تكنولوجيا التعليم المفرد وتنمية الابتكار (رؤية تطبيقية )
المؤلف: عادل سرايا
التصنيف: كتب أخرى
عرض PDFالوصف:
عادل سرايا، تكنولوجيا التعليم المفرد وتنمية الابتكار (رؤية تطبيقية)، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى 2007، عمان-الأردن.
تعريف ومقدمة
تعريف موجز
بسلسلة المصادر التربوية في تكنولوجيا التعليم
الصفحة 09
الصفحة10
مقدمة
سلسلة المصادر التربوية في تكنولوجيا التعليم
إن التربية هي الحياة، وتسعى التربيـة دائمًا إلى تـوفري الحيـاة الأفضـل لكـل الأفـراد مـن خـلال أنظمتها ومجالاتها المتعددة والمتباينة. وأصبحت التربية هي الميدان الأكثر اتساعا الذي تتسابق فيـه الأمـم لنهضة مجتمعاتها وتطويرها لمواكبة التقدم الحادث في عالم اليوم.
ولقد تأثرت التربية المعاصرة كميدان عام، بتلك الثورات التكنولوجية والمعرفية التي اتسمت بهـا العقود الأخيرة من القرن السابق والسنوات الأولى من القرن الحـالي، مـما دعـا إلى إمكانيـة إحـداث تطـور ملموس في الممارسات التعليمية داخل مؤسساتنا التربوية بكافة مراحلها وأنماطها ومستوياتها.
وإذا كانت التربية كمنظومة كبرى تهتم بتحديد وتحليل المشكلات التربوية المرتبطة بكل مظاهر التعلم الإنساني والسـلوك البشرـي مـع تقـديم الحلـول الملائمة لهـذه المشـكلات، فـإن تكنولوجيـا التعلـيم كمنظومة فرعية تبدو كميدان أكثر تمايزاً وتفرداً يركز على فنيات تطبيـق المعرفـة المسـتمدة من نظريات التعلم والتعليم ونتائج البحوث المتعلقـة بمجـال العلـوم التربويـة والسـيكولوجية والإنسـانية والاجتماعية لتحسين المواقف التعليمية وتطويرها ورفع مستوى فاعليتهـا وكفاءتهـا بهـدف إحـداث تعلـم أفضل كغاية مثلى من عمليتي التدريس والتعليم.
وقد أصبحت تكنولوجيا التعليم علامً تطبيقيـاً مسـتقلاً لـه فلسـفته وأسسـه وبرامجه التي بدأت تشكل محوراً رئيسياً من محاور العملية التعليمية في معظم البلدان المتقدمـة وبعـض البلدان الآخذة في التقدم، وذلك داخل مؤسسات التعليم العام والجامعي .
الصفحة11
ومن المؤسف أن تقتصر تكنولوجيا التعلم كمفهوم أو كمهنة أو كمجال دراسة أو كميدان تطبيقـي عنـد عموم الناس أو عدد غير قليل من التربويين على مجرد استخدام المواد والآلات والأجهزة البسيطة الضوئية منها أو الالكترونية الحديثة في مجال التعليم ويُعد هذا الاعتقاد غير المنطقي من الاخطاء الشائعة والمفاهيم المغلوطة التي تحتاج إلى تصويب وتعديل منهجي سليم، الأمر الذي يستلزم معه التأكيـد عـلـى أن تكنولوجيا التعليم لا تقف عند حد منتجاتها كالمواد والأجهزة التعليمية "الوسائل التعليمية" بل إن الأمر يتطلب إبراز تكنولوجيا التعليم كعلم أو عملية أو طريقة للتفكير المنهجي المنظم المرتبط بالتصميم والتطوير التعليمي على المستوى الإجرائي داخل مؤسساتنا التعليمية.
ومن هذا المنطلق فقد جاءت هذه السلسلة - كمحاولة متواضعة من المؤلف - لإصدار عدد من المصادر والاسهامات التربوية المتنوعة ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بمجال تكنولوجيا التعليم، وذلك بهدف تصويب هذه المفاهيم الخاطئة التي التصقت عند البعض بتكنولوجيا التعليم من ناحية، وتدعيم الاتجاه العلمي السليم نحو تكنولوجيا التعليم كمدخل مقبول ونموذجي لحل أغلب المشكلات التي تعانيها العملية التعليمية في الوطن العربي والارتقاء بعمليتي التدريس والتعليم على أسس منهجية من ناحية أخرى.
الصفحة 12
وقد روعي عند صياغة مفردات المحتوى اللفظي والمصور لإصدارات هذه السلسلة التبسيط العلمي غير المخل وعدم التعقيد مع محاولة توفير التتابع المنطقي والسيكولوجي في تنظيم هذه المفردات، وذلك لكي تتلاءم مع أكبر عدد ممكن من القراء والأفراد العاملين في الحقل التربوي أو ممن لهم صلة به، بدءاً بالطلاب المعلمين ومروراً بالباحثين وأولياء الأمور وأفراد المجتمع وانتهاء بالمتخصصين في المجال.
والأمل أن تُسهم إصدارات هذه السلسلة - ولو قليلاً - في إزالة الغموض الذي ما زال يكتنف تكنولوجيا التعليم وإثبات هويته ووضع حدود فاصلة له بين العلوم التربوية الأخرى باعتباره علماً له أبعاده النظرية والتطبيقية والوظيفية يستفيد من كافة العلوم الأخرى.
وختاماً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه وأن يكون في ميزان حسناتي وأن ينتفع به الجميع في وطننا العربي الكبير من المحيط إلى الخليج.
انه نعم المولى ونعم النصير
المؤلف
د. عادل سرايا
منشأة القاضي / فاقوس - الشرقية
2001/1/17م
الصفحة13
مقدمة الكتاب والحاجة إليه
إن تقدم الأمم وارتقاء الشعوب يعتمد في المقام الأول على تنمية شخصيات أبنائها، وامكانياتهم البشرية، ولعل المشكلة الرئيسية في الدول النامية ليست في نقص مواردها الطبيعية، بقدر ما هو التخلف في مصادرها البشرية، وحتى تزدهر هذه الدول وترتقى فلا مفر من الاهتمام برعاية رأسمالها البشري وتنميته.
وأصبح من المسلم به أن رفع مستوى رفاهية الأمم والشعوب، إنهما يعتمد على رفع مستوى الأداء الابتكاري لدى هذه الشعوب ولذا فقد حظى موضوع الابتكار باهتمام بالغ في الدول المتقدمة، خاصة وأن هذه الدول تولى عناية واهتماما بتربية النشء حيث تهدف كل المؤسسات التربوية التعليمية إلى تطوير وتنمية القدرات الابتكاري لدى أبنائها بكافة السبل من أجل رفد المجتمع بدم جديد يواجه مشكلات المجتمع وقضاياه مواجهة عصرية وملائمة.
ولم تعد أهمية الابتكار وقيمته الوظيفية في تقدم الإنسانية وتطورها أمراً يحتاج المزيد من البيان، فبات الابتكار يمثل في العصر الراهن - عصر التدفق المعلوماتي والثورة العلمية والتكنولوجية. الأمل للجنس البشري كمصدر وافر لإمداد المجتمع بالأفراد المبتكرين الذين يشكلون في أي مجتمع الثروة القومية والقوة الدافعة نحو الحضارة والرقي، فعن طريقهم توصلت الإنسانية للمخترعات الحديثة في كافة الميادين، ومن خلالهم ازدهرت الحضارة، وتقدمت الإنسانية خطوات واسعة للأمام، وسوف يتقدم العالم وتصبح الحضارة في نمو دائم، ما دام هناك فكر خلاق وعقول مبتكرة.
وإذا كانت الدول المتقدمة في حاجة ملحة للأفراد المبتكرين، فإن مجتمعاتنا العربية في أمس الحاجة لهؤلاء الأفراد القادرين على تقديم حلول جديدة، وأصيلة وقيمة للمشكلات المتراكمة التي تواجه هذا المجتمعات.
ومن هذا المنطلق فقد تحول اهتمام الدراسات والبحوث التربوية التي تناولت ظاهرة الابتكار من مجرد عملية كشف وتمييز القدرات الابتكاري لدى الأفراد إلى
الصفحة 15
عملية تنمية وتدريب هذه القدرات لديهم، وقد أشارت " انستازى" 1988 Anastas إلى أن المؤشرات تتجه في الآونة الأخيرة إلى تزايد الاهتمام باتجاه تكوين وتنمية الفرد المبتكر أكثر من اتجاهها نحو محاولة الكشف عنه.
ولذلك فقد أصبحت تنمية القدرات الابتكاري للأفراد بصفة عامة والتلاميذ المدارس بصفة خاصة أحد الأهداف التربوية المهمة التي تسعى المجتمعات الى تحقيقها من خلال برامجها التدريبية أو استراتيجياتها التعليمية المقصودة وتوفير المناخ الملائم والمحفز على الأداء الابتكاري: الأمر الذي جعل من تنمية الابتكار لدى التلاميذ أحد أبرز أهداف تدريس المناهج الدراسية في انحاء الوطن العربي. وعلى الرغم من ذلك فإن واقعنا التعليمي المعاصر على المستوى التنفيذي يشير إلى غير ذلك . فنظم التعليم الجمعي السائدة في مدارسنا تتجه غالباً إلى طريق يتعارض إلى حد ما مع نمو قدرات التفكير الابتكاري، مع غياب الشروط والقواعد والنظم الأساسية لتنمية الابتكار في المناهج الدراسية وطرق التدريس ، فما زالت المدرسة التقليدية تقوم على اساس فصول مدرسية تقسم أفراداً يختلفون في سماتهم الشخصية وإمكانياتهم الابتكاري، وقدراتهم العقلية، ومع ذلك فهم يخضعون جميعا لمقرر دراسي واحد، واختبار واحد ومعالجات تدريسية واحدة لا يتوافر فيها العناصر المطلوبة لتحقيق نمو الابتكار أو التدريب عليه .
ومن هنا فإن العجز في تكوين نظام تربوي ابتكاري ، الذي من ملامحه - بناء المناهج الدراسية وتصميم المقررات على أساس من الوعي الابتكاري وضرورته في التفكير عند التلاميذ ليصبح منهجاً ابتكارياً والاعتماد على التقنيات الحديثة، واتباع استراتيجيات تعليمية مرنة تأخذ من المتعلم محوراً لها وتوقيع المناخ المحضر للابتكار أصبح يمثل أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية من الوقت الراهن وقد أشارت بعض الدراسات الحديثة في مجال تنمية الابتكار إلى أن هذه التنمية يمكن أن تتحقق من خلال معالجة تدريسية تراعى الفروق الفردية بين التلاميذ . وتتلاءم مع حاجاتهم، وميولهم، وسرعتهم الذاتية في التعليم، مع توفير أكبر قدر ممكن من الحرية التعليمية : لأن السلوك
الصفحة 16
الابتكاري هو حصيلة مناخ حر . وحين تكون الحرية التعليمية إحدى السمات الأساسية للمعالجة التدريسية المستخدمة في مدارسنا ، فمن المتوقع أن يكون الناتج الابتكاري الذي يصدر عن التلميذ مستحوذاً على خصائص التنوع والجدة والتفرد .
ومن المعالجات التدريسية التي ينصح الباحثون بالاستعانة بها عند تنمية الابتكار ما يعرف باستراتيجيات التعليم المفرد ، حيث أشارت عدة بحوث ودراسات أجريت خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن السابق الى تميز هذه الإستراتيجيات بقد كبير من الكفاءة والفاعلية يفوق كفاءة وفاعلية استراتيجيات التعليم الجمعي السائدة في مواجهة الفروق الفردية بين التلاميذ .
وتمثل استراتيجيات التعليم المفرد محاولة منهجية لمواجهة هذه الفروق والتأكيد على الدور النشط الإيجابي للتلاميذ ، فإذا كان التعليم في ظل نظم التعليم الجمعي السائدة يقوم على إخبار التلميذ بماذا يتعلم ؟ ومتى يتعلم ؟ ، وأن يتقبل كل ما يصدر من المعلم في الفصل والكتاب والمدرسي على أنه حقيقة ، مما يدفع التلميذ إلى الجمود العقلي ، فإن التعليم في ظل استراتيجيات التعليم المفرد يقوم على اساس استقلالية التلميذ في التعليم، وحريته في التفكير ، وتشجيعه على فحص المشكلة من زوايا متعددة ، مما يدفع التلميذ للنزوع نحو التفكير الابتكاري .
وإذا كان التعليم في ظل نظم التعليم الجمعي قائم على استخدام التلميذ لعدة قدرات عقلية مثل : التعرف ، والتذكر ، والاستدلال ، والتفكير التقاربي فإن التعليم في ظل استراتيجيات التعليم المفرد يقوم على نفس القدرات، ويزيد عليها قدرات التفكير التباعدي ، ولهذا فمن الممكن اعتبار معظم استراتيجيات التعليم المفرد معالجة تدريسية لتنمية التفكير الابتكاري نظراً لما تتميز به من حرية تعليمية تتمثل في: تعدد البدائل ، والمواد التعليمية، وإتاحة الفرصة للتلميذ بالتعليم وفق استعداده ، وقدرته ، وخطوه الذاتي . والتعبير بحرية عن فرديته، هذا بالإضافة إلى
الصفحة 17
وصول التلميذ المستوى الإتقان المطلوب دون النظر للزمن المستغرق في الوصول إلى هذا المستوى ، مما قد يجعل اتجاهات التلميذ نحو المادة الدراسية أكثر إيجابية .
وإذا كان المعلم في ظل نظم التعليم الجمعي يُنكر ما بين التلاميذ من فروق فردية لأنه لا يستطيع أن يتعامل معها ، فإن المعلم في ظل استراتيجيات التعليم المفرد يجب أن يتسم بالقدرة على الابتكار، وتنويع النشاطات والتوصل إلى طرق لتكييف التعليم مع الفروق الفردية بين التلاميذ .
وقد أثبتت التجارب والممارسات العملية أن نظم التعليم الجمعي تتجاهل الاستعدادات الفردية بين التلاميذ فهي في أحسن حالاتها تناسب إلا عدداً قليلاً من التلاميذ ، لأنه :
_ لا توجد مجموعة تلاميذ يتعلمون بالسرعة نفسها .
_لا توجد مجموعة تلاميذ لديهم رصيد الخبرة نفسه .
_لا توجد مجموعة تلاميذ يتفقون تماماً في الميول والاتجاهات والقدرة على التعليم.
_لا توجد مجموعة تلاميذ يتعاملون مع المعلومات بنفس المعالجة .
وأشار كل من " كرونباخ وسنو " Cronbach snow " 1981 بوجود الفروق الفردية بين المتعلمين وهذا يؤكد على أن معالجة تدريسية واحدة لا تعتبر أفضل طريقة لجميع التلاميذ ، فبعض التلاميذ يحققون أداء جيداً مع معالجة تدريسية معينة ، في حين أن تلاميذ آخرين يحققون آداء بدرجة أفضل مع معالجة تدريسية أخرى، وذلك نتيجة اختلاف كل تلميذ عن الآخر في استعداده وخصائصه.
وطبقاً لنتائج الدراسات السابقة بين المعالجات والاستعدادات فإنه يجب الأخذ في الاعتبار تصميم معالجة تدريسية مختلفة تراعي الفروق الفردية بين التلاميذ، وتتناسب مع قدراتهم واستعداداتهم الخاصة، وذلك إذا رغبنا في تحسين عملية التعليم بصفة عامة.
ويمثل استخدام استراتيجيات التعليم المفرد دفعة قوية في اتجاه إمكانية مراعاة الفروق الفردية في الاستعدادات بين التلاميذ خصوصاً عندما تكون مصحوبة
الصفحة 18
بوسائط التعليم المفرد وخاصة الكمبيوتر - كأداة مساعدة في عرض وتقديم المعلومات؛ وبذلك يمكن ان يتحقق لكل تلميذ تعلم يتفق مع سرعته واستعداده الخاص، كما يتفق مع اسلوب تعلمه .
وتشير الدراسات السابقة إلى الاساليب المعرفية بأنها أحد الاستعدادات النفسية المهمة التي تميز بين الأفراد في معالجتهم للمعلومات في أثناء عملية التعلم ، كما إنها مسئولة عن الفروق الفردية في عمليات الإدراك ، والتذكر ، والتفكير ، والتخيل ، هذا بالإضافة إلى كونها متغيرات تنظيمية ضابطة للوظائف المعرفية .
وقد أكد " ميسك .Messick 1984" على ضرورة تصميم معالجة تدريسية تتناسب مع الأساليب المعرفية للتلاميذ لأن هذا يؤدي إلى :
_ تحسين مستوى تعليم التلاميذ والارتقاء بأساليب تفكيرهم .
_ تحسين المعالجات التدريسية
_إثراء سلوك المعلم وأفكاره .
ويؤكد البعض ما أشار به وتكن "Witkin " على أهمية دراسة الأساليب المعرفية، ودورها في العملية التعليمة ، حيث يرى أن الكشف عن الأسلوب المعرفي للمتعلم لا يقل أهمية عن معرفة نسبة ذكائه مما يُسهم في التعرف على اسلوبه في التعليم ومعالجته للمعلومات، كما أن الكشف عن الأسلوب المعرفي للمتعلم يمكن ان يساعد في تحديد نوع المعالجة التدريسية التي تتفق مع هذا الاستعداد .
ومن بين تلك الأساليب المعرفية أسلوب الاندفاع مقابل التروي الذي يميز بين الأفراد عند أداء المهام المختلفة.
وقد عرض كاجان " kagan وآخرون عام 1964" تعريف هذا الاسلوب تحت مسمى أسلوب الإيقاع المعرفي ، وابتكر " كاجان " اختباراً لقياس هذا الأسلوب يعرف باختبار تزاوج الاشكال المألوفة ، وفي ضوء هذا الاختبار يتم تصنيف الأفراد إلى مندفعين وهم " هؤلاء الذين يأخذون وقتاً أقل من الاستجابة الأولى مع ارتكاب العديد من
الصفحة 19
الاخطاء "، ومتروين وهم هؤلاء الذين يأخذون وقتاً أطول من الاستجابة الأولى مع ارتكاب أخطاء قليلة ".
وأسلوب الاندفاع هو الأسلوب الذي يميز الأفراد الذين يستجيبون استجابة فورية لأول فرض أو حل يطرأ على الذهن، كما أن أسلوب التروي هو الذي يميز الأفراد الذين يتأملون مدى المعقولية في الحلول العديدة المفترضة في الوصول إلى حل فعلي .
إن الفرد المندفع هو الذي يقبل أول فكرة تأتي على ذهنه دون تأمل أو تركيز، أما الفرد المتروي فهو الذي يكرس وقتاً أطول لتقدير مدى دقة استجاباته وأفكاره، بحيث يمكنه رفض الأفكار والاستجابات غير الصحيحة ويرجى إجاباته حتى تكون على درجة عالية من الثقة في صحة حلوله ، كما أنه يدقق أكثر في إدراك وتعلم المهام ، والأعمال عن قرينه المندفع .
ومن ثم نستطيع القول بأن الاندفاع هو : التسرع في معالجة المعلومات وعدم الدقة في الاختيار، أما التروي فهو التأني والتركيز والتأمل في معالجة المعلومات والدقة في اختيار البدائل ، مما قد يسهم في الحصول على نتائج أفضل.
وعلى الرغم من أهمية الأسلوب المعرفي الاندفاع مقابل التروي، فإن المتتبع للدراسات والبحوث في مجال طرق التدريس يلحظ أن معظم الدراسات قد أسهبت في تناول العلاقة بين استراتيجيات التعليم المفرد وأسلوب الاعتماد مقابل الاستقلال عن المجال الإدراكي، مع ندرة في الدراسات التي تناولت العلاقة بين أسلوب الاندفاع مقابل التروي مع استراتيجيات التعليم المفرد .
وقد اتسع نطاق البحث في موضوع الأساليب المعرفية - وبخاصة أسلوب الاندفاع مقابل التروي - بحيث امتد إلى ربطه بمجال التفكير الابتكاري وقدراته . وقد أظهر البحث التجريبي في أسلوب الاندفاع مقابل التروي الأفضلية النسبية للأفراد المتروين في مهام معرفية مختلفة عن الافراد المندفعين ، وان التروي يعتبر نموذجاً مرغوباً فيه ، وسلوكاً أكثر جاذبية .
الصفحة 20
ومع أن الدراسات الوصفية تبدو مؤيدة لهذا الافتراض، إلا أن الاعتماد في تفضيل الإيقاع الإدراكي المتروي بصفة عامة يعتبر اعتقاداً خاطئاً ؛ لأن هناك عدة دراسات ، أشارت في مجملها إلى أن الأفراد الذين يستخدمون أسلوباً اندفاعياً قد يؤدون أفضل من الافراد الذين يستخدمون أسلوباً متروياً في المهام الابتكاري مثل دراسة جارجيلو " 1980 ,Garglue "، ودراسة " وارد 1981 Ward " ، وفي الوقت ذاته توجد بعض الدراسات التي تؤكد على أن المفحوصين المتروين سجلوا درجات أعلى من المفحوصين المندفعين في اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري مثل دراسة "فوكيا" " 1975 Fuqua " . كما أظهرت دراسة جلبرت " " 1977 Gilbert " أن الاطفال المتروين أكثر ابتكاراً من الأطفال المندفعين عند عدم عزل تأثير عامل الذكاء ، ولكن لا توجد فروقاً دالة إحصائياً بين المتروين والمندفعين في الابتكاري عند تأثير عامل الذكاء .
ومن خلال عرض الدراسات التي تناولت علاقة الاندفاع مقابل التروي والابتكار تبدو مشكلة عدم اتساق بين نتائج هذه الدراسات ، مما كان حافزاً قوياً لعرض موضوعات الكتاب الحالي، وما إذا كان الافتراض بأن الأفراد المتروين يؤدون أفضل في جميع المهام المعرفية كالتفكير ابتكاري ، أم أن الأفراد المندفعين قد يؤدون أفضل في مهام التفكير الابتكاري .
الحاجة لهذا الكتاب وأهميته :
نادى كثير من علماء التربية بضرورة الاهتمام بتفريد التعليم وتطبيق استراتيجياته وتقنياته في مجال التعليم وتدريب المعلمين على الأخذ بهذه الاستراتيجيات؛ وذلك باعتبارها من الاتجاهات الحديثة في تقنيات التعليم التي تدفع المتعلم للتفاعل الايجابي مع المواد الدراسية في مواقف تعليمية يسودها النشاط الهادف مما قد يضيف بعداً رئيسياً يغيب عن العملية التعليمية في مدارسنا وهو عنصر ضبط العملية التعليمية والتحكم في مستوى إتقان المادة الدراسية
الصفحة 21
ويؤكد كل من " هيمسترا ، وسيسكو 1990 Hoestra, & Sisco " أن التعليم المفرد قد يشجع التلاميذ على التفكير ، ويعمل على زيادة نموهم العقلي والمعرفي وارتقاء شخصياتهم ؛ لأنه يضمن للتلاميذ توظيفاً أمثل لقدراتهم ومهاراتهم واستعداداتهم .
وعلى الرغم من أن محاولات جادة ومخلصة قد أجريت في السنوات الأخيرة لتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر فإن الممارسات على المستوى التنفيذي في التعليم مازالت على حالها لم تتغير ؛ فما زلنا نعلم تلاميذنا بنفس الكيفية التي تعلمنا بها وليس من المقبول أن يحكم ممارساتنا التعليمية في عصر الانفجار المعرفي والتكنولوجي ذلك الثلاثي المعروف " المعلم - السبورة - الكتاب المدرسي " وأن نترك لجهود المعلم التغلب على مشكلة الفروق الفردية بين التلاميذ داخل الفصل المدرسي.
إن عمليات تطوير التعليم التي تمت في السنوات الأخيرة قد تمركزت حول جماعية المواقف التعليمية ، وأهملت الأخذ بتفريد تلك المواقف ، وهو الأمر الذي يشير إلى أن تلك العمليات لم تحظ اهتماما كافياً لظاهرة الفروق الفردية بين التلاميذ ؛ مما أدى الى سلبية نظم التعليم الجمعي السائد التي كانت نتيجتها أن نسبة كبيرة من التلاميذ يحققون نسبة قليلة من الأهداف التعليمية المحددة ؛ وهذا ما يناقض المطلوب من التعليم .
ومن هنا فإن الاهتمام بتطبيق استراتيجيات التعليم المفرد والدعوة إلية يمثل استجابة منطقية الطبيعة التقدم في عالمنا المعاصر ومقتضياته ، وبخاصة وأن هذا النوع من التعليم أجمع على فعاليته الكثير من الخبراء ؛ لأنه أكثر تحقيقاً لأهداف التعليم ، كما يُسهم في تهيئة المتعلمين لمواصلة التعلم مدى الحياة . هذا بالإضافة إلى تمتعه بخصائص ومرتكزات يمكن من خلالها تنمية بعض المتغيرات التي تمثل أهم أهداف تدريس المناهج الدراسية مثل : تنمية القدرة على التفكير الابتكاري، بالإضافة إلى زيادة قدرة المتعلم على اكتساب المعلومات المتضمنة في المادة الدراسية وهو ما يعرف بالتحصيل الاكاديمي الابتكاري ، كذلك تنمية الاتجاهات الايجابية نحو هذه المناهج .
الصفحة 22
وقد أدى الاهتمام في تفريد التعليم، وضرورة البحث عن أساليب للتعليم تتناسب مع التلاميذ وفقاً لما بينهم من فروق فردية، إلى إثارة قضية مهمة مؤداها : أن المواقف التعليمية بما تشتمل عليه من مناهج، ومعالجات تدريسية ، ومعلم ، وأنشطة تعليمية ، ليست هي المسؤولة فقط عن نواتج العملية التعليمية ، فهنالك الخصائص والسمات المعرفية والوجدانية التي تميز بها التلاميذ وتُشكل استعداداتهم الخاصة .
وكان من نتيجة ذلك توجيه الاهتمام من جانب التربويين إلى أنه يجب الأخذ في الاعتبار إذا رغبنا في تحسين عملية التعليم .. تصميم معالجة تدريسية تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين ، وتتناسب مع استعداداتهم الخاصة مثل : الاساليب المعرفية المميزة للتلاميذ في تفاعلهم مع المواقف التعليمية المختلفة. ومن هذه الأساليب أسلوب الاندفاع مقابل التروي .
وفي الوقت الذي بدأ فيه الاهتمام المتزايد بتفريد التعليم في العالم يلاحظ أن معطيات واقعنا التعليمي يشير إلى غير ذلك، حيث أن الدراسات التي تناولت استراتيجيات التعليم المفرد المعاصر ما زالت في بداية الطريق.
وانطلاقا من أهمية الموضوعات المطروحة ضمنياً في الصفحات السابقة ؛ فقد قام المؤلف باستعراضها تفصيلاً على شكل فصول مستقلة شكلت قوام هذا الكتاب وقد جاء هذا الاصدار في عشرة فصول كما يلي:
الفصل الاول : وتناول مفهوم التعليم المفرد وأهدافه ومميزاته وعيوبه ، مع الاشارة إلى أهم الفروق بينه
وبين التعليم الجمعي ودور المعلم في كل من النمطين .
الفصل الثاني : وتناول الجذور التاريخية والأسس النظرية والسيكولوجية للتعليم المفرد.
الفصل الثالث : وتناول أسس التعليم المفرد واجراءاته .
الفصل الرابع : وتناول نماذج من استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية . الفصل الخامس : وتناول نماذج من استراتيجيات التعليم المفرد المعاصرة .
الفصل السادس : وتناول الكمبيوتر والتعليم مع الاشارة إلى موقف المعارضة والتأييد من استخدام الكمبيوتر من التعليم .
الصفحة 23
الفصل السابع : وفيه تم استعراض مفهوم الابتكار وقدراته وأهم الطرق الفردية والجماعية في تنميته مع إبراز دور بعض استراتيجيات التعليم المفروض تنميته .
الفصل الثامن : وتناول الأساليب المعرفية باعتبارها أحد أنواع الاستعدادات النفسية التي يجب مراعاتها عند استخدام المعالجات التدريسية .
الفصل التاسع: وتناول مفهوم الاتجاهات بصفة وكيفية تنميتها من خلال استخدام بعض المعالجات التدريسية .
الفصل العاشر : وفية يتم استعراض بعض الدراسات والبحوث ذات الصلة بمجال التعليم المفرد ونظمة واستراتيجياته والابتكار والاساليب المعرفية والاتجاهات .
وقد أختتم الكتاب ببعض الأدوات البحثية ذات الصلة بموضوعات حتى تكون الاستفادة منه متكاملة للباحثين المتخصصون في تكنولوجيا التعليم .
وفي الختام آمل أن يُسهم هذا الكتاب في تلبية احتياجات بعض الطلبة والطالبات بكليات المعلمين والتربية والباحثين في الوطن العربي من التزود بالمعارف الضرورية ذات الصلة بمجال تكنولوجيا التعليم .
والله ولي السداد والتوفيق
د. عادل سرايا
الرياض .. في
2005/9/27م
الصفحة 24
الفصل الأول: التعليم المفرد (مفهومه، أهدافه، مميزاته، عيوبه)
مقدمة
لقد شهدت الفترة الأخيرة بعض المحاولات الجادة لتطوير التعليم ، وإن اقتصر الإصلاح على إعادة النظر في خطط وبرامج الدراسة وتنظيم بعض المواد الدراسية وتحسني مستوى إخراج الكتب المدرسية، وتطوير نظم الامتحانات ، وتدريب المعلمين، وإن كان الأمر يحتاج إلى تجديد شامل لكل أركان النظام التربوي وجوانبه سواء أكان ذلك على المستوى النظري ، أو المستوى التطبيقي التنفيذي ، في ظل استراتيجية تربوية شاملة ، تعمل على مواجهة التغيرات السريعة الحادثة بمجتمعاتنا العربية.
ومن هذا المنطلق فقد طرأت على الأهداف العامة لتدريس المناهج الدراسية تعديلات تتفق مع هذا التجديد ، ومن هذه الأهداف : أن يكتسب التلاميذ نتيجة لدراستهم :
أ. التفتح الذهني Midedness - Open للتعامل مع كل ما هو جديد أو مستحدث .
ب. الاستعداد لتقبل التغير Change the of Accept to Willingnes .
ج. التعلم الذاتي learning self.
إذ أصبح من المسلم به أن التلاميذ يختلفون في قدراتهم ، وطرق تفكريهم، وأساليبهم المعرفية ، وسرعتهم في التعليم ، وكذلك نشاطهم ، ودوافعهم ، وأهدافهم، وطموحاتهم ؛ بل أن الفرد الواحد لا تتساوى فيه جميع القدرات ؛ ولذا فإن المعلمين ليك ينجحوا في مهمتهم لا بد أن يأخذوا بعني الاعتبار ما يلي:
_مبدأ الفروق الفردية بين التلاميذ سواء في المعاملة أو في أثناء عملية التدريس .
_تطويع وتكيف البرامج والمعالجات التدريسية للوفاء بحاجات التلاميذ .
_اكتساب التلاميذ لخبرات وتجارب من شأنها أن تكون شخصياتهم، وتساعدهم على استغلال قدراتهم في حل المشكلات التي تواجههم .
الصفحة 27
وقد وجد المربون أن وضع التلاميذ في ظروف تدريسية واحدة من شأنه ان يهمل ما بينهم من فروق فردية ولذا فقد أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد معالجة تدريسية تراعي هذه الفروق ، وتقوم على مبدأ التعلم الذاتي .
ويؤكد نشوان (1993)في هذا الصدد المسلمة السيكولوجية التي ترى أنه " لا يوجد كائنان حيان متشابهان والتي يمكن تحليلها الى عدة مسلمات فرعية اخرى على النحو التالي :
- لا يوجد متعلمان يتعلمان بنفس السرعة .
- لا يوجد متعلمان يظهران نفس السلوك .
- لا يوجد متعلمان على نفس الدرجة من الدافعية .
- لا يوجد متعلمان لديهم نفس القدرة والاستعداد على التعلم .
- لا يوجد متعلمان لديهم نفس الأنماط المعرفية .
- لا يوجد متعلمان يتعلمن نفس أنماط التعليم.
إن المسلمات السابقة جاءت لتؤكد حقيقة التفرد في المجال التعليمي ، وتضعنا في تحد كبري ، فنحن أ مما متعلم متفرد في كل شيء ويحتاج إلى التعليم والتعلم، وعلينا ان نعلمه مع أقرانه في فصل واحد، وفي وقت واحد ، وبطريقة واحدة مع تقديم نفس المعرفة ، هذه التحديات يستلزم معها تطوير معالجاتنا التدريسية بما يتلاءم مع هذه المعطيات والتحديات ، والذي يمكن تحقيقه في ظل التعليم المفرد.
ويعد التعليم المفرد محاوله منهجية جادة تحاول أن تعنى بالفروق الفردية إلى أقصى حد ُ َ ممكن، لأن هذا النوع من التعليم يتسم بقدر كبرية من المرونة والحرية التعليمية ، فيتيح للتلميذ أن يتعلم وفق حاجاته وسرعته الذاتية واستعداداته .
وقد نال التعليم المفرد الاهتمام الأكبر في الوقت الحاضر، ومن المربين المهتمين بتطوير المعالجات التدريسية وتحسينها ، لكونه معالجة تدريسية مستحدثة لتطوير الممارسات التعليمية ، تقوم على اسس منهجية نظامية؛ تحول الفكر التربوي من المستوى النظري إلى المستوى التنفيذي العملي . ويتفق هذا الاتجاه مع النظرية القائلة، "أن التعلم يحدث على نحو أفضل، عندما يتعلم الفرد وفقاً لسرعته وخطوه الذاتي".
الصفحة 28
وموجز القول فإن الاتجاه الجديد في تطوير الممارسات التعليمية في مدارسنا ، التي تمثل قيمًا تربوية مهمة لا بديل عنها في النظام التعليمي ، فتنوع السبل التربوية تسهم جميعها في نشر مبدأ التعلم الذاتي ورفع قيمته حيث يمكن تحقيقه بممارسة هذه الإستراتيجيات .
مفهوم التعليم المفرد
هناك تعريفات كثرية ومتشابهة للتعليم المفرد ويعزى الاختلاف فيام بينها إلى التفاوت في التأكيد على الجوانب المختلفة للفروق الفردية ، أو البيئية التعليمية التي يمكن تفريدها ، ويعرض مرعي والحيلة (1998) بعض الاصول والتوجيهات التي اشتقت منها معظم تعريفات التعليم المفرد كما يلي:-
- التربية التكيفية وتطويع المواقف التعليمية لتلائم استعدادات المتعلم .
- التعليم المُصمم لحاجات المتعلم .
- البيئة المحلية المنظمة والمُصَممة وفقاً لطبيعة المتعلم وسامته .
- الاهتمام بالمتعلم وقدراته واستعداداته الذاتية في التعليم .
- الاساس في التعليم المفرد هو دور المتعلم واسهاماته ومشاركته الفاعلة في التعلم.
- ان التعليم المفرد هو اتجاه معاصر في التعليم يمكن أن يعالج العديد من مشكلاتنا التربوية القائمة .
ويرى كامل اسكندر (1994) ان التعليم المفرد قد يكون طريقة لإدارة عملية التعليم، بحيث يندمج التلاميذ في مهام تعليمية تتناسب مع حاجاتهم ،ومستوياتهم وخلفياتهم المعرفية ، وقد يكون أسلوباً يتيح الفرصة للتلاميذ لدراسة المادة التعليمية حسب سرعة تعلمهم ، وبإشراف المعلم الذي يعاونهم في حل المشكلات التي تواجههم في أثناء دراستهم لتحقيق الأهداف التعليمية.
ويرى " شكري سيد أحمد 1989 " ان التعليم المفرد هو : " نظام تعليمي يمد كل متعلم بتعليم يتناسب مع احتياجاته ، ويتوافق مع إمكاناته وقدراته ، ويتمشى مع
الصفحة 29
ميوله واهتمامه " ، والمتعلم في ظل هذا النظام يكون حراً في الاختيار بين أمناط تعلم عديدة، وفي أن يتفاعل مع بيئة التعلم التي يراها تتناسب مع النمط المعرفي الذي يفضله.
كما يضيف " شكري سيد أحمد " أن التعليم المفرد عملية تجعل التعليم يوجه شخصياً للوفاء باحتياجات المتعلم يمكن النظر إليها من خلال عدة زوايا كفلسفة، وكمفهوم، وكاستحداث تربوي ، وكاتجاه إنساني يسود عملية التعليم والتعلم .
فالتعليم المفرد كفلسفة يركز على التنوع والاختلاف أكثر مما يركز على التوحيد أو التنميط ، والتعليم المفرد كمفهوم يركز على مصادر عديدة ومتنوعة للمعرفة أكثر من مجرد التركيز على المعلم كمصدر وحيد للمعرفة ، والتعليم المفرد كاستحداث تربوي يركز على العملية التعليمية ، وتابعات الأنشطة التعليمية أكثر من تركيزه على المحتوى التعليمي نفسة، والتعليم المفرد كاتجاه إنساني يركز على الحرية التعليمية ، وتقدير ظروف كل متعلم ، وأخذها بالاعتبار أكثر من قيامه على التقييد والالتزام من جانب جميع المتعلمين.
ويشير علي عبد المنعم 1996 إلى التعليم المفرد بأنه عبارة عن " نظام تعليمي تم تصميمه بطريقة منهجية تسمح بمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين داخل إطار جامعية التعليم ؛ وذلك بغرض أن تصل نسبة كبرية منهم (90 %أو أكثر) إلى مستوى واحد من الإتقان ُكل حسب معدله الذي يتناسب مع قدراته واستعداداته " .
ويقترح مرعي والحيلة (1996) تعريفاً للتعليم المفرد على انه " سلسلة إجراءات تعليمية تُشكل في مجموعها نظاماً يهدف إلى تنظيم التعليم وتبسيطه للمتعلم، بأشكال مختلفة بحيث يتعلم ذاتياً، وبدافعية وبإتقان وفقاً لحاجاته وقدراته، واهتماماته وميوله وخصائصه النمائية.
كما يمكن تعريف التعليم المفرد في هذا الكتاب بأنه " نمط من التعليم يقوم على تطويع مكونات أي منظومة تعليمية / تدريسية لتلائم بصورة إجرائية مع استعدادات كل متعلم وقدراته، وتتيح له فرص التعلم الذاتي داخل إطار البيئة التعليمية المرنة والمستجيبة لاحتياجاته وسرعته الذاتية في التعلم "
الصفحة 30
والجدير بالذكر ، أن هناك بعض الخلط في المسميات بين مفهوم التعلم المفرد، وبعض المفاهيم الأخرى في هذا المجال .. ِ فيخطئ البعض عندما يذكر أن التعليم الذاتي هو مرادف للتعليم المفرد ، لأن التعلم الذاتي هو جوهر عملية التعليم المفرد ، وأحد مرتكزاته وليس هو التعليم المفرد الذي يمثل نظاماً تعليمياً له اجراءاته ومرتكزاته ومسلماته ، أما التعلم الذاتي فهو " النشاط الواعي للفرد الذي يقوم من خلاله بالمرور على مختلف المواقف التعليمية لاكتساب المعلومات ، والمهارات، بطريقة ذاتية ، حيث يمثل المتعلم محور العملية التعليمية ".
ويشار للتعلم الذاتي بمسميات مختلفة منها ، الدراسة الذاتية ، التعلم الاستقلالي ، التعلم المنظم ذاتياً التدريس الذاتي ، والتعلم المخطط ذاتياً .
أما التعليم المفرد فيشار إليه "بالتعليم الإفرادي أو تفريد التعليم أو إفرادية التعليم ، وفي التعليم المفرد يمكن أن يحدث التعلم في صورة كلية (جامعية) أو مجموعات صغرية (3_5)أو صورة فردية (كل فرد على حدة ) أما في التعليم الفردي فيكون التعليم في صورة فردية فقط وهذا هو الفرق بين التعليم المَُفرد والتعليم الفردي .
التعليم المفرد والتعليم الجمعي
لقد أدت التغيرات الكثيرة والمتلاحقة التي مير بها العامل اليوم كالانفجار المعرفي والتكنولوجي والانفجار السكاني إلى عجز بعض المؤسسات التعليمية عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب ، وكذلك نقص عدد المعلمين في بعض التخصصات ، وانخفاض كفاءة بعض المعلمين هذا بالإضافة الى تغري أهداف التعليم ليك تواكب هذا الانفجار ومعظم هذه التراكمات من المشكلات التعليمية تبدو أنها مصلقة بنظم التعليم الجمعي، مما أدى إلى افتقاد العملية التعليمية إلى الجوانب الاجتماعية ، وإهمال الفروق الفردية بين المتعلمين . مما دعت الحاجة إلى تطبيق واستخدام التعليم المفرد واستراتيجياته كمحاولة للقضاء على هذه المشكلات،
الصفحة31
ويوضح الجدول رقم "1 "مقارنة بين التعليم المفرد والجمعي ولعلنا نلمس أن نظم التعليم الجمعي تركز حول المنحنى الاعتدالي " الطبيعي " (شكل "1 " ) "أما الاعتماد على إستراتيجيات التعليم المفرد ، فإنه يؤدي إلى هدم المنحنى وتحويله الى منحنى ملتوي سالب )شكل رقم2 (والذي يشير إلى أن نسبة كبيرة من المتعلمين تحقق نسبة كبيرة من الأهداف التعليمية 90 % أو أكثر وتعرف نسبة الهداف المراد تحقيقها بمستوى الاتقان.
(انظر المبيان في الصفحة 32 في بدف أعلاه)
الصفحة 32
جدول ''1'' المقارنة بين التعليم المفرد و التعليم الجمعي
(انظر الجدول في الصفحة 33في ال بي دي اف أعلاه)
الصفحة33
دور المعلم في التعليم المفرد :
يختلف دور المعلم في ظل التعليم المفرد عن دوره في ظل التعليم الجمعي السائد، فبينما نجده في ظل التعليم الجمعي هو المصدر الوحيد للمعرفة ، والمحور الاساسي، فهو الذي يتولى عملية التدريس ، والشرح ، والتلقين مما يجعله يميل إلى التعليم السلطوي ، ونجد المتعلمين يتسمون بالسلبية ، والاستماع ، والجمود العقلي ن على عكس دور المعلم في ظل نظام التعليم المفرد ، فيتقلد المعلم أدواراً جديدة وجوانب متعددة لتضح من خلال الشكل رقم "1"
(انظر الخطاطة في الصفحة 34 في بدف أعلاه)
ففي الدور التشخيصي يقوم المعلم بتشخيص نواحي القوة ونواحي الضعف لدى تلاميذه ، فهو يسعى دائمًا إلى الوقوف على مستوياتهم المعرفية، واستعداداتهم الخاصة ؛ ولذلك نجده يقوم بتصميم اختبارات تشخيصية تعقد للتلاميذ
الصفحة34
سواء قبل بدء عملية التعليم لتحديد السلوك المبدئي لكل منهم أو أثناء عملية التعلم ، أو في نهايتها .
أما عن الدور الإجتماعي فيقوم المعلم بتشجيع التفاعل بينه وبين المتعلمين ،وبين المتعلمين بعضهم وبعض ، يضفي مناخاً اجتماعيا على العملية التعليمية ، حتى لا يتهم هذا النوع من التعليم بافتقاده للجانب الإنساني الاجتماعي ، فالمعلم هنا غير مثقل بالتلقين ،وإلقاء المحاضرات، وسط حشد من التلاميذ بشكل جامد ليس بينه وبينهم تفاعل ؛ ولذلك يمكنه القيام بمثل هذا الدور بمستوى أكثر جودة، وفاعلية تؤدي إلى تحقيق التعلم الفعال.
وبخصوص دوره التبسيطي ُ فإن المعلم يعتبر مبسطاً وميسراً للعملية التعليمية ، وليس ناقلاً للمعرفة ، وفي هذا النوع يتعاون المعلم مع تلاميذه من أجل توفير مجموعة متباينة من المصادر التعليمية المتعددة حيث يستطيع المتعلم اختيار ما يناسب اهتماماته وقدراته من هذه المصادر .
كما إن للمعلم دوراً استشارياً لزملائه المعلمين ، ولأولياء الأمور ، وكذلك مستشاراً في مجال تخطيط المناهج ، وتصميم المعالجات التدريسية، وتطوير المقررات الدراسية ، ومن ثم تصبح النظرة للمعلم نظرة أوسع وأشمل من مجرد النظر إليه كمحاضر وناقل للمعرفة فهو بمثابة الخبير والمستشار .
أما عن دوره التخطيطي فإن دور المعلم ليس دوراً ضئيلاً حيث يشترك في عمليات تصميم المناهج ، وتخطيطها ، بما يتوافر له من خبرة وممارسات، وببحثه المستمر المتواصل عن الحديث أو الجديد في مجال التعليم والتعلم ، كذلك فإن المعلم يستطيع أن يضع الخطة العامة لعملية التعلم لكل تلميذ في ظل التعليم المفرد متضمنة الأنشطة والاختبارات المتنوعة. وأخرياً فإن للمعلم دوره في التقييم الفني الذي يتمثل في تحديد أنشطة التعلم و وسائله، وأساليبه، ومصادر التعليم، التي يمكن توفريها لمعاونة التلاميذ على تعلم المحتوى بصورة أكثر فعالية وعلى المعلم أن يقيم مدى مناسبة كل وسيلة لتحقيق الأهداف ، وإتقان المهارات ، كما يكون مسؤولاً عن تدريب المتعلمين على كيفية استخدام هذه الوسائل والاستفادة منها على أفضل وجه بما يحقق التعلم الفعال .
الصفحة 35
وفي ضوء ما سبق فيمكن أن يطلق على المعلم عدة مسميات منها :المهندس الاجتماعي والمستشار التعليمي ، ومصمم البرامج وأخصائي وسائل التعليم ، ومخرج للعملية التعليمية .
ويمكن توضيح دور المعلم في التعليم الجمعي والمفرد من خلال الشكل رقم (4،5)
(انظر الخطاطة في الصفحة 36 في البي دي إف أعلاه)
ويحدد ( نشوان 1993) بعض المهام التي يقوم بها المعلم في ظل استخدامه للتعليم المفرد فيما يلي :
1 -توجيه المتعلمين وإرشادهم خلال دراستهم بالتعليم المفرد .
2-تصميم المواد التعليمية وانتاجها .
الصفحة 36
3 -تصميم مجموعة الأنشطة التعليمية التي تتناسب مع طبيعة التعليم المفرد .
4 -تحفيز المتعلمين وتشجيعهم خلال الدراسة .
5-وصف المواد التعليمية التي تتلاءم مع طبيعة المتعلمين واستعداداتهم .
6 -اقتراح بعض البرامج العلاجية التي تناسب المتعلمين المتعثرين .
كما يرى أ نه من الضروري أن يتمتع المعلم بعدة خصائص للقيام بدورة في التعليم المفرد منها :
_أن يكون المعلم مدركاً وواعياً لمفهوم التعليم المفرد ومميزاته وأهدافه .
_ أن يحدد المعلم الاهداف التعليمية التي يجب ان يحققها المتعلمين .
_أن يكون المعلم متناسيا لفكرة تفريد التعليم ومتحمساً لتنفيذه .
_أن يكون المعلم قادراً على تصميم المواد التعليمية التي يتطلبها التعليم المفرد .
_أن يستطيع المعلم توفير البيئة السيكولوجية والفيزيقية والاجتماعية اللازمة لتنفيذ التعليم المفرد.
_أن يكون المعلم قادراً على تطبيق ادوات التقويم اللازمة و المناسبة لأسلوب التعليم المفرد
)تقويم أصيل – بديل(
أهداف التعليم المفرد :
توجد مجموعة من الأهداف التي يسعى التعليم المفرد لتحقيقها كنمط حديث او معاصر من التعليم ، ومن أهم هذه الأهداف :
1 -تحسين مفهوم الذات لكل متعلم ، نتيجة توفير مجموعة من البدائل والانشطة التعليمية الملائمة التي يمكن ان تشبع حاجاته مما تجعله يمر بخبرة النجاح بصفة مستمرة وفورية الأمر الذي ينعكس على شعور المتعلم نحو ذاته شعوراً ساراً وطيباً .
2 -التأكيد على مبدأ التعلم حتى التمكن
3 -مواجهة الفروق الفردية على أسس منهجية سليمة
4 -التقليل من الاعتمادية في التعليم وتنمية مبدأ الاستقلالية لان المتعلم هو المسؤول عن تعلمة بنفسه .
الصفحة 37
5-صياغة النتائج التعليمية الايجابية في صورة أهداف سلوكية اجرائية تظهر انماط السلوك المرغوب في كل من المجال المعرفي والمهاري و الوجداني .
6 -تنمية الدافعية الذاتية للمتعلم نحو التعلم وكذلك وجهة الضبط الداخلي .
7 -التوظيف المثالي لمصادر التعلم والتعليم المستشقة من مجال تكنولوجية التعليم.
8 -تنمية المهارات العملية نتيجة الممارسة الذاتية للأنشطة التعليمية الهادفة .
9 -مقابلة الزيادة الكبيرة في أعداد المتعلمين .
10-تدعيم فكرة التعليم المستمر وتأكيده .
مميزات التعليم المفرد وعيوبه :
لكل نمط تعليمي بعض المميزات التي تمثل له نقاط قوة ، وبعض العيوب التي تمثل له نقاط ضعف ، ويتمتع التعليم المفرد بالعديد من المميزات كجعل عملية التعليم والتعليم عملية تتسم بالإمتاع للمتعلمين وتزيد من دافعيتهم وتشويقهم لهذه العملية، كما أنه يشكل مناخاً ديموقراطيا ملائما لا حداث تعلم أفضل ، هذا بالإضافة إلى إمكانية تطبيقه داخل بيئة المدرسة التقليدية حيث تخطط الأهداف التعليمية المشتركة لكافة المتعلمين وذلك من خلال تو فري الفرص الكافية لكل متعلم لأن يتعلم الهدف المشترك بالسرعة التي تناسب قدراته حتى ولو كانت الحقائق الاساسية ومعالجات التدريس واحدة ، وبصفة عامة فقد حدد (ديوان 1972 Duane – ( من نشوان 1993 -مجموعة من الفوائد التي يمكن ان يقدمها التعليم المفرد لكل من المعلم والمتعلم على النحو التالي :
بالنسبة للمعلم فإنه يسهم في :
1-توفير وقت أكبر للمعلم لتشخيص وعلاج بعض المتعلمين المتعثرين ومساعدتهم في تحقيق الاهداف التعليمية .
2 -توفير نسبة أكبر من الرضا الوظيفي (المهني) للمعلم من التعليم التقليدي .
3 -تحويل المعلم من ملقن للمعلومات الى مرشد ومسهل لعملية التعليم ، فالمعلم في ظل التعليم المفرد لا يعلم و لكنه يهيئ المناخ المناسب لإحداث التعلم .
الصفحة 38
4 -يحرر المعلم من قيود المهارات والمهام غري الضرورية من عملية التعليم .
5 -يساعد في أن يواجه المعلم حاجات المتعلمين التعليمية بمنهجية وأسس علمية سليمة .
أما بالنسبة للمتعلم فأنه يسهم في :
1 -زيادة التفاعل بين المتعلم والمادة الدراسية .
2 -زيادة تعمق المتعلم لدراسة الموضوع العلمي محل التعلم .
3 -تحمل المتعلم لمسئولية تعلمة وزيادة الاستقلالية مما قد يساعد في تنمية التحكم الداخلي لديه .
4 -نمو الرضا الشخصي والذاتي للمتعلم ، نتيجة توفر الاستجابة الفورية لإجاباته .
5 -تقدم المتعلم نحو تحقيق الأهداف التعليمية دون الانتظار لبقية زملاءه .
6 -تقليل نسبة التسرب من التعليم لان هذا التعليم لا يعتبر التلميذ فاشلاً إذا لم يحقق الاهداف التعليمية المنشودة، فقد يكون سبب هذا الفشل في إجراءات التطبيق على سبيل المثال .
7 -تحقيق نمو ملموس في التفكري الابداعي لدى المتعلم نتيجة قيامه بنفسه بالعديد من المهارات التي تُسهم في تنمية هذا النوع من التفكير .
أما عن عيوب التعليم المفرد ، فيمكن حصرها في :-
1-عدم ملائمته للأفراد صغار السن ( الاطفال ) إلى حد ما .
2 -عدم ملائمته للمتعلمين ضعاف القراءة .
3 -لا يتناسب مع بعض المواد الدراسية مثل بعض الألعاب الرياضية الجامعية وتعلم الدراما .
4 -قد لا يتناسب مع المتعلمين المتأخرون دراسياً أو بطيء التعلم لحاجتهم إلى المعاونة من قبل المعلم والتدخل المتكرر منه أو مع زملائهم .
5 -احتياج هذا النوع من التعليم إلى تصميم واعداد جيد وامكانيات مادية وتسهيلات فيزيقية ، وقد لا تتوفر هذه العناصر في معظم دول الوطن العربي.
الصفحة 39
6 -يحتاج هذا النوع من التعليم إلى معلم مدرب ومؤهل تأهيلاً مناسباً ليقوم بالأدوار الجديدة بكفاءة واقتدار .
7 -ضعف التفاعل الانساني بين المعلم والمتعلمين من بعض المواقف .
الصفحة 40
مراجع الفصل الأول
(انظر المراجع في الصفحة 41 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 41
(انظر المراجع في الصفحة 42 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 42
الفصل الثاني: الجذور التاريخية والأسس النظرية للتعليم المفرد
مقدمة
لا يعد التعليم المفرد من المفاهيم الحديثة على الفكر التربوي ، ولكنه يكاد يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ التربوي. فقد كان التعليم المفرد هو الأسلوب الأكثر شيوعاً في أوقات ماضية بداية من التربية في العصور القديمة و مروراً بالتربية في العصور الوسيطة و نهاية بالتربية في العصر الحديث. و نعرض فيما يلي عرضاً موجزاً للجذور التاريخية والأسس النظرية والسيكولوجية للتعليم المفرد.
_1الجذور التاريخية للتعليم المفرد
يمكن تقسيم هذه الجذور إلى مجموعة متتابعة من المراحل كما يلي:-
أولا:- التعليم المفرد البدائية :
كان الهدف الرئيسي للتعليم في هذه العصور تهيئـة الأفراد للحياة العملية، و اتقانهم بعض المهارات اللازمة و الضرورية للبقاء ككائنات حية وتحقيق التوافق والانسجام مع بيئـتهم وكانـت أدواتهـم وأساليبهم في ذلك المحاكاة والتقليد والتكرار كسبيل لتحقيق هذا الإتقان ؛ غير أن هـذه الاساليب كانت تمارس داخـل نطـاق الأسرة وهي المنوط بعملية التعليم وفي حدود أخرى ارتبطـت بالسـحرة والكهنـة والمشعوذين كمسئولين عن تعليم الأفراد. واستخدمت في هذه الفترة بعض الأدوات البسيطة للـتعلم مثـل استخدام الحصى وعقد الخيوط والعلاقات المحفورة على العصى الطويلة في تعليم العدو والأرقام.
ثانيا: التعليم المفرد في تربية العصور القديمة :
و يمكن عرض و مراجعة هذه العصور وفقاً لعدة مراحل ، مع إبراز التعليم المفرد فيها على النحو التالي:
أ- التعليم المفرد في التربية الصينية :
الصفحة 45
لقد كان التعليم المفرد هو السمة الغالبة في التربية الصينية ، وقد آمن " كنفوشيوس " المصلح الصيني (551-478 ق . م ) بأهمية الاخلاق وبناء المجتمعات على أساس اخلاقي ، وأكد كذلك على وجود الفروق الفردية بين الأشخاص وحاول - كونغ تسي- الاسم الأصلي لكونفوشيوس- أن يجعل تعليمه ملائماً لاحتياجات و قدرات كل فرد و استعداداته.
وقد كان يتم التعليم المفرد في التربية الصينية داخل أكواخ خاصة على يد معلم واحد يجمع بداخله عدداً من المتعلمين نظير مبالغ مالية يدفعها أولياء الأمور و يقوم متعلم بدراسة المعرفة المقدمة له بشكل فردي ، واذا اجتاز الاختبار يتم نقله إلى مستوى أعلى، و هكذا حتى ينتهي المتعلم من دراسة جميع المتطلبات اللازمة لتخريجه.
ب- التعليم المفرد في عهد المصريين القدماء :
أولى القدماء المصريين اهتماماً خاصاً بالتعليم و التربية ، و كانوا يرون أن المعرفة و التنور ، خير وسيلة لبلوغ الثروة و المجد ، و كان الجاهل عندهم أشبه بالحيوان الأبكم ، و كان التعليم السائد في هذا العهد يتسم بالحرفية والمهنية، وكانت تعتمد التلمذة على التعليم الفردي ، حيث يرافق المتعلم احد الحرفيين المهرة ليتعلم على يديه هذه الحرفة و كل متعلم يختار ما يناسبه من الحرف و المهن ؛ و يستدل من خلال تفوقهم و قدراتهم الفائقة في علم الهندسة والطب والعمران في بناء المعابد والقبور والاهرامات ( قبور الملوك )، و تشير الكتابات الهيروغليفية على جدران المعابد إلى عظمة هذه الحضارة.
ج- التعليم المفرد في التربية اليونانية الاغريقية :
تميزت التربية و التعليم في العهد اليوناني بروح التجديد و الابتكار ، واهتم اليونانيين بنمو الشخصية الفردية في جميع جوانبها ، وكان الهدف الرئيسي للتربية في ذلك الوقت وصول الانسان للحياة السعيدة عن طريق تحقيق التكامل الجسمي والعقلي.
وتعددت الانماط التعليمية التي ظهرت في هذا العصر نظراً لتعدد مبتدعيها، وكانت تستند هذه الأنماط على التأكيد وإثبات ذاتية الفرد ورعاية نموه الفكري و الخلقي ، و قد تجلت هذه
الصفحة 46
الجوانب عند مختلف حكماء و فلاسفة اليونان ويعد سقراط أول معلم خاص في التاريخ ، لأنه استخدم الطريقة الحوارية في التعليم الفردي، والتي تقوم على توليد الأفكار لدى تلاميذه، وأطلق على نفسه لقب المعلم الذاتي. كما حث الناس على أن يحيوا حياة ذات معنى كلٍ في حدود قدراته و حاجاته. أما " أفلاطون " فقد طالب الفلاسفة أن يبذلوا ما في وسعهم لتعليم كل فرد إلى الحد الذي تسمح به قدراته. وأكد " أرسطو " على إعطاء الحرية للمتعلم، ليختار ما يتعلمه وفقاً لميوله وبالطريقة التي تناسب امكاناته وخصائصه. كما أهتم- أرسطو - تلميذ أفلاطون - باستخدام الحقيقية الواقعية و جمع العينات لتوضيح بعض المفاهيم الصعبة واستمرت التربية اليونانية في نموها وتطورها معتمدة على جهود مجموعة من الفلاسفة ، حتى وقعت بلاد اليونان تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية في عام ( 146 ق.م ).
د- التعليم المفرد في التربية الرومانية :
لقد اندمجت الحضارة الرومانية مع الحضارة اليونانية اندماجاً حيوياً يصعب معه تمييز احدهما عن الأخرى ؛ واتسمت التربية لدى الرومان بالنفعية والعملية بهدف إعداد الفرد الناجح للحياة الواقعية العملية ، و كان النمط التعليمي الشائع في عهد الرومان الالقاء والخطابة والمناقشة والحوار.
وتأثر التعليم الروماني بأفكار وآراء فيلسوفهم و خطيبهم الشهير " كوينيليان " مؤلف كتاب " مدرسة الخطابة " الذي أشار فيه بضرورة مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين بالطرق المناسبة ، بالإضافة إلى دعمه للتأكيد على أهمية مبدأ الاستقلالية في التفكير و تدريبهم على إعمال العقل والمناقشة وطرح الأسئلة وممارسة مجموعة من التدريبات في صورة العاب تعليمية هادفة
ثالثا : التعليم المفرد من العصور الوسطى :
الصفحة 47
دعنا نشير إلى العصور الوسطى نقصد بذلك الفترة من التاريخ الممتدة من نهاية القرن الخامس الميلادي وحتى نهاية القرن الخامس عشر للميلاد اي الفـترة التـي بـدأت بسـقوط الامبراطوريـة الرومانيـة حوالي سنة 476م تقريباً ،واستمرت حتى سقوط القسـطنطينية في يـد الدولـة العثمانية المسـلمة بقيـادة القائد المسلم محمد الفاتح سنة (857هـ) الموافـق (1453م) وابـرز مـا يميز هـذه الفـترة الزمنيـة سـيادة -عقيدتين كبريتين اثرتا في شئون الحياة كلها ومنها بالضرورة مجال التربية والتعليم ... وهما :
1 -العقيدة المسيحية ( التربية المسيحية )
وانتصرت فيها العملية التعليمية عـلى رجـال الكنيسـة وابنـاء الطبقـة العليـا وسـيطرت الثقافـة اللفظية على التعليم . وكانوا يعلموا الافراد تعليمًا ليدافعوا عن الـدين مـن خـلال المناقشـة والاقنـاع وقـد ، ُ وصلت أوربا المسيحية في ذلك الوقت إلى ما سمي بعصر الظلام والانحطاط الفكـري والثقـافي والعلمـي ولهذا فمن الصعب ان تتصور تعليمًا بهذه الصورة يهتم بالفروق الفردية بين المتعلمين يراعي احتياجـاتهم واستعداداتهم .
2-التربية والتعليم في العصر الجاهلي والاسلامي :
وكان التعليم العربي قبل ظهور الاسلام متوزعاً على نمطين الأول : عبارة عـن الأسر البدويـة التـي كان تعليمها من المهام الرئيسة للأب والأم ، الثاني : عبارة عن الآسر الحضرية والتي كان تعليمها يـتم عـلى يد معلم متعهد بتعليم الصغار تعليمًا فردياً قائم على الحفظ والتسميع .
أما في العصر الاسلامي فتغيرت انماط التعلـيم في هـاتين الاسرتـين نتيجـة الانفتـاح الملمـوس عـلى العامل الخارجي في ذلك الوقت متمثلاً في حضـارة الفـرس والـروم، وتـم أنشـاء مؤسسـات تعليميـة تربويـة كالكتاتيب و المساجد والقصور ، وسادت معالجة التعليم القائمة على الحفظ والاسـتنتاج والـتعلم الأصـم والخطب واقامة الندوات ولقد تأثرت العملية التعليمية في صدر الاسلام بالعديد مـن الآراء والافكـار التـي كان مصدرها بعض المفكرين والمؤرخين العرب مثل " أبن خلدون " الـذي أثـرت أراءه في عمليـة التعلـيم وتطويرها ، عندما اكد على اهمية التدرج في تعليم الصغار من
الصفحة48
السهل الى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد وفق دعائم المنهج الاستنباطي ، وقد أستفاد الفكر التربوي بهذه الآراء في العقود الأخيرة وخاصة عند التنظيم المنطقي لمفردات المحتوى .
وظهرت كـذلك بعـض الادوات والمـواد التعليميـة البسـيطة التـي رافقـت عمليـة التعلـيم مثـل استخدام اشارات اليد وحركاتها ، ورسم الخرائط ، والملاحظة والرحلات العلمية والدينية لجمـع الحـديث ، وكذلك الرحلات العلمية الكشفية .
وان الفاحص لآيات القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيجدها غنية بالدلائل التي تشير إلى أهمية التعليم الفردي ومرتكزاته وإجراءاته . ولا يتسع المقام لرد هذه الدلائل ويمكن الرجـع في ذلك إلى بعض المصادر ذات الصلة .
رابعاً : التعليم المفرد في عصر النهضة :
لقد شهدت أوربا في نهاية القرن الخامس عشر واثنـاء القـرن السـادس عشرـ – عصرـ النهضـة –تطورات عظيمة من العديد من المجالات وخاصة المجالات الاجتماعية والاقتصـادية في ذات الوقـت الـذي تقلصت فيه السلطة الدينية التي كانت سائدة من قبل.
وكان هناك نوعاً من الاهتمام بالإنسان كفرد ، وبصفة عامة يمكن سرد بعض السمات التعليميـة والتربويـة في عصر النهضة على النحو التالي :
_ضرورة الاهتمام بميول المتعلم وخصائصه .
_الاهتمام بالإنسان الكامل نفسياً وجسدياً .
_ضرورة معايشة المتعلم في بيئة واقعية ملموسة
_التحرير من الجهل الناجم عن مخلفات العصور السابقة .
_استبدال الابحاث اللفظية الجدلية بالواقعية العلمية في مختلف النشاطات البشرية .
ولقد شكلت هذه السمات في الواقع البداية الحقيقيـة للتعلـيم المفـرد وابـرازه كـنمط تعليمـي مستقل له ملامحة ومرتكزاته ومبادته واجراءاته حتى أصبح كما هو علية الان .
خامساً : التعليم المفرد في التربية الحديثة ( العصر الحديث ) :
الصفحة 49
يمكن ان نعتبر بداية التربية الحديثة من نهاية القرن السابع عشرـ الـذي تميـز بـالتطور التربـوي وظهور العديد من المربين الذين كان لكتاباتهم اعظم الأثر في تطور نظرية التعليم ومن ثم قبول الطريقـة العلمية التجريبية كأسلوب في البحث والتفكير.
وعندما ظهر الاتجاه الواقعي في التربية والتعليم تحولت أبحاث المفكرين وأنظـارهم إلى البحـث عن الحقيقة العلمية ، وعن مظاهر الحياة الطبية الواقعية المبنية على المعرفة عن طريق الادراك الحسي؛ مما أدى إلى الاعتقاد بأن التعليم عملية طبيعية لا صناعية .
وفي القرن الثامن عشر ظهرت النزعة الطبيعية في التربية بزعامة (روسو) كما طغت الـروح العلمانية عـلى الكنيسة ، كما تميزت التربية بالتركيز على تأهيل مواطنين صالحين ، ومحورها هو الطفـل بتفـرده ومواهبـه وميوله وقدراته .
أما في القرن التاسع عشر فقد تم تطبيق الطرق العلمية في الدراسات النفسية والتربوية والعلـوم الطبيعية كالصناعة الزراعة الطب ومل تعد التربية مجرد كلمات وموضوعات لتأملات الفلاسفة وإمنا سـارت بخطى حثيثة في طريق التكوين العلمي، وبدأت حركة تأليف للكتـب التربويـة في الانتشـار وخاصـة كتـب الاطفال المدعومة بالرسوم التوضيحية وذلك في كل من إنجلترا والمانيا وفرنسا والدنمارك . ودعا سـيرش عـام (1888)م إلى ضرورة تصميم خطط معملية تسمح للطالب بالدراسة وفقاً لقدراته الذاتية بدلا من الدراسة في ظل جدول دراسي منتظم.
_2الاسس النظرية والسيكولوجية للتعليم المُفرد في القرن العشرين
لقد اهتم التربويون الامريكيون بموضوع التعليم المفرد كأسلوب للاستجابة لمبدأ الفروق الفردية ببم المتعلمين ، فقـام بعضـهم مـا بـين (900-1920)بتصـميم الـبرامج للتعلـيم الذاتي في المـدارس الـدين ، وطبقوها من عملية التعليم للوقوف على سرعة المتعلم.
وقامت " باركهرست " عام 1920 بتطوير معالجة تعليمية جديدة سميت بطريق دالتون – نظراً لتطبيقهـا على طلاب المرحلة الابتدائية بمدينة دالتون بأمريكا والتي تقوم على تقسيم المقرر الدراسي الى وحدات تعليمية صغيرة يدرسها المتعلم حسب سرعته الخاصة في التعليم وتعتـبر هذه الطريقة نقلة نوعية في تطبيق التعلم الذاتي
الصفحة 50
وفي (عـام 1922)أقـيم نظـام " وينيتكـا " Winnetka " بولايـة ألينـوى بأمريكـا تحـت إشراف " شارلتون " عـلى اسـاس فكـرة مؤداهـا " أن التلاميـذ يختلفـون فـيما بيـنهم في معـدل تعلـيمهم ، ولكـنهم يستطيعون أن يتقنوا الأساسيات عن طريق برنامج تعلـيم فـردي " ، حيـث يختلـف زمـن التعلـيم حسـب اختلاف المعدل الطبيعي لسري الطلاب في التعلـيم وقـد أهـتم هـذا البرنـامج بـالتعليم الفـردي ، وبالتقـدم المستمر ، وبكثرة تطبيق الطلاب للاختبـارات عـلى انفسـهم ليحققـوا تغذيـة راجعـة يـلي ذلـك تطبيق اختبارات من قبل المعلم لتقدير كفاءة المتعلمين ومهاراتهم قبل أن يسمح لهـم بالتقـديم للهـدف التالي .
واستطاع بريسي " Pressey " تطوير آلة للتعليم تدعم من فكرة التعلم الذاتي وتقوم على تطبيـق قوانين السلوك التي جاءت من النظريات السلوكية ، واعتبرت هذه الاله أول آلة تعليمية ظهرت في التاريخ .
وفي عام 1936م طور " موريزون " Morrison " نظاماً مشابهاً لنظام " وينيتكا " يعتمد على تزويـد الطـلاب بوحدات تعليمية منظمة ، وتستخدم اختبارات متنوعة لتحديد ما إذا كانوا قد حققوا الأهـداف الموجـودة بالوحدة بالكامل ، ثم إعطاء تعليم علاجي للطلاب الذين مل يحققوا هذه الاهداف .
وفي منتصف الأربعينات ظهرت الدعوة إلى استحداث نظام جديد بهـدف تغيـري نظـم التـدريس الجمعي في المدارس ، وجعل التلميذ يتحمل مسؤولية التعلم ، مع تقليل حاجتهم إلى مراجعة المعلم لأصـل الدرس . ونادى " هول " "Houl " بضرورة تطبيق التعليم المَُفرد في مجال تعليم الكبـار ، حيـث يؤكـد عـلى أنه الاتجاه المناسب لدى الكثير من الباحثين في مجال تعليم الكبار .
وفي نهاية الأربعينات تأثر " توف Tough " بدراسة " هول Houl " وقـدم تعريفـاً للـتعلم الذاتي بأنه " الجهود التي يبذلها الفرد من تلقاء نفسه لتعلم بعض الحقائق والمعلومات والمهارات " .
وكان لحركة الاختبـارات العقليـة التـي بـدأها " بينيـه " Binnet " دوراً في التعلـيم المفـرد حيـث ظهرت مجموعة من النظريات السيكولوجية التي تشري إلى أهمية تطبيق هذا النوع من التعليم .
الصفحة 51
ويستمد التعلـيم المفـرد مبادئه ومرتكزاتـه مـن نتـائج مجموعـة مـن البحـوث والدراسـات، ويسـتند إلى تطبيقات تربوية لعدة نظريات سيكولوجية نتناولها بإيجاز فيام يلي :
_فلقد دارت أبحاث " سـكينر Skinne أحـد علماء الـنفس الارتباطيين حـول الاشتراط الإجرائي والتعليم بالتعزيز.
وإذا كان التعزيز يمثل العامل الأساسي في عملية التعلم لدى " سكينر " فإنه يمثل أحد الإجـراءات التي يقوم عليها التعليم المفرد ، حيث يتم تدعيم السلوك المرغوب باعتبار ذلـك المهمـة الرئيسـية لعمليـة التعليم ويرى " سكينر " أن التدريس عملية ترتيب توافقي لخدمة التعزيز مع الاستجابة ويسـتمد التعلـيم المفرد كذلك بعض مبادئه من أفكار " سكينر " حيث يتم تعلم المهارات الصـعبة والمعقـدة بعـد تجزئتهـا ، وتقسيمها ، إلى وحدات صغرية ( موديلات ) وكل وحدة يـتم تعلمهـا في وقـت معـني مصـحوبة بقـدر مـن التعزيز الفوري بعد كل إنجاز يتم تحقيقه .
ويحدث التعزيز عند " سكينر " بصورة موجبة أو صورة سالبة ، أي أن الاجابة يـتم تعزيزهـا إمـا بتقديم معزز موجب ، أو بإزاحة معزز سالب من الموقف التعليمي ؛ مما يؤدي الى زيادة احتمال استدعاء الاستجابة الصحيحة مستقبلاً ، فالتعزيز الإيجابي يعمل عـلى زيـادة احتمال اسـتدعاء الاسـتجابة أكـرث مـن التعزيز السالب .
ويمثل مبدأ الاقتران " جاثري " Guthrie " أحد الاسس التي يقوم عليها التعليم المفـرد في بعض إجراءاته ، فيرى " جاثري " أن نمط المثيرات يكتسب قوته الترابطية الكاملـة في أول اقتران لـه مـع الاستجابة ، وبذلك فمبدأ الاقتران هو المسئول عن التعلم .
الصفحة 52
ففي التعليم المفرد يتم الاقتران بين تدريب التلميذ على اكتساب المعلومات التي يدرسـها، والتـدريب عـلى كل جزئية داخل الموديول الواحد ، وليس مجرد التدريبات في نهاية الموديول كما يتم الاقتران بـين اسـتجابة التلميذ والتعزيز الفوري المناسب .
وتشير استراتيجية تركيز الانتباه عند " برونر " Bruner " إلى ضرورة توفر أربعـة متطلبـات مهمـة في عمليـة التعليم وهي :
_تنمية الميل إلى التعليم ، حيث يتم وصف الخبرات التدريسية التي تدفع المتعلمين إلى التعلم .
_تركيب المعلومات ، حيـث يـتم تحديـد الأسـلوب الـذي يجـب ان تـنظم بـه المعلومـات لترتـبط بطبيعة المتعلمين واستعداداتهم المعرفية ، وطبيعة المادة الدراسية .
_تتابع وتمثيل المادة التي يتم تعلمها ، حيث يفضل اختيار أنسب الطـرق فاعليـة لتتـابع المـادة ، وتقدميها للطلاب كي يسهل تعلمها .
_تقديم الثواب والعقاب من خلال أساليب التعزيز المتنوعة التي سبق الحديث عنها.
ومما سبق يتضح أن أفكار " سكينر " ومبدأ الاقتران عند " جـائري" والنظريـة الارتباطيـة لـدى " برونر " تمثل أسساً مهمة يستمد التعليم المفرد مبادئه واجراءاته منها .
أما عن الأسس النظرية للتعليم المفرد ففي عام 1963 وضـع كـارول " Carroll " نموذجا للـتعلم المدرسي ، ركز فيه على الزمن المطلوب ليك يتعلم كل طالب مادة تعليميـة معينـة ، وقـد أقـترح ان الـزمن المستغرق في عملية التعلم يمكن ان يكون درجة دالة للتعلم ، ويعتبر نموذج " كارول " هـو الاسـاس الـذي بين عليه " بلوم " اسـتراتيجيته في التعلـيم حتـى الـتمكن عـام"1971 ، "وهـذه الاسـتراتيجية تمثـل احـدى استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية.
واستطاع " سكرفين " Scriven " عام "1967 "التمييز بين التقويم البنائي (التكـويني) والتقويم التجميعي وأشار إلى أهمية التنوع في التقويم المصـحوب بتغذيـة مرتجعـة مسـتمرة بهدف تحسين عملية التعليم المفرد .
الصفحة 53
هذا بالإضافة إلى وجود علماء آخرون قاموا ببنـاء واسـتخدام نمـاذج للتعلـيم القـائم عـلى الإتقـان مثـل " جلاسر " "Glasser " ، "واتكنسون " " Atkinson " الذي استخدم نموذجا للتعلـيم القـائم عـلى الإتقـان مـن خلال الكمبيوتر ، ،واستطاعت "مونتيسوري " "Montsorie " ابتكـار طريقـة تعتمـد عـلى التعلـيم المفـرد ، حيث يدرس المتعلم بشكل مستقل وفقاً لميوله وقدراته ، ويعاونه المعلم عند الحاجة من خـلال مجموعـة متباينة من المواد التعليمية التي يختار المتعلم من بينها ما يتفق مع قدراته .
وأشار " بيتر " " Peter " إلى أهمية تطويع وتكييف التـدريس وفقـاً لحاجـات الأفـراد، وفي عـام "1976 " عقد مؤتمر التعليم المبرمج والتكنولوجيا التعليمية الذي اتخذ من مفهـوم الـتعلم المفـرد موضـوعاً لبحثه ، وإذا كنا بصدد التعرض للأسس النظرية التي يقوم عليها التعليم المفرد فلابد من الإشارة إلى الصـلة الوثيقة بين التعليم المفرد ونظرية أو مـدخل الـنظم حيـث يقـوم التعلـيم المفـرد كنظـام تعليمي مصمم على مجموعة من المفاهيم والاسس المستمدة من فلسفة ومـدخل الـنظم ، وتسـمى هـذه العملية التي تستند إلى هذه المفـاهيم والاسـس باسـم التصـميم المنهجـي للتعلـيم ، ويشير مدخل النظم ببساطة إلى نمط معالجة وطريقة للتفكير والشكل رقم 6 يوضح مكونات النظام.
(انظر الشكل في الصفحة 54 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 54
كما يقوم التعليم المفرد عـلى فلسـفة تعليميـة كاملـة محورهـا المـتعلم بخصائصـه الفريـدة وتقـوم هـذه الفلسفة على مبادئ أساسية منها :
أ- لجميع الافراد القدرة على التعليم بدرجات متفاوتة أي انهم يختلفون في سرعة تعلمهم.
ب- توجد فروق فردية بين المتعلمين مثل : النمو العقلي ، ورصيد الخبرة ، والاساليب المعرفية .
ج- يتعلم الأفراد بشكل أفضل وأسرع عندما يتوائم ويتكف التعليم بما فيـه مـن مواقـف تعليميـة في حجرة الدراسة والمواد التعليمية والانشطة مع ميول الأفراد وأساليب تعلمهم المفضلة ، وخلفيـاتهم السـابقة وأنماطهم المعرفيـة بالإضافة إلى مـا سـبق فـإن إسـتراتيجيات التعلـيم المفـرد تسـتند إلى مجموعة من الأسس والمبادئ التربوية النفسية من أهمها :
_التعليم عند علماء تكنولوجيا التعليم – عبارة عـن رد فعـل غـير مصـاحب بوجـود تلميحـات أو إلماعات مناسبة.
_يتم توجيه المتعلم بوجود علامات ترشده للاستجابة المستهدفة فإذا ما أتى بالاسـتجابة الصـحيحة فإن سلوكه يعزز ، ويدعم بعد كل خطوة ليحـدث ربـط بـين المثير والاسـتجابة ، ومـن ثـم يـتم الوصول إلى الاستجابات المسـتهدفة عـن طريـق التغذيـة الرجعـة ، والـدفع المتزايـد ، والفـوري لتشجيع المحاولات الصواب واستبعاد المحاولات الخطأ .
_يقتصر تفريد التعليم ، ومراعاة الفروق الفردية في التعليم ، على الخطـوة الـذاتي اي سرعة التعلم ، وعلى عدد المهام التي يتعلمها الفرد لبلوغ الهدف نفسه فبعض المتعلمين يمكنهم أن يصلوا إلى الاستجابات الصحيحة بسرعة ، ويتطلبـون تـدريبات أقـل مـن غـيرهم للوصـول إلى علاقة أو تعميم معين ، ولا يحتاجون المتعلمون إلى تضـييع أوقـاتهم أو شـغل أنفسـهم في مهـام تعليمية أو مهام تؤدي الى سلوكيات أو خبرات تعلم تكون في حوزتهم .
_التحديد الدقيق للسلوك المبدئي للمتعلم .
_اعتبار كل متعلم حالة خاصة في تعلمه
الصفحة 55
_التحديد الدقيق للسلوك النهائي للمتعلم .
_الصـورة العامـة للتعلـيم هنـا هـو : التعلـيم المفـرد ولـيس التعلـيم الشخصي بمعنى ان المتعلم قد يعمل منفرداً ولكن المـادة الدراسـية التـي يتعلمهـا كـل فـرد واحدة للجميع ، وليس مكتوبة له شخصياً بمحتوى مختلـف عـن تلـك المكتوبـة لغـيره كـام هـو الحال في المدرسة الانسانية التي تضع برنامج ومحتوى مختلف لكل فرد .
_الحرية في الحركـة في اثنـاء عمليـة الـتعلم ، والحريـة في الاختيـار مـن مصـادر الـتعلم المناسـبة لحاجات كل فرد .
_لا ينتقل المتعلم من هدف إلى آخر إلا بعد وصوله إلى مستوى التمكن المحدد مسبقاً .
_التنوع في صور التعليم المفرد وهي :
_التعليم في صورة مجموعات كبرية.
_التعليم في صورة مجموعات صغرية (3 - 5فرد) .
_التعليم في صورة فردية .
الصفحة 56
مراجع الفصل الثاني
(انظر المراجع في الصفحة 57 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 57
(انظر المراجع في الصفحة 58 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 58
الفصل الثالث: أسس التعليم المفرد وإجراءاته
يستمد التعليم المفرد أسسه واجراءاته من بعض الحركـات التعليميـة والتربويـة والنفسـية التـي أظهرت خلال القرن السابق ، وفيما يلي نعرض بإيجاز لهذه الأسس والاجراءات
أولاً : أسس التعليم المفرد :
1-مواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين بصورة منهجية .
2 -الاعتماد على المنحى المنظومي في التعليم .
3 -التوظيـف الأمثـل للانفجـار المعـرفي والتكنولـوجي المتمثـل في ثـورة البرمجيـات والمـواد التعليميـة ، وثـورة الآلات مـن خـلال استثمار المسـتحدثات التكنولوجية والمواد التعليمية والتي يمكن ان تؤدي إلى تطوير حقيقي ونوعي في مجال التعليم في ظل ظروف معينة ، هذه الشروط يمكن توفريها في ظل تبني نظم التعليم المفرد واستراتيجياته .
4-التركيز على تنوع الأنشطة التعليمية اكرث من التركيز على المحتوى التعلمي نفسه.
5-التعلم عملية ينبغي أن يقوم بها المتعلم ذاته ، وتعتبر هـذه الركيـزة هـي الاسـاس المنطقـي الـذي يقوم عليه التعليم المفرد ، حيث تُلقى مسؤولية التعلم على عاتق المتعلم، شريطة وجود نظام يوفر التوجيه والإرشاد للقيام بنشاط التعلم وصولاً إلى تحقيق الأهداف المنشودة ، فالمتعلم لدية القـدرة الطبيعية على التعلم ، تظهر وتنمو تحت شروط معينة ، ترتبط ببيئة التعلم ، وما تشتمل عليه من وقائع، كما ترتبط بكيفية تصميم هذه البيئة ، وإدارتها ؛ مما يسـمح بالتفاعـل المبـاشر بـين المـتعلم وبين ما توفر له هذه البيئة من بدائل ، وخيارات، تعليمية، يجد بينها ما يناسبه، وهذا الأمـر يتـيح للمتعلم فرصة اكتساب مهارات الـتعلم الذاتي، وهـي مهـارات بقـاء في عـامل يتميـز بالانفجار المعرفي والتكنولوجي.
ثانياً : الاجراءات المطلوبة لتنفيذ التعليم المفرد في واقعنا التعليمي :
الصفحة61
لكي يتم تنفيذ التعليم المفرد من واقعنا التعليمي يجب اتبـاع مجموعـة مـن الاجـراءات التـي يمكـن اشتقاقها من الآتي:
1_حديد الاهداف التعليمية تحديداً اجرائياً دقيقاً :
وهي تمثل أحد الجوانب المهمة في هذا النوع من التعليم ،ويتم تحديدها بدقة كخطوة رئيسـية ،وتصاغ بصورة إجرائية تظهر السلوك النهائي الذي يتوقع أن يظهره المتعلم ، كما يراعـي عنـد صـياغتها أن تكون قابلة للملاحظة ، والقياس .
ويتم ترتيـب الأهـداف التعليميـة في صـورة هرميـة بحيـث يجـب عـدم الانتفال مـن هـدف ، أو مجموعة من الاهداف قبل إتمام هدف أو مجموعة أخرى سابقة في الترتيب . ومن الأمور المهمة في هـذا الشأن أن يزود المتعلم بالأهداف مقدماً حتى يعرف المطلوب منه ، وما يجب أن يكـون قـادراُ عـلى عملـة عند دراسة كل وحدة تعليمية ، وهذا المعنى يستخدم لتوجيه المتعلم في أثناء دراسته للوحـدة .ويمكن ان تزيد عملية تحديد الاهداف من فاعلية التعليم .
_2تشخيص حالة الطلاب:
ويهدف هذا الاجراء الى كشف جوانب القصور والضـعف في تعلـم الطـلاب قبـل بدايـة عمليـة التعلم الفعلية ، ومن خلاله يمكن تحديد أهم المشكلات التعليمية التي يعانون منها والتي قد تعمل عـلى إعاقة منو التعلم لديهم .
_3تسكين الطلاب :
ويهدف هذا الاجراء إلى تصنيف الطلاب وتقسيمهم إلى مجموعـة تعلـم صـغيرة في بعـض الحـالات ، ولكل مجموعة خصائص معينة تتطلبها عملية التعلم مثلما يحدث من عملية التعلم التعاوني ، كـما يمكـن من خلاله تقسيم الطلاب إلى مستويات تعليمية تتناسب مع قـدراتهم واتجاهـاتهم واسـتعداداتهم ويمثـل هذا الاجراء مرحلة مؤثرة في تفعيل عملية الدمج التربوي الشامل .
_4تعدد الاختبارات Tests-Mult
الصفحة 62
تستخدم في استراتيجات التعليم المفرد عدة اختبارات لكل منها وظيفة محددة وتوقيت معين وهي :
أ- اختبارات تشخيصية – تسكسنية
وهي التي تقدم عند بداية دراسة المقرر وسبق الاشارة اليها لتشخيص وتسكني الطلاب .
ب- اختبـارات متطلبـات الـتعلم المسـبقة وتهـدف إلى تحديـد مـدى استعدادات الطلاب لبدء تعلم موضوع تعليمي جديد أو لممارسة نشاط تعليمي محدد ، ويدل هـذا الاختبار على ان الطالب يمتلك الاستعداد المعرفي والمهاري والوجـداني الكـافي لدراسـة الموضـوع محـل التعلم ويطلق احياناً على هذا النوع اختبار السلوك المدخلي .
ج- اختبارات قابلية
وتستخدم بعد تحديد المستوى الذي يبدأ من عنده المتعلم عملية التعلم و تقـدم قبـل دراسـة كـل موديول على حده ، وتعتبر من مكونات الموديول ، وتهدف إلى الكشف عن الصعوبات المحددة التـي قد يواجهها المتعلم عند هذا المستوى ، وقد تسفر نتائج هذا الاختبار عن عدم وجود صـعوبات عنـد المستوى المحدد ؛ مما يسمح للمتعلم بالانتقال إلى دراسة موديلات أخرى ؛ لكي يحقق أهدافاً أخرى ، قبـل أن يتعامـل مـع محتويـات * وقد تستخدم الاختبـارات القبليـة لتهيئـة المـتعلم كمـنظم متقـدم قبل ان يتعامل مع محتويات الموديول ومكوناته الأخرى .
د- اختبارات ضمنية " بنائية – تكوينية "
وتستخدم في أثناء دراسة المتعلم لموديول معين بهدف مراقبة ومتابعة تقدمه في دراسة هذا الموديول، وهي ليست اختبارات طرفية ، ولكنها اختبارات قصرية ، متكررة ، ترتبط بأهداف الموديول بطريقـة مباشرة ، وتعتبر اختبارات للتقويم الذاتي الداخلي حيث يقوم المـتعلم بتصـحيحها بنفسـه وتقـدم لـه تغذيـة راجعة من شأنها تعزيز تعلمه .
هـ- اختبارات بعدية
___________________________
لمزيد من التفاصيل أنظر: عادل سرايا (2006 )التصميم التعليمي والتعلم ذو المعنى عمان، داروائل.
الصفحة 63
وهي التي تستخدم بعد الانتهاء من دراسة الموديول بهدف تحديد مدى تقدم المـتعلم نحـو تحقيـق الأهداف النهائية للموديول ، وباتخاذ القرارات المتعلقـة بالسماح للمـتعلم للانتقـال إلى الموديلات تعليمية أخرى ، أو إلى مستوى أعلى أو تزويده بمصادر تعلم إضافية .
و- اختبارات تجميعية " نهائية "
وهي التي ترتبط بجميع موديولات المقرر ، وبالأهداف التعليمية النهائية له ، وتقـدم للمـتعلم بعـد الانتهاء من دراسة جميع موديولات المقرر ، وتستخدم نتاجاتها لمنح التقدير أو الشهادات ، وللسماح للمتعلم بالانتقال إلى دراسة مقررات دراسية أخرى. وتتنوع الاختبارات المسـتخدمة في اسـتراتيجيات التعليم المفرد ، فتضم اختبارات عملية، وشفوية واختبارات الورقة والقلم ، التي منها اختبارات المقال، والاختبارات الموضـوعية مثـل : اختبـارات الاختبـار مـن متعـدد ، أو الصـواب والخطـأ ، والمزاوجـة، والإكمال ، وهذه الاختبارات الموضوعية هي الاكثر شيوعاً في استراتيجيات التعلـيم المفـرد اضـافة إلى الأنماط الأخرى الحديثة للتقويم الأصيل (البديل).
5 -التغذية الراجعة الفورية المتكررة Feedback Immediat / Frequaent
يراعى عند تصميم استراتيجيات التعليم المفرد تقديم تغذية راجعة فورية للمـتعلم عنـدما ينتهـي مـن عمل ما للتعرف على مستوى الاداء ومدى تقدمة نحو تحقيق الأهداف ، ويراعي كذلك تقديم التغذيـة الراجعة بصورة متكررة ومتنوعة وبأساليب مختلفة .
6 - التقويم مرجعي المحك Evaluation Refrenced-Criterion
ففي ظل استراتيجيات التعليم المفرد لا يستخدم المنحنى الاعتدالي في إعطاء التقـديرات ، ولا مجال هنا لمقارنة أداء المتعلم بأداء باقي المتعلمين ، حيث يكون نجاح المتعلم مستقلاً عن أداء الجامعة التي ينتمي إليها ، او أي مجموعة معيارية أخـرى . ومـن هنا لا تستخدم الاختبارات جامعية المعيار في هذا النوع من التعليم ، بل يقاس تقدم المتعلم بما يحققه هو من أهداف وفي ضوء محكات ومستويات تحـددها الاهـداف النهائيـة للمقـرر ، وغالباً مـا تسـمى
الصفحة 64
يسمح للمتعلم أن يتقدم نحو تحقيق أهداف كـل وحـده وفـق معدلـه وسرعته في التعلـيم ، وبالتالي لا يتم تثبيت زمن كل وحدة ، ولكن على المتعلم أن ينتهي مـن دراسـة جميـع وحـدات المقرر في إطار الفصل الدراسي ، أو العام الدراسي ، ويعنـي ذلـك عـدم ضرورة انتهاء جميـع المتعلمين مـن وحـدة واحدة في وقت واحد ، فقد يستطيع بعض المتعلمين أن ينتهوا من دراسة وحدتين في أسبوع واحد . ويعـد عدم تثبيت زمن تعلم الوحدات من أهم ما يميـز التعلـيم المفـرد حيـث يتسـم بالمرونة ، فيختلـف طـولًا من وحدة لأخرى تبعاً لموضوعها ومتطلباتها ، ومن متعلم لآخر تبعاً لقدراتـه واسـتعداداته وميولـه وحاجاته(علي عبد المنعم، 1998)
10- الحرية التعليمية Freedom Instructional
والحرية هنا تتمثل في وجود مجموعة متنوعة ومتباينة من الخيارات ، ومصـادر الـتعلم، وعـلى المتعلم أن يختار من بينها ما يناسبه.
ومن هذه الخيـارات في الأنشـطة التعليميـة "قـراءة –استماع –مشـاهدة –مناقشـة ... " وفي المواد التعليمية " أفلام متحركة –صور فوتوغرافيـة –بـرامج كمبيـوتر –لقطـات فيـديو –بـرامج فيـديو تعليمية– مواد مطبوعة –نماذج حقيقية..."
كما تتمثل الخيارات في نوعية الاختبـارات ومواعيـد التقـدم لهـا ، وتعـدد مسـتويات المحتـوى ، وتعدد اماكن التعليم وغير ذلـك مـن جوانـب العمليـة التعليميـة ، والجـدير بالـذكر أن الأنـواع المتعـددة لاستراتيجيات التعليم المفرد تختلف فيما بينها في مقـدار مـا تمنحـه للمـتعلم مـن حريـة في اختيـار المـواد التعليمية.
11-الاستعانة بمساعدين (مراقبين ) للمعلم يسهم في تسهيل عملية التعلم :
حيث تحتاج بعض نظم التعليم المفرد واستراتيجياته مثل خطة كيلر ، الى الاسـتعانة بـبعض المراقبين. من المتعلمين انفسهم أو معاونو من ذوي الخبرة التعليمية.
12-توفير الادارة التعليمية الجيدة والتي تساعد في تقديم وتهيئة المناخ التعليمي لتنفيذ التعليم المفرد
13-تنوع أساليب التعليم Styles Learning Alternate
الصفحة66
لا تلغى نظم وأساليب التعليم الجمعي عند استخدام التعليم المفرد ، ولكنها قـد تكـون اختياريـة في بعض مراحلة أو اجبارية في مناسبات معينة ويجد المتعلم الفرصة للعمل والدراسة المستقلة أو من خلال مجموعـات صـغرية أو التواجـد في مجموعـات كبـيرة
14 -تعدد أماكن التعليم Locations Learning- Multi
تعدد اماكن التعليم لتشمل معمل التعلم الذاتي ، والنظري ، أو المعمل العملي ، وقـد تشـمل أمـاكن التعلم :المكتبات ،ومركز مصادر التعلم ، والورش ، والزيارات الحقلية وقد تكـون داخـل حجـرات الدراسـة العادية .
15-التعلم حتى التمكن learning for Mastery
ويعتبر التعلم حتى التمكن من ابراز الاجراءات الاساسية للتعليم المفـرد ، ولـذلك سـوف نعـرض لـه ببعض التفصيل فيما يلي:
يؤكد التعلم حتى التمكن كفلسفة تعليمية على انه في ظل ظروف تعليمية ملاءمة يمكن لجميـع الطـلاب ان يتعلموا على نحو جيد بمعنى أن " يتقنوا " ما تعلموه . ومع ازدياد الاصـوات المادية في هـذا الوقـت بضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة في التربية فإن هذه الفلسفة تجد صدى كبير في الاوساط التربوية في ظل ظروفنا الاقتصادية من ناحية ، ولما تسعى إليه مـن زيـادة فـرص الطـلاب من البقاء الاجتماعي .
ويقصد بالتعلم حتى التمكن كإجراء بأنه مستوى يحدد مسبقاً بصورة كمية مثلاً 80 %أو 90 %يرجـى أن يحققه كل متعلم بعد الانتهاء من أي موقف تعليمي أ و عدد من المواقف التعليمية ، ومن خلال هذا يتم الحكم على ناتج التعلم ومدى كفاءة نظم التعلـيم المفـرد واسـتراتيجياته بما فيهـا المعلـم كأحـد العنـاصر المهمة ولا يسمح للمتعلم بالانتقال من دراسـة موديـول قبـل اجتيـاز الأهـداف الخاصـة بـالموديول الـذي يسبقه في تسلسل الموديولات ويحدد مستوى الاتقان بنسبة معينة من الأهداف الخاصة بالموديول وعلى المـتعلم أن يحققها . ويفترض وصول المتعلم إلى مستوى الإتقان في كل وحدة على حدة فإن ذلك يمكنـه مـن الوصـول الى مستوى الإتقان المحدد للمقرر ككل .
مبادئ التعلم حتى التمكن :
الصفحة 67
يرتكز التعلم حتى التمكن على مجموعة من المبادئ من اهمها :
1 -تتفاوت فترة التعلم وفقا لمعدل تعلم كل طالب ، لكن مستوى التحصيل المتوقع ثابت. وهذا الاسـلوب للتوافق او الملائمة الفروق الفردية يختلف عـن الاعتقاد الشـائع بـأن الطالـب بطيء الـتعلم لا يستطيع ان يحقق نفس المستوى من الكفاءة او المهارة مثل باقي زملاءه في الصف .
2-معظم الطلاب قادرون على تحقيق الكفاءة والمهارة في التعلم المطلوب إذا أ تيح له الوقت الكافي للتعلم .
3 -التقويم من نسيج العملية التعليمية و جوهرها ، ومن الصعب متابعة هذا الـنمط دون تـوافر تقـويم لمستوى الطالـب المبـدئي ( التقـويم التشخيصي ) واستمرارية في عمليـة التقـويم (تقـويم بنـائي ) وتقويم لمستوى الطالب النهائي (تقويم تجمعي) .
4 -ينافس الطلاب في هذا النموذج إلا مع زملائهم في الصف ولكن مع معيار أخر (مستوى الاتقان) بمعنى ان هدفهم يصبح التعليم وليس التنافس مع زملائهم .
5 -تستند الدرجات على أداء الطلاب وعلى مسـتوى كفـاءتهم فـيام حققـوه أو توصـلوا إليـه ولـيس عـلى أساس المنحنى الاعتدالي .
الصفحة 68
مراجع الفصل الثالث
(انظر المراجع في الصفحة 69 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 69
الفصل الرابع: استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية
مقدمة
تزخر الادبيات التربوية بصفة عامة وأدبيات تكنولوجيا التعليم بصـفة خاصـة بالعديـد مـن الـنماذج التي تتناول استراتيجيات التعليم المفرد وطرائقه التكيفية، ولكل استراتيجية أو طريقة مجموعة من الملامـح والخصائص المميزة عن غريها ، ولكنها تتفق في عدة مبادئ واحدة منها :
_ تحقيق إيجابية المتعلم من خلال تفعيل عملية التعلم الذاتي.
_ مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين من جميع جوانبها بصورة منهجية.
_ تكييف المواقف التعليمية لتتلاءم مع سمات واستعدادات المتعلمين.
_ التأكيد على مبدأ الاتقان في التعليم.
_ توفير أكبر قدر ممكن من الحرية التعليمة للمتعلم اثناء الدراسة من خلال التنوع في مصادر التعلم.
ويمكن تقسيم استراتيجيات التعليم المفردة وطرائقه الى ثلاث فئات :-
الفئة الاولى : استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية ومن أهمها:-
1-التعليم المبرمج
2 -استراتيجية بلوم في التعلم حتى التمكن.
3 -الألعاب التعليمية
4 -الموديولات التعليمية
5-الحقائب التعليمية.
الفئة الثانية : إستراتيجيات التعليم المفرد المعاصرة ومن أهمها.
1 -برامج التربية الموجهة للفرد.
2 -برامج التعليم طبقا للحاجات.
-3التعليم الشخصي.
4 -التعليم الموصوف للفرد.
الصفحة 73
5 -نظام التوجيه السمعي.
6 -نظام التعليم القائم على تعزيز الاحتمالات.
7-نظام التعليم بمعاونة الكمبيوتر .
8 -نظام التوجيه المريء .
9 -نظام التعليم بالفيديو التفاعلي.
الفئة الثالثة : استراتيجيات التعليم المفرد التكيفية ومن أهمها:
1 -الدراسة المستقلة الذاتية.
2 -طريقة دالتون (التحسينات)
3 -الدورات المصغرة.
4 -التعلم بالتوليفات.
5 -طريقة التعلم بالعقود.
6 -التعلم بالبطاقات التعليمية.
وفيما يلي سنقصر الحديث عن بعض استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية نعرض ايضا لـبعض استراتيجيات التعليم المفرد المعاصر في الفصل القادم.
نماذج من استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية :
تعد الموديولات والحقائب التعليمية مـن اكـرث استراتيجيات التعلـيم المفـرد التقليديـة شـيوعا وانتشـاراً في الأوساط التربوية، وهناك الكثير من أوجه التشابه في مكونات كل منهام. وقبل التعرض الى هـذه المكونـات تفصيلا، نود الاشارة الى أهم العوامل والاسس التي يمكن تصنيف الموديولات والحقائب في ضوئها:
أسس وعوامل تصنيف الموديولات والحقائب:
( أ ) مجال الاستخدام
الصفحة 74
وتبعا لهذا العامل فيمكن تصنيفها الى :
1 - موديولات / حقائب تعليمية:
وهي الأكثر شيوعا في الميدان التربـوي وتسـتخدم في الغالـب كمعالجـات تدريسـية/ تعليميـة تـبرز مبـدأ التعلم الذاتي وتؤكده، وتصلح للاستخدام مع جميع المقررات الدراسية وكافة المراحـل التعليميـة وخاصـة المرحلة المتوسطة (الاعدادية)- المرحلة الثانوية.
2 -موديولات / حقائب تدريبية:
وهي التـي ميكـن اسـتخدامها كاطـار في تنظـيم و تنفيـذ وتقـديم الـبرامج التدريبيـة النوعيـة في مجـالات تخصصية تتعلق غالبا بالجانب الأدائي للعملية التعليمية ومن أمثلتهـا – موديـولات/ حقائـب تدريبيـة في مجال (تنمية مهارات تصميم التعليم – مراكز مصادر التعلم- تدريب المدربين).
3 -موديولات / حقائب ارشادية
وهي التي يتم بنائها وتصميمها بهدف توجيه وارشاد الجمهور المسـتهدف في مجـالات متعـددة سـواء في علم النفس أو مجال تقنيات التعليم مثل استخدام الأجهزة وصيانتها، ومن أمثلتهـا موديـولات/ حقائـب ارشادية لتشغيل الأجهزة التعليمية وصيانتها.
( ب) طبيعية المواد التعليمية (مصادر التعلم) : وتبعا لها العامل تصنيفهما الى:
1 -موديولات / حقائب مسموعة.
حيث تستخدم التسجيلات الصوتية كمصدر رئيس في تقديم المعلومات وتوجيـه المـتعلم وارشـاده اثنـاء عملية التعليم و تُصمم هذه الموديولات وفقا لنظام التوجيه السمعي ويمكن اسـتخدام هـذا الـنمط مـع فئة المتعلمين المكفوفين وضعاف البصر.
2 -موديولات / حقائب مرئية:
حيث يتم اختزال المحتوى التعليمي وترجمته الى رسائل تعليمية مرئية يسـهل قراءتهـا وفهـم محتواهـا، على اعتبار أن الوظيفة الرئيسية للمرئيات تشكل وسيلة اتصال
الصفحة 75
ملموسة توحى للتلاميذ بالمعنى اكرث من الكلمات المطبوعة التقليديـة او المسـموعة، ويمكن اسـتخدام هذا النمط في تعليم الأطفال الصغار والتلاميذ الصم، أو المعاقون ذهنيا، وتأكيدا على ذلـك فقـد أشـار الفرجاني (1997) الى أهمية الصور التعلمية حيث أنها يمكن أن تسهم في
- تقديم الحقائق العلمية في صورة معلومات مرئية.
- اتاحة فرصة المقارنة بين الحجوم والابعاد الاشكال.
- اعداد المتعلم وتدريبه على مهارات التفكري الاستنباطي.
3 -موديولات / حقائب تعليمية متعددة الوسائط المتفاعلة:
وفيها يتم ترجمة المحتوى التعليمي الى برمجيات تعليمية متعددة الوسائط، حيث يتكون كل موديـول او حقيبة من عدة اطارات او شرائح أو شاشات يعرض من خلالها المحتـوى في صـورة نـص مكتـوب منطـوق، وصورة ثابتـة ومتحركـة ورسـوم خطيـة ومـؤثرات صـوتية بالإضافة الى الاسـتفادة مـن تكنولوجيـا الواقـع التخيلي.
اضافة للعوامـل سـابقة الـذكر توجـد هنـاك عـدة عوامـل أخـرى ميكـن أن تصـنف في ضـوئها الموديـولات والحقائب منها :
1 -طبيعة المتعلمين والجمهور المستهدف .
2 -مجال المادة الدراسية ( علوم – لغات – رياضيات).
-3طبيعة الإنتاج ( تجاري مقنن).
4 -درجة التصميم ( بسيط- معقد).
وفيما يلي عرضاً لبعض الاستراتيجيات بشيء من التفصيل.
أ_ الموديولات التعليمية: Modules Instructional
تمثل الموديولات التعليمية أحد معالجة التعليم المفرد التي تقوم على مبدأ التعلم الـذاتي، فهـي وحـدات تعليميـة صـغرية متكاملـة ومترابطـة تراعـي الفـروق الفرديـة بـني المتعلمين، يمكـن تصـميمها في صـورة موضوعات مترابطة ومتكاملة في تتابع معين، وقد تستخدم في تقديم مقرر دراسي كامل.
الصفحة76
والموديول كلمة يونانية الأصل تعني جزء من مقطوعة موسيقية او ترنمية، ودخلت هذه الكلمة الى المجال التربوي في الدول الناطقة باللغة الانجليزية وبقت فيها من حيث النطق اليوناني مع كتابته بحروف عربيـة والمعنى الحقيقي للموديول هو باقة محددة منفصلة عن مواد المنهج التي تبنى لخدمة غرض قريب كجزء من هدف بعيد.
ويمكن تشبيه الموديل في المنهج بالجملة الموسيقية المنفصلة القصيرة والتي تحقق هدفا صغريا هـو الطـرب السريع، ولكن هذه الجملة تشكل - بجانب عـدة جمـل تسـبقها او تليهـا – مقطوعـة موسـيقية متكاملـة تحقق هدفا اكبر هو التنوع في الطرب.
مفهوم الموديول التعليمي
يعرف الموديول التعليمي في أبسط صورة بأنه " وحدة تعليمية صغرية متكاملة ومترابطة تتيح للمتعلم التقدم في دراسته وفق قدراته واستعداداته وخطوه الذاتي لتحقيق أهداف تعليمية محددة " كما يعرف على أنه " وحدة تعليمية تضم مجموعة من نشاطات التعليم روعي فيها عند التصميم أن تكون مستقلة ومتكيفة بذاتها ليك تساعد المتعلم على أن يتعلم أهدافا تعليمية محددة تحديدا دقيقا في زمن غير محدد يتوقف على طول ونوعية الاهداف ومحتوى الوحدة"
كما يعرف بأنه " وحدة قياسية قائمة ضمن نظـام تعليمـي أشـمل لـتعلم التلميـذ وفـق سرعتـه وخطوة الذاتي في فترات زمنية متفاوتة عن طريق مجموعة مـن النشـاطات التعليميـة المرتبطـة بأهـداف اجرائية محددة يمكن قياسها عن طريق اختبارات مرجعية المحك وذلك بهدف اتقان التعلم"
مميزات الموديولات التعليمية
تتمتع الموديولات التعليمية بالعديد من المميزات، حيث انها يمكن أن تسهم في:
1 -توفير المرونة اللازمة لكـل مـن المعلـم والمـتعلم اثنـاء عمليـة التعلـيم في تنظـيم الموضـوعات وسـبل تقدميها.
حيث يعتمد التعليم هنا على ايجابية المتعلم ونشاطه الذاتي مسترشدا بما يتضمنه الموديـول مـن تعلـيمات وارشادات والتغذية المرتدة لتصحيح مسار المتعلم، كما يؤدي المعلـم دورا ارشـاديا وتوجيهيـا هامـا، حيـث يقوم بمساعدة المتعثرين في دراستهم، كما
الصفحة 77
يقدم للمتعلم أو يرشده الى المادة التعليميـة البديلـة التـي تتنـاس مـع احتياجاتـه وقدراتـه واسـتعداداته العقلية
2 -توفير الحرية التعليمية المتمثلة في:
أ-وجود مجموعة متباينة من الخيارات والمواد التعليمية (مصادر التعلم)، وعلى المتعلم ان يختار منها ما يتناسب مع ميوله وقدراته.
ب- تعدد الاختبارات وتنوع أهدافها واختلاف مواعيد التقدم لها.
ج- تنوع صور المحتوى وأشكاله، بين المحتوى المرئي والمحتوى اللفظي والأنشطة التعليمية.
د- تعدد اماكن التعليم.
هـ- تعدد أمناط التعليم في مجموعات صغرية أو بصورة فردية.
3 -تفعيل التقويم مرجعي المحك.
حيث لا مجال هنا لمقارنة أداء التلميذ بأداء باقي زملائه، حيث يكون نجاح التلميذ مستقلا عـن اداء الجامعة التي ينتمي اليها أو أي جامعة معيارية أخرى، واذا اخفق المتعلم في تحقيق بعض او كل الاهداف المنشودة فليس معنى ذلك انه قد فشل، فقد يرجع الخطأ الى التوجيه او عدم تـوفير الخيـارات التعليميـة المناسبة. (مصادر التعلم المناسبة)
4 -مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين و ذلك من خلال:
أ- عدم وجود زمن محدد للانتهاء من دراسة الموديول، وامنا يترك لكل مـتعلم كامـل الحريـة في الانتهـاء ُ من دراسة الموديولات المكونة للبرنامج حسب قدراته وخطوة الذاتي.
ب- امكانية تخطي المتعلم احد الموديولات بالكامل وذلك اذا اثبت من خـلال الاختبـار القـبلي للموديـول انه يتقن الاهداف المحددة له بالمستوى المطلوب.
5 -تعميق الاتجاه لدى المتعلمين نحو التعليم المستمر مدى الحياة .
6 -إثارة تفكري المتعلمين واتخاذ القرارات بأنفسهم.
الصفحة 78
مكونات (عناصر) الموديول التعليمي .
يتكون الموديول التعليمي من عدة مكونات أو عناصر يمكن حصرها في الآتي:
1 -عنوان الموديول (صفحة العنوان) . ويتضح من خلاله عنوان الموضـوع والقـائم بإعداده وتخصصـه وعند تصميمها يفضل وضع صورة أو رسم يعبر عن الموضوع.
2 -أهمية دراسة الموديـول : وتتضـمن مـبررات موضـوع الموديـول وتشـكل هـذه الأهميـة نـوع مـن الدافعية لإقبال المتعلم على دراسته كما يمكن اعتبار أهمية دراسة الموديول بمثابة المنظم التمهيدي لدراسة الموديول.
3 -الأهداف التعليمية، ويتم صياغتها في صورة سلوكية اجرائية يسهل قياسها وملاحظتها على أن تكون منوعة وشاملة للمكونات الثلاث (المعرفية- الادائية- الوجدانية)
4 -الاختبار القبلي ويتم تقدميه قبل دراسة الموديول ويهدف الى قياس مدى متكن المتعلم من الموديول أم لا؟ أو مدى حاجة المتعلم لدراسة الموديـول ؟ ويقـدم هـذا الاختبـار غالبـا في صـورة موضـوعية كالاختبار من متعدد أو الصواب والخطأ أو غري ذلك .
5 -المحتوى والانشطة التعليمية: ويتضمن المحتوى التعليمي مجموعة من الأنشطة المتنوعة يقوم بهـا المتعلم ومرتبطة بشكل مباشر بالأهداف التعليمية للموديـول، ويـتم تقـديم المحتـوى في أكـرث مـن صورة مصورة أو لفظية.
6 -الاختبار التكويني:
وهو اختبار ذاتي ضمني قصري يتم تقدميه أثناء دراسة الموديـول بهـدف التعـرف عـلى مـدى تقـدم المتعلم في دراسته للموديول، ويوفر هذا الاختبار تغذية مرتدة للمتعلم التي تعرفه بأنه مازال على الطريق السليم تحقيق الأهداف المرسومة.
7 -الاختبار البعدي :
ويتم تقدميه بعد انتهاء المتعلم من دراسة الموديول تماما، ويهـدف الى الكشـف عـن مـدى تحقيـق المتعلم للأهداف التعليمية، ويكون هذا الاختبار متشابها في الغالب مع الاختبار
الصفحة 79
القبلي أو يكون هو نفسه مع الاختلاف في ترتيب مفردات الاختبار.
8 -ملاحق الموديول وانشطته الأثرية:
وتتضمن أجوبة أسـئلة الاختبـار التكـويني مـع تقـديم مجموعـة مـن الانشـطة الاثرائيـة وخاصـة للمتعلمين الذين ينتهون مبكرا من دراسة الموديول وبشرـط أن تكـون مرتبطـة بموضـوع الموديـول وتقع هذه الأنشطة ضمن نطاق نظام التقويم البديل.
ب- الحقيبة التعليمية :
وهي استراتيجية تعليمية تقوم على مبدأ التعلم الذاتي أيضا ويتم التركيز فيها على وجـود وسـائل وبدائل واساليب تعليم متعددة أمام المتعلم يستطيع مـن خـلال مزاولتهـا أن يحقـق الاهـداف التعليميـة المنشودة ، وفيها يسري المتعلم وفق سرعته التعليمية وخطوه الذاتي، وتعطى المتعلمين بطيئو التعلم مزيـدا من الوقت، بحيث تمكنهم من تحقيق الاهداف المرسومة دون ان يشعروا بالفشل ، كما أنها لا تعتمد على مقارنة المستوى التعليمي للمتعلم بمسـتوى أي معلـم آخـر، ولكـن المعيـار هنـا هـو الوصـول الى مسـتوى الإتقان المطلوب.
مراحل تطور الحقيبة التعليمية.
لقد مرت الحقائب التعليمية بمراحل متعددة حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم من تطور تقني كبري يتواكب مع التطور التربوي في كافة المجالات ، وقد تنافست العديد مـن الشركات وكـذلك الأشـخاص عـلى إنتاج هذه النوعية من المعالجات التعليمية، مع التسابق لإدخال الكثير من الابتكارات في تصميم مكوناتها وأهم مراحل تطور الحقائب التعليمية:
أ- مرحلة ظهور صناديق الاستكشاف :
وقد ظهرت هذه الصـناديق في بدايـة السـتينات بمركز مصـادر المعلومـات بمتحـف الاطفـال بولايـة بوسطن الامريكية. حيث قامت الهيئة المشرفة على المركز، بابتكار مجموعـة مـن الصـناديق وضـعوا فيهـا مواد تعليمية متنوعة تعرض موضوعا محددا بشرط ان تتمركز جميع محتويات الصندوق حول ابراز هـذا الموضوع بأسلوب يمتاز بالتكامل والترابط.
الصفحة 80
وقد ذكرت ( سعدية بهادر 1980 ،ص 18) أن الموضوعات التي دارت حولها هذه الصـناديق مـن بـدايتها هي:
_ صندوق الدمى والعرائس التي تمثل أنماطا من بعض بلدان العامل المختلفة.
_صندوق السيرك الدولي الذي يحتوي على الكثير من الألعاب والشخصيات الدولية المشتركة في السيرك.
_صندوق الحيوانات المتنوعة المختلفة التي تمثل نماذج مختلفة من الحيوانات.
_صندوق السيارات المتنوعة والمختلفة التي تمثل نماذج من سيارات منتشرة أو مصنوعة في دول العامل.
ولقد كانت هذه المجموعات البداية الأولى لاستخدام صناديق الاستكشاف وتداولها حيث لاقـت فـيما بعد اهتماما كبيرا من جميع الأفراد وخاصة من الأطفال الذين قاموا بزيارة المتحف، كما كـان لهـا رد فعـل كبري وأثر طيب في نفوس أباء الاطفال ومعلميهم الذين اصحبوهم الى المتحف.
ولقد اعرب الاباء والمعلمين عن رغبتهم في استعارة هذه الصناديق لاستخدامها مع اطفالهم في البيـت او في الحضانة التربوية والرياضيات .. الخ وقد وافق مجلس ادارة المتحف على هذا الطلب ، ولكنهم أوصوا بضرورة العمل على ادخال بعض التعديلات على محتويات الصناديق المعروضـة بـالمتحف ليسـهل تـداولها و يمكن الاستفادة منها بشكل اكبر وحتى تستمر في جذب انتباه الاطفال اليها لتفقدها رونقها وبهجتها.
وفي ضوء ذلك بدأ أعضاء مجلس ادارة المتحف في التخطيط والاعـداد لإنتاج المزيـد مـن الصـناديق الاكـثر تطورا وتجمع مستخدمين في ذلـك المـواد التعليميـة ذات الابعـاد الثلاثـة مثـل المجسمات والـنماذج، كـما تضـمنت الصـناديق المطـورة كتيـب للتعليمات وخـرائط تحليليـة وصـفية توضـع الهـدف مـن اسـتخدام الصندوق.
ب-مرحلة ظهور وحدات التحايل التعليمية :
نظرا للنقد الذي وجه لصناديق الاكتشاف والذي دار حول قصورها في تنميـة واكسـاب الاطفـال للمفاهيم المركبة والمعقدة بالإضافة الى عدم قدرتها على تدريب الاطفال على حل المشكلات، فقد أدى هذا النقد إلى بذل المزيد من الجهد في البحث
الصفحة 81
عن التكنيكات التي تساعد على تطوير هذه الصناديق ، لمعالجـة نـواحي القصـور الموجـه لهـا ، ولقد تمكنوا بالفعل من تحقيق ذلك في منتصف الستينات مـن القـرن السـابق. وذلـك بفضـل المسـاعدات المالية الضخمة التي محتها الحكومة الفيدرالية بأمريكا لتطوير هذه الصناديق.
وبالفعل فقد تم تعديل وتطوير هذه الصناديق واطلقوا عـلى الصـناديق المطـورة اسـم "وحـدات التقابـل التعليمية"، وذلك بعد أن أ صبح محتوى الصندوق يتضمن مواد تعليمية متنوعـة الاسـتخدامات ومتعـددة الأهداف مثل: الصـور الثابتـة والأفـلام المتحركـة والأشرطـة المسـجلة، و الألعـاب التعليميـة والنماذج ..الـخ بالإضافة إلى وجود دليل المعلمة الذي يتضمن شرح لطريقة تصـميم وتنفيـذ الانشـطة التعليميـة الفرديـة والجامعية، الحرة والموجهة ، كما يتضمن الدليل عرض مفصل لأهم الخبرات والمهارات التي يمكن أن تنبثق عن كل جزء من أجزاء الوحدة.
ولقد اُقترح في دليل المعلمة أ ن تتراوح فترة استخدام الصـندوق الـذي يمثـل وحـدة التقابـل مـن أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، كما تضمن الدليل تخطيطا مبرمجـا دقيقـا للخطـة والبرنـامج اليـومي لاستخدام الصندوق خلال هـذه المـدة مصـحوبا بشرح مفصـل لجميـع أنـواع المـواد التعليميـة التـي احتـوى عليهـا الصندوق.
ج- مرحلة ظهور وحدات التقابل التعليمية المصغرة :
وهدفت هذه الوحدات الى تركيز الاضواء حول جزء واحد من أجزاء وحدة التقابل الرئيسـة ، أو اختيار مفهـوم واحـد مـن المفـاهيم المتضـمنة داخـل وحـدات التقابـل الرئيسـية وتوظيـف جميـع المـواد والأنشطة التعليمية بهدف تبسيط هذا المفهوم للأطفال.
د- مرحلة ظهور الحقائب التعليمية:
ومع مرور الوقت اسـتمرت عمليـة التجريـب والتطـوير والتعـديل لوحـدات التقابـل وصـناديق الاكتشاف حتى أصبحت في صورة تكنولوجية حديثة أطلق عليها الحقائب التعليمية للأطفال وهي التي تداولها وانتشر استخدامها بعد ذلك خلال عقد السبعينات وأوائل الثمانينات تحـت مسـمى الحقائـب التعليمية او الرزم التعليمية كما
الصفحة 82
يحلوا للبعض أ ن يسميها، ومازالت هذه التسمية هي الأكثر انتشارا بين الاوسـاط التربويـة حتـى الأن.
هـ- مرحلة ظهور الحقائب التعليمية متعددة الوسائط المتفاعلة :
مع التطورات السريعة والمتلاحقة في عامل الكمبيوتر أمكن إحداث التكامل والترابط بين مجموعة من الوسائط المؤتلفة في شكل من أشكال التفاعل المنظم والاعتماد المتبادل يؤثر كل منها في الاخر- عرفـت باسم الوسائط المتعددة المتفاعلة، التي أمكن تصميم حقائب تعليمية في ضوئها ، حيث تعمل جميع هـذه الوسائط من أجل تحقيق هدف واحد أو مجموعة مـن الأهـداف المرسـومة ، وتتكـون الوسـائط المتعـددة المتفاعلة من عدد من العناصر أهمها، النصوص المكتوبة والمنطوقة، والرسوم المتحركـة والخطيـة، والصـور الثابتة والمتحركة والمؤثرات الصوتية.
وعند تصميم المحتـوى والانشـطة التعليميـة الخاصـة بالحقيبـة يشـترط أ لا يقـل عـدد العنـاصر المستخدمة في عملية التصميم عن عناصر حتى نتمكن من تقديم كل مفهوم أو نشـاط بشـكل يراعـي عملية العائد والتكلفة على هذه الوسائط ونخلص من ذلك أن العبرة في برنامج الوسائط المتعـددة ليسـت بعدد عناصرها، ولكن العبرة هنا ترتبط مبدى مناسبة هذه الوسائط المسـتخدمة لعـرض مفـردات المحتـوى التعليمي- فيام يسمى بمفهوم الوسـائط المثاليـة والجـدير بالـذكر ان هـذا النـوع مـن الـبرامج يحتـاج الى مجموعة خاصة من البرامج والاجهزة اللازمة لإنتاج وعرض الوسائط. (علي عبد المنعم، 1998 )
مفهوم الحقيبة التعليمية:
رغم تعريفات الحقيبة التعليمية المتنوعة، إلا أنها تشترك جميعا في إ براز مكوناتها الاساسية ومفاهيمها العامة .. وأهم هذه التعريفات أ نها:
- مجموعة من الخبرات التعليمية أو التدريبية يتم إعدادها وتصميمها من قبل خبراء مختصين بطريقة منهجية ومنظمة.
- برامج محكمة التنظيم تقترح مجموعة من الأنشـطة والبـدائل التعليميـة التـي تسـاعد المـتعلم عـلى تحقيق أهداف تعليمية محددة ، تحتوي على عدد من العناصر
الصفحة 83
المشتركة مثل : مقدمة لتوضيح أهمية دراسة الموضوع ، التقويم القبلي، الأهداف السلوكية الاجرائية، الأنشطة التعليمية ، التقويم البعدي"
- برنامج تعليمي محكم التنظيم ، هدفه الأساسي المساعدة على تفريد التعلـيم عـن طريـق مجموعـة من الوسائل المتعددة والأساليب المتعددة، والمحتوى متعدد المستوى، والانشطة المتعـددة التـي تتـيح للمتعلم فرصا من الإختيارات المتعـددة بحيـث تناسـب نمـط تعلمـه وتسـاعده في تحقيـق الأهـداف التعليمية المرجوة .
-وعاء معرفي يحتوي على عدة مصادر للتعلم صـممت عـلى شـكل برنـامج متكامـل متعـدد الوسـائط يستخدم في تعلم وتعليم وحدات تعليمية معرفية متنوعة تتناسب مع قدرات المتعلم وتناسب بيئته، ويؤدي تعلمها الى زيادة معارف وخبرات ومهارات المتعلم، وتؤهله لمقابلة مواقف حياتية تـرتبط مـع ما اكتسبه نتيجة تعلمه محتوى هذه الحقيبة.
سمات الحقيبة التعليمية :
تتمتع الحقيبة التعليمية بعدة خصائص وسامت يمكن تلخيصها فيما يلي:
_1مراعاة الفروق الفردية :وتمثل هذه السـمة الهـدف الاسـاسي لإعداد الحقيبـة التعليميـة واسـتخدامها كغيرها من نظم التعليم المُفرد، ومن أهم الملامح التي تدل على مراعاة الفروق الفردية في الحقيبة:
أ- إعداد الإختبار القبلي لتحديد السلوك المدخلي لكل متعلم حيث تختلـف نقطـة بـدء كـل مـتعلم عن الآخر.
ب مراعاة السرعة الذاتية للمتعلمين، حيث يترك عنصر الزمن خاضـعا لظـروف كـل مـتعلم وخطـو ة الذاتي فهناك فئة بطيئوا التعلم الذين يحتـاجون لمزيـد مـن الوقـت لـيك يحققـوا المستوى المطلوب من الاتقان، وهناك سريعو الـتعلم الـذين مـن الوقـت لـيك يحققـون مسـتوى الاتقان في وقت اقل وهناك فئة المعاقون ( بصريا _ سمعيا – عقليا) الذين هم في حاجة لتصـميم حقائب تعليمية تراعي خصائصهم وحاجاتهم.
الصفحة 84
ج- تعدد الأنشطة والبدائل التعليمية: حيث يختـار المـتعلم الوسـيلة التعليميـة او النشـاط التعليمـي الذي يناسب استعداداته وقدراته وميوله حيث ل اتوجد وسيلة تعليمية مثلى يمكن تعليمية مثلى يمكن تعميمها على كافة الطلاب.
د-تنوع اسلوب نمط التعليم وذلك من خلال التعليم في صـورة فرديـة او في صـورة مجموعـات صـغيرة (5-3)او في صورة مجموعات كبرية .
_ 2التركيز على موضوع (مفهوم) واحد ومحدد :
فتعالج الحقيبة موضوعا محددا او فكرة واحدة رئيسـية او مفهومـا واسـعا ، ويتوقـف مسـتوى الحقيبة وإعدادها لمقرر أو وحدة دراسية معينة ، على طبيعة المرحلة والموضوع ومـدى بسـاطة الموضـوع أو تعقيده فهناك حقائب تعليمية قصرية تركز على افكار رئيسية عامة وتعالجها ببساطة دون تعقيد وهي الخاصة بالمرحلة الابتدائية ورياض الاطفال، وهناك حقائب تعليمية أكثر عمقاً وتفصـيلا وتتضـمن أنشـطة تعليمية متنوعة وهي الخاصة بالمراحل التعليمية العليا.
3 -منظومة متكاملة للتعليم :
فعند استعراض مكونات الحقيبة نجدها تخضع لعناصر النظام بمدخلاته وعملياته ومخرجاته، فيتم تحديد الأهداف التعليمية بدقة وكذلك بيئية التعلم واختيار المواد التعليمية ومصادر التعلم ورسم خطـة العمل لاستخدامها وتتفاعل جميع هذه العناصر تفاعلا وظيفيـا مـع خصـائص المـتعلم لتحقيـق الأهـداف المرسومة.
4 - التعلم حتى التمكن :
حيث يتحدد في الحقيبة محكات واضحة وثابتة لتقويم المتعلمين، ويمكن أن يتحدد في هـذا المحـك في صورة نسبة مئوية( 85 %أو 90%)أو في صورة عدد من الاجابات الصحيحة من العدد الكلي.
5 - ايجابية المتعلم وتفاعله :
فالحقيبة تشتمل على وسائل متعددة ووسائط متنوعة واستراتيجيات متفاوتة تجعل سـمة التفاعـل من أهم ما يميز هذه التقنية أو المعالجة.
الصفحة 85
6 -التوجيه الذاتي للمتعلم أو القدرة على اتخاذ القرار:
ويتضح هذا التوجه عندما يتمكن المتعلم من التعرف على خصائصـه الفريـدة، فاختيـار المـتعلم للبدائل التي تناسب قدراته، والإجابة عن الاختبارات التكوينية في نهاية كل قسم ، واختيار بـديل آخـر في حالة عدم تمكنه من بعض أقسام الحقيبة، كل ذلك من شأنه أن يساعد المتعلم على توجيـه ذاتـه وتحملـه لمسؤولية اتخاذ قراراته.
7 - توفير الوسائط والخبرات التعليمية المتنوعة:
بحيث تناسب المستويات المختلفة للمتعلمين واستعداداتهم فتراعي ما بينهم من فروق فردية، ومن هذه الوسائط الصور والنماذج وبعض الممارسات العمليـة، والمطبوعـات وهـذا التعـدد يـؤدي الى حـدوث التكامل في الخبرات.
8- توفير عنصر التغذية المرتدة: Back Feed
والتي تتمثل في رد الفعل و استجابات المتعلمين بعد أداء المهمة وتبدأ بعد عـرض المميـزات وإتاحـة الفرصة للمتعلم للقيام بالاستجابة.
9 - سهولة التداول والاستخدام في أكثر من مكان.
10 -قابليتها للتطوير والتعديل باعتبارها مرنة تخضع لعملية التقويم المستمر.
مكونات ( عناصر ) الحقيبة التعليمية:
على الرغم من أن معظم الحقائب التعليمية تتكون من مجموعة من العناصر المشـتركة، فـإن تركيـب هذه العناصر يختلف من حقيبة لأخرى وفقا لنوع الموقـف التعليمـي وطبيعتـه، والفلسـفة التـي يتبناهـا المتعلم، وبصفة عامة فهناك ترتيب شائع لهذه المكونات كما يلي:
1 -صفحة العنوان ( الغلاف):
وهي الغلاف الذي يكتب عليه عنوان الحقيبة ويعكس العنوان المفهوم الرئيسي الذي تعالجه الحقيبة وكذلك اسم القائم بعملية التصميم ، ويمكن وضع بعض الرسـومات أو الصـور التـي تعكـس المجـال الـذي صممَت من أجله الحقيبة.
الصفحة 86
2 -المقدمة :
تهدف الى إعطاء فكرة موجزة عن محتوى الحقيبـة وأهميتهـا، ومـدى ارتباطهـا بالموضـوعات الأخـرى التي تعلمها المتعلم (المتدرب)، و تحاول ايجاد رابطة تر بطها بالمنهج الدراسي، بحيـث يعلـم المـتعلم مكـان هذه الحقيبة ودورها في البرنامج التعليمي بصورة عامة.
3 -التعليمات والإرشادات:
وهي تتضمن مجموعة من التوجيهات التي توضـح للمعلـم والمـتعلم أ سـلوب التعامـل مـع الحقيبـة وخطوات العمل فيها وطرق استخدام الاختبارات ، كما تُبين الخصائص التي تتميز بهـا الحقيبـة ،والشروط اللازم توافرها لاستخدامها الامثل..
4 -الاختبار القبلي : ويتم تقدميه قبل دراسة الحقيبة.. ويهدف الى:
أ-تحديد ما إ ذا كان المتعلم يحتاج الى دراسة الحقيبة أم لا.
ب-تحديد نقطة البدء المناسبة لكل متعلم في دراسة الحقيبة، فقد تبدا دراستها من أولها ، أومـن قسـمها الثاني ، او قسمها الثالث .. وهكذا
ج-قياس مستوى المتعلم وسلوكه المدخلي في الموضوع الذي تعالجه الحقيبة.
4 -الأهداف السلوكية:
وهي تصف السلوك النهائي المتوقع تحقيقه ، وتعكس مجالات التعلم المعرفية والوجدانية والمهارية وتعين مِصمم الحقيبة على إعداد الأنشطة التعليمية. ُ
5 -الأنشطة والبدائل :
وتعرف الأنشطة التعليمية بانها: " سلسلة من الاجراءات المصممة على نحـو يسـاعد عـلى تحقيـق الاهداف التعليمية المحددة و القابلة للقياس" وأهم ما يميز الحقيبة التعليمية هو ما تتيحه من فرص لكل متعلم كي يختار من البدائل ما يلي:
(أ ) تعدد مصادر التعلم: أي احتواء الحقيبة على مجموعة من المصادر التعليمية التعلمية التـي يسـتطيع المتعلم أن يختار منها ما يناسبه ، مثل كتاب ، فيلم ، شرائح تسجيل صويت ، شريط فيديو، مجسمات ، صور، رسوم.
الصفحة 87
(ب) تنوع أمناط التعلم: إن مبدأ التعلم الفردي في الحقيبة لا يعني أن يكون المتعلم منفردا بصورة تجعله يفتقد الى التفاعل اللازم لنجاح عملية التعلم، لذلك فان الحقيبة التعليمية تعمل على تقديم اسـاليب متنوعة تتيح هذا التفاعل.
(ج) تعدد الأنشطة: فالحقيبة التعليمية تحتوي على مجموعة من الأنشطة تتيح الفرصة للمتعلم أن يختار منها ما يساعده على تحقيق الاهداف ، فقد تشمل هذه الأنشطة على القراءة والمشاهدة، والملاحظة، والعمل في مجموعات صغرية ، واجراءات التجارب وغريها .
7-التقويم الذاتي ( الضمني- التكويني )
ويكون في العادة على هيئة اختبار قصري يسعى الى تقديم تغذيـة راجعـة تُِعـرف المـتعلم بمـدى تقدمه في دراسة الحقيبة ، ومن وظائفه :
( أ) ِ يتيح الفرصة للمتعلم ليك يقوم أداءه بنفسه.
(ب) يوفر للمتعلم التغذية الراجعة التي تُعرفه بأنه مـازال عـلى الطريـق السـليم نحـو تحقيـق الاهداف المحددة.
( ج) يساعد في تعريف المـتعلم بأقسـام الحقيبـة التـي هـو بحاجـة الى مراجعتهـا قبـل أن يأخـذ الاختبـار البعدي.
8 -الاختبار البعدي :
ويأخذه المتعلم بعد الانتهاء من دراسة الحقيبة، وقد يكون مشابها للإختبار القبلي، او قد يكـون هو نفسه ، ومن وظائفه:
( أ) يتيح للمعلم تقويم المتعلم ، ومعرفـة مـا اذا كـان الامـر يحتـاج الى إعـادة توجيـه المـتعلم الى خـبرات إضافية، وقد تكون من نفس الحقيبة أو من مصادر أخرى.
( ب) يتح للمتعلم تقويم أدائه، وتحديد ما اذا كـان قـد بلـغ المسـتوى الـذي يؤهلـه للانتقـال الى وحـدة أخرى.
( ج) معرفة ما اذا كان المتعلم يريد أن يتعمق في بعض جوانـب الحقيبـة التـي اسـتهوته في أثنـاء دراسـته لمحتوى الحقيبة، أم يريد الانتقال الى الوحدة التعليمية التالية.
الصفحة 88
9 -مصادر والملاحق الاضافية :
وتوضع في نهاية الحقيبة وتشمل قائمة المصادر والمراجع التي رجع اليها َمصمم الحقيبـة واسـتفاد منهـا وكذلك بعض القراءات والانشطة الاثرائية ذا الصلة بموضوع الحقيبة.
مراحل تصميم الحقيبة التعليمية:
غالبا ما يتم اتباع المنهج المنظـومي في تصـميم الحقائـب التعليميـة مـن خـلال تحديـد الأهـداف العامة، وتحليل خصـائص المـتعلم ، وتحديـد الخصـائص العامـة المشـتركة ، وتحليـل المحتـوى الـذي يمثـل المـدخلات ، وتحديـد الانشـطة ومصـادر الـتعلم، وتحديـد الاستراتيجيات التـي تمثـل العمليـات، وتحديـد المخرجات التي تتمثل في تحقيق الأهداف الاجرائية.
أولا: مرحلة التحليل وتشمل :
( أ) الاهداف العامة: هي الاهداف المراد تحقيقها من خلال الحقيبة التعليمية ، رغم أن هذه الاهداف تصاغ بصورة عامة، الا أنها ضرورية في هذه المرحلة ، لانهـا تسـاعد عـلى اختيـار وتنظـيم المحتـوى العلمي للحقيبة من ناحية وعلى صياغة الاهداف السلوكية من ناحية أخرى.
(ب) تحديد الخصائص الفردية لكل متعلم: أكدت البحوث النفسية والتربوية بأن الطلاب - وإن تساوت أعامرهم وخلفياتهم الاجتماعية – إ لا أنهم يختلفون اختلافا بينـا فـيما يتعلـق بمعـرفتهم السـابقة بالمـادة ، ومسـتوى دافعيـتهم ، ودرجـة ذكـائهم، وهـذه الاختلافـات تحـتم ضرورة تنـوع الطـرق والاستراتيجيات ومصادر التعلم بحيث تتناسب مع صفات وميول وخصائص كل فرد على حدة وهذا يتم عن طريق :
1 -الكشف عن المعارف والمعلومات لدى كل طالب عن طريـق الاختبـار القـبلي، فكـل حقيبـة تـزود اجزاء المادة التعليمية بحيث يطلب من الطالب الإجابة عن كل قسم من هذه الأقسام، فإذا نجـح في القسم الثاني والثالث مثلا، يمكنه أن يبدأ
الصفحة 89
من القسم الثاني فالثالث، وإن أخفق في الأقسام عليه أن يبدأ دراسة الحقيبة من أولها.
2 -تزود الحقيبة بمجموعة من الأنشطة والوسائل والإستراتيجيات، بحيث يختار كل طالب مـا يناسـب خصائصه الشخصية ، فقد يختار الطالب برمجية تعليمية لدراسة جزء من الأجزاء الحقيبة ، وقـد يختار آخر كتابا، وقد يختار ثالث شريط مسموع.
3 -تحديد الوقت المحدد لدراسة الحقيبة، وهذا يعتمد على نتائج الإختبارات المبدئية البحوث القبلية، فبعض الطلاب يحتاج الى عدة ساعات والبعض الآخر إلى ساعة واحدة .
( ج) تحديد الخصائص العامة المشتركة : إن الالمام بالخصائص العامة المشتركة بين الافراد يعد من الأمور الهامة الضرورية في تصميم الحقائب سواء كان ذلك في المستوى المعرفي أو الاجتماعي أو الاقتصـادي كلام أمكن ذلك حيث يعد الإجراء عاملا مساعدا للمصمم على تأدية مهمته.
( د) تحليل المحتوى : وهو عملية تهدف الى تحليل كل عمل الى مكوناته الأصلية والفرعيـة التـي يمكـن الوصول الى عناصره الحقيقية، بغيـة الوصـول الى مـا يحتويـه كـل مكـون مـن: معرفـة واتجاهـات ومهارات يمكن عزله، ثم تحليل كل منها الى أجزاء فرعية.
(هـ) صياغة / تحديد الاهداف السلوكية (الاجرائية): بعد تحليل المحتوى لكل حقيبة ، تكـون الخطـوة اللاحقة هي تحديد الأهداف السلوكية لكل حقيبة تعليمية على حـدة مراعيـا فيهـا صـياغة بعـض الأهداف على المستوى المعرفي، وبعضـها عـلى المسـتوى الوجـداني، والـبعض الثالـث عـلى المسـتوى المهاري، فالأهداف المعرفية تهدف الى مساعدة الطلاب على تنمية قدراتهم العقلية مـع تعـريفهم بما يحيط بهم من ظواهر، أما الأهداف الوجدانية فمنهـا تنميـة إحسـاس الطالـب بأهمية الـتعلم الذاتي وإكسابهم قدرات تحمل المسؤولية ، وتقدير العمل الفردي
الصفحة 90
الايجابي ، اما الأهداف المهارية فتهدف الى تدريب الطلاب على بعض المهارات الادائية.
ثانيا : مرحلة التركيب:
وهي مرحلة تصميم الأنشطة التعليمية (التدريبية) التي تساعد على تحقيق الأهداف السلوكية، بحيـث تتنوع هذه الأنشطة لتقابل الفروق الفردية بين الطلاب وهذه المرحلة تقسم الى:
( أ ) تحديد الأنشطة ومصادر التعلم : لما كان التعليم الذاتي يقوم أساسا عـلى الفـروق الفرديـة، يجـب أن تتنوع الأنشطة ومصادر التعلم لتناسب هذه الفروق ، وليك يحقق هدف معـني قـد يفضـل الطالـب مشاهدة فيلم أو قراءة فصل في كتاب، أو الاستماع الى تسجيل صوتي أو مشاهدة صورة وغريها.
( ب ) تحديد الاستراتيجيات التعليمية : تتحدد نواتج التعلم بناء على نوعية الطريقة المستخدمة، فالعلاقـة وثيقة بين استراتيجيات التعلم والتغيرات التي يمكن أن تحدث في المتعلم، وتعـرف الاستراتيجية بأنهـا " سلسلة من الأعمال يقوم المتعلم بالدراسة فيها مستقلاً أو قد يتم في مجموعات كبـرية أو صـغرية أو بكل هذه الصور ، وهذه الاستراتيجيات تسـتند الى مجموعـة مـن النتـائج أثبتتهـا البحـوث التجريبيـة ويمكن إجمالها في :
1 -أن الطلاب يتعلمون بصورة أفضـل إذا درسـوا بمفردهم حسـب سرعـتهم الذاتيـة ، كـام أن بعـض الطلاب يتعلمون بصورة افضل ضمن مجموعات كبيرة.
2 -في بعض الاحيان – وإن كانت قليلة يكون التعلم في مجموعات كبرية أكثر كفـاءة واقـل تكـاليف ، وأوفر جهداً مثل: مشاهدة فيلم سينمائي والتعليق عليه.
*ثالثا: مرحلة التقويم:
تشتمل كل حقيبة على مجموعة من أساليب التقويم وأدواته يمكن إجمالها فيما يلي :
الصفحة 91
1-تقويم الحقيبة: حيث يتم عرض الحقيبة على عدد من الخبراء في مجال تكنولوجيا التعلـيم والتخصـص العلمي لموضوع الحقيبة وذلك بهدف استطلاع آرائهم حول :
( أ ) مدى ملائمة المادة العلمية لكل حقيبة بالنسبة لخصائص الطلاب.
( ب ) مدى ملائمة الأهداف العامة والسلوكية للحقيبة.
( ج ) مدى ملائمة الاختبارات البنائية أو التتبعية التي تعقب كل قسم من أقسام الحقيبة.
( د ) مدى ملائمة التعليمات الخاصة بطريقة استخدام الحقيبة.
(هـ) مدى دقة تصميم الحقيبة ومراعاتها لأسس التصميم التعليمي.
2 -الاختبار القبلي: الغرض الرئيسي مـن هـذا الاختبـار هـو الكشـف عـن المعلومـات والمهـارات السـابقة للمتعلمين عن الموضوع الذي سيقدم للمتعلم حتى يمكن عن طريقه تحديد النقاط التي سيبدأ منهـا كل متعلم في دراسة الحقيبة، أو تحديد نقاط الضعف العـام لـدى المـتعلم ، حتـى يمكـن للمعلـم أو المصمم من تصميم برامج إثرائية خاصة للمتعلمين .
3 -الاختبار البنائي ( الذاتي) : تشمل الحقائب على مجموعة من التمارين المصاحبة لكل قسم من الأقسام ، والغرض من هذه التمارين هو التقويم الذي يقوم به ليحدد بنفسه مستوى الاتقان الذي وصل له.
4 -الاختبار البعدي: يستخدم هذا التقويم بعد الانتهاء من دراسة كل حقيبة، وذلك من أجل معرفة مـدى
فعالية هذا الأسلوب من التعلم، ومدى إكساب الطلبة للمعارف والمعلومات والاتجاهات، كذلك مدى تحقيق الأهداف التعليمية التي تضمنتها كل حقيبة.
4 -الاختبار النهائي: ليك يتم التأكد من أثر استخدام اسلوب التعلم باستخدام الحقيبـة التعليميـة يـتم تصميم اختبار نهائي شامل لقياس مدى تحقيق الأهداف السلوكية بمستوياتها وأنواعها المختلفة.
الصفحة 92
رابعا: كيفية استعمال الحقيبة التعليمية :
يتم تجميع مواد الحقيبة بأكملها في حافظة ليسـهل اسـتخدامه مـن قبـل المـتعلم عنـد الحاجـة وذلك بإتباع الخطوات التالية:
1 -قراءة مقدمة الحقيبة للتعرف على أهمية موضوع الحقيبة، والصلة التـي تربطهـا بالمعلومـات التربويـة الأخرى.
2 -دراسة الأهداف العامة للحقيبة للتعرف على أهمية دراسة الحقيبة.
3 -الإجابة عن أسئلة الاختبار القبلي ومقارنة الإجابة الصحيحة الموجودة في الحقيبـة، فـإذا كانـت الإجابـة صحيحة على القسم الاول فيتم البدء بدراسة القسم الثاني .
4 -دراسة الأهداف السلوكية للقسم الذي سيبدأ بدراسته، حتى يتعرف على مسـتوى الأداء المطلـوب بعـد انتهاء دراسة هذا القسم.
5 -اختيار أحد البدائل التي يعتقد أنها تناسب إمكانات الطالب واستعداداته، ليحقق الأهداف السـلوكية، بشرط الأقل عدد الأنشطة البديلة لكل قسم من الأقسام عن نشاطين .
6 -الاجابة عن الاختبار الموجود في نهاية كل قسم من أقسام الحقيبة، ومقارنة الاجابة مـع مفتـاح الإجابـة الصحيحة في ملاحق الحقيبة ، واذا كانت العلامة اقل من 90 %على الاسئلة الاختبار فيتم اختيار أحـد البدائل الأخرى الموضحة.
معايير استخدام الحقيبة التعليمية:
إن استخدام الحقائب التعليمية كنظام من نظم التعليم المَُفرد يتطلب الانتباه الى مجموعة من المعايير التي لابد من مراعاتها، إذا أنه في حالة إهمالها قد تصبح عوائق تعوق نجاح الحقائب . ومـن أبـرز هذه المعايير ما يلي:
1-نشر الوعي بأهمية الحقيبة قبل البدء بتطبيقها حيث قد يرى الطلاب وحتى المعلمين في بداية تطبيق الحقيبة انها لا تنسجم مع الدور التقليدي للمعلم كمصدر وحيد للمعرفـة ولـذلك قـد ينفـرون منهـا قبل أن يدركوا نتائجها.
الصفحة 93
2 -الاهـتمام بتـدريب الطـلاب عـلى اسـتخدام الحقيبـة ومحتوياتهـا، لان الطـلاب الـذين لا خـبرة لهـم بالحقائب قد يجدون صعوبة في التكيف معها، وخاصة التكيف مع استخدام أسـاليب الـتعلم الذاتي واساليب التقويم الذاتي .
3 -يتطلب بناء الحقيبة من المعلم وقتا إضافيا ومهارات خاصة، حيث تتطلـب مـن المعلـم أن يقضي وقتـا
إضافيا في الاشراف على الطلاب وإرشادهم بشكل فـردي عـلى النجـاح في ممارسـة نشـاطات تعلمهـم التي تحددها الحقيبة ، ولذا لابد من تخفيف بعض الأعباء الروتينية عن المعلم حتى يجد وقتـا كافيـا لبناء الحقيقة التعليمية اللازمة.
4 -تتطلب الحقيبة من المعلـم أن يشرف إشرافـا دقيقـا عـلى تعلـم الطـلاب، ولكـن الطبيعـة الاسـتقلالية لنشاطات التعلم قد لا تتيح الفرصة للمعلـم للاتصـال المبـاشر مـع كـل طالـب لم تثره الحقيبـة، أولا يستطيع الاتصال بكل طالب يخجل عن طلب المسـاعدة . وهـذا يتطلـب استعمال أسـلوب التقـويم الذاتي للتأكد من أن كل طالب يسري في تعلمه بالسرعة المناسبة لقدراته.
5 -قد تشجع الحقيبة الطلاب على أن يروا فيها مهارة أو كفاءة معينة كهدف بذاتها ومسـتقلة عـن غريهـا وفي مثل هذه الحالة يفقد التعلم الذي تقدمه الحقيبة ترابطه وتكامله.
الصفحة 94
مراجع الفصل الرابع
(انظر المراجع في الصفحة 95 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 95
(انظر المراجع في الصفحة 96 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 96
الفصل الخامس: استراتيجيات التعليم المفرد المعاصرة
1 -نظام التوجيه السمعي " S. T. A " System Tutorial – Audio
ظهـــر هـــذا النظـــام عـــام 1961 عـــلى يـــد عـــامل النبـــات الامـــريكي " بوســـتلت وايـــت" عالم النبات بجامعة بولاية إنديانا بأمريكا، وكان النظام متواضعا في بداية ظهوره، ولكنه تعرض بعد ذلك للعديد من محاولات التطوير والتحسين على أسـس جديـدة مسـتمدة مـن بعض المبادئ التربوية ، حتى أصبح هذا النظام نموذجا متميزا من نماذج التعليم المفـرد المعـاصرة ، ودخـل كتطبيق في العديد من العلوم الدراسية كعلم الحيوان والفيزياء وغريها .
فكرة عمل النظام:
تستخدم التسجيلات الصوتية كمصدر أساسي لتقديم المعلومات، كما تستخدم لتوجيـه التلميـذ وإرشادهم في أثناء عملية التعليم ، وتعرض المادة المسجلة والتوجيهات بصـوت المعلـم، أ و أسـتاذ المـادة، لخلق الألفة بـني المعلـم والتلميـذ وحتـى يكـون موقـف متشـابها للتـدريس الخصـوصي ، حيـث يستطيع التلميذ أن يتحكم في التسجيل، كما يمكنه أن يعيد الاستماع الى أجـزاء معينـة في أي وقـت يشـاء، كما يستخدم التسجيلات الصوتية لتعزيز استجابات التلميذ بعد قيامه بنشاط ما .
المكونات الأساسية للنظام:
يتضمن النظام ثلاثة مكونات رئيسية كما هو موضح بالشكل : (علي عبد المنعم، 1998)
(انظر الشكل في الصفحة 99 في البي دي إف أعلاه)
1 _الدراسة المستقلة الموجهة
الصفحة 99
وتتم داخل معمل التعلم الذاتي، وفيها يتمكن التلميذ من القيام بأنشطة نظرية وعملية، والمعمل مجهز بحيث يضم أكبر عدد ممكن من التلاميذ، ومفتوح من الصباح حتى المساء طوال أيام الأسبوع، ومجهز بمقصورات الاستماع والمشاهدة الفردية، ومزود بأجهزة العروض المختلفة.
وتتم الدراسة المستقلة الموجهة سمعيًا داخل معمل التعليم الذاتي على النحو التالي:
• يذهب التلميذ إلى المعمل في الوقت الذي يناسبه، ويسجل عدد مرات حضوره في بطاقة خاصة موضوعة في مكان محدد ظاهر في المعمل.
• يأخذ التلميذ قائمة الأهداف التعليمية التي يجب عليه أن يحققها عندما ينتهي من دراسة وحدة تعليمية من وحدات المقرر.
• يذهب التلميذ إلى إحدى مقصورات الدراسة المستقلة الخالية ليبدأ نشاط التعلم، ويستمع إلى التسجيل الصوتي الخاص بالمقرر، ويمكنه الاستماع دون أن يُحدث أي إزعاج لباقي التلاميذ داخل المعمل، لأنه يستخدم سماعات الرأس، وتُعرض المادة المسجلة المحتوى بصورة تتابعية. وقد يوجه التلميذ إلى القيام بأنشطة تعليمية معينة من كتاب، أو قراءة فقرة من كتاب، وعلى التلميذ أن يترك مكانه لينفذ ما يُطلب منه، مثل الذهاب إلى المكتبة، وكتابة بعض التقارير، أو الانتهاء من بعض أعمال البحث، وقد يطلب منه جمع بيانات معينة من مصادر أخرى، يشمل المعمل ما يحتاجه التلميذ للقيام بالنشاط، حيث تتواجد العينات المحفوظة، والشرائح المجهرية، والأفلام التعليمية، والصور الفوتوغرافية، أما الأدوات اللازمة لإجراء التجارب فتوضع في أماكن معينة يدل عليها التسجيل الصوتي.
• عندما يحتاج التلميذ إلى مساعدة، يجد من يقدم له العون والمساعدة، حيث يتناوب الإشراف على الدراسة المستقلة الفردية عدد من المساعدين والمشرفين.
• عندما ينتهي التلميذ من الدراسة المستقلة الموجهة، عليه أن يعيد شريط التسجيل كما كان، ويرتب مكان عمله بحيث يكون معدًا للاستخدام من قبل تلميذ آخر.
2 المحاضرة العامة
الصفحة 100
وهي تسمح بتواجد التلميذ في مجموعة كبيرة، وهي ليست إجبارية، وقد تكون كذلك في مناسبات معينة، ويحدد للتلميذ مقدمًا مواعيد هذه المناسبات، وغالبًا ما تكون هذه المحاضرات لأستاذ متخصص أو أستاذ زائر، وتخصص هذه المحاضرات لإعطاء توجيهات عامة حول المقرر، أو الإجابة عن استفسارات التلاميذ، كما تهدف هذه المحاضرات إلى حدوث تفاعل شخصي بين التلاميذ والمعلم.
3 حلقات المناقشة
وهي تسمح بتوفير فرصة التعلم من خلال مجموعات صغيرة (5-12 تلميذًا)، حيث تلتقي المجموعة الصغيرة مع عضو هيئة التدريس المخصص لهم في نهاية الوقت المحدد لدراسة كل وحدة. وفي هذا اللقاء يتم استعراض أهداف الوحدة، وربط هذه الأهداف بما سبق تعلمه في وحدات سابقة "الموديولات السابقة"، وكذلك مناقشة التلاميذ في الخبرات التعليمية التي اكتسبوها من خلال الأنشطة التعليمية المختلفة. وعلى التلميذ أن يقوم بدور المعلم وأن يشرح لزملائه ما تعلمه من خبرات، ويتم تقويم أداء التلميذ من قبل المعلم أو عضو هيئة التدريس، ويعطى التقدير الذي يستحقه، ثم يُفتح باب النقاش لزملائه للإضافة إلى المعلومات التي ذكرها، أو التعليق عليها، أو تصحيح معلومات خاطئة وردت في إجابته. وفي هذه الحالة تضاف نقاط لرصيد كل مساهم، ثم تتكرر هذه العملية مع التلاميذ الباقين حتى يتم معالجة جميع أهداف الوحدة. ثم يُعطى بعد ذلك اختبار موضوعي للتلاميذ من النوع القصير. ويتيح اللقاء الدوري في مجموعات صغيرة فرصة أكبر للتفاعل بين التلاميذ ومعلميهم، بهدف تكوين علاقات أوثق بين أفراد المجموعة، وكذلك لتذليل الصعاب التي تواجه الطلاب أولًا بأول قبل أن تتحول إلى مشكلات تعوق تقدمهم في الدراسة.
وإذا كنا بصدد الحديث عن نظام التوجيه السمعي A.T.S، فإنه من الضروري أن نعرض بإيجاز المواصفات التربوية التي يجب أن تتوفر في شرائط التسجيل السمعي كما يلي:
أولًا: المواصفات التربوية
الصفحة 101
يجب أن يتميز شريط التسجيل السمعي المستخدم في هذا النظام بما يلي:
أ- أن يبدأ بمقدمة تزيد من دافعية التلميذ لاستخدامه، لما يتضمنه من:
ـ الأهداف التعليمية التي تسعى المادة المسجلة إلى تحقيقها.
ـ ملخص للموضوعات "الموديولات" التي يتناولها الشريط.
ـ بيان لدور الشريط في شرح وتفسير المشكلات، والإجابة عن تساؤلات لم تتناولها المواد التعليمية الأخرى (المطبوعات - شرائط الفيديو... إلخ).
ـ تعليمات تساعد التلميذ على استخدام الشريط.
ـ توجيه التلميذ للأنشطة التربوية الواجب القيام بها أثناء وبعد الاستماع.
ـ توضيح الكلمات والمصطلحات الصعبة التي سيتم تناولها في النص.
ب- أن يهتم مقدم المادة المسجلة بإيجابية التلميذ وتفاعله مع المادة المسجلة، حيث:
ـ يخاطبه بأسلوب شخصي ودود.
ـ يتحدث بسرعة مناسبة وصوت واضح.
ـ يستخدم لغة سهلة وكلمات مألوفة.
ـ يكلفه بممارسة أنشطة متنوعة (كتابة تعليق - إبداء رأي - تقويم - تفسير - تدوين ملاحظات - رسم أشكال - فحص رسوم - تلخيص أو نقد - عمل تجربة - محاكاة لمادة مسجلة... إلخ).
ـ يقدم المادة العلمية وتدريبات متنوعة في شكل محادثات ومناقشات تعليمية.
ـ يطرح أسئلة وتدريبات متنوعة تثري تفكير التلميذ.
ـ يوفر مواقف التغذية الراجعة، حيث يقدم الاستجابات الصحيحة للأسئلة المطروحة سابقًا وبدائل التأكيد على النقاط الرئيسية.
ج- أن يراعي تكامل الشريط مع المواد التعليمية الأخرى، فالمادة المسجلة يجب أن:
ـ تقدم تفسيرًا أو شرحًا تفصيليًا لأفكار وردت مختصرة في الكتاب.
ـ تثري تساؤلات يجد التلميذ إجاباتها عند ممارسة أنشطة أخرى، مثل مشاهدة شريط فيديو أو قراءة كتاب.
ـ توجه التلميذ لاستخدام مصادر تعلم أخرى في مواضع معينة.
الصفحة 102
ثانيًا: المواصفات الفنية
من المواصفات التي تجذب انتباه التلميذ للمادة المسجلة وتزيد من دافعيته لاستخدامها:
_ إسناد إنتاجها إلى جهة إنتاج ذات كفاءة أكاديمية وفنية و تربوية معتمدة.
_ خلو الشريط من الضوضاء الخارجية.
_ استخدام لحن موسيقي مشوق في المقدمة، والفواصل بين الموضوعات وفقـرات الموديـول الواحـد، وعند تقديم الأسئلة أو تقديم الإجابات.
2 التربية الموجهة للفرد
لقد عمل "كلاوزماير" KlausMeier (1971) ومعاونوه في جامعة ويسكنسن سنوات طويلة بهدف تطوير شكل جديد من أشكال التعليم المدرسي أسموه "التربية الموجهة لخدمة الفرد"، وهي عبارة عن برامج توفر بيئة تربوية من شأنها مساعدة الفرد على التعلم بالسرعة المناسبة وفقًا لإمكاناته وخصائصه.
وتقدم هذه البرامج في معظمها على أسس ومبادئ التعليم المفرد، ولكنها ليست من نوع التعليم الذي يستخدم فيه التلاميذ مواد تعليمية متعددة دون حاجة إلى عون كبير من المعلم. ولقد رأى هؤلاء الباحثون أن التعليم المفرد لا يشكل جانبًا واحدًا من جوانب برنامجهم التربوي، الذي يشتمل على ما يلي:
1. تخطيط برامج فردية للتلاميذ.
2. تزويد التلاميذ بمواد تعليمية (كتب – مواد سمعية وبصرية – صور...) تلاءم أساليب التعليم لدى كل فرد.
3. استخدام وتوفير طرق مختلفة من التعليم (مجموعات صغيرة، مجموعات كبيرة، درس خاص، دراسة أو استذكار مستقل).
4. المواءمة بين المعلمين والتلاميذ.
وتتحدد في هذه البرامج عدة خطوط تسري في تتابع ثابت، مما يحقق في النهاية قدرًا كبيرًا من التعليم المفرد، ويمكن إجمال هذه الخطوات في:
_ صياغة أهداف عامة لتلاميذ المدارس التي يطبق عليها البرنامج.
الصفحة 103
_ صياغة أهداف خاصة.
_ تطبيق اختبارات قبلية لتحديد مدى قدرة كل تلميذ واستعداده للوصول إلى الأهداف التعليمية المنشودة.
_ تصميم برامج خاصة لكل تلميذ في ضوء نتائج الاختبارات القبلية.
_تطبيق اختبارات متنوعة (ضمنية وتجميعية) بهدف قياس درجة إتقان كل تلميذ للأهداف التعليمية المنشودة، وفي النهاية يتخذ قرار بشأن التقدم المستقبلي للتلميذ والعمل العلاجي الذي يقدم له.
_ويصف هذا الشكل من أشكال التعليم المدرسي باعتباره نظامًا للتعليم المدرسي يركز على الفرد، لا على أساس عمره وإنما على أساس جامعته الصفية. إنه نظام مدرسي غير صفي ، حيث يعمل المعلمون مع تلاميذ تتفاوت أعمارهم تفاوتًا قد يصل إلى أربع سنوات، ويعرف أحيانًا بـ النظام متعدد الوحدات.ويقوم التدريس في هذه المستويات على النظام المعروف باسم "فريق التدريس" ، واستخدام هيئة تدريس متفاوتة ومختلفة. وقد ميز "كلوزماير" بين الذين يعملون في هذا النوع من التعليم والمعلمين في الفصول العادية، إذ يرى أن المعلمين من الفئة الأولى ينغمسون في جميع جوانب عملية التدريس والتعلم، فهم يشتركون في وضع وتقدير خصائص التلاميذ وصياغة أو إعداد البرامج التعليمية، وتجيب الأساليب الجديدة،إن دور المعلم في هذا النظام دور متنوع وشامل، يُؤخذ على هذا النوع من التعليم كثرة الأعباء الملقاة على عاتق المعلم، حيث يعمل عدد قليل من المعلمين مع عدد كبير من التلاميذ، مما يحتاج إلى نوعية خاصة من المعلمين. كما أن هذا النظام، وإن أتاح الفرصة للتفاعل بين المعلم والتلميذ، إلا أنه لا يتيح الفرصة للتفاعل بين التلاميذ بعضهم البعض.
3-التعليم الموصوف للفرد
الصفحة 104
بدأ هذا النظام في الظهور منذ عام 1964م نتيجة مجهود من الدارسين والباحثين في مركز أبحاث التعليم والتنمية التابع لجامعة "بيتسبرغ" بأمريكا، وفي السنوات الأولى لهذا النظام تولى المركز إعداد المواد التعليمية التي تتطلبها إجراءات التعلم، وصدر عنه مجموعة ضخمة من المواد التعليمية، المرتبطة بمجالات دراسية عديدة مثل: العلوم، والرياضيات، والدراسات الاجتماعية، ويستخدم هذا النظام في بعض المدارس الابتدائية بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتقوم فكرة عمل هذا النظام على أساس دورات متتالية من التدريس التشخيصي العلاجي، حيث يقوم المعلم ومساعدوه بتحديد نقاط الضعف لدى كل تلميذ داخل حجرة الدراسة في مجال مادة دراسية معينة، وذلك من خلال مجموعة من الاختبارات المعدة لهذا الغرض "الاختبارات التشخيصية"، ثم يُكتب لكل تلميذ وصفة علاجية تحدد المواد التعليمية الموجودة في التنظيم الهرمي لأهداف المادة، ويقوم التلميذ بمهام التعلم بصورة فردية مستقلاً عن زملائه، ويتم ذلك تحت إشراف المعلم ومساعديه، ويتم تحديد مدى تقدم التلميذ نحو تحقيق الأهداف التعليمية المرغوبة من خلال نوعية أخرى من الاختبارات، وإذا ما كان التلميذ قد نجح في تحقيق هذه الأهداف بالمستوى المرغوب، فإنه يتعامل مع مجموعة أخرى من الأهداف التعليمية من خلال دورة أخرى من التشخيص والعلاج في مجال هذه الأهداف.وإذا ما أخفق التلميذ في تحقيق الأهداف بالمستوى المرغوب، فُتكتب له وصفة علاجية جديدة نحو المواد التعليمية التي ينبغي أن يتعامل معها بمفرده، أو بمساعدة المعلم ومعاونيه لتحقيق الأهداف بالمستوى المطلوب.
المكونات الأساسية للتعليم الموصوف للفرد:
ويتضمن التعليم الموصوف للفرد مجموعة من المكونات الأساسية يوضحها الشكل رقم (8).
الصفحة 105
(انظر الشكل(8) في الصفحة 105 في البي دي إف أعلاه)
أ- الاهداف التعليمة:
وهي تمثل المكون الرئيسي في النظام ، ويتم تحديد هذه الأهـداف بدقـة كخطـوة أولى رئيسـية، وتصاغ الأهداف بصورة إجرائية تُظهر السلوك النهائي الذي يجـب ان يكـون عليـه التلميـذ وذلـك بطريقـة قابلة للملاحظة.
ويتم ترتيب الأهداف في صورة هرمية، أي يتم تسلسلها بطريقة تحتم عدم الانتقال مـن هـدف أو مجموعة أهداف قبل أن يكون قد تم تحقيق هدف أو مجموعة
الصفحة 106
أخرى سابقة في الترتيب ويعتبر التنظيم الهرمي للأهداف التعليميـة سـمة أساسـية مـن سـامت هذا النظام (علي عبد المنعم، 1998).
2- الاختبارات المتنوعة:
وهناك أربعة أنواع مختلفة مـن الاختبـارات التـي تسـتخدم في هـذا النظـام لكـل منهـا وظيفـة محددة وتوقيت معين يقدم فيه، هي:
أ- اختبارات تشخيصية " تسكينية ":
وهي الاختبارات التي تُقدم عند بداية كل عام دراسي، وتسـتخدم في اجـراء تشـخيص شـامل، ودقيق لحالة كل تلميذ على حدة، لتحديد سلوكه المبدئي " المدخلي " وحالته الراهنة، في كـل مـادة دراسـية عـلى حدة. وتساعد هذه الاختبارات في تحديد المستوى العام للتلميذ ونقطة البدء الرئيسـة بالنسـبة لـه ويـتم بناءً على ذلك تسكينه في المستوى المناسب.
ب- اختبارات قبلية:
وهي الاختبارات التي تُقدم للتلميذ قبل دراسة كل وحدة تعليمية صغرية "موديول" وذلك بهدف الكشف عن الصعوبات المحددة التي يواجهها عند هـذا المسـتوى، وقد تسـفر النتـائج عـن عدم وجود صعوبات يواجهها التلميذ عند هذا المستوى المعني، مما يتيح له الانتقال لدراسة وحدات أخرى، أو قد تكون هذه الاختبارات للتهيئة القبلية.
ج- اختبارات ضمنية:
وهي الاختبارات التي تستخدم في أثناء دراسة التلميذ للموديل، وذلك بهدف مراقبـة تقدمـه في دراسة الموديول، وهي عبارة عن اختبارات قصرية ومتكررة ترتبط بأهداف الوحدة بطريقة مباشرة، وتعتبر اختبارات للتقويم الذاتي حيث يقوم التلميذ بتصحيحها بنفسه.
الصفحة 107
و- الاختبارات البعدية:
وهي الاختبارات التي تستخدم بعد الانتهاء من دراسة الموديول، وذلك بهدف تحديد مدى تقدم التلميذ نحو تحقيق الأهداف النهائية لهذا الموديل، ولاتخاذ القرارات المتعلقة بالسماح بالانتقال إلى دراسة موديولات أخرى في التنظيم الهرمي.
3_ المواد التعليمية المتعددة:
وهي عبارة عن مجموعة من المواد والبدائل التعليمية توصف لكل تلميذ على حدة في ضـوء ما تفسر عنه اختبارات التشخيص والاختبارات القبلية، وهي في شكل مواد تعليمية ذاتية، تسمح للتلميذ بأن يتعامل معها مثل "الكتب المبرمجة – أشرطة تسجيل صوت – صور فوتوغرافية – أفلام تعليمية – شرح شفوي خاص من قبل المعلم أو أحد مساعديه". هذا وقد توصف المواد التعليمية أيضًا بعد تطبيق الاختبارات البعدية إذا ما اتضح أن التلميذ لم يحقق الأهداف التعليمية الخاصة بوحدة معينة أو الوصول لمستوى الإتقان المطلوب.
4_ المعلم ومساعدوه:
يتولى المعلم في هذا النظام مسئولية إدارة واستخدام الاختبارات والمواد التعليمية وتنظيمها، وتصحيحها، وتقديم التوجيهات والإرشادات في أثناء تفاعل التلاميذ مع المواد التعليمية. كما يتولى كتابة الوصفات العلاجية الخاصة بكل تلميذ، ويلاحظ أن المعلم لا يتولى المسئولية كاملة فيما يتعلق بنقل المحتوى، فالتلميذ يقوم بذلك مستعينًا بما يقدم له من مصادر التعلم. ويوجد في حجرة الدراسة من "2-3" مساعدين للمعلم الذين يتولون معه مسئولية تصحيح الاختبارات وتوزيع المواد التعليمية.
5_ بيئة التعلم:
يعمل التلاميذ في حجرة الدراسة العادية، أو معمل التعليم الذاتي، أو حجرة دراسية كبيرة نسبيًا تسع من "50 إلى 70" تلميذًا، وتتم الدراسة بطريقة مستقلة من قبل كل تلميذ، ويوجد لكل تلميذ منضدة مستقلة تسمح له بالإجابة عن الاختبارات والاستماع إلى شرائط تسجيل سمعية، وإجراء بعض التجارب البسيطة، ومشاهدة بعض
الصفحة 108
الأفلام التعليمية، ويتحرك المعلم ومساعدوه وسط التلاميذ لتقديم المساعدة لهم وقت اللزوم.
4_ نظام التعليم الشخصي (P.S.I):
ويشير "علي عبد المنعم 1996" إلى أن هذا النظام يعرف باسم "خطة كيلري" (Keller Plan) والتي ظهرت لأول مرة عام 1962 على يد "كيلر" (Keller) ورفاقه "شرمان وآزي وبوري" (Sherman, Azzi, Bori) وذلك من خلال تجربتها في تدريس مقرر جديد في علم النفس في جامعة برازيليا بالبرازيل.
ويعد تجريب الطريقة طيلة خمس سنوات من خلال استخدامها وتطبيقها في تدريس بعض المقررات الدراسية، أعد كيلر مقالًا بعنوان: "مع السلامة أيها المعلم" (Goodbye, Teacher) عام 1968م، اعتبارًا من ذلك التاريخ صدرت العديد من التقارير البحثية التي تناولت هذا النظام، وتوالت البحوث والدراسات التي أجريت بهدف تجريب هذه الطريقة من خلال تطبيقها، واستخدامها في تدريس بعض المقررات الدراسية الجامعية، للوقوف على مدى كفاءتها وفاعليتها، والتعرف على أثر استخدامها على بعض المتغيرات كالتحصيل الدراسي، واتجاهات الطلاب سواء نحو هذه الطريقة نفسها، أم نحو المادة الدراسية التي يتم تدريسها باتباع هذه الطريقة، ومتغيرات أخرى، كاستبقاء التعليم أو الاحتفاظ به لمدة أطول وانتقال أثر التعلم)، وغيرها من المتغيرات الأخرى.
يشتق اسم نظام التعليم الشخصي (P.S.I) من خاصية مهمة ينفرد بها هذا النظام، ألا وهي أن كل طالب يعامل كفرد بواسطة شخص آخر من مواقف تسمح بالتقابل وجهًا لوجه.
والجدير بالذكر أنه بالإضافة إلى قيام هذا النظام في تصميمه على مجموعة من الأسس المستمدة من نظرية "سكينر" (Skinner) للتعلم، والقائمة على الاشتراط الإجرائي والتعزيز، فإنه لا يعتمد على التحكم في ظروف عرض مثيرات التعلم بصورة تعادل ما أشار إليه "سكينر"، فهذا النظام يعطي المتعلم الحرية التامة، والمرونة الكافية للتقدم في دراسة الوحدات (الموديولات) بطريقته الخاصة، وعندما يجتاز
الصفحة 109
المتعلم وحدة ما بنجاح ، ويصل الى مستوى الإتقان المحدد لها فقد يحصل على تعزيز ذاتي حيث يشعر بالسعادة والرضا النفسي ، كـما أن المـتعلم في هـذا النظـام لا يواجـه بعقوبـة عندما يفشل في اجتياز وحده ما
المكونات الاساسية لنظام التعليم الشخصي :
يتضمن هذا النظام مجموعة من المكونات الأساسية كما يوضحها الشكل رقم (9)وهي:
(انظر الشكل رقم (9) في الصفحة 110 في البي دي إف أعلاه)
-1الخطو الذاتي pacing- self أساس التقدم في المقرر :
يتحرر النظام من قيود الوقت، ويسمح للطالب بالسري في عملية الـتعلم وفـق معدلـه الخـاص ، واستعداده ودون التقيد بمعدل أقرانه ، ويتم ذلك في حـدود الفصـل الـدراسي ، ويـتم الـتعلم دون تـدخل مباشر من المعلم .
الصفحة 110
2 -مستوى الإتقان (Mastery level)
ويتم تحديده عند بداية العمل بهذا النظام، فمثلاً قد يكون مستوى الإتقان "95%" حيث لا ينتقل التلميذ من دراسة وحدة "موديول" إلى وحدة أخرى في المقرر دون الوصول إلى هذا المستوى.
إن الإتقان في هذه الحالة يعني الوصول إلى مستوى الإجادة أو مستوى قريب من الإجادة) عند التقدم للاختبار البعدي لكل وحدة على حدة، ويمكن للطالب إعادة التقدم للاختبار إذا أخفق في الوصول إلى المستوى المطلوب، وذلك دون أن توقع عقوبة ما عليه.
3 -الاستعانة بمساعدين ومشرفين وموجهين (Proctors)
إن أهم ما يميز نظام التعلم الشخصي عن غيره من استراتيجيات التعليم الفرد هو وجود الموجهين أو المشرفين لإرشاد الطلاب المتعلمين، ومتابعة تقدمهم في عملية التعلم وصولًا لتحقيق أهداف المقرر، ويقوم الموجهون والمرشدون كذلك بتقديم التعزيز الإيجابي للمتعلمين بصورة متكررة ومستمرّة طوال عملية التعلم، ومن ثم فهم يعملون بذلك على تقديم تعزيز إيجابي للتوقفات لا يتاح تقدمها من نظم التعليم الجمعي.
وأشار "كيلر" إلى أن استخدام المراقبين في خطته هو التجديد الحقيقي في هذا النظام الذي يقوم على مبادئ وأسس التفريد.
ويقوم هذا النظام على مسلمة مؤداها أن التلاميذ يمكن أن يعملوا كمعلّمين لزملائهم الطلاب، وهذا ما يحقق عامل التعليم الشخصي الذي يرتبط باسم هذا النظام.
ويتم اختيار الموجهين/المراقبين من الطلاب الذين يتمكنون من اجتياز المقرر أو من طلاب المراحل الدراسية الأكثر تقدمًا، أو ممن تخصصوا في موضوع المادة الدراسية للمقرر، وصنف المراقبون إلى فئتين هما:
الصفحة 111
أ – فئة المراقبين الخارجيين (External Proctors)
وهي التي تضم طلابًا لهم خبرة سابقة في مجال العمل، وتقويم المقرر الدراسي، باستراتيجية "نظام التعليم الشخصي". وقد يكونون طلابًا في مستوى تعليمي أعلى، أو خريجين جدد.
ب – فئة المراقبين الداخليين (Internal Proctors)
وهي التي تضم طلابًا يدرسون مع المتعلمين في المستوى الدراسي نفسه أو من سبق لهم دراسة المقرر ويقوم "الموجه/المراقب" بالمهام الآتية:
_ كتابة النقاط الإرشادية التي تنظم طريقة السير في المقرر وتقديمها للمتعلمين.
_ حل بعض المشكلات التي تواجه المتعلمين في مواقف التعليم.
_ إجراء الاختبارات وتصحيحها وإبلاغ المتعلمين بنتائجها مع تقديم التغذية الراجعة.
_ المساهمة في خلق مناخ تعليمي ملائمة داخل معامل الدراسة يسهم في إضفاء الجوانب الإنسانية/الاجتماعية على عملية التعلم.
_ تقديم تعليم خاص لبعض المتعلمين من خلال عرض محتوى بعض وحدات المقرر ذات الصعوبة الخاصة.
_ متابعة تقدم الطلاب نحو تحقيق أهداف المقرر.
_ العمل على خفض قلق المتعلمين، وتشجيعهم، وزيادة دافعيتهم للتعلم، والسير في المقرر بصورة منتظمة تجنبًا للتسويف "تأجيل عملية التعلم"
4- المحاضرة العامة:
وفي هذا النظام لا تُعقد محاضرات دورية منتظمة، ولكنها تُعقد في مناسبات خاصة ومرات قليلة أثناء الفصل الدراسي، كما أنها تكون اختيارية، ولا تخصص لنقل المعلومات وشرح المادة العلمية، ولكنها تُعقد بهدف تحقيق أهداف معينة من أهمها:
_ حل المشكلات الشائعة التي تواجه المتعلمين أثناء دراستهم.
_ خفض معدل التسويف نحو التعلم.
_ زيادة دافعية المتعلمين نحو التعلم.
الصفحة 112
وتُحدد هذه المحاضرات مقدمًا ويُعلم الطلاب بها في بداية دراستهم للمقرر.
5- المادة المطبوعة والاعتماد عليها:
يعتمد هذا النظام على استخدام المادة المطبوعة كوسيلة اتصال رئيسية، حيث يتم إعداد وحدات الدراسة "موديولات" بشكل تحريري مطبوع، كما تعد أدلة الدراسة بنفس الطريقة لإرشاد المتعلمين نحو كيفية السير في عملية التعلم. ويُراعى عند تصميم الوحدات الدراسية المعايير الخاصة بإعداد مواد التعلم الذاتي، حيث يشمل كل موديول "وحدة تعليمية صغرى" على مجموعة من المكونات المترابطة وهي:
_ مقدمة توضح مبررات دراسة الموديول.
_ قائمة بالأهداف التعليمية المراد تحقيقها.
_ اختبار قبلي تتسق بنوده مع الأهداف التعليمية للوحدة.
_ صياغة تحريرية للمحتوى داخل كل وحدة بصورة تخاطب المتعلم.
_ اختبارات ضمنية بعد كل جزء من الوحدة لغرض قيام المتعلم بتقويم نفسه ذاتيًا ضامنًا السير نحو تحقيق الأهداف.
_ اختبار بعدي للموديول في ضوء نتائجه يتم السماح للمتعلم بالانتقال لدراسة موديول آخر.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك مصادر أخرى لنقل المحتوى التعليمي يمكن استخدامها في هذا النظام أو التعليم الموصوف للفرد منها على سبيل المثال:
_أشرطة التسجيل الصوتية.
_أشرطة التسجيل المرئية.
_برامج الكمبيوتر.
_وهذا النوع الأخير هو الأكثر شيوعًا في الوقت الراهن حيث يتم تقديم المحتوى التعليمي في عدة صور من خلال الكمبيوتر.
الصفحة 113
كيفية عمل نظام التعليم الشخصي:
_يعمل نظام التعليم الشخصي من خلال مرحلتين:
_ المرحلة الأولى: إجراءات تصميم النظام: وفيها يتم تحديد ما يلي:
- السلوك المبدئي "المدخلي" للتلميذ.
- الأهداف التعليمية للمقرر.
- الوحدات الفرعية التي يتكون منها المقرر وتسلسلها.
- الأهداف التعليمية الخاصة بكل وحدة من وحدات المقرر.
- مستوى إتقان كل وحدة من وحدات المقرر.
- اختبارات إتقان كل وحدة على حده، وغالبًا ما تكون ثلاثة اختبارات متكافئة للوحدة الواحدة.
- مصادر التعلم والأنشطة التعليمية الخاصة بكل وحدة من وحدات المقرر.
- محتوى كل وحدة من وحدات المقرر وتنظيمه.
- دليل دراسة كل وحدة من وحدات المقرر لكل من التلميذ والمعلم.
- المراقبون/المساعدون الذين يتم الاستعانة بهم في أثناء قيام الطلاب بأنشطة التعلم.
- مكان/معمل الدراسة المستقلة وتجهيزاته.
_ المرحلة الثانية: إجراءات التعلم: وفيها يتم تحديد ما يلي:
- عقد اللقاء التوجيهي في بداية الفصل الدراسي للتعرف على الطلاب بإجراءات التعلم من خلال هذا النظام ومتطلبات ذلك.
- قيام الطلاب – كل وفق ظروفه وقدراته – بدراسة الموديول الأول (وحدة تعليمية) من موديولات المقرر في معمل الدراسة المستقلة أو في مكان آخر، وذلك بعد أن ينتهي الطلاب من قراءة دليل الدراسة الخاص بهذه الوحدة ومتطلبات "الموديول".
- قيام الطلاب بتنفيذ أنشطة التعلم المنصوص عليها في دليل دراسة الوحدة "موديول".
الصفحة 114
- اتخاذ قرار من قبل كل طالب على حدة لمستوى الاتقان الخاص بالوحدة، ويعلن الطالب ذلك للمراقب الذي يتعامل معه داخل معمل الدراسة المستقلة، ويتخذ هذا القرار مستقلاً عن زملائه.
- يقدم المراقب الاختبار البعدي للطالب، ويقوم بتصحيحه أمام الطالب فور الانتهاء منه، ويعلن الطالب بنتائجه ويقدم له تغذية مرتجعة فورية.
- يصدر المراقب قرارًا في ضوء النتائج التي حصل عليها الطالب في اختبار إتقان الموديول بالسماح للطالب بالانتقال إلى وحدة أخرى، أو بإعادة دراسة الموديول حتى يحصل على مستوى الإتقان المطلوب.
- يطلب الطالب المعاونة من المراقب داخل معمل الدراسة المستقلة إذا احتاج ذلك.
- تكرر الإجراءات السابقة حتى ينتهي الطالب من دراسة جميع موديولات المقرر.
- إذا اجتاز الطالب جميع وحدات المقرر فإنه يمنح تقديرًا معينًا، وإذا لم يستطيع الانتهاء من جميع وحدات المقرر خلال الفصل الدراسي، فإنه يمنح تقدير "غير مكتمل"، وفي هذه الحالة فإنه يجب على الطالب أن يختار ما تبقى من وحدات في فصل دراسي لاحق.
- والجدير بالذكر أنه في بعض الحالات يستخدم اختبار تجميعي نهائي يتم تقديمه للطلاب بعد انتهائهم من دراسة جميع وحدات المقرر "موديولاته".
5- نظام التعليم بمعاونة الكمبيوتر (C.A.I):
وسوف نشر إليه في جزء الكمبيوتر والتعليم في الفصل السادس.
وبعد العرض السابق لبعض نماذج من نظم واستراتيجيات التعليم الفرد في الفصول السابقة فإنه يمكن القول بصفة عامة أن كل نظم واستراتيجيات التعليم الفرد تشتق من نفس الأسس والمبادئ العامة التي يرتكز عليها التعليم الفرد، أما الاختلاف فيتمثل في أسلوب التنفيذ نفسه، حيث تأخذ كل استراتيجية منها طريقة تنفيذ خاصة بها وشكل النواتج التي ترغب في تحقيقها، ويمكن ملاحظة ما يلي:
الصفحة 115
-جميع استراتيجيات ونظم التعليم المفرد إلى إطار نظري مستمد من بعض النظريات النفسية ومن أهمها نظرية "سكينر" التي تقوم على مبدأ التعزيز.
-نشأت بعض نظم واستراتيجيات التعليم المفرد لتستخدم وتطبق لأول مرة في مراحل التعليم قبل الجامعي (الابتدائي – الإعدادي (المتوسط) – الثانوي) مثل التعليم الموصوف للفرد، والبعض الآخر نشأ ليطبق لأول مرة في مرحلة التعليم الجامعي مثل التوجيه السمعي.
الصفحة 116
مراجع الفصل الخامس
(انظر المراجع في الصفحة 117 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 117
(انظر المراجع في الصفحة 118 في البي دي إف أعلاه)
الصفحة 118
الفصل السادس: الكمبيوتر و التعليم
مقدمة :
لقد صاحب التقدم الكبير في مجـال تكنولوجيـا الصـناعة والزراعـة وتكنولوجيـا الفضـاء حركـة مـن البحوث والدراسات التجريبية والتكنولوجية في التربية كمحور للتحديث في هذا المجال .
و يشير (مصطفى عبد القادر 1992) إلى أن اسـتخدام التكنولوجيـا قـد اقـترن بمفهـوم التقـدم ، فالتقدم في مجال معين يعني : إدخال التقنية إلى هذا المجال ، وينطبق ذلك على المجال التعليمـي ، حيـث ساد الاعتقاد بأن إدخال تقنيات جديدة ومستحدثة في مجال التعليم من شأنه أن يحسن في عائـد التعلـيم ومخرجاته ، ويحقق تعليمًا افضل للتلاميذ وتدريساً اكرث فاعلية للمعلمين .
وقد احدث دخول الكمبيوتر كمستحدث تكنولوجي في مجال التعليم دوياً هائلاً بين أوسـاط المـربين والمعلمين والمسئولين، ويعده البعض بمثابة ثورة على نظم التعليم التقليدي بكافة صوره و أساليبه القدمية ، إلى الحد الذي اعتبر "بريج" " 1995,Berg " أن ظهور الكمبيوتر حول بعض الأمم مـن مجتمعـات صـناعية إلى مجتمعات معلوماتية .
وفي السنوات الأخيرة بدأ يأخذ الكمبيوتر مكانة مهمـة في التعلـيم بكافـة مراحلـه، ويعـود ذلـك بدرجة كبرية نتيجة لظهور أجيال جديدة من الكمبيوتر ، رخيصة الثمن ، سهلة التداول ، متعددة الوظائف والقدرات ، وساعد على منو هذا الاتجاه التنبـه إلى الإمكانـات الكبيـرة التـي يوفرهـا الكمبيـوتر وإمكانيـة استخدامه في مجالات متعددة في كافة فروع المعرفة الإنسانية .
ويعد استخدام تكنولوجيا التعليم في مجال التعلـيم بصـفة عامـة واسـتخدام الكمبيـوتر في المـدارس بصفة خاصة جزءاً من تطوير التعليم ، وتحديثه ؛ لمواجهة متطلبات هذا العصر الذي يعرف بعصرـ الثـورة العلمية التكنولوجية أو عصر الانفجار
الصفحة 121
المعلوماتي، وقـد بـدأت معظـم الـدول في العـامل المتقـدم والنـامي عـلى حـد سـواء في تخطـيط سياسـاتها التعليمية وفقاً للاتجاهات الحديثة لإدخـال الكمبيـوتر في المـدارس بمـا يتناسـب مـع الأوضـاع الاقتصـادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع ، واتساقاً مع الاتجاهات العالميـة، فقـد أولـت وزارات التربيـة والتعلـيم في الوطن العريب اهتماما ملحوظاً بالدور الذي يمكن أن تؤديه التقنيات الحديثة في تجويد التعليم بالكمبيوتر والوسائل المتعددة.
التعريف بالكمبيوتر :
توجد عدة تعريفات تناولت " ماهية الكمبيوتر " ونعرض بعضاً منها، فيرى "فيصل هاشم 1985" أن الكمبيوتر " وعاء هائل لتخزين المعلومات ، وتنسيقها، واستعادتها عند الحاجة إليها بترتيـب معـني وفي صور متعددة " .
ويشير " محمود آبو ناجي 1994 " إلى تعريف "الفيومي" للكمبيوتر بأنه آلة إلكترونية تسـتقبل المعلومـات والبيانـات " و تقـوم عـلى معالجتها بتنفيذ جميع العمليـات الحسـابية والمنطقيـة دون تـدخل بشري فيعملهـا وفقـاً لمجموعـة مـن التعليمات " والأوامر الصادرة إليه والمنسقة تنسيقاً منطقياً حسب خطة موضوعة و إعطـاء المعلومات الناتجة عن عملية المعالجة ".
ويعرفه " علي عبد المنعم "1996 " بأنه جهاز يعمل وفقا للتعليمات و الأوامر التي يحددها المبرمج " الإنسان " والتي يطلق عليها اسم البرنـامج ، حيـث يختـزن هـذه التعليمات داخليـاً ثـم يبـدأ في تنفيذها آلياً وفقاً لترتيب الأوامر الصادرة إليه من البرنامج".
ويستخدم الكمبيوتر في بعض الدراسات على شكل " جهاز إلكتروني يسـتقبل المعلومـات والبيانـات التي يصممها الباحث على هيئة وحدات تعليمية صغيرة " موديولات"، وفقـاً لمجموعـة تعلـيمات و أوامـر وبرامج تشغيل يحددها " المبرمج " للحصول على برنـامج تعليمـي في مـادة العلـوم ، ثـم يقـوم الكمبيـوتر بعرض هذا البرنامج على التلاميذ في صورة مجموعات صغرية بهدف تنميـة بعـض المتغيرات مثـل : تنميـة التحصيل الأكاديمي الابتكاري في العلوم وتحسني الاتجاهات نحوها " .
الصفحة 122
ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور المهم الذي يؤديه الكمبيوتر في خدمة المجتمعات محلياً ودولياً ، مـما يجعل لغة الكمبيوتر لغة عالمية يرجى لكافة أفراد المجتمعات الحديثة .
وليس من قبيل الحديث المعاد فقد واجهت التربية تحدياً كبرياً في عصر المعلومات والانفجـار المعـرفي تمثل في كيفية تسلح الطالب بأكبر قدر ممكن من المعلومات في زمن قياسي وبأفضل طريقة ممكنة ، حيث لم تعد نظم التعليم الجمعي السائدة تتمشى مع متطلبات هذا العصر ، ومن هنا دعت الحاجة إلى ضرورة استخدام الكمبيوتر في التعليم ، ومن التحديات الأخرى التي تواجه التربية في هذا العصر هـو زيـادة عـدد السكان ، وبالتالي الإقبال المتزايد على التعليم مما يترتب عليه زيادة الفروق الفردية بين المتعلمين ، التـي لا تستطيع نظم التعليم الجمعي التعامل معها بكفاءة.
ومن خلال استخدام الكمبيوتر في التعليم يمكن إن تتحقق بعض الأهداف من أهمها:
* - استثمار قدرات وطاقات الكمبيوتر التعليمي في عرض البرامج بصورة اكرث تشويقاً و إثارة من اجل زيادة
كفاءة العملية التعليميـة ، مـام يسـتلزم أعـداد اختصاصـيين مـدربين عـلى بنـاء الـبرامج التعليميـة وبرمجتها على الجهاز .
* - تطوير المناهج و المقررات الدراسية بما يتمشى مع الثورة العلمية والتكنولوجية ومستحدثاتها .
* - الاستفادة من قدرات الكمبيوتر في مجـال التـدريس بما يضـمه مـن سرعـة ودقـة في عـرض ومعالجـة المعلومات والبيانات .
* - توظيف الكمبيوتر في تقديم بعض الدروس لتسمح للمعلم بالتفرغ لأداء دوره، الذي يتمثل في التوجيه و الإرشاد ومعالجة المشكلات الفردية .. الخ .
* - إعداد المعلمين وتدريبهم على كيفية استخدام الكمبيوتر في تيسير عمليـة التعلـيم في المدرسـة كوسـيلة مساعدة على تفريد التعليم .
الصفحة 123
استخدام الكمبيوتر في التعليم بين التأييد والمعارضة :
لقد احدث استخدام الكمبيوتر في التعليم جدلاً ليس بالقليل بين أوساط التربويين، فمنهم مـن يؤيـد استخدامه بشدة وذلك على أساس أنه يخرج النظام المـدرسي التقليـدي مـن عزلتـه ، ويـنهض بمعالجات ُ استخدامه بشدة ، وذلك على أساس أنه يخرج النظام المدرسي التقليدي من عزلته التدريس القدمية لتساير حاجات المتعلمين ، وميولهم في عصر يمتاز بالثورة العلمية والتكنولوجية السرـيعة المتغيرة في شتى الميادين ، وفي المقابل فهناك مـن يبـدي تخوفـه مـن اسـتخدام الكمبيـوتر عـلى أسـاس أن الاعتماد عليه يمكن أن يفقد العملية التعليمية جانبها الإنساني والاجتماعي، وبصفة عامة .... يعود الخلاف بين فريقي المؤيدين و المعارضين إلى عاملين أساسيين هما:
1 – الصراع الإنساني بين الرغبة في الاسـتفادة بمنجـزات العـامل الحـديث مـن ناحيـة، والرغبـة في الاحتفـاظ بحرية الإرادة لدى الإنسان التي تتأثر بهذه المنجزات من ناحية أخرى .
2– الفشل في التمييز بيت معنيين من معاين التكنولوجيا التربوية ، يشري أحدهما إلى تطبيق مبادئ الهندسة في صنع أدوات التدريس ، ويشري الآخر إلى تطبيق مبادئ سيكولوجية التعلم في مواقف التدريس .
وفيما يلي بعض الآراء التي تبدى تحفظاً بخصوص استخدام الكمبيوتر في العملية التعليميـة ومحاولـة الرد عليها:
الرأي الأول : الاعتقاد بأن تكلفة التعليم عن طريق توظيف الكمبيـوتر تكـون باهظـة بـما لا يتناسـب مـع إمكانيات الدولة أو ميزانية الإدارات التعليمية .
وللرد على هذا الرأي يمكن القول : على الـرغم مـن أن التعلـيم عـن طريـق الكمبيـوتر أو بمسـاعدته يعد بالفعل اكثر تكلفة مادية من التعليم بطرق التدريس الجمعي السائدة في مدارسنا ، إلا أن عائـده التربـوي والتعليمي اكرث فاعلية وفائدة من العائد المنتظر من طرق التدريس الجمعي ، فيمكن استخدام الكمبيوتر في عدة استخدامات تجعله من الوسائط المتعددة ذات القدرة على القيام بالعديد من الوظائف التي يمكن أن تؤديها الوسائل الأخرى، حيث يوفر تعليمية ذات نظام اتصال
الصفحة 124
ذي اتجاهين بمعنى أنه عندما يستجيب المـتعلم للكمبيـوتر ، فـإن الكمبيـوتر يقوم استجابة المتعلم ، ثم يمده بمعلومات محددة تتعلق مبدى صحة استجابته .
هذا بالإضافة إلى أ ن عقد التسعينات يشهد انخفاضا ملحوظاً في أسعار جهاز الكمبيوتر وأحجامه مـع الارتفاع الملحوظ في سعته التخزينية وسرعته في الأداء وتعـدد وظائفـه والشـكل رقـم "10 "يوضح هذه الخواص .
(انظر الشكل في الصفحة 125 في البي دي إف أعلاه)
الرأي الثاني : الاعتقاد بأن الكمبيوتر سوف يقلل من الأدوار التـي يقـوم بهـا المعلـم ، وأن يحـل الكمبيـوتر محل المعلمين مما يؤدي إلى انعدام المناقشـات والتفاعـل اللفظـي ، وغـري اللفظـي ، بـني المعلـم والتلاميـذ داخل الصف ، وبذلك تنتزع المدارس من محتواها الاجتماعي .
الصفحة 125
وللرد على هذا الرأي يمكن القول : أن إحدى الدراسات قد أثبتـت أن المعلـم يـؤدي دوراً مهـامً يسـاهم في جعل الكمبيوتر أداة تعليمية مفيدة ، فبـدلاً مـن إن يحـل محلـه ، فقـد أعطـاه الكمبيـوتر أدوارا جديـدة دعمت دوره الأساسي ، فهو مل يعد ذلك الكتـاب النـاطق ، أو جهـاز تصـحيح الأوراق الذاتي الفوري بل أصبحت له أدوار جديدة مثل : الإرشـاد ، التخطـيط والتقويم وتدعيم العلاقات الإنسانية والتحكم أو ضبط العملية التعليمية .
وقد أشار " كمال اسكندر 1994 إلى بعض المهام التي يقوم بها المعلم في ظل استخدام الكمبيوتر ، كما حددها " ستانشفيلد " "Stanchifield " منها :
- تحليل نتائج الاختبارات .
- وضع جدول زمني لاستخدام تلاميذه للكمبيوتر .
- تقويم احتياجات التلاميذ التعليمية .
- إرشاد التلاميذ و إمدادهم بما يحتاجونه في أثناء دراستهم على الكمبيوتر .
- تصميم و أعداد بعض البرامج التعليمية التي يمكن عرضها من خلال الكمبيوتر .
وفي كل الأحوال فالمعلم يكون دوره كمدير للتعليم، وكمستشار ، وكوجه، وكمخطـط ،ويضـيف " ستانشفيلد " إن الثورة التكنولوجية خلقت أدوارا متباينـة ومتعـددة للمعلـم بجانـب دوره الأسـاسي ومـن امثلتها : المعلـم السـيد " والتكنولـوجي التربـوي " ، " و المعلـم المبرمج " والمعلم المصمم لبيئته التعلـيم ، وعلى آية حال ، فإن هذه المهام و الأدوار إذا تم تأديتها بحكمة وبصرية فإن مسـتقبل الـدور الـذي يؤديـه المعلم سوف يصبح اكرث تحدياً له واكرث مسئولية ودلالة عن ذي قبل .
الرأي الثالـث : الاعتقـاد بـأن اسـتخدام الكمبيـوتر في تعلـيم يجـرد القائمين عـلى العمليـة التعليميـة مـن شخصياتهم الإنسانية ، وسوف تنتزع المدارس من محتواها الإنساني، وتفتقر للعوامل والدوافع الإنسانية .
الصفحة 126
وللرد على هذا الرأي يمكن القول : أنه ليس هناك أي سبب لمثل هذا الاعتقاد ، فهناك العديـد مـن المهـام التي يمكن أداؤها في عالمنا المعاصر على نحـو افضـل بواسـطة الآلات عـام هـو الحـال إذا تـم أداؤها بواسطة الإنسان . ومما لا شك فيه أن تطبيق الكمبيوتر في التعليم سوف يغري مـن الملامـح الرئيسـية للنظـام التعليمـي المعتاد في المدارس ، وبذلك تأخذ علاقة المعلم بالمتعلم أبعاداً جديدة بحيث يتم التفاعل بينهما بطرق اكـثر إنسانية وفعالية عام ذي قبل ، حقيقة أ ن الدور التقليدي للمعلم في ظـل اسـتخدام الكمبيـوتر في التعلـيم سوف يتغير بدرجة ما ، ولكن ذلك ليس مبرراً كي يشعر المعلمون بعـدم الآمـن والطمأنينة و أن الكمبيـوتر سوف يجردهم من شخصيتهم ، واعتزازهم الشخصي بأنفسـهم ، ويحـط مـن قـدر العلاقـة ذات الطـابع الإنساني بينهم وبني تلاميذهم ؛ مما يجعلهم تابعني للجهاز وخاضعين له .
ويمكن التغلب على ذلـك مـن خـلال إمـداد المعلمين بنـوع مـن التـدريب والإرشـاد فـيام يتعلـق بأدوارهم الجديدة ، كما يضيف " كامل اسكندر 1994 " إن المعلمين والتلاميـذ يكونـون اكـثر واقعيـة عند استخدام الكمبيوتر ؛فإذا وجدوا أ ن الكمبيوتر ليس لديه شيء يقدم لهم فـانهم عـلى المـدى البعيـد سـوف يتجاهلونه ، ولذا فإن أول مهمة لإدخال الكمبيوتر كمساعد في التعلـيم هـي تزويـد المعلمين بالمعلومـات الكافية عن هذه الأجهزة إذ أن معظم المعلمين لا يعلمون إلا القدر القليل عن التعليم بمساعدة الكمبيوتر ، وبالتالي فهناك حاجة ماسة لأن يكون لدى المعلمين درايـة كافيـة وفهما أساسـيا بـالكمبيوتر في التعلـيم وبذلك نستطيع القضاء على إحدى صعوبات استخدام الكمبيوتر في التعليم .
وخلاصة القول أ نه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عن الطابع الإنساني والعامل البشرـي في التعلـيم مهام كانت مستحدثات التكنولوجيا التربوية المستخدمة فيه ، ويوضح الشكل رقم "11 "العلاقـة التفاعليـة بين المعلم ، والتلميذ ، والكمبيوتر كمستحدث تكنولوجي.
الصفحة 127
(انظر الشكل في الصفحة 128 في البي دي إف أعلاه)
ولذا من الأفضل إيجاد مساحات اكـبر للمعلـم لأداء كثـيراً مـن المهـام عنـد اسـتخدام الكمبيـوتر في مجـال التعليم .
الرأي الرابع : الاعتقاد بأن استخدام الكمبيوتر في التعليم سيلاقي مقاومة وعدم رضا مـن المعلمين . وهـذا الاعتقاد راجع إلى مقاومة المعلمين للكمبيوتر كمستحدث تكنولوجي ، ولـيس راجعـاً إلى الكمبيـوتر ذاتـه ، حيث يرى المعلمـون أ ن فيـه تهديـداً لتـأمني وظـائفهم ؛ ولكـن في معظـم الحـالات تكـون هـذه المقاومـة موجودة في كافة المجالات عند استخدام المستحدث أو الاكتشافات الجديدة فيها ، فغالباً مـا يأخـذ الأفـراد موقفاً سلبياً من كل ما هو جديد ، ومستحدث في بادئ الآمر ، وحل مشـكلة هـذا الاعتقـاد يتمركـز حـول عقد دورات تدريبية يكتسب المعلمون من خلالها مهارات استخدام الكمبيوتر في العملية التعليمية .
الرأي الخامس : الاعتقاد بأن استخدام الكمبيوتر في التعليم سوف يقلل من الابتكاري لدى التلاميذ .
الصفحة 128
غير أن : الكمبيوتر أداة مطيعة فيما يتعلق بطاعتها لبرامجها ، وفي هذا الصدد يؤكد " فـتح البـاب 1985 " ما أشار إليه "ويتش ، وسكولير إن التعليم بمساعدة الكمبيوتر يفرز لنـا إنتاجـا بالجملة من المتعلمين ، وكل تلميذ مع الكمبيوتر له الحرية في السير في البرنامج بسرعة اكبر أو اقل ، حسب قدرته وسرعته الذاتية في التعليم ، ومن هنا فإن التعليم بمساعدة الكمبيوتر ميكـن إن يؤدي إلى تفجري المزيد والمزيد من طاقات وقدرات الابتكار لدى التلاميذ ، وذلك لأنه يخلصهم من الـروتين والتكرار الذين هما سمة طرق التدريس الجمعي ، وبالإضـافة إلى ذلـك فـإن التعلـيم بمسـاعدة الكمبيـوتر يمكن إن يتيح للتلاميذ ممارسة بعض الأنشطة الابتكاري ، وبالتالي تعلم افضل يقوم على الابتكار .
تقنية الكمبيوتر وتنمية مهارات التفكري الابتكاري :
والجدير بالذكر إنه يفضل عند استخدام الكمبيوتر كوسيط تعليمي في تنمية الابتكار هو استخدامه كجـزء مـن اسـتراتيجية تعليميـة أو مـدخل للتعلـيم متعـدد الوسـائل ، حيث يصبح الكمبيـوتر هنـا مجـرد مصـدر أو أداة لعـرض البرنـامج مـع تميزه بخواص وقدرات هائلة ، يمكن إن تسـهم في تنشـيط العمليـات الضرـورية للابتكـار مثـل عمليـات الانتبـاه و الإدراك والتخيل وبالنظر إلى دور الكمبيوتر ومساهماته في التعلـيم فـإن اسـتخدام الكمبيـوتر في التعلـيم يفـتح أفاقـا جديدة ، تختلف عن تلك المسامات التـي تتيحهـا أدوات وأجهـزة أخـرى كـالتلفزيون والفيـديو والراديـو ، وذلك لأن الكمبيوتر كجهاز مستحدث يمتاز بما يلي:
1– يسهم في تحسين مستوى التعليم ويزيد من فعاليته ، لأنه يوفر بيئـة تفاعليـة يكـون فيهـا المتعلم إيجابيا وفعالاً ، عكس الأدوات الأخرى التي تقوم على أساس سلبية المـتعلم لأنهـا أدوات ذات اتجاه واحد ، مما قد يساعد في تنمية الاتجاهات الإيجابية للمتعلم نحـو المـواد الدراسـية التي تعرض من خلال شاشة الكمبيوتر في صور مبرمجة .
الصفحة 129
2- سرعة الكمبيوتر العالية في الاستجابة لتعليمات التلميذ والتي تسمح له بالحصول على تعزيز فوري لأنشطته في أشكال مختلفة ، كما يمكن أن يقوم عمل التلميذ بشكل مستمر ، وتقديم خطوات علاجية له إن لزم الأمر.
3- يساعد الكمبيوتر في الإقلال من زمن التعليم المستغرق في دراسة المقررات الدراسية مما يتيح الفرصة للتلميذ بممارسة عدد من الأنشطة الاثرائية التي قد تدفعه لتنمية قدرات عقلية مرغوبة كالتفكير الابتكاري.
4 - يعتبر الكمبيوتر أداة من الأدوات المساعدة في تنمية التفكير ومهاراته ؛ لانه يثير دافعية التلاميذ نحو ممارسة النشاط التخيلي ، وبعض العمليات الأخرى الضرورية لحدوث الابتكار ، مثل : الانتباه ؛ و الإدراك ، كما يتمتع الكمبيوتر بإمكانية عرض الأفكار والمواقف بصورة حية على شاشته ، مع تمثيل الأشياء تمثيلاً محسوساً من خلال أسلوب المحاكاة بواسطة عدة وثائق للتصميم التي تستخدم في بناء البرامج التعليمية، ومن أهم هذه الوثائق " خرائط المسار - لوحة تسلسل الأحداث الحوار مع اللقطات مما قد يساعد في تنمية القدرة على التفكير الابتكاري لدى التلاميذ في المادة الدراسية المبرمجة كالعلوم مثلاً .
5-يساعد على عملية تفريد التعليم ، حيث يمكن تقديم التعليم الملائم لكل تلميذ حسب مستواه وقدرته وسرعته الذاتية في التعليم.....فمثلا عندما يدرس التلميذ وحدة دراسية باستراتيجية التعليم الموصوف للفرد بمساعدة الكمبيوتر من الممكن أن يكون ذالك افضل من دراستها في صورة موديلات ورقية .
6- يساهم الكمبيوتر في إقبال المتعلم على الدراسة بحب وشغف ؛ لانه يجعل التعلم اكثر عملية ، فاستخدام الكمبيوتر في المقررات الدراسية تزيد من ارتباط النواحي النظرية بالتدريب العملي ، فالعمل بالكمبيوتر يماثل العمل داخل معمل التجارب المعملية .
7- يتيح للمعلم ممارسة دوره الجديد في التوجيه والإرشاد ومعاونة التلاميذ ومراقبتهم للتأكد مـن ممارستهم للتعلم الذاتي الذي يمثل جوهر التعليم المفرد.
الصفحة 130
8- يتيح للمتعلم مزيداً من الحرية التعليمية عند ممارسة التعليم المفرد لانه يشجع على فتح الحوار مع المتعلم ، ويسمح له بالتفكير في نسق مفتوح واختيار ما يحتاج من بدائل تعليمية ، ولا يحتاج المتعلم في بعض الأحيان إلى المعلم ، ولكن هذا لا يدفعنا إلى تقليص دور المعلم أو الاستغناء عنه ، فيجب أ نتوقع أن كل مستحدثات تكنولوجيا التعليم ومنها الكمبيوتر ، يمكن أن تحل محل المعلمين في المستقبل القريب، فليس هذا بالشيء المستحب أو المرغوب فيه لاسباب منها : أنه توجد حدود للعمل الذي تستطيع هذه المستحدثات القيام به، وان التربية عملية إعداد للحياة في مجتمع مع بشر آخرین ، وليس مع آلات ، ومن هنا فإن عملية التعلم والتعليم المعتادة التي تقوم على أساس التعامل والتفاعل بين المعلم والمتعلم ، لها أهميتها الإنسانية وطابعها الاجتماعي بجانب أهميتها وفوائدها التعليمية.(15)
9 - يستطيع الكمبيوتر تخزين كم هائل من المعلومات وعرضها في زمن قياسي ؛ بالإضافة إلى قدرته عـلـى تعويض النقص في عدة وسائط تعليمية أخرى فهو بمثابة عدة أجهزة في جهاز واحد .(16)
10 - يوفر للتلاميذ فرصاً للتجريب والمغامرة ، دون رهبة أو خوف ؛ فعند التعامل مع الكمبيوتر ، يتحرر التلميذ من الخوف ، وكبح الرغبة في الانطلاق نحو التفكير في استكشاف آفاق جديدة و إنجازات متطورة.(17)
مجالات استخدام الكمبيوتر في التعليم :
انطلاقاً من التغيرات التي طرأت على النظام التعليمي نتيجة دخول الكمبيوتر في العملية التعليمية ؛ تعرض فيما يلي لعدد من الوظائف التربوية التي يمكن للكمبيوتر إن يؤديها أو يدخل فيها(18) . ويوضح ذلك الشكل رقم "12" .
المجال الأول : تعلم عن الكمبيوتر ويتضمن :
الكمبيوتر كمقرر دراسي ضمن المنهج الدراسي
إن معرفة الكمبيوتر وطرق التحكم فيه ، واستخدامه أصبحت من المهارات التي تتزايد أهميتها يوماً بعد يوم واعتماد الكمبيوتر كمقرر دراسي أكاديمي إنما هو القاعدة الأساسية للتكيف مع هذه التقنية الحديثة لضمان حسن استخدامها.
الصفحة131
وتطويرها بما يرمى إلى تحقيق الأهداف العليا للمجتمع ،ويمكن تصنيف مقررات الكمبيوتر إلى(19):
الصفحة 132 بدف اعلاه )(12انضر الشكل ()
شکل (12) مجالات استخدام الكمبيوتر في التعليم
أ - مقررات لنشر المعرفة عن الكمبيوتر في مرحلة ما قبل الجامعة.
ب - مقررات لنشر استخدام الكمبيوتر ويتضمن تشغيل الكمبيوتر والأجهزة المساندة له لاعداد المبرمجين.
الصفحة132
ج - مقررات المختصين في علوم الكمبيوتر ونظم المعلومات، وتشمل تلك المقررات الأسس النظرية للكمبيوتر ، وترتيب البيانات، وتعميم لغات البرمجة ، ونظم التشغيل، وتكون تلك المقررات في مراحل الدراسة الجامعية وما فوقها ..
المجال الثاني : تعلم من الكمبيوتر ويتضمن :
استخدام الكمبيوتر كمصدر لتصميم وانتاج البرامج والمواد التعليمية " البرمجة ":
حيث يمكن الاستفادة من الكمبيوتر في هذا المجال في تصميم و إنتاج بعض البرامج التعليمية التي تتناول أي مادة دراسية معينة أو إنتاج مواد تعليمية عالية الجودة مثل :
- إنتاج شفافيات وشرائح شفافة .
- إنتاج تسجيلات صوتية عالية الجودة .
-إنتاج صورة ثابتة ومتحركة .
المجال الثالث : تعلم مع الكمبيوتر
ويتضمن عدة انماط منها:
أ - التعليم المدار بالكمبيوتر
وفي هذا النمط يقوم الكمبيوتر بالعديد من المهام التي تساعد المعلم في أداة التعليم دون القيام الفعلي بالتدريس ، ومن هذه المهام(20):
- تقديم المادة التعليمية .
- يتولى عملية التفاعل مع التلاميذ وفق احتياجات وطريقة وقدرات كل طالب في استقبال المعلومات.
إدارة الاختبارات والتمارين التدريبية للتلاميذ .
تقويم وتقدير درجات إجابات الاختبارات.
- تقديم التغذية المرتجعة الفورية .
-إدارة الاختبارات القبلية.
- إدارة وتدريب المواد و المصادر التعليمية.
- تجميع بيانات التلاميذ وحساب متوسطات الدرجات لكل تلميذ .
- تقدير مستوى التلميذ إن كان متفوقاً أم يحتاج إلى مزيد من التعليم والاستيعاب .
الصفحة133
وقد كان من المعتقد أن استخدام نظام ()سوف يوفر على المعلمين الكثير من الأعمال أو يتيح فرصة للتلميذ لممارسة التعليم المفرد، إلا أن العديد من المعلمين رفضوا التنازل عن بعض أدوارهم التقليدية ، ولذلك فإن معظم المعلمين يعتبر استخدام() عملا زائدا عن الحاجة.
(C.R.I):()*
ب - الكمبيوتر كمعلم خاص
و يعرف هذا النمط باسم " الكمبيوتر كنظام توجيه مرئي للمتعلم " وفيه يقدم الكمبيوتر المادة التعليمية للتلميذ على حده ، مع متابعة تقدمه في هذه المادة ، ويقوم كذلك بتقديم التغذية المرتجعة الفورية للتلميذ عندما يخطئ في الإجابة عن سؤال ، كأنه معلم صبور مطيع ، أما التلميذ الذي يبدي تفهماً من خلال قيامه بحل عدة اختبارات أو تمارين مرتبطة بموضوع الدراسة فإن الكمبيوتر ينقله فوراً لدراسة موضوع دراسي جديد ويقوم الكمبيوتر بتقديم التهنئة للتلميذ على هذا الإنجاز ، ويستلزم هذا النمط مزيداً من الوقت وذلك لانتاج ساعة واحدة من التدريس الناجح ماً وكيفاً ، وذلك لعدة اعتبارات منها (21):
- محاكاة سلوك المعلم الإنسان من الأمور بالغة الصعوبة لأن طبيعة مكونات المعلم الإنسان تختلف عن طبيعة ومكونات المعلم الآلة "الكمبيوتر".
- لم تصل هذه التقنيات الحديثة بعد إلى مرحلة البرمجة الذاتية بطرق سهلة مما يجعل تطويعها للمجالات التعليمية موضع انتقاد نتيجة الوقت والجهد الضخم المستهلك في سبيل ذلك.
ج - التعليم بمعاونة الكمبيوتر
ويعتبر هذا النمط من افضل التطبيقات التربوية للكمبيوتر في مجال التعليم بصفة عامة ، حيث يقوم الكمبيوتر بتقديم المادة التعليمية " المحتوى الدراسي " ضمن استراتيجية تدريسية محددة ، والتعليم بمعاونة الكمبيوتر يساهم في توفير التعليم الفعال من خلال قدرة الكمبيوتر على توفير التعليم المفرد وتقديم تغذية مرتجعة فورية، كما أن هذا النمط يتيح للتلميذ فرصاً عديدة من المحاولات لحل المشكلات وتصحيح
الصفحة 134
الأخطاء مع زيادة قدرته على التفكير بعمق في الموضوعات الدراسية ، هذا بالإضافة إلى تنمية قدرة التلميذ على التفكير الابتكاري (22).
كما أن هذا النمط يمكن أن يجعل عملية التعليم اكثر فاعلية ؛ مما يجعل المتعلم اكثر نشاطاً، وهناك عدة طرق أو برامج تستخدم في تحقيق التعليم بمساعدة الكمبيوتر منها:
أ - التدريب والممارسة
وفي هذه البرامج ، يقدم الكمبيوتر للتلميذ مجموعة من التدريبات متدرجة في الصعوبة ، مع قيامه بتصحيح إجابات هذه التدريبات ، و إعطاء النتيجة للتلميذ بصبر وسعة صدر ؛ وبذلك يوفر الكمبيوتر مزيداً من مجهود المعلم ويحرره من العبء الروتيني والمتكرر للتدريبات ، كذلك فإن الكمبيوتر يجنب التلميذ من الحرج ، أو سخرية زملائه أو عتاب معلمه ، مما يدفعه إلى إعطاء نتائج افضل في عملية التعليم.
ب - الألعاب التعليمية
وتكون هذه الألعاب على شكل مباريات تعليمية تعالج المواد التعليمية كالرياضيات أو العلوم ، بهدف زيادة دافعية التلميذ وتشجيعه على البحث والاكتشاف، وتحسين اتجاهاته نحو هذه المواد .
ج - المحاكاة " تمثيل المواقف "
وفي هذه البرامج يواجه التلميذ بموقف واقعي يقدم له بصورة تمثيلية ، فالمحاكاة هي : تجريد أو تبسيط لبعض المواقف المستمدة من الحياة الحقيقية الواقعية، ويتأتى ذلك بصفة خاصة في دروس العلوم ، حيث يقدم الكمبيوتر الخطوات الخاصة بتجربة أو تفاعل كيميائي ، والاحتمالات الناتجة عنـه ، ويتدرب التلميذ على هذه البرامج دون مخاطرة أو تكليف مثل برامج قيادة السيارات .
أي أن المحاكاة تقرب الواقع للتلميذ عن طريق نقله إلى حجرات الدراسة ، وفي صورة نماذج بالإضافة إلى أن هذا النوع من التعليم يثير رغبة التلميذ إلى التعليم ، ويدفعه إلى مزيد من التعلم ، ويتيح له فرصة التخيل عن طريق العرض البصري المثير المشوق ، ومن خلال ممارسة التلميذ للنشاط التخيلي
الصفحة 135
يتحرر التلميذ من الجمود العقلي ؛ مما يدفعه إلى الحرية في التفكير ، و إطلاق العنان للتخيل ؛ مما يساعد على تنمية قدرات الابتكار لديه(23).
وعلى سبيل المثال يمكن أن يقدم الكمبيوتر المادة التعليمية (كمادة العلوم مثلاً) مستعيناً ببرنامج للمحاكاة وتمثيل المواقف من خلال استراتيجية تدريسية من ضمن استراتيجيات التعليم المفرد ، ومن أمثلة المحاكاة. تقديم نظرية نشأة الأرض في صورة واقعية ، حيث إن " الفريد هيل " صاحب النظرية العلمية الحديثة في نشأة الأرض يرى أن الأرض قد نشأت من انفجار نجم آخر غير الشمس ، وقدم الكمبيوتر هذه المعلومة المجردة في صورة واقعية محسوسة على الشاشة ، مثل عملية انفجار النجم بالصوت والصورة .
وقد أشار " اليس وتروليب " (24) إلى أن التعليم بمساعدة الكمبيوتر يتضمن أربعة أنشطة تعليمية متكاملة وهي:
- عرض المعلومات
- تدريب المتعلم لاستيعاب المعلومات .
- توجيه المتعلم .
- تقویم أداء المتعلم .
ومن جهة أخرى ، فإن التعليم بمعاونة الكمبيوتر يمكن أن يتيح للمعلم وقتاً أطول لممارسة دوره المستحدث " المعدل " بصورة افضل ؛ وخصوصاً عندما يأتي الكمبيوتر ضمن استراتيجية تدريسية للتعليم المفرد ، لأن هذا النوع من التعليم يراعى الفروق الفردية بين التلاميذ ، ويراعى احتياجات ، وقدرات كل تلميذ، وسرعته الذاتية في التعليم (25).
- والجدير بالذكر أن هناك عدة طرق لتقديم الكمبيوتر في الفصول الدراسية أو معامل التعلم الذاتي
ومنها :
1 - الكمبيوتر مع الفصل كله .. حيث يتصل بشاشة عرض كبيرة .
2-الاستخدام الجماعي ... حيث يتم تقسيم المتعلمين في الفصل الواحد إلى عدة مجموعات صغيرة ما بين 2 - 4 تلاميذ " ويتوقف العدد على نوع البرنامج والهدف منه، ويرى المؤلف أن هذا النوع من الاستخدام يمكن أن يساهم في إيجاد التفاعل الحقيقي بين التلاميذ والكمبيوتر ، وبين التلاميذ وبعضهم البعض من ناحية ، ويمكن أن
الصفحة 136
. يساعد في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار المرتبطة بمشكلة ما من ناحية أخرى، لأن العمل وسط فريق يؤدي إلى نتائج أكثر خصوبة من العمل المنفرد.
3- الاستخدام الفردي....حيث يستخدم كل متعلم جهاز كمبيوتر مستقل .
أهداف استخدام الكمبيوتر كمعاون في تعليم بعض المقررات الدراسية كمادة العلوم على سبيل المثال * :
- القدرة على استيعاب اكبر قدر ممكن من معلومات مادة العلوم في اقل وقت ممكن.
- القدرة على تعلم مادة العلوم تعليمًاً مفرداً " ذاتياً " .
- تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو مادة العلوم .
- القدرة على تنمية الابتكار في العلوم .
- الرغبة في استمرار تحصيل المعلومات عن مادة العلوم مدى الحياة .
- تحقيق استراتيجيات تدريسية مختلفة كالتعليم المفرد أو التعليم حتى التمكن - زيادة دافعية الطلاب نحو تعلم المادة.
الهوامش:
*هذه المعلومات تمثل أبرز نتائج أحد الدراسات التي اجراها المؤلف قبل ٦ سنوات والتي تناول فيها العلاقة بين بعض نظم التعليم المفرد وخاصة نضام التعليم الموصوف للفرد
الصفحة 137
مراجع الفصل السادس
(انضر الصفحة 138 و 139و 140 في بدف اعلاه )
الصفحةو139 و140و138
الفصل السابع: الابتكار
مقدمة :
لقد شهد النصف الأخير من القرن السابق اطراداً متعاظماً في البحوث والدراسات التي تناولت الابتكار ، وقد بدأ هذا الاطراد بالتحديد عام 1950 م عندما أعلن "جيلفورد " " Guilford " في خطابه الافتتاحي أمام جمعية علم النفس الأمريكية عن نموذج بناء العقل البشري الذي ميز من خلاله بين نوعين من التفكير :
الأول : وهو التفكير التقاربي "المحدود" ويقاس باستخدام اختبارات الذكاء التقليدية والتي غالباً ما تطلب من المفحوص استجابات محددة وصحيحة عن أسئلة مباشرة ومحددة .
الثاني: وهو التفكير التباعدي " المنطلق " ويقاس باستخدام اختبارات التفكير الابتكاري والتي تتطلب من المفحوص التنوع والتفرد في الاستجابات والاستقلالية في التفكير .
مفهوم الابتكار :
لقد تعددت تعريفات الابتكار شانه في ذلك شأن معظم المفاهيم والمتغيرات النفسية الأخرى ، وذلك حسب مناحي الباحثين وأراءهم العلمية ، وتخصصاتهم ، و الأطر الثقافية المتباينة التي تنتسب إليها هذه التعريفات ؛ ولذا فمن الصعوبة اختيار تعريف جامع شامل للعمل بمقتضاه يتفق عليه المتخصصون والمهتمون بالابتكار ويعود ذلك إلى عدة اعتبارات منها (1):
- غموض ظاهرة الابتكار، وتعقدها ، وصعوبة التنبؤ بها ، وعدم اكتمال فهمها حتى لدى المتخصصين .
الصفحة 143
- التداخل بين المتغيرات والعوامل التي تقف بصورة مباشرة وغير مباشرة خلف الناتج الابتكاري ، حيث يستند الابتكار إلى عدة عوامل واستعدادات عقلية ، ومعرفية، وغيرها ، من المتغيرات التي تتداخل معاً ؛ مما يتعذر معه عزل أو تحييد آثارها .
- النسبية في الحكم على الأداء أو النشاط الابتكاري .
- صعوبة الحكم على العملية الابتكاري وصفاً وتفسيراً ومن ثم التنبؤ والتحكم فيها .
ومع ذلك فهناك العديد من التعريفات التي حاولت الإلمام بهذا المفهوم التي يمكن وضعها تحت خمس فئات " نقتصر على عرض بعض الأمثلة التي تمثل كل فئة " .
الفئة الأولى :
وهي التي تركز على الابتكار كعملية عقلية تمر بعدة مراحل داخل المخ البشري كتجهيز المعلومات، وإدراك العلاقات بين العناصر المعرفية واستخدام الاستراتيجيات الملائمة التي ينتج عن التفاعل بينها وبين محتوى البنية المعرفية ناتجاً ابتكارياً .
فیری توران (1972 Torrance ) أن الابتكار عملية عقلية يقوم فيها الفرد بالتعرف على المشكلة وإدراك عناصرها المفقودة وثغراتها والتناقضات التي تحتويها ، وباحثاً عـن حـل لهـا ، فيفرض الفروض ، ويختبرها ثم يعيد اختبارها ، ويجرى تعديلات عليها ، حتى يصل إلى النتائج المطلوبة(2). بينما نقل " ايمن حبيب 1996 " ما أشار إليه " جولفن ، Golvin " بان الابتكار عبارة عن عملية عقلية ينتج عن حدوثها مركب ذو خصائص جديدة ، وهذا المركب يمثل مجموعة من العناصر ، لم تكن مرتبطة من قبل ببعضها البعض ، وينتج هذا المركب من خلال التفاعل بين الخبرات الذاتية للفرد وكم كبير من المعلومات عن العالم الخارجي، ومن حصيلة هذا التفاعل يخرج الناتج الابتكاري"(3).
ويعرف "جيلفورد" Guilford"(4) .الابتكار بأنه " عملية معرفية أو نمط من التفكير التباعدي الذي يتصف بالطلاقة ، والمرونة ، وينتج عنه ناتجاً الأصالة والحساسية للمشكلات. ، و ابتكارياً " ، كما يرى " جيلفورد " في هذا الصدد أن الابتكار عملية اشتقاق حلول مبتكرة من المخزون المعرفي لمواجهة متطلبات الموقف المشكل اعتماداً على تعاقب وتزامن العمليات المعرفيـة بـدءاً بالانتباه وانتهاءً بالتقويم ، و مروراً بالمعرفة ، و الذاكرة ، والتفكير التقاربي ، والتفكير التباعدي ؛ كما يوضح الشكل رقم "13" ، ويوضح هذا
الصفحة 144
النموذج موقع التفكير التباعدي الذي يعرفه " جيلفورد " بأنه "عدد" الحلول البديلة المشتقة من معلومات مخزون الذاكرة ، أما حرفياً ، أو بالتحوير ، والتبديل فيها ، ليشبع حاجة معطاة مثل حل مشكلة ما (5).(انظر نموذج جيلفورد)
)انضر الشكل الصفحة 144 في بدف اعلاه)
شكل رقم (13) تعاقب العمليات العقلية المعرفية وعلاقتها بالابتكار "نموذج جيلفورد"
ومن ابرز النماذج التي تدعم دور العمليات المعرفية في حدوث الابتكار، النموذج الذي قدمه "فينك " وآخرون عام 1992 . المسمى بالنموذج العام للابتكارية " الذي يتناول العمليات المعرفية الأساسية المرتبطة بالابتكار كما يلي(6)(انظر نموذج فينك).
الصفحة 145
أ - العمليات التوليدية :
وهي التي تختص بعملية استرجاع المعلومات من مخزون الذاكرة ، وإحداث ترابطات بينها ، والتأليف بين مكوناتها ، وتحرير هذه المعلومات من صورة لأخرى ، وإحداث تعميمات وفقاً لمتطلبات الموقف المشكل .
ب - العمليات المهيئة للابتكار:
وهي عبارة أبنية وتراكيب ما قبل الابتكار ، وهي تشتق من استشارات، وتنشيط العمليات التوليدية ، ومن أمثلتها : أنماط تصورية بصرية ، صيغ وأشكال، نماذج تصنيفية وعقلية ، توافقات ، و تجميعات لفظية ، وتتسم هذه الأبنية بعدة خصائص منها: الجدة ، الغموض ، والمعاني المتضمنة والبزوغ وعدم الاتساق والتشعب.
ج - العمليات المعرفية الاكتشافية :
وهي التي تشكل الصيغة النهائية للنتاج الابتكاري بما تنطوي عليه من تحضير وتوليد موافقات عقلية ، تسبق الناتج الابتكاري ، ويوضح الشكل التفاعل الدينامي بين عمليات نموذج " فينك " (GCMC )
(انضر الشكل الصفحة 146 في بدف اعلاه)
شكل رقم 14 دور العمليات المعرفية في الابتكار "نموذج فينك"
الفئة الثانية :
وهي التعريفات التي تركز على الابتكار كناتج يتصف بالندرة، والتنوع ، والتعددية ، والأصالة فيرى" ميد " و"هارموت " - كما جاء في " سمية احمد 1992 " أن الابتكار " عملية ينتج عنها شيء جديد سواء أكان هذا
الصفحة 146
الشيء فكرة أم موضوعاً أم شكلاً جديداً أم شيئاً مادياً ، أم إنتقالاً من عناصر قديمة إلى أخرى جديدة"والجدة هنا منسوبة إلى الفرد وليست إلى المجال الذي يوجد فيه الإبتكار(7).
ويشير "روجرز " " 1959 Rogers " إلى الإبتكار بأنه إنتاج جديد نابع من خلال التفاعل بين مخزون الخبرة لدى الفرد وما يوجد في بيئته(8).
وترى " امابل 1987 Amabil "(9) أن الابتكار " خلق شيء جديد ، و يأخذ هذا الخلـق شـكل إنتـاج جديد أو ملموس أو شكل سلوك ، على أن يتصف هذا الإنتاج بالطلاقة ، والمرونة ، والأصالة " .
وبصفة عامة فإن الناتج الابتكاري الحقيقي يتحدد في ضوء المحددات الآتية(10):
أ - أن يتضمن فكرة أو استجابة جديدة بمنظور ندرة التكرار الإحصائي .
ب - أن تكون هذه الفكرة الجديدة ملائمة للواقع ، فالأصالة أو الجدة في التفكير والفعل على الرغم من أهميتها وضرورتها لعملية الابتكار ليست كافية بذاتها، فلا بد لهذه الفكرة من أن تُسهم في حل مشكلة معينة أو تتلاءم مع موقف معين أو تحقيق هدفاً بذاته.
ج - أن يتضمن الابتكار الحقيقي استبصاراً أصيلاً ، بالإضافة إلى تقييم وتفضيل وتطوير ما يتمخض عن هذا الاستبصار.
وفي ضوء ما تقدم من عرض للتعريفات التي ركزت على الابتكار كعملية عقلية، والابتكار كناتج نلاحظ أنه من الصعب الفصل بين الابتكار كعملية وكناتج ؛ لأن الناتج الابتكاري لا يمكن أن يوجد بمعزل عن عمليات النشاط العقلي فكليهما يمثلان وجهين لشيء واحد . والجدير بالذكر في هذا المقام أن تقويم الناتج الابتكاري والحكم على مصداقيته اسهل من تقويم الابتكار بوصفه
الصفحة 147
عملية أو سمات شخصية أو مناخاً ابتكارياً ، وقد أكد " فؤاد أبو حطب 1995 (11) ما أشار إليه كل من " شارلز و مالیان " "1980 , "، " وعبد الغفار 1977 " إلى أن تناول الابتكار بوصفه إنتاجا ابتكارياً من قبيل المحكات ، لانه يعبر عن مستويات أداء فعلية وما عداه يُعد من قبيل المنبئات التي تمثل مؤشر على إمكانية حدوث الابتكار دون أن تضمن تحقيقه بالفعل.
الفئة الثالثة :
وهي التعريفات التي تركز على الابتكار كسمة شخصية للفرد وتعكس صورة التفكير لديه ، ويلجأ أنصار هذا الاتجاه عند محاولتهم تحديد مفهوم الابتكار إلى سرد بعض خصائص ، وسمات الشخصية الابتكاري ، التي كشفت البحوث والدراسات المختلفة عن تميزها بدرجة كبيرة عن الشخصية العادية ، فالشخصية الابتكاري تميل إلى الاستقلالية في التفكير ، ونقصان المسايرة " الاجتماعية ، وسعة التخيل"(12).
وقد أكد "فتحي الزيات 1995 " (13) ما أشار إليـه كـل مـن " كلارك " 1979, ، "وجــوان كاتينيا 1979 " إلى أنه يمكن تحديد بعض السمات الشخصية للمبتكرين في ظل الأبعاد الآتية للابتكارية :
البعد الأول : ويسمى ببعد التفكير المنطقي :
وهو الذي ينظر إلى الابتكار كمكون من مكونات العقل أو كوظيفة للتفكير المنطقي .
البعد الثاني : ويسمى بالبعد الحدسي :
وهو الذي يؤكد على أهمية اللامنطقية في إنتاج السلوك الابتكاري ، فالعملية الابتكاري تحدث غالباً فيما قبل الشعور بقوى نفسية خارقة تتصف بالعمق والاتساع محررة العقل من كافة قيوده ليعطي افضل أفكاره أو إنتاجه الابتكاري .
البعد الثالث : ويسمى بالبعد الانفعالي :
وهو الذي يرى الابتكار كأعلى درجة من درجات الصحة النفسية " الانفعالية – العاطفية " وينادي أصحاب هذا البعد بالاستفادة من كافة القوى والطاقات الكامنة لدى الإنسان حتى يستطيع تحقيق ذاته لأن من يحقق ذاته ، يكون مبتكراً .
الصفحة 148
البعد الرابع : ويسمى ببعد المعنى :
وهو الذي يؤكد على السمات الشخصية للمبتكرين من حيث علاقتها بظروف البيئة ، وأساليب التنشئة الاجتماعية ، ويؤكد علماء النفس الذي ينظرون للابتكار من خلال هذا البعد على الموهبة كما تنعكس في نواتج الاختراعات ، ويرى" روجرز Rogers " ، أن الناتج الابتكاري يرتبط بالجدة ، كما تنمو من خلال تفرد الفرد في تفاعله مع الأشياء والوقائع والأحداث "ظروف الحياة".
و الجدول رقم "2" ، يلخص أهم السمات الشخصية للمبتكرين في ضوء الأبعاد الأربعة السابقة (14):
جدول (2) يوضح بعض السمات الشخصية للأفراد المبتكرين في ضوء الأبعاد الأربعة للابتكارية
(انظر الجدول الموجود في الصفحة 149بدف اعلاه)
الصفحة 149
(انضر الجدول الموجود في الصفحة 150 بدف اعلاه)
الفئة الرابعة :
و هي التي تركز على الابتكار كمناخ أو كبيئة تهيئ الظروف الملائمة والعوامل المحفزة على التفكير الابتكاري .
ويرى أنصار هذه الفئة أن الحرية و الأمان هما المناخ الملائم للابتكار ، لأن الابتكار يستلزم الحرية ، وممارسة الحرية لابد أن تقود حتماً إلى سلوك أو إنتاج ابتكاري، ويؤكد "خير الله 1985 " (15)ما أشار إليه" روزجرز " "Rogers " بأن المناخ الابتكاري يتضمن مجموعة الظروف والعوامل البيئية كالتنشئة الاجتماعية ، والتربوية، وظروف عمل ، وقيم ، واتجاهات ثقافية تساعد في تنمية الابتكار عند أفراد المجتمع ، أو تعوقه وتعطله ، وهذه العوامل تمثل المتغيرات الوسيطة بين وسائل التنبؤ بالإمكانات الابتكاري، والمعايير التي تحدد الإنتاج الابتكاري الفعلي، وفي إمكان هذه العوامل تعديل العلاقة بين هذين المجالين عن طريق برامج واستراتيجيات تنمية الابتكار .
ونظراً لأهمية المناخ الملائم لتنمية الابتكار - سوف نتناول بشيء من التفصيل العوامل البيئية المؤثرة في المناخ الابتكاري ، مثل نوعية المجتمع كعامل عام ،
الصفحة 150
والدراسة بما تحتوي عليه من مدير ، معلم ، ومنهج مدرسي ، ومعالجة تدريسية – كعوامل خاصة – في مكان لاحق من هذا الفصل .
الفئة الخامسة :
وهي التي تركز على الابتكار كإمكانية لدى الفرد من خلال استجاباته الابتكاري على الاختبارات السيكولوجية ، والإمكانية الابتكاري في جوهرها استعداد الفرد لانتاج أفكار واستجابات جديدة ، أو إنتاج الأفكار القديمة في ارتباطات جديدة وقد افترض أصحاب هذا الاتجاه مجموعة فروض ترتبط بالقدرات التي اعتقدوا أنها تشكل القدرة العامة للابتكار.(16)
وقد أشار أصحاب هذه الفئة إلى أن الابتكار أياً كان مجاله، ليس بالعامل الواحد ولكنه مجموعة من القدرات، كما حددها "جيلفورد " كالآتي " الطلاقة، المرونة ، الأصالة ، الحساسية للمشكلات ، القدرات التحليلية والتركيبية ، إعادة التحديد والتقييم ، وذكر " جيلفورد " أن هناك ثلاث قدرات بارزة من بين القدرات السابقة وهي الطلاقة ، المرونة ، الأصالة ، ويوضح أيضا وجود "" عوامل للطلاقة وثلاثة للمرونة سيأتي ذكرها فيما بعد .
ويرى " حنورة 1977 " (17) أن الشخص المبتكر يكون مبتكراً عندما يمتلك القدرات العقلية " الطلاقة-المرونة – الأصالة " مع بعض القدرات العقلية الأخرى المعتادة مثل " الاستدلال – الفهم اللفظي -التذكر – الاستبصار – التخيل " ، هذا بالإضافة إلى تسلحه بعدد من سمات الشخصية الإيجابية مثل المغامرة – الرغبة في التفوق – الإنجاز – الجاذبية الشخصية والاجتماعية "
ویرى المؤلف أن الفئات الخمسة التي تناولت تعريف مفهوم الابتكار غير منفصلة عن بعضها البعض ؛ إنما هي أوجه متعددة لظاهرة واحدة ، فالشخص الذي تتوافر لدية القدرة على إنتاج استجابات ابتكارية تتوافر لديه سمات الشخص الابتكاري ، و أشار " بيرجيتburgett 1982 "الى وجود علاقة قوية بين قدرات التفكير الابتكاري " الإمكانات الابتكاري " وسمات الشخصية الابتكاري، لأن السمات الشخصية للمبتكرين هي التي تستثير وتهيئ القدرات ، والإمكانات
الصفحة 151
الابتكاري للعمل و إنتاج استجابات ابتكارية ، والذين يتناولون تعريف الابتكار من خلال الفئات سابقة الذكر إنما هو تناول جزئي بغرض البحث والدراسة(19).
وفي ضوء ما سبق من عرض للتعريفات التي تناولت الابتكار ، فانه يمكن تعريف الابتكار على أنـه "عملية أو نشاط عقلي معرفي يقود الفرد إلى إنتاج أفكارا واستجابات تمتاز بالتعددية ، والتنوع ، والتفرد، عندما يواجه مشكلة ، أو قضية ، أو ظاهرة معينة ، في مناخ تعليمي ملائمة ، يتصف بالحرية في التفكير واختيار مصدر التعليم المناسب ".
الابتكار وعلاقته ببعض المفاهيم السيكولوجية الأخرى :
قد يحدث خلط أو تداخل للبعض عند التعرض لدراسة بعض المفاهيم النفسية كالابتكار ، والذكاء ، والتخيل وغير ذلك من المفاهيم ، وسوف نقتصر بمحاولة الفصل بإيجاز بين المفاهيم السابقة بصورة مبسطة ، ومفهومة ، و إبراز العلاقة بينهما، مع العلم أن هنـاك مـن يرى أن هذه المفاهيم تدل على شيء واحد ، وهناك من يرى أنها تشير إلى أشياء ومعاني مختلفة.
الابتكار والذكاء :
تضاربت أراء العلماء ، ونتائج الدراسات التي تناولت العلاقة بين الابتكار والذكاء فيرى بعضهم أن الابتكاروالذكاء(20) نوعان من أنواع النشاط العقلي للإنسان.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن العلاقة بين الابتكار والذكاء علاقة ضعيفة، وانه ليس من الضروري أن يكون الشخص الذكي " في نسبة الذكاء "I.Q " مبتكراً ، فقد نجد شخصاً يتميز بالابتكار ولكنـه لا يتمتع بمستوى رفيع من الذكاء ، كما أنه من الممكن أن نجد شخصاً آخر شديد الذكاء ولكنه ليس مبتكراً ، فهناك قدر من التمايز - وليس تمايزاً تاماً - بين الابتكار والذكاء، حيث يصعب أن نتصور وجود شخص مبتكر في الوقت نفسه ضعيف العقل أو معتوه ، ولذا فإن الشخص المبتكر والذكاء لابد أن يكون مستحوذاً على حد أدنى من الذكاء لا تقل نسبته عن "120 " نسبة ذكاء ، أي شخصاً متوسط الذكاء ، بحيث أنـه لـوتوفر
الصفحة 152
أقل من هذه النسبة لما أمكن للشخص أن يكون مبتكراً ، أما إذا توفر قدر أكبر من هذه النسبة فلا يؤثر على ابتكار الفرد بالزيادة ، وبالتالي فليست هناك علاقة مطردة بين المفهومين بحيث إذا زاد أحدهما زاد الآخر والعكس ، ولكن هذه العلاقة محدودة في جزء من المدى الكلي لهما ، وليست تعبيراً عن التطابق التام بين مدى كل منهما .
وهناك دراسات أشارت إلى وجود علاقة بين الابتكار والذكاء - وان كانت ضعيفة – مثل دراسة كل من " رازيك " " Razik " ودراسة " الكناني " "1979 " التي أثبتت وجود علاقة دالة بين الابتكار والذكاء عنـد المستوى المتوسط من الذكاء بلغت قيمتها "0.38 " بينما لا توجد دلالة للعلاقة بين الابتكار و الذكاء عند المستوى المنخفض والمرتفع من الذكاء ، وفي دراسات حديثة ظهر أنه في الأعمار المبكرة من المجتمع العربي توجد علاقة بين الابتكار والذكاء ولكنها ليست علاقة قوية ، وربما كان المسئول عن ذلك هو ما أشارت إليه دراسات متعددة من أن أحد جانبي المخ مسئول عن النشاط ، والعلميات الابتكاري ، وهو الجانب الأيمن ، على حين يتخصص الجانب الأيسر في قدرات الذكاء العام خاصة القدرات اللغوية ، والحسابية ، والمنطقية، فالتكامل بين جانبي المخ يؤدي إلى إفراز إنجاز متفوق يتميز به الاذكياء المبتكرون(21)
وفي ضوء ما سبق عرضه من علاقة الابتكار بالذكاء نخلص إلى(22):
- أن الأذكياء ليسوا جميعاً مبتكرين بل أن نسبة المبتكرين منهم تكون في حدود 30% .
الصفحة 153
(انضر الجدول الموجود في الصفحة 154 في بدف اعلاه)
شكل (15) سمات الشخصية الناشئة عن علاقة الابتكار بالذكاء
- استقلالية الابتكار عن الذكاء إلى حد ما .
- إذا تم تحديد المتفوقين عقلياً باستخدام اختبارات الذكاء على انهم يمثلون نسبة 30% الأعلى على تلك الاختبارات ، فسوف يفقد من المتفوقين نسبة %70 عند استخدام التفكير التباعدي .
- يستلزم وجود حد أدنى للذكاء بنسبة " 120 "مطلوب توفرها في الفرد المبتكر ، وأية نسبة بعد هذه النسبة يصبح التفوق في الذكاء غير ذي أهمية بالنسبة للابتكار ، ولقد أمكن تحديد بعض السمات الشخصية الناشئة عن علاقة الابتكار والذكاء من خلال بعض الدراسات ، ويوضح ذلك الشكل السابق.
الابتكار والتخيل :
لقد أشارت العديد من الدراسات (23) إلى أهمية دراسة التخيل وعلاقته بالابتكار، حيث قد توجدعلاقة موجبة بين تخيل الإنسان وابتكاراته ، وان معظم الابتكارات قد تبدأ من خيالات عبرت للإنسان : ونبهت بعض الدراسات إلى النظر للابتكار كمحصلة لعوامل أخرى ، لعل من أهمها كل من التخيل والذكاء.
الصفحة 154
واتفق معظم الباحثين على تعريف التخيل بأنه المعالجة الذهنية للصور الحسية وبخاصة في حالة غياب المصدر الحسي الأساسي ، ومع أن هناك إجماعا على أن التخيل هو التفكير بالصور إلا أنه ما زالت هناك حتى الآن علامات استفهام عديدة حول طبيعة النشاط التخيلي في علاقته بمجمل النشاط الذهني خاصة الذكاء والابتكار، فهناك دراسات وحدت بين التخيل والنشاط الابتكاري ، وهناك دراسات أخرى رأت أن التخيل دالة للابتكار، وليس هو كل الابتكار .
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أهمية التخيل في العملية التعليمية التربوية حيث يمكن أن يؤدي الاهتمام بالتفكير التخيلي في التعليم إلى العديد من النتائج المثمرة، ويمكن استخدامه كذلك في تنمية التفكير الابتكاري وحل االمشكلات(24). ويرى "حنورة" أن النشاط التخيلي يمثل إحدى العناصر الفعالة في منظومة النشاط العقلي ، فهو العنصر الذي إذا تفاعل مع الذكاء العام " التقليدي " الذي يهتم بالتفكير في نسق مغلق ، فانه يفضي إلى سلوك ، أو فعل ابتكاري منفتح على الخبرة ، محلق في الآفاق ، المفتوحة البعيدة وغير التقليدية ، ويساعد على فاعلية السلوك الذي لا بد له من التكامل بين مختلف العناصر الذهنية(25).
وخلاصة القول أن التخيل كعنصر إذا ما أضيف إلى الذكاء تحول النشاطان معاً إلى مكون جديـد هـو النشاط الابتكاري، ومن ثم فهناك حاجة ماس لتوجيه الاهتمام إلى التدريب على النشاط التخيلي ، سواء جاء التدريب مستقلاً أو من خلال استراتيجيات تنمية القدرات الابتكاري ومنها :
- أسلوب العصف الذهني ل " أوزبورن Osborn " .
- استراتيجيات تنمية الخيال " جوخاتينا " .
- برامج " تورانس " المتتابعة لتنمية الابتكار .
و على جانب آخر فقد أشارت " سمية احمد 1992 "الى(26) ما قدمه " تايلور 1979 Toylor " عن بعض الإضافات الجديدة للمزيد من التعرف على كنهه مفهوم
الصفحة 155
الابتكار، من أهمها فكرة مستويات الابتكار وعلاقتها بالعمر الزمني للتلميذ أو الفرد ، فيرى أن الابتكار يختلف في الدرجة وليس في النوع ، حيث يفترض اكثر علماء النفس أن الابتكار يوجد عند جميع الأفراد كباراً أو صغاراً ولكن بدرجات متفاوتة ، و القدرات العقلية ليست متساوية عند الأفراد ، بل تختلف من فرد لاخر بل يمكن أن تختلف داخل الفرد الواحد .
ولقد رتب " تايلور" مستويات الابتكار في خمسة مستويات ، ولكل مستوى عمر زمني يقابله كما هو موضح بالشكل الهرمي .
) انضر الهرم الموجود في الصفحة 156 في بدف اعلاه)
شكل رقم (16) مستويات الابتكار
المستوى الأول : الابتكاري التعبيري " التلقائي "
ويتمثل هذا المستوى في التعبيري الحر المستقل الذي لا يحتـاج للمهـارة أو الأصـالة مثل رسوم الأطفال التلقائية ، ويعتبر هذا المستوى اكثر
الصفحة 156
المستويات أهمية لظهور المستويات التي تليه في الترتيب ، ويتلاءم هذا المستوى مع الأطفال في المرحلة الابتدائية " 6-12سنة".
المستوى الثاني : الابتكار الانتاجي
ويتمثل هذا المستوى في الإنتاج الفني، والعلمي، الذي يتميز بمحاولة تقييد، وضبط الميل إلى النشاط الحر التلقائي ، وتحسين أسلوب الأداء في ظل قواعد محددة، وعندما يقوم تلميذ بتمثيل شخص ، أو رسم صورة بطريقة واقعية فإن ذلك يحل محل التصور التلقائي الذي يتميز به التعبير الحر ، ويتلاءم هذا المستوى مع : تلاميذ المرحلة الإعدادية "12 – 15 سنة ".
المستوى الثالث : الابتكار الاختراعي
ويتمثل في الاختراعات ، والاكتشافات التي تتضمن المرونة في إدراك علاقات جديدة بين الأجزاء التي كانت منفصلة من قبل ، ويتلاءم هذا المستوى مع طلاب المرحلة الثانوية "15 – 18 سنة " .
المستوى الرابع : الابتكار الاستحداثي
ويتمثل في التطوير والتحسين الذي يتطلب قدرة قوية على التصور التجريبي . ولا يظهر هذا المستوى إلا عند نفر قليل من الناس ، ويتطلب تعديلاً في الأسس والمبادئ الأساسية " العامة " التي تحكم ميداناً كلياً في العلم أو الأدب أو الفن ، ويتلاءم هذا المستوى مع طلاب الجامعات " 18 – 22 سنة "، ويمكن أن يظهر حالات في المرحلة العمرية للثانوية " 15 – 18 سنة".
المستوى الخامس : الابتكار الانبثاقي
وهو أعلى درجات التفكير الابتكاري ، واكثر المستويات و أعلاها تجريداً، ويتمثل في ظهور مبدأ جديد ، أو قانون جديد ، أو مسلمة جديدة أو نظرية جديدة في العلم أو الفن أو الأدب ، تزدهر حولها مدرسة علمية جديدة ويتلاءم هذا المستوى مع العلماء والمخترعين والمبتكرين فيما بعد المرحلة الجامعية " الأكثر من 22 عاماً " .
الصفحة 157
كما أشار " قطامي 1990 " إلى أن الابتكار يعتبر كعملية ضمنية من المفاهيم الافتراضية التي يمكن التحقق منها عن طريق فحص واختبار نتائجها بمعايير محددة خاصة .
ويعزى اعتبار عملية الابتكار عملية معرفية في ضوء نظرية البناء العقلي "I.S" لجيلفورد " للأسباب الآتية :
1 - يكون التلميذ في هذه العملية حيوياً ونشيطاً ، وفعالاً .
2 - يقوم التلميذ بدور المنظم للخبرات والمعلومات المتوافرة لديه سابقاً ، وذلك كي يستجيب لمتطلبات الموقف الجديد ، أو للوصول إلى الحل الجديد .
3- إن الطلاقة والمرونة، والأصالة ، واستشفاف المشكلات، والوصول إلى التفاصيل، وهي مكونات عملية الابتكار تتطلب نشاطاً ذهنياً معرفياً يقوم به التلميذ .
4 - يستلزم التفكير الابتكاري من نوع التفكير التقاربي والتباعدي والتقويمي خبرات ومواد معرفية مهمة ومنظمة ، وهذا يعطى أهمية لدور الخبرات التي يتم تخزينها في البناء المعرفي للتلميذ وإذا كان العلماء والباحثون قد اختلفوا فيما بينهم على تعريف مفهوم الابتكار، ولكنهم لم يختلفوا على أن الابتكار لا يتم في مرحلة واحدة ، ولكنه يتم على عدة مراحل متتابعة ، اختلفت هذه المراحـل مـن باحث لآخر من حيث عددها و مسمياتها .
ولعل اكثر التقسيمات شيوعاً ذلك التقسيم الذي قدمه " جرهام والاس " .G Wallas " في كتابه " فن الفكر " عام " 1926 " ، وفيه قسم " والاس " عملية الابتكار إلى أربعة مراحل متتابعة وهي كما في الشكل
الصفحة 158
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 159 في بدف اعلاه)
شكل (17) مراحل العملية الابتكاري(27).
1 - مرحلة الإعداد والتحضير :
وتمثل هذه المرحلة الطور التحضيري لعميلة الابتكار، حيث يتم فيها ، ومن خلالها ، تجميع المعلومات المتعلقة بالمشكلة ، ثم هضم هذه المعلومات ، واستيعابها ، وتمثلها، وإدراك العلاقات ، والمتعلقات بينها ، وتحليل المشكلة إلى عناصرها والتجول الحر عبر محددات المشكلة ، والبحث عن إمكانية توظيف المعلومات المتاحة والمشتقة، أو المستنتجة لحلها .
2 - مرحلة الكمون والاحتضان " الاختمار " :
و تمثل هذه المرحلة حضانة الأفكار والمعلومات المرتبطة بالمشكلة ، حيث يترك الفرد في هذه المرحلة المشكلة ويغيب عنها فترة من الزمن قد تطول أو تقصر ، وقد يظهر الحل بشكل مفاجئ ، وهو ما يسمى بالحل غير المتوقع ، وتستلزم هذه المرحلة العمل الذهني الجاد الذي يتضمن اختبار الأفكار ، والمعلومات والخبرات وتنظيمها
الصفحة 159
على المستوى الشعوري أو المستوى اللاشعوري ، ويحدث نوع من التهيؤ الشعوري نتيجة تخفيض الضغط على الذاكرة قصيرة المدى، ويتراءى الحل والفكرة أمام الوعي الذي يمهد للمرحلة التالية ، وتسمى هذه المرحلة أحيانا بمرحلة تحضير المعلومات .
3- مرحلة الإلهام أو الإشراق " البزوغ "
وتمثل هذه المرحلة بلوغ العملية الابتكاري ذروتها ، وتسمى أحيانا بشرارة الابتكارأو اللحظة الابتكاري ، أو الإلحاح الابتكاري ، أو مرحلة التنوير ، وفيها تبزغ الفكرة فجأة .
وتبدو المعلومات والخبرات وكأنها نظمت تلقائياً دون تخطيط ، ويبدو واضحاً مـا كـان غامضاً أو مبهماً ، وفي هذه المرحلة تتلاشى الكثير من التداخلات التي تعوق تقدم الفرد نحو الحل ، ويحدث نوع من الكف لبعض الترابطات عن بعضها البعض ، فتتداعى الأفكار ويقفز الحل إلى أدراك الفرد ووعيه ، بعـد تحرره من هذه التداخلات وتلك الترابطات ، وتبدو هناك إمكانية إعادة صياغة المعلومات ، والأفكار ، ومعطيات الموقف المشكل بصورة جديدة ، وتنتظم الوسائل والغايات في علاقات جديدة أو متقنة ، بحيث تنتظم كافة العناصر المماثلة في الموقف في مواقعها الصحيحة تماماً، ويشعر الفرد بأقل قدر ممكـن مـن الجهد والعناء ، واكبر قدر ممكن من التوازن المعرفي والتوازن النفسي ، فيهتف الفرد وجدتها.
ويرى الباحثون أن مرحلة الأشراف " الإلهام " تشبه عميلة البحث الضائع عن اسم تـم نسيانه وبعد فترة من إهماله يبزغ فجأة إلى الذهن.
4 - مرحلة التحقق " التنفيذ - المراجعة "
وتمثل هذه المرحلة أهمية خاصة في العملية الابتكاري لكونها تتعلق بالحكم على صحة الناتج الابتكاري وسلامته ، عن طريق إجراء اختبارات تجريبية للأفكاروالاستجابات الجديدة ، في ضوء محك الواقع، وتعتبر هذه المرحلة بمثابة التطبيق التجريبي لنتائج المرحلة الاستبصارية السابقة ، أو بمعنى آخر تقويم ما تم التوصل إليه خلال مرحلة الكمون.
الصفحة 160
و الجدير بالذكر أن المراحل الأربعة السابقة ليست مراحل مستقلة بعضها عن بعض الآخر ، فمراحل العملية الابتكاري ، تحدث بصورة متزامنة ، ومتداخلة ومتفاعلة حتى يوجد الناتج الابتكاري فالتحضير كمرحلة يمكن أن يستمر من البداية إلى النهاية ولا يحدث فقط في بداية عملية الابتكار ، وهكذا مرحلة الاحتضان والإشراق(28).
عوامل " قدرات " التفكير الابتكاري (29)
يتضمن التفكير الابتكاري بوصفه قدرة متكاملة مجموعة من القدرات " المكونات " الأساسية للابتكارية التي تمثل المفهوم المتكامل للابتكار ، بوصفه مجالاً عقلياً متميزاً عن غيره ، وقد اهتم العلماء والباحثون بدراسة التكوين العقلي للفرد، وتعددت تصوراتهم وفروضهم للقدرات المكونة للتفكير الابتكاري ، ويعتبر " جيلفورد" "Guilford" ابرز العلماء الذين قدموا نموذجاً للتكوين العقلي للفرد حيث ظل " جيلفورد " "Guilford " وزملاؤه وتلاميذه يبحثون ، ويطوون هذا النموذج قرابة أربعة عقود حتى وصل في إصداره الأخير عام "1989" إلى "180 قدرة عقلية " بعد أن كان في بداية إصداره الأول "120 " قدرة عقلية .
والأبعاد الثلاثة للتصور الحديث لنموذج "جيلفورد 1986 "(30)هي :
ويشمل هذا البعد على ست عمليات وهي :
- المعرفة
- ذاكرة الاحتفاظ
-التفكير الإنتاجي التباعدي .
- ذاكرة التسجيل .
- التفكير الإنتاجي التقاربي .
- التفكير التقويمي .
ب - بعد محتوى العمليات العقلية :
ويشتمل هذا البعد على خمس عمليات وهي :
- بصري
- سمعي
- تركيبات لغوية "معاني "
- رمزي
- سلوكي .
الصفحة 161
ج - بعد نتائج العمليات العقلية :
ويشتمل هذا البعد على ست عمليات وهي :
- الوحدات -العلاقات- التحويلات - المجموعات- الانظمة " الانساق " -التنضيمات
وتنقسم عوامل " مكونات " التفكير الابتكاري في التنظيم العقلي " حسب ترتيب حدوثها في عملية
الابتكار" إلى ثلاثة عوامل وهي كما يوضحها الشكل.
)انضر الشكل رقم 18 الصفحة 162 بدف اعلاه)
شكل (18) قدرات التفكير الابتكاري في التنظيم العقلي للفرد
أولاً : العوامل " القدرات المعرفية :
وهي تلك " القدرات " المختصة باكتشاف معلومات جديدة ، أو بالتعرف على معلومات قديمة، وتضم العوامل الآتية :
أ - الحساسية للمشكلات :
وهي قدرة الفرد على اكتشاف المشكلات في الأشياء ، أو النظم ، أو العادات، والوقوف على جوانب العيب والنقص فيها ، فالشخص ابتكر لديه قدرة
الصفحة 162
عالية على النقد، والإحساس بأن الواقع يحتاج إلى إصلاح ، فهو صاحب نظرية تقويمية، وكل شيء عنـده يحتاج أليه نظرة عميقة ، إنه ذو حس نقدي ، وأسئلة كثيرة ومتتابعة حول المشكلة ، التي تواجهه . والواقع أن القدرة على الحساسية للمشكلات من أهم قدرات التفكير الابتكاري (31)، إذ لا سبيل إلى أي إنتاج ابتكاري بدون الإحساس بمشكلات تؤرق صاحبها في مجال ابتكاره ، مما يدفعه إلى تجاوز هذه المشكلات بإنتاجيات ابتكارية (32) . ويعتبر هذا العامل من العوامل المعرفية اكثر منها إنتاجية، وهذا يفسر انخفاض شيوعه، وعموميته ، مثل بقية عوامل التفكير الابتكاري(33)
ب - إعادة التحديد " التنظيم " :
وهو قدرة الفرد على تكوين عناصر الخبرة وتشكيلها في بناء وترابط جديدين، حيث يمثل هذا العامل فائدة عملية وشخصية كبيرة في مجال الابتكار (34)، ولذلك فقد اعتبرت القدرة على إعادة تنظيم الأفكار ، و إعادة ربطها بسهولة تبعاً لخطة معينة قدرة جوهرية ضرورية لكل أنواع التفكير الابتكاري (35)، ويتفاوت الأفراد في قدراتهم على تكوين ترابطات جديدة من عناصر معروفة للجميع ، وبمقدار ارتفاع نصيب الفرد من هذه القدرة ما تزداد وقدرته على الابتكار ، وهذا يتطلب البعد عن الجمود الذهني ، أو وجود نظام ثابت من التفكير لدى الشخص يدفعه إلى الاحتفاظ بعناصر ثابتة و تقليدية في تفسير عـالم الخبرة ، ورؤيته ، وإدراكه .
ثانياً : العوامل " القدرات " الإنتاجية "
والعوامل التي أمكن استخلاصها في هذا المجال تندرج تحت ثلاث فئات وهي "الطلاقة - المرونة - الأصالة " ويرى " جيلفورد " أن هذه الجوانب هي المكونات الرئيسية للابتكار ولذلك سنتناول كل عامـل منها بشيء من التفصيل.
الصفحة 163
1 - عامل الطلاقة :
وهي القدرة على إنتاج اكبر عدد ممكن من الأفكار ، والاستجابات البديلة من المعلومات المختزنة في الذاكرة " رموز - أشكال - كلمات " التي تتمثل فيها بعض الشروط الخاصة خلال فترة زمنية محددة.(36)
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 164 في بدف اعلاه)
شكل(19) العوامل الفرعية للطلاقة
تدل على الخصوبة في التفكير ، وسرعة تدفق وتداعي الاستجابات والأفكار الجيدة ، وتعتمد الطلاقة في أساسها على عدم العجز ، والتحرر من القيود ، والعوائق التي تعوق حركة التفكير(37) ، وعندما يتحرر العقل من هذه القيود، ويخلص نفسه من أي ، حواجز تكون مفروضة عليه ينطلق بخياله محلقاً في آفاق غير مطروحة من قبل .. عندئذ تتدفق الأفكار ، والصور، والتكوينات ، بطريقة تدل على تحرر الخيال ، وان الفاعلية الذهنية قد تجاوزت الحدود المعوقة ، والسدود المطوقة، والحواجز المغلقة (38)والطلاقة من العوامل المركبة التي يمكن إن نستخلص منها أبعادا أخرى فرعية وهي:
الصفحة 164
أ - طلاقة الأشكال :
وقد سماها " جيلفورد " بالإنتاج التباعدي لوحدات الأشكال ، وفيها يعطي للمفحوص أشكالا معينة مثل الدوائر ، أو الخطوط المتوازية ، أو الخطوط المتقطعة ، ثم يطلب منه أن يضيف إليها بعض الإضافات لتكوين رسوم لأشكال حقيقية عديدة ، انظر الشكل رقم "20" (39) .
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 165 بدف اعلاه)
شكل (20) طلاقة الأشكال
ب - طلاقة الكلمات والرموز :
ويطلق على هذا النوع الإنتاج التابعدي لوحدات الرموز ، ويقتصر هذا النوع على توليد الكلمات باعتبارها أنماطا من حروف أبجدية من مخزون الذاكرة لتحقيق مطالب بسيطة تتطلبها تعليمات الاختبار ، ولا يلعب عامل المعنى دوراً مهماً فيها ، مثال ذلك أن يستدعي المفحوص اكبر عدد ممكن من الكلمات التي تبدأ بحرف معين أو تنتهي بحرف معين أو تبدأ وصفها بحرف معين ، أو تقديم كلمات مسجوعة ، ويضم هذا النوع : طلاقة الكلمات ، وطلاقة الأعداد .. ، ويطلق أحيانا على هذا النوع من الطلاقة اسم الطلاقة اللفظية ، ويقصد بها في هذا المعنى : قدرة الطفل على إنتاج اكبر عدد ممكن من الألفاظ أو المعاني ، شريطة توافر خصائص معينة في تركيب اللفظ ، وتشير هذه الطلاقة إلى مدى توافر الحصيلة اللغوية عند الفرد(40).
الصفحة165
ج-" الطلاقة الترابطية " :
- طلاقة التداعي وهي تعبر عن الإنتاج التباعدي لعلاقات المعاني و تعني : قدرة الفرد على استدعاء اكبر قدر ممكن من الكلمات التي ترتبط بكلمة معينة ، أو تتوافر فيها شروط محددة من حيث المعنى فبينما يهتم عامل الطلاقة اللفظية بإنتاج ألفاظ تتوافر فيها شروط معينة ، نجد إن عامل طلاقة التداعي تشير إلى إنتاج اكبر عدد ممكن من العلاقات أو الترابطات ، أو التداعيات الملائمة في المعنى لفكرة ما ، مثل إنتاج أو كتابة اكبر عدد ممكن من المترادفات لمجموعة من الكلمات المعطاة ، أو أن يعطى المفحوص الكلمة التي ترتبط بكلمتين معينتين، وتتمثل طلاقة التداعي أهمية خاصة لدى الكتاب أو الشعراء ، والأدباء ، عندما يختارون كلمات معينة للتعبير عن معنى معين في أذهانهم ، ويعد هذا النوع من التداعي أحد أنواع التداعي المشروط ، وهو يمثل مستوى اكثر صعوبة من التداعي الحر الذي يحتاج إلى بنية معرفية نشطة Cognitive Structure Activity غزيرة وكثيفة في محتواها(41).
د - الطلاقة الفكرية :
- وهي تعبر عن الإنتاج التباعدي لوحدات المعاني " D.P.S.Units " وتتمثل في إنتاج العديد من الأفكار ، والاستجابات الملائمة في المعنى لفكرة ما في زمن محدد، ومن الاختبارات التي تقيس هذا النوع من الطلاقة :
- اختبار الاستخدامات
- اختبار المترتبات.
- اختبار إعطاء العناوين
- اختبار ذكر الأشياء.
ففي اختبار الاستخدامات مثلاً " يطلب من المفحوص قائمة الاستخدامات المتعددة لشيء ما " قلم رصاص- زرار - كرسي " ... الخ " .
الصفحة166
هـ - الطلاقة التعبيرية :
وهي تعبر عن الإنتاج التباعدي لمنظومات المعاني، ويشير هذا النوع من الطلاقة إلى إنتاج اكبر عدد ممكن من منظومات الأفكار من خلال ما هو معروف أو معطى من وحدات الأفكار مثل : كتابة العديد من الجمل المختلفة من أربع كلمات محددة الحرف الأول لكل منها ، كما تتمثل في المهارة في وضع كلمات معينة إلى جانب بعضها البعض لتركيب جمل تلائم متطلبات معينة .
وتقاس الطلاقة التعبيرية من خلال اختبار " تراكيب الكلمات " ، وإذا كانت الطلاقة الفكرية تتناول توليد الأفكار فإن الطلاقة التعبيرية تتناول صياغة هذه الأفكار في صورة لفظية.
وفي ضوء ما سبق يتضح أهمية الطلاقة في تفكير الأفراد وبشكل خاص لتلاميذ مرحلة التعليم الأساسي ، حيث تظهر هذه الأهمية في صورة التفكير العلمي لديهم.(42)
والجدير بالذكر أنه إذا كانت الطلاقة تشير إلى سهولة توليد الاستجابات أو الأفكار في زمن محدد ، فانه لا يعني إن المبتكرين يجب إن يعملوا تحت ضغط الوقت المحدد ، بل يعني أن التلميذ الذي يستطيع إنتاج عدد كبير من الأفكار في وقت محدد تكون لديه فرصة أكبر لانتاج أفكار ذات قيمة بوجه عام .
2 - المرونة الإنتاج" التباعدي لفئات الأفكار " :
وتشير إلى مرونة الفرد العقلية والسهولة التي يغير بها موقفه العقلي ، وتغيير وجهته الذهنية التي ينظر من خلالها إلى الأشياء أو المواقف المتعددة ، ويتجول بين الفئات المختلفة للأفكار دون الانحصار في فئة واحدة ، حين يتحرر الفرد من القصور الذاتي في التفكير أو الجمود الذهني، الذي يميل الفرد وفقاً له إلى تبني أنماط ذهنية محددة ، يواجه بها موافقه الذهنية المتنوعة ، والتلميذ الأكثر مرونة يكون اكثر ابتكاراً ، ويتطلب هذا العامل مقداراً كبيراً من المعلومات ، أو استخراج هذه المعلومات ، مع تأكيد على تباعدية الحل ، إن طبيعة المشكلات التي تتطلب في حلها المرونة في التفكير ، يغلب عليها نمط التفكير المتداعي ، ويختلف هذا النمط عن طلاقة التداعي في أن الطلاقة تتحدد تماماً في حدود كمية ،
الصفحة 167
أي بعدد الاستجابات ، أو سرعة صدورها ، أو بهما معاً ، في حين أن المرونة تعتمد على الخصائص الكيفية لاستجابات، وتقاس بمقدار تنوع هذه الاستجابات "
)انضر الشكل رقم 12 الصفحة 168 في بدف اعلاه)
شكل (21) العوامل الفرعية للمرونة
ويوجد للمرونة العوامل الفرعية التالية(43) : كما يوضحها الشكل السابق..
أ - المرونة التلقائية :
وهي تعبر عن الإنتاج التباعدي لفئات المعاني ويظهر هذا العامل في المحتوى المفاهيم، وتعرف المرونة التلقائية بأنها : القدرة على سرعة إنتاج اكبر عدد ممكن من أنواع متباينة من الأفكار ، والاستجابات التي ترتبط بموقف معين يحدده بسرعة ويسر ، ويجب ألا نخلط هنا بين المرونة التلقائية والطلاقة الفكرية ، فبينما يبرز عامل المرونة التلقائية أهمية تغيير اتجاه أفكارنا ، يبرز عامل الطلاقة الفكرية كثرة هذه الأفكار فقط.
ب - المرونة التكيفية :
وهي تعبر عن الإنتاج التباعدي لتحويلات الأشكال ويظهر هذا العامل في المحتوى التركيبي، ويتمثل في قدرة الفرد على تغيير وجهته الذهنية التي ينظر من خلالها إلى حل مشكلة محدودة ، وفي هذا النوع من المرونة يحتاج إلى تعدیل مقصود في السلوك يتفق
الصفحة 168
مع الحل السليم ، ويلعب هذا النوع دوراً مهماً في حل المشكلات ، وبصفة خاصة المشكلات التي تتطلب نبذ الاتجاهات، والعادات ، وطرق التفكير القديمة والمألوفة ويمكن أن تقاس المرونة التكيفية باختبارات " عيدان الكبريت - لوحات المربعات ".
3- الأصالة :
وهي قدرة الفرد على إنتاج أفكار واستجابات جديدة تتصف بالجدة والطرافة ، وعدم الشيوع ؛ وتعتبر الأصالة أهم مكونات الابتكار ، ويصفها البعض بأنها "لب السلوك الابتكاري ويمكن أن نطلق على سلوك فرد ما بأنه سلوك ابتكاري أصيل عندما يتوفر فيه الخصائص الاتية :(44)
- الندوة .
- الجدة " أي التصرف الجديد المبني على التخيل".
- الملاءمة " أي ملاءمة الواقع "
والأصالة آمر نسبي يمكن تحديده في ضوء ما هو معروف ومتداول بين أفراد جماعة معينة في زمن معين ؛ بحيث يتقبله الجماعة ، وتشعر نحوه بالتقدير ، وتقاس الأصالة من خلال عدد من المحكات منها(45):
أ - محك عدم الشيوع :
ويشير إلى القدرة على إنتاج أفكار غير شائعة إحصائيا ، على الأقل في إطار الجماعة التي ينتمي إليها الفرد.
ب - محك المهارة :
ويشير إلى القدرة على إنتاج أفكار واستجابات على درجة عالية من المهارة ، وتكون درجة الأصالة في عدد الاستجابات لموقف معين في زمن محدد، ومن أمثلة اختبارات محك المهارة " اختبارهذه الحالة هي عناوين القصص " .
ج - محك التداعيات البعيدة " غير المباشرة " :
وتعرف الأصالة وفق هذا المحك بأنها القدرة على خلق تداعيات أو ارتباطات بعيدة أو غير مباشرة بالنسبة لبنود اختبار النتائج أو المترتبات ، وهي عبارة عن مجموعة من القضايا الفرضية في الصيغة الآتية.....
الصفحة 169
ماذا يحدث لو ......؟ و من أمثلتها ماذا يحدث لو أعدمت الجاذبية الأرضية ؟ وعند مقارنة الأصالة
بعوامل الطلاقة والمرونة والحساسية للمشكلات وجد أنها(46):
- لا تشير إلى كمية الأفكار ، والاستجابات الابتكاري التي يقدمها الفرد ، بل تعتمد على قيمة تلك الأفكار وجدتها ، وتفردها ، أو عدم شيوعها ، وهذا ما يميزها عن الطلاقة .
- لا تشير إلى نفور الشخص من تكرار تصوراته ، أو أفكاره هو شخصياً " كما في المرونة " ، بل تشير إلى النفور من تكرار ما يفعله الآخرون ، وهذا ما يميزها عن المرونة .
- وهي لا تتضمن شروطاً تقويمية في النظر إلى البيئة ، كما لا تحتاج إلى قدر كبير من الشروط التقويمية المطلوبة لنقد الذات ؛ حتى يستطيع المفكر المبتكر أن ينهي عمله على اكمل وجه " كما في الحساسية للمشكلات " وهذا ما يميزها عن الحساسية للمشكلات التي تحتاج إلى قدر مرتفع من التقويم سواء في تقويم البيئة أو الذات .
ثالثاً : العوامل " القدرات " التقويمية :
ويأتي دور هذه العوامل في تعديل وتقويم اشتقاق ما يناسب من استجابات للمشكلة المطروحة إلى وجود، وتهذيب وصقل الحلول المقترحة للمشكلة ، وتوصلت " هيرتسكا " " 1977 Hertska "(47)أربعة عوامل فرعية للتقويم ، كما يوضحها الشكل رقم "22" .
)انضر الشكل الموجود في الصفحة 170 في بدف اعلاه)
الشكل رقم "22"العوامل الفرعية للتقويم
الصفحة 170
أ - التقويم المنطقي :
ويعتمد في قياسه على صور متعددة للاستدلال المنطقي وهو ما يتضمن الحساسية للعلاقات المنطقية أثناء اختبار صحة استنتاج ما .
ب - التقويم الاداركي
ويشترك في تحديده ثلاث اختبارات فقط كلها على الإدراك ، مثل التعرف على شكل معين وتحديد هويته من بين عدد من الأشكال المماثلة ، أو تقدير الأطوال .
ج - التقويم الناتج عن الخبرة :
ويشترك في تحديده مجموعة اختبارات تنطوي على الأعمال التي تتطلب من المفحوص أن يفيـد مـن خبرته السابق أكثر مما يفيد من التحليل المنطقي .
د - سرعة التقويم :
ويعني " سرعة الحكم " وهو ليس مجرد سرعة الإدراك بل هو السرعة التي يحكم بها الفرد على شيء سبق له أن أدركه إدراكا واضحاً .
و يوضح الشكل رقم "23" علاقة قدرات التقويم ببعض العمليات العقلية .
(انضر الشكل الصفحة 171 الموجود في بدف اعلاه)
الشكل 23 علاقات قدرات التقويم بالعمليات العقلية.
الصفحة 171
والجدير بالذكر أن التصنيف السابق للقدرات المعرفية والإنتاجية والتقويمية ليست منفصلة أو مستقلة عن بعضها البعض ، فالتقييم يمكن أن يوجد في التفكير القائم على الاستدلال المنطقي كما يمكن أن يوجد في التفكير الابتكاري وهكذا (48).
عوامل عقلية أخرى للتفكير الابتكاري :
1- عامل إدراك التفصيلات " التحسينات " :
و يعرفها " تورانس " " 1966 Torrance " بأنها : قدرة الفرد على تطوير أو تحسين ، أو تفصيل الأفكار بأي طريقة من الطرق الممكنة ، فالفرد المبتكر كائن باحث عن التفصيل ، فهو عندما يفعل فعلاً فانه يميل إلى إثرائه بعناصر جديدة تمنحه التمييز عن غيره ، ويقاس عامل إدراك التفاصيل من خلال اختبار يقدم للمفحوص ، ويتناول الخطوط العامة لخطة معينة ويطلب منه عرض الخطوات التفصيلية الدقيقة اللازمة لنجاح هذه الخطة ، ويرى " تورانس " أن القدرة على إظهار التفاصيل هي إحدى المؤشرات المهمة، للابتكارية ، ولذلك يصحح هذا الاختبار عن طريق إعطاء درجة لكل تفصيل منطقي وذا معنى ، ويرتبط بالخطوط العريضة للخطة المقدمة في صورتها الخام أو الأولية.(49)
2 - عامل القدرة على النفاذ :
ويقصد به : الغوص إلى عمق الموضوع وعدم الاكتفاء بالمعالجة السطحية العابرة ، تلك المعالجة التي تتصف بها الحياة اليومية العادية، والمبتكر لا يكتفي بالنظرة السطحية ، ولكنه يبحث وراء التفاصيل ، ويغوص وراء الحقائق ، ويقلب الآمر من جوانبه المتعددة، والتلميذ الذي يسأل أسئلة كثيرة بقصد المزيد من الفهم ، وبقصد عدم الاكتفاء بالفهم السطحي هو تلميذ مبدع ، فالنفاذ إلى عمق الأشياء هو ما يميز التلميذ المبتكر عن غير المبتكر .
3- الاحتفاظ بالاتجاه :
وهو قدرة الفرد على تركيز انتباهه في مشكلة معينة فترة طويلة نسبياً ، وتظهـر هـذه القدرة في متابعة هدف معين ، وتخطى آية مشتتات والالتفاف حولها بأسلوب يتسم
الصفحة 172
بالمرونة : ويتضمن الاحتفاظ بالاتجاه القدرة على التركيز ، والرغبة في العمل الجاد ولساعات طويلة(50) .
بالإضافة إلى ما سبق عرضه من عوامل الابتكار فقد أشار " احمد قنديل "1994 " باهتمام " فرانك وليامز " " Williams F.E " بدراسة مكونات الابتكار المعرفية والعاطفية لدى التلاميذ ، و أكد على أن قدرات التفكير الابتكاري المعرفية هي " الطلاقة - المرونة - الأصالة - التحسينات " ، وقدرات التفكير الابتكاري العاطفية " المشاعر الابتكاري " هي :
أ - حب المغامرة :
وتعني رغبة الفرد في عرض أفكاره، وتخميناته ، والدفاع عنها ، وعدم خوفه، مما تتعرض لـه هـذه الأفكار من نقد أو فشل .
ب - تحدي الصعب والمعقد :
وتتمثل في رغبة الفرد في البحث عن حلول بديلة لمشكلة معينة ، أو أفكار متباينة ، ومتعددة ، لتطوير فكرة أو تصميم جهاز معين ، ويعبر ذلك عن رؤية متبصرة للفجوات الكائنة بين مـا توجـد علـيـه الأشياء بالفعل ، وما يجب أن تكون عليه، أي أنها صفة حب الفرد للتنقيب والبحث في المشكلات والمواقف الغامضة والمعقدة.
ج - حب الاستطلاع :
وتتمثل في كون الفرد فضولياً ، يجب التعامل مع الأفكار، والتلاعب بها ، وكونه مفتوح الفكر للمواقف المشكلة ، وتعبر أيضا عن رغبة الفرد في تقصي المجهول ولو بتتبع بصيص من الأمل " أو مؤشراً " لمعرفة ما يمكن حدوثه.
د - التخيل :
و تتمثل في قدرة الفرد على التصوير وبناء خيالات عقلية لأشياء معينة ، فيفكر الفرد بل ويحلم بأشياء لم تحدث من قبل ، ويتميز بالتفكير الحدسي أو حب التخمين ؛ وبذلك يكون لديه القدرة على الوصول بتفكيره إلى ما وراء حدود الواقع المحسوس .
الصفحة 173
مواصفات المناخ الملائم لتنمية الابتكار
إن تنمية الابتكار عملية تتم وفق نمو الفرد منذ الصغر ، ووفق إشباع حاجاته الأساسية ، والنفسية ، والتعليمية والاجتماعية ، لذلك نعني بتنمية الابتكار وتربيته عدة مؤسسات كالأسرة والروضة والمدرسة بمراحلها المختلفة وجميع هذه العناصر معنية بتنمية الابتكار وتهيئة الظروف والعوامل الملائمة التي تعزز وتسهم في تطويره وإيمانه وتربيته وبخاصة وأن الابتكار في جوهره استعداد نفسي كامن يمكن أن يزدهر ويستمر عندما تتهيأ له الظروف المناسبة .
وقبل أن نشير إلى الظروف التي يجب توافرها لتحقيق تنمية الابتكار علينا أن نقرر الحقائق التالية عن طبيعة الابتكار(51).
1 - أن الابتكار ظاهرة جماعية يتفاعل فيها الفرد المبدع مع المجتمع المحتضن للابتكار وليست مجرد سلوك فردي ليس له علاقة بباقي المؤثرات الاجتماعية والبيئية .
2 - أن كل إنسان لديه استعداد أو طاقة للابتكار قد تكون كامنة أو ظاهرة بدرجة ما .
3- أن المناخ الاجتماعي مسئول إلى حد كبير عن رفع هذه الطاقة إلى النمو أو إلى الذبول .
4- أن الدافعية الشخصية تؤدي دوراً مهماً في سعى الإنسان نحو تنمية إمكانياته الابتكاري.
5- أن الدافعية الشخصية يمكن أن تنمى حتى عند الأفراد الذين لديهم دافعية منخفضة .
6- أن البيئة الاجتماعية لا تقتصر على المنزل ، أو المدرسة ، والنادي ، أو جماعة الرفاق ، ولكنها تشمل النسق الاجتماعي للمجتمع الكبير " الدولة الآمة " وأي جهات لها تأثيرها على وعي الإنسان الفرد و على وعي الجماعة .
7- أن تنمية الابتكار لا يكفي فيها مجرد توجيه تنبيهات معينة في شكل برنامج ، أو خطة نحو وعي الفرد المتدرب ، أو عقله ، أو مهاراته ، أو سلوكياته ، بل أنه
الصفحة 174
من المؤكد أن الإنسان وحدة متكاملة ، ولكي ننمي أحد أبعادها فلابد أن يتم ذلك في علاقة مع باقي تلك الوحدة .
8- أن تنمية الابتكار لا ينبغي أن تكون مجرد برنامج أو استراتيجية محدودة بفترة زمنية ، متصورين أن هذه الفترة لها امتدادها في التأثير على شكل سلوك الفرد وجوهره في المستقبل، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن تنمية الابتكار عملية متصلة ومستمرة .
9 - أن التنمية الابتكاري ليس مقصود بها فحسب الوصول بالفرد أو الجماعة إلى اكتساب مهارات إبداعية ، بل المقصود بها هو : تحويل الفرد إلى آلة ابتكارية مستمرة للإبداع ؛ ومن ثم فلا بد أن تتضمن الاستراتيجية أو البرنامج التدريبي تأهيل الفرد لأن تكون لديه حساسية ابتكارية ذاتية وتلقائية ابتكارية ونزوع مستمر نحو التفكير الابتكاري .
ويتضح من الشكل إن هناك عدة ظروف وعوامل تؤثر في تنمية الابتكار لدى الأطفال وهي :
)انضر الشكل الموجود في الصفحة 175 في بدف اعلاه)
شكل (24) أهم العوامل والبيئات المؤثرة في عملية تنمية الابتكار لدى المتعلمين
الصفحة 175
أ – الأسرة و الابتكاري :
تعتبر الأسرة المكان الذي يطور فيه الطفل اتجاهاته وينمي أساليب تفكيره وقدراته ، وذلـك عـن طريق تفاعله مع العناصر المحيطة به كالوالدين والاخوة ، وقد بينت الدراسات أن الابتكار يمكن أن ينمو في البيئات الأسرية ذات المواصفات والشروط آلاتية (52) :
- أن يتسم الوالدان بالتسامح ، والمبادئ الخلقية العليا ، والبعد عن العقاب ، والميل إلى الأساليب الأقل تسلطاً .
- أن يشجع الوالدان أطفالهما على اتخاذ القرارات ، والكشف عن المجهول .
- أن يشجع الوالدان أطفالهما على ممارسة المواقف الإبداعية ، واحترام ميولهم .
- أن يشجع الوالدان أطفالهما على الاستقلالية الشخصية ، وحرية استكشاف البيئة، والعالم المحيط بهم .
– أن ينتقل الآباء أنماط التفكير الغامضة ، والأسئلة المتشعبة المتباعدة من قبل أطفالهم دون تذمر .
- أن يتسامح الأب في منح الحرية للطفل من أجل اللعب .
- أن يسمح الأباء لأطفالهما بالتعبير عن أفكارهم المتنوعة بحرية تامة وبالتفاعل مع الأشخاص والعناصر
المحيطة بهم .
– أن يتيح الأباء لأطفالهم القدرة على تحمل المسئولية ، ومنحهم الحرية في اكتشاف ذواتهم ، والعالم المحيط بهم ، واختيار مجالات اهتماماتهم .
- أن يدفع الأباء أطفالهم لكشف المجهول ، والحصول على تقدير الآخرين .
- أن يكون الأباء اكثر واقعية وعملية .
- أن تسود الأسرة أنظمة ، وقوانين وقيم خاصة مثل : الأمانة ، والصراحة، والكبرياء، والطموح ، احترام الآخرين .
- أن يحد الآباء من توجيه اللوم ، والنقد ، والضبط المرتفع لأطفالهم ؛ لأن ذلك يؤدي إلى كبت القدرات الابتكاري وانطفائها قبل الظهور ، على العكس فإن القبول،
الصفحة 176
والضبط القليل ، والحنان الكبير ، وتوفير الآمن النفسي ، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع درجة السلوك الابتكار لديهم ، انظر الشكل.
ب - البيئة المدرسية والابتكارية :
تمثل المدرسة في مجتمعاتنا العربية الوحدة المسئولة عن اكتشاف ، وصقل وتنمية القدرات الابتكاري لدى التلاميذ ، وذلك بسبب الظروف الاجتماعية الراهنة التي قد تجعل الأسرة غير قادرة على تنمية وتعميق الوعي والسلوك الابتكاري ، وذلك في ظل خروج المرأة للعمل مما قد يقلص دور الأسرة في هذا المجال ، ولذا فإن المدرسة يمكن أن تكون وحدة إشعاع ابتكاري في ظل أي سياسة تعليمية ؛ وذلك من خلال ما تمارسه أدارتها ومعلموها ، وما تحتويه من مناهج دراسية ذات طابع ابتكاري خاص، وسوف نتناول بإيجاز أهم المواصفات التي يجب أن تتوافر في مدير المدرسة والمعلم ويتعرض كذلك إلى طبيعة المنهج الابتكاري وعناصره، وعلاقة ذلك بتنمية القدرات الابتكاري في مجال العلوم.
(53)فيرى "شتاين "” Stein1983 وجوب تميز مدير المدرسة بالمواصفات الآتية :
- أن يشعر معلموه بتقديريه للابتكار ، والابتكارية ، والتدريس الابتكاري .
- أن يشجع المعلمين على التجريب دون خوف.
- أن يكون مستعداً لتقبل الآراء المخالفة لرأيه .
- أن يستخدم ا أسلوبا منظماً للاستفادة من الأفكار الجديدة التي يصدرها المعلمون .
- أن يتجنب أثقال كاهل المعلمين من الواجبات الإضافية .
- أن يهيئ الفرصة لتجربة الأفكار الجديدة مع تقبل احتمال الفشل
- أن يجعل جو المدرسة مثيراً ، ويسمح بالمخاطرة غير الضارة .
- أن يتجنب الإصرار الزائد على ضرورة ممارسة العمل الجمعي .
- أن تكون اجتماعاته وسيلة لتقويم الآراء بكل أمانة دون هدم أو تجريح .
- أن يجعل من الفشل طريقاً للوصول إلى أفكار جديدة .
- أن يشجع على مشاركة وتبادل أعمال المعلمين التي تتسم بالابتكارية مع بعضهم البعض .
الصفحة 177
- أن يبسط الاتصال بين معلمي المدرسة ، وسائر المعلمين الذين يعملون في المدارس الأخرى .
- أن يسمح لمعلميه بأن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم في اختيار المعالجات التدريسية الملائمة لتنمية الابتكار .
المعاملة الوالدية وتنمية الابتكار لدى الابناء :
يلعب الوالدين دوراً هاماً في تنمية الابتكار لدى الابناء ويوضح الشكل الفرق بين أسلوب
المعاملة السلبية والايجابية الوالدية وعلاقتهما بالابتكار.
(انضر الجدول الموجود في الصفحة 178 بدف اعلاه)
شكل (25) مدى تأثير المعاملة لوالديه على درجة السلوك الابتكاري لدى الأبناء
الصفحة 178
ومن مواصفات الاباء الذين يشجعون على تنمية الابتكار لدى الأبناء :
- مساعدة الطفل على إن يقرأ ، ويفكر فيما يقرأ ، ومساعدته على اقتناء الكتب خاصة الكتب المتعلقة بتنمية الخيال العلمي. - أن يزود الوالدان أطفالهما بالإمكانات المناسبة لتنمية أفكارهم الخاصة وهذا قد لا يتطلب إلا بعض المواد غير المكلفة مثل : الأقلام ، والأوراق ، والألوان .. الخ .
- أن الآباء المتفوقين ، وذوي الثقافة العالية ، يسهمون في تطوير مستوى الابتكار لدى أبنائهم بدرجة اكبر من غيرهم . - أن سلوك الكبار الراشدين المحيطين بالطفل يمكن إن يحبط السلوك الابتكاري، وذلك من خلال أساليب الكف التي يوجهونها للطفل .
- تدريب الطفل على النظام في وسط الفوضى ، والمحافظة على أدواته وعدم تشويهها.
- السعي إلى تشجيع الطفل على الانضمام للأندية ، أو الجمعيات المهتمة بتنمية المواهب .
أما عن المعلم فانه يمثل الأداة التي يمكن أن تتحقق بها النتائج والأهداف التربوية، فإذا مـا تـم إعداد هذا المعلم إعدادا جيداً ، وتم مده بالأدوات والوسائل المناسبة، وتم تنشئة دوافعه ، وميوله : واهتماماته تنشئة تجعلها ذات قيمة متوجهة نحو الجدية ، والمستقبلية، فقد ضمنا إلى حد بعيد أن العائد أو المردود من العملية التعليمية سيكون عائداً إيجابيا وفي اتجاه بناء مستقبل افضل من خلال جيل قادر على السلوك والإنتاج الابتكاري .
ولقد ثبت أن كثيراً من المعلمين لا يرحبون بالتلاميذ المبتكرين ، ناظرين إليهم على أنهم أفراد مشاكسون أو شاذون أو يعطلون الدرس ، فالتلميذ الذي يناقش ويختلف ، ويبتكر ، يضيع وقتـه مـن وجهة نظر المعلم ، وعليه فإن المعلم يدعوه إلى أن يكون تلميذاً مجارياً أي موافقاً وألا يكون مصدر إزعاج ، ويعامله المعلم معاملة قاسية حتى يعيده إلى الحظيرة .(54)
الصفحة 179
ولذا فقد قدم " تورانس "1972 (55)عدة توصيات ومقترحات للمعلمين يمكن اتباعها عند تنمية الابتكار لدى التلاميذ ومنها :
1 - أن يعرف المعلم مفهوم الابتكار ، وطرق قياسه .
2 - أن يميز المعلم بين التفكير المحدود التقاربي ، والتفكير المنطلق التباعدي .
3- أن يحفز المعلم تلاميذه أو يقدم لهم مكافأة عندما يعبرون عن أفكار جديدة ، أو مواجهة موقف معين بأسلوب ابتكاري . 4 - أن يشجع المعلم تلاميذه على استخدام الأشياء ، والموضوعات ، والأفكار بطرق جديدة مما يساعد على تنمية الابتكار لديهم ، هذا بالإضافة إلى أهمية اختبار أفكار التلميذ بطريقة منتظمة لتحقيق افضل نمو لقدراته الابتكاري .
5- أن يهتم المعلم بتلاميذه كأفراد كل له قدراته ، واهتماماته ، وميوله ، واتجاهاته وسرعته الذاتية في التعليم .
6 - أن يستخدم المعلم بعض الاستراتيجيات التدريسية التي تستند على مبدأ التعلم الذاتي . والحرية في اختيار البدائل التعليمية " والتعزيز المستمر " مثل : استخدام الحقائب التعليمية والتعليم الموصوف للفرد ونظام التعليم الشخصي "P.S.I " لإتاحة الفرصة للتلاميذ كي يعبروا عن قدراتهم الابتكاري .
7- الا يســــــخر المعلــــــم مــــــن أفكــــــار التلاميــــــذ الغريبــــــة أو إنتــــــاجهم ، وتجنــــــب
التعبـيــــر عـــــن الاســـــتياء مـــــن الاتجـــــاه الخيـــــالي لهـــــم بطريقـــــة مبـــــاشرة أو غــــير
مباشرة .
8- استشارة دافعية للابتكار باستخدام أسئلة من نوع : ماذا يحدث إذا . .... ؟ وكيفية تغيير .. ؟ وما
النتائج المترتبة على ....؟
9 - ينبغي على المعلم أن يشجع التلاميذ على تطبيق أفكارهم الابتكاري وتجريبها كلما أمكن ذلك .
الصفحة 180
10 - ينبغي على المعلم أن يلزم تلاميذه بالتوقف عن تقويم أنفسهم تقويماً سلبياً ، لأن تقدير الفرد السالب لنفسه ، كأن يعتقد أنه غير مبدع ، أو أنه لا يستطيع عمل شيء جديد - قد يقلل من نموه الابتكاري .
11 - يجب على المعلم أن يستخدم بعض الأساليب التي تسهم في تنمية الابتكار مثل العصف الذهني والسيكو دراما ، والتحليل المورفولوجي ... الخ .
12 - أن يحاول المعلم العمل كنموذج يحتذى به .
13 – أن يعتقد المعلم بأن التلميذ هو اكثر الكائنات الحية مرونة على التشكل ، والتكيف مع ظروف البيئة المتغيرة ، وانه أكثرها قدرة على التأثير في الظواهر الطبيعية وتعديلها .
14 - الإعتقاد بضرورة أن التلميذ إيجابيا فاعلاً نشطاً وحيوياً في المواقف والأنشطة التعليمية ، مما يسهم في تطوير و إنماء قدراته الابتكاري .
15 - الإيمان بوجود فروق فردية واسعة بين التلاميذ ، ومراعاة ذلك في البرامج التعليمية ومعالجات التدريس(56).
ولكي يؤدي معلم العلوم على سبيل المثال واجبه بصورة تحقق أهداف العملية التعليمية يجب ان يتسم بالقدرة على الابتكار ؛ لأن التعليم يحتاج إلى تطويع المعلومات، والخبرات ، وفقاً لحاجات يتسم التلاميذ وقدراتهم .
فالتلاميذ لا يتعلمون جميعاً الأشياء نفسها ، ولا بالأسلوب نفسه ، ومن ثم وجب أن يكون معلم العلوم ذا خيال قوي ، وقدرة ممتازة على الابتكار ؛ لأن التدريس لا يقوم على تلقين المعلم لمادة الدرس ، انما يقوم على تصميم المواقف التعليمية التي توحي إلى التلميذ بالنشاط ، والفاعلية ، والتقريب ، والاتصال بالبيئة كوسيلة للتعليم ، وهذا يحتاج إلى قدرة ابتكارية عالية من المعلم .
وقد أشارت العديد من الدراسات ، أن التلاميذ يتأثرون بطريقة واعية ، واضحة، بالمعلمين الذين يساعدونهم على إثارة وتنمية ابتكاراتهم ؛ ومن ثم فمن خلال نمط معاملة المعلمين للتلاميذ يمكن التنبؤ بما سوف يكون عليه التلاميذ من سمات شخصية ترتبت على هذه المعاملة.
الصفحة 181
ولذا فتتطلب إثارة الابتكاري والقدرات الابتكاري الكامنة لدى التلاميذ معلم العلوم المبتكر ، المقتنع بعملية التفكير الابتكاري ، والمؤمن بالبحث ، والتنقيب عن المعرفة ، والمهتم بالفروق الفردية بين المتعلمين ، الذي يراعي الحرية ، وعدم القسوة في السخرية من أفكار تلاميذه، والمفاهيم لأهمية الدوافع في تشجيع التلاميذ على البحث ، والمهتم بمشكلات البيئة ، وإثارة تلاميذه إلى حلها ، بدلاً من إخبارهم بالحل الجاهز اختصاراً للوقت ، والواعي بالعلاقة المترابطة بين الابتكار في العلوم، والحرية المتمثلة في إبداء الرأي ، وحرية التفكير ، وحرية الحركة في أثناء عملية التعلم .
كما يستطيع معلم العلوم أن يسهم في تنمية الابتكار في مادته ؛ عندما يستخدم بعض طرق تنمية الابتكار والتدريب عليه ، في إطار معالجة تدريسية تراعي الفروق الفردية بين التلاميذ ، وتوفر لهم قدراً كبيراً من الحرية التعليمية ، وتسمح بممارستهم للتعلم الذاتي مثل : استراتيجيات التعليم المفرد . (راجع الفصول السابقة)
و يمكن للمعلم أن يهيئ مناخاً ابتكارياً مفضلاً من اجل تنمية الابتكار، مثل: احترام الأسئلة غير العادية ، واحترام الأفكار غير التقليدية .
ولذا فمعلم العلوم يجب أن يكون تدريسه من أجل تنمية التحصيل الأكاديمي الابتكاري " أي مدى اكتساب التلاميذ للمعلومات المتضمنة في مادة العلوم ، فضلاً عن تنمية القدرات الابتكاري لديهم في المادة نفسها " ، ولا يقتصر على التحصيل الدراسي في مادة العلوم ، ولا يعني ذلك إنكار أهمية معرفة الحقائق ، والمفاهيم، والمبادئ ، لأن الحقائق هي الأساس للحلول الجيدة، ولكن المقصود هو إنكار الاهتمام | بالحقائق المفككة في حد ذاتها ، لأن العمل في أي مجال يعتمد على ما يتوفر لدى الفرد من معلومات ، حيث تمده بتلميحات إلى الحلول الممكنة ، وفي الواقع كلما كان المخزون المعرفي للفرد غنياً ومتنوعاً ، أمامه فرصة اكبر للابتكار ، لانه يستخدم هذا المخزون من معلومات بطريقة مرنة ومرتبطة في التفكير في المشكلة التي تحتاج حلاً ابتكارياً .
الصفحة 182
مناهج العلوم و تنمية الابتكار
من المعروف أن المناهج الدراسية وسيلة التربية لتحقيق أهدافها التي تحدد أساساً في ضوء متطلبات المجتمع وظروفه ، واحتياجاته ، ولذلك فتطوير المنهج يعد أساس تطوير المجتمع .
ومن المتفق عليه تطوير المنهج لا تعني تعديل محتواه فحسب، بل هي عملية مراجعة شاملة لجميع عناصره ، فأهداف المنهج ، ومحتواه و أساليب تدريسه، وتقويمه في علاقة " ديناميكية " دائمة يؤثر تغير إحداها في الآخر تأثيراً مباشراً(58).
ويتفق معظم المربين على أن المناهج الدراسية غير التقليدية بما توفره من بيئة مدرسية مرنة تسهم في تنمية القدرات الابتكاري ، في حين أن المناهج التقليدية، والرسمية تماماً، تتسم بالجمود ، والارتباط بالمعلومات الموجودة بالكتب المقررة ، كما أنها تفرض البيئة التسلطية على المجتمع المدرسي ، ولذلك فأنهـا تعمل على تحطيم وكبت القدرات الابتكاري التي قد تكون موجودة لدى الفرد المتعلم .
وبطبيعة الحال فإن أسلوب التقويم الملازم للنظام المدرسي التقليدي يركز على قياس مدى حفـظ التلاميذ للمادة الدراسية فقط، ومن الطبيعي أن يركز المعلم والتلميذ اهتمامهما على هذا الجانب وليس على تنمية قدرات عقلية عليا كالتفكير الابتكاري .
و باختصار فانه من المتفق عليه أن الحرية التعليمية ، والبيئة المدرسية ، والمنزلية المرنة ، والاستقلالية، وتوجيه الذات ، وعدم التقويم المباشر لأفكار التلاميذ ، كلها عوامل تساعد على إثارة ،وانتعاش القدرات الابتكاري لدى التلاميذ .
ويرى كثير من المربين أنه كلما كان المنهج ، وبيئة التعلم ، مرنة ، وغير تقليدية ، زادت الفرصة لتنمية القدرات الابتكاري .. كما يوضح ذلك الشكل رقم "25"(59).
الصفحة 183
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 184 بدف اعلاه)
شكل (26) العلاقة الظاهرية بين الابتكار ونوعية المنهج
وتعني هذه العلاقة أن التربية التقليدية " منهجاً - مواداً دراسية منفصلة – بيئةً تقوم على التسلط والقهر " لا تتيح للمتعلم فرصة تنمية القدرات الابتكاري ، حيث يقيد حرية التلميذ التعليمية والفكرية ، مما قد يدفعه إلى التفكير التقاربي والسلوك الثابت الجامد
وتعني هذه العلاقة أيضاً أن الفرد المتعلم يمكن أن يصل إلى قمة القدرات الابتكاري في ظـل المنهج المرن وبيئة التعلم غير الرسمية .(60)
ومن هذا المنطلق فإننا بحاجة إلى مناهج تعد الأفراد بطريقة ابتكارية ، مناهج يكون هدفها تخريج إنسان مرن التفكير ، طليق العنان ، بعيد الخيال ، ثاقب الفكر، وذي قدرة عالية على إنتاج المعرفة لا مستهلكاً لها فقط وحتى تكون مناهج العلوم بيئة ، ومناخاً ملائماً لتنمية القدرات الابتكاري ، يجب أن تحقق الأهداف الآتية:
- تحصيل التلاميذ للمعلومات بدرجة عالية على جميع مستويات تصنيف بلوم" للأهداف التربوية .
- تنمية قدرات عقلية عليا ومتنوعة والتفكير الابتكاري .
الصفحة 184
- تنمية مهارات عمليات العلم ومنها " التصنيف - الاستنتاج - التفسير - تكوين الفروض ..الخ " . - التدريب على مهارات المعمل الخاصة بتناول المواد والأجهزة المعلمية ، والتعامل معها.
- تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو العلم ، والعلماء والمادة الدراسية ، بالإضافة إلى تحقيق بعض الأهداف التربوية المعروفة والشائعة .
مواصفات مناهج العلوم الابتكاري كنموذج للمناهج الدراسية :
لكي تتحقق الأهداف السابقة يجب إن تتسم مناهج العلوم بعدة مواصفات من أهمها .(61)
أ - أن يصاغ محتوى المنهج " المقرر " بطريقة مرنة ، مصحوبة بأنشطة اثرائية ، تسهم في إنماء القدرات الابتكاري لدى التلاميذ في مادة العلوم ، ويعني ذلك أن المحتوى العلمي المكتوب بطريقة مرنة يتيح للمتعلم حرية انطلاق الفكر فضلاً عن تحصيل المعلومات ، ومن ثم يكسبه المتطلبات الأساسية للابتكار.
ب - أن تتم دراسة محتوى المنهج باستخدام استراتيجيات التعليم المفرد ؛ وذلك لأنها تتيح للمتعلم اكبر قدر من الحرية التعليمية - والتعليم الذاتي وهما من أهم متطلبات التفكير الابتكاري .
ج -أن يستخدم المعلمين أسلوباً جديداً في التقويم يقيس " التحصيل الأكاديمي الابتكاري".
التقويم الابتكاري :
على الرغم من كثرة البحوث والدراسات في مجال تنمية القدرات الابتكاري ، إلا أنها اقتصرت على قياس الابتكار العام للتلاميذ من خلال اختبارات مواقف عامة ، دون التقيد بمحتوى علمي معين كالعلوم ، أو الكيمياء أو الجغرافيا أو غيرها، وتناولت القليل من الدراسات قياس الابتكار الخاص من خلال الابتكار في المحتوى الدراسي للمادة ، وبصفة عامة يمكن تقسي الابتكار إلى نوعين رئيسيين :
الصفحة 185
أولاً : قياس الابتكار العام :
-ويتم ذلك من خلال العديد من الإختبارات نذكر منها على سبيل المثال .
أ - الاختبارات اللفظية :
وهي اختبارات عديدة ومتنوعة مثل : [ " اختبارات عناوين القصص - اختبارات القدرة على تكوين تداعيات وترابطات غير مباشرة بين مثيرات محدودة - اختبار المترتبات - اختبارات " تورانس " .. وغير ذلك "]
ب - الاختبارات الشكلية " المصورة " مثل :
- اختبار تكملة الأشكال.
- اختبار تصمیم الاشكال.
ثانياً : قياس الابتكار الخاص :
وهي الاختبارات التي ترتبط بمحتوى علمي معين كالعلوم مثلاً ويفضل أن يسمى هذا النوع من الاختبارات ب" اختبارات التحصيل الأكاديمي الابتكاري".
اختبارات التحصيل الأكاديمي الابتكاري :
بعد عرض أهم أهداف ومواصفات المنهج الابتكاري فانه يطرأ سؤال مهم ، وهـو .. إذا أدخلنـا الابتكار في المنهج - سواء كهدف أو محتوى أو معالجة تدريسية - فماذا نقيس ؟ ، القدرات الابتكاري لدى التلاميذ أم تحصيلهم الأكاديمي ؟ ، أو بمعنى آخر كيف يتم تقويم أداء التلاميذ في ظل المنهج الابتكاري ؟ .
فمن المعروف أن قدرات التلاميذ لا تقف عند حد التذكر ، أو فهم المعلومات، بل لديهم قدرات أخرى كثيرة تقع في قمتها القدرات الابتكاري ، وقد أشار " احمد قنديل 1997 " (62)إلى تقسيم جتمان Gutman " للسلوك البشري إلى ستة أنواع يوضحها الشكل رقم "26"
الصفحة 186
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 187 بدف اعلاه )
شکل (27) تقسيم " جتمان " للسلوك البشري
و يلاحظ في هذا التقسيم أن السلوك الابتكاري يأتي في قمة السلم السلوكي كأعلى مرتبة للسلوك البشري، ويلاحظ كذلك أن تصنيف " بلوم " تطرق بشكل واضح إلى قدرات ضرورية للسلوك الابتكاري مثل : قدرات التحليل ، والتركيب ، والتقويم.
والجدير بالذكر أن القدرات العقلية في هذا التصنيف السابق هرمياً ، بحيث تعـد كـل قـدرة منها أساس لما بعدها ، أي أن التمكن من أي منها يعني التمكن من القدرات التي تسبقها في الترتيب ، وإذا كنا نؤمن بأن الفرد كل متكامل لا يتجزأ، فلا يجب أن نُعني ببعض هذه القدرات دون الأخرى ؛ ولذا فإن جميع القدرات يمكن أن تفيد بشكل أو بآخر في اكتساب المعرفة في أي فرع من فروع العلم .
الصفحة 187
ويشير " قنديل 1997 " إلى ما أكد عليه " أوجيلفي " " Ogilvie " من أن الابتكار في مجال ما يلزمه معرفة أساسية في هذا المجال حتى يحدث ، ويؤكد علماء النفس الارتباطيون على أن الابتكار يعتمد على كم، ونوع المخزون الترابطي " ما يوجد من علاقات ترابطية بين العناصر الأساسية للمعرفة الأساسية للمعرفة في مجال معين " عند الفرد .
ولذلك فقد أيد الكثير من رواد التربية أهمية العمل على تنمية جميع قدرات المتعلم ، وخاصة الابتكاري منها ، و مؤكدين على ضرورة تقويم أداء التلاميذ بطريقة شاملة ، تعطي لكل من تلك القدرات وزنها ، حتى يكون تقديرنا على أساس سليم، ويعطي صورة كاملة عن حالة التلميذ .
وإحدى الطرق لعمل ذلك هي الاستخدام المكثف للاختبارات المفتوحة فاستخدام الاختبارات المفتوحة له أهمية عظمة فيما يتصل بقدرات التلاميذ الابتكاري ؛ وذلك لأن هذه الابتكارات تتفق في طبيعتها مع الوصف الذي قدمه " تورانس " " 1972 Torrance (63)لاختبارات الابتكار ، حيث أشار إلى بعض المبادئ ، والأسس التي يجب مراعاتها عند تصميم اختبارات تقيس القدرات الابتكاري لدى التلاميذ، سواء وحدها أو مع قدرات أخرى كالتحصيل المتعلق بها ، ويمكن تلخيص تلك المبادئ فيما يلي :
أ - ينبغي أن تكون الابتكاري أحد معايير تلك الاختبارات ولا يشترط أن تكون كل شيء.
ب - يجب استخدام الأسئلة المفتوحة ؛ لأنها تتيح للتلميذ أن يستخدم خبراته في الإجابة عنها أيا كان نوع هذه الخبرات ، بمعنى أن الأسئلة المفتوحة لا ترتبط ارتباطاً جافاً بموضوعات الدراسة .
ج- عند استخدام تلك الاختبارات مع تلاميذ مختلفين في الثقافة " كالمدن والريف مثلاً " يجب العناية بالمواهب والقدرات الخاصة بكل فئة " ثقافة ".
الصفحة 188
د – يجب أن تشجع تلك الاختبارات التلاميذ على التعبير عن قدراتهم الابتكاري ؛ ويعني ذلك إنه يجب توفير جو مريح للتلاميذ في أثناء الاختبارات والبعد عن الجو المتسلط الذي يسوده التهديد . ولكل الأسباب السابقة مجتمعة ، وإجابة عن السؤال المطروح سلفاً ، فانه في ظل المنهج الابتكاري ، لا يلزمنا قياس التحصيل الأكاديمي فقط، ولا يلزمنا قياس القدرات الابتكاري فقط ، ولكن يلزمنا قياس ما يسمى ب" التحصيل الأكاديمي الابتكاري " أي قياس كل من : مدى اكتساب التلاميذ للمعلومات في مادة معينة فضلاً عن تحديد درجة نماء قدراتهم الابتكاري في المادة نفسها ، والتي تعد بحق المصب الأخير لكل ما تفيض به القدرات العقلية الأخرى ، وفوق كل ذلك قياس مدى تمكن التلاميذ من مهارات عمليات العلم ويتوقف ذلك على طريقة صياغة السؤال وتوجهه(64).
وموجز القول أن الابتكار كقدرة لا يعمل في فراغ ، بل يلزمه بناءً معرفياً، ومخزوناً هائلاً من المعلومات ليتعامل معها ؛ حتى ينتج شيئاً مفيداً ، ولذلك يفضل إن تكون أدوات قياسه شاملة ، حتـى نقيس مدى اكتساب التلاميذ للمعلومات في مادة دراسية معينة كالعلوم بالإضافة إلى تحديد درجة نمو قدراته الابتكاري ، ومن هنا جاءت اختبارات التحصيل الأكاديمي الابتكاري .
وقد يواجه هذا النوع من الاختبارات بعض الاعتراضات التي يمكن تناولها ومحاولة الرد عليها فيما يلي :
أولاً : هذا النوع من الاختبارات يستغرق وقتاً طويلاً في التصحيح .
- وقد يكون هذا صحيحاً أول وهلة ولكن عندما ننظر بتمعن إلى المثال الموجود في ملحق رقم "2" نجد أن ما نقيسه باستخدام " أسئلة " مثلاً من نوع الاختيار من متعدد يمكن قياسه بسؤال واحـد مـن أسئلة التحصيل الأكاديمي الابتكاري ، فضلاً. عن أنه اسهل إلى حد كبير في الأعداد من اختبارات الاختيار من متعدد.
الصفحة 189
ثانياً : قد يظن البعض أن هذا النوع من الاختبارات لا يتعدى كونه يقيس تذكر التلميذ للمعلومات .
- قد يبرز ذلك بأن التلميذ محدود القدرات لا يستطيع إن يبتكر في أي مادة دراسية كالعلوم مثلاً ،وهذا الرأي يجانبه الصواب للاعتبارات الآتية(65):
- لا نستطيع رفض فكرة أن التلميذ مهما تكن ظروف بيئته أو مدرسته ، قد ينتج أفكارا لم تخطـر عـلـى ذهن أحد من قبل ، ومع ذلك فليس من الضرورة أن ينتج التلميذ أفكارا ، واستجابات جديدة تماماً ، على العلم حتى يكون مبتكراً ، ولكن يكفي إنتاج أفكار جديدة بالنسبة إليه ، أو إلى زملائه ، فليس من المقبول مقارنة أفكار واستجابات التلميذ بأفكار الكبار ، بل يجب مقارنتها بأفكار زملائه ومن نفس عمره الزمني. - من المعروف أن التذكر يعني سرد التلميذ للمعلومات بنفس الصيغة التي سردها، ولكن أسئلة التحصيل الأكاديمي الابتكاري تصاغ بأسلوب يتطلب من التلميذ تقديم أفكار واستجابات لم يدرسها من قبل ، أو تلقاها من المعلم بشكل مباشر ، وقد يكون بعضها تعبيراً عما قرأه من قراءات خارجية أو توظيفاً جديداً لها أو علاقات مخلقة من المخزون المعرفي بعقله ، أو خيال جديد تماماً .
والجدير بالذكر أن صياغة السؤال في هذا النوع من الاختبارات تلعب دوراً مهماً في هدف هذا السؤال .. إذ تعتمد قيمة السؤال على طريقة صوغه ، والفهم الصحيح لما يراد قياسه .
ثالثاً : هذا النوع من الاختبارات يمكن استبداله بأسئلة ، أو اختبارات تقيس المستويات العليـا مـن تصنيف " بلوم "
تعتبر القدرات العقلية الدنيا هي الأساس لحدوث القدرات العقلية العليا، فمثلاً لا يستطيع التلميذ أن يقوم بعمليات الفهم ، والتطبيق ، والتحليل ، دون أن تكون لديه القدرة على تذكر المعلومات ، وكذلك فإن عملية التحليل ، والتركيب ، والتقويم تعتبر من أهم العمليات التي يجب أن يقوم التلميذ بها لحدوث الابتكار ولكنها لا
الصفحة 190
تعادله، ولا يمكن الاستعاضة عن الابتكار ، وقدراته بتلك العلميات ؛ لأن السلوك الابتكاري كما أشار " جتمان" " Gutman " يأتي على قمة السلوك البشري .
رابعاً: يمكن الاكتفاء باستخدام اختبارات ومقاييس الابتكار العام الشائعة كبديل لهذا النوع من الاختبارات :
- يجب عند قياس الابتكار أن نحدد الهدف من القياس وبذلك نحدد نوع الاختبار، بمعنى آخر ، هـل نقيس الابتكار بصفة عامة ؟ ، أم نقيس الابتكار المرتبط بالمحتوى العلمي للمادة الدراسية كالعلوم ؟
وعلى ذلك فيرى – المؤلف - أنه من الخطأ استخدام مقاييس ، أو اختبارات تقيس الابتكار العام ، عند قياس الابتكار في مادة دراسية معينة .
فمثلاً عند قياس مدى فاعلية معالجة تدريسية معينة في تنمية التفكير الابتكاري في العلوم مثلاً يفضل استخدام اختبارات تقيس التفكير الابتكاري في محتوى مادة العلوم وهي ما تسمى باختبارات " التحصيل الأكاديمي الابتكاري " عن اختبارات التفكير الابتكاري العام مثل : الاختبارات اللفظية ، والمصورة ، وذلك لأن المعلومات التي يقوم التلميذ بدراستها في المادة الدراسية تشكل قاعدة معرفية ينطلق من خلالها للإجابة عن أسئلة اختبار التحصيل الأكاديمي الابتكاري .(66)
ج - المجتمع والابتكارية :
- لقد أكدت العديد من الدراسات على أن الابتكار ينمو في المجتمعات ذات المواصفات الآتية:(67)
1 - وجود التحديات الخارجية التي تتحدى الثقافة وتدفعها نحو مزيد من التقدم والتطور ، ومن هذه التحديات " الحروب والانفجار المعرفي " ولكن يجب الإشارة إلى أن بعض الدراسات قد أظهرت التأثير السلبي للحروب على نماء القدرات الابتكاري ؛ لأنها تؤدي إلى الشك ، والخوف ، والفزع ، والفردية في التفكير، والمادية في أساليب الحياة ، والتفكير في اللحظة الراهنة ، مع نقص التجريب، وزيادة التخريب .
الصفحة 191
2- التوسع الجغرافي لأن هذا يسمح بمزيد من الاحتكاك الثقافي ،وبالأخذ والعطاء بين الثقافات المختلفة .
3-وجود النماذج المبتكرة من بين الأجيال السابقة التي تصبح كنماذج يتلمس الجيل الحالي خطاهم ؛ إلا أن تأثير هذه النماذج يكون مشروطاً بعاملين أساسيين، أولهما: أ ن تكون النماذج في نفس المجال الذي يراد فيه تنمية ابتكارية الأفراد، فالنماذج المبتكرة في العلوم تكون اصلح لمن يعملون أو ميلون لـتعلم العلوم، والابتكار فيه آما العامل الثاني : فهو أنه يجب أ لا تقبل آراء هـذه النماذج تقـبلاً سـلبياً ، بـل تقبلاً نقدياً من اجل البناء والتطوير
4 – توفر الثروة التي تتيح الفرصة للأفراد للتجريب ، دون تردد ، أو خوف ، والتي تسمح بشراء الخامات ،
والمتطلبات التي يستخدمونها في تجاربهم .
5– وجود روح العصر ، والطابع العقلي والثقافي للعصر التي تسمح بتعريض الفـرد للعديـد مـن
المؤثرات العلمية والثقافية ، وتشجع على نقل وتطوير الأفكار ، و التوليف بـني الجديـد ، والقـديم في كل جديد ، والتي تسمح بالتجريب وتشجع عليه.
وبعد هذا العرض تناول لأهم مواصفات المناخ الملائم للابتكار ، والعوامل المؤثرة فيه ، يرى " حسـن
عيس 1993 " أن هناك عدة عوامل يمكن أ ن تمثل معوقات للابتكار عند التلاميذ ، يجب إن نتلافاهـا ومـن
أهمها :
- عدم الفصل بين اللعب والعمل الجاد .
- حرمان الفرد من ممارسة الخيال والحرية في التفكري .
- فرض معالجة تدريسية تحرم التلميذ من ممارسة الحرية التعليمية ، ولا تتناسب مـع قدراتـه وخطـوة
الذاتي وذلك مثل أساليب التلقين التي ما زالت لها السيادة في نظامنا التعليمي.
الطرق العملية والبرامج التدريبية لتنمية الابتكار :
تعددت التساؤلات حول جدوى تنمية الابتكار لـدى تلاميـذ المـدارس -خاصـة وأن هنـاك اعتقـاداً شائعاً بأن نسبة المبتكرين بين التلاميذ لا تتعدى2 % وبالتالي فإن
الصفحة 192
توجيه رعاية خاصة لهذا العدد المحدود فيه مضيعة للوقت والمال ، والجهد، والأجدى من ذلك هو التركيز على تنمية الذكاء العام والتحصيل الأكاديمي(68).
ومع ذلك فقد ثبت أن الاستعدادات الابتكاري موجودة لدى جميع التلاميذ بمستويات ، ودرجات مختلفة ، وانطلاقاً من هذه المسلمة ، فمن الممكن تدريب التلاميذ على تنمية مهارات التفكير الابتكاري وقدراته، ليتمكنوا من إنتاج معطيات جديدة تتسم بالتعددية والتنوع والتفرد ، وبذلك نستطيع تحويلهم من أفراد مستهلكين للمعرفة إلى أفراد قادرين على إنتاج هذه المعرفة ، وتزخر الأدبيات التربوية بالعديد من الطرق العملية والبرامج التدريبية لتنمية الابتكار وسوف نشير إلى الطرق العملية لتنمية الابتكار بشيء من التفصيل ، حيث تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما:
أولاً : الطرق الفردية
ثانياً : الطرق الجماعية .
والشكل يوضح الطرق الفردية لتنمية الابتكار .
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 193 بدف اعلاه)
شكل(28) طرق تنمية الابتكار الفردية
الصفحة 193
1 - طريقة لعب الأدوار:
وتعتمد هذه الطريقة على قيام الفرد بممارسة الدور الذي يتوافق مع ميوله ، وحاجاته ، ودوافعه الابتكاري ، إذ يرى الفرد الآخرين من خلال ملاحظاته لذاته ، ويتعرف على اتجاهاتهم نحو خصائصه ، وصفاته ، وفي هذه الطريقة يتعلم الفرد أساليب جديدة لممارسة الأعمال ، ولتجربة أساليب سلوكية جديدة ، مما يوسع من آفاق شخصيته، ويطلق لخياله العنان متحرراً من عديد من قيود الواقع المحيط به
ومن التدريبات التي يمكن استخدامها في هذا المجال التدريب المعروف باسم " لنتصور إن " " . ، والتدريب المعروف باسم " لتكن شخصاً آخر " وتمتاز هذه الطريقة بما يلي : تتيح للفرد السلوك بتلقائية وابتكار تلقائي .
- تساعد الفرد في ممارسة عمليات التفكير الاستنباطي .
- تساعد الفرد على فهم ذاته.
- تساعد الفرد أحيانا على النطق بخبراته اللاشعورية التي نادراً ما تظهر على لسانه. - يمكن أن يمارس الأفراد هذه الطريقة في أي عمر من مراحله النمائية .
2 - طريقة تعديل الاتجاهات :
فيمكن تنمية الابتكار من خلال تعديل بعض الاتجاهات المعوقة لتنمية الابتكار، ومن هذه الطرق النمذجة والتقليد ، والتدعيم أو التعلم الاجتماعي ، واستخدام الارتباط الشرطي .ومن الاتجاهات المعوقة للابتكار(69)
- الميل لنقد الأفكار الجديدة . - عدم تشجيع المخاطرة الفكرية .
- الخوف من السؤال الجديد. - الخوف من التجريب.
- عدم حمل الغموض . - إثارة المشكلات الجديدة
- السلوك المتردد الذي يواجه المبتكر في التعبير عن أفكاره ، وطرق حله للمشكلات اليومية. و تمتاز هذه الطريقة بمساعدة التلاميذ على :
الصفحة 194
- التخلص من حساسية النقد للأفكار الجديدة من قبل الآخرين. - عدم الخوف من التساؤل ، أو إثارة الشك والحيرة حول قضايا مألوفة . - عدم الاهتمام بالسخرية عند استخدام الأشياء بطريقة جديدة .
3 - طريقة حصر خصائص :
و يشير " صالح عطية 1985 بان هذه الطريقة تمتاز بسهولتها وفاعليتها في إنتاج الأفكار ، والاستجابات الابتكاري نحو تحسين أي شيء ، ومبتكر هذه الطريقة " كراوفورد" "Crowford " وتعتمد هذه الطريقة على قيام المعلم بتكليف تلاميذه بكتابة اكبر عدد ممكن من خصائص شيء ما ، ثم يكلفهم باختيار إحدى هذه الخصائص ، ومحاولة التفكير في اكبر عدد من التحسينات، والتطويرات التي يمكن إدخالها على تلك الخاصية، فمثلاً : يمكن إن يكلف المعلم تلاميذه بكتابة اكبر عدد من الخصائص ، التي يمتاز بها جهاز " التلفزيون " ... من حيث تركيبها وشكلها ، وظيفتها و حجمها ... الخ ، ثم يكلفهم بالتركيز على خاصية واحدة وليكن تركيبها ثم يطلب منهم التفكير في اكبر عدد ممكن من التحسينات التي يمكن أن تطورها إلى الأحسن والاجود .
4- طريقة القوائم :
ابتكر " اوزبورن " " Osborn " هذه الطريقة عام 1963 " لانتاج الأفكار التي تقوم على طرح مجموعة من أسئلة الإثارة التي تنعش عملية إنتاج الاستجابات والأفكار لدى التلاميذ ، وعلى الفرد الذي يستخدم هذه الطريقة أن يسأل نفسه عدداً . الأسئلة حول ما يفكر في تطويره ، وتحسينه بحيث يختص كل سؤال من هذه الأسئلة بتعديل معين بالنسبة للشيء المراد تحسينه ، ويؤدي إلى تطويره بصور مبتكرة .وقد اعد اوزبورن " 1963 Osborn " قائمة تشتمل على مجموعة من الأسئلة المحفزة على التفكير ومنها :
- هل يمكن استخدام الشيء المراد تطويره في أغراض أخرى ؟ ما هي ؟
- هل يمكن ملاءمته مع غيره ؟
وأي شيء يمكن أن يصلح كبديل له ؟
- هل يمكن تحسينه وتطويره ؟ وكيف يكون ذلك ؟
الصفحة 195
- هل يمكن تكبيره أو تصغيره ؟ وبأي طريقة يمكن أن يحدث ذلك ؟
- هل يمكن إعادة تنظيم وترتيب أجزائه ؟ وكيف ؟
- هل يمكن ربط وضم أجزاءه وضمها إلى بعضها، وعمل تكوينات جديدة ؟ وكيف يحدث ذلك ؟
5 - طريقة التحليل المورفولوجي :
ابتكر هذه الطريقة "ف . زويكي zwicky " عام " 1957 " بهدف تنمية مهارات الأفراد في إنتاج عدد كبير من التوافيق والتباديل الممكنة للعناصر التي تندرج تحت مجموعة من الأبعاد الرئيسية للشيء المراد التفكير فيه ، أي أن هذه الطريقة تقوم على فكرة تحليل بنية أي مشكلة إلى عناصرها الرئيسية المستقلة ثم تقسيم تلك العناصر إلى أقسامها الفرعية ، ثم تقسيم العناصر الفرعية إلى عناصر اكثر تفرعاً وهكذا ، بحيث يمكن إنتاج مجموعة من التكوينات الفكرية بين هذه العناصر جميعاً، وقد يكون كثير من هذه التوافيق حلولاً غير عملية للمشكلة موضع الاهتمام ؛ ولذلك فإن آخر خطوة في هذه الطريقة ، تدخل فيها مرحلة التقويم لجدوى وكفاءة أي حل يبدو قابلاً للتنفيذ العملي.
" 6 - نموذج "باكسا" Paksa :
و أشار " شتاين 1972 Stien " إلى أن " تايلور " Taylor " ابتكر هذه الطريقة عام 1966 م ، كتعديل لطرق و أساليب أخرى ، وتشمل هذه الطريقة مجموعة من الخطوات وهي :
- اختيار وتحديد المشكلة في صورة مكتوبة مع بيان الخطأ والصعوبة التي تسبب المشكلة ، ثم تحديد الهدف من دراستها.
- جمع المعلومات وتصنيفها في صورة مفهومة .
- فحص المعلومات المتجمعة ، واكتشاف ما بينها من علاقات، ومبادئ ، ثم مقارنة الحقائق بعضها ببعض ، والبحث عن أوجه الاتفاق والإختلاف عن السبب والنتيجة في الأنماط المنظمة عن التجمعات والترابطات.
الصفحة 196
- تمثيل المعلومات واستيعابها ، وإذا لم يستطيع الفرد ذلك فعلية أن يترك المشكلة ويسترخي ، ويمارس هواية ما ، ثم ينقل المشكلة من العقل الواعي إلى ما قبل الشعور.
- التوصل إلى إنتاج أفكار جديدة بالتركيز على المشكلة الأولى، دون الخضوع للحكم عليها أو النقد لأي منها .
- تقييم هذه الأفكار ، ثم اختيار أكثرها ملائمة للمشكلة .
- وضع الأفكار المختارة موضع التنفيذ ، وعرضها على الآخرين باعتبارها الحل المناسب للمشكلة ، والعمل على تقبلهم لهذا الحل بأي وسيلة ممكنة ، حتى لو تطلب الأمر تعليمهم مهارات خاصة تساعدهم قدر من المعرفة اللازمة لتجعلهم يحسنون تقييم الفكرة ، أو الحل المقدم على التقييم ، أو تقديم إليهم .
- تكرار المراحل السابقة حتى تصبح عادة سلوكية لدى الفرد .
7- استخدام اسخف فكرة :
وضع " فانج " " Fang " هذه الطريقة عام 1959م على أساس أن اختيار اسخف فكرة من بين عدة أفكار يمكن أن يكون ذا قيمة كبيرة في الوصول إلى حلول جديدة في تنمية الابتكار ، وقد اعتمدت هذه الطريقة على الفرضية التي مفادها " أن اعظم المخترعات أو الاكتشافات يمكن إن تأتي من فكرة ساذجة ومألوفة ، وفي هذه الحالة يتم تدريب التلاميذ على معاودة النظر فيما حولهم ، وأن يغيروا من النظرة في كل مرة ينظر فيها لنفس الشيء ، وتعتبر هذه الطريقة ذات قيمة فاعلة حينما تستخدم مع التلاميذ ، إذ تبدأ الطريقة بأفكار عشوائية ، ساذجة سخيفة وتصل في النهاية إلى أفكار مبتكرة " .
8- تطوير شجرة الفكرة :
وهي طريقة تعتمد على ممارسة التلميذ للنشاط عند حل المشكلة ، وتتضمن هذه الطريقة مجموعة من الإجراءات منها : وضع الحلول للمشكلة ، ثم تقسيم هذه الحلول إلى حلول فرعية ، ثم إلى حلول اكثر فرعية ، وهكذا تبدأ الفكرة بالمشكلة
الصفحة 197
العامة، ويصل فيها التلميذ في النهاية إلى عدد كبير من البدائل التي يمكن أن تشكل أخيرا افتراضـات حــل
المشكلة
9 - استراتيجيات التعليم المفرد :
ومن أهمها التعليم المبرمج والتعليم بمعاونة الكمبيوتر ( C.A.I ) ، ويرى – المؤلف - أنه يمكن استخدام استراتيجية التعليم الموصوف للفرد (I.P.I) ونظام التعليم الشخصي (.P.S.L ) في تنمية الابتكار خاصة إذا تم استخدام الكمبيوتر في تقديم المحتوى الدراسي في إطار هذه الاستراتيجيات التعليم المفرد " التعليم الموصوف للفرد ونظام التعليم الشخصي " من خلال الكمبيوتر كأداة معاونة في عرض المحتوى .
ثانياً : الطرق الجماعية في تنمية الابتكار :
وفي هذه الطرق يتدرب التلاميذ في شكل مجموعات، بهدف تحقيق أتقصى استفادة ممكنة بما لدى الجماعة من إمكانيات، وقدرات في تنمية الابتكار، وفي التوصل إلى حلول جديدة، ويستلزم ذلك توفير بعض الشروط لنجاح هذه الطرق من أهمها :
- أن يكون المناخ السائد بين أفراد الجماعة مرحاً ، لا يسوده التقييم الدائم، أو النقد الهدام.
- أن يكون لكل جماعة قائد مُدرَب ، وذو خبرة بالمشكلة المطروحة وبطرق تنمية الابتكار ، وان يتسم بالمرونة في علاقاته بباقي أعضاء الجماعة ، ويمكن أن يقوم المعلم بهذا الدور ، أو يختار أحد تلاميذه للقيام بهذا الدور.
- أن يكون عدد أفراد المجموعة الواحدة ما بين "3-7 تلاميذ "
ومن الطرق الجماعية في تنمية الابتكار ، كما يوضحها الشكل.
الصفحة 198
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 199 في بدف اعلاه)
شكل (29) أهم الطرق الجماعية لتنمية الابتكار
وسوف نتناول بعض الطرق الجماعية لتنمية الابتكار بشيء من التفصيل .
أ - العصف الذهني
وقد ابتكر هذه الطريقة " اوزبورن 1953 " "Osborn " مستمداً فكرتها من طريقة هندية تعرف باسم "Brai - Barehana " وتعني وضع أسئلة عديدة من الخارج لتوضيح بعض الأفكار .
و يرى " اوزبورن " وغيره من الباحثين أنه إذا ما سمح للذهن بأن يطلق العنان في حل المشكلة فإن الأفكار تتدفق دونما كابح ، وبغض النظر عن مدى دقتها ، وتحققها، والمبدأ في ذلك هو " فكر الآن ثم قيم ، وتحقق فيما بعد " .
•وقد طور " بارنرت ، وميداو " 1963 Parent & Meadow هذه الطريقة إذ استخدما مجموعة من الأفراد يركزون على حل إحدى المشكلات ، بحيث يتوصلون إلى عدد كبير من الفروض دون إعطاء أي أهمية لقيمتها ، وفاعليتها ، ويؤدي هذا التفاعل الذهني بين الأفكار المتقاربة ، و المختلفة في المستوى إلى تزايد الأفكار المبتكرة .
وتقوم هذه الطريقة على مبدأين أساسيين هما :
الصفحة 199
أ - إرجاء إصدار الحكم أو التقييم على الأفكار
و يعتمد هذا المبدأ على فرضية مهمة تقول : " إنه إذا اجل الفرد حكمه على الأفكار حتى يختلق قائمة ملائمة من حلول ، فانه يستطيع إنتاج عدد مضاعف من الأفكار الجيدة " .
ويرى " أوزبورن " أن التفكير يتضمن استخدام العقل الحصيف الذي يحلل ، ويقارن ، ويختار ، ويتضمن أيضا العقل المبتكر الذي يتصور ، ويتخيل ، ويصدر أفكارا جديدة ، وعادة يضع العقل الحصيف قيوداً على العقل المبتكر ، تلك القيود التي يجب التخلص منها بتأجيل إصدار الأحكام على الأفكار بمجرد ظهورها ، فإحساس الفرد بأن أفكاره ستكون موضعاً للنقد، والرقابة ، منذ ظهورها يمثل عاملاً كافاً لإصدار أي أفكار أخرى .
ويعني هذا المبدأ باختصار أنه لكي ينتج الفرد كما كبيراً من الاستجابات والأفكار الجيدة ، يجب عليه عدم الحكم السريع عليها وأن يطلق لنفسه العنان في إنتاج الأفكار ، دون النظر إلى مدى صلاحية أو فائدة هذه الأفكار في وقت إنتاجها .
ب - الكم يولد الكيف :
ويشير هذا المبدأ إلى أنه كلما زاد عدد الاستجابات والأفكار والحلول المنتجة زادت احتمال تولید أفكار جديدة ؛ ولذلك فلكي يتم التوصل إلى أفكار أصيلة ومبتكرة فإنه ينبغي أن تزداد كمية الأفكار التي يتم تدفقها وعرضها . وقد توصل " اوزبورن " إلى أربعة أساليب يجب اتباعها في جلسات توليد الأفكار التي تعقد للتدريب على مهارات حل المشكلة ابتكارياً وهي :
أ - ضرورة تجنب نقد الأفكار :
ومؤداه البعد عن عادة النقد اللحظي في أثناء التفكير في حل المشكلة ، فتأجيل النقد للفكرة وقت ظهورها هو غطاء الأمان لزيادة إنتاج الأفكار ، وتجنب الحكم السريع على الأفكار هو روح أسلوب مهاجمة المشكلة ذهنياً .
الصفحة 200
ب - تشجيع التداعي الحر الطليق والترحيب بكل الأفكار :
ويعني هذا الأسلوب قبول أي فكرة مهما كانت غريبة ، أو شاذة ، مادامت متصلة بالمشكلة ويعني المعروضة ، فكلما زادت غرابة الفكرة زادت أصالتها ، والهدف من هذا الأسلوب هو مساعدة أفراد الجماعة أن يكونوا اكثر مرونة واقل تحفظاً، وبالتالي أعلى كفاءة في توظيف مقدرتهم على التخيل ، وتوليد الأفكار بالإضافة إلى أن إطلاق العنان للفكرة يعني سعة الأفق ، فكلما كانت الفكرة شاملة كانت افضل ويجعل الفرد يفكر فيما وراء الحلول أو الأفكار التقليدية ويجعله ينظر إلى المشكلة من زوايا متعددة وبطرق جديدة .
ج - التأكيد على كم الأفكار :
و يأتي هذا الأسلوب تأكيداً للمبدأ الثاني في العصف الذهني " تفتق الدماغ " أي إنتاج اكبر عدد ممكن من الأفكار فكلما زادت كمية الأفكار المقترحة من أفراد الجماعة ، زاد احتمال بلوغ اكبر قدر ممكن من الأفكار الأصلية .
د - الربط بين الأفكار وتطويرها :
عند استخدام أسلوب مهاجمة المشكلة ذهنياً ينبغي ألا يقتصر دور التلميذ على تخليق أفكار خاصة به ، بل يتعدى ذلك إلى التفكير في كيفية تطوير أفكار الآخرين ، ويجب أن تعني المجموعة أيضا بالتوفيق بين الأفكار ، وتجميع اكثر من فكرة في شكل فكرة جديدة ، و أما عن دور المعلم في طريقة العصف الذهني فيتمثل في الحفاظ على الفصل المدرسي في جو المرونة والحرية الفكرية التي تتفق مع الاساليب الاربعة السابقة.
2 - طريقة المشابهات " تآلف الأشتات " :
قدم " جوردون " "Gordon " هذه الطريقة عام 1961م وكلمة Synectics يونانية الأصل ، وتعني ربط العناصر المختلفة وغير المناسبة مع بعضها ، و أول من ترجمها إلى العربية" أبو حطب " في كتابة آفاق جديدة في علم النفس ، وقام " برنس " " Prince " بتطويرها عام 1970 م ، ثم عاد " جوردون عـام 1971 " ، وقام بمراجعة هذه الطريقة وتطويرها ، حيث يرى أن هذه الطريقة تمثل من الناحية العملية نظرية واضحة المعالم
الصفحة 201
تستند إلى مجموعة من الفروض التي أمكن إخضاعها للتجريب والبحث ؛ ومن أهم هذه الفروض ما يلي:
- أن الإبتكار يمكن زيادته في الأفراد بطريقة ملموسة ، إذا ما تيسر لهم فهم العمليات السيكولوجية التي يتحقق في ظلها نشاطهم الابتكاري .
- إدراك الأفراد أن العناصر الوجدانية في العملية الابتكاري اكثر أهمية من العناصر العقلية.
- أن العناصر الوجدانية المختلفة في العملية الابتكاري يمكن فهمها بالملاحظة ، والوصف، والتحليل ؛ لكي نزيد من احتمالات نجاحنا في مواقف حل المشكلات .
وترتكز طريقة المشابهات على مجموعة من العمليات السيكولوجية التي تعمل على خلق ظروف نفسية ملائمة لإثارة الابتكار لدى الفرد وإنعاشه ، ومن أهم هذه العمليات " الميكانيزمات " :
1 - التذبذب بين الاندماج في تفاصيل المشكلة والانفصال عنها .
2 - التروي " التأمل " ، ويتمثل في إتاحة الفرصة أمام العقل لكي يلعب بالأفكار ، أو الصور ،أو التخيلات المتصلة بالحل المقترح للمشكلة ، ويعني ذلك أن يتاح الانطلاق في التفكير متحرراً من أي قيد ، وهي عملية ضرورية عند السعي للوصول إلى حلول محتملة للمشكلة .
3- تأجيل الإشباع ، وتأخذ هذه العملية شكل مقاومة للحل السريع ، أو مقاومة الرضا المتعجل بالحل الذي تم بلوغه.
4 - الاستقلال الذاتي للفكرة، وفيها يعايش المبتكر الشعور بالاستقلال الذاتي للمشكلة التي خرجت عنه ، وبالتالي فهو ينظر إليها ، ويتابع نموها ، وهو يعلم أنها شيء من خلقه، ولكنها أصبحت تمثل كياناً مستقلا عنه.
5 - الإحساس بالرضا والسعادة والاستمتاع ببلوغ حل المشكلة التي عمل طويلاً للتوصل إلى حلها .
الصفحة 202
وتهدف طريقة " جوردون " إلى تنشيط الميكانيزمات السابقة لأغراض الابتكار في الفن والعلم والتكنولوجيا ، وتعتمد هذه الطريقة على مبدأين أساسين هما:
أ - جعل المألوف غريباً
ويعني هذا المبدأ إدراك الشيء المألوف على نحو لا تدركه الأبصار العادية، أي منها محاولة لعكس وقلب طرقنا المعتادة في إدراك هذه المعالم ، وفيما درجنا عليه من سلوك ، ولا يعني ذلك إبعاد المفكر عن الطريق السليم بل هي محاولة شعورية مقصودة للنظر إلى نفس الأشياء والأفكار بطرق جديدة غير عادية .
ب - جعل الغريب مألوفاً
ويقوم هذا المبدأ على استراتيجية فهم المشكلة عن طريق ثلاث عمليات عقلية وهي:
- التحليل : ويتم فيها تقسيم المشكلة المعقدة إلى الأجزاء المكونة لها .
- التعميم : ويتم فيها تحديد أنماط فكرية لها معنى ، من بين الأجزاء المكونة للمشكلة و التعرف على
هذه الأنماط
- المشابهة " التمثيل " : وفيها يتم مقارنة المعلومات الجدية " الغريبة " مع المعلومات الموجودة بالفعل " المألوفة " في عقل التلميذ ، وذلك بهدف جعلها معلومات ذات معنى و مألوفة بالنسبة له . وعملية المشابهة تشجيع على الانطلاق الحر للأفكار وتساعد على الإقلال من صور الجمود الذهني في مواقف حل المشكلات، وتوجد ثلاثة أنواع مهمة من المشابهات يجب على المعلم استخدامها بالتبادل عندما . يتبع هذه الطريقة وهي :
أ - المشابهة الشخصية
ويقوم هذا النوع على فكرة تقمص الفرد للشيء المعين في المشكلة المطروحة كأن يتصور نفسه جهازاً ما ، أو بدلاً من الرافعة ، أو كجزئ ، أو كذرة ، والتقمص هنا تقمص وجداني بكـل مـا فيه من معاني سيكولوجية ، وليس مجرد لعب دور تمثيلي بصورة ما .
الصفحة 203
والمشابهة الشخصية تتطلب من الفرد شيئاً من فقدان الذات في أثناء نقله لذاته من العالم الحقيقي إلى العالم الخيالي ، وأنه كلما زادت المسافة الادراكية لفقدان الشخص لذاته ، كانت المشابهة اكثر حداثة ، و أمكن إنتاج عدد اكبر من الأفكار الجديدة ، ويتميز هذا النوع من المشابهات بأنه اكثر تحرراً ، واتساعاً من الأنواع الأخرى ، ويتيح فهماً افضل لعناصر المشكلة المطلوب حلها ابتكارياً .
ب - المشابهة المباشرة :
وهي عملية مقارنة بسيطة بين شيئين أو مفهومين ، ولا يشترط أن يكون الشيئان أو المفهومان متماثلين كلية ، فمقارنة شيء من مجال ما بشيء من مجال آخر تحفز الشخص على التعبير عن المشكلة ، أو الموقف الذي بين يديه بطريقة جديدة، وهذا التغيير في مشكلة ، والشروط الخاصة بالموقف الأصلي ، يسهل عملية التفكير الابتكاري؛ وذلك لانه يتيح للفرد رؤية الموقف من منظور جديد ، أمثلة تشبيه الذرة بالنظام الشمسي.
ج - المشابهة الرمزية
ويسميها البعض بالمختصر المعارض وهي عبارة مكونة من كلمتين تبدو كل منهما متعارضة مع الأخرى في المعنى ، وتستخدم تلك العبارة كوصف مختصر - الموقف الدرس ككل ، أو لعنصر من عناصره ، ويعتمد هذا النوع على استخدام اللغة والألفاظ فيمكن استخدام الصورة الموضوعية ، أو اللاشخصية ، لوصف المشكلة ، وهناك نوع رابع من المشابهات ولكنه اقل أهمية من سابقيه و يسمى بالمشابهة الوهمية ويعتمد على التمثيل بما يشبع رغبة الفرد وهمياً .
3- طريقة السوسيودراما :
و أسسها " مورينو " " Moreno " عام 1964 م بحيث تهدف إلى استخدام الجماعة لفحص مشكلة معينة ودراستها باستخدام الأساليب الدرامية على نحو يؤدي إلى الوصول إلى حلول متعددة وجديدة .
الصفحة 204
4 - طريقة حل المشكلة ابتكارياً:
وقدمها "بارنز " " Parnes " وزملائه كتعديل في طريقة العصف الذهني وتطويراً لها ، وأسموها الحل الابتكاري للمشكلة وتقوم هذه الطريقة على مجموعة من الأفكار الرئيسية ومنها:
1 - تشتمل عملية الحل الابتكاري للمشكلة على:
أ - الملاحظة - المعالجة -ج- التقويم
2 - يتصف الناتج الابتكاري بالتفرد والقيمة.
3 - لكي يكون الفرد مبتكراً يجب أن يكون حساساً للمشكلات المحيطة به، التي تحتاج إلى تصفية أو تقنية وتوضيح .
اما عن البرامج التدريبية لتنمية الابتكار، فيكتفي - المؤلف - بالإشارة إليها من خلال هذا الشكل.
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 205 بدف اعلاه)
شكل (30) أهم البرامج التدريبية لتنمية الابتكار
الصفحة 205
الابتكار ونشاط نصفي المخ :
بدأت نتائج التحقيق العلمي حول طبيعة نشاط المخ تتوالى ، وتشير في مجملها إلى وجـود نـوعين من هذا النشاط .. أحدهما يختص به الجانب الأيمن من المخ، والثاني يختص بـه الجانب الأيسر ، و تشير معظم الدراسات إلى أن نشاط الجانب الأيمن من المخ هو الذي يطلق الشرارة الأولى من الابتكار ؛ لأنه الجانب الذي يعمل بطريقة شمولية كلية ، معتمداً على الحدس ، والتخيل والصور الحسية المرئية ، بينما يعمل الجانب الأيسر بطريقة منطقية، استدلالية تتابعية ،تحليلية.
و على الرغم من أن هذه النظرة يتبناها العديد من الباحثين ، إلا أن بعضهم يرون أن اختصاص الجانب الأيمن بالابتكار، والجانب الأيسر باستدلال - واعتبار هذا تعبير عن نشاطين منفردين كل منهما بذاته - آمر فيه مبالغة غير مقبولة .
فيرى " حنورة ، وهاشم 1989 " أن هناك تداخل في نتائج القدرات الابتكاري، وارتباط بعضها بالجانب الأيمن والبعض الآخر بالجانب الأيسر للمخ .
وتشير إحدى الدراسات إلى أن هناك عاملين رئيسين للابتكار :
الأول : الابتكار (الابداع) الشكلي
الثاني : الابتكار (الابداع) اللفظي
وقد ثبت إن الابتكار اللفظي مشبع بسيطرة الجانب الأيسر من المخ ، أو بالتكامل في نشاط الجانبين ، أما الإبداع الشكلي فيخضع لنفوذ وسيطرة الجانب الأيمن من المخ .
وموجز القول أن كلاً من الجانب الأيمن ، والجانب الأيسر من المخ لهما ارتباطهما بالنشاط العقلي . وأن الأداء الابتكاري إذا ما كان لفظياً يرتبط بفاعلية الجانب الأيسر أما إذا كان شكلياً " صور ورسوم وتصميمات " فانه يعتمد على نشاط الجانب الأيمن .
ومن جهة أخرى فقد أكد " فؤاد قلادة 1997 " ما أشارت إليه " كلارك 1988 Clark " من إمكانية
تنشيط خلايا القشرة المخية للنصفين
الصفحة 206
الكرويين للمخ البشري، وذلك من خلال التخطيط الجيد للمناهج ، والاعتماد على معالجة تدريسية ومصادر تعلم فعالة تساعد في تشغيل المعلومات ومعالجتها داخل المخ البشري ، مما يسهم في أحداث عمليات التعليم والتفكير .
و أكدت " كلارك 1988 Clark " على الدور المهم لعملية استثارة خلايا الجليـا في أحداث التعليم والتفكير. وخلايا الجليا تملأ فراغ الوصلة العصبية ، مما يجعلها وسطاً هلامياً ، أي اكثر صلابة وانتصاباً ، مما يجعل مرور المعلومات في صورة موجات كهربائية أو كيميائية خلال الوصلة بدون مقاومة كما في الوسط السائل ، كما أن استشارة خلايا الجلية بأعداد متزايدة يؤدي إلى زيادة قوة الشحن العصبي للخلايا ، فتخرج النبضات العبية " المعلومات " من والى المحور Axon ، والخلايا المجاورة بسهولة ويسر.
وعلى العكس من ذلك فضعف أو انعدام عملية الإثارة يؤدي إلى عدم الوصول إلى التعلم ، لانه في هذه الحالة تكون الشعيرات العصبية للخلايا اكثر ارتخائاً ، وغير مهيأة لاستقبال أو إرسال المثيرات ، وعندما يقل عدد خلايا الجلايا يجعل محور الخلية ضعيفاً ، وتزداد مقاومة مرور النبضات العصبية " المعلومات " ، ومن ثم تقل فرصة حدوث التعلم أو التفكير.
وفي ضوء ذلك يمكن القول .. أن زيادة عدد خلايا الجليا يتوقف على حجم الإثارة الحقيقية التي تتوفر في البيئة التعليمية ، فكلما زادت عملية الإثارة ، زادت نسبة خلايا الجليا ، ولذا فقد تتوفر هذه الإثارة في التعليم المفرد باعتباره بيئة تعليمية تحتوي على عدة أنشطة اثرائية هادفة ، بالإضافة إلى تطبيق برنامج الكمبيوتر التعليمي بأسلوب المحاكاة في تدريس المقررات الدراسية
كما أشارت " كلارك 1988 Clark " إلى تأكيد " دياموند Diamond " على دور عملية الإثارة عند تقديم المعلومات للتلاميذ في بعث التفكير من الجزء الخاص بالتفكير في المخ البشري ، وذلك من خلال التجربة التي أجراها على مجموعة من الفئران ، حيث تم اختيار مجموعتين من الفئران ، وبعد ان تم دراسة
الصفحة 207
خصائص سلوك الفئران وطبيعة التغذية ، وظروف المكان المناسب للفئران كي تتغذى وتقبل على الغذاء ، والإضاءة ....الخ .
وقدمت لأفراد المجموعة الأولى الغذاء المرغوب للفئران وروعى المكان وعوامل الإضاءة والهدوء والزمان " المثيرات " ، وقدمت للمجموعة الثانية نفس الغذاء مستبعداً فيه كل ظروف الإثارة ، من نوع الغذاء ، وظروف تقديمه ، والمكان المقدم فيه ، بعكس المجموعة الأولى ، وتم التجربة السابقة بعد أعداد الفئران ، وتصميم أفراد المجموعتين من الفئران. جائعة ، أكل أفراد المجموعتين الغذاء المقدم إليها ، وبعد الانتهاء من التغذية، قام صاحب التجربة بذبحها ، وفحص المخ لها ، فوجد ما يلي :
- أن الشعيرات العصبية لمخ أفراد المجموعة الأولى " حيث توفير عوامل الإثارة " منتصبة ، وعلى استعداد لاستقبال المثيرات وإرسالها عبر محور الخلية إلى الوصلة العصبية ، ومنها إلى الخلايا الأخرى ، وعملت الإثارة الموجبة على إنتاج عدد من خلايا الجليا التي تقوم بطلاء غلاف المحور الخلايا تتسرب المعلومات الواردة وتنتشر دون أن يتم وصولها إلى جسم الخلية وتخزينها .
- وعلى العكس من ذلك كان في الشعيرات العصبية لمخ أفراد المجموعة الثانية من الفئران ، فكانت مرتخية وغير مستعدة للعمل في استقبال وإرسال المعلومات ، وذلك لانعدام عوامل الإثارة .
ونخلص من هذه التجربة إلى أن زيادة نسبة عدد خلايا الجليا يتوقف على عوامل بيئية ، ومدى توفير المثيرات في المواقف التعليمية التي يوجد بها الفرد المتعلم ، فالبيئة الثرية المشوقة تزيد من دافعية المتعلم لاكتساب المعرفة والمعلومات التي تحملها المثيرات( مصادر التعلم المتعددة والمتباينة).
فإثراء الموقف التعليمي بعدداً من الأنشطة الهادفة التي يؤديها التلميذ بنفسه داخل إطـار معالجة تدريسية فعالة ، يمكن أن تثير خلايا المخ البشري لاستقبال المعلومات ، فيطرأ عليه تغيرات تزيد من عملية تجهيز ومعالجة المعلومات وتنمي القدرات والمهارات العقلية لانتاج تفكير سليم .
الصفحة 208
كما أن نوعية الإثارة ، - ومدى مناسبتها لخصائص التلميذ النفسية ، والعقلية - في تقديم المعلومات للمخ البشري يؤثر في سرعة نشاط الوصلة العصبية ، وتناول النبضة العصبية الواردة من الخلية الأخرى .
وفي ضوء ما سبق، فيمكن الإشارة إلى إمكانية تنشيط خلايا القشرة المخية للنصفين الكروين ، وخاصة خلايا النصف الأيمن المسئول عن العمليات الخاصة بالتفكير الابتكاري ، وذلك من خلال استخدام معالجة تدريسية اكثر فاعلية ، وتحتوي على أنشطة مرئية هادفة ومتنوعة ومصادر تعلم مناسبة؛ مما قد يسهم في تشغيل المعلومات داخل المخ البشري، وبالتالي زيادة فرصة حدوث التعلم والتفكير .
دور التعليم المفرد في تنمية الابتكار :
إن الابتكار كقدرة يمثل في جوهره استعداداً نفسياً كامناً يوجد لدى كل فرد من الأفراد المتعلمين ، ولكن بدرجات ، ومستويات متباينة ، ويمكن أن يزدهر ويثمر عندما تتهيأ الظروف الملائمة لذلك ، ومن الممكن أن يحدث ذلك من خلال تطبيق معالجة تدريسية تأخذ من المتعلم محوراً لها ، وتتيح له اكبر قدر ممكن من التعلم الذاتي والحرية التعليمية والتعامل الحر مع مصادر تعلم متنوعة.
وعند استعراض ملامح التعليم المفرد وخصائصه كنظام تعليمي ندرك أنه يمكن أن يشكل مناخاً ملائماً لتنمية الابتكار ، فالتعليم المفرد يمثل بيئة تعليمية مرنة ومستجيبة ، ومتوافقة مع احتياجات ، وقدرات واستعدادات كل فرد متعلم ، وهذه البيئة تسمح للمتعلم بممارسة اوجه مختلفة من الحرية ، كالحرية في اختیار ما يناسب المتعلم من مصادر تعلمية وتعليمية أو الحرية في أساليب التعلم ،وتعد ممارسة الحرية من أهم متطلبات حدوث السلوك الابتكاري فالأداء الابتكاري هو حصيلة مناخ تعليمي يتسم بالحرية والديمقراطية التعليمية.
بالإضافة إلى ما سبق فعند استخدام برامج الكمبيوتر متعددة الوسائط في عرض المحتوى الدراسي من خلال استراتيجية تدريسية للتعليم المفرد يمكن إن يزيد من فرص الابتكار لأن التعليم بمعاونة الكمبيوتر قد يؤدي إلى تفجير طاقات لدى الفرد مما قد يسهم في تنمية الابتكار لديه ، فالكمبيوتر يمتلك إمكانات هائلة تتيح للفرد
الصفحة 209
المتعلم ممارسة النشاط التخيلي ، حيث يتحرر الفرد المتعلم من الجمود العقلي ، ويدفعه إلى التفكير ، و إطلاق العنان للتخيل الذي يمثل الخطوة الأولى للابتكار ، فبرامج المحاكاة التي تستخدم غالباً في تقديم محتوى المواد الدراسية وخاصة مادة العلوم يمكن أن تزيد من فرص النشاط التخيلي ، وبالتالي تزيد من فرص النشاط الابتكاري .
الابتكار والأساليب المعرفية :
تهتم النظريات الحديثة في مجال علم النفس أساسا بالطرق المختلفة التي يدرك بها الأفراد ، الأشياء والوقائع وكيف يفكرون ، فيها وهذا يتعلق أساسا بما يسمى بالأساليب المعرفية .
فالأساليب المعرفية هي الطرائق التي يلجأ إليها الأفراد في تحصيلهم للمعلومات من البيئة المحيطة بهم ، فينظر للفرد هنا على إنه يقبض على بإحكام وبطريقة نشطة على البيئة ، فهو ليس مجرد مستقبل سلبي لما تقدمه له هذه البيئة .
ويمتلك الأفراد طرقاً مختلفة في التعامل مع العالم الخارجي ، فهم يستقبلون المعلومات بطرائق المعينة ويفسرونها في معالجة خاصة ويخزنونها وفقاً لطبيعة المعلومات المخزنة في البناء المعرفي للأفراد ، والابتكار وفقاً لذلك لا يمثل انساقاً مختلفة من العلاقات الترابطية ، ولكنه يمثل طرائق مختلفة في الحصول على المعلومات ومعالجتها والدمج بينها للوصول إلى الحلول الابتكاري الأكثر كفاءة و أصالة .
ويهتم هذا المنحنى بمدى رغبتهم في استقبال ، وتخزين كميات كبيرة من المعلومات التي تقدمها البيئة ، بدلاً من تقييد أنفسهم بجزء بسيط ومحدد منها، كذلك يهتم علماء المنحى المعرفي بقدرة المبتكرين على التغيير السريع لوجهتهم الذهنية هروباً من التكرار ، والملل الرتيب ، ومن ثم كانت المرونة العقلية في رأيهم هي القدرة على تحويل الانتباه من الطراز التحليلي إلى الطراز الكلي ، ومن ثم ارتبطت هذه القدرة كثيراً بالابتكار .
ويشير علماء هذا الاتجاه إلى إن الأفراد الذين تتضمن أساليبهم المعرفية اقل من الرقابة عـلى المعلومات المتاحة في العالم الخارجي يكونون أكثر قابلية لأن يصبحوا من
الصفحة 210
المفكرين المبتكرين ، وتتداخل بحوث الشخصية مع بحوث الأساليب المعرفية مع بحوث الصور العقلية والتخيل .
ومفهوم الأسلوب المعرفي يوحد ما بين المتغيرات المعرفية، والمتغيرات الخاصة، بسمات الشخصية ، وقد أشار " جيلفورد " إلى أن الأسلوب المعرفي يشتمل على وظائف عقلية وسمات شخصية ، و أشار آخرون إلى الأسلوب المعرفي ، باعتباره الشكل التنظيمي لاستراتيجيات حل المشكلات الذي يتبناه فرد ما في مواجهة واقع معين ، أو هو الجانب التكاملي من الشخصية الذي يقوم بالربط بين الوظائف العقلية وسماته الشخصية ، ويقوم بالتأثير على صورة الذات لدى الفرد وعلى وجهة نظره اتجاه العالم، وعلى أسلوب حياتـه كذلك .
والأساليب المعرفية إذن تشير إلى " كيف" نقترب من مشكلة ما بشكل خاص، أو من العالم بشكل عام ، وقد ميز العلماء بين الأساليب المعرفية والقدرات الأخرى، فوصفوا الأساليب المعرفية باعتبارها الأساليب النمطية أو المنفصلة التي يقترب بها أو يقوم بها الفرد من خلالها بعمله اكثر من كونها تشير إلى درجة كفاءة هذا الفرد أو قدراته الفعلية .
فأحد الأفراد قد يمتلك ذكاءً مرتفعاً " قدرة عقلية " لكنه يقوم بعمله بطريقة تتسم بعدم الدقة ،والإهمال " أسلوب معرفي " ومن ثم يكون أداؤه أو أسلوبه المعرفي غير منسق مع قدرته "العقلية".
وقد حددت بعض الدراسات العلاقة بين الابتكار والأساليب المعرفية ، فيختلف المبتكرون في درجات تقييمهم لأفكارهم ، أي درجات الاهتمام والتفكير التي يظهرونها عندما يقومون بأعمال معرفية ، فبعض المبتكرون يقبلون ، ويقررون الفكرة ، والاستجابة الأولى التي ترد على الذهن ، ثم ينفذونها بعد برهة وجيزة بعد شعورهم بمناسبتها ، ويطلق على هؤلاء المبتكرون بالمندفعين لكننا نجد بعض المبتكرين الآخرين من نفس المستوى العقلي يكرسون وقتاً أطول لتقييم وتقدير مدى دقة أفكارهم ، بحيث يمكنهم رفض الأفكار والاستنتاجات غير الصحيحة ، ويقومون بإرجاء إجاباتهم حتى يكونوا على درجة مرتفعة من الثقة في صحة حلولهم
الصفحة 211
ويسمى هؤلاء الأفراد بالمبتكرين المتروون ، وهذا التمييز بين مبتكر مندفع ومبتكر متروي هـو تمييز بين أسلوبين معرفيين مختلفين ، ويقوم هذا الاختلاف بالتأثير على أداء الأفراد في المواقف الخاصة بحل المشكلات التي تتضمن :
- اعتقاد الفرد المبتكر بأن جانباً من تمكنه العقلي يتم تقييمه .
- تمسك المبتكر بمعيار معين لكفاءة الأداء .
- تكون هناك بدائل استجابة عديدة متاحة بدرجات متساوية أمام المبتكر .
- لا تكون الإجابة الصحيحة واضحة بشكل مباشر ، ومن ثم يكون على المبتكر أن يقوم بتقييم الصدق المميز لكل الفروض الممكنة للحل .
وفي ظل هذه الظروف ، يأخذ المبتكرون - الذين يهتمون بتقليل الأخطاء - وقت طويلاً مـن اجـل فحص البدائل الممكنة ، أما الأفراد الأقل اهتماماً بالأخطاء فيكرسون وقتاً اقل لتقييم أفكارهم الأولى .
هذه الفروق في التناول للمعلومات والموضوعات بل وحتى في التعامل الانفعالي مع موضوعات العالم المختلفة تظهر أيضا بشكل واضح في تلك الفروق التي نجدها بين المبدعين سواء في طريقة عملهم في المجال الابتكاري الذي يفضلونه أيضا .
الصفحة 212
مراجع الفصل السابع
(انضر الصفحات من 113 إلى 120 في بدف اعلاه )
الصفحات من 213 إلى 220
الفصل الثامن: الأساليب المعرفية
مقدمة :
لقد تمركزت الفروق الفردية في الإدراك قديماً على أساس أنها مؤشر للقياس العقلي، فقد استخدم "جالتون Galtton " مبدأ التمييز الحسي كدلالة على الذكاء الإنسان ، كذلك اعتمد " كاتل Cattel " في اختباره على الأساليب الحسية ، والادراكية في قياس الذكاء .(1)
ولكن البحوث والدراسات الحديثة التي تناولت ظاهرة الفروق الفردية في الإدراك لم تنظر إليها على اعتبارها مؤشراً للذكاء الإنساني ولكنها اعتبرت إن هذه الفروق تعكس أتحد الأساليب المعرفية التي تميز الأفراد في تعاملهم مع الموضوعات المختلفة ، وقد أدى ذلك اعتبار أم الفروق الفردية في الإدراك بين الأفراد تمثل في جانب منها فروقاً في أساليب تعاملهم مع الموضوعات الخارجية ، والآن فقد أصبحت الأساليب المعرفية محوراً للفروق الفردية في مجال الإدراك ، ولان الإدراك ليس تنظيماً منفصلاً : عن الجوانب الأخرى للشخصية ، وذلك على أساس النظرة المتكاملة للشخصية الإنسانية؛ فإن الأساليب المعرفية هي متغير يمكن من خلاله إلى جوانب متعددة للشخصية سواء أكانت معرفية أم وجدانية أم دافعية .
وتعتبر الأساليب المعرفية من المفاهيم التي ظهرت نتيجة النمو المتزايد في الدراسات والبحوث التي أجريت في مجالات علم النفس المعرفي وخاصة مجال التمايز النفسي ويعود الفضل إلى " هرمان وتكن " Witkin 1962"(2) وزملاؤه في إبراز مفهوم التمايز النفسي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصطلح الأساليب المعرفية ، وقد ارتبط ذلك المفهوم أصلا بأبحاث " ليفين " " 1935 ، و ففرن1948 Vermer" التي تناولت النظريات المختلفة للنمو المعرفي ، والتي تقوم أساساً على افتراض أن النظام السيكولوجي للفرد يتوقف على مستوى النمو لديه، بحيث يصبح اكثر تمايزاً
الصفحة 223
ووضوحاً، بزيادة قدرته على إدراك التفصيل ، فالأفراد الأقل تمايزاً تكون استجاباتهم اقل وضوحاً واكثر تدخلاً مع مثيرات كثيرة ، بحيث لا يستطيعون الاستجابة بسرعة ملحوظة في اختبار المواقف الادراكية ، كما انهم يكونون أقل إمكانية في فصل "عزل " الأنظمة أو الأبعاد النفسية عن بعضها ، هذا بالإضافة إلى تأثر هؤلاء الأفراد بالآخرين بسهولة أو بسرعة لانهم أسرع اعتماداً في إصدار الأحكام ، أما الأفراد الأكثر تمايزاً فانهم لا يتأثرون بالآخرين بسهولة ؛ لانهم عادة ما يعتمدون على أنفسهم في إصدار هذه الأحكام أو الاستجابة بطريقة مميزة في الموقف .(3)
وقد أضاف "وتكن ، جوادنف (1981Witkin & Goodenough( (4)عملية أخرى مكملة لعملية التمايز النفسي وهي عملية التكامل ويقصد بها الكيفية التي تندمج بها وتتفاعل في إطاره مكونات أي مجال من المجالات السابق الإشارة إليها .
وكان من نتيجة التقدم في فهم مكونات التمايز النفسي اتساع نطاق البحث في موضوع الأساليب المعرفية ، بحيث امتد إلى محاولة الربط بينهما - وخاصة فيما يتعلق بالأساليب المعرفية الادراكية – وبين كثير من أبعاد السلوك الإنساني المختلفة ، سواء في المجالات التربوية والمهنية ، أو في المجال الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين ، أو مجال دراسة الشخصية .(5)
ويؤكد " حمدي الفرماوي 1994 "(6)ما أشار إليه " وتكن " وزملاؤه "Witkin, et . al " إلى مدلول مصطلح الأساليب المعرفية فيذكر بأن لفظ أسلوب يعني : خاصية ترتبط بطريقة محددة بالإنسان ولها صفة الثبات ، فهي مميزة للفرد ؛ ولان هذه الطريقة المميزة ترتبط بالنشاط العقلي المعرفي للإنسان فقد أطلق عليها مصطلح " أسلوب معرفي ويعتبر الأسلوب المعرفي تكويناً فرضياً يتوسط وجود المثير وإحداث الاستجابة ، ومن ثم فهو يميز بين فرداً و آخر في استقبال المثيرات البيئية وتناولها ومعالجتها .
- وسوف نعرض - للأساليب المعرفية من خلال النقاط التالية :
الصفحة 224
مفهوم الأسلوب المعرفي
لقد تعددت التعريفات والتصورات التي تناولت الأسلوب المعرفي ويرجع هذا التعدد إلى طبيعة الأسلوب المعرفي ، وخصائصه ، و أدواته في تحديد ملامح الشخصية الإنسانية ، ويمكن عرض مجموعة من التعريفات التي تناولته من خلال أربعة محاور يوضحها الشكل التالي :
)انضر الشكل الموجود في الصفحة 225 بدف اعلاه)
شكل (31) المحاور التي يدور حولها تعريف الأسلوب المعرفي
أ - الأسلوب المعرفي كوظائف عقلية معرفية :
يشير " محمد رزق 1995 "(7)إلى تعريف "رويس 1971 Royce " بأن الأسلوب المعرفي عبارة عن خصائص كيفية ثابتة تظهر في السلوك المعرفي أو الانفعالي ، وانه نظام متعدد الأبعاد لتنظيم العمليات المعرفية ، أو الانفعالية ، ويعد من المتغيرات الوسيطة في تقوية ، وتهيئة العلاقات بين السمات الانفعالية أو القدرات العقلية التي يتطلبها حل مشكلة ما " .
الصفحة 225
ويعرف " اندرسون""anderson " (8)الأسلوب المعرفي بأنه " تكوين عقلي من المرتبة العليا ومتضمن في كثير من العمليات العقلية والمعرفية ، ويعتبر مسئولاً عن الفروق الفردية في الشخصية .
آما " جيلفورد " "1985 Guilford " (9)فيرى أن الأساليب المعرفية عبارة عن وظائف موجهة لسلوك الفرد ، ويعرفها بأنها " قدرات معرفية أو أنها ضوابط عقلية معرفية " أو الاثنان معاً ، بالإضافة إلى النظر إليها كسمات تعبر عن الجوانب المزاجية في الشخصية ويفضل " جليفورد " تسميتها بالأساليب العقلية بدلاً من الأساليب المعرفية ؛ لأن ذلك يتفق مع النموذج الذي وضعه عن بنية العقل .
ب - الأسلوب المعرفي كطريقة في معالجة المعلومات :
ويعرفه " كوجان 1971 Kogan" بأنه الطريقة المتمايزة في الإدراك، والفهم، والتحويل واستقبال ، ومعالجة المعلومات، واسترجاعها من البنية المعرفية للفرد.(10)
يشير " دايفيستا 1974 Divesta" إلى أن الأسلوب المعرفي يتعلق بأسلوب الفرد وقدراته في معالجة المعلومات ، كما يشير إلى أن نموذج معالجة المعلومات يتعلق بعمليتي التعليم والتعلم .(11)
ویری " جولد شتاین 1978 Goldstain " أن الأسلوب المعرفي يشير إلى الطريقة التي ينقى ويحضر بها الفرد معلوماته من مثيرات البيئة الخارجية (12)
ويعرف " باري1991 Barry " الأسلوب المعرفي بأنه " الفروق الفردية في طرق اكتساب وتجهيز وتخزين واسترجاع المعلومات من الذاكرة(13).
ج - الأساليب المعرفية كمؤشر للفروق الفردية في البنية المعرفية :
يعرف " جاردينر 1962,Gardner, et al " الأساليب المعرفية بأنها " مظاهر الفروق الفردية في البنية المعرفية "Cognitive Structures " ، التي تتوسط التعبير عن مختلف العمليات المعرفية ، خاصة عندما يواجه الفرد بمهمة تصنيف المثيرات (14).
الصفحة 226
ویری “فيرنون 1973 Vernon" أن الأسلوب المعرفي عبارة عن " تكوين ذو مرتبة عليا ومتضمن في كثير من العمليات العقلية . كالتذكير ، والتخيل ، وحل المشكلات "(15)
ويعرفها " ميسك " " , Messica" بأنها " الفروق بين الأفراد في أساليب الإدراك ، والتذكير والتخيل ، والتفكير .(16)
ويعرف " أنور الشرقاوي 1985 " الأساليب المعرفية بأنها " الفروق بين الأفراد في كيفية ممارسة العمليات المعرفية مثل: الإدراك والتخيل والتذكر والتفكير (17)
د - الأساليب المعرفية كطريقة في معالجة المشكلات واتخاذ القرار :
ويشير " كوجان1971 Kogan" إلى الأساليب المعرفية بأنها " عادات الفرد في حل المشكلات واتخاذ القرار وتجهيز المعلومات وتقويمها والاستفادة منها .(18)
ویری " هوبكنز " "1979 Hopkins " أن الأساليب المعرفية هي : "الفروق الفردية في كيفية التعامل مع حل المشكلات بغض النظر عن الفروق في الذكاء والقدرات الخاصة "(19)
ويعرف " سكويجر 1981 Schweiger (20)بأنها الفروق الفردية في طرق التعلم ، ومعالجة المشكلات واتخاذ القرار".
- من خلال العرض السابق للتعريفات التي تناولت الأساليب المعرفية يتضح أنها تركز على وظائف الأساليب المعرفية ، أو أدوارها ، أو خصائصها ، فهي تميل إلى الاتساق اكثر منها إلى التناقض ، ويضيف كل تعريف وصفاً ، أو وظيفة للأسلوب المعرفي وبناء على ما سبق نستطيع اشتقاق مفهوم للأساليب المعرفية يتبناه المؤلف، فتعرف الأساليب المعرفية على أنها " عوامل معرفية عقلية من المرتبة العليا، تمتاز بالاتساق والثبات النسبي، وتؤثر في طرق تناول الفرد للعمليات المعرفية الادراكية وتحضير المعلومات وحل المشكلات ".
ومن خلال التعريفات المختلفة التي تناولت الأسلوب المعرفي ، يمكن إبراز الجوانب الآتية لطبيعة الأساليب المعرفية فيما يلي (22)
الصفحة 227
1-الأساليب المعرفية أصبحت محوراً لدراسة واستكشاف الفروق الفردية بين البشر في العمليات المعرفية العليا، كالإدراك والتفكير والانتباه والتذكر ،والتعليم ومجال حل المشكلات .
2-تعتبر الأساليب المعرفية ضمن المتغيرات الوسيطة فهي تعبر عن جانب مهم من النشاط المعرفي المرتبط بالاستثارة وإحداث الاستجابة ، ولهذا ينظر إليها على أنها عوامل منظمة لبيئة ومدركات الإنسان .
3- تعتبر الأساليب المعرفية طرق تفضيلية لاستقبال الإنسان للمعرفة، وإصدارها على النحو الذي ينم عن تعلقها بعملية تجهيز أو تناول المعلومات بجوانبها المختلفة .
4 - تمثل الأساليب المعرفية متغيرات مهمة للنظر إلى الشخصية في جوانبها المتعددة نظرة اكثر تكاملاً ، فهي لا تتعلق بالجانب المعرفي وحده من الشخصية بل تمتد لتشمل الجانب الوجداني " الانفعالي " .
الأساليب المعرفية وبعض المفاهيم المعرفية الأخرى :
أ - الأساليب المعرفية والضوابط المعرفية :
لقد استخدم بعض العلماء (23)مفهوم الضوابط المعرفية كمرادف للأساليب المعرفية بل أن هناك اتجاهاً لدمج الضوابط المعرفية في فئة الأساليب المعرفية ، ومع ذلك فهناك فروق أساسية بينها فيميز "جاردنر Gardner"، "وجاكسون" " Jakson " بين مصطلحي الأساليب المعرفية والضوابط المعرفية في أن الأول يشير إلى أبعاد معينة من عملية الإدراك ، في حين يشير الثاني إلى تنظيم هذه الأبعاد داخل الفرد .(24)
ويرى " ميسيكmessick ,1984 (25) أن أوجه الإختلاف والتشابه بين الضوابط المعرفية ، والأساليب المعرفية تتمثل في:
1 - الضوابط المعرفية اكثر نوعية وخصوصية وتتأثر أكثر من الأساليب المعرفية بنطاق المحتوى وطبيعة المهام، أما الأساليب فتمثل أبعاداً مستعرضة في الشخصية والمظاهر السلوكية المختلفة .
الصفحة 228
2- الضوابط المعرفية أحادية القطب وتهتم بشكل نسبي بوظائف متخصصة في المجال الذي تتناوله ، كما أنها تمتاز في اغلبها بالقيمتين التوجيهية والكمية ؛ ولذلك فهي اقرب إلى ما يسمى بالقدرات الأسلوبية في حين تعتبر الأساليب المعرفية أبعادا ثنائية القطب.
3-تقاس الضوابط المعرفية في إطار الأداء الأقصى بينما تقاس الأساليب المعرفية في إطار الأداء المميز .
4 - الضوابط المعرفية غالباً ما تكون اتجاهية القيمة ، أما الأساليب المعرفية فهي تمييزية القيمة .
5 - الضوابط المعرفية تشتق في جوهرها من نظرية التحليل النفسي في حين ترتبط الأساليب المعرفية في جوهرها بنظرية التعلم، وتدل على العادات الادراكية المتعلمة.
6-تتشابه الضوابط المعرفية والأساليب المعرفية في نوع النشاط الممارس، أي انهما يتسقان في طبيعة النشاط المعرفي الذي يمارسه الفرد ، فكلاهما يهتم بشكل المعرفة في النشاط الادراكي لا بمحتواها (26).
ب - الأساليب المعرفية والتفضيلات المعرفية :
لقد ظهر مفهوم التفضيلات المعرفية في كتابات الباحثين المهتمين بدراسة الأساليب المعرفية ووصف " ميسك1984 Messick "(27) الأساليب المعرفية بأنها عبارة عن تفضيلات معرفية ، أو خاصية الطرق التي يفضلها الفرد في تصور وتنظيم المثيرات التي يتعرض لها ، مثال ذلك " تفضيلات ثابتة للتصنيفات الواسعة مقابل تفضيلات ثابتة للتصنيفات الضيقة للمثيرات " ، كما يرى أن الأسلوب المعرفي هو الطريقة المفضلة لدى الفرد في تنظيم مدركاته .
ويؤكد " أنور الشرقاوي 1992 (28) ما أشار إليه " هيث " إلى وجود أربعة أنماط معرفية يفضل الفرد إحداها في إدراكه للمطلوب وهي :
1 - نمط الاسترجاع ويتصف الفرد الذي يفضل هذا النمط بتقلبه للمعلومات على طبيعتها
الصفحة 229
2- النط الناقد ويتصف الفرد الذي يفضل هذا النمط بتشككه في المعلومات من ناحية تمامها وكمالها وصدقها .
3- نمط المبادئ ، ويتصف الفرد الذي يفضل هذا النمط بقبوله للمعلومات على أساس مبدأ أو علاقة ما .
4- نمط التطبيقات ، ويتصف الفرد الذي يفضل هذا النمط بقبوله للمعلومات ؛ لأنها ذات قيمة للاستخدام في محتوى اجتماعي أو معرفي معين .
وبمقارنة هذه الأنماط بتصنيف الأساليب المعرفية الذي يأتي ذكرها فيما بعد، نجد أن هناك تداخلا بين هذه الأنماط والأساليب المعرفية ، حيث يمكن الاعتقاد بأن الأسلوب المعرفي للفرد قد يؤثر على تفضيله لنمط معرفي معين عند إدراكه للمعلومات ، هذا بالإضافة إلى أن النمط المعرفي الذي يفضله الفرد عند إدراكه للمعلومات يتصف بلاتساق عبر الميدان المعرفي الواحد.
ج - الأساليب المعرفية والاستراتيجيات المعرفية :
يعتبر مفهوم الاستراتيجيات المعرفية من المفاهيم وثيقة الصلة بمفهوم الأساليب المعرفية ويعرفها "ميسك"1984 " Messica " بأنها عبارة عن طرق عامة يستخدمها الفرد في المهام العقلية ، فهي بمثابة طرق للادراك ، والتفكير ، والتذكر ، ومعالجة المعلومات، وحل المشكلات ، ويستدل عليها من خلال طرق الفرد في التوصل للمعرفة " ويفرق " ميسك "1984 Messica " بين الاستراتيجية المعرفية ، والأساليب المعرفية على النحو التالي :
* - الاستراتيجية المعرفية هي القرارات الشعورية أو غير الشعورية التي يتخذها الفرد لمعالجة المواقف المعرفية المختلفة في حين يعبر الأسلوب المعرفي عن الاتساق الذاتي المميز الواعي لدى الفرد في تناوله للموضوعات التي يتعرض لها .
* - الاستراتيجيات المعرفية اقل عمومية، فالاستراتيجيات غالباً ما تتسق مع خصائص المهام التي يقوم بها الفرد أما الأساليب فتضمن التوجه العام نحو المهام والمواقف .
الصفحة 230
* - الأساليب المعرفية تظل ثابتة نسبياً لفترات طويلة من حياة الفرد ؛ مما يجعلها من الوسائل الاستراتيجية للتغير بواسطة التدريب نحو شروط معينة .
د- الأساليب المعرفية والقدرات العقلية :
ويؤكد "حمدي الفرماوي 1994 " ما أشار إليه " ميسك " "Messick " بأن القدرة العقلية تتحدد في ضوء سعة الاستجابة على النحو الذي يسمى بالأداء الأقصى، أما الأسلوب المعرفي فيتضمن قياس نوع الاستجابة وتميزها عند الفرد على النحو المسمى بالأداء المميز ويضيف " ميسك " أنه على الرغم من أن القدرات العقلية والأساليب المعرفية أبعاد ثناية القطب قلية ابعاد أحادية القطب إلا أنه يمكن توزيع الأفراد تبعاً لكل منهما على متصل، وذلك مع احتفاظ كل منهما بخصائصه ايضاً فإن القدرات العقلية تشير إلى محتوى أو مكون العمليات بينما يتعلق الأسلوب المعرفي بشكل النشاط المعرفي (29).
__________________________________________________________________
بالإضافة إلى ما سبق فالأساليب المعرفية متغيرات منتظمة ضابطة ، أما القدرات العقلية أنها إمكانية ، ويوضح شكل رقم " 32 "أوجه الشبه والاختلاف بين الأساليب المعرفية ، والقدرات العقلية، والقدرات الأسلوبية .
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 231 بدف اعلاه )
شکل (32) اوجه الشبه و الاختلاف بين الأساليب المعرفية والضوابط المعرفية والقدرات الأسلوبية والعقلية
"اتجاه السهم يشير إلى الخاصية التي تميز كل متغير عن الآخر"
الصفحة 231
هـ- الأساليب المعرفية والقدرات الأسلوبية:
تعتبر القدرات الأسلوبية عوامل نفسية تحمل خصائص كل من : القدرات والضوابط والتفضيلات ، والأساليب المعرفية ، وتظهر لتعكس اتساقات أسلوبية ، وتبدو كاستعدادات أو ميول وتقاس احياناً في إطار الأداء الأقصى واحياناً أخرى في إطار الأداء المميز، ومن أمثلتها : المرونة التلقائية، والمرونة الكيفية والطلاقة الفكرية ، والأصالة ، وهي تحمل خصائص القدرات في أنها : أحادية القطب ، ونوعية الوظيفة ، واتجاهيه القيمة ، كما تحمل خصائص الأساليب في أنها لا تقاس بدقة الأداء ، ومستوى صحته بل بمعيار الجودة " الأفضلية مثل الأفضلية في العدد أو التنوع ، ونوعية الاستجابة ومدى تكرارها .(30)
ونتيجة لزيادة التشابه بين تلك القدرات والأساليب المعرفية ، فقد اعتبر " لويز، وكلارك 1972 , Lopez & Clark " (31)أن الطلاقة الفكرية " ومرونة الإغلاق" أسلوبان معرفيان .
وفي ضوء ما سبق عرضه عن التصورات المختلفة التي تناولت مفهوم الأساليب المعرفية والعلاقة بين الأساليب المعرية وغيرها من المفاهيم المعرفية الأخرى المرتبطة بها ، يمكن أن نميز بعض السمات العامة الأساسية للأساليب المعرفية فيما يلي (32):
* - ترتبط الأساليب المعرفية بشكل النشاط المعرفي للفرد لا بمحتواه ؛ ولذلك فإن الأساليب المعرفية تعكس الفروق الفردية في أساليب الإدراك، والتخيل ، والتذكر ، والتفكير ، وحل المشكلات بغض النظر عن محتوى هذه العمليات.
* - الأساليب المعرفية ذات أبعاد مستعرضة للشخصية، فهي تمكننا من النظر للشخصية نظرة كلية ، فلا تقتصر على الجانب المعرفي من الشخصية فقط ، بل تضم أيضا الجانب الانفعالي وقد قدم كل من " وارديل، ورويس Wardell, & Royce " افتراضات عن الأساليب المعرفية ، وعلاقتها بالقدرات
الصفحة 232
العقلية، والسمات الانفعالية، وأن الشخصية الإنسانية نظام دينامي فيه الأساليب المعرفية دوراً هاماً من حيث تكامل مختلف أنظمته ، أضف إلى ذلك أن الأساليب المعرفية تمتد في تأثيراتها إلى حياة الأفراد الاجتماعية، حيث أن الزوجين اللذين يتشابهان في أسلوبهما المعرفي تقل بينهما المشكلات الزوجية اكثر من الزوجين المختلفين في أسلوبهما المعرفي ؛ وذلك لأن التشابه في الأساليب المعرفية يؤدي إلى نمو مشاعر إيجابية مشتركة متشابهة .
* تتسم الأساليب المعرفية بالثبات النسبي مع مرور الزمن ، ولا يعني ذلك أنها غير قابلة للتعديل أو التغيير ، وهذا معناه أنها لا تتغير بسرعة في أثناء حياة الفرد العادية ومن ثم يمكن استخدامها في التنبؤ بسلوك الأفراد في مختلف المواقف المستقبلية.
*- يمكن قياس الأساليب المعرفية من خلال وسائل غير لفظية ، مما يساعد في التغلب على المشكلات التي تنشأ نتيجة اختلاف المستويات الثقافية للأفراد والتي تثيرها أدوات القياس اللغوية .
*- تتصل الأساليب المعرفية بخاصية الأحكام القيمية مما يجعلها من الأبعاد ثنائية القطب ، ويميزها عن الذكاء والقدرات العقلية وهي من الأبعاد وحيدة القطب فمن المعروف بالنسبة للذكاء والقدرات العقلية إنه كلما زاد نصيب الفرد في أي قدرة من هذه القدرات كان ذلك افضل ، أما بالنسبة للأساليب المعرفية ، فكل قطب له قيمة مميزة في ضوء ظروف وشروط خاصة وأن إنصاف الفرد بخصائص أي من القطبين ثابت إلى حد كبير، ويصنف الأفراد وفق متصل بأحد القطبين وينتهي عند القطب الآخر .
* - تعتبر الأساليب المعرفية أبعادا مكتسبة من خلال تفاعلات الفرد مع البيئة الخارجية اكثر من كونها صفات أو خصائص موروثة ، ويتضح ذلك من خلال التعريف الذي تناوله " فيرنون 1973 Vernon "(33)عن الأسلوب المعرفي بأنه " ذلك النوع من التكنيكات التي يبنيها الطفل في سنواته الأولى ليستخدمها في التكيف مع عالمه ، وقد أشار " محمد رزق 1995 " إلى نتيجة دراسة كل من " هولزنر ، وسافر "
الصفحة 233
"Holzner , Saver " والتي ترى أن أبناء الأمهات الأكثر حماية وصرامة في التربية ينشئون معتمدين على المجال الادراكي وضيقى الأفق عن أبناء الأمهات المعتدلات في التربية ، ومن هنا فإن الثقافات التي تشجع الاستقلال عن الأسرة ، والسلطة الوالدية لدى الأطفال ، تميل إلى إفراز أفراد مستقلين مجالياً ، عكس الثقافات التي تطبع أفرادها على المسايرة للسلطة الوالدية .(34)
*- تتفاعل الأساليب المعرفية دينامياً مع بعضها البعض في تأثيرها على السلوك، فيمكن الاستدلال على أسلوب الفرد من خلال موقعه النسبي على امتداد " متصل "اسلوب معرفي آخر .
واتساقاً مع ذلك فقد أكد " عبد العال عجوة 1989 "ما أشار إليه "كروم Crum "من إمكانية استخدام اختبار الأشكال المتضمنة ( GEFT ) ل وتكن " وهو - اختبار مشهور لقياس أسلوب " الاستقلال - الاعتماد الادراكي - وذلك للاستدلال على أسلوب التبسيط التعقيد المعرفي (35).
كما أشار "فتحي الزيات 1989" إلى نتائج الدراسة التي قام بها "وولف"" 1983 . Wolfe" والتي ترى أن أساليب التبسيط المعرفي . التعقيد المعرفي " التسوية/ الإبراز " ، " الضبط المقيد / الضبط المرن "، " اتساع الفئة / ضيف الفئة "، " ارتفاع / انخفاض التصنيف إلى فئات مستقلة "،العلاقى/ التحليلي "، " ارتفاع انخفاض التميز التصوري" ، "الاستقلال ، الاعتماد عن المجال الادراكي جميعها أساليب معرفية ذات علاقة ببعضها البعض(36).
كما يمكن دمج بعض أبعاد الأساليب المعرفية مع بعضها البعض نظراً للتشابه القائم بينها .وأظهرت نتائج بعض الدراسات وجود ارتباط ذي دلالة بين أسلوبي " الاستقلال / الاعتماد الادراكي " والاندفاع / التروي " مما جعل " میسر' Misser " يتوصل إلى أن المتروين عادة ما يكونون مستقلين عن المجال الادراكي، في مقابل المندفعين الذي يكونون معتمدين على المجال الادراكي(37).
* - تمر الأساليب المعرفية بمراحل نمائية مماثلة لمراحل النمو المعرفي ، فالأساليب المعرفية التصورية تكون اكثر شمولاً وعمومية في بداية مراحل النمو، كذلك
الصفحة 234
المفاهيم، والمدركات التي يكونها الطفل تكون عامة، ومع تقدم العمر تصبح متمايزة ونوعية فطفل الرابعة ينظر إلى المثير ككل في حين ينظر طفل التاسعة للمثير من ناحية الكلي والجزئي ، وبصورة عامة تسود المدركات العلاقية مرحلة الطفولة وتسود المدركات الاستدلالية والتحليلية مرحلة المراهقة ، ثم يسود المدركات العلاقية مرحلة الشيخوخة مرة أخرى .
تصنيف الأساليب المعرفية
لقد تعددت التصورات التي تناولت تصنيف الأساليب المعرفية نتيجة اختلاف الاتجاهات النظرية في مجال علم النفس المعرفي بصورة عامة ، و في مجال الأساليب المعرفية بصورة خاصة ، مما أدى إلى تعدد الأساليب المعرفية .(38)
ويعتبر " وتكن " "Witkin" من اكثر الباحثين اهتماماً بدراسة الأساليب المعرفية، وخاصة أسلوب" الاعتماد الاستقلال عن المجال الادراكي كما انصب اهتمام " كاجان Kagan " على دراسة أسلوب الاندفاع / التروي " ، وتناول " بيري " Bieri " وزملاؤه أسلوب التعقيد المعرفي في مقابل التبسيط المعرفي " آما " بروفرمان " "Broverman " فقد ميز بين أسلوبين معرفيين يمثلان بعدين في الشخصية وهما : السيادة التصويرية في مقابل السيادة الادراكية - الحركية وأسلوب الآلية القوية في مقابل الآلية الضعيفة ويشير هذا الأسلوب إلى قدرة الفرد النسبية على أداء أعمال أو مهام تكرارية بسيطة ، بالمقارنة لما هو متوقع منه بالرجوع إلى المستوى العام للقدرة ، كما تناول " هارفي " "Harvey " وزملاؤه أسلوب التجريد في مقابل العيانية " ، ويتميز الأفراد العيانيون بأنهم اقل قدرة على أجراء التمايز بين العلاقات والمعلومات والمفاهيم التي تقدم إليهم، كما انهم لا تحملون المواقف الغامضة واكثر تصلباً ، عكس الذين يوصفون بأنهم تجريديون فانهم اكثر مرونة ويتحملون المواقف الغامضة .
الصفحة 235
وفي عام " 1970 " قدم " ميسيك "Mesica تصنيفا شهيراً للأساليب المعرفية يتضمن تسعة أبعاد اشتقت الأربعة الأولى من مفهوم الضوابط المعرفية والأبعاد الأربعة هي(39):
- الفحص أو التدقيق .
- الضبط المتزمت في مقابل الضبط المرن .
- الرتابة في مقابل الشحذ .
- التسامح مع الغموض أو الخبرة غير الواقعة.
بينما كانت الأبعاد الأربعة التالية في تصنيف "ميسك " Messick " مختلفة التنظير وبعيدة عن مفهوم الضوابط المعرفية وهي :
- الاعتماد / الاستقلال عن المجال الادراكي .
- التعقيد المعرفي.
- الاندفاع مقابل التروي المعرفي .
- أساليب تفضيل الصور الذهنية .
وقدم " كوجان , Kogan " عرضاً نظرياً لاربعة أساليب معرفية هي: (40)
- أسلوب الاعتماد مقابل الاستقلال عن المجال الادراكي .
- أسلوب الاندفاع مقابل التروي .
- أسلوب نطاق التصنيف .
- أسلوب تفضيل الصور الذهنية .
و علل " كوجان " اقتصاره على تناول هذه الأساليب الأربعة نظراً لوضوحها، وارتباطها بمرحلة الطفولة وخاصة مرحلة ما قبل المدرسة .
وقدم كل من " جولد شتین و بلاکمان " " 1978 ,Goldstan & Blaackman " مفهوم الضوابط المعرفية متضمناً سبعة أبعاد يعبر كل منها عن أسلوب معرفي قائم بذاته وهي(41)
- التسامح مع الخبرات غير الواقعية . - التمايز الادراكي . - تشكيل المجال.
- الضبط المتزمت مقابل الضبط المرن . - الضبط مقابل الشحذ .
الصفحة 236
- الفحص مقابل التدقيق
- التفاعلية مع المتفاعلات.
وفي عام " 1980 قدم " جيلفورد 1985 Guilford" تصنيفاً للأساليب المعرفية التي ترتبط
بنموذجيه في بنية العقل و أهمها :
- أسلوب البأورة مقابل الفحص . - أسلوب التحليل مقابل الشمول.
- أسلوب التبسيط المعرفي مقابل التعقيد المعرفي . - أسلوب مدى التكافؤ .
- أسلوب السوية مقابل الإبراز . - أسلوب المخاطرة مقابل الإحجام.
بالإضافة إلى ما سبق فإن التراث السيكولوجي يزخر بالعديد من التصنيفات التي تناولت
الأساليب المعرفية نكتفى بالإشارة إلى نوعين من هذه التصنيفات وهما (43):
1- تصنيف " ستيفانو ، 1978 " .
2- تصنيف " واردیل ورويس ، 1978 " .
تصنيف " ستيفانو1978":
صنف "ستيفانو " الأساليب المعرفية على أساس مدى عموميتها وشموليتها إلى قسمين :
القسم الأول : الأساليب المعرفية : وهي التي تتسم بعموميتها وشمولها للعديد من مجالات الشخصية ومن أمثلتها أساليب " الاعتماد الاستقلال الادراكي"، " والاندفاع/ التروي".
القسم الثاني : الضوابط المعرفية : وهي التي تتسم بنوعية وظيفتها ، ومحدودية شمولها، أو عموميتها ، وذلك لارتباطها بمجال من مجالات النشاط الإنساني ، ومنها أساليب " الضبط المقيد / المرن "، " التسامح مع الخبرات غير الواقعية "، " تحمل / عدم "الغموض (44)
تصنیف " وارديل ورويس :
قدم " وارديل ورويس " تصنيفاً للأساليب المعرفية في إطار نظريتهما عن نظام الأسلوب المعرفي ، وعلاقته بالقدرات العقلية ، والسمات الانفعالية ، فافترضا أن ذلك النظام على شكل هرمي ، تحتل قمته ثلاثة أساليب أطلق عليها أساليب عامة وهي :
الصفحة 237
أ - الأساليب المنطقية " العقلانية"
وهي التي تميز الشخص الذي تتحدد وجهة نظره إلى الحقيقة على أساس التزامه بالمنطقية والعقلانية ، ويختبر صحة وصدق رأيه عن الحقيقة في ضوء الاتساق المنطقي للمعلومات ، ويشتمل تفكيره على المعلومات المعرفية الكبرى ، والتحليل المنطقي، وتوليد الأفكار ، ولقد أطلق " سيجل ، وسيجل Siegel & Sigel " على ذلك الشخص بأنه تصوري " مفاهيمي يميل إلى اكتساب الحقيقة على شكل وحدات من المعلومات العنقودية أو المتكاملة، ويفضل تعلم المفاهيم، ويصنفها في إطار مفاهيمي واسع .
والأساليب المنطقية كما تصورها " وارديل ورويس" هي "أسلوب التعقيد المعرفي"، " أسلوب التمايز التصوري " وأسلوب " اتساع / ضيق الفئة الادراكية، والأسلوب " التحليلي " ، والأسلوب التجريدي " ، وأسلوب " تفضيل المجال " ، وأسلوب " الضبط المقيد".
ب - الأساليب الامبيريقية :
وهي التي تميز الشخص الذي تتحدد وجهة نظره إلى الحقيقة على أساس التزامه بالخبرات المكتسبة عن طريق حواسه ويختبر مدى صحة رأيه عن الحقيقة بمدى ثبات ملاحظاته وصدقها ، وتتضمن عملياته المعرفية - الأنشطة الادراكية والبحث عن الخبرات الحسية - ويطلق " سيجل وسيجل " & Segel , Siegel " على ذلك الشخص بأنه واقعي ويميل إلى تعلم المحتوى الواقعي ، ويضيف إلى بنيته المعرفية من الخبرات دون أن يلجأ إلى العلاقات البينية لتلك الخبرات في السياق الكلي لها .
والأساليب المنطقية كما تصورها " وارديل ، ورويس " هي : أسلوب " التسوية / الإبراز " ، "والأسلوب العلاقي " " والأسلوب التجريدي / الحسي " ، " وأسلوب ارتفاع التصنيف إلى فئات مستقلة "، وأسلوب الفحص الشامل ، " وأسلوب الاندفاع / التروي " ، " وأسلوب التسامح مع الخبرات غير الواقعية " .
الصفحة 238
ج - الأساليب المجازية :
وهي التي تميز الشخص الذي تتحدد وجهة نظره من خلال التزامه بالخبرة المجازية، ويختبر مدى صحة وصدق رأيه في إطار من الشمولية لادراكاته أو استشراقاته، والعمليات التي تختص بذلك هي عمليات ذات طبيعة ترميزية تشمل الجوانب الشعورية واللاشعورية .
والأساليب المجازية كما تصورها " وارديل ، ورويس " هي: أسلوب " انخفاض التصنيف إلى فئات مستقلة "، وأسلوب " التكامل التصوري "، وأسلوب " الفراسة الالتزام الحرفي وأسلوب " التوجيه المجازي.
ويضيف " محمد رزق 1995 " (46) إن " وارديل ورويس Wardell & Royce " صنفا الهرم الأسلوبي الأبعاد الأسلوبية " إلى ثلاثة فئات ، على أساس العلاقة الدينامية بين تلك الأساليب وكل من القدرات العقلية والسمات الانفعالية وهذه الفئات - الأساليب المعرفية " هي:
وهي الأساليب التي تتداخل في علاقات دينامية مع القدرات العقلية ، وتعمل على تهيئة وتنشيط ما يلزم من تلك القدرات كدالة لمتطلبات المهمة التي يتناولها الفرد ويتعامل معها ، وتلك التعقيد المعرفي - أسلوب التمييز التصوري - اتساع الفئة - التحليلي / العلاقي - التجريدي / الحسي - التسوية / الإبراز - انخفاض / ارتفاع التصنيف إلى فئات مستقلة – التكامل التصوري الأساليب هي :
- الأساليب الانفعالية:
وهي تلك الأساليب التي تتداخل في علاقات دينامية مع السمات الانفعالية ، وتعمل على تهيئة وتنشيط ما يلزم من تلك السمات كدالة لمتطلبات التفاعلات السلوكية أو المهمة التي يواجهها الفرد ، وتلك الأساليب هي : " الضبط المقيد / المرن - أسلوب الاندفاع / التأمل - أسلوب التسامح مع الخبرات غير الواقعية - الالتزام الحر في القرار (47).
الصفحة 239
- الأساليب المعرفية - الانفعالية:
وهي الأساليب التي تعمل على التكامل الوظيفي بين القدرات العقلية، والسمات الانفعالية باستدعاء وتنشيط ما يلزم من تلك القدرات أو السمات كدالة لمتطلبات المواقف التي يكون الفرد بصدد مواجهتها أو تناولها ، وتلك الأساليب هي أسلوب" تفصيل المجال - أسلوب الفحص الشامل - أسلوب التوجيه المجازي "، انظر الجدول رقم "3" .
ويدعم تصنيف " وارديل ، ورويس " للأساليب المعرفية ما أشار إليه " كوجان " kogan1971 "بأن الأساليب المعرفية يمكن ترتيبها على متصل ، يحتل أحد طرفيه أساليب ترتبط بوضوح بالقدرات العقلية ، في حين يحتل الطرف الآخر أساليب تظهر كتفصيلات شخصية في الأداء وتبدو ظاهرياً بعيدة عن مجال القدرات(48)
جدول (3)تصنیف وارديل ورويس " للأساليب المعرفية"
(انضر الجدول الصفحة 240 بدف اعلاه )
الصفحة 240
و رغم ما يتمتع به تصنيف " وارديل ورويس من منطقية عالية واستناده إلى أسس نظرية رصينة إلا أنه اغفل بعض الأساليب المعرفية مثل أسلوب " المخاطرة الأخذ بالحذر " ، وأسلوب " الآلية / إعادة التركيب " ، وغير ذلك من أساليب مما يتطلب عمل دراسات مستقبلية واسعة المجال في ميدان علم النفس المعرفي تتناول تصنيف وتصور "وارديل" ورويس " بالبحث والاستقصاء وغيره من نماذج التصنيف الأخرى، وتحاول إضافة أساليب أخرى وإيضاح علاقتها بمختلف أنظمة الشخصية .
وفي ضوء ما سبق عرضه من تصنيفات - يحدد المؤلف - اكثر الأساليب المعرفية ، استخداماً وشيوعاً في البحوث والدراسات النفسية والتربوية على النحو التالي :
1 - الاندفاع في مقابل التروي .
2- الاعتماد في مقابل الاستقلال عن المجال الادراكي .
3 - التعقيد المعرفي في مقابل التبسيط المعرفي .
4-المخاطرة في مقابل الحذر.
5 - التسوية في مقابل الإبراز
6 - البأورة " التدقيق " في مقابل الفحص .
7 - الانطلاق في مقابل التقييد " الشمولية في مقابل القصور
8- الضبط المرن في مقابل الضبط المقيد " التزمت "
9 - التمايز التصوري " تكوين المدركات " .
10 - تحمل الغموض أو الخبرات غير الواقعية .
الصفحة 241
وسوف نتناول بالعرض والتفصيل الأسلوب المعرفي الأول أما باقي الأساليب فسوف نعرض لهـا بايجاز بقية الأساليب المعرفية الأخرى .
أسلوب الاندفاع - " التروي - التأمل - التريث ":
يتعلق هذا الأسلوب المعرفي بالفروق الموجودة بين الأفراد في سرعة استجاباتهم للمواقف ، فالاندفاع / التروي - التأمل " يدل على ميل الفرد لكف الاستجابة المبدئية والتركيز على المعرفة عنـد خـل المشكلة بدلاً من الميل للاستجابة المتسرعة ، ويطلق عليه أحيانا الإيقاع " الزمن " المعرفي "وينزع المندفعون إلى الاستجابة بسرعة والوقوع في أخطاء اكثر ، في حين يتوجه المتروون إلى قضاء وقت أطول عند الاستجابة والوقوع في أخطاء اقل(49).
وقد بدأ التنظير لهذا الأسلوب على يد " جيروم كاجان وزملاؤه " " 1963 . Kagan & et al " في دراسات تتبعية بناء على افتراضات مشتقة من مفهومي التمايز والتكامل في ضوء البعدين " تحليلي " في مقابل " كلي أو شمولي " وبدأ الكشف عن هذا الأسلوب - على وجه التحديد – مـن ملاحظـات عـلى الأطفال الذين كان يتعامل معهم كل من " كاجان، ونوس ، وسيجيل " 1963 Kagan, Noss, Sigel " في دراسة كانت تهدف إلى الكشف عن الأسس المرجعية لتصنيف هؤلاء الأطفال للمدركات في إطار دراسة أسلوب تفضيل الصور الذهنية ، وكان أهم هذه الملاحظات هي ميل الأطفال في أثناء الأداء على الاختبارات الادراكية إلى تأصيل استجاباتهم أو تأخيرها تلك التي تعبر عن أحكامهم بخصوص هذه المثيرات الادراكية ، بالإضافة إلى أن هذا النوع من المفحوصين ينتمون إلى ذوي الاتجاه التحليلي ، فالأفراد الذين يميلون إلى الاتجاه التحليلي يتميزون بأداء يتصف بالتروي " أي يكون زمن الكمون أعلى "، ويتصفون بإنتاج عدد كبير من التصورات التحليلية الدقيقة أو الصحيحة " أي يكون عدد الأخطاء اقل " ، أما الأفراد ذوو الاتجاه الكلي الشمولي فانهم يتصفون بالاندفاع في أداء مهامهم " أي أن زمن الكمون منخفض " ، ويرتكبون عدداً مـن الأخطاء ، بهذا اصبح بعد كمون الاستجابة والدقة هما المحددين لأسلوب الاندفاع " التروي "(50).
الصفحة 242
ويشير " أبو حطب 1996 (52)إلى أسلوب الاندفاع - التروي - باعتباره متغيراً يمكن عن طريقة التمييز بين أولئك الذين يتأملون مدى المعقولية في الحلول العديدة المقترحة في سبيل حــل فعلي ،وأولئك الذين يستجيبون بفورية أول حل يطرأ على الذهن، أما " تيدمان 1989 ,Tiedmann " (53)فيضيف إلى المندفعين خاصية عدم التكيف، ويعتبر " تيدمان " أن مستوى التكيف في حالة الأسلوب المعرفي محدد من المحددات المهمة في التفاصيل بين مدى ملائمة أي من الاندفاع أو التروي ، بالنسبة للمشكلة المعروضة على الإنسان ، ويؤكد علي ذلك " الفرماوي " حيث يرى أن مستوى التكيف يرتبط بخاصية الأسلوب المعرفي على وجه العموم ككونه ثنائي القطب وان لكل قطب أهميته ، أو قيمته ، وفقاً للموقف أو المشكلة المعروضة .
مما سبق يتضح أن بعد الاندفاع التروي - التأمل " كأسلوب معرفي يبرز إلى الدرجة التي يندفع أو يتأمل بها الفرد في الحكم على استجابة ما ويتمثل زمن اتخاذ القرار تحت ظروف عدم التحكم من حصة الاستجابة ، وهي الطريقة الإجرائية لتحديد درجة الأفراد في هذا البعد. وبذلك فإن أسلوب الاندفاع "التروي " يعني : طريقة الفرد المميزة في تناول المعلومات سواء في تجهيزها ، أم معالجتها أم الإدلاء بها ، و التعامل المميز مع المواقف الادراكية بصفة عامة ويرى " الفرماوي1994 (54) أن الأساس النظري بهذا الأسلوب يرتبط بحل المشكلة ، حيث يشير إلى مدى التأمل للوصول إلى حل صحيح للمشكلة التي تصادف الأفراد ، حيث يقضى الأفراد المتروون وقتاً أطول في الاستجابة ويرتكبون أخطاء اقل من الأفراد المندفعين ؛ وذلك حينما يواجه الفرد بمشكلات تتضمن عدداً من البدائل .
قياس أسلوب الاندفاع / التروي :
من الاختبارات التي استخدمها " كاجان ، وزملاؤه " لقياس أسلوب الاندفاع "التروي المعرفي " اختبار استحضار الشكل المعياري ولكنه أعاق الباحثين في الكشف بوضوح عن بعـدي أسلوب " الاندفاع/ التروي " ، ومن ثم تطور هذا الاختبار إلى ما سمي
الصفحة 243
باختيار " تزاوج الأشكال المألوفة " الذي يتكون من أشكال مألوفة تتناسب مع عمر المفحوص ، وانبثقت من هذا الاختبار عدة صور بحسب | الأعمال الزمنية المختلفة ، وقد قام "الفرماوي 1994 "(55) بإعداد ثلاث صور لهذا الاختبار وتقنينها على البيئة المصرية كما يلي :
الأولى : تتناسب مع الأفراد الراشدين وسميت " ت . أ.م.2" ؛ وذلك لأنها تتكون من عشرين مفردة .
الثانية : تتناسب مع أطفال المرحلة الابتدائية وسميت "ت. أ.م12 ؛ وذلك لأنها تتكون من اثني عشرة مفردة .
الثالثة : تتناسب مع أطفال ما قبل المرحلة الابتدائية وسميت " ت أم10 " ؛ وذلك لأنها تتكون من عشر ، مع اختلاف عدد البدائل في مفردات الإختبارات الثلاث .
ويتطلب الأداء على هذه الاختبارات أن يماثل المفحوص بين شكل معياري ، وعدة بدائل لنفس الشكل المألوف ، مع وجود شكل واحد فيما بينها مطابق تماماً للشكل المعياري ، وتختلف بقية البدائل في عناصر دقيقة ، ويستخدم الفاحص عادة ساعة إيقاف لتحديد الزمن المستغرق في الاستجابة الأولى على كل مفردة ، أي زمن الاختيار الأول للمفحوص في مفردة ، ويتمثل الخطأ في اختبار المفحوص لشكل غير متطابق مع الشكل المعياري ، وبناء على مجموع زمن الكمون لكل المفردات ومجموع عدد الأخطاء على كل المفردات يتم تصنيف أفراد العينة كما يلي : (56)
أ - أفراد مندفعين " وهم الذين يقضون زمن کمون اقل من متوسط زمن الكمون لدى أفراد العينة ، ويرتكبون عدداً من الأخطاء أكثر من متوسط عدد الأخطاء لدى أفراد العينة .
ب – أفراد متروين " " وهم الذين يقضون زمن كمون أعلى من متوسط زمـن الكمون لـدى أفراد العينة ، ويرتكبون عدداً اقل من متوسط عدد الأخطاء لدى أفراد العينة .
الصفحة 244
ج – أفراد مندفعين " متسرعين مع الدقة وهي مجموعة ذات زمن كمون أعلـى مـن متوسط الكمون لدى أفراد العينة ، وذات عدد من الأخطاء تقل عن متوسط أفراد العينة .
د - أفراد متروين " مبطئين مع عدم الدقة : وهي مجموعة تتصف بزمن كمون أعلى من متوسط الكمون لدى أفراد العينة ، ويعدد من الأخطاء اكثر من متوسط أفراد العينة ،
والشكل رقم "32 " يوضح المجموعات الأربع .
(انضر الشكل الموجود في الصفحة 246 بدف اعلاه)
شكل رقم (33) المجموعات الأربع لابعاد أسلوب الاندفاع / التروي
2-الاعتماد في مقابل الاستقلال عن المجال الادراكي :
ويهتم هذا الأسلوب بالطريقة التي يدرك بها الفرد الموقف ، أو الموضوع ، وما به من تفاصيل ، أي أنه يتناول قدرة الفرد على إدراكه لجزء من المجال ، كشيء مستقل، أو منفصل عن المجال المحيط ككل ، وقدرته على الإدراك التحليلي فالفرد " الذي يتميز باعتماده على المجال في الإدراك ، يخضع إدراكه للتنظيم الشامل الذي يمتاز بالاستقلال عن المجال الادراكي ، أما الفرد المستقل فينظر إلى أجزاء المجال في صورة منفصلة عن الأرضية المنظمة
الصفحة 245
3 التعقيد المعرفي في مقابل التبسيط المعرفي:
و يرتبط هذا الأسلوب بالفروق بين الأفراد في ميلهم لتفسير ما يحيط بهم من مدركات وخاصة المدركات ذات الخواص الاجتماعية ، فالفرد الذي يتميز بالتبسيط المعرفي يتعامل مع المحسوسات بدرجة افضل ، مما يكون مع المجردات ، كما أنه يكون اقل قدرة ، على إدراك ما حوله مـن مـدركات ، بصورة تحليلية ، بل يغلب عليه الإدراك الشمولي لهذه المدركات، في حين يتميز الفرد الذي يميل إلى التعقيد المعرفي، بأنه يكون اكثر قدرة على التعامل مع الأبعاد المتعددة للمواقف بصورة تحليلية ، كما يستطيع بشكل افضل أن يتعامل مع ما يدركه في شكل تكاملي(58).
4 - المخاطرة في مقابل الحذر :
و يتناول هذا الأسلوب مدى مخاطرة الفرد أو حذره في اتخاذ القرارات ، وتقبل المواقف غير التقليدية ، وغير المألوفة ؛ مما يجعل هذا الأسلوب من الأساليب التي ترتبط بدرجة كبيرة بعامل الثقة بالنفس ، ويتميز الأفراد الذين يميلون إلى المخاطرة بأنهم مغامرون ، يقبلون مواجهة المواقف الجديدة ذات النتائج المتميزة غير المتوقعة ، عكس الأفراد الذين يميلون إلى الحذر ، انهم لا يقبلون بسهولة التعرض لمواقف تحتاج لروح المغامرة حتى لو كانت نتائجها مؤكدة .(59)
5 - التسوية في مقابل الإبراز :
ويتناول هذا الأسلوب الفروق بين الأفراد في كيفية استيعاب المثيرات المتتابعة في الذاكرة ، ومدى إدراك الفرد لتمايز مثيرات المجال المعرفي ، ودمجها مع ما يوجد في الذاكرة ، من معلومات ، أو الإبقاء عليها منفصلة ، فالأفراد الذين يميلون إلى التسوية عادة ما يصعب عليهم استدعاء ما هو مختزن بالذاكرة بصورة دقيقة ، حيث يصعب عليهم تحديد الاختلافات الموجودة بين المعلومات المختزنة بدقة ، في حين يتميز الأفراد الذين يميلون إلى الإبراز " الشحذ " بأنهم يكونون اقل عرضه للتشتت ، ويسهل عليهم إبراز الفروق الموجودة بين المعلومات المختزنة بالذاكرة، وبالتالي فإنه يعتمد على الإفراط في التمييز ، ويقاس هذا الأسلوب بعدة اختبارات اشهرها اختبار " هولزمان وکلاین"(60)
الصفحة246
6 - البأورة في مقابل الفحص :
ويتناول هذا الأسلوب الفروق بين الأفراد في سعة الانتباه وتركيزه ، حيث يتميز بعض الافراد بالتركيز على عدد محدود من عناصر المجال ، في حين يتميز البعض الآخر بالفحص الواسع لعدد اكبر من عناصر المجال ، بحيث يشتمل انتباههم على قدر اقل من المثيرات المحيطة بهم أو التي يتعرضون لها .
7 - الانطلاق في مقابل التقييد :
ويرتبط هذا الأسلوب بالفروق بين الأفراد في الميل إلى تصنيف المثيرات ومواقف الحياة التي يتعرضون لها ، فبعض الأفراد يصنفون المثيرات والمواقف بطريقة اكثر شمولية ، كما انهم يكونون اكثر قدرة على التعامل مع المثيرات المتعددة، في حين يميل البعض الآخر إلى تصنيف هذه المثيرات بصورة تتميز بالضيق ، وقصر النظر، كما أنهم لا يتحملون المواقف غير الواضحة التي تتميز بتعدد المثيرات(61)
8 - الضبط المرن في مقابل الضبط المقيد :
ويرتبط هذا الأسلوب بالفروق بين الأفراد في مدى تأثرهم بمشتتات الانتباه، وبالتدخلات، والتناقضات المعرفية في المواقف التي يتعرضون لها ، فبعض الأفراد يكون لديهم القدرة على الانتباه إلى الخصائص المرتبطة بالموقف بشكل مباشر ؛ مما يمكنهم من استبعاد المشتتات الموجودة ، وإبطال تأثيرها على الاستجابة في حين لا يستطيع البعض الآخر إدراك هذه المشتتات بدرجة كبيرة ؛ مما يجعل استجاباتهم تتأثر بالتداخل والتناقض الموجود بين المثيرات(62)
9-التمايز التصوري :
ويرتبط هذا الأسلوب بالفروق بين الأفراد في تصنيف أبعاد التشابه والإختلاف المدركة للمثيرات التي يتعرضون لها ، كما يرتبط هذا الأسلوب بالطريقة التي يتبعها الفرد في تكوينه للمفاهيم ، حيث يعتمد بعض الأفراد في تكوين المفاهيم ، أو المدركات على العلاقة الوظيفية بين المثيرات ، في حين يعتمد البعض الآخر في تكوين المدركات والمفاهيم ، على تحليل الخصائص الوظيفية الظاهرية للمثيرات والتعامل
الصفحة 247
معها ، وهناك مجموعة ثالثة من الأفراد، يعتمدون في تكوين المدركات والمفاهيم ، على قدرتهم في استنباط مستويات العلاقات بين المثيرات التي يتعرضون لها .
10 - تحمل الغموض أو الخبرات غير الواقعية :
ويرتبط هذا الأسلوب بمستوى قدرة الأفراد على تقبل ما يحيط بهم من متناقضات ، وما يتعرضون له من موضوعات ، أو أفكار ، أو أحداث غامضة غير واقعية وغير مألوفة ، حيث يستطيع بعض الأفراد تقبل ما هو غير مألوف وشائع ، كما انهم يستطيعون التعامل مع الأفكار غير الواقعية أو الغريبة عنهم ، في حين لا يستطيع البعض الآخر تقبل ما هو جديد أو غريب ويفضلون في تعاملهم ما هو مألوف وواقعي .
تعديل الأساليب المعرفية:
تمتاز الأساليب المعرفية بالاستقرار والثبات النسبي ، كما أن قابليتها للتغير أو التعديل بطيئة ، ورغم ذلك فمن الممكن تعديلها ، أو تغييرها؛ وذلك لأنها أبعاد مكتسبة "متعلمة " من خلال تفاعل الفرد مع بيئته الخارجية ، وقد أشارت بعض الدراسات (63) إلى إمكانية تعديل الأساليب المعرفية ، وتحويل الفرد من قطب إلى آخر ، فتمكنت دراسة "كوتيوجنو " " " 1985 Cotugno " من تعديل الأفراد على قطبي الأسلوب المعرفي "التسوية / الإبراز " وذلك باستخدام برامج تعليمية خاصة . وقد تركزت محاولات تعديل الأساليب المعرفية حول أسلوب الاندفاع " التروي"؛ ربما لأن هذا الأسلوب محدد إجرائيا على نحو اكثر تمييزاً ؛ وذلك بالنسبة للفصل بين بعديه ، وكذلك بالنسبة للأداة المستخدمة في قياسه وهو اختبار تزاوج الأشكال المألوفة " MFFT " ومن هذه الدراسات ما يلي :
- دراسة Celement & Gullo " التي حاولت تعديل المندفعين إلى متأملين من خلال العمل على الكمبيوتر في لغة " Logo " حيث يفكون في أخطائهم ويحاولون علاجها .
الصفحة248
- دراسة ,1974 Egeland " التي ركزت على تدريب المندفع على استراتيجية فحص، أو تدقيق اكثر فاعلية .
- دراسة "1971 Heider" التي ركزت على تدريب المندفع أن يؤجل أو يكف استجابته الأولى . - دراسة " حمدي الفرماوي " " 1988 " التي أشارت إلى إمكانية تعديل المندفعين إلى متأملين مـن خـلال النمذجة السلوكية .
أهمية الأساليب المعرفية في العملية التعليمية :(64)
تؤثر الأساليب المعرفية تأثيراً ملموساً على كافة الأنشطة ، والممارسات التعليمية؛ وذلك باعتبارها متغيرات ضابطة للوظائف المعرفية ،فيؤكد "وتكن"1988 Witken " على أهمية دراسة الأساليب المعرفية ، ودورها في العملية التعليمية، حيث تشير إلى أن الكشف عن الأسلوب المعرفي للطالب لا يقل أهمية عن معرفة نسبة ذكائه ؛ مما يسهم في التعرف على طريقة تعلمه ، ومعالجته للمعلومات ، كما تساعد الأساليب المعرفية في تحديد مدى نجاح الطالب في التفاعل داخل مجموعة كبيرة ، أم مجموعة صغيرة عند تعليمه ، ويمكن للأساليب المعرفية أن تسهم في اختصار الوقت المطلوب لتعليم الطلاب ، وزيادة أدائهم الأكاديمي، حيث أنها تشارك في تحديد استراتيجيات التعليم التي يستطيعون استخدامها في تعليمهم .
وتشير بعض الدراسات إلى أن الفروق الفردية في التحصيل الأكاديمي ، أو اختيار موضوعات الدراسة ، والأداء المعرفي العام، يمكن ردها إلى الأساليب المعرفية .
و يظهر تأثير الأساليب المعرفية بوضوح في العملية التعليمية ، من خلال مدى الاتفاق في الأسلوب المعرفي بين المعلم وطلابه ، فالتوافق بين الأساليب المعرفية للمعلم والطلاب يعمل على تيسير تعلم الطلاب ، ، من خلال تأثيرها على التفاعل السلوكي " المعلم - الطالب " داخل الفصل الدراسي وخارجه ، فالمعلم يؤدي على أساس أسلوبه المعرفي ، والطلاب يتفاعلون مع هذا الأداء على أساس أسلوبهم المعرفي هذا ، إذا كان الطلاب متفقين في أسلوبهم المعرفي؛ على ذلك فحسن التوافق بين المعلم والطالب في الأسلوب المعرفي يمكن أن يصل بالطلاب إلى أقصى درجة من التعلم ، وقد يؤثر
الصفحة 249
على نجاح العملية التعليمية حيث أنه يؤدي إلى التفاعل الأكاديمي الجيد بين المعلم وطلابه ،آما انخفاض درجة التوافق في أسلوب المعرفي بين المعلم وطلابه فانه يؤدي إلى سوء إدراك المعلم لمستوى طلابه حيث قد يرى مستوى قدرات طلابه ، اقل من المستوى الذي هم عليه بالفعل ، ويؤدي هذا بدوره إلى تكوين اتجاهات سالبة للطلاب ، نحو الدرس ونحو المعلم، ونحو التفاعل داخل الفصل المدرسي .
وأكد " ويتكن " " 1990 Witken " على أنه من الضروري مراعاة التوافق بين الأسلوب المعرفي للمعلم ، وطريقة تدريسه ، وبين الأسلوب المعرفي للطلاب ، حيث أن الأسلوب المعرفي للمعلم يؤثر في تصميمه التعليمي ، وتقديم الخبرات التعليمية لطلابه، وتفاعله معهم .
هذا بالإضافة إلى إمكانية استخدام الأساليب المعرفية في الكشف عن ذوي صعوبات التعلم ، كذلك دورها البارز في تحديد التخصص الدراسي " دراسة المواد الأدبية أو العلمية " ، أو تحديد الطالب واختياره لمجاله المهني في نهاية دراسته .
كما يرى " ميسك "1984 " Messica " أم الأساليب المعرفية يمكن أن تسهم فيما يلي :
- تحسين المعالجات التدريسية واختيار نموذج التصميم التعليمي المناسب .
- تحسين مستوى تعليم الطلاب ، والارتقاء باستراتيجيات تفكيرهم .
وتعتبر صعوبة قياس الأساليب المعرفية بطريقة جمعية ، والتوافق بيم الخصائص الأسلوبية للطلاب والمعلمين ، وإمكانيات البيئة التعليمية؛ من أهم المعوقات التي يصعب معها الاستفادة الكاملة من الأساليب المعرفية في العملية التعليمية ؛ وعلى الرغم من ذلك فإن الأمل يبقى على تكنولوجيا التعليم في تذليل تلك المعوقات ، حيث تشكل استراتيجيات التعليم المفرد المشتقة من مجال تكنولوجيا التعليم التي تعتمد على استخدام الكمبيوتر في التعليم على مجموعة من المبادئ التي قد تتناسب مع الأنواع والمستويات المختلفة للطلاب.
الصفحة 250
مراجع الفصل الثامن
( انضر الصفحات من 151 إلى 157 في بدف اعلاه)
الصفحات من 251 إلى 257
الفصل التاسع: الاتجاهات
مقدمة:
تؤدي الاتجاهات دوراً مهماً في حياة الأفراد ؛ إذ أنها تؤثر تأثيراً مباشراً في سلوكهم ، ومـن ثـم نلمس آثارها في الكثير من تصرفاتهم ، حيث يمكن النظر إلى الاتجاهات على أساس أنها نـوع مـن الدوافع الاجتماعية المتعلمة المكتسبة ، والمهيئة للسلوك ؛ ولذلك تنشأ من خلال الخبرات ، والتجارب التي يمر بها الفرد خلال حياته ، كما أنها تتعدد ، وتختلف باختلاف المثيرات التي ترتبط بها (1).
ويرى المختصون بالتربة العلمية والعملية التعليمية بصفة عامة أن تكوين الاتجاهات ، وتنميتها لدى الطلاب هو أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى لتحقيقها ؛ وقد يرجع ذلك إلى دور الاتجاهات كموجهات للسلوك ، يمكن الاعتماد عليها في التنبؤ بنوع السلوك "العلمي" الذي يقوم به الفرد "الطالب" ، وكذلك باعتبارها دوافع، توجه الطالب المتعلم لاستخدام طرق العلم وعملياته ، ومهاراته بمنهجية علمية في البحث، والتفكير ، وبالتالي ضرورتها في تكوين العقلية العلمية ، إذ لا يستقيم التفكير العلمي بدونها مفهوم الاتجاه((2
مفهوم الاتجاه :
يُعد مفهوم الاتجاه من المفاهيم التي اختلف علماء النفس والتربية على تعريفه ، وليس أدل على ذلك من قائمة التعريفات التي ترد في البحوث التربوية، والنفسية ، ويرجع هذا الاختلاف على اختلاف السمة التي يركز عليها كل تعريف فيشير ( سيد الطواب 1990 )(3) إلى تعريف ( بروفولد 1966)(4) للاتجاه بأنه "رد فعل وجداني إيجابي أو سلبي نحو موضوع مادي أو مجرد أو نحو قضية جدلية".
ويشير روكيتش في كتابه "Beliefs attitude and Values " في ( توماسThomas 1990۰ )إلى أن الاتجاه هو : تنظيم من الاعتقادات حول موضوع ، أو موقف معين ، وهو باقي نسبياً، ويجعل الفرد قابلاً لأن يستجيب بطريقة معينة.
الصفحة 261
ويشير شاو ورايت Shaw right 1968 إلى أن الاتجاه عبارة عن " نسق من الإنفعالات العاطفية والاستجابة التي تعكس مفاهيم ومعتقدات الفرد(5) .
ویری هولندر Hollander 1971 أن الاتجاه اعتقادات وجدانية حول موضوع ، أو مجموعة موضوعات داخل البيئة الاجتماعية ، وتمتاز بأنها متعلمة وتنزع للثبات والاستقرار ، على الرغم من خضوعها للتأثر بالخبرة(6).
. أما محمد آدم 1981 فيقدم إجرائيا للاتجاه على أنه " مجموعة من الاستجابات المنسقة فيما بينها ؛ سواء في اتجاه القبول أو في اتجاه الرفض ، إزاء موضوع نفسي اجتماعي جدلى معين(7). ويقدم بريليامن Perlman, 1983، تعريفاً أكثر اتساعاً للاتجاه فيعرفه بأنه "استجابة الفرد نحو أو ضد موضوع أو شخص أو فكرة الخ... (8)
وتعرف أنستازى Anastasi (1988) الاتجاه بأنه "ميل" للاستجابة بشكل إيجابي أو سلبي نحو مجموعة خاصة من المثيرات.(9)
ويؤكد ممدوح الكناني(1988) ما أشار إليه "جيلفورد Guilford " بأن الاتجاه " حالة استعداد لدى الفرد تدفعه إلى تأييد أو عدم تأييد موضوع أو عمل اجتماعي ما".(10)
وبناء على ما سبق : يمكن تعريف الاتجاه في هذا الكتاب بأنه نزعة وجدانية يبديها الفرد نحو قضية أو ظاهرة أو مادة دراسية معينة بالقبول أو الرفض نتيجة مروره بعدد من الخبرات والمواقف ". ويلاحظ من خلال العرض السابق لتعريفات مفهوم الاتجاه أنه عادة ما يتضمن السمات الآتية:
- وجود موضوع يركز عليه الاتجاه
- يحمل الاتجاه حكماً أو قيمة
- الاتجاهات باقية نسبياً .
- قابلية الفعل أو السلوك
الصفحة 262
الاتجاه وعلاقته ببعض المفاهيم الأخرى :
أ – الاتجاه والقيمة:
. يختلف مفهوم الاتجاه عن مفهوم القيمة التي هي أكثر اتساعاً وأكثر تجريداً ، فالقيم ينقصها شيء محدد تنصب عليه ، وهذا هو جوهر الاتجاه، أي ارتباطه بموضوع محدد ، فالخير ، والجمال ، والخدمة الاجتماعية كلها قيم للفرد تعمل كمستويات مجردة لاتخاذ القرارات والتي عن طريقها ينمي الفرد اتجاهاته ، فاتجاه الفرد نحو مبنى ضخم جميل ، قد يتأثر بالدرجة التي توجد بها قيمة الجمال عنـد هذا الفرد.(11)
ب الاتجاه والميل : (12)
والميل كثيراً ما يحدث خلط بين مفهومي الاتجاه والميل ؛ وذلك نتيجة الصلة القوية بينهما ، فالاتجاه والميل يرتبطان ارتباطاً وثيقاً ، ولكن الاتجاه يعتبر مفهوم أكثر اتساعاً في معناه ، وينطوي تحته الميل ، بـل كثيراً ما يُعرف علماء النفس الاجتماعي الميل على أنه اتجاه موجب، فالميول : هي اتجاهات نفسية تجعل الشخص يبحث عن أوجه نشاط أكثر في ميدان معين ، فهي اتجاهات إيجابية نحو مجالات مختارة من البيئة ، وتجمع الأدبيات التربوية والنفسية علي أن الميول عبارة عن اهتمامات وتنظيمات وجدانية تجعل الفرد "الطالب" يعطي انتباهاً واهتماماً لموضوع ما ، ويشترك في أنشطة إدراكية "عقلية" أو عملية" ترتبط به ، ويشعر بقدر من الارتياح في ممارسته لهذه الأنشطة ويرى آخرون أن الاتجاه ينطوي على مكون (معرفي- وجداني- نزوعي) أما الميل فيضم مكونين هي (وجداني- نزوعي) فقـط.
جـ - الاتجاه والسلوك:
لقد حاول المهتمون بدراسة الاتجاهات الكشف عن طبيعة العلاقة بين الاتجاه والسلوك (1) محاولين الإجابة عن الأسئلة الآتية : هل هناك علاقة بين الاتجاه والسلوك ؟ وعندما يوجد عند الفرد اتجاه معين هل يمكن أن نتنبأ بسلوكه في موقف معين ؟ وهل يعتبر سلوك الفرد مؤشراً على وجود اتجاه معين عنده؟
الصفحة 263
إن الافتراض الشائع في هذا المجال ، هو أن الاتجاه نحو الموضوعات يحدد السلوك الظاهر للفرد فيما يتعلق بهذه الموضوعات ، ولعل هذا الافتراض هو الذي أجبر بعض الباحثين على تضمين العامل السلوكي " قابلية السلوك" في تعريفاتهم للاتجاه .
ومن المعروف أن الاتجاهات تؤثر في السلوك المصاحب لها ، أو السلوك المستقبلي نحو موضوع الاتجاه ، فإذا عرفنا مثلاً كيف يشعر الفرد نحو شخص ما ، فإننا من الممكن التنبؤ بسلوك هذا الفرد ، عندما يظهر أمامه هذا الشخص ، أو يظهر حتى مجرد اسم هذا الشخص فالتنبؤات التي تقوم على مثل هذه المعلومات غالباً ما تكون صحيحة ، كما أنه في حالات كثيرة يمكن تحديد سلوك الفرد من خلال اتجاهه وليس العكس ، وأيضاً أن اتجاه الفرد وسلوكه يؤثر كل منهما في الآخر .
ومن جهة أخرى فإن الاتجاهات تشير إلى نزعات تؤهل الفرد للاستجابة بأنماط سلوكية محددة ، نحو أشخاص ، أو أفكار ، أو حوادث ، أو أشياء معينة ، وتؤلف نظاماً معقداً ، تتفاعل فيه مجموعة كبيرة من المتغيرات ، وأن أية محاولة لتحليل طبيعة الاتجاهات أو ديناميكيتها ستنطوي على تبسيط محل بهذه الطبيعة.
ولعل أفضل أسلوب للوقوف على طبيعة الاتجاهات ، دون إخلال فيها ، هو أن ننظر إليها من خلال مكوناتها وخصائصها ووظائفها كما يلي(14):
أ–مكونات الاتجاهـات:
على الرغم من أن مفهوم الاتجاه مفهوم واسع ، إلا أن أصحاب نظريات الاتجاه قد قاموا بتحليل هذا المفهوم، كما أن بعض المفاهيم الفلسفية عن الطبيعة الإنسانية كان لها أثرها في تحليل هذا المفهوم ، فمن المعروف أن للإنسان ثلاثة جوانب ، الأول جانب المعرفة ، والثاني هو الشعور، والثالث هو الفعل ، وهذه الجوانب الثلاثة للإنسان انعكست تماماً في المكونات الثلاثة للاتجاه التي يمكن عرضها على النحو التالي(15) :
الصفحة 264
1 – المكون المعرفي :
ويدل هذا المكون على الجوانب المعرفية التي تنطوي على وجهة نظر الفرد ذات العلاقة بمواقفه من موضوع الاتجاه، ويتضمن هذا المكون : المعلومات، والحقائق الموضوعية المتوفرة لدى الفرد عن هذا الموضوع ، وفي هذا المكون يدرك الفرد مثيرات البيئة ، ويتصل بها ؛ ليتعرف عليها ، ويتكون لديه مجموعة من الخبرات ، والمعلومات التي تُشكل الإطار المعرفي لهذه المثيرات ، ويتكون الاتجاه لدى الفرد إذا استطاع أن يحصل على قدر من المعرفة والمعلومات عن موضوع الاتجاه "المدركات - المعتقدات – التوقعات" فالفرد لا يستطيع أن يتخذ موقفاً معيناً سواء بالإيجاب أو بالسلب تجاه موضوع لا يعلم عنه شيئاً .
2–المكون الوجداني:
ويشير هذا المكون إلى أسلوب شعوري عام يؤثر في استجابة قبول موضوع الاتجاه ، أو رفضه ، فبعد أن يلم الفرد بمجموعة المعلومات والمعارف عن موضوع الاتجاه ، تظهر لديه بعض الأحاسيس ، والمشاعر ، التي تتجلى في مدى تأييد ، أو عدم تأييد الفرد لموقف معين ، وتتوقف هذه المشاعر مـن حيـث حدتها على درجة المعلومات وكميتها التي يكونها الفرد ، ويعتبر هذا المكون أهم المكونات الثلاثة المكونة للاتجاه.
3–المكون السلوكي (الإرادي – النزوعي):
ويشير هذا المكون إلى نزعة الفرد للسلوك وفق أنماط محددة ، في أوضاع معينة، كما يشير إلى مدى التفاعل بين المكون المعرفي والمكون الوجداني، بحيث يصبح أكثر ميلاً إلى أن يسلك سلوكاً محدداً تجاه موضوع الاتجاه بحيث يُعبر سلوك الفرد وتصرفه عن مجموعة المعتقدات والمشاعر التي تكونت لديه ، حيث يأتي سلوك الفرد ، ونزوعه تعبيراً عن رصيد معرفته بشيء مـا ، وعاطفته المصاحبة لهذه المعرفة ؛ ولذلك فإن الاتجاهات تعمل كموجهات لسلوك الفرد حيث تدفع الفرد إلى العمل وفق الاتجاه الذي يتبناه ، فالطالب الذي يملك اتجاهات تقبلية نحو مادة العلوم مثلاً ، فإن مثلا:
الصفحة 265
يسعى للمشاركة في النشاطات العلمية ، ونوادي العلوم بالمدرسة ، ويثابر على أدائها بشكل جدي وفعال.(16)
إن مكونات الاتجاه تتباين من حيث قوتها واستقلاليتها ، فقد يملك فرد معين معلومات وفيرة عن موضوع ، ما "مكون معرفي ، غير أنه لا يشعر حياله برغبة قوية مكون" عاطفي" تؤدي به إلى اتخاذ أي فعل حياله مكون سلوكي" وعلى العكس فقد لا يملك الأفراد أي معلومات عن هذا الموضوع ، ومع ذلك يتفانى في العمل من أجله، إذا كان يملك شعوراً تقبلياً قوياً نحوه (17). والشكل رقم 34 يوضح مكونات الاتجاه السابقة.(انظر الشكل الموجود في بدف الصفحة 266 اعلاه)(18)
الصفحة 266
ب- خصائص الاتجاهات :
تتصف الاتجاهات ببعض الخصائص التي يميزها عن بعض العوامل غير المعرفية الأخرى ، وأهـم هذه الخصائص هي:(19)
–1تعتبر الاتجاهات تكوينات افتراضية : ليس لها وجود مادي ملحوظ ، ويُستدل على وجودها من السلوك الظاهري للفرد، ويعبر عنه عادة في صورة لفظية ، إما من خلال استجابات الفرد للعبارات التي تقيس الاتجاه ، أو رد فعل لموقف إسقاطي معينأ و تكملة كلمات أو جمل.
2– الاتجاهات متعلمة: أي أنها ليست غريزية ، أو فطرية موروثة ؛ بل أنهـا متعلمة - حصيلة – مكتسبة كمن الخبرات ، والآراء ، والمعتقدات يكتسبها الفرد "الطالب" من خلال مع بيئته المادية والاجتماعية "البيت - المدرسة – المجتمع " ؛ ولذلك توصف بأنها نتاج التعلم ، ومن هنا يبرز دور المعلم ، ونوع المعالجة التدريسية في عملية تنميتها وتكوينها لدى الطالب .
3–الاتجاهات اجتماعية : توصف الاتجاهات بأنها ذات أهمية شخصية – اجتماعية ، تؤثر في علاقة الطالب بزملائه والعكس
4 – اتجاهات محددة بموضوعها على نحو مباشر :
يركز الاتجاه على العلاقة بين فرد وموضوع ما، وقد يكون هذا الموضوع شخصاً أو فكرة أو حادثاً ، ويحدد الفرد بطريقة مباشرة ، بحيث يسلك بطريقة معينة نحو موضوع معين وفي وضع معين ، وهذا يعني أن الاتجاهات أقل تجريداً ، أو عموميـة مـن المثل والقيم.
5– الاتجاهات تتضمن التهيؤ ، أو التأهب للاستجابة : للأشياء أو الموضوعات المحيطة بالفرد.(20)
6- الاتجاهات تركيب عقلي نفسي أحدثته الخبرة الحادة المتكررة :فاستجابات الفرد تتحكم فيها إلى حـد كبير شحنات وقوى الدافعية بدرجاتها المختلفة.
7- الاتجاهات استعدادات للاستجابة عاطفي: فأهم ما يميز الاتجاهات عن المفاهيم النفسية الأخرى كالدافع والقيم ... هو
الصفحة 267
مكونها التقييمي الذي يتمثل في الموقف الميل" والنزعة" لأن يكون الفرد "الطالب" مع أو ضد حدث ، أو شيء ، أو موقف ما ، ومن هنا أعتبر المكون الوجداني هو المكون الرئيسي للاتجاه.
8–الاتجاهات ثابتة نسبياً ، وقابلة للتغيير :
تسعى الاتجاهات بوجه عام إلى المحافظة على ذاتها ؛ لأنهـا متى تكونت ، وبخاصة تلك الاتجاهات المتعلمة في مراحل تعليمية مبكرة ؛ فإنه يصعب تغييرها نسبياً ؛ لأنها مرتبطة بالإطار العام لشخصية الفرد، وحاجاته ، وبمفهومه عن ذاته فالاتجاهات قابلة للتعديل ؛ لأنها مكتسبة ومتعلمة "معرفية" وأن هذا التعديل لا يتم بسرعة ملموسة ومع ذلك،
9–الاتجاهات قابلة للقياس :
فيمكن قياس الاتجاهات على صعوبتها ، وتقديرها من خلال مقاييس الاتجاهات، ما دام تتضمن الموقف التفضيلي "التقويمي" في فقرات المقياس ، سواء من خلال قياس الاستجابات اللفظية للطلبة أم من خلال قياس الاستجابات الملاحظة لهم.
كما تؤدي الاتجاهات عدداً من الوظائف على المستوى الشخصي والاجتماعي ، بحيث تمكن الفرد من معالجة الأوضاع الحياتية المختلفة على نحو مثمر ، وفعال ، وأهـم هذه الوظائف هي:
–وظيفة نفعية :
تشير هذه الوظيفة إلى مساعدة الفرد على إنجاز أهداف معينة ، تمكنه من التكيف مع الجماعة التي يعيش معها ؛ يُشكل اتجاهات مشابهة لاتجاهات الأشخاص المهمة في بيئته الأمر الذي يساعد على التكيف مع الأوضاع الحياتية المختلفة ، والنجاح فيها ، وذلك بإظهار اتجاهات تبين معايير الجماعة ، وولاءه لها .
–وظيفة تنظيمية واقتصادية :
يستجيب الفرد طبقاً للاتجاهات التي يتبناها إلى فئات من الأشخاص أو الأفكار أو الحوادث أو الأشياء أو الأوضاع ؛ وذلك باستخدام بعض القواعد البسيطة المنظمة التي تحدد سلوكه حيال هذه الفئات ، دون ضرورة اللجوء إلى معرفة جميع المعلومات الخاصة بالموضوعات ، أو المبادئ السلوكية التي تمكنه من الاستجابة.
الصفحة 268
للمثيرات البيئية المتباينة على نحو ثابت ، ومتسق وتحول دون ضياعه في متاهات الخبرات الجزائية .
– وظيفة تعبيرية :
توفر الاتجاهات للفرد فرص التعبير عن الذات، وتحديد هوية معينة في الحياة المجتمعية ، وتسمح له بالاستجابة للمثيرات البيئية ، على نحو نشط وفعال ، الأمر الذي يُضفي على حياته معنى مهم ، ويجنبه حالة الانعزال أو اللامبالاة .
–وظيفة دفاعية :
تشير الدلائل إلى أن اتجاهات الفرد ترتبط بحاجاته ، ودوافعه الشخصية، أكثر من ارتباطها بالخصائص الموضوعية ، أو الواقعية ، لموضوعات الاتجاهات؛ لذلك قد يلجأ الفرد أحياناً إلى تكوين اتجاهات معينة ؛ لتبرير بعض صراعاته الداخلية، أو فشله حيال أوضاع معينة ، للاحتفاظ بكرامته ، وثقته بنفسه ، أي أنه يستخدم هذه الاتجاهات للدفاع عن ذاته .
وعلاوة على ما سبق فيؤكد أصحاب نظريات الإتجاه أن الإتجاهات يبدأ تكوينها في السنوات الأولى من حياة الفرد وتزداد رسوخاً وتطويراً مع تقدم العمر ومرور الزمن(21) فالتنشئة الاجتماعية بما تتخللها من خبرات مباشرة ، أو غير مباشرة، وتفاعلات، وما تضيفه للفرد من اكتساب اتجاهات جديدة، تعمل على إشباع مختلف حاجاته، وتقديره لذاته ، وحبه للآخرين ، وعلى هذا تعتبر الاتجاهات مجموعة من الأساليب التي يتعلمها الفرد ، كي يكتسب بواسطتها القدرة فالتنشئة
وبرغم إشارة (ماك جوري 1969)(22)من إمكانية إسهام العوامل الوراثية ، والفسيولوجية في تكوين الاتجاه ، فإن الاتجاهات في غالبيتها متعلمة ، فالتلاميذ لم يولدوا وهم يحبون ، أو يكرهون دراسة مادة معينة، وإنما يتعلمون ذلك في المدرسة .
إن الاتجاهات أنماط سلوكية يمكن اكتسابها بالتعلم ، تخضع للمبادئ والقوانين ، التي تحكم أنماط السلوك الأخرى ، وهناك عوامل ينبغي توافرها لتكوين الاتجاه ومن هذه العوامل (23):
الصفحة 269
أ–حدة الخبرة :
فالخبرة التي يصاحبها انفعال حاد ، تساعد في تكوين الاتجاه ، أكثر من الخبرة التي لا يصاحبها مثل هذا الانفعال ، والانفعال الحاد يُعمَّق الخبرة في نفس الفرد ، ويجعله أكثر ارتباطاً بسلوكه ، في المواقف الاجتماعية المرتبطة بمحتوى الخبرة .
ب–تكرار الخبرة :
يعتمد تكوين الإتجاه على تكرار الخبرة ، فعندما يجد التلميذ صعوبة متكررة في امتحان مادة دراسية معينة، حيث يفشل في كل مرة يؤدي فيها مثل هذه الامتحانات فان هذه الخبرة تحدث عند التلميذ اتجاهاً سالبا نحو هذه المادة .
ج – تكامل الخبرة :
يعتبر تكامل خبرة الفرد بعنصر من عناصر البيئة ، مع خبراته بالعناصر الأخرى ، من متطلبات تكوين الاتجاه ، فالتلميذ الذي فشل عدة مرات في مادة دراسية معينة تكون لديه اتجاه سالب نحو تلك المادة ، لا يتكون عنده اتجاه سالب نحو العملية التعليمية ككل ، إلا إذا فشل في معظم المواد الدراسية الأخرى ، فالاتجاهات تتكون عندما تتكامل الخبرات الفردية المتشابهة في وحدة كلية ، تنمو إلى تعميم هذه الخبرات ؛ وبذلك تصبح هذه الوحدة إطاراً واقعياً تصدر عنه أحكامنا واستجابتنا للمواقف الشبيهة ، بمواقف تلك الخبرات الماضية ، ويؤدى تعميم الخبرات الفردية المتتالية إلى تحديد الاتجاه تحديداً واضحاً ، كما ينمو الاتجاه نحو النضج ، واكتمال النمو ، فينفصل ، ويتمايز عن بقية الاتجاهات الأخرى ، ويكتسب بذلك ذاتيته التي تؤكد معالمه .
وتلعب الأسرة دوراً مهماً في تكوين الاتجاهات ، وبالمثل فإن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، ومستوياتها ، تقوم بالدور نفسه ، بالإضافة إلى الدور الذي يؤديه المعلم كنموذج في تشكيل بعض الاتجاهات لدى طلابه ، وفي ضوء نتائج الأبحاث التي أجراها علماء النفس الاجتماعيون ، يمكن عرض أهـم العوامل المؤثرة في تكوين الاتجاه فيما يلي(24):
الصفحة 270
–إشباع الحاجات :
تنمو الاتجاهات خلال عملية إشباع الفرد لحاجاته ، فمن خلال معالجة الفرد للمشكلات المختلفة ، بهدف إشباع حاجاته ؛ ينُمى اتجاهات نفسية معينة ، فتنمو لديه اتجاهات موجبة نحو الأشياء ، والأشخاص الذين يشبعون حاجاته ، وأحسن مثال لذلك تعلم الطفل اتجاهاته نحو والديه ؛ لأنهما يشبعان حاجاته البيولوجية ، والنفسية والاجتماعية ، وكذلك لأنهما يقدمان له الرعاية الكافية ، بحيث يرتبط بمجرد وجودهما عنده بمشاعر الحب ، والفرح والسرور ، وقد تنمو لديه اتجاهات سالبة نحو الأشخاص الذين لا يشبعون حاجاته .
–أثر المعلومات :
تتشكل الاتجاهات بتأثير المعلومات التي يتعرض لها الفرد، ويهتم المختصون بدور مصادر المعلومات في تكوين الاتجاهات، ويركزون خاصة على عاملين هما دور الأسرة كمصدر للمعلومات والمعتقدات الجاهزة، وإستعداد الفرد لإنتاج المعرفة .
–انتماء الفرد للجماعة :
. معظم الاتجاهات التي تتكون وتنمو لدى الفرد لها مصادرها ، وذلك في الجماعات التي ينتمي إليها هذا الفرد، وتعكس هذه الاتجاهات لديه معتقدات وقيم ومعايير الجماعات ، بل إن استمرار الفرد في التمسك بهذه الاتجاهات، لا يتأثر إلا إذا حصل على الدعم ، والتأييد من الأشخاص الآخرين ، الذين يتشابهون معه في الأفكار والمعتقدات ، والآراء ، والاتجاهات، من أعضاء الجماعة ، ويؤدي ذلك بدوره إلى تقمص الفرد للجماعة أو التوحد بها .
–سمات الشخصية :
لعل من أهم آثار الجماعة في الاتجاهات هو إحداث وحدة في هذه الاتