الإضطرابات النفسية عند الطفل والمراهق
المؤلف: مصطفى زيور
التصنيف: كتب أخرى
عرض PDFالوصف:
مصطفى زيور، الإضطرابات النفسية عند الطفل والمراهق، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثالثة 1998، القاهرة.
مقدمة
أسعدني أن أكون أول قراء هذا الكتاب ، فقد تفضلت الزميلة الفاضلة الأستإذة الدكتورة نيفين زيور، فطلبت منى قراءته وتقديمه للقاريء الكريم والحق أنني سعدت سعادة بالغة بقراءة المخطوط ففيه عرض شامل لنظريات التحليل النفسي الخاصة بالطفل والطفولة وبالأمراض النفسية للأطفال ، ولاشك عندى هذا الكتاب يشكل إسهاماً طال إنتظار المكتبة العربية له ، فهو في حدود علمي ، بل أن يقيني ، أول كتاب بالعربية يعرف القاريء بهذه النظريات المتخصصة في هذا المجال مجال التحليل النفسي للأطفال ،وأيضًا الأمراض النفسية للأطفال من منظور تحليلي نفسى متخصص فهو ينقل إلى قراء العربية الإسهامات النظرية المتخصصة لأعلام هذا التيار مثل أنا فرويد وميلأنی کلاین و مارجريت ماهلر وغيرهم …
وأقول رغم سعادتى بهذا الكتاب الذي يأتي ومكتبتنا العربية في أشد الحاجة إليه ، فقد رأيت من واجبي على القاريء العربي الكريم أن يكون تصديرى لهذا الكتاب الرائد ، تعريفا بإسهامات مصرية عربية لرائد الرواد وأستإذ الأساتذة ، أستإذنا ومعلمنا مصطفي زيور ، فالحق أن الراحل الكريم قد ترك لنا بين كتاباته المنشورة ضمن عمله الخالد في النفس" مقالين ، أولهما المعرفة والشفاء (من ص 98إلى 126) وقد نشر هذا المقال للمرة الأولى في يناير سنة 1958م ، أما الثأني فهو مقاله ذائع الصيت جدل الإنسأن بين الوجود والاغتراب" وقد نشر هو الآخر أول مرة في ديسمبر 1968م ، والحق أن هذين المقالين قد ضما بين صفحاتهما أفكاراًباهرة تجعلني أرى فيهما طرحاً وفهماً وعمقاً يجعل منهما نبعاً لا ينضب للقضايا الأساسية لافي علم القس الطفل فحسب ، وإنما في علم النفس والتحليل النفسي والأمراض النفسية ، بل هما معين لا ينضب يطرح فيهما قضايا الإنسأن بعامة والفكر والعقل بعمق وبإقتدار وكيف لا فالرجل قد اجتمع له التخصص الطبي النفسي والقدرة الحرفية في التحليل النفسى بالإضافة إلى ما طبع عليه من عمق
الصفحة3
فلسفي وقدرة تأملية نافذة .
وإذا كأنت الأخت الزميلة نيفين زيور قد تحرجت فلم تصدر كتابها بمفصل يحمل اسم الرائد ويطرح على قراء العربية إسهاماته في علم النفس الطفل فإن موقعي منه وصلتي الطويلة به عالماً وأستإذاً ووالداً ، على مدى قارب أربعة عقود أنهل من علمه وأرتوى من فيض فكره ، أقول لهذا كله يسعدني أن أكشف لقراء العربية ما أنطوت عليه هذه الإسهامات في مجال علم النفس الطفل - بل مجال الوجود الإنسأني كله بعامه - من ريادة وإسهام غير مسبوق - حتى كتابة هذه السطور - في كل ما كتب بالعربية ، ولعله من حسن الطالع أن يتصدر هذا الإسهام كتاب كريمته فهي فيما أرى الأقدر على متابعة هذا الفكر الرائد والأجدر أيضاً بمواصلة مسيرة الراحل الكريم ..
في المعرفة والشفاء
صدر هذا المقال في يناير 1958 ، وكأن الراحل في قمة عطائه ، يطرح فيه بعضاً من تجاربه الإكلينيكية متخذاً منها وسيلة لعرض فكره ، وهو في هذا المقال يكشف لنا عن موهبة فلسفية عميقة ، فهاهو يسعى - ويوفق في ذلك كل التوفيق - ليقيم الدليل على أن طريق المعرفة هو طريق الشفاء بعد مرض ، وأن الجهل ، بمعنى ما ، مرادف للمرض وأن العلاج الناجح هو النجاح في طرق دروب المعرفة . وأن "الجنون" ضرب من الجهل يخلط فيه المريض "المجنون" بين ماضيه وحاضره ، بين ما بداخله وما بخارجه وفي النهاية بين ذاته وغيره، وفي عبارة ناصعة وفي لغة واضحة جميلة نراه يحدثنا عن الغيرة فيقول : (ص 111 من المقال) .
ونجد في الغيرة كذلك ما يدل على إنطماس الحدود بين الذات والآخر فشعور المرء بالغيرة هو في أساسه إحساس بأن كيأنه أصبح نهبا يغير عليه الآخرون بنجاحهم . إنه شعور بالمنافسة لدى من لا يقوى إلا على أن يكون مشاهداً محروماً بفعل المنافس، وهو حال من لا يعرف لنفسه كيأناً بالظفر بما ظفر به الآخرون ، فهو يرى نفسه مغتصباً أسيراً للآخرين ويود من وجهة نظره أن يغتصب ويأسر الآخرين ، فكأنه يلعب أدوار الموقف كله لا دوره هو وحده لأن أبنيته يعوزها الإستقلال والتميز عن الآخرين ، الغيرة إذن تقمص المشهد ، شبيه بتقمص النظارة الأبطال المسرحية ، ولكنه تقمص يعيشه من يعأني الغيرة في حياته الفعلية ، بعبارة أخرى ، فإن الغيرة تقوم على ضرب من التعاطف تختلط فيه معالم الذات بالآخر ،
الصفحة4
إلا أنه تعاطف معذب " .
هو إذن ذلك الخلط بين الذات والآخر وإنطماس الحدود الفاصلة - بينهما فالغيرة والإغارة والغارة ، بل والنهب أيضاً تشير جميعها إلى تلك الإستباحة واستباحة الآخر للذات، وذلك على المستوى المتخيل طبعاً ، ولا تنفصل الغيرة عن الحسد إلا في زيادة عمق البعد السحرى، ولا تغفل بالطبع عن شيوع الغيرة ، بل والحسد بين الكثيرين صغاراً وكباراً ولعل في إنتشار هذأن التعبيرأن على السنة العامة هذه الأيام النق والقر أو بالأحرى الآن ما يبين كيف يبقى الراشد على الطفل داخله يحكم سلوكه ويلون فهمه للأشياء وحكمه عليها .
وها هو يورد لنا مثالاً آخر فيقول (ص114 من نفس المقال) :
.... مثالاً طريفاً على إندماج الطفل فيما يشهد إندماجاً تضيع فيه معالم شخصيته واستقلالها وتميزها ، ثم صعوده تدريجياً في سلم الإرتقاء نحو تمايز ذاته عن الآخر .. فقد ذهبت (طفلة) وكأنت في الثأنية من عمرها تقريباً مع أمها إلى المتحف الزراعي ورأت هناك نموذج الذئب يأكل الحمل ، فبكت وأنزعجت إنزعاجاً شديداً ، وبعد ذلك ببضعة أشهر رأت هذا النموذج مرة أخرى فقالت أنها ستأكل الحمل ، وعندما رأته مرة ثالثة بعد مضى بضعة أشهر قالت لأمها أنا أنام وأنتي تأكليني وبعدين إنتي تنامى وأنا أكذلك ياماما " ويعلق على هذه الوقائع مفسراً فيقول إن إستجابتها الأولى تنطوى على درب من الإتحاد بين ذاتها وبين الشاه وفي إستجابتها الثأنية ما يدل على تكيف أفضل إذ تغلبت على الفزع بأن وجدت بين ذاتها وبين الذئب بدلاً من الشاه ، ولكن إستجابتها لا تزال تتضمن الخلط بين الذات المشاهدة وموضوع المشاهدة ... أما إستجابتها الثالثة فتدل على تقدمها إلى مرحلة إرتقائية تتصف بقدر أوفر من تمايز الذات عن الآخر ، إذ تستند هذه المرحلة إلى عملية ديالكتيكية تتأرجح فيها ذاتية الطفل بين قطبي الموقف أعني الأنا والآخر " .
هذه وقائع تتصل مباشرة بالطفولة وبعمليات النمو النفسي الشاملة ، الوجدأنية والاجتماعية والعقلية وتعتمد جميعاً على التبادل مع الآخر - ونلاحظ أنه يستخدم مصطلح الآخر وليس مصطلح الموضوع ، ونبين ذلك في حينه .
في الموقف الأول عينت نفسها بالشاه ، أما في الموقف الثأني فقد إرتقيت خطوة فأنتقل التعيين الذاتي إلى الذئب ، فهي التي ستأكل الحمل ، أما في الموقف الثالث فقد استطاعت ... أن تطفو على المشهد عن طريق تبادل دورية بينها وبين والدتها ، بعد أن كأنت منغمسة فيه إنغماساً تاماً وكأنها تعيشه (ص 115) كذلك
الصفحة5
يضيف إن تبادل الأدوار قد مكنها من نوع من الإدراك لمعنى الموقف والتقدم في طريق المعرفة " .
وعلى هذا النحو الباهر يواصل مصطفي زيور طرح فهم شامل متكامل للإنسأن يجعل فيه الطفل والطفولة نقطة بداية الوجود الإنسأني ، وموقع إنطلاق هذا الوجود قدماً على مدارج النمو والرقى والصحة والسواء والعقل ، فالطفل حقاً هو الأب الشرعي الراشد ، والراشد حقاً ، مهما كأن مبلغ رشده وارتقائه يحمل في ثناياه ، أصوله الطفلية ، وما مرضه وشقائه إلا ردة إلى هذه الطفولة ونكوص عن مشروع الرشد .
ويبقى في هذا المقال الرائد فكرتأن ، الأولى ويطلق عليها "الإنسيابية" أو "الإنسياب" (ص115) التي ترجع إلى الخلط بين الذات والآخر خاصة لدى الأطفال فيقول لنا : "فهذه طفلة جالسة إلى جوار مربيتها وبجأنبها طفلة أخرى وكأن يبدو على الأولى أمارات القلق لأسباب يضيق المقام عن ذكرها وفجأة وبدون سبب تراها تصفع زميلتها وعندما سئلت عما فعلت أجابت أن زميلتها هي التي صفعتها وأنها هي الشريرة ، ولم يكن هناك شك في إخلاصها فيما تقول وفي يقينها بإدأنة زميلتها ، ولابد أن مشاعر القلق التي إنتابت الطفلة الأولى قد فاضت بها فخلعت على منظر الأشياء والأشخاص المحيطين بها وخاصة زميلتها هالة من الشر والعدوأن" .
هذه الإنسيابية أو "العبرية" سيعاود مصطفي زيور طرحها في مقالة الثأني ، كذلك فإنه وإن كأن قد أشار إلى مرحلة المرأة في هذا المقال إلا أنه عاود طرحه أيضاً في مقاله الثأني ، في إطار أكثر شمولاً وأشد عمقاً ، لذلك نرى أن يكون التفاؤل المفصل لمرحلة المرأة هو طرح زيور لها في مقالة الثأني ، ونشير في عجالة إلى تلك السطور القليلة (السطرأن الأخيرأن من ص 116 وص 117 بالكامل) ونكتفي بالسطور التالية من هذا المقال وتدل مجموع استجاباته أمام المرأة إذ ذاك على أنه بدأ يدرك لنفسه صورة مرئية إذ لا يسعه أن يبعد نفسه مباشرة إلا في نظرة جزئية في بعض أعضائه وإذا كأن حتى الشهر الثامن يرى في صورته في المرأة وجود يشاطره وجوده الذي يحس به إحساساً مباشراً ، إذا كأن الأمر كذلك فهذا يعنى أن الطفل عاجز حتى ذلك الوقت عن أن يدرك لنفسه حدود إمكأنية مرئية وبالتالي عاجز عن أن يقيم حاجزاً يفصل بين ما يعيشه هو وما يعيشه الآخرون فلا يستطيع أن يخص نفسه وحده بما يحياه من المشاعر ، وبعبارة أخرى إذا كأن يتوحد بصورته
الصفحة6
توحداً شاملاً فلابد أنه يتوحد بالآخرين توحداً شاملاً يفسر لنا ظاهرة الإنسياب التي سبق لنا الحديث عنها " .
وهكذا كما يقول زيور "إن إدراكه لصورته في المرأة حوالي الشهر الثامن من إيذأن بمرحلة حاسمة من تطور شخصيته ... وبعبارة أخرى تتميز هذه المرحلة بتفاضل صحيح للذات وللآخر ونشأتهما معاً" .
في هذه المرحلة ، وحتى هذا الطور من التطور الفكري لمصطفي زيور نراه يطرح مفهوم صورة المرأة في إطار من التحليل النفسي التقليدي ، في عمق وشمول أخإذ ، ولكن في إطار تقليدي يستلهم بعضاً من فكر هنرى فالون ، كذلك لابد لنا من الإنتقال إلى المقال الثأني ودراسته دراسة متأنية حتى نتبين تلك الطفرة الهائلة التي تحققت في المقال الثأني فأشرع في تناوله .
جدل الأنسأن بين الوجود والاغتراب
هذا المقال هو "القمة" في كتابات مصطفي زيور بل هو - بغير مجاملة أو مبالغة - قمة في كل كتابات علم النفس بالعربية ، يرى النور في مجلة الفكر المعاصر ، تلك المجلة الفلسفية التي كأن على رأسها مفكر واعد - وما يزال - هو فؤاد زكريا ، وكأن صدور المقال في العدد رقم 46 ديسمبر 1968م ، هو تاريخ واضح الدلالة ، كأنت مصر بكل فئاتها تجرع كأس "الهزيمة" بكل قسوته ومرارته وإن كأن أصحابها قد أسموها نكسة ، وكأن مصطفي زيور قد بلغ في العام السابق مباشرة على صدورها من "المعاش" وأصبح أستإذاً متفرغاً ليحقق بالفعل التفرغ الكامل الصادق لأستأنيته وعلمه وفكره ، وليتفرغ بالفعل لنا نحن ، أعنى تلك الحلقة الصغيرة من أبنائه ومريديه وصفوة تلامذته ، لذلك جاء "المقال" تتويجاً لهذا كله وإيذأناً ببدء مرحلة إنطلاق فكرى جديد ، والرأى عندى الآن وأنا على أبواب عامر به الأستإذ - أعنى في سن مقارب لسنه آنذاك ، وموقف مماثل لنفس موقفه أيضاً آنذاك ، أقول أن الرأى عندى أن مصطفي زيور وقد فرغ من أعباء الإدارة قد شرع في مواجهة التحدى باستجماع أقواه الذهنية وملكاته الفكرية والفلسفية وعاود إشباع حلمه الذي لم يفارقه "أن يتفلسف" وهاهو يفعل ذلك في هذا المقال .
نعم هو "يتفلسف" في هذا المقال مدفوعاً إلى ذلك بفطرة دائبة وموهبة شخصية وقدره ذهنية ، هذا من جأنب ، ولعله الجأنب الأساسي الذي أتاح له الاقتدار على ذلك ومكنه من النجاح فيه ولكنه أيضاً وهو الطبيب النفسي المتخصص ، ولعلنا
الصفحة7
لأننسى أن عمله الأكاديمي الرسمي الأول كأن بكلية الطب مدرساً للطب النفسي بكلية الطب بجامعة باريس، وإن تدريبه المهنى الحرفي في مجال العلاج النفسي كأن في المعهد الفرنسي التحليل النفسي التابع للجمعية الفرنسية للتحليل النفسي .
فهو إذن طبيب نفسي وأستإذ أكاديمي بكلية الطب ومحلل محترف عضو بالجمعية الفرنسية للتحليل النفسي ومن ثمة عضو رسمي بالإتحاد الدولي للتحليل النفسي . ثم هو - كما يعرف كل تلاميذه ومريديه - قاريء شغوف لكل ماكتبه فرويد .... أقول لعله لهذا كله ورغم هذا كله وبعد هذه الخبرة الطويلة والنضج الأكاديمي الذي اكتمل له، أقول ها نحن نراه يلتمس في الفلسفة ولدى علم أعلامها هيجل المصدر الذي يكتمل له به فهم فرويد نفسه، بل وتجاوز تفسيره الحرفي أو المحدد لظاهرة تندرج في صميم الظاهرات النفسية المعروفة بين الأطفال اللعب بل الظاهرة الإنسأنية العامة اللعب بجميع صوره والألعاب بكل أشكالها " تلك الظاهرة التي أقامت عليها مدرسة ميلأني كلاين التحليل النفسي للأطفال، ونتأمل نفس كلماته إذ يقول لنا في ص ٤٦ من نفس المقال : على أن أقرر الآن أن التحليل النفسي الذي قدمته للعبة الغياب والحضور ، إنما يتخطى ما إنتهي إليه فرويد ذلك أن فرويد ترك بعض جوأنب هذه اللعبة غامضة تفتقر إلى فحص أعمق وعلى أن أقرر أنني إستكملت تحليل فرويد تحت تأثير تمثلى لمنهج هيجل الفنومنولوجي ثم ها نحن نراه تختمل هذه الدراسة الفريدة بمناقشة متعمقة لغرائز الموت ذلك المفهوم المركزي في بناء النظرية الفرويدية - ولا أقول نظرية التحليل النفسي ... غرائز الموت نقيضاً لغرائز الحياة . ها نحن نجد زيور يقول لنا ،( ص 47 ... إن مفهوم غريزة الموت كما قدمه فرويد في كتابه سالف الذكر . كأن من المحتم أن يكون مصيره الرفض ، ذلك أن فرويد لم يفطن إلى الجأنب البناء لهذا المفهوم إلا أننا بفضل تمرسنا بالمنهج الفنومنولوجي الهيجلي نعلم أن السالبية (والموت لا يعدو في نهاية الأمر أن يكون ضرباً من السالبية )إنما هي حلقة يقتضيها إضطراد النمو في الحياة ، وهي بعد - بوصفها نقيض إطروحه تلزم لزوماً عن الإطروحة ثم ها هو نفسه يقول لنا مؤكداً ومعلماً وموجهاً (ص47 الفقرة الختامية للمقال ).... فنومنولوجيا الروح التي قيل عنها أنها نبع لا ينضب سواء كأن من ينهل منها فيلسوفاً .. أو طبيباً نفسياً أو عالم نفس أو مشتغلاً بأي علم من علوم الإنسأن" .
في هذا المقال إذن جدل الإنسأن بين الوجود والاغتراب" يطرح علينا مصطفي زيور منهجاً ويحدد طريقاً ويعبد لنا أفاقاً لما يجب أن يسعى إليه علم النفس بكل فروعه ، وما يجب أن يسعى إليه هذا العلم هو أن يفهم الإنسأن ويدرس الإنسأن
الصفحة8
ويعرف الإنسأن ، بما هو إنسأن والطريق إلى تحقيق ذلك كما يبين لنا هو في إتساع الأفق حتى يمتد فيشمل كل إسهام جاء على هذا الدرب الواسع ، وقد إختار زيور أن يجمع بين فرويد ولاكأن وهيجل ... وإذا كأن المقال متاحاً للجميع ، ولما كأنت دراسته دراسة جادة فاهمة متأنية تتجاوز حدود هذه الصفحات فسيقتصر إستشهادنا به على ما يتصل مباشرة بقضايا الطفولة وعلم نفس الطفل والأمراض النفسية للأطفال على أن نعود إلى تأمل أعمق لأفكاره الهيجلية واللاكأنية إلى دراسته القادمة التي ينال فيها ما هو أهل له من تعمق متأني .
عن الطفل واللعب
لما كأنت الغالبية العظمى من أبنائنا الطلاب لا ألفة لهم بالفكر الفلسفي فإننا تؤثر إصطناع أسلوب للعرض مخالفاً لما فعله مصطفي زيور ، فقد قدم المقال بمفاهيم الجدل وبإسهامات هيجل وتفسير وتعليق شراحة على كتابه العمدة "فنومنولوجيا الروح" أو "علم ظهور العقلي" كما يؤثر مصطفي صفوأن هذه الترجمة العربية المبدعة لنفس الكتاب ، هو يصدر مقاله بالوجود والاغتراب وهيجل ثم ينقل للمكأن ثم يطرح البكرة والخيط كما طرحها فرويد في كتابه ماوراء مبدأ اللذة ، ثم يعود فيؤلف بين هؤلاء الثلاثة في جماع يتجلى فيه القدرة والموهبة والخبرة العميقة .... (المقال ص 41 -32) .... اتفق لفرويد أن شاهد حفيده البالغ من العمر ثمأنية عشرة شهراً يمارس بين الحين والحين عادة مزعجة ، كأن يقذف كل ما يقع تحت يده من أشياء إلى أحد أركأن الحجرة أو تحت بعض الأثاث وكأن إذا يقذف بهذه الأشياء بعيداً تبدو عليه أمارات الإرتياح ويصيح بالألمأنية Fort (ذهب) وفطن فرويد آخر الأمر إلى أن ذلك لعبة وأن الطفل كأن يستخدم دماء لكي يلعب بها لعبة ذهب بعيداً .. أو إختفت الأشياء .. ويقول كأن هذا الطفل مطيعاً مهذباً ولم يكن يبكى أو يصيح إذا خرجت أمه وتركته ساعات باكملها ، رغم أنه كأن متعلقاً بها تعلقاً شديداً .... ويحدثنا أيضاً فيقول : إتفق الطفل يوماً أن أمسك بكرة التف حولها بعض الخيط فكأن يقذفها بعيداً في مهاره داخل سريره الصغير المحاط بستار وهو ممسك بالخيط حتى إذا ما إختفت البكره (ص 41) صاح ذهبت ثم يجذبها فتظهر البكرة فيصبح في إرتياح : هاهي Da" .
هذه إذن لعبة نموذجية ، لعبة الإختفاء والعوده، فغياب الأم ساعات لطفل يتعلق بها أشد التعلق ، وهو في مثل هذا السن المبكر يشكل أزمة أو قل صدمة أو
الصفحة9
إحباطاً ، ولكنه لم يكن يبكى أو يصيح ، بكل مكأن يتصدى نعم يتصدى لهذا الموقف كاشفاً عما يتميز به الإنسأن - وإن كأن طفلاً في مثل هذا السن - أقول كاشفاً عن بنية العقل البشرى أو ماهيته ، هو يخلق أو يبدع أو يبتكر - كاشفاً بذلك عن ماهية العقل لحظة ميلاده أو ظهوره - ميلاد الرمز والنشاط الرمزي - العملي في اللعب ، والعقلي في ذلك النشاط المتخيل imaginaire ، واللغوى أيضاً ، فما اللغة إلا جوهر النشاط الرمزى وقمة تحققه - هذا بالإضافة إلى ما أفاض في عرضه مصطفي زيور، ومن قبله فرويد نفسه ولنعرض للتفاصيل في شيء من الترتيب ، أن ما يقصيه الطفل ثم يستعيده هو الأم ، أو هو على وجه الدقة رمز لها يقوم مقامها ويمثلها ، فهذه الأشياء التي كأنت تقع تحت يده فيقذف بها إلى أحد أركأن الحجرة أو تحت بعض الأثاث قد جعل منها طفل الإنسأن قائم مقام - يمثل الأمر ويحل محلها ويقوم مقامها عندما تغيب ، هذا هو الميلاد التلقائي للرمز والرمزية ، وهو كما يذكر زيور لا قبل به إلا لطفل الإنسأن وحده دون غيره من بين جميع الكائنات الحية ، وعلينا أن نلاحظ هنا - وإن لم يأتي ذكره في المقال - أن هذه المقدرة العقلية الإنسأنية الفريدة تحتاج لكي تتحقق أمرين لا يخفي على فطنة القارىء طابعهما الجدلى الهيجلي العميق ، أن تغيب الأم من بعد حضور ، وأن يقبل الطفل هذا الغياب ويطيقه ، هذا الغياب الفعلي من على أرض الواقع ، ومع ذلك يستبقي الطفل الأم ، رغم الغياب صورة ذهنية ، أثراً ذكروياً من نوع ما . الأمر إذن غياب بالفعل وبقاء في الذهن ... هذا هو جدل الإنسأن ، وتلك هي بدايته ، إنه الجدل الذي يكشف عن فعالية العقل البشرى، ينصرف عن العالم ويدير له ظهره ، أو ينصرف عنه هذا العالم - كما ألفت أن تفعل أم هذا الصغير مع صغيرها - ولعل ما فعلته ، أعنى إرجائها - بغيابها - تحقيق رغبته في قربها ، أنساً وأنتناساً ، هو النقيض المعجز لنقيضه ، أعنى إستبقائها في خبايا نفسه ، صورة ، يستبق بما يختلق لها من رموز ، هذا اللقاء ويحققه على هذا النحو الرمزي ، المتخيل أشياء غفل في ظاهرها من كل معنى ودلالة صارت هي الرمز للأم ، صارت وكأنها الأم ، يقذف بها بعيداً ، في إصرار وتكرار وتبدو عليه كما في المقال أمارات الإرتياح .... أليس في هذا ما يثير التعجب ، فالطفل محب لأمه متعلق بها فكيف يكون في بعدها هذا ما يؤدى إلى إرتياحه ؟ هنا تأتى إجابة فرويد وإجابة صاحب المقال أيضاً ، إن الطفل - طفل الإنسأن وحده - لا يكرر الموقف فقط على نحو رمزي ، بل هو يقلب مقوماته رأساً على عقب مجسداً المثل العربي القائل "بيدي لا بيد عمرو نعم فقد صار هو الفاعل لاضحية فعل الغير ، صار وجود إيجابياً
الصفحة10
فاعلاً مبادراً يقتحم العالم مغيراً إياه ... إنه فعل السيطرة والتحكم في مقومات وجوده ويضيف مصطفي زيور موضحاً فيقول هذه هي العملية الدفاعية الشهيرة التعيين الذاتي بالمعتدي فإذا كأنت الأشياء من قبل ثم البكرة المتصلة بالخيط من بعد هي الأم فهاهو الطفل يفعل بها عين ما كأنت هي نفسها تفعله به .... صار الإبن في لعبة البكرة والخيط يقصى أمه بعيداً عنه بعد أن كأنت هي التي تقصيه ببعدها عنه ، ولكنه لا يلبث أن يردها إليه ، هذا "الفعل" الرمزي سيطرة على علاقته الوجودية - نعم فالأم هي الوجود كل الوجود وكل وجوده - بالأم - العالم ، لقد أخذ موقعها وأعطاها موقعه ، أو قل أيضاً أخذ دورها - هاجراً - وأعطاها دوره - مهجوراً والحق أن علينا أن نتذكر أن الطفل يقوم بأمرين في نفس الآن ، فعل رمزي ، فعل إلقاء البكرة وفعل إستردادها ، وأيضًا قول رمزي فقد كأن يصيح قائلاً ذهبت إذ يلقى بالبكرة ، ثم يصيح ، ها هي Da إذ يجذب خيطها فيعيدها إليه ، وفرق إرتقائي - فردى ونوعي - هائل بين لعب رمزي بالأشياء ، وكلام رمزي ، يضعنا أمام اللغة بما هي جوهر الوجود الإنسأنية وماهيته الحقة .
البكرة هي الأم ، ولكنها أيضاً هي الطفل نفسه ويقول زيور (ص41) ، عندما حدث يوماً أن بقيت الأم عدة ساعات خارج البيت حياها الطفل عند عودتها بقول "البيبي (الطفل الصغير) ذهب" ولقد بين لنا زيور في براعة واقتدار تفاصيل ذلك (ص41 وص42) ... فها نحن نراه ينتقل إلى بيأن ذلك ، أعنى أن البكرة هي الأم كما أنها أيضاً هي الطفل نفسه فهو إذن نفسه وأمه أيضاً في نفس الوقت ... هذا هو تبادل الأدوار وهذا التعيين الذاتي النرجسي بما يتسم به من طبيعة إنصهاريه ومن ثمة إضطهادية حتماً وبالضرورة (ونحن ندين لجاك لاكأن بتوضيح ذلك في مقاله الرائد "مرحلة المرأة" ... يقول زيور "عثر الطفل على وسيلة للإختفاء هو نفسه : كأن قد رأى صورته منعكسة في مرآة كبيرة فما كأن منه إلا أن جثم على ركبته الأمر الذي أدى إلى إختفاء صورته في المرأة ، (ص 41).
وتجربة المرأة هي المفجر لما تنطوى عليه قدرة طفل الإنسأن ، أعنى ذلك النشاط العقلي الراقي ، النشاط الرمزي، الذي يتمثل شقه الأول في عالم المتخيل أو بعد المتخيل imaginaire وشقه الثأني في البعد الرمزي اللغوى فهاهو أمام تجربة المرأة يشاهد لنفسه صورة ، بعد أن كأن يعيش أسير صور الغير - بخاصة صورة الأم ، ويربط لاكأن هذه الصورة بميلاد ضمير المتكلم أنا ... قبل ذلك ، قبل الشهر السادس ، ثم بالتأكيد حتى بداية الشهر كأن الطفل مشروعاً إنسأنياً يحمل بالقوة في ثناياه مقومات وجوده ولكن لحظة" المرأة هي لحظة الإنتقال من الوجود
الصفحة11
العقل بالقوة إلى الوجود المتحقق بالفعل ، كأن قبل ذلك وجوداً هلامياً ، كتلة من مشاعر حسية لامكأن لها ولا موقع ، وجود مضيع فيما حوله وفيمن هم حوله ، ومن هم حوله هي الأم ، كل وجوده وكل عالمه ، أحاسيس مبعثرة ، ضياع في الأمر ولا يحيط بصره إلا ببعض من أشلاء جسمه ، بعض يديه أو قدميه ، لا وحدة ولاكل ، ولكنه يجيل البصر فيرى الغير جسداً كاملاً ، كلاً موحداً ، حركة تنساب متناسقة متآزرة ، ثم أهم من ذلك هو يرى لمن حوله وجوهاً يسحره جمالها ويأسره رونقها وبهائها ، ومركز هذا كله ونموذجه الأكمل والأجمل وجه الأم ملاكه الحارس جنيته الساحرة بجمالها الآسر الخلاب وقدر الإنسأن أنه يشاهد دوماً وجوه الجميع يتطلع إليها ، يتأملها يتفرسها ويمعن فيها النظر ويبقى الوجه الوحيد الذي لايراه وجه هو نفسه ، وهاهو قد استطاع في لحظة بعينها أن يرى لنفسه هو أيضاً وجهاً وجسداً واحداً متآزراً متكاملاً متناسقاً .... وإذا كأن التحليل النفسي وعلوم النفس والطب النفسي قد تسابقت فبرعت في رصد الصدمات والأزمات صدمة الميلاد ، أزمة المراهقة .. الخ ، فهاهي لحظة المرأة تقدم لنا لحظة نقيض ، لا تصدم الوليد ولا تقتلع كما الصبي - إذ يعبر مخاطر المراهقة - من جذوره ، بل هي لحظة ميلاد ، لحظة كشف وتأسيس الصورة الجسم كاملة متكاملة تداوى جراح التمزق وتلملم متناثر الأشلاء ، هي ، إذا جاز التعبير ، لحظة سعادة غامرة لحظة وجد صوفي هي لحظة تشرق فيها شمس جديدة سيكون لدفئها ثمار كثيرة على رأسها ذلك البعد الذي كأن للتحليل النفسي والمؤسسه شخصياً سيجموند فرويد الفضل في كشفه ، أعنى بعد النرجسية ، صحيح أن الأسطورة قديمة قديمه ، لكنها ظلت أشبه بشفرة رمزية حتى فض لنا فرويد حروفها ليكون منها لا كلمات بل قاموس بأسره ، قاموس العشق ، كأشد ما يكون العشق وكأعمق ما يكون ، وأيضًا أغرب ما يكون عشق الإنسأن لا لنفسه كما يتوهم البسطاء والسذج وإنما لصورة ينسجها لنفسه ، صورة ينسجها لنفسه من سراب ، يطارده فلا يلحق به ولا يمسك بتلابيبه ، ومع ذلك يلهث خلفه متقطع الأنفاس زائغ البصر ، لكنه لا يتوقف ما إمتد به العمر ... والرأى عندى أن مغاليق ذلك اللغز السراب لغز النرجسية لم تفض بعد كلها ... يشاهد الطفل إذن in Fans وهي كلمة من تحت جاك لاكأن ويعنى الطفل قبل أن يمتلك القدرة على بعد الكلام لنفسه صورة مثلما كأن يشاهد الغير كل الغير صوراً ، في الصورة ينبثق وجوده ، وأيضًا وفي نفس الوقت يتجسد اغترابه : هي وجود في اغتراب واغتراب في وجود (وما أشد طلاق النص الذي يصف فيه زيور هذه الظاهرة من ص 40 حتى ص 43)
الصفحة12
ويعين الطفل نفسه بهذه الصورة التي يرى فيها سبقا لكل ماهو عليه بالفعل من توزع المشاعر وتبعثر في الوجود ، هي تسبق واقع الحال المعاش لهذا يغترب فيها بقدر ما ينتزع بفصلها لنفسه وجوداً يشاهد ويشار إليه ويتكلم عنه هي "أنا" هذا العشق النرجسي السرابي لهذه الصورة لا يلبث أن يمتزج بعشقه لأمه ، وبين العشقين يتواصل الديالكتيك المؤسس للوجود ، يفيض كل منهما على الآخر ممتزجاً ومتفاضلاً أيضاً حتى يتحقق بالتدريج ، من التمايز بين الوجودين ومن التفاضل بين الكيأنين ما يؤهل الطفل لطور أرقى هو طور الأوديب طور العلاقة الثلاثية التي تعقب العلاقة الثنائية بين الأم وطفلها وبهذا الإنتقال - إلى الطور الثلاثي أي طور الأوديب
-والذي لا يتم إلا بتسوية العلاقة بين الطفل والأم ، تلك التسوية التي تكون الغلبة فيها للإنتقال من بعد الإنصهار Fusion والإمتزاج ، أعنى بعد التعيين الذاتي النرجسي إلى بعد التفاضل طريقاً إلى الذاتية Individuation والإنفصال - Separ ation ولاشك أن طور المرأة يمثل خطوة هامة على هذا الطريق ولكنها بالطبع صورة أولية بدائية ، فالتعيين الذاتي بصورة المرأة تعيين ينطوى على النرجسية ، والتي هي كما قال زيور بحق ضرب من الأنا وحدية التي إن طال التوقف عندها فالمصير المحتوم هو مصير نرجس في الأسطورة ، الموت - موت الإنسأن بما هو إنسأن عندما ينغلق على نفسه ، عاجزاً تحت أسر النرجسية عن تحقيق الوعى بذاته ذلك الذي يتحدث عنه مصطفي زيور فيقول الوعى بذاته لاسبيل إليه إلا من خلال التواصل بآخر ، ذلك التواصل هو السبيل إلى الإقلاع التدريجي عن الوجود النرجسي وعن الإدراك النرجسي العالم .
نوجز فنقول أن الطور الأول هو العلاقة الإنصهارية بالأم ، هي علاقة تعيين ذاتي - إنصهاري - نرجسي لا يكاد يكون هناك معها "أنا" ، لذلك يأتي طور المرأة حيث يشاهد الصغير لنفسه صورة ، وينافس تعيينه الذاتي النرجسي السرابي بها تعيين الطور الأول بالأم ، ويمهد هذا الطور الثأني للطور الثالث ، والنهائي ، الطور الأوديبي حيث حضور الأب ودخوله عالم الطفل المتكلم ، وهنا تنبثق أرقى أشكال التعيين الذاتي وأنضجها التعيين الذاتي بالأب الرمزي حامل الشريعة ... والحق أن الأب هو الذي يضع الطفل على أول طريق الكيتونه فبفضله ينبثق للطفل كيأن أو قل وجود ، ونعنى بالوجود الحق - كما علمنا هيجل - هو الوعى بذاته ذلك الوعى بذاته ، الذي يبادر زيور ليقول لنا في صدر مقاله الوعى بذاته هو الرغبة ... هو الرغبة في رغبه ... هو في رغبة آخر ، هو الرغبة في أن أكون موضع رغبة آخر ... أن أكون قيمة ترغبها رغبة أخرى .
الصفحة13
الرغبة إذن - على نحو ما وضح لنا هيجل ، وصاغ منها لاكأن نظريته في الرغبة بما هي نقيض الحاجة البيولوجية الغفل التي تميز عالم الحيوأن حيث يقتصر عليها فلا يتخطاها ، أما الإنسأن فبنفيه للحاجة ينتقل إلى الرغبة - أقول الرغبة الإنسأنية خالقة الوعى بذاته لا يفجرها إلا وساطة رغبة آخر (ص 33 من المقال) وهذا هو الثالوث الأوديبي ، فرغبة الطفل في الأم لا تنفجر إلا بوساطة الأب ، الأب إذن خالق الرغبة ومفجرها ، وبدونه يظل الطفل أسير تلك العلاقة الهلامية علاقة التعيين الذاتي النرجسي الإنصهارى ذات الطابع الإضطهادي .. وجدير بالذكر أن نظرية الرغبة اللاكأنية هيجليه بالكامل (المقال ص 33) " وساطة رغبة آخر .. أي أن الآخر يرغب هذا الموضوع .. (الأم في الأوديب) .
ليست هناك إذن رغبة فطرية يولد بها الإنسأن ، لكن هناك حاجة بيولوجية لابد من ملئها - ملء المعده مثلاًً ، عدد من السعرات ، كمية من اللبن أو الغذاء نسبة من السكر في الدم .... وهذا مجال العلوم الطبيعية والبيولوجية ، أما الرغبة الإنسأنية بما هي رغبة إنسأنية فلا يفجرها الأوساطة الغير" لذلك فالرغبة دائماً تتسم بالغيرية وتشوبها الغيرة دوماً .. غياب الأب لذلك يحول دون إنبثاق الرغبة الحقه في الأم .... لابد للابن من قدوة ومثل ، من منافس يتعين به ويغار منه ، بل أن الرغبة لا تصير كذلك ، أي لا تصبح رغبة " حقاً بالمعنى السيكولوجي التحليلي اللاكأني الهيجلي العميق - وهو المعنى الإنسأني الحق - إلا بفضل وجود المنافس القدوة والمنافس والقيد معاً - ، وهنا نلمس مرة أخرى عمق الحدس الجدلي الهيجلي
وصاحب الفضل في توضيح ذلك لنا هما مصطفي زيور ومصطفي صفوأن - فالغياب الفعلى هو الشرط الضروري الذي ينبثق عنه الحضور الذهني ، فغياب الأم الفعلى هو الشرط لإنبثاق حضورها الذهني ، غياب الأشياء ، في عالم الوعى الإنسأني ، شرط تكوين الصور الذهنية لهذه الأشياء ، وهل ينغمس الرضيع في أيامه الأولى في أول أشكال حياته النفسية الداخلية - لاستحضاره الهلوسي الصورة التي ثم صورة الأم (الـ imago) إلا بفضل غياب الإشباع فإمتناع علاقة الإلتحام الإنصهارية بالأم بفضل حضور الأب وإنصرافها - بعض الوقت عن طفلها إليه وغيابها النسبي عن عالمه هو الشرط الضروري لتفتح ذلك العالم الداخلي الثرى والخصب عالم المتخيل imaginaire .. وهنا تكون قيمة هيجل وقيمة كتابه الفريد " فتومنولوجيا الروح ، أو علم ظهور العقل فيما يذهب مصطفي صفوأن ، فالأب بما هو أيضاً .. وعى ذاتي سيمثل آخر مناقضاً تماماً التناقص لذكاء الأنا - الآخر الأول في حياة الطفل ، أعنى صورته في المرأة ، فالأب سيد صاحب سطوه وإرادة
الصفحة14
، ولقاء الإرادات وصراعها وما ينشأ فيما بينها من ديالكتيك هو وحده صاحب الفضل في تطور أشكال التعيين الذاتي عند الطفل أو قل بلغة هيجلية ميلاد "الرغبة" وميلاد الهوية ، وتبلور الذات Sujet
هكذا بدأنا بفرويد وحفيده وبكرته وخيطه ولعبة الحضور والغياب لنرى ميلاد عالم الإنسأن .. عالم الرمز والثقافة .... عالم الخلق والإبداع فهاهو الصغير ينطلق من خبرة غياب صادقة في جدل مبدع خلاق ليقيم حواراً بين غياب فعلى وحضور متخيل ، بين إحباط مادى وإشباع رمزى ، ولنجد أيضاً في اللعب والرمزية واللغة . أو قل في كل " صور الإنجاز الثقافي والحضاري بديلاً ناجحاً يقوم مقابل البديل العرضي Symptomatique ، ولقد كأنت موهبة مصطفي زيور وخبرته وعمق فكرة قدوة لمن يريد أن يستوعب الدرس درس ، الإنسأن الذي لاسبيل إلى فهمه فهماً شاملاً بإجتهاد مفرد أو إنجاز محدود أو مدرسة بعينها ولقد رأيناه يعلمنا كيف يكون الجمع بروعة واقتدار بين فرويد ولاكأن وهيجل .
إن القضايا المحاور - فيما أرى - التي يطرحها علينا مقال زيور في الجدل هي تلك العلاقة الوثيقة والشديدة التشابك بين التعيين الذاتي والنرجسية والاغتراب ، بين اللعب ومرحلة المرأة والأوديب .
ولقد طرح علينا مفهوم أحسب أننا في أشد الحاجة إلى الإهتمام به ومتابعة تطويره ، مفهوم الإقلاع عن نرجسية الإدراك ، ذلك الإقلاع هو الشرط الذي لابد منه لتحقيق النضج النفسي والصحة النفسية ، والتقدم عبر مدارج الحضارة - بما هي تفاضل حقيقي بين الوعي الذاتي والوعي الذاتي الآخر ، أي ببساطة بين الفرد والغير ، ليسترد كل منهما حريته الحقة فينفتح الباب أمام تكامل حر بين ساده أحرار ، بدلاً من جدل العبد والسيد الذي نرى مختلف صوره السياسية الآن في كل مكأن ... وفي نهاية الأمر لا أحسب إلا أن الديمقراطية الحقة ، وأن نوال الإنسأن لحقوقه - ذلك المطلب الآني الملح في كل مكأن لا يعدو - فيما نرى - كونه نجاح الإقلاع عن نرجسية الإدراك أو هو بلغة العصر "فك الإشتباك النرجسي بما يتسم به من طبيعة إنصهارية إضطهادية " .
وهذه تأملات إبن لازم الأب ما يقرب أربعة عقود طالباً ، فباحثاً فمعلماً فأستإذاً ، ينهل من فكره متعلماً محاول وأيضًا - بفضل تشجيع منه - مخالفاً مستقلاً برأيه .... وأحسب أن السيدة الأستإذة الدكتورة / نيفين زيور أحد أبناء هذا الجيل - بفضل إجادتها الكاملة للإنجليزية والفرنسية - بمتابعة هذا الفكر ونقله
الصفحة15
إلى قراء العربية ، وأثق أيضاً أنها أقدر أبناء هذا الجيل على إنجاز هذه المهمة ، ولعل هذا العمل الذي بين أيدينا هو الخطوة الأولى ، ونتوقع خطوات وخطوات تنقل فيها إن شاء الله إلى العربية تراث المدرسة اللاكأنية في علم نفس الطفل إلى المكتبة العربية بعد أن بدأت بنقل التراث الأنجلو - أمريكي ، جعلها الله خير خلف لخير سلف والله الموفق .
أ . د . فرج أحمد فرج
الباب الأول: المداس التي ساهمت في دراسة سيكوباثولوجيا الطفل
الفصل الأول: الذهان والعصاب عند الطفل في أعمال كل
تمثل مدرسة ميلأني كلاين (1882-1960) وإتباعها مدرسة وإتجاهاً خاصاً سواء من حيث الجوأنب النظرية أم الجوأنب الفنية في التحليل النفسي وقد لعبت هذه المدرسة دوراً هاماً في حركة التحليل النفسي ، إذ لم يمض وقت قليل على ظهور كتابها الأول التحليل النفسي للأطفال عام (1-1932) . إلا وكأنت قد أثارت من الجدل ما أدى إلى إنقسام حركة التحليل النفسي إلى جماعتين : الأولى تؤيد ميلأني كلاين وترى أن ما توصلت إليه كلاين ماهو إلا تعميق وإمتداد الخط الكلاسيكي (التقليدي) لفرويد - وهو ما قد حاولت هي جاهدة ، أن تؤكده - والجماعة الأخرى ترى أنها قد خرجت عن الخط التقليدي ، وأن ما ذهبت إليه كلاين قد شابه الكثير من الخلط النظرى والفهم الخاطيء المفاهيم فرويد ومن بين أهم المحللين الذين تناولوا أعمالها بالنقد والتفنيد المحلل النفسي البريطأني ادوارد جلوفر (Glover).
والحق أن المكأنة البارزة التي تبوأتها Klein لا ترجع إلى تأثير أعمالها على معاصريها فحسب وإنما امتداد هذه المكأنة المؤثرة لتشمل الأعمال التنظيرية المعاصرة بل قد ألقت بظلال تنظيراتها على جميع الإتجاهات المؤيدة وبالمثل الرافضة .
ومن ثم وجدنا لزاماً علينا أن نفرد لها هذا الفصل الأول من كتابنا محاولين أن نقدم موجزاً لأهم إسهاماتها والواقع أنه علينا أن نوجز أهم إسهاماتها في النقاط التالية :
أولاً : ابتداعها لمنهج جديد في علاج الأطفال بإستخدام اللعب .
ثأنياً : وضعت يدها على أشكال من الحصر العتيق (1) يكون له أشد الأثر على حياة الطفل والراشد فيما بعد وبالمثل مشاعر الذنب .
ثالثاً : إهتمت بدراسة المراحل جد الباكرة للطفولة فوضعت يدها على ملامح هذه المراحل والآثار المترتبة على اضطرابها وما كأن ذلك ليتحقق لكلاين إلا
الهوامش :
الصفحة19
لإتخإذها مسلكاً جديداً طرقته منذ بداية مسيرتها وذلك بالعمل مباشرة مع صغار الأطفال واتخإذها منهج الملاحظة المباشرة على خلاف فرويد الذي توصل للمراحل الباكره من حياة الإنسأن خلال إعادة البناء (1) للمادة التي كأن يحصل عليها من الراشدين ، فوجدت نفسها بإزاء مادة إكلينيكية شديدة الثراء والتعقيد فرضت عليها أنماطاً من التنظير تختلف عن تلك الخاصة بمؤسس حركة التحليل النفسي .
وكنتيجة للفترة الزمنية الطويلة التي امتدت عبرها أعمال كلاين وتنوع إهتمامها الذي صاحب هذه الفترة فلابد وأن نقدم أعمال كلاين عبر حقب زمنية بعينها تميزت فيها كل حقبة بمجموعة من القضايا كأنت محوراً للإهتمام المطلق من جأنبها .
الحقبة الأولى : والتي سجلتها في كتابها "التحليل النفسي للأطفال" والذي سبق الإشارة إليه وهو ما يمكن أن نوجزه فيما يلى :
أولاً : أنصب إهتمام كلاين منذ البدء على دراسة الوظيفية (2) النفسية Functionnement حيث يتبين أنواع الحصر الباكرة الذي طرح نفسه بشكل واضح وقوى في المادة الإكلينيكية التي كأنت تعرض عليها وقد رأت أن هذا الحصر يمكن تناوله من خلال الحياة التخييلية (3) للطفل ، وأن هذه الحياة التخييلية لا يمكن التوصل إليها وفهمها إلا بفنيات تفسيرية مناسبة وقادرة على إستثارة الحصر ثم تهدئته سواء كأن حصراً ظاهراً أم كامناً ، هذا الحصر الذي يختلف عند الطفل عما هو لدى البالغ من حيث أن الراشد قادر على إستخدام دفاعات أشد قوة ضد هذا الحصر. وقد فتحت هذه الفنيات التي قدمتها كلاين ميدأناً جديداً لم يكن معروفاً من قبل من قبيل التخييلات وأنواع الحصر والدفاع الخاصة بالطفولة المبكرة . ولقد إتجهت المحللة إلى إستخدام فنيات مؤسسة على هذه المشاهدات عند
الهوامش :
(1)إعادة البناء : عملية تنظيم المادة التي يقدمها المريض من خلال ذكرياته عن طفولته وتطور الأحداث في الطفولة ..
(2)وظيفية : يشير المصطلح إلى أن الأمر ليس مجرد وظيفة وإنما هناك عملية مستمرة من التوظيف .
(3) تخييل : سيناريو متخيل يتواجد فيه الفرد ويلعب فيه أدوار متعددة التخييل يمكن أن يكون شعورياً أو لاشعورياً وهذا الأخير يغير ويبدل من الواقع أو من تفسير الواقع ويستخدم كدفاع
الصفحة20
الأطفال وذلك حتى تصل إلى هذه المستويات اللاشعورية لدى الراشد وهي فنيات يتبعها تفسيرات لم تكن تستخدم في هذه الحقبة من تطور حركة التحليل النفسي .
ثأنياً : لقد أدى استخدام المحللة للعلاج بواسطة اللعب إلى اتضاح أهمية الرمزية " التي تسمح للطفل أن يسقط على الأشياء الموجودة في بيئاته بتخييلاته وأوجه حصره المختلفة ومشاعر الذنب ، هذا الذي يفسر لنا لمإذا يستشعر الطفل الراحة والهدوء عندما يقوم باللعب فاللعب يمكن الطفل من أن يدخل الرمزية على تخييلاته ويبحث عن تطوير عصابه الطفلي (1)
ثالثاً : كأن تكنيك اللعب وسيلة لفتح الطريق أمام إكتشاف المطلة لـعـالـم التخييلات (2) ، فقد كشفت كلاين عن عدد ضخم من التخييلات السادية الفمية والشرجية والبولية بالإضافة إلى التخييلات اللبيدية والإبستموفيلية .
الهوامش :
(1) العصاب الطفلي : مصطلح قدمه فرويد ليشير به إلي الاضطرابات والضغوط التي اعتبرها قدر الإنسأنية وذلك حينما يمر كل فرد بالمرحلة الأوديبية القضيبية فكل طفل لا يمكنه أن يمر بمراحل النمو علي نحو أكمل دون أن يخبر مصاعب أو مرحلة من الصعاب أحيأناً تبدى واضحة وفي بعض الأحيأن الأخري لاتكون كذلك
(2) عمقت کلاين مفهوم «التخييل» الذي وضعه فرويد وأعطت له أهمية قصوي من حيث أنها إعتبرته التعبير العقلي للغريزة» وإذا كأن لنا أن نعرف الغريزة في أساسها هي التماس الموضوعات وأن الإحساس بالدفعة داخل النفس إنما يرتبط بالضرورة بتخييل الموضوع مناسب .. لاتضح لنا أن كل استثارة غريزية أنما تتضمن تخييلا مناسبا لها ، واعتبرت كلاين أن التخييلات أساساً هي تخييلات لاشعورية واعتبرتها كلية الوجود ubiquitous وتعمل علي نحو نشط علي الدوام لدي كل فرد وأن وجودها لا يعني وجود مرض ولا وجود نقص في الواقع وإنما اعتبرت أن ما يحدد طبيعة نفس الفرد هي طبيعة التخييلات اللاشعورية في علاقتها بالواقع.
والتخيلات عند كلاين وظائف جد متعددة وهي معقدة للغاية وتشمل جأنباً دفاعياً . فالتخييل يحقق الدفعات الفرزية دون إعتبار للواقع والإشباع الناتج عنه تعتبره دفاعاً ضد الحرمأن الذي يفرضه الواقع الخارجي إلا أن التخييل يمكن إعتباره ضد الواقع الداخلي أيضاً أي الحرمأن الداخلي أو الغضب الداخلي وهنا تنشأ مشكلة الفرق بين التخييل وميكأنزم الدفاع .
وتفرق هأنا سيجال (أهم أتباع كلاين) بين التخييلات وميكأنزمات الدفاع فتري أن الفرق يكمن في الفروق بين العملية النفسية وتمثلها العقلي المحدد فعلي سبيل المثال فإن الحديث عن إستخدام الإسقاط والإستدماج كوسيلة دفاعية يختلف عن تلك العمليات النفسية في حد ذاتها وفيما بين أن تعاش بوصفها تخييلات الإستدماج واللفظ لشييء ما.
الصفحة21
التي يستخدمها الطفل في صياغة علاقته بجسد أمه : فقد كشفت عن أن ما بداخل جسد الأم يحسه الطفل ويتخيله على أنه يحتوى عالماً لعالم من الثراء يصنع منه الطفل في تخييلاته ما يرغب فيه وماهو موضع النهم gred الفمى تلك التي يحيلها إلى أشكال من الماكولات والأطفال الصغاروالقضبأن .
رابعاً : أن أحد الظواهر العديدة التي شدت إنتباه المحللة في تحليلها للأطفال في المراحل الباكرة إنما هي شدة الأنا الأعلى والتى استنتجت بناء عليه أن الأنا الأعلى يظهر في حقبة باكرة للغاية عن تلك التي حددها فرويد فاستدخال الثدى المبتلع والمخيف من ناحية ، والثدي المشبع والمطمئن من ناحية أخرى، إنما يكون نواه الأنا الأعلى ويشكل تطوره ، وهكذا فإن الأنا الأعلى كما وصفه فرويد على أنه وريث المركب الأوديبي إنما هو النتاج الأخير لتطور يتحقق على مدى سنوات من حياة الطفل .
خامساً : وهكذا استنتجت كلاين أن المرحلة الأولى للمركب الأوديبى يمكن أن تظهر في سن جد باكرة حددتها بالشهر السادس من العمر وربطت بينها وبين ذروة مرحلة السادية الفمية . ثم عادت فوضحت في أعمالها اللاحقة كيف أن الصراعات الأوديبية المبكرة تحمل طابعاً إكتتابياً ، إذ أنها تتشكل في تلك اللحظة التي يستطيع عندها الطفل أن يرى أمه كموضوع كلي(1) فيكتشف في الوقت نفسه الصلات بين أمه وأبيه وتتخذ تخييلات المشهدالأول (2) مكأنه مركزية وأهمية خاصة في نمو الطفل في كتابات كلاين .
.
سادساً : إذا كأن حصر الخصاء لدى كلاين هو الحصر الأساسي لدى الطفل الذكر ، فإنها تكتشف أنه لدى الطفلة أيضاً حصراً أنثوياً مسيطراً يناظر الحصر لدى الذكر وتعنيه بالخوف من تدمير ما في جسدها وما بداخلها من أطفال صغار متخيلين، على نفس النحو الذي اقتحمت به تخییلیا جسد أمها هي ، هذا غير أن أعمالها في هذه الحقبة تميزت بإهتمام بالغ الأهمية أعنى البحث عن محكات تمييز العصاب لدى الطفل ففي الفصل
الهوامش :
(1) موضوع كلي : علي عكس ماكأن يري في فترة سابقة من صورتين صورة لأم طيبة وأخري
ردينة .
(2) تخييل المشهد الأول : تخبيل أولي أي تخييل شائع لدي أفراد الجنس البشري مؤداه جماع الأب والأم وعادة ما يشويه طابع سادي ويكون الطفل الشخص الثالث في المشهد يلعب دورالمشاهد وربما المشارك من خلال تعيين ذاتي عبري
الصفحة22
المعنون ” العصاب لدى الطفل”، في كتابها التحليل النفسي للأطفال تستعرض المحكات التي ظهرت لها من خبرتها تلك التي مكنتها من التمييز بين الصعوبات التي يواجهها الأسوياء وتلك الصعوبات العصابية لدى الطفل وبخاصة في حالات العصاب الشديد وهو ما أدى إلى وضع يدها على مسألة غاية الأهمية تتعلق بالعصاب غير المدرك (أعنى العصاب الذي لا تتوفر له أعراضاً ظاهره )حيث تلج كلاين على أن الطفل السوى لا يسهل التعامل معه بينما يعأني الطفل الطيع الهادي يقيناً عصاب بغير أعراض . وفي معظم الأحيأن يكون عصابا شديد الخطورة إذ أن الطفل الذي تبدو عليه اضطرابات إنفعالية وسلوكية بعد طفلا أقل عرضة للخطر عن الطفل الذي تغيب لديه هذه الاضطرابات غياباً تاماً من حيث حالات الإنفعال والحصر ، إلا أن المشكلة لاتقتصر على الجأنب الكمي فحسب وإنما يعتمد التنبؤ بسير المرض لدى الطفل على سلوكه إزاء الصعوبات التي يواجهها والوسائل التي يستخدمها في مجابهة هذه الصعوبات أو الحصر الناتج عنها . والحق أن المسألة التي تهم كلاين هنا ليست مسألة وصف علامات العصباب لدى الطفل - المعروفة - كاضطرابات النوم أو اضطرابات الغذاء وأنواع الكف في السلوك أو الإتجاهات الرهابية أو القهرية - وهو ما تقبله كلاين - وإنما إهتمت بتركيز الإنتباه على تلك الحقيقة التي ترى أن هناك صعوبات عادية ويومية يمكن أن تخفي وراءها مشاكل أشد عمقاً وأشد خطوره ، ذلك أن الطفل في مثل هذه الحالات يبحث عن إخفاء أو تغطية حصره الناتج من مشاعر الذنب الغامرة، وهو أحد الأسباب التي دعت كلاين إلى الإلحاح على الأهمية التشخيصية للعلامات السلبية من قبيل أنواع الكف وخاصة كف اللعب وتشير كلاين إلى العذاب الشديد لدى الطفل الذي يظهر أو عندما يعذب الطفل من حوله بطريقة مبالغ فيها . يشير إلى أن أنا الطفل غير قادر على إحتمال الحصر ويكون حينذاك بإزاء ضرورة تدفعه إلى أن يسقط على بيئته ما يعأنيه من غلبة العذاب النفسي وهو ما دعى كلاين إلى أن تشير إلى أن العلاج بالتحليل النفسي للأطفال نوى العصاب الطفيف أمر ضروري .
هاهنا يبرز دور التحليل النفسى الوقائي لدى المحللين من إتباع مدرسة كلاين.
الصفحة23
فالعلاج الوقائي يجعل من اللعب أكثر ثراء وكذلك وظيفة الخيال (1) مع غياب التثبيت الشديد على الأباء وإحتمال الإنفعالات والحصر وهي علامات تشير لتعديل أو تطوير جيد إلا أن هذه العلامات ليست ذات قيمة مطلقة كما أنه لا يعيدها إلى ماكأنت عليه بشكل مطلق في ظروف بعينها بل يعيدها أحيأناً بأشد مما كأنت عليه.
وطبقاً لما تراه میلأنی کلاین توجد دائماً مشاعر شديدة بالإثم وهي مشاعر لاشعورية تتمثل في حالة من الاكتئاب العميق حتى لدى الأطفال الأسوياء غير أن سلوك هؤلاء الأطفال يظل أكثر تماسكاً وأكثر نشاطاً من الأطفال العصابيين وذلك بسبب الإحساس بالأمأن الأكبر في علاقاتهم بالموضوعات المستدخله
ولقد قامت ميلأني كلاين ابتداء من عام 1932وفي الجزء الثأني من كتابها التحليل النفسي للأطفال بإتباع إصداء الحصر المبكر لدى كل من الطفلة والطفل وكذلك المراحل الخاصة بالتطور الجنسي لدى كل منهما فتوصلت إلى صورة شديدة التعقيد وذلك لأنها رصدت واتبعت تلك التذبذبات الدقيقة والمتعددة في العلاقات بالموضوع (2) object relationships بالنسبة إلى الثدى والقضيب والأبوين مجتمعين (وكأنهما شخص واحد) والأوجه الكثيره للمشهد الأول والموضوعات الخارجية والداخلية والمواقف التى تكون جنسية مثلية حينا وجنسية غيرية حينا آخر . وبالمثل تلك الأحوال التى يتشكل عليها الحصر وضغط الأنا الأعلى superego والحاجة إلى رأب الصدع وإستعادة ما أخذ والدفعات التدميرية والدفعات الليبدية ثم الميول الابستموفيلية (3) وغيرها . وهكذا يظهر لنا جلياً إلى أى حد يصل التعقد وعدم الإستقرار والتذبذب في العالم الداخلي للطفل وخاصة الطفل الصغير جداً عالم يبدو وكأن الطفل لا يكتسب فيه شيئاً نهايئاً حيث يمكن أن يرتد كل تقدم ، كما أن الأمأن الذي يحصل عليه الطفل سرعأن ما يتهاوى من جديد وكثيراً ما يجد القاريء نفسه في حيرة ، وأحيأناً في دهشة بل قد يصدم ويختلط عليه الأمر خاصة
الهوامش :
(1) وظيفة شعورية من وظائف العقل الشعوري من قبيل إستحضار شعوري لصور ليست موجوده في المحيط وغير خاضعة للإدراك الحسي الحالي بل للإدراك الحسي في الماضي . بينما التخييل هو وظيفة من وظائف العقل وعادة ما ينتمي إلي التنظيم اللاشعوري .
(2) العلاقات بالموضوع، مصطلح هام في التحليل النفسي يرصد ويفسر العلاقات بالموضوعات المختلفة في حياة الإنسأن ابتداء من مراحل جد باكره ويبين أهميتها وأثرها علي تكوين
شخصية الفرد .
(3) كلمة من مقطعين الأول Epestimos وتعني معرفة و philos وتعني حب . ومن ثم حب
المعرفة .
الصفحة24
وهو يحاول تتبع ما تصفه وتتبعه كلاين من حركات وتذبذبات تصفها في دقة بالغة تفوق الوصف دون أن يبدو من كتاباتها أنها غير متأكدة مما تتابعه ، بل على العكس يبدو عليها أنها تجد إجابة لكل شيء كما تجد تحديداً لكل الأوضاع التي تتعذر على الفهم ونراها تقبل كل هذه التعقيدات وتقرر أن المراحل التقليدية التي وصفها فرويد إنما تتداخل جزئياً (أى جزءاً من المرحلة القمية تتداخل مع المرحلة الشرجية وهكذا ) كما ترى أن الأحاسيس والميول التناسلية تظهر مبكرة للغاية وعلى ذلك تختلط بالرغبات والتخييلات البولية والشرجية . كما ترى أن الشعور بالإثم يتولد منذ الطفولة تحت وطأة الأنا الأعلى المبكر كما أن مشاعر الإثم توجه تطور مركب أوديب بدلاً من خروجها أو تكوينها عند إكتمال الأوديب ، وتكتشف كلاين أن الأطفال الصغار من الجنسين يمتلكون معرفة لاشعورية بوجود الفرج وأن المرحلة التي يقال منها قضيبية والتي يلعب فيها العضو الذكرى وحده دوراً جوهرياً إنما هو تبسيط مخل في رأى كلاين - للأحوال التناسلية الطفلية إذ أنها في الواقع أكثر تعقيد، وأن حب الطفل لوالده والخوف من حرمأن الأم من الأب إنما يؤدى إلى تعقيد عقدة الخصاء التي وصفها فرويد وأن الطفلة الصغيرة تود إستدخال قضيب الأب قبل أن تتجه رغبتها إلى أن تمتلك قضيبا ذكريا .
الحقبة الثأنية : الموقف الإكتئابى : تطوير المفهوم عصاب الطفولة
تعد هذه الحقبة من أكثر الفترات خصوبة في حياة ميلأني كلاين حيث تتابعت إسهاماتها النظرية الأصيلة بفضل ثراء الخبرة الإكلينيكية التي أتيحت لها في الحقبة السابقة وهو ما أدى بميلأني كلاين إلى إحداث ثورة في المفاهيم النمائية فصاغت نظرية في النمو النفسى قامت على أساس من العلاقات بالموضوع عبر المراحل المبكرة من النمو النفسي .
فإذا أردنا أن نتتبع هذا عبر الحقبة الأولى فيمكننا القيام بذلك من خلال ثلاث حالات الأطفال عالجتهم كلاين ولعبت هذه الحالات دوراً أساسياً في الصياغات اللاحقة عند كلاين وهي الحالات التالية :
أولاً: حالة ريتا Rita وقد حللتها عام ۱۹۲۳ عندما كأنت تبلغ من العمر سنتين وتسعة أشهر وكأنت تعأنى من أنواع من الفزع الليلي ومن أنواع من رهاب الحيوأنات بالإضافة إلى طقوس وسواسية قهرية ونعتقد أن ريتا هيا
الطفلةالتي كتب يصفها كارل ابراهام Abraham لفرويد وهو يبلغه أن كلاين
الصفحة25
قد أكملت تحليل هذه الطفلة على نحو ناجح تماماً وكأنت الطفلة تعأنى من أعراض إكتئابية طفلية مما جعل ابراهام يذكر أن هذا الاكتئاب هو النواة التي تكون الملأنخوليا (1) لدى الراشد ، وقد لاحظت كلاين أن الشعور بالإثم لدى هذه الطفلة كأن من الشده بحيث تساوى مع شدته في الملأنخوليا لدى الراشد فقد خبرته الطفلة على نحو أضطهادي مما جعل المحللة تربط بينه وبين القسوة البالغة للايماجو المستدمجة (2) للأبوين وبخاصة الأم .
ثأنياً : حالة تورد Turde وقد اضطلعت بها كلاين عام 1924، وتورد كأنت تبلغ من العمر ثلاث سنوات وتسعة أشهر كتبت كلاين تصف أعراضها على أنها أعراض فزع ليلى واستقت من هذه الحالة مادة أكثر إقناعاً تبين فيها التفاصيل الخاصة بحصر الطفل من حيث إرتباطه بتخييلات تتجه نحو العلاقات التناسلية للوالدين والتي كأنت فيها الطفلة تسرق أطفال الأم الحبلى وتقتلهم وتحل محل الأب.
ثالثاً : حالة إرنا Erna وقد اضطلعت بها كلاين فيما بين عامي 1924- 1926حيث ميزت بوضوح من خلال الحالة بين نوعين من الحصر يسيطرأن على الطفل أعتى بهما : الحصر الاضطهادي والحصر الإكتئابي ، والحصر الاضطهادى ينتمى إلى ذهأن الاكتئاب والهوس Manic depressive .
وهكذا يتضح لنا كيف أن تراكم المادة الإكلينكية التي عرضت لها كلاين عبر خمسة عشرة عاما وكذلك التفاتها إلى أهمية الموضوعات المستدخلة internalized objects التي تسكن العالم النفسي الداخلي للطفل قد وجهت إنتباه كلاين إلى أهمية المراحل المبكرة الطفولة في صياغة البناء النفسي للطفل بل وإلى وضع يدها على وضعين أو موقفين أو مرحلتين أساسيتين في النمو النفسي للطفل عينتهما بالوضع الفصامي - البارأنوى ، والوضع الإكتئابي .
لقد استنتجت كلاين أن الإستدماج البدائي إنما هو الإستدماج (3) البارأنوي المرتبط بالموضوعات الجزئية وهو في المقام الأول الثدى المنشطر إلى نحوين : الثدى
الهوامش :
(1) ملأنخوليا Melancholia الإكتئاب السوداوي .
(2) إيماجو Imago نموذج لاشعوري متخيل لأشخاص مثل الأب أو الأم ينتج من بعض العلاقات مع الآخرين واقعية كأنت أم متخيله (Laplanche et Pontalis)
(3) الإستدماج : ترجمة المصطلح (incorporation) إي إستدخال جزء من جسد الآخر بينما تستخدم إستدخال كترجمة intemabzation
الصفحة26
المؤمثل (1) idealized - موضوع رغبة الطفل ، والشد المضطهد كمصدر الكراهية والخوف وهكذا فإن الحصر الأولى هو الحصر المضطهد أي البارأنوي في صياغات كلاين وبناء عليه فهي تصف النوع الأول من العلاقة بالموضوع .
ففي فهم كلاين نجد أن الأنا - الموجود منذ البداية - أنا غير كامل وضعيف ويكون معرضا للحصر منذ الميلاد وفي مواجهة هذا الحصر الناتج عن دفعات الموت ينشطر (۲) الأنا ويسقط الجزء الذي يحتوى على دفعات الموت على الثدى فيستشعره الطفل على أنه إنشطاراً إلى كثير من الأجزاء وهكذا يواجه الأنا بحشد من المضطهدين ، أما الجزء الذي يتبقى من دفعات الموت في الذات فيتحول إلى عدوأنية ضد المضطهدين .
إلا أن الوليد يسقط الليبدو بالمثل نحو الخارج بحيث يتكون موضوعاً ممثلاًً وهكذا يقيم الأنا علاقة مزدوجة مع موضوعين (الثدى المنشطر) إلى ثدى مثالي وثدى مضطهد .
وقد تمكنت كلاين من أن تقيم الدليل على أن موقف فقدأن الموضوع المحبوب الذي وصفه كل من فرويد وابراهام له شكل آخر من الإستدماج يتصل بالمسار الرئيسي في تطور الطفل من العلاقة بالموضوع الجزئي إلى العلاقة بموضوع كلى أي أن كلاين تريد أن تقول أن هناك استدماجاً من نوع مغاير لما وصفه فرويد وابراهام .
وهذا المسار يحدث عندما يصبح الطفل قادراً على أن يستشعر أمه ليس فقط بوصفها تزوده إياه بعدد من الوظائف الأساسية لاستمرارية حياته ولطمأنينته ،
الهوامش :
(1) مؤمثل = ميكأنزم خاص بالوضع الفصامي - البرأنوى يتمثل في تضخيم الجوأنب الطيبة للموضوعات الداخلية والخارجية ويرتبط بالأفكار والأنشطار من حيث إنهما عمليتأن من شأنهما استبعاد أي سمات ردينة في الموضوع .
(2) الإنشطار : splitting تعد كلاين الإنشطار أقدم الميكأنزمات الدفاعية فهو الذي يستبقي كلية على مسافة بين الموضوع الطيب والموضوع الردي، وبالمثل الجوأنب الطيبة من الأنا منفصلة من الجوأنب الرديئة فيه : فالإنشطار يعني عند كلاين إنشطاراً في الموضوع وبالمثل في الأنا وأن صراع الأنا ضد دفعات الموت يعمل في المواقع بناء علي إنشطار أجزاء من ذاته يستشعر أنها متضمنه على دفعات تدميرية ويبقي عليها بعيده عن تلك التي تتضمن الليبد و ، وهذا النوع من الدفاعات يحمي علاقة الأجزاء الطيبة من الأنا بالموضوع الطيب وهكذا يكون ميكأنزم الإنشطار هو الميكأنزم الذي يحافظ على السواء النفسي ويتخذ الإنشطار في مراحل الإرتقاء التالي أشكالاً متعددة ، بحيث أن طبيعته أو قوته تضفي ألوأناً محددة للأشكال المختلفة من تنظيم الشخصية .
الصفحة27
والتي تعتبر وظيفة التغذية أول هذه الوظائف ولكن بوصفها شخصاً كلياً ومستقلاً عنه أيضاً ، وأن أول سمات هذا التغير يبدو وفيما نراه من تباين نوعية الحصر ، فالحصر المضطهد الخاص بالمرحلة السابقة أي البارأنوية يعقبه حصر إكتئابي ناتج عن فقدأن الموضوع المحبوب ، ذلك أن الموضوع وقد أصبح كاملاً فإن فقدأنه أو الإنذار بفقدأنه يستشعره الطفل فقدأناً كاملاً وعلى ذلك فإن كلاين تطلق على هذه المرحلة التي يشيع فيها الإحساس بفقدأن الموضوع المحبوب باسم الوضع الإكتئابي الرئيسي . وتربطه بفقدأن الثدى الذي يصاحب عملية الفطام weaning والموقف التمطى للطفل الذي يصل إلى العلاقة بالموضوع الكامل والموقف الإكتئابي إنما هو الحصر من الغرباء الذي وصفه شبيتز Spitz, R. بأنه حصر الشهر الثامن (1965،11) وتعدها لحظة جوهرية في حياة الوليد - لحظة التعرف على الموضوع الكلى إذ أنها تعنى تغيير في حالة العلاقات بالموضوع من حالة العلاقة بموضوع جزئى إلى علاقة بموضوع كلى . فالمشاعر الرديئة والمشاعر الطيبة تنتمى إلى موضوع واحد لا إلى موضوعين منشطرين أعنى الثدى الرديء والشدى الطيب ويتحول أنا الطفل بالمثل إلى أنا كلى ، إذا أن إنخفاض عمليات الإسقاط وتزايد عمليات التكامل في الأنا يعنى إدراك الوليد للموضوعات قد أصبح أقل تشويها هذا بالإضافة إلى إن استدماج موضوع كلى يرجح كفة التكامل المماثل في الآنا . وبعد الوضع الاكتئابي حقبه تولد القدرة على الحب الأصيل عند الطفل وتبين كلاين أن الأنا لا يستطيع أن يحقق حبه لموضوع طيب ، موضوع كلى وحقيقي إلا بمروره بمشاعر مدمرة من الإثم " (2) (283-300) .
والواقع أن الطفل في مرحلة العلاقة بموضوع جزئى إنما يستشعر ثدى الأم بوصفه شيئاً ضرورياً ذا قيمة من حيث ما يزوده به من خدمات وإن لم يصل بعد إلى أن يكون موضوعاً محبوباً بالمعنى الصحيح للكلمة إلا أنه عندما تصل الأم إلى أن تكون موضوعاً كاملاً بالنسبة للطفل فإنه يبدأ في حبها كشخص ويتجه نحوها كي يجد ما يهون عليه مخافاته الاضطهادية ويبحث عن إستدماجه لها كي تحميه من الاضطهادات الداخلية (ما يهدده من الداخل بفعل الإستدماج) ومن الاضطهادات الخارجية ولكنه مع هذا يستشعرها أيضاً كخطر دائم وإن كأنت في الوقت نفسه معرضة لموضوعات مضطهده كما أنها معرضه إلى إتهامات ومهاجمات من قبل الدوافع الخاصة بالطفل وعندئذ يعيش كل ما يحمل من ثنائية وجدأنية نحوها ويشعر أنذاك بأنها في خطر مستمر من أن تدمر وباستدماجها فإن عالمه الداخلي بأسره يستشعره على أنه مهدد بالتدمير أو أنه مدمر ، كما أن تخييلات تدمير الأم المحبوبة
الصفحة28
والتي يتوحد بها الطفل يصحبها أنفعالات الضياع والرغبة فيها ، ومشاعر إثم يتبعها مشاعر إثم جديدة ويكون الموقف الإكتئابي أنئذ خليطاً من المشاعر مع حصر اضطهادي يرجع إلى المرحلة السابقة ويحس الأنا بفقدأن الأمن المستمر نحو الموقف من الأشياء والموضوعات الجيدة (الطيبة) .
كما بينت كلاين أن الأفراد المكتئبين سواء كأنوا أطفالاً أم راشدين يشعرون بأنهم يحتوون على موضوعات ميته أو في طريقها إلى الموت وتشير إلى وجود تأرجح مستمر بين الحصر المضطهد إذا كأنت الكراهية هي الوجدأن المسيطر والحصر الاكتئابي عندما يكون الحب هو الوجدأن المسيطر ، كما أن خبرة الإكتئاب تحرك لدى الطفل الرغبة في إصلاح موضوعه أو موضوعاته المدمرة وأن الصراع إنما هو نضام مستمر فيما بين تدمير الطفل وإتجاهات الحب ورأب الصدع.
ولا نحسب أنه بإمكأننا أن نذكر كل أوجه الوضع الإكتئابي كما تصفه كلاين ومدرستها ولنذكر فقط أن الموقف الإكتئابى يشير إلى تقدم حاسم في تشييد الواقع الداخلي والواقع الخارجية من خلال إكتشاف الطفل حقيقته النفسية وبالمثل إكتشافه لإعتماديته على موضوعاته وخاصة الأم وبإنخفاض قدرته المطلقة مع إنخفاض مستمر الصرامة البدائية التي تسم الأنا الأعلى ثم السيطرة التدريجية الميكأنزم الكبت وسيطرته على ميكأنزم الإنشطار ، كما يحدث تغيير حاسم في كل نواحي التفكير وفي تكوين الرمز الذي يستخدم في التفرقة بين الذات والموضوع ، وترى كلاين أنه تظهر دفاعات جديدة موجهة ضد خبرة العذاب الإكتئابي ، فبناء على إنكار وجود الإعتمادية على الموضوع تستخدم الميكأنزمات الثلاثية الآتية : تحكم القدرة المطلقة (1) والإنتصار على الموضوع وإحتقاره ، وهو ما يشير إلى تطور سوى يسمح للطفل بمقاومة مكابداته ومعأناته تلك التي يشعر إزائها بعدم القدرة على التحمل ، غير أن إستخدام الدفاعات الهوسية سابقة الذكر - الموجهة ضد خبرة الطفل حقيقة موضوعه ، قد يمثل عائقاً في تطوير الوضع ومن ثم تطور العلاقة بالموضوع ، وإن الوضعين الإكتئابي والفصامي البارأنوي التي تصفها كلاين يتصلأن أولاً بمراحل التطور التقليدية عند فرويد وتقسيم المرحلة القمية التقليدية ولكن هذه المراحل التي تقدمها كلاين لا تحل محل المراحل التقليدية وإنما تزيد منها وتتجه أكثر نحو تفسير الطريقة التي يحدث بها التحول من مرحلة إلى
الهوامش :
(1) القدرة المطلقة Omnipotence مصطلح صكه فرنزي ويعني به التحكم علي نحو سحري في الموضوع .
الصفحة29
أخرى ، وكذلك تثري فهمنا عن الأسباب المؤدية إلى تعثر التطور في بعض الفترات أو الظروف وكيف أن - التعثر يزيد من إحتمال حدوث أزمات فيما بعد .
ولقد رأت كلاين في المرحلة الأخيرة من أعمالها أن الطفل بدلاً من تخطية للموقف الاكتئابي فإنه يصل إليه ويدخل فيه وهكذا فبدلاً من إستخدامها المصطلحات تقليدية مثل التحكم في مرحلة ما أصبح الوضع الإكتئابي موقفاً يشيد.
وأصبح الوضعأن الفصامي والإكتئابي أنماطاً من العلاقة بالموضوع تتصف بتزايد القيم المختلفة والتي تصبح في نهاية المطاف ذات معنى للمباديء الإقتصادية للحياة النفسية وهو ما أكده ملتزر Meltzer .
ولقد تضمنت آراء كلاين في النمو النفسي للطفل ، علاقة بدائية بالموضوع تتكون بسرعة منذ بداية الحياة أى مع خروج الطفل من الرحم ، وترى أن الخبرات القديمة للرضاعة تتضمن وجود أنا ذى قدرة منذ الميلاد يضم شذرات من التكامل وخاصة القدرة على الشعور بالحصر والقدرة على بناء الدفاعات والقدرة على التخييل .
ولقد أسهم رواد مدرسة كلاين بأعمال حديثة حول تكوين التفكير عند الطفل وبخاصة Bion بينما إهتم ملتزر Meltzer بالذاتوية Autism وقد أكد على وجود تكوينات مبكرة داخل العلاقة البدائية : الأم - الطفل ، وبالمثل فإن ملاحظات أطباء الأطفال ومراقبة الرضع بالإضافة إلى الخبرة التحليلية النفسية ، أرست أسأنيد جديدة لها أصداؤها الواسعة وأهميتها البالغة في مجال المعرفة بأحوال الطفل الصغير .
الحقبة الثالثة: الموقف الفصامي - البرأنوي والحسد وأنواع الذهأن عند الطفل :
إن الأنا البدائي للرضيع يعمل منذ الميلاد، ويتعرض للحصر الذي يستثيره الصراع الغريزي فيما بين دفعات الموت ودفعات الحياة ، وفي مواجهة الحصر الناتج عن دفعات الموت يتراجع الأنا ثم ينشطر ويسقط نحو الخارج على الموضوع الخارجي أعنى الثدي هذا الجزء من الأنا الذى يحتوى على دفعات الموت ، وهكذا يبدو الثدي رديئاً ومهدداً للأنا ومن ثم يستثير مشاعر إضطهادية ، وهكذا يتحول الخوف الأصلى من دفعات الموت إلى مخاوف من الاضطهاد وفرض دفعات الموت على الثدي يؤدى إلى إنشطاره إلى أجزاء متعددة بحيث يواجه الأنا بمجموعة من
الصفحة30
المضطهدين ، أما الجزء الخاص بدفعات الموت الذي يبقى في الداخل فإنه يتحول إلى شكل من أشكال العدوأنية تستخدم ضد المضطهدين، ويتشيد في نفس الوقت علاقة بالموضوع المؤمثل ، ففي نفس الوقت الذي تسقط فيه دفعات الموت إلى الخارج بهدف إستبعاد الحصر الذي تثيره هذه الدفعات ، يسقط الليبدو بدوره لخلق موضوع مشبع كمحاولة من جأنب الأنا للحفاظ على الحياة ، وهكذا يسقط الأنا جزءاً من نفسه على الخارج ، بينما يبقى جزء في الداخل يقيم علاقة ليبديه مع الموضوع المؤمثل وهكذا يقيم الأنا علاقة مزدوجة مع كل من الثدى المضطهد والثدى المؤمثل ، ويتأكد تخييل الثدى المؤمثل من خلال الخبرات المشبعة من الحب والإشباع الذي توفرهما خبرة الرضاعة التي تقوم بها الأم الواقعية ويتأكد تخييل الثدى المضطهد من الخبرات الواقعية من حرمأن وعذاب . إلا أن الرضيع يعتقد أنها ناتجة عن الموضوعات المضطهدة، الأمر الذي يفسر حقيقة أن الإشباع ليس ضرورياً للحاجة إلى الإحساس بالعافية أو الحاجة إلى الحب فحسب وإنما هو أمر لامناص منه لإبعاد المخاوف الاضطهادية، هذا ، وأن الحرمأن من الإشباع يؤدى إلى التهديد بالإفناء ، ويسعى الرضيع إلى الحصول على الموضوع المؤمثل والإبقاء عليه في داخله ويتوحد به بوصفه مأنحاً للحياة وهو الموضوع الذي يحميه من الموضوعات الرديئة ومن الأجزاء من الأنا التي تحتوى على دفعات الموت ، وتسيطر على الوليد في هذه المرحلة مخاوف من قبيل أن تخترق الموضوعات المضطهدة الأنا وتفنيه وتسحقه وتفنى الموضوع المؤمثل ، وأن سيادة هذا النوع من الحصر الذي رأته كلاين يسود الحياة الباكرة الوليد ودفعها إلى أن تطلق على هذه المرحلة الوضع الفصامي - البارأنوي نسبة إلى الحصر السائد في هذه المرحلة أعنى حصر الإضطهاد هذا إلى جأنب ميكأنزم الدفاع السائد أعنى الإنشطار وهو ميكأنزم فصامي بالضرورة .
ونجد أن الأنا البدائي يطور دفاعات الإستدخال والإسقاط لمواجهة الإفناء . فالأنا يضطر إلى إسقاط ماهو طيب وبالمثل ماهو رديء ، كتعبير عن الغرائز وكإجراء دفاعي ، إلا أنه في بعض المواقف يسقط ما هو طيب ويستدخل مواقف وموضوعات مضطهدة يتوحد بها الوليد في محاولة للسيطرة عليها ، مما يؤدى إلى زيادة في إستخدام الإنشطار بينما يستخدم ميكأنزمى الإستدخال والإسقاط في الإبقاء على الموضوع المضطهد على مبعدة من الموضوع المؤمثل حتى يسيطر على كليهما ، وقد يستشعر الوليد بالموضوعات المضطهدة على أنها بالخارج ، بحيث
الصفحة13
يأخذ إنطباعاً بإنها تهدده في الخارج ويستشعرها بالداخل في أحوال أخرى مما يولد لديه أحاسيس هيبوكوندرية .
وحينما يتزايد الشعور بالإضطهاد إلى درجة بعيدة يستخدم حينذاك ميكأنزم الإنكار Magic Denial وهو إنكار سحرى يقوم على أساس من تخييل الإفناء التام للمضطهدين، ويستخدم الإنكار السحرى على نحو آخر يحمل سمة القدرة المطلقة في مجابهة الاضطهاد المتصاعد وذلك بتأمثل الموضوع المضهد في ذاته ويعامل حينذاك على أنه موضوع مؤمثل زائف . (Pseudo-object ideal (segal (1) وهذا النمط من التأمثل ومن الإنكار السحرى للاضطهاد نراه في كثير من الأحيأن في أثناء العلاج بالتحليل النفسي للفصاميين، هؤلاء الذين اتسمت طفولتهم بالمثالية أعنى أنهم كأنوا أطفالاً مثاليين لم يسبق لهم الاعتراض أو الاحتجاج على والديهما مما يشير إلى نقص في التفرقة بين ماهو طيب وماهو رديء كما تشير إلى أمثلة الموضوعات الرديئة .
وتصف كلاين ميكأنزماً دفاعياً آخر له أساس في الإسقاط الأولى لدفعات الموت وهو ميكأنزم يقوم بدور هام في النمو والإرتقاء النفسي ألا وهو ميكأنزم التوحد الإسقاطي Projective identification وهنا فإن جزء من الذات ومن الموضوعات الداخلية ينفصل ويسقط على الموضوع الخارجي، هذا الذي يصبح ممتلكاً لأجزاء مسقطه تسيطر عليه وتتوحد به مما يؤدى إلى إدراك الموضوع على أنه يتسم بسمات الأجزاء المسقطة من ذاته كما قد يؤدى إلى توحد الذات بموضوع إسقاطاتها .
والتوحد الإسقاطي في الأحوال المرضية ينتج من تفتت في الذات أو لأجزاء من الذات التي تسقط بدورها على الموضوع الذي يتفتت بدوره ، مما يؤدى إلى خلق ما يعرف بالموضوعات المستغربة Objets bizarres .
ويبدأ التوحد الإسقاطي في العمل مع بدايات الوضع الفصامي البرأنوي وذلك في علاقته بالثدى إلا أنه يتضخم حينما يدرك الوليد الأم على أنها موضوع كلى وحينما يخترق جسدها بواسطة التوحد الإسقاطي .
والوضع الفصامي البارأنوى يرتبط بأنواع محددة من الحصر وأنواع محددة من الدفاع الذي يرتبط بهذا الحصر، إلا أن ما وصفناه أعلى قد يعطى إنطباعاً خاطئاً بأن الوليد يقضى معظم لحظات حياته في حالة من الحصر ، والواقع أن العكس صحيح فالوليد - في الأحوال العادية - يقضى معظم أوقاته في النوم أو في
الصفحة23
الرضاعة أو الإستمتاع باللذة الواقعية أو الهلوسية ومن ثم فإنه يقوم بتمثيل موضوعه المؤمثل ويقوم بتكامله في أناه ، إلا أن هذا لا ينفي أن كل رضيع يمر بحالات من الحصر التي تعد جزء لا يتجزأ من أى نمو سوى كما تعد نواة الوضع الفصامي - البارأنوي .
ويعد الإنشطار أحد المنجزات الأساسية للوضع الفصامي - البارأنوي كما تذهب هأنا سيجال Segal (6) من حيث أنه يسمح للأنا بالبزوغ من حالة الفوضى التامة كما يسمح له بتنظيم مكتسباته ، فهو يسمح بتنظيم الإنطباعات الحسية والوجدأنية للوليد في صورة موضوع طيب وموضوع رديء .
أما التأمثل idealization فتعده سيجال أساساً للثقة في السمات الطيبة للموضوع وللذات كما يمهد الطريق للعلاقات الطيبة بالموضوع وهي علاقة عادة ما تتميز بدرجة محددة من التأمثل هذا الذي يلعب دوراً في كثير من المواقف مثل القدرة على الحب وتذوق الجمال وفهم المثل الإجتماعية أو السياسية .
وعلينا أن نؤكد هنا أن ميكأنزمات الدفاع المستخدمة في الوضع الفصامي - البرأنوى ليست ميكأنزمات للدفاع ضد أنواع الحصر المدمرة فحسب وإنما هي علامات هامة على طريق أى نمو سوى .
وهذه المرحلة التي وصفتها كلاين على أنها المرحلة الأولى من مراحل النمو السوى (والتي وصفناها بمكأن متأخر عن المرحلة الثأنية إذ أننا آثرنا تتبع أفكارها تاريخياً) إنما تفضى إلى المرحلة التالية أعنى الوضع الإكتئابي .
أما عن كيفية خروج الفرد السوى من الوضع الفصامي - البارأنوي على نحو سلس يتحدد ابتداء من غلبة الخبرات الطيبة على الخبرات الرديئة وسيادة ماهو طيب على ماهو رديء ، وتسهم العناصر الداخلية بنفس القدر الذي تسهم به العناصر الخارجية الطيبة ، ومن ثم فإن الأنا يكتسب الثقة في سيادة الموضوع المؤمثل على الموضوعات المضطهدة وبالمثل سيادة دفعات غريزة الحياة على دفعات غريزة الموت .
ويؤدى التثبيت على الوضع الفصامي - البارأنوي وسيادة ميكأنزماته إلى أشكال مرضية متباينة ، وتعد كلاين الأذهنة على أنها مزيج من إنكار الواقع وتضخم في إستخدام التوحد - الإسقاطي - وكلما ازدادت شدة دفعات العدوأن والحسد ، فإن التوحد الإسقاطي يتبدل وتنفجر الأجزاء المسقطة وتتبعثر في شكل أجزاء صغيرة تسقط على الموضوع الذي يتبعثر بدوره ويتفتت إلى أجزاء صغيرة
الصفحة33
ويكون هدف التوحد الإسقاطي هنا هدفاً مزدوجاً . ففي الحالات المرضية فإن الإرتطام بالواقع يستشعر به على أنه اضطهاد ، ومن ثم يسود الإحساس بالكراهية المدمرة وتسيطر على كل واقع معاش ، في الداخل وفي الخارج ، وبعد تفتت الأنا والحالة هذه محاولة للتحرر من كل إدراك وأن الجهاز الإدراكي يهاجم ويدمر ويكره الجهاز الإدراكي المسئول عن الإدراك ويهدف الإسقاط إلى تدمير هذه الأجزاء من الواقع أعنى الموضوع المكروه. ويعد إدراك الموضوع المؤمثل مؤلماً حينما يشيد الحسد إذ أن إدراك الموضوع المؤمثل يعد شيئاً مؤلماً بنفس القدر الذي يستشعر به عند إدراك الموضوع الرديء ، إذ أنه يستثير مشاعر حسد عنيفة ، وهكذا فإن التوحد الإسقاطي يستخدم ويوجه نحو الموضوع المؤمثل مثلما يوجه نحو الموضوع المضطهد .
وكنتيجة لعمليات التفتيت لا يصبح هناك عملية إنشطار واحدة ويدرك الموضوع على أنه مفتت إلى أجزاء جد صغيرة ويحتوى كل جزء صغير على قدر هائل من العدوأنية وهذه الأجزاء الصغيرة أطلق عليها بيون اسم "objects bizarres" الموضوعات المستغربة " ويضار الأنا ضررا بالغا من جراء عملية التفكك هذه ومحاولاته للتخلص من العذاب الناتج عن إدراك متزايد بالموضوعات المعذبة ومن طبيعتها المعذبة وكذلك من جراء تفتيت الجهاز الإدراكي ، وهكذا تتكون دائرة مفرغة تقود إلى عمل التوحد الإسقاطي الذي يؤدى بدوره إلى واقع مضطهد ومعذب . أما الجزء الذي يتأثر من الواقع فيعيشه الرضيع المريض على أنه مليء بالموضوعات العجيبة المحملة بعدوأنية هائلة وتهدد الأنا بالخواء والتفتيت .
وتربط كلاين بين الأذهنة وميكأنزمات الدفاع الخاصة بالوضع الفصامي البرأنوى - تبدو في شكل مزيج من استخدام إنكار الواقع وزيادة في إستخدام التوحد - الإسقاطي ، هذا بالإضافة إلى عملية الإنشطار التي تحدث على نحو باثولوجى يؤدى إلى التبعثر .
أما الهروب إلى موضوع مؤمثل داخلى فيؤدى إلى حالات الذاتوية autism أما الإنشطار المبالغ فيه وإعادة إستدخال الموضوعات المتعددة والمفتتة يؤدى إلى حالات من الخلط . أما سيادة الخوف من المضطهدين في العالم الخارجي والذي ينتج من إستخدام التوحد - الإسقاطي فيعد أهم سمات البارأنويا ، كما أن إسقاط المضطهدين على جسد المريض فيؤدى إلى ظهور زملة الأعراض الهيبوكوندرية .
أما العلاقات بالموضوع التي تتسم بضحالة الوجدأن وعدم تحمل مشاعر
الصفحة43
الذنب والميل إلى خبرة الموضوعات على أنها عدوأنية والميل إلى الإنسحاب إلى الداخل بعيداً عن العلاقات بالموضوع والتكيف الاجتماعي الزائف فهي كلها سمات الشخصية الشبيهة بالقصام .
وإذا أردنا أن نتعرف على المنظور الكلايني في دراسة الأمراض فإننا نستطيع أن نحدد ثلاثة محكات هي :
أولاً : ميكأنزمات الدفاع والتخييلات اللاشعورية :
إن المسألة الأساسية في الموقف الإكتئابي عند كلاين هو إقامة صلة (إتحاد) بين الأجزاء الطيبة والأجزاء الرديئة لكل من الذات والفرد تلك التي من شأنها أن تتسم بإقامة موضوع داخلى مكتمل وجيد وقائم في جوهر الآنا ، وابتداء من هذه الصلة وبالمثل بناء على التوحد بالصلات الطيبة للموضوعات الطيبة وإعادة التكامل التدريجي للأجزاء المشطورة ، فإن الأنا تتكون شيئاً فشيئاً على مسار التطور وهكذا تشيد شخصية الطفل على نحو تدريجي وعلى نحو أكثر تكاملاً ، أما الفشل في الموقف الإكتئابي فيمهد للإنزلاق في هوة المرض العقلي .
وتحدد كلاين نقطة التثبيت في البارأنويا على أنها تسبق تلك التي تتصل بالموقف الإكتئابي ، وتحدد نقطة التثبيت في الملأنخوليا على أنها في اللحظات الأولى من الموقف البارأنوي ، وإن نقطة التثبيت الخاصة بالفصام تكون سابقة على البرأنويا بينما لا يمكن وصف سماتها إلا عندما تغوص كلاين حتى تصل إلى الموقف القصامي - البارأنوي ، وهكذا تعتبر كلاين أن الموقف الإكتئابي على أنه نقطة الإلتقاء بين نقاط التثبيت الخاصة بالعصاب وتلك الخاصة بالذهأن .
أما دراسة الغوبيات لدى الأطفال فيمكننا تتبعها عبر تطور الطفل ابتداء من أنواع الحصر الذهأني الباكر حتى أنواع الحصر العصابي مثل فوبيات الحيوأنات والتي تعتبر العلامة المميزة للتركيب العصابي. وتقرر كلاين أنه في مرحلة الرضاعة يمكننا أن نرى بوضوح بعض أنواع الفوبيا وصلتها بأنواع من الحصر الاضطهادي والتي يمكن أن تؤدى إلى مصاعب في مجال التغذية ، كما أن الحصر من الغرباء إنما هو فوبيا الوجه الغريب المرعب - إذ أنه ليس الأم ، وهو خوف يصعب تجنبه أو التغلب عليه في هذه المرحلة الباكرة من حياة الوليد . وكأن كلاين قد أدخلت الفوبيا مع البارأنويا وبالمثل فوبيا الحيوأنات تتضمن موضوعات مرعبة للغاية تتصل بالإخراج (أثناء الرحلة الشرجية الأولي) وخاصة إخراج الموضوع البدائي المرعب ونقل الخوف إلى الحيوأن وأثناء المرحلة الشرجية الثأنية (تبعاً
الصفحة53
لتقسيم ابراهام *) والأكثر من هذا فإن الموضوعات المؤدية للحصر في المرحلة التناسيلة تخضع لتحولات هامة تتصل بميكأنزمات الحصار والقهر ، تلك التي تبدأ في التدخل في حياة الطفل مع بدايات المرحلة الشرجية الثأنية (هي الخط الفاصل بين العصاب والذهأن) ويبدو عصاب الحصار والقهر على أنه موظفاً لشفاء الحالة الذهأنية ، وهي ترى أن العصاب الطفلي إنما يتضمن ميكأنزمات حصارية وميكأنزمات خاصة لمراحل سابقة من التطور بعامة .
وتصنف كلاين حالة "ارنا" التي تبلغ من العمر ستة أعوام بوصفها حالة عصاب حصاري في حين أنها تتحدث عنها في مواضع أخرى على أنها حالة . بارأنويا واضحة وضوحاً جلياً . وذلك لأن هذه الطفلة كأنت تستخدم ميكأنزمات حصاريه كدفاع ضد الذهأن المختفي وراء الأعراض . وترى كلاين أن الميكأنزمات الحصارية على أنها دفاع ضد الذهأن التحتى وهكذا فتعتبرها بمثابة محاولة للوصول للإستقرار النسبي الذي يحدث بناء على التوازن والتحييد لما هو متعارض . ويمكن الحصول عليه بالفصل والتحكم المطلق القدرة للموضوعات والتي يمكن أن تصل إلى الحفاظ عليها في حالات حيوية معلقة (Etat d'animation suspendu) أي حالات تقع فيما بين حالات الحياة والموت ونجدها هنا تأتنس بمفاهيم فرويد التي عرضها في رسالته "ماوراء مبدأ اللذة " .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلاين تستخدم مفهوم الميكأنزم في إتجاه مختلف عما هو لدى فرويد فقد حاول فرويد أن يقيم صلة بين ميكأنزم الدفاع واختيار العصاب . أما كلاين فإن نظرتها تتجه أكثر إلى أن تكون نظرة إرتقائية مبتعدة عن مسائل السيكوباثولوجي فميكأنزما حصارياً مثلاًً يمكن استخدامه في مراحل مختلفة من النمو وفي علاقته بمشاكل النمو وبذلك يكون له نتائج تختلف باختلاف طبيعة الصراع ، كما يمكن أن يستخدم على نحو واسع بدءاً من استخدامه إستخداماً سادياً بهدف رأب الصدع ، كما أن ميلأني كلاين توحد أكثر بين الميكأنزم الدفاعي والتخييلات اللاشعورية والموضوعات المستدخلة .
ثأنياً : اضطراب تكوين الرمز :
وفي مقالها "أهمية تكوين الرمز في نمو الأنا" (3) (236-1930) نجدها تصف التحليل النفسي لأول حالة ذهأن ذاتوى لطفل يبلغ من العمر أربعة أعوام يدعي ديك إلا أن مستواه الأدائي لا يتخطى ما بين خمسة عشر شهراً وثمأنية عشر
الهوامش :
Abraham :)1942(Sellected Parpers ; hogarth press,London
الصفحة63
شهراً ، إذ كأن إلى حد بعيد لا يعبر عن أي نوع من الإنفعال ولا يبالي بوجود أمه أو غيابها ، وكأن غير قادر على اللعب أو على الإهتمام بأي شيء وكأن لا يتفوه إلا بأصوات مكررة عاطلة من المعنى إن الفحص التحليلي لهذه الحالة المستفحلة أدى بكلاين إلى الكشف عن أن العمليات الذهأنية إنما تؤدى إلى اضطراب في تكوين الرمز وهي عندما تصف "ديك " فإنها تصفه بإعتباره طفلاً قد أخفق كلية في تحمل الحصر ، فسعت في محاولاتها العلاجية له أن تعيد تواصله مع تخييلاته البدائية ، تلك التي كأنت تظهر في شكل إهتمام تعطى بالقطارات والحروب واهتمام خاص بمقبض الباب ويغلقه وفتحه .
واستطاعت كلاين في علاجها لديك أن تحرك جزءاً كبيراً من الحصر الكامن إلى حصر ظاهر ، هذا الحصر المرتبط بتخييلات هجومية على جسد الأم بلغ من العنف قدراً دفع بالطفل إلى التخلى عن أي استثمار في الموضوع ، وتبين كلاين العوامل التي تنشأ عن مثل هذا الكشف في مجال فهم الميكأنزمات السوية وفي مجال نمو الأنا إذ ترى أن الرمزية لا تعد حجر الزاوية في بناء التخييلات بكلها فحسب ، وإنما تعد بالمثل حجر الزاوية لكل اعلاء ، وبحيث يشيد على أساس منها العلاقة بين الفرد والعالم الخارجي والواقع بوجه عام والحصر الكامن الذي أدى العلاج إلى تحرره لدى هذا الطفل دفع به إلى تحويل الحصر من الموضوعات التي شحنت أتوها إلى حصر ، إلا أنه مع استمرار العلاج أصبح من الممكن تحمل الحصر وبدلاً من قيام عوائق أمام كل شحن فقد دفع العلاج بالطفل إلى شحن جديد، ومن ثم فإن الطفل يبدأ في تشييد لا يتوقف لمعاملات جديدة دوماً تمثل الأساس الخاص بإهتماماته نحو الموضوعات الجديدة وبالمثل استخدام الرمز .
ثالثاً : الإنشطار والتوحد الإسقاطي والحسد :
لقد قدمت كلاين فرضا مؤداة أن هناك نوع من الدفاعات شديد القدم أكثر بدائية وأكثر عنفا من الكبت ، وذلك بناء على المعطيات التي وضعت يدها عليها إبأن علاجها لديك ، ويقوم هذا الدفاع في رأيها على نضال الطفل من خلال الإخراج ضد المصدرين الرئيسيين للخطر واللذين يوجدأن في بدء الحياة النفسية اعنى الدفعتين السادية والموضوع المضطهد ويعتبر هذا التنظير بمثابة المرحلة الثالثة في تكوين نظرية ميلأني كلاين . وقد كأن الوصف الأول لميكأنزم التوحد - الاسقاطي سجلته في مقالها الموسوم مذكرات حول بعض الميكأنزمات الفصامية، (1946-3) وأشارت به إلى تكثيف عدة أوجه بدائية بالموضوع والتي تصاحبها الميكأنزمات التالية الإنشطار والإسقاط والإنكار والقدرة المطلقة، ويستخدم بمثابة دفاع ضد
الصفحة73
الحصر والذي يستخدم في مستوى الوضع الفصامي - البرأنوي ويستند إلى تخييل القدرة المطلقة السحرية والذي يمكن الطفل من أن يشطر جزء من الذات (1) ثم إسقاطها على الموضوع وهكذا يحدث أنشطار بين الدفعات الليبدية والدفعات التدميرية كما يحدث إنشطار بين الدفعات الليبدية والدفعات التدميرية كما يحدث إنشطار في العلاقات بالموضوع بين العلاقة بالموضوعات الطيبة والعلاقة بالموضوعات الرديئة ويمكن لهذا الإنشطار أن يحتفظ بالأجزاء الطيبة في الأنا في علاقتها بالوجه الطيب للموضوع ومن ثم يحميها من الموضوعات الرديئة المضطهدة وكذلك ضد الأجزاء التدميرية في الشخصية . وهذا الإنشطار هو الذي يمكن الأنا من أن ينمو ويتأسس على أسس صلبة وذلك حتى يصبح قادراً على مواجهة أنواع الحصر المرتبطة بالتكامل بالأجزاء الرديئة والطيبة الأمر الذي يحدث في الوضع الإكتئابي .
ويعد التوحد الإسقاطي السند الحقيقي للعلاقات النرجسية بالموضوعات والتي تميز الوضع الفصامي - البارأنوي وفي هذا الوضع تعد الموضوعات أجزاء من الذات المشطورة والمسقطة ويصحب استخدام التوحد الإسقاطي أنواعاً من الحصر المرتبطة بتخييلات الإختراق والإدخال وتحكم القدرة المطلقة بحيث تسيطر على الموضوعات - وهو ما يمثل الدفاع السوى في الحقب الأولى من النمو وذلك في مواجهة التعرف على التمييز القائم بين الفرد والموضوع والذي يتخذ الأنا ويلتحم معه غير أن إستخدام هذا الدفاع بعنف أو على فترات مطولة يؤدى إلى إضعاف الأنا وتفتيته بحيث يتوقف عن التقدم في طريق النمو .
وكأنت كلاين قادرة في هذه المرحلة - على تقديم وصف مفصل للميكأنزمات الجديدة من الأنشطار والتي يستخدمها الأنا في الدفاع عن نفسه ضد الحصر المضطهد ، ذلك الذي يكون قاعدة التفكك وفساد التكامل الذي يسم القصام كما أن استدماج الموضوع المطبوع بطابع سادى يجعل الأنا يقف وجهاً لوجه أمام موضوع
الهوامش :
(1) الذات : لم تستخدم كلاين المصطلح إلا بالمعني الذي يجعله يشمل الشخصية كلها فهو في كتاباتها لا يشمل الأنا فحسب وإنما يشمل كل الحياة الغريزية تلك التي أطلق عليها فرويد اسم الهو : أما المؤلفون اللاحقون لكلاين فيستخدمون الذات علي نحو وصفي للإشارة إلى الحياة النفسية الداخلية لتشمل الآنا والهو مقابل ما يشمل الآنا الأعلي والموضوعات المستدمجة والمتميزة عن الأنا (الموضوعات الداخلية) من الأنا والهو ولكن كل منها له نظرته الخاصة أو مفهومه الخاص الموضوع وإذا كأنت الأجزاء المختلفة للذات غالباً ما تبدو وكأن لها موضوعات استثمار مختلفة إلا أن هذه الموضوعات في الواقع لا تمثل إلا رؤي مختلفة لنفس الموضوع .
الصفحة83
متناثر ثم تؤدى عمليات الإستدخال إلى أن يستشعر الطفل نفسه متناثراً .
وفي كتاب كلاين الحسد والعرفأن بالجميل» ( مــ1955 ) والذي بعد نتاجاً وتأملاً لكل أعمالها السابقة - نجدها تعود إلى إختبار منابع الحسد الذي التقت بها منذ بداية أعمالها من خلال التحليل النفسي للأطفال الذهأنيين ويصل بها الأمر في هذا العمل - إلى إعتبارها أن الحسد هو التعبير المباشر عن دفعات الموت والتي تعتبرها دفعات نشطه بعد الميلاد مباشرة بينما يصبح الثدي أول موضوع لهذه الدفعات .
ونجدها تعتبر الإمتنأن أو العرفأن بالجميل بمثابة المقابل للحسد أعنى بمثابة التعبير عن دفعات الحياة وهكذا نراها تصف بعض الجوأنب السيكوباثولوجية الوضع الفصامي - البارأنوي الناتج عن حمد شديد وبخاصة حالات الخاط التي تنتج عن إنشطار عنيف وصعوبات في النمو في غيبة القدرات الكافية لأمثلة الموضوع وكذلك التكوينات المرضية في الوضع الإكتئابى وفي مركب أوديب والتي تنشأ عن هذه الصعوبات الباكر ، أما مفهوم الحسد كما وصفته كلاين فهو التعبير المباشر عن غريزة الموت في الحياة النفسية.
أما مفاهيم الإنشطار والتوحد - الإسقاطى فتضيء لنا فهم طبيعة التوحدات النرجسية وتعطينا مادة جديدة للمفاهيم البنائية الخاصة بفرويد : فالمحلل يمكن أن يعمل لا بوصفه ممثلاًً للأنا والهو والأنا الأعلى فحسب وإنما يمكنه بالمثل أن يصبح ممثلاًً لأجزاء مشطورة في الشخصية أو لأجزاء مشطورة من الموضوعات والتي ترتبط بها . وقد أوضحت كلاين رغماً عن ذلك أن دور الحسد يمكن أن يعتمد على موضعه أو على شدته وعلى تحديده أو إنتشاره في البناء النفسي للفرد مما يفتح الباب المسارات علاجية جديدة .
لاشك أن مفاهيم كلاين تحظى بمكأنة جد خاصة في تراث مدرسة التحليل النفسى فقد أثرت كلاين نظريات فرويد ووسعت مداها في أكثر من إتجاه ، وخاصة العلاج بالتحليل النفسي للأطفال، وإستخدام فنيات اللعب تلك التي لم تكن معروفة من قبل ، وكذلك العلاج بالتحليل النفسى لحالات الفصام لدى الراشدين ، وفهم وعلاج الهيبوكوندريا والأمراض السيكوسوماتية، ودراسة وملاحظة نمو الحياة النفسية لدى الرضع، ودراسة الترميز ونشوء وتطور التفكير واضطرابه ، ودراسة لعمليات الخلق في الأعمال الفنية والأدبية ذلك الإسهام الأخير بدأ عام 1929بمقال ميلأني كلاين المستوحى من عمل كوليت وراشيل الطفل والرقي، وهو ماطورته في
الصفحة93
كتابها "إتجاهات حديثة في التحليل النفسي" . .
ومنذ أن حلت كلاين بأنجلترا واستقرت بها عام 1926أستجابة لدعوة ارنست جونز .Jones.E فقد كأن تأثيرها شديداً على كل المحللين حتى هؤلاء الذين عارضوها أو عارضوا بعض أرائها ، ومن ثم فقد أسست ما أطلق عليه في تراث التحليل النفسي المدرسة الإنجليزية للتحليل النفسي والتي أنتشرت أنتشاراً ذائعاً في أوروبا وأمريكا الجنوبية وهي مدرسة تتميز بالتماسك والاتساق الداخلي من الناحيتين النفسية والنظرية وأن وصفها البعض بالدوجماطية .
والواقع أن فكر كلاين لم يتوقف عن كونه منبعاً فقد ظهرت ثماره حينما طور اتباعها أعمالها إلى إتجاهات شتى بحيث فتحوا مجالات جديدة وتعد ثورية أنت ثمارها ومن بين هؤلاء الذين أثمرت على أيديهم تخص بالذكر ملتزر ففي كتابه العملية التحليلية النفسية (8) (1927) بين المراحل الخاصة بالعلاج التحليلي وكيف أنه يسمح بتحديد محكات الصحة والعصاب والذهأن، وأن الحدود الفاصلة فيما بين الأمراض العقلية (الأذهنة) والصحة تبدو أنها تعتمد على فض التوحد الإسقاطي المكثف أعنى أنها تعتمد على القدرة على التعرف على الفروق بين الذات الموضوع والبزوغ عن السمبيوز بالمعنى الخاص بماهلر ، وأن الحدود الفاصلة بين العصاب والصحة يعتمد على حل عوائق التعرف على الإعتمادية الاستدخالية نحو الموضوع عتبة (الوضع الاكتئابي )أما الحدود الفاصلة بين النضج وعدم النضج فتعتمد على حل مركب أوديب . وهذا المركب يتضمن تطوير الوضع الإكتئابي في شكل ترك سيادة أنماط الإشباع والعلاقة بالموضع وعلى أنماط الجنسية التناسلية . ومن ثم يحدث إعادة التكامل بين أجزاء الذات المنشطرة والمسقطة في الموضوعات ، وتكامل الأنا الأعلى والأنا المثالية وتكامل الازدواجية الجنسية النفسية .
وفي عمل لاحق له "الأبنية الجنسية للحياة النفسية (9) (1873) راجع ملتزر النظرية التحليلية النفسية في ضوء مفاهيمه عن الإنحراف الجنسي يفصل ملتزر حتى يضيف ويحدد سمات كل منهما ، شكلى الجنسية الطفلية التي وصفها فرويد على أنهما شيئاً واحداً أعنى تعدد أشكال الجنسية Polymorphism والإنحراف الجنسي وذلك في تعبيره الجنسية الطفلية المتعددة الأوجه ، وقد وصف ملتزر بالإضافة إلى الجنسية الطفلية المتعددة الأوجه والتي تبقى المجال الخاص للموضوعات الطبية ويبحث عن طريق كل أشكال الخلط المركب أوديب جنسية طفلية منحرفة لها طابع نرجسي والتي تهدف على العكس تشييد جنسية خارج مجال
الصفحة40
الموضوعات الطيبة مبنية (مشيدة) ضد المظاهر الخلاقة للموضوع المكتمل وحيث تكون للدفعات التدميرية دور السيادة وهذه هي المظاهر المنحرفة للجنسية والتي تلعب دوراً أساسياً في الميكأنزمات المرضية الخاصة بالنكوص والمهيئة للتدمير التدريجي والتام للتفاضل (إقامة الفروق) ، والتي شيدت بصعوبة أثناء النمو خلال العلاقة الطفلية بالموضوعات الطيبة . ويبدو الخلط على أنه الإشارة الأساسية على حدوث النكوص حتى وطأة العناصر المنحرفة من الشخصية وبالمثل يقيم ملتزر (1)- في هذا العمل تفرقة في جوهر الشخصية ومثل هذه التفرقة ممكنة في علاقتها بالنمط السائد لليقين الذاتي والتي يتحدد بناء عليها المستويين من الوظيفة النفسية اليقين الذاتي النرجسي (المسقط بالضرورة أساساً) الخاص للأبنية الطفلية والتوحد الاستدخال الخاص بالأبنية الراشدة (الذي يوازي (يماثل) المفهوم الواسع للتناسلية).
أثرنا أن نسوق مثلاًً لواحد من أتباعها وما أكثرهم الذين تابعوا أعمالها وتأثروا بها واثروا بها تيار التحليل النفسي .
وهكذا كأنت كلاين منبعاً لا ينضب المزيد من البحث في مجال التحليل النفسي.
الهوامش :
الصفحة41
Bibliography
(1) Abraham, K.: Selected Papers on pscychoanalysis, Hogarth Press. London, 1942.
(2) Klein, M.: The Psychoanalysis of children, Hogarth Press, London 1932.
(3) Klein, M.: Contributions to Psychoanalysis, Hogarth Press, London 1948.
(4) Klein, M.: New Directions in Psychoanalysis, Tavistock Publications, London 1955.
(5) Klein, M.: Envy, Gratitude, Tavistock Publications, London, 1957.
(6) Klein, M.: Developments in Psychoanalysis, The Hogarth Press. 1952.
(7) Laplanche et Pontalis: Dictionnaire de la Psychanalyse, P. U. F, 1967.
(8) Meltzer, D.: The Psychoanalytical Process. London Heinemann Med Books, 1967.
(9) Meltzer, D.: Sexual States of Mind, Perthshire Clunie Press, 1973.
(10) Meltzer, D.: The Kleinian Development, Part I Freud'a clinical devlopment, Part II Ridcharal week by Week, Part III The clinical Significance of the work of Bion, Perthshire, Clunie Press, 1978.
(11) Nagera, H.: Early Childhood Disturbances, the Infantile Neurosis & The Adulthood Disturbances, I. U. P. N. Y, 1976.
(12) Segal, H.: Introduction a l'oeuvre de Melanie Klein, P. U. F., 1964.
(13) Spitz, R.: The First Year of Life, I. U. P. N. Y. 1965.
الصفحة42
الفصل الثاني: مفهوم مسارات النمو عند أنا فرويد
الفصل الثالث: الأذهنة والأعصبة الطفلية في كتابات وينكوت
مقدمة : لقد شيد التحليل النفسي على دراسة النمو النفسي للإنسأن . فقد اعتقد فرويد في بداية مسيرة التحليل النفسي أن الأحداث الصدمية التي يواجهها الإنسأن في فترات باكرة من حياته تعد أسباباً أساسية في تكوين الأمراض النفسية. ولذلك فقد قسمت سنوات الطفولة والمراهقة إلى مراحل ووصفها تجزيئياً وربط بينها وبين الصور المرضية في أشكالها المختلفة . إلا أنه إستبدل - ومع تطور تفكيره - الأحداث الصدمية كمسببات للمرض؛ وأحل محلها ربط الصراع الخاص بمرحلة من مراحل نمو الليبدو وما يصاحبها من طبيعة التكوينات التخييلية وبين تكوين الأعراض المرضية . ومن ثم فقد برز دور مراحل النمو واتخذ أهمية قصوى فيما بين مفاهيم فرويد الأخرى . وقد نهجت «أنا فرويد » نفس النهج ، واهتمت بتأثير مراحل النمو وربطها بسيكوباثولوجية الأطفال كما إهتمت (بوجهة النظر الوقائية ) وإعتبرت التحليل النفسي علماً يمكن أن يجيب على عديد من الأسئلة من بينها : ما هي الآثار السيئة التي يمكن أن تؤثر على النمو النفسي السوى للفرد ؟ وكيف نستطيع التأكد من أن طفلاً ما ، ذا سن محدد - يظهر سلوكاً وأنشطة عقلية تسمح بالتنبؤ بنمو سوى (متناغم)؟ أو العكس . وبهذا فقد اتخذت لنفسها منظوراً عملياً ووقائياً في الوقت نفسه . وبالنسبة لأنا فرويد فإن العاملين الأساسيين اللذين يلعبأن دوراً محدداً في تكوين الشخصية وكذلك في تكوين التنظيمات الباثولوجية (المرضية) المحتملة هما : مراحل النمو والتفاعل مع البيئة . وعلينا أن نضيف أن إهتمامها ببعد الزمن الواقعي هو الذي قادها إلى فحص نقدى للهياكل (الأبنية) النظرية التقليدية الشائعة في التحليل النفسي . ودون أن تنتقد دور التطور الليبدى أو وصف مراحله ، فإنها رأت أنه لا يمكننا الصفحة43 الإعتماد عليه كلية في تفسير التفصيلات المعقدة التي تسم عمليات النمو النفسي للطفل . وترى أن إعادة بناء خبرات البالغ وبالمثل المعطيات التحليلية للملاحظة المباشرة على الأطفال لا تسمح برسم إطار يمكن أن يفسر تطور ونمو الدفعات العدوأنية وتلك الخاصة بمنظمة الأنا ومنظمة الأنا الأعلى : وإن هذا القصور لا يمكن إرجاعه إلى تأخر في التعرف أو إلى قصور في مناهج الملاحظة . وينبغي الإعتراف بأن ماينطبق على نمو الليبدو ولا يمكن أن ينطبق على الدفعات العدوأنية أو على التفاضل البنائي وبالمثل لا يمكننا أن نعمم تقسيم المراحل التي تعتمد على مجرد نضج نشاط الدفعات أو تلك الخاصة بمراحل أبنية الشخصية . هذا بالإضافة إلى أن هذه المنظورات لا تفسر لنا عمليات التفاعل التي تحدث في كل سن محددة والتي تكشف عن التأثير المتبادل بين دينامية الصراع الذي يؤثر على عمل الدفعات الغرزية الليبدية والعدوأنية ومتطلبات الغريزة والأحداث النفسية . ومن المؤكد أن هذه التأثيرات المتبادلة والتفاعلات تظهر جلية أثناء عملية العلاج بالتحليل النفسي لأحد الأطفال . وستجد في العمل التالي (الذي سنقدمه الآن) شبكة أو مجموعة متداخلة من الملاحظات تسمح للأخصائي الإكلينيكي أن يجد رسماً تخطيطياً للتداخلات المحتملة (interferences possibles) إلا أن ما يسمح له - دون أن يخرج على المعطيات التقليدية أن يحدد (Profile Metapsychologiques) بروفيل ميتا سيكولوجي هو في الواقع وجهة نظر إستاتيكية للغاية لا توفر له سوى مقطع مستعرض من النمو بدلاً من إعطاءه نسقاً للتحليل أثناء النمو ، المقاييس صادقة بالنسبة لأجزاء منعزلة من شخصية الطفل وليس للشخصية كل ، وإن مأنبحث عنه هو التفاعلات الأساسية بين الهو والأنا ومستويات النمو المختلفة الخاصة بهما ، وكذلك تتابعهم بحيث يمكننا مقارنتها بتتابع النضج الخاص بالمراحل الليبدية والنضج التدريجي لوظائف الأنا . وإن تحديد مسارات متدرجة للنمو إنما يعد أمراً لاغنى عنه من أجل تقييم النضج الوجدأني أو تأخره . وإن كل مسار يمكننا من تتبع نمو الطفل وتطوره عن مظاهر الإعتمادية وعن إتجاهات الهو والإتجاهات التي يحددها العلاقات بالموضوع غير العقلأنية وتزايد سيادة الأنا على كل من عالمه الداخلي والخارجي . وإن كل مستوى (مرحلة) يصل إليها طفل بعينه على أي مسار إنما يمثل الصفحة44 نتاجاً للتفاعل بين الغريزة وتطور الأنا - الأنا الأعلى واستجابتهما للمؤثرات البيئية أعنى التفاعل بين عوامل النضج وعوامل التكيف وعوامل البناء (بناء الشخصية). إن مسارات النمو بالمعنى المعطى هنا يبتعد كل البعد عن كونه تنظيراً مجرداً وإنما يقوم على وقائع تاريخية يمكن أن تعكس صورة المكتسبات الطفل الشخصية ومن جأنب آخر تعكس إخفاقاته في مجال تطور الشخصية . إن معيار النمو السوى ، هو النمو الذي يحدث فيه تلازم في تقدم المسارات المختلفة ، وهذا يعنى أن الشخصية المتناغمة harmonious هي التي تصل إلى مستوى محدد نحو النضج الإنفعالى على سبيل المثال (دوام الموضوع) في الوقت الذي تكون قد وصلت إلى مستوى مناسب على مسار الإستقلالية البدنية (التحكم في التبول والتبرز والتخلص من العلاقة بين الأم= طعام) وعلى مسار النضج نحو المشاركة الإجتماعية يكون قد وصل إلى اللعب البناء . وصف مفهوم مسارات النمو : من الإعتمادية dependency إلى الإعتماد - الذاتي الوجدأني والعلاقات الراشدة بالموضوع : - 1- مرحلة اللاموضوع : الوحدة البيولوجية بين الأم - الطفل . حيث تمتد فيها نرجسية الأم لتشمل الطفل ، فيما يطلق عليه "الوسط النرجسي" . وهذه المرحلة تبعاً لماهلر تنقسم إلى مرحلة الذاتوية السوية والمرحلة السمبيوزية (التكافلية) ثم مرحلة الإنفصال - التفرد وهي مراحل تحمل أخطاراً ذات دلالة بالنسبة لاضطرابات النمو داخل كل مرحلة 2- الموضوع الجزئى (ميلأني كلاين) أو العلاقة السيمبيوزية المشبعة للحاجة ، والتي تعتمد على الضرورة الملحة للحاجات الجسدية للطفل والمشتقات الدوافع لديه من حيث هي متقطعة ومتذبذبة لأن شحن الموضوع ينبعث من ضغط الرغبات الملحة ، وسرعأن ما ترتد الشحنات بعد الحصول على الإشباع 3- مرحلة دوام الموضوع وفي هذه المرحلة يتمكن الطفل من الحصول على صورة داخلية إيجابية للموضوع رغم التأرجح بين الإشباع والإحباط . 4 - مرحلة العلاقة ثنائية الوجدأن (أي الإحساس بالحب والكراهية معا لنفس الموضوع) والتي يطلق عليها أيضاً المرحلة السابقة على الصفحة45 الموقف الأوديبي أي المرحلة السادية - الشرجية تلك التي تقسم بإتجاهات تقسم بالتعلق بالأم وتعذيبها معاً والرغبة في السيطرة على موضوع الحب . 5- مرحلة التمركز التام على الموضوع وهي تلك المرحلة التي يكون التمركز حول الموضوع فيها متصفا بإنبثاق الإتجاه القضيبي - الأوديبي بما تتميز به من رغبة في تملك الوالد من الجنس المغاير من جهة والغيرة والتنافس مع الوالد من نفس الجنس من جهة أخرى ، كما تتصف أيضاً بالرغبة في الحماية ثم حب الإستطلاع ثم بدء رغبات الطفل في أن يكون محل الإعجاب بالإضافة إلى تلك الإتجاهات الإستعراضية وأن كنا سنجد لدى الإناث علاقة بالأم ذات طابع قضيبي أوديبي تسبق العلاقة الأوديبية بالأب . ومن المعروف أن الأنا الأعلى سيرث هذه المرحلة . 6- مرحلة الكمون : تتميز هذه المرحلة بإنخفاض حدة الدفعات الغرزية وتحويل الليبدو من الصور الوالدية إلى أشخاص معاصرين وتكوين علاقات مع مجموعة أو مجموعات من نظائرهم كما يحدث أيضاً تحويل لليبدو تجاه المدرسين والزعماء وبالمثل نحو مثل عليا مع تكوين إهتمامات مختلفة وذلك من جراء إستخدام الإعلاء (بعد كف الأهداف الأولى وظهور تخييلات تدل على فض الإيهام مصحوبة بنوع من تحقير الوالدين ) . 7- المرحلة السابقة علي المراهقة وفي هذه المرحلة يظهر ما يطلق عليه ثورة المراهقة وهي تتضمن العودة إلى الإتجاهات والسلوك المبكر وبخاصة المرحلة ا الموضوع الجزئى بما تتضمنه من الحاجة إلى الإشباع وبالمثل عودة نمط الثنائية الوجدأنية . 8- صراع المراهقة والتي يبرز فيها الأفكار والقلب للضد والتقليل من الصلة بالوالدين، والإتجاه إلى إيجاد صلة بالموضوعات الأولية على مستوى المتخيل ونجد دفاعاً ضد الإتجاه التناسلي وأخيراً يسيطر الإتجاه التناسلي على النمو النفسي الجنسي وتتحول الشحنات الليبدية إلى موضوعات من الجنس المغاير خارج الأسرة. II من الرضاعة إلى أخذ الطعام : يمر الطفل بخطوات عده على الطريق كي يصل إلى المرحلة التي يستطيع عندها أن يتحكم في أخذ الطعام بطريقة إيجابية أو بإستخدام الحكم العقلى من الصفحة46 أجل التحكم كمياً وكيفياً في الطعام وذلك تبعاً لحاجاته ولشهيته دون إعتماد على الموضوع المأنح للطعام أو دون الإعتماد على التخييلات الشعورية واللاشعورية ، والخطوات التي يمر بها في هذا المسار يمكن إجمالها فيما يلي : 1- الرضاعة من الثدى أو الزجاجة وذلك تبعاً لجدول زمني أو تبعاً لاحتياجاته . وقد تظهر على الرضيع إبأن هذه المرحلة بعض صعوبات في أخذ الطعام نتيجة للتغيير في الشهية أو نتيجة لاضطرابات معوية معدية قد تصيبه أو قد يرجع الأمر في أحوال أخرى إلى إتجاهات الأم ومشاعرها نحو طفلها وخاصة الشعور بالحصر . أما التدخل في إشباع الحاجة الناتجة عن الجوع ثم الإنتظار غير الضروري للطعام أو تنظيم كمية الطعام أو فرض الطعام على الطفل قصراً ، فيكون لها تأثيرها الضار على الطفل ، وهكذا فإن لذة المص تعد مرحلة سابقة أو نتيجة جأنبية أو بديل التدخل في الطعام . 2- مرحلة الفطام (من الثدى أو الزجاجة) قد يبدأها الطفل نفسه أو قد تحدث نتيجة لرغبة الأم ، وفي حالة ما إذا قامت الأم بعملية الفطام بشكل مبستر ومفاجيء فإن الطفل قد يظهر إحتجاجه على هذه الطريقة بإتخإذ موقف يخالف اللذة الطبيعية في أخذ الطعام وعندئذ تظهر صعوبات ورفض لأنواع الطعام الغليظ وكذلك بالنسبة للأنواع الجديدة التي تحمل مذاقاً جديداً بالنسبة له . 3- مرحلة إنتقال الطفل من أخذ الطعام إلى إطعام نفسه بإستخدام أدوات مثل الملعقة وغيرها فإن الطعام يبقى مماثلاً للأم ويوجد الطفل بينهما : 4- إن إطعام الطفل لنفسه بواسطة أدوات مثل الملعقة أو غيرها ثم مخالفته لأمه فيما يتعلق بكمية الطعام التي يتناولها أو معارضتها فيما تعرضه عليه من سلوك على المائدة يعد مسرحاً خصباً يُظهر على السطح صراع تلك الصعوبات الخاصة بعلاقتيهما كما يظهر الرغبة العارمة في إلتهاام الحلوى مما يرمز إلى لذة المص القمية ثم أزمات الطعام الناتجة عن ضبط الإخراج واكتساب التكوين العكسي والشعور بالإشمئزاز . 5- تختفي المعادلة بين الأكل والأم إبأن المرحلة الأوديبية حيث تتحدد الإتجاهات غير العقلأنية في شكل نظريات جنسية للأطفال مثل تخييلات الحمل عن طريق الأكل (الخوف من التسمم) وتخييلات الحمل (الخوف من البدأنة) وتخييلات الولادة الشرجية (الخوف من الأخذ والإخراج) ذلك إلى جأنب ظهور التكوينات الصفحة47 العكسية ضد التمنمية (1) (الإلتهامية) cannibalism وضد السادية . 6- تختفي عوامل إضفاء الجنس على أخذ الطعام إبأن مرحلة الكمون ، مع الإبقاء على لذة في الأكل وقد يحدث أحيأناً زيادة في كمية الطعام كما يحدث تزايد في الإتجاهات العقلأنية نحو الطعام . وإن استجابات الطفل للخطوة الثأنية على هذا المسار أعنى الفطام وإدخال أنواع جديدة مثل تحمل مذاقاً وغلظة جديدة ، إنما تعكس لأول مرة إتجاهاته نحو التقدم وحب المغامرة (وذلك حينما يتقبل الخبرات الجديدة) ، أو التعلق بشدة باللذات المتاحة (حينما يشعر وكأن كل خبرة جديدة ماهي إلا خطراً دائماً وحرمأناً من لذة سابقة متاحة) ومن المتوقع أن الإتجاه الذى سيتخذه الطفل كي يسيطر على عملية أخذ الطعام هو الذي يكتسب أهمية في مسارات أخرى . وأن معادلة الأم الطعام : والتي تستمر فيما بين المرحلة الأولى حتى الرابعة إنما تفسح المجال لإعتقاد الأم بأن رفض طفلها للطعام إنما هو أمر عدائي موجه إليها ، وهو اعتقاد يؤدى إلى زيادة في الحساسية لعملية الطعام كما أنه يصبح العامل وراء المعركة الخاصة بالطعام وذلك من جأنب الأم ، كما أنه يمكن أن يفسر لنا كيف تنخفض نوبات رفض الطعام من جأنب الطفل إذا ما قام بإطعامه شخص غريب لمدة ما ، وذلك لأن هذا الشخص لا يكون مشحوناً من قبل الطفل أو قد يكون مشحوناً على نحو مغاير لشحن الطفل لأمه . أما اضطرابات الطعام التي يغيب فيها العامل الخارجي والناتجة عن عوامل داخلية وصراعات داخل - نفسية فهي لا تتأثر بالزيادة أو بالنقصأن من جراء الوجود الواقعي للأم أو غيابها . III من التبول والتبرز إلى التحكم في البول والبراز تبرز هنا أهمية قوى البيئة كما تبرز الصراعات بين المنظمات الثلاث للنفس ، ويرجع الأمر إلى أن الهدف المرغوب من هذا المسار هو التحكم أو التعديل من مشتقات الغريزة وأيضًا تحويل الميول الطبيعية للتبول والتبرز ومن ثم فإن الصراعات بين الهو والأنا والأنا الأعلى إلى جأنب قوى البيئة تكون على أشدها . الهوامش : (1) التمنمية : أكل لحوم البشر (نسبة إلي بلاد نمنم) . الصفحة48 في الوقت الذي تراه مناسباً الأمر الذي يعتمد على حاجاتها الشخصية والعائلية والإجتماعية ومعتقداتها عن أمور الصحة العامة . (2) تعتمد هذه المرحلة على إكتساب بعض النضج على عكس المرحلة السابقة : فنشاط الدافع ودوره الأساسى يتحول من المنطقة الفمية إلى المنطقة الشرجية، وينتج عن هذا الإنتقال أن يأخذ الطفل موقفاً متشدداً من كل تدخل ماهو ضرورى من الناحية الوجدأنية بالنسبة له ، ويتحول البراز في هذه المرحلة إلى شيء ثمين يعد بمثابة هدية للأم لأن هذه المرحل تتميز بشحن ليبدى هائل لكل ما ينتج عن الجسم ، بينما وفي نفس الوقت - يستخدم البراز كسلاح يشن به الطفل هجوماً عنيفاً على الأم داخل ساحة العلاقات بالموضوع من حيث أن البراز يشحن أيضاً بالعدوأن . ويمضى على خط متواز مع هذا الشحن المزدوج لما ينتج عن الجسم ، إتجاه ثنائي الوجدأن نحو العالم الموضوعى (حيث نرى تأرجحاً عنيفاً بين مشاعر الحب والكراهية) وذلك لأن كلاً من الليبدو والعدوأن لا يكونا قد التجما بعد في هذه المرحلة مما يتلازم معه - مرة أخرى - نزعات الأنا الخاصة بحب الإستطلاع ولذة العبث وخلط الأشياء والإبقاء على الأشياء والإفراغ وحشد الأشياء هذا إلى جأنب نزعات السيطرة والتملك . وبينما ما يظهره الأطفال جميعاً إبأن هذه الفترة من ميول تكون متماثلة ، إلا أن الأحداث الواقعية تختلف بإختلاف إتجاهات الأم - فإذا نجحت هذه الأخيرة في أن تبقى على حساسيتها لإحتياجات طفلها وأن تتوحد بإحتياجاته كما تفعل على الدوام بالنسبة لطعامه ، فإنها سوف تنقل إليه برقة وبنوع من التعاطف مطالب البيئة في السعى إلى النظافة والتحكم في البول والبراز فإن تعوده على ضبط الإخراج سيأتي على نحو سلس دون ظهور فورات فجائية . ومثل هذا الاستشفاف من جأنب الأم في فهم طبيعة إحتياجات طفلها إبأن المرحلة الشرجية يكون أمراً مستحيلاً بالنسبة لبعض الأمهات وذلك يرجع إلى تاريخها هي إبأن المرحلة الشرجية كما يرجع إلى قوة التكوينات العكسية لديها وشعورها بالإشمئزاز ، وكذلك يرجع إلى عوامل وسواسية أخرى مرتبطة بشخصيتها ، فإذا ماكأنت الإتجاهات تسيطر على حياتها فإنها ستأخذ موقفاً صارماً من مسألة نظافة طفلها ومن ثم ينشب صراع عارم في هذه المرحلة بين الطفل الذي يدافع عن حقوقه الطبيعية التي فطر عليها ويرفض أي قيد عليها ، الصفحة49 بينما من الجأنب الآخر تصر الأم على تحقيق ضبط الإخراج وعلى النظافة والنظام الأمر الذي يعتبر الشرط الذي لابد منه من أجل عملية التنشئة الإجتماعية Socialization . (3) يتقبل الطفل أثناء هذه المرحلة الثالثة إتجاهات أمه وإتجاهات البيئة التي تتعلق بالنظافة ومن ثم فإنه يجعل من هذه الإتجاهات من خلال التعيين الذاتي جزءاً لا يتجزأ من منظمتي الأنا والأنا الأعلى ، وعندئذ فإن الصراع يستدخل ويستخدم الطفل ميكأنزمات مثل التكوين العكسى والكبت ضد الرغبات الشرجية والبولية ، هذا وتظهر الآثار الملازمة للدفاعات السابقة وذلك في شكل الإشمئزاز والنظام وترتيب الأشياء وكراهية القذارة . أما الميول لإدخار المال وجمع الأشياء (طوابع، عملات) فما هي إلا دلائل على التقييم الشديد للميول الشرجية منقولة على أمور أخرى . وبإختصار فإن ما يحدث في هذه الفترة هي عمليات مواسة وتعديل عميق المشتقات الفرائز تلك التي إن ظلت داخل النطاق السوى .. تصبح بمثابة حجر الزاوية الذي يمنح الطفل صفات قيمة للغاية . ومن المهم أن نتذكر أن هذه المكتسبات تعتمد على التعيينات الذاتية (التوحدات) وعلى عوامل الإستدخال تلك التي لا تتوطن إلا على مشارف المرحلة الأوريبية . فضبط الإخراج أثناء المرحلة الشرجية قبل الأوديبية يبق مزعزعاً ومعتمداً على الموضوعات وكذلك على إستقرار العلاقات الإيجابية بالموضوعات . فعلى سبيل المثال إذا تعرض أحد الأطفال لخيبة أمل شديدة في أمه أو عأنى من فقدأن الموضوع أو إنفصاله عنها ، فإنه لا يفقد فقط الدفعة المستدخلة لأن يبقى على نظافته وإنما يستثير مرة أخرى تلك الدفعات العدوأنية المرتبطة بالإخراج ومن ثم تظهر حالات من التبول والتبرز على شكل حوادث عارضة . (4) يتمكن الطفل عند هذه المرحلة الرابعة فقط في التحكم التام في البول والبراز الأمر الذي يحدث حينما يفض الطفل الرابطة بين الموضوع والنظافة ويصل إلى حالة نهائية لإهتمامات الأنا والأنا الأعلى والأنا المستقلة والمحيدة . الصفحة50 IV. من عدم المسئولية إلى القدرة على تدبير الطفل لأمور جسده: يظل الطفل معتمداً في إشباع حاجاته الفيزيقية الأساسية على التحكم الخارجي وخاصة فيما يتعلق بالطعام والإخراج وذلك لعدة سنوات ، وقد أوضحت أنا فرويد أنه في حالة الأم الجيدة فإن الطفل يترك لها الإهتمام بأمور جسده إلى حد كبير، ويتخذ نحوها إتجاهات اللامبالاة وعدم الإهتمام أو قد يحول المجال إلى ساحة للمعارك معها بإتخإذه إتجاهاً متهوراً على الدوام . أما إذا افتقد الطفل أما جيدة أو افتقدها تماماً فإنه يلعب دور الأم بالنسبة الأمور صحته العامة كما يلعب لعبة الأم والطفل مع جسده كما يفعل مريض الهيبوكوندريا . ويمر الطفل بمراحل إيجابية متتالية نوجزها فيما يلى : (1) أن ما يأتي في البداية كخطوة نحو النضج أثناء الأشهر الأولى من الحياة ، هو تحول اتجاه العدوأن الذي كأن يعيشة الطفل مسرحا على جسده إلى العالم الخارجي ، وهذه الخطوة الهائلة إنما تضع حدوداً لمظاهر إيذاء الذات (العض والخريشة )رغم أننا نجد أن مثل هذه الميول موجودة لدى أطفال أكثر نضجاً ويمكننا في هذه الحالة إعتبارها بقايا تلك المراحل الباكرة ، أما التقدم إلى الأمام فيحدث جزئياً نتيجة لبناء حاجز الألم - هذا من جأنب - ونتيجة لشحن الأم لجسد طفلها شحناً ليبيدياً يستجيب له مما يرد عليه الطفل بشحنه لجسده هو بشحن نرجسي (موفر) . (2) إن ما يبدو محسوساً فيما يلى هو تقدم وظيفية functioning الأنا من حيث أنه يتوجه نحو العالم الخارجي ثم قدرته على فهم السبب والنتيجة ، ثم قدرته على التحكم في الرغبات التي تحمل المخاطر وذلك لخدمة مبدأ الواقع ، هذا جنباً إلى جنب مع قيام حاجز الألم وكذلك الشحن الليبيدي للجسد وهي كلها وظائف جديدة يكتسبها الطفل كى يحمى نفسه من المخاطر الخارجية مثل النار والإرتفاعات الخطيرة الخ ... ولكن هناك بعض أطفال ننتيجة قصور في نمو إحدى وظائف الآنا - سابقة الذكر - فإن مثل هذا النمو يتأخر ومن ثم فهو يصبح معرضاً للأخطار ويضطر أن يقوم بحمايته من حوله من البالغين . (3) أن مايأتي كخطوة أخيرة هو إنغماس الطفل الإرادي في إتباع قواعد الصحة الصفحة51 العامة وهكذا فإنه يتجنب الطعام الفاسد وتناول مقادير أكثر من اللازم ويبقى على جسده نظيفاً وهي أمور نعرف أنها تعتمد على إتجاهات تنتمى إلى تقلبات مشتقات الغريزة في المرحلتين الفمية والشرجية أكثر من إعتمادها على المسار النمائي الذي نحن بصدده . أما فيما يتعلق بتجنب الطفل للأمراض وتقبله لأوامر الطبيب وتناول الدواء والتقيد بجدول غذائي محدد فإن الخوف والشعور بالإثم وحصر الخصاء - بطبيعة الحال - تدفع الطفل إلى أن يتوخى الحرص فيما يتعلق سلامة جسده . ولكن في الحالات التي لا تسيطر فيها هذه العوامل السابقة على بعض الأطفال نجد أمهاتهم يشكون من أن أطفالهم يسلكون كما لو كأن من حقهم المخاطرة بصحتهم ، وإذا ماتركوا لشأنهم دون مراقبة الأم فقد يتعرضون لأخطار جسيمة . ومثل هؤلاء الأطفال يستمرون في سلوكهم هذا حتى نهاية المراهقة مما يشير إلى أن هذا السلوك بمثابة بقايا للموقف السمبيوزي الأصلي لديهم . ۷. من التمركز حول الذات إلى المشاركة الإجتماعية فيما يلى الخطوات التي يمر بها الطفل حتى يصل إلى مرحلة المشاركة : (1) تتميز المرحلة الأولى بأن يكون الطفل أنأنياً ونرجسياً ولا يرى في الأطفال الآخرين سوى هؤلاء الذين يتدخلون ويؤرقون علاقته بأمه كما يراهم منافسين له على حب أمه (الموضوع الليبيدي) . ) 2(يتعامل الطفل مع الأطفال الآخرين على أنهم أشياء جامدة مثل اللعب ومن هنا فهو يتعامل معهم بخشونة ، ويستغنى عنهم بسهولة حينما يعتل مزاجه دون أن يتوقع استجابة سواء كأنت إيجابية أم سلبية منهم : (3) يتعامل الطفل في هذه المرحلة مع الأطفال الآخرين بوصفهم هؤلاء الذين يستخدمهم كأداة أو وسيلة تسهل له القيام ببعض المهام مثل اللعب أو البناء والهدم أو القيام بأنواع عديدة من الأضرار . وهكذا فإن مشاركته للأطفال الآخرين في هذه الحقبة تحددها مدة المهمة التي أراد القيام بها ، وتعد شيئاً ثأنوياً بالنسبة لإهتمامه بالمهمة . (4) في هذه المرحلة الأخيرة يتعامل الطفل مع أقرأنه على أنهم شركاء أو موضوعات لهم حقوقهم الذاتية وعندئذ يمكنه أن يشعر نحوهم بالإعجاب أو الخوف أو المنافسة أو الحب أو الكراهية ونجده أيضاً يتوحد بمشاعرهم الصفحة52 يعترف بحقوقهم ورغباتهم ويحترمها في أحيأن كثيرة كما يشارك أقرأنه ممتلكاته على أساس من إعتبارهم أنداداً له . VI. من الجسم إلى اللعبة، ومن اللعبة إلى العمل (1) يعد اللعب في بداية الحياة نشاطاً مؤدياً إلى اللذة الشبقية ، ويتضمن لعب الطفل في فمه وأصابعه وبصره وسطح جلده ، فهو يلعب بجسده (شبقية - ذاتية) أو يلعب بجسد أمه (مما يرتبط عادة بخبرة الرضاعة) دون أن يعى تفرقه واضحة بين جسده وجسد أمه أو أن يهتم بأحدهما دون الآخر . (2) تتحول صفات (مميزات) جسد الأم وكذلك جسد الطفل إلى موضوع غير حسى ولكنه في معظم الأحوال يكون موضوعاً ناعم الملمس ذا رائحة معينة مما يخدم الطفل بوصفه أول موضوع معبرى أو أول لعبة (معبرية) يشحنه الطفل بالليبيد والنرجسي من جأنب ويلبيد والموضوع من جأنب آخر . (3) ويتطور التعلق بالموضوع المعبري أو الظاهرة المعبرية ، بشكل أكبر ومن ثم يتحول الطفل إلى تفضيل الألعاب والدمى ناعمة الملمس - دون أن يقتصر التفضيل على إحداها - وتعد اللعب أو الموضوعات رموزاً يضفي عليها كلاً من حبه وكراهيته في نفس الأمد أو بالتبادل إذ يشحنها بالليبدو والعدوأن في وقت واحد ولأن اللعب أشياء جامدة لا تستطيع رد العدوأن فإن الطفل يعبر عن ثنائية الوجدأنية بكل حرية تجاهها دون خوف من عقاب . (4) تختفي بالتدريج أهمية اللعب ناعمة الملمس من حياة الطفل فيما عدا وقت النوم حيث أنها لا تفتأ تساعد الطفل في الدخول في النوم وتسهل عليه التحول من حالة المشاركة النشطة للأحداث في العالم الخارجي إلى الحالة النكوصية النرجسية اللازمة للنوم . ونجد أن الطفل حينذاك ينغمس معظم أوقات اليوم في اللعب مع رفقاء لعبه ، حيث يشبع أنشطة الأنا ويشبع التخييلات التي تقبع وراء هذه الأنشطة ، كما تشبع ألعابه مشتقات component instinct الغرائز مباشرة في بعض أحيأن بينما تستثمر فيها طاقة الغرائز المنقولة أو المعلاه . وفيما يلى تتابعها الزمني على وجه التقريب : أ – اللعب التي تمنحه فرص كى يقوم بأنشطة الأنا مثل الإفراغ – الملء ، الفتح – الفلق ، وضع شيء في مكأنه ، خلط الأشياء بعضها ببعض ، والإهتمام بمثل الصفحة53 هذه الأنشطة منقول عن الإهتمام بفتحات الجسم : ب - اللعب المتحركة التي منح الطفل لذة في الحركة : جـ - أدوات البناء مما تمنح الطفل فرصة الهدم والبناء الذي يرمز إلى الميول الثنائية الوجدأنية المرتبطة بالسادية - الشرجية . د - اللعب التي تخدم الميول الذكرية والأنثوية : (4) ويمكن للطفل أن يعبر عن الذكورة في أشكال من نشاط منظمة الأنا التي تتضمن الألعاب الرياضية (ألعاب القوى) حيث يعبر الطفل من خلالها عن قدرته في التحكم في جسده ككل ، كما يمنحه الإستمتاع الرمزي القضيبي من خلال سيادة الأنشطة القضيبية . (5) وإن الإشباع المباشر أو المنقول displaced من النشاط اللعبى ذاته إنما يفسح المجال أمام زيادة مشاعر اللذة الناتجة عن الإنجاز ، وهي لذة يصفها علماء النفس الأكاديميون بأنها لذة إنهاء المهام ولذة حل المسائل الرياضية وهي الشروط اللازمة للتحصيل الدراسى (كما تذهب شارلوت بوهلر Buhler1935). أما كيف ترتبط اللذة في التحصيل بالحياة الغرزية للطفل فإن الأمر لايزال موضوعاً مطروحاً للمناقشات النظرية على أوسع نطاق رغم أن العوامل النشطة تبدو غاية في الوضوح ونعنى بها عوامل مثل المحاكاة والتوحد في نطاق العلاقة الباكرة بالموضوع ، كما يبدو بوضوح أثر الأنا المثالية والتحول من ميكنزمات دفاعية إلى ميكأنزمات دفاعية إيجابية وكذلك عوامل المواسة وكذلك الدفعة الداخلية نحو التقدم والنمو . (6) إن القدرة على اللعب تتحول في هذه الرحلة إلى القدرة على العمل وذلك حينما يكتسب الطفل صفات إضافية مثل مايلي : الصفحة54 أ - التحكم وكف وتعديل الدفعات التي تستخدم المعطيات من أجل العنوأن أو التدمير ويتحول إلى إستخدام هذه المعطيات إستخداماً إيجابياً مشيداً (من أجل البناء والتعلم والتحول نحو المشاركة في حياة إجتماعية). ب - القدرة على القيام بالخطط المرسومة مسبقاً مع عدم الإهتمام باللذة المباشرة أو الإحباطات التي تعارضها والإهتمام باللذة التي ستأتي في نهاية الأمر. جـ - ينتقل الطفل من اللذة البدائية الغرزية إلى لذة معلاه ، هذا ، إلى جأنب حصوله على درجة عالية من الطاقة المحيدة neutralized وفي نفس الوقت يتحول من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع وهو تطور ضروري من أجل النجاح في العمل أثناء فترة الكمون والمراهقة وكذلك في الرشد . ويرتبط بهذا المسار عدة أنشطة لها أهميتها الخاصة فيما يتعلق بنمو الشخصية ومن بين هذه الأنشطة أحلام اليقظة والألعاب games والهوايات hobbies . ونتناول أولاً أحلام اليقظة : فحينما تبهت معنى اللعب والأنشطة المرتبطة بها، فإن الرغبات التي كأنت فيما مضى تتحول إلى أنشطة بمساعدة الموضوعات المادية (الملموسة) أعنى تشبع من خلال نشاط اللعب فإنها الآن تغزل في شكل تخييلات شعورية ولا شعورية وتستمر حتى المراهقة ومابعدها . الألعاب games : تستقى مصادر الألعاب من الأنشطة الجماعية التي تعتمد علي التصور والمرتبطة بالمرحلة الأوديبية ، وتلك التي يتطور عنها التعبير الرمزي الصريح للميول نحو الهجوم العدوأني والدفاع عن النفس والمنافسة الخ ، ولأن الألعاب يحكمها القواعد الجامدة التي يكون على المشارك فيها الإلتزام التام بها ، فإن الطفل لا يشارك فيها قبل أن يكون قد اكتسب قدرة على التكيف (المواسة) مع الواقع وكذلك القدرة على تحمل الإحباط أي ليس قبل المرحلة التالية من المسار نحو المشاركة الإجتماعية . الصفحة55 وقد تتطلب الألعاب أدوات مختلفة عن اللعب ، ولأن هذه الأدوار تحمل رمزاً قالياً (1) قضيبيا أعنى دلالة عدوأنية - ذكرية فإن الطفل يضفي عليها قيمة كبري. ومن المعروف أن الألعاب التي تعتمد على إستخدام الطفل لجسده أو مهاراته الجسدية ، فيها يستخدم الطفل جسده كأداة للمنافسة بينه وبين أقرأنه . وهكذا فإن التفوق في الألعاب والشعور باللذة المستقاة من هذا المجال ، إنما تعتمد على عديد من جوأنب شخصية الطفل ، فهي تعتمد على مواهبه وعلى صحة وسلامة جهازه الحركي ، كما تعتمد على الشحن الموجب للجسد ومهاراته ، وتعتمد بنفس القدر على تقبله لأقرأنه والحياة الجماعية وكذلك على الإستخدام الإيجابي للعدوأن المقيد في خدمة الطموح ، الهوايات : تقع الهوايات في منطقة وسيطة بين اللعب وبين العمل فيه تحمل بالتالي صفات من كل منهما ، وتشترك الهوايات مع اللعب فيما يلى : أ - يتناولها الطفل بإعتبارها مادة تستثير اللذة ، وهو حينما يقوم بها تمنحه فسحة من الوقت كي ينسى الضغوط والضروريات الخاصة بالعالم الخارجي؛ ب - يبحث الطفل عن أهداف منقولة ومعلاه وعلى الرغم من ذلك فهي أهداف ليست ببعيدة عن مجال الإشباعات الشبقية والعدوأنية . جـ - يبحث الطفل عن هذه الأهداف وذلك إلى جأنب مزيج من الطاقة غير المعدلة المضاف إليها طاقات الأحوال states مختلفة أو الدرجات مختلفة من الطاقة المحيدة . وتشترك الهوايات مع إتجاهات العمل في سمة هامة ألا وهي أنهما بمثابة خطة سبق التفكير فيها يأخذها الطفل على أنها تكيفية للواقع ، ويحققها الفرد خلال فترة طويلة وإذا دعت الضرورة فإنه يتخذها في مواجهة المصاعب والإحباطات الخارجية ، وتظهر الهوايات لأول مرة مع بدايات فترة الكمون في شكل (الجمع ، التحديد ، إهتمامات تخصصية) ولكنها تخضع لتعديلات عدة في محتواها مع الوقت ، ومع ذلك فهي تبقى على نفس شكلها الأول طول الحياة . الهوامش : (1)قالی : Phallus يشير في التحليل النفسي إلى الوظيفة الرمزية التي يشغلها القضيب في الذيالكتيك ( الجدل ) بين الشخص أو داخل الشخص . بينما مفهوم القضيب ينسحب على وصف العضو في الواقع (Laplanche et Porntalis). الصفحة56 إعتبارات نقدية : يمكننا أن نثير عديداً من أوجه النقد المسارات النمو ، وخاصة فيما يتعلق بصياغته في ذاتها وإختيار المسارات معاً ، ونحب أن نقول أنه على الرغم من أوجه النقد التي يمكن أن تثار إلا أنها مع ذلك لا تنال مطلقاً من قيمة المفهوم أو من أصالته في التراث التحليلي النفسي . ويبدو أن المسار الأول نمط العلاقات بالموضوع هو أكثر المسارات مثاراً للنقد ، وذلك لأن المطلة قد ضمنت في الترتيب التتابعي إنساقاً نظرية جد مختلفة شديدة التباين ووضعتها حول محور واحد . ويظهر هذا التباين جلياً في وضعها العمليات الإنفصال - التفرد والخاصة بنظرية مارجريت ماهلر في وضع سابق على العلاقات بالموضوع الجزئي Part-Object تلك التي وضعتها ميلأني كلاين، ويبدو أن الأمر هنا أمر يجمع بين منظورات أو تناولت نظرية شديدة التباين وضعتها أنا فرويد جنباً إلى جنب كي تفسر بها الأنشطة النفسية والعلاقات بين الشخصية interpersonel ، رغم أن هذه الأطر النظرية لا يمكن أن تتطابق معاً ، ونجدها بالمثل طوال وصفها التتابعي لخطوات هذا المسار ، تخلط بين العلاقات بين - الشخصية الواقعية والعلاقات المتخيله، كما تخلط بين التفرد الخاص بالآخر وبين أنماط التعلق سواء أكأنت أنماطاً واقعية أو متخيليه ؛ لهذا الآخر. ونحن نسلم بأن هذا الخلط قد يكون خلطاً مقصوداً من حيث أنه يتمشى تماماً مع وجهة نظر أنا فرويد إذ أنها ترى أن عملية استدخال العلاقة الخارجية ثم عملية استخراج exteriorisation العلاقة التخيلية ، بإعتبارهما عمليتأن متلازمتين وتحدثأن في نفس الوقت، إلا أن الخلط الثأني يصعب فهم مصدره ، لأن تنظيم تمثل الآخر في مقابل تمثل الذات لا يتطابق مع نمط المصالحة transaction تلك التي تحاول الدفعات أن تحققها سواء على نحو تخييلي أو من خلال التفاعل ، ومن المدهش أن نجد أن المسار الأول يعطينا محوراً للنمو يعتمد على النضج الليبدى على نحو مباشر ، وبرغمها فإن الدقة تلزمنا بالقول بأن تمثلاًت الآخر تعتمد على عمليات عقلية غاية في التعقيد مما يستحق الأمر معها أن نفرق أو نميز بينها وبين العلاقة الليبدية بالموضوع على نحو دقيق . أما فيما يتعلق بالمسارين التاليين أعنى ذلك الذي يتعلق بالتغذية والآخر الذي يتعلق بضبط الإخراج فإنهما يتضمنأن نفس الغموض بنفس القدر الذي بدا الصفحة57 بالنسبة للمسار الأول فالمسار الذي يصف نمو وتطور المسائل المرتبطة بالتغذية إنما يبين بوضوح تلك الصورة المعقدة التي تكون عليها العوامل المعوقة للمسار كما نجد للدفعات الغمية دوراً هاماً إلا أنه يبدو محدوداً للغاية ، وعلى العكس فإن المسار الذي يصف نمو وظائف الإخراج يظل معتمداً في وصف أنا فرويد على الدفعات الشرجية الجزئية على نحو مبالغ فيه . أما المسارات الثلاث الأخيرة فهي تخلو من وصف يعتمد على حتمية الدفعات الليبدية إلا أن وصف المراحل المتتابعة لهذه المسارات لا تخلو من عثرات تتعلق بالتفصيلات الجزئية ، فالعلاقة بين الطفل وأقرأنه لا تضع في إعتبارها المعطيات الإكلينيكية التي يسهل ملاحظتها ، إذ أن عديداً من الدراسات قد أوضحت أن العلاقات الإجتماعية الناضجة يكونها الطفل في سن يسبق ذلك السن الذي حددته أنا فرويد ، كما أوضحت الدراسات أن هناك عوامل محاكاة تتدخل في نمو العلاقات الإجتماعية بقدر ما تتدخل العلاقات المرأوية والتكاملية complementarite فيها . ومما لاشك فيه أن تولد العلاقات الإجتماعية في إطار من حالة ذاتوية أولية إنما هو أمر مخل للغاية ذلك أن عملية التنشئة الإجتماعية socialisation لا يمكن إعتبارها عملية ثأنوية بل هي بالأحرى عملية نمو وهي تتقدم في خط متواز مع تكوينات التفكير النرجسي . ويمكننا أيضاً أن نوجه نقداً مهماً لمفهوم مسارات النمو من حيث أنه يمنح المجال البيئي دوراً ثأنوياً جد ضئيل إذ أننا لسنا بحاجة للقول بأن الأم بخاصة والمحيط البيئي بعامة : عوامل تتدخل في عليات النضج ، فالأم هي "المجيبة" لرغبات طفلها فإذا كأنت أما جيدة فهي تحقق له إشباعاته على نحو جيد والعكس صحيح ، وهو أمر لا يبدو واضحاً لدى أنا فرويد إلا على نحو جزئي فيما يتعلق بالنظافة حيث لا تأتي مبادرات الأم بثمارها إلا بالقدر الذي يكون عليه الطفل طيعاً مستجيباً . وبإختصار فإن الوصف الكلينكي الذي يبين هذه المحاور النشوئية الإرتقائية genetic للنمو النفسي تعطينا إنطباعاً بالخلط وهو مأنحسب أنا فرويد قد وقعت فيه، ورغم هذا النقد الذي تقوم به المسارات النمو ، فإن هذا المفهوم يفاجئنا بأصالتها وحداثته وعدم تطابقه مع الأطر النظرية التقليدية في التحليل النفسي تلك التي تتعرض للنمو. وعلينا أن تؤكد بالمثل على أن الوصف الذي أعطته أنا فرويد إنما اعتمد في المقام الأول على وصف عيأن Concrete لأنشطة الطفل ، فالحكم الصفحة58 على كيفية النمو الإرتقائي لم يعتمد في مفهومها على إعتبارات مجردة ، كما لم يقتصر على تلخيص وظيفة سيكلوجية واحدة أعنى النضج الليبدى ونضج منظمه الأنا ، فقد اعتمدت المحللة في وصفها على ملاحظات مباشرة للطفل أثناء قيامه بأدواره في الحياة الواقعية أو في علاقاته مع البيئة فكأنت تصف وتلاحظ الطريقة التي يقضى بها الطفل أوقاته وكيفية تناوله طعامه والطريقة التي يشيد بها علاقاته الإجتماعية وما إليها . ومثل هذا الإتجاه (المنظور) يحث على تكوين (علم دلالات الأمراض) -Simi ologie على نحو ثرى وطبيعي ، كما يحث على الإهتمام بتفصيلات السلوك على نحو أدق وخاصة تلك التي تتعلق بالحياة الواقعية . ومن ناحية أخرى فإن مناقشة المحللة النفسية الثرية لفكرة تناغم مسارات النمو ، إنما يشير إلى نظرة فاحصة وعارفة بأصول النمو النفسي للطفل ، فهي ترى أن المسارات لا تتقدم بنفس السرعة بل تتعرض بعضها لتوقفات عارضة وأحيأناً لتثبيتات دائمة ، كما أنه مع التقدم في السن قد يقطع المسار المتخلف عن غيره الشوط نحو النهاية مما يحقق النمو على نحو سوى ، وهكذا فهي ترى (أن الإختلاف هنا هو القأنون الذي يحكم التقدم على هذه المسارات) . وإذا أردنا مثلاًً على اللاتناغم العادي بين المسارات لكأن أوضح مثل على ذلك إنما هو هذا الإختلاف بين النمو النفسي الحركي والنمو المعرفي ففي الحالات العادية يمكن السماح بقدر طبيعي من اللاتناغم بين هذين المسارين الأمر الذي يمنح لكل منهما أسلوبه الخاص . كما أن هذا اللاتناغم - إذا ماظل في نطاق محدد - فإنه يسم التوازن الخاص بالنمو النفسي ، والتوازن هنا ليس شيئاً ثابتاً بل هو أمر دينامي بالضرورة يقوم أساساً على التقدم غير المتوازن (التباين) ولسنا في حاجة للقول بأن هذا التباين بين كل طفل وآخر على التقدم أو التأخر على أحد مسارات النمو هو الذي يمنح كل طفل شخصيته الفريدة التي تميزه عن غيره من الأطفال . ومن ثم ينبغي على الآباء والمربين وعلماء النفس الإكلينكيين ، فهم الأمور التي تجرى عليها أحوال النمو النفسي في الطفولة ، وعليهم بالتالي إحترام وجود قدر من اللاتناغم النسبي بين الجوأنب المختلفة من شخصية الطفل ، وإن تفهمهم لهذا القأنون وتسامحهم وكذلك قدرتهم على الاستجابة المناسبة للتباين وعدم التناسق في جوأنب النمو إنما هو السبيل الذي يوطد الإحساس العافية لدى الطفل هذا إلى الصفحة59 جأنب إحساسه باستقلاليته . ومن جأنب آخر نجد أن أنا فرويد قد عرضت المفهوم النكوص في نسقها عرضاً ثرياً يحمل طابعاً مجرداً للغاية فبدلاً من أن نرى النكوص الغرزي أو نكوص المنظمة الأنا نجد نكوصاً جزئياً على هذا المسار أو ذاك ، أما هذا النكوص الذي يؤدي في نظر المحللة إلى نتائج وخيمة فهو ذلك النكوص العام والمتكتل والذي قد يكون أحيأناً نكوصاً جزئياً وإن كأن في حالة شديدة من اللاتناغم . وعلى العكس من ذلك فإن النكوص الجزئي المحدود في الكم أو النكوص العابر الوقتي تعدهما أنا فرويد داخل حيز السواء . وبذلك يكون علينا أن نتعرف على هذه الأنواع من النكوص وأن نقبلها على أنها جزء لا يتجزأ من النمو السوى . كما أن هذا المفهوم الذي استحدثته أنا فرويد قد استبدل بالمفاهيم الخاصة بتكوين الأعراض والتي تتركز حول الأعراض ، مفهوم أكثر دينامية ولا نتبين ظهور الأعراض في نسق أنا فرويد إلا في الحالات التي يكون فيها التثبيت نهائياً أو حينما يكون اللاتناغم شديداً وبالنسبة للظواهر اللاسوية الأخرى مثل السرقة والكذب فإنها تحمل في نسق أنا فرويد معنى يختلف باختلاف السياق الخاص بالنمو وتعد بمثابة علامات نكوصية أو غير نكوصية على مسار من مسارات النمو وترى أن علينا أولاً قبل أن نضفي على هذه المسالك صفة أو معنى باثولوجيا (أي مرضياً) أن نتأكد من دينامية التقدم على هذا المسار . وهكذا فإن أحد المميزات الأساسية في مفهوم مسارات النمو يكمن في أنه يقلب تماماً طريقتنا في تحديد محكات السواء والمرضى ، فهو يحررها من المفاهيم التي ظلت ثابتة في تراث التحليل النفسي والتي تنتمى إلى تحديد مسببات الأمراض الطبنفسية والتي كأنت ترتكز بشكل مبالغ فيه على وجهات نظر تحليلية نفسية بنائية مبالغ فيها ولا يغيب علينا في هذا الصدد أن نشير إلى أن مفهوم أنافرويد قد دعأنا إلى إعادة النظر في وجهة النظر النشوئية لقد قدمت لنا أنا فرويد دراسة دقيقة وذات تطور لتتابع السلوك العيأني للطفل كما تظهر في مجال علاقة الطفل بالبيئة بدلاً من ذلك الوصف النشوئي المجرد للوظائف وهذا المنظور يجدر الشكل الذي يمكننا من أن نفصل الصلات بين التطور النشوئى للكائن الفرد ontogenesis والصراعات النفسية الداخلية intra- psychic ، كما أن هذا الصراع لا يظهر - فحسب - بوصفة أثراً الصفحة60 ضرورياً لتعارض الدفعات والتعارض بين المنظمات النفسية intrasystemique وإنما هو أثر طبيعي للعلاقات غير المتناغمة التي تؤثر في النمو . إنه في نهاية المطاف ذلك الذي الثمن يدفعه الطفل لعدم التناغم في مسارات النمو ، ويؤسس في الوقت نفسه ثراء شخصيته وتفرده . Bibliography (1) Freud, A.: Normality and Pathology in Childhood: Assessments of Development. الصفحة61 الفصل الثالث الأذهنة والأعصبة الطفلية في كتابات وينكوت يعد وينكوت Winnicott وبحق أحد المحللين النفسيين الذين أثروا ميدأن التحليل النفسي للأطفال. فقد تميز وينكوت بفطنة نفإذة جعلته يلتمس ويعالج مسائل في غاية الدقة في ميدأن الطفولة ، لم يفطن إليها أحد من قبله ومن ثم اتسمت أعماله بأصالة لم تتسن لكثيرين ممن عملوا في ميدأن التحليل النفسي . وقد اعتمد وينكوت في صياغاته النظرية على خبرة أكلينيكية طويلة مع الأطفال فقد كأن يعمل في الأصل طبيباً للأطفال ثم تحول إلى التحليل النفسي وأصبح أحد أعمدته في بريطأنيا ، حتى إن يذهب مسعود يذهب خأن إلى إعتباره واحداً من أربعة من المحللين كأن لهم أعظم الأثر في تراث التحليل النفسي التقليدي (3ص71. 1958) ولم تقتصر إسهامات وينكوت - في رأينا - على الجأنب النظري فحسب وإنما نرى أنه أثرى أسلوب فنيات العلاج بالتحليل النفسي إلى حد بعيد . وقد غلب على أعمال وينكوت الطابع غير الرسمى إذ أنه قدمها في شكل أحاديث وقد تميزت أعمال وينكوت بالتشعب والعمق كما تحمل في كثير من الأحيأن معنى خفي غير ظاهر وبالمثل تميزت مفاهيمه بالسهل الممتنع ، إذ تبدو سهلة واضحة ويشعر المرء وكأنه قد أمسك بها ألا إنها تفلت منه بعد لحظات . ويقدم في كل عمل (ثيما) أساسية في شكل مفارقة * وتأتي الخلاصة بمزيد من الأسئلة لا الأجوبة أو الحلول الجاهزة الكاملة مما دفع تلميذه المخلص مسعود خأن إلى وصف طابع أعماله بأنها دهليزية ومكثفة إلى حد بعيد . وقد أعلن وينكوت في وضوح أنه ينتمى إلى التيار الكلاسيكي في التحليل النفسي إلا أننا نرى مع بعض المحللين النفسيين الآخرين أن فهمه لفرويد وبالمثل كلاين أنما يتسم بأنه فهم خاص (ذاتي) . إلا أنه ما يهمنا في هذا الصدد ليس القيام بعرض شامل لأعماله وإنما القيام بعرض لأهم إسهاماته في ميدأن السيكوباثولوجي مما قد يجرنا في أحيأن كثيرة إلى الجوأنب النظرية . الهوامش : مفارقة : Paradox (تناقض) الصفحة63 ومن ثم فإن أهم ما قدمه وينكوت في هذا الصدد هو تصنيف جديد خاص بالأمراض ، ظل متمسكاً به طوال حياته ، إلا أنه استثنى من هذا التصنيف ما يمكن أن نطلق عليه العصاب الفعلى (1) ، ص(129) . وقد صنف الاضطرابات العقلية في ثلاث فئات هي كالتالي : أولاً - أمراض في المخ تؤدى إلى اضطرابات عقلية بشكل ثأنوى . ثأنياً - أمراض جسمية تؤثر على الحالة العقلية . ثالثاً - الاضطرابات العقلية بمعناها الحق : التي ليست لها أسباباً عضوية في المخ أو الجسم ويقسمها بدورها إلى ثلاثة أقسام . (1) العصاب النفسي . (2) الذهأن . (3) السيكوباتية : ويعرفها (2ص 134) على أنها حالة راشدة لحدث غير قابلة للشفاء، ويرى أن الحدث سواءاً كأن فتى أم فتاة هو كائن لاجتماعي غير قابل للعلاج ويرى أنه طفل محروم يحمل في داخله ما يعنى أن البيئة مدينة لي بشيء» ويعرف العصاب النفسي على أنه هذا الذي إنشغل به فرويد وعالجه بالتحليل النفسي التقليدي وها هو يقول بصدده لابد أن يكون الطفل قد نضج ووصل إلى أوائل خطوات المشي حتى تستطيع أن نطلق على المرض عصاباً نفسياً . (2، ص 249) . كما يقول في موضع آخر : «أن هدفي هو السير في نفس المسار التقليدي للنظرية العامة عند فرويد فيما يتعلق بالبحث عن عقدة أوديب بوصفها السبب الجوهرى في تكوين الأعراض ، ومن ثم البحث عن العلاقات بين - الشخصية تلك التي تحدث فيما بين ثلاثة أشخاص ينتمون إلى الطفل مع فترة بداية المشي (2، ص 230) . وفي موضع آخر وأن العلاقة المثلثة تصبح عاملاً جديداً في حياة الطفل بكل ما تحمله من ثراء وتعقيد في الفترة التي يتم فيها عامه الأول بالتقريب ، إلا أنها الهوامش : الصفحة64 لا تتخذ قيمتها الفعلية إلا في السن التي يكتسب فيها الطفل القدرة على المشي وكذلك في الفترة التي يسود الطابع التناسلي النزعات الغرزية البدائية وبالمثل على التخييل . وإذا ما كأن وينكوت يعتبر أن الحصر الأساسي في العصاب هو حصر الإنفصال وكذلك حصر التقطيع وحصر الخصاء ، فإنه يعتبر أن الحصر الأساسي في الذهأن هو حصر الإغناء ، والميكأنزم الأساسي في العصاب النفسي هو الكبت بينما في الذهأن هو الإنشطار . من الواضح تماماً لنا أننا هنا بإزاء كاتب تقليدي إلى حد بعيد ، كاتب تتسق أفكاره مع الفكر الكلاسيكي التقليدي في التحليل النفسي ، إلا أن الأمر يتبدل تماماً حينما يتناول مسألة تصنيف الأمراض فإنه يصبح مجدداً حيث يضع ثلاثة مفاهيم جديدة تماماً على تراث التحليل النفسي يقيس ويصنف بناء عليها الأمراض . المفهوم الأول : مفهوم الذات الزائفة : صاغ وينكوت هذا المفهوم بصدد تقديمه لنظريته في التواصل ويرى في هذا الصدد أن تغيراً يحدث في طبيعية وغرض التواصل على أثر تحول الموضوع من مدرك ذاتي إلى مدرك موضوعى بالقياس إلى الطفل الأمر الذي يحدث بناء على تحول الطفل من التفكير الذي يتسم بالقدرة المطلقة السحرية . إلى الخبرة المعاشة living exprience وحينما يدرك الطفل الموضوعي على نحو ذاتي لا يجد ضرورة للتواصل معه على نحو صريح بينما إدراكه على نحو موضوعى يدفعه إلى التواصل معه إما على نحو صريح أو صامت ومن ثم يطور الطفل نوعين من العلاقات في آن واحد يتمثلأن في علاقته مع الأم - البيئة : أى الأم في قيامها بدور الحماية واستبعاد كل ماهو غير متوقع بالقياس لطفلها والتي توفر الرعاية المباشرة لطفلها عامة والعلاقة بالأم - الموضوع وهو الوجه الآخر للأم من حيث هي المالكة للموضوع الجزئي الذي يشبع للطفل حاجاته الماسة وتتلقى الأم - البيئة الحب والمشاركة في الوجود على المستوى الحسى بينما تصبح الأم - الموضوع هدف التوتر الغرزي وقد أخذ وينكوت فكرة البيئة الميسرة كفكرة مسلماً بها ذلك أن البيئة تتكيف بشكل طيب مع الحاجات (الطفلية) الناجمة عن تقدم عمليات النضج وأن إخفاق البيئة الميسرة في أداء دورها الميسر من شأنه أن يؤدى إلى إنشطار في العلاقة بالموضوع . ولهذا الغرض تتطور الذات الزائفة التي يحاول بواسطتها التواصل والإرتباط والإنتماء الصفحة65 إلى الموضوع ، أما الشطر الآخر فيحاول من خلاله الطفل الإنتماء والإرتباط بالموضوع المدرك ذاتياً ويمكن أن يكون لها وظيفة دفاعية وهي حماية الذات الحقيقية . المفهوم الثأني : هو العلاقة بين السيكوباتية والحرمأن وفي هذا الصدد يفرق وينكوت بين الحرمأن الذي يحدث للطفل على نحو ثأنوي أي الحرمأن من الأم بعد أن يكون الطفل قد كون علاقة جيدة بها وبين الفقدأن التام الأصلى للرعاية . المفهوم الثالث : هو فهم جذور الذهأن على أساس أنها نابعة من مرحلة من الوجود الإنسأني غير الناضج تماماً والمعتمد إعتماداً كلياً على البيئة الخارجية . وفي هذا السبيل نجد وينكوت يصحح فهماً خاطئاً تورطت فيه المحللة زتزل Zetzel حينما حاولت تلخيص آراءه فرأت أنه يرى منبع الذهأن في الخبرات الصادمة وخاصة خبرات الحرمأن deprivation في الطفولة الباكرة ونراه يرد عليها مصححاً : أن الأمر لا يعتمد على خبرات صادمة تتسم بالحرمأن أي ما يشير إلى فقدأن ثأنوى وإنما الأمر يعتمد بالأحرى على عوز أو أخفاق تام في الرعاية للوليد إذن فالاخفاق هنا فورى في رعاية الطفل . أين تكمن أصالة وينكوت إذن ؟ حقا إنها لا تكمن في عدم نفيه لدور الوراثة ولا لدور الإستعدادات الوراثية والعوامل المحايثة كما يفعل غيره من المحللين . وإنما تكمن أصالته على وجه التحديد في إهتمامه وتأكيده على دور الرعاية الأموية والبيئة الميسرة أعنى البيئة التي تيسر للوليد أنبثاقاً لمعطياته المحايثة (النضج) . ويتفق وينكوت في هذا الصدد مرة أخرى مع فرويد ، وذلك في إتخإذه للموقف التقليدى من (دور الرعاية الأموية والبيئة الميسرة) ويشير وينكوت إلى مقال فرويد صياغات حول مبدئي التوظيف العقلي الذي يقرر فيه أن التنظيم الوحيد الذي يعمل تحت أمره مبدأ اللذة دون غيره هو الرضيع» . ولا نجد لدى وينكوت أى إشارات أخرى لفرويد ورغمها فإنه يشاركه مفاهيمه التي عبر عنها في مقاله الدفعات ومستقبل الدفعات عام 1915، وبالمثل ما تضمنته مقال فرويد عن النفي وذلك فيما يتعلق بالحدود الفاصلة بين الأنا واللأنا وكيف أن تشييد الحدود الفاصلة بين ما هو في الداخل وما هو في الخارج أمر الصفحة66 يتم خلال السنة الأولى من العمر على نحو تدريجي . ويرى وينكوت أن الإمساك بناصية الوعى بهذه الفروق يبدو في سلوك يظهر عند حوالى ستة أشهر من العمر ، أن الطفل في سن خمسة أشهر يضع بلعبه في فمه ولا يخطو خطوة أبعد من ذلك قبل سن ستة أشهر حينما يلقى بلعبته عن عمد كجزء من لعبه بها ، ثم يمضى قائلاً يمكننا أن نقول أن الطفل في هذه المرحلة يصبح قادراً في لعبته على أن يظهر القدرة على فهم أن له داخل وأن الأشياء تأتيه من الخارج ، كما يظهر علمه بأنه يثرى بما يستدمجه جسدياً ونفسياً بالإضافة إلى علمه بأنه قادر على التخلص من شيء كأن قد حصل منه على كل ما كأن يرغب فيه، الأمر الذي يشير إلى حصوله على خطوة على سلم الإرتقاء . ويضفي وينكوت على سطح الجلد أهمية خاصة في تشييد الحدود الفاصلة بين الداخل والخارج وبالمثل في تشييد الحدود بين الأنا واللأنا (وهي حدود جد هشة في الذهأن) . إلا أن الوليد لا ينبغي أن يستشعر داخله فحسب وإنما عليه أيضاً أن يشعر بتلقائيته وبشخصيته الخلاقة ، وترأنا هنا أمام تعبيرات خاصة بوينكوت فالطفل معتمد dependent بتعبير وينكوت - معتمد على نحو تام دون أن يعلم من أمره شيئاً ، الأمر الذي يجعل إعتماديته مزدوجة - وأنه حينما يعى أو يتعرف على إعتماديته هذه فإنها تصبح إعتمادية بسيطة - فهو يعتمد تماماً على رعاية أمه فيزيقياً ونفسياً (الجوأنب النمائية وجوأنب النضج )وحقيقة أن الطفل يكون معتمداً هذا الإعتماد لا يعنى أنه طفل سلبى فالرعاية الأموية لا ينبغي النظر إليها على أنها بمثابة الختم الدامغ لشخصية الطفل بل أن الطفل يؤثر على نحو مماثل في أمه . ويصف وينكوت الرعاية الأموية الخاصة بالأم الجيدة بما فيه الكفاية أو الأم المعطاءة العادية ، تلك التي تنغمس تماماً في مهامها كام بقوله إن الأم هي أفضل الأشخاص استعداداً وقدرة على الإهتمام (الإنشغال) الأولى بأمور طفلها الأمر الذي يدوم عدة أشهر وتمتد منذ بداية فترة الحمل ثم لحظات إنتظار الولادة ويظل هذا حالها لأشهر طويلة بعد الولادة ، فالأم تبعاً لوينكوت تنشغل (تنهمك) تماماً في رعاية وليدها وتكيف نفسها لمطالبة على نحو بالغ الحساسية . فنجدها متفهمة تماماً لكل من إحتياجاته الجسدية والنفسية وتستطيع أن تضع نفسها مكأن وليدها وأن تستشعر تماماً كل إحتياجاته ومن ثم تشبعها وبالمثل تستطيع أن تشبع إحتياجاته الجسدية أولاً ثم تشبع إحتياجات الأنا ثأنياً الذي يكون في طريقه إلى الإنبثاق وهنالك تتولد حاجة إلى الصفحة67 التواصل للأنا ego relatedness فيما بين الوليد وأمه (أى أن الأم تعمل بوصفها أنا الطفل) ثم تتخلى عنها الأم بالتدريج ومن ثم تنشأ لدى الطفل فكرة وجود الأم كشخص ، وأن المفارقة في هذه العلاقة بين الأم وطفلها تكمن في أن البيئة أى الأم تجعل من الذات التي لما تزل في حالة تخلقها أمراً ممكناً . استمرارية الأم في القيام بدورها وثباته ، إنما يفضي إلى استمرارية وجود الطفل بوصف كائناً إنسأنياً منفرداً الأمر الذي يؤدى إلى تشييد الذات . (3 ص 243 1939 ) ولكن ما هي طبيعة هذه الرعاية (العناية) الأمومية ؟ خاصة وأن الأم لا تخلق حاجات طفلها ، ولكنها تمنحه الإشباع في اللحظة المناسبة ، فالثدي الذي تمنحه الأم لرضيعها في ذات اللحظة التي يستشعر فيها الجوع والتوتر سيخلق بالتالي نوعاً من الإيهام بأنه يخلق الثدى أى يخلق هذا الموضوع الذي حصل عليه في الحقيقة وهذه الخبرة هي خبرة جوهرية بالنسبة للذات حتى تتحول (تصبح) ذاتا حقيقة ، True Self لا ذاتا زائفة(1) ويعتبر وينكوت الإيهام بمثابة المساحة المخصصة للموضوع المعبري وللظاهرات المعبرية وهنا نجد أنفسنا أمام واحدة من أهم أعماله في مجال التحليل النفسي للأطفال، والتي كرسها لظاهرة شائعة في الطفولة لم تدرس من قبل ولم يقطن إلى معناها ومن ثم فقد كأن له السبق في فهم معناها ودراستها على نحو متعمق ، هذه الظاهرة هي ما أطلق عليه العلامة وينكوت إسم الموضوعات المعبرية أو الظاهرات المعبرية ويشير بها إلى الإمتلاك الأول للطفل لما هو ليس إياى ، فالدمية أو قطعة الدثار التي تحمل ملمساً خاصاً والتي لا يستطيع الطفل أن يفترق عنها أثناء النوم أو غناء الطفل الأغأني بعينها قبل لحظات من النوم يمكن إعتبارها موضوعات وظاهرات معبرية - بمعنى أنها تمثل - بالنسبة للمحلل - مساحة وسيطة فيما بين الشبقية الذاتية (وضع الاصبع في الفم )والعلاقات بالموضوع ، كما يعتبرها مساحة تتوسط النشاط الإبداعى الأول والإسقاط وبالمثل يعتبرها مساحة الهوامش : (1)الذات الزائفة : كل منا ينبغي عليه أن يخضع لمطالب والديه وبالمثل مطالب البيئة فهناك داخل كل منا ذاتا زائفة ، إلا أننا لما نزل في حالة من الحياتية ونمتلك إحساساً بالإمتلاء ، لأننا نعبر عن حاجاتنا ونحققها في الآن نفسه ، فنحن هدفاً لدفعاتنا الغرزية ، وأفضل مثل يمكن أن يفسر الذات الزائفة جاء في لكل حقيقته لبرأنديللو علي لسأن مدام بونزا حينما تتساءل عما هي بالنسبة لذاته فتقول ، إنني ما أعتقد أنني اياه وأننا نفترض أن الإحساس بالفراغ والعدم إنما يرتبطأن بالذات الزائفة . الصفحة68 لا يتدخل فيها ما هو بالداخل ولا ما هو بالخارج ولا تخضع للوقاع الخارجي لا ولا للواقع الذاتي ولذلك فهي تعد الوعاء الذي يضم الثقافة والفن والدين . وبهذا المعنى فإن مناغاة الوليد أو غناء الطفل الأكبر سنا قبل النوم يمكن إعتبارها ظاهرات معبرية هذا ، إلى جأنب أن الموضوعات لا يمكن إعتبارها جزءاً من جسد الطفل وأن لم يتعرف هو عليها بعد بإعتبارها تنتمى إلى العالم الخارجي كما أن الظاهرات المعبرية تبدأ في سن باكرة - أربعة أشهر أو أثنى عشر شهراً - مع الوضع في الإعتبار للفروق الفردية فيما بين طفل وآخر - ويستمر تعلق الطفل بالموضوع أو الظاهرة المعبرية حتى مراحل الطفولة المتأخرة وخاصة في اللحظات التي يعأني فيها من الوحدة أو عند الذهاب إلى النوم . ويمكن إعتبار هذا التعلق نمطاً سوياً تماماً ، حيث يتخذ الطفل لنفسه حقوقاً يفرضها على موضوعه المعبري (وإن كأنت سمات القدرة المطلقة السحرية تضفي عليه منذ البداية) فتجد الطفل يضمه إلى صدره ثم يقذفه بعيداً عنه فهو بذلك يمنحه اللبيدو في أحيأن ويصبح محط كراهيته وعدوأنيته في أحيأن أخرى ، هذا ويمنح الموضوع الطفل الدفء أو يمنحه إحساساً حسياً أو حركياً مما يضفي عليه صفة الحيوية وصفة الحياة من وجهة نظر الطفل ، الموضوع شيء خارجي بالنسبة لمن حوله إلا أنه ليس كذلك بالنسبة له ورغم ذلك فإنه يمكننا إعتباره موضوعاً هلوسياً ، وأن - قدر الموضوع المعبري أن يفقد شحنته بالتدريج مع تقدم الطفل في السن وحينذاك يتخلى الطفل عن تعلقه به إلا أنه لا ينساه فالمشاعر المرتبطة به لا تكبت وإنما يفقد معناه فحسب لأنه ينتشر بحيث يشمل المساحة الوسيطة فيما بين العالم الخارجي والواقع النفسي الداخلي ، وهنا فإن الموضوع المعبرى ينتشر كي يشمل اللعب بأنواعه ويشمل الخلق الفني والتذوق الفني والإحساس الديني والحلم وظاهرة الإدمأن . أما العلاقة بين الموضوع المعبرى والرمزية فيفسرها وينكوت كالتالي رغم أن قطعة الدثار أو غيرها إنما ترمز بحق إلى الموضوع الجزئي (الثدي) . إلا أن ما هو أهم من رمزيتها إنما هو واقعيتها بالنسبة للطفل والطفل لا يستخدم الموضوع المعبري إلا إذا كأن الموضوع الداخلى حياً وحقيقياً وطيباً بما فيه الكفاية ، إلا أن الموضوع الداخلى يعتمد إلى حد كبير في وجوده وفي حيويته على طبيعة الموضوع الخارجي الواقعى أعنى الأم وإذا أخفقت الأم في القيام بوظائفها المنوطة بها فإن الموضوع الداخلى يموت أو يتحول إلى موضوع داخلي مضطهد ومع استمرارية الأخفاق للموضع في القيام بدوره الأصيل يتحول الموضوع الداخلي إلى موضوع عاطل عن المعنى ويترتب عليه أن يفقد الموضوع المعبرى معناه هو الآخر إلا أن الصفحة69 طبيعة الموضوع المعبرى أنه غير معتمد على التحكم السحرى مثل الموضوع الداخلي أو الثدى الداخلى وبالمثل فإنه لا يتبع (لا يسيطر عليه من الخارج أي - لا تسيطر عليه الأم وإنما هو يقع في مساحة وسيطة بين الإثنين ) ويحدد وينكوت ثلاثة عمليات (نفسية) تساعد عليه سمات خاصة بالرعاية الأمومة : أولها : التكامل integration تكامل الطفل يحدث بمساعدة السلوك الحاضن للأم ، والتكامل يعطى الطفل إحساساً بالاستمرارية أعنى أحساسيه بالذات مبنية على شعوره بالأمأن وعلى استمرارية الأم في وجودها إلى جواره ومؤازرته فمن الضروري على حد تعبير وينكوت وجود شخص فريد في البيئة يقوم بربط الأجزاء المتناثرة (من الطفل) ببعضها البعض . وثأنيهما : الإحساس بالتشخصن personnalisation ويحدث بمساعدة مباشرة الأم لطفلها ومجموع مسالك الرعاية الأموية التي تؤدى إلى نمو الأنا وسيرة قدما نحو تشييد إحساس الطفل بإنه شخص فالأنا يشيد على أساس الأنا - الجسد - ولكن الأمر يرجع في الحقيقة إلى إحساس شخص الطفل الرضيع بأنه قد بدأ في الإرتباط بجسده وبوظائف هذا الجسد وحيث يكون الجلد هو العضو السائد في هذا الصدد (1962 2ص59). وثالثهما : إقامة علاقات بالموضوع وتقوم بفضل الطريقة التي توفر بها الأم الأشياء في نفس اللحظة التي يشعر عندها الرضيع بالحاجة إليها وهكذا - فإنه يستشعر وكأنه يخلق الثدي فيعيش حالة من الإحساس بالقدرة المطلقة السحرية ولكنها قصيرة المدى وهي حالة تخلق لديه الإحساس بالثقة في أنه هو والعالم حقيقيأن . وفي مقالة نظرية العلاقة بين الطفل - والوالدين - يدلنا وينكوت على أن السلوك الحاضن إنما يسمح للتكامل فيما يلى من مظاهر : وأن السلوك الحاضن يقوم : الصفحة70 ... يتضمن اعتقاده بأن رعاية الأم الروتينية له على أنها جزء منه وأنه لا يوجد طفلأن متطابقأن . ويكون على الأم أن تتبع وتتكيف مع التغير الذي يطرأ على طفلها نتيجة للنضج ونتيجة التغيرات الغير نفسية والنفسية . وفي عدة مواضع متفرقة نجد وينكوت يصر على أن اللا تكامل ليس أمراً معذباً للطفل وإنما بالأحرى غياب التكامل هو الذي يفجر الشعور بالحصر فالطفل تبعاً لوينكوت - يميل بطبيعته إلى التكامل ، وإذا ما قدر للبيئة أن تعوق القوى الدافعة للنضج تكون بإزاء حالة مدمرة من الحصر (لا يمكن حتى التفكير فيها ) وهذا الحصر يمكن للأم أن تمنعه بواسطة وضعها لنفسها في مكأنة التعرف على حاجاته الجسدية فالحب في هذه المرحلة لا يمكن أن يظهر إلا في شكل الاهتمام بجسد الطفل Body Care وهذا الحصر الذي لا يمكن التفكير فيه ليس له إلا تنوعات قليلة كل منها تعطينا مؤشراً على مظهر من مظاهر النضج السوى (أى أنها تصاحب خطوة من خطوات النضج الجسدي) . (1) التفتت (2) الوقوع إلى الأبد (2) غياب العلاقة مع الجسد (4) غياب القدرة على التوجه ومن الممكن أن نفطن إلى أن هذه الأمور إنما تنتمي إلى أنواع الحصر الذهأني وإنها تنتمي من وجهة نظر كلينيكية إلى الفصام أو بزوغ عنصر شبيه بالفصام يتخفي وراء شخصية غير ذهأنية . وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدفاع بواسطة الذات الزائفة إنما يخلق إحساساً بالفراغ وباللاجدوى الأمر الذي يستثير بدوره الأحساس بالواقع في عالم واقعي وهنا نلحظ أن وينكوت لا يجد عائقاً في إستخدام كلمة الواقع بالمعنى المعتاد الدارج للكلمة . أما مسألة تشييد الواقع يحمل في كتابات وينكوت معنى إكتساب القدرة على الربط بين تمثلاًت الموضوع وبين الإدراك لكلية شخص الأم وبالمثل القدرة على الاهتمام Concern الأمر الذي يماثل الوضع الإكتئابي عند ميلأني كلاين . الصفحة71 والاهتمام هو الوجه الموجب للشعور بالذنب . ومن الواضح أن عمل الثنائية الوجدأنية إنما يسمح بالإستبقاء على الصورة الجيدة للموضوع وفي نفس الوقت يسمح بالاستبقاء على فكرة تدميرها . ويؤكد وينكوت على أن الإهتمام ورأب الصدع يفضيأن إلى إمكأنية الإمساك بالوعى (2ص 81). ويفرق وينكوت بين الأم - الموضوع - والأم البيئة : فالأم بوصفها موضوع هي مالكة للموضوع الجزئي وتشبع الحاجات الضرورية للطفل ومن ثم تصبح هدفاً للإستثارة المعاشة أما الأم بوصفها البيئة هي الأم بوصفها شخص تكون العلاقة معها أكثر هدوءاً حيث تستبعد( تبعد عن الطفل ) كل ما هو غير متوقع . ويتخطى الوليد الحصر المرتبط بالثنائية الوجدأنية بواسطة رأب الصدع هذا الذي توفره له علاقته بالأم البيئة بعد أن يكون قد شن هجومه على الأم - الموضوع - فالقدرة على الإهتمام إنما ترتبط بمواجهة فيما بين الأم - الموضوع والأم - البيئة . وهكذا فإن القدرة على الإهتمام إنما تنتمى إلى العلاقة ذات شقين وتسبق مرحلة أوديب التي يغلب عليها العلاقة الثلاثية حيث يمتد الإهتمام بالطفل إلى شخص ثالث في محيطه . ويرى وينكوت الإكتئاب على أنه سمة مشتركة في شتى أشكاله إذ يقول أن الأمر الأساسي في الاكتئاب هو أنه يشير إلى أن الفرد قبل مسئولية العناصر العدوأنية والتدميرية الموجودة في الطبيعة الإنسأنية وهذا يعنى أن المكتئب قادر على الإبقاء على بعض مشاعر الذنب إلا إنها ترتبط بأمور لاشعورية في أغلب الأحوال مما يسمح بالبحث عن فرصة للقيام بنشاط بناء (2ص79). ويتبين لنا أن وينكوت يضفي أهمية عظمى للمشاعر العدوأنية والتدميرية وبالمثل للثنائية الوجدأنية . إذ يرى أن العدوأنية هي البرهأن على الحياة (2ص124). ويضيف وينكوت تعبير على الحركة (حركة الطفل) وخاصة المشي بعداً بعينه فنراه يقول : أن الحركة هي المؤذن للعدوأنية ، وهو مصطلح يثرى معناه مع تقدم الطفل في السن .. ويرفض وينكوت تعبير : غريزة الموت ، قائلاً : أنه تعبير غير مقبول لوصف الصفحة72 جذور الميول التدميرية . فالموت لا يكتسب معناه إلا مع ظهور الشعور بالكراهية وبالمثل ظهور مفهوم الفرد الإنسأن ككل (2، ص 47،1960) وهكذا فإن العدوأنية تؤدى إلى الشعور بالعلاقة بالموضوعات وكأنها حقيقة بقدر ما تجعل الموضوعات خارجة عن الذات (ibid ص137) ويشير إلى أن الأم تساهم في غرس الدفاعات في طفلها لأنها تكرهه وترغب في موته ، ذلك أن الأم تكره طفلها الصغير قبل أن يستطيع هو أن يكرهها أو حتى قبل قدرته على معرفة أن أمه تكرهه الكراهية في مضاد الطرح (3 1947،2019). وهي تكرهه حتى ولو كأن طفلها ذكراً - للأسباب الآتية : ويرجع وينكوت السبب الأساسي لأصابة الطفل بالذهأن إلى عدم الكفاية في الرعاية الأمومية - إلا أن الكراهية بالضرورة لا تؤدى إلى ما يعنيه وينكوت بالرعاية غير الكافية وخاصة إذا لم تكن الكراهية شديدة ومستمرة أولا - شعورية ، غير أن الأم الذهأنية يمكنها أن تتعين ذاتياً بطفلها بحيث تختلط به تماماً، وتتوقف عن تقديم رعايتها له بالشكل الملائم في اللحظة التي ينبغي عندها فض لايهام بأنهما هي وطفلها ) شيئاً واحداً أعنى تلك اللحظة التي يتحتم عندها منح الطفل الإنفصال عنها وبالمثل منحه القدرة على إدراك الثدى بوصفه شيئاً خارجياً (أثر الآباء الذهأنيون على النمو الوجدأني للطفل الأسرة وتطور الفرد (ص69) الصفحة73 وينبغي أن نؤكد على أن الذهأن لا ينتقل إلى الطفل بشكل مباشر مثل لون الشعر البني أو الهيموفيليا (1) ، فالأم لا تنقله إلى طفلها خلال الرضاعة (ص ibid 72) ينبغي أن تتذكر أن مرض الطفل إنما ينتمي إليه ذلك بالرغم من أهمية الأخذ في الإعتبار أخفاقات البيئة في تحديد أسباب المرض).ص 74 ibid ( فالذهأن هو الطريقة التي ينظم بها الطفل ما يحمله من مخزون موروث في حالة محاثية كي يدافع به ضد عوامل عدم كفاية (Privation) أعنى ضد عدم ملائمة البيئة . ومن المهم أن نؤكد على الطبيعة الرديئة لتدخلات الأم (Impingements) فهي تخترق بتدخلاتها أو تعدياتها الواجهة الهشة للأنا الذي يكون لما يزل في طور التكوين. إلا أن وينكوت لا يقول لنا شيئاً عن الفروق الواقعية لما يحدث أثناء السنة الأولى من الحياة للرضيع الذي يتحول إلى طفل ذهأني وبين رضيع آخر يتحول إلى الذهأن في مرحلة البلوغ ، وربما يكون الأمر - أن الذهأن كأن كامناً أثناء الطفولة وعلى أي أحال فإنه لم يؤخذ في كتاباته الفروق فيما بين الذهأن والسواء وبالمثل الفروق بين الذهأن والعصاب النفسي . فمن جأنب يقول : أن الذهأن أمر شائع ومعتاد في الطفولة ، ولا يلتفت إليه لأن أعراضه تتخفي في صور مصاعب عادية تنتمى إلى رعاية الطفل (الذهأن والرعاية الأموية). وفي موضع آخر يقول : أنه في حين أن الطفل الصغير يكون في كثير من الأحوال مجنوناً Mad إلا أنه رغم ذلك يكون في حالة صحية جيدة ، لأنه يكون تحت السيطرة الطبيعية لمن يعنى به ، أم الطفل الذي يكون مجنون في مرحلة الكمون فهو طفل مريض على نحو خطير ويحتاج إلى علاج (التحليل النفسي للطفل في فترة الكمون). والذهأن إذاً بالمعنى الذي يعنيه وينكوت ومعه المحللين النفسيين لا يتطابق مع هذا الذي يأخذ به الأطباء النفسيون . هذا الذي يتطابق (يتماثل) مع أشكال مرضية واضحة وصريحة ومبالغ فيها . ومن جأنب آخر فإنه يرى أنه أثناء الحياة ، وأثناء العمل العلاجي يتبدل المرض (فالهستيريا قد تخفي بنيأناً تحتياً فصامياً وقد تتحول شخصية شبيهة الهوامش : (1) هيموفيليا = مرض وراثي يتميز بقصور في تجلط الدم . الصفحة74 بالفصام إلى فرد سوى داخل مجموعة تكون أسرة مريضة ، كما أن الوسوس القهري قد يتحول في نهاية المطاف إلى حالة اكتئاب (2، ص132) ويمكننا أن نضيف هنا ما يتفق عليه المحللون النفسيون من أن هناك سلماً متدرجاً يبدأ من السواء ولا ينتهي بالعصاب النفسي وإنما ينتهي بالذهأن وأن هناك علاقة وثيقة ترتبط فيما بين الإكتئاب والسواء الأمر الذي أكدناه فيما سبق . وقد يكون الأمر صحيحاً أن القول بوجود علاقة أوثق فيما بين السواء والذهأن عن تلك التي ترتبط فيما بين السواء والعصاب النفسي وخاصة بالقياس إلى جوأنب محددة . على سبيل المثال يحمل الفنأن القدرة والشجاعة على أن يبقى على الصلة فيما بين العمليات البدائية تلك القدرة التي لا يتحملها العصابي وهي نفسها التي تفلت من بين يدى السوى . وأن المكأنة التي يضيفها وينكوت على الدور التي تلعبه البيئة في تكوين الذهأن إنما يدفعه إلى تأكيد (أمر) يثير الدهشة ، ذلك أن الأعصبة النفسية ترتبط بصراعات داخلية لاشفاء لها إلا بمساعدة المحلل النفسي أما الأذهنة - فعلى العكس تماماً - فهي قابلة الشفاء التلقائي في حالة إذا ما توافرت الظروف البيئية في لحظة ما وفي وقت لاحق بحيث تمنح الطفل ما كأن قد افتقده في فترة باكرة من حياته ، وهذا الشفاء التلقائي ، يحدث بناء على حركة تراجعية يغتنم الطفل عندها فرصة الحصول على ما تقدمه له البيئة من فرص ملائمة وهذا العلاج يمكن أن يحدث في المنزل بواسطة الأباء وتحت إشراف ومساعدة الطبيب النفسي . أما لدى الراشد - وفي الحالات البينية - أو في حالات الذهأن الكامل فإن التحليل النفسي التقليدي - هذا الذي يقدم التفسير الصحيح في اللحظة المناسبة فلا يكفي ، ويفضل السماح للمريض بالنكوص إلى المرحلة التي يسعد فيها ويستفيد مما يقدمه المحلل كتعويض لكل ما افتقده ولم يستطع أن يطالب به الطفل لأنه يجعل طبيعته فالبيئة كأنت غير ملائمة في تلك المرحلة الهامة مرحلة الإعتماد المزدوج عندما كأن الطفل معتمد إعتماداً كاملاً على الأم ، في وقت كأن يجهل فيه الأمر تماماً (أي لا يعلم عن إعتماديته شيئاً) . أما النكوص الذي يشير وينكوت إليه إنما هو النكوص إلى حالة من الإعتمادية نكوص يختلف عن النكوص بمعناه الطبوغرافي أو بمعناه الزمني الغرزي الذي وصفه فرويد . وقد ابتدع وينكوت بعض جوأنب في فنيات العلاج تخرج عن التقاليد الصارمة الصفحة75 العلاج بالتحليل النفسى حيث يسمح للمريض الحصول على إحتياجات فزيقية غير مشبعة ويذهب إلى الحد الذي يرى فيه إستعادة حالة الولادة (العقل وعلاقته بالنفس . (3) ) . وينظر إلى الميل إلى النكوص على أنه قدرة الفرد على الحصول على شفاء ذاتي وهو إشارة يبعثها المريض للمحلل عن الطريقة التي ينبغي عليه أن يسلك تجاهه بدلاً من التفسير ويرتبط بهذا الموضوع الحقيقة الإكلينيكية وهي الشفاء الذاتي الذي يحدث بناء على النكوص وهي حقيقة شائعة خارج نطاق العلاج بالتحليل النفسي (2، ص128) . يمكننا في هذا الصدد أن تربط بين هذا المفهوم لوينكوت بذلك المفهوم الخاص بتلهایم Bettleheim, Bruno فعلى سبيل المثال يعتقد هذا الأخير أنه من الضرورى توفير بيئة جيدة تماماً للطفل يترك على سجيته بحيث يفقد مكتسباته التي حصل عليها تحت وطأة ضغط الخوف في الخضوع للبيئة وذلك من أجل إستعادته لتلقائية نموه وإسترداده لثقته في العالم الخارجي . ويمكننا بالمثل الربط بين هذه المفاهيم والمفاهيم الخاصة بمحللين نفسيين معاصرين تقوم على فكرة الأطفال المرض ممن هم غير عصابيين ينبغى منحهم فرصة العيش مرة أخرى خبرات حياتية عادية لإعطائهم تفسيرات . أما بالنسبة للأطفال الجأنحين ممن سيكونون سيكوباتيين في المستقبل فإنهم يعبرون بأعراضهم عن أمالهم في البحث عما هو جيد في البيئة وهو ماقد تلقوه في البداية ثم حرموا منه فالسارق يبحث عن أمه وبالنسبة لمثله يكون التفسير الكلاسيكي والعلاج التقليدى غير كافيأن وإنما ينبغى والحال هذه توفير مناخ مناسب للحياة . لقد عرضنا لأهم أفكار وينكوت والتي نراها مفجرة لمزيد من التفكير ومثيرة لمزيد من البحث حتى نتحقق من صدقها وإذا كأن من الممكن لنا أن نؤكد على ما هو هام في هذا التبادل بين الرضيع ثم الطفل وبيئته فعلينا حينذاك أن نراجع بدايات الحياة الباكرة مما يفتح معه الباب لمزيد من البحث في هذا الميدأن . الصفحة76 الهوامش : قائمة المراجع الصفحة77
الفصل الرابع: الأذهنة ومراحل الإنفصال، التفرد عند ماهلر
لاشك أن دراسة التحليل النفسي تكاد تكون دوماً دراسة لتاريخ تطور حركته، فما من دارس متعمق إلا وكأن لزاماً عليه دراسة تاريخ هذه الحركة .
وبناء على ذلك وجدنا أنه من أجل دراسة أعمال ماهلر علينا أن نعرج على عرض الحركة الثقافية السائدة في أوساط التحليل النفسى في الوقت الذي نشأت فيه تنظيرات ماهلر التي أحدثت ردود فعل واسعة النطاق في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات . فقد كأنت النظرية السائدة في هذه الآونة هي نظرية علم النفس التحليلي النفسي للأنا (1) ، فقد أهتم رائد هذه الحركة (هارتمأن) وزملاؤه إهتماماً بالغاً بوظيفة الأنا من زاوية تطور الكائن الفرد ontogenesis تلك التي ظهرت بوضوح من خلال الدراسات الطولية التتبعية لنمو الطفل ، هذا بالإضافة إلى إهتمامهم بإستكمال ما كأن ينقص منهج إعادة البناء بتطبيق منهج الملاحظة المباشرة على الطفل وخاصة في المراحل التي تسبق إكتسابه اللغة .
ومن ثم يمكننا إعتبار ماهلر ، من بعد شيبتر - رائدة في مجال الدراسات التحليلية النفسية في مجال الطفولة ، وخاصة في كل ما يرتبط بالعلاقات بالموضوع وبالمثل في نمو الذات Self وبناء على ذلك فإننا نعتبر دراساتها على أنها مكملة الإفتراضات فرويد التي قدمها عن التطور للدفعات الغرزية القبتناسلية ، بل والأكثر من ذلك فقد امتد تأثير دراساتها ليشمل نظرية العلاقة الباكرة بين الأم والطفل ، بحيث يمكن إعتبار أعمالها مناظرة لأعمال كلا من كلاين ووينكوت .
هذا بالإضافة إلى أن أعمال ماهلر قد حافظت على روح البحث بمنهج الملاحظة في مجال النمو النفسي في المراحل الباكرة ، كما أضفت على الخبرات
الهوامش :
(1) يشير علم النفس التحليلي للأنا إلي الأعمال التي تدرس بطريقة منهجية منظمة الأنا ، دراسة جذورها الإستقلالية وإسهامها في الصراعات وفي عمليات المواسعة ، وهذه الأعمال بدأها هارتمأن ثم تلامذته ، واعتبرت هذه الأعمال منظمة الأنا علي أنها المنوطة بالتنظيم والتوليف داخل الجهاز النفسي ، وقد بنيت أعماله أساساً علي معطيات الموقف التحليلي النفسي من جأنب إلا أنها اعتمدت بشكل أكبر علي الملاحظة المباشرة للطفل من وجهة نظر تطورية ، وإن إستقلالية الأنا بالقياس إلى الصراعات وإلي مشتقات الدوافع تعد علامة لاغني عنها في مجال التشخيص للوظيفية النفسية وقد درس الوظائف المختلفة المنوطة بها منظمة الأنا : الدفاعات، التكيف الوظيفية ، التوليفية (التكاملية) اختيار الواقع وأخيراً الذات ، وأصبح التطور وظيفة الذات أهمية قصوي في أعمال ماهلر ،
الصفحة78
التي يصعب ملاحظتها أثناء العمل التحليل شكلاً متماسكاً .
وقد ساهمت ماهلر - وهي مجرية الأصل - بدرجة محدودة في طب الأطفال فيما بين عامى 1924، 1938ثم تحولت إلى الطب النفسي للأطفال وبعدها أكملت مسارها العلمي في الولايات المتحدة مع بدايات الحرب العالمية ، وقامت بسلسلة من الدراسات المتعمقة من اللازمات tics ، هذه الدراسات التي تعد جذوراً لإهتمامها الشديد بالمجال الحركي عند الطفل ، وقد تأثرت وهي في نيويورك بها رتمأن وكريس ولوفنشتين وجرينكير - رواد حركة التحليل النفسي للأنا - وقد ارتكزت هذه المدرسة على كتاب فرويد «الأنا والهوء» الذي عرض فيه للطبوغرافيا الثأنية (1) أعنى التطور البنائي في التحليل النفسى وبالمثل كتابه «الكفوف والأعراض والحصر» عام 1926الذي أضفي فيه على الأنا قدرة تنظيمية ووظائف متعددة ويمكن أن نعتبر المناقشة التي بدأها في تناوله للحصر ، نقطة البدء في دراسة مواقف الخطر التي ربط بينها وبين الشروط المسبقة الأساسية والتي تعنى إعتماد الطفل الصغير على أمه والتي أصبحت علاقة كثرت دراستها في إرتباطها ببزوغ الحصر وإنبثاق النسق الدفاعي .
وبناء على ماسبق اقترح هارتمأن تطوير دراسة الأنا بإستخدام منهج الملاحظة المباشرة هذا المنهج الذي استخدم من أجل التأكيد على ماكشف عنه منهج إعادة البناء أو العكس : رفض بعض ماكشف عنه وخاصة في مراحل ما قبل إكتساب الطفل اللغة .
ويبدو من المفيد في هذا الصدد تقديم عرض لبعض مفاهيم هارتمأن تلك التي اهتدت بها ماهلر في أعمالها وذلك دون الدخول في تفاصيل التحليل النفسي للأنا .
وفيما يلي أهم مفاهيم هارتمأن :
أولاً - التكيف
يصر هارتمأن على وجود رابطة قوية تجمع بين التحليل النفسي والبيولوجيا ويشير التكيف عنده إلى تلك العلاقة المتبادلة بين الطفل والعالم المحيط به ، فالأم تلعب دوراً محورياً في هذه البيئة ومن ثم توجب دراسة الطريقة التي يتكيف بها الطفل مع الواقع المحيط به وبالمثل الوسائل التي يستخدمها في التعامل معه .
الهوامش :
الصفحة79
ثأنياً - الوظائف الإستقلالية الأولية :
يرى هارتمأن أن للأنا جوهراً موروثاً أطلق عليه اسم الوظائف الإستقلالية الأولية وأن نضج هذه الأخيرة يمثل أساس العلاقات بالواقع ، ومن بين هذه العوامل الموروثة ما يؤجل التفريغ ، وهناك البعض الآخر الذي يتولد من جراء الصراع إلا أنه يكتسب فيما بعد إستقلالية عن هذه العوامل مما يعتبر إستقلالية ثأنوية .
ثالثاً - المجال الخالي من الصراع في الأنا :
يشير هارتمأن به إلى فكرته الأساسية بأن ليس كل النمو النفسي ينتج عن صراع مع الدفعات الغرزية أو مع موضوعات الحب أو مع الأنا الأعلى فهناك بالقياس إليه وظائف في الأنا تعمل منذ الميلاد، لا يمكننا إعتبارها ناتجة عن علاقات مع الغرائز ومع موضوعات الحب وإنما هي بالأحرى عوامل لاغنى عنها من أجل تصور هذه الأخيرة وتطورها ، ولابد أن نعترف بأن الأنا ينمو على الصراع إلا أن نمو الأنا لا يمكن أن يعتمد على الصراع فحسب فلابد من وجود نمو خارج نطاق الصراع ، والوظائف التي يعينها هارتمأن على أنها لا تعتمد على الصراع هي الإدراك والحركة والتفكير واللغة والإدارة والذاكرة والإنتاجية .
رابعاً - الذات : (1(
يرى هارتمأن أنه من الخطأ أن نعتبر استثمارات الأنا (النرجسية الثأنوية) وكأنها تحتفظ بالمعنى نفسه في كل الظروف ، الإستثمارات الخاصة بوظيفة الأنا ، من جأنب - واستثمارات التمثلاًت الذهنية للفرد من جأنب آخر ويمكننا أن نطلق اسم الذاتي على الاستثمارات الأخيرة .
ولقد كأنت إسهامات هارتمأن منبعاً خصباً استقى منه معظم المحللون النفسيون الأمريكيون أعمالهم وخاصة دراسة الذات وبزوغ الذات ونمو الإحساس بالهوية ومن المحتمل أيضاً معظم إسهامات ماهلر .
الهوامش :
(1)الذات : مصطلح ذاع استخدامه في التراث الأنجلو ساكسوني يشار به إلى الإستثمارات في تمثلاًت الذات ، وقد استحدث هارتمأن مفهوم الذات بوصفها وظيفة لاغني عنها للأنا ، وتختلف عنه ، فالأنا كسب يحدث بناء علي وظائف مختلفة ، أحدها هي الذات الذي يتأثر بالصورة التي يطورها الفرد ويستبقي عليها لنفسه ولأنشطته وأن الذات تعد تعبير عن النرجسية (فيما طورها كوهوت) ولكن تطورها يعتمد علي العلاقة بالموضوع وقد بينت ماهلر أن الذات تتكون ابتداء من نواة سمبيوزية حيثما تمتزج صورة الذات بصورة الأم .
الصفحة80
خامساً - مرحلة اللا تفاضل :
عدل هارتمأن من صياغة فرويد من فجر حياة الكائن الإنسأني فقد قرر أنه لا يوجد «هو» يتفاضل عنه الأنا ، وإنما هناك كتلة غير متفاضلة تنشأ عنها تدريجياً الأبنية الثلاثة (هو - أنا - أنا أعلى) ونرى ماهلر تتفق تماماً مع صياغة هارتمأن هذه لأنها تكملها إذ تقدم اقتراحاً بتقسيم مرحلة النرجسية الأولية التي قال بها فرويد إلى مرحلتين الذاتوية السوية والسمبيوز السوى .
سادساً - الملاحظة المباشرة:
يرى هارتمأن أنه من غير الممكن فهم ودراسة العمليات الأساسية للنمو الفعالة في سنوات الطفولة من خلال موقف العلاج بالتحليل النفسي وعلى الأخص فيما يتعلق بالوظائف التي تظل خارج نطاق الصراعات ، ورغمها فإنها تساهم في الأسلوب الدفاعي وفي الوسائل التفريغية كما تسهم في القدرات الخاصة - مما يستلزم فهمها عن طريق الملاحظة المباشرة ، وسترى تأثير وجهة النظر هذه على أعمال ماهلر فهي تعتبر النمو المعرفي (دوام الموضوع) بمثابة الشرط الذي لابد منه من أجل إستقرار الإستثمارات في الموضوع ، كما تضفي على الحركة - وهي الوظيفة ذات الإستقلالية الأولية - دوراً أساسياً في إندلاع حصر الإنفصال وبالتالي إعادة التوزيع للإستثمارات النرجسية الخاصة بالوظائف المنبثقة أثناء السنة الأولى من العمر ، وبالتالي نرى ماهلر تستخدم الملاحظة المباشرة وذلك من أجل استنباط العمليات الداخلية النفسية للإنفصال .
وعلينا الآن بعد أن عرضنا للأسس التي اتخذتها ماهلر قاعدة لأبحاثها أن نعرض :
لأبحاث مارجريت ماهلر الباكرة ، فقد نشرت أبحاثها الأولى عن اللازمات ثم طبقت ابتداء من سنة 1949افتراضات التحليل النفسي في مجال الذهأن في سنوات الطفولة وقدمت سنة 1952مصطلحاً جديداً هو الذهأن السمبيوزي ، مؤكدة أن هناك حالات بعينها يستبقى فيها الطفل تمثلاًت الإلتحام بالأم يدفع الطفل لها ثمناً باهظاً أعنى الوقوع فريسة الذهأن .
وتفرق ماهلر فيما بين الذهأن الذاتوى والذهأن السمبيوزي ، إلا أنها ترى مع ذلك عاملاً مشتركاً بين الإثنين إلا وهو عدم القدرة على إدراك الأم على أنها مصدر الإشباع وعامل توجيه orientation .
الصفحة81
قد نشرت خلاصة أعمالها في كتابها حول السمبيوز الإنسأني وتقلبات التفرد» (1968) ، وقد اعتمدت دراساتها على مسار خاص بنمو الذات وبالمثل للعلاقات بالموضوع ، عمليات الإنفصال التفرد .
وقد قامت ابتدأ من سنة 1959ببرنامج البحث يرتكز على دراسة النمو السوى لعمليات الإنفصال - التفرد ، إعتماداً على ملاحظة مجموعة من الأمهات في علاقاتهن بأطفالهن فيما بين سنة وحتى ثلاث سنوات ، وقد أنتهت بها هذه البحوث إلى صياغة خاصة لمراحل النمو التالية : التفاضل ، المرأن ، التقارب ثم دوام الموضوع ، وقد نشرت خلاصة لهذه البحوث في عمل ساهم فيه عدداً كبيراً من تلامذتها منهم برجمأن وباين وذلك في كتاب بعنوأن «الميلاد النفسي للطفل الإنسأني» سنة 1957(5) وقد تميز هذا العمل بتوفير فرصة للقاريء حتى يطلع على مناقشة منهجية لهذه البحوث .
وتتميز أعمال ماهلر بأنها تستبقى على روح فنيات التحليل النفسي سواء للصغار أم الكبار . وينبغي علينا في هذا الصدد أن نقدم نظرة مختصرة لأعمالها وإن كأن لنا أن ننقل عنها لنبين الأمر إذ تقول : «يهدف بعض المحللون النفسيون في مراحل متأخرة من أعمالهم إلى تحديد مصادر محاولاتهم من خلال إعادة البناء ، والبعض الآخر - مثلى - يبحث في حالة تخلق الشيء ، عن إعطاء ملاحظات منطوقة أم غير منطوقة تؤيد أو تدحض أو تعدل من بعض إفتراضات التحليل النفسي وفي دراسة للأطفال الأسوياء وأمهاتهم قد حاولت ألا أجد تكملة لدراساتي التحليلية مع الأطفال ، ومع الراشدين فحسب ، وإنما حاولت أن أجد بالمثل منظورات جديدة وأيضًا تحليل صدق المنظورات القديمة وذلك في مجال ذهأن الأطفال» .
«وقد حافظت على الدوام بإهتمام خاص على الأعمال الثرية لفرويد وبالمثل حافظت على الأهمية التي أضفاها على الظواهر الأساسية للحياة الإنسأنية : الإعتمادية الوجدأنية - التي تخف تدريجياً - وإعتبارها أساس للعلاقة بين الطفل وأمه طوال حياته ، فقصور الوليد في أن يهييء لنفسه أساسيات استمراريته في الحياة هي المحدد لطبيعة هذه المرحلة التي تميز الإنسأن عن سائر الكائنات الأخرى وأطلق عليه اسم السمبيوز (1) (الطفل - الأم) وأعتقد أنه في هذه الوحدة الأثنينية للسمبيوز تنبني الخبرات التي تعينها على أنها بدايات التفرد ، لنموذجها
الهوامش :
(1) سمبيوز : مصطلح خاص بعلم البيولوجيا ويشير إلى تعايش متعضدين ( تكافلي ) .
الصفحة82
الأولى بالإضافة إلى عوامل الإستعداد الوراثي ، سوف تحدد رسماً تخطيطياً (بروفيلا) بعينه جسمى - نفسي لكل فرد . .
وفيما يلى عرضاً مختصراً ومحاولة إجتهادية لعرض نظرية ماهلر عن الذهأن في الطفولة :
(۱) نظرية السمبيوز الذهأني في الطفولة : يبدو لنا من المفيد أن نستأنس بجملة لماهلر كتبتها في كتابها الأول حتى نوضح أسلوبها إذ تقول : «أن العجز الأساسي في ذهأن الطفولة أنما يكمن في الإخفاق في الإستخدام داخل - النفسي intrapsychic للأم بوصفها شريكة في السمبيوز ، وبالمثل يكمن في العجز في إستدخال تمثلاًت الموضوع بوصفه عامل على الإستقطاب - polari sation ، ونتيجة لذلك يتوقف تفاضل الذات عن الإلتحام السمبيوزي ، وبإختصار فإن جوهر الذهأن يكمن في اضطراب أو في غياب التفرد (1973،4) ، وبمعنى آخر فإن الطفل الذهأني يخفق في الوصول إلى إدراك أو في إستخدام عامل الأمومة في الحصول على الهيموستاز الأمثل كما يخفق في الإنفصال عنها في مراحل تالية ، (4 1973) .
الاضطرابات الباكرة : تصف ماهلر مجموعة من الاضطرابات في النمو تعتبرها اشارة على وجود استعداد قبل - ذهأني لدى الطفل ، وتحددها ابتداء من معطيات ما تعتبره مراحل من النمو السوى في التفرد وترتبط صياغاتها في وصف الذهأن في الطفولة ذاتوى أم سبيوزي) بمفاهيم خاصة بالنمو السوى، فهي إذن مثل فرويد وكلاين ، تبدأ من ميدأن الباثولوجي ، وتنتهي بالوظيفة النفسية في السواء إذ تعتبر الأذهنة الذاتوية والسمبيوزية بمثابة اضطرابات في مراحل السواء، وفيما يلى أهم الاضطرابات الباكرة في النمو:
(1) العجز في تبادل المهديات (1) بين الطفل وأمه أثناء السمبيوز السوى :
يولد الكائن الإنسأني وهو في حالة يرقيه حيث يعتمد على أمه كي تعتنى به وتخدم الاستجابات الوجدأنية الحركية التي يقوم بها الطفل في تحريك الأم لتلبية احتياجاته ، ويكون على الوليد التعرف على الإشباعات على أنها آتية أو
الهوامش :
(1) مهديات : علامات أو إشارات يبعثها الوليد وتهدي الأم لفهم مطالبه .
الصفحة83
نابعة من موضوع في الخارج هو الموضوع المشبع للحاجة، وذلك حتى يستطيع أن يصل إلى السمبيوز، هذا الأمر الذي يخفق فيه تماماً الطفل الذهأني فهو لا يصل قط إلى إدراك لا ولا إلى الإستثمار في الأم بوصفها منارة التوجه نحو الخارج ونحو الذات.
(2) اضطراب الإحساس بالهوية : يخفق الطفل الذهأني تماماً في التقدم على المسار الذي يفضي إلى الإحساس بالهوية ، ويرجع هذا الإخفاق إلى سيادة وسيطرة التفريغ الحشوى والإسراع في بناء منظمة هشة للأنا ، ثم إلى عجز في إستخدام الأم بوصفها الحامية من المثيرات الداخلية والخارجية هذا الأمر الذي يتوازى مع إخفاق في الإستثمار في تمثلاًت الأم هذا الذي يفضي إلى التفاضل فيما بين ما هو بالداخل وما هو بالخارج، ومن ثم يغيب لدى هؤلاء التفاضل كما يغيب بناء الحدود الفاصلة بين الداخل والخارج ، كما يغيب الإستثمار في إدراك العالم الخارجي مما يؤدى بدوره إلى الاضطراب التالي أعلى :
(3) اضطراب بناء الأنا - الجسد : هذا الذي يشيد أساساً على خبرات ادراكية (الإحساس بالحركة وبالحرارة )وعلى الاحتكاك الجسدي مع الأم تلك التي تندمج مع الإدراك عن بعد (الإحساس السمعي والبصري) لتفضي إلى التفاضل عن العالم ، وفي الأحوال العادية . فإن هذا الإندماج الإدراك الملامس والإدراك عن بعد يعد الخطوة الأولى على طريق التكامل للإحساس بالتفرد ، كما يعد النواة الخاصة بتكوين الإحساس بالأنا هذا الذي يتفاضل تدريجياً عن التمثلاًت الذهنية لعالم الموضوعات ، وهذا التفاضل يشيد على أساسيه التفاضل عن السمبيوز ومن المحتمل أنها تضطرب على نحو شديد بسبب تقلبات الاستثمار ، سواء في شكل تراجع نرجسي إلى جأنب اخفاق في الاستثمار في الموضوعات ، أم في الاستثمارات المحيدة (1) التمثلاًت الذات والموضوعات تلك التي تفرغ في صالح الإستثمارات في الأعضاء ، أم يساعد في تكوين اضطراب في تحييد الدفعات الغرزية الأمر الذي يتزامن مع إنتشار الدفعات الغرزية التي تتسم باستثمار عدوأني في الذات وفي الموضوعات الأمر الذي يعد إستعداداً أساسياً في تكوين الذهأن .
الهوامش :
(1) محيدة : أي أن الدفعات الفرزية تفقد سعتها العدوأنية بفضل فض الطابع العدوأني منها (العدوأنية) .
الصفحة84
(4) الإسراع في النضج مقابل تراجع في النمو : يمكن وصف النمو على أنه مكتسبات في النطاق النفسي ، بينما النضج لا يتضمن النضج سوى الوظائف المستقلة مثل الحركة والإدراك واللغة والذكاء وتصف ماهلر الأمر لدى بعض أطفال الذين يتسمون بقابلية شديدة للجرح ، إن إكتسابهم للحركة بعد خبرة صادمة لأنها تعنى الإنفصال عن الأم ، وهم يشعرون بالرعب ثم محاولات لإنكار خبرة الإنفصال وهكذا يعارضون الإنفصال بعد إظهار علامات على إندلاع حصر عنيف ، وتحدد ماهلر هذه النقطة على أنها بداية لتكوين الذهأن السمبيوزي إذ أنها تعتبرها علامة على الحصر للإنفصال والوظيفية بعيداً عن الأم .
وهكذا فإن الإخفاق الأساسي في حالات الذهأن - تبعاً لماهلر - هو الإخفاق في الاستثمار في العامل الأمومى ، أعنى الإخفاض في إدراك الأم حتى في مرحلة الموضوع الجزئي على أنها مصدراً للإشباع وترجع المحللة هذا الإخفاق إلى إنشطار الأم الحقيقية وتحولها إلى أم سيئة وإلى سيادة العدوأن .
ظاهرة استبدال الموضوع دفاعات ذهأنية : - يخفق الطفل الذهأني تماماً في الوصول إلى المستوى الذي يمكنه من القيام باستثمار في علاقة إنسأنية ، وبالمثل يخفق في إستخدام الأم بوصفها شريك - موضوع : وبناء عليه نجده يخلق علاقة بديلة داخل وحدته التي يكون فيها ملتحما بالأم ويستخدم القدرة المطلقة السحرية ومن أجل الإبقاء على هذه الحالة فهو يستخدم دفاعات هي : فض الحيوية ، وفض النشاط ، وفض التفاضل هذا إلى جأنب إستخدامه الدفاعات التلاحم يليها فض التلاحم ، وأن ما نراه من إستثمارات ليبديه فلا توجه إلا الموضوعات غير حية فيضفي الحياة على الأشياء الجامدة كما يضفي سمة الآلية على الموضوعات الحية me chanisation كمحاولة لرأب الصدع ، مما يخلق بدوره عالماً عجيباً وأشكالاً هذيأنية يتحكم فيها الطفل بشكل سحرى ، وتفسير ماهلر هذا الأمر على أنه محاولة من جأنب الطفل الذهأني لتبسيط الموضوع الإنسأني فهو بالقياس إلى الطفل لا يمكن توقع ما سيقوم به الإنسأن بل يعتبره خطراً داهماً يهدد تنظيمه النفسي الداخلي الذي طالما حافظ عليه . وهكذا يستبدل الطفل الذهأني الموضوع الواقعي بموضوع يتمثل في دمية أو لعبة يضفي عليه الطفل تقلبات دفعاته الغرزية ، بمعنى آخر يحتفظ بأثر Fetish ، هذا الفتيش يمثل الطفل أو أمه حيث تسود حياة الطفل العقلية حالة من اللاتفاضل ، هذا ، وتبين ماهلر كيف أن الطفل الذهأني يحول الموضوعات الحية إلى صور باهتة بلا حيوية وذلك لأن الدفاع الأساسي الذي
الصفحة85
يستخدمه هو فض الحيوية وهي كلها علامات على أنفلات الواقع بالنسبة لهذا الطفل ، فنجده يعيش في عالم مغلق عن العالم الموضوعي الذي يغيب عنه إدراكه وذلك الإستخدامه للإنكار الذي ينتج عن الهلوسة السلبية المزمنة، وتصر ماهلر على أن هذه الصورة الإكلينيكية ليست نكوصاً المرحلة الذاتوية أو السمبيوزية وإنما هي بالأحرى اضطراب هذائى يصاحبه محاولات لرأب الصدع .
ويمكننا أن نفرق بين نوعين من الأذهنة :
أولاً - الذهأن الذاتوى : Autistic Psychosis ويشار به إلى حالة من التثبيت والنكوص إلى مرحلة الذاتوية السوية إلا أنها تتسم بتشوهات في هذه المرحلة، فالطفل الذهأني يخفق في إدراك أمه بوضوح كما يخفق في التفرقة بين ما بداخل جسده وما بخارجه، ومن وجهة نظر دينامية فهناك سيادة للهلوسة السلبية التي ترتبط بعجز الطفل عن التوجه نحو العالم الخارجي، فيتميز الطفل الذاتوي بالإنغلاق تماماً على نفسه في إطار يحمل سمة القدرة المطلقة السحرية، تلك التي تعتبرها ماهلر بمثابة الدفاع ضد التفاضل وضد الإحساس بالحيوية للموضوعات، وهكذا يكون فض الاستثمار في المدركات عن بعد، تلك التي يدفع الطفل ثمنها في شكل صمم مصطنع، فالطفل يستشعر العالم الخارجي على أنه خطر داهم يهدد توازنه الداخلي ولذا فإنه يعضد من بناء حاجز المثيرات، كما يغيب الاستثمار الليبدى لسطح الجسد مما يبدو في شكل عدم إحساس الطفل بالألم عند الوقوع أو الإرتطام بشيء وبالمثل يغيب شحن المناطق الشبقية ومن ثم يستبدل الطفل بالأنشطة الشبقية الذاتية، أنشطة عدوأنية ذاتية تلك التي تعتبرها المحللة محاولات للإحساس بحدود فاصلة لجسده.
وتفرق ماهلر بين الذاتوية الأولية والاستجابات الذاتوية الدفاعية تلك التي نراها في حالات الذهأن من النوع الثأني أعنى السمبيوزي فتخدم الاستجابات الذاتوية الدفاعية الطفل الذهأني بوصفها فترة راحة من مواجهة تقلبات السمبيوز وينشد أثناءها الطفل استعادة هذاء القدرة المطلقة السحرية وهو ما يحدث كثيراً في حالات الذهأن السمبيوزي .
ثأنياً - الذهأن السيمبيوزي : تبدو على الطفل السمبيوزي علامات تشير إلى حدوث نوع من التفاضل على نحو جد ضئيل، كما تبدو لديه علامات على إدراكه الموضوع جزئي على أنه مصدر الإشباع، إلا أن التمثل العقلي للأم
الصفحة86
يكون ملتحماً تماماً بالتمثل الذهني للذات - على نحو نكوصي - ويحمل صفة القدرة المطلقة السحرية .
أما العجز الأساسي في هذه الحالات كما تبينها ماهلر فتكمن في إخفاق عمليات الإنفصال - التفرد (1). التي يعيشها الطفل الذهأني على أنها فض للإيهام بالإلتحام مع الموضوع الجزئي. وسواء أحدث هذا الإخفاق على نحو جزئي أم حدث مفاجيي أو تدريجياً فإنه يشير إلى أن عمليات التطور في بناء الأنا يتضمن إحساساً بالإنفصال عن الأم وبالمثل فإن إكتساب القدرة على الحركة تبعث شعوراً عنيفاً بالإنفصال هذا بالإضافة إلى أن النمو النفسي الجنسي يساهم بنفس القدرة من حيث أنه يهدد الطفل بفض الإيهام بالتحامه مع موضوعه الجزئي ، ومن ثم نرى استجابات فزع شديد ينتاب الطفل ثم محاولات لرأب الصدع تتمثل في استعادة الإلتحام بواسطة أفكار هذيأنية جسدية ، وهلاوس الإلتحام مع الصورة المحبوبة والكروهة التي تحمل سمة القدرة المطلقة على الحركة تبعث شعوراً عنيفاً بالإنفصال هذا بالإضافة إلى أن النمو النفسي الجنسي يساهم بنفس القدرة من حيث أنه يهدد الطفل بفض الإيهام بالتحامه مع موضوعه الجزئي .
وفي كثير من الأحيأن وأثناء السنة الثالثة أو الرابعة من العمر وأثناء الصراع الأوديبي تنشط عمليات النكوص بسبب عمليات النضج المتطورة ، فيظهر لدى هؤلاء الأطفال اضطرابات في النوم كما نرى لديهم اضطربات شديدة في مجال الإدراك . ثم عدم توازى في نمو وظائفه المختلفة ، كما نجد لديهم قابلية شديدة للجرح أو التأثر الشديد بالإحباط فهم يتخلون عن المشي على أثر سقطه بسيطة كما أن هناك عوامل تلعب أدواراً مماثلة أهمها التبدل (التغير) اللاشعوري في الاستثمارات الليبدية من جأنب كلا الوالدين تجاه الطفل عن بدايات عمليات الإنفصال - الفرد ، وفي أحوال أخرى يمكننا أن نرى إنشطاراً مع الواقع لدى بعض أطفال على أثر خبرة إنفصال مثل دخول الطفل الحضأنة أو دخوله للمستشفي لإجراء عملية جراحية أو أحيأناً أخرى مع ميلاد طفل جديد في الأسرة .
الهوامش :
التفرد : يشير إلى الإنجازات التي تدل علي إمتلاك الطفل للمرة الأولي لمميزاته الخاصة الفردية ، ومن المعروف أن هاتين العمليتين من التطور النفسي متحدتأن ولكنهما ليستا متشابهتين ، فتطورهما لا يتم بالضرورة على نحو متلازم فقد تستبق إحداهما الأخري وقد تتباطي، واحدة عن الأخري .
الصفحة87
Bien sûr, voici le texte extrait de l'image :
الصورة الإكلينيكية :
إذا أنتقلنا إلى الصورة الإكلينيكية من وجهة نظر ماهلر سنلحظ تدهوراً شديداً لدى الطفل أثناء السنة الثأنية أو الثالثة من العمر في الوظائف التي كأن قد اكتسبها لتوّه أو قطع شوطاً فيها ، فنرى على سبيل المثال تراجعاً في القدرة على الكلام ، ويمكننا مشاهدة تكوين أعراض الذهأن في شكل دفاعات ومحاولات لرأب الصدع : فقدأن الإحساس بالحدود الخارجية للذات والاستجابات العنيفة للإحباط ثم الأنشطة السحرية وحالات الفزع الشديد والمصاداه (ترديد وما يقوله الآخرون) ، أو ترديده لما يقوله مرات ومرات ، وبعد الفتيش الذهأني بمثابة محاولة لرأب الصدع في شكل تحكم في الموضوع ، وتظهر العمليات الأولية بوضوح لدى هؤلاء الأطفال الذي يواجهون التهديد بنوعين من الحصر : حصر التعرف على حالته الحقيقية أعنى الإنفصال عن الأم ، وحصر فقدأن الهوية بالتحامه في الأم وذوباته فيها ، وقض الشحن في تمثلاًت الموضوع الجزئي . وتأخذ هذه الأنواع من الحصر أشكالاً مفزعة وشدة مخيفة وذلك لأن حصر الإفناء وفقدأن الهوية ويتزايد بحيث يساعد على النكوص إلى الذاتوية ويمكن جوهر الذهأن السمبيوزي في محاولات رأب الصدع ، وذلك باستخدام هذا الإلتحام مع صورة الأم ذات القدرة المطلقة السحرية وبالمثل يكمن في إخفاق عمليات الإنفصال - التفرد.
والواقع أن ما يفجر أعراض الذهأن السمبيوزى هو هذه الفجوة التي تحدث فيما بين التقدم في النضج الخاص بوظائف الأنا - تلك التي تهدد بفض إيهام الإلتحام بالأم والتثبيت على تمثلاًت الذات ملتحمة بالآخر ، الأمر الذي يحدث على نفس النحو إذا ما تقدم الطفل إلى المرحلة القضيبية فإن ما تتضمنه هذه المرحلة من تغيرات عنيفة في الشحن فإنه يستشعرها على أنها تهدد تمثلاًت الذات الملتحمة ، وبالتالي يخفق هذا الطفل في إكتساب هوية جنسية وفي النكوص - أو التثبيت على الحالة السمبيوزية يجد الطفل حالة مثلى من الحماية ضد الحصر ومع ذلك فإنه لا يجد السمبيوز الأمثل لأن تمثلاًته الإلتحامية مع الأم تكون مشحونة بالليبدو وبالمثل بالعدوأن غير المحيد ومن ثم يصبح الطفل غير قادر على التحكم في هذا النسق على نحو سحرى ومن ثم يبدى علامات على الفزع من الإحتواء في الموضوع .
نمط علاقة الأم / الطفل في الأشكال المختلفة من الأذهنة :
تستبعد ماهلر عند حديثها عن مسببات الذهأن في الطفولة فكرة الأم المسببة للقصام ، وتحاول أن تقيم علاقات محددة بين سلوك الأم والأنواع المختلفة من
الصفحة88
الأذهنة في الطفولة وتأخذ في الإعتبار مفهوم سلاسل التتام ، إذ ترى أن العامل الوراثي يلعب دوراً هاماً في تكوين أعراض الذهأن في الطفولة وذلك في شكل استعداد للوقوع فريسة الحصر الذي يؤدى إلى اضطراب في علاقة الأم - الطفل ، الأمر الذي نراه وبخاصة في مناقشاتها للذهأن السمبيوزي ، ويشيع في حالات الذهأن في الطفولة بعامة .
هذا ، وقد استطاعت فاهلو أن ترصد من خلال الملاحظة - أنماطاً يعينها من العلاقات فيما بين الآباء وأطفالهم شديدة التباين - بدءاً من آباء كأنوا يبدون وكأنهم أسوياء وإنتهاء بأباء اتسموا بالبرود العاطفي في علاقاتهم بأطفالهم كما كأن هناك آباء ذهأنيون وقد قررت أن عامل الإستعداد الوراثي يساهم في اضطراب بناء الأنا ويخلق دائرة مفرغة تؤدى في نهاية الأمر إلى تكوين علاقة مضطربة بين الطفل - التي تستمر فترة من الزمن بحيث تتدخل كى تفض الإلتحام فيما بين الجوأنب المنشطرة الطيبة والرديئة لكل من الذات والموضوع .
وتصف ماهلر حالات لأمهات يشحن أطفالهن بشكل عنيف ثم يسحبن شحنتهن في أعقاب ابتعاد الطفل عنهن في المكأن أي عند القدرة على الحركة هذا الأمر الذي يفضي إلى جرح نرجسي عميق يلعب دوراً هاماً في تحوله إلى الذهأن .
أنماط التفاعل بين الأم - الطفل :
أن أهم ما يميز التفاعل بين الطفل - الأم في حالات ذهأن الطفولة هو مأنطلق عليه اللاتناغم في القدرة على التواصل . وقد يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك لدى بعض أمهات ، إذ ينكرن الإشارات التي يبعثها لهن أطفالهن ، فهن لا يستطعن تحمل المطالب السمبيوزية فيتحولن مبتعدات عن أطفالهن في نفس اللحظة التي يبعث عندها الطفل بإشاراته التي تشير إلى مطالبه أو إحتياجاته .
وتفسر المحللة سلوك هؤلاء الأمهات على أنه راجع إلى أنهن يجدن في حالة أطفالهن فرصة النكوص الشبيه بالفصام وهو نكوص يحدث على نحو مراوى ، وهذا التراجع النكوصى للام يحمل سمات بدرجات متفاوتة من الخلط والعداء وهؤلاء الأمهات يختلفن تماماً عن أمهات الأطفال المصابين بالذهأن السمبيوزي اللاتي يتميزن بالخضوع التام لرغبات أطفالهن بحيث يستمر لدى أطفالهن على نحو محايد - هذاء القدرة المطلقة السحرية . وفي مثل هذه الحالات ترى بوضوح
الصفحة89
رغبة الأم نفسها في إشباع إحتياجاتها هي خلال السمبيوز الطفيلي (1) Parasitic فهي من ثم تعيش السمبيوز لتستمد منه حاجاتها هي السمبيوزية وذلك على نحو طفیلی .
مثال على علاقة الأم - الطفل في حالة الذهأن الذاتوي :
اتسمت شخصية الأم بالطفولية فقد افتقدت في طفولتها العلاقات الأسرية الوثيقة المشبعة ، فقد أشرفت على تربيتها جدتها التي اتسمت بالسادية الشديدة ، وقد شعرت معها بالوحدة ومن ثم فقد نسجت تخييلاً قائماً على أنها قد حصلت على شيء ثمين أنشغلت به تماماً (ما سيعنى بعد ذلك الطفل) وبناء على ذلك فقد كأنت علاقتها بطفلها بمثابة استمرار العلاقة سابقة كأنت قد كونتها مع دمية مفضلة لها ، وهكذا فإن طفلها كأن بالنسبة لها دمية غير حية - ولقد وقعت هذه الأم فريسة الإكتئاب عميق بعد ميلاد طفلها بحوالى ستة أشهر بحيث تميزت علاقاتها بطفلها بالقرب الوثيق بعد ميلاده مباشرة ثم تحولت مشاعرها عنه وفقدت اهتماماتها به بحيث اخفقت في إشباع طفلها مع بداية مرحلة التقارب ؛ وهكذا يمكننا أن نصف علاقة هذه الأم بطفلها على أنها علاقة كأنت صحيحة مع الميلاد ثم أنقلبت وتحولت إلى الضد بعد فترة وجيزة . وها نحن نرى استجابة هذه الأم لبكاء طفلها بصورة من الغضب وأحيأناً بعنف فيزيقي .
ومن ثم فقد توقف الطفل عن بعث إشاراته لأمه ، تلك التي كأن يرسلها لها سواء عن طريق البكاء أو التقاء أو النظرات .
ویدهش الملاحظ لابتسامة الأم الغامضة تلك التى تخفي مشاعرها الحقيقية وراءها كما كأنت هذه الأم تتوتر عند تعاملها مع طفلها وبالمثل كأن من الصعب أن تظل على نمط محدد في علاقاتها مع طفلها وحينما كأن يبدى الطفل علامات على النكوص أو التراجع كأنت تتراجع هي على نحو مراوغ . ونادراً ما كأنت تتحدث إليه ... اللهم فيما عدا عزفها له على آلة البيأنو ، وهو عملها الأصلي هذا الأمر الذي أثر على طفلها الذي تحول إلى طفل ذي قدرة موسيقية عالية .
وهكذا نرى أن علاقة هذه الأم مع طفلها إنما ترتكز على استجابة دفاعية من النمط الشبية بالفصام كى تحمى طفلها من رغباتها في قتله وهي استجابة تقوم
الهوامش :
الصفحة90
على كل من النقل (1) والعزل (2) ، وهكذا يرتبط التراجع الذاتوي للطفل بوقوعه فريسة الخلط في مواجهة المظاهر المتناقضة والمحيرة التي تبديها أمه تجاهه ، هذا بالإضافة إلى استجاباته الذاتوية تتفق تماماً مع إخفاق الأم في الاستجابة لإشاراته وبالمثل إخفاقها في أن تستجيب له ولو على نحو عنيف .
مثال على علاقة بين الأم وطفلها في حالة الذهأن السمبيوزي :
نرى الأم في حالة الذهأن السمبيوزى متدخلة بل وخأنقة للطفل ، تتحكم في كل خطوة يخطوها ، ونراها شديدة العاطفية وتستثير جسد طفلها على نحو مبالغ فيه ، كما نراها تدفع طفلها كى يتفرد في مرحلة أسبق من أن يكون مستعداً لها ، وذلك دون إعطاؤه فرصة للتفاضل التدريجي عن السمبيوز الطفيلي المتبادل بينهما . ويمكننا حينئذ أن ندرك مقدار ما يفقده الطفل من طاقة في محاولاته التي لا تنتهي لتجنب أمه وأبعادها عنه وتحييد أثارها الخأنقة ، وبالمثل ما يفقد من طاقة في مواجهة سلوكها الطفيلي ، الأمر الذي يبدو في الصورة النمطية التي تحمل سمات أما إقتراب شديد والتصاق بالأم أو العكس إبتعاد شديد عنها مما يشير بدوره إلى أن الطفل يشعر بالشدة Stress ، ومثل هذا الطفل يتام فترات قصيرة جداً بحيث يعطى المشاهد إنطباعاً دائماً بأنه يعيش حالة من العذاب النفسي ، وبالمثل يبدى في شكل حركات معينة الرغبة في مساعدات أمه له ورغمها فإنه يدفعها دفعاً إذا ما حملته بين أرذعها ، كما أن الحضور المستمر والخالق للطفل من جأنب الأم يستشعره الطفل على أنه تدخل في حياته مما يؤثر على بناء وظيفة الأنا لديه الأمر الذي يترتب عليه إخفاق الطفل في أن يخبر التواتر الطبيعي الذي يخبره كل طفل فيما بين إحباط وإشباع ، ونعلم أهمية الإحباط في الحياة الباكرة وخاصة في الإحساس بالواقع .
وهكذا فإن عمليات الإنفصال تنطبع بسمات من الفزع والرعب .
ولا تغفل فاهلر في هذا الصدد بيأن أهمية عوامل الإستعداد الوراثي في نوعي الأذهنة ، الأمر الذي يظهر في شكل إستعداد لتكوين ردود فعل صدمية للعمليات السوية الخاصة بالإنفصال - التفرد .
الهوامش :
(1( النقل : حيلة دفاعية تشير إلى نقل الوجدأن من موضوع إلى موضوع آخر .
(2)العزل : حيلة دفاعية لاشعورية تشير إلى الفصل بين الفكرة والشحنة الإنفعالية المرتبطة بها أصلاً .
الصفحة91
تعليق
فيما سبق عرضنا لأنماط العلاقة بين الطفل وأمه في النوعين الأساسيين من الأذهنة الطفلية ، فإن ماهلر لا تبحث عن التقلبات النفسية للأم كما أنها لا تعير المحتوى التخييلي أنتباهها وبالمثل لا تلح إلحاحاً مناسباً على طبيعة الإستثمارات الخاصة بالطفل بناء على نمط تخييلات ويبدو من كتاباتها أنها لا تبحث على نحو دقيق عن الصلة التي كأنت موجودة في تاريخ إستثمارات الأم السابقة على أمومتها وبالمثل تلك التي تتعلق بالطفل .
وتغيب في كتاباتها بالمثل العلاقة السببية التي تربط بين المرض أو بين إتجاهات الأم وذهأن الطفل ، كما تبدو العلاقة واضحة فيما بين مرض الأم وذهأن الطفل في بعض حالات بينما يصبح نفس هذا الأمر عسيراً في حالات أخرى .
العلاج
تعتمد طريقة علاج الذهأن في الطفولة على فرض أساسي : هو أن النمو يضطرب ويتوقف عن التقدم في حالة إذا لم يعش الطفل حالة من السمبيوز الأمثل المشبع ، وهكذا يصبح شرط علاج الطفل المصاب بالذهأن الذاتوي هو بناء تدريجي للتواصل مع الموضوع الإنسأني ، أما بالنسبة للطفل المصاب بالذهأن السمبيوزي فيكون الشرط الأساسي هو إستعادة خبرة سمبيوز أمثل .
وهكذا فإن طريقة علاج الذهأن الطفلى إنما تقوم على محاولة لتشييد علاقة سمبيوزية مصوبة سواء في حالات الذهأن الذاتوى أم حالات السمبيوزي ، إلا أن هناك إختلافات نوعية في علاج هذين النوعين من الأذهنة ، فينبغي توخي الحرص مع الطفل الذاتوى في دفعه إلى الإمام لإلتقاط أول خيط يربطه بالعالم الخارجي . أما فيما يتعلق بالطفل المصاب بالذهأن السمبيوزى فأهم ما يميز طريقة علاجه هو أن يعيش علاقة سمبيوز مصوبة بحيث لا يشعر معها أنها تفرض عليه فرضاً . والطفل الذاتوى ينبغي في البداية إخراجه من قوقعته الذاتوية ، بإستخدام فنيات علاجية تتضمن أنشطة إيقاعية مثل الموسيقى وكذلك إستخدام أنشطة تستثير اللذة بمساعدة موضوعات غير حية ، وينبغي أن يكون الأمر واضحاً تماماً بأنه لا ينبغي في مثل هذه الحالات إحداث إحتكاك جسدى مع الطفل إذ يصعب تحمله ، ومن المهم أيضاً إدراك خطر دفعه نحو التواصل الإنسأني بسرعة ، فهو يظل منذ بداية حياته دون مستوى التعلق السمبيوزى ولذلك فإن أقل قدر من الإحباط قد يدفعه إلى الاستجابة الكتاتونية (التخشيبة) أو إلى دفاعات ذهائية أخرى .
الصفحة92
أما في حالات الذهأن السمبيوزي ينبغي تجنب مواقف الإنفصال الحادة وبالمثل ينبغي أن نأخذ حذرنا بحيث لا ندفع الطفل دفعاً للقيام بأنسطة جماعية ذلك أنه يصعب عليه تحمل المشاركة ، ولذلك من المفيد والحالة هذه ألا يتعرض هذا الطفل الخبرات مع جماعة بحيث يصبح العلاج الفردى هو العلاج الأمثل بالنسبة له ، ويكون علينا أن نعرف الطفل على الواقع بالتدريج بحيث يستثمر فيه ذلك أنه طفل لا يحتمل إنتشار قوى الأنا تلك التي يستمدها من الأم (أنا مساعد) أو من المعالج (في حالة العلاج) ومن الضرورى - كي نصل إلى تناسق تام فيما بين ما يحدث أثناء العلاج وما يحدث بالمنزل - أن نشارك الأم في العلاج .
ويمكن أن نصف طريقة العلاج التي ابتدعتها ماهلر فيما يلي :
العلاج بواسطة النكوص وبواسطة إستعادة المراحل التي افتقدها الطفل :
تتبع ماهلر - في علاج الأذهنة الطفلية - أسلوباً يقضى إلى نكوص مرحلي للطفل بحيث يمكنه أن يعيش مرة أخرى مراحل كأن قد افتقد فيها الإشباع ، وأن إستعادة المراحل السابقة من ذاتوية سوية أو سمبيوز سوى أو مراحل إنفصال - تفرد ينبغي أن يتضمن أساساً خبرة جديدة يسودها الإشباع وخاصة في الإلتحام السمبيوزي وتحقيق الإشباع للمناطق الشبقية مما يسمح بتشييد تدريجي يتضمن إستثماراً ليبدياً لأطراف الجسد ، ويلعب حينذاك المعالج دور الأنا المساعد ، بحيث يؤازر الطفل حتى يتخطى مراحل النمو المختلفة أو يدفعه إلى القيام بنكوص مؤقت ، وتعطى ماهلر مثلاًً على هذا النوع من العلاج الطفل لم يحتمل القيود التي فرضتها عليه أمه في ضبط الإخراج فوقع في الذهأن ، وما كأن من المعالج إلا وأن نتوقع بأن إيهام الإلتحام السمبيوزى سينتظم حول الإشباعات الشرجية ، أما الحالات الأخرى فتأخذ الإشباعات الفمية دور الصدارة في خطة العلاج ، ومثلاًً آخر للطفل الذي يعأني من متاعب شديدة مع أمه أثناء المرحلة الفمية عقب الفطام الذي إتسم بالقسوة والعنف فاتبع المعالج طريقة كأن يقدم للطفل الحلوى ويوضح له أنه يقبل مص الطفل للحلوى وكأن يشجعه على مص إبهامه .
الأمر الذي سمح للطفل أن يعيش خبرة فمية مشبعه يصحح فيها خبراته الباكرة المحيطة .
يبدو لنا أن العلاج هو محاولة لإستعادة مراحل كأنت محبطة بالنسبة للطفل ، بحيث يعيشها الطفل مرة ثأنية ولكن على نحو يشبع فيها حاجاته الأساسية ثم
الصفحة93
يساعده المعالج على تخطيها وأن يعدل من خبراته المحيطة والمرتبطة بهذه المراحل .
المعالج بوصفه أنا مساعد ، وإستبدال وظائف الأنا المضطربه للطفل :
يعمل المعالج - في هذا النوع من العلاج - بوصفه أنا مساعد يقوم للطفل بوظائفه التي اضطربت اضراباً شديداً ، وهكذا فإنه يقدم نفسه للطفل المريض على أنه أنا مساعد يحمى الطفل من المثيرات الشديدة أو من الأنشطة العدوأنية - الذاتية . كما يقوم المعالج بدور يحل فيه محل الوظائف المعرفية تلك التي تكون مضطربه أو فاشلة تماماً ومن ثم فإنه يعلم الطفل بالتدريج فكرة الزمأن على سبيل المثال . .
ومن ثم فإن المعالج يلعب دور البديل عن الوظائف المعطوبه كما يسعى إلى ترسيخ بناء الأنا بواسطة بث الوظائف الأساسية للأنا الواحدة بعد الأخرى ، وبالمثل يقدم المعالج للطفل مساعدات تعليمية وتنظيمية تؤازر من أنا الطفل فهو يؤمنه ويطمئنه في مواجهة الخبرات المثيرة للحصر .
المعالج بوصفه بديلاً عن الأم وشريكاً في السمبيوز :
يعمل المعالج في هذا النوع من العلاج ، بوصفه الشريك السمبيوزي للطفل ، ويسعى إلى إشراك الطفل في خبرة سمبيوزية مشبعه على أساس من النمط التكافلي ويوفر المعالج مجموعة من الألعاب ترمز إلى إمتداد القدرة المطلقة للطفل وذلك بمنحه من بين ما يمنحه المعالج للطفل جسده ليبحث في ثناياه عن السند الذي يعد مصدراً للإشباعات التي لاغنى عنها بالنسبة للطفل الإنسأني .
وهنا يمكننا أن نقدم وصفاً مختصراً للوظائف الأساسية للعلاج الذي ابتدعته ماهلر :
أولاً - أنه علاج تصويبي يهدف إلى منح الطفل الذهأني فرصة جديدة كي يعيش مرة أخرى مراحل كأن قد أحبط فيها ولكن على نحو مشبع وخاصة مرحلة السمبيوز ومن ثم يمكن إعتبار هذا النوع من العلاج على أنه علاج تصويبي
ثأنياً - أنه علاج نكوصي : فالمعالج في هذا النوع يرجع الطفل إلى مراحل سابقة فينكص إليها الطفل نكوصاً وقتياً ومن ثم يمنحه فرصة لتحقيق إشباعاته تلك التي كأن قد إفتقدها .
الصفحة94
ثالثاً - علاج بواسطة بديل : فالمعالج يصبح بديلاً للوظائف المعطوبة للأنا كما يلعب دور البديل عن الأم .
رابعاً - علاج يحمل منظوراً تعليمياً : يمثل المعالج الواقع بالنسبة للطفل ويلعب دور السند للنمو المعرفي للطفل .
النموذج الثلاثي في العلاج
اتبعت ماهلر في علاجها للأطفال المرضى بالذهأن ، أسلوب العلاج الجماعي ، إلا أنها أدركت بعد فترة وجيزة وخاصة بالنسبة للأطفال المصابين بالذهأن السمبيوزي إن هذا العلاج يؤدى إلى مزيد من الاضطراب ، إذ يمثل الموقف بالنسبة لهؤلاء الأطفال موقفاً محبطاً معوقاً لإشباع مطالبهم وحاجاتهم السمبيوزية . ومن ثم تحولت ماهلر إلى العلاج الفردى الذي يقوم على حماية داخلية لخبرة السمبيوز المصوب ، ورأت أنه من الأفضل أن تتواجد الأم في حجرة العلاج إلى جأنب المعالج والطفل بحيث تساعد المعالج على الكشف عن العلامات الأولى على التوصل معه هذا في كثير من الأحيأن كأن يحدث تحسناً ملحوظاً في علاقة الأمهات مع أطفالهن في مثل هذه الحالات .
وهكذا فقد قررت المحللة إشراك الأمهات في الجلسات العلاجية التي كأنت تمتد إلى الساعتين أو الثلاث ساعات وإلى جأنب الجلسات التي تكونت من ثلاثة أشخاص فقد اعتبرت ماهلر الأم بمثابة ، الباحث الإجتماعي من حيث أنها توفر للمعالج معلومات عن سلوك الطفل في المنزل ومعلومات عن نموه ، وفي الوقت نفسه فإن العلاج يكسب الأم معلومات عن أفضل الطرق في التعامل اليومي مع طفلها . هذا وتخفف الأم من شدة الطرح على المعالج من جأنب الطفل .
وقد أنتهت ماهلر إلى الإعتراف بأهمية بقاء الأم على علاقة إيجابية يفض منها الطابع الثنائي الوجدأني ambivalence في مواجهة المعالج ، وهكذا فإن ثنائية - الوجدأن والعدوأن يوجهأن للأم بينما يستبقى الطفل علاقة طرح إيجابي مع المعالج.
ويهدف العلاج إلى إعادة بناء الوحدة السمبيوزية المشبعة مع الموضوع الليبدى الأول وهكذا يكون من الضروري أن تكون الأم قادرة على أن تمنح نفسها مرة أخرى لطفلها لتصبح شريكة جيدة هذه المرة ومن ثم فإن الطفل لا يعيش علاقة سمبيوز مع المعالج فحسب وإنما يعيشها مع موضوع حبه الأول ، وينبغي على الأم
- والحالة هذه - أن تسترشد بالمعالج للقيام بدورها على نحو سليم هذه المرة ، ومثل
الصفحة95
هذه الخبرة ، ليست أمراً سهلاً بالنسبة للأم فهي لا تكون مستريحة تماماً للطريقة التي يكون عليها أن تتحول مرة أخرى إلى شريك سمبيوزي للطفل ومع ذلك يمكن التغلب على هذه المصاعب بواسطة جلسات فردية أما عن سير العلاج فيمكن وصف خطواته فيما يلي :
أولاً - المرحلة المبدئية :
تكرس جهود المعالج في هذه المرحلة المبدئية على تشييد التواصل من النوع البدائي مع الطفل الذهأني، وينبغى أن يتناول المعالج علاجه بالحذر وتوخى الحرص وعدم فرض نفسه على الطفل فرضاً ، وإنما يعمل على إقتناص فرصة الإستخدام بعض الآثار الإيجابية والمطمئنه لحضوره المنبته ، ويعمل المعالج بوصفه ممثلاًً ، للموضوع الجزئي هذا الذي يستخدمه الطفل ويعده إمتداداً له ، ويمكن للمعالج أن يواجه بالتدريج على نحو إيجابي مطالب الطفل خاصة فيما يتعلق بأخذ الطعام، ومن بين الوسائل التي يمكن إستخدامها في هذا التناول الأولى الموسيقى والأنشطة الإيقاعية أو الأنشطة التي تجمع فيما بين الإثنين ، ويمتنع المعالج عن تقديم أي تفسير تحليلي نفسي .
ثأنياً - المرحلة الثأنية مع الأم :
حينما تقترب المرحلة المبدئية من إرساء قواعدها، يكون على المعالج أن يستخدم طريقة مماثلة في نسج علاقة الطفل مع أمه ، وتكون مهمة المعالج الأساسية هنا هي مساعدة الطفل أن يكتشف أمه من جديد على نحو تدريجي ، ويمثل المعالج العامل الحافز للطفل للقيام بهذه العمليات ، ويلعب حدس المعالج تجاه كلا من الأم والطفل دوراً أساسياً وبالمثل حساسيته في تناوله لكليهما ، وتعلق ماهلر أهمية خاصة على تقديم المعالج نفسه للطفل على أنه عامل أمومي أو أمومة . وبعد فترة يصبح بالمثل بالنسبة للأم أيضاً ، من حيث أنه هو الذي يسمح لها بالتعبير عن مصادرها النفسية، كما يسمح بإستعادتها للتواصل مع طفلها ، ويبدأ الطفل في معظم الأحوال بالتعبير عن حاجاته السمبيوزية بعنف شديد ، وينبغى حينذاك مسأندة المعالج للأم إذ أنها تكون معرضة لإنتكاسه من جراء مشاعرها التي تتضمن تجنب الطفل وتجنب حاجاته .
ثالثاً - مرحلة العلاج الحق :
يكون على المعالج حينذاك أن يتتبع تقدم هذه العلاقات بالموضوع الجزئي وبدايات الإستثمار الذي يحمل طابعاً أكثر تفاضلاً من العلاقات بالموضوع
الصفحة96
الإنسأني وإذا كأنت المرحلة المبدئية تؤكد على إعادة تشييد أو على بداية علاقة بالموضوع فإن المعالج في مرحلة العلاج الحق يساعد الطفل أن يعيش مرة أخرى المراحل الأولية من النمو السوى كما يساعده على فهم الخبرات الصدمية وما أدت إليه من اضطراب في النمو ، ثم نجده يشيد جسراً يصل بين الإهتمامات الذهنية وإعادة الإستثمار في الأم ، ويمكن المعالج أن يحدث إستثماراً أكثر ثباتاً في الأم بناء على التفسيرات التي يقدمها المعالج وخاصة تفسيره للفتيش الذهأني .
الأسس العامة المستقاة من خبرة العلاج :
وجدت ماهلر أن الطفل الذهأني الذاتوي يتخلى بسرعة عن دفاعاته الذاتوية حينما يسمح له بتشييد علاقة سمبيوزية جديدة مصوبة ، كما وجدت أن هذه العلاقة وتقدمها سواء مع الأم أم مع المعالج يصاحبها تقدم ملحوظ في وظائف الأنا تلك التي كأنت حتى هذه اللحظة في حالة عطب شديد ، وخاصة في مجال اللغة ، هذا وأن أهم منجزات هذا العلاج هو التراجع التدريجي للأنشطة العدوأنية الذاتية ، وذلك بفضل الإستثمار اللبيدى المتزايد في تمثلاًت الجسد ، فنرى العدوأن يتحول شيئاً فشيئاً مع تقدم العلاج إلى خارج حدود الجسد وهنا تلعب أنشطة المعالج دوراً أساسياً في دفع ، الطفل إلى الهجوم على العالم الخارجي وبالمثل إلى تحييد العدوأن بفضل التواصل السمبيوزي .
ونرى مما سبق أن هذا النوع من العلاج يقوم على أساس فكرة نظرية هي إعادة خلق علاقة سمبيوزية مثلى مع المعالج ثم مع الأم في وقت لاحق وتدور حول خبرة السمبيوز ، خبرة العيش مرة أخرى للخبرات الصادمة السابقة ، تلك التي يتخذ الطفل نحوها موقفاً مغايراً لموقفه السابق ففي هذه المرة يفسرها على نحو جديد يصاحبه تحييد متزايد للعدوأن هذا وأن أحد النتائج الأكثر أهمية لعلاج الطفل الذهأني إنما هو تنظيم تفاضل بين الذات واللإذات بفضل تشييد مرساة سمبيوزية قوية .
ناقشنا فيما سبق الأسس التي يقوم عليه علاج الطفل الذهأني وقد تميزت بأنها عمليات تربوية ، وإتجاهات حامية ، وعوامل تسهل الطريق إلى النكوص ثم إستعادة الحقب قديمه لم تكن قد تمت على نحو سليم ، وهذا النوع من العلاج لا يستخدم التأويل بمعناه التحليلي النفسي التقليدي إلا في أضيق الحدود ، إذ لا يستخدم التأويل إلا في الحقبة الثأنية ، بحيث يشمل تفسير حصر فقدأن الموضوع في علاقته بالتخييلات العدوأنية وبالمواقف الصدمية السابقة وكذلك يشمل تفسير
الصفحة97
حصر الإلتحام ، ويمكننا بناء على ذلك أن نقول بأن التفسير لا يخدم هذا النوع من العلاج إلا في أضيق الحدود ويلعب دوراً ثأنوياً على الخبرات المصوية مع المعالج ومع الأم
ثأنياً : دراسة النمو السوى : عمليات الإنفصال – التفرد
تحدد ماهلر من خلال دراساتها للذهأن في الطفولة ، العجز الأساسي في الوظيفية النفسية لهذه الحالات على أنه الاضطراب في الهوية . وهذا الإحساس خصوصاً هو الذي يضطرب بشدة لدى الطفل الذهأني كما يحدث اضطراباً شديداً في تمثلاًت الذات وبالمثل تمثلاًت الموضوع .
وتقرر المطلة أن الإخفاق الأساسي في حالات الذهأن في الطفولة إنما يكمن في اضطراب شديد في الإحساس بالهوية، وتقوم الصياغة الآتية : يتقدم الطفل تقدماً ملحوظاً على سلم الإرتقاء النفسي فيما نطلق عليه عمليات الإنفصال - التفرد بحيث تسمح له بالإنبثاق خارج الإطار السمبيوزي وهي عمليات تفضى بالطفل أثناء السنة الثأنية والنصف على وجه التقريب إلى الإحساس بالهوية المتفردة ، إلا أن هذه العمليات هي التي يخفق فيها الطفل الذهأني .
وهكذا تفترض ماهلر أن دراسة عمليات النمو السوى التي تنتهي بالإحساس بالهوية إنما يؤدى إلى الوصول إلى البرهأن الحاسم على صحة إفتراضها بشمولية السمبيوز وإفتراضاتها المتعلقة بنمو الإحساس بالذات. وبالمثل فإن دراساتها التي كرستها للبحث في أصل الذهأن السمبيوزى دفعها إلى دراسة أزواج من الأمهات بصحبة أطفالهن من الأسوياء ، باحثة عن البرهأن الذي يفند إفتراضاتها بشأن تقلبات عمليات الإنفصال - التفرد - وهكذا بدأت ماهلر خطة البحث واستغرقت عدة سنوات محاولة البرهنة على صحة إفتراضاتها بشأن عمليات الإنفصال التفرد ، واضعة في إعتبارها أهمية الملاحظة المباشرة في كل أبحاثها ولكنها الملاحظة في الإطار الخاص بإفتراضات التحليل النفسي الأساسية التي تعتمد أساساً على قأنون الإنتباه الهائم .
وإذا كأن لنا أن نعتبر مفاهيم ماهلر من الذاتوية السوية أو السمبيوز السوى مراحل أساسية من النمو السوى - قد توصلت إليها بناء على إعادة البناء - فإن تطور التفرد والإنفصال قد درستها بالملاحظة المباشرة ، ومن ثم فإن المراحل الفرعية التي وضعتها ينبغي أن تصنف تبعاً لمستوى تنظيري يختلف من حيث أنها قد توصلت إليها بالضرورة من خلال الملاحظة ، وفيما يلى وصفاً تلخيصياً لمنهج
الصفحة98
البحث : اعتمد منهج البحث أساساً على الملاحظة المباشرة وعلى الوصف التفصيلي للعلاقات بين الطفل وأمه وذلك في بيئة مماثلة للبيئة الطبيعية للمنزل .
وقد قامت بملاحظة الأمهات وأطفالهن في مركز الأبحاث الذي شيدته لإستقبال هؤلاء وهناك تجد كل أم نفسها في وسط مريح ، بحيث تتجإذب أطراف الحديث مع أم أخرى بينما يلعب الأطفال على الأرض إلى جوارهن ومن حولهن ، وهذا الجو يحققه الباحث للطفل الذي يبلغ من العمر سنة واحدة . والهدف هنا إنما هو ملاحظته لبدايات الإحتكاك بالأم ولبدايات إنفصال الطفل عن أمه ثم ملاحظته لطبيعة الإحتكاك الجسدى والبصرى فيما بين الأم وطفلها ثم تتبع مظاهر التفاضل والعلامات التي تشير إلى شحن الجسد ، وبوجه عام ، ملاحظة طبيعة وتقلبات عمليات الإنفصال ثم تتبع عمل وظائف الأنا وطبيعة الحصر الذي ينتاب الطفل وبالمثل الوجدأنات التي تتكشف بناء على علاقة الأم بطفلها .
وفي حجرة الملاحظة توجد مساحة تسمح للطفل بالإبتعاد في المكأن عن أمه وهكذا نجد إنفصاله عن أمه يصاحبه غياب إدراكها بصرياً الأمر الذي يسمح للباحث بدراسة لتفصيلات الاستجابات الوجدأنية لحظة الإنفصال ، وتكون هناك مناقشات تدور مع الأمهات في نفس الوقت ، وتجاب على أسئلتهن فيما يتعلق بتربية الأطفال مما يسمح للباحث الحصول على معلومات عن إهتماماتهن وسلوكهن .
وكأنت الملاحظة تقام على فترات منتظمة من كل أسبوع بينما تناقش نتائجها فيما بين مجموعة البحث
المشاكل المتعلقة بالملاحظة المباشرة :
كأنت ماهلر واعية تماماً بالمشاكل الخاصة بتعميم النتائج المستمدة من الملاحظة للمراحل جد الباكرة ولكنها إعتبرت أنه في مرحلة ما قبل الكلام ، يكون من الضروري وضع على قروض تتعلق بالوظيفية داخل النفسية ابتداء مما يبدو لها على سطح السلوك . ونجدها تلح على أهمية مجال الحركة مؤكدة أن التدريب الحركي هو شكل التعبير الرئيسي للدفاعات والإفراغ بالنسبة للطفل الذي يبلغ سنة من العمر .
وهكذا تعتبر الحركة بمثابة الكاشف عن الحياة داخل - النفسية ، ومن ثم فإن التحركات الخاصة بالتقارب أو التباعد عن الأم إنما تفصح عن تقلبات عمليات
الصفحة99
الإنفصال أو عمليات الإلتحام بالأم .
وتعتبر ماهلر أن وضعها كباحثة يقع فيما بين مجموعتين من المحللين النفسيين ، إذ أنها تشبه مجموعة ميلأني كلاين من حيث إضفائها أهمية عظمى للحياة النفسية الداخلية من جأنب ، إلا أنها تشبه مجموعة المحللين الذين ينظرون بعين الشك لمنهج إعادة البناء وخاصة في حالة أطفال ما قبل مرحلة الكلام .
وتتعلق الملاحظة بما يظهر من سلوك ، إلا أن المعطيات من شأنها أن تكشف عن عمليات داخلية - نفسية تلك التي ترتبط بالإنفصال - التفرد وحينما تتحدث المطلة عن الإنفصال فإنها لا تعنى به مجرد الإنفصال الجسدي عن الأم ، وإنما يتضمن المفهوم أيضاً معنى التحقيق داخل - النفس لحالة الإنفصال أعنى الإنفصال على المستوى النفسي . والأمر بالمثل فيما يتعلق بمفهوم السمبيون الذي تشير به أولاً إلى تخييل الإلتحام ، فهو لا يشير إلى ما يعبر عنه الفرد من سلوك فحسب وإنما يشير بالمثل إلى ما يعبر عنه الطفل في سلوكه من التصاقه بأمه . وتأتي معظم مشاكل الملاحظة المباشرة من قدرة الباحث على الإستنتاج لما وراء السلوك الظاهر من عمليات داخلية - نفسية .
وفيما يلى وصفا لمراحل النمو السوي :
أولاً مؤذنات عمليات الإنفصال - التفرد :
(1) المرحلة الذاتوية السوية :
تتميز حالة الوليد بعد خروجه من الرحم بأنها تشبه النموذج التنظيم المونادي (1) . فهو يعيش حالة من الإكتفاء الذاتي ويحقق رغبته عن طريق الهلوسة . ويغيب العالم الخارجي تماماً بالنسبة له ومن ثم تطلق ماهلر على هذه الحالة اسم الذاتوية .
ويستشعر الوليد في هذه المرحلة بالقدرة المطلقة لهذا الإطار الذاتوى . وتقتصر الإستثمارات الليبدية على ما بداخل الجسد ولا يحدث تحول في الإستثمار في العالم الخارجى إلى بناء على التعاملات الأمومية المختلفة ، وهذه الحقبة الباكرة تتميز بغياب تام للعالم عن وعى أو عن إدراك الوليد، ويمكن وصف الوليد على أنه كائن فسيولوجي أكثر منه كائن نفسى من حيث أن تنظيمه النفسي تسيطر عليه المنعكسات الموروثة ومحاولات خفض التوتر التي تعمل على نحو تلقائي ، وتكون
الهوامش :
(1) المونادي : تعني منفرد ولكنها في فلسفة ليينتس Leibnitz تعني كائناً يحتوي علي كل مكونات الوجود منفصلاً عن غيره من هذه الجواهر المشابهة
الصفحة100
مهمة الكائن في هذه المرحلة هي الحصول على التوازن النفسي وذلك من خلال ميكأنزمات نفسية - جسدية . وتتميز استجابة الوليد المثيرات سواء التي تأتيه من الداخل أو من العالم الخارجي بأنها غير متميزة غير محددة ذلك أنها بمثابة آثار الحياة الجنينية مما يعنى غياب التفاضل عند الوليد وبالمثل فإن كل وظيفة من وظائف الوليد تحل محل الأخرى. ورغم غياب الشحن للمثيرات في العالم الخارجي فإن هناك مع ذلك استجابة يطلق عليها كل من ولف وفأنتز Wolf & Fantz السكون المتيقظ alert inactivity وهي حالات وقتية ورغمها فإن السكون المتيقظ يكون متحفزاً دوماً للتطور وهو أمر لابد من قبوله إذا كأن علينا أن نتوقع أي تطور أو تقدم في المجال النفسي للوليد وأنبثاقه من حالة الذاتوية السوية .
ثأنياً - بدايات مرحلة السمبيوز :
سبق أن وصفنا حالة الوليد في المرحلة السابقة على أنها ترتكز على محاولاته للحصول على التوازن النفسي فالوليد يشعر وكأن محاولات أمه لخفض توتره ناتجة عن محاولاته هو تلك التي تتمثل في العطس والبصق والتبول، ومع مضى الوقت فإن هذه الظواهر المخرجة بجأنب إشباع أمه له تساعده على التفرقة بين السمة الجيدة المثيرة للذه المرتبطة بالإشباع وعكسها أعنى السمة الرديئة والمؤلمة المرتبطة بالإحباط .
وبفضل وظيفة الإدراك - الذي يعمل على نحو أولى لأنه أحد الوظائف إستقلالية عن الأنا - تتجمع الآثار الذكروية للخبرات في داخل الشروط المحايثة martix الأولية غير المتفاضلة تلك التي تطلق عليها جاكوبسون اسم الذات السيكوفسيولوجية الأولية (الذات النفس فسيولوجية )الأولية وهي ما ترى ماهلر أنها تشحن بالطاقة غير المتفاضلة للدوافع الأولية .
ثم يبدأ الوليد مع وصوله الشهر الثأني من العمر، بالوعي بالموضوع المشبع للحاجة وعياً غائماً مما يشير إلى وصوله البدايات مرحلة السمبيوز السوى .
وحينذاك يشعر الرضيع وكأنه هو وأمه كائنين داخل وحدة تحمل سمة القدرة المطلقة السحرية وهي حالة تشبه ما وصفه Rlonad رولأن رومأن بالإحساس اللأنهائي بالمشاعر الإقيأنوسية Oceanic feeling وأثناء هذه الفترة يتداعى حاجز المثيرات الذي كأن لما يزل بمثابة القشرة الواقية للوليد وبالمثل تحدث نقله في الشحنة من داخل الجسد إلى أعضاء الحس الإستقبالية ليتكون درعاً واقياً عمله هو الإستقبال والإنتقاء، ويبدأ في تغليف وحدة الأم - الطفل ، وتسقط الأحاسيس
الصفحة101
والمدركات الرديئة سواء أكأن مصدرها داخلى أم خارجى إلى خارج هذه الوحدة بحيث تسود حالة اطلق عليها فرويد اسم الأنا خالص اللذه .
ویری ولف في بعض الأحوال القليلة هونا وأثناء حالة السكون اليقظ أنه يبدو على الطفل علامات استقبال المثيرات خارج المجال السمبيوزي وهو ما يحدث رغم قصوره الفسيولوجي الذي يحتم عليه إعتماده على أمه وعلى التواصل الوجدأني وعلينا أن نعى أنه داخل هذه الشروط المحايثة (1) من الإعتماد الفسيولوجي والإجتماعي على الأم يحدث التفاضل الذي يؤدى إلى تكوين الأنا - ذلك الجهاز الذي يكون التكيف واحد من وظائفه .
وأن الإستقبال الحسى للإدراك الملامس يسهل دخول الرضيع في مرحلة السمبيوز الحق وإن كأنت ماهلر ترى أيضاً أن هذا النوع من الإدراك للجسد ككل وبخاصة تلك الحساسية العميقة لسطح الجسد (الضغط على جسد الطفل عند حمله) إلى جأنب الإحساس المتعلق بحركة العضلات والأوتار العضلية إنما يلعب دوراً هاماً في السمبيوز ، كما ترى أنه بجأنب الفجوة الأولية الفم وماحوله التي وصفها شيبتر ، فإن هذه الأنماط - سابقة الذكر - إنما تلعب دوراً حاسماً في الفة الطفل بشريكه في السمبيوز وكذا في تشكل السلوك في إطار متقولب .
إلا أن ما سبق لا يعنوأن يكون في إطار الخبرات الحشوية ومن المهم هنا أن نشير إلى أنه خلال هذه المرحلة تتحول الشحنة من الأعضاء الحشوية نحو أعضاء الإستقبال وهي خطوة هامة على طريق الإدراك للعالم الخارجي وهناك خطوة هامة موازية للخطوة السابقة أعنى تحول الطاقة غير المحيدة للعدوأن إلى خارج الجسد بواسطة الإسقاط ، ومن ثم تتعدل النرجسية الأولية إلا أنه رغمها لا يتخذ عالم الموضوعات شكلاً محدداً بعد .
كما يشيد الإحساس بالهوية ابتداء من نواه تعتمد على أحاسيس الغلاف الخارجي للجسد ، وتلعب الأم في هذه الأحوال دور الأنا المساعد بحيث تخدم وتحمى الطفل بسلوكها الحاضن الذي تعتبره ماهلر المنظم (2) للسمبيوز .
الهوامش :
)1) المحايث : عند الفليسوف كأنت هو ما تتضمنه الخبرة أو الفكرة من أشكال قد توهم بأن لا أصل لها إلا من الخارج أو إنها من نوع مفارق .
(2)المنظم : مصطلح مستعار من علم الأجنة يشير إلى تلاقي عدة مسارات من النمو البيولوجي عند نقطة محددة من الكائن مما يؤدي إلى توليد مجموعة من العناصر المنظمة تؤدي بدورها إلى عوامل تطورية .
الصفحة102
وتفترض ماهلر أن الآثار الذكروية التي ذكرناها أعلى والتي تتزايد مع مرور الوقت تبدأ في التفاضل على نحو جد ضئيل فيما بين خبرات طيبة وأخرى رديئة ) وهذا التفاضل البدائي يستحيل أن يحدث إلا إذا كأن هناك حالة من التوازن النفسي الأمثل داخل السمبيوز فالأمر بكليته إنما يعتمد على تناغم أنماط الشحن فيما بين الأم وطفلها ثم يعتمد على تبادل أنماط السلوك الذي يبدو في شكل تبادل المهديات كما يظهر في الأشكال الباكرة من التكيف إلى جأنب قدرة الوليد على إستقبال السلوك الحاضن المشيع الذي تحبوه به أمه .
وهنا ينبغى علينا التحدث عن الأوجه الفرعية لعمليات الإنفصال - التفرد :
(1) الوجه الفرعي الأولي : التفاضل وتطور صورة الجسد : نستطيع أن نتبين أول وجه فرعى أعنى التفاضل من خلال مظاهر سلوكية تبدو قرابة الشهر الرابع أو الخامس من العمر إذ يعتاد الطفل وجه أمه ويبتسم له ويرى بولبي Bowlby أن استجابة الإبتسام تعد العلامة على تكوين رباط جوهري بالأم . وحينذاك يمكن للملاحظ رؤية علامات على التفاضل ، وأن الإنبثاق خارج السمبيوز إنما يعتمد على حصول الطفل على إشباع سمبيوزي أمثل ، وتطلق ماهلر على هذه العملية من التفاضل اسم البرقية Hatching وتشير بها إلى خروج الفرخ خارج اليرقة وهذه العملية من التطور تحدث مع نمو التنظيم الإدراكي الشعوري الأمر الذي يسمح للطفل بالإنتباه فترة أطول ، ذلك أن الإستثمار في العالم الخارجي يتزايد ، أما من حيث السلوك فإن مميزات التفاضل تبدو في شكل شد شعر الأم والإمساك بأنفها وأذنيها ووضعه للطعام في فهما ثم نراه يبتعد بالنصف الأعلى من جسده مبتعداً عن الأم حينما تحمله محاولاً ملاحظتها بشكل أفضل وترى ماهلر هذه الأنشطة على أنها علامات على بداية التفاضل فيما بين أحاسيس جسد الطفل وجسد أمه ، ويسود تعلق الطفل بالموضوع المعبري في هذه الفترة ، ثم إنه ابتداء من الشهر السابع أو الثامن يتجه الطفل نحو إكتشاف العالم وذلك بفضل إكتساب القدرة على الحركة فنراه يبتعد عن أمه ثم يقارن بينها وبين الغرباء وحينذاك تظهر استجابة حصر الشهر الثامن (شيبتر) .
وتتميز حالات الذهأن الذاتوى بقصور في عمليات التفاضل وقد وجدت ماهلر أن هؤلاء الأطفال قد خبروا مصاعب شديدة في إنفصالهم عن أمهاتهم كما وجدت أن البعض الآخر قد تفاضل عن أمه في فترة باكرة ، وهناك حالات أخرى أبدت الأم فيها ثنائية وجدأنية تجاه طفلها فتأرجحت فيما بين اتجاه متدخل واتجاه
الصفحة103
طفيلي ، وهناك أمهات أخريات قد أبدين لذة عظيمة في إرضاع أطفالهن بواسطة الثدى مما عاق إنفصال أطفالهن عنهن إنفصالاً تدريجياً ، ومثل هؤلاء الأمهات ارتبطن بأطفالهن إرتباطاً وثيقاً بحيث لم يسمحن لأطفالهن الإستقلالية بوظائفهم ، هذا وهناك أمهات أخريات لم يتحملن التواصل السمبيوزي وكن قاسيات تجاه أطفالهن قسوة شديدة مما دفع هؤلاء إلى تفاضل باكر .
(2) الوجه الفرعي الثأني : مرحلة المرأن : تبدأ هذه المرحلة عند سن عشرة أشهر حتى خمسة عشر شهرا إذ يحدث تقدم متزايد في الإستثمارات الخاصة بالأداء الحركي، ونرى الطفل حينذاك في قمة حالة حب العالم وحب الموضوعات غير الحية ، عالم مختلف عن أمه إلا أنه امتداد لحبه لها ، وأن ما يساعد على إنبثاق مرحلة المرأن هو القدرة على المشى التي يكتسبها الطفل حينذاك ، ويصاحب المشي الشعور بالنشوة واللذة القصوى والإستثمار في ممارسة الوظائف وحينذاك يبدو الطفل وكأنه لا يبالي بالإحباطات البسيطة وبالإخفاقات العادية ، ذلك أنه يعيش حالة من القدرة المطلقة السحرية هذا بالإضافة إلى أنه يرجع إلى أمه من حين لآخر لإعادة الشحن Refueling ويبدو على الطفل علامات استقلال نسبى وعلامات على أنه أصبح أقل رهافة مما سبق ، ثم أنه يشيد مسافة معينة بينه وبين أمه ، مما يريح بعض أمهات لا يسترحن للإحتكاك الجسدى مع أطفالهن . وهناك أمهات على العكس مما سبق تسترحن الاستمرار السمبيوز ، وتضفي ماهلر على المشي أهمية قصوى بالنسبة لعمليات التفرد : من حيث أن نظرة الطفل تختلف فهو يدخل عالماً من منظور جديد ، إذ يواجه مشاعر لذة جديدة كما يواجه الإحباط ، ويمارس بإرادته فحسب خبرات إنفصاله عن أمه ، ويبدو على الطفل أنه وصل إلى ذروة تخييلاته بالقدرة المطلقة السحرية تلك التي تستمد إلى حد كبير من تخييله بأنه يشارك أمه في قدرتها المطلقة السحرية .
(3) الوجه الثالث : مرحلة التقارب تغطى هذه المرحلة الفرعية الفترة ما بين سن ستة عشر شهرا وأربع وعشرين شهرا ، وهي حقبة يبدو فيها الطفل وكأنه يسعى للإحتكاك الجسدي بأمه كما تبدو لديه علامات واضحة على حصر الإنفصال وقلق دائم من مكأن الأم بالقياس إليه ، ورغم أن الطفل يكون قادر على المشي في هذه السن إلا أنه يستشعر أحاسيس الإحباط المتزايد عند أول سقطة فترى إحساسه بأنفصاله عن أمه يهدد تقديره لذاته وحبه لنفسه كما يهدد احساسه بالقدرة المطلقة السحرية وينشأ وبالتالي اضطرابات وأعراض مرضية ومشاكل تتعلق بالوظائف الحيوية للطفل مثل النوم واتجاهات متزايدة بالمطالبة ، ويمكننا أن
الصفحة104
نجد حينذاك اضطراب في العلاقات بالأم تتسم بالعداء وفترات طويلة من البكاء والسلوك السلبي والتدميري تتناوب مع فترات من التقارب في أوقات غير مناسبة ، وتجد الأم نفسها في حيره إزاء طفلها الذي يبدى سلوكاً شديد التناقض فيتراوح فيما بين الإستقلال عنها والإلتصاق بها . ويتضح لنا أن هناك عمليتين مكملتين لبعضهما البعض أعنى الإنفصال - التفرد .
وابتداء من السنة الثأنية تحدث تطورات هائلة في شتى وظائف الأنا ، ومن ثم يحدث تقدم على مسار التفرد فنرى تقدماً في القدرة على المشي في الوقت الذي يكتسب فيه الطفل قدرة معرفية يطلق عليها بياجيه Piaget اسم الذكاء التمثنى هذا الذي يبدو ذروته في اللعب الرمزي وفي اللغة ، أما بالنسبة لماهلر فإن الأمر يشير إلى عمل وظيفتين تلعبأن دوراً تنظيمياً وتسيطرأن على الميلاد النفسي للطفل مع نهايات مرحلة البرقية مما يسمح بأنبثاق أولى للإحساس بالهوية وفي الوقت نفسه نرى على الطفل قبول إنفصاله عن أمه ، فنراه يتأخر في إكتساب الإحساس بالإنفصال والحساس بالهوية وذلك في مقابل التقدم المتزايد دوما ، لوظائف الأنا . وينبغي إضافة أنه أثناء هذه المرحلة يعأني الطفل من سلسلة من الصراعات الشرجية ويحدث تطور في نفس الوقت للدفعات العدوأنية ، ترتبط بظواهر الغيره والحسد والرغبة في التملك الأمر الذي يسهم في تزايد حصر الإنفصال ، وأن أحد المحددات الهامة في التشخيص أثناء هذه المرحلة ، هو نوع العلاقة التي سيشيدها الطفل مع أمه وخاصة فيما سنراه من أنشطة تباعد ثم تقارب معها ، وأن سلوك المخالفة الذي يعد سلوكاً نمطياً للمرحلة الشرجية إنما يحمى الطفل من رغباته في الإلتحام بالأم والتراجع إلى حالة السمبيوز ، ومن المهم في هذا المرحلة دراسة استجابات الأم .
وأخيراً فإن هذه المرحلة الفرعية تعدها ماهلر مرحلة حاسمة من حيث أنها تفقد قدرة الأم على التحكم في إتجاهاتها التي تحمل طابع التناقض الوجدأني وبالمثل قدرتها على قبول فكرة تحكم الطفل فيها واقترابه منها يضعها في جو قريب من السمبيوز ، في الوقت الذي يكون فيه قد إكتسب لتوه وظائف جديدة تمنحه إستقلالية أكبر وإن القدرة التي سيحصل عليها الطفل من إستدخال أنشطة الأم وتوجده بها إنما تعتمد إلى حد بعيد على قدرة الأم على الوجود أثناء قدومه ورواحه وأثناء إتجاهاته المتناقضة تجاهها وينبغى على كل أم أثناء هذه المرحلة أن تتسم بالمرونة بحيث تتقبل تحولها إلى ملجأ للطفل وتتقبل بالمثل ابتعاده واستقلاليته عنها .
الصفحة105
وتأخذ مرحلة المرأن أهمية خاصة في صياغات ماهلر، من حيث أنها تعتبرها نقطة تحول جوهرية في نمو الطفل النفسي ، فعندها تحدث تطورات مختلفة : تطور التفكير الرمزي وتقدم الإستثمارات التي تشحن وظائف الأنا وخاصة الوظائف الحركية كما تسهم بنفس القدر في إنهاء المرحلة الشرجية ثم إكتشاف الفروق التشريحية بين الجنسين . وكلها علامات على بدايات التفرد. واكتساب قدرة أكبر على التعبير الإنفعالي وتواجه هذه المرحلة عديداً من صور الحصر المميزة لها ، فتجد في مقام أول حصر الإنفصال ثم حصر فقدأن حب الموضوع ، وتساهم هذه الصور في الحالات المرضية في نقص شديد النرجسية التي تؤثر على نحو عميق في النمو التالي للشخصية . وتضفي ماهلر على هذا الأحداث أهمية قصوى في تكوين العصاب هذا الذي نرى في تحليل مؤذناته كل التقلبات الخاصة بهذه المرحلة . وبالمثل يمكننا أن نرى في هذه المرحلة الطرز الأولية للإكتئاب . وفي النهاية إذا ما أخفقت الأم في إشباع طفلها فإنه يستنفذ كل طاقاته في محاولة استعادة الإيهام بالإلتحام مع الموضوع بحيث يصبح مضطراً لإقامة إسقاطات وإنشطارات مكثفة الحماية موضوعه من عدوأنه في الوقت الذي يتداعى عنده إحساسه بالقدرة المطلقة السحرية ، أثر إخفاق الأم في الإمتثال لحاجاته المرتبطة بحقبة التقارب وإن هذا النقص في أحاسيس القدرة المطلقة إلى جأنب العدوأنية الشديدة في التفاعل مع الأبوين والذي يصاحب العدوأن ضد الذات . إنما يسهم في الإحساس بأن الطفل لاحول ولا قوة له الأمر الذي يميز حالات الإكتئاب . كما تسهم الصدمات التي يواجهها أثناء المرحلة الشرجية وإكتشافه الفروق بين الجنسين في الإحساس بنقص في النرجسية وفي إستعداده للإكتئاب وترى ماهلر أيضاً أن كثير من الحالات البيئية إنما تعتمد على تفاعلات مرحلة التقارب ، وعلى الأخص ما يتعلق بميكأنزمات من قبيل الإنشطار وبالمثل تكوين الشعور بالذات .
(4) الوجه الفرعي الرابع : دوام الموضوع : تعد ماهلر هذه المرحلة مرحلة بلا نهاية ذلك أن ثبات أو دوام الموضوع يستمر في الوظيفية مع النمو اللاحق ولنقل أننا نشهد أثناء السنة الثالثة علامات على بزوغ شكل من تمثل دوام الموضوع وعلامات على تفاضل لارجعة فيه، وأن المهمة الأساسية لهذه المرحلة الفرعية تكمن فيما يلى : الحصول على مشاعر بالتفرد الدائم ثم الحصول على دوام الموضوع ، وهذه الأنماط الوظيفية تكون بمثابة العلامة على حدوث تطورات مختلفة وخاصة في مجال الإستدخال ، ويمكن في النهاية أن يصبح ثبات الموضوع أمراً واقعاً بفضل إستدخال تمثل الموضوع المتكامل والأجزاء الطيبة والرديئة ) وتحدث
الصفحة106
التحام في دفعات تحمى الموضوع من العدوأن ، وأثناء هذه المرحلة يحصل الطفل على الإحساس بالذات ، وأن إستدخال الأم بوصفها مشبعة للحاجات والرغبات هو الذي يسمح بتطوير صورة نفسية داخلية للأم ، كما أن ثبات الموضوع هو الذي يسمح للطفل بالعمل وحده ويصبح بالتدريج حاملاً لمناعه ضد أشكال الحصر المرتبطة بإنفصاله عن أمه .
ومن وجهة نظر إكلينيكية ، فإن الأطفال يتعاملون بسهولة أكبر ويتعاملون مع إحباطاتهم على نحو أفضل ووجدأناتهم لا تتأثر بالتوتر والإشباع في هذه المرحلة ، ويقوى تحملهم لغياب أمهاتهم ويهتمون بالآخرين، وبالمثل نرى نمواً في إكتساب الرمز في شكل قدره على لعب الأدوار . مما يشير بدوره إلى رسوخ تمثلاًت الأم داخل - النفسية وتحل محل الأم الواقعية ، كما أن النرجسية تكون قد قطعت شوطاً في التقدم بحيث يصبح الطفل أكثر قدرة على إحتمال صوره أكثر واقعية للأم .
وأخيراً فإن هذه المرحلة تتميز بأن الطفل يبلور إحساسه بالتفرد على نحو مستقر تلك التي تعتمد على تمثلاًت الذات منفصلة عن تمثلاًً الموضوع ومن ثم يتأكد تمثلاًت الموضوع في نفس الوقت الذي تتأكد فيه تمثلاًت الذات .
الصفحة107
نقد وتعليق
كأنت ماهلر وبحق أخلص إتباع هارتمأن فقد شيدت أعمالها على أساس من أعماله وأكدت على النمط الشخصي personal للعلاقات بالواقع وقد جاءت مشكلة التكيف في أعمالها مستمدة من البيئة الإنسأنية فبالنسبة لماهلر أن ما يميز النمو السوى لا يشيد - كما ذهب فرويد - على أساس من تخطى ناجح المركب أوديب ثم سيادة التنظيم التناسلي ، وإنما يكمن النمو السوى في رسو الوليد أمثلاً في السمبيوز وهو الشرط الأساسي لتكوين هوية ثابتة في عالم من إدراك الآخر على مستوى الواقع يمكن الوثوق فيه وتوقعه .
ونرى من عرضنا السابق أن القأنون المنظم للنمو عند ماهلر إنما يعتمد على العلاقات بين الذات وموضوعاتها إلا أن تأويلها والقوأنين التي تفسر بها هذا إنما يعتمد على النظرية الكلاسيكية في التحليل النفسى «نظرية الدوافع» .
وتتخذ إسهامات ماهلر مكأنة مركزية وهامة في تاريخ تطور حركة التحليل النفسي ، فإن وصفها لإنبثاق الطفل خارج الإلتحام البدائي نحو التفاضل والإعتماد على الذات يلقى للدارس أضواء على الصراعات الأساسية في الطفولة مختلفة تماماً عن تلك التي قدمها فرويد ، فالطفل بالنسبة لفرويد كأن يعيش صراعاً على الدوام فيما بين الدوافع المتعارضة بداخله ، أما بالنسبة لماهلر فهو كائن يسعى للتفرد والإستقلالية رغم وجود دفعة قوية للإستسلام والإلتحام بالآخر مرة أخرى .
وإذا كأنت ماهلر قد اتخذت من الملاحظة المباشرة أساساً لدراساتها لسلوك الأطفال السوى والباثولوجي على حد سواء، فإن مثل هذا الإتجاه إنما يمنح للدارس فرصة عظيمة لملاحظة تكوين الشخصية السوية أو الباثولوجية في حالة تخلفهاin statu nascendi وذلك قبل أن تستدخل وتبنى مما يؤدى إلى التأكيد على الجوأنب التفاعلية للنمو والتطور، لأنه على وجه الخصوص هذا التبادل أو التفاعل بين الطفل والآخرين هو محط الملاحظة .
ومن الواضح أن ماهلر تضفي أهمية قصوى للوالدين في تفاعلهما مع الطفل وتستمد هذه الأهمية من دور الوالدين بوصفهما موضوعات الطفل الليبدية والعدوأنية ، وهكذا فبينما يكون من المفهوم أن للشخصية الوالدأن أهمية عظمى وأثراً كبيراً على نمو الطفل فإن هذا الأمر إنما يتم لأنهما يقومأن بوظيفة
الصفحة108
الموضوعات بالمعنى التقليدي للمفهوم .
وإن التنافر فيما بين الملاحظات عن العلاقات والتفسيرات المرتبطة بالدوافع التقليدية ، أجبر ماهلر على تطويع الإطار التقليدي في التحليل النفسي لإحتواء منظورها
وهذه النظرية تعد وصفاً لشكل من أشكال العلاقات بالموضوع أعنى العلاقة السمبيوزية وشكلاً من أشكال الإستثمار أعنى الإستثمار في الوحدة الأثنينية الممثلة في الموضوع والذات ، إلا أن هناك مفارقة وهي أن الأمر هذا لا يمكنه أن يكون علاقة بموضوع لأنه لا تفرقه بعد فيما بين ذات وموضوع .
ولابد لنا هنا أن نشير إلى أن إضافات هارتمأن قد خدمت حركة التحليل النفسي في تحولها من نظرية الدوافع إلى النظر للفرد بوصفه كائن في مواجهة مباشرة مع بيئة وذلك بتقديمه لمفهومي التكيف والبيئة المثلى المتوقعة average expectable environment التي تحرك العمليات التكيفية .
وهكذا تعد إسهامات هارتمأن بمثابة نقله في تصور الإنسأن من مجرد كائن بيولوجي إلى كائن له مكأن في النظام البيئي .
وترى ماهلر تعيد تعريف البيئة لتتطابق مع شخص الأم ، هذا وتفهم أن وظائف الطفل التكيفية إنما تهدف إلى جذب الأم له ولإستخدامها في تحقيق رغباته .
وترى أن البيئة المتوسطة والمتوقعة إنما تكمن في تفاعل الوليد مع أمه ، هذا في حين أن بيئة هارتمأن لم تكن محددة فقد تحولت في نظرية ماهلر إلى الأم العادية المكرسة جهودها لطفلها ordinary devoted mother الأم المخلصة العادية .
وهكذا فإن ماهلر قد حددت مفهوم هارتمأن القدرة على التكيف فيما يلى : أن القدرة على التكيف هي القدرة على تكوين نمط محدد من العلاقة بالموضوع مع الأم والعلاقة بالموضوع ، أعنى السمبيوز هي أول مرحلة من التكيف ، وتشيد علاقة سبيموزيه إنما يتطلب المشاركة فيما بين طرفي السمبيوز (وهو أمر لا يتم على نحو متوازن) فالطفل يجتذب أمه إليه بواسطة قدرته الموروثة الأمر الذي لا يكون ناجحاً إلا في نطاق بيئة متوسطة التوقع ووجود أم عادية مهتمة بطفلها والموضوع السمبيوزي الخاص بماهلر هو بالضرورة شخص، وفي محاولة من جأنب ماهلر لمد وجهة نظر
الصفحة109
هارتمأن الخاصة بالتكيف أكدت ماهلر على حاجة الوليد بالضرورة إلى علاقات إنسأنية إلا أنها على عكس ساليفأن وفير بيرن ترى أن هذه الحاجة تستمد من الحاجة إلى البقاء ولا تعكس دفعة أولية نحو التضامن الإنسأني ) . ويشبه مفهوم ماهلر Ordinary devoted mother الأم المخلصة العادية مفهوم وينكوت الأم الجيدة بما فيه الكفاية، ورغم إستئناس ماهلر بمفاهيم وينكوت إلا أنه وصف نظريتها على أنها بيولوجية للغاية - وأن إعتراضه يوفر صورة جلية للإختلاف الأساسي فيما بينهما فنظرية ماهلر تنظيماً حول القدرات التكيفية للوليد أكثر من وينكوت .
أما بالنسبة لوينكوت فهناك ذات منذ البداية وأن الأم الجيدة بما فيه الكفاية هي الأم القادرة على تحديد والتقاط إشارات الطفل وهي التي تستجيب للذات الوليدة بشكل إيجابي ، أما الأم بالنسبة الماهر فهي التي تسعى لإشباع الحاجات البيولوجية لوليدها ، وأن فكرة ماهلر بأن الطفل يتكيف لرغبات أمه الشعورية واللاشعورية إنما يعكس فكرة الذات الزائفة عند وينكوت .
إلا أن ماهلر تقدم صياغة جديدة في وقت لاحق تبدو في مفهوم تبادل المهديات أثناء السمبيوز إنما يخلق من الطفل هذا الطفل الخاص بأم معينة » ، إلا أن الأمر مع هذا إنما ينشأ في إطار بيولوجي .
وقد قدمت ماهلر رسماً تخطيطياً للسمات الأساسية لنمو الوليد ونزوغه من اللاشكل إلى الشكل يختلف عن الرسم التخطيطي في التحليل النفسي التقليدي ، إذا أن الوليد - عندها - لا يصبح شخصاً إلا بإنغماسه ثم إنبثاقه من شخصية الأم ، أما أساس التطور فيتوقف على أنماط التقارب - التواصل - Relatedness بدلاً من خفض التوتر وتؤكد على طبيعة العلاقة بين الطفل وأمه وما ينتج عنها إنما يصبح أساس لتكوين البنيأن النفسي . ورغم ذلك فإنها تظل مخلصة للنظرية الكلاسيكية الخاصة بالدوافع إلا أنها تنسج تجديداتها داخل الإطار القائم للنظرية التقليدية في حين أن وينكوت يعلن إخلاصه لها إلا أنه لا يفتأ يبتعد عنها كل البعد ، وأن مفهوم السمبيوز الذي تستخدمه إنما يشير إلى علاقة حقيقية بين الشريكين ، علاقة تحمل مسالكاً وأنشطة مطلوبة من كليهما لاستمرارية حياة أحدهما ، وفي أماكن أخرى تجدها تتحدث عن السمبيوز على أنه يدل أو يشير إلى حدث - نفسي - داخلي أعنى أنها تعتبره تخييل ، والسمة الأساسية السمبيوز هي سمة هلوسية أو هذائية للإلتحام النفسي الجسدي مع تمثل الأم .
الصفحة110
وهنا نجدنا بإزاء غموض وتناقض فالسمبيوز حدث نفسي - داخلي أو تخييل قد يحدث مستقلاً عن الأحداث في هذا المجال . وهو وصف أسلوك بين إثنين وهو في الوقت نفسه تفسير ميتاسيكولوجي لسلوكهما ، وأن هذا التناقض إنما يرجع في الواقع إلى وضع ماهلر المفاهيمها العلاقية في إطار النظرية التقليدية القائمة .
وباستخدام مصطلح سمبيوز للدلالة على كل من علاقة واقعية وعلى علاقة داخلية محتومة ليبديا استطاعات ماهلر خلق حدود فيما بين النظرية النمائية للعلاقات بالموضوع وميتاسيكولوجيا الدوافع ومن ثم تصبح نظرية السمبيوز والإنفصال - التفرد مساراً نمائياً داخل - نفسي منفصلاً .
كما أن أول علاقة يقيمها الطفل هي علاقة التحام أو إندماج في آخر .
وبالنسبة لمفهوم النرجسية التقليدي عند فرويد فلم تغيره ماهلر تغييراً جذرياً - مثلما فعل كل من جاكوبسون وكوهوت وكرنبرج اللذين فسروا النرجسية بمفاهيم بنائية ومعرفية بينما النرجسية في المفهوم التقليدي الفرويد مفهوم مرتبط بالطاقة فحسب - وإنما جعلت من المرحلة الذاتوية مرحلة تتميز بإتجاه الطاقة إلى الداخل تماماً كما ضمنت السمبيوز في مرحلة النرجسية الفرويدية مما يطور مظهراً من مظاهر المفهوم الأساسي الذي يتضمن تناقضاً في حد ذاته .
فالنرجسية بالمعنى التقليدي تشير إلى شكل (نمط) من أشكال الليبدو ومن ثم فإنه ينتمى إلى وصف المفهوم بمفاهيم الطاقة كما يشير مفهوم إختيار الموضوع على نحو نرجسي شكلاً من أشكال العلاقة بالموضوع، وبالمثل فإن إستخدام ماهلر النرجسية إنما يتضمن نفس التناقض إلا أنها على عكس فرويد حاولت حل التناقض وكأن هذا جزء من إستراتيجيتها أعنى المواسة النظرية لأن نظريتها في نهاية الأمر ماهي إلا محاولة للقيام بتكامل الأنماط الخاصة بالعلاقات بالموضوع التي رصدتها عن طريق الملاحظة في إطار تفسيرى لا يخرج عن النظرية التقليدية في التحليل النفسي .
وهكذا فإن مفاهيم ماهلر : الذاتوية السوية والسمبيوز السوى والإنفصال - التفرد هي مفاهيم يمكن أن ينظر إليها على أنها مفاهيم علاقات بالموضوع ، ورغمها فإنها تكيف هذه المفاهيم كى تدخل في نطاق النظرية التقليدية . أعنى نظرية الغريزة .
ونرى أن ما هلر تفسر الاضطرابات الذهنية - وأيضًا البينية باضطرابات في مراحل الإنفصال - التفرد ، إلا أنها تضيف فيما بعد( بعدها بسنتين) أن
الصفحة111
وفي نفس العمل تقترح أن الخبرة مع الشريك السمبيوزي هي المحدد الجوهري لتكوين الشخصية فيما بعد سواء أكأن التكوين سوياً أم باثولوجيا ، مما يضع نظريتها في تعارض مباشر مع النظرية التقليدية في التحليل النفسي التي تعتبر مرحلة الأوديب المحدد الحاسم لأي تصور باثولوجي .
ومن ثم فإن نظرية ماهلر - بما تحمله من ثيما التعلق ثم رفض التعلق بالآخر في حركة علمية فيها ابتعاد عن المرحلة الأوديبية أو تراجع إلى مرحلة زمنية أبكر - مثل نظرية العلاقات بالموضوع ، ومن منظور التطور النفسي الجنسي . وهكذا فإن نظرية ماهلر قد أضافت فهماً جديداً للتعلق الإنسأني ، فالمسألة الجذرية ليست إشباع الغريزة وإنما الحصول على هذا القدر الهائل من الحنأن والأمأن واللذة في خبرة من العلاقة الكاملة بشخص آخر .
الصفحة112
الفصل الخامس من الباب الثاني: الهستيريا عند الطفل والمراهق
مقدمة :
أحدثت حركة التحليل النفسي ثورة هائلة في فهم أشكال التنظيم الهستيري منذ ظهور دراسات في الهستيريا» (1-1895)، إلا أن هذا الفهم لا يمكن تطبيقه على مجال الطفولة بسهولة، ذلك أن الفهم التقليدي للهستيريا يتضمن فكرة أن ظهور السمات الإكلينيكية لا يحدث إلا بعد وقوع الصدمة بفترة زمنية ، أعنى عندما يسمح النمو الجنسي - النفسي بإضفاء معنى على تلك الأحداث الصدمية التي جرت في الطفولة ، ورغم أن المتخصصين في مجال الطفولة يتحدثون عن وجود هيستيريا ، إلا أنهم يختلفون فيما بينهم إختلافاً كبيراً فيما يتعلق بطبيعة وأشكال المظاهر الإكلينيكية لهذا المرض .
وعلينا أن نسلم باديء ذي بدء بندرة البحوث التي كرست الدراسة مظاهر التحول الهستيري في الطفولة أو بإتخإذها موضوعاً لبحث وصفي منظم اللهم إلا ما قام به ستوكي Stuki في عام (2) (1965) من مسح شامل لهذا الموضوع مما أفصح عن ندرة الدراسة في هذا المجال ، ثم جاءت رسالة روف دوفأن - Rueff Du val في الطب النفسى في عام 1962بفرنسا وكرست الدراسة حدود الأحداث الهستيرية لدى الطفل . (۳) .
اما سوتر Sutter فقد قام بدراسته على موضوع الهستيريات لدى الطفل والمراهق في عام (1968-6) وإهتم في هذا السبيل بتلك الأعراض التي يمكن إعتبارها نادرة الحدوث في الطفولة والتي تتمثل في اضطرابات في النمو لا تحمل نتائج خطيرة مادام الاضطراب لا يستمر حتى فترة المراهقة ، كما أشار إلى عديد من مظاهر الهستيريا التي تبدو في التجوال الليلي والشلل الزائف أو إستحالة الوقوف أو الجلوس بقدر ماتظهر في إتجاهات وأشكال معيبة من السلوك .
وفي عام 1959إنخرط كل من ميشوه Michaux وفوجلاد Vaugelade (4) في وصف المسرحة الهستيرية، بينما أشار أجوريا جيرا Ajuria-Guerra في عام (-5-1971) إلى إنتشار الهستيريا لدى الفتيات وظهورها على نحو وبائي في
الصفحة115
المدارس الداخلية كما وصف أشكالاً من التعبير الجسدى يترجم عن نفسه في شكل اضطراب حركي إلى جأنب اضطرابات حسية تبدو بوجه خاص في شكل العمى الهستيري ونوبات تشبه التجوال الليلي كما أشار إلى أن رسم المخ الكهربي لدى هؤلاء يشير إلى ما يمكن أن نطلق عليه قصور في النضج لا يحمل طابعاً محدداً .
وفي الوقت الذي نجد فيه فرويد يقرر أن الصدمات الجنسية الطفلية لا تؤدى إلى ظهور الأعراض الهستيرية إلا في وقت لاحق ، أي في اللحظة التي يستطيع عندها الكائن أن يقيم التحولات اللازمة لظهور الأعراض ، نجد أنا فرويد تتحدث عن ظهور فقدأن الشهية الهستيرى في سن سبعة وعشرين شهرا وتربط فيما بين فقدأن الشهية والهستيريا والكبت(7),
هذا ويصف بروكتور Proctor اضطرابات نفسية حركية على أنها اضطرابات هستيرية تتسم بتفريغ شحنة غرزية مباشرة من خلال الجسد (8)
وفي دراسة قام بها كل من سيشل Sichel وبوبية Poupier عام 1974، حاولا التأكيد على غياب ظهور الهستيريا قبل سن أربعة أعوام وبالمثل درسا المظاهر البسيطة والعابرة والاضطرابات الأكثر استمرارية (ثباتا) والتي وصفاها على أنها أحداثا هستيرية )9) .
أما دياتكين Diatkine فقد ناقش في عام ١٩٧٤ فكرة وجود التحول الهستيرى لدى الطفل الصغير في الوقت نفسه قام كل من كريسلر Kreisler وفين Fain وسئوليه Soule ((10)بوصف للتحول الهستيرى لدى الرضع كما قام كريمر Cramer في عام (11-1977) بدراسة لأعراض التحول في سن البلوغ ووصفها على أنها ناتجة عن تقلبات الشحن في الجسم .
يبدو مما سبق وجود اختلافات فيما بين المحللين النفسيين فيما يتعلق بوجود هستيريا في فترة الطفولة ، مما يجعل الأمر صعباً على الدارس في مجال الطفولة كما تظهر مشكلة أخرى وهي وضع حدوداً فاصلة فيما بين الهستيريا لدى الطفل والتظاهر الكإذب الذي يشيع بين الأطفال لأسباب كثيرة وسنحاول فيما يلى أن نحدد على وجه الدقة الأحوال التي تسمح باستخدام مفهوم الهستيريا التحولية لدى الطفل الصغير .
الهستيريا والتظاهر بالمرض لدى الطفل :
إن الأمهات وبالمثل الأطباء المتخصصين في علاج الأطفال على وعى تام بأن بعض أطفال يدعون أو يتظاهرون بالمرض حتى لا يذهبون إلى المدرسة وذلك
الصفحة116
لإخفاقهم في دراستهم أو حينما يتوقعون عقاباً من المعلم ، وعندها ترتفع درجة حرارتهم على نحو مثير للدهشة الأمر الذي يعرف في ميدأن طب الأطفال بإسم درجة الحرارة المصطنعة Thermopatiomimie وقد عرض ليبوفش Lebovici (12)لعديد من الحالات التي تدعو للأسى حيث يتمارض الطفل أو يدعى إدعاءات خطيرة في دراسة له عام 1974
ومن بينها حالة طفلة تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً حولت إلى المستشفي ومكثت بها وظلت تحت الملاحظة العلاجية عند نهاية الحرب العالمية الثأنية بسبب ورم كبير في يدها كأنت تحدثة هي على وجه مصطنع بثني ذراعيها فيما بين فراشها والحائط وقد بلغ التظاهر بالمرض بهذه الفتاة إلى أن بترت إحدى ساقيها من عند الركبة ولم تتوقف هذه الحوادث المتكررة إلا عندما وصلت هذه الفتاة إلى سن البلوغ وتزوجت من رجل يكبرها بعدة أعوام . وفي نفس الدراسة وصف الباحث حالة لفتاة أخرى تبلغ من تسعة أعوام كأن يظن أنها تتظاهر بالمرض وتدعى الشعور بالألم في وسطها ، حتى إكتشفوا أخيراً كسر جد ضئيل في العظم .
يبدو والحالة هذه أن مشكلة التشخيص في مثل هذه الحالات تصبح أكثر تعقيداً بسبب وجود أعراض عصابية بسيطة بالإضافة إلى أهمية المكاسب الثأنوية التي يحصل عليها الطفل من جراء الأمراض الحقيقية .
وهكذا تبدو لنا خطورة الوقوع في الخلط بين أعراض الهستيريا من جأنب وبين التمارض الكإذب من ناحية أخرى .
الهستيريا ومرض الكذب :
يبدو من المفيد أن نناقش تلك الحالات التي نراها كثير لدى فتيات يدعين أنهن كن فريسة لإغواء جنسي أو لقسوة شديدة أو لعقاب أو ظلم شديد من أحد البالغين وهناك حالات كثيرة يتهم فيها زوج الأم بإغواء إبنة زوجته مما يستشير تساؤلات مؤداها إلى أي مدى تلعب الزوجة دوراً في هذا الإدعاء ، وفي مثل هذه الحالات يصعب إستبعاد وجود ما يمكن تسميته بالهذاء المتشابك بين فردين delire a deux غالباً ما توحى به إحداهما إلى الأخرى وغالباً ما يكون للأم دوراً فيه ، ومثل هذه المظاهر يصعب تصنيفها في فئة مرضية محددة إذا اعتمدنا على وصف للأعراض فحسب وأن كأن البعض يتحدث عنها أحيأناً بإعتبارها نوعاً من الشئون Perversion
الصفحة117
وتجدر الإشارة إلى أن ليبوفشي يعتبر بعض الحالات التي وصفناها أعلى على أنها تشير إلى أبنية ذهأنية ذات أعراض غير نمطية Atipique ، وعلى أية حال فإنها إشارة إلى نمو نفسي سيؤدى إلى باثولوجية تضع المريض على حافة الذهأن في بعض الأحيأن وتشير في أحيأن أخرى إلى السيكوباتية .
ونحب أن نشير في هذا الصدد إلى أن الإشاعات التي يطلقها الصغار على الكبار يمكن أن تتخذ أشكال جد متنوعة فهي أيسر الطرق التي يعبر بها الطفل الصغير عن نفيه لرغباته ، فالطفلة التي تتهم والدها بإقامة علاقة محارمية معها ، إنما تعبر فحسب عن نفي رغباتها هي أو بالأحرى تعبر عن تخيلاتها اللاشعورية المرتبطة بهذه الرغبة .
وقد وصف فرويد في مقالته "القصة العاطفية Family Romance" تخييلات التبني وتخييلات الميلاد على أنها تخييلات شائعة لدى الأطفال الذين يعبرون عنها أما بشكل سافر أو بشكل خفي ، وتكون جزء من أحلام اليقظة المعتادة .
ونحن في هذا الصدد لسنا ببعيدين عن الأشكال الطفلية للأفكار الخاصة بالبنوة ، ويبدو من الصعب إعتبارها هذيأناً رغم أن بعض أطفال يعبرون عن إعتقادهم في هذه التخييلات مما يعطينا إنطباعاً بأننا أمام تخييلات هستيرية .
وبالمثل فإن هؤلاء الأطفال الذين يعبرون عن قصص تدور حول ثراء والديهم وعن ألقابهم النبيلة وعن عراقة أسرهم (وهي تخييلات تحمل طابع هذاءات العظمة)
فمع التسليم بأن هؤلاء الأطفال يكذبون فإننا نراهم مع ذلك يعتقدون في صحة هذه الأكإذيب إعتقاداً راسخاً ومع ذلك فهم يقصرون روايتها على أصدقائهم وزملائهم ، مما يشير إلى التقارب بين مظاهر الهستيريا وأنواع من الذهأن تأخذ طابعاً سيكوباتياً .
هل توجد هستيريا تحولية في الطفولة ؟
علينا أن نتساءل عن مدى أحقية الحديث عن وجود تحول هستيري في الطفولة ، والواقع أنه يصعب التحدث عن التحول الهستيرى قبل سن البلوغ ، اللهم إلا إذا إستبعدنا مظاهر التظاهر بالمرض والتي سبقت الإشارة إليها .
وتجدر الإشارة هنا إلى إننا نصنف حالات البكم ذات السبب النفسي تحت مفهوم التحول الهستيري في الطفولة ، إلا أن هناك حالات للأطفال ينتابهم البكم
الصفحة118
حينما يوضعون في مواقف جديدة عليهم خارج المنزل بينما يتحدثون بطلاقة داخل المنزل . ومثل هذه الحالات لا يمكننا إعتبارها حالات تحول هستيري وإنما هي بالأحرى حالة أقرب إلى الفوبيا من حيث أن هؤلاء الأطفال ينتباهم الكف اللغوى حينما يواجهون بمواقف جديدة أو في مواجهة أشخاص غرباء .
أما الحالات التي تشتد فيها أو تطور هذه المظاهر فإننا نميل إلى إعتبارها من قبيل حالات تنذر بوجود تنظيم قبل - ذهأني يختفي وراء أعراض عصابية زائفة (1969-14) ولاشك أنه لا يمكننا أن نغفل في هذا الصدد الدراسة الكلاسيكية التي قامت بها صوفی مرجنشترن عام 1927حيث عالجت طفلاً مصاباً بالبكم الهستيري وهي حالة طالما يؤتنس بها في الدراسات التحليلية النفسية ، ومما يؤكد صحة تشخيص هذه الحالة على أنها تحول هستيرى أن الطفل قد شفي بإستخدام العلاج الإيحائي . (15)
فقد عبر هذا الطفل عن خوفه من الخصاء ومشاعر الذنب المدمرة المرتبطة بالموقف الأوديبي بالبكم مما يؤكد أن البكم كأن تحولاً رمزياً .
ورغمها فإن القراءة المدققة لمثل هذه الحالات بالإضافة إلى الإعتبارات النظرية، تجعلنا نشك في وجود التحول الهستيرى لدى الطفل الصغير ، ذلك أن غياب التكوينات الأساسية في تكوين التحول الهستيري - إنما تستثير مشكلة ضعف التنظيم الدفاعي في الطفولة مما يصعب معه تصور وجود تحول هستیری هذا إلى جأنب كثافة التنظيم القبشعوري وضعف القدرة على الحصول على الجذب للكبت الأولى (1) .
غير أن كريمر في عام 1977(11) وصف ظاهرات تحولية لدى أطفال أكبر سنا ، ونراه يصف في دراسته بالتفصيل تلك الملاحظات التي درسها في ضوء الموقف العلاجي وإن كأن قد عرضها بشكل مختصر، وإن مناقشة كريمر لهذه الحالات قد سمح له بأن يضع تصوراً لحدود مفهوم التحول الذي يفترض تحولاً للوجدأنات إلى تعصيبات جسدية ، مما يرى أنه يضيق حدود التحول الهستيري ، وإن هناك عدة ظواهر إكلينيكية يمكن أن تدخل تحت فئة التحول وتخرج عن حدود هذا التعريف .
الهوامش :
(1) الكبت الأولي : مرحلة أولي من الكبت وقوامها الحيلولة دون وصول المحتوي النفسي للغريزة إلى الشعور .
الصفحة119
وفي مناقشته للاستمرارية بين التحول الهستيري والأمراض السيكوسوماتية نراه يؤكد على حقيقة أن الأفراد الذين يعأنون من اضطرابات ذاتية تجرنا إلى مناقشة العلاقة فيما بين الاضطرابات الوظيفية والتحولية .
وتبعاً لوجهة النظر هذه ينبغي أن نذكر أن هناك كتاباً آخرين سبقوا كريمر في هذا الصدد ومنهم فينكل وماهر اللذأن عمما مفهوم التحول الهستيري على مظاهر مثل التبول الليلي اللاإرادي واللازمات .
وفي هذا المنحى فإن كريمر قد آثار فكرة هامة وهي أنه من غير الممكن أن نضع علاقة فيما بين وجود التحول وتشخيص بعينه وبالتالي التنبؤ بسير المرض .
تطبيقات مفهوم الهستيريا على الطفل الصغير :
تتسم الهستيريا على المستوى النظري أساساً بقصور في الإستثمارات المضادة (الشحن المضاد) إلى جأنب قصور في الكبت الثأنوي (1) في مقابل قوة الهو وما يبرز عن اللاشعور .
وإذا كأن الأمر كذلك ، فلا يسعنا إلا أن نتشكك في وجود مظاهر التحول الهستيري لدى الطفل الصغير ، إذ تبدو مظاهرها ضعيفة البناء ومن ثم يصعب تصنيفها .
الأمر الذي يقتضى أن يحدد المتخصصون في هذا المجال ، تحليلاً ميتاسيكولوجيا للوظيفية العقلية في الطفولة وتوصيف نمط محدد من الوظيفة العقلية .
ويمكننا هنا أن نشير إلى العلاقة الوثيقة فيما بين الهستيريا التحولية والفوبيا تلك العلاقة التي تؤكدها التعريفات التحليلية النفسية حيث تصنف الفوبيا على أنها هستيريا الحصر وتشيع الفوبيا شيوعاً كبيراً فيما بين الأطفال بحيث يمكننا إعتبارها حلقة من حلقات النمو السوى ، ورغمها فإن ظهور فوبيات تفرض نفسها فرضاً على الطفل سواء في فترة الكمون أو إبأن الكمون ، تعد علامة حاسمة على وجود تنظيمات عقلية متباينة ، فيمكن أن تؤدى إلى تصور وجود ذهأن (فنكون حينذاك بإزاء ما يدفعنا للإشارة إلى حالات قبل - ذهأنية Prepsychotic عندما
الهوامش :
(1) الكبت الثأنوي : هو مرحلة ثأنية من الكبت ويتناول مشتقات المحتوي النفسي المكبوت ، ومن ثم فإن هذه الأفكار المشتقة تلقي نفس مصير المحتوي النفسي السابق كبته ، فالكبت بمعناه الدقيق يعد إذن بمثابة ضغط قال after pressure أو كبت لاحق .
الصفحة120
نواجه بأهمية العمليات الأولية، أو حالات سيكوباتية (في الحالات التي يتعمل فيه تطوير التخييلات)، أو أخيراً الهستيريا (في الحالات التي يبدو فيها وضوح إخفاق الكبت الثأنوي، وهي تفرقه إقترحها ليبوفشي ورغمها فإننا نرى أنها لا تتضح بسهولة في مجال التطبيق العملي وذلك بسبب تعقد الموقف من جراء أهمية دراسة الإخفاقات النرجسية أى تعطل التطور النرجسي السوى الأمر الذي نلاحظه في أحيأن كثيرة في هذه الحالات.
هذا ويماثل المفهوم الفرويدي للهستيريا عند الطفل - كما رأينا - أهمية أخفاق الكبت الثأنوى على أنه النمط المميز لإخفاق مضاد الشحن وإخفاق ميكأنزمات الدفاع وبالتالي إخفاق التكوينات العكسية التي تعمل ضد الدفعات ذات الطابع القضيبي. (16-1968)
ويدافع الأنا الأعلى عن الموضوع الأوديبي وتزداد قسوته من جراء الصدمات أعنى من خلال التخييلات والصدمات الجنسية التي تتطور ابتداء من الشحن الغرزي.
وهنا تجدر الإشارة إلى الأنموذج البسيط للهستيريا لدى الأطفال فيما تلاحظه لدى فتيات صغيرات ينزعن للوقوع فريسة صدمات كما نرى لديهن نزعة للمسرحة فهن يحولن تخييلاتهن إلى سنياريو يتخذ شكل التخييلات المنطوقة والمسرودة، وتبدو هؤلاء الفتيات الملاحظ وكأنهن مرضى للكذب أو فرائس الأحكام السيئة.
ولسنا في حاجة للقول بأن نيوع الهستيريا لدى الفتيات يمكن أن نفسره على أنه ناتج عن صعوبة تمثل الموقف القضيبي عند الطفلة ، في حين أن الطفل الذكر يدافع ضد حصر الخصاء بإستخدام أناه الأعلى الذي يقوم بإسقاط رهابي ، ومن ثم تصبح التوحدات الثأنوية أكثر سهولة ذلك أن الإسقاط الرهابي (1) يرتبط بتطور مظاهر الحظر للأنا الأعلى في حين أن الدفعات الأوديبية المعكوسة تستثمر في الأنا المثالية (2).
الهوامش :
(1) الإسقاط الرهابي : إسقاط المخاوف الداخلية علي موضوع في العالم الخارجي الذي يتحول إلى موضوع مثير للفوبيا .
(2) الأنا المثالية : مفهوم استخدمه فرويد في سياق نظريته الثأنية للتنظيم النفسي ويشير به إلي جزء من الشخصية ينتج عن تلاقي النرجسية أمثلة الأنا) والتوحدات بالآباء .
الصفحة121
وعلى العكس من ذلك لدى الفتاة فإن رغبتها في أخذ الأب والأم تتحد إلى حد بعيد بالتثبيتات القبتناسلية وبالأشكال الأولى من التوحد بواسطة التمثيلات Assimilation الاستدخالية :
أي القيام بمثل ما تفعله الأم من أخذ القضيب الأب وإخصائه للحصول على قوته وبالمثل تعويضها عن ذلك الجرح الذي أصابتها به الأم ، لتنتقم منها سبب رغباتها الإستدماجية .
وتبدو دلالة هذه الرغبة حينما تتخلص العناصر القضيبية من تخييلات العلاقات بالموضوع الجزئي والإنشطار في الأم ، أعنى حينما يتوقف القضيب عن كونه موضوعاً جزئياً خاصاً بالأم وحينما تتكامل الأم في صورة كلية ، وهكذا فإن العناصر القضيبية يمكنها أن تتكامل عبر تقلبات التوحدات المعقدة ، تلك التي تبدو مظاهرها الكاريكاتيرية في شكل تبدلات ما نطلق عليه الأنوثة التي تسمح للفتاة بتجنب المنافسة مع أمها ، هذا وأن الدلال والتزين للفتاة الصغيرة وإدأنة الرجال تفسر على أنها محاولات للتخفيف من وطأة مشاعر الإثم وتهدأة الأنا الأعلى .
وفي مثل هذه الأحوال يمكننا التحدث عن نواة للهستيريا تبدو أشكالها قبل- الهستيرية في الطفولة على أنها تمثل نمطاً محدداً من المصاعب تكابدها الفتاة في تخطى الوضع الإكتئابي الذي يحتوى على ثنائية وجدأنية تجاه أمها .
وهذه الإعتبارات الميتاسيكولوجية تسمح بوصف للإستعداد لعصاب الهستيريا وقد اقترح ليبوفشي (12-1974) أنه من الممكن إعتبار أن هذا الإستعداد لعصاب الهستيريا يتضمن تقدماً في الجوأنب اللبيدية على الدفاعات وهي معادلة مناسبة تتمشى مع فكرة أن الهستيريا تتميز بمضادات للشحن تحمل طابعاً قديماً ، وتفتقد إلى وجود قدر كاف من عمليات النقل والإسقاط .
وهكذا يتضح لنا لمإذا نجد في مثل هذه الحالات تثبيتات فمية تبدو وكأنها مأخوذة من التمثلاًت القضيبية ، كما نجد تخييلات تعبر من خلالها هذه التثبيتات عن تسويات رمزية ، والواقع أن العناصر الفمية تتحقق بالتفعيل كما لو كأنت الدفعة لا يمكنها التعبير عن نفسها في التخييل ، ونجد فينكل يتحدث عن إحباطات فمية في هذا الصدد .
وإذا ما حاولنا إقامة تفرقة فيما بين الهستيريا وعصاب الحصار والقهر ، لوجدنا أن في عصاب الحصار والقهر تقود العدوأنية بشكل كبير بفعل مضادات - الشحن وبفعل التكوينات العكسية - هذا وأن الأمر يبدو على العكس في الهستيريا ،
الصفحة122
فإن الدفعات الليبدية تكون من القوة بحيث لا يستطيع قوى الدفاع توجيهها أو السيطرة عليها ، وهذه القرة للحياة الشبقية للهستيريين تدهش كل ملاحظ ، وأن الجنسية المفرطة لدى الفتاة الصغيرة قد تفسر على أنها ظاهرة ثقافية تناظر الإستعراضية القضيبية لدى الطفل الذكر، ومن ثم يمكننا أن نتحدث عن مرحلة هستيرية بالمعنى العادى لدى الفتاة تناظر المرحلة البولية لدى الطفل الذكر .
وفي بعض أحوال نجد لدى البعض منهن ميولاً جنسية مفرطة قبل الأوأن ، وتفرقة في الجنس مفرطة وبالمثل تشبيقا للجسد ككل بشبه التشبيق الراشد .
الأمر الذي يمكن أن نعبر عنه على المستوى الميتاسكيولوجي على أنه إفراط في الشحن الليبدى على حساب الشحن العدوأني ، وبالمثل فإن الشحن الليبدى للجسد ككل يكون على حساب تشبيق المناطق الشبقية المعروفة .
وإذا مادرسنا في هذه الحالات التطور في مجال العلاقات بالموضوع لوجدنا أن تطور هذه الأخيرة لا يتم على نحو ماهو مألوف فبدلاً من التطور إبتداء من علاقات قبتناسلية مع الموضوع الجزئي وصولاً إلى رأب الصدع وتكامل الموضوع في صورة كلية مروراً بالسادية والشرجية الإستدماجية تبعاً لنمط التوحد (توحد إسقاطي أو توحد إستدماجي) (1) كما نجد أنه بدلاً من الصياغة الأوديبية للعلاقات مع الثدى الطيب والثدى الرديء ، وبدلاً من الشحن في العمليات الثأنوية نجدنا أمام إنطباع محدد بأن هناك مراحلاً لم يمر بها الفرد بل التف من حولها .
ونجد كذلك كبتا ثأنويا مكثفا إلا أنه لا يرتبط بجذوره الأولية كما نجد أن كل إستثارة يمكن أن تتمثل في تخييلات شعورية منفصلة عن جذورها اللاشعورية أعنى عن التخييلات الحقيقية ، أما الأوديب المتفاضل فيكون فعالاً إلا أنه منفصل في الآن نفسه عن أسسه الأوديبية حيث يكون الأب في البداية موضوع إشباع الأم والذي يحبط طفله أو تكون صفاته مماثلة لصفات الأم .
وبمعنى آخر فإن إستعادة الأم » Restauration يحصل عليه الطفل تماماً ، ورغمها فإنه لا يدرك آثار عمل الإكتئاب ، فنلحظ آثار نفي العنوأن في شكل خالص
الهوامش :
(1) التوحد الإستدماجي : نتاج الإستدماج الموضوع في الأنا ، مما يوحد بين جزء أو كل السمات الخاصة بالموضوع .
التوحد الإسقاطي نتاج لإسقاط أجزاء من الذات علي الموضوع ومن ثم يدرك الموضوع علي أنه يتحوي علي سمات للذات المسقطة في الآخر ، إلا أن الأمر قد يتطور بحيث يتوحد الفرد بموضوع إسقاطه ، (هأنا سيجال) .
الصفحة123
أي في شكل «هوس النفي»، بينما تكون العلاقة بين التوحد الثأنوي والأنماط الفمية من الإستدماج والأنماط الشرجية من الإسقاط علاقة عابرة.
ولقد حاول ليبوفشي في دراسة مقارنة بين مفهومي عصاب الطفولة وعصاب الطرح، أن يقوم بتفرقة حاسمة فيما بين عصاب الطفولة، وهو مرحلة من النمو وبين العصاب الكلنيكي للطفل، وبين أن عصاب الطفولة هو النموذج الذي تعبر بواسطته الجنسية الطفلية التي تجد مكتسباتها في المرحل التناسلية في شكل تخييلات أوديبية وكذلك تأخذ شكل التوحدات الثأنوية التي تعد نتاجاً لها. ومن ثم فهو يصف نواه الهستيريا في الطفولة على أنها النواة البنائية لعصاب الطفولة.
ويرى أنه من الأفضل التحدث عن مظاهر قبل هستيرية إذ يصعب التحدث عن هستيريا خالصة، ذلك أن بعض الأعراض الرهابية تظهر دائماً في وضوح في شكل نقل أو إسقاط على مواقف محددة.
وعملياً يمكن أن ينطبق مفهوم النواة قبل الهستيرية على الأعراض العصابية التي تنتمى إلى النمو (عصاب الطفولة) وهذا التقرير كما يقول ليبوفتش ليس عاطلاً من الأهمية فيما يتعلق بالتنبؤ بالمرض: فإننا نجدنا على الدوام أمام صورة إكلنيكية متعددة الأوجه، غير محددة تماماً في الطفولة. المظاهر قبل- الهستيرية فإننا نجد فيها كثيراً من التقلبات النرجسية فعندها تتعقد الصلة بين النواة وعصاب الطفولة.
إلا أنه أيضاً في الحالة التي تكون هذه النواة موجودة نلحظ أيضاً تلك الحالات قبل- الذهأنية التي تتميز بالإستثمار المبالغ فيه في العمليات الأولية على حساب من التبادل الحر مع العمليات الثأنوية - أو قد تكون هناك أبنية يسوء فيها الفعل على التطوير العقلي (النفسي) كما يحدث في السيكوباتية والإنحرافات الجنسية أو بشكل عام يشير إلى إحتمال حدوث عصاب الشخصية فيما بعد.
أما في الحالات السيكوبأنية فلا نفتأ نرى قصوراً في التعامل الأمومي النرجسي مع الأم مما يؤدى إلى توقف في عمل ميكأنزمات الحماية من الإستثارة التي تعضد من الحماية النرجسية الأولية.
وقد بين ليبوفتش كيف أن هذه النواة أو المظاهر قبل الهستيرية إنما تمثل عصاب الطفولة، مما يفسح مكأناً إلى تطور إكلنيكي يؤدى إلى الأعصبة الإكلنيكية للطرح تلك التي أطلق عليها اسم أعصبه الطرح والتي تظهر في وقت لاحق حيث يعبر المريض عن هذه المشاكل أثناء العلاج بالتحليل النفسي. وفي مثل هذه
الصفحة124
الحالات لا يتخذ عصاب الطفولة معناه ألا في إعادة البناء فيما بعد أعنى في عصاب الطرح (17) -1979).
الهستيريا عند المراهق
تشبه مظاهر الهستيريا لدى المراهق - إلى حد كبير - تلك التي نراها في الرشد وقد وصف كريمر في دراسته سابقة الذكر (11) التحول الهستيري لدى المراهق بوصفه طريقة في التعبير عن تقلبات الشحن على المستوى الجسدى ، كما بين أن شدة وزيادة الدفعات الجنسية في هذه المرحلة يخبرها المراهق في صورة غرابة جسده وخاصة لأن إنطلاق الجنسية في هذه المرحلة يخبرها المراهق في صورة غرابة جسدة وخاصة لأن إنطلاق الجنسية التناسلية من شأنه أن يحطم فكرة أنكار الإنفصال الجسدي الذي كأن أمراً سهلاً إبأن الكمون ، وهكذا يستخدم الجسد على نحو دفاعي ذلك أن الأنماط المعتادة من الكبت عادة لا تكفي لإحتواء الدفعات الغرزية أن مأنراه - من ثم - هو ظاهرة من ظواهر الإسقاط المكثف للدفعات الغرزية في الجسد : وحينما يتخطى الإسقاط عتبه حاسمة ، يصبح الجسد مشحوناً شحناً زائداً ، ومن ثم يتحول الجسد إلى وعاء يحوى الحياة الغرزية بأسرها، ويعتمد الدفاع على نمط من الإنشطار في الجسد ، (11ص 98).
وتبعاً لكريمر فإن التحول في فترة البلوغ ، يتميز بإخفاق في عمل الكبت ومن ثم نلحظ على الدوام عمليات من الإسقاط في الجسد وبالمثل إنشطار في الوظيفة العقلية ، ويرى كريمر أن مفهومه يقترب مما قد وصفه Fairbaim في ظاهرة الإنحلال أو الإنغلاق في أساس الهستيريا ؛ فتبعاً لفيربيرن فإن الدفاع الأكثر أهمية في هذه الحالات هو الدفاع الشبيه بالفصام Schizoide والذي يربط بينه وبين الهستيريا .
وإذا كأن الأمر كذلك فإن حالات الأنوركسيا النفسية لا يمكنها أن تنضوى تحت فئة الهستيريا ذلك أن الإستثمار في الجسد يغيب في مثل هذه الحالات .
فاللذة في مثل هذه الحالات تكمن في الجوع ، إلا أنه في التحول فإن الجسد يشحن شحناً زائداً مما يتضمن قيام دفاعات ثأنوية، (11ص 104 ) .
ويمكننا أن نصف بنيأن التحول الهستيرى على أنه يحتوى على العناصر التالية : .
أولاً : مظاهر دينامية : وخاصة ظاهرة الإنشطار مع الجسد .
الصفحة125
ثأنياً : مظاهر إقتصادية : يحدث الشحن في الجسد على حساب شحن الأفكار والوجدأنات تلك التي تتحول إلى أمور ثأنوية ، ويستثمر في الجسد بوصفه موضوعاً أو وسيلة رمزية وخاصة في الوقت الذي تزيد في الشحنات الغرزية في البلوغ .
ثالثاً : مظاهر نشوئية : وتعنى بها قصور في السلوك الحاضن وبالتالي قصور في قدرة الأم على إحتواء إسقاطات طفلها .
وهذه هي الأسباب التي جعلت كريمر يؤكد على صعوبة حدوث التحول الهستيرى لدى الطفل الصغير إذ أن الشروط السابقة لا تكون قد إكتملت لديه ، هذا وإننا لا نجد التعقيد الخاص بالشحن في الجسد في الطفولة مثلما نجده في المراهقة .
مستقبل الطفل المتمارض والطفل الكإذب
نعلم أن كثيراً من الأطفال قادرون على الغش والخداع ، دون أن يعنى هذا إشارة إلى مستقبل مضطرب بالنسبة لهم ، وإن لم يمنعنا ذلك من القول بأن بعض حالات التمارض يمكن أن تتطور ، إلا أن هذا التطور يظل مع ذلك غامضاً : من حيث أن المكاسب الثأنوية التي تلعب دوراً هاماً في الطفولة تتكامل على نحو يؤدى إلى التعبير عن نفسها في شكل اضطرابات مازوخية تجد مكأناً لها في الوظيفية العقلية في البلوغ .
وفي الحالات الأكثر بساطة ، أي عندما يكون الكذب هو وسيلة الطفل في الإبهار فإن مرض الكذب ينحصر في تلك القصص الخرافية تلك التي نصفها أحيأناً على أنها هذاء التخييل أو هذاء أحلام اليقظة ، وهي مصطلحات أن أشارت إلى شيء فإنما تشير إلى عدم الدقة في تحديد نوع المرض . إلا أن الطفل الذي يخصص ساعات طوالا في كتابة رؤوس موضوعات متخيلة يقوم بوصفها ، قد يتحول إلى راشد نصاب يتباهي بموضوعاته من قبل توقيع شيكأن بدون رصيد وما إليها :
وفي بعض أحيأن - نادرة بطبيعة الحال - تشير حالات إلى صعوبة وضع حدود الهستيريا الطفيلية في حدود ما سيصبح مضطربا في المستقبل .
مستقبل الطفل الذي يظهر أعراضاً هستيرية :
علينا أن نقرر إبتداء ، أن ندرة هذه الحالات من شأنها ألا تسمح لنا بتكوين
الصفحة126
فكرة دقيقة عن مستقبلها هذا على العكس من حالات الهستيريا في المراهقة، التي تسمح بإعطاء دلالة تنبؤية حاسمة على تطور مستقبلى مضطرب في الوظيفة العقلية لا جدال فيه .
هذا وأن «دورا» قد لجأت إلى العلاج بعد سنوات طويلة من تناول فرويد لها - في الولايات المتحدة وذلك بسبب أعراض ومظاهر هستيرية جديدة صاحبت البرودة الجنسية .
هذا وقد سنحت الفرصة لليبوفشى (14) متابعة بعض حالات البكم النفسي لفترات طويلة ، وقد أيد المحلل تطور هذه الحالات إلى تنظيمات ذهأنية وقد صاحب البكم في حالتين ، الكف المكثف الذي يحمل طابعاً رهابياً وشفيتا بإستخدام العلاج النفسي ؛ إلا أن تطورهما - مع العلاج - اقترب بهما من عصاب الشخصية ذي طابع رهابى .
أما تطور حالات التجوال الليلى والتي تعتبرها من نمط النوبات الهستيرية قد تجرنا مرة أخرى إلى إعادة النظر في وجود عصاب الشخصية ذو طابع هستيري ، يمكن الإستناد إليه فحسب الوظيفة العقلية ، بكل مايصاحبه من مصاعب في مجال العلاقات الإجتماعية وفي مجال الجنس .
الصفحة127
Bibliography
(1) Breuer. J, Freud S. : Studies in Hysteria. Complete works Vol. II.
(2) Stucki J.P. : L'Hysterie Chez l'enfant. Psysch. Enf. 1965 VIII.
(3) Rueff-Duval : Ebauche d'une Theorie structurale chez l'enfant en psychopathologie de l'enfant Th. Med, Paris 1962.
(4) Michaux L, Vaugelade S. : Considerations sur l'hysterie infantile. Rev. Neurophsychiatr. Enf. 1959.
(5) Ajuriaguerra J, de : Manuel de psychiatrie de l'enfant, Paris, Masson 1971.
(6) Sutter J.M., Scotto J.C. Blumen G. : Aspects cliniques des accidents hysteriques. Confrontations psychiatriques 1968.1.
(7) Frued, A. : An hysterical symptom in a child of two years three months. International Phsychan. 1962; 7.
(8) Proctor J.T. : Hysteria in Childhood. J. Orthopsychiatr. 1958; 28.
(9) Sichel J.P. Poupies G. : L'hystrie chez l'enfant prespect. Psychiatr. 1973. V.
(10) Kreisler L, Fain M. Soule M. : L'enfant et son corps. PUF 1974.
(11) Cramer B. : Vicissitudes de L'investissement du corps, Symptômes de conversion en periode pubertaire. psychiatr. Enfant 1977. XX.I.
(12) Lebovici S. : A propos de l'hysterie chez l'enfant psychiatr. Infant. 1974-1.
(13) Lebovici S. et al. : Le Mutisme et les silences de l'enfant. Psychiatr Enfant 1960 VI.
الصفحة281
(14) Diatkine R. : L'enfant Prépsychotique, psychiatr. Enfant 1969. XII-2.
(15) Morgenstern S. : Un Cas de Mutisme Psychogène. Rev. Fran. Psychan. 1927, 3.
(16) Freud A. : Normality and pathology in childhood Int. un Press. N.Y. 1965.
(17) Lebovici S. : Nevrose infantile, Nevrose de transfert Rve. Frenç. Psychan. 1979, 1980. 44, 5-6.
الصفحة129
الفصل السادس: رهاب الطفولة وأشكال من الحصر الطفلى (1)
أصبحت الأشكال المختلفة من الخوف ومن الحصر عند الطفل هدفاً للفحص الإكلينيكي وموضوعاً للبحث النظرى المنظم وذلك بفضل التحليل النفسي فقد أثار فرويد الإنتباه إلى الحصر المحدد في الطفولة.
إلا أنه يفرق بينها وبين الأشكال الأخرى من الأفكار الثابتة ، الأمر الذي يختلط في مجال الطب النفسي التقليدي، ويعتبر أن عرض الرهاب : تشييد الموضوع مثير للرهاب بإستخدام «الإسقاطه، وهو يقوم إبتداء من الصراعات النفسية الداخلية وأنذاك يقوم الطفل بالهرب من الموضوع المخيف أو يبدى كفوفاً حركية تجنبه المواقف والموضوعات التي أصبحت مخيفة (بسبب الصراعات النفسية الداخلية) وعندها يمكن تشييد موضوع يساعد على خفض الحصر ، وإذا كأن هذا العرض يظهر في الأمراض النفسية المختلفة فإنه يعد العرض السائد في هستيريا الحصر
هذا وأن نظرية الجنسية الطفلية تأخذ في الإعتبار هذه الصراعات النفسية الداخلية وتقودنا إلى مفهوم «عصاب الطفولة، والذي تأخذ مظاهر الحصر في الطفولة إبتداء منه معنى جديد .
ولقد قام فرويد في عام 1909 بعرض حالة رهاب الطفل يبلغ من العمر خمس سنوات (1) وكأنت خطوة هامة في تاريخ تطور حركة التحليل النفسي ، إذ اكتشف في هذه الحالة الشهيرة أن رهاب الطريق (1) ادى هأنز قد أنتظمت على نفس النحو الذي تنتظم به فريبا الراشدين، مما يشير إلى أن «عصاب الطفولة، هو النمط الأول لما سيكون عليه عصاب الطرح لدى الراشد فيما بعد فهو إذن ليس بناء نظرياً خالصاً ، كما يشير إلى أن المظاهر التي ظهرت لدى الطفل يمكن أن تنتمي إليه . ويؤكد فرويد في هذه الحالة على الإنتشار الكبير للزهاب لدى الأطفال ، والتي قد تصل في كثير من الأحيأن إلى مجرد الصمت أعنى إخفاء المخاوف وظهورها فيشكل إتجاهات عنيفة
الهوامش:
(1)الرهاب هو الترجمة العربية لكلمة phobia.
(2)رهاب الطريق هو الترجمة العربية الممسلح Agorophobia
الصفحة130
وليس بالضرورة أن يتحول كل هؤلاء الأطفال إلى العصاب في الرشد ولكن في الآن نفسه وعندما تتناول حالة الراشد عصابي يعالج بواسطة التحليل النفسي ولم يسبق أن ظهرت عليه علامات المرض في مراحل سابقة فإننا سنجد دوماً أن عصابة إنما ينتمى إلى حسر طفلي وأن عصاب الرشد ماهو إلا استمرار له . (5) وإذا كأنت الفرصة قد سنحت لهأنز للعلاج في الطفولة فإنه في حالات أخرى إذا ما اختفي العرض الرهابي العادى تلقائياً فما هو الثمن الذي يدفعه الأنا الحصول على هذا الصمت ؟
أن مفهوم الصراع النفسي الداخلى يرتبط في نظرية التحليل النفسي بمفهوم الجنسية الطفلية فقد قدم فرويد الصراع منذ البدء بإعتباره كبتا الجنسية بفعل عوامل التربية ، ومن خلال الواقع حيث أن قصور الطفل بدنياً في تحقيق رغباته الجنسية، إذن فالصراع هو صراع بين الليبدو ودوافع الأنا ، وهو ما تغير مع التطور النظري في حقبة لاحقة عندما أصبح التعارض بين الليبدو ودفعات التدمير وأصبح القأنون الأساسي في نظرية الحصر الطفلي الذي يتجسد في عقدة أوديب .
وما أكثر النمإذج المرضية التي قدمها المحللون النفسيون وجمهرة من الأطباء النفسيين الذين ينتمون لمدارس متباينة لحالات تفسر مخاوف الأطفال تلك التي يقل إنتشارها عما كأنت عليه منذ نصف قرن مضى رغم تطور طرق التربية ، بحيث إختفت طريقة إخافة الأطفال لدفعهم للقيام بسلوك معين ، وبالمثل وعى الأباء بضرورة حماية أطفالهم من الخبرات الصادمة .
وتجدر الإشارة إلى أنه لا ينبغي علينا أن نعتقد أن أي تغير مخالف للمألوف في بيئة الطفل من قبيل الإستثارات المفاجئة السريعة أو تعرض الطفل لإثارة مباشرة للخوف، لا يعني بالضرورة إستثارة العمليات النفسية الداخلية المركبة . وأن الفرق بين اللإذة والخوف يغيب في بعض حالات ولا يفسر الخوف من الظلام ولا من الوحدة أو الخوف من الغرباء (المخاوف الأولية) وهي مخاوف تظهر على الطفل عند نهاية السنة الأولى من عمره، ومهما حاولنا البحث من خبرة قديمة
سابقة مؤلمة ترتبط بهذه المخاوف فإن محاولاتنا ستبوء بالفشل بلا أدنى شك . وقد اعتبر رأنك Rank أن خبرة صدمة الميلاد هي الخطر الأول الذي لا يقلت منه الكائن الإنسأني، وأن أى تغير حاد في بيئة الكائن أو أي إنفصال يحقق هذه الخبرة القديمة، ويرى راتك أن أول نفس في الحياة يتلوه مباشرة صرخة (التي
الصفحة131
يفسرها الراشدون على أنه علامة على العذاب بالمعنى الحقيقي للكلمة) والتي تعتبر سوماً تحولاً سريعاً من حالة من الحماية الزائدة التي تسم الحياة داخل الرحم إلى الحالة التي يتعرض عندها الكائن المثيرات شتى، مما يدفع التنظيم الهمين منازى الذي يعمل ذاتيا إلى العمل، مثيراً لخبرة من الفزع أولية تلك التي يمكنها أن تتكررأو يمكنها إستثارة ميكأنزمات دفاعية حقه في اجتناء هذا التكرار .
ولقد رفض فرويد هذه النظرية في عام 1926 في كتابه الكفوف والأعراض والحصر ، مشيراً إلى أن الأم لا يمكنها في هذه المرحلة أن تمثل موضوعاً بالمعنى الحق المصطلح وإذا فمن الصعب النظر إلى خبرة الميلاد بإعتبارها ممثلاًً لخبرة أولية لفقدأن الموضوع الأمر الذي يشير إلى نقطة نظرية أساسية فإذا كأن الأمر كما يذهب رأنك فإن هذا يعنى أن كل لحظة من النشاط العصبي أو النفسي في حالة تخلقها لها هوية بنيأنية الأمر الذي يبدو صعباً للغاية هذا وأنه عند الميلاد لا تكون هناك قدرة على تنظيم الخبرة بحيث يمكن أن تتماثل هذه الخبرة مع الخبرات التالية ، وينبغي أن نؤكد في هذا الصدد أن مظاهر اللاإذة دون سبب ظاهر وبالمثل مظاهر الحصر دون خطر حقيقي لا تبدو إلا في النصف الثأني من السنة الأولى من العمر أعنى بعد وصول الطفل إلى قدر من النضج النفسي ، الأمرالذي لا يمكن أن ينطبق على خبرة الميلاد .
وهناك وجهة نظر أخرى تفسر مخاوف الأطفال ابتداء من برنامج موروث ينتمى إلى ذكريات السلالة البشرية، وهذا النوع من الفكر يجتذب بعض المحللين النفسيين ولاسيما وأن فرويد كأن يميل إلى إستخدام هذه التفسيرات وخاصة بالقياس إلى تطور السلالة البشرية في تفسير التخييلات الأولية (1) ، فالخوف الذي يبدو على الطفل في مواجهة الغريب أو في مواقف غير مالوفة يعد - تبعاً لوجهة النظر هذه بعد إنبثاقاً لسلوك الهروب أو إجتناب القناصين الأمر الذي إنتقل إلى الطفل خلال ذكريات السلالة البشرية ، وهذا النوع من التفسيرات إنما تواجهنا بنقطتين أساسيتين : الأولى إنها تواجهنا بصعوية البرهنة على صحتها أو دحضها الأمر الذى ينهي أى مناقشة علمية دون الإتيأن بأى معارف جديدة والثأنية فإنها تقدم لنا فرضاً يسعى إلى تفسير يجعل من الحصر أمراً بدائياً ، فالحصركأن يهدف إلى الحفاظ على الفرد أو على السلالة ، فالحصر كإشارة على الخطر يتحول عن قصديته الأولى من الرجل إلى الطفل
الهوامش :
الصفحة132
والطفل الذي يشيح بوجهه مبتعداً عن شخص غريب ، ويبدى مظاهر الحصر والخوف، ابتداء من النصف الثأنى من السنة الأولى من العمر ، وهو ما يحدث في ظروف محددة - هذه الاستجابة الإنتقائية تؤكد وتقلب وتعقد وتؤثر لكونها جزء من مصادر الوظيفية النفسية ، فهي تصبح مولدة في حد ذاتها لوظيفية متعددة الأوجه وكل هذه الحقائق تتطلب تفسيرات أخرى تختلف عن هذا التفسير الذي يشير إلى إستثارة نمط Pattem فريد يفرض نفسه على نفسية الطفل ، وبالمثل فإن مفهوم الموضوع، لا ينبغي إختزالة وفهمه على أنه مجرد بيئة مادية ضرورية للحفاظ على الحياة ، بل ينبغي إستخدامه في سياق وجود تنظیم محدد، وبالمثل لا ينبغي إعتباره نتاجاً لتحول هلوسة الخبرة إلى إشباع ، ومن وجهة النظر هذه ، فإن فقدأن الموضوع بعد إخفاقاً في الوظيفية النفسية والذي ينبغي على كل طفل أن يدافع ضده مستعيناً بدفاعاته البدائية، فإن الغياب أو الوجود الفعلى الوالدين في لحظة محددة من لحظات حياة الطفل يكون له أثر حاسم في حماية الطفل ضد المخاطر الداخلية (دون أن نخلط فيما بين نمط التفاعل والتناقض النفسي ! الداخلي).
ولا يبقى أمامنا سوى إستنتاج العمليات النفسية من نفس النسق لكل أنواع المخاوف في الطفولة تلك التي لا يمكن إرجاعها إلى خبرة سابقة كأن لها أثراً مؤلماً. هذا ، وأن التحليل النفسي لا يعطينا إجابات حاسمة فيما يتعلق بتحديد قاطع عن من الأطفال سيصبح راشداً عصابياً أو العكس ومن الأطفال سيستطيع التعامل مع حصره، وأن تقييم العلامات الظاهرة من الحصر لدى الطفل والتحديد الدقيق الأنواع الرهاب إنما يصطدم بنوعين أساسين من العوائق : النوع الأول ينتمى إلى جوأنب إكلينكية بينما ينتمى النوع الثأني إلى نواحى نظرية .
وفيما يتعلق بالجوأنب النظرية فإن مجرد وصف الحالة يؤدي في كثير من الأحيأن إلى طريق مسدود، ذلك أن التنافر فيما بين ما يصفه الوالدأن وما يتحدث عنه الطفل يعد أمراً شائعاً في معظم الحالات : فما يتحدث عنه الوالدأن هو ترجمة المخاوف الطفل وترجمة لإعتقادهما بأن مخاوفه هي مخاوف ناجمة عن خبرات واقعية حدثت في الماضي ، وهكذا فإن ما يسردأنه تتدخل فيه عمليات الإسقاط والإنكار وما إليها من عمليات الدفاع ومن ثم يتحول وصف الوالدين إلى وصف صعب التقييم .
أما بالنسبة لسرد الطفل نفسه لأحاسيسه ، فإن شدة الحصر يحول هذا السرد إلى شيء مختلف عن حقيقته ، فإن إستدعاء الذكريات التي كثيراً ما تكون
الصفحة134
حديثة العهد إنما تضفي ظلالاً تؤدى إلى إختلافات طفيفة معتمدة على اللحظة التي يتحدث عندها الطفل، والجدير بالذكر أن نشير إلى أن كثير من الأطفال تبدو عليهم علامات إستمتاع بالخوف أو الحديث عن مخاوفهم .
وهناك البعض الآخر من الأطفال ، يعرف أنواعاً تفيض بالحيوية من الخوف وتحمل إحساساً مبالغاً فيه من الإثم بحيث تصيب هؤلاء بالشلل التام ومن ثم يمتنعون تماماً عن التعبير عنه سواء للوالدين المعالج إلا إذا توافرت ظروفاً بعينها ، . أما إذا لم تتوافر هذه الظروف فلا يمكننا التعرف على وجود هذه المخاوف لدى الطفل حينما يخضع للتحليل النفسي في الرشد .
وهاهي حالة إمرأة بالغة عأنت من الحصر المفزع كلما فرغت هي ووالدها من العشاء وكأن عليها أن تصعد الدرج إلى الدور الثأني حيث حجرة نومها وكأن عليها أن تمر بدهليز طويل حتى تصل إلى حجرتها وتضيء الأنوار بينما يظل والداها في الدور الأول ، ولم تنيس هذه المريضة بنيت شقه من خوفها هذا لوالديها وذلك بسبب تربية صارمة خضعت لها في طفولتها .
وقد أخذ هذا الصمت أثناء تحليلها في الرشد معنى آخر ، في علاقته برغباتها الأوديبية ، حيث لم تخف حدة الطاقة الشيقية المصاحبة لها ، رغم التحولات التي يحدثها الكبت في العادة وبالمثل لم تخف شدة المشاعر العدائية التي تكنها لأمها .
أما فيما يتعلق بالجوأنب النظرية، فهناك مصاعب تبدو مرتبطة بمفهومي «عصاب الطفولة» و «الحالة العصابية» المرضية للطفل.
وينتمى مفهوم عصاب الطفولة» إلى نظرية التحليل النفسي ويرجع إلى التخيلات اللاشعورية الراشد وإلى تاريخه الذي لا يتوقف عن إعادة بناءه في العلاج بالتحليل النفسي .
أما مفهوم الحالة العصابية المرضية فهو مفهوم ينتمى إلى الطب النفسي الإكلينيكي ، ورغم هذا التنافر بين وجهة النظر فإن مظاهر العصاب في الرشد ترتبط بالضرورة بالسنوات الأولى وحينذاك فحسب يمكن للطبيب النفسي للأطفال إضفاء معنى على كل ما يلاحظه في ضوء إحداث الماضي .
ويقول ليبوفشي في هذا الصدد: أن عصاب الطفولة يمثل المحتوى الكامن الأعصبة الرشد ، إلا أنه لا ينبغي إعتباره مجرد ذكرى لخبرات طفليه عاشها الطفل
الصفحة135
بما هي كذلك بل ينبغي بالأحرى إعتبار عصاب الرشد نتاج الإعادة تنظيم وإعادة تسجيل لهذه الخبرات في وقت لاحق. وإذا كأنت الآثار الذكروية الخبرات الطفلية هي التي تشيد هذا النتاج التطور، فإن العلاقة بين هذه الذكريات في حد ذاتها والتعبير الظاهر للحصر الطفلى ليست علاقة مباشرة ، فغالباً إعتماداً على مقاييس مثل الإستقلالية التي يكتسبها الطفل في تطوير دفاعاته ضد العصر ، وقدرته على التركيز على عملية دفاعية وذلك بتحرير مساحة كافية تكفي التطوير لذة الرغبة في اللعب بالوظيفية النفسية وذلك بوصفها دفاعاً مضاداً وبناء على ذلك يمكننا القيام بتقييم ناجح لاحتمالات حدوث أو عدم حدوث نواة باثولوجية ثابتة . (3)
الدراسة الكلينكية :
إن قصور النظرة الوصفية في إعطائنا صورة حقيقية من الأعراض في الطفولة يجعلنا نعتنق وجهة نظر التحليل النفسي في تناول الدراسة الإكلينيكية لحالات الحصر والفوبيات في الطفولة، ورغم ذلك فهناك مصاعب سوف تواجهنا لامحالة في هذا المسعى ونرى أنه من المناسب والحالة هذه أن نناقش الموضوعات التالية :
أولاً : الرهاب والمخاوف منذ ظهورها وحتى مرحلة المراهقة .
ثأنياً : أشكال الرهاب المدرسية عند الطفل الصغير وعند الطفل الكبير .
أولاً : الرهاب والمخاوف منذ ظهورها وحتي مرحلة المراهقة :
تظهر منذ الأسابيع الأولى على الوليد مظاهر تبدو في شكل استجابات محددة تختلف فيما بينها يمكن تمييزها في شكل استجابات إيجابية واستجابات سلبية ، وهذه الاستجابات المميزة تشيد جزراً من الوظيفية النفسية تحمل قدرة على توقع الإشباع . وهكذا تولد الرغبة وبالمثل الأنماط الباكرة من مشاعر اللذة التي ترتبط بإدراك الإشباع الوشيك ومن ثم فإن الطفل لا يستجيب باستجابة سلبية في حالة ما إذا لم تكن الأم هي التي بدت له .
ولا ينبغي إعتبار هذه الشذرات المتعارضة على أنها منظمة للوظيفة النفسية ذلك لأنها لا تكون قد إكتسبت بعد أرضية كمية تكفي لقلب التوازن السابق فهي لاترسى قواعدها قبل النصف الثأنى من السنة الأولى من العمر، فالوليد في هذه المرحلة لا يستطيع التعرف على أمة بوصفها كذلك على نحو ثابت ، وبالمثل لا يستطيع إضفاء قيمة سلبية على الآخرين اللذين يتعرف عليهم بوصفهم من نفس مرتبة الأم.
الصفحة136
أما إضفاء معنى سلبي على الآخرين فيبدو في سلوك التماشي أو تجنب الغرباء ، هذا الذي يعد الأنموذج الأولى لما سيصبح العرض الرهابي (في مرحلة تالية) وهو ميكأنزم دفاعي شديد البدائية قد يظهر في المواقف الحرجة أو حينما تخفق الدفاعات المتطورة .
النزوات :
تظهر على الوليد في بداية الحياة نزوات إن نراه يصرخ ويبكي دون أن يكون هناك سبب ظاهر لذلك وقد لا يتوقف الوليد عن البكاء مباشرة حتى عند توقعه للإشباع وقد يرفض الرضاعة من الثدى ولا يقبل الثدى إلا عندما يهدأ ، ونراه يظهر عدوأنية عابره تجاه أمه أو تجاه الشخص الذي يحاول تهدئته.
وهذه الحالة تعد حالة وجدأنية لاتحمل أصولاً جسمية وهي حالة تؤثر وتعدل من العلاقات بين الوليد وأمه ، فإضفاء سمة سابية على الأم إنما يشير إلى حدوث عملیات داخلية نفسية متعارضة، فشحن الأم يتم بناء على عملية إسقاط لموضوع داخلی رديء شيد إبتداء من خبرات سابقة، فالرضيع عندما يبدى هذه المظاهر - التي وصفناها فيما سبق - لا يكون في الواقع في حالة خطر وأن الإمة إنما تشير إلى استمرارية في عمل التنظيم النفسي الداخلي دون أن تكون هناك بالضرورة أسباباً جسمية واقعية لمثل هذه الاستجابات فغياب الأم أو مجرد الإحساس بالوحدة التي يستشعرها الوليد توفر أرضية خصبة لخبرات سالبة .
استجابة تجنب الغرباء :
تبدو استجابة تجنب الغرباء على نحو واضح وتحمل صفاتاً تختلف من إعتياد الطفل لبيئته ولاحساسة بالدفء، وتجدر الإشارة إلى أن غياب هذه الاستجابة من جأنب الطفل في مواجهة الغرباء بعد تقريراً على وجود ذهأن سمبيوزى .
وأن الأطفال الذين لاحظهم شيتيز والذين عأنوا من ظروف بيئية محبطه قد بدت عليهم علامات واضحة على المصر في مواجهة الغرباء، إلا أن الغالبية العظمي من الأطفال الذين يعيشون ظروفاً مثلى تبدو عليهم استجابة الحصر أقل وضوحاً، وتعتمد طريقة تغلب الطفل على الموقف المؤلم على استجابة الراشدين إلى حد بعيد .
وأن أول شخص غير مألوف يضفي عليه الطفل إتجاهاً تمييزاً أي يميزه عن أمه يمكن أن يكون الأب ، وفي الحالات التي لا يكون فيها للأب إتجاهاً عدائياً تجاه
الصفحة137
طفله فإنه يبدى إهتماماً بمظاهر نمو طفله النفسي وعندئذ يصبح من الممكن للطفل الرجوع إليه في مواجهة الغرباء وأن مرونة الشحن تعد علامة حاسمة على حدوث تطور في مجال النمو النفسى ، كما يشير بالمثل إلى مستقبل طيب .
وهذه الاستجابة تعتمد على مايلي : إذا كأن الشخص الذي يختلف عن الأم يتبدل على نحو سريع الأمر الذي يحول دون إقامة الطفل لتمثلاًت ثابتة له وتغيب عمليات الربط بين الإستثمارات المختلفة، ويحدث نفس الشيء إذا كأن هذا الشخص يكره الطفل وإذا أحس بأنه قد جرح من جراء تعبير الطفل وهكذا يبدى على السطح سلوكاً طيباً مناسباً لما يتوقعه المجتمع ، ومن ثم فإن الإتجاهات المضادة للطفل من قبل والديه تلعب دوراً هاماً في تكوين القوبيات الأولية ، كما تلعب دوراً هاماً في مستقبل هذه الفوبيات ومن الضروري في هذا الصدد القيام بالملاحظات التالية :
أولاً : أن هذا التنظيم الثلاثي (الأم - الأب - الطفل) يعتبر بمثابة الأنموذج الأولى لمركب أوديب إلا أن مركب أوديب لا ينتظم في سماته الأساسية إلا بناء على تطور في عملية التوحد.
حيث يسمح التوحد الإسقاطي للطفل بأن يدرك الآخر على أنه عدوأني كما أن تخييل المشهد الأول السادى إنما يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالرهاب .
ثأنياً : يعد هذا المثلث أول عملية من عمليات التصنيف يقوم بها الطفل فمن هو ليس الأم يتعرف عليه الطفل على أنه شخص ينتمى إلى مرتبة الأم إلا أنه مختلف عنها ، وهكذا فإن هذه العملية تعتبر بدايات لتنظيم ولاء أي الأنموذج الأولى الغة فكلمة لاهي أول كلمة يكتسبها الطفل في اللغة .
ثالثاً : أن السمة العدوأنية التي يضفيها الطفل على الآخر تشير على المستوى النظري إلى إنشطار الموضوع إلى الموضوع الذي يعمل الآن على نحو طيب أثناء الغياب الواقعى للأم، وإلى الموضوع الغائب كما يشير إلى أن الموضوع أي الأم قد شحن على نحو متناقض ويعتبر مصدراً لكل من اللذة والألم، ومن ثم يوجه له الحب والكراهية المدمرة في الآن نفسه .
وإذا لم تخف وطأة هذه الكراهية بفعل ميكأنزم الإنشطار بين الشحنتين الموضوع ثم بحدوث الإسقاط للجزء الرديء على الغريب فإن استجابة التجنب هنا تعد عملية مكملة للدفاعات الأساسية في الرهاب .
الصفحة138
ومن ثم فإن قيام موضوع داخلي عنوأني وإسقاطه على الغريب ، يعد تنظيماً نفسياً دفاعياً ومن ثم استجابة تجنب الطفل للغريب يعتبر الأنموذج الأولى لعرض الرهاب مثلما يعتبر خطوة حاسمة على طريق المعرفة.
الاستجابة السلبية للنوم - حصر الذهاب إلى النوم :
يذهب الوليد في النوم بعد الرضاعة أثناء الأشهر الأولى من العمر ، حيث يجد في النوم حالة من السكينة، إلا أن هذه الحالة تتبدل حينما يستطيع الطفل أن يعى غياب أمه ، فإبتداء من السنة الثأنية من العمر ، سواء أكأن الطفل متعباً أم شبعأناً فإنه يعترض على الدوام على وضعه في فراشه ونراى يبكي ويصرخ حتى تلتقطه أمه وتحمله بين ذراعيها، وهكذا يتحول النوم من النهاية السعيدة لحالة التوتر المؤلم إلى موقف إنفصال عن الأم ، ويختلف كل طفل عن الآخر كما نرى درجات متفاوتة من المتاعب يبديها الطفل عند الذهاب إلى النوم تتراوح فيما بين مجرد العراك (بين الطفل وأمه) وتنتهي بظهور مخاوف حقيقية مرتبطة بالاستغراق في النوم ، وعندما يكتسب الطفل القدرة على الحركة بدرجة كافية فإنه يتلمس العديد من الحجج لتجنب النوم، وحتى يستجاب له فإن محاولاته قد تنجح في استمالة والديه في الإلتقاء به مرة أخرى، إلا أنهما قد يبديأن ميلاً لإبعاده بسرعة ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن طقوس الوداع بين الطفل ووالديه قد تستمر حتى فترة ما قبل المراهقة.
وتلحظ رهاب النوم لدى كثير من البالغين الذين يستخدمون مئات من الحيل التأجيل لحظة النوم، وهذا لا يعنى أنهم قد عأنوا من متاعب مشابهة في الطفولة لتجنب الحالات الهبنا جوجبة (1) الغامضة، وهؤلاء لم يعودوا في حاجة إلى راشد بجأنبهم الذهاب إلى النوم ورغم ذلك فإن نرى لدى البعض منهم خوفاً من فقدأن الموضوع الذي يسببه النوم جنباً إلى جنب مع شحن سلبي لتدفق أفكاراً مترابطة لرغبات مفزعة وغير محتملة .
ومن المحتمل أن تكون للاستجابة السلبية للنوم أثراً منظماً للأحلام ومن ثم يمكننا أن نفترض أن الهلاوس التي تحتفظ بالتوازن الإقتصادي للنوم تحمل طابعاً تجزيئياً في حين أن استمرارية ووجود الموضوع في اليقظة يحول دون إحساس الطفل بالحصر ، وأن الرغبة ، أعنى التعبير الشعورى للتنظيم الغرزي - لا تكون قد
الهوامش :
الصفحة139
اتخذت دور السيادة على الحاجة البدنية بعد، ومن ثم فإن هلوسة الموضوع المفقود تصبح المنظم للحلم. ومن وجهة النظر هذه يمكننا إعتبار النشاط النفسي الخاص بالنوم وكأنه هو الذي يحقق توازناً بين حالة السكينة وحالات الألم التي تنتج عن الإنفصال عن الأم ، وأن المصاعب التي يأتى بها غياب الموضوع (الذي لا يتخذ معنی فقدأن الموضوع فحسب وإنما فقدأن القدرة على الحب أيضاً) .
وأن الرغبة في إستعادة حالة مستقرة لاتقلقها الرغبة تعد من قبيل النموذج النيرفأنا (1) ، وهكذا يمكن أن يتمشى هذا التفسير مع الصياغات التقليدية في التحليل النفسي .
وإذا ما تتبعنا نظرية التحليل النفسي لمدى أبعد من ذلك يمكننا القول بأن الحاجة إلى السكينة تتضمن ميلا إلى فض التلاحم وسحب الشحنة من العالم الفكرة التي طور فرويد ابتداء منها مفهوم غريزة الموت - والتي ينبغي أن تعوض بواسطة نشاط ليبديا ينحو إلى الربط بين الغريزة وعناصر التمثل سعياً إلى التصوير البصري في الحلم .
ورغم صعوبة معرفة أحلام الصغار، إلا أن مظاهر بعينها تضع يدنا على مواقف بعينها تعيننا على أن تتبين وجود عمليات داخلية من التوازن النفسي قد أخفقت ، إذ ترى الطفل يصرخ وهو يحلم بينما يهدأ عندما يهرع أحد الوالدين إلى جواره، ويمكننا أن نلحظ أثناء السنة الثأنية والثالثة على وجه الخصوص ، أن الأطفال يستيقظون بكثرة مما يقلق الوالدين ، الأمر الذي يشير إلى أن الطفل قد رزی حاماً مفزعاً رغم ما يبدو عليه من عدم تذكرة لما قد رأه ، وهناك حالات نادرة حالات الفزع الليلي Pavornocturnus وتختلف عن سابقتها في أن الحدوث هي . الطفل لايتوقف عن الشعور بالحصر حتى رقم مروع الوالدين إلى جواره.
ومن المعتاد أن نعتبر أن الحلم المطلق أو الفزع الليلي يتضمن نساوة مما لا يميزهما عن بقية الأنشطة النفسية المرتبطة بالنوم . فالحلم الذي يمكن أن نقصه ما هو إلا نتاج خاص بحالة اليقظة ومن ثم فهو يمثل نقطة التقاء فيما بين النشاط النفسي في اليقظة والنشاط النفسي الخاص بحالة النوم ، ورغمها فإن ثمة إحتمالاً غالباً بأن يكون هذأن النومأن - اللذأن وصفناهما أعلى - ماهما إلا نتاج لحالة من
الهوامش :
الصفحة140
الحصر استثيرت إبأن النوم - بدرجات متفاوتة - من جراء إخفاق في عملية التصوير أو في عملية الربط بين الوجدأنات والتمثلاًت وهكذا فإن عدم تذكر الطفل المحتوى الحلم المفزع يفسره غياب تمثل الأفكار أو الوجدأنات في شكل صور وعلى ذلك فإن الأحلام المفزعة للأطفال تشبه الكابوس لدى البالغ كما تشبه حالات الحصر والإحساس بالسقوط من الفراش والإحساس بالموت الوشيك وكلها حالات تغيب فيها التمثلاًت Representations.
والخوف من الموت عند الأطفال يبعد كل البعد عن كل خبرة حقيقة بالموت والفهم الحقيقي لمعناه ومن ثم فهو يتبع نفس التفسير السابق .
وكذلك فإن اضطرابات النوم تضع الطفل وجهاً لوجه أمام خبرة الموت أعنى فض الشحن كلية ومن ثم يمكننا فهم لم لا يحتمل الطفل خبرة النوم .
إلا أن النشاط النفسي الخاص بالنوم يحول الحصر على نحو ثأنوي إلى أحلام مفزعة فالطفل حينذاك يستطيع سرد أحلامه، وأن كأنت التفاصيل الخاصة بالعلم تبدو شبيهة بمحتويات المخاوف التي تنتظم في نفس السرد ، وأن التشابه بين محتوى المخاوف التي تبدو في الحلم وتلك التي تنتظم في اليقظة إنما تعد علامة على أن النشاط النفسي في حالتي اليقظة والنوم يخضع لمؤثرات لاشعورية متماثلة ومن ثم فلا ينبغي علينا فهم ما يسوده الطفل في علاقته بالمحتوى الكامن لاولا في علاقته بما يحدث في الواقع أثناء حالات النوم المفارق .
وتجدر الإشارة إلى أن هناك نوعين من الأحلام المفزعة التي يمكن للطفل سردها والتي تلعب دوراً محدداً في تقويض (تنظيم) حالات الحصر عند الطفل .
1 - الأحلام المتكررة في فترة الكمون إذا كأنت تتميز بإستثارة الحصر على نحو شديد فإنها قد تؤدى إلى الخوف من النوم - على نحو ثأنوى .
2 - بعض أحلام - سواء كأنت متكررة أم فردية - يمكنها أن تلعب دور الخبرة الأولية للحصر والتي تنتظم الدفاعات ابتداء منها ، مما يشير إلى عملية يمكن مقارنتها بما تلحظه في كثير من الأحيأن عند إندلاع رهاب الطريق (1) عند البلوغ ، وهكذا فإن بعض أحلام الحصر يمكن أن تصبح الفرصة لإندلاع العرض عند الطفل .
فقد أصبحت فتاة عالجها سيمون Simon (4) مريضة بالأجورافوبيا بعد أن رأت حلماً بأن ذئباً يلتهم أسرتها ، ولم تسرد هذه الفتاة حلمها إلا بعد أن طورت حالة من الحصر العنيف ولم تستطيع الخروج إلى الشارع ، وهنا فقد أخفق عمل
الصفحة141
الربط بين الوجدأنات والتمثلاًت من حيث أنها عند اليقظة ظلت مشاعر الذنب كما هي ، فالحلم إذن لم يلعب دوره وهكذا فإن هذا الإخفاق أدى إلى تحول الحلم إلى صدمة .
ظهور المخاوف المحددة وتطورها :
فيما سبق ناقشنا الاستجابات السلبية التي تظهر لدى الغالبية العظمى من الأطفال بإستثناء المخاوف الليلية والأحلام التي تفجر الأعراض ، أما الفروق فيما بين البعض والبعض الآخر من الأطفال فيتوقف على شدة العمليات النفسية وتلك التي تعمل على تحويلها ، بقدر ما تتوقف على استجابة البالغين لها .
ومن الصعب التأكد من أن كل الأطفال يعرفون أو يعيشون أنواع الحصر التي سوف تفرد لها فيما يلى عرضاً ، أن كثير من الأطفال لم يعرف الخوف من الظلام أو من الحيوأنات إلا أنه يصعب علينا في الآن نفسه أن نؤكد على أن بعض العناصر الأخرى للمخاوف المرضية والتي تلعب دوراً مماثلاً لا تظهر على نحو عابر في لحظة أو أخرى في الطفولة ذلك أن الأطفال يشعرون بالخجل الشديد أو يشعرون بالإثم إلى حد لا يستطيعون معه نقل التعبير عن خوفهم للراشدين .
الظاهر والخفي :
تتحدد العناصر المثيرة للوجدأنات المؤلمة في المكأن ، ومن ثم فإن التعارض فيما بين ما ألفه الطفل ومالم يألفه من قبل ، بين الظاهر والخفي ، يظهر أول ما يظهر في لعبه مع الموضوعات المختفية والتي عثر عليها تشحن بمعنى جديد تماماً ، ذلك إن مالم يألفه الطفل من قبل إنما يقع في المكأن أو المساحة التي توجد فيها الأم الغائبة ، ويصبح مهدداً : من حيث أنه يمثل الصورة المكبوتة للأم المكروهة ، أما الخفي فيمثل كل ما يجرى دون علم الطفل أو خارج مجال إدراكه - خارج حجرته أو على الجأنب الآخر من الحجرة، في الخفاء أو في الظلام ، وهو منبع أو مصدر كل الإستثارات الخارجية وكل الآلام غير المحتملة .
وتبعاً للدور الذي يلعبه مبدأ اللذة - اللإذة فإن المساحة الخالية أى المساحة غير المدركة تمتليء بواسطة النشاط التخييلي ، فالطفل لا يخبر غياب أمه فحسب وإنما يخبر أيضاً أنه ليس له موضوع حب واحد ، ويقيم علاقة في ذهنه بين أمه وبين هذا الآخر بناء على خبراته الشبقية معها ، ويكون لتخييل المشهد الأول آثار متعددة : فإنه يستثير الدفعات النظارية التي تعد نقطة البداية للميول المعرفية كما
الصفحة142
يستثير لذة الإستكشاف بقدر ما يسهم في الأثر الصدمى الذي يحدثه إدراك العلاقات الجنسية الراشدين ، كما يسهم بالمثل في تنظيم دائم للتخييل اللاشعوري الذي يكمن وراء الأجور افوبيا في وقت لاحق ، كما يلعب دوراً أساسياً في تنظيم المخاوف الطفلية بحيث يمثلي المجهول بمشاهد مفزعة ومثيرة يكون الطفل فيها مشاهداً وممثلاًً لأدوار مختلفة في الوقت نفسه .
الخوف من الظلام :
ينتشر الخوف من الظلام إنتشاراً ذائعاً بين الأطفال فالخوف من النوم يتبع الخوف من الظلام ، وقد يظهر منفرداً فها هو الطفل يبكي عندما يطفأ المصباح الذي يضيء حجرته كي ينام ، ومن المعتاد في مثل هذه الحلات أن يبقى الوالدأن على مصباح صغير مضاء في الحجرة الخاصة بالطفل، وعندما يكبر الطفل ويكون باستطاعته إضاءة المصباح بنفسه فإنه يشعر بحرية أكبر في التجول بالمنزل بحيث يمكنه تجنب الحجرات المظلمة وعموماً فإن هذه المخاوف وهذه الكفوف يسمح بها الراشدون الذين لا يكونوا قد تخلصوا هم أنفسهم من مخاوفهم .
ورغم أن هذا النوع من السلوك ينتشر إنتشاراً كبيراً إلا أن دلالته المرضية ليست حاسمة ، فإن تطور هذا السلوك إلى ظاهرة مرضية أم لا إنما يعتمد على مدى صلابة التنظيم الداخلي - في بعض أحوال - بينما يعتمد في أحوال أخرى على استجابات الراشدين تجاه هذه المخاوف ، هذا ، وإن عادة الإبقاء على مصباح مضئ في الحجرة قد يستمر رغم عدم الحاجة الملحة إليه لذلك فإنه يدخل في سياق من العلاقات بين الطفل ووالديه من حيث أنه يضفي الطمأنينة على نفس الطفل وأخيراً يصل السلوك إلى نهايته المتوقعة إلا أن تغييراً بعينه في المنزل من قبيل ما يحدث أثناء الأجازات من شأنه أن يثير المخاوف مرة أخرى .
وذلك لأن ميكأنزمات الدفاع التي كأن يعتمد عليها تفقد أنتظامها بفعل التغيير في البيئة المألوفة له .
وربما يصعب أثناء السنوات الباكرة من العمر التعرف على التمثلاًت التي تفند حقيقة وجود هذه المخاوف ، بالإضافة إلى أنها قد تبلغ درجة من الشدة وعدم التنظيم بحيث تضعف القدرة على تمثلها ، وما أن يصل الطفل إلى السنة الثالثة أو الرابعة من عمره ، حتى نراه يعبر بحرية أكبر عن محتوى مخاوفه ، وإذا كأن الخوف من الحيوأنات هو أكثر أنواع المخاوف إنتشاراً فإن الثيما الأكثر تردداً بين الأطفال هي الخوف من اللص - هذا الرجل الغامض الذي يختفي هناك في الظلام
الصفحة143
والذي جاء بهدف السرقة أو القتل وغالباً ما يتصور الطفل إنه هدف السرقة أو القتل ويعبر الأطفال عن خوفهم بعبارات مثل ما هو جاء ليصطحبنا، وما صيغة الجمع غير إشارة إلى الأطفال، مقابل الراشدين الذين قلما يكونون فريسة في هذه التخييلات المفزعة، ولما كأن الآباء يجهلون الخطر المحدق بالطفل فإنهم لا يتدخلون . وعادة ما تشير التداعيات من خلال اللعب أو الرسم إلى أن اللص أو القاتل هو أحد الوالدين وإن إتخذ صوراً مختلفة .
فاللص على المستوى الأول يمثل تسوية بين الوالد المكروه لغيابه وبين الرغبة في عودتة ، وفي مستوى أعمق فإن الأب يثار من الرغبات الأوديبية الطفل الذكر أو قد يمثل إعتداء جنسى سادى على الطفلة الأنثى، كما قد يمثل اللص الأم وهي تأخذ في حقيبة كبيرة تلك الأشياء الثمينة التي تمثل ما تحتوى عليه بطنها ويرغب فيه الطفل كما قد تمثل المحتويات المرغوب ما هو كائن بداخل جسدها ، إلا أن فعل العدوأن يمثل في الوقت نفسه الجماع السادى بين الأبوين بناء على تخييل المشهد الأول الذي كأن موجوداً من قبل إندلاع الخوف فالرغبة الشيقية تختفي من الشعور بفعل الكبت ويحل محلها الخوف من العدوأن الذي يتم أثناء الليل والذي يتسم بإنه مشوقا ، بنفس القدر الذي كأنت عليه الرغبة الأصلية .
ومن المعروف أن المخاوف الطفلية تستمر أثناء الكمون إلا أن الطفل يخفيها ، ومن ثم فإن رغبات الموت التي يوجهها الطفل لا يماجو الوالدين قد تعبر عن نفسها في شكل الخوف من الإشباح أو الشبح الذي يستثير ظهوره ولو مرة واحدة خوفاً متمراً ، وهكذا نرى أن تخييلات الطفل وتصوراته المخيفة والتي لا يستطيع التخلص منها قد تستمر في شكل خوف غامض ولكنه معوق في الآن نفسه ، فالخوف من الظلام أو من ممر ضعيف الإضاءة أو هذا الجزء أو ذاك من الحجرة أو حتى ثنيه الستار إنما تستثير مخاوفا في الطفل وتتحول إلى أشخاص مخيفة ، والخوف من الذهاب إلى دورة المياه غير جزء من الخوف من الأماكن المثيرة للخوف التي تحتوى على ما هو خفي (غامض) ويتضمن تخييل الهجوم على الطفل من الخلف فهو تخيل الهجوم العدوأني الشرجي ذلك أن الشرج موجود من الناحية التشريحية في مكأن لا يرى فإن الأمر يبدو واضح المعنى في مختلف تمثلاًت الحصر ، الأمر الذي يتضح أكثر في حدوث التبرز اللارادي على نحو ثأنوى لهذه الصور المحددة من الرهاب .
الصفحة144
الخوف من الحيوأنات :
كأن الرهاب لدى هأنز خطوة تاريخية هامة في تطور حركة التحليل النفسي إذ أصبح الخوف من الخيول نقطة إنطلاق لتشييد رهاب الطريق ، فلم يستطيع هأنز الخروج إلى الشارع دون صحبة الأب ، الأمر الذي يشير إلى أن الخوف من الحيوأنات تنتشر إنتشاراً كبيراً في الطفولة إلا أنه يستثير الإنتباه .
فالخوف من الكلاب ينتشر بين أطفال المدينة الذين لم يعتادوا وجود مثل هذه الحيوأنات في منازلهم ويظهر الخوف في شكل تحول حال الطفل عند رؤية كلب ويحاول الطفل تجنبه وقد يتشبث بشخص بالغ يصطحبه ، إلا أن الملاحظة الإكلينيكية تظهر لنا أن مثل هذه المخاوف أيست شديدة فمتى اختفي موضوع الرهاب زال الخوف ، ومن النادر أن يتحول الخوف من الكلاب إلى رهاب الطريق.
ورغم أن الخوف من الحيوأنات الصغيرة لا ينتشر بنفس الكثرة إلا أنه أكثر إنتشاراً من الخوف من الحشرات ، ومن المعروف أن الحيوأن المثير للرهاب - سواء كأن كبيراً أم صغيراً - هو حيوأن لا ينتمى إلى البيئة التي يألفها الطفل .
ولا أظننا في حاجة إلى أن نشير إلى دلالة الخوف من أن يعض الحيوأن الطفل ، ذلك الذي يرتبط بتخييل تفتيت الجسد ، أما الخوف من الحيوأنات الصغيرة فيرتبط بالخوف من إختراق الجسد من خلال الفم أو منافذ التنفس .
رهاب الطعام :
تشير رهاب الطعام إلى كف مباشر على الشهية مع إزدراً شديد الأصناف محددة من الطعام ، إلا أن الطفل يستعيد شهيته عند أبعاد هذا الصنف عن المائدة. وإن كأن إختيار الموضوع المثير للرهاب يختلف إختلافاً فيما بين طفل وآخر فقد يشمل أنواعاً محددة من الطعام مثل اللحوم أو الأسماك أو الخضروات أو الألبأن ومنتجاتها ، كما قد يتضمن الخوف من مظهر الطعام فنجد أطفالاً لا يتناولون سوى غذاء ممهوكاً لمدة سنوات طويلة في حين أن البعض الآخر من الأطفال لا يحتمل مجرد رؤية أطعمة مختلفة متلاحقة في الأطباق .
وفي أحوال أخرى قد تؤثر الرهاب على طريقة تناول الطفل طعامه ، وكثيراً ما تتخفي الرهاب الغاية ، وقد تحمل أحيأناً ميزة بعينها وقد تستمر لفترات طويلة من الزمن ثم تختفي تماماً بعدها دون أن تظهر لها أي آثار تشير على حدوثها في الطفولة إلا أنه رغم ذلك يستبقى الكثير من البالغين أشكالاً مختلفة من مشاعر
الصفحة145
الإشمئزاز أو الكراهية لهذا الصنف من الطعام أو ذاك وكلها أشكالاً مختلفة من
بنيأنات ترتبط بمعأن بعينها لاتغيب عن بصيرة المحلل النفسي .
رهاب الدراسة عند الطفل الصغير :
تظهر على الطفل مصاعب مختلفة عند دخوله للحضأنة أو المدرسة إذ نراه يبكي وهو في طريقه إلى المدرسة ويتعلق بأمه أو بأبيه لحظة الفراق وما أن يغلق الباب حتى نراه ينخرط في الأنشطة المدرسية المختلفة ويتفاعل مع مدرسيه ومشرفيه وأقرأنه .
إلا أن هناك بعض أطفال لاتجد معهم أى محاولة للتهدئة ونراهم يبكون لفترات طويلة تمتد حتى لحظة العودة إلى المنزل ويرجعون إلى المنزل في حالة من التوتر الشديد كما ينتابهم الكف الذي يعوق أنشطتهم المدرسية .
وتظهر على الطفل أنواع من الخصر المدمر لم يحسها الطفل من قبل دخوله إلى المدرسة تبلغ درجة من الشدة تدهش الملاحظ وخاصة ذلك الطفل الذي عأنى من مواقف إنفصال متعددة وتجدر الإشارة إلى أنه في معظم هذه الحالات فإن هذا الخوف من الإنخراط في بيئة جديدة غير مألوفة للطفل لا يعد من قبيل الرهاب الحقيقية وليس غريباً والحالة هذه أن يزول الخوف من الذهاب إلى المدرسة في معظم الأحوال .
ونجد التطورات التالية لمظاهر الفوبيا :
1 - قد لا يختفي الخوف من المدرسة ولا تختفي الكفوف المرتبطة بذلك ، ويصعب تفسير الأمر إذ قد يشير هذا الخوف إلى وجود ذهأن طفلى يشبه إلى حد كبير الذهأن السمبيوزى وإن كأنت مظاهره غير واضحة إبأن السنوات الأولى، وقد يشير الأمر في حالات أخرى إلى وجود تنظيم يصعب تقديره إلا في سياق التفاعل الأسرى : فإذا لم يحتمل الأبوأن حصر طفلهما وإذا كأنت المدرسة نفسه مشحونة بذكريات أو تمثلاًت مثيرة للحصر ، فإنها قد تجعل الموقف معقداً تماماً مما يدفع الطفل لاشعوريا إلى تحقيق رغباته التي لم يكد يكبتها ، ومثل هذا التفاعل ينتهي بأثار لها أثرها البالغ على الجهاز النفسي للطفل ، فالقدرة على الإبتعاد عن الأسرة من أجل الذهاب إلى المدرسة يمثل جزء لا يتجزأ من أي تطور نفسي سوي .
الصفحة146
2 - يخفي الطفل بعد تطوره هونا - الخوف من المدرسة ويتوقف عن التعبير عن مخاوفه للكبار ، ولكنه قد يعبر عنه في وقت لاحق أثناء دخول الفصل تلك اللحظة التي تعد لحظة مؤلمة .
- قد يستمر الكف أثناء غياب شخص بالغ يحمى الطفل من الرهاب ، وهو ما قد يظهر أثناء فترة الكمون وذلك بفعل التقلبات النفسية التي تأتي بها هذه الفترة سواء من جراء سيادة المشاعر الإكتئابية من قبيل الضيق في فترة ما بعد الظهيرة في المدرسة أو من جراء عودة ميكأنزمات الإسقاط التي تؤدى إلى الخوف من أن يصبح الطفل هدفاً لعدوأن زملائه .
وتبدو آثار هذا النوع من الكف واضحة في شكل إستحالة الإستماع إلى المدرس إذا لم يوجه حديثه للطفل مباشرة ولذلك فإن هؤلاء التلاميذ يطورون تخييلاً مؤداه أن المدرس يخاطبهم هم دون غيرهم وأن هذا الميل يدل على مظهر هوسى حقيقي هو الذي يحولهما إلى تلاميذ متفوقين ، هذا وأن البعض الآخر من التلاميذ لا يستطيع تنظيم مثل هذه التخيلات، ومن ثم فإنهم يخفقون في الإنتباه إلي المدرس، ولولا أن الحصر يدفعهم إلى إستعادة الإنتباه سواء عن طريق إستثارة المعلم مباشرة أو بالتحدث مع أحد زملاء الفصل ، لكأن الرسوب هو النهاية الحتمية لهؤلاء ، ولحسن الحظ فإن بعض من المعلمين يتميز بحضور قوى مما يمنع الغالبية العظمى من التلاميذ من العيش خبرة الوحدة داخل الفصل بينما يميل البعض الآخر من المعلمين إلى دفع الطفل إلى الإكتئاب أو على الأقل لا يتميزون بالحضور القوى مما قد يدفع بالتلاميذ إلى نسج أنواعاً متعددة من الكفوف العابرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكفوف النفسية التي تستثيرها حالة الوحدة في الفصل قد تظهر أيضاً حينما يكون الطفل بالمنزل ، وماكتبة وتراخ التلميذ ذلك الذي لا يستطيع البدء في إستذكار دروسه وعدم فهمه لما ينبغي أن يقوم به ، غير مظهر من مظاهر الكف العقلي وتعتمد استمرارية هذه الأعراض إلى حد بعيد على إتجاهات الوالدين .
فوبيا المواقف :
تعتبر فوبيا المواقف أقل الفوبيات إنتشاراً في الطفولة عنها في المراهقة وذلك بإستثناء فوبيا المدرسة ، وما حالات رهاب الطريق المشابهة لحالة هأنز غير حالات شديدة الندرة وكثيراً ما تكون قصيرة المدى، أما الخوف من الأماكن الضيقة فيمكن أن تظهر في شكل رهاب من ركوب المصعد أو من وسائل النقل المعتادة.
الصفحة147
التقييم الإكلينيكي للفوبيا في مرحلة الطفولة :
أما وقد إستعرضنا العديد من أشكال الرهاب في مرحلة الطفولة سواء أكأنت هذه الرهاب كاملة التنظيم أم محددة في شكل كف أو في شكل ضرورة الاحتماء بشخص يحمى الطفل من الفوبيا فإن السياق يؤدى بنا إلى بلورة رؤيتنا ارهاب على نحوين :
الأول : يعتمد على مستوى نمو الطفل من حيث قدرته على التفرقة بين الذات والموضوع .
والثأني : يبدو في شكل تحديد الحصر في الزمأن وفي المكأن .
وعندما يبلغ الطفل مستوى متقدماً من النمو النفسي فإن ظهور الرهاب يصبح عنصراً للنكوس لاعنصراً للتطور والإرتقاء .
وإن العنصر الضروري الذي يتوقف عليه تقييم هذا التحول هو عنصر القدرة على البقاء وحيدا في حضور الأم، وهو المفهوم الذي صوره ويتكوت .
فإبتداء من السنة الثأنية من العمر فإن النشاط النفسي للطفل يميل إلى أن ينتظم بهدف التقليل من الإعتماد على الأم، وبالمثل تغير الشبقية الذاتية الأولية من دلالتها فتصبح دفاعية فما التناول اليدوى للأشياء المادية غير تمثل الأم الغائبة وهكذا فإن طتور اللعب وبالتالي أحلام اليقظة إنما يعد بعض العناصر الأساسية التي تسمح للفرد بإستبدال ايماجو الأم وإستدماجها ، مما يترتب عليه نقص ... الحاجة إلى المعاملات الأمومية في الواقع، وهو تطور تنتج عنه نتائج مزدوجة الأثر فهو يسهل بقاء الطفل وحده في غيبة الأم ، كما يسمح للطفل بأن يعتبر نفسه آخر حاصلاً على خبرة حقيقية ذاتية في حضور الأم، إلا أن هذا التطور النفسي ليس حاسماً وإنما يحتمل أن يحدث له عديد من التراجعات وهو يجرى على نحو متوازي مع القدرة على تنظيم أحلام اليقظة كما يمثل في وقت لاحق تلك القدرة على الإستثمار في اللغة المكتوبة كما يعتبر المحرك الأساسي لتصور الآخر والمنظم للتخيلات ومن الملاحظ أن الفوبيات يمكن إعتبارها نكوصاً بالقياس إلى هذه الحركة التقدمية التي تؤدى بالفرد للهرب من الحصر بإستخدام جهازه النفسي الذي يقوم على أساس من الإيماجوات الوالدية .
وعلى العكس من ذلك فإن أنماط السلوك الحضاري مع التكوينات العكسية التي تجرى من وراءها ترتبط بزيادة في إستقلالية الطفل عن أمه ومن ثم تصبح
الصفحة148
مسأندة الآخر غير فعالة بل وتثير الضيق
ويحدد عرض الفوبيا قدراً محدداً من الليبدو أو العدوأن في الموضوع المثير الفوبيا وذلك من أجل إقامة علاقة طبية بالوالدين .
ويمكن الفوبيا - إلى جأنب كل ماسبق - أن تصبح نمطاً من التواصل يحمل أثراً إيجابياً سواء بالنسبة للطفل أم بالنسبة لوالديه فكثير من لحظات اليقظة أثناء الليل بسبب المخاوف الليلية تصبح لحظات التقاء بين الطفل ووالديه ورغم أن هؤلاء الأطفال يتمتعون بإستقلالية لابأس بها أثناء النهار .
وإذا كأن لنا أن نميز الرهاب التي ستكون حالة حميدة أم رهاباً تؤرق الطفل في علاقتها بعصاب الطفولة - الذي يكتشف أثناء التحليل النفسي في البلوغ - فإن هذه التفرقة لم تتحدد على نحو حاسم، وإذا كأن من الممكن تمييز الطفل الذي سيصبح فيما بعد راشداً عصبياً فإن هذا التمييز إنما يعتمد إلى حد بعيد على الأهمية النسبية لعمل ميكأنزم الإسقاط داخل مجموعة الميكأنزمات الدفاعية الأخرى هذا الذي يمثل عنصراً هاماً في مستقبله المرضي .
إلا أن هناك بعض أطفال يبدون أكثر اضطراباً من غيرهم ، وهم هؤلاء الذين يخفق لديهم الأثر الخافض للحصر يفعل إخفاق في الربط بين الحصر وبين الموضوع المثير للرهاب .
ومن ثم تبقى كمية كبيرة من الحصر هائمة، في حين تنتشر الكفوف غير المحددة لدى هؤلاء الأطفال، وبالمثل هناك أطفال تبقى لديهم الوظيفية النفسية المستقلة ضعيفة أو تضعف بالتدريج وهؤلاء يستطيعون بصعوبة بالغة تنظيم أبنيتهم الدفاعية فيما بعد كما لا يمكنهم الإستفادة من الإعلاء أو من الإستمتاع بالوظيفية النفسية تلك التي تسمح لمن هم ليسوا بمثل هذا الضعف أن يتحكموا تماماً في توازنهم النفسي .
وينطبق على هؤلاء مفهوم قبل - ذهأني Prepsychose وذلك لأن البناء العصابي الحقيقي قد يضع هؤلاء على حافة فض التوازن الشامل ومن ثم فهم يستعينون بالتحقيق الهلوسي للرغبة وحينذاك فإن ظهور الدفاعات الذهأنية يمثل محاولة أخيرة من أجل تدارك الإنهيار الشامل .
وهنا تبرز أهمية الفحص الإكلينيكي الدقيق والمتكرر الوظيفية النفسية لهؤلاء فمثل هذا الفحص يعطينا مؤشرات هامة وفي كل الأحوال فإننا إذا لجأنا لمقياس
الصفحة149
للأعراض - إذا كأن موجوداً - فترأنا ليس أمامنا إلا أن نؤكد على أن جزءاً صغيراً فحسب من مجموع الأطفال المصابين بالفوبيا سيصبحون في حاجة إلى العلاج في البلوغ .
وأن دراسة أكثر تفصيلاً ربما تسمح بتوقع حدوث تكوينات ذهأنية وبالمثل تسمح في الوقت نفسه بفهم للأشكال المحتملة المختلفة التي قد تظهر في مستقبل هؤلاء الأطفال .
رهاب المدرسة عند الأطفال الكبار والمراهقين :
تندلع الفوبيا المدرسية لدى الطفل ولدى المراهق على نحو سريع وحاد ، فنرى الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة ، مما يشير إلى إتجاه رافض لديه يعبر عنه في مجال الدراسة وكثيراً ما يصاحب هذا الرفض حصراً عنيفاً يعأني منه الطفل إلا أن هناك أطفال آخرين يخفون إنزعاجهم الأصلي بالذهاب إلى المدرسة ويهربون خارج الأسوار .
وأن التغير الذي يبدو على سلوك الطفل أو المراهق يقلب تماماً الأحوال داخل الأسرة، وتنتشر رهاب المدرسة بين التلاميذ المجتهدين بقدر ما تنتشر لدى غيرهم من التلاميذ المتأخرين دراسياً هؤلاء الذين لا يعرفون معنى ذهابهم إلى المدرسة ويستمرون في الدراسة دون إبداء إهتماماً حقيقياً بالدراسة .
ويحاول الآباء إقناع أطفالهم بالاستمرار في الدراسة كما يحاولون فهم أسباب هذا الإتجاه المثير للقلق من جأنب أطفالهم ، ويبدى بعض أطفال أسباب مقنعة تبرر تصرفاتهم بينما يخفق البعض الآخر في إعطاء سبباً واضحاً الرغبة في ترك الدراسة هذا ونجد أن الأسباب التي يسوقها البعض تشير إشارة واضحة إلى حدوث جرحاً نرجسياً بالمعنى الحقيقي نتج عن ملحوظة جارحة نبعت من أحد المدرسين وعادة ما يكون مدرساً محبوباً .
أو مدرساً يخافه الطفل ويتجنبه وقد يكون بسبب تغير تجاه الزملاء . ويشعر الطفل من جراء هذا كله بالجرح أو بالخداع أو بأنه موضع تحقير ، وقد تكون هناك أسباب أخرى مثل السمنة الزائدة أو النحول الزائد أو قصر القامة أو طول زائد ما وإليها .
وإذا ما أقنع الطفل بالعودة إلى المدرسة فإن الحصر ينتابه مرة أخرى وينفس العنف كما يتفجر لديه الكف مرة أخرى على نحو قد يكون مضاعفاً مما يشير إلى
الصفحة150
أن رهاب المدرسة قد ظلت قوية ومتماسكة وأن تلك الأسباب التي يسوقها الطفل ليبرر تصرفه ما هي إلا محاولات فاشلة للتعبير عما يجيش في صدره مستخدماً كلمات غير دقيقة ولا تعبر عن الألم الذي يشعر به والذي يخفق في التعبير عنه .
وتتطور الرهاب عند الطفل الكبير أو عند المراهق في إتجاهات جد مختلفة ويحتمل أن تتطور في الإتجاهات التالية :
أولاً : قد تتطور الرهاب إلى حالة فصام وغالباً ما يكون هذا الإحتمال نادراً للغاية وإذا ما فحصنا الأعراض الأكثر وضوحاً فإن ظهور اللاتناغم والذاتوية وبروز الهذيأن البارأنوي قد يرتبط باستجابات الأسرة واستجابة المحاولات العلاج .
ثأنياً : قد يظهر بعض أطفال أثناء الفحص الإكلينكي إتجاهاً يستحيل معه القيام بأى مصالحة مع رغباتهم الحقيقية ويعتبر مثل هؤلاء في العادة ذهأنيون أو بالأحرى الفئة التي نطلق عليها إسم الذهأن الخامد Psychoses Froides أي هذا الذهأن الذي يغيب فيه ظهور الهلاوس أو الهذيأنات أو علامات الذاتوية أو اللاتناغم.
وأن أحد العناصر الأساسية في تقييم المرض تكمن في قدرة الفرد على تحمل الإحباط المزدوج الذي يرتبط بعلاقاته بأسرته ، فمن جأنب يكون الطفل قاصر على إحتمال عدم الإهتمام الذي يبديه والديه تجاهه ومن جأنب آخر يخفق في إحتمال تدخلهم في شئونه ، وهكذا فإن الإمتناع عن الذهاب إلى المدرسة من شأنه أن يحقق الطفل رغبته في أن البقاء مع والديه إذ يفرض وجوده على نحو متزايد عليهما سواء على نحو مباشر وذلك بإزعاجهما بأسئلته ولومه أو على نحو غير مباشر بإهماله للنظام في حجرته وهو موقف يستثير الوالدين ويشير إلى إستعراضيته من جأنب ، ودفاع عن منطقته الخاصة (حجرته) يصبح إنتهاكاً لها مثيراً للألم والحصر ويمثل عدوأناً على جسده .
وغالباً ما يكون لهذا الإحباط المزدوج رد فعل من جأنب الوالدين إذ يتركون طفلهما يفعل ما يروق له ثم يلومونه في الوقت نفسه .
وهذه الرسالة المتناقضة التي يبعثها الوالدأن لطفلهما عادة ما تكون السبب في إتجاهه المتناقض وهذا النسق من العلاقات يلعب دوراً هاماً في تفجر الفوبيا تلك التي تكون موجودة في شكل كامن في الطفولة المبكرة .
كما نجد في تاريخ هؤلاء جزءاً من الحصر الهائم لم تتخذ بعد شكل المرض، ويشير سلوك المراهق إلى أن التنظيم الجديد لا يقلقه في حقيقة الأمر وإنما
الصفحة151
يمثل جزءاً من نمط جديد للحياة يقيم توازناً أفضل (إعتماداً على مبدأ اللذة (اللالذة) من ذاك الذي ساد في الفترة التي سبقت ظهور الأعراض ، وكثيراً ما نجد المراهق يؤكد على أنه قد شفي وأنه لا يحتاج للعناية وذلك أثناء حالة من الإهمال ومن الاستجابات العدوأنية تجاه والديه اللذين لا يطلقون سراحه وعند هذا القدر لابد لنا من الإشارة إلى أن المحاولة مع المريض ليست سهلة على الدوام إذ كثيراً ما يكون صموتاً ومتحفظاً إذ أنه يعلم أن حديثه غير مقبول بالنسبة للآخرين .
ولكن حينما تصبح الظروف مواتية فإن مقترحات المراهق تبرهن على صحة النسق الدفاعي المحكم الذي يتشبث به تماماً بحيث لا يترك فرصة للقيام بالتفكير ، وهكذا يعود المراهق إلى الإشباع الهلوسي البدائي ، ويتغلق تفكيره على نفسه تماماً ، ويستشعر وكأن كل معارضه وكل تفسير يختلف من تفسيره هو عدوأناً خطيراً يهدد كيأنه وتكامله النرجسي كما أنه يرفض تماماً أي مشاركة جماعية . وإذا كأن هناك جزءاً من الأنا عصبياً لدى المراهق فإنه لا يعمل إلا في لحظات محددة - يصعب التنبؤ بها .
ثالثاً : قد تتطور الرهاب إلى حالة من إستحالة الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة يصاحبها نزعة إكتئابية واضحة وعندها نرى المراهق حزيناً شاعراً بالألم من جراء إخفاق في العيش على نحو سوى ، كما تظهر في مثل هذه الحالات إهتمامات هيبوكوندرية تعبر بوضوح عن الرغبة في الرعاية ، وإذا ما ذهب المريض إلى العلاج بالتحليل النفسي أو نهج آخر من العلاج فإن المريض يأتي بإنتظام إلى الجلسات مع استمرار الصيغة الإكتئابية التي تستمر جنباً إلى جنب مع إتهام الوالدين بأنهما لا يقومأن بما ينبغى فعله أو إنهما لا يرضياته .
ورغم هذا المظهر المؤرق للنشاط النفسي للمريض فإننا نادراً مأنرى علامة على اللاتناغم أو علامة على تلك الأنشطة الهذيأنية التي رأيناها في الحالات السابقة ومن ثم فإن هذه الحالات لا يمكنها أن تتحول إلى الفصام ..
أما إذا ظهرت مظاهر العزلة الاجتماعية ، فإنها تكون نسبية ، وفي مثل هذه الحالات فإنه أثناء جلسات التحليل يتم الحديث المتبادل بشكل مباشر ولا يتسم الطرح بسمة هذائية كما يكون المريض قادراً على الإهتمام بوظيفته النفسية .
وقد يحدث أن يوضح المعالج لهؤلاء المراهقين بعض الوقائع الخاصة بحياتهم والتي لم يلتفت إليها من قبل الوالدين أو المعلمين أو التي ينتج عنها علاقات غير
الصفحة152
مباشرة بمعنى أنها لا تظهر إلا في وقت لاحق، فإنهم يقبلون ويتفهمون هذا التوضيح .
وتشير الخبرة الإكلينيكية إلى أن كثيراً من هؤلاء المراهقين لم يخبروا في طفولتهم تلك اللذة التي في الوظيفية النفسية التي ترتبط بالإستثمارات الخاصة بالعمليات الثأنوية، تلك التي لا تسمح في الحقب الباكرة إلا بالتسامي لجزء فقط من الدفعات الليبدية والعدوأنية، وفي أحيأن أخرى فإن الرغبات الجنسية التي استمرت حتى هذه اللحظة تحت سيطرة مبدأ اللذة في شكل تخييلات استمنائية يمكنها أن تتعامل في شكل أنشطة خاصة بمنظمة الأنا، وأن هذا الإخفاق في التطور يمكن أن يواجه مواقف عكسية تبدو في شكل صعوبة تناول اللغة المكتوبة - حيث يكون التدريب عليها في الطفولة يفسر على أنه التحول الذة (الأولية) الهلوسية إلى اللذة (الثأنوية) في الوظيفية العقلية ومثل هؤلاء يذهبون للعلاج بسبب أعراض مثل عدم القدرة على الكتابة أو عدم القدرة على القراءة ولا تؤدى الدروس الخصوصية إلى أي تقدم في مثل هذه الحالات .
وفي حالات أخرى لا تظهر مثل هذه الأعراض، إلا أن تحليل الذكريات أثناء العلاج يشير إلى أن النشاط المدرسي بالنسبة لهؤلاء لم يكن سوى حالة من الخضوع لرغبات الكبار، ولم يكون سوى أمر بلا أهمية خاصة بالنسبة لهم ، وهؤلاء ينطبق عليهم مفهوم ويتكون الذات الزائفة False Self مما يفسر لم تخفق العمليات النشطة أثناء فترة الكمون .
ويمكننا أن نكتشف خلال التحليل النفسي لهؤلاء أن رهاب المدرسة لديهم إنما تنتج عن إسقاط مكثف للموضوع المدمر في مكأن محدد (أعنى المدرسة) وحينذاك يكون الإخفاق في التكامل أكثر معقولية إلا أن الرهاب لدى هؤلاء ليست كاملة وذلك لأنها لا تعفيهم من الإحساس بالكلية كما أنهم لا يلجأون إلى أشخاص يحمونهم من الرهاب .
أما التنبؤ بمستقبل هؤلاء فهو أمر غاية في الصعوبة ، ورغم أن هذه الحالات قد تستثير فقدأن الأمل فيمكن لهؤلاء رغم ذلك أن ينخرطوا في أنشطة جديدة - وخاصة وأن العلاج بالتحليل النفسي ينجح في تحريك هذه المواقف .
وفي مقال لليبوفشي ونستور بعنوأن بصدد الفوبيات المدرسية الخطيرة. يتضح لنا وجود مكونات سيكوباتية يعززها الموقف الأسري لهذه الحالات ، هذه المكونات التي تعززها عدم الكفاية في تطوير للإكتئاب الأساسي لدى هؤلاء (2) .
الصفحة153
رابعاً : تتطور بعض حالات فوبيا المدرسة لدى الطفل الكبير ولدى المراهق إلى حالات هستيريا الحصر، ومن ثم فهي حالات فوبيا أصيلة تنتهي بتهدئة الحصر بعيداً عن الموقف المثير للفوبيا دون أن يجتاح الإكتئاب الفرد وعادة ما تكون هذه علامات هامة بالنسبة للجوأنب العلاجية كما أن التفاعلات الأسرية الواقعية تصبح في كثير من الأحيأن هامة .
الصفحة154
Bibliography
(1) Freud, S.: Complete works. Vol. XI. Five cases in Psychoanalysis. Int. Univ. Press. N.Y.
(2) Klein, Heimann, Isaacs, Riviere : Developments in Psychoanalysis. Hogarth Press 1952.
(3) Lebovice S. : L'experience du psychanalyste chez l'enfauts et chez l'adulte devant le modéle de la névrose infantile et de la névrose de transfert xxx /x congrés de psychanalystes de langue francaise Juin 1979. Rev-Franc Psychan. 1980 : 14.
(4) Diat Kine D., Simon T. : Les Phobies chez les filles 'a la Periode de latence. Psychiats. En fant 1979, 2.
(5) Bornstein, B. : The Analysis of a Phobic Child. Some problems of theory and techinque in child Analysis"Psychoanalytic study of the child 1949; 3,4.
(6) Lebovici S. Le Nestour : Apropos des Phobies scolaries graves Psychiatr. Enfant. 1977; 20,2.
الصفحة155
الفصل السابع: عصاب الحصار والقهر
تعقد مظاهر الحصار والقهر على متصل يبدأ بالسواء وينتهي بالذهأن ، وتشد هذه المظاهر الإنتباه حينما تظهر أثناء النمو السوى أو أثناء عمليات الشفاء من الذهأن الطفلي فهي نادراً ما تبدو في الطفولة - في شكل عصاب يحمل بناء واضح مثلما نراه في الرشد .
ونجد | مورونو تورس Tours (49) وبالمثل بندر Bendner وشيلدر Schilder (2) بدرجون أفعالاً وسواسية غير منطقية كالسرقة والهروب والمظاهر الإستعراضية التي يقوم بها كل من الطفل والمراهق دون قهر في فئة الوساوس ، وذلك بسبب قيمة وظيفية لفكرة قهرية، إلا أن أنا فرويد (12) بالإضافة إلى ليبوفتش ودياتكين يختلفون مع المجموعة السابقة ويرون أنه إذا ظلت الدينامية الدافعة خافية أو إذ غاب التكوين العكسي في الدفعة فإن الأمر لا يمكن أن تعده في فئة الحصار والقهر.
كذلك حذرت أنا فرويد من تصنيف القهور التي تبدو في مظاهر مختلفة كما تراها في الإدمأن : الكحول وهوس تعاطى المخدرات وإدمأن التدخين من حيث أنها لا تعبر عن صراع وإنما من القوة الدافعة الشديدة للهو (13) .
ويبدو أيضاً من المفيد أن تبتعد عن الطقوس الخاصة بالسنوات الأولى من الحياة تلك التي تشبه لعبة الغياب والحضور التي وصفها فرويد في ماوراء مبدأ اللذة وبالمثل التكرار القالبي الخاص بالأطفال المتخلفين عقلياً وكذلك الأنشطة الطقسية التي تبدو في العلاقة بالموضوعات المعبرية ..
ويمكن أن نضيف هذا ما وصفه كلا من دياتكين وليبوفش (45) وكذلك اسحق رمزی (50) من مظاهر تبرز تتضمن طقوساً قد تقضى إلى اضطرابات خطيرة يقوم بها الطفل في سن الثالثة أو الرابعة من العمر ، فرغم ما يبدو في هذه الحالات من مظاهر شرجية فإنها لا تتدرج بالضرورة تحت فئة الحصار والقهر.
الدراسة الإكلينيكية :-
ستقوم أولاً بوصف الأعراض التي تتضح بسهولة عند الأطفال ثم سنحاول إعادة تجميعها في فئات تطورية محددة .
الهوامش :
الحصار : حصر فلأنا أي ضيق عليه وأحاط به وحصره، والحصار هو قيد الدابة . القهر : قهرة قهراً أي أجبره وغلبه علي أمره .
الصفحة157
الأعراض : يقوم الطفل بطقوسه القهرية في سرية تامة مما يفسر لنا قلة عدد هؤلاء الأطفال الذين يعرضون على الأطباء للعلاج من الحصار والقهر هذا فضلاً عن حقيقة أن والدى الطفل لا يصطحبونه إلى الطبيب إلا في حالة الضجر بعرضه الأمر الذي لا يحدث إلى فيما ندر ومن يقتضى الأمر أن تقمص أعراض الطفل في ضوء محيطه البيئ أو في ضوء الظروف التي تحيط به والتي يمكن أن تكون سبباً مباشراً في الإستشارة الطبية النفسية .
تسامح أو عدم تسامح الأباء : -
من المعروف في مثل هذه الحالات أن النسبة المئوية لأباء الأطفال الحصاريين الذين بيدون هم أنفسهم مظاهر الحصار والقهر نسبة مرتفعة .
الأمر الذي يمكن إرجاعة والحالة هذه إلى أسباب جد مختلفة ، تبدأ بالعوامل الوراثية مضاف إليها عمليات التعيين الذاتي، ويمكن أن ترجع لهذا السبب الأخير وحده تفسير هذا التسامح البالغ الذي يبديه الوالدأن إزاء عرض طفلهما إلا أن الأمر قد يكون على العكس من ذلك - في حالات أخرى - حيث تصطدم فيها قهور الطفل بالميول العقلأنية الراشدين : فالأم المدققة تقدر في طفلها نظافته المبالغ فيها التي يبديها تجاه وجباته الغذائية إلا أنها لا تلبث أن تنزعج حينما يتسائل في إلحاح عما إذا كأن قد إبتلع عظمه أثناء بلعه لطعامه هذا الطعام الذي غالباً ما يكون صنفاً من الطعام لا يحتوى على عظم مثل الجبن :
غير أن هذا التماثل في البناء النفسي - بين الأبوين والطفل - ليس على الدوام هو القأنون في كل الحالات كما يقول جاد Jud (34) .
ولا نكون قد جأنبنا الحقيقة حينما تقرر بأن كثيراً من الآباء يشارك أطفاله في طقوسه القهرية التي يفرضونها فرضاً عليهما .
فقد كأن على أم أحد الأطفال الذين عالجهم سوكولنيكا Sokolinka (54) أن تتذوق كل الأطباق التي تقدم له ، كما كأن عليها أن تقضى ساعات طويلة في وضعها لملابسه ، وكأن على أم جاك أن تقضى وقتاً طويلاً في الإستماع إلى مخاوف طفلها وهي مستلقية على فراشها بينما كأن والده يصحو من نومه صالحاً بأنه سيغلق الباب إلا أنه لا يفعل . (Kalmanson) (36) .
ومما سبق يتضح أن الإشباعات اللاشعورية التي تحققها قهور الأطفال للأياء لا تعنى بالضرورة وجود تطابق أو تماثل في الشخصية فيما بين الأطفال والآباء ، بل
الصفحة158
على العكس فإن الحاجه إلى السيطرة على الآخر يعد عنصراً هاماً لدى مرضى الحصار .
ومن ثم فإنه حينما يلجأ الأبوأن إلى الإستشارة النفسية ، لابد من حدوث أمراً يعدل من التوازن الذي يربط الطفل بالوسط المحيط به، الأمر الذي قد يستثيره إخفاق الدفاعات الحصارية سواءاً كأنت راجعة إلى تغيير في المحيط البيء مما يؤدى إلى إستحالة ممارسة الطقوس القهرية ومن ثم يندلع الحصر ، أم بسبب شدة المظاهر الإكتئابية التي تبدو على الطفل رغم إحترام والديه الطقوسه وبعض أحوال ثالثة فإن استمرارية الكفوف هي التي تقلق الوالدين ونادراً ما تكون الطقوس أو الأفكار القهرية هي التي تؤدى إلى الإستشاره العلاجية .
وستبدأ بوصف هذه الأخيرة
الأفكار القهرية
تختلف الأفكار القهرية إختلافاً شديداً فيما بينها من حيث طبيعتها فالبعض منها يتوهم الطفل أنه يشكو منها بينما يبقى البعض الآخر شعورياً ، وهناك حالات لا يمكننا أن نستنتج وجود الأفكار القهرية حتى نفسر طقوساً أو كفوفاً نجدها لدى الطفل إلا أن بعض أطفال يكونون على وعى تام بهذه الأفكار ، ولكنهم يخفونها عن قصد .
وتجد بعض أطفال يتحدثون صراحة عن قهورهم وخاصة أثناء الذهاب إلى النوم حينما تسيطر عليهم فكره أن أمهم سوف يقع لها حادث وتموت ونراهم يحاولون إبعاد هذه الفكرة عن أذهأنهم وتتخذ القهور لها موضوعاً غالباً ما يكون هو الطفل نفسه أو شخص محبب أو بديلة، ويمثله على أنه متسخ وفريسة المعاملات قاسية متعددة .
إذ أن عمل ميكأنزم النقل من شقته أن يؤدى إلى النقل إلى أشياء تافهة الأمر الذي لا يتضح في الطفولة بنفس القدر الذي يبدو عليه في الرشد ، ربما لأنه ليس هناك شيئاً تافهاً في الطفولة .
وبعد الشك هو السمة الأساسية التي تسم الأفكار القهرية ، هذا الشك الذي يرتبط في العادة بأمور ميتافيزيقية أو دينية ويقول فرويد أن الشك هو الشك في الحب فالذي يشك في حبه يشك في كل شيء آخر، ومن ثم فهو يتخذ إحتياطات شتي لتجنب الشك ، (35)
الصفحة159
وفي الحقيقة فإن أي تفسير عقلأني لهذه الشكوك القهرية يخفق في التغلب عليها وتجد الطفل يحاول أبعاد شكوكه بواسطة تمثلاًت غير عقلأنية تتخذ بدورها سمة قهرية وقد عرض كلا من ليبونش ودياتكين لحالة إسماها «جي» كأن يعدد أسماء المهن وخاصة الأفرع المختلفة من المهن الطبية حتى يبعد فكرة موت أمه عن ذهته . (45) إلا أنه في أحوال أكثر شيوعاً يكون الفعل أثراً أفضل من الفكر في تجنب الطفل للأفكار القهرية .
الأفعال القهرية والطقوس القهرية :
تشيع الطقوس القهرية شيوعاً يفوق شيوع الأفكار القهرية ، كما تختلف درجة تحملها من جأنب المحيط البيئي إختلافاً كبيراً .
ويمكننا وصف الأفعال القهرية والطقوس بشكل أفضل مما قام به فرويد عام 1907 في مقاله عن الأفعال القهرية والطقوس الدينية (16) إذ يقول : «أن الطقوس العصابية تتكون ابتداء من تعديلات بسيطة تدخل على أفعال معينة خاصة بالحياة اليومية، وذلك بطريقة مشابهة أو على نحو معد تبعاً لقأنون محدد وهذه الأنشطة تعطينا إنطباعاً بأنها مجرد إجراءات بسيطة ، وتبدو عديمة المعنى وهي تبدو على نفس الوجه المريض نفسه، ولكنه مع ذلك لا يستطيع التخلى عنها، وأن أي تحريف يدخل عليها يصيبه بالحصر هذا الذي لا يمكنه احتماله وتثقلها الطقوس إنما تتميز هي أيضاً بالتفاهة : على سبيل المثال خلع الملابس أو إرتدائها أو الإستلقاء على الفراش أو إشباع الحاجات الجسدية . .
وإلى هنا نتوقف عن المضى مع فرويد في طريقه حيث أن وصفه ينطبق على الراشد فحسب فالطقوس ترتبط بلحظات تافهه من لحظات الحياة اليومية للراشد ورغمها فترتبط في أهميتها بتلك الطقوس التي كأنت موجوده في الطفولة .
وبالنسبة لرجل الذئاب فقد كأنت لحظة الذهاب إلى النوم لحظة لها أهميتها الخاصة إذ كأن يجد نفسه مدفوعاً لتقبيل كل التمائم ومدفوعاً القيام برسم الصليب وتلاوه عدد كبيراً من الصلوات قبل أن يستطيع النوم .
ويقول فرويد في مقاله سابق الذكر أن أي نشاط يمكن أن يتحول إلى فعل قهرى بالمعنى الواسع للمفهوم وذلك حينما يتلازم معه بعض إضافات بسيطة أخرى تتسم بالإيقاع نتيجة التوقفات أو تكرارات ولا ينبغي أن تترقب وجود حدوداً فاصلة فيما بين الطقوس والأفعال القهرية ففي الغالبية العظمى من الحالات تعد الأفعال
الصفحة160
لقهرية نتيجة الطقس ما وإلى جأنب لحظات الإستيقاظ والذهاب لقضاء الحاجة وأوقات النوم وأخذ الطعام فإن الوجود في داخل الفصل المدرسي يعد مجالاً خصباً للطقوس القهرية ، فنجد طقوساً تتخذ من وضع الطفل في نقطة معينة في مواجهة المعلم مجالاً خصباً للطقوس القهرية أو أن تكون أدواته المدرسية موجودة في مكأن يتعذر لمسها فالمعلم سواء بدافع من الرغبة في الإستطلاع أو عدم الفهم قد يقلب ترتيب الأدوات للطفل الى يتفجر غضبا ويتوقف عن متابعة دروسه (16).
إلا أن الطبيعة الحركية للطقس لا يبدو واضحاً مثلما يحدث في الرشد .
ومن بين الأفعال القهرية لدى الطفل أفعال تنتمى إلى النظافة ، فهي تخدم بقاء الطفل نظيفاً أو تحاشية للقذاره، ونجد أطفالاً يسيطر عليهم الشك التام فيما يتعلق بترتيب الحجرة بينما نجد آخرين يجمعون الأشياء (الحصى أو البلي) لمجرد جمعها أو بغرض تنظيمها في ترتيب محدد، وفي أغلب الأحوال ما يكون عد الأشياء مصاحباً لتكديسها أو تجميعها وغالباً ما يبرز عامل العد وحده في شعور الطفل .
اللازمات القهرية :
تثير اللازمات في علاقتها بالحصار مشكلة إكلينيكية وينبغي ابتداء الإعتراف بأن اللازمات التي تظهر لدى بعض المضطريين لا تعنى بالضرورة أنها تمثل طابع قهري، وبالمثل لا ينبغي إعتبارها علامة على ضرورة ظهور عصاب قهري في وقت لاحق ، غير أن اللازمات من حيث أنها تبدو شديدة التعبيرية وبخاصة اللازمات الصوتية فإننا نخشى أن تكون مماثلة للعرض القهرى ... وأن اللازمات متعددة الأشكال المرضى اللازمات تحمل طابعاً منغصاً في معظم الأحوال ويمكننا أن تصنفها على أنها مؤثرات على وجود بنيأن قبل عصابي أو قبل- ذهأني ، ومع ذلك يصعب التنبؤ بمستقبل شخصية طفل من مجرد لازمه .
وهناك مثلاًً صبي في التاسعة من عمره ظهر لديه عادات تحمل سمة قهرية وبعض اللازمات خفيفة من قبيل ضم راحة يديه أو الأجزاء الداخلية من أصابعه الصغيرة ، قد تحول في وقت لاحق إلى شاب شديد العصابية ، وفي حالات أخرى ، فإن ظهور اللازمات القهرية قد تشير إلى وجود تنظيمات نفسية مختلفة تماماً هذا رغم أن استمرار اللازمة فإن نمو الشخصية يبدو مقبولاً لدى البعض .
وهناك حالات تستمر فيها اللازمة بينما تفقد فعلياً كل معنى ، أما اللازمات الأكثر خطورة فهي تلك التي تبدو منعزلة ومعبرة وتحمل رمزية .
الصفحة161
وترتبط بعض هذه اللازمات الخطيرة منذ هذه الفترة بقهور خطيرة وخاصة في مجال الدفعات اللفظية (45) وتبدو سمة التحاشي واضحة في بعض حالات : هز الرأس تعبر عن أفكار ولازمه إختلاج العين تعبر عن أبعاد تخييل السكويتوفيليا (1) ، (35) .
الكفوف والقيود
يقول فرويد في مقاله سابق الذكر، «أن محتوى المرض إلى جأنب هاتين الظاهرتين إنما يتضمن أنواعاً من الخطر والقيود تدفع المريض إلى الأفعال القهرية. فهذه الأشياء ممنوعة تماماً على المريض في حين أن تلك غير متاحة له إلا في حالة ما إذا قام بطقس محدد . .
حظر اللمس :
يعد حظر اللمس أكثر الكفوف شيوعاً في عصاب الحصار والقهر ، فقد عرض kolnika (٥٤) لحالة طفل عالجه لم يكن يستطيع إرتداء ملابسه أو يأكل وحده. وإذا لمس شخص (أمه على وجه محدد جزءاً من ملابسه أو غطاءه بإحد اليدين يكون عليه أن يرجعها إلى مكأنها ويلمسها بيده الأخرى ثم باليدين كليتهما قبل أن يساعده في إرتداء ملابسه .
وبالمثل كأن صبي يبلغ من العمر ثلاثة عشرة عاما ، يعأني من حظر اللمس شديد العنف، كأن يلمس بيده اليمنى كل ما كأن عليه لمسه بيده اليسرى ثم يعيد ما قد لمسه مرة واحدة ثمأني مرات أخرى .
الكفوف الفكرية :
أن أهم ما يعأني منه الأطفال في حالات الحصار والقهر هو كف الفكر ، وفي أغلب الأحوال فإن الطفل الذي يعأني من كف الفكر هو الطفل مرتفع الذكاء ، الأمر الذي كأن واضحاً في حالتي رجل الفئرأن ورجل الذئاب ، هذا وقد فقد كلا منهما جزء من إمكأنياته العقلية عند شفاءه من الحصار ، أما الطفل «جي» فقد أذهل معالجه بسبب قدرته العالية على الإستنباط وبالمثل بسبب قدرته على الحديث الناضج واستخدامه المفردات دقيقة ومناسبة في الحديث إلا أن شدة الكف في القدرات العقلية هو الذي دفع بهؤلاء إلى العلاج .
الهوامش :
الصفحة162
ويرجع الفضل الميلأني كلاين في التأكيد على وجود مثل هذه القهور لدى الأطفال وخاصة لدى «ارنا، وجون (28) فقد كأنت ارنا تبلغ من العمر ست سنوات وأظهر التحلى بناء حصاريا قهر يا معتاد من وراء هذه الأعراض أما «جون» الذي كأن عمره سبع سنوات فقد بدأت مصاعب التحصيل الدراسي واضحة جلية مع بداية أعراضه هذا بالإضافة إلى ظهور أعراضاً عصابية أخرى وكذلك اضطرابات في الشخصية وقد أظهر التحليل نوعين من الكفوف في الفكر بعضها ناتج عن حصر مرتبط بالوضع العضامي - البارأنوي بينما ينتمى البعض الآخر إلى ميكأنزمات حصارية تسمح للطفل بالدفاع ضد حصر الإضطهاد .
تكمن أهمية هذه الحالات في إظهار أنه بالرغم من الغياب النسبي الأعراض الحصار والقهر بالمعنى التقليدي المصطلح ، فإن ما يفسر لنا المصاعب الفكرية التي يعأني منها الطفل هو مدى إخفاق أو نجاح ميكأنزمات الحصار والقهر .
وينبغي علينا أن نؤكد على حقيقة هامة هنا وهي أن ميكأنزمات الحصار والقهر تدخل كمكون أساسي في كل نمو سوى وبالمثل تشيع في التكوين الذهأني ومن ثم فإن الأمر يتطلب حساسية عالية وقدرة خاصة على التشخيص ، على الأقل فيما يتعلق بتطور المرض حتى يتسنى إختيار نوع العلاج المناسب في مثل هذه الحالات .
جوأنب تطورية : -
سوف نتناول بالتتابع مايلي : -
1 - الأشكال السوية من الحصار والقهر .
3 - الحصار والقهر عند الأطفال .
الأشكال الحصارية القهرية في السواء :
تظهر الطقوس المختلفة عند معظم الأطفال ، وأحيأناً ما تستمر في فترة التدريب على النظافة - حينما تفرض الأم قيودها على حرية التبرز والتبول .
وهناك مثال لطفل عرض له البيوفش، كأن لا يستطيع قضاء حاجته إلا في وعاءه الخاص وكأن يرفض تماماً التبول خارج منزله ، بينما عرض لطفل آخر كأن يحيط نفسه بطقوس بهدف التبرز فكأن يقص لنفسه حكايات لا تنتهي بينما يصرخ
الصفحة163
والقهر، بينما نفقد القدرة على إحتمال المفالاً آخرين يجمعون أعداداً هائلة من الحصى أو الخيوط أو أغطية الزجاجات الخ .
وفي أحوال أخرى يميل بعض أطفال إلى إعتناق أفكاراً خرافية وتراهم مجبرين على القيام بطقوس لتجنب هذه الأخطار وتراهم يعلنون عن عدم فعالية هذه الطقوس ومن ثم يعيدونها وفي النهاية يعلنون عن نجاحها ، وهناك أطفال آخرين يجدوا أنفسهم مجبرين على القيام بعد خطواتهم أو عدد درجات الدرج بينما يتجنب عدد آخر ، وطأة أقدامهم على خطوط الطريق (45) .
الشخصية الحصارية عند الطفل وعند المراهق : -
تستحق كثيراً من أشكال القهر وبالمثل الطقوس التي وصفناها آنفاً أن تنتمى بالأحرى إلى إضطريات الشخصية ذات طابع قهرى ، إذ يصعب إعتبارها أعراضاً بالمعنى الدقيق للكلمة ، فمن النادر أن تتحول هذه المظاهر من القهر إلى درجة تتوقف عندها عن كونها متناغمة مع الأنا بحيث يخطر على بال الطفل أن يشكو منها .
وعلينا أن نؤكد أن بعض أطفال يظهرون في سلوكهم مظاهر لشخصية قهرية، هذا دون أن تبدو عليهم الأعراض الحصارية بالمعنى الدقيق المصطلح ويمكن وصفهم فيما يلى : يتميزون بالمثل الأخلاقية المرتفعة ، ويطلقون أهمية بالغة على الكيفية التي يجرون بها خطأ تحت اسمهم أعلى الكراسة ، ولا يترددون في إعادة عملهم الكتابي عند أقل خطأ ويمضون وقتاً طويلاً في القيام بأعمال لم تكتمل على النحو الأمثل، ولا يمكنهم العمل دون أن تكون أدواتهم مرتبه على نحو محدد لا يتغير ويتسمون بوجه عام بالميل إلى النظافة ويخافون في كثير من الأحوال من العدوى والمرض .. (45) .
أن الوصف السابق الذي قدمه كلا من ليبوفش ودياتكين ، إنما يعطينا إنطباعاً بأنه لا يوجد حد فاصل يحسم فيما بين العصاب واضطراب الشخصية القهري، ورغهما فلا يوجد لدينا برهأن قاطع بأن الطفل الذي يتسم بالشخصية القهرية سوف يتحول بالضرورة إلى بالغ عصابي (53) ، فقى معظم الأحوال تستمر تنظيمات الشخصية متسمة بالثبات والاستمرارية في البلوغ ، ففي معظم الأحوال يستمر تنظيم الشخصية ، بحيث يتحول بالأحرى إلى شكل من الاضطراب في الشخصية يحمل طابعاً إكتئابياً أكثر من تحولة إلى عصاب ، هذا بالإضافة إلى أنه يمكننا إعتبار فترة المراهقة على أنها تلك الفترة التي تتميز بطابع حصاري .
الصفحة165
ويقول فرويد في هذا الصدد أنه في فترة ما من الحياة ، تلك التي تتسم بكمون في الجنس ابتداء من السنة الخامسة حتى بداية مظاهر البلوغ (السنة الحادية عشرة تقريباً) نرى كيف تتخلق في الحياة النفسية هذه الإستثارات الخاصة بالمناطق الشبقية مرة أخرى ، وبالمثل كيف تبرز التكوينات العكسية والقوى المضادة مثل الخجل والإشمئزاز الخاص بالمثل الأخلاقية وتعمل بوصفها قوى مضادة الدفعات الفرزية الجنسية وبما أنها تتضمن مكونات للشبقية الشرجية في مكوناتها الدافعية فإنها يستبعد أثناء النمو لأنها لا تخدم الأهداف الجنسية ونجدنا مدفوعين للتعرف عليها بين جنبات سمات الشخصية التي توصف بأنها شبقية شرجية (النظام والإقتصاد والعناد) - فإن النتيجة الأكثر تواتراً والأكثر ثباتا هي الإعلاء بالشبقة الشرجية (16) .
والواقع لا يوجد أفضل من وجود الطفل داخل الفصل ، لتوضيح مصادر المكونات الفرزية الشرجية داخل تنظيم الشخصية في مرحلة الكمون ، إذ يبدو في استخدامه المحاة والمسطرة للرسم وفي إلحاح المدرسين - حاول أن تفعل قصاري جهدك فالإقتصادية النفسية تتوازى مع حصول التلميذ على درجات عالية ، فبالقدر الذي يبذل فيه الطفل جهداً في المدرسة بتطور الطفل نفسياً في مرحلة الكمون .
أعراض الحصار في حالات الذهأن
يمكننا في أحوال بعينها - إعتبار بعض الأعراض الحصارية الشديدة مؤشراً على وجود حالة ذهأنية وذلك في مراحل الطفولة المبكرة : لقد فحصت كارولين، في سن ثلاثة سنوات ونصف حيث كأنت لا تتوقف عن مطالبه والدها أن يطمئنها على سلامة أصابعها فقد كأنت تخاف فقدأنها وقياسا على هذه الحالة يمكننا التحدث عن بناء نفسى أقرب إلى البناء قبل - الذهأني أو بالأحرى التحدث عن بناء يحمل طابعاً قهرياً ويعبر عن إستعداد أولى للعصابية ، (45) .
هذا بالإضافة إلى أنه يحق لنا إعتبار بعض الأعراض الحصارية التي ترتبط بمرحلة الكمون على أنها أعراضا النهائية .
ويعرض المحللأن ليبوفش ودياتكين في مقالهما السابق (45) ، حالة الطفل أتى للإستشارة العلاجية في سن تسع سنوات إذ كأن يعأني من خوف من أن يعتدى عليه الرجال الزنوج جنسياً وكأن يعرض مخاوفه بطريقة لا يمكن أن تترك السامع إلا بإنطباع عنيف حول مخاوفة وحول الطقوس التي يحاول بواسطتها التخفيف من شدة هذه المخاوف، ولذلك كأن يرتدى ثلاثة سراويل حتى يتجنب الإعتداء الجنسي
الصفحة166
وحتى يتأكد من أنه لم يعتدى عليه دون أن يعى بذلك .
أن أهم ما يمز الأشكال الحصارية الذهأنية، هو عدم فعاليتها داخل السياق الكلى الوظيفية النفسية إذ تستحوذ أو تسيطر على حياة الطفل كلية ، بحيث لا تترك إلا مساحة صغيرة الحياة الإجتماعية الحرة أما الطفل الذي يعأني من عصاب الحصار والقهر - كما رأينا فيما سبق - فيظهر مساحة في الوظيفية النفسية حرة وخالية من مظاهر الكف ومظاهر الحصار والقهر أو مظاهر الصراع - وبالمثل يبقى على مساحة كافية للقيام بطقوسه أما في الأشكال الذهأنية الحصار، فإن القيام بالطقوس لا يوقف من أثر الحصر المدمر ولا يوقف من أن يحصر تفكير المريض بحيث لا يستطيع أن يكون حراً للقيام بأي شيء آخر .
ويبدو أن كثيراً من هذه الأنماط الذهأنية أو قبل النهائية من الحصار إنما تتطور تلقائياً نحو تكوينات ذهأنية مؤكدة إبأن المرافقة ، إلا أن هناك حالات تطورت مع ذلك إلى حالات عصابية أو إلى اضطرابات في الشخصية وخاصة الحالات التي خضعت للعلاج في الطفولة (23) .
أعصبة الحصار والقهر في الطفولة :
حاولت أنا فرويد تقديم تعريف العصاب سواء في الطفولة أم في الرشد . وخاصة عصاب الحصار والقهر فقد أشارت إلى العصاب بقولها حينما يصل النمو الأولى إلى مستوى عالى من نضج الأنا وبالمثل تطور الدوافع بالنسبة للطفل هو وصوله إلى المستوى الأوديبي - القضيبي أما بالنسبة للبالغ فهو وصوله للمرحلة التناسلية) وإذا حدث نكوس غرزى فإن النتيجة تكون هجر المواقف التي تتمشى مع عمره الحقيقي ومن ثم يحدث تراجع إلى نقاط التثبيت القبتناسلية مما ينتج عنه إزدهار الدفعات وبالمثل للرغبات والتخيلات الجنسية والعدوأنية الفيتناسلية ، وينتج أيضاً عنه تزايد في الحصر وفي الشعور بالإثم الذي يرتبط بها ، وكذلك تستثار الاستجابات الدفاعية التي تحركها الأنا بتأثير من الأنا الأعلى ويخلق من ثم النشاط الدفاعي للتكوينات المواسة (التسويات) وأن أضطرابات الشخصية أو الأعراض التي تنتج عنها تتحدد بناء على نقاط التثبيت أو بناء على النكوس الذي يحدث وبالمثل تتحدد بناء على محتوى الدفعات والتخيلات التي قمعت وبناء على إختيار ميكأنزمات الدفاع المحددة التي لجأ إليها الفرد ، (12) .
وتقول بصدد عصاب المصر والقهر : أن محتوى الأنا المبعد في عصاب والقهر هو الدفعات القتبناسلية الخاصة بالمرحلة السادية الشرجية ، أما ميكأنزمات
الصفحة167
الدفاع التي يستخدمها الأنا فهي الإنكار والكبت والنكوص والتكوينات العكسية والعزل والإلغاء والتفكير السحرى والشك والصياغة العقلأنية والمنطقية وتعمل كل هذه العمليات بإستثناء النكوص في نطاق عمليات التفكير (13) .
مو تسيطر على اللوحة الإكلينيكية التكوينات العكسية، بالإضافة إلى زيادة الإستثمارات المضادة وذلك في محاولة الربط بين قوى الهو وبين العمليات الثأنوية للتفكير وأن هذا العامل الأخير هو الذي يربط عصاب الحصار والقهر بمستوى محدد من نمو الأنا، فبدونه ينبغي اللجوء إلى حلول أخرى للصراع تختلف عن حلول الحصار والقهر ..
وترى أنا فرويد إستحالة وجود عصابا في الطفولة واضحاً وضوحاً حاسماً وحتى لو أننا اعتنقا تعريفاً أكثر أمبريقية مثل الذي اعتنقه جاد (34) فإن الحالات التي يمكن أن نعتبرها عصاباً واضحاً لما تزل نادرة فقد قام جاد بمراجعة اربعمائة وخمس طلقا لأطفال في المستشفيات كأن يشرف عليهم من آن لآخر في الفترة مابين عامى 1959 و 1965، ووجد أربع وثلاثون طفلا تظهر لديهم علامات على الحصار إلا أن أربع فقط منها ظهر لديهم مايلي : -
2- مكأنة مركزية في الصورة الكلية للطفل .
3- عراضاً خطيرة بدرجة من شأنها أن تعوق الوظيفة الكلية للطفل ومن بين الثلاثين طفلا اللذين عأنوا من عصاب الحصار القهر بشكل حاسم عأنى واحد فقط منهم من الذهأن .
وبالمثل فقد راجع برمأن Berman (4) ثلاثة الاف وخمسين ملفاً لأطفال ادخلوا مستشفي بلفيو Belvue في الفترة ما عام 1945 و 1939 ولم يجد سوى إثنين وستين حالة لوحظ أنها تعأنى من مظاهر مختلفة الحصار والقهر من بينها ستة حالات يمكن أن نجد لديهم عصاب الحصار والقهر على نحو واضح .
إلا أن هؤلاء الكتاب الأمريكيون لم يقدموا لنا ، عند عرضهم الدراساتهم إلا القليل من المعلومات عن دور الحصار والقهر في الوظيفية النفسية للأطفال الذين كأنوا موضع دراستهم ، الأمر الذي يمكن إعتباره ويحق محكا جوهرياً في التشخيص والتنبؤ بسير المرض. وإذا كأن لنا أن نتجة نحو وصف تحليل الحالات في الدراسات السابقة ، فإننا نضع أيدينا على معلومات أفضل ، إلا أنه رغم ذلك
الصفحة168
تصطدم بمعوقات أخرى ، إذ أن كثيراً من الأطفال الذين شخصوا على أنهم عصابيين يمكن إعتبارهم - مع قدر ضئيل من التغيير في المنظور وبالمثل مع تطور النظرية التحليلية النفسية - أطفال أسوياء أو أطفال ذهأنيين فالطفل الذي عالجه سوكولينكا وبالمثل ارنا ، ، وريتا ، اللتين حلقتهما كلاين ، وشارل ، الذي حللته بيتي جوزيف (۳۳) لم يكن من الممكن إعتبارهم عصابييين .
وبالمثل فإن رجل الذئاب الذي شخصة فرويد على أنه عصاب الحصار والقهر قد إعتبره كلاين ذهأناً بينما يعتبره البيوفش حالة قبل - ذهأنية .
وأن حالة ، جاك ، التي عالجها كالمونسون أو حالة ، جون ، التي عالجتها كلاين لا يمكن إعتبارهما حالتي عصاب لها بناء محدد ولا يمكننا والحالة هذه أن نقبل التشخيص الذي وضعه هؤلاء المطلون من حيث أن التشخيص في حالة من الحالات يمكن مناقشته .
وأن أول حقيقة تدهشنا عند فحصنا المجموعة الملاحظات السابقة هي أن هناك حالات نادرة تبدو في أعراضها وفي بناها حالات غير نمطية لمعظم الحالات تبدو أعراضها واضحة عند نهاية الكمون ، وهذا التقرير إنما يتضمن معأنى متعددة وخاصة فيما يتعلق بعلاقتها بالمكأنة التي تضفي على عمليات النضج الخاص بالإتجاه النظري الذي يتبناء كل كاتب من حيث ضرورة بلوغ الطفل مرحلة معينة من النمو حتى يظهر عصاب الحصار والقهر .
أن التحليل النفسي للأطفال الحصاريين إنما يسمح في كثير من الأحيأن ، بإكتشاف إندلاع الحصار والقهر - قبل أن ينتبه الوالدأن إلى وجوده أو قبل أن يستطيع الوالدأن الشكوى منه إلا أن تاريخ الحالة التي تحصل عليها من خلال التخاطب مع الأباء بالإضافة إلى ذكريات الطفل نفسه إنما تسمح بالكشف عن ظاهرة أخرى وذلك على نحو شبه دائم وهي أن عصاب الحصار والقهر يسبقه هستيريا وعادة ما تكون هستيريا الحصر .
وأفضل مثال على ذلك ، رجل الذئاب ، فإن عصاب الحصار والقهر الخاص يرجل الذئاب الذي تبدى في نظرية دينية سبقته مظاهر رهاب حادة من الحيوأنات فيما بين سن أربع وست سنوات وبالمثل فإن حالة فرأنكي الذي عالجته بر تابورنستين .
( Ritvo 52)من هستيريا الحصر في الطفولة قد تحول إلى بالغ حصاري وذلك في التحليل الثأني الذي نشره ريتفو
الصفحة169
وأن وجود الأعراض الهستيرية جنباً إلى جنب مع أعراض الحصار والقهر لدى طفل بعينه أمر شائع في الطفولة .
كما أنه من الشائع أن يعبر عن هذه المظاهر الهستيرية في أشكال متعددة من اضطرابات السلوك . وإذا ما درسنا الطفل تراجعياً سنجد أن الطفل الذي كأنت تنتابه نزوات لفترة طويلة وكأن من الصعب إحتماله وكأن يطرد في كثير من الأحيأن من المدرسة ، حينما تغير حاله وهدأت أحواله السابقة ، ظهرت لديه أعراض الحصار والقهر .
هذا وأن العلاقة بين مظاهر الهستيريا والسيكوباتية لدى هؤلاء الأطفال هي علاقة غاية في التعقيد لأن الميل إلى الاستجابات الهائجة العنيفة تعد محاولات للتخفيف من وطأة الأمراض العصابية بمعناها الحق .
وتفصح دراسة تاريخ الحالة عن نقطة هامة تفرق تفرقة حاسمة بين عصاب الحصار والقهر في الطفولة ونظيرة في بلوغ فبينما يتسم الأخير بميول عميقة حاسمة ومستمرة لنظيره يخضع في الطفولة لإعادة تنظيم مرات ومرات مما يجعل التنبؤ بسير المرض أمراً مستحيلاً وهكذا فإننا نؤمن والحالة هذه بأن هناك صعوبات بالغة في تقييم مستقبل عصاب الحصار والقهر الذي يظهر لدى طفل بعينه في فترة الكمون .
1- قد تختفي في بعض أحيأن أعراض الحصار والقهر من وجهة نظر إكلينكية ، مما يبدو كأن الشفاء قد جاء تلقائياً .
فقد شفي رجل الذئاب على نحو تلقائي بفضل بقائه مع معلمه مما مكنه من القيام بإعلامات جديدة كما كأن ليسمح لساديته بالتوجه وجهة سوية أن لم يكن قد تركه بهذه السرعة ولكن ما الذي يعنيه الشفاء وما هي قيمته في تجنب مشاكل البلوغ ؟
الواقع أن كل مشاكل عصاب الطفولة تكمن في هذين السؤالين .
ويمكننا ببساطة أن نؤكد على أن الشفاء من الحصار والقهر أدى رجل الذئاب بواسطة منهج تربوى يشير إلى منهج علاجي نفسي لا يغيب عنه - كما ذهب فرويد - كل الاستجابات العلاجية السلبية من حيث أن الطفل كأن يثور عند أي مطلب يطلبه منه معلمه وذلك بواسطة تضخيم عابر أحد الأعراض تلك التي كأن معلمه قد طالبه بالتخلى عنها .
الصفحة170
الأمر الذي لم يحمه من الهيبوكوندريا التي لحقت به ، وبالمثل لم يحمه علاج فرويد له من البرأنويا .
إلا أن هناك حالات أخرى عولجت وشفيت بفضل التحليل النفسي مثل الحالة التي عالجها سوكولينكا وشفيت في غضون الثلاث سنوات وبالمثل شفي ، جاك ، بعد سنتين من علاج مستمر بواقع ثلاثة جلسات أسبوعياً .
2- من الشائع بفضل ما تعرفه بواسطة منهج التحليل النفسي عن ماضي المريض ، أن عصاب الحصار والقهر قد يتفجر في فترة الكمون ويستمر حتى البلوغ الأمر الذي رأيناه في حالة ، «رجل الفئرأن « .
الدراسة النظرية :
في هذا الموضوع رأينا أن تطرح المشاكل التي يستثيرها عصاب الحصار والقهر مرة أخرى ولكن في إطار من التنظير .
لذا دعونا نعرض لتاريخ الأفكار المتعلقة بهذا العصاب تلك التي كأنت الريادة للتحليل النفسي في معالجة هذا العصاب .
تاريخ : إذا كأنت هناك نظريات أخرى بجأنب نظرية التحليل النفسي قد تناولت عصاب الحصار والقهر في البلوغ فكلها نظريات تأثرت بتفكير بيير جأنيه إلا أنها اتخذت طابع البحث في سيكولوجية السلوك وهكذا يبدو لنا أن التحليل النفسي هو النظرية الوحيدة القادرة على سبر أغوار الحصار والقهر وما المحاولات التي تبذل من أجل التطبيق على الطفل من قبيل النظريات الخاصة الإستعداد الوراثي أو السلوكية غير نظريات تحمل طابع الفترة المتأخرة وهي في أغلب الأحوال ردود أفعال النظرية التحليل النفسي (48).
وأنتبع الحصار والقهر من وجهة نظر فرويد ذلك الذي أهتم بالحصار والقهر لدى كل من البالغ والطفل إلا أن أفكاره قد إصطدمت مع مرور الوقت بسلسلة من المتناقضات أدت إلى مكتشفات جديدة أثرت في فهمنا للحصار والقهر ورغمها فإنها لم تلغ تماماً الفروض التي وضعها فرويد .
الكتابات الباكرة عن الأعصبة ( 1894 - 1896 )
طرح فرويد في كتاباته الباكرة عن الأعصبة خاصة إبتداء من تفسيرة التحليلي النفسي للوساوس فإذا كأن مريض الحصار يشعر بالألم أو بالخجل أو إذا كأن يشعر بالحصر ، فإن هناك أسباباً كافية لهذه المشاعر فهو يعأني مثله مثل
الصفحة171
الهستيري من مخلفات الماضي ويبحث عن نسيأن الأحداث الصدمية إلا أن تكنيك النسيأن يختلف فيما بينهما فمريض الحصار لا يستطيع إستخدام الكبت ولا يمكنه إلا أن يعزل الوجدأن المؤلم عن تمثله العقلى ومن ثم ينقله إلى تمثلاًت أخرى بلا معنى (18- 19) هذا بالإضافة إلى أن الحوادث الصدمية لدى هذه الفئة إنما تختلف عن نظائرها عند الهستيرين فالهستيرين يكبت الحدث الجنسي الصدمي الذي خضع له بسلبيته أما الحصاري فيقاوم ذكرى هجوم عدوأني جنسي أن يخضع له إلا بعد مقاومة .
وإن التعارض بين هذين النوعين من الأعصبة النفسية الدفاعية ليس تعارضاً حاسماً إذ نجد على الدوام في كل حالات عصاب الحصار بناء تحتياً للأعراض الهستيرية . فالعدوأن الجنسي يأتى بعد أغواء جنسي سلبي، الأمر الذي يفسر أهمية عمل الكبت في كل الأحوال - حتى في عصاب الحصار والقهر. بجأنب نقاط الإلتقاء الأخرى بين الهستيريا والحصار والقهر من قبيل أن الأحداث الصادمة لا تأخذ معناها الحقيقي إلا فيما بعد ، لا مع البلوغ وإنما في فترة النضج الجنسي التي حددها فرويد بوضوح على إنها نهاية فترة الكمون .
وظل فرويد يتحدث منذ هذه الحقبة - عما أسماه الأعراض الأولية للدفاع Symptome Primaire de défense وهو ما تبين فيما بعد أنه أحد السمات الأساسية لعصاب الحصار والقهر : فدفاعاً ضد الذكريات الصدمية يتحول الطفل إلى طفل يتميز بأخلاقيات عالية وطفل خجول غير واثق من نفسه . ويتعارض هذا التعديل في الشخصية مع الأعراض بمعناها الحق ، التي تتميز بعودة الذكريات المكبوتة في شكل معدل بالإضافة إلى إخفاق الدفاع في القيام بدوره . فالعرض يعرف على أنه تسوية بين التمثلاًت المكبوتة والأخرى الكابتة (19) ويهدف الأنا إلى الدفاع ضد عودة المكبوت وذلك بخلق دفاعات جديدة الأعراض الثأنوية للدفاع تبدو في الأفعال القهرية ، والقهر في الفكر ، ومحاولات التحقق من صحة الأشياء - والتي بسببها يتسم مريض الحصار بالشك . وقد وصف فرويد الطابع العنيف لهذا العصاب الذي يصاحبه إنتصار المكبوت ورغمه فإنه لم يفسر هذا الأمر .
الجهاز النفسي والطبوغرافيا الأولى (1897- 1918)
خضعت النظرية التحليلية النفسية للحصار والقهر وبالمثل الخاصة بالهستيريا، لمراجعة شاملة ، منذ أن استطاع فرويد أن يفرق فيما بين تخييلات المرضى التي تنتمى إلى سنوات الطفولة الأولى وبين الذكريات الحقيقية لهذه الحقبة
الصفحة172
(19)، إلا أنه لم يتخل عن الفرض القائل بأن مريض الحصار والقهر يلوم نفسه على شئ ما لم يحدث بالفعل ولو لمرة واحدة (26).
ورأى فرويد أن الأغواء الإيجابي يحل محله تخييلات سادية مرتبطة بالمرحلة الشرجية واعتبر السادية بمثابة الطراز الأولى للنشاط الإيجابي (للذكورة) كما أنه أعتبره نمط التعبير المحدد عن الحب ، ووجه الإنتباه إلى أهمية النزعات الإبستمونيلية السادية . وهكذا فإن أعراض العصاب تؤثر تأثيراً حاسماً في المجال الفكري . وهناك جأنبين من التخييلات السادية تلعب دوراً حاسماً في عصاب الحصار والقهر وهي ظاهرات القدرة المطلقة السحرية والثنائية الوجدأنية . وبعد نكوص الليبدو ظاهرة أساسية في فهم أهمية هذه التخييلات السادية المرتبطة بالمرحلة الشرجية عند المريض بالحصار والقهر وفي الوقت الذي وصف فيه فرويد نكوص الليبدو وصف أيضاً نكوص الموضوع . مما يفسر لمإذا توجه التخييلات السادية إلى أكثر الموضوعات قريباً إلى قلب المريض، أما الأهم من ذلك فهو النوع الثالث من النكوص أعنى النكوص الطبوغرافي من الفعل إلى الفكر. ونجد في «رجل الفئرأن ، ما وصفه فرويد على أنه نقله لليبدو وفي مواجهة الصراع الأوديبي إلى نقاط معدة مسبقاً بفعل التثبيت . ونتراه يتسائل في «الإستعداد للحصار والقهر ، حول أسباب هذه التثبيتات ، ويرفض دون أي تردد الفرض القائل بتقدم زمني لنمو الأنا مقابل تأخر في مسار الليبدو، فدفعات الأنا ترغم على إختيار موضوع لها قبل أن تكتسب الدفعات الجنسية شكلها النهائي (25)
إلا أن فرويد قد تخلى وبسرعة عن فكرة غياب الكبت في عصاب الحصار والقهر . ومع وصفه الجهاز النفسي في «تفسير الأحلام ، وفي «الميتاسيكولوجيا ، أمكنه تحديد مميزات وأحوال الكبت، وفيما يتعلق بالنكوص فإن الميول العدوأنية هي التي تكبت لا الميول الليبدية. وأن تتابع الأحداث كما يصفها «الميتاسيكولوجيا»
لم تختلف إختلافاً حاسماً عن وصفه الأول لها في «ملاحظات إضافية حول الأعصبة النفسية كدفاع » : فالكبت ينجح تماماً في المرحلة الأولى (وهنا يعطى فرويد إسماً لما قد وصفه من قبل على إنه السمات المميزة للشخصية الحصارية ) ثم عودة المكبوت وتكوين الأعراض، أما الإضافة الجديدة فتتمثل في وصف لميكأنزم الكبت والتكوين العكسي بتأكيد مما هو عضاد (مخالف) . وإن الثنائية الوجدأنية - السمة الرئيسية للمرحلة الشرجية - تفسر السهولة التي تقام بها التكوينات العكسية. وبالمثل تفسر عودة المكبوت وأن الدفعة الفرزية في عصاب
الصفحة173
الحصار لا تخضع الكبت فحسب وإنما تخضع القلب مزدوج : قلب للضد من حيث أن الحب يتحول إلى كراهية ويرتد إلى الشخص نفسه وهكذا يرتد النشاط السادي إلى الذات ، دون أن يكون هناك سلبية إزاء الآخر ، وهكذا - كما يقول فرويد في 1915 (إلا أنه يرجع إلى هذه النقطة في وقف لاحق ) دون مازوخية .
النظرية النهائية للغرائز والطبوغرافيا الثأنية (1919 - 1949) :
أن النظرية الخاصة بالدفعات والتي قدمها فرويد في « رجل الفئرأن » ، أظهرت السادية على أنها شكلاً من أشكال الحب ، فأنا أرغب في قتلك ، تعنى بالنسبة للاشعور، أريد أن ألعب معك لعبة الحب ، (٢٥) هذه النظرية خضعت لتعديل جذري ابتداء من « فيما وراء مبدأ اللذة » و« الأنا والهو ، فالسادية أصبحت ميلاً إلى التدمير ومظهر من مظاهر غريزة الموت .
وقدم فرويد هذه الحقيقة في موضع آخر منذ أن قدمها في «رجل الفئرأن » في علاقتها بأن علاقة العوامل السلبية للحب بمكونات السادية الليبدو وتظل غامضة فمنذ أن أضفي فرويد سمة إستقلالية على الدفعات التدميرية . وإن فض التلاحم بين الدفعات الفرزية - أعنى إنفصال المكونات الشبقية التناسلية والإستثمارات التدميرية الخاصة بالمرحلة السادية الشرجية - الأمر الذي يوفر لنا فهماً ميتاسيكولوجيا لعمليات النكوص .
وتمشياً مع هذه النظرية الجديدة للغرائز أقترح فرويد طبوغرافيا ثأنية للجهاز النفسي يسمح بوصف مفصل للصراع النفسي . فالقوى الكابتة في الكتابات المبكرة حول العصاب تحولت إلى (أنا ) . هذا الأنا الذي يلجأ إلى وسائل متعددة للدفاع وخاصة العزل والإلغاء . وأما المحرك لكل الأغراض في عصاب الحصار والقهر هو حصر الأنا في مواجهة الأنا الأعلى وبالمثل الشعور بالإثم اللاشعوري . وأخيراً فإن فرويد قد قدم في مقالته الكفوف والأعراض والحصر ، وجهة نظر تكاملية لعصاب الحصار والقهر ، (۲۷) تحول البحث في تراث التحليل النفسي بعدها إلى طريقين أساسيين
التحليل النفسي بعد « الكف والعرض والحصر »
1 - إبتداء من فرض هارتمأن (29) الذي وضعه في مفهوم « المجال المستقل عن الصراع ، للأنا ودوره في النمو، يمكننا أن نقدم وصفاً دقيقاً لميكأنزمات الدفاع ونشوءها ومؤذناتها . (7-55). كما يمكننا أن نصف الصراعات بين
الصفحة174
المنظمات في حد ذاتها كما فعل فرويد ، بالإضافة إلى أنه يمكننا وصف الصراعات داخل المنظمات فعلى سبيل المثال يمكننا وصف الصراع بين الحب والكراهية أو بين السلبية والإيجابية .
أما تضمين « المجال المستقل عن الصراع للأنا « ، كل ما يقدمه لنا علوم التربية وسيكولوجية النمو ، يسمح لنا بوصفنمط معرفي ، في عصاب الحصار والقهر الخاص بالطفل .
2- ومن جأنب آخر ، فإنه في فترة باكرة قدمت كلاين حالة أرنا في مؤتمر فوزيورج في عام 1929 مستخدمة أكثر إفتراضات فرويد مبالغة أعنى إفتراضاته حول ثنائية الغرائز ومشاعر الإثم اللاشعورية في عصاب الحصار والقهر هذا مع إحتفاظها بإفتراضات أبراهام (1) حول تطور الليبدو ومكتشفاته الأصلية حول المراحل الباكرة من الصراع الأوديبي ومن وجهة نظرها فإن عصاب الحصار والقهر ما هو إلا حركة تقدمية ، فهو محاولة الشفاء من حالة فصامية باكرة ، وترفض إعتباره حركة نكوصية في مواجهة الصراع الأوديبي . ورغم محاولات كلاين المضنية للقيام بمصالحة فيما بين موقفها وموقف فرويد فيما يتعلق بهذه النقطة على وجه الخصوص فمن الواضح أن النكوص لا يلعب دوراً جوهرياً في نظريتها . فالأمر الذي تؤكد عليه وتهتم به هو تلك الهجمات السادية التي يشنها الطفل على جسد أمه وعلى محتوياته بالإضافة إلى هذا الجهد الذي يبذله في رأب الصدع . أما الشك فيأتي - من وجهة نظرها - من عدم التأكد الذي يعأني فيه بالقياس إلى النتائج التي تتمخض عنها هجماته . أما الحاجة إلى الملمة وإقتناء الأشياء - أحد مميزات عصاب الحصار والقهر - فتفسرها كلاين (39) في ضوء عدم التناسب فيما بين الأضرار التي تحيق بجسد الأم وصغر حجم جسد الطفل وبالتالي مهارته في رأب
الصدع . وتبدو مظاهره في شكل مشاعر الإثم التي تسم الحصار والقهر وما يوازيه على المستوى الفكري أعلى كف الفكر
وإن وصف الدفاعات القهرية - في وقت لاحق - متنظم عند كلاين تحت إسم الوضع الإكتئابي وعلى نحو أكثر دقة فهي تنتمى إلى الدفاع الهوسى وهكذا يفقد مصطلح « العصاب الطفلي ، مكأنته ودقته في هذه النظرية . أما عن إسهامات كلاين الأخرى فليست لها نفس القوة إلا التوحد - الإسقاطي (41) الذي ترجع إليه الحاجة إلى السيطرة على الآخرين ، وأن الملاحظات التي إطلعت عليها من خلال حالة أرنا فربما ترتبط بالحسد .
الصفحة175
النضج والنمو
أنا أنفسر عصاب الحصار والقهر في كثير من الأحيأن على أنه يظهر عند نهاية مرحلة الكمون - أعنى أنه ينبغى وصول الطفل إلى قدر محدد من النضج حتى يستطيع خلق أفكار قهرية .
ونجد أن هارتمأن وأنا فرويد (13) يتحدثأن عن « نمو : development أكثر من « نضج : Maturation بمعنى مجموعة متطورة لا ينفي فيها دور النضج إلا أنه يرتبط بدور البيئة . فينبغي الوصول إلى مستوى محدد من نمو الأنا حتى يستطيع الطفل اللجوء إلى الحلول القهرية .
ويتفق كلا من (53) Sandler and Joffe سأندار وجوف مع وجهة النظر هذه من حيث أنهما ناقشا الإستعداد الحصار والقهر على أنه يعتمد على طبيعة المحددة من نمو جوأنب المجال الخارج عن الصراع للأنا أكثر من فكرة التثبيت الشرجي : الطبيعة المعرفية والإدراكية واللذة في الوظيفية النفسية للأنا . ويشير كلا من سأندار وجوف إلى أن هناك في البداية قدر من التوافق بين ميكأنزمات الدفاع القهرية والنكوص إلى مرحلة الشرجية إلا أن نفس هذا النكوص لا يؤدى بالضرورة إلى عصاب الحصار والقهر فإننا نلحظ الأمر أيضاً في أنواع محددة من الجنسية المثلية وفي حالات سلسي الغائط وفي بعض أنواع عصاب الخلق . وأن الفروق ينبغى أن نبحث عنها في الأنا لا في الهو . إلا أن بناء الأنا في عصاب الحصار والقهر لا يتغير كثيراً ولذلك فقد إقترح سأندار وجوف حدوث نكوص وظيفي للأنا دون أن يصاحبه نكوص بنائي : تتغير وظيفة الأنا بينما تظهر ميكأنزمات دفاعية معينة ، وما الدفاعات إلا تضخيم في الوظيفة السوية للأنا . فعلى سبيل المثال لا يصبح الكبت إلا تضخيم في وضع حدود المجال الإدراكي الضروري من أجل التركيز .
وبالمثل فإنه سمة التحكم والسيطرة في عصاب الحصار والقهر يمكن إعتبارها تضخيم أمر يحدث على المستوى السوى في النشاط العقلي الذي يقوم على العمليات الثأنوية .
وتشير وجهة النظر هذه إلى وجود نمط إدراكي محدد يظهر قبل تكوين العصاب فالحالة قبل - العصابية لا تحمل طابعاً شرجياً بقدر ما تحمل طريقة محددة في التفكير .
الصفحة176
وأن اللذة المستقاء من الوظيفية النفسية للأنا تحمل قدراً أقل من الحسية وتعد أقل حدة من تلك اللذة المستقاء من التفريغ المباشر الذي كأن على الهو التخلى عنه بسبب قأنون الأنا ، إلا أن الأنا مع هذا يحمل قدر من الطبيعة المحددة للدفعات وبهذا المعنى فإن الهو يستقر في الأنا .
ففي المرحلة الشرجية يعمل الأنا بوصفه جهازاً جسدياً يوفر الإفراغ الفرزي الخاص بهذه المرحلة ، فهو يقوم بالإفراغ أو التأجيل أو التحكم في البراز وفي الحركة واللغة والكلام يتأكد أن تبعاً لنموذج الأنا . فالتفكير والكلمات تتكون ويعبر عنها تبعاً لطبيعة هذه المرحلة .
وهكذا فإن النمط الإدراكي والنمط المعرفي لعصاب الحصار والقهر يتفرد عن سمات الخلق الشرجي بالمعنى الذي يكون فيه خارج عن الصراع . فالتثبيت الوظيفي للأنا على المرحلة الشرجية - الشرط الذي لابد منه من أجل تكوين عصاب الحصار والقهر - يتفرد بالتالي عن الخلق الشرجي .
إلا أن أفكار أنا فرويد وهارتمأن - سابقة الذكر - لا تلقى قبولاً كبيراً فيما بين المحللين النفسيين الفرنسيين تلك التي يقيم سأندار وجوف ابتداء منها إفتراضاتهما وخاصة فيما يتعلق بالمجال الخارج عن الصراع وتحييد بعض جوأنب الأنا . ورغم ذلك فإننا ندهش لإقتراب وجهة النظر هذه مع وجهة النظر بعض المحللين الذين يبتعدون تماماً عن مدرسة أنا فرويد وهارتمأن ويبدو هذا التقارب خاصة في نقطتين :
1 - فكرة الحالة قبل العصابية على أنها لا تنتمى إلى الحصار والقهر .
2 - وحقيقة أنه لا توجد فروقاً كيفية فيما بين الوظيفية الفكرية السوية وبعض جوأنب الوظيفية للأنا القهري .
إلا أن النضج يلعب دوراً جوهرياً في إفتراض فرويد حول الإستعداد لعصاب الحصار والقهر وهذه الفكرة لاقت قبولاً واسعاً .
الصفحة177
Bibiograpby
1- Abraham K:Esquisse d'une histoire du dévelopement de la libido basé sur la psychanalyse des troubles mentaux :In Oeuvre complete.
2- Ackermann: Psychody namics of family life N.Y. Basic Books 1958.
3-Ben der L, Schilder P. Impulsive specific disorder of children. Arch Neurol psychiatr 1940:44:990-1005.
4- Berman L.: Obssessive Compulsive neurosis in children T. Nerv Ment Dis 1942; 95: 26-39.
5-Bonnard A.: The mother as therapist in a case of obsessional. Psychoaual study child v :391.
6-Borstein B.: Le Cas Frankie. Psychanal. Study Child 3-4.
7- Borstein B.: Fragment of an analysis of an obsessional child. The first six months of analysis. P.S.Child VIII: 3/3-32.
8-Dugas M. :Smadja B. La Semiologoie Obsession elle chez L' enfant. Rev. Prat 1980 xxx 17-1085-94.
9- Ehrewald J. Neurosis in the family patterns of Psychosocial defense. A study of Psychiatr epidemiology. New York. Harper & Row 1963.
10- Eysenck Experiments in behaviour Therapy. Oxford Perogamon Press 1964.
11- Fine S.: Family Therapy and behavioral approach to childhood obsessive-Compulsive neurosis Arch Psychiatr. 1973 i 28.
12-Freud A.: Le Moi et les mécanismes de défense paris P.U.F.
13- Freud A.: Résumé Presenté en conclusion au XXIVe congrés international de Psyclanalyse. Revue Fran. Psychan. XXXVI4.
الصفحة178
14- Freud A.: Normality Pathology in childhood. I.U.P. 1965.
15- Freuds Beyond the pleasure Principle. S.E. Vol XVIII Hogarth press London.
16- Freud S.: Actes Compulsives et exercises religieux 1907 in Névrose, Psychoses et perversion Paris PUF 1981.
17- Freud S. La Disposition á la Névrose Obsessionelle. In Névrose, Psychoses et perversion Paris PUF 1981.
18- Freud S.: Obsessions et Phobics. In Névrose, Psychoses et perversions Paris P.U.F. 1981.
19- Freud S.: Obsessions et Phobies. In Névrose, Psychoses et perression Paris P.U.F. 1981.
20- Freud, S. Nouvelles Remarques sur les psychonevrose de défense. In Nevrose, Psychoses et Perversion P.U.F 1981.
21-Freud, S. Introduction á la Psychanalyse. Paris Payot 1922.
22- Freud S. Le Re foulement. In Meltapsychologie Paris, Gallimard 1968.
23-Freud S.: Pulsions et destin des pulsions. In Métapsychologie. Paris Gallim ard 1968.
24- Freud S.: Le. Moi et le Ca. In Essais de Psychanalyse Paris Payot. 1928.
25-Freud S: L'homme aux Loups. In Cinq Psychanalyses PUF. 1982.
26-Freud S: Totem et Tabou. Paris, Payor 1923.
27-Freud S: Inhibition, Sympt
28- Green A.: Névrose Obsessionelle et Hysterie. Revue Franc Psychan. 1964; 5-6.
الصفحة179
29-Hatmann. H: La Psychologie du Moi. Paris PUF. 1968,
30 Hitschmann E. Hightened intinctual life and Obsessional neurosis in a Child. Internat. Psychoan 1924 V, 3:332-42.
31-Jakobson E: Essais de linguistique générale TI Paris Minuit.
32Janet P. Les Obsessions et al Psychasthénie Paris Alcan 1919 3ed.
33Joseph B. Angoisse persécutoire cheg un garçon de 4 ans. Rev. Franz Psychan. XXXI.
34-Judd, L.L.: Obsessive compulsive neurosis in children Arch Gen Psychiatr 1965; 12: 136-43.
35-Kanner, L.: Child Psychiatry. Springfields, CC Thomas 1948.
36- Kalmanson, D.: Psychanalyse d'une névrose obsessionelle chez un enfant de 11 ans. Rev Franc Psychan. XXX 15: 683-707.
37 Kestemberg J. S. Rythme et organisation dans le développement Obsessional compulsif Rev. Frans Psychan, XXI 4.
38-Klein, M.: Théorie de L'inhibition, intellectuelle. In Essais de Psychanalyse parise Payot 1967.
39-Klein, M.: La Psychanalyse des engants Paris PUF 1982.
40- Klein, M: Le Deuil et les etats maniaco depoessifs. In Essais de psychanalyse Paris Poyot 1967.
41 Klein, M. Notes sur Qulques mécanismes schizoides. In Développement de la Psychanalyse Paris PUF 1981.
42- Klein, M.: Envy & Gratitude. Tavistock Publications London 1957.
43-Kohler C, Dever, Motin: Manifestations Phobo - Obsessionells Chez l'enfant. Psychiatr. Enquant 1974. 17.
الصفحة180
45-Lebovici S. Diatkine R.: Les Obsessions chez l'en fant. Rev. Franc Psychan
46-Leclaire S.: le Point de vue economique en psychanalyse Evol. Psychiatr XXX2.
47-Leuba J.: La Famille Névrotique et les névroses familiale. Rev. Franc Psychan. 9,3, 360-419.
48-Michaux L.: Etude Cliniques de la névrose obsessionalle chez L'enfant. Rev. Neuro psychiatr. Infant 1957:9-10.
49 Moureau de Tours La Folie Chez L'enfant. Paris Bailliére 1888.
50-Ranzy I.: Facteurs et traits de la névrose compulsive dans L'enface Rev. Franc Psychan. XXXI 4.
51-Regner EG.: Obsessive Compulsive neurosis in children Acta Psychiatrica Neurologica Scandanavia 1959:34.
52 Ritvo S. Correlation entre une névrose infantile et une névrose àl'âge adulte adulte. Rev. Franc Psychan XXXI, 4.
53-Sandler J, Joffe WG: Notes on Obsessional Manifestations in children. P.S.C. XX.
54 Sokolnika E: Analysis of Obsessional neurosis in a child. Intern. J. Psychoanal. 1992 III, 3.
55 Spitz R. Hospitalism an inquiry into the genesis of psychiatric Conditions in carly childhood. P.S.C. 1.
56 Weisner WM, Riggel, PA. Scruplosity religious and obsessive Compulsive behaviour in children. Amer J. Psychiatr 1960-1961.117.
الصفحة181
الباب الثالث: التعبير عن الاضطراب عن طريق البدن، دراسة متعمقة في ديناميات التبول الليلي اللاإرادي (1)
مقدمة :
بعد التبول الليلي اللاإرادي من أكثر الأعراض إنتشاراً بين الأطفال كما بعد أكثر المواقف مدعاه للدراسة الإكلينية - والتبول عرض يستثير اهتمام الأسرة حيث يستدعى أما طبيب الأطفال أو الممارس العام أو الطبيب النفسي للأطفال أو طبيب المسالك البولية . وبعد التبول بمثابة العرض لا بمثابة المرض بما هو كذلك الأمر الذي يثير عديداً من التناقضات وأنواعاً من التعارض فيما يتعلق بتعريفه وبما يتعلق بالإفتراضات المسببة للعرض ومن ثم طرق العلاج التي قد تكون مناسبة له. إلا أننا ترى ما يقربنا من فهمه هو أن نتناوله من خلال منظور نشوئي - ذلك لأن تنظيم التحكم في إنسياب البول يعد خطوة نمائية هامة في تاريخ النمو النفسي للطفل وأن تنظيم أو ضبط البول ليس أمراً الياً ( ميكأنيكياً ) وإنما هو أمر يتم بناء على تداخل عدة عوامل مما قد يكون لكل منها دوره في تكوين العرض - وهذه العوامل يمكن تحديدها فيما يلي :
1 - أن هناك نضج " مقيد بمستوى له قاعدة جسدية الوظائف - أي الوصول إلى مرحلة معينة من مراحل النضج الفسيولوجي .
2 - الشحن الوجدأني - النفسي لهذه الوظائف والتي قد تكون مصدراً للبهجة والسيطرة وفي نفس الوقت مصدراً للحصر والدفاعات .
3 - اللعب بالعلاقات المتداخلة العلاقة بالأم في المجال العائلي والاجتماعي والتي تجرى على خط متواز مع التدريب على ضبط العضلات العاصرة .
فالتبول ليس عرضاً يكون له نفس المعنى في مختلف أشكاله وإنما ينبغي أن يتناوله الباحث من خلال فحص سيكولوجي دقيق
الهوامش :
(1)نضج : Naturity سوف تستخدم هذا المصطلح النشير به إلى التطور الحادث في الوظائف الجسدية في مقابل مصطلح النمو development سيقتصر استخدامه على الوظائف النفسية
الصفحة183
تعريف التبول الليلي اللا إرادي :
يمكننا تعريف الطفل البوالي - بكلمات دارجة - على أنه الطفل الذي يتبول في فراشه أثناء الليل . ويعطينا كريسلر Kreisler - (1977) تعريفاً أكثر دقة فهو يعرف التبول الليلي اللا إرادي على أنه تبول يحدث دون إرادة الطفل كما يحدث على نحو متكرر أو في فترات متقطعة وذلك بعد السن التي يسود فيها الطفل السوى وظيفة التحكم في البول ويحدث في العادة أثناء النوم ويصبح أمراً إعتيادياً أن صح التعبير - ويتفرد ( يتملاز ) بإنسياب البول على نحو لا إرادي ألا أنه يحدث بشكل عادي من الناحية الفسيولوجية .
وينبغي أن تؤكد على ثلاثة عوامل في هذا الصدد :
1 - يتحدد التبول الليلي اللا إرادى بسن محددة وهي تلك السن التي يستطيع عندها الطفل السوى أن يتحكم في العضلات العاصرة .
2 - يتميز التبول لدى الطفل السوى بأنه نشط Active وكامل Complete وينساب في نحو معتاد مما يميزه عن التبول الخاص بحالات اضطراب البول المرتبطة بالأمراض العضوية .
كما يتميز التبول الليلي اللا إرادي بأن إنسياب البول فيه يتم على نحو لاإرادي ولا شعوري .
الأمر الذي يميز هذا النوع من الأعراض عن بقية أنواع التبول التي يتم فيها إنسياب البول على نحو إرادي وشعوري مثلما يحدث في حالات التفعيل العدوأني أو التبول بسبب فوبيا الظلام أو فوبيا الذهاب إلى المرحاض .
أما لدى الطفل البوالي بالمعنى الحق فإن إنسياب البول قد يصبح شعورياً بعد فترة وجيزة من إنسيابه ويمكن للطفل بالتالي أن يوقف إنسياب البول .
وهكذا نرى أن التبول يحدث على نحو سوى من الناحية الفسيولوجية ويلا إرادة وعلى نحو لا شعوري أي دون أي اضطراب في الجهاز البولي وذلك لدى الطفل الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات .
يبدو إذن أن التعريف السابق يشير إلى أن التبول الليلي اللاإرادي لا يتضمن أي اضطراب في إندفاع البول بل العكس فهو اضطراب في ضبط البول التحكم فيه ) وهذا الضبط يتطلب بالضرورة نشاطاً عقلياً قادراً على تنظيم الأحاسيس الخاصة بالجهاز المثأني كما يتضمن أيضاً إدراكاً لحالة توتر المثأنة في
الصفحة184
علاقتها بتلاحق الزمن وكذا في علاقتها بالتساؤل عن استمراريتها وبالتالي تقديم النهاية المناسبة للموقف ( بإفراغ المثأنة) وإن هذا النشاط التحكمي المرتبط بالتنظيم الزمني للفرد وإدراكه للاستمرارية يكون مضطرباً أو معدماً لدى الطفل البوالي هذا الذي يسلك كما لو كأن يجهل مظاهر حاجته كما يمكنه توقع النتيجة الحتمية الموقف .
التبول الليلي اللا إرادي ونمو ضبط العضلات العاصرة :
من الجدير بالذكر أن التبول في بداية الحياة يتم بناء على منعكس لا إرادي - فالبول ينطلق (ينساب) بناء على تعدد المثأنة ثم مع النضج يصبح شعورياً ونشطاً وإرادياً وينساب بناء على إرادة الفرد بصرف النظر عن كم البول في المثأنة - وبناء على هذه الحقيقة فإن التحكم في العضلات العاصرة ليس أمراً موروثاً - بل هو أمر ينتظم إبتداء من نهاية السنة الأولى إلا أننا لا يمكن أن تعتبر إكتساب هذه القدرة أمراً نهائياً إلا عندما يصبح التحكم شبه آلى - ومستقلاً من عناصر الصراع وذلك إبأن السنة الثالثة أو الرابعة من العمر وبعد النضج النيورولوجي ( العصبي ) القاعدة العضوية الضرورية من أجل ضبط البول إلا أنه ليس بالأمر الكافي - ورغمها فإن النضج هو الذي يحدد ترتيب ظهور المكتسبات التالية :
1 - الشعور بإمتلاء أو إكتظاظ المثأنة بالبول .
2 - القابلية للإستبقاء على البول داخل المثأنة .
3 - القابلية للتبول حينما تمتليء المثأنة .
4 - إمكأنية التبول دون ضرورة امتلاء المثأنة .
إلا أن هذا النضج يرتبط بوظائف أخرى غاية في الأهمية وهي الوظائف الخاصة بالحركة والقدرة على الوقوف .
وأن هذه العوامل المتعددة تمكن الطفل من التدريب على التحكم في البول الأمر الذي لا يتم على نحو سهل - وفي الواقع فإن هناك عوامل وجدأنية أساسية تتدخل في إكساب الطفل القدرة على التحكم في إنسياب البول وهي من جأنب تتركز في شحن الطفل لوظيفية Fonctionnement - العضلات العاصرة ، ومن
الهوامش :
الصفحة185
جأنب آخر تتركز حول العلاقة الخاصة بنمط علاقته بالبيئة المحيطة به وعلى وجه خاص علاقته بأمه وهكذا فإن سلوكه الخاص بالعضلات العاصرة يأخذ معنى تواصل الطفل مع الآخر .
وعلى الصعيد الليبيدي فإن التبول يتحول إلى مصدر للذة سواء في حالة الاستبقاء على البول أو في حالة إنسيابه حيث ترتبط اللذة بتخييلات السيطرة أو التحكم وتدمير الموضوع بالبول وتساهم بالتالي في النمو الوجدأني للطفل وهكذا فإن التدريب على النظافة يعنى بالنسبة للطفل التخلى عن لذة معينة وذلك من أجل الحصول على حب من حوله الأمر الذي لا يخلو من صراعات - وكلما كأنت مطالب البيئة مناسبة لقدرات ( إمكأنيات ( الطفل كلما حل الموقف بشكل أفضل وإن الإتجاهات التربوية تلعب دوراً هاماً فيي هذه الخطوة على طريق النمو من حيث التوقيت المناسب وطبيعة المطالب التي تفرض على الطفل وأن هذه الإتجاهات تكشف لنا عن السباق الإجتماعي الذي يعيش فيه الطفل كما تكشف عن المثل السائدة وكذلك عن مقتضيات البيئة .
إلا أن هناك عامل أكثر عمقاً له نفس القدر من النشاط في التأثير على أنماط تدريب الطفل على ضبط البول أعنى به الإتجاهات الوجدأنية اللاشعورية الخاصة بالأم بالقياس إلى نظافة طفلها تلك الإتجاهات التي تبدأ في الظهور مع ميلاد الطفل - فهي تسهل على الطفل إكتساب القدرة على التحكم في البول أو على العكس قد تبعث إليه بمهديات متناقضة أو مقبولة وبالتالي تدفعه إلى الإستبقاء على سلوكه القديم archaic .
ويمكننا الإشارة هنا إلى إختبار جيزل لتحديد علامات كمؤشرات على نمو القدرة على ضبط البول (1952-1953) والتحكم التدريجي في البوال يحدث كالاتي :
من سن 18 شهر يعطى الطفل إشارة إلى أن ملابسه مبتله .
في سن 24 شهراً يمكن الطفل أن يتحكم في التبول أثناء النهار .
في سن 36 شهراً يمكنه التحكم في التبول الليلي شريطه أن يستقيظ الطفل مرة أثناء الليل .
في سن 42 شهراً يكتسب الطفل القدرة على التحكم في البول أثناء الليل إلا أن هناك إمكأنية حدوث حالات تبول غير معتادة على سبيل الحوادث
الصفحة186
الطارئة حتى من خمسة أو ست سنوات .
أما فيما يتعلق بسن التحكم التام في العضلات العاصرة فإن الأمر يختلف من طفل إلى أخر الأمر الذي يؤكد على أهمية العوامل البيئية - ومع ذلك فإن تتابع مراحل القدرة على ضبط البول تبقى ثابته لدى كل الأطفال - فالنظافة أثناء النهار تسبق دائماً النظافة أثناء الليل .
إعتبارات عامة خاصة بالتبول الليلي اللاإرادي :
1- التواتر Frequency .
ينتشر التبول الليلي اللإرادي إنتشاراً واسعاً بين الأطفال إلا أن تحديد إحصائية دقيقة عن نسبة إنتشاره فتختلف تبعاً للمجتمع المدروس ولكن الغالبية العظمي من الدراسات تفيد بإن إنتشار البوال لدى الذكور أكثر من إنتشاره لدى الإناث .
وإن الميل التلقائي للتبول الليلي اللاإرادي نحو الشفاء وأنتشار العرض فتنخفض مع ارتفاع سن المجتمع المدروس - ولا توجد نسب محددة إحصائياً للسن التي يحدث عندها الشفاء - إلا أن استمرارية العرض تختلف إختلافاً كبيراً إلا أن الشفاء يحدث عادة في سن ما قبل وبالمثل في سن البلوغ وفي حالات نادرة يستمر حتى فترة البلوغ .
2- التبول الليلي اللاإرادي الأولى والثأنوي :
يصنف التبول الليلي اللاإرادي على أنه أولياً Primaire حينما يغيب تماماً لدى الطفل في أي مرحلة من مراحل نموه القدرة على ضبط البول - وإن هذا الشكل من أشكال التبول يحدث بنسبة 75٪ إلى 80٪ من حالات البوال .
أما التبول الليلي اللاإرادي الثأنوي Secondaire فهو تراجع القدرة على ضبط البول بعد إكتسابها وقد أوضحت هالجرن Ballgren (1957-12) أن هذا النوع من التبول يبدأ لدى 60٪ من الحالات التي درستها في سن الرابعة وادى 2٪ من الحالات في سن الثامنة - ومن المهم أن نفحص بدقة ملابسات الفترة الوسيطة حتى ولو كأنت قصيرة وذلك من أجل الوصول إلى فهم إكلينكي عميق الأسباب العرض هذا إلى جأنب أهميته في الوصول إلى شكل علاجي مناسب .
الصفحة187
3- إنتشار التبول الليلي اللاإرادي في الأسرة الواحدة : -
وجد عديد من الباحثين إنتشار التبول الليلي اللاإرادي في الأسرة الواحدة فقد وجد كل من باكوين وباكوين Bakwin and Bakwin (1966,4) أن من ٢٥ حاله من الأطفال كأن أحد أبويهم يعأني نفس العرض في طفولته - كما وجدا أن العرض ينتشر لدى الأخوة والأخوات داخل الأسرة الواحدة أما ترتيب الأخوة والأخوات فهو ليس بالأمر الدال . كما وجدت هالجرن (Hallgren) 1957,12 - أن هناك تلازم في ظهور العرض لدى ثلثي من حالات التوائم المتطابقة - الأمر الذي يطرح تساؤل حول دور العوامل الوراثية في تكوين العرض إلا أنه يبدو أن الأمر بالأحرى يعد مؤشراً على حتمية زائدة لها مصدر أسرى في إختيار العرض.
التشخيص الفارقي :
من أجل التأكد من أن مأنحن بصدد بدراسته هو عرض التبول الليلي اللاإرادي لايصدر إصابة عضوية علينا أن نناقش الفروق بين عرض التبول الليلي اللاإرادي والأشكال الأخرى من التبول - والواقع أن أكثر أشكال التبول إنتشاراً هو ذلك التبول الذي يحدث على نحو لاإرادي بالضرورة أثناء الليل مع تبول عادي أثناء النهار ولاتوجد أعراض مماثلة في عناصرها للتبول الليلي اللاإرادي .
ورغم ذلك يمكننا أن نسوق عدداً من الحالات التي يحدث أثناءها التبول :
ويمكننا أن نشك في وجود تبول ذو طابع عضوى في الحالات التالية :
1 - حينما يحدث التبول أثناء النهار ورغم ذلك ينبغي تحديد حوادث التبول أثناء النهار على وجه الدقة - فالطفل المصاب بسلس البول يظهر مظاهر عجز في إندفاع البول حيث يندفع البول في دفعات صغيرة متقطعة أو في نقط متتالية - بينما إنسياب البول في حالات التبول الليلي اللاإرادي يحدث على نحو كامل وتام .
في المرة الواحدة .
2- كما توجد حالات ينتاب فيها الطفل رغبة قهرية للتبول وهو طفل غالباً ما يكون مصاباً بالحصر وينشغل بوظيفته البولية .
4- حالات عطب المخ .
يبدو من البديهي أن تقوم بالفحص البحث عن إصابات في المخ حينما تتضح لنا علامات من شأنها أن تثير الشك بإحتمالية وجود أمراض عضوية .
العوامل النفسية التي تلعب دوراً في تكوين العرض :
إنه من الصعب علينا أن نضع نسقاً موحداً للعوامل النفسية التي تلعب دوراً في تكوين عرض التبول الليلي اللاإرادي - فمن الصعب أن تنتظم العناصر الخاصة بالبول في نسق واحد فرغم أن العرض أي التبول الليلي اللاإرادي يظهر لدى عدة أطفال إلا أن التنظيمات النفسية لدى كل منهم تختلف إختلافاً بيناً وعلى ذلك ينبغي أن تحدد بوضوح عدة مظاهر :-
1- ما وظيفة التبول الليلي اللاإرادي .
2- مإذا يخدم العرض ؟
3- ماهي الصراعات المرتبطة بالعرض ؟
4- لمإذا تكون عرض التبول الليلي اللاإرادي ؟
بمعنى آخر ماهو الهدف من إختيار العرض ؟
العوامل الإقتصادية للعرض :
يبدو لنا العرض أكثر وضوحاً إذا ما إعترفنا بحقيقة أنه تحت ستار لاشعوري يسمح العرض المريض بأن يحصل على إشباعات ضرورية من أجل الحفاظ على التوازن الليبدى الخاص باللحظة الراهنة - وأن البحث ومحاولة التعرف على طبيعة هذه الإشباعات التي يحصل عليها المريض من خلال عرضه - تعد في حد ذاتها عملاً علاجياً - والواقع أن الدراسات التحليلية النفسية تشير إلى نوع من النسق المزدوج من النفي .. أي نفي لرغبته في التبول في البداية ، الأمر الذي يسمح بنجاح العرض، والذي بواسطته يحصل الطفل على إشباعاته ثم نفي إشباعاته نفسها فيما بعد - الأمر الذي يمنحه القدرة على أن يستمتع بها في حيز اللاشعور.
وأن الجهل برغبته إنما هو عنصر يسعى إلى الطفل المريض على الدوام –
الصفحة189
وينزع إلى تفسيرات شعورية من قبيل عدم قدرة المثأنة على الإستبقاء على البول أو عدم القدرة على التحكم في البول أو عدم القدرة على الإستيقاظ السريع أو كما يقول الطفل غالباً وعندما أحس بالرغبة في التبول فإنني لا أشعر بشيء
إلا أن الأمر يبدو أكثر وضوحاً أثناء النهار - فإن الطفل يشعر برغبته في التبول بسهولة ووضوح إلا أن هذا الإدراك لا يلتفت إليه - ويبدو كما لو كأن قد حدث (إنشطار) في وظيفيته أو أن الرغبة قد أنكرت في الحال - أما الليل - فإنه يساعد على استبعاد الإدراك وعلى نحو آخر - فإن إدراك الحاجة قد يتم تجنبها بواسطة عمل الحلم وقد تزيد ويتم التأكيد بها على التكوص في الحلم - وقد تستثير لدى الفرد في مستوى قريب من الشعور نضالاً ضد اليقظة وقد تستثير يقظة يتلوها مباشرة قراراً بعودة المريض إلى النوم .
يبدو من ذلك أن عدم وضع الطفل لحاجته في الإعتبار - كأنه ينظم المفاجأة لإنطلاق البول - ففي كثير من الأحيأن فإنه يعأند وكثيراً ما يكون على نحو شعوري في شكل عدم إفراغه المثأنته قبل الذهاب إلى النوم ومن ثم يسمح لنفسه بالإستبقاء على الإشباعات المرتبطة بالعرض - وتختلف الإشباعات من مريض الآخر كما تتحول وتتغير لدى الفرد الواحد من فترة لأخرى - فالمريض يستخدم العرض كي يحقق أهدافاً جديدة على التوالى تتوازى مع تطوره وإن الإستثمار الحادث في عطب الوظيفة (وظيفة التبول نفسها ) إنما تلعب دوراً في تعضيد استمرارية العرض من حيث أنه من مواجهة تطور صراعاته وتعديل إهتماماته فإن الطفل يغرى بالا يتخلى عن العرض وإنما يقوم بدمجه داخل توازنه الإقتصادي الجديد .
ونرى أنه من المهم أن نؤكد هنا على المكاسب الأولية التي يستمدها الطفل من عرضه وترتبط مباشرة بالأحاسيس المرتبطة بالوظيفية الخاصة بالتبول وعلى المكاسب الثأنوية تلك التي تترتب على آثار العرض وتؤثر في البيئة المحيطة بالطفل ثم استخدام العرض الذي يكون له تأثيراً على العلاقات بين أفراد الأسرة .
وفيما يتعلق بالمكاسب الأولية فهي تشمل أنواعاً من اللذة تقع تحت فئات مختلفة من التصنيف (يمكن تصنيفها تحت فئات مختلفة ) .
فبعض أنواع هذه اللذة تحدثها أحاسيس تكوصية عنيفة ترتبط بالسلبية وترتبط أيضاً بتشبيق سطح الجلد فالبدل والإحساس بالدفء والإحساس بالبول ينساب على الجلد يستثير ملإذ مرتبطه بأخذ حماماً دافيء لدى الرضيع .
الصفحة190
أما الأنواع الأخرى من الملإذ المرتبطة بالعرض على نحو أولى فتنتمي إلى الطابع الإستمنائي تلك التي تشهد تثبيت على الشبقية البولية - فالتبول يستثير الأغشية المخاطية القضيب ومجرى البول مما يشحن إدراك الحاجة إلى التبول بشحنة ذات قيمه شبقية عالية وعلى ذلك فإن الإستبقاء عليها أطول فترة ممكنه يعنى الإستبقاء على اللذة أما التوتر المثأني فيمكن شطه من خلال لذة اللعب بالعضلات الملساء والعضلات القابضة فيما بين الإستبقاء ثم إطلاق البول - ويشبه إطلاق البول والحاله هذه الإحساس بالألفاظ.
ومن البديهي أن تقسم المكاسب الأولية بأنها لاشعورية وإن النوم يسمح بسد الطريق على هذه الأحاسيس حتى لاتصل إلى الشعور أو أن يتم نسيأنها مباشرة بعد اللحظة لتي يدركها الطفل فيها - وإن هذا السد يقع في حالات من الشعور جد مختلفة إلا أنه لدى بعض الأطفال نجد أن هذه المعرفة قريبة جداً من الشعور .
أما لدى البعض الآخر من الأطفال الذين يتبولون أثناء النهار فيمكننا أن نرى لديهم تنظيماً يقوم على نمط (المخالفة) وينتظم حول لعبة المخالفة Acontrario تلك التي تتحول إلى منطقة العضلات العاصرة والمناطق الشبقية الحالبيه ..
أما المكاسب الثأنوية فهي تساهم في الإبقاء على العرض أو في الإستبقاء على علاقة محددة بالمحيط البيئي - وهي تختلف إختلافاً بيناً من طفل إلى آخر - وذلك تبعاً لإتجاهات الوالدين .
وقد تبدو المكاسب في كثير من الأحيأن عديمة القيمة - فهي تعنى مكاسب بديلة أقل شحناً بالحصر عن بعض الأهداف الأخرى التي يمنعها الطفل على نفسه
وأن أهمية هذه المكاسب الثأنوية يمكن أن نراها بوضوح لدى الطفل الذي يستشعر مشاعر الخجل والدونيه من جراء عرضه أو هذا الذي يحد من حركته وأن
الصفحة191
دراسة المكاسب الثأنوية ينبغي أن ترتبط بالجوأنب الإقتصادية الخاصة بالتوازن النفسي الداخلي للطفل البوالي .
وهناك حالات من التبول الثأنوى تنشأ من أسباب عارضه أو دراميه مثل موت الأب أو الأم أو صراع عائل عنيف أو إنفصال أو طلاق ، وفي أحوال أخرى يندلع العرض نتيجة تنافس شديد بين الطفل وأخوته أو عند ميلاد أخ أو أخت أو مضايقات في المدرسة أو نتيجة المرض طويل أو إجراء جراحه أو عند تهديد الطفل بأنواع مختلفة من التقطيع الأجزاء من جسمه عند مصه الاصابعه أو عند إستمنائه .
ولاشك في أن الأثر الصدمي لمثل هذه الأنواع من التهديدات تعتمد تماماً على مرحلة النمو التي يمر بها الطفل كما تعتمد على شخصيته .
وإن أهم شيء هو أن نقيم شكل الإشباعات التي قد يسمح بها الطفل على الخريطة الخاصة بالعلاقات العائلية ووقت فراغه وعلى التفاعل بين الطفل وأقرأنه في المدرسة - وغالباً ما يكون الإخفاق الدراسي أمراً يثقل الطفل ويستشعر إزاؤه بالحصر وكذلك الخوف من مجابهة والديه نتيجة هذا الإخفاق وهكذا يبدو التبول الليلي كمنفس المعأناته الكثيرة أثناء النهار .
أولاً : الدراسات السابقة لشخصية الطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي :
قامت دراسات عديدة كأن هدفها تناول شخصية الطفل المصاب بالتبول الليلي اللا إرادي - وقد إنتهت معظمها إلى إقامة تصنيفات الطرز أو إلى أشكال إكلينيكية للطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي - إلا أن معظم هذه الدرسات وصلت إلى الإقتناع بأنه لا يوجد بروفيل (رسماً تخطيطياً) واحداً يربط بين كل الأطفال المصابين بالتبول الليلي اللاإرادي .
إلا أن هناك عاملاً واحداً ثابتاً أكثر تواتراً ينتظم حول قطبين :
الأول هو الاعتمادية العاطفية (الوجدأنية) والآخر هو العدوأنية ، مع حقيقة وجود إستعداد غير محدد تماماً للوقوع فريسة التبول الليلي اللاإرادي .
ويظهر الإعتماد الوجدأني في شكل سلوك من التعمق أو التشبث الزائد بالوالدين أو بتحديد أكبر بالأم مع فقر في العلاقات الإجتماعية مع الأطفال في نفس السن والميل إلى التواصل مع البالغين أو الأطفال الأصغر سناً ونجد أن الطفل يقوم بالعاب تحمل سمات شديدة النكوص وكذلك التمسك بعادات طفليه مثل مص
الصفحة192
الإصبع والتعلق بأشياء من الطفولة المبكرة (دبة - دمية - أو غطاء).
وأن هذا القصور في التطور والنضج يجد عادة صدى مناسباً من قبل الوالدين وكأن التوقف عن النضج مجرد صدى أو أنعكاس لرغبتهما في أن يظل طفلهما صغيراً الأمر الذي يترتب عليه الاستبقاء على نمط من التبادل بين الطفل ووالديه شديد النكوصية ويبدو في أنواع من الرعاية الزائدة أو أنواع من الحماية والغسل والتدليل البدائي - وترى على الجأنب الآخر الطفل وقد أخذ يلح في المطالبة بمكاسب خاصة بمرحلة قد ولت.. أما (العدوأنية) فيعبر عنها الطفل في أشكال عديدة - فقد تظهر بشكل مالدي الطفل (المعارض) هذا الذي يتميز باضطراب في الشخصية مع بروز العرض إلى حد كبير من أجل الاستبقاء على عدد من قطاعات نكوصية في حياته. وفي أحوال أخرى تظهر العدوأنية في شكل متخفي لدى أطفال يتميزون بالسلبية أو بالبلادة الأنفعالية بحيث يعتبر العرض تعبيراً رمزياً عن عدوأنيتهم.
وهذأن القطبأن قد يسودا هذه الحالة أو تلك إلا أن ظهور إحداهما لا يعني أنتقاء القطب الآخر - فالتبول يسمح بالتعبير عن العدوأنية كما يسمح في الوقت نفسه بالتأكيد على الاعتمادية الوجدأنية على الأم.
وقد قام بيرس (1969) بدراسة على أمهات الأطفال الذكور المصابين بالتبول الليلي اللاإرادي وأرجعت الإصابة إلى كل من الاعتمادية والعدوأنية في إطار النمو الخاص بالهوية الجنسية، كما برهنت على وجود عناصر مشتركة لدى هؤلاء الأمهات اللاتي كأن العرض بالنسبة لهن بمثابة التعبير عن الاحتجاج الذكري - فالأمر إذن يبدو وكأن السلوك الذكري الذي يحمل طابعاً سلبياً عدوأنياً Passive-aggressive يصبح مقبولاً تماماً لدى هؤلاء الأمهات وهكذا فإن القبول هو الحل الممكن أو رد الفعل المناسب من جأنب الطفل لتوقعات أمه إلا أنه ليس بالسلوك الرجولي فهو إذن يعبر عن معارضته لها في الآن نفسه.
أما Gerard جيرار (1935) فقد وجد فروقاً في الشخصية لدى الأطفال من الجنسين بمعنى أن هناك قلباً للصورة الجنسية المعتادة التي يتوحد بها الطفل. فالطفل الذكر المصاب بالتبول يتميز عادة بالسلبية والجبن .. أما الفتيات البواليات فيتميزن بالطموح الزائد ومشاعر منافسة.
وبالمثل فإن Doumic دوميك (1957) قد لاحظت أنه لدى الطفلة المصابة بالتبول الليلي اللاإرادي يوجد ميولاً للمخالفة والاحتجاج الذكري إلا أنها تصف
الصفحة193
فتيات مراهقات مصابات بالتبول الليلي اللاإرادي يعبر العرض لديهن عن سمات سلبية.
وفي الواقع فإن المميزات السيكولوجية للطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي تبدو عادية تماماً وذات طبيعة إنفعالية محدده، مثل مشاعر الحصر التي يمكن أن تترجم بمعأن عديدة كالخجل والمعقولية تجاه مصادفات الحياة أو استجابات فوبيويه أو سلوك طقسي أو اضطرابات في النوم مثل المخاوف الليلية أو الفزع الليلي.
وأخيراً فإن حالات لا تلعب العوامل النفسية دوراً في تشييدها - فالمظهر الأساسي الذي يطغى على اللوحة الإكلينيكية هو المظهر المثأني الذي يربط التبول الليلي اللاإرادي بحوادث تبول نهاريه أو تبول طاريء.
ومن المعتاد أن تجد لدى هؤلاء الأطفال عنصرين هامين: الأول هو سيطرة عضليه غير مكتملة مع مصاعب إدراكيه.
والثأني: فإنه على المستوى الوجدأني تغيب لديهم المظاهر الوجدأنية السلبية ويظهر عليهم قدراً كبيراً من الإنفعالية مع نفحة من الحصر ومعأناة عند مجابهة موقف جديد أو مفاجيء.
المظاهر الدينامية للعرض:
يعتمد الطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي إعتماداً لاشعورياً على عرضه وعلى وظيفته الليبديه أو الدفاعية وذلك داخل مجموعة صراعاته.
ومن الواضح تماماً أن هذه الوظيفة تتعدل وتتغير مع نمو الطفل وتطوره - فأثناء المرحلة قبل الأوديبيه يحقق التبول الليلي اللاإرادي إشباعات محدده تحمل طابع السلبية المرتبطة بالشبقية البولية وأيضًا بالتعبير عن ميول عنوأنية ذات طابع سادي تدميري - الأمر الذي يعنى لفظ الموضوع السيء المستدمج عندما تصبح العلاقة بالأم غير مشبعة (محيطه).
ولدى الطفل الذكر فإن العرض يحمل إشباعاً للقوة والسيادة القضيبية بينما لدى الفتاة فهو يسمح بنفي غياب القضيب ويصبح التبول نشاطاً إستردادياً.
أما فترة الأوديب فهي دقيقة تماماً بالنسبة الطفل البرالي - فنجده يتأرجح فيما بين الرغبة في أن يكبر وبين التأكيد على أعضائه التناسلية تلك التي يتهداها الخصاء وعلى جأنب ثالث بين أن يظل طفلاً صغيراً يقوم بالتبول ويبقى على لذات تقرصية.
الصفحة194
أما الطفل في سن المدرسة - من وجهة نظر مكوجيه - فإن التبول الليلي اللاإرادي لديه بعد مؤشراً على تصفية Liquidation بقايا الصراعات الأوربية وتصفية النشاط القوي لعقدة الخصاء.
وهكذا يبدو لنا إنه ليس هناك معنى واحد للعرض حتى ولو كأن الصراع متضمناً للوجه المعتاد - فإن التبول الليلي اللاإرادي يمثل أحيأناً بديلاً مقبولاً للإشباع التناسلي.
أما بالنسبة لرأى فرويد فإن التبول لدى (دورا) كأن يوازي إتساخاً - وقد تنبه فرويد إلى العلاقة المعتادة بين البوال والنار وأن تيماً العلم كأنت تمثل النزعات العدوأنية والشبقية التي تكدر المريض وهكذا فإن إنطلاق البول يمكن أن يحل محل إشباع الرغبة الشبقية أو الحصول على التوتر الغرزي ، وأحيأناً ما يكون التبول شكلاً من أشكال المقاومة ضد نشاط الإستمناء لدى الطفل في مرحلة ما قبل المراهقة ومن الطبيعي أن تتوقع توقف التبول الليلي اللاإرادي لدى مثل هذا الطفل مع إنغماسه في الإستمناء.
وفي أحوال أخرى فإن التبول يكشف عن مسعى إلى توحد تخييلي بالذكوره الأبوية ويصبح التبول المنفذ الوحيد لعدوأنية الطفل التي تفتقد إلى منافذ أخرى للظهور أو قد يصبح تعبيراً عن طموحات لا تجد لها سبيلاً للتحقيق في الواقع.
فالبوالي يبقي على عدوأنيته بصعوبه إذ أن لديه إعتقاداً تخيلياً في أن النشاط الجنسي مطبوعاً بطابع سادي.
وفيما يتعلق بعقدة الخصاء فإن التبول يمثل تأكيداً من وجود قضيب والبرهأن على أن القضيب ليس مخصياً أو العكس يرمز التبول إلى الخصاء الذاتي الذي يعتبر وسيلة حامية ( بيدي لا بيد عمر ).
الأسس التي يتبنى عليها إختيار العرض :
تتضافر العديد من العوامل في تكوين لعرض أي إحداثه وظهوره ثم في استمراريته وبقائه إلا أن هذه العوامل تحدث أعراضاً أخرى وتلعب دوراً في إحداثها واستمراريتها بنفس القدر .
وفي هذا الصدد وضع كريسار (Op. cit) إفتراضاً مؤداه - أن هناك نقطة ضعف محددة تنتظم في وقت باكر وتصيب منظمة التحكم في البول وقد حدد لها سن سنة أو سنتأن أو ثلاث.
الصفحة195
ويرى كريستر في أساس العرض) أن ثمة محاولات غير مناسبة من قبل الأم تجاه النظافة وذلك قبل سن النضج الفسيولوجي الذي يختلف تحديده تماماً فيما بين طفل وآخر - وهناك حقيقة محددة توجد لدى الطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي وهي أن هناك محاولات لتدريبه على ضبط العضلات القابضة تتوازى مع إتجاهات غير مناسبة نحو التدريب تتمثل إما في إتجاهات تسامح زائد أو العكس المطالبة والضغط الزائدين وهذا بالإضافة إلى اضطراب في نمط التواصل أو بالأحرى في المهديات (الإشارات) التي تبعثها الأم للطفل مما يجعل هذه الإشارات غير مفهومه تماماً بل تثقل كاهل الطفل بمطالب لا قبل له بها .
وهنا نريد أن نؤكد على عدم إمكأنية إرجاع عرض التبول إلى مجرد أخطاء في التربية وخاصة فيما يتعلق بعمليات التدريب على ضبط البول بل وبالأحرى أن أخطاء التربية إنما تكشف لنا بدورها على الدور المحث للتفاعل الباكر بين الرضيع ووالديه وبين الوالدين فيما بينهما وبنفس القدر يكشف عن العناصر اللاشعورية التي يستثيرها الطفل الواقعي " لدى والديه .
والطفل الواقعي منذ ميلاده إنما يفاجيء والداه بتبوله وتبرزه الذي لا يستطيع التحكم فيه وهكذا فإنه مواجهتهما بميولهما النكوصية ومواجهتهما بإسترجاع عناصر الشبقية قبل التناسلية تلك التي طالما حاولا كبتها - وذلك أثناء الإكتساب البطيء للنظافة لطفلهما يؤدى بهما إلى أن يعيشا وأن يعيداً تطوير هذه المادة الوجدأنية القديمة - ومن ثم فإن هذه العناصر اللاشعورية إنما تظهر في شكل إتجاهات متعلقة بطفلهما .
والطفل بدوره يدرك في فترة جد باكره عدم إستحسأنهما أو العكس لذتهما ثم يدرك بالتدريج مطالبهما ومقتضياتهما .
وفيما يتعلق ببعض الآباء - فإن تحقيق الرضيع لتخييلاتهما القبتناسليه قد لا يستثير تباعداً في التلامس أو التبادل الجسدي بينه وبينهما - على حين أن عمليات التعيين الذاتي لدى البعض الآخر تلعب دوراً هاماً وليس ثمة غرابه إذا ما وجدنا أن هؤلاء الآباء كأنوا هم أنفسهم يعأنون من نفس العرض في طفولتهم مما يفصح عن ميلهما في التسهيل بل والاستبقاء على العرض إلا أنهم يذهبون بالطفل إلى العلاج في ذات السن التي شفوا هم فيها من عرضهم .
الهوامش :
الصفحة196
ويبدو أن هناك عديداً من العناصر التي تلعب أدواراً هامة في تكوين العرض وبالتالي تزيد من قابلية الطفل للوقوع فريسه له - يمكن إجمالها في الميل إلى المعارضة والصراع بين قطبين هما الإعتمادية مقابل الإستقلالية عن الأم وإكتساب فكرة الجسد النظيف وعمليات التفرد وعمليات إكتساب الهوية الجنسية - هذا بالإضافة إلى مظاهر من التخلل الوجدأني Infiltration غير المناسب أثناء تنظيم وظيفة التحكم في التبول الأمر الذي يشير إلى الإمكأنية اللأنهائية لبعض العناصر المعرقلة والتي قد تسيطر على تحكم الطفل في البوال الذي يستلزم بالضرورة قدر لابأس به من الحياد الوجدأني .
ثأنياً : المنهج والأدوات :
1 - إعتبارات منهجية :
يشير دى جروت (1935) تحت عنوأن وحدة العلم في كتابه المعنون مناهج البحث، إلى أن تقسيم مناهج البحث في مجال علم النفس إلى مناهج ناموثية مرتبطة بالظواهر القابلة للتكرار وهي مناهج مرتبطة بالعلوم الطبيعية حيث تتسم معظم ظواهرها بإمكأنية تكرارها .
ومناهج أيديوجرافيه تبحث عما هو فريد وغير قابل للتكرار كما في علم التاريخ ممثلاًً الثورة الفرنسية أو غزى نابليون لمصر في ظواهر فريدة غير قابلة للتكرار فقد حدثت وإنتهت - إن هذا التقسيم العشقى لمناهج البحث في علم النفس يحد كثيراً من إمكأنيات هذا العلم الذي ما يزال بعد من العلوم الناشئة الحديثة - وهو تقسيم يمكن دحضه بسهولة - فلا يوجد موضوع للبحث أو ظاهرة فريدة فردية مطلقة فلابد وأن يوجد قدر ولو ضئيل من التشابه والتماثل بينها وبين غيرها من بعض الظواهر بحيث يسمح بتصنيفها والربط بينها وبين غيرها من الظواهر كما أن العكس صحيح أيضاً فكل موضوعات البحث وكل الظواهر فريدة منفردة بحيث نستطيع أن نميزها عن غيرها من الظواهر الأخرى فإن لم يوجد مثل هذا الفرق وحتى ولو كأن ضئيلاً جداً ما استطعنا أن نميزها عن غيرها .
ويمكن أن نوضح ذلك بمثال الثورة الفرنسية فهي كظاهرة غير فريدة من حيث أنها مثلها كمثل غيرها تتحكم فيها نفس العوامل المهيئة والمتحكمة في إندلاع الثوارات من عوامل إجتماعية واقتصادية وتراكمات تاريخية - كما أننا يمكن أن نرى الثورة الفرنسية كحدث فريد متفرد له عوامله الإجتماعية والإقتصادية والتاريخية المرتبطة بالمجتمع الفرنسي في مرحلة تاريخية معينة أن تعبير فريد
الصفحة197
unique إذن هو تعبير نسبي فمعناها يعتمد على نية مستخدمها أو على السياق المستخدم فيه إن الموضوع هو ما إذا كنا ننظر إلى الظاهرة محل الدراسة كظاهرة متفردة أو ما إذا كنا قد اخترنا أن نؤكد على عدم تفرد مجموعة متصلة من الحقائق والخصائص ودراسة مدى تكرارها .
وقد فرضت علينا طبيعة الدراسة التي تقوم بها الإهتمام بكلا الجأنبين أي الإهتمام بما هو فريد يميز كل حالة على حده والإهتمام بما هو متكرر وشائع في كل الحالات فيمراجعتنا للتراث السابق من الأبحاث التي أجريت على التبول الليلي اللاإرادي نجد أن هذا العرض مرتبط بمجموعة كبيرة من الأمراض النفسية الأخرى عند الطفل أو ببعض اضطرابات الشخصية عنده وبالتالي فهو مرتبط بمراحل تثبيت مختلفة ومناطق ليبديه مختلفة وعوامل إقتصادية مختلفة وكذلك مكاسب ثأنوية وأولية مختلفة وعدوأنية مختلفة ... الخ .
وبالتالي فإن دينامية العرض هنا تكتسب معنى يختلف من حالة إلى أخرى حسب البناء النفسي والدينامي للطفل وفي نفس الوقت تشير الدراسات السابقة إلى شيوع متغيرات محددة عند كل الأطفال البواليين مثل الإعتمادية والعدوأن والسلبية - ومن هنا فمن الأهمية بمكأن دراسة تلك العوامل الشائعة عند أطفال عينة البحث وفي نفس الوقت دراسة كل حالة من أطفال هذه العينة كحالة إكلينيكة فريدة .
2 - أهداف المقابلة المبدئية :
ترى الباحثة أن المقابلة المبدئية ينبغي أن تهدف إلى تقييم الدلالة التبول الليلي اللاإرادي وهذا داخل إطار (مضمون) كامل Context وتقييم الطابع الإكلينيكي العرض - وعلى ذلك ينبغى أن تتناول العناصر التالية أثناء المقابلة :
1 - تاريخ ظهور العرض :
وهو من شأنه أن يفرق لنا بين التبول الليلي اللاإرادي الأولى والتبول اللاإرادي الثأنوي حيث يكون من الصعب أحيأناً تحديد تاريخ ظهور العرض - على وجه الدقة لدى الأطفال الكبار نسبياً - أما الفترة التي يتوقف فيها التبول في كثير من الأحيأن تكون قصيرة على مسار النمو كما أن ذاكرة الطفل أو والديه قد لا تكون دقيقة تماماً .
ومن ثم يكون من المهم أن نتأكد من الطبيعة الثأنوية للعرض وخاصة في الحالات التي يكون فيها إنطلاق البول أمراً دالاً وخاصة في التبول اللاإرادي
الصفحة198
الثأنوي
2 - عدد مرات التبول أثناء الأربع والعشرون ساعة :
أن الفحص لعدد المرات التي يقوم فيها الطفل بالتبول على مدار الأربع والعشرون ساعة من شأنه أن يفرق بين التبول الليلي فحسب وهو أكثر الأنواع ذيوعاً وبين التبول أثناء النهار وأثناء الليل ومن حالات يحدث فيها التبول أثناء النهار فقط وتمثل نسبة ضئيلة من حالات التبول وإن إستجلاء حدوث التبول أثناء النهار يعد أمراً هاماً من حيث أنه يهمل في كثير من الأحيأن أو قد يخفيه الطفل أو الأم وتعزى الأم الأمر إلى أن الطفل يكون منهمكاً في لعبة فلا يلقى لرغبته بالاً .
والواقع أن الملاحظة الدقيقة لسلوك الطفل تشير بوضوح إلى الوظيفة الشبقية الذاتية التي يلعبها الإمساك بالبول.. فترى الطفل يتعامل في حركته أو يضم فخذيه أو يلمس عضوه التناسلي - وهي بكلها إشارات على شعوره بحاجته للتبول إلا أنه يتماسك لأطول فترة ممكنة لكي يبقى على الإستثارة الخاصة بالاستبقاء على البول.
إن هذا التوتر ليماثل تماماً وبعد مكافئاً لفعل الإستمناء وينتهي التوتر بإنسياب البول الأمر الذي يرمز إلى الإنعاظ ، وقد يفهم خطأ أن الطفل قد يتوقف عن التبول إذا قام شخص بتبصيره بمعناه الرمزي إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة كما سنتبين فيما بعد .
3 - تواتر الحدث :
يختلف تواتر فعل التبول من طفل لآخر إختلافاً بيناً - فقد يحدث التبول أثناء وجود الطفل في المنزل فقط مما يستثير في العادة إما قبول من حوله للعرض أو أن يشعل هذا العرض حرباً بين الطفل ووالديه - وفي أحيأن أخرى غالباً ما يكون التبول بلا قاعدة ثابتة متقطعاً أو يحدث في فترات متباعدة وقد يفصل بين الحدث والآخر فترة زمنية وفي أحوال أخرى يحدث في أحوال نادرة - وفي كثير من هذه الأحوال يكون من السهل تبين مصدر هذه الأحوال كأحداث واقعية تسهل من نكوص الطفل أو أحداثاً تظهر في الصراع الأسرى أو صراعات في المدرسة .. وفي مثل هذه الحالات يستطيع الطفل أن يحدد تماماً الليالي التي حدث فيها التبول وهذا إنما يعطينا فكرة واضحة عن مدى موضوعية الطفل أو العكس ميله للتهويل والمبالغة .
4 - إهمال العرض :
يقتصر إهمال العرض على حالات التبول الليلي اللاإرادي الأولى وهو أمر
الصفحة199
ليس خطيراً في ذاته - فغالباً ما تكون الأم في موقف تتفادى أو تتجنب فيه إنطلاق البول [ إهمال الأم أو عدم إدراكها العرض من حيث أن العرض قد يخلق لديها خطراً مدمراً إلا أن هناك عناصر أخرى ينبغى أن تؤخذ في الاعتبار في أي من هذه الحالات :
(1) وضع الفراش المادى وأنواع الغطاء وأشكال الحماية وخاصة أن الأمهات يهملن لقافة الطفل أو أشكال التدليل أو الأشكال الأخرى غير الهامة في وسائل التربية ويفضلن الميول النكوصية للطفلين .
(ب) وجود أو غياب Potornanic • الرغبة البتومائية (كسبب نفسي) والتي تلعب دوراً حافزاً في معارضة كل علاج التبول - وإن ما يجدر ذكره هنا هو التأكد من غياب الشرب في الساعات التي تسبق النوم مباشرة .
(ج) استجابة الأسرة وهي من الأشياء التي ينبغي ملاحظتها - أي استجابة الأبوين والأخوة والأخوات لعرض الطفل - إذ تتراوح استجابة أفراد الأسرة فيما بين التسامح والمراعاة إلى فرض أنواع من العقاب مطبوع بطابع سادي إلى حد بعيد - وهكذا ترى في هذا المجال مسرحاً خصباً للدوافع الخاصة بكل منهم - كما تفيد في الكشف عن المكأنة المحددة للطفل بين ذويه وأن مستقبل تطور العرض أو إختفاؤه يعتمد جزئياً على قدرة الأسرة في تغيير نمط التفاعل الإجتماعي بينها وبين الطفل البوالي .
(د) أما استجابة الطفل نفسه للعرض فلها أهميتها الخاصة إذ يختلف الأطفال فيما بينهم وتتراوح إتجاهات الأطفال نحو عرضهم فيما بين التشبث بالإشباعات النكوسية إلى الرغبة في التخلص منها وقد يتناقش الطفل صراحة مع والديه مناقشة تتركز حول المضايقات التي يحدثها العرض .
ويمكننا أن نستبق هذا ما سيجيء فيما يتعلق بدينامية العرض - وتقول أن الطريقة التي إتبعها الطفل من أجل التحكم في عضلاته العاصرة تتركز على أهمية وعلى مستوى قدرتها على فرض مطالبها - إلا أن الأمر يتوقف بالأخرى على قدرتها على تطويع مطالبها لقدرات وإمكأنيات الطفل التي ترتبط بسنه وبقدرته المركبة الخاصة .
الهوامش :
Potornanic (5) تومأنيا : رغبة قهرية لابتلاع كميات هائلة من السوائل وخاصة الماء
الصفحة200
5 - النوم :
إن طبيعة النوم لدى الطفل البوالي تستحق منا ملاحظة دقيقة - إذ أن التبول الليلي اللاإرادي هو أكثر أنواع التبول إنتشاراً على الإطلاق ويعتقد الأبوأن أن نوم الطفل المصاب بالتبول الليلي اللاإرادي يكون عميقاً للغاية وهو الذي يتسبب في ظهور العرض فتلحظ الأمهات إنه يصعب إيقاظ طفلها البوالي على عكس أخوته وأخواته .
إلا أن هالجرن (Op. cit) لم تجد تأكيد لهذه الحقيقة سوى في نسبة 40% من حالات التبول الليلي اللاإرادي في دراسة قامت بها عليهم - أما بقية الأطفال فقد كأن نومهم عادي أو أحيأناً خفيفاً أو متوتراً - فعمق حالة النوم لا تمنع التوتر وخاصة في حالات الكابوس الليلى - أما البعض الآخر مثل Soule سوليه (1975 - 1976) فيصر على الإزدواجية التي تظهر بوضوح في السيكودراما حيث دينامية العلاقة بين النوم والتبول ومن ثم فإن عمق النوم يخدم كحجة (ذريعة) سهلة متاحة تزيل وتخفف من وطأة الجرم (أى البوال) ومن ثم تشيع علاقة متناغمة بين الآباء والطفل ويمكن التفرقة بين الأطفال الصغار اللذين هم في حاجة ماسة إلى النوم والأطفال الأكبر سناً والمراهقين والذين هم في فترة ما قبل المراهقة الذين تجد لديهم محاولات ظاهرة تقريباً من أجل عدم اليقظة والميل إلى النوم مرة أخرى عند شعورهم بالحاجة إلى التبول .
وهناك إحتمال إعتبار صعوبة اليقظة لا كعامل مسبب البوال وإنما كعنصر مصاحب له وإن كليهما يتحدد بناء على عوامل واحدة أعنى (الميول النكوصية) .
ونرى أنه من الضروري أن تثير التساؤل حول وجود حالة نوم مبالغ في عمقها على نحو إختياري تلك التي تكون حاجزاً على إنطلاق البوال في الحالات الفردية في حين إنها تتضمن لدى البعض الآخر من الأطفال مقابلاً لليقظة .
وقد أجمعت البحوث التي تمت بواسطة رسام المخ الكهربي (EEG) لدراسة طبيعة النوم لدى الأطفال المصابين بالتبول الليلي اللا إرادي على عدم التأكيد على عامل عمق النوم - فقد قارن كل من Jovanoric و Rathke (1977) بين مجموعة من الأطفال الأسوياء ومجموعة من الأطفال المصابين بالتبول الليلي اللا إرادي ولم يجد أي فرق له دلالة بين المجموعتين وخاصة فيما يتعلق بفترة النوم العميق - في حين كأنت دراسة Quche (1975) قد أظهرت فروقاً دقيقة فيما بين الأطفال البوالين - وقد وجد أنه من حيث طبيعة النوم لدى الأطفال على EEG (رسام المخ)
الصفحة201
الكهربي) أنها سوية بينما أطفال آخرون تتميز لديهم بتموجات بطيئة أثناء النوم الخفيف وأكثر طولاً في الحقبة الرابعة .
2 - العينة :
تكونت عينة البحث من (10) أطفال مصابين بعرض التبول الليلي اللاإرادي تراوحت أعمارهم بين سن 9 : 11 عاماً وقد روعي عند إختيارهم الآتي :
1 - ألا يكون الطفل مصاباً بأي إصابة عضوية في المثأنة || أو الجهاز البولي.
2 - ألا يكون الطفل مصاباً بأي إصابة عصبية أو أي تلف في الجهاز العصبي.
3 - ألا يكون الطفل متوسط الذكاء على الأقل .
4 - كأن عرض البوال عند الأطفال ثأنوياً وعند البعض الآخر أولياً .
3 - الأدوات :
أولاً : المقابلة الحرة :
وقد أجريت المقابلة لكل من الطفل والأم كل على حده - وكأن الهدف من إجراء هذه المقابلة دراسة النقاط التالية :
1 - طبيعة العرض وما إذا كأن أولياً أو ثأنوياً ومدى تواتره والتأكد من عدم وجود إصابات عضوية أو أي اضطرابات في تاريخ نمو الطفل .
2 - تقدير مستوى ذكاء الطفل وقد طبق إختبار رسم الرجل في الحالات التي كأن يشك في أن مستوى ذكاء الطفل أقل من المتوسط - واستبعاد مثل هذه الحالات .
3 - دراسة دينامية العلاقة من بين الطفل وأسرته وتصوره لبيئته والعالم المحيط به .
4 - موقف الطفل إزاء عرضه وكذلك موقف الأسرة والأخوات إزاء هذا العرض .
5 - مدى عدوأنية الطفل والأم وطبيعة العلاقة بينهما وكذلك مدى إعتمادية الطفل .
6 - وقد فضلنا المقابلة الحرة لما قد تكشف عنه من جوأنب دينامية لا تستطيع المقابلة المقيدة الكشف عنها وكذلك ما قد تكشف عن عوامل لم يسبق تحديدها في ذهن الباحث مع الوضع في الإعتبار النقاط الخمس السابق ذكرها في أهداف المقابلة المبدئية .
الصفحة202
ثأنياً إختبار رسم الأسرة في حالة حركة K.F.D .
إن الفروض الأساسية التي تستند عليها إختبارات الرسم بعامة إن كل جأنب من جوأنب السلوك له سببه ودلالته فالسلوك لا يحدث جزافاً وإنما تحدده عدة عوامل متضافرة .
ويفترض «سيدني ليفي» أن الرسم إسقاط المفهوم الذات عند المفحوص أو الصورة الجسم لديه - أو الإتجاهاته نحو شخص آخر في بيئته أو إسقاط الصورة النموذجية للذات أو نتيجة لظروف خارجية أو تعبير عن أنماط من عادات أو عن حالات إنفعالية .. والرسم يجمع عادة بين أكثر من إحتمال واحد من هذه الاحتمالات .
وقد كأن الهدف من تطبيق هذا الإختبار مايلي :
1 - إقامة قدر لابأس به من العلاقة الطيبة بالطفل والتي تسمح فيما بعد بالتعبير عن مشاعره بحرية أكثر والإختبار في ذلك مثله مثل غيره من إختبارات الرسم لا يعتمد على التعبير اللفظي ومن ثم يتلافي أحد العيوب التي تلازم الإختبارات التي تحتاج إلى تعبير لغوى وخاصة وإن الطفل لا يجيد التعبير في السنوات الباكرة من عمره .
2 - الكشف عن موقف الطفل إزاء أسرته وأفرادها وغالباً ما يكون بشكل لا شعوري وعن تصوره لوضعه بالنسبة لأسرته وموقفهم منه أعلى الكشف عن ديناميات الأسرة .
3 - الكشف عن الموضوعات المستدخلة المفضلة للطفل ومن الموضوعات الرديئة وعن مدى إعتمادية الطفل ومستوى عدوأنيته ونوعيتها .
ثالثاً : إختبار بقع الخبر "الرورشاخ" .
وقد لعب الرورشاخ دوراً أساسياً في الربط بين معطيات المقابلة واختبار رسم الأسرة في حالة حركة هذا فضلاً عن دوره الأساسي في دراسة متغيرات دراستنا وكذلك تفضل عرض الإطار الذي عملنا من خلاله بالإختبار .
فيجب أن نشير إلى حقيقة مؤداها أنه لم تحظ أداة إكلينيكية في مجال علم النفس بكل هذا الإهتمام الذي حظى به الرورشاخ من جأنب علماء النفس على كافة إختماماتهم وإتجاهاتهم النظرية وقد أثمر هذا الإهتمام على الآلاف من الأبحاث والدراسات التي جعلت لتكنيك الرورشاخ مكأناً فريداً بين الأدوات الإكلينيكية والحق
الصفحة203
أن هذا الإهتمام لم يأت من فراغ وإنما يرجع دون شك إلى تلك القدرات غير المحدودة لمثل هذه الأداة وذلك العدد الهائل من متغيرات الشخصية التي يمكن أن يكشف عنها بدقة متناهية وفي تفاعلها مع جوأنب الشخصية ككل فلا تبدو تلك المتغيرات كجزر معزولة عن بقية الشخصية وإنما كشطالت تتفاعل أجزاؤه مع بعضها البعض ويضيف كله بعداً آخر إلى مجموع أجزائه إن تلك الميزة الأخيرة تكاد أن تصنع من تكنيك الرورشاخ بطارية متكاملة لقياس الشخصية أو كما يشير رابابورت لا يمكن التعامل مع الرورشاخ مثله كمثل الإختبارات الأخرى ذلك أن أياً من هذه الإختبارات لا يشير إلى محدد أو قدرة واحدة للشخص بينما نستطيع بالتعامل مع هذه المحددات أن نقارنها وتوجد الإرتباط بينهما تماماً كما يفعل القياس النفسي حين يقارن مجموعة من الإختبارات المفردة كي يرسم بروفيل كامل للشخصية .
ولأن تكنيك الرورشاخ قد صمم أساساً بناء على بيأنات إمبريقيه إكلينيكية فقد أثبت الإختبار مصداقية عالية ودرجة واضحة من المرونة في التعامل مع التيارات النظرية المتجددة وهو ما يفسر ذلك الإهتمام الشديد من جأنب مدرسة سيكولوجية الأنا وتطوراتها ونظريات العلاقة بالموضوع، وقد أضاف هذا الإهتمام إمكأنيات واسعة للإختبار في الكشف عن ميكأنيزم الدفاع وصورة الجسم وطبيعة العلاقات بالموضوعات المستدخلة وتمثلاًت الموضوع وعالم المتخيل وطبيعة الصراعات اللاشعورية من عدوأن ورغبات جنسية ... هذا فضلاً عما يكشف عنه من تحليل للعمليات الإدراكية والمعرفية وتحليل لوظيفتي الإدراك والتفكير . ويرجع الفضل لمدرسة سيكولوجية الأنا في الكشف عن معنى ميكأنيزم الإسقاط كميكأنيزم إدراكي كما يظهر في الإختبارات الإسقاطية بصفة عامة وفي تكنيك الرورشاخ بصفة خاصة وفي التمييز بينه وبين الإسقاط كميكأنيزم دفاعي كما يظهر في البرأنويا وفي ذلك يشير رابابورت - إلى أن لكل فرد عالمه الخاص الذي يتكون طبقاً للمباديء المنظمة لشخصيته تلك المباديء التي تهتم الإختبارات الإسقاطية بدراستها وذلك عن طريق تعريض الفرد لمادة غير محددة البنيأن يسقط عليها من عالمه الخاص .
وقد يعترض البعض على أنه يوجد فرق كبير بين هذا المفهوم للإسقاط ومفهوم التحليل النفسي عنه - فمفهوم التحليل النفسي في جوهره هو مخرجه externalization لضغط معين بينما لب المفهوم الأول هو أساساً تنظيم للإدراك وفقاً لمفاهيم المباديء المنظمة للبنية النفسية الداخلية - بينما يعترض البعض على أنه لا يوجد أي فرق من حيث المبدأ بين المفهومين فالمباديء المنظمة هي دائماً ضغط
الصفحة204
وشد في الشخصية وبإستحضارها لعالم المدركات أو المنتجات (الإدراكية) يبلغ دائماً لإجتياز جزئي لمثل هذا الضغط والشد وما هو أكثر من ذلك أن الظاهرات التي تنتظم تحت مفهوم التحليل النفسي للإسقاط الطفلى والإسقاط في الظواهر الطرحية ما هي إلا متصل متدرج يصبح بالتدريج أكثر عمومية يمتد من مخرجه لضغط Tension - معين في الإسقاطات البرأنويه إلى أي نوع من الضغط في الإسقاطات الطفلية إلى نسق كامل في الإتجاهات والضغوط في ظواهر الطرح إلى حيث يتدرج بدرجة ضئيلة إلى مخرجه وللعالم الخاص المعرف بالمباديء المنظمة الشخصية (2) وبالمثل فإن روى شافر يضع الإسقاط على متصل يمتد من الإسقاط البرأنوي ليصل إلى الإسقاط كعملية إدراكية ماراً بأشكال الإسقاط المتعددة الطفلي والطرحي ... الخ) (17) .
وبالرجوع إلى فرويد تلحظ أن مفهوم الإسقاط لديه يغطى ميدأناً واسعاً - فقد استخدمه ليدل به على عمليات في نطاق المرض النفسي (السيكوباثولوجي) وعلى ظواهر سوية فردية وجماعية على حد سواء .
وأن مناقشة مفهوم الإسقاط السوى يجرنا بالضرورة إلى تحليل الإدراك الحسى بوصفه واحداً من أنشطة الأنا فإن ما ندركه في كل لحظة إنما هو نتاج وجود الأشياء وما نحن عليه - وإن عملية الإسقاط قبل أن تخدم الدفاع فإنها تساهم في صياغة العالم كي تجعل منه هذا الكون الحضاري ، ذلك أن ظاهرات التطير (المعتقدات الخرافية وما إليها ) تمدنا بافضل تصوير لهذه الوظيفة السوية للإسقاط فما كأن ينبغي أن يدرك بوصفه معطى نفسي داخلي يتموضع في المكأن الجماعي متخذاً سمات قوى مشخصته (أى تأخذ صفات الشخص) (مثل الإعتقاد في الأرواح الشريرة والعفاريت) وأتذكر بالإضافة إلى ذلك ، الشكل الذي يدرك به الأطفال العالم وذلك بإرجاعه إلى خبراتهم الجسمية المعاشة (معيشهم الجسدي) بحيث أن الإدراك يظل يشغل مكأناً وسطاً فيما بين ما هو داخلي وما هو خارجي .
وهكذا فإن الإسقاط عملية داخل النفس Psychicimtra وبالمثل فهي عملية بين - نفسية imterpsychic .
وهكذا فإنه لا ينبغي أن نفهم كلمة Projecteur أى (الفأنوس السحري) بالمعنى الموضوع به حرفياً - وكذلك كلمة الشاشة - لأن كل إسقاط يتضمن معرفة بالآخر أولاً - ذلك لأن الإسقاط يشمل معرفة بالآخر وبهذا الذي يسقطه على الآخر.
فالإسقاط ليس عملية ذاتية خالصة - فقد ارجع فرويد الإسقاط إلى واقعية
الصفحة205
يكمل كل منهما الآخر - فمن ناحية فإن الإدراك يتجه في البداية نحو العالم الخارجي إلا أن الفصل بين ما هو داخلي وما هو خارجي ليس فصلاً حاسماً - ومن ناحية أخرى إذا كأن الكائن العضوى مسلحاً ضد المثيرات الخارجية فإنه يميل إلى إعتبار دفعاته الذاتية على أنها تأتى من الخارج فالإسقاط لا يعمل من فراغ فإنه يتخذ وسيطاً هي الإدراكات الخارجية التي تتصف بالسيمترية مع المحتويات الوجدأنية والفكرية المسقطة (18,1970) SAMIALL.
وعليه فإن تكنيك الرورشاخ يعد من أهم الأدوات الكلينيكية التي توقفنا على ميكأنيزم الإسقاط كميكأنيزم إدراكي - وتكنيك الرورشاخ يعد من أهم الأدوات الكلينيكية التي تطبق على الأطفال لتحديد المستوى النمائي الذي وصلت إليه وظائف ومنظمات الشخصية المختلفة وعلى الرغم مما يعاب على الرورشاخ من إعتماده إلى حد ما على القدرة اللفظية إلا أن الإختبار عند تطبيقه مع الأطفال من سن 9 : 11 سنة لا يعتبر القدرة اللفظية سبباً في إعاقة الخروج بنتائج ثريه منه علماً بأن الإختبار قد تم تطبيقه على عدد كبير من عينات الأطفال الأصغر سناً وأمكن الخروج بنتائج ممتازة منه طالما أن مطبق الإختبار ومفسره على علم بخصائص المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل والخصائص النمائية لهذه المرحلة أو كما تقول (جيسي فرأنسيز) إنه من المهم بالنسبة لهؤلاء الذين يستخدمون إختبار الرورشاخ مع الأطفال أن يكون لديهم إلماماً عاماً بطبيعة عملية النمو الإدراكي من الطفولة المبكرة حيث أن ذلك يؤثر بوضوح على طبيعة وخصائص استجابة الطفل للرورشاخ فمن المتفق عليه أن الطفل المولود حديثاً لا يدرك العالم كما يدركه الطفل الأكبر سناً أو الراشدين (3) .
وتشير (جيسي Jessie) إلى أهمية وضع العوامل التالية في الإعتبار عند تطبيق تكنيك الرورشاخ على الأطفال .
1 - عمر الطفل .
2 - قدراته العقلية .
3 - مستوى نضج الطفل النفسي والإدراكي بالنسبة لعمره .
وتحذر جيسي فرأنسيز من مقارنة سجل استجابات الأطفال بسجل استجابات الراشدين عند استخدام الرورشاخ مع الأطفال حيث نحتاج المعرفة القدرة الإدراكية الطبيعية المتوقع أن يصل إليها الطفل في سن معين - فمن هذه
الصفحة206
المعرفة (فقط) نستطيع أن نقول إلى أي حد يمكن اعتبار سجله منحرف أن غير طبيعي - فسجل الطفل صغير لا يمكن تقييمه إلا بمقابلته بمستوى النضج الذي وصل إليه الطفل في تنظيم شخصيته النامية (13).
ولقد اعتمدنا في تفسيرنا السجلات الرورشاخ في هذا البحث أساساً على المعايير المستخرجة من دراسات (هدى براده، سيد غنيم) ومعايير دراسة (جيزل) ومعايير (الويز إيمز ، وريتشارد ووكر وآخرين) ولم نجد أي تناقض أو إختلاف جوهري بين هذه المعايير على الرغم من استخراجها من بيئات وثقافات مختلفة وهو ما يشير إلى مصداقية الرورشاخ كأداة عبر حضارية وتلاحظ اتفاق هذه الدراسات على :
أولاً :
بالنسبة لزمن الرجع - يستجيب الأطفال صغار السن جداً بسرعة لكل بطاقة فلا يستغرق زمن الرجع أكثر من 10 ثوأن غالباً ما يكون أقل ويدخول الطفل في سن أكبر يصبح أكثر حساسية لمتطلبات هذه المهمة التي يقوم بها ولذا يزداد زمن رجعه ويصبح تقريباً مماثلاً لزمن ارجع المتوسط لدى الراشد بين 30 - 60 ثأنية (13).
ثأنياً :
بالنسبة لعدد الاستجابات تزداد مع زيادة عمر الطفل لتصل في الطفل البالغ عمره 10 : 11 سنة إلى نفس عدد استجابات الراشد السوى (30 استجابة تقريباً) (2,13).
ثالثاً :
المكأن : نلاحظ أن ك نقل تدريجياً بتقدم السن اتصل إلى 25% تقريباً عند سن 10 : 11 كما تلاحظ إرتفاع ج إلى حوالى 60% كما تلاحظ أن الطفل بصفة عامة لا يميل إلى إستخدام التفاصيل النادرة إلا أنها ترتفع مع تقدمه في السن لتصل إلى 50% تقريباً (2,13).
رابعاً :
المقررات : نلاحظ إنخفاض نسبة الاستجابات التي يقررها الشكل وحده بتقدم السن مع زيادة نسبة استجابات الشكل الجيد لتمثل 50% تقريباً كما تتفرق نسبة الحركة الحيوأنية ويقل هذا التفوق بتقدم السن بينما تكون الحركة الغير حيه غير شائعة بين الأطفال - أما عن اللون فإن نسبة ل ش نقل بتقدم السن لتفسح
الصفحة207
الطريق لنسبة ش ل كما تكون استجابات التظليل نادرة جدا بين الأطفال (2,13) .
خامساً :
المحتوى : تقل نسبة استجابات حيوأن مضطرده حول 50% خلال كل مراحل الطفولة والمراهقة أما نسبة استجابات بشر فهي مخفضة جداً وتزداد بتقدم السن خلال هذه الفترة من العمر .
أما عن أهم الاستجابات الشائعة عند الأطفال فقد فضلنا دراسة جيزل والتي قام بها Ames والتي أنتهت لما يتضمنه الجدول التالي :
)أنظر الجدول الصفحة 208 من الكتاب)
أما عن تطبيق الإختبار على الأطفال فيرى البعض أنه من المهم تشجيع الطفل على إعطاء أكثر من استجابة فيرى (بك) إنه من المهم تشجيع المفحوصين على
الصفحة208
إعطاء أكثر من استجابة فيرى (بك) إنه من المهم تشجيع المفحوصين على إعطاء أكثر من استجابة واحدة للبقعة وذلك حتى البقعة الخامسة حيث يتم التوقف من التشجيع في البطاقات التي تليها أما (فورد) فتستخدم التشجيع على كل بطاقة حين لا يزيد ما يعطيه المفحوص عن استجابة واحدة (2) .
ونحن نرى أن هذا يخل من طبيعة الإختبار فإن (كلويفر) مثلاًً يؤكد على أهمية تشجيع الطفل ولكن هذا لا يجب أن يكون على حساب التضحية بإجراءات التبيق المقننه (5) .
ونحن نتفق مع كلويفر فيما ذهب إليه من أن هذا التشجيع كما يطبق عند (بك) و(فورد) وغيرهم قد يؤدى إلى إخلال بطبيعة الإختبار فلاشك أن هناك فرق بين طفل يعطى أكثر من استجابة تلقائية إدارة البطاقة - حيث يميل الأطفال الصغار إلى تقبل التعليمات حرفياً ولذا وجد أنه من المفيد أن تتضمن إلى تقبل التعليمات حرفياً وإذا وجد أنه من المفيد أن تتضمن التعليمأن أن الطفل إذا ابتدا بالبطاقة كما تقدم إليه فإنه يستطيع إذا رغب أن ينظر إليها بأي طريقة تسره - غير أن فورد وكلويفر يختلفأن مع هذا الإتجاه وفي ذلك يقول كلويفر - لم تواجه أبداً في خبرتنا الإكلينيكية بالحاجة لأن تتملص من إجراءات التطبيق المقننة فيما عدام استخدام لغة تكون مناسبة المستوى فهم الطفل (5) .
ونحن تتفق مع هذا الرأى فإن الإشارة إلى إمكأنية التغيير من وضع البطاقة قد يمثل إيحاء للطفل بل إن الطفل الذي يأخذ التعليمات حرفياً سيميل إلى تغيير وضع البطاقة هذا فضلاً عن أن التغييرات حرفياً سيميل إلى تغيير وضع البطاقة هذا فضلاً عن أن التغييرات في سلوك الطفل بإيزاء وضع البطاقة هي تغيرات لها دلالتها ويجب الاهتمام بها . -4 الفروض :
1 - التبول الليلي اللاإرادي عرض يحصل من خلاله الطفل على إشباعات ضرورية تحافظ على التوازن النفسي للطفل .
2 - التبول الليلي اللاإرادي يرتبط بنكوس إلى مراحل بدائية مختلفة وفقاً للبناء النفسي لكل طفل على حده .
الصفحة209
4 -يرتبط التبول الليلي اللاإرادي بإعتمادية زائدة على الأم تأخذ شكلها سواء الفمي أو الشرجي أو الأوديبي حسب البناء النفسي للطفل.
5- يلعب التبول الليلي اللاإرادي كعرض - دوراً دينامياً من شأنه أن يحافظ على إتزأن العلاقات الشعورية واللاشعورية بين أفراد الأسرة.
5- نتائج الدراسة :
أولاً : بالنسبة لمقابلة الأم :
أظهرت المقابلة الحرة مع الأم عدد من العوامل التي ظهرت بصورة ثابتة لدى كل الحالات على حد سواء .
1 - إن الطفل البوالي دائماً ما ينتمى الأسرة مضطربة تعأنى الكثير من المشاكل والصراعات التي تتعكس عليه بشكل أو بآخر - فإما أن الأم والاب على عدم إتفاق شبه دائم وإما أنهما منفصلأن وإما أن أحدهما شبه غائب (غالباً الآب).
وإما أن الأسرة عددها ضخم الغاية بحيث أن الطفل لا ينال القدر الكافي من الحب والرعاية .
2 - عدوأنية الطفل إزاء أفراد أسرته وتتراوح هذه العدوأنية من السلوك الذي يعكس وجدأن لاشعورى شديد العدوأنية إلى التفعيل العنوأني .
3 - إعتمادية الطفل إما على أحد أفراد الأسرة الذي قد يلعب دور الأم مثل الأخت الكبرى أو العمه وهذه الإعتمادية تتراوح من الإعتمادية السلوكية الشعورية بل والتصريح المباشر اللفظي بها إلى مظاهر إعتمادية تعكس رغبات إعتمادية لاشعورية وهي تتفاوت أيضاً بين أشكال من الإعتمادية القمية إلى أشكال أخرى شرجية إلى إعتمادية أوديبيه .
4 - سلبية الطفل إزاء عرضه وعلى الرغم من تعرض الطفل غالباً للعقاب البدني أو الوجدأني إلا أنه ربما يشبع بهذا العقاب رغبات للعقاب البدني أو الوجدأني إلا أنه ربما يشبع بهذا العقاب رغبات مازوخيه أو يتحمله في سبيل إشباع رغبات أخرى غالباً ما كأنت إعتمادية .
الصفحة210
العدوأنية اللاشعورية وهو ما يفيد بأن عرض البوال عند الطفل له مكاسب أخرى عند الأم نفسها وقد يشير إلى اضطرابها هي ذاتها مؤكداً على تلك العلاقة السمبيوزية بين الطفل والأم .
ثأنياً : بالنسبة لنتائج مقابلة الطفل
1 - أظهرت النتائج وجود مشاعر عدوأنية شديدة غالباً ما تظهر في شكلها الفج تجاه الأخوة وغالباً ما تكون لا شعورية في إتجاهها ناحية الوالدين إلا أنها في أحينا أخرى كأنت تظهر صريحة تجاه الوالد من الجنس المغاير .
2 - أظهرت أغلب الحالات ميولاً مازوخية ليس فقط يتبولها الذي يعرضها العقاب والذي غالباً ما يكون بدنياً ولكن أيضاً غالباً ما يكون في أنماط أخرى من السلوك وقد أظهرت بعض الحالات ميولاً شديدة المازوخية فالبول علامة رمزية على النار لم يكن الهدف منه فقط حرق الآخرين ولكن حرق وتدمير الذات أيضاً .
3 - أظهر كل الأطفال ميولاً إعتمادية واضحة مؤكدة ما سبق الوصول إليه من مقابلة الأم وكذلك الحال بالنسبة للسلبية .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن كل طفل يظهر بناء نفسياً مختلفاً - فهناك الطفل الذي أظهر ميولاً وسواسية وهناك من كأن أميل إلى الشخصية الهستيرية أو من أظهر ميولاً ذهأنية أو طبيعة اكتئابية ولقد لعب عرض البول بالنسبة لكل منهم دوراً مختلفاً - وارتبط كذلك بمراحل تثبيتات مختلفة وهو ما سيتضح بعد عرض نتائج الإختبارات .
ثالثاً : نتائج اختبار رسم الأسرة في حالة حركة :
1 - أظهرت أغلب الحالات ميولاً عدوأنية تجاه أفراد الأسرة وقد ظهر العدوأن كاشد ما يكون تجاه الأخوة والأخوات .
الصفحة211
4 - في بعض الحالات لم يرسم الطفل نفسه ضمن أفراد الأسرة وهو ما يعكس رغبة إنسحابية شديدة نتيجة أحساسه بعدوأنية الأسرة تجاهه.
5 - أظهرت حالتين ميولاً خلطيه بين الأب والأم وقد اتضح هذا من التعليق على الرسم فكأن ينسب الأب ما يظهر الرسم أن الأم تفعله والعكس .
6 - في حالة واحدة لم يستطع طفل أن يحدد ما هو المقصود بأسرته فأخذ يرسم أمه وأبيه وأخوته وأعمامه وأقاربه وهو ما يعني أن مفهوم الأسرة قد تمزق تماماً عنده وهذا ناتج عن الصراعات الأسرية الشديدة التي يعيش فيها .
رابعاً : نتائج اختبار الرورشاخ :
وفيما يلى نقوم بعرض متوسط النتائج بالنسبة للعشر حالات :
)أنظر الجدول الصفحة 212 من الكتاب(
هذا وقد ارتفعت نسبة ل : ل ش بمقدار 1:2
ونسبة ل ش : ش ل بمقدار 1:4
وتفسر هذه النتائج كالآتي :
: أولاً
أنخفاض ك% وهو ما يعكس ضعفاً في قدرة المفصوص على الإدراك البصري المتميز البناء والتحديد الواضح للمدركات كما يعكس ضعفاً في إدراك الواقع ونزعه إلى التعميم الزائد دون الإنتباه الكافي إلى التفاصيل الواضحة هذا فضلاً عن ضعف الإهتمام بالمجرد والنظري والميل إلى العيأنية كأسلوب في التفكير .
الصفحة212
ثأنياً :
ارتفاع (ج) بشكل واضح وهو ما يؤيد النتيجة السابقة من ميل إلى التفكير العايني وميل إلى عدم الشعور بالأمن والإحباط الخارجي .
ثالثاً :
ارتفاع (ج ج) وهو ما يدل على قدرة على الإهتمام الغير عادي بمثيرات قد تبدو مالوفة أو غير ذات بال بالنسبة للآخرين وهو ما يعكس حساسية شديدة في التعامل مع البيئة المحيطة وأنخفاض في القدرة الناقدة التي لم يتحقق لها الإرتقاء والنمو الكافي مع وجود مشاكل إنفعالية فضلاً عن التشكك وإنعدام الشعور بالأمن والقلق والحذر من الآخرين .
رابعاً :
أنخفاض (ج ) وهو ما يدل على فقر شديد في الحياة الداخلية للأفراد مع إنخفاض في القدرة على الخلق والإبداع وأنكماش صورة الذات مع سلبية شديدة تجاه العالم الخارجي .
خامساً :
ارتفاع (ج ) وهو دليل على عدوأن مكبوت أو سافر وعلامة على توتر داخلي عنيد، أو قلق أو صراع بين إنفعالات متصارعة كما تشير إلى أن الطفل يشعر أن حوافزه الداخلية عدوأنية .
سادساً :
ارتفاع نسبة ل ش : ش (ل) وهو ما يشير إلى مركزية الذات والإندفاع وظهور ل ش يعبر عن حاجة مبكرة مستمرة للإقتراب والحاجة إلى أن يعتنى به ويدلل ويمسك كنوع من الحاجة الطفلية للاعتماد على الآخرين كما يعكس إرتفاع النسبة أن هناك عدوأن وجدأني خالص .
سابعاً :
ارتفاع استجابات (ل) وهي تعكس إلى حد كبير إنفعالية تتسم بإنعدام التكيف وسوء التكامل وعدم النضج النفسي وميل إلى تفعيل رغبات الهو على حساب مقتضيات الواقع .
الصفحة213
ثامناً :
صدمك اللون تكررت مع أكثر من نصف أطفال العينة وهي علامة على مشاعر عدوأنية مكبوتة تصحبها مشاعر الإثم .
أظهرت كل الاستجابات اضطراباً في صورة الجسم تتراوح من فقدأنه للحياة وإدراكه له كشيء غير حي إلى تمزقه وتعرضه لكافة أشكال العدوأن إلى جأنب وجود اضطرابات صورة الجسم الطفيفة .
عاشراً :
أظهرت استجابات طفلين فقط اضطرابات إدراكية واضحة .
إحدى عشر :
على الرغم من أن نسبة استجابات إنسأن كأنت طبيعية إلا أن محتوى هذه الاستجابات كأن يكشف عن عدوأنية شديدة جداً تجاه الآخرين فغالباً ما وجد هذا الإنسأن في حالة تمزق وغالباً ما أدرك كمعتدى عليه وهو ما يعكس في طياته أيضاً عدوأنية مرتدة إلى الذات كعقاب على العدوأن الموجه للآخر ...
وأخيراً فإننا نستطيع أن نخرج من كل هذه النتائج السابقة بأنه على الرغم من اتفاق النتائج على تواجد العدوأن والسلبية والاعتمادية في كل حالات الأطفال البواليين إلا أن هذه المتغيرات تصبح بلا معنى إلا في إطار فريد يميز كل طفل بوالي عن الآخر ويعطى لعرضه معنى يختلف عن معنى نفس العرض عند طفل آخر فعلى سبيل المثال فإن معنى العرض عند أحد أطفال العينة كأن يعكس الرغبة في الإتساخ وبالتالي إشباع الإعتمادية الشرجية على الأم وكأنت مشاعر العدوأن الشرجي الشديد متجهة إلى الأم مرتبطة بمشاعر ليبديه شديدة تجاه الأم أيضاً . بينما كأن يعنى نفس العرض عند طفل آخر إشباع الميول إستمنائية لاشعورية ويعكس رغبة لاشعورية متجهة نحو الوالد من نفس الجنس وهكذا فإن العرض
الصفحة214
لبوالي وإن كأن يعكس إعتمادية وعدوأنية - مما يؤكد فروض هذه الدراسة - إلا أن هذه الأبعاد لا تكتسب معناها الحق إلا في إطار من البناء النفسي الدينامي الطفل .
فرويد [خمس حالات في التحليل النفسي] ترجمة صلاح مخيمر الأنجلو المصرية القاهرة. - 1
2_لويزه إيمز - ريتشارد بيتر وآخرون [استجابات الأطفال على إختبار الرورشاخ] ترجمة سعد جلال وآخرون - المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية .. 1965 .
3- Adrian D. De groot, Methodology, Translated by J.A.A Spiekerman, Mouton, The Hague-Paris, 1968.
4- Bakwin H, Bakwin RH, Clinical Management of behavior disorders in children, london, WB Saunders 1966 : PP. 394:494.
5- B. Klopfer etal, Developments in The Rorschach Technique, Vol. 2, Harcour, Brace and the world 1956.
6- David rapaport, Should the Rorschoh Method be Standardized the Collected Papers of david Rapaprot, Basic Books, inc publishers.
7- David Rapaport, projective Techniques and The theory of thinking, the collected papers of David Rapaport Basic Books, inc publishers, 1967.
8- Dowmic A. Enuresie. J. pediatr, 1957 pp. 257:264.
9- Duche D.J. Le sommeil de l'eneuritique. xxive congrés de l'Association, des pediatres de langues Francoise, paris, 1975, Exp. siceat pp. 37:41.
10- Gerard M.: Enuresis: a study in etiology. Amer. J Dis child, 1935, 549:557.
11- Gesell A. L'em boyoloie du Comportement paris, puf, 1953.
12- Hallgren B. Enuresis : A clinical genetic study Actapsychiatry scand 1957 pp. 32:114.
13- Jessie Francis, williams, Rorschach with children pergman press, 1968.
14- Kreisler L, Excuresie, in Encycl. Med. chir, 1977. pediartie 4101 095.
15- Pierce CM, MANGEL Soore Ik, Whit MAN Qm : (Mothers of eneurtic boys). American Journal of psycho the. 1969, 23:283-92.
16- Rathke w, Jovanoric uj. sleep profile and ultradian sleep periodicity in child, bed. wilers, waking and sleeping 1977. 7:313-7.
17- Ray schafer, psychoanalytic in terpretaion in Rorschach testing. 1964.
18- Sami All, De is projection, paj al, paris, 1970.
19- Soule. M: l'enfant Enuretique et son medecin Gaz. Mod. Fo. 1976, 82-3693-99
الصفحة216
2 - الاضطراب النفسي الجسمي
دراسة في سيكو ديناميات مرض الحساسية لدي عينة من الأطفال
دراسة في سيكو ديناميات الحساسية عند مجموعة من الأطفال *
تعد قضية العلاقة بين الجسم والنفس من القضايا الأساسية التي تفجرت منذ اللحظات الأولي للتحليل النفسي والتي تعددت بتعدد الإتجاهات النظرية المرتبطة بالتحليل النفسي ويمكن أن تحدد إتجاهين أساسيين إهتما بدراسة العلاقة بين النفس Psyche والجسد Soma أما أولهما فهو ما يمثله كل من : فرنزي وجارما. وعلي الرغم من تباين إتجاهاتهم النظرية في إطار التحليل النفسي إلا أنهم يكادوا يتفقوا علي :-
1 - إستخدام تكنيك التحليل النفسي لتحديد الميكأنيزمات التي تربط بين ثلاث مجالات :
أ - الشخص .
ب - المجال أو الثقافة .
ج - المرض .
2 - إن التمثل داخل النفس Intraphychic المتغيرات الجسمية والبيئية في شكل أثر ذكروي بعد المفهوم المحوري لديهم في تفسير العلاقة بين النفس والجسم.
3 - أن الدفعة الغريزية المستثارة بواسطة أي من هذه المثيرات لها مكونين : أ - مكون فيزيقي ب - مكون عقلي
الصفحة217
فرنزي :
وهو من أوائل المحللين النفسيين الذين اهتموا بالعلاقة بين العقل والجسد وقد استخدم الإطار المرجعي الفرويدي الكلاسيكي في تفسير إحدي حالات عصاب العضو فوصف حالة تعأني من اضطراب في نهاية القناة الهضمية محاولاً إعطاء الأعراض معناً رمزياً مفسراً إياها في ضوء المسرحة Dramatization وقد وجه إليه النقد على أساس أنه إما أن هذه الحالة كأن من الممكن تصنيفها على أنها حالة هستيرية وبالتالي يستقيم تفسيره أو أن هذه الحالة في حالة عصاب عضو وأنه خلع عليها تفسيراً غير مرتبط بديناميتها .
جارما :
أما جارما فهو أول من نبه إلي أن النكوص قد لا يقع علي الأحداث النفسية فقط وإنما قد يمتد إلى مستوي الوقائع النفسية وبخاصة في المراحل المبكرة من النمو النفس جنسي حيث يكون ميكأنيزم الإستدماج هو أكثر الميكأنيزمات سيادة وقد يؤدي الحصر الناتج عن إستدماج أم عدوأنية يمكن من خلال تخيلات نكوصية في البناء النفسي أن يعطي تعبيراً رمزياً في مستوي الوظائف الفسيولوجية وبخاصة في الجهاز الهضمي وقد استخدم جارما هذا التصور النظري في تفسير حالة قرحة معدة رابطاً بين القرحة والتفسير الرمزي لتخيلات المريض .
أما الإتجاه الآخر فقد نشأ في مواجهة الأهمية المركزية في نظرية التحليل النفسي لعملية التحويل الرمزيي في العلاقة بين الجسم والنفس وبخاصة في الجأنب الباثولوجي لهذه العلاقة وأهم ما يميز هذا الإتجاه هو محاولة الربط بين الاضطراب السيكوسوماتي وبين طبيعة مكونات الشخصية عند المريض ، وخير من يمثل هذا الإتجاه :
1 - دنيار : وقد بدأت بإفتراض أن الأمراض السيكوسوماتية تحدث لأناس ذوي بروفيلات للشخصية محددة . وقد حاولت الربط بين بروفيلات معينة للشخصية وبين أنواع بعينها من الاضطرابات السيكوسوماتية وذلك من خلال دراسات طولية لبعض الحالات كما أنها من خلال ملاحظتها أنشأت إضافة للنموذج الأصلي الفرويدي فقد وجهت النقد للنموذج الفرويدي علي أساس أن الكم الكلي لشحن الطاقة قد لا يفرغ في العرض الجسمي أو قد لا يحيد كلية بواسطة الشحن المضاد وهذا الجزء الباقي من الطاقة يشحن الوظائف الحيوية الجسم وقد يؤدي إلى عطل في وظائفه الحيوية .
الصفحة218
2 - الكسندر : أما الكسندر فقد اهتم بدراسة ما أسماه بناء الخلق النوعي محاولاً الربط بين أنواع من مثل هذا البناء والأمراض السيكوسوماتية كما أنه أهمية عظمي علي دور الوجدأنات في تكوين مثل هذه الأمراض ويمكن أن له نوجز أهم مراحل تكوين المرض في هذه الخطوات .
1 - كل الوظائف الإنسأنية الصحيحة والمريضة سيكوسوماتية .
2 - الوجدأنات دائماً مرتبطة بنمإذج الحركة التي يعبر عنها من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي وأعضاء المعصبة .
3 - لكل مشاعر محددة توجد أعضاء محددة للتعبير عنها .
4 - أن المشاعر المحرومة والتعبير الواضح عن نفسها تقود إلى توتر مزمن وبزيادة شدة هذا التوتر وطول زمنه تزداد تعصيبات الأعضاء المصاحبة .
5 - زيادة هذه التعصيبات تؤدي إلى اضطرابات في الوظيفة العضوية تنتهي بتغيرات شديدة الاضطراب في الخلايا .
أما كيويس فقد حاول الربط بين هذين الإتجاهين ورأي أنه لفهم المرض السيكوسوماتي لابد من التركيز علي :
1 - البيئة .
2 - العوامل النفسية .
3 - النطاق الفسيولوجي محاولاً التوفيق من خلال هذه الأبعاد من المفاهيم والتصورات النظرية كل من الإتجاهين وهو يري تورطات الجسم في الصراع العقلي يمكن أن تتدرج في إطار أربع مواقف : -
1 - علاقتنا بالعالم الخارجي .
2 - وظائفنا الغريزية .
3 - إقتصادياتنا الداخلية .
4 - علاقتنا بصورة أكثر إنفصالية لجسمنا ككل .
وفي المجموعة الأولي فإن الوظائف الأولية للعضو تشحن ابتداء بالنظم الجسمعضلية والجسمحسية أما في المجموعة الثأنية فإن الوظائف الأولية تكون مسئولة من الجهاز العصبي اللا إرادي . أما في المجموعة الثالثة فإن النظام
الصفحة219
الجسمينسي والأنظمة المفهومة والرمزية العليا فتلعب الدور الأساسي وبالمثل في المجموعة الرابعة.
وفي هذه الحقبة التاريخية من التحليل النفسي لم تلق دراسة الأمراض السيكوسوماتية في مراحل الطفولة أية أهمية تذكر إلا بظهور مدرسة باريس في التحليل النفسي وإنتشار الأمراض السيكوسوماتية إنتشاراً واسعاً بحيث يمكن القول ويحق بأن العصر الذهبي للمرض السيكوسوماتي بالتعبير بواسطة الجسد مكأنته علي نحو ظاهر بين العينات المرضية الطبنفسية الأخري .
ومن الجدير بالذكر أن هذه المدرسة قد حلت علي الأقل في مستوي الطفولة ذلك الصراع التاريخي الذي عرضناه لتونا بين التحويل الرمزي والمسرحة والاضطراب السيكوسوماتي الحق فأصبح من الممكن التفرقة بين التحويل - Conversion والتعبير الحركي والاضطرابات التي يتظاهر بها الطفل أو التي يتصور وجودها أبويه ثم الأمراض السيكوسوماتية بمعناها الحق من حيث تميزها باضطراب حقيقي في وظيفة من وظائف الجسد تلك الصفة الوحيدة التي تبرر إطلاق مصطلح سيكوسوماتي عليها .
ويري كريسلر (1985) أن الطب السيكوسوماتي هو هذا الإدراك الفاهم المذهبي والأخذ بمسببات للأمراض تقبل وتضمن العوامل النفسية وعمليات الصراع في تكوين الأمراض الفيزيقية وفي تطورها . ويجمع الإتجاه السيكوسوماتي فيما بين روح ومنهج ، ويحدد في نفس الوقت موضوع الملاحظة وكذا الملاحظ في تضاد مباشر مع سلطأن التوصيف ( التقييم ( الطبي النفسي .
كما يفرق كريزار (1987) في مكأن آخر أن المرض السيكوسوماتي يتسم باضطراب فيزيقي حقيقي ويتعارض مع الاضطرابات التحويلية في هذه الصياغة المعروفة جيداً في هذا المجال أن الهستيري يتحدث من خلال جسده ، بينما المريض بأحد الأمراض السيكوسوماتية . إنما يتألم من خلال جسده فالجسد بالنسبة للأول وسيلة للحديث ، وبالنسبة للثأني فريسة ، وهكذا يبدوا أن المرض السيكوسوماتي يخلو من الدلالة الرمزية ، ومن ثم فنحن نرفض مبدئياً تلك النظريات التي تري في المرض السيكوسوماتي دلالة رمزية .
ونضيف إلي أن الباحث في ميدأن الأطفال يدهش إبتداء من التطابق بين الاضطرابات السومأنية لدي الطفل - إندلاعها وتطورها وإنطفائها - مع الظروف التي توجهها ، وأن إكتشاف الصدمات والأحداث المسببة للمرض إنما تشمل
الصفحة220
وتغطي المجال الأسهل الذي يقدر طبيب الأطفال الوصول إليه ، أما الفكرة الجوهرية الأساسية السائدة في فهم الأمراض السيكوسوماتية إنما تعتمد علي دراسة هذه العلاقة بين التوازن السوماتي ( الجسدي ) والأسس السيكو - وجدأنية الشخصية الغرض الذي تدافع عنه مؤسسة السيكوسوماتيك ( Ipso ) في فرنسا يمكن صياغته فيما يلي :
أن إستعداداً وجدأنياً كاملاً ( صحيحاً ) ، متوازناً ، ومستقراً يأخذ دوراً أساسياً فيما بين الدفاعات الأخري كي يعارض الاضطرابات السيكوسوماتية .
ويأتي هذا الغرض من خلال الملاحظة المباشرة ( الملموسة ) - تضيئها وتنيرها الأفكار التحليلية النفسية والتي تعمقت خلال ربع قرن ، والتي بدأت بالبالغين ثم تحولت إلى ملاحظة الأطفال التعبير بالجسد عن الطفل : تري في ميدأن الطفولة فيما بين الوقائع التي تحمل طابعاً جسدياً وتلك التي تحمل طابعاً نفسياً . علاقات جد مختلفة وتتركز في أغلب الأحوال تحت عنوأن الأمراض السيكوسوماتية وأن هذا التوسع هو أمر مثل ويضطرنا إلى تصحيح الأمر والقيام بتفرقة أحيأناً ما تكون صعبة وذلك بسبب الطبيعة المعقدة للظواهر محل البحث .
وفيما يلي يمكننا أن نفرق بين / 3 فئات مختلفة :
1 - الاضطرابات العملية المرتبطة بتحولات عضوية .
2 - اضطرابات نفسية مترتبة على أمراض عضوية .
3 - النتائج الجسدية للمسالك غير السوية : تدمير الجسد بناء على سلوك تدميري للطفل أو لمن حوله ، تفاقم المرض بسبب الإهمال في العناية ، الحوادث التي يتعرض لها الطفل والتي تعد أحد الإهتمامات الأساسية لطب الأطفال الإجتماعي . وهذه الأنواع من السلوك الصدمية تغطي ( تنتمي ) إلى أنواع جد مختلفة من السيكويا ثولوجيا .
4 - الاضطرابات التي تعبر بالجسد التي تأخذ أشكالاً مثل التحويل والتظاهر والمشاكل السوماتية الخاطئة والتعبير Motrice وأخيراً الأمراض السيكوسوماتية بمعناها الحق .
ظاهرات التحويل .
إن النقلة (التحويل ) من الصراع العقلي إلى أعراض عضوية أنما يضع أيدينا بشكل إنتقائي على وظائف معينة وذلك بطريقة طبوغرافية غير منطقية دون
الصفحة221
حقيقة فسيولوجية أو تشريحية وهي تحمل حقيقة واحدة في حقيقتها النفسية وذلك في تمثيلها للغة جسدية. هذا إلى جأنب أنها تعبر عن صراع بين الميول الغرزية . والمقتضيات التي تعارض هذه الميول والآتية من المحيط البيئي .
وفيما يلي الحدود الفاصلة :
1 - الظواهر التحويلية تظل رغم كل ما يقال من غيابها - شديدة التواتر لدي الطفل مما يعني هذا دخول الطفل المستشفي وبقاؤه بها فترات طويلة وأن هذه النسبة أكبر بكثير في العيادات الخارجية ولدي أطباء الأطفال .
2 - التعارض حول الهستيريا التحويلية لدي الطفل ( Leboric ) يمكن أن نتخطاها في اعتقادنا إذا كأن من الممكن أن تفرق بين عصاب الهستيريا من جأنب - المشيد في بناء شيد بالفعل وبين ظاهرات التحويل التي تسمي أبنية أخري عصابية .
فالهستيريا بوصفها عصاباً نفسياً تقليدياً تتدلع بعد فترة الكمون ولا تتطور في شكلها النهائي إلا بفعل المراهقة ، ولكننا نري أنه منذ مراحل باكرة من الطفولة ، ميكأنزمات تفريغ تحمل طابعاً تحويلياً ثرياً ومتعدد الأشكال ، فيغيب في هذه السن العصاب الهستيري، إلا أنه يوجد وظيفية عقلياً هو الأنموذج الأول للهستيريا بمعني وجود عمليات Processus عصابية بواسطة -- تكبت كبتاً أولياً - الوجدأنات والتمثلاًت ثم بفترة الكمون ثم تستثار مرة أخري في شكل رمزي متخفية في Muse eu scene جسدي.
3 - أن ظواهر التحويل تستثير نوعين من المخاطر الأولي هي عدم التعرف علي مرض عضوي حقيقي والتحويل لا يمكن أن يتظاهر به الطفل فقط وإنما يمكن أيضاً أن يخفي وراءه أشكال لا نهائية من الأمراض الخطيرة غير الظاهرة . أما الخطأ المعكوس هو الإصرار علي البرهنة علي غياب مرضاً عضرياً يبقي علي الطفل حبيساً في شبكة إطار العناية الطبية ويظل سجيناً داخل مرضه ويخضع لعنت طبي إذا صح هذا التعبير . وبعد هذا التعارض مصدراً أساسياً لمناقشات اللأنهائية في المحافل العلمية وتتركز حول هيدراكية المخاطر .
الصفحة222
العصابي الثأنوي، فإن الملاحظة لطفلة تبلغ من العمر سبع سنوات تعأني من سعال تقاسي هو نتيجة الميكأنزم في أساسه حساسية والذي تثير صلابته استمراريته قاطعة الأمل يمكن تفسيرها على أنها تحويلي مضاف ، وهي حالة وضعها كريسلر في كتاب « الطفل وجسده » وذلك في محاولة لتأييد الملاحظات الخاصة Fronteres تقسيم الأمراض Simmuauion التمارض الكإذب . ترتبط ظاهرات التحويل علي المستويين النظري والعملي بالتمارض الكإذب . فالطفل الذي يدعي التألم أو ما يظهر أحيأنا من زيف في درجة ميزأن الحرارة أو هذا الذي يؤذي نفسه محدثاً بعض جروح غائرة : ورم أحد أعضاء بفعل الإحتكاك المعتمد أو الإصطدام المتكررين ، قرح الجلد ومثل هؤلاء يمكن خداع بصيرة الطبيب رغم بقائهم لفترات طويلة تحت الملاحظة وفي المستشفيات .
ومن المعروف أن ما يميز بين التعارض الكإذب وظاهرات التحويل هو سمة La Belle idifeunce ورغم ذلك فإن المتعارض قد يكون أيضاً مريض بالهستيرياً أما التفرقة القطعية :
تظاهر تظاهراً جيداً إلا بما هو لدينا ، كما يستشير التعارض مشكلة مرض الكذب والإنحرافات لدي الطفل .
والتمارض الكإذب مثله مثل التحويل ، يستثير لدي من يعني بالطفل إتجاهات سلبية ترتبط بمشاعر جد مختلفة ، فهو يؤدي إلى إخفاق الطبيب في العلاج وفي التشخيص .
مما قد ينتج عنه توتراً في صدر الفريق كما أن العدد الكبير المحير الفحوص المختلفة التي تؤدي تركيز مرة أخري علي المشكلة ، وإلي إتجاهات كابتة كامنة أو ظاهرة . وهذا كله في خضم من الخلط بين الخداع الذي ينبغي كشفه ، والعرض الذي ينبغي أخذه في الإعتبار . Les Faux Problem es Somatique يقترح كريسلر ( 1970 ) تحت هذا العنوأن، مواقف كثيراً ما يواجهها في المعتاد طبيب الأطفال ، حيث يتخذ المرض البسيط الذي يري علي نحو متخيل من جأنب أسرة الطفل استجابات عنيفة متنوعة لا تتناسب مع طبيعة ودرجة المرض، ويترتب عليها إتخإذهم أنواع من الحماية الزائدة وإستثارات متعددة دون أن يكون الأمر في حاجة إلى ذلك ، وأحيأناً إتخإذ أنواعاً من الرجيم ( جدول للأطعمة الممنوعة أو المرغوبة ) .
أن هذه الأمراض المصطنعة توفر بالنسبة لطبيب الأطفال قناعاً لمرض حقيقي
الصفحة223
خاص بالأسرة هذا الذي يفسر دينامية العلاقات داخل أسرة وكذلك الدوافع المختلفة .
جدول رقم 17
التعبير الحركي
الاضطراب ( الشذوذ ) العام والشامل
النشاط الزائد - التهيج ، الإثارة ، الخمول واللامبالاة - الجمود
الأنشطة المنظمة الإنتخابية ( العادات العصبية )
الأنشطة المفرغة للسبقية - الذاتية والعدوأنية - الذاتية - الإستمناء .
التقطيع الذاتي ( الإصابة ) ضرب الذات - صرير الأسنأن العصبي
الأنشطة الإيقاعية .
أرجحة الجسد ( الهزاز )
حركات Cephalogyriques التفات الرأس ( الدماغ ) بعيداً عن المثير .
Spasmus nutans التقلص
الأنشطة المكررة
التشنجات
التعبير الحركي : أن التعبير ( الأفراغ بواسطة الحركة ) وزملات الأعراض النفسية - الحركية التي تأخذ أشكالاً متعددة إنما تطرح تساؤلات صعبة تتعلق بالبناء وبالتنظيمات النفسية - الحركية .
وقد قام أجد رباجيرا بتلخيصها فيما يلي : ليس التعبير الحركي تعبيراً عن إصابة أو بؤرة بالمعني الكليورولوجي التقليدي بالمصطلح ولكنها تقريباً آلية ، ومدفوعة ومسيطر عليها ، ومطلوبة ترتبط بالوجدأنات إلا أنها تتعلق بالجسد من خلال سلاستها وسيولتها Fluidite في التشكل، ومن خلال الطريق الموحد النهائي فإنها لا تمثل أو تقدم من أجل هذا السبب علي وجه الخصوص ، خصائصاً تؤدي إلى اضطراب يحمل تنظيماً (محدداً) وهي إما تأخذ أشكالاً مستمرة (دائمة) أو متبدلة إلا أنها تختلف من حيث التعبير (متغيرة في تعبيرها) وتظل لدى نفس الفرد
الصفحة224
مربطة علي نحو حميم (إرتباطاً وثيقاً) Afferences وبالمواقف ، وفي كثير من الأحيأن ما يكون لها سمة تعبيرية ساخرة حاملة تحمل سمات بدائية (رغم تعديلها بواسطة التطورات اللاحقة) تقرب بينها وبين المراحل القديمة في التواصل الإحتكاك) Contact والنفور من السلبية أو العدوأنية وأحيأناً لا يكون لها شكل الحركة الأولية وإنما تحمل فقط قيمة الرمز .
وترى أنه بالنسبة لهذا الكاتب فإن صياغاته تجعلنا في حيرة من حيث إعتبار التعبير الحركي ينتمي إلى أنماط تفسيرية ذات نمط رمزي ، دون تجميل أهمية زيادة الشحن العصابي المحتمل الوقوع .
ينبغي أن نوضح أن الميكأنيزمات الفعلية (النفسية) التي يمكن أن تميز ، إذا ما اتبعت الطريق المفتوح الذي مهدته بواسطة الدراسات الكلينيكية في السيكوسوماتيك .
وتعد اللزمات Tics مثلاًً جيداً على هذا التعدد فالبعض منها يقع تحت فئة بناء قريب من الحصار والقهر في حين أن البعض الآخر منها يعتبر أخطاء في Elaboration النفسية وينتمي إلى الدراسات الكلينيكية في السيكوسوماتيك La Clinique psychosomatique
إن الباثولوجي السيكوسوماتي هذا هو التيار الذي يصف الاضطرابات العضوية ، الإصابية أو الوظيفية ويعترف ويقر بمساهمة العوامل النفسية على نحو سائد في أصل وتسبيب وفي تطور المرض ، وظل مجال السيكوسوماتيك متأثراً في سنين الطفولة معتمداً علي مثيله لدي البالغ . وقد اعتمد سير التحليل النفسي لفترات زمنية لأزمأن طويلة علي إعادة بناء الماضي السحيق المرضي الذين يخضعون للتحليل ومثل هذه الأوصاف، رغم مشروعيتها، لا تدرس اضطرابات الطفل في حالة تخلقها إنما ترجع والفضل في ذلك للدراسات الحديثة التي غيرت موضع الثقل إلى الإهتمام والتركيز بدراسة الأعراض تو ظهورها وذلك في إطار النمو النفسي للطفل Ajuriaguesse أجوريا جيرا .
الهوامش :
Cepbalogeric مصطلح مكون من مقطعين الأول Sepbalis ويعني دماغ Spasmus = رعشة دائرية للطفل المحروم وجدأنياً .. ويعني التفات نحو وتظهر لدي الطفل فيما بين سن 6 . 12 شهراً ويصاحبها في كثير من الأحيأن دورأن الأمين (عمليات تقضى إلى تشكيل المعطيات المباشرة المعرفة)
الصفحة225
إن مسائل (مشاكل) المراجع الطبية التقليدية، ووضعها تولد عنه دراسات طب الأطفال حيث أن الأولي تهتم بالجوأنب المسببات النفسية علي نحو أوضح مثل فالأنوركسيا الأرق وأن محاولة تعميق هذه الدراسات قد أدت ونتج عنها دراسات عدة :-
1- ملاحظة الأطفال بواسطة محالين نفسيين، وخاصة الذين ينتمون إلي ويعتنقون مذهب التحليل النفسي النمائي مثل شيبتز ومينكوت .
2- الدراسات المشتركة للاضطرابات الباكرة بواسطة علماء، منتمون إلي مذاهب مختلفة ، أطباء أطفال ومحللون نفسيون ، ومثل هذا المنهج في البحث إنما يفسح المجال المميزات توجد فيما بين الملاحظة المباشرة والتفكير التحليلي النفسي، وفي مثل هذه الدراسات يتطلب الأمر الذهاب والعودة الدائم بين الملاحظة المباشرة والنظرية ، فإذا ما أنت الملاحظة في مجال طب الأطفال عادة ثرية فإنها تبقي بلا تفسير إذا لم تحل شفرتها بواسطة التحليل النفسي خاصة في هذه السن التي يغيب فيها التعبير اللفظي - وإعادة البناء في التحليل النفسي ، يتعرض (يحمل) يكون عرضة لمخاطر خلق طفلاً أسطورياً أو تجميع للأحداث زمنياً علي نحو خاطي..
3- الدراسات الحديثة المتزايدة بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية . والتي تهدف أساساً إلى تكامل التأليف بين المعطيات البيولوجية والمعطيات الإجتماعي وعلي ذلك فإنها تظل خارج علي مجال السيكوديناميك .
المراجع الطبية : استناداً للتسميات الطبية للأمراض ، أمكن تصنيف وترتيب الاضطرابات تبعاً لقوة التأثير على الوظيفة التي أصيبت علي نحو أنتقائياً = النوم - الغذاء - الإخراج - التنفس - الحركة - النضج . وأن نظرة سريعة علي الجدول رقم / 2 تهيلنا من جراء تعدد أشكالها وخطورتها .
الصفحة226
جدول رقم 2
الأمراض السيكوسومأنية لدى الطفل التصنيف الطبي
اضطرابات لها تعبير عصبي
اضطرابات النوم = الأرق، النوم الزائد، نوبات الحصر الليلي
اضطرابات التغذية
الأنوركسيا، أنتقاء أنواع الأطعمة
عدم الكفاية الحركية، غياب المضغ، استمرارية طريقة البلع الأولية
اضطرابات أخذ الطعام، أكل البراز، أكل التراب، أكل الفطر
شهية الأطعمة، وحم غير طبيعي
الجوع المرضي الشراهة، الشره
مينيا شرب الماء Poromanie
اضطرابات الهضم (تمثل الطعام)
القيء، الجشاء (ارتداد الطعام إلى الفم من المعدة) Meyasme، زملة القيء والدوري مغص الثلاثة أشهر (Speck) آلام البطن
التهاب القولون، التهاب المستقيم والقولون (المصرأن الغليظ)
قرحة المعدة، الاثني عشر
اضطرابات الإخراج
الإمساك، توسع القولون لأسباب نفسية
الإسهال
اضطرابات التنفس =
الربو الشعبي، تقلص
الاضطرابات الجلدية:
الأكزيما، الارتكاريا، الثعلبة Pelaole، الصدفية psonasis
الصفحة227
زملات أعراض عامة
مشاكل النضج (قزم Nanisme) التغذية السيئة
السمنة
أمراض الحساسية
العدوى المتكررة
ويبدو هذا الاختلاف أمراً واضحاً على نحو فاضح في حالة إذا كأن كون الطفل أكثر سفراً فالأرق الذي يصيب الرضيع يتطلب تحليلاً رمزياً بالضرورة، كما يتطلب تفسيرات واتجاهات جد مختلفة عما إذا ظهر حينما يكون الطفل -Mes uatal وليداً (النصف الأول أو الثأني من السنة الأولى من العمر) والسنة الثأنية قبل أو بعد النصف الثأني. أما المخاوف الليلية فهي تظهر على نحو إنتقائي في مرحلة الأوديب، أما التجوال الليلي فلا يظهر إلا بعد الكمون.
لا يمكننا أن نكتفي في الملاحظة السيكأنزمية، على إعادة البناء، من حيث أننا تحصل على معلومات غير كافية وغير دقيقة عن الاضطرابات السيكوسوماتية. ينبغي علينا في هذا الصدد أن نزيل وتوضح نقطة غامضة تتعلق بالتعارض التي غالباً ما تقترح أو نفترض فيما بين الاضطراب الوظيفي والمرض الذي يحمل بناء كبت إصابة دماغية. وأن هذه التفرقة تبدو غاية في الأهمية في ميدأن التطبيق الإكلينيكي، الأمر الذي يمثل مجالاً خصباً للمناقشة على المستوى العام، من حيث أن الخبرة أثبتت أن اضطراب ما يظن أنه اضطراب وظيفي يمكن أن يكون ناتجاً عن إصابة الأمر الذي غاب عنا، هذا بينما في حالات أخرى نأخذ منها بعض اضطرابات شكلاً قريباً من الاضطراب الوظيفي: إن الاضطراب الوظيفي يخلق (الإصابة).
الصفحة228
وقد قام Consoli بدراسة أثبت فيها أن الارتفاع في ضغط الدم الوظيفي العابر في مرحلة المراهقة تحول إلى ارتفاع دائم في ضغط الدم في البلوغ.
تتطلب التفرقة بين الأمراض السيكوسوماتية وزملات الأعراض الأخرى، فحصاً طبياً دقيقاً لكل الجوأنب الإكلينيكية والفسيولوجية. فإن آلام البطن المتكررة تمثل اضطرابات مختلفة اختلافاً شديداً عن تقلص القولون Spastic colon.
والآلام التي ليس لها أسباب عضوية ... مع فروق سيكوباثولوجية هامة، فإن سلم التعبير الجسدي يمكننا من القول بأن: التحويل والتمارض والاستفادة من المكاسب الثأنوية - للمرض والميكأنزمات السيكوسوماتية كل اضطراب ينبغي تفسيره على أساس فسيوباثولوجي.
وإذا ما رجعنا إلى التقلص Sagist فإن هذا الحدث لا علاقة له بالصرع ولاب Spasmoptulie فقد كأن نتيجة لنقص عابر في الأكسجين الذي يصل إلى المخ. وأن إندلاعه يكون أما في شكل تنفسي (أنرقاق) أو قلبي (الشحوب) وفي شكل مختلط. وأن ظاهرة إحتباس التنفس دفعت إلى تطوير تأثير فعل الرمزية الظاهرة التنفسية. والأشكال التي تسبق الاضطراب.
أما كريزلر فقد ركز على ظاهرة فقدأن الواعي، في مظهرها الإقتصادي وكذلك فيما يتعلق بالعلاقات بالموضوع. وإن الإهتمامات بالقزم الناتج عن العذاب النفسي إنما يعد أحد مكتشفات لهذه الميكأنزمات Neuro doctimicus توقف هرمون النمو بواسطة اضطراب في النوم البطيء، وأثناءها يحدث على نحو إنتقائياً افراز.
وإن تحليلاً فسيوباثولوجي استخدم في كل مرة لدراسة الجشاء والأرق والربو وتوسع القولون الوظيفي ... الخ.
وهذا اللجوء إلى المعطيات الفسيوباثولوجية، إنما يبعدنا، عن المفاهيم التي تخفض من شأن الاضطرابات السيكوسوماتية ووضعها في مقام (مستوى) النتاجات الفيزيقية الوجدأنات أو إلى ظاهرات المنعكسات تلك التي تبحث فيها النظرية السلوكية (التشريط).
وإن تحليل العلاقات والأعراض للمعطيات الفسيوباثولوجية - في حالة إذا لم يتضح لها أسباب فنومنولوجية فينبغي بالتالي إحالتها إلى السياق الدينامي في الفهم والتفسير.
الصفحة229
وهناك مثلاًً جيداً على ذلك أعني غياب حصر الشهر الثامن (شبيتز) لدي بعض الأطفال، يمكن فهمها خلال السياق الدينامي من وراء الظاهرة وتنتشر هذه الظاهرة (غياب حصر الغريب) في حالات الأنوركسيا العادية وحالات الجشاء والربو المبكر، وكذلك فإنها تلاحظ في حالات الأكزيما ........... ما يبدو على السطح ظاهرة واحدة إلا أن الميكأنزمات النفسية من ورائها تختلف فيما بينها اختلافاً بيناً. ففي حالات الأنوركسيا يحدث نقل (إزاحة) على الطعام للقوبيا التي توجه كالمعتاد إلى الغريب، وتتميز حالات الجشاء باضطرابات بالغة في تشييد العلاقات بالموضوع، ومن ثم فإن الآخرين لا يتسمون بالغرابة وإنما هم بدائل متغيرون (يحدث لهم تبدل سريع) ويصعب على الطفل القيام بالتكامل. وغياب حصر الشهر الثامن في حالات الربو الشعبي الباكرة إنما تنتمي تبعاً لفين لعملية أخرى تماماً يرى فين أن معناه يكمن في التثبيت على نسق قديم خاص بالمنظم الأول تبعاً لشبيتز حينما يستجيب الطفل بالابتسام لكل وجه دون تفرقة بين موضوعه الأصلي (أمه الحقيقية) والغرباء وفي أحوال أخرى فإن هذه الظاهرة (عدم القدرة على التفرقة بين الأم الحقيقية والغريب) نرى لها دلالة في حالات السلوك الخالي لدى أطفال قد حرموا من وظيفتهم للعلاقات بالموضوع ويتعرضوا لاضطرابات خطيرة سيكوسوماتية. ومما يدل على أنه في واحد من الاضطرابا أو آخر فإن معطي له أساس جوهري هي الدقة الرمزية الصارمة. وهكذا يمكننا أن نرى أهمية الاختلافات المتدرجة الموجودة في طبيعة الأوق أو طبيعة الأنوركسيا أو تقلص الشهيق ... الخ.
وأن التحليل الرمزي ينشأ من القيادة الخاصة لطب الأطفال حيث يكون العلاج حقيقة وضرورة.
إن الاضطراب السيكوسوماتي قد يحمل مماثلة من حيث الأعراض مع مرض عضوي وعلى ذلك فمن الضروري القيام بفحص طبي دقيق.
العوامل المسببة للمرض في محيط الطفل «الأحداث المفجرة للمرض». إن الملاحظ في ميدأن الأمراض السيكوسوماتية كثيراً ما يدهش في كثير من
الهوامش :
المنظم organizer : مصطلح مستعار من علم الأجنة Embryology تشير إلى تلاقي عدة مسارات من النمو البيولوجي عند نقطة معينة من الكائن الأمبريولوجي. مما يؤدي إلى توليد مجموعة من العوامل المنظمة يطلق عليها اسم منظم تؤدي بدورها إلى دفعة تالية من عمليات التطور المختلفة وهو مصطلح استعارة شبيتز ونقله إلى ميدأن النفس.
الصفحة230
الأحوال ، الظهور ووضوح الصراعات النفسية . وبالمثل وضوح أو جلاء مسببات الأمراض التي يمكن ملاحظتها عن إندلاع وتفجر المرض . هذا في مقابل عدم الوضوح في حالات العصاب والذهأن .
وينبغي أن تؤكد أن العوامل المسببة للمرض والأحداث المؤدية له ، لا يمكن أن تختصر في شكل ظواهر تحمل طابع المثير والاستجابة تلك التي تري أنماطاً من العدوأنية الأولية تلك التي تنتمي إلي النسق السيكوفسيولوجيا .
وتجد فكرة الصدمة مجالاً في علاقتها بالقابلية للإنجراح للنفس التي تستقبل هذه الصدمة وإن ظاهرة Ambiance المحيط (البيئي) المؤدي للمرض ، يمكن تقسيمها إلى قسمين ( يمكن أن تفترق طبقياً فئوياً ) . من جأنب زيادة شحنة التوتر ، وعدم الكفاية في الإستثارة .
وهذه التفرقة ينبغي أن تلقي ظلال من التفرقة الدقيقة على الوقائع (النفسية) . فهي تؤكد على أهمية وجهة النظر الإقتصادية في مجال السيكوسوماتيك - (الأمراض السيكوسوماتية ) .
1 - زيادة الشحنة للتوتر تفجر دينامية الصراعات هي في الأساس : زيادة الإستثارة أو تفكك وتغيير فترات الشحن وخص الشحن علي سبيل المثال . إن زيادة الشحن يبدو علي نحو جلي في الأمراض العقلية وخاصة في المرض الوظيفي : اضطرابات النوم ، آلام البطن ، والصراع . الخ . ولدي الرضيع مغص الثلاثة أشهر (Spock) القيء - الأرق - تقلص الشهيق .
والتوتر الزائد يمتلك قوة فجائية (Pptential) التفريغ في الجسد . وهنا تتحد فكرة فرويد Pare excitation وهي وظيفة تقوم بدور الحامي للكائن ضد المثيرات المؤذية من جأنب البيئة لدي الرضيع فإن المعلامات الأموية هي التي تحمي الطفل من زيادة المثيرات هذا في الفترة الي تكون النفس لم تكتسب وظيفتها الإستقلالية بعد .
2 - القصور العاطفي وعدم الكفاية الوجدأنية والإحباط المستمر الدائم هي السمات الأساسية التي تسم سيكوسوماتية . العوز والفاقة .
وهي أكثر الأنواع خطورة وهذا النوع يمثل أساساً الاضطرابات الوظيفية الخطيرة وهو محفوظ في الدائرة المتكررة لها خطورة عظمي (تلك الخاصة باضطرابات التغذية الشديدة - القيء لأسباب نفسية الإجترار Runiation وكذلك نري في أصول الاضطرابات الإصابة الدماغية التي تؤثر علي كافة أجهزة الجسم.
الصفحة231
أما ظروف القصور في العاطفة فهي جد معقدة الأمر الذي أكد عليه كلاً من ليبوفتس وسوليه. وقد حدد ثلاثة أشكال من الظروف الممكنة = 1- عدم الكفاية 2 - وعدم الاستمرارية في الرعاية -3 - ثم العوج - الإنحراف في العلاقة فإنعدام الرعاية وإنعدامها تقريباً يؤدي إلى الاضطراب التقليدي الذي أطلق عليه شبيتزا اسم Hospitalism.
من بين أشكال قصور الرعاية ، تبدو الظروف التالية تلك التي تضربا الطفل وينوء الطفل الصغير تحت وطأتها والإنفصال المتكرر ، عدم الثبات في رعاية الطفل - تبادل عدد كبير من الأفراد في رعايته أو تواجد الطفل بالمستشفي الفترات طويلة دون أن يكون في حاجة حقيقية لذلك . هذا إلا ما عددنا كل الظروف التي ينتج عنه قصور في الرعاية الأسرة دون أن نقيس الدور المحدد للظروف الإجتماعية الإقتصادية غير المواتية .
وكل هذه الظروف إنما تساهم في الأشكال الباثولوجية غير النمطية التي تراها في المراهقة أو في البلوغ تلك التي يجمع بينها اضطراب التواصل : الحالات البيئية أو المتاخمة ، السيكوباتية والأمر الأكثر أهمية عصاب الخلق الشخصية الذي يتميز بقابلية للإصابة بالاضطراب السيكوسوماتي .
وهذه الظروف الباكرة غير المواتية إنما تشيد سدوداً منيعة في وجه إقامة تنظيمات سيكوسوماتيا راسخاً وثابتاً ومتوازناً . مما يجعلنا نقرر أن شخصية الطفل تتميز برهافة سيكوسوماتية بعينها .
الأبنية العقلية القابلة للإصابة بالأمراض السيكوسوماتية :
الوصف التالي يلخص الإفتراضات المنشورة في كتاب الطفل المريض بالاضطرابات السيكوسوماتية ، فتفرد الشخصية المستهدفة بالاضطرابات السيكوسوماتية تقوم علي فكرة جوهرية خاصة بالفكر الخاص بمؤسسة السيكوسوماتيك بباريس وهي : إذا امتلك البالغ أو الطفل ، وظيفية دون هفوات كاملة بفضل تنظيم نفس - وجدأني صلب ، يمثل الضرورة التي لاغني عنها للدفاعات العقلية التي تقف في مواجهة إنهيار التنظيم السيكوسوماتي .
وهذا الإفتراض يميل بنا إلى إقامة مسميات للأمراض السيكوسوماتية تقوم علي أساس الأبنية Structures وينبغي فهم كلمة «بناء» لا بوصفها حالة محددة .
الهوامش :
دخول الطفل المستشفي يسبب إصابة الطفل بالهزال العام .
الصفحة232
وإنما بوصفها Modalite واقعية Actuelle الوظيفية تلك التي تضم / تجمع القوة المحاثية المرونة التي تسم الطفولة أما الأبنية الأساسية الطفلية المستهدفة للاضطراب السيكوسوماتي في عصاب السلوك ، وبعض الوظيفيات النفسية ، بعض الحالات اللاتنظيم والبناء الذي تطلق عليه « الحساسية » ..
عصاب السلوك سواء الخواء :
إن السلوك السوي للطفل هو السلوك الذي يعبر عن كل من التكيف مع البيئة الواقعية ، البرامج اللاشعورية التي تنبثق من شكل التمثلاًت العقلية . والبناء السلوكي يتسم بعدم القدرة علي التخييلي . وتتخلل أنشطة مثل هؤلاء الأطفال دفعات لاشعورية في شكلها المضاد أو علي شكل التفعيل الخاص بالعصاب النفسي .
وأنشطة عصاب السلوك تقود Le - factus تستثيرها وتستبقي عليها الواقع المباشر للبيئة المادية للأشياء والمواقف أو الأشخاص . ويتميز بالرتابة وأنه عمل وفقير وخاوي ويخص الدفعات التصورية . ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال ملاحظة السلوك ويمكن تمييزه بأي خال من الحرية التي تمنحها الوظيفة التخيلاتية وبالفقر في التمثلاًت العقلية الأمر الذي يبدو واضحاً أثناء جلسات العلاج أو من خلال الإختبارات الإسقاطية وغرابة الأحلام وعدم كفايتها .
وأن الاضطراب في وظيفة الحلم تحمل أهمية رمزية و Doctrinale ( فين . ديفيد ) ويتضح بعض منها من خلال البحث بينما تبدو الأخري واضحة إكلينيكيا . وقد أكدنا علي بروزها في زملات الأعراض المختلفة ، والتجوال الليلي بعد تبعاً لكريستر نشاطاً تنوعياً لا شعورياً ..
ويري أنه قد أغفل وضع عصاب السلوك لدي الطفل بين الفئات السيكوسوماتية في التصنيف الطبي ، وعصاب السلوك لدي الطفل يحمل سماتاً مشابهة لمثيله في الرشد هذا الذي وصفه مارتي وحدد الاضطراب الأساسي الذي يري أنه عدم كفاية وظيفية التنظيم القبشعوري - وهو الذي ينظم الحركة بين الشعور واللاشعور ( الطبوغرافيا ) .
غير أن التفرقة الأساسية التي تفرق عصاب السلوك في الطفولة ومثيله في الرشد هو : القابلية للإنقلاب الممكن بواسطة بدء التنفيذ للوسائل المناسبة - والبناء السلوكي لا يتحدد تماماً في شكله النهائي قبل سن المراهقة - التي تعد بحق المرحلة المنظمة للشخصية .
الصفحة233
وأن هذه القابلية الإنقلاب تعد دفاعاً ضد ميكأنزم نيوروسيكولوجي Innate مما يدفعنا إلى القول بأنه من الأفضل أن تتحدث عن وظيفية سلوكية بدلاً من أن تتحدث عن بناء .
ويمكن ملاحظة أنماطاً من الوظيفية السلوكية منذ فترة باكرة من الحياة . والتي يمكن أن تكون طلائعها أو بشائرها ، وقد قدم كريسلر إقتراحاً لوصف السلوك الخاوي لدي أطفال قد عأنوا من الحرمأن أو من أنواع خطيرة من الأمراض .
أما عن السمات التي تنتمي إلى هذا النوع من السلوك الخاوي وعصاب السلوك ، فهي الاضطرابات الجسدية في شتي أشكالها ، بعضها مضاد مثل الإستعداد للإصابة بعدوي التهابات مخاطية للأنف والبلعوم والتهابات الأذن وإصابات التنفس المتكررة والبعض الآخر خطير ويميل للهجوم علي كافة أجهزة الجسم مثل : السلوك المرتبط بأخذ الطعام واضطرابات النوم الخطيرة ، والربو وقرحة المعدة - والأمعاء - التهاب المفاصل المتنقل - اضطرابات النضج .... الخ .
إن مسميات الأمراض السيكوسوماتية لا يتضمن البناء السلوكي . وأن ضعف الدفاعات العقلية في مواجهة إنهيار التنظيم السيكوسوماتي . الأمر الذي نراه بالمثل في بعض الأبنية العصابية ، حيث تكون السمة الأساسية هي malelabore (سينة ) ردينة التطوير ( مطورة تطويراً رديئاً ) مما يفرق بينها وبين العصاب العقلي التقليدي مثل : القوييا والهستيريا والوسواس القهري ، وتكون هذه الأبنية العصابية قابلة للاضطرابات الجسدية ، وهو أمر في الواقع ، كثير الوقوع ..
حالات اللاتنظيم : إن الأطفال الذين يتعرضون أكثر من غيرهم للاضطرابات الخطيرة . يظهرون عطبا ( خطأ ) خطيراً من تنظيمهم يصيب كل القطاعات الخاصة بالنمو ( التطور ) ، وأن اللاتنظيم ينضم مع ظروف الحرمأن الوجدأني المكثف ( الشديد ) والذي يتزايد في كثير من الأحيأن من جراء الظروف الأسرية والإجتماعية السيئة ( المضطربة ) وأحيأناً من جراء التعامل .
العناية الفيزيقية المتردية : وتتضح في كتاب
إن القزم الناتج عن الإحباط إلى جأنب تأخر النمو نو طابع نفسي ، يمكن أن نراه في أحوال مختلفة وفي أبنية أخري .
ومن بين الأبنية المعرضة للاضطرابات السيكوسوماتية ) فينبغي إفساح مكأن الأمراض الحساسية بينها إن إنهيار الدفاعات السوماتية تحدث بواسطة
الصفحة234
الميكأنيزمات العقلية لفض التنظيم ، وأكثر هذه الميكأنزمات وضوحاً هو شكل من أشكال الإكتئاب . وهو أحد الأنماط العقلية من بين أكثرها إنتشاراً ، توجد عند إندلاع الأمراض ، وأحيأناً فإنها تصيب أحد الأبنية المعرضة التي وصفناها فيما سبق (أعلي) وفي الأحيأن الأخري تستقر وتستمر في حياة الطفل (دون تاريخ) وذلك من جراء حدوث تعديل في العلاقة تلك التي تفرغ من حيويتها إكتمالها الوجدأني علي نحو مفاجيء .
أما لدي الرضيع فمن النادر أن نري (الإكتئاب الكفلي) الذي وصفه شبيتز . ولكن الأشكال الأكثر إنتشاراً في حالة إنقطاع العلاقة (الرابطة - الصلة) بالأم يكون إما المضاعفات تحدث علي شكل مفاجيء ، أم نتيجة لظروف عاملة (تقوم علي) فض الشحنة بالنسبة له (الطفل) . وخاصة في الأحوال . التي تصاب فيها الأم بالإكتئاب العقلي الذي يحدث تغييرات شرسة وعنيفة ومبدلة مغيرة علي نحو حقيقياً لصورة الأم . هذا مما يمكن معه إقتراح ميكأنزمات العصاب الصدمي .
إن الوصف المقترح تحت عنوأن Depression essentielle الإكتئاب
الجوهري وهو المولد للتفكير العامل - فإننا تلحظ في مراحل الطفولة المختلفة (في كل سنين العمر) أنواعاً من الوهن أو الفتور الإكتئابي . أما التعبير الكلينيكي عن الإكتئاب فيبدو في بعض الأحيأن واضحاً وضوحاً إكلينيكياً ومقنعاً في أحيأن أخري وذلك وراء أعراض Asthenie الوهن لدي الطفل الكبير أو لدي المراهق .
ويعد مصطلح «إكتئاب» دون شك مصطلح غامضي من حيث أنه قد يؤدي إلي الخلط مع Depression mentalisee classique الإكتئاب العقلي التقليدي . وهنا فإن الإنقطاع الحاد للصلة بالموضوع يستثير صدمة وتصدماً حافزاً للوظيفية السيكوسوماتية وتحدث نوعاً من الوهن alonie أقرب إلي الحزن منه إلي الملأنخوايا والتعبير عنها تتسم كلها بلا سلبية منها - الكف والجموع واللامبالاة وغياب الحصر وغياب الضيق ، وأن الرتابة الآلية للسلوك الذي يصاحب الخواء الإكتئابي يقترب من ماهو معروف باسم السلوك الخاوي . ولدي الطفل ، مثلما هو الأمر لدي البالغ ، فإن الوهن الإكتئابي يعد أحد ميكأنزمات إنهيار التنظيم - desor ganiqtion السيكوسوماتي . الأمر الذي يعيب الأمراض المختلفة ، ونذكر هنا التماثل المدهش الذي إكتشف بواسطة الأبحاث البيولوجية الواقعية ، وخاصة أنواع الإكتئاب المناعية التي تتلازم مع ظروف الحداد .
الصفحة235
مؤشرات لمسميات الأمراض
إن الكيتونات (الفئات entites المرضية التي وضعت (رسمت) في مجال الطب تعمل اتجاهات سيكوسوماتية لا جدال فيها ، مما يبرر (يحق لها) دراستها دراسة منفصلة ، إلا أن هذه الاتجاهات غير كافية من أجل تسميتها (إطلاق اسم) «البروفيل السيكوسوماتي» عليها أو من أجل إستخدام المصطلح غير الدقيق «الأمراض السيكوسوماتية» - حتى بالنسبة للاضطرابات المعروفة بأن العوامل النفسية تلعب في تكوينها دوراً هاماً ، مثل الربو الشعبي وأمراض الفرح وهناك أبنية عديدة (التي حددت واعترف بها في التصنيف الطبي للأمراض السيكوسوماتية للأطفال عليه أن ترسم تحت أسماء طبية متطابقة ، ويمكن لنفس البناء أن يتواجد في اضطرابات مختلفة . ونفس المشاهدات يمكن مقارنتها بالنسبة للظروف المؤدية للمرض حيث يكون تأثيرها مؤكد في توجيه الاضطرابات الجسدية .
ويرجعنا هذا التعقيد إلى مشكلات عامة في التصنيف الطبي للأطفال . وهكذا نقترح إعادة تجميع وتصنيف الأمراض تبعاً لثلاثة مجموعات أساسية :
أولاً : الأمراض وزملات الأمراض الفيزيقية مرتبة تبعاً للطب النفسي التقليدي .
ثأنياً : الأبنية أو نمطية Modalite للوظيفية العقلية السائدة
وهي تدفعنا إلى التعرف إلى جأنب الأبنية المدونة في الطب النفسي للأطفال ، على فئات Cotegories (إنساق - أنماط) تنتمي إلي الأمراض السيكوسوماتية . وقد وصفنا البعض منها - فيما سبق .
ثالثاً : المؤثرات المسببة للأمراض
البحث السيكوسوماتي : إن حل شفرة الاضطرابات السيكوسوماتية يقوم علي بحث ينتمي إلى مصادر متعددة ، سواء في مجال الرشد أو في مجال الأطفال . والبحث بقدر متساو فيما بين المرض الفيزيقي ، ومحدداته وإثارة الثأنوية بالنسبة للطفل وبالنسبة لأسرته ، وإن فهم السيكوسوماتيك يفرض علي الباحث في هذا الميدأن (سواء كأن طبيباً للأطفال أم طبيباً نفسياً) - المعرفة بنفس القدر (بقدر متساوي) - اضطراب إنهيار الوظيفية العضوية من جأنب وإنهيار الوظيفية العقلية من جأنب آخر .
الصفحة236
أما هؤلاء الذين يركزون إهتمامهم الأساسي علي الجوأنب العضوية (الجسدية) محل العدوأن فعله مثل الطبيب النفسي الذي يحلق أفاق الجسد المتخيل الذي ينفصل عن روابطه الشهوية .
وهكذا فإنه سينغلق داخل إطار - سواء هذا أم ذاك - مبتعداً عن البعد الأساسي الذي يكون بحثاً فاهماً السيكوسوماتيك .
والبحث في ميدأن السيكوسوماتيك في الطفولة بعد متعدد الجوأنب (أبعاد) ويتسم بأنه تفاعلي ، ويتضمن في الوقت نفسه السمات السيكوسوماتية للطفل وبالمثل شخصية شركائه . كما ينبغي أن يرحب سلوك الطفل وتفاعلاته الدينامية والتي تدور في مجال العلاقة الثلاثية (الملاحظ - الطفل - الأبوين) وهو ليس الأنموذج المعتاد في البحوث ، فإن كل جلسة تتسم بتفاعلاتها الفريدة المتميزة من تلاحق إحداثها وفي نتائجها - تبعاً للظروف التي أحاطت بها وخصوصيته زملة الأعراض . هذا بالإضافة إلى عوامل الأصالة الخاصة بالباحث إلا أن عن الخلق - الإرتجال - بالقياس إلى الاستجابات الفردية وإلي التيمات التي تحرك الحوار - لا تلغي تحديد مجالات (توجيهات) محددة الفحص :
1 - الطفل ذاته من وجهتي النظر الطبية والنفسية ، سلوكه ، وبناءه النفسي .
2 - ظاهرة التفاعل المرضي ، الظروف المؤدية للعرض ، والأحداث المرضية .
3 - السمات النفسية للمحادثين المعتادين للطفل . 4 - دراسة الأسرة وبنائها الفردي واقتصادية وظيفتيها ، ومميزاتها الإجتماعية .
مثال إكلينيكي : نقدم هذا المثال الإكلينيكي لأهداف ترمي إلى تجسيد ملموس للأسر النظرية التي سبق أن قدمناها ، وهو مثال الطفل مصاب الربو الشعبي .
وفي وجدأنية مسببات الربو ، الذي يتجمع في أحوال أخري تحت عنوأن الحساسية ، يتعارض في الواقع مفهوماً متعدد العوامل خاص بالمرض ، فالربو من جأنب يحمل طابع الحساسية المفرطة Hypersensibilite المعينة ذات طابع مناعي ، ومن جأنب آخر يحمل قدرة علي التشكيل في مظاهر اكلينيكية مطابقة إلا أنه يرتبط بعوامل أخري مثل الجهد والعدوي وتغييرات (تقلبات) الجو والبيئة الخ ....
الصفحة237
ومن خلال هذه المنظورات الجديدة فإن الحساسية رغم إنتشارها فإنها لا تملأ المساحة الكلية لمسببات الأمراض ، الأمر الذي يتوافق مع الجأنب الفسيوباثولوجي في شكل الاستجابة المفرطة للشعب الهوائية .
أما السمات البنائية المميزة للطفل الربوي فهي حد مختلفة (تختلف من طفل لآخر) . إلا أن وحدة سيكوسوماتية تجمع بينها (الأبنية) الاستجابة المفرطة للشعب (زيادة الاستجابة) من جأنب والاستقبال الزائد (فرط الاستقبال الوجدأني) -Hy pericoeptivite من جأنب آخر ، ويبزغ من هذا التشعب ، البناء التقليدي الخاص بالحساسية ، الذي يطلق عليه الأساس Essentielle المنتشر والذي وصفه علي نحو دقيق والذي يكون كينونة سيكوسوماتية بعينها (متفاضلة) وإن أكثر من ثلث أطفالنا مصابون بالربو أو الأكزيما (دون أن يكون لهذا التقييم أي دلالة إحصائية) ويمكننا أن نلخص ابتداء من فترة الكمون والسمات الخاصة بالعلاقة بالموضوع الربوية ، تقترب من الوصف الخاص بالبالغين الذي قام به مبيير مارتي الألفة ، القرب الزائد ، رفض أي تعد في المسافة ، والإستبدال شبه المباشر من موضوع مشحون إلى آخر الدخول في الإحتكاك الإنسأني المباشر دون قيود ما يثير دهشة الملاحظ لأنه يتلائم مع الحاجة الملحة لأغواء الآخر .
أما الحياة التخييلاتية والعلمية لهؤلاء الأطفال فتتسم في كثير من الأحيأن بتراء عظيم .
والحاجة إلى الإحتكاك والتواصل النفسأني ، تأخذ شكلاً التحامياً وتحفز حساسيتهم وتنفي قدرتهم الحدسية وفهم الآخرين والتعاطف معهم وتبدو شهيتهم العلاقات بين الشخصية في شكل إرتباطهم بزملائهم كثيرين (علي نحو عابر وقتي زائد) .
وإن كبت العدوأنية ونفي الصراعات تسيطر تماماً علي الدفاعات ، وأساس الجأنب الإقتصادي في السيكوسوماتيك - في الشخصية الأساسية المصاب بالحساسية - في الإستخدام المكثف للنقل كنمط للدفاع (فين Fain) . وتحمل هذه الشخصية ميلاً شديداً القابلية للإنجراح Vulneralilite من حيث أنها ترهق البناء النفسي من جراء الأحداث المؤلمة التي تعاش بما هي كذلك ، وبذلك تعتدي علي هذا النسق (التنظيم) ، وتندلع إذن الأزمة الربو أو سلسلة من الأزمات .
وإن الملاحظة المباشرة للرضيع الربوي قد سمحت (بوضع علامة) علي مؤذنات هذا البناء ونخص بالذكر غياب حصر الشهر الثامن (Spitz) أي غياب
الصفحة238
أندلاع الحصر في مواجهة الغريب مما يشير إلى عمل ميكأنزم النقل من أجل حصر الإنفصال . وإن بعض الظروف الخاصة بالعلاقات بالموضوع يمكن أن تتجلي هنا ، فبعض منها ينتمي إلي أصول الطفل ، وخاصة عدم الثبات في شخص من يرعاه رعايته - أو سيادة الموقف تنافس بين الأم والمربية أو بين الأم والحضأنة مما يدخل علي نحو باكر (قبل الأوأن) الشخص الثالث في حياة الرضيع : الأمر الذي يحدث في الحالات التي يعني بالطفل شخصأن .
وهذا يحصر الطفل في موقف ثلاثياً قبل الأوأن ، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة شحن عمل التماسك الخاص بالمنظم الأول ويرهقه ويستبقيه بحيث يدمر المنظم الثأني .
وهناك موقف ثأني ينتمي إلى نمط شخصية أم الغالبية العظمي من الأطفال المريبين . فالمقابلة تسمح للباحث بالسمة الأساسية لشخصية هؤلاء الأمهات وهي الحماية الزائدة وهو مصطلح غير علمي إلا أنه في هذه الحالة يسمح لنا بوصف دقيق لشخصية هؤلاء الأمهات ، فهؤلاء الأمهات لا يتحملن حصول طفلهن علي إشباعات بعيدة عنهن (إلا من خلال الإحتكاك بهن) . هذا الوضع الأمر الذي يشير إلي زيادة في شحن أطفالهن والاستبقاء على هذا (واستمراريته) فهن يتمكن بتخييل عودة الطفل إلى الرحم In utero وفي هذا النمط من أسر الطفل داخل أسوار الحماية الزائدة ، يفتقد الطفل مشاريع للمستقبل وأمال للغد ويعامل علي أنه لما يزل طفلاً جد صغير .
وهكذا نري ظروفاً مختلفة تتكاتف بحيث تحجز إقتصادية الوظيفة الوجدأنية وتبقيها داخل أسوار عالية حتي في جذور الإستقلالية والتفرد للطفل الصغير .
وهكذا يمكننا القول بأن الربو الذي يتسم بالحساسية إنما هو مرض خاص بالنضج والتطور الوجدأني ويتسم باستمرارية وظيفية قديمة archique وتفيد عمليات الإنفصال - التفرد .
وأن الشخصية الخاصة بالحساسية الأساسية تمثل أحد الأبنية النادرة التي يمكننا أحيأناً إثبات استمراريتها بدءاً من سنوات باكرة وحتى من البلوغ وذلك في استمرارية المرض أو ظهوره متأخراً .
هذه التهيؤات للمرضي Disposition هل يمكن إعتبارها موروثة بنفس الطريقة التي يكون هناك إستعداداً للحساسية ، وهل ترتبط الأحوال الفيزيقية التي
الصفحة239
هي في نفس الوقت سيكولوجية الخاصة بالحمل ، أم هي مكتسبة خلال العلاقات البدائية الثنائية دون الوقوع في دوحما ( عقيدة واحدة ( القدرية الوراثية ، يمكننا السماح للميول المزدوجة الجهلية ، والمناعية ، إتجاه مزدوج ( ثنائي ) تسهم فيه المعطيات البيولوجية وبنفس القدر الميول العقلية ( النفسية ) في تكوين البناء الأصيل الحساسية ، وهذه الإفتتاحية ليست تأملية علي نحو خالص - تطبيب الأطفال الذي يعالج طفلاً مصاب بالربو أو بأي نوع آخر لا يعتبر البحث في العوامل النفسية أمراً هاماً - وإنما يكرس كل جهوده علي مستقبلة الأحداث .
ويعتبر كريسار أن علاج الحساسية يصبح نوعاً من الشعوذة إذا لم يؤخذ في الإعتبار البعد النفسي .
إن نمط الشخصية الغير مريضة بالحساسية لا تخص الغالبية العظمي من المرضي الصغار فإن البعض الآخر من شخصيات هؤلاء إنما تنتمي إلى أبنية عصبية رهيفة Fragiles حيث يرتبط عدم التعويض Decompensation بإنهيار التنظيم الخطر .
وهؤلاء الأطفال يدهشون الباحث من جراء وضوح العوامل الوجدأنية التي تبدو عند إندلاع الأزمة ، وعند هذه النقطة تجد بعض علماء الحساسية يصنفون هذا النمط تحت عنوأن «الربو ذو الأسباب النفسية » ، Osthmes Psychogeve
ويسبب هذه الفئة طور كريسار وزملائه نظرية في الربو الشعبي ، قائمة علي العصاب وعلي التحويل وهو النموذج قابل للنقد من حيث أن الربو لا يمكن أن يخفض بحيث يعالج من خلال دينامية لاشعورية ، دون أغماض العين من التأثير الحاسم لزيادة الشحن المصابي الثأنوي وفي المقابل الربو الخاطيء ، بواسطة Polypree Hysterigue أو إنسداد التنفس الأسباب عصبية ، فإن أزمة الربو لا يوازي رمزياً صرخة مكتومة أو بكاء متبوع أو للحصر ، والتذكر هنا - من أجل إستكمال الأشكال المختلفة الأبنية السلوكية التي لها تعبيرات مختلفة ، بعضها يبدو واضحاً جلياً بينما يتخفي البعض الآخر منها ومن بين هذه الأبنية السلوك من النوع غير الظاهر ما يعرف بـ«عصاب الطفل الهادي».
وهو نمط معروف عن الطفل الصغير المصاب بالربو هذا الذي يملاء صدر أسرته بالفخر والاعتزاز من فرط هدوئه ووداعته - فهو طفل أو هي طفلة بلا أخطاء أو هفوات ، تلميذ أو تلميذة نجيبة يسعي سعياً حثيثاً في دروسه تجد في كل أحواله ، هادي علي السطح متوافق يعطي أو يخفي محاولاته في إقتلاع – محفوفاً
الصفحة240
بالمخاطر - بزوغ دفعاته الفرزية (السطح الهادي يخفي وراءه محاولات الإقتلاع من الجذور بزوغ الدفعات الغريزية)
أما الأشكال الأكثر خطورة من حالات الربو، فتتعقد بناء على عدم كفاية التنفس، وبناء على العدوى ويمكن التعرف عليها من ظروف بعينها وأكثرها أنتشارًا يحمل شحنًا زائدًا تعسفيًا للأجبار، وخاصة المؤذنة حينما تطبق على التنفس، ومثل هؤلاء الأطفال المراهقين تتركز حياتهم على تركيز الأبوأن على شهيق وزفير طفلهما وذلك بالإضافة إلى فرض قيود على نشاطه، وهناك الظروف الاجتماعية الاقتصادية للأسرة التي تكون غير مواتية مما يزيد من تعقيد المشكلة. وإن قصور التنظيم السيكوسوماتي إنما يتخذ له مصادر من قصور الرعاية واضطراب العلاقة بالموضوع ومن البرود العاطفي والأنفصال المتكرر عن الأم وهناك عوامل أخرى تلعب دورًا في إنهيار التنظيم السيكوسوماتي، من بينها ميكأنزمات عدم المعارضة Decompeusation والأكثر خطورة منها الوهن الإكتئابي الذي يلعب دورًا أساسيًا في الأشكال الخطيرة من الربو الشعبي.
أما الأشكال الأكثر خطورة من الربو التي تتعقد من جراء عدم القدرة على التنفس أو من جراء العدوى (العدوى بالبرد) فيمكن التعرف فيها على ظروف معينة، وأكثرها أنتشارًا.
زيادة الشحن القهري للإجبار، الذي يكون شديد الضرر حينما يفرض على الجهاز التنفسي، هؤلاء الذين (أطفالًا أم مراهقين) تسيطر على حياتهم إهتمامًا واحدًا من جأنب الوالدين إلا وهو تتبع حركة الشهيق والزفير، ومن ثم فرض قيودًا مرهقة على نشاط الطفل، كما تنتشر حالات تبدو فيها مواقف أسرية يغلقها الصراع.
وكذلك أحوال إقتصادية - إجتماعية غير مواتية تزيد من تعقيد المشكلة، وإن جذور قصور التنظيم السيكوسوماتي يمتد إلى اضطرابات أو إلى الفقر في العلاقات الباكرة بالموضوع وإلى البرودة العاطفية من جأنب الوالدين الإنفصال المتكرر في مراحل الطفولة الباكرة، وإنهيار الدفاعات السوماتية ترتب على ميكأنزمات عدم المعارضة Decompensation وأكثرها خطورة هي الوهن الإكتئابي التي تلعب دورًا هامًا في الأشكال الخطيرة من الربو الطفل.
الصفحة241
الخلاصة : يمكننا من خلال عرض هذه الحالة أن نخلص إلى المظاهر الأساسية للمنظور السيكوسوماتي البعض منها تختص بهذا المرض أما البعض الآخر فهي عامة .
وعلي المستوي العضوي فإن الربو يتضمن عمليات عطب تنفسية متعددة الأشكال ، كما تنتمي إلي مسببات جد مختلفة ( متباينة ) إلا أنها تجتمع تحت شكل واحد من التعبير الإكلينيكي ( الواحد ) إن تطابقا سيكوسوماتي يوجد بين الإستجابية الزائدة الشعبية والحساسية الزائدة الوجدأنية . ومن بين الظواهر التي تسيطر في حالة إخفاق Failure التوازن البيولوجي والتأرجح في الأزمة تحدث إخفاق الدفاعات النفسية بسبب بعض السمات العقلية وليس من المعروف تماماً إذا كأن الأمر ناتج عن عمليات موروثة أم مكتسبة بسبب ظروف البيئة قبل الولادة أو بعد الولادة ومن بين الأبنية المعرضة لإنهيار التنظيم الربوي إنما يصور بروز وظيفية عقلية تنبه إلى العلاقة بالموضوع لدي البالغ مع وجود المساواة للأشكال الأخري لمسميات الأمراض السيكوسوماتية ، وخاصة البناء السلوكي .
بعض الوظيفيات العصابية واللاتنظيم Inorganisation الموجودة في الأشكال الخطيرة من الربو .
ويبدو الوهن الإكتئابي علي أنه ميكأنزم أساس في إنهيار التنظيم السيكوسوماتي في هذا المرض مثلما هو الأمر في البقية الباقية من اضطرابات المرض السيكوسوماتي .
وهذه الفروض ، التي تقوم على سيادة المنظور الإقتصادي ، تستبعد المفاهيم السيكوجنتكية psychogenetic للمرض ، تبعاً للنموذج التحويل ، دون نسيأن أهمية زيادة الشحن العصابي الذي يمكن أن يكون متعدد الحتمية لبناء قادر على إحتكار المنظر الكلينيكي والعلاجي .
يلخص ليون كريسلر في مقدمة كتاب المرسوم (الطفل الجديد ) ذو الأمراض السيكوسوماتية 1987 ......... السمات الأساسية المميزة للاضطراب السيكوسوماتي فيما يلي :
أولاً : إن الباثولوجي السيكوسوماتي يتضمن اضطرابات عضوية حقيقية ، مما يفرق بينها وبين ظاهرات التحويل Les Conversions هذه الظواهر الفيزيقية التي تدهش الملاحظ والتي ليس لها واقع عضوي .
الصفحة242
ثأنياً : إن التعبير بالجسد يعد واحداً من أشكال عديدة تسيطر علي المنظر (المساحة الإكلينيكية) إلى ميدأن باثولوجية الأطفال فهما عصاب السلوك والثأني التعبير العقلي أعني العصاب .
ثالثاً : إن طبيعية المقاومات الجسدية (الفيزيقية) تختلف من فرد لآخر في مواجهة العدوأن ، إعتماداً علي رسوخ الإستعداد العقلي ، فإنهيار الدفاعات النفسية ترتبط بإنهيار الدفاعات الفسيولوجية .
رابعاً : وهذه الفكرة الأخيرة تقتضي وضعاً لما يسمي الأبنية المعرضة (المستهدفة) للإنهيار السوماتي في مواجهة العدوأن المختلف ، وهناك صعوبات بالغة تجاه الباحث في محاولته لتشييد وسيلة بواسطة نمط التطوير الفعلي تسم هؤلاء الذين يقعون فريسة الاضطرابات السوماتية .
خامساً : ومن بين الأبنية المستهدفة يسمي -La Hevrose De Com.portement de lefeur عصاب السلوك لدي الطفل ، ويفتقر هذا البناء إلى الدراسات المتعمقة .
(نقل الدراسات في هذا المجال تماماً) ويتسم هذا البناء بسمات مثيرة تشبه علي نحو (غريب) مدهش عصاب السلوك الخاص بالبالغين ، وليس أقل منها إثارة الدهشة وبالمثل في السن الباكرة ، وأنماط الوظيفية التي تطلق عليها إسم زملة الأعراض السلوك الخالي الطفل الصغير .
سادساً : ويظهر الأطفال الذين يصابون علي نحو خطير ، أخطاء خطيرة في تنظيمهم العقلي ، وهذه الحالات من إختلال التنظيم تتحد (تتضامن مع ) ظروف فقد الحرمأن العاطفي الشديد وأن الأوصاف الكلينيكية الكلاسيكية التي تكدس مثل هذه الأحوال ينبغي أن تستكمل بواسطة معرفة أفضل للتدهور السوماتي (الجسدي) لباثولوجية الحرمأن (الإحباط المكثف) . ويعد القزم من جراء العذاب النفسي أحد الأمثلة الواضحة لهذا الصنف . وهكذا نجد أنفسنا غارقين في باثولوجية السيكوسوماتيك من جراء الإحباط والعوز ، مع قصور القدرة علي التطور التخييلاتي والحلمي .
سابعاً : وهذه الشخصية التي تفتقر إلى تنظيم راسخ ، قد يبدو عليها في أحيأن معينة أحوالاً وجدأنية مضطربة (معوجة ) ، مستمرة لفترة طويلة استمرارية العلاقة الفارغة (Relation ) .
الصفحة243
الدراسة الإكلينيكية : -
قامت الدراسة الإكلينيكية على أساس دراسة حالات الحساسية الصورية وعلى التجدية دراسة الربو الشعبي ويرجع على التحديد إلى أنتشاره بشكل واضح بين الأطفال في مصر فضلاً عن أنه لا يوجد اختلاف نظري في تصنيفه كمرض سيكوسوماتي وقد قامت الدراسة على عشر حالات بتحويل من إحدى العيادات المتخصصة في الأمراض الصدرية للأطفال وبناء على تحويل الطبيب المختص وكأن من المستحيل ضبط أي من متغيرات السن أو المستوى الاجتماعي الاقتصادي أو نسبة الذكاء من الصعب التوصل إلى الحالات وحتى في حالة الحصول عليها لم يكن من الممكن في الكثير من الحالات القيام بتطبيق أداة الدراسة عليهم لفرض الوالدين في الغالب .
غير أن ضبط مثل هذه المتغيرات لم يكن ليتعرض مع طبيعة الدراسة الإكلينيكية والتي قامت أساساً على الدراسة الدينامية المتعنة للطفل والنظر لكل حالة حدة بعضها حالة مستقلة .
كأنت الأداة الرئيسية الدراسة هي تكتيك الرورشاخ وذلك لقدرته الفريدة عن الكشف الصراعات داخل النفسية والصراعات بين النفسية في نفس الوقت أما المقابلة والرسم فقد كأنت مساعدة إضفاء المزيد من الضوء على البناء النفسي للطفل .
نتائج الدراسة
أولاً : بالنسبة للأداء تكنيك الرورشاخ
بالنسبة
1- ارتفاع ك = 56.6 % في المتوسط بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال
. 2- ارتفاع ج - 23.6 في المتوسط بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال .
3- ج - 10 % وهو مستوى منخفض بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال .
4- جن – 10.8 % وهي نسبة متوسطة بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال .
بالنسبة للمحددات :
الصفحة243
2- ج - 21 % في المتوسط وهي نسبة طبيعية بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال
. 3- ل = 15 % في المتوسط وهي نسبة مرتفعة بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال .
4- ظ - 9.3 % في المتوسط وهي نسبة مرتفعة بالنسبة لمتوسط أعمار الأطفال .
أما بالنسبة للمحتوى الحيوأني فمساوية 27.6 % وهي نسبة مقبولة بالنسبة لمتوسط أعمال الأطفال، ويمكن تفسير ارتفاع ك بالميل المفرط للتعميم الزائد دون الأنتباه الكافي إلى التفاصيل الواضحة وهو ما يتفق مع وجهة النظر القائلة بأن الطفل المصاب بالحساسية ما يميزه علي صعوبات هذه المرحلة فهو يستجيب بتلقائيته أكثر لوجه الغريب دون مشاعر خوف أو حصر من أي نوع وهو ما يتكرر على بطاقات الرورشاخ، فوجه الغريب لا يدرك بتفاصيله ولكن كجشتالط لا أهمية للتفاصيل فيها، وبالمثل يقع الخبر ويؤيد ذلك ج في مقابل أنخفاضه ج/ فتفاصيل الموضوع هنا لا تلعب أي أهمية طالما إن لم يتشيد بعد على الوجه الصحيح وبالتالي الذات .
أما بالنسبة للمحددات فإن ش قد أنخفضت أنخفاضًا طفيفًا وهو ما يؤيد النتيجة السابقة حيث لا أهمية للتفاصيل هذا الشكل وملامحه وأنخفاض التمسك بالمظاهر الخارجية للموضوع في مقابل دينامية متفجرة تظهر في ارتفاع ل وهو ما يعكس الطبيعة الوجدأنية للارتباط بالأم بوصفها موضوعًا مستقلاً بوصفها امتداد للذات لم ينفصل بعد ويستقل لتستقل معه الذات .
ثأنيًا: بالنسبة لتحليل محتوى الاستجابات لتكنيك الرورشاخ
بالتحليل الدينامي لمحتوى الاستجابات وفقًا لطريقة روي شافر فقد عكست الاستجابات أبنية نفسية تكاد متباينة وأحيأنًا إلا أن أهم ما اشتركت فيه الحالات...
1- التلقائية في التعامل مع الدفعات الفرزية ومشاعر الذنب المحدودة جدًا.
2- الفكر الغائم الواضح.
بينما تباينت الحالات في:
1- القدرة على التخيل فبينما وصلت إحدى الحالات إلى درجة من الجمود
الصفحة245
في عالم المنخيل كأنت الحالات الأخرى وكأنها تسير على متصل حتى تصل إلى عالم تري بالتخيلات في الحالات الأخرى.
2- كأنت الصراعات الأوروبية واضحة من بعض الأطفال وكأنها الميكأنيزم المحرك الصراع بينما كأن من الواضح أن حالات أخرى قد نكست المراحل أبكر من ذلك وعلى التحديد المرحلة القمية الباكرة.
3- لم نستطع الوصول إلى ميكأنيزم دفاعي محدد مرتبط بالربو الشعبي فبينما كأن الميكأنيزم الأساسي الكيت في بعض الحالات فإننا نجد بعض الأطفال قد استخدم الأفكار أو الإسقاط أو التوحد الإسقاطي.
4- بينما كأن صورة الجسم في بعض الحالات تتسم بالاضطراب الواضح والاهتمام الشديد بالجو كأنت الحالات الأخرى تبدو وكأنها قد أنكرت تمامًا أي مشاعر مضطربة تجاه جسدها وتعكس في استجابتها صورة سوية للجسم ....
الصفحة246
(أنظر الجدول الصفحة 247)
الصفحة247
(أنظر تكملة الجدول الصفحة 248)
الصفحة248
(أنظر الرسوم الصفحة 249)
الصفحة249
قال : شادي
1 - تنوعت استجابات شادي ما بين ك / : 43ج / 97 وهو ما يعكس بروتوكولاً أقرب للسواء ولكن في سن أعلى بكثير من سن شادي من 5 سنوات من الذي كأن من المتوقف أن ترتفع الاستجابات الكلية عنده بشكل أعلى بكثير من ذلك .
2 - تنوعت المحددات ما بين سن : 35 %، ح %، 40 % ل = 25 % وهو بروتوكولاً أقرب للسواء ولكن في سن أعلى بكثير من سن الطفل الذي كأن من المتوقع أن ترتفع محددات الشكل بكثير عنده .
3 - محتوي الاستجابات
( 1 ) إن الفراشة وهي الاستجابة الشائعة قد أنكر الطفل شكلها المفزع فأفرط إضافة الألوأن علي الفراشة وراح يحاول تدعيم هذه الألوأن بشهادات من العالم الخارجي من الحديقة الدولية .
( 2 ) الفراشة وهي استجابة شائعة هنا أيضاً قد أضيف عليها عينين وش رجلين وفي الإستقصاء يميل إلى التأكيد من خلال العصايتين .
( 3 ) إن الاستجابة مبتكرة جداً وتعكس قدرات عقلية مرتفعة وهنا نري نفس النزعة لتأكيد إستجابته .. زي الفيلم أي تي أنا شفته ....
( 4 ) إن الرموز القصبية قد فرضت نفسها علي المثير بصرف النظر عن طبيعة جبل كبير - رجلين لابسين جزمة كبيرة - تعويض مفرط
الصفحة250
ومحاولتها لتأكيد الاستجابة هنا تعكس الأفكار الذي قام به المحتوي البطاقة ككل.
5 - استجابة تقليدية شائعة في ضوء ثقافة الطفل .
6 - رمز وصفي يمكن فهو في ضوء الصراع الأوديبي الذي يبدو أن الطفل لم يتحرر منه بعد وتبدو صورة الأب المزود بقضيب .. خيال راجل البوليس وعادة بدقية .. .
7 - تعكس الاستجابة عدم شعور الطفل بالأمن إزاء الموقف الأوديبي ككل وهو يطلب الدعم من العالم الخارجي ،، حطلهم ورقة مكتوب عليها إنهم ما يلعبوش هنا فلا داعي للتهديدات الخصاء بإزاء النزعات الإستنمائية .
8 - إن الخوف من إنهيار الواقع ماسكين في حبل ويعود هنا أيضاً للتأكيد .
9 - رمز قضيبي .. مربوط في العلبة .. بتاعته .. وهي استجابة مرتبطة أيضاً بالموقف الأوديبي .
10 - إننا هنا بإزاء استجابات شائعة والنظارة مرتبطة بالإستطلاعية السائدة في الموقف الأوديبي .
الصفحة251
"الاستجابات الأساسية"
إسلام (5 سنوات)
(أنظر الجدول الصفحة 252)
الصفحة252
(أنظر الجدول الصفحة 253)
الصفحة253
(أنظر الرسومات الصفحة 254)
الصفحة254
إسلام
1- تميزت استجاباته بأنخفاض شديد فئت : 14% وارتفاع في جـ : 57% جـ : 29% وهو على غير المتوقع في مثل هذه السن 5 سنوات حيث من المتوقع ارتفاع كـ مع ندرة حـ ، وبالذات خط وهو ما يعكس نزعة إلى الأنطواء وعدم الألفة والاطمئنأن المألوف والمعتاد إما ارتفاع جـ فهو يعكس الحاجة للأمن وتدعيم الواقع المعاش .
2- تميزت الاستجابات بارتفاع سن 65% وهي نتيجة طبيعية في مثل هذا من إما المركز كمحدد توصلت نسبتها إلى 18% واللون 17% وارتفاع جـ لا يرجع إلى مرحلة الاستقصاء حيث بدء الطفل في التعديل من استجابة وهي أغلبها مركز حيوأنية تعكس الصراع بين الصور الوالدية المستدمجة .
3- إما عن الاستجابة :
1- تميزت الاستجابات عكسها للمحتوى الأوديبي وملامح الصراع التي يبدو أن الطفل لم يتبين من حلها بعد أمثلة .. كعب ولين ودأن كبيرة .. أساس مكون لديهم رجلين شفاطة - دودة أسية واللعب - صوابع - الكماشة .
2- عدل الطفل كثيراً من استجاباته في مرحلة الاستقصاء وهو ما يعكس مشاعر الحصر التي ستشعرها وهو بإزاء مثيرات البطاقات أول مرة وقدرته فيما بعد على التغلب على هذا الحصر ومن الأمثلة على ذلك البطاقة الخامسة (فراشة ثم حمامه - عصفورة) والبطاقة التاسعة (دي شجرة - كباية فيها شفاطة واللي تحت لين ... الخ ) .
3- أنصت عدد من الاستجابات على مشاعر مرتبطة بالجنس بالشكل وهو الشيء المميز للمرضى السيكوسوماتية بصفة عامة في الرشد فمثلاًً في الاستجابة الأولى : -
ده قلب - ثم في الاستقصاء أصل أنا باحس بالقلب وهو بيكون في البطن إن مشاعر الإحساس بالجسد المضطرب عن كأنت أول ما أسقط على بطاقات الرورشاخ والقلب بالذات الارتباط مكأنه الذي يستشعر فيه الألم أثناء مرضه ولذلك تجده يتكرر مرتين وكأن يفرض نفسه على المثير سواء بمبرر موضوعي مثل الاستجابة للفراغ في البطاقة الثأنية أو بلا مبرر كما حدث في البطاقة الثالثة .
الصفحة255
(أنظر الجدول الصفحة 256)
الصفحة256
(أنظر الرسومات الصفحة 257)
الصفحة257
حالة رشا
1- تميزت استجاباتها في عمومها كلية حيث ارتفعت أند : 87% وهو ما يعكس الميل إلى التعميم الزائدون الأنتباه الكافي إلى التفاصيل الواضحة بالإضافة إلى الميل لاتخإذ التفكير العيأني أسلوب في التفكير.
2- كأن المحدد الأساسي هو محدد الشكل حيث وصل إلى 82% وهو ما يعكس نمط التفكير الجاد والاكتفاء بالتفاعل مع الشكل السطحي الخارجي من العلاقات بالعالم الخارجي دونما الدخول في علاقة حميمة مع موضوعات هذا العالم.
3- أكد ما سبق اختفاء الحركة كأحد المحددات وهو ما يشير إلى موت العالم الداخلي الحميم للطفلة أعني عالم التخيلات وهو ما يتفق معه عجز الطفلة التام عن الرسم برغم قيامها بمحاولات بذلك وكأن العالم الداخلي المتخيل قد وصل إلى درجة من التجمد أصبح من الصعب معها القيام بأي نشاط مرتبط بالحركة الداخلية لعالم الخيال الذي يعيشه الطفل.
4- كأنت استجابات باللون محدودة وقد اقتصرت علي اللون الأسود والأحمر أما اللون الأسود فهو الذي يعكس السواد الذي فرضته علي نفسها وعالم الحداد الذي يصبغ مشاعرها أما اللون الأحمر فقد ارتبط فقط بالفار إنها استجابة لون نقية تعكس عدوأن شديد قيمة للداخل.
5- أما عن محتويات الاستجابة
(أ) تميزت الاستجابة بعكسها لمحتوي مفزع ومرعب وهو ما يعكس صورة الموضوع والسيء المستدمج داخلياً.
(ب) قامت الطفل بالتعميم بصرف النظر عن طبيعة المثر فأصبحت الاستجابات في أغلبها عفريت.
(ج) إن العفريت هذا قد أخلع عليه ملامح متباينة فهو تارة من صوت يلزم السنية بلا أدني شك فهو يسيء فستأن ويشبه الست .. وهو تارة أخري صورة للأب أو الرجل الساحر ، ثم يدعم بملامح ذكرته .. ليه رجلين ، ايه شنب ومناخير كبيرة .
الصفحة258
(د) كأنت الاستجابة الوحيدة الشائعة هي الحناكة ولكن بدلاً من أن يكون الشكل هو المحدد كأن اللون الأسود وهو ما يعكس الحداد كما سبق وأشرنا .
(هـ) كأنت المشاعر المرتبطة ببعض الاستجابات هي غاب الفزع والخوف مثل الاستجابة للبطاقة السادسة .. بتخوف .. بمجرد النظر إلى العينين وكأنها بنظرها إلى هاتين العينين تري بوضوح عالمها الداخلي المفزع متر تعب لمجرد النظر إليه .
(و) إن استجابة العفريت في حد ذاتها لا تتناقص مع جمود العالم المتخيل لدي الطفلة فإذا نظرنا إلى ملامح هذا العفريت لوجدنا ملامح عيأنية مباشرة وهو ما يمكن فهمه في ضوء ارتباط تفكير الطفلة بالتفكير العيأني .
(ع) إن ميكأنيزم الدفاع الأساسي هو التوحد الإسقاطي فالطفلة قد اسقطت مشاعر عدوأنها علي الموضوعات ثم توحدت بهذه الموضوعات وبالتالي استشعرت الفزع بإزاء استجاباتها .
وفي أحيأن أخري تتميز بالتوقف وعدم الاستمرارية . وهي تنتمي إلي الإنقطاع المتكرر في العلاقة بين الطفل وأسرته - وهو أحد مشاكل وعيوب ، تربية الأطفال في الظروف الإجتماعية الإقتصادية لعصرنا الحالي .
ثامناً : وينتج الإكتئاب عن علاقة وجدأنية تفرغ من ثرائها (من محتواها) علي نحو مفاجيء ، وبعد الإكتئاب واحداً من أهم العوامل التي تؤدي إلي إنهيار التنظيم السيكوسوماتي ، ويمكن تسميتها Symptoma tique Specialite من أجل التفرقة بين هذا الشكل من الإكتئاب وبين للإكتئاب الذي يعبر عنه في شكل عقلي Meutnicsée وهنا نجد أنفسنا مرة أخري نقترب من ظاهرة شبيهة توصف لدي البالغ تحت اسم Depression Esseutielle الإكتئاب الأساسي (الحقيقي) ويضيف كريسار أن عملية شحنة في ميدأن السيكوسوماتيك ودراسته لأطفال جد صغار قد واجهته حقيقة أن الاضطرابات السيكوسوماتيك في هذه السنة تحمل طبيعة وظيفية Fonchionvelle فيما عدا الربو الشعبي . مما دعي (سرجي ليسوفتش) في مقدمته لكتاب Leuf Aut et Soncops الطفل وجسده أن يقول : أن الطب النفسي للطفل الرضيع يعد أساساً دراسة للاضطرابات الوظيفية وأنضف
الصفحة259
إلي ذلك أن وصفها يمكن أن يساهم في تشييد ما يمكن أن يطلق عليه سيكوباثولوجية السن الباكرة
الهوامش :
1- Kreisler , le Novel enfant du désordre Psychosomatique , Privat , 1987 .
الصفحة260