الملعم الناجح في التربية والتدريس

المؤلف: فرح أسعد

التصنيف: كتب أخرى

عرض PDF

الوصف:

فرح أسعد، الملعم الناجح في التربية والتدريس، الطبعة الأولى، دار ابن النفيس للنشر والتوزيع 2018.

تقديم:




هذه خلاصة في التعلّميّة المقارنة (علم التدريس المقارن التدريسية المقارنة - التعليمية المقارنة) ، كتبتها لما تولّيتُ تدريس

طلاب ماجستير ديداكتيك المواد بالمعهد العالي للتربية والتكوين المستمر...

وقد حفزني على أن أنشرها قلّة المراجع العربية في هذا الموضوع فهو بطبيعته حادث بعض الشيء مقارنة بمباحث تربوية أخرى، متأخر في النشأة عن أصله  (ديداكتيك المواد) ... ولا يزال يحتاج إلى ترجمات تُغني المكتبة العربية بمباحثه وقضاياه، فضلا عن حاجته إلى أن يكون حقلاً إبداعيًّا يطرح فيه الديداكتيكي العربي مشكلاته، ويعالجها بعمق مشاركة في تطوير الواقع التعليمي التعلمي بمجتمعاتنا، وإثراء للمكتبة العالمية بمنجزات أصيلة تُحلّل الوقائع والوضعيات وتقارن بين الممارسات والتدريسيّات، وتقترح الحلول وتبتكر المفاهيم والنماذج...  

الصفحة7 

وأراني في هذه المقدّمة مدعوا إلى أن أستحضر ما قدّمتُ به بين يدي الرسالة السابقة التي سمّيتها "مدخل( إلى علم تدريس المواد) ، مؤكدًا على أنّه لا يُمكن للمجتمعات أن تُبدع بلغة غيرها حتى وإن نجح بعض أفراد تلك المجتمعات في ذلك، ثمّ حتى وإن اختارت واعيةً أن تقترض "الصيغ" بحسب الحاجة وتوطنها في خطابها بحسب قوانين لغتها..

لا يُمكن للأمم أن تنخرط في مسارات التحضر والإبداع الثقافي إلا بقدر ما تمتلك من ترسانة اصطلاحيّة غنية وراشدة ومحدثة    (محيَّنة) ومتسقة.

والمجتمعات التي تعجز عن أن تصنع المعرفة بلغتها، وتسارع إلى التعبير عن أفكارها وإبداعاتها فضلا عن خطابها العادي بلغة الغير، آيلة إلى الاندثار، فاقدة لمشروعها ومثلها الأعلى الذي يضرب لها بسهم في الوجود، تحت الخطى إلى الفناء في ذلك الذي تستدعي لغته، فناءً لغويَّاً وفناءً ثقافيًا، لأنّ اللغة وعاء الثقافة، وهي التعبير الأوضح عن مقوماتها...

الصفحة8 

: وقد بنيت هذه الرسالة على ثلاثة مباحث

خصصت المبحث الأول لعرض عدد من المفاهيم الأساسية في كل من الديداكتيك والبحث المقارن باعتبارهما الثنائي الذي يتألّف منه المركب النّعتي عنوان الوحدة التعليمية ( الديداكتيك المقارن) ...

وفيه تعرّضت للتذكير بمفهوم الديداكتيك( تدريسات المواد) ، وبسجلاته الثلاثة : المعرفي والنفسي والنفس اجتماعي، وحلّلت - بما يناسب المقام - مفهوم النّظام الدّيداكتيكي ومنظوماته الفرعية، ثمّ اهتممت بمفهوم المقارنة من حيث تعريفه وتاريخه وأهداف البحوث المقارنة والمسافة النقدية التي يُريد أن يأخذها المقارن من الموضوعات التي يُخضعها للمقارنة، والاهتمامات التي تحركه، والخطوات الإجرائية التي يقطعها في بحثه...

وأما المبحث الثاني، فقد تناولت فيه الأسس النظرية للتعلمية المقارنة، بدءًا بتعريف التعلمية المقارنة وعقد مقارنات بينها وبين التعلمية العامة أو التربية المقارنة ...

الصفحة9

كاشفًا عن وجه الأهمية في التعلمية المقارنة، ومحدّدا بعض أهدافها وأسسها والخصوصية المميزة لها، ومفاهيمها الأساسية...

أما المبحث الثالث فقد خصصناه لعرض نماذج من مجالات المقارنة وإشكالياته مثل : مجال النقل الديداكتيكي، ومجال اللغة والتعلم، ومجال العقد الديداكتيكي، ومجال التصوّرات عن المواد، كاشفًا عن معنى التّرحّل الذي تعرفه تلك المفاهيم من تدريسية إلى أخرى، وما يطرأ عليها من عمليات تحويل وتوطين داخل كل تدريسية...

الصفحة10 



مفاهيم أساسية في الديداكتيك والبحث المقارن :




:في تعريف الديداكتيك(تدريسات المواد)

يحدد أستولفي وديفلاي[1] مجال اهتمام تدريسيات المواد "بدراسة التفاعلات التي تربط بين كل من المدرّس والمتعلم والمعرفة داخل مجال مفاهيمي معين، وذلك قصد تسهيل عملية تملك المعرفة من قبل المتعلّمين". وهو بتحديد مجال اهتمام

: التدريسيّات يُعطيها تعريفاً دقيقا يتكون من ثلاثة أجزاء

فهي "العلم أو المجال التربوي الذي يدرس التفاعلات التي تربط بين كلّ من المدرّس والمتعلم والمعرفة"، وهو معنى قد

تشترك فيه التدريسية مع مجالات تربوية أخرى كثيرة.

الهوامش:

 [1] Astolfi jean-Pierre & Develay , Michel.(1993).La didactique des sciences. Paris : Press universitaire de France. :p.9

الصفحة11   

فيضيف قيد "داخل مجال مفاهيمي معين" ليضفي خصوصية على هذه الدّراسة، فهي تتعلق بمجال تعلمي ليعلن بذلك ارتباط التدريسية بالمحتوى والمادة المدرسة. 

ويضبط الهدف من تدريسيات المواد بوضوح " وذلك قصد تسهيل عملية تملك المعرفة من قبل المتعلمين."

وتعمل التعلمية في هذا السياق على الكشف عن مختلف "الإيواليات المستخدمة من قبل الفرد المتعلّم لتملّك المفاهيم والمعارف المتصلة بمجال معرفي معين.

وتحاول أنيت بيغين ان تسلّط الضوء على الأسس والافتراضات التي تقوم عليها التعليمية فتقول: "يعتمد الديداكتيك (فن التدريس) على ثلاثة افتراضات وجود محتوى لمادة تعليمية محددة، وقابلية التعليم المعرفي للأفراد، ووجود تقنيات لنقل المعرفة القابلة للصياغة وللتعليم. [2]

الهوامش:


[2] Beguin, Annette. (1996). Didactique ou pédagogie documentaire ? Ecole des

lettres des collèges. N°12. 1995-1996, pp.49-64.

 الصفحة12


: السجلات الثلاثة للديداكتيك

: إنّ تعلميّات المواد تهتم عموما بمجالات ثلاثة يمكننا القول - مستأنسين ببعض أطروحات هالتي وأستولفي[3]

: فهي أولاً تفكر في محتويات المادة التعليمية... وذلك بتحليل

المفاهيم الأساسية للمادة والعلاقات التي تربط بينها..

 خصائص المعرفية لمحتويات التعلم، فقد تكون معارف تبنيها أو مهارات تنمّيها أو سلوكات ترسخها أو اتجاهات تصنعها المنزلة ..

الإبستمولوجيّة لتلك المحتويات مميزة بين المعرفة العالمة بما تقتضيه من تنوّع في المدارس وعمق في . و.

الهوامش:


أنظر:  [3]

• Astolfi & Develay: La didactique des sciences: p.9.

• Astolfi, Jean-Pierre. (1986). La didactique: c'est prendre des distances avec la pratique.. pour mieux y revenir; in EPS Contenus et didactique; Actes du Colloque, Paris, SNEP.

الصفحة13

مناهج البحث والاستدلال واختلاف شديد في التقسيمات و الانتهائات  والمعرفة المختصة بها تقتضيه من الإصلاحات و المناهج المميزة والمواضعات والتعاقدات التي يؤسسها أهل كل اختصاص لتيسيرالتواصل بينهم و معرفة اجتماعية تنموفي اطارالتفاعل الاجتماعي بين مختلف مكوّناته ويتعارف عليها أهله

باعتبارها معرفة مرجعيّة لهم، ويتعاقدون عليها أسسا للتواصل والتعايش وتيسير المعاملات وتنظيمها.... 

. والمنهجية المتوخاة في بناء تلك المعارف بين نقل تعليمي بمسافاته ومستوياته المختلفة، أو إنشاء وإبداع يبادر إليه.

المتعلّم وينشره على ما يتوفّر له من المحامل الورقية والرقمية....

وتاريخها المؤسساتي وتحوّلاتها التي طرأت عليها منذ نشأتها وانقلابها إلى معارف مدرسيّة تُدرس في المؤسسات المتخصصة في .

كل فن ....

الصفحة14 


 _وهي تبحث - ثانيا - في ظروف تملك المعرفة وشروطه، وذلك بالتساؤل حول بناء المفاهيم من طرف المتعلمين داخل عملية التعلم، وما يستلزمه هذا البناء من معارف سابقة وما يثيره من تصوّرات في أذهان المتعلمين، وما يستتبعه من عوائق . 

 وهي ثالثا تعالج تمشيات التعليم و التعلم الخاصة بمادة مدرسية معيّنة، وذلك بمحاولة ربط التحاليل المقامة في النقطتين السابقتين بعمل المدرّس وبتنظيم وضعيات التعلم، وبناء المقاطع التعليمية، وبمواءمتها لطبيعة الجمهورالمستهدف وذلك بتسليط الأضواء على كيفية سير عملية التعليم والتعلم داخل الفصل .

: وهي بذلك تجعل للتدريسيات سجلات ثلاثةً تُصدر عنها (تنطلق منها) وهي

السجل الإبستمولوجي. _

 السجل النفسي.  _

  السجل النفس اجتماعي. _

     الصفحة15                                                                                                                               

النظام الديداكتيكي ومنظوماته الفرعية :

التدريس نظام متداخل العناصر، وهو في داخله يقوم على عدد من الأنظمة الفرعية التي تتفاعل فيما بينها، ولنصطلح على تسمية تلك الأنظمة الفرعية منظومات تمييزا بينها، وهي تكاد لا تخرج عنهذا الثلاثي:

منظومة المدرس بأطرافه المختلفين وعناصر وعلاقاته المتنوعة.... .

 منظومة المتعلم بتجلياته المختلفة وتمثلاته وأبعاده ....

 منظومة المعرفة بمحاملها المتنوعة والمتجددة وإستراتيجيات بنائها .....

(انظر الشكل(1): النظام الديداكتيكي ومنظوماته الفرعية ،الصفحة 16 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

الصفحة16

وتربط بين تلك المنظومات الثلاث علاقات و تنظمها تمشيات ومسارات أوجزها بعضهم في ثلاثة (تمشيات التعلم ، تمشيات التعليم، تمشيات التكوين ) وتتوارى خلفها عناوين ثلاثة وهي (التصورات، العقد التدريسي، النقل التدريسي) .....

(انظر الشكل (2): النظام الديداكتيكي :التمشيات والعلاقات ،الصفحة17 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

الصفحة17

في تعريف المقارنة :

قارنه (مقارنة) وقارن الشّيء بالشيء وازنه به (المعجم الوسيط ) [4].وفي الإنجليزية عُرّفت كلمة بمعنى ولا بد من الملاحظة أنّ 

الوضع اللغوي للفظ "قارن" قد لا يساعد على هذا الاصطلاح الحادث، إذ المقارنة هي المصاحبة، فليست على ما يريده منها البحثون في المقارنة من أنها بمعنى "فاضل" أو بمعنى "وازن" إذ الموازنة بين الأمرين: الترجيح بينهما. أو بمعنى "قايس" إذ المقايسة بين الأمرين: التقدير بينهما.يقول الشاعر :

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي وقال ابن منظور : "وَقِيلَ : إِذا قارن شَرَفُ الذَّاتِ حُسْنَ الفِعال سُمِّيَ تَجْدًا" (لسان العرب: 395/3)

 وقد اشتق القدامى من مادة القرن "الاقتران" بمعنى الازدواج، فقالوا : "اقترن فلان بفلانة" أي تزوّجها، وسُمّي النكاح "القران".

غير أننى لاحظت أن في المقارنة بهذا المعنى الاصطلاحي الجديد ما يحيل على المعنى الأصلي للفظ المقارنة ، فأنت في الدراسات المقارنة تضع العلوم أو المباحث قبالة بعضها بعضًا خطوةً ضرورية للموازنة بينها ، فتكون التسمية قد استلهمت 

الصفحة18


الفحص من أجل التعرّف على التشابه من عدمه (قاموس ويبستر، 1999) . وهي وسيلة تُتخذ عادةً لفحص شيئين والموازنة بينهما وصولاً للحكم.

بداية ما يكون من الفعل العلمي في الدّراسات المقارنة، وهو الجمع بين مجالي المقارنة والمقابلة بينهما ليسهل استخراج ما بينهما من نقاط الالتقاء ونقاط الافتراق. ومنه قول ابن منظور:  "دُورٌ قَرائنُ إِذا كَانَتْ يَسْتَقْبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا" (لسان العرب: 339/13) ، وهذا الاستقبال مرحلة مهمّة من مراحل البحث المقارن.

ومثل هذا المعنى يُوفّر نوعًا من المشروعية اللغوية هي سند إضافي لمشروعية الاستعمال والاصطلاح... فأنتَ لا تكاد ترى كتابا عربيا حديثًا، إلا وفي هوامشه " قارن ذلك بما ذُكر في..." ، وبإمعان النظر في مثل ذلك القول تلحظ هذا الذي بينا لك، فقولهم: "قارن"، يريدون به: "اربطه " بغيره، لتتبين وجه الفرق أو وجه الاتفاق... وبذلك يحضر المعنى الأصلي للفظ المقارنة والمعنى الحادث في غيرتكلف ... 

الصفحة19

في تاريخ المقارنة :

المقارنة ظاهرة علمية قديمةٌ، اتّخذها الباحثون أداةً لتعميق الرؤى والأنظار ولتطوير المعرفة في آن، ويكفي أن نضرب عليها مثلا في ثقافتنا العربية الإسلامية بكتاب ''بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد أو غيره من الكتب التي عُقدت للمقارنة بين مذاهب الفقهاء وهي لا تُحصى.

غير أنها شهدت تطوُّرًا كبيرًا منذ القرن الثامن عشر، لتصبح منهجًا قائما بذاته يقارن به بعض العلماء اللغات (اللغويات المقارنة)، ويقارن آخرون الآداب (الأدب المقارن)، ويقارن غيرهم المعتقدات(الأديان المقارنة).

وقد اكتشف الطب وكذلك القانون، بل وجميع العلوم الأخرى، ولا سيما العلوم الإنسانية، أهمية المقارنة مدخلا للتطوير والتجويدوفتح آفاق جديد للتفكير.[5]

الهوامش:


]5[ De Fumichon, Bruno de Loynes. (2013). Introduction au droit compare. Journal de Droit Compare Du Pacifique: Collection Ex Professo': Volume II. p. 5

الصفحة20 

 وقد اعتبر كلود بورجيلات (1779-1711) - وهو مؤسس العلوم البيطرية ومبتكر أوّل مدرسة بيطرية في أوروبا في ليون عام (1761) - أب علم الأمراض الحيوية المقارن. وهو الذي اعترف - حين كان سكوير ملك فرنسا لويس الخامس عشر - بفائدة الرّعاية المقدمة للحيوانات من خلال فهم جسم الإنسان، كتب يقول: "إنّ تطبيب الإنسان مفيد لمعالجة الحصان والعكس صحيح .

وقد تطوّرت البحوث المقارنة وتكاثرت مجالاتها حتى ذهب البعض[7] إلى حدّ التساؤل عما إذا كان من الضروري "بناء علم للمقارنة"،  بينما لا يرى فيها البعض الآخر سوى "طريقة" تستحق الاستكشاف . [7]  

من أهداف البحوث المقارنة :

تُستخدم الدّراسات المقارنة عموما لتجويد البحث في مجال معيّن، وتنسيق المفاهيم والتصوّرات وتوحيدها فيه.

الهوامش:


[6] Jucquois, 2000, p. 43

]7[ Mercier, Alain; Schubauer-Leoni, Maria Luisa & Sensevy, Gérard. (2002). Vers une didactique comparée. In: Revue française de pédagogie, volume 141. Vers une didactique comparée. pp. 5-16. p.5

الصفحة21

وقد لعبت، وهي لا تزال تلعب أحيانًا، دورًا أكثر طموحا : فهي تمارس في ظروف معينة وظيفةً إبداعية داخل المجال الذي تتعلّق به.[8]

 وهي بالتالي تتيح فرصًا متجدّدة لتطوير ذلك المجال الذي تتعلق به، وتفتح آفاقاً للتجديد ما كانت المعرفة المتخصصة لتدركها لو بقيت منغلقة على ذاتها ومكتفية بحركتها الداخلية .

ويكشف مارك أنطوان جوليان أهمية فكرة المقارنة وأهدافها وهو بصدد تقديم بعض مبررات التفكير في التربية المقارنة :

''ساهمت الأبحاث في التشريح المقارن في تقدّم علم التشريح، وبنفس المنطق، فإنّ الأبحاث حول التربية المقارنة يجب أن تُقدّم أدوات جديدة لتطوير علوم التربية'' . [9]

الهوامش:


]8[ De Fumichon Introduction au droit comparé: p. 5

]9[ De Paris, Marc-Antoine Jullien. (1817). Esquisse et vues préliminaires d'un ouvrage sur l'éducation comparée, et séries de questions sur l'éducation. Paris: Imprimerie de fain. p. 13

الصفحة22

لقد ارتبطت الدعوات إلى المقارنة غالبا بها يطرح من أفكار لتحسين عمل المجتمعات البشرية في المجال الخاضع للمقارنة ، ومن تلك الأفكار أو الغايات : [10]

الخروج من السجن المحل للرؤى والأفكار'' .... _''

_'' تعزيز التعددية اللغوية ''....

_'' تحسين القوانين الوطنية''... 

 _'' تجديد التعليم وتحسينه " ....

_" تعزيز الإنصاف العالمي"، إلخ..

_ أخذ مسافة لتقدير "القريب" و"المألوف" بشكل أفضل...

الإحالة على مفهوم "الاستبعاد"، الذي نوقش على وجه الخصوص في عمل كارلو جينزبرج   _

   . [11](2001 distance )  وعنوانه بالفرنسية

الهوامش:


[10] Mercier et al.: Vers une didactique comparée : p. 5-6

[11] ibid.

الصفحة 23  

مسافة المقارن : 

لقد اكتشفنا كمقارنين في المجال الديداكتيكي، ونحن نسير على خطى أسلافنا في العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، الحاجة إلى إعطاء أنفسنا وسائل لكسر الألفة، حدَّ الانفصال، بهدف التخلّص من الروح المركزية للرّؤية الديداكتيكية المكتسبة من خلال تعلّمية المادة الذي أجرينا فيها بحثنا حتى الآن. [12]

 وهذا المعنى هو الذي يُعبّر عنه بعضُهم بمسافة المقارن، تلك المسافة التي تعطيه الفرصة لأن يرى الأمور على غير ما تعوّد، ولأنيمارس العمل النقدي في شيء من الموضوعية التي يحتاجها كل عملعلمي جاد...

