف المقاومة الأمراض المزمنة .

ج.التغيرات العقلية للكبار والمسنين :

.1 ضعف  الذاكرة وخاصة ذات المدى القصير أو ضعف التذكر المباشر أوالنسيان بسرعة .

.2 ضعف القدرة على الانتباه والتركيز .

.0 التمييز والإدراك يأخذان وقتاً أطول من ذي قبل .

.0 يتميز المسنون بالتشبث بالرأي والجمود عي الأفكار حيث تجد المسن يكرر نفس الحدث أو القصة مراراً وتكرارً.

.1 نسيان المسن لما تعلمه مع صعوبة تعلم الجديد .

الصفحة156  

1 صعوبة الحفظ ونسيان الوجوه المألوفة.

.7 نقد الحاضر والمستقبل والتشبث بأحداث الماضي والتفاخر بها. .8 ظهور علامات المرض النفسي كهلوسات الحواس والبارانويا.

.7 التعصب للآراء والأفكار وعدم القدرة على المساومة وحلول الوسط .

.13كثرة الاستفسارات والتساؤلات ورغبة المسن في معرفة كل ما يدور من حوله .

.11انخفاض معدل الذكاء والقدرات العقلية المختلفة .


د.خصائص النمو الاجتماعي لدى المسنين :

.1 نقص الاهتمامات والميول والأنشطة الاجتماعية .

.2 تبقى العلاقات الأسرية قوية بين المسنين وأبنائهم كما كانت أثناء الصحة فتستمر جيدة إذا كانت جيدة أثناء ذلك الوقت والعكس صحيح .

.0يقل سوء التفاهم بين المسنين وأبنائهم إلا أن العلاقات مع أزواج الأولاد قد تسوء في أي لحظة .

.0 عادة ما تكون علاقة المسنين بأحفادهم جيدة لأنهم يساعدونهم ويولونهم الرعاية والعطف .

.1 ضعف الدور الاجتماعي للمسنين مما يضايقهم ويزعجهم خاصة عند عدم تقدير آرائهم والأخذ بنصائحهم وإطاعة أوامرهم.

الصفحة157  

1صعوبة التأقلم مع الحياة الاجتماعية المتغيرة مما يجعل مواقف الخلاف

قائمة بين الشباب والمسنين .

.7ضعف الروح المعنوية لدى المسنين وخاصة الذكور منهم يسبب الانقطاع عن الخدمة وفقدان الدور الاجتماعي وضعف الصحة وتدني الوضع الاقتصادي.

.8الاعتزاز بالقيم والمعايير والتقاليد الاجتماعية القديمة ومقاومة تغييرها .

.7 يميل المسنون إلى مصاحبة أقرانهم من العمر .

.13تزايد الشعور بالوحدة لدى المسنين مما يثير حماسهم للمشاركة في الجو الاجتماعي العائلي وإذا شعروا بالرفض أو عدم الرغبة في تدخلهم من أفراد العائلة يثورون وينزعجون نتيجة لشعورهم بفقدان أهميتهم 

هـ . خصائص النمو الانفعالي لدى المسنين:

.1 شدة التوتر الانفعالي لأتفه الأسباب .

.2التقلب الانفعالي والمزاجي والمسن يشبه الطفل أو المراهق في تأ رجحه بين السعادة والبؤس وبين الهدوء والعصبية .

.0 القلق بشأن الصحة والإصرار على زيارة الطبيب والشكوى من عدم جدوى الطب وفشله في عدم أسقامه وعلله .

.0 الشعور بالإحباط والفشل عند عدم القرة على مزاولة الأنشطة التي تعودوا على مزاولتها .

الصفحة158  

1 الشعور بالنقص والدونية للإخفاقات المتكررة والضعف الجسمى والتدهور الصحي العام مما يجعل المسن سلبيا هيوباً متردداً .

.1 تزداد النزعة الدينية ويجد المسن فيها تنفسياً وملاذاً من مشاكله ومرضه حيث يستلم إلى الارادة الالهية ويطلب من الله الشفاء والغفران

.7 كثرة الحديث عن الموت والاعتراف شفوياً بأنه حقيقة واقعة ويختلف المسنون في درجة الخوف منه تبعاً لنمط الشخصي والسلوك الماضي .

.8 الحرص الشديد والتحفظ في كل أنماط  السلوك وخاصة النواحي الاقتصادية .

.7 الخوف الشديد من الهرم والعوز وفقدان العائل أو هجر الآخرين أو الانتقال إلى مؤسسات الإيواء العامة . الآثار النفسية للتغيرات التي طرأت على المسن : ذكرنا سابقاً بأن جميع التغيرات التي حدثت للمسن في جوانب شخصية كافة تؤثر على الحالة النفسية له . يحدث ذلك  نتيجة لتداخل جوانب النمو العضوي  والوظيفي حيث تؤكد دراسات الصحة النفسية بأن الأمراض النفسية ذات المنشأ  العضوي "الأمراض الذهانية " تعتبر من  الأمراض النفسية الشديدة وفرص الشفاء منها ضئيلة وفي ذات الوقت حدد الأطباء أمراض عضوية كثيرة منها ضغط الدم والبول السكري " مرض السكر " وآلام فم المعدة وانفجار  شرايين المخ والسكتة القلبية والشلل الهستيري وتصلب الشرايين وبعض الأمراض الجلدية ، كل هذه الأمراض قد يصاب بها الفرد نتيجة لأسباب نفسية  إضافة إلى أنها قد تنشأ لأسباب مادية عضوية . إذاً التداخل بين الصحة البدنية والنفسـية ثابت ومؤكد وتدهور الصحة البدنية العامة لدى المسن وتزايـد المرض ونقص الحواس وتدهـور القوام

الصفحة159  

وفــقدان السيطرة على الأطراف تدهور الذاكرة تبقع الجلد وارتفاع ضغط الدم وعدم قدرة الجسم على التخلص من السكريات وفقدان العمل ومعها لأهمية والدور الاجتماعي والاعتماد على الآخرين ، كل ذلك يؤدي بالمسن إلى أنماط سلوكية انفعالية واجتماعية غير سوية ، الخوف من المجهول والقلق المستديم والصراع بين القديم والحديث والتوتر والحساسية الانفعالية وعدم الثقة بلآخرين والشك في نواياهم  مما يفعه إلى الاستفسار والتحقيق في كل ما يدور من حوله ،كل هذه الأنماط السلوكية تحدث نتيجة للتغيرات البدنية والعقلية التي حدثت لكبير السن والتي يصنفها علماء النفس وأطباء الصحة النفسية ضمن الانحرافات السلوكية أو الأمراض النفسية. إضافة إلى  ذلك ونتيجة لتدهور الحواس يصاب كثير  من المسنين بأمراض الهلوسة الحسية ، فهم يسمعون أشياء أو يرونها وهي غير موجودة في عالم الواقع ، ونتيجة للصراع بين القديم والحديث فعادة ما يثير  كبار السن الصراعات القيمية والأخلاقية مع الشباب وأفراد العائلة . أما التقلبات

المزاجية والانفعالية فكثيراً ما تسبب غضب الكبار ونفورهم مما يجعلهم ينتقلون بين الأبناء من مكان إلى آخر ويدخلون في صراعات مع من حولهم لأسباب غير مهمة كالاعتقاد بنقص الاهتمام بهم وبصحتهم وبأن الجميع يريدون لهم الموت . تجدر الإشارة هنا إلى أن أغلب الدراسات التي استنتجت منــها هــــذه الحقائق أجريت في مجتمعات غربيـة أهمل فيها المسـن وتــرك أمر رعايته لمؤســسات الإيـواء مجتعات شغلتـها التقنـية وتسارع أحداث الحياة اليوميــة فانهارت فيها العلاقات الإنسانيـة وضاعـت فيـــها حقـوق الوالدين وانعدمت

فيها الروابط الأسـرية وانقطعت فيها سـبل المودة والرحمـــة . لذلك يجب الحذر في تعميم  هـذه النتائج على مجتمعاتنا التي لا زلنا نأمل بأنها تتمتع بعلاقات إنسانية وقيمية إسلامية تكفل للكبير حقه في الرعاية والنظر إليه بعين الرحمة والعرفان .

الصفحة160  

انهيار النظام الأسري في بريطانيا مثلًا أدى لأن يشغل  المسنون من العزاب ) لم يتزوجوا أبداً ( والمطلقين ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين ثلثي الأسرة بالمستشفيات الطبية  والعقلية ) مؤسسات الإيواء الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية ( ورغم أن الأموال والتقنية تقدم لهم خدمات معقولة إلا أنهم يفتقدون للرحمة والمودة والعطف ، تلك الاحتياجات التي لا يستطيع تقديمها إلا الأنباء والأحبة والأقارب .

ثالثا : التخطيط لحياة أفضل لكبار السن :

أ.  سبق وأن تحدثنا عن الشيخوخة كمرحلة عمرية حتمية لا مناص منها، واستعرضنا خصائص النمو خلالها وكيف تؤدي التغيرات الصحية

والجسمية إلى تغيرات اجتماعية وعقلية وانفعالية فيسلوك المسن  وصفت في كثير من الأحيان بسوء التوافق النفسي وأشرنا كذلك إلي التقاعد من الخدمة وما يؤدي إليه من فراغ في حياة المسنين نتيجة لفراق الأصدقاء ونقص الدخل الاقتصادي وفقدان الدور الاجتماعي كما أوضحنا كيف يؤدي خروج الأبناء  من البيت بسبب العمل أو الزواج أو الانشغال بالأمور الحياتية مما يؤدي بالمسن إلى الشعور بالعزلة والوحدة والخوف من العجز والعوز .

ب. إضافة إلــى ذلــك يوجـد بيــن  كبار السـن عجــزة ومعاقين ومرضى هم في أمس الحاجة إلى التخطيط وتنسيق الجهود لتقديــم الخدمات اللائقـة بمقامهم كعرفـان

لما قدموه لنا أثناء قوتهم وصحتهم من ناحية وكأداء لحقوقهم المشروعة دينياً واجتماعياً وخلقياً وقانونياً من ناحية أخرى .

ج- نحن سنصل أيضاً إلى هذه المرحلة وبالتالي يجب أن تخطط لحياتنا المستقبلية حتى نفيذ ونستفيد وكمسلمين يجب علينا مناصرة الضعيف ومواساة المنكوب وإغاثة الملهوف وطاعة الوالدين والإحسان لهما ، الأمر الذي يجعل التخطيط لشيخوخة سعيدة واجباً دينياً وأخلاقياً.

الصفحة161  

د. نحن كعرب يفرض علينا  تراثنا الثقافي  والأخلاقي وقيمنا الاجتماعية احترام الكبير والعطف عليه وكفالته عند عجزه كحق مشروع عرفاً وديناً ومن ثم  وجب التخطيط علمياً لتقديم خدمات للمسنين على أكمال وجه ممكن.

هـ نحن  كمجتمعات نامية يشكل عدد المسنين بيننا مع نهاية  هذا القرن ما يقارب ثلثي عدد المسنين في العالم وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن عدد المسنين يقارب (173) مليون عام 2333)م( و (1133)  مليون عام

2321)م( الامر الذي سيشكل عبئاً اقتصادياً هائلًا على  ميزانيات الدول مما قد يؤدي إلى تردي الخدمات بصفة عامة وخدمات المسنين بصفة خاصة نتيجة لازدياد نسبة المستهلكين إلى جانب المنتجين وعليه يجب ألا نقتدي بسياسة المجتمعات الغربية التي دفعتها سياسة السوق والطبقية والبطالة بين الشباب إلى أبعاد الكبارعن ساحة  الانتاج والعمل وإدراجهم ضمن  الشرائح

المستهلكة  غير المرغوب  فيها  الامر الذي  يستوجب الدراسةوالتخطيط استيعاب كبار السن في الإنتاج كلما أمكن ذلك(1). و.وكما تميزالنصف الأخيرلهذا القرن العشرين بالانفجار السكاني تميز كذلك بتفشي الأمراض المزمنة والفتاكة التي لم يعهدها العالم من قبل ،مثل فقدان

المناعة وضغط الدم ومرض البول السكري وتصلب الشرايين،الأمرالذي يعجل بالشيخوخة ويزيد من أعدادها بين المواطنين مما يتطلب الدراسة والتخطيط ومعالجة المشكلة بأسلوب علمي .

ز.  التقــدم الطــبي والعلــمي والتقنــية الطبيــة ساعدت على تقدم الجراحة واستبدال الأعضاء مما يطيل مرحلة الشيخوخة ويؤدي إلى ارتفاع نسبة المسنين في المجتمع مما يتطلب تخطيطاً ودراسة لتقديم الخدمات للمسنين .

الصفحة162  

ج. في ضوء العولمة المفروضة على الشعوب وما يصاحبها من ارتباط الدول بعضها بالبعض الآخر والتحكم في الاقتصاد الوطني من قبل بعض

المؤسسات  العالمية  الكبرى  وفي  ضوء  الحروب  الحدودية  والاقليمية والمشاكل الداخلية  التي نتجت عن انهيار العالم الشيوعي الشرقي ، تبقى دول العالم الثالث  كافة مهددة في امنها واستقرارها مما يستوجب اغتنام فرصة السلام الآن والتخطيط لمستقبلها في ظل العولمة الاجبارية لشرائح مجتمعاتها كافة بما في ذلك المسنين . وفيما يلي بعض الاقتراحات  والإجراءات التي يجب اتخاذها للتخطيط لحياة أفضل لكبار السن :

.1 القرآن الكريم لم يربط النبوة بعمر محدد وذكر أنبياء تقدمت بهم  السن وطالت بهم الدعوة إلى الله ، منهم ابراهيم ونوح وزكريا عليهم  السلام ووردت قصص قرآنية تشير إلى شيوخ صالحين منهم شيخ مدين في قصة موسى وامرأة زكريا التي بشرتها الملائكة بولد وهي عجوز وزوجها شيخ كبير ، وفي سيرة الصحابة أبرار استمروا في الحكم والتبشير والعمل الصالح في سن متأخرة بل وحتى وفاتهم .


ليس أدل على قدرة كبار السن على العطاء مما ذكر أعلاه وأول خطوة إذاً عند التخطيط  لمرحلة الشيخوخة هي إعادة النظر في قوانين العمل والضمان الاجتماعي وقوانين الحقوق المدنية وغيرها من القوانين ذات العلاقة بما يؤدي إلى استيعاب كبار السن ضمن القوة الإنتاجية في المجتمع وبما يلائم قدراتهم وإمكانياتهم ،فهم معلمو الأجيال الحالية وهم  الخبراء والمستشارون في كل المجالات من الأمن والسياسة إلى القانون والتنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم .

الصفحة163  

2 يجب على كليات الطب والمؤسسات الايوائية وكليات التربية والخدمة الاجتماعية إنشاء أقسام متخصصة في مجال المسنين لتخريج كوادر متخصصة في التعامل مع مشاكلهم وأمراضهم الجسمية والنفسية .

.0 الضمان الاجتماعي ومؤسسات الخدمات الاجتماعية التابعة لمراكز الأمومة والطفولة ودور الرعاية ومؤسسات  الإيواء للعجزة والمسنين ، يجب عليها أن تقيم الدورات لكبار السن واستغلال  إمكانياتهم لمساعدة الآخرين من ناحية وتدريب كوادرها الأصلية للتعامل مع كبار السن الذين في حاجة إلى مساعدة أو خدمة من ناحية أخرى .

.0 في المجتمعات ذات الظروف الاقتصادية  المتدنية يجب السماح للمؤسسات الخيرية التطوعية وجمعيات الإحسان الخاصة على المساعدة في خدمة المسنين وتقديم العون لهم .

.1  توفر الوقت  والجهد لدى كبار السن وحاجتهم  إلى تحقيق الذات والرضا عن النفس وخبرنهم في شئون التربية تجعلهم من أفضل الشرائح الاجتماعية المؤهلة للتعامل مع الأطفال .

وعليه يجب التخطيط لإدماجهم ضمن كوادر  مؤسسات الحضانة ورعاية الطفولة والأمومة  ودور الرعاية الاجتماعية ومدارس الشق الأول من التعليم الاساسي .

.1 الأسرة الليبية الحديثة لازالت تتصف ببعض صفات الاسرة الممتدة

حيث لازال الآباء والأجداد والشباب من غير المتزوجين منهم يعيشون معاً مما يجعل لكبار السن دور اًمهما في تربية النشء الجديد ويشعرهم بالأمن والاستقرار وبذلك يجب على مؤسسات الإعلام والتثقيف والكليات الإنسانية دعم هذا النظام ودراسة وإبراز مزاياه كنظام تكافلي يفيد الصغار والكبار على حد سواء .

الصفحة164  

7 خروج المرأة إلى ميدان العمل ترك فراغا  تربوياً في  البيت ، وبذلك يجب على المختصين البحث والدراسة لتوظيف قدرات  الكبار وإمكانياتهم

لشغل هذا الفراغ مما يعود مردوده على الأم العاملة وكبير السن والمجتمع في آن واحد . 

.8 يشـــير ) فيرجيسون(1717 إلى أن مشكلـة كبار السن لا تقتصر على المأوى والرعايـة الصحية وعـلاج  المرضى ولكن مشكلتهم الحقيقة هي إشباع حاجاتهم النفسية والمعنوية وحاجاتهم إلى تقدير الآخرين لهم وتقبلهم ضمن الإطار الاجتماعي الذي عهدوه . وعليه  يجب على قنوات الترويح والترفيه والتثقيف والمسارح ومؤسسات النشر والتوزيع والإذاعات المرئية والمسموعة أن تخصص برامج لكبار السن أسوة بباقي الشرائح الاجتماعية .

.7 احتياجات الأطفال المحرومين كالأيتام ونزلاء مؤسسات الرعاية ودور الأحداث يجب أن تشبع من خلال إشباع احتياجات كبار السن إلى العطاء والمشاركة في الحياة الاجتماعية ، وعليه يجب على المؤسسات المعنية التخطيط لتوظيف هذه القدرات للمسنين المتقاعدين والكبار وكذلك الأطفال في آن واحد .

.13يمكن التخطيط لإدماج كبار السن في عملية التنشئة الاجتماعية وتحفيظ القرآن وأحكام الدين والشريعة  من خلال المساجد والكتاتيب والمنارات العلمية ، ويمكن أيضاً استغلال هذه المنابر لتعليم كبار السن من الأميين أحكام الدين والشريعة وتوعيتهم صحياً واجتماعياً .

.11محو الأمية وبرامج تعليم الكبار أحد المحاور الذي يجب التخطيط من خلالها لرفع كفاءة كبار السن ثقافياً وصحياً وحضارياً .

الصفحة165  

12يشير ) بيتكشرف (1718 إلى أن خير نصيحة للمسنين والمتمين بهم هي أن يكملوا مابدأوه من  مشاريع  خلال حياتهم العلمية (1) أي

الاستمرار في نفس  النشاط أو المهنة  التي كانوا يشغلونها ، وبذلك يجب على كل مؤسسة أن  تخطط لإدماج متقاعديها في الأنشطة  التي كانوا يزاولونها وبما يلائم إمكانياتهم كمسنين .

وختاماً يبقى مـا سطره القرآن الكريم والشريعة الإسلامية بخصوص حقوق الإنسان طفلًا وراشداً وشيخاً دستوراً نسترشد به في التخطيط والتنفيـذ لحيـاة الكبار والصغار فنظام التكافل الاجتماعي في الإسلام يفرض رعاية المسنين كحق مشروع لهم دون من أو صدقات وما الزكاة وبر الوالدين وحقوق الجار وحقوق الكبير على الصغير والضعيف  على القوي إلا ضمان اجتماعي متكامل لكبار السن والمساكين والمحتاجين .

الصفحة166  

أسئلة مراجعة الجزء الثالث

س1ـ ما المقصود بمصطلح الشيخوخة ؟ وما الفرق بينه وبين مصطلح علم الشيخوخة ؟

س2ـ ما الخصائص الصحية والنفسية للمسنين ؟

س3 ـ ما هي نظريتي النشاط والاستمرارية للمتقاعدين والمسنين ؟

س4 ـ ما الظروف التي يتميز بها المسن أو المتقاعد الليبي؟

س5 ـ لماذا تختلف بداية ونهاية مرحلة الرشد بين الأفراد والمجتمعات ؟

س6 ـ قدم وصفاً مختصرا لمظاهر النمو الانفعالي والاجتماعي في مرحلة الرشد ؟

س7ـ قارن بين مظاهر النمو الحسي بين مرحلتي الرشد والشيخوخة ؟

س8 ـ كيف يرتبط النمو العقلي في مرحلة الرشد بجوانب النمو الأخرى؟

س9ـ لماذا ندرس مرحلة الشيخوخة ؟ وماذا يستطيع المسنون  أن يقدموا لنا

س10 ـ ما هو نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام ؟

س11ـ كيف يضمن نظام التكافل الاجتماعي حقوق المسنين بحكم التشريعة والقانون؟

س12ـ ما الخصائص العامة لنمو الجسم عند المسنين ؟

س-13 كيف تؤثر التغييرات الصحية والجسمية لدى المسنين على نموهم الاجتماعي والانفعالي ؟

الصفحة167  

س14 ـ ما الأثار النفسية للتغيرات العامة التي تحدثت للمسنين ؟ س-15 لماذا يجب أن نخطط لحياة المسنين قبل الوصول إليه ؟ س-16 بماذا تنصح الأسر التي يعيش فيها الجد أو الجدة أو كلاهما؟

الصفحة168  




 الصفحة169  

الصفحة170  

أنظر الجدول الموجود في الصفحة 171 

الصفحة171