توظيف الخرائط الذهنية في عمليتي التعليم والتعلم

مرجعيات ونماذج


المؤلف: محمد ملحاوي

التصنيف: مقالات علمية

عرض PDF

الوصف:

مقال علمي نشر بمجلة الشرق الأوسط ضمن الإصدار الثاني والعشرون، المجلد السابع، العدد الثاني 2024

ملخص الدراسة


ترمي هذه الدراسة إلى بسط أجرأة التصميم الديداكتيكي للخرائط الذهنية، وتحديد المرجعيات التي تقوم عليها، سواء من حيث نظريات التعلم، أو من حيت البيداغوجيات الحديثة، وذلك من خلال البحث في الطابع المفاهيمي لكل من الخريطة الذهنية وبعض نظريات التعلم، والنظر في أدوارهم ومكانتهم والتبصر في المآلات العلائقية التي تنتج عن الربط بين هذه المفاهيم على مستوى الفصل الدراسي، اعتمادا عل المنهج الوصفي والتحليلي المحكوم بضوابط اللغة ودلالات الاصطلاح وجدل العلاقات وطبيعتها. نستطيع أن نقول إن الخرائط الذهنية باتت مدخلا أساسيا في التدريس وفق المقاربة بالكفايات وآلية من آليات التنزيل الديداكتيكي لنظريات التعلم، وعليه تصبح مسألة ضبط الخرائط بأنواعها المختلفة، سواء من حيث الصياغة والتصميم، أو من حيث التدبير والتنزيل، أمرا في غاية الأهمية، ذلك أننا متى تمكنا من صياغتها وفق ما يتوافق مع الموضوع الذي يميز كل نوع منها، أمكننا ذلك من تبسيط التعلم وتحقيق الكفايات اللازمة. إن النظر في طبيعة الخرائط الذهنية وقيمتها الوظيفية يساعدنا على إدراك العلاقة بينها وبين التدريس بالكفايات ومختلف النظريات والبيداغوجيات، ومن ثم يمكننا أن ندرك حجم الأهمية التي يكتسيها كل طرف بالنسبة للطرف الآخر، ولما كانت الخريطة الذهنية آلية من آليات التدريس بالكفايات من أجل بناء المعارف واكساب والمهارات والقيم وتمثلها على أرض الواقع، فإن ما يترتب على ذلك، الاستنتاج اللازم القائل:"إن التعامل مع الانفجار المعرفي يقتضي التوجه نحو اقتصاد المعرفة ووظيفيتها". ولن يتحقق ذلك إلاّ بتبني طرق التدريس الحديثة وعلى رأسها التدريس بالخرائط الذهنية. وعليه يمكننا القول إن الوضع المأزوم لمخرجات المنظومة التربوية مرجعه ليس إلى المقاربات المعتمدة نفسها، ولا إلى ضعف متعلمي هذا الجيل، وإنما يرجع إلى غياب التنوع في أشكال التدريس وإشكالات تنزيلها في الفصول الدراسية. لذلك جاءت هذه الدراسة لتجيب عن إشكالية عامة هي: كيف تصاغ الخرائط الذهنية؟ وما علاقتها بمختلف النظريات والبيداغوجيات؟ وإلى أي حد تُسهم في تجويد عمليتي التعلم والتعليم؟

ومحاولة منا للإجابة عن الإشكالية العامة للدراسة، وكذا أسئلتها الفرعية، انتهجنا سبيل خطة قسمنا الدراسة من خلالها إلى خمسة محاور هي كالتالي:

أولا: مفهوم الخرائط الذهنية وتاريخ نشأتها.

ثانيا: أسس ومرجعيات الخرائط الذهنية.

ثالثا: أهمية الخرائط الذهنية وأهدافها.

رابعا: أنواع الخرائط الذهنية ومميزاتها.

خامسا: كيفية إعداد الخرائط الذهنية.

الكلمات المفاتيح:

الخريطة الذهنية، الخريطة المعرفية، المقاربة بالكفايات. التعلم النشط.

الصفحة 1



مقدمة:


يشهد العالم ثروة معرفية كثيرة التشعب وطويلة الذيول، تتميز بسرعة انتقال المعلومات وسهولة الوصول إليها في تحرر تام من قيود الحدود وعوائق المسافات، ولا سيما في ظل العولمة وانتشار شبكات الأنترنيت مما جعل التوجه نحو اقتصاد المعرفة أمرا في غاية الأهمية، وهذا ما يقتضي من الفاعلين التربويين البحث عن الأساليب والاستراتيجيات التدريسية الملائمة التي يمكنها مواكبة هذا الانفجار المعرفي من جهة، وتنمية القدرات الذهنية للمتعلم وجعله محور العملية التعليمية التعلمية من جهة أخرى، ومن هذه الاستراتيجيات الخرائط الذهنية باعتبارها أحد أهم أنواع التدريس البصري، وكونها تحاكي عمل العقل في قدرته على ربط مجموعة من المعلومات؛ لأنها تمثل تنظيما مرئيا للمعلومات يُسهل على المتعلم ضبطه فهما وحفظا وتوظيفا واسترجاعا، ولأجل تربية الأجيال وتحقيق التنمية في ظل التطور المعرفي الهائل، وجب أن نكون في طليعة هذا الاتجاه المعرفي المعاصر، ولن يكون ذلك ممكنا وناجحا إلا بالانفتاح على الوسائل المعلوماتية والاتصالية الرقمية المعاصرة والمتطورة، واستراتيجيات التدريس الحديثة من أجل توظيفها في بناء مجتمع معرفي متكامل ومتطور ومحصن من كل التيارات الهدامة، والذي لا يحتمل تباطؤا أو تأخيرا، علينا أن نحرص بشدة على النهوض بالمنظومة التربوية وتحصينها من معاول الهدم بغرس المبادئ والقيم في الناشئة بكل الطرق المتاحة، وخاصة ما أضحى يعرف بوسائل التدريس الحديثة. لذلك ستسعى الدراسة الحالية للكشف عن أهمية التدريس بالخرائط الذهنية في العملية التعليمية التعلمية وطريقة تصميمها بما يتناسب مع موضوعات التعلم.

الصفحة 2




أولا: مفهوم الخرائط الذهنية وتاريخ نشأتها:



أ‌-       تعريف الخرائط الذهنية:

لقد أضحت الخرائط الذهنية محل اهتمام الباحثين المعاصرين، لذلك شهدت زخما واسعا من التعريفات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ولا العدّ ما يلي:

-        هي طريقة تصويرية شبكية خاصة بتخزين أولويات المعلومات وتنظيمها وترتيبها (عادة على الورق) باستخدام كلمات وصور ذهنية مفتاحية أو محفزة؛ حيث إن كلاّ من هذه الكلمات والصور سوف يلتقط ذكريات محددة ويشجع مفاهيم وأفكارا جديدة. وكل مثير من مثيرات الذاكرة

الصفحة 2

في الخريطة الذهنية هو مفتاح لفتح القفل عن الحقائق والأفكار والمعلومات، وأيضا لإطلاق الإمكانات الحقيقية للعقل[1].

-        تنظيم المعلومات في أشكال أو رسومات تبين ما بينها من علاقات. وتتخذ أشكالا مختلفة حسب ما تحويه من معلومات[2].

-        تصميم يجمع بين رسم وكتابة المعلومات، يقوم المتعلم بتنظيم ما هو مكتوب ليسهل على العقل استيعابه وتذكره[3].

-        وسيلة تعبيرية عن الأفكار تعتمد على استخدام المخططات عوضا عن الاقتصار على الكلمات فقط، بحيث تستخدم الفروع والصور ة والألوان في التعبير عن الفكرة وتستخدم كطريقة من طرق الذاكرة في إدراك الأشياء؛ فهي تعتمد على الذاكرة البصرية [4].

ويمكن أن نعرف الخريطة الذهنية بكونها: وسيلة تنظم مجموعة من المعلومات بشكل مركز تنطلق من الأصل نحو الفرع؛ أي من المعلومات الرئيسة ذات الأولوية نحو المعاني الجزئية بشكل مرتبط ومنظم ومرتب، اعتمادا على الخطوط والصور والرموز والألوان.

أ‌-       نشأة الخرائط الذهنية:

يصعب تحديد تاريخ نشأة الخرائط الذهنية، أو ما كانت تسمى "الرسوم الشعاعية، لأنها استخدمت منذ عدة قرون في المنحوتات والتماثيل الرمانية والبيزنطية، كما أنها ظهرت في القرن الثالث على يد أرسطو وغيره من الفلاسفة"[5].

وكان النبي ﷺ يستخدم بعض الرسومات في توضيح بعض المسائل لتوصيل فكرة معينة وتبسيط المقصود من كلامه، ومن الأمثلة على ذلك:

-        عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا ثم قال هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمين الخط وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه[6].

-        عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خط في الأرض أربعة خطوط ثم قال هل تدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال: " أفضل أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون[7]

غير أنه يمكن القول بأن الفضل في حسن تصميم الخرائط الذهنية وتوظيفها بشكل رسمي كإستراتيجية للتدريس في مجالي التعليم والتعلم يرجع إلى "توني بوزان عام 1970 ولاسيما بعد أن أدرك أهمية استخدام جانبي المخ. وهما الجانب الأيمن المسؤول عن الصور والخيال والألوان والنظرة الكلية(...)والجانب الأيسر المسؤول عن اللغة والمنطق والأرقام وإدراك التفاصيل المتعلقة بالخطوط والرموز (...)[8].

الهوامش:

[1]  توني بوزان، مهارات بوزان للتحصيل التعليمي، ط1، مكتبة جرير 2018، ص 144.

[2]  ذوقان عبيدات وسهيلة أبو السميد، استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين، ط1، دار الفكر 1428-2007، ص 197.

[3] عبد الله بن خميس أمبو سعيدي وسليمان بن محمد البلوشي، طرائق تدريس العلوم (مفاهيم وتطبيقات عملية)، ط1، دار المسيرة 1429-2009، ص 473.

[4]  شايع سعود الشايع، الخارطة الذهنية للقرآن الكريم لتيسير الفهم والحفظ، ط1، مكتبة آفاق 1433-2012، ص 15.

[5] طارق عبد الرؤوف، الخرائط الذهنية ومهارات التعليم، ط1، المجموعة العربية للتدريب والنشر القاهرة- مصر 2015، ص 31 بتصرف.

[6] أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج2، ص76.

[7] أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (المتوفى: 571هـ)، ، تحقيق عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1415 هـ - 1995 م، ج70، ص108.

[8] طارق عبد الرؤوف، الخرائط الذهنية ومهارات التعليم، (م.س)، ص 30 بتصرف.

الصفحة 3




ثانيا: أسس ومرجعيات الخرائط الذهنية:



تستند إستراتيجية التدريس بالخرائط الذهنية إلى عدة مرجعيات وأسس، منها نظريات التعلم والمقاربة بالكفاية[1] بالإضافة إلى بعض البيداغوجيات الحديثة. ويمكن اعتبار الخرائط الذهنية أحد استراتيجيات التعلم النشط[2] وأهم الآليات الإجرائية لبعض النظريات التربوية والبيداغوجيات الحديثة، والتي من بينها:

أ‌-      النظرية البنائية:

تعتبر البنائية واحدة من أهم نظريات التعلم، قوامها أن الطفل يكون نشطا في بناء أنماط التفكير لديه، نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة.[3]

ويرى "بيلت" (Billett) "أن النظرية البنائية تقوم على فكرة وجود دوافع فطرية لدى الفرد لفهم العالم من حوله، وبدلا من أن يستحوذ أو يستقبل بسلبية المعرفة المسـتهدفة الجديدة، يبني المتعلمون المعرفة بفاعلية عن طريق تكامل المعلومات الجديدة والخبرات مع ما فهموه في السابق، كما يقومون بتعديل وتفسير معارفهم السابقة لتتوافق مع المعرفة الجديدة".[4]

أما "أرنست فون جلاسر سفيلد" (Glasersfeld) فيرى أن البنائية عبارة عن نظرية معرفية تركـز على دور المتعلم في البناء الشخصي للمعرفة.[5]

فالنظرية البنائية هي عبارة عن عملية استقبال للتراكيب المعرفية الراهنة، يحدث من خلالها بناء المتعلمين لتراكيب ومعاني معرفية جديدة من خلال التفاعل النشط بين تراكيبهم المعرفية الحالية ومعرفتهم السابقة وبيئة التعلم.[6]

وفي ضوء ذلك يمكن القول إن مفهوم النظرية البنائية يتضمن ثلاثة عناصر هي: [7]

- العنصر الأول: التراكيب المعرفية السابقة الموجودة لدى المتعلم؛

- العنصر الثاني: المعرفة التي يتعرض لها المتعلم في الموقف التعليمي التعلمي الراهن؛

- العنصر الثالث: بيئة التعلم بما تتضمنه من متغيرات متعددة.

وكنتيجة لوجود المتعلم في بيئة تعلم اجتماعية فاعلة، يحدث تفاعل نشط بين التراكيب المعرفية السابقة والتراكيب المعرفية الجديدة في مناخ اجتماعي تعلمي، يتولد عن هذا التفاعل بناء معرفة جديدة. وبما أن الخرائط الذهنية هي تقنية لإعادة تمثيل المعرفة عن طريق تنظيمها في مخطط شبكي غير خطي فإن ذلك يتناسق مع النظرية البنائية ويتوافق معها في كون حدوث التعلم يكون بعد إعادة التنظيم الذاتي لأبنية

الهوامش:

[1] المقاربة بالكفايات: تصور تربوي بيداغوجي، ينطلق من الكفايات المستهدفة في نهاية أي نشاط تعليمي، أو نهاية مرحلة تعليمية-تعلمية، لضبط استراتيجية التكوين في المدرسة، من حيث طرائق التدريس، والوسائل التعليمية، وأهداف التعلم، وانتقاء المحتويات، وأساليب التقويم، وأدواته. محمد صلاح الحثروبي، المدخل إلى التدريس بالكفايات، دار الهدى، الجزائر، ص37.

[2] التعلم النشط هو ذلك النوع من التعلم الذي يعمل فيه المتعلم على تكوين المعنى والتعاون مع الآخرين ضمن أجواء يقل فيها التركيز على استقبال المعرفة المستقاة من المعلم ومحاضراته الكثيرة والاهتمام بدلاً من ذلك بالتأمل والاكتشاف. هدى أبو عقروب وآخرون، التعلم النشط بين النظرية والتطبيق، ط1، دار الشروق للنشر والتوزيع عمان- الأردن 2011، ص30.

[3] حسن حسين زيتون وكمال عبد الحميد زيتون، التعلم والتدريس من منظور النظرية البنائية، مكتبة طريق العلم، عالم الكتب، ط 1، 1423هـ/ 2003م، ص 14، بتصرف.

[4] نقلا عن: ناصر بن حمد العويشق، النظرية البنائية وتطبيقاتها في التعليم والتعلم، 1423هـ، ص 04.

[5] نقلا عن: ناصر بن حمد العويشق، النظرية البنائية وتطبيقاتها في التعليم والتعلم، (م.س)، ص 04.

[6] حسن حسين زيتون، استراتيجيات التدريس رؤية معاصرة لطرق التعليم والتعلم، عالم الكتب، القاهرة، 2003، ص 212.

[7] نجم عبد الله غالي الموسوي، النظرية البنائية واستراتيجيات ما وراء المعرفة، مكتبة طريق العلم، الرضوان للنشر والتوزيع، ص 39.

الصفحة 4

المعرفة السابقة، ولا سيما عندما يكون المتعلم في محور العملية التعليمية التعلمية، حيث يُطلب منه تصميم خرائط ذهنية اعتمادا على معرفته وأفكاره السابقة المخزنة في بنيته المعرفية واستنادا إلى الدعامات والنصوص المناسبة لموضوع التعلم، الأمر الذي يساهم في تنمية مهارة الإبداع والابتكار عند المتعلمين ويساعد على إعادة بناء معارفهم.

أ‌-      نظرية الجشطلت

نظرية الجشطلت[1] هي إحدى النظريات التي حاولت تفسير كيفية حدوث التعلم وارتكزت على " أمر محوري وهو الإدراك، والإدراك يكون إجماليا أولا، ثم يتدرج إلى التفاصيل، وبعبارة أخرى لا تفهم التفاصيل إلا في إطار الكل الذي يجمعها، فمنه تأخذ معناها، ومن ترابطها بشكل أو آخر في الكل التي هي أجزاء فيه، يكون لهذه الأجزاء تأثيرها. وإن التعلم هو استبصار في هذا الكل، وفهم حقيقي للعلاقات القائمة بين أجزائه، بحيث يصبح لها معنى، وليس مجرد اشراطات بين مثيرات واستجابات أو ما شابه ذلك"[2] . ولعل ذلك يشكل تقاطعا مهما مع ما تهدف إليه الخرائط الذهنية؛ إذ إن من بين أهدافها هو إدراك العلاقات بين عناصر موضوع التعلم، وذلك لإكسابه معنى يكون سببا في بقاءه وترسيخه في ذهن المتعلم، بالإضافة إلى كونها وسيلة تسعى لإيجاد المتغيرات والربط بينها لتجاوز اللاتوازن والوصول إلى حالة الاتزان ما ينتج عنه خلق معرفة جديدة وهو عين ما ترمي إليه نظرية الجشطلت وغيرها من نظريات التعلم.

ج‌-     نظرية أوزبل:

يرى أوزبل أن "كل مادة تعليمية لها بنية تنظيمية تتميز بها عن المواد الأخرى في كل بنية تشغل الأفكار والمفاهيم الأكثر شمولية وعمومية موضع القمة، ثم تندرج تحتها الأفكار والمفاهيم الأقل شمولية وعمومية ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة، وأن البنية المعرفية لأي مادة دراسية تتكون في عقل المتعلم بنفس الترتيب من الأكثر شمولاً إلى الأقل شمولاً. ويفترض أوزبل أن التعلم يحدث إذا نظمت المادة الدراسية في خطوط مشابهة لتلك التي تنتظم بها المعرفة في عقل المتعلم، حيث يرى أن المتعلم يستقبل المعلومات ويربطها بالمعرفة والخبرات السابق اكتسابها وبهذه الطريقة تأخذ المعرفة الجديدة بالإضافة للمعلومات السابقة معنى خاص لديه، ويشجع كذلك المتعلم على تكوين سلسلة من المفاهيم عن طريق ربط المفاهيم المكتسبة لديه سابقا والمفاهيم الجديدة،

الهوامش:

[1] الجشطلت مصطلح ألماني يراد به: البينة: أو الشكل، أو الكل، أو الصيغة، أو المجال الذي يقع عليه الإدراك الأولي للشخص. إن مصطلح الجشطلت حسب فيرتمير هو: " كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام؛ بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة، ومرتبطة مع الكل ذاته من جهة أخرى، فكل عنصر أو جزء من الجشطلت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل" محمد حرب اللصاصمة، علم النفس المدرسي الحديث، دار الحامد للنشر والتوزيع 2007، ص 153. وعرف الباحث يوسف محمود قطامي الجشطلت بأنه: " مجموع الأجزاء لا يساوي الكل؛ إن مجموع الحروف العربية لا توصل إلى كلام أو جمل؛ إن الأحرف لا تساوي الكلمة، فالكلمة أولا ثم الحروف" . يوسف محمود قطامي، نظريات التعلم والتعليم، دار الفكر، الأردن، ط1، 1426ه/2005م، ص 79. ويُعدّ "ماكس فيرتيمر (1880-1943) هو مؤسس هذه النظرية، وقد تبناها كل من كوهلر (1887-1967) في كتابه "عقلية القردة" الذي تحدث فيه عن دور الاستبصار في التعلم، واعتبره بديلا للتعلم بالمحاولة والخطأ، كذلك بالنسبة لكوفكا (1886-1941) الذي انتقد في كتابه "نمو العقل" نظرية التعلم بالمحاولة والخطأ". وقد اشتهرت النظرية الجشتطلتية بقاعدة «الكل أكبر من مجموع أجزائه»، وهذه أمثلة توضيحية لنظرة الجشطالتين لبعض الأشياء وفق هذه القاعدة. سعيد حليم، المرجع في كيفية التدريس، ص 152.

[2] حنان عبد الحميد العناني، سيكولوجيا التربية، دار صفاء للنشر والتوزيع عمان، ط 5، 1435ه-2014م، ص192. 

الصفحة 5

وبهذا يصبح من الصعب نسيان المعرفة المكتسبة بهذه الطريقة، وتعمل الخرائط الذهنية بنفس الطريقة حيث تحقق تعلما ذا معنى وذلك لأنها تزود المتعلم بصورة بصرية قوية تمثل العلاقات والمعلومات المعقدة وتربط بين المعلومات السابقة والجديدة، كما أنها تعتمد على نظرية أوزبل من ناحية أن المعرفة تنتظم في الخريطة الذهنية بنفس الطريقة التي تنتظم فيها في عقل المتعلم، وذلك من المفاهيم والأفكار الأكثر شمولاً إلى الأقل شمولاً ثم المعلومات التفصيلية الدقيقة"[1].

-       نظرية الذكاءات المتعددة:

نظرية الذكاءات المتعددة، هي نظرية وضعها عالم النفس الأمريكي هوارد جاردنر في بداية ثمانينات القرن الماضي، فاشتهرت نظريته بثمانية ذكاءات، غير أن جاردنر أكد على إمكانية وجود أنواع أخرى من الذكاءات، مثل الذكاء الروحي، والذكاء الوجودي، ونص على أن قدرات المتعلمين مرتبطة فيما بينها لكنها في بعض الحالات تكون منفصلة. واستند في ذلك على أدلة من قبيل أن إصابة المخ الناتجة عن السكتة الدماغية (مثلاً) تتداخل في غالبية الأحيان مع الوظيفة في إحدى المناطق، مثل اللغة؛ ولكنها لا تؤثر في وظائف مناطق أخرى. لذا قد يتميز الأفراد بنوع من الذكاء، بينما قد لا يكون لديهم قدرات ملحوظة في الذكاءات الأخرى. ويُلخص الجدول أسفله بعض هذه الذكاءات:[2]

(أنظر الجدول الموجود في الصفحة 5 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

وبناء على تنوع الذكاءات وتعددها يُمكن القول بأن التدريس بالخرائط الذهنية يكون أفضل بالنسبة لأصحاب الذكاء البصري، إذ يتناسب مع طريقة تعلمهم، لا سيما وأن الخرائط الذهنية تعتمد في جزء كبير منها على استخدام الصور والرموز والكلمات المفتاحية، "إذ إن استعمال الألوان والصور معا يساعد على استرجاع كم كبير من المعلومات أثناء عمليات التعلم؛ لأن الخريطة الذهنية تستند في وظيفتها على تنظيم الأفكار داخل العقل بصورة منظمة متشابكة تساعد المتعلم على الربط الذهني والانطلاقة الفكرية"[3].

-       العصف الذهني:

العصف الذهني "هو أسلوب يُتَّبع لتنشيط الأذهان وتوليد الأفكار الجديدة وتسهيل مهمة التعبير عنها، وهو نمط لجمع المعلومات في اجتماع محدد، ويطبق هذا الأسلوب في حال غياب المعلومات أو نضوبها وبروز حاجة ملحَّة لإيجادها،

الهوامش:

[1]طارق عبد الرؤوف، الخرائط الذهنية ومهارات التعليم، (م.س)، ص 46-47.

[2] أنيتا وولفولك، سيكولوجيا التربية، ترجمة صلاح الدين محمود علام، در الفكر، ط 2، 2015، ص 292-293.

[3] محمد عبد السلام، استراتيجيات التدريس الحديثة دليل المعلم الناجح، مكتبة نور 2021، ص 361.

الصفحة 6

وهي عملية تفكير بصوتٍ عالٍ وبغير قيود، وذلك بخلاف النقاش المنظَّم المحدد"[1]. وقد أطلق عليه تعابير متعدد منها[2]، تجاذب الأفكار، استمطار الأفكار، قدح الذهن، عصف الأفكار، الأسئلة المفتوحة، توارد الأفكار، التفاكر...إلخ. "ويُعد العصف الذهني أحد الطرائق التي تساعد المتعلمين على حل المشكلات بطريقة إبداعية؛ لأنه يستند إلى طريقة العمل بالمجموعات، حيث إن التفكير الجماعي أرقى من التفكير الفردي، فالجماعة تستطيع أن تُكثف إنتاجها فتنتج بطريقة عصف الدماغ في ساعات ما يُنتجه الفرد في عدة أشهر"[3]، وهذه بعض مميزات عملية العصف الذهني(التفاكر) حسب الباحث دافيس[4]:

-       للعصف الذهني جاذبية بديهية (حدسية): إذ إن الحكم المؤجل للتفكير ينتج المناخ الإبداعي الحر.

-       العصف الذهني عملية بسيطة: لأنه لا توجد قواعد خاصة تقيد إنتاج الفكرة ولا يوجد النقد.

-       العصف الذهني عملية مسلية: فعلى كل فرد أن يشارك في مناقشة الجماعة أو حل المشكلة جماعيا.

-       العصف الذهني عملية علاجية: كل فرد في المناقشة تكون له حرية الكلام دون أن يقوم أي فرد بفرض رأيه أو فكرته أو حله للمشكلة.

-       العصف الذهني عملية تدريبية: فهي طريقة هامة لاستثارة الخيال والمرونة والتدريب على التفكير الإبداعي.

وعليه، يمكن للمدرس أن يوظف الخريطة الذهنية كأرضية لعملية العصف الذهني بحيث يُدون موضوع درسه في مركز السبورة ويطلب من المتعلمين إبداء آرائهم حول الموضوع، ويقومون بكتابتها على جوانب العنوان المركزي للدرس، ثم يحدد أهم العناصر المنصوص عليها في الأطر المرجعية ليجعلها محاور رئيسة، ويتأكد من رصد العلاقات القائمة بين مختلف المعلومات المتوصل إليها، مع الحرص على استعمال الألوان والرموز والصور الكفيلة بإظهار معالم الخريطة الذهنية دون الإخلال بمبادئ وقواعد العصف الذهني الآتية[5]:

-       تأجيل تقويم الأفكار المطروحة أثناء المرحلة الأولى من عملية العصف الذهني؛

-       عدم الإسراع بالحكم على أي تدخل؛ لأن ذلك يولد الكف، وهو ما يحول دون الوصول إلى المطلوب، لذا يجب إعطاء فرصة للمتعلمين لإبداء آرائهم بكل حرية؛ لأن الأفكار التي قد تبدو بديهة أو خاطئة قد تكون مقدمة للوصول إلى أفكار قيمـة.

-       أما بخصوص قواعد العصف الذهني فهي:

-       القاعدة الأولى: لا يجوز انتقاد الأفكار التي يشارك بها أعضاء الفريق أو طلبـة الصـف مهـما بدت سخيفة أو تافهة، وذلك انسجاما مع المبدأ المشار إليه سابقا، حتى يكسر الخـوف والتردد لدى المشاركين.

الهوامش:

[1] محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف، التدريب وأهميته في العمل الإسلامي، ط 4، دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع، جدة - المملكة العربية السعودية 1424 هـ - 2003 م، ص 147.

[2] قصي محمد السمائري ورائد ادريس الخفاجي، الاتجاهات الحديثة في طرائق التدريس، ط1، دار دجلة، عمان-الأردن 2014، ص 67.

[3] قصي محمد السمائري ورائد ادريس الخفاجي، الاتجاهات الحديثة في طرائق التدريس، (م.س)، ص 67.

[4] قصي محمد السمائري ورائد ادريس الخفاجي، الاتجاهات الحديثة في طرائق التدريس، (م.س)، ص 67-68 بتصرف.

[5] سها أحمد أبو الحاج، حسن خليل المصالحة، استراتيجيات التعلم النشط أنشطة وتطبيقات عملية، ط1، مركز ديبونو لتعليم التفكير، عمان - الأردن 2016، ص 89.

الصفحة 7

-       القاعدة الثانية: تشجيع المشاركين على إعطاء أكبر عـدد ممكـن مـن الأفكـار دون الالتفـات لنوعها والترحيب بالأفكار الغريبة أو المضحكة أو غير التقليدية.

-       القاعدة الثالثة: التركيز على الكم المتولد من الأفكار اعتمادا على المبدأ الثـاني، الـذي ينطلـق من الافتراض بأنه كلما زادت الأفكار المطروحة كلما زادت الاحتمالية بأن تبرز من بينها فكرة قيمة.

-       القاعدة الرابعة: الأفكار المطروحـة ملـك للجميـع، وبإمكـان أي مـن المشـاركين الجمـع بـين فكرتين أو أكثر أو تحسين فكرة أو تعديلها بالحذف والإضافة.

الصفحة 8




ثالثا: أهمية الخرائط الذهنية وأهدافها:



يعتمد معظم المدرسين على التعليم اللغوي-اللفظي، فجل الأنشطة الموظفة في الحياة المدرسية تقوم على الألفاظ والكلمات، ولهذا يُعزى تفوق المتعلمين ذوي الذكاء اللفظي؛ وذلك لانسجام هذا الأسلوب من التعليم مع ذكائهم. من هذا المنطلق كان لزاما على كل المدرسين اعتماد أساليب جديدة للتدريس، ولا سيما بعد ظهور البحوث الحديثة للدماغ وظهور الذكاءات المتعددة لجاردنر، منها الذكاء البصري، فأصحاب هذا الذكاء يتعلمون من خلال الصورة والمشاهدة الحسية، وهنا تبرز فائدة التدريس بإستراتيجية الخرائط الذهنية، وهذه بعض الفوائد لكل من المتعلمين والمدرسين[1]:

بالنسبة للمتعلمين:

-       ربط المفاهيم الجديدة بالمفاهيم السابقة الموجودة في بنبتهم المعرفية؛

-       فهم العلاقات بين المفاهيم، وتحديد أوجه الشبه والاختلاف بينها؛

-       تنمية مهارات التفكير والقدرة على التذكر؛

-       تنظيم المادة المعرفية؛

-       الإبداع والتفكير التأملي أثناء تصميم الخرائط الذهنية؛

-       الفصل بين المعلومات المهمة والمعلومات الهامشية؛ واختيار أمثلة أو صور مناسبة لموضوع الدراسة؛

-       الرفع من المستوى الدراسي، وزيادة التحصيل، الاحتفاظ بالتعلم؛

-       اكتشاف علاقة المادة المدرسة بالعالم الخارجي.

بالنسبة للمدرسين:

-       تساعد الخرائط الذهنية المدرسين في التخطيط؛

-       إرشاد المتعلمين لطريقة تنظيم أفكارهم واكتشافاتهم؛

-       تحديد مدى الاتساع والعمق الذي يجب أن تكون عليه الدروس؛

-       توظيف أدوات فوق معرفية؛

-       تقويم مدى تعرف وتفهم المتعلمين للتركيب البنائي للمادة الدراسية؛

-       كشف التصورات الخاطئة لدى المتعلمين وتقويمها؛

-       التمكن من قياس المستويات العليا لصنافة بلوم (التحليل والتركيب والقويم)؛

-       إتاحة فرصة للمتعلمين للإبداع والتعلم النشط.

الهوامش:

[1] أسامة محمد سيد وعباس حلمي الجمل، أساليب التعليم والتعلم النشط، ط1، دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع 2012م، ص 195-196 بتصرف.

الصفحة 8

وعليه يمكن القول إن الخرائط الذهنية تسعى إلى تحقيق عدة أهداف منها[1]:

-       تقديم المادة المعرفية بفاعلية أفضل ومردود أجود؛

-       تبسيط الأفكار المعقدة وإيصالها للمتعلمين بسهولة؛

-       تسهيل مهارات التعلم واستخدام الذاكرة بشكل أفضل؛

-       تصور وتنظيم الارتباطات التشعبية؛

-       المراجعة للمعلومات السابقة، فالفضاء الفسيح الذي ترسمه الخريطة الذهنية للمتعلم تمنحه فرصة مراجعة معلوماته السابقة عن الموضوع وترسخ البيانات والمعلومات الجديدة؛

-       مراعاة الفروقات الفردية عند المتعلمين، فكل منهم يرسم الصورة للموضوع بعد مشاهدة خريطة الشكل الذي توضحه حسب قدراته ومهاراته؛

-       تلخيص الموضوعات لتسهيل المراجعة؛

-       سهولة تذكر البيانات والمعلومات في الموضوع من خلال تذكر الأشكال والرسومات التي ترسخت في ذهن المتعلم.

-       إدماج الوسائل التكنولوجية في عملية التعلم والتعليم (الخرائط الذهنية الإلكترونية).

الهوامش:

[1] أسامة محمد سيد وعباس حلمي الجمل، أساليب التعليم والتعلم النشط، (م.س)، ص 195-196.

الصفحة 9

رابعا: أنواع الخرائط الذهنية ومميزاتها

قبل الحديث عن أنواع الخرائط الذهنية لابد من الإشارة إلى علاقتها بالخرائط المعرفية وتوضيح الفرق بينهما. فالخريطة المعرفية "هي إستراتيجية تدريس يستخدمها المدرس لعرض مادته المعرفية وتوضيحها للمتعلمين" [1]، وعليه تختص الخريطة المعرفية بالمدرس، أما الخريطة الذهنية فغالبا ما تكون من إبداع المتعلم يرسم فيها تصوره للموضوع، وقد تكون من تصميم المدرس، وبناء على ذلك نصل إلى الاستنتاج اللازم القائل:" كل خريطة معرفية فهي خريطة ذهنية، وليس كل خريطة ذهنية خريطة معرفية". ولعل الجدول أسفله يبين أهم الفروقات بينهما[2]:

(أنظر الجدول الموجود في الصفحة 9 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

إن إيراد هذه الفروقات كان من باب رفع اللبس الناتج عن تشابه مصطلح الخرائط الذهنية والخرائط المعرفية. ولرصد بعض أوجه الاختلاف بينهما الفرق بينهما يمكن أن نقول بأن "الخريطة الذهنية تُعد أكثر بساطة من الخرائط المفاهيمية وتدور حول فكرة مركزية رئيسية واحدة، ويكون تصميمها بشكل عنكبوتي حيث تكون الفكرة الرئيسية في الوسط وتخرج منها التفريعات بشكل مشع من جميع الجهات وتأخذ الطابع البنائي الشجري ، بعكس الخرائط المفاهيمية التي تكون حول عدة مفاهيم في حيز قضية محددة في مجال معرفي ما، ويكون تصميمها بشكل هرمي، حيث تكون الفكرة الرئيسية في الأعلى ومن ثم تنظم فيه المفاهيم في مستويات هرمية (مرتبة) رأسية متعاقبة بداء من المفاهيم العامة الشاملة وانتهاء بالمفاهيم والأمثلة الفرعية، ويجب أن تكون الخطوط الموصلة بين كل مفهوم ذات علاقة دالة بمعنى أن 

الهوامش:

[1] ذوقان عبيدات وسهيلة أبو السميد، استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين، (م.س)، ص 205 بتصرف.

[2] ذوقان عبيدات وسهيلة أبو السميد، استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين، (م.س)، ص 205 بتصرف.

الصفحة 9

يتضمن كل خط كلمة رابطة توضح طبيعة ونوعية العلاقة بين مفهوم وآخر، والحقيقة أن خريطة المفاهيم انسب لتناول الموضوعات المعرفية والعلمية وهي أكثر تعقيدا وتنظيما من الخريطة الذهنية"[1]. وتجد الإشارة إلى أن المصطلح المختار في هذه الدراسة هو الخرائط الذهنية باعتباره مصطلحا أعم وأشمل من جهة، ونظرا لكنوها أبسط من غيرها من جهة أخرى.

 إن إلمام المدرس بأنواع الخرائط الذهنية يُسهل عليه عملية التدريس، إذ لا يمكن اعتبار الخرائط الذهنية قوالب جامدة تصلح لكل أنواع المعارف، لذلك فإن الإلمام بأنواعها وحسن توظيفها يُعتبر من مؤشرات الكفاءة المهنية للمدرس، وهذه بعض أهم أنواعها[2]:

-       خرائط لسرد الأحداث والوقائع:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 10 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

-       خرائط للمقارنة بين الوقائع أو الشخصيات:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 10 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

-       خرائط التبسيط والتنظيم:

يساعد هذا النوع من الخرائط على ضبط أهم العناصر المتعلقة بالظاهرة موضوع الدراسة؛ إذ تُعنى بتقديم المادة المعرفية بشكل منظم ومبسط ومركز مما يساعد المتعلمين في ضبطها وسهولة استرجاع المعلومات المتضمنة فيها.

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 10 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

-       خرائط الزمن وتسلسل الأحداث:

يمكن استخدام خرائط الزمن لدراسة ظاهرة ما مثل: مراحل النمو عند بياجيه[3]، وتجذر الإشارة إلى أن هذا النوع من الخرائط يسمى بخرائط التدفق المتسلسل ويهدف إلى تحديد العلاقات بين المراحل والخطوات أو الأحداث الفرعية لموضوع

الهوامش:

[1] اقبال عبد الحسين نعمة ونبيل كاظم هريبد الجبوري، تقنيات واستراتيجيات طرائق التدريس الحديثة، بدون طبعة، 2015، ص 177.

[2] ذوقان عبيدات وسهيلة أبو السميد، استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرين، (م.س)، ص 198 وما بعدها، بتصرف.

[3] نجم عبد الله غالي الموسوي، النظرية البنائية واستراتيجيات ما وراء المعرفة، (م.س)، ص 49، بتصرف.

الصفحة 10

معين بشكل منظم يساعد على تنمية قدرة المتعلم على التفكير المنطقي الديناميكي المنظم[1]، وفيما يلي نموذج لخريطة ذهنية تُعنى بتقديم مراحل النمو:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 11 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

-     خرائط السبب والنتيجة: 

تسمى بخرائط التدفق المتعددة وتستعمل لتوضيح العلاقات بين السبب والنتيجة، حيث توضح تتابع الأسباب المؤدية إلى أحداث أو نتائج أو آثار مما يساعد المتعلم على تنمية قدرته في التحليل [2] . وتُشكل الصورة أسفله نموذجا منها:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 11 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

وتجذر الإشارة إلى أن أنواع الخريط الذهنية كثيرة ومتنوعة، وأن المدرس له أن يختار منها ما يتوافق مع طبيعة موضوع درسه، غير أنها تبقى استراتيجية مهمة جدا ينبغي توظيفها في عمليتي التعليم والتعلم، نظرا لما تتيحه من فرص لفسح المجال أمام إبداعات المتعلمين، سواء كانت خرائط يدوية أو إلكترونية. وفيما يلي بعض الفروقات بين الخرائط الذهنية المصممة يدويا المصممة إلكترونيا، بالإضافة إلى نماذج منهما من إنجاز مجموعة من تلاميذ وتلميذات السنة الأولى بكالوريا:

-       أنواع الخرائط الذهنية من حيث التصميم[3]:

1-الخرائط اليدوية (الخرائط الذهنية التقليدية) : يتطلب هذا النوع ورقة وقلما، ويُبدأ فيه برسم دائرة تمثل الفكرة أو الموضوع الرئيسي، ثم ترسم فروعا تحوي الأفكار الرئيسة المتعلقة بهذا الموضوع، ويُكتب على كل فرع كلمة واحدة أو جملة قصيرة للتعبير عنه، ويمكن وضع صور رمزية على كل فرع تمثل معناه ، وكذلك استخدام الألوان المختلفة للفروع المختلفة وكل فرع من الفروع الرئيسة يمكن تفريعه إلى فروع ثانوية تمثل الأفكار الرئيسة أيضا لهذا الفرع، وبالمثل تكتب كلمة واحدة أو جملة قصيرة على كل فرع ثانوي تمثل معناه ، كما يمكن استخدام الألوان والصور ، ويستمر التشعب في هذه الخريطة مع كتابة كلمات وصفية واستخدام الألوان والصور حتى تكون في النهاية شكلا أشبه بالشجرة أو خريطة تعبر عن الفكرة بكل جوانبها .

2-الخرائط الذهنية الالكترونية : والتي تعتمد في تصميمها على برامج الحاسوب، ولا تتطلب تلك البرامج أن يكون المستخدم لديه مهارات رسومية؛ لأنها تقوم بشكل تلقائي بتخليق خرائط مع منحنيات انسيابية للفروع، كما تتيح سحب وإلقاء الصور من مكتبة الرسوم. تعد الخرائط الذهنية الإلكترونية إحدى استراتيجيات التعلم النشط ومن الأدوات الفاعلة في تقوية الذاكرة واسترجاع المعلومات وتوليد أفكار إبداعية جديدة غير مألوفة حيث تعمل بنفس الخطوات التي يعمل بها العقل البشرى بما يساعد على تنشيط واستخدام شقي المخ وترتيب المعلومات بطريقة تساعد الذهن على قراءة وتذكر المعلومات

الهوامش:

[1] اقبال عبد الحسين نعمة ونبيل كاظم هريبد الجبوري، تقنيات واستراتيجيات طرائق التدريس الحديثة، (م.س)، ص 158. 

[2] اقبال عبد الحسين نعمة ونبيل كاظم هريبد الجبوري، تقنيات واستراتيجيات طرائق التدريس الحديثة، (م.س)، ص 158.  

[3] اقبال عبد الحسين نعمة ونبيل كاظم هريبد الجبوري، تقنيات واستراتيجيات طرائق التدريس الحديثة، (م.س)، ص 154 بتصرف.

الصفحة 11

بدلا من التفكير الخطي التقليدي لدراسة المشاكل ووضع استراتيجيات بطريقة غير خطية، ويتم إعدادها من خلال برامج الحاسوب .وتعتبر الخريطة الذهنية الإلكترونية من الوسائل الحديثة التي تساعد على تسريع التعلم واكتشاف المعرفة بصورة أسرع من خلال رسم مخطط يوضح المفهوم الأساسي والأفكار الرئيسة والفرعية، ويقوم بهذا النشاط المتعلم ذاتيا كما تتميز بقدرتها السريعة في : ترتيب الأفكار، سرعة التعلم، استرجاع المعلومات.

ويلحق بهذا النوع نوع آخر، وهو الذي تمتزج فيه المهارة اليدوية وتوظيف الحاسوب، بحيث يكون المتعلم هو المصمم للمنحنيات الانسيابية، وهو من يبحث عن الصور والرموز ويقوم بتجميعها وترتيبها وتنظيمها حسب ما يتوفر لديه من موارد معرفية وتكنولوجية.

-نماذج لخرائط ذهنية مصممة يدويا وإلكترونيا:

1-    خرائط ذهنية يدوية:

-       النموذج الأول من الخرائط اليدوية: 

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 12 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)تضمنت هذه الخريطة الذهنية درس الزواج وأحكامه ومقاصده، وقد نص الإطار المرجعي على أن العناصر التي ينبغي تواجدها هي[1]:

-       مفهوم الزواج ومقاصد؛

-       أحكام الزواج؛

-       أركان الزواج وشروطه.

ويلاحظ أن المنحنيات المتفرعة عن عنوان الدرس أربعة تناولت أركان الزواج وأحكامه من جهة اليسار، ومفهومه ومقاصد من جهة اليمين، مع إضفاء مجموعة من الصور والرموز، بالإضافة إلى توظيف الألوان وهو ما يتوافق مع متطلبات تصميم الخرائط الذهنية.

النموذج الثاني من الخرائط اليدوية:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 12 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)تضمنت هذه الخريطة الذهنية درس الطلاق وأحكامه ومقاصده، وقد نص الإطار المرجعي على أن العناصر التي ينبغي تواجدها هي[2]:

-       مفهوم الطلاق وشروطه؛

-       أنواع الطلاق وأحكامه؛

-       العدة وأحكامها؛

-       آثار الطلاق ومقاصده.

ويلاحظ أن المنحنيات المتفرعة عن عنوان الدرس من الأعلى ثلاثة تناولت حيث العِدة وما يتعلق بها من جهة اليسار، وأنواع الطلاق من جهة اليمين، بينما تناول المنحنى

الهوامش:

[1] الإطار المرجعي لاختبار الموحد الجهوي للسنة الأول من سلك البكالوريا، مذكرة برقم 16×101، ص 5.

[2] الإطار المرجعي لاختبار الموحد الجهوي للسنة الأول من سلك البكالوريا، مذكرة برقم 16×101، ص 5. 

الصفحة 12

المنحنى المتجه نحو الأسفل آثار الطلاق ومقاصده. وتم إضفاء مجموعة من الصور والرموز الوظيفية، بالإضافة إلى استخدام ألوان متعددة وهو ما يتوافق مع متطلبات تصميم الخرائط الذهنية.

1-    خرائط ذهنية إلكترونية:

النموذج الأول من الخرائط الذهنية الإلكترونية:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 13 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

يلاحظ أن المنحنيات المتفرعة عن عنوان الدرس ثلاثة تناولت أحكام الخطبة وأركان الزواج وشروطه من جهة اليسار، ومفهومه ومقاصده من جهة اليمين، ومزجت هذه الخريطة الذهنية بين المهارة اليدوية والتكنولوجية، بالإضافة إلى استخدام ألوان متعددة وصور موضحة ومناسبة للمحتوى المعرفي وهو ما يتوافق مع متطلبات تصميم الخرائط الذهنية.

-       النموذج الثاني من الخرائط الذهنية الإلكترونية:

(أنظر الشكل الموجود في الصفحة 13 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)

تضمنت هذه الخريطة الذهنية درس رعاية الأطفال وحقوقهم، وقد نص الإطار المرجعي على أن العناصر التي ينبغي تواجدها هي[1]:

-       مفهوم رعاية الأطفال وخصائصها في الإسلام؛

-       حقوق الطفل على الأسرة والمجتمع؛

-       المودة والرحمة والحوار من أسس رعاية الأطفال؛

ويلاحظ أن المنحنيات المتفرعة عن عنوان الدرس أربعة تناولت مفهوم رعاية الأطفال وخصائصها من جهة اليمين، وحقوق الطفل وأسس الرعاية من جهة اليسار، وتمت الاستعانة بمجموعة من الصور والرموز، بالإضافة إلى توظيف الألوان وهو ما يتوافق مع متطلبات تصميم الخرائط الذهنية.

الهوامش:

[1] الإطار المرجعي لاختبار الموحد الجهوي للسنة الأول من سلك البكالوريا، مذكرة برقم 16×101، ص 5. 

الصفحة 13




خامسا: كيفية إعداد الخرائط الذهنية

يتطلب إعداد وتصميم الخرائط الذهنية مجموعة من الخطوات منها[1]:

1-   تخيل المساحة التي يحتاجها توضيح العلاقات بين موضوع الدراسة وبالأخص أثناء تصميم الخرائط الذهنية اليدوية وذلك لأجل اختيار حجم الورقة المناسب.

2-   تحديد الكلمات المفتاحية، أو المحاور الرئيسة والفرعية لموضوع الدرس؛

3-   وضع الفكرة الرئيسة أو عنوان الدرس في مركز الورقة، وأحيانا يوضع في الأعلى، أو في الأسفل حسب ما يقتضيه الموضوع؛

الهوامش:

[1] اقبال عبد الحسين نعمة ونبيل كاظم هريبد الجبوري، تقنيات واستراتيجيات طرائق التدريس الحديثة، بدون طبعة، 2015، ص 161-162 بتصرف.

الصفحة 13

1-   استخدام الخطوط والأسهم والأيقونات لتوزيع العناصر المكونة للموضوع؛

2-   توظيف الألوان في التمييز بين العناصر الرئيسة والفرعية؛

3-   توزيع المحاور الفرعية على جانبي الورقة وليس في جهة واحدة؛

4-   توظيف الرسومات والأشكال لشرح المعاني أو تبسيطها؛

5-   تناسب الأيقونات مع حجم الفكرة، والحرص على كتابة الفكرة بأسلوب واضح والابتعاد عن الاختصار المخل والاطناب الممل؛

6-   ترك مساحات للتمكن من إضافة تعليقات أو رسومات متى اقتضت الحاجة ذلك.

الصفحة 14


خاتمة

خلصت الدراسة إلى عدة نتائج بينت مدى أهمية التدريس بالخرائط الذهنية والتي كان من بينها:

الصفحة 14