اهتمامات البحوث المقارنة :

يبدو أن البحوث المقارنة كما تم التعامل معها في العقودالأخيرة، تُسائل بشكل أساسي العلاقات التي تربط العلوم الإنسانية بعضها ببعض وبالعلوم الأخرى. 

الهوامش:


[12] Mercier et al.: Vers une didactique comparée : p. 9

الصفحة24

ولقد ظرهت،منذ بداية مغامرة المقارنة ،بعض الكلمات الرئيسية مثل :''التشابه ''و ''الاختلاف'' ، أو ''الإقتران'' مقابل ''الافتراق'' كمفاهيم عابرة لمعظم الأعمال . [13]

الخطوات الإجرائية للبحث المقارن :

إذا أحببنا أن نضع تصورا إجرائيا للبحث المقارن، مستفيدين مما اقترحه بيريداي، فإننا نحصل على خطوات أربع: [14]

1-الوصف: ويقوم على عرض المعلومات وما يتطلبه ذلك من قراءات وتسجيل ثم وضع فروض معينة أو تعميمات أولية تحتاج اختيار. 

-التفسير: ويقوم على تحليل المعلومات في ضوء ظروف كل علم أو مادة ومن خلال الجوانب المختلفة للظاهرة.2

الهوامش:


[13] Mercier et al.: Vers une didactique comparée : p. 6

انظر: بدران، شبل. (2004) التربية المقارنة: دراسات في نظم التعليم،  ]14[

 (ط. رابعة). الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية : ص 25

الصفحة25

-المناظرة : وتقوم على وضع أساس المقارنة بين المعلومات والمعطيات المجمعة وترتيبها وجدولتها في ضوء الأفكار الرئيسة،  ومحاولة إيجاد أوجه تشابه واختلاف.

4-المقارن وتقوم على إتمام المقارنة بين المعطيات المجمعة في المواد أو المجالات موضوع الدراسة، سواء بطريقة طولية أو عرضية، تؤدّي إلى نتائج عامة تتلاءم مع الفروض المسبقة.

الصفحة26



الأسس النظرية للتعلمية المقارنة:




تعريف التعلمية المقارنة :

ليست التعلمية المقارنة تربية مقارنة، فهذه علم يهتم بدراسة نظم التعليم وأوضاعه في البلاد المختلفة، مع رد كل ظاهرة من ظواهره إلى أسبابها الحقيقية التي أدت إلى ظهورها على نحو ما هي عليه، وعادة ما توظف في دراسة هذه النظم أساليب وطرق البحث التربوي التي توظفها كافة العلوم الإنسانية. 

وأول من عرفها هو الفرنسي مارك أنطوان جوليان قائلا: "الدراسة التحليلية لنظم التعليم في البلاد المختلفة على أساس الحقائق والملاحظات، وترتيبها في جدول يسمح بالمقارنة بينها، بهدف

الصفحة27

الوصول إلى تطوير نظم التعليم الوطنية وتعديلها بما يتماشى مع الظروف المحلية ".[15]

أما التعلمية المقارنة فهي علم (أو منهج) يهتم بدراسة تعلميات المواد المختلفة، ومقارنتها ببعضها لتعرف جوانب الاتفاق والافتراق بينها، للاستفادة منها في تطوير التعلميات الخاصة، وتعزيز التنوع والتعددية المنهجية، ودعم الفعالية التعلمية التعليمية، وتجديد التعليم وتحسينه. [16]

 وعرفها رويتر وآخرون بأنها "مشروع بحثي حديث يهدف إلى توفير نوع من الحوار بين تدريسيات المواد. وهي ليست مادة بحثية ! جديدة تريد أن تؤسس "التدريسية" (أو "التدريسية العامة") متجاهلة خصوصية المواد التعليمية التي تدرس وتتعلم، خصوصية هي الأساس لكل تدريسية. 

الهوامش:

 [15] Marc-Antoine Jullien Esquisse et vues préliminaires d'un ouvrage sur l'éducation comparée, et séries de questions sur l'éducation. 

  ] الجوادي، رياض. (2020). مدخل إلى تعلميات المواد.دار التجديد للطباعة وانتشر والتوزيع والترجمة .      16[

الصفحة28

التدريسيّة المقارنة هي بالأحرى مشروع علمي لمقارنة التدريسيّات، يهدف إلى وصف الخصوصيات المميزة لكل منها ( والتي تعتمد بشكل خاص على عناصر التدريس والتعلّم) وكذلك الثوابت فيها جميعها " [17] .

بين التعلمية المقارنة والتعلمية العامة : 

ليست التعلمية المقارنة تعلّميّةً عامةً، ويمكن الفرق بينهما في أمورمنها:

 أن التعلمية العامة تهتم بالقواسم المشتركة ونقاط الالتقاء ،وحدها، بينما تبحث التعلمية المقارنة في نقاط الالتقاء والاختلاف معا..

تؤسس التعلمية العامة تصوّرا منفصلا عن التعلميات الخاصة، بينما تتحرّك التعلّمية المقارنة في إطار التعلميات الخاصة دائما .  .

الهوامش: 

]17[ Reuter, Yves; Cohen-Azria, Cora; Daunay, Bertrand; Delcambre, Isabelle & Lahanier-Reuter, Dominique. (2013). Didactique comparée. Dans Y. Reuter, C. Cohen-Azria, B. Daunay, I. Delcambre & D. Lahanier-Reuter (Dir), Dictionnaire des concepts fondamentaux des didactiques (pp. 71-74). Louvain-la-Neuve, Belgique: De Boeck Supérieur.

الصفحة29

 .ليس للتعلمية العامة وجود واهتمام نظري مؤسس كالذي تلقاه التعلمية المقارنة، والبحوث المنجزة في المجانين خيردليل على ذلك. .تستهدف التعلمية العامة تطوير نفسها باعتبار ما تستبطنه من الانفصال عن التعلميات الخاصة، وهو ما أشرنا إليه من قبل، بينما تستهدف التعلمية المقارنة تطوير التعلميات الخاصة ولا تفصل نفسها عنها، ولا تتنكر للدور الذي تلعبهمن أجلها.

.قد يتفقان في بعض الأهداف البعيدة باعتبار ما براكمانه كلاهما من القواسم المشتركة بين المواد وتعلمياتها المختلفة، ولكنهما يختلفان في الموضوع والأهداف القريبة بالنظر إلى اهتمام أحدهما بالمختلف دون الآخر، وبالنظر إلى إعلان أحدهما الولاء للتعلميات الخاصة والعمل على تطويرها،بينما يظهر الثاني بمظهر البديل عنها المستقل بذاته.

الصفحة30

(انظرالجدول الصفحة31) ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه. 

الهوامش:


[18] Astolfi, Jean-Pierre & Develay, Michel. (1993). La didactique des sciences. Paris: Presses universitaires de France. p.9

[19] Comu, L. & Vergnioux, A. (1992). La didactique en questions. Paris. Hachette: p. 15

الصفحة31

أهمية التعلمية المقارنة :

لم تشدّ التعلمية عن قاعدة العلوم في المقارنة، إذ يبدو أن إحدىأهم طرق تطوير تعلميات المواد تمر حاليا عبر أعمال في التعلمية المقارنة [20] ،تعرفي إلى نقاط الاتفاق والافتراق، وتفاعلاً مع ما يمكن أن يُنقل من مجال إلى مجال واستفادة من الخبرات والتجارب فيا يمكن أن تلتقي فيه المجالات المختلفة، بعد النقد والتعديل والإضافة والتطوير...

وقد رأينا من قبل كيف استفادت مواد تعليمية كثيرة من مفهوم النقل التدريسي الذي ولد في أحضان تدريسية الرياضيات،

رغم ما  وجهته لهذا المفهوم من النقد ومقترحات التطوير حتى يتلاءم معالبيئات الجديدة التي سينتقل إليها.

ومن أهداف هذه الأعمال القائمة في مجال التعلمية المقارنة دراسة مدى وضوح استخدام المفاهيم النظرية للديداكتيك في مجال

الهوامش:

]20[ Johsua, 2001 ; Mercier et al., 2002

الصفحة32

تعليمات المواد المختلفة [21] . واختيار مدى فعاليتها في تطوير الحقل التدريسي لتلك المواد.

من أهداف المتعلمية المقارنة :

يمكن أن تلخص أهداف التعلمية المقارنة في النقاط التالية :

• أخذ مسافة نقدية من الممارسات التي اعتادها التدريسي فيحقل ما معرفي...

 كسر الألفة والروتين اللذين قد يمنعان من التفكير الابتكاري .... •

• التخلص  من الرؤية المركزية التي قدر تكرس معنى الاكتفاء داخل مادة معينة، مما يحرمها التطور بسرعة، وبمنعها المسايرة المتجددة والشريعة للمتغيرات...

تجويد البحث في ديداكتيك المادة، وهو هدف يرافق فكرةالمقارنة في أصل نشأتها..... •

الهوامش:


[21] Legardez, Alain. (2004). Transposition didactique et rapports aux savoirs : l'exemple des enseignements de questions économiques et sociales, socialement vives. In: Revue française de pédagogie, volume 149, pp. 19-27. p. 19

الصفحة33  

.دراسة التطبيقات المختلفة المفاهيم التعلمية، وتبين مدى وضوح استخدام المفاهيم النظرية للديداكتيك في مجان تعلميات المواد المختلفة [22] ، واختبار مدى فعاليتها في تطويرالحقل التدريسي لتلك المواد.

فتح آفاق إبداعية يستلهمها من التجارب المختلفة.... .

مساءلة العلاقات التي تربط التعلميات، وتبين ما بينها مننقاط الائتلاف والاختلاف . .

(أنظر الشكل(3):من أهداف الديداكتيك المقارن، الصفحة34 ضمن النسخة الورقية بدف 

الهوامش: 

[22] Legardez : Transposition didactique et rapports aux savoirs : p. 19

الصفحة34

من أسئلة التعلمية المقارنة:

يطرح المهتمون بالتدريسيات المقارنة عدد من الأسئلة التي تجتهد في تحديد ماهية تلك التدريسيات وموضوعها، وهم بلخصونتلك الأسئلة في واحد تقريبا تتفرع عنه بقية الأسئلة:

ماذا نقارن في التدريسيات؟

هل نقارن عناصر التعليم أو التعلم ... تنتمي إلى عديدالتخصصات ؟

أم هل نقارن عناصر تعليم أو تعلم تنتمي إلى أشكال مختلفة من التعليم أو التربية؟

أم نقارن تعلمات؟

أم نقارن" تمشيات عقلية مشتركة بين العديد من التخصصات"؟ على حد تعبير ديفلي نقارن [23] .

 أم الأطر المعرفية وبالتالي المنهجية للتدريسيات؟

الهوامش:


[23] Develay Michel (1994), Peut-on former les enseignants?, Paris, ESF: p. 54

الصفحة35

هل هذا هو ما يمكن أن يحدد التعلميات المقارنة بالشكل الأكثرصرامة؟

لقد ودعمت التدريسيات منذ البداية الأبحاث التي أجريت على المقارنات أو التصنيفات مما يسمح بتحديد المتكرر في وضعيات التعليم وفي التعلمات، أو فيما يخص أقطاب العملية التعليمية.

وقد كان هذا هو الحال فقط بالنسبة إلى جميع الأبحاث فيتدريسية التاريخ خلال التسعينات [24] .

يفترض النهج المقارن نوعا من الاستجواب الممنهج حول طبيعة هذه المقارنة وأداءها ... فهو لم يعد فقط طريقة مقارنة بل هي موضوع تحقيق.

الهوامش:


[24] Lautier, Nicole & Allieu-Mary, Nicole. (2008). Note de synthèse : La didactique de l'histoire, Revue Française de Pédagogie, n° 162, janvier-février-mars, p. 95-131.

الصفحة36

من أسس التعلمية المقارنة:

يجب التأكيد على أنه لا يمكن مقارنة عنصرين، دون معرفة كلواحد منهما إلى درجة كافية. لذلك يجب، من حيث المبدأ، البدء بدراسة تعلميات المواد، قبل الشروع في مقارنتها [25] .

فعلى كل تعلمية أن تثبت ملاءمتها وتماسكها الداخلي من خلال عزل مشكلاتها البحثية ذات الأولوية، وإنتاج نظام مفاهيمي خاص پنا تصميم ممارسات جديدة، يسمح يفهم ظواهر التعليم التعلم المتعلقة بالمعرفة التي تدعي أنها مسؤولة عنها .

الخصوصية المميزة للتعلمية المقارنة :

تقوم البحوث المقارنة عادة بين التجارب ونماذج مختلفة لنفس العلم، فالقانون المقارن بحث مقارن بين قوانين تنتمي إلى تجارب ومواقع مختلفة، ولكنه لا يخرج عن كونه بحثا في القانون، أي في ذات العلم .

الهوامش:


[25] De Fumichon : Introduction au droit comparé : p. 1 

[26] Mercier et al.: Vers une didactique comparée : p. 7

الصفحة37

والأدب المقارن بحث مقارن بين آداب تنتمي إلى تجارب ومواقع مختلفة، ولكنه لا يخرج عن كونه بحث في الأدب، أي في ذات المجال.

بينما تنشأ التعلمية المقارنة من فرضية أخرى فهي تنبثق من تعلميات المواد وليس من ديداكيتك عام. وهذا يعني أننا تنخرط بشكل خاص في مواجهات بين علوم مختلفة (تعلميات مواد مختلفة) تشكلت بشكل مستقل عن بعضها البعض[27] .

وهذا النوع من العمل المقارن ستعترضه عقبات إضافية أو مختلفة بعض الشيء، أو على الأقل لا يمكن اختزالها في تلك التي تمت 

مواجهتها في مجالات المقارنة الأخرى التي تتميز بأنها تحدث داخلنفس المادة. [28]

الهوامش:

  [27]ibid. :p.6

 [28]ibid.

الصفحة38

مفاهيم أساسية في التعلمية المقارنة :

بمجرد ما يتعلق الأمر بالتعلمية المقارنة و/ أو بالنهج المقارن، تظهر كلمات معينة، التشير إلى مشاريع أو موضوعات البحث. ومن هذه الكلمات :

أ_ النوعي والعام :

تبحث التعلمية المقارنة في عمل كل من المدرس والمتعلم:

 .ما هو العام فيهما بحيث يمكن أن يُربط بعملية التدريس والتعلم من حيث هما تدريس أو تعلم، دون اعتبار للمحتوى أو المعرفة المدرسة...

.وما هو النوعي من عمل المدرس والمتعلم، ويجب أن يُربط بهذه المعرفة المدرسة (المتعلمة) أو تلك؟

هاتان الخاصيتان (النوعية والعموم) لا تزالان في حاجة إلى الاستكشاف سواء بالبحث في المؤسسات أو المجموعات والجهات الفاعلة فيها، أو الظروف التي فيها وبموجبها يتم اقتراح العناصر

الصفحة39

المكونة للأعمال التعليمية على المتعلمين المعنيين بدراستهاوتعلمها [29] .

وبالتالي فإن المنهج الذي طوره "التدريسي المقارن" (أي البحث في التدريسية المقارنة ) يعمل على التمييز العميق بين الطابع النوعي والطابع العام للظواهر الديداكتيكية [30] من خلال دراسة نقاط التشابه والاختلاف، وتعرف الخاص من العام .....

إن فائدة "النهج المقارن" هي في الواقع التأكيد على ضعف مزدوج يكتشفه المرء أن يرغب في تحليل عملية التعلم داخل المؤسسات :

_عدم كفاية الوصف النوعي وحده، أي أن العناية باكتشاف ما هو نوعي في عملية تعلم مادة بعينها لا يكفي لبلوغ تحليلعميق ووافي نتلك العملية....

_وعدم كفاية الوصف العام( المشترك) وحده، وهو تأكيد للحقيقة نفسها ولكن في الجهة المقابلة، فالكشف عن

الهوامش:

[29] Mercier et al. : Vers une Didactique comparée : p. 9

[20] ibid.

الصفحة40

المشترك والاكتفاء به لا يُعطي حقيقة العملية التعليمية فيجال تعليمي معين ....

وأن المقتصر على أحدهما يُهمل بشكل متناظر ما لا يمكن إهماله [31] ....

***

ب_ النقل :

 أو التحويل هو أحد الروابط الأكثر شيوعا بين التدريسيات. وكان النهج مثيرا بدءًا بأصغر التدريسيات وصولاً إلى الأولى،الإمبرياليات التي أسست مجال الديداكتيك : في المفاهيم والنماذج الأولى، والأطر النظرية الأولى، كلها قد تم استيرادها من تدريسية إلى أخرى. [32]

لكن النقل لا يعني المطابقة الكلية والثبات الكامل في الدلالة إذ غالبا ما يكون هناك إعادة تعريف ، وإعادة صياغة،وتحويل. ويشكل الإطار النظرية للنقل الديداكتيكي الذي صممه 

الهوامش: 

[31] Tutiaux-Guillon, Nicole. (2017). Comparer les didactiques?. Dans: Thépaut, Antoine, Daunay, Bertrand et Reuter Yves. Les contenus disciplinaires: Approches comparatistes, (p. 263-273). Presses Universitaires du Septentrion.

[32] Lautier, Nicole & Allieu-Mary, Nicole. (2008). Note de synthèse: La didactique de l'histoire, Revue Française de Pédagogie, n° 162, janvier-février-mars, p. 95-131. 

الصفحة41

شيفلار [33] للرياضيات (وهو الذي تمّ استيراده من أطروحة علم الاجتماع لفيري [34] المثال الأبرز لعملية التحويل تلك. 

ويمكننا أن نضيف إليه مفاهيم أو نماذج أو أطر عمل نظرية أخرى مثل: 

"الممارسات الاجتماعية المرجعية [35] وقد فرضت نفسها " _

_" كمفهوم لتحليل عمل الإشارات في ممارسات رسمية. "نظرية العمل المشترك " [36] وقد انتشرت على نطاق واسع انطلاقا من تدريسية الرياضيات....

الهوامش: 

[33] Chevallard Yves (1985), La transposition didactique, du savoir savant au savoir enseigné, Grenoble, La pensée sauvage.

[34] Verret Michel (1975), Le temps des études, Lille, atelier de reproduction des thèses.

[35] Martinand, Jean-Louis. (1981). Pratiques sociales de référence et compétences techniques. À propos d'un projet d'initiation aux techniques de fabrication mécanique en classe de quatrième, dans Giordan André (coord.). Diffusion et appropriation du savoir scientifique enseignement et vulgarisation. Actes des Troisièmes Journées Internationales sur l'Éducation Scientifique, p. 149-154, Paris, université de Paris 7.

[36] Sensevy, Gérard; Mercier, Alain; Schubauer-Leoni, Maria-Luisa & Leutenegger Francia. (2007). Agir ensemble, l'action didactique conjointe du professeur et des élèves, Rennes, Presses Universitaires de Rennes.


الصفحة42

الممارسات اللغوية" و "مجتمع الخطاب " [37] والممتدّة حاليًّا إلى تدريسية العلوم وتدريسية التاريخ ، وغيرها. "

ويُظهر قاموس المفاهيم الأساسية في التدريسيات [38] بوضوح شديد عدد هذه المفاهيم /النماذج التي تترحل في الديداكتيك، وهو ما نجده في العديد من المقالات في مجلة. 

على الأقل منذ ستينغر[39] . وهذا الارتحال والانتقال في المفاهيم أمر طبيعي، نعرف ذلك

وينطوي النهج المقارن على الاهتمام بتحديد الشروط والأوجه الممكنة لإعادة التشكيل الناتجة عن استخدام مفهوم أو نموذج أو نظرية في إطار آخر غير ذلك الذي سمح بتشكيله والتحقق من فعاليته أوّل مرة، وهو ما يوفّر نوعًا من اليقظة المعرفية.

الهوامش:

[37] Remie: L'approche des pratiques langngières scolaires à travers la notion de comunauté discursives

[38] Reuter. Yves. (2007). (dir) Dictionnaire des concepts forkwear des didactiques Bruxelles, De Boeck.

[39] Stengers, Isabelle. (1988). (éd). D’une science à l'autre. Des concepts nomades, Paris, Éditions du Seuil.

الصفحة43

وقد يهتم أيضًا بالبحث في السبب الذي يجعل بعض المفاهيم والنماذج والأطر النظرية مثمرةً هنا، ولا يتم استخدامها في مكان آخر.

***

ج_التقارب والإنتقاء:

من مشاريع التدريسية المقارنة تسليط الضوء على الخصائص، والسمات العامة للمواقف التعليمية وربما حتى للتدريسيّات،

والعناية في الوقت نفسه بالخصوصيات المميزة. [40] 

وكان النهج المقارن مُضيفًا لكل واحدة من التدريسيات المختلفة من خلال البحث في حالات التعليم و / أو التعلّم عما هو متكرّر، وعمّا يمكن تفسيره على أنّه شكل مميز للمادة على مستويات مختلفة (المادة، الوضعية التعليمية التفاعل). [41]

الهوامش: 

[40] Revue Française de Pecele (2002) Dossier: vers une didactique comparée,n° 141

[41] Tutiaux Guilllon: Comparer les didactiques?

 

الصفحة44

وحتى لا نقتصر على نظرية الوضعيات لبروسو[42] .

يمكننا أن نقتبس بشكل أكثر وضوحًا "الحلقات التعليمية" المحدّدة في تدريس التاريخ والجغرافيا ..... (43)

لقد كان البحث في التقارب يتعلّق بتوصيف التخصصات المدرسية في عملها من جهتين اثنتين: جهة حالة المعرفة وجهة

الممارسات.

ثم توسعت وجهات النظر وتمدّدت نحو البحث في ناحيتين اثنتين:

البحث - من ناحية أُولى- عن التقارب انطلاقا من الاختلافات ومن الخصوصيات المتفردة: بين التدريس رسمي وغير الرّسمي، _

وبين المواقف المدرسية والمواقف غير المدرسية المنظمة وفقًا للشكل المدرسي، وحالات أخرى لانتقال المحتوى والتعلم.

الهوامش:

[42] Brousseau, Guy. (1998). Théorie des situations didactiques, Grenoble, La pensée sauvage.

]43[ Audigier, François; Crémieux, Colette et Mousseau, Marie-José. (1998), L'enseignement de l'histoire-géographie en 3e et en 2nde Paris, INRP.

الصفحة45

-  فتح الباب - من ناحية أخرى- لوجهات النظر القائلة بتغيير المقياس، وطرح سؤال النوعي/ الخصوصي لجميع التخصصات المدرسية والتدريسيّات، وبالتالي للتساؤل - مثلما فعلت العلوم الاجتماعية الأخرى عن إمكانية التفكير في بناء نظرية معرفة مشتركة للتدريسيات من عدمه.

***

د_ التوافق:

إذا أردنا مقارنة التدريسيات وإذا أردنا أن تكون التحليلات قابلة للمقارنة وتسمح بدخول التدريسيّات في حوار أو في تفاعل، فمن الضروري أن تكون الأطر النظرية متوافقةً فيما بينها، أو أن تكون الأطر النظرية لتدريسية ما متوافقة مع المادة والإشكاليات التي تطرحها الأخرى.

وهذا سؤال رئيسي يحتاج اهتماما خاصا، فهل تكمن خلف تلك الكلمات المختلفة في تدريسية ما ، نفس الأسئلة في تدريسية أخرى،

ونفس التفسيرات، ونفس القضايا والاهتمامات؟

وبالتالي هل تحيل نفس الكلمات إلى نفس التحليلات؟

وهذا المسار يستحق بلا شك أن يُستكشف وحتى أن يُوسع.

الصفحة46

فلو نظرنا على سبيل المثال في الكلمات المستخدمة بين تدريسيي المواد الدراسية وتدريسيّي التعليم المهني للتعبير عن الأفعال المميزة للمهنة وتحليلها (العمل النشاط الإيماءة، الممارسة التدخل الوساطة، "العمل" ...)، فهل نحن بصدد نفس القواعد ونفس السجل اللغوي؟

 إن تحلیل نفس المحتوى التعليمي من خلال تدريسيتين (أو أكثر) مختلفتين في أطرهما النظرية بشكل كبيرأو غيرمتوافقتين، يمكن يسمح باكتساب قدر كبير من الوضوح فيما يتعلق بهذا المحتوى وبالتخصصات ذات العلاقة، فضلا عن رؤى متبصرة تتعلّق بالتدريسيّات المعنية [44] .

الحدود: ه_

****

هذه الكلمة لا نجد لها استخداما متكرّرا خارج التاريخ أو الجغرافيا. وهي تُستعمل في الديداكتيك المقارن لتطرح عددًا من الإشكاليات منها: [45]

الهوامش:

[44] Tutiaux-Guillon : Comparer les didactiques ?

[45] ibid.


الصفحة47

يعلم الجميع أن هناك حدودًا مفتوحة - لا يمكن إدراكها بسهولة لدرجة أن الشخص قد يعتقد أنها لم تعد موجودة وحدودًا يسهل اختراقها، وحدودًا واجهة أو متشابكة وحدودًا مغلقة أو حتى محصنة. وهو ما يستتبع التساؤل عن الكيفية التي يمكن أن نُعيّن بها طبيعة الحدود:

بين التخصصات ؟ (إنّ إعادة تشكيل المحتويات التي ترشح من مادة إلى أخرى تزيدها ظهورا ووضوحا بما فيه الكفاية: .

 على سبيل المثال الصفائح التكتونية أو دورة المياه بين الجغرافيا وعلوم الأرض).... 

 أو بين المواد (الحدود بين التاريخ وتاريخ الفنون مثلا، أو بين قواعد النحو والتعبير الكتابي ...).

 أو بين المحتويات التعليمية (كيف يمكن أن نحدد بالنسبة إلى محتويات التاريخ الثقافي: ما هو من فعل التاريخ أو من فعل الأدب.

 أو من فعل الفنون...)

الصفحة48 

  . أو بين التدريسيات (هل نتحدث عن تدريسية العلوم أم عن تدريسيات الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا وغيرها)؟

الاتحادات لا شك أن المشروع المقارن لا يهدف إلى إلغاء الحدود بين التخصصات أو بين التدريسيات، إلا بالقدر الذي تفعله_

الدولية في تلك الحدود.

ولكن يمكن مساءلة هذه الحدود في مستويات مختلفة : 

مساءلتها، في إطار نهج مقارن، عن الطريقة التي أثرت بها المواد المدرسية أو الأنظمة التعليمية - التي تختلف حدودها باختلاف   .

الفترات والبلدان - على تحديد مساحة التدريسيات.

. ومساءلتها - وفقا لمشاكل البحث عن الطريقة التي يتم بها إغلاق الحدود أو فتحها بين وضعيات التعلم المدرسي وحالات التعلم خارج المدرسة؛ وبين التدريسيات المهنية وتدريسيات المواد في تدريب المعلمين.

الصفحة49

 . أو مساءلتها عن فتح الحدود وإغلاقها بين المواد المدرسية والتخصصات الدراسية... الخ.

  ومن الإشكاليات التي يطرحها مفهوم الحدود في سياق مؤسسي مثلث الأبعاد:  _

.إشكالية أولى تُطرح في سياق المدرسة: حيث يتمّ منذ سنوات عديدة تقديم "التربية على" التي تُلغي أو تهدد حدود المواد، وأين يتم مؤخرًا، وفي كلّ مكان تقديم وصفات بالمهارات الأفقية والمتعدّدة التخصصات .

. إشكالية ثانية تُطرح في سياق عالم العمل: حيث تفرض المهارات مرّة أخرى، وهذه المرة باسم التنقل والمرونة والتدريب مدى الحياة.

إشكالية ثالثة تُطرح في سياق الجامعة: بين المادة . الأم، وعلوم التربية، وعلم الاجتماع، والعلوم السياسية وحتى الفلسفة ....

***

الصفحة50

و_التماسك الداخلي:

فقد مر بنا قريبا:

_أنّ البدء ينبغي أن يكون من دراسة تعلميات المواد في ذاتها، قبل الشروع في مقارنتها مع غيرها . [46] والبحث في اسسها ومفاهيمها، وتحديد مرجعياتها، والكشف عن خصائصها وأنظمة العلاقات والتصوّرات فيها.... 

_وأن على كلّ تعلّمية أن تُثبت تلاؤما واضحًا بين عناصرها، وتماسكا داخليًا يتحقق من خلال تحديد مشكلاتها البحثية ذات الأولوية، وإنتاج نظام مفاهيمي خاص بها يُساعد على تصميم ممارسات جديدة، و يسمح بفهم ظواهر التعليم/التعلم المتعلقة بالمعرفة التي تدّعي

ويسمح بفهم ظواهر التعليم التعلم المتعلّقة بالمعرفة التي أنها مسؤولة عنها. [47] ويُمهد في الوقت نفسه المقارنات مثمرة تتضح فيها

حدود المفاهيم والخصائص والإجراءات....

***

الهوامش:

[46] De Fumichon : Introduction au droit comparé : p. 1

[47] Mercier et al : Vers une didactique comparée : p. 7

الصفحة51

ز_ المقارنات الأفقية والعمودية:

قد تتجلّى عمليّتا الائتلاف والاختلاف بين التدريسيات في مستويين على الأقل:

_ائتلاف أو اختلاف أُسمّيه أفقيا: وأعني به ذلك المتعلق بالمفاهيم في اختلافها من ديداكتيك إلى آخر، فقد تعتمد تدريسية الفيزياء أو المواد الاجتماعية مفاهيم خاصة لا تكاد تجد لها موقعاً أو ذكرًا في تدريسية العربية مثلا، لأنها شديدة الالتصاق بطبيعة المادة التي ولدت فيها.

وإن كانت مثل هذه المفاهيم في مادة ما قد تمثل مادّة خصبة لمادة أخرى تستلهم منها مساراتٍ جديدة للبحث.

_ ائتلاف أو اختلاف أسمّيه عموديًا: وأعني به ذلك المتعلق بكيفية تحقق المفهوم الواحد في تدريسيات مختلفة من حيث درجة ذلك التحقق وحدوده وكيفية تشكله. وهو ما يستتبع طبعا تسليمًا يكاد يكون عاماً بأهمية ذات المفهوم وصلاحيته كأداة للتفكير في تدريسيّة المادّة لدى الجميع، وإن بدرجات مختلفة.

الصفحة52

ويُجلّي هذا المعنى ما رأيناه من تعليقات حول مفهوم النقل الديداكتيكي مثلا، حيث تبينا أن درجة حضوره في تعلميّة الرياضيات 

مهده الأوّل، غير حضوره في تعلميّة الفرنسية أو العلوم الاقتصادية والاجتماعية .


***

ج_ تدريسي الارتباط ومعرفي الارتباط:

يمكن تقسيم الاختلافات والتماثلات بين التدريسيات إلى نوعين على الأقل:

_نوع أوّل: تدريسي الارتباط ويبحث في المسائل ذات العلاقة بالأداء التعليمي للمدرّس في علاقتها بالمادة التعليمية التي يتولاها، من حيث الأنشطة التعليمية والتقويمية التى يُعدّها والأدوار وكيفية توزيعها داخل الحصة، والتعاقدات التدريسية وكيفية إبرامها بين الصريح والضمني.

 ونوع ثان معرفي الارتباط، ويبحث في المسائل ذات العلاقة بالبعد المعرفي للدرس من حيث نوع محتويات التعلم    _

الصفحة53

(قوانين - معارف مفاهيمية - معارف منهجية - قيم... الخ). ومفاهيمها الأساسية التي تتنوع بتنوع الاختصاص وتتطوّر بتطوّر  المعارف، وإن كان تتميز في السياق التعليمي بشيء من الثبات الذي يستمر من إصلاح تعليمي إلى آخر ... الخ)، وخصائصها المعرفية (معارف - مهارات - سلوكيات - اتخاذ مواقف - قيم – اتجاهات....)، ومنزلتها الإبستمولوجية (معرفة عالمة، معرفة مختصة، ممارسات اجتماعية مرجعية، معرفة مدرسية مقطوعة عن سياقها العلمي، معرفة اجتماعية: قد تكون الأعراف والعادات بعض تجلياتها.... 

***

ط_ التشابه و الاختلاف:

وهما غير النوعي والعام، فهذان يتعلقان بتلك المساحة البينة في وضوحها، الحاسمة في علاقاتها، فهي إما عامة تلتقي فيها التدريسيات كلّها ، أو خاصة نوعية مميّزة لمادة دون غيرها.....

الصفحة54 

أما التشابه والاختلاف في تحرّكان في أرض الرمادي من المواقف، تلك التي لا يُمكن أن تحسم فيها الأمر بالانتماء إلى جهة بذاتها، ولكنّك تجد أنّ المفهوم له بعض صلات الشبه بنظيره في تدريسية ومساحة من الاختلاف في آن وترى له العكس مع مادة أخرى...

(أنظر الشكل(4): من اهداف الديداكتيك المقارن، الصفحة 56 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه )

الصفحة55



من مجالات المقارنة:




لقد رأينا من قبل كيف أنّ من أهداف الأعمال القائمة في مجال التعلمية المقارنة دراسة مدى وضوح استخدام المفاهيم النظرية للديداكتيك في مجال تعلميات المواد المختلفة [48] ، واختبار مدى فعاليتها في تطوير الحقل التدريسي لتلك المواد.

وهو ما يعني أن المفاهيم النظرية للديداكتيك تمثل في مجموعها حقلاً للبحث ومجالاتٍ مختلفة للتحليل المقارن، وهو ما بادر إليه بعض "المقارنين " مع نماذج من تلك المفاهيم. وسنضرب عليها بعض الأمثلة حتى نتبيّن كيفية إخضاعها للمقارنة ونتعرّف إلى شيء من النتائج التي بلغتها تلك المقارنات.

الهوامش:

[48] Legardez : transporsition didactique et rapports aux savoirs : p. 19

الصفحة57

مجال النقل الديداكتيكي:

هو" مجموعة التحوّلات التي تطرأ على معرفة معينة في مجالها العالم من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية قابلة للتدريس " [49] وقد استعمل مفهوم النّقل الديداكتيكي لأوّل مرّة في تدريسية الرياضيات من قبل إيف شفلار وماري ألبارت جوشوا.[50]

ومن المهم "أن نشير إلى أنّ هذه التحولات والتبعات المرتبطة بها تهدف إلى جعل المعرفة عامة وفي متناول الجميع، وعلى

الأقل في متناول التلاميذ المهتمين."

الهوامش:

 [49]Arsac, Gilbert. (1988). La transposition en mathématiques _Cours du DEA- Université de Lyon et Grenoble ; 1987. : p. 3   

[50] أشار على ذلك أستولفي ودوفولي (1993)، أما فيون فله راي آخر عبر عليه بقوله:

"Le concept de transposition didactique a été formalisé par M. Verret (1975) et repris par Y. 

Chevallard (1985; 1991) en didactique des Mathématiques." (Fillon, 2001. p. 16)

[51] ibid , p. 6

الصفحة58

يهتم النقل التدريسي إذن بالتعديلات التي يُحدثها المتخصصون داخل المعرفة العلمية حتى تُصبح صالحة للتعلّم في المدرسة وتكون في متناول التلاميذ، وهو يفترض مستويات مختلفة للمعرفة أهمها:

1- المعرفة العالمة: وهي تلك المعرفة المتداولة في الأطر الأكاديمية وفي مراكز البحوث، و"كلّ معرفة عالمة هي عبارة عن أجوبة لأسئلة مطروحة أو معطاة. وهذه الأسئلة تكون في كثير من الأحيان عويصة أو معقدة [52]. "

والمعرفة العالمة في مادة التربية الإسلامية مثقلة بخمسة عشر قرنًا من التجارب والتراكم المعرفي تتوزّع على حقول

معرفية كثيرة تجدّدت بفعل الزمن وتفرعت مجالاتها [53] وتطوّرت مصطلحاتها

الهوامش:

]52[ Develay, 1992, p. 21

العلوم للخوارزمي أو الفهرست لابن النديم أو مقدمة   [53] انظر هذه التفريعات والتقسيمات في إحصاء العلوم للفارابي أو مفاتيح

 ابن خلدون..... 

الصفحة59

ويُلحق بالمعرفة العالمة ما سماه مارتيناند [54] الممارسات الاجتماعية المرجعية و يمكن اعتبار هذا الطرح نقدا للنقل الديداكتيكي  الذي يقتصر على النصوص العلميّة الصّرف دون أن يأخذ بعين الاعتبار الأنشطة ذات العلاقة، لأن تحديد محتوى تعليمي معين

 لا يقتصر فقط على مجرّد عمليّات اختصار للمعرفة الجامعية، بل يقتضي في كثير من الأحيان الانطلاق من ممارسات اجتماعية مختلفة، قد تتمثل في ممارسات بحثية، أو عمليات إنتاج، أو أنشطة اجتماعية يومية أو أنشطة ثقافية أو غيرها مما يصلح منطلقا أو مرجعا لأنشطة علمية مدرسية، ومجالا للنظر في المشكلات التي تطرحها تلك الممارسات الاجتماعية، وفرصة للتفكير في الحلول والطرائق والسلوكات والمعارف المناسبة.

الهوامش:

 [54]Martinand, Jean-Louis. (1986). Connaitre et transformer la matière.Berne, Peter Lang.

الصفحة60

 المعرفة واجبة التعلّم وهي تلك التي تتضمنها البرامج الرسمية والكتب المدرسية وتصطفيها من المعرفة العالمة دون غيرها-2

من المضامين، وتُحدث فيها قدرا لا بأس به من التغييرات "التعليمية" في مستويات عديدة مثل:

 .التقسيمات المدرسية التي قد لا تجد لها أصلاً في المعرفة العالمة، وإنّما اقتضتها طبيعة المعرفة المدرسية حتى تكون أقرب إلى تجربة التلميذ ومكتسباته القبلية.

. المصطلحات المولدة قصد التبسيط وتقريب المفاهيم والتصوّرات من المتعلم ولحظته الاجتماعية والحضارية، دون أن تكون حاجزا

يمنع التلميذ من التعامل المباشر مع المعرفة العالمة في مظانّها، وهو ما يتطلب مراوحة وظيفية بين المصطلحات الأصلية والمصطلحات المستحدثة أو استعمال معجم في الوسائل التعليمية 

الصفحة61 

المستعملة يُقرّب المفاهيم العالمة من واقع التلميذ المعرفي ويصنع الجسور بينه وبينها....

ويُميز هذه المعرفة واجبة التعلم أنها الأكثر تحديدا و وضوحًا مقارنة بما سبقها وما يلحق بها، لأنها تتمثل غالبا في نصوص قانونية دقيقة وتوجيهات واضحة، هذا إذا تعلق الأمر بالبرامج. أما الكتب المدرسية فهي في الغالب نصوص تعليمية واضحة وأنشطة تتضمن تعليمات دقيقة غالبا. ورغم هذا الوضوح، فإنّ لشخصية المدرّس وتوجهاته، ثمّ لما يتلقاه من التكوين دورًا كبيرًا في قراءته لتلك الوثائق وتأويله لنصوصها.

   المعرفة المدرّسة: وهي المعرفة التي يجتهد المدرّس في مساعدة المتعلّم على إدراكها مستهديا بالبرامج الرسمية -3

ومستعينا بالكتب المدرسية والوسائل المتاحة.

4- المعرفة المتعلمة: وهي المعرفة التي يكتسبها التلاميذ فعليا من تلك المعرفة المدرّسة، ولا يُمكن أن تكون واحدة عند

الصفحة62

كل التلاميذ لأنّ كلّ واحد منهم يتعلّم مما يُتاح له من فُرص تعليمية على قدر تعلّماته السابقة، وينهل من التجارب التعليمية التي تُوضع بين يديه على حسب نمطه التعلمي ومدى مواتاة النمط التعليمي لذلك النمط التعلمي.

 و قد عملت عليه شاتيل إطار الديداكتيك المقارن، وأخضعته للمقارنة في مجالين مختلفين: الرياضيات حيث نشأ كمفهوم ديداكتيكي لأوّل مرّة، والعلوم الاقتصادية والاجتماعية (ESS) التي انتقل إليها المفهوم، فتعاملت معه تعاملا نقديا فرضته الاختلافات النوعية المميّزة لمجالي المعرفة: مجال النشأة ومجال التوطين.

لقد كان هدف شاتيل في عملها على العلوم الاقتصادية والاجتماعية، أن تصف التمشي في عملية التعليم التعلم، بالمعنى الواسع للكلمة، لتثبت أنّه يقوم أساسا على الانتقال من المعرفة المرجعية إلى المعرفة المدرسة.[55] 

الهوامش: 

[55]  Chatel E. (1995). Savoir enseignés et façons d’enseigner en sciences économiques et sociales. Paris : INRP.

الصفحة63

وهي ترفض بشكل قاطع الاقتصار على الإشارة إلى المعرفة العالمة، المنبثقة عن نظرية شيفلار داخل الحقل الرياضي.[56]

أنظر الشكل (3) : النقل التدريسي، الصفحة 65) )

 وترجع شاتيل نقدها لمفهوم النقل التدريسي في أصل نشأته ودلالاته الأولية المتعلّق إلى اختلاف مراجع تدريس العلوم الاقتصادية والاجتماعية عن تلك التي تستعمل في درس الرياضيات، وقد أجملت ذلك النقد في ناحيتين على الأقل: 

الأولى: الحاجة إلى البحث عن موازنات لمفهوم المعرفة العالمة في تدريس العلوم الاقتصادية والاجتماعية يُناسب طبيعة .

الهوامش:

[56] Chevallard, 1991

الصفحة64

تلك العلوم كالذي فعله مارتيناند مثلا بابتكاره لمفهوم "الممارسات الاجتماعية المعيارية" .

الثانية وتتعلّق بالمعرفة العالمة نفسها داخل مادة العلوم الاقتصادية والاجتماعية، وتتجلّى في تلك المشكلة المزدوجة [57] وهي :  .

تعدّد المعارف العالمة في العلوم الاقتصادية والاجتماعية من ناحية ..

بينها الجامعة و البحث في أغلب الأحيان. والحاجة إلى إعادة التأليف بين معارف المادة التي تفصل .

   و خلاصة القول، فإن شاتيل تعترف بأهمية مفهوم النقل التدريسي للمواد التعليمية المختلفة، باعتبار ما يُثيره من الإشكاليات حول ما يفصل نظام المعرفة الديداكتيكية للمدرسة عن نظام صناعة المعرفة في الحقل العلمي...

الهوامش:

[57] Legardes : Transposition didactique et rapport aux savoirs : p. 20

الصفحة65 

ولكنها تأسف "لأنّ هذا النقل لا يُفكر فيه إلا من حيث "الشرعية " المعرفية لذلك المنقول، في حين أن فكرة "القابلية للتعليم" تبدو لها ضرورية بالنسبة إلى العلوم الاقتصادية والاجتماعية. [58] وهي كذلك لكثير من المواد التعليمية إن لم يكن لها جميعها.

وبالتالي لم تعد القضية قضية رفض لنظرية النقل التدريسي، بل هي قضية تفكير في التفاصيل الخاصة (المميزة) لهذه العمليات داخل

مادة تعليمية ما (العلوم الاقتصادية والاجتماعية نموذجا). [59]

لقد كان لدى العديد من المدرّسين من تخصصات كثيرة ردّة فعل مشابهة لتلك التي أبداها مدرّسو العلوم الاقتصادية والاجتماعية، حتى ادعى بعضُهم أنّ صلاحية النّقل التدريسي لا تتجاوز مجال تدريسيات المواد العلمية، بل لا تتجاوز تدريسية الرياضيات، وهو ما فتح الباب لعديد المناقشات. [60]

الهوامش:

[58] Chatel: Savoirs enseignés et façons d'enseigner en sciences économiques et sociales: p. 23

[60] Legardez Transposition didactique et rapports aux savoirs : p. 21

[60] voir :

- Arsac G., Chevallard Y., Martinand J.-L., Tiberghien A. (coord.) (1994). La transposition didactique à l'épreuve. Grenoble : La Pensée Sauvage

- Caillot M. & Raisky C. (Dir.) (1996). Au-delà des didactiques, le didactique; débats autour de concepts fédérateurs. Bruxelles: De Boeck.


الصفحة66 

وليست تلك الجهة الوحيدة التي أثارت نقدا داخل مفهوم النقل التدريسي، فقد تراكمت له مفاهيم فرعيّة مثل القطع عن السياق والقطع عن الأشخاص لم تكن لِتُتَسَاغ بسهولة في كل المواد والتخصصات بسبب الاختلاف في طبيعة تلك المواد.

إذ لا يمكن أن يتعامل مع تلك المفاهيم بشكل آلي في كل المواد، لأن تجلياتهما في تدريسية الرّياضيات أو العلوم الطبيعية مثلا حيث يُمكن الحديث عن القوانين والقواعد الموضوعية والمجرّدة، غير تجلياتهما في تدريسية التاريخ أو التربية الإسلامية حيث تكون السياقات والأشخاص جزءًا من الحقيقة أو القانون، أو عاملاً مؤثرًا على الأقل.

ويُمكن القول عموما أنّ العديد من الباحثين قد عملوا على تطوير نظرية النقل الديداكتيكي [61] .ومع ذلك، فخارج مجال تعلمية

الهوامش:

- Petitjean A. (Ed.) (1998). La transposition didactique en français. Pratiques,

97-98.

- Legardez Transposition didactique et rapports aux savoirs : p. 21

[61] (Arsac, Chevallard, Martin and et Tiberghien, 1994; Caillot, 1996; Joshua, 1996; Martinand, 1994, 1995; Perrenoud, 1995; Raisky, 1996).


الصفحة67

الرياضيات، حيث يتمّ معظم العمل على النقل الديداكتيكي، فمن السهل أن نرى كيف أن نموذج النقل الديداكتيكي قد يفقد أهميته [62].  فعلى سبيل المثال، تُوجد بين علوم اللغة وتعليم اللغة الفرنسية كلغة أمّ تقطعات وتضارب مصالح بين القائمين على النقل الديداكتيكي مما يؤدّي إلى شيء من الاضطراب والغموض على المستويين كليهما الاجتماعي والمعرفي، لأن الأمر لا يتعلّق فقط "بمجرّد علاقات تبعية بين المادة الأم والديداكتيك، بل بعلاقة هيمنة استيعاب من خلال الألسنية المطبقة على تدريس اللغة".[63]

مجال اللغة والتعلّم: 

إن تصوّر اللغة ودورها في التعلّم ليس هو نفسه في درس الفرنسية، أو في الرّياضيّات، أو في علوم الحياة والأرض، أو في

الهوامش:

[62] Lafleur, Dominique. (2016). Théorie et pratique didactiques: Création d'un plan de cours interdisciplinaire de littérature et musique comparées au collégia. Université de Montréal : Département de Didactique, Faculté des sciences de l'éducation: Thèse présentée en vue de l'obtention du grade de Doctorat à la Faculté des sciences de l'éducation, option Didactique.: p. 48

[63] Rope, F. (1990). Enseigner le français: didactique de la langue maternelle. Paris, France Éditions universitaires. : p. 189

الصفحة68

التاريخ والجغرافيا، إلخ... وهو ما يبني وعيا بأوجه التشابه والاختلاف، والتي من المرجّح أن تتغيّر من مادة إلى أخرى، بالنظر

إلى تغيّر موقع اللغة من تلك المادة. [64]

فالمسافة الفاصلة بين أن تكون اللغة هي المحتوى المعرفي المستهدف من الدرس والمادة، وبين أن تكون مجرد وسيلة أو محمل يتخذ

 جسرًا بين المتعلم والمعرفة كبيرة جدا. و بين هذين الطرفين محطات كثيرة ودرجات مختلفة تتعلّق كلّ مادة تعليمية بواحدة منها.

ويتطلب الحديث عن العلاقة بين اللغة وبناء المعرفة في مختلف التخصصات جهدا الشرح المفاهيم والافتراضات والمبادئ التي بنيت عليها النماذج المختلفة المستخدمة. [65]

الهوامش:

[64] Bemié, Jean-Paul. (2002). L'approche des pratiques langagières scolaires à travers la notion de «communauté discursive»: un apport à la didactique comparée?. In: Revue française de pédagogie, volume 141. Vers une didactique comparée. pp. 77-88

[65] ibid. p. 87

الصفحة69

مجال العقد الديداكتيكي:

وهو مجموعة العلاقات التي تحدّد بصفة تراوح بين الصريح والضمني ما هو مطلوب من المدرّس والمتعلم خلال حصة تعلمية

تعليمية معينة.

والعقد التدريسي غير العقد البيداغوجي، فبينما يهتم هذا الأخير بتنظيم العلاقات وعمليات التواصل بين المدرّس والمتعلمين في سياقاتها العامة، فإنّ العقد التدريسي من طبيعة إبستمولوجية أساسا، ويتعلّق بالعوائق التعليمية التي يواجهها المتعلمون لتحقيق التعلّم، وتنظيم الأدوار والمهام داخل وضعية تعلمية معيّنة..

وإخراج بنود هذا العقد من المستوى الضمني إلى المستوى الصريح بالقدر المناسب قد يُساعد في تقدير كثيرين على:

تقليص المسافة التي تفصل بين انتظارات المدرّسين.  _

وتصوّرات التلاميذ عن انتظارات مدرّسين ضبط الأعمال التي على كلّ طرف أن يُنجزها. _

الصفحة70

غير أنّ المبالغة في الحرص على التصريح ببنود العقد قد يُفسد العقد، ذلك أنّ المدرّس إذا قال كلّ ما يُريد من المتعلم، فإنّه لن يحصل عليه [66] ، ولذلك فمن الأولى وضع التلميذ في وضعيات تدريسية متنوّعة (وضعية عمل وضعيّة صياغة وتعبير،وضعيّة تثبت...) 

ليكتشف المتعلّم العقد بشكل متدرّج. [67] 

  يشرح ذلك بروسو وهو يُعرّف العقد التدريسي قائلا: " ينخرط المدرّس في لعبة مع نظام تفاعلات المتعلّم مع المشاكل التي يطرحها عليه ... هذه اللعبة أو هذه الوضعية بشكل أوسع هي الوضعية التدريسية....

أما العقد التدريسي فهو قاعدة اللعبة واستراتيجية الوضعية التدريسية ... وبذلك تُنسج خيوط علاقة – بشكل صريح في حدود

الهوامش:

[66] Brousseau, Guy. (1986). Fondements et méthodes de la didactique des mathématiques, in Recherches en Didactique des Mathématiques, vol. 7; n° 2, 1986.: pp. 50-51.

[67] Astolfi & Develay: La didactique des sciences: p. 63

الصفحة71

ضيقة، وبشكل ضمني غالبًا - ترسم حدود ما على كلا الشريكين -المعلم والمتعلّم - أن يتحمّل مسؤولية إدارته ... [68]

وقد أظهرت البحوث المقارنة في الديداكتيك أن التدريسيات التعليمية المختلفة لا تحدّد العقودَ الدّيداكتيكية التي تعمل بها بالطريقة نفسها، لأسباب كثيرة:

فمن تلك الأسباب ارتباط تلك العقود ببعض أنواع التحصيل الخاصة ببعض المواد، وبسياقات تواصل أكثر عمومية في مواد وتدريسيات أخرى.

ومنها ارتباط تلك العقود بالخصوصية المميزة لوضعيات التعلّم، وبالتالي، يتطلب العمل على البناء المشترك لسياق مشترك مراعاة خصوصية وضعيات التعلّم المختلفة، وذلك هو المحك لأي مقارنة.[69]

الهوامش:

[68] Brousseau : Fondement et méthodeq de la didactique des mathématiques : pp. 50-51

[69] Berrié : L’approche des pratiques langagières scolaires à travers la notion de  "communauté discursive " : p .87

الصفحة72

ومنها ارتباط تلك العقود بمجتمع الخطاب وبالتصورات التي يبنيها المدرّس حول ذلك المجتمع. وسوف يتيح تحليل ممارسات التدريس ووصفها من أن يُدرج السؤال التالي ضمن أهدافه: "أي الحركات لأي مجتمع خطاب؟"

وهو ما يستوجب تطوير مجموعة كاملة من الأبحاث التجريبية حول العلاقات بين العقد التدريسي والتصوّرات التي يبنيها المدرس حول مجتمع الخطاب، بالتوافق مع المنظور المقارن . [70]

مجال التصورات عن المواد :

يمكننا تحديد ثلاث مشاكل على الأقل تنشأ في سياق التصوّرات عن المواد [71] :

تتنوع التصوّرات عن المواد بشكل كبير بالنظر إلى التجربة الشخصية للتلاميذ وإلى التخصصات... .

غالبًا ما تستند التصوّرات عن المواد إلى العناصر "الخارجية" (نوع الكراسات وجداول الأوقات، وكتابة المدرّس على .

الهوامش:

[70] ibid.p.86

[71] Reuter, Yves , . (2003) La représentation de la discipline ou la conscience disciplinaire In : La Lettre de la DFLM , n°32, 2003/1.pp. 18-22 : p. 19-20

الصفحة73

السبورة، شخصيّة ،المدرّس ، قدرته على التواصل...) أكثرمن العناصر "الداخلية" للمادة (المعارف والمفاهيم والمهارات المدرسة).

 .تتأرجح وظائف المادة التعليمية أو استخداماتها في كثير من الأحيان بين عموميات المدرسة (تعلم قواعد الرسم حتى لا ترتكب أخطاء في الإملاء)، وعموميات ما وراء المدرسة الحصول على وظيفة.)

الصفحة74

الخاتمة :

أتوج هذه الرّحلة بعدد من الخلاصات أسوقها في شكل ملاحظات موجزة:

. التدريسية المقارنة (علم التدريس المقارن) غير علم التربيةالمقارن، وهي كذلك تختلف عن التدريسية العامة:

فهي تختلف اختلافا يكاد يكون جذريًا مع علم التربية المقارن من حيث الموضوع باعتبار أن هذا الأخير يهتم بالمقارنة بين الأنظمة التعليمية ، بينما تقارن التدريسية المقارنة بين تدريسيات المواد.

وهي تختلف عن التدريسية العامة، لأنّ هذه الأخيرة تهتم بما هو قاسم مشترك بين التعلميات ويُحرّكها في مقام أوّل تطوير ذاتها، بينما تهتم التدريسيّات المقارنة بنقاط الاختلاف والاتفاق بين مختلف التدريسيّات، واهتمامها الأول هو تطوير تدريسيات المواد...

الصفحة75 

. تتعدّد المجالات التي يُمكن أن تكون محل نظر التدريسية المقارنة : النقل التدريسي – المعرفة المرجعية – موقع اللغة من المادة - التصوّرات عن المادة التدريسية - العقد التدريسي - الوضعية التدريسية...

لا يمكن أن يتعامل مع المفاهيم بشكل آلي في كل المواد: مثل القطع عن السياق و القطع عن الأشخاص، فتجلياتها في تدريسية في  .

 الرياضيات غير تجلياتهما في تدريسية التاريخ أو التربيةالإسلامية مثلا.

قد تتجلّى عمليّتا الائتلاف والاختلاف بين التدريسيات في مستويين على الأقل :

. ائتلاف أو اختلاف أُسمّيه أفقيا وأعني به ذلك المتعلق بالمفاهيم في اختلافها من ديداكتيك إلى آخر، فقد تعتمد تدريسية الرّياضيات مفاهيم لا تجد لها موقعا في تدريسية العربية مثلا.

الصفحة76 

. ائتلاف أو اختلاف أسمّيه عموديًا: وأعني به ذلك المتعلّق بكيفية تحقق المفهوم الواحد في تدريسيات مختلفة من حيث درجة ذلك التحقق وحدوده وكيفية تشكله.

ويُجلّي هذا المعنى ما رأيناه من تعليقات حول مفهوم النقل الديداكتيكي مثلا.

تعرف مفاهیم الديداكتيك انتقالا وترحلاً  . من مجال إلى آخر، وهذا الانتقال والترحل الذي تعرفه تلك المفاهيم من تدريسيّة إلى أخرى يستدعي عمليات تحويل وتوطين داخل كل تدريسية...

. ينطوي النهج المقارن على الاهتمام بتحديد الشروط وأوجه إعادة التشكيل الناتجة عن استخدام مفهوم أو نموذج أو نظرية في إطار آخر غير ذلك الذي سمح بتشكيلها والتحقق من فعاليتها، وهو ما يستدعي ويُعتبر شكلاً من أشكال اليقظة المعرفية.

الصفحة78

و هو يتساءل أيضا عن السبب الذي يجعل المفاهيم والنماذج والأطر النظرية مثمرة في هذه التدريسية ، عقيمة عن الولادة في سياق تدرسية أخرى (لا يتم استخدامها في مكان آخر).

الصفحة79

الهوامش:

قائمة المراجع :

1. بدران، شبل. (2004). التربية المقارنة : دراسات في نظم التعليم،(ط. رابعة). الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية .

. الجوادي، رياض. (2020). مدخل إلى تعلميات المواد. دار التجديد للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة .2

(أنظر الصفحة من80 إلى 82 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه