تكنولوجيا التعليم وسؤال الجودة
المرجعيات وجدل العلاقات
ملخص الدراسة
ترمي هذه الدراسة إلى بسط الدور الذي تلعبه تكنولوجيا التعليم في إحداث نقلة نوعية متميزة في مجال التعليم، و كذا في التحصيل المعرفي لدى المتعلمين، وذلك من خلال تحديد أنماط التعليم والتعلم المرتبطة بتكنولوجيا التعليم، والبحث في الطابع المفاهيمي لكل من تكنولوجيا التعليم، والتعليم عن بعد، وكذا التعليم الإلكتروني والتعليم المبرمج، والنظر في أدوارهم ومكانتهم والتبصر في المآلات العلائقية التي تنتج عن الربط بين هذه المفاهيم على مستوى الفصل الدراسي، اعتمادا عل المنهج الوصفي والتحليلي المحكوم بضوابط اللغة ودلالات الاصطلاح وجدل العلاقات وطبيعتها. نستطيع أن نقول إن تكنولوجيا التعليم باتت مدخلا أساسيا في التدريس، خاصة في ظل الدريس بالكفايات، وعليه تصبح مسألة ضبط أنماط التعلم المختلفة ذات العلاقة بتكنولوجيا التعليم، سواء من حيث التنظير، أو من حيث التدبير والتنزيل، أمرا في غاية الأهمية، ذلك أننا متى تمكنا من فهم طبيعة هذه الأنماط، وكذا الاطلاع على دور تكنولوجيا التعليم بما فيها من إيجابيات وسلبيات، أمكننا ذلك من المساهمة في الرفع من جودة المدرسة المغربية. إن النظر في طبيعة تكنولوجيا التعليم وقيمتها الوظيفية يساعدنا على إدراك العلاقة بينها وبين التدريس بالكفايات والتعلم الذاتي، لا سيما في ظل الانفجار المعرفي الذي تشهده وسائل الاتصال والإعلام، ومن ثم يمكننا أن ندرك حجم الأهمية التي يكتسيها كل طرف بالنسبة للطرف الآخر، ولما كانت تكنولوجيا التعليم ومازالت هي السلاح الذي تتسلح به مختلف أنماط التعلم الحديث من أجل بناء المعارف واكساب المهارات والقيم وتمثلها على أرض الواقع، فإن ما يترتب على ذلك، الاستنتاج اللازم القائل: "إن أساس الرفع من جودة المدرسة المغربية هو التوظيف السليم لتكنولوجيا التعليم "، وعليه يمكننا القول إن الوضع المأزوم لمخرجات المنظومة التربوية مرجعه ليس إلى المقاربة المعتمدة نفسها، ولا إلى التصور القائم حول التدريس الحديث، وإنما يرجع إلى تغييب دور تكنولوجيا التعليم وإشكالات توظيفها في الفصول الدراسية. لذلك جاءت هذه الدراسة لتجيب عن إشكالية عامة هي: ما علاقة تكنولوجيا التعليم بجودة المدرسة المغربية؟ وهل يمكن الاستغناء عنها في ظل ما تعرفه الساحة التعليمية، خاصة الإكراهات اللوجيستيكية؟
ومحاولة منا للإجابة عن الإشكالية العامة للدراسة، وكذا أسئلتها الفرعية، انتهجنا سبيل خطة قسمنا الدراسة من خلالها إلى ثلاثة محاور هي كالتالي:
المحور الأول: تحديد دلالة المفاهيم ذات العلاقة بتكنولوجيا التعليم.
المحور الثاني: أثر تكنولوجيا التعليم في عملتي التعلم التعليم.
المحور الثالث: دواعي توظيف تكنولوجيا التعليم في عملية التعليم والتعلم وإكراهاته.
الكلمات المفاتيح
تكنولوجيا التعليم، التعليم عن بعد، التعليم المبرمج، التعليم الالكتروني، التعلم الذاتي.
مقدمة
بعد الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم، والتي غزت كل المجالات الحياتية بما فيها الفصول الدراسية، كان لزاما أن نتحدث عن أثر تكنولوجيا التعليم في المجال التربوي، وجدير بالذكر أن إدماج هذا النمط في التعليم كان في منتصف القرن العشرين بغرض الحد من الصيغ التقليدية التي كانت تسود المناخ التعليمي.
ولا ينكر أحد أن إصلاح التعليم وتطويره ضرورة تدعو إليها الحتميات على اختلافها، انطلاقا من منطق تطوره المستمر وحاجة الإنسان إلى التأقلم مع مستجداته، إضافة إلى الضرورات الحتمية التي تفرض البحث عن مختلف الآليات الجديدة التي تروم تحقيق الكفايات المنشودة وتحقيق الجودة المطلوبة، ولعل توظيف تكنولوجيا التعليم في المجال التربوي أهم هذه الآليات. فما مدى أهمية وإسهام تكنولوجيا التعليم في عمليتي التعليم والتعلم؟ وما هي العوائق التي تقف أمام توظيفها؟ وهل هي ضرورة حتمية أم يمكن الاستغناء عنها؟ وما هي سلبياتها؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة يقتضي أولا تحديد أنماط التعليم المتعلقة بتكنولوجيا التعليم من حيث دلالاتها والكشف عن مدى إسهامها في الرفع من جودة المدرسة المغربية، وذلك بذكر إيجابياتها وتحديد سلبياتها بغرض تجنبها وعدم الوقوع فيها، إلا أن ذلك يبقى لا فائدة منه مالم تحدد أهم التحديات والإكراهات التي ينبغي العمل على تجاوزها وهو ما سيتم توضيحه من خلال هذه الدراسة.
الصفحة 657
المبحث الأول: تحديد دلالة المفاهيم ذات العلاقة بتكنولوجيا التعليم.
يعد تحديد المفهوم من أول الخطوات الرامية إلى رسم الحدود الفاصلة بين المجالات المتعددة، ولا سيما عندما يعلق المصطلح بمجال التعليم، إذ تقترب المصطلحات فيه لتترادف أحيانا، وتتشابك أحيانا أخرى حد التباين، مما يؤدي إلى غياب الرؤيا الواضحة وخاصة عندما تكون المصطلحات متجاورة، أو يجمعها قاسم مشترك كما هو الشأن بالنسبة لمصطلح تكنولوجيا التعليم في علاقته بمصطلحات أخرى من قبيل: التعليم عن بعد؛ التعليم الالكتروني؛ التعليم المبرمج (...). فما هي دلالة هذه المفاهيم وما طبيعة العلاقة بينها؟
- تكنولوجيا التعليم:
يقصد بتكنولوجيا التعليم "جميع الوسائل أو الوسائط التي تستخدم أو يستعان بها في العملية التربوية، مما يعني أن تكنولوجيا التعليم تشمل مجموعة متنوعة ومتباينة من الآلات ...
الصفحة 657
... والأجهزة والمعدات والمستلزمات ابتداء من السبورة التقليدية وانتهاء بالتقنيات التربوية الحديثة، وكذا الأوضاع والظروف المحيطة باستخدامها وتشغيلها وتوظيفها في الموقف التعليمي"[1].
إن الناظر لهذا المفهوم يتبين له أن صاحبه "ربط مصطلح تكنولوجيا التعليم بفضاء ضيق متعلق بالآلات والأجهزة، لذا فإنه من الواجب الخروج من هذا الفضاء الضيق إلى فضاء رحب وأوسع، فضاء ينحو معه الحديث عن إعداد المواد التعليمية والبرامج المستخدمة في كل تلك الأجهزة، وبهذا تصبح تكنولوجيا التعليم ذات شقين ديناميين؛ الأول يتمثل في الأجهزة والأدوات، والثاني يتمثل في البرامج والمواد التعليمية. ليستدعي بعد ذلك الجانب البشري الذي يستعمل البرنامج والأجهزة وهو المدرس والمتعلم، والفني والإداري والتقني(...). إن هذا التعدد هو ما يجعل من تكنولوجيا التعليم منظومة متكاملة، أو بناء معرفي منظم من البحوث والنظريات والممارسات الخاصة بعمليات التعليم، ومصادر التعلم الإنساني وتوظيف كفء لعناصر بشرية وغير بشرية، لتحليل النظام والعملية التعليمية ودراسة مشكلاتها، وتصميم العمليات والمصادر المناسبة كحلول عملية لهذه المشكلات وتطوريها واستخدامها وإدارتها وتقويمها، لتحسين كفاءة التعليم وفعاليته وتحقيق التعلم"[2].
- التعليم المبرمج[3]:
يعد التعليم المبرمج أسلوبا مـن أسـاليب التعلم الذاتي أو الفردي الذي يتم التفاعل فيه بين التلميذ والبرنامج إلى أقصى درجة ممكنة. والذي يتفاعل مـع التلميـذ هو البرنامج (المادة التعليمية المبرمجة) وليس المدرس، بحيث تُعد هذه البرامج بمهارة ودقـة مـن قبل المتخصصين، كما أنه تطبيق لمبادئ نفسية ظهرت طبقا لقواعد الطرق العلمية التي نشأت من نظريات التعلم السلوكية، والتي تفترض أن التعلم يحدث عندما تقدم المادة التعليمية للمتعلم على شكل مثيرات تهيئ له الفرصة ليستجيب لها ثم تعزز هذه الاستجابات.
- التعليم الإلكتروني[4]:
هو شكل من أشكال التعليم عن بعد يكون باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بغرض مواكبة التطور العلمي الراهن عن طريق استخدام الحاسوب على سبيل المثال والشبكة...
الهوامش
[1] مجدي عزيز إبراهيم، موسوعة التدريس، دار عالم الكتب 2006، ص124.
[2] محمد عطية خميس، عمليات تكنولوجيا التعليم، دار الكلمة 2003، ص 31.
[3] محمد محمود الحيلة، تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتطبيق، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، ص 71 بتصرف.
[4] فاطمة السعدي، دور الوسائط الالكترونية في تعليم اللغة العربية، مجلة التعليمية، المجلد 5 العدد 14، ماي 2018، ص504.
الصفحة 658
...العنكبوتية والوسائط المتعددة قصد وصول المعلومات بأسرع وقت وبأقل تكلفة بني المتعلمين مع التفاعل الايجابي مع المعلومة.
- التعليم عن بعد:
إن المقصود بالتعليم عن بعد هو ذلك "التعليم النظامي المنظم الذي تتباعد فيه مجموعات التعلم وتستخدم فيه نظم الاتصالات التفاعلية لربط المتعلمين والمصادر التعليمية والمعلمين سويا"[1].
ويعد التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني من المصطلحات المتقاربة التي ينبغي رسم الفواصل بينها بذكر أوجه الاختلاف بينهما كما هو مبين في الآتي[2]:
- من حيث المرونة:
يعتمد نظام التعليم الإلكتروني على متابعة المتعلم وحضوره، ورفع وتسليم الاختبارات بعد الانتهاء من وحدة تعليمية، بينما في نظام التعليم عن بعد يتمتع المتعلم بالمرونة الكاملة حيث لا يتقيد بالحضور أو تسليم الاختبارات في وقتها المحدد، وإنما يمكنه رفعها متى ما تمكن من إنهاء الوحدة التعليمية.
- من حيث المكان والزمان:
يلتزم المتعلم في نظام التعليم الالكتروني بالحضور والتواجد مع المدرس أثناء شرح المادة العلمية، أما في نظام التعليم عن بعد لا يتقيد المتعلم بالوقت المحدد للحصة، وإنما يمكنه سماع المادة العلمية في أي وقت وأي مكان.
- من حيث التفاعل:
يتفاعل المتعلم مع المدرس بشكل مباشر، وفق استراتيجيات التعليم الإلكتروني، أما في نظام التعليم عن بعد لا يشترط التفاعل بشكل مباشر مع المدرس.
الهوامش
[1] لي ايرز شلوسر ومايكل سيمونسن، نظريات التعليم عن بعد ومصطلحات التعليم الإلكتروني، ترجمة نبيل جاد عزمي، ط2 مكتبة بيروت 2010، ص1.
[2] الفرق بين التعليم عن البعد والتعليم الإلكتروني، بتاريخ 25-10-2014، الساعة 10H30 ، بتصرف كثير، الرابط :
الصفحة 659
... من حيث الهدف:
إن الهدف في نظام التعليم الإلكتروني هو استخدام الوسائل التكنولوجية والإنترنت، للوصول إلى طرق إبداعية في التعليم، أما هدف التعليم عن بعد فهو إتاحة الفرصة للتعلم بالنسبة لمن تعذر عليه الحضور لأسباب خاصة، كما أن التعليم عن بعد لا يتطلب دائما استخدام وسائل الاتصال الحديثة من أجل الحصول على المادة التعليمية؛ لأن المُتعلم باستطاعته أن يحصل عليها في شكل كُتيبات أو مواد مطبوعة ورقيًا دون الاضطرار إلى استخدام أجهزة الكمبيوتر أو الوسائط المُتعددة طوال الوقت .
وبشكل مُختصر ؛ يُمكننا أن نذكر الفرق بين التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد في الآتي:
الأول مرتبط بالتواصل مع هيئة التدريس عبر وسائل الاتصال الحديثة، بينما الثاني لا يتطلب وجود تواصل مع المدرسين، وإنما هو بمثابة تعلم ذاتي[1] .
في الأخير، يمكن القول إن مصطلح تكنولوجيا التعليم مصطلح واسع يرتبط بمجوعة من أنماط التعليم والتعلم معا، فبه تتسلح هذه الأخيرة لتنتقل من مرحلة التخطيط والإعداد إلى مرحلة التدبير والتنفيذ؛ أي إن تكنولوجيا التعليم هي مجموع الآليات الإجرائية الضرورية لتوظيف العديد من أنماط التعلم الحديث من قبيل التعلم المبرمج والتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد (...).
الهوامش
[1] التعلم الذاتي: هو النشاط التعليمي الذي يقوم به المتعلم مدفوعا برغبته الذاتية، بهدف تنمية استعداداته وإمكانياته وقدراته وكفاياته الشخصية مستجيبا لميوله واهتماماته بما يحقق تنمية شخصيته وتكاملها والتفاعل الإيجابي والناجح مع مجتمعه عن طريق الاعتماد على نفسه والثقة بقدراته في عملية التعليم والتعلم. ويتعلم الطالب بواسطة التعلم الذاتي كيف يتعلم ومن أين يحصل على مصادر التعلم، فيتجه إلى تعليم نفسه بنفسه، ويمر بالمواقف التعليمية المختلفة اللازمة لاكتساب المهارات أو المعلومات المطلوبة، مما يجعل العملية التعليمية موجهة نحو الفرد الذي يقوم بالدور الأكبر في الحصول على المعرفة ويكون أكثر إيجابية في التعامل مع الموقف التعليمي، ويصبح المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية والمسيطر على متغيراتها، في حين تخضع المناهج والكتب والأهداف والأنشطة التعليمية لدوافع الطالب ورغباته وقدراته.(المعجم الموحد لمصطلحات المناهج وطرائق التدريس، محمد الدريج وآخرون، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب تنسيق التعريب- الرباط، ، سلسة المعاجم الموحدة، رقم: 44، 2020 م، ص 116).
الصفحة 660
المبحث الثاني: أثر تكنولوجيا التعليم في عملتي التعليم التعلم.
تسعى مختلف الدول إلى تطوير منظومتها التربوية التعليمية لتكون قادرة على إحداث نقلة نوعية في مجال التربية والتعليم، والمغرب كغيره من الدول انتهج في سبيل الرقي بمنظومته مجموعة من التدابير المتعلقة بالإصلاحات المتوالية قصد تطوير الممارسة التربوية، حيث أكد على ...
الصفحة 660
... على ضرورة توظيف التقنيات الحديثة في المجال التربوي، بل إنه سعى نحو التنزيل الإجرائي العملي لذلك عبر تمكين المدرسين المنتمين للمدارس الرائدة من الوسائل التكنولوجية بغرض توظيفها في الممارسات الصفية للرقي بالمدرسة المغربية وجعلها قادرة على تجاوز العوائق والتحديات العالمية ومساهمة في إعداد جيل متشبع بروح المسؤولية والمواطنة.
من هنا يمكن أن نطرح بعض الأسئلة التالية: هل المدارس الرائدة هي السبيل الوحيد لتوظيف تكنولوجيا التعليم في عملية التعليم؟ وما هي أهم الأسباب التي حالت دون الاستمرار في نمط التعليم عن بعد على سبيل المثال الذي تم إقراره سنة 2020 أثناء جائحة كرورنا؟
ومحاولة منا للإجابة عن هذه الأسئلة كان من الضروري أن نقف عند أهم إيجابيات وسلبيات تكنولوجيا التعليم باعتبارها الوسيلة الإجرائية لتوظيف العديد من أنماط التعليم والتعلم وعلى رأسها التعليم عن بعد، وذلك كما هو مبين في الآتي:
أولا: إيجابيات تكنولوجيا التعليم:
لا شك أن لتكنولوجيا التعليم مجموعة من الفوائد التي تعود بالنفع على كل المتدخلين في عمليتي التعليم والتعلم، بدءا من المتعلم ومرورا بالأطقم التربوية والإدارية وانتهاء عند الوزارة الوصية على القطاع، وهذه بعضها على سبيل المثال لا الحصر والعد:
- إتاحة إمكانية التعلم عن بعد:[1]
ساهمت وسائل الاتصال والإعلام في الرفع من جودة التعليم والتعلم ولازالت ستساهم في تنزيل الكثير من الرافعات[2] التي اعتمدها المغرب في الرؤية الإستراتيجية 2015/2030. فقد تمكن المتعلمون من متابعة دراستهم من بيوتهم رغم تعذر حضورهم للفصول الدراسية بسبب الأمراض أو الأوبئة كما هو الشأن في الآونة الأخيرة بسبب تفشي الفيروس المعلوم، كما تمكنت فئات أخرى -الموظفون والأمهات المربيات - من متابعة دراستهم عن بعد، خاصة أن الكثير من الجامعات لم
الهوامش
[1] مقال Advantages and disadvantages of m-learning in current education، للدكتور Santiago criollo والدكتور Sergio Luján-Mora والدكتور Angel Alcázar، نشر بمجلة IEEE إثر المشاركة في المؤتمر العالمي للتعليم الهندسي (EDUNINE) الذي نظم من يوم 11 إلى 14 مارس سنة 2018 بالأرجنتين، ص 36 بتصرف.
[2] تُعتبر وسائل الاتصال والإعلام من أنجع الآليات الكفيلة لتنزيل مجموعة من الرافعات المنصوص عليها في الرؤية الإستراتيجية 2015- 2030 كتأمين الحق في ولوج التربية والتكوين للأشخاص في وضعية اعاقة أو في وضعية خاصة، وإرساء مدرسة ذات جدوى وجاذبية، ورافعة تمكين المتعلمين من استدامة التعلم وبناء المشروع الشخصي والاندماج، وتطوير نموذج بيداغوجي قوامه التنوع والانفتاح والنجاعة والابتكار، وتأمين التعلم مدى الحياة، وتعزيز تموقع المغرب ضمن البلدان الصاعدة.
الصفحة 661
... تعد تشترط حضور المحاضرات في مقرها للحصول على شهادتها، واتجهت إلى إصدار شهادات إلكترونية من خلال حضور المحاضرات عن بعد.
- المرونة وسهولة الوصول إلى المعلومة وتحقيق التعاون بين المتعلمين:
تتيح وسائل الإعلام والاتصال عدة مزايا منها: "إمكانية متابعة الدراسة بواسطة الأجهزة المحمولة التي تجعل عملية التعلم أكثر مرونة وتوفر عدد كبير من المعلومات في وقت وجيز، كما تسهم في إفادة المتعلمين من بعضهم البعض عبر إنشاء مجموعات لتبادل المعارف والمهارات التي تجعلهم قادرين على التعبير وتبادل الآراء وحل المشكلات واتخاذ القرارات"[1].
- تحفيز المتعلمين على التعلم:
تجعل الوسائل التكنولوجية العملية التعليمية التعلمية أكثر تشويقا ومتعة، وتخرجها من النمط التقليدي الممل، وذلك من خلال بث الرغبة لدى المتعلم التي تعد سر من أسرار النجاح. قال الماوردي:" فإنّ نيل العظيم بأمر عظيم، وعلى قدر الرّغبة تكون المطالب"[2]، فتوظيف الأستاذ للوسائل التكنولوجية يعتبر "عنصرا أساسيا في إثراء الموقف التعليمي وإثارة الدافعية لدى المتعلمين"[3]، باعتبارها الوسائل الأشد تأثيرا ولفتا للانتباه في هذا العصر.
- التوافق مع أنماط فهم المتعلم:[4]
أجريت دراسة استبيانية حول أهمية وسائل الاتصال والإعلام اتفق فيها جل الأساتذة على أن هذه الأخيرة تُتيح إمكانية نهج تعليم فردي مرن ينمي قدرات المتعلمين ويراعي فروقاتهم ويسهم بشكل جلي في عملية التعلم الذاتي...
الهوامش
[1] مقال "Mobile Learning: New forms of education" للدكتور P. Campanella، نشر بمجلة IEEE إثر النسخة العاشرة للمؤتمر الدولي حول التقنيات المستجدة للتعلم عبر الشبكة العنكبوتية وتطبيقاته (10th International Conference on emerging eLearning technologies and application) سنة 2012 بسلوفاكيا. ص.51 / 52 بتصرف.
[2] أدب الدنيا والدين، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، دار مكتبة الحياة 1986م، ص: 57.
[3] مدخل إلى تكنولوجيا التعليم، غالب عبد المعطي الفريجات، ط3، دار كنوز المعرفة، عمان 2014، ص: 98.
[4] مقال " Evaluation of distance education environmental advantages"، للدكتورة Iren Katane والدكتورة Itena Kristovska والدكتور Edgars Katans، نشر بفعاليات المؤتمر العلمي الدولي Engineering for Rural Development سنة 2015، ص: 720/728 بتصرف كثير.
الصفحة 662
...وقد ذكر غالب عبد المعطي الفريجات مجموعة من الفوائد ألخص بعضها في الآتي[1]:
- تحسين نوعية التعليم والوصول به إلى درجة الإتقان؛
- تحقيق الأهداف التعليمية بوقت وإمكانات أقل؛
- الرفع من مستوى الإدراك الحسي بحيث إن الألفاظ لا تستطيع أن تعطي المتعلم صورة حقيقة جلية تماما عن الشيء موضوع الحديث بنفس الصورة التي تقدمها الوسيلة الإيضاحية؛
- تشجيع التعلم الذاتي؛
- تنمية الحس الجمالي، فالتقنية التعليمية تكون في العادة ذات إخراج جيد، وتناسق لوني جميل؛
- تنوع حواس المتعلم بمشاركة أكثر من حاسة في التعلم ...إلخ.
ثانيا: سلبيات تكنولوجيا التعليم:
إن التوظيف الأمثل لتكنولوجيا التعليم كفيل للرفع من جودة المدرسة المغربية، إلا أن ذلك محفوف بمجموعة من الآثار السلبية، سواء على مستوى توفير التقانة اللازمة أو على مستوى سوء توظيفها في حال توفرها، وهذه بعض السلبيات أو المعيقات التي تقف أمام التوظيف الأمثل لتكنولوجيا التعليم[2]:
- استحالة تعميم هذه الوسائل على الجميع وخصوصا في بلدان العالم الثالث، وبالتالي لن يستفيد منها الكل بسبب الفقر، أو بسبب ضعف صبيب الأنترنيت في المناطق النائية وهذا ضرب في مبدأ تكافؤ الفرص.
- ضعف المهارات الأساسية المتعلقة بالقراءة والكتابة والإملاء بسبب الاعتماد على الدروس المكتوبة مسبقا، وضعف التفكير والبحث والابداع بسبب الاتكال على المعلومات السهلة المنال التي تقدمها هذه الوسائل...
الهوامش
[1] مدخل إلى تكنولوجيا التعليم، غالب عبد المعطي الفريجات، ط3، دار كنوز المعرفة، عمان 2014، ص: 51 وما بعدها، بتصرف.
[2] استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال وأثره على تحسين جودة العملية التعليمية: دراسة عينة من الجامعات الجزائرية، ضيف الله نسيمة، دكتوراه نوقشت سنة 2016/2017 بجامعة الحاج لخضر، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، ص:161، بتصرف.
الصفحة 663
- احتمالية الخروج عن القصد التربوي الذي من أجله أُدمجت وسائل الاتصال، وذلك من خلال ولوج بعض المواقع التي تُعتبر وسيلة إلهاء ومضيعة لوقت التعلم، أو ولوج المواقع الإباحية.
- فقدان الخصوصية وتسرب الملفات الخاصة عبر الإنترنت من خلال برامج التجسس والاختراق مما قد يُعرض للابتزاز والتهديد.
- الغش في الامتحانات والسرقة العلمية لأنهما يعتبران من المضار الخطرة الناتجة ويتجلى معنى السرقة العلمية في لجوء المتعلمين إلى نسخ المعلومات ونسبها لأنفسهم، مما ينعكس سلبا على الصاحب الأصلي للمعلومة من جهة، وعلى مستقبل المتعلم من جهة أخرى.
الصفحة 663
المبحث الثالث: دواعي توظيف تكنولوجيا التعليم في عملية التعليم والتعلم وإكراهاته
تشــهد الألفية الثالثــة مــن تاريــخ البشــرية تحــولات جذريــة وعميقــة، وأبرز هــذه التحولات مــا بــات يعــرف بالثــورة الرقميــة، التــي غيــرت نمط عيشنا، وأصبحـت تحكـم كل أفعالنـا وسـلوكنا فـي شـتى المجالات. وإذا كانــت هــذه الثــورة لم تستثن أي جانــب مــن جوانب حياتنا، فـإن منظومـة التربيـة والتعليم ليسـت بمعــزل عــن ذلــك، فميــدان التعليــم أصبح يعرف تغيرات ليسـت كسـابقاتها، سواء من حيث طرق التدريس، أو من حيث طرق التعلم وسهولة الوصول إلى المعلومة، بناء على ذلك ينبغي على كل المتدخلين في الفعل التربوي مواجهة هذه الموجة الرقمية ومسايرتها حتى يتمكنوا من النهوض بالمنظومة التربوية، لذلك سيتناول هذا المبحث بعض الأسباب الداعية إلى ضرورة توظيف الوسائل التكنولوجيا وما يعترض ذلك من إكراهات وتحديات.
أولا: الدواعي[1]:
- أضحت وسائل الاتصال والإعلام في صلب اهتمام الفاعلين التربويين الحريصين على الرفع من جودة التعليم والتعلم، لذلك جعلوها من أهم مداخل الابداع الحديث، والأداة الأكثر شيوعا، والأشد تأثيرا في جيل المستقبل، ومما لا شك فيه أن نجاح دور المدرسة رهين بمدى استجابتها لتغيرات المجتمع، ومن هنا كان لزاما على كل الفاعلين الاهتمام بهذا الجانب المهم في المنظومة التربوية.
- بعد أن اجتاح التقدم التكنولوجي فضاء الحياة العامة وولج رحاب الحياة المدرسية بقوة، ونظرا لما قدمه للحداثة والعولمة، كان لابد أن يمتد هذا التأثير ويكتسح عمليتي التعليم والتعلم...
الهوامش
[1] مشكلات استخدام التكنولوجيا في التعليم التي تواجه مدرسي اللغة العربية، نصرت جياد زيدان، رسالة ماجيستر طبعت سنة 2015/08/22 بجامعة الشرق الأوسط، العراق، ص 8. بتصرف كثير.
الصفحة 664
... لذا فمن الضروري إعادة النظر في المناهج والبرامج والوسائل وأدوار كل الفاعلين التربويين؛ لأن جيل اليوم نشأ وترعرع في حضن وسائل الاتصال الحديثة مما اكسبه مؤهلات ومقومات ثقافية-تواصلية، وكفايات تكنولوجية جعلته يملك قدرة مدهشة على استيعاب المفاهيم المرئية والمسموعة، وله رغبة دائمة في البحث والتواصل عبر شبكات الأنترنيت، الأمر الذي يستوجب استغلاله لتفجير هذه الطاقات وتمليكها المعارف والمهارات والقيم الكفيلة بصقل شخصيتها وتنمية فكرها وتفتيح مخيلتها الإبداعية الخلاقة.
لقد أصبحت تكنولوجيا التعليم وسيلة مهمة لتحقيق الأهداف التعليمية، فهي تساهم حسب رأي زاهر أحمد في[1]:
- تدريس الميول والاتجاهات؛
- تساعد المتعلمين على الفهم، وتعمل على إكسابهم المهارات؛
من هنا يمكن القول بأن توظيف تكنولوجيا التعليم أصبح ضرورة حتمية نظرا لما تقتضيه السياقات العالمية الناتجة عن الثورة الرقمية، إضافة إلى كونها باتت وسيلة مهمة تساعد على الرفع من جودة التعليم، غير أن السعي نحو ذلك يعترضه مجموعة من الإكراهات والتحديات التي ينبغي الوقوف عندها بالتفكير من أجل إيجاد السبل والآليات الكفيلة بمواجهتها وتجاوزها.
ثانيا: الإكراهات والتحديات:
إن تحقيق الغايات التربوية المنشودة في ظل التطور التكنولوجي أصبح رهينا بمدى إدماج وسائل التواصل والإعلام في المنظومة التربوية، وإدماجها محفوف بعدة إكراهات منها[2]:
- نوعية التكوين المعتمد في مراكز التكوين لازال نمطا تقليديا؛
- ضعف الجانب التطبيقي في مادة الإعلاميات؛
- غياب شبه تام للوسائل (الحاسوب، اللوائح الإلكترونية، السبورة التفاعلية...)، والبرامج التعليمية المناسبة؛
- قلة الوعي بأهمية إدماج التكنولوجيا في مجال التربية والتعليم.
الهوامش
[1] تكنولوجيا التعليم تصميم وإنتاج الوسائل التعليمية، زاهر أحمد، ط1، المكتبة الأكاديمية، القاهرة 1997، ص 68-69، بتصرف.
[2] تكنولوجيا الإعلام والتواصل في المنظومة التربوية المغربية. مرجع سابق، الصفحة 11/12، بتصرف.
الصفحة 665
في هذا السياق أجريت دراسة ميدانية في مديرية وجدة أنجاد -جهة الشرق-على عينة تضم 50 أستاذا وأستاذة حول توظيف الوسائل التكنولوجية في الفصول الدراسية الخاصة بالأسلاك الثلاثة فكانت نتيجتها كالآتي (أنظر انسخة الورقية أعلاه من الصفحة 666 إلى الصفحة 670).
الصفحة 666
خاتمة
يواجه التعليم في بلدنا تحديات متلاحقة تتمثل في صعوبة مسايرة الثورة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية، وهي ما تعرف باسم الثورة الصناعية الثالثة، لذا كان من الأهمية أن نسعى في تطوير العملية التعليمية والتحسين من جودتها، وتطويرها يحتاج إلى أساليب جديدة في التعليم وإعادة هيكلة المناهج وتطويرها لتلائم التقدم الحادث في عالمنا حتى يتمكن المتعلم من الكفايات اللازمة، لاسيما التكنولوجية منها، وبالتالي تحقق جودة المدرسة المغربية، ولعل النتائج الآية تشكل خطوة مهمة في السعي نحو تحقيق ذلك:
- توفير العدة التكنولوجية داخل مختلف المؤسسات التعليمية؛
- ربط مختلف المؤسسات التعليمية بصبيب الإنترنيت؛
- تعزيز الدعم الاجتماعي لفائدة المتعلمين والمتعلمات بما يمكنهم من توفير الوسائل الإلكترونية؛
- برمجة تكوينات للسادة الأساتذة والسيدات الأستاذات قصد تمكينهم من الكفايات التكنولوجية اللازمة؛
- هيكلة الدروس والبرامج بما يتناسب مع توظيف الوسائل التكنولوجية؛
- التنويع في أنماط التعليم والتعلم وذلك بإعادة الاعتبار للتعليم عن بعد والتعلم المبرمج ...؛
- عقد ندوات وحملات تحسيسية ب حول أهمية توظيف الوسائل التكنولوجيا والتحذير من سلبياتها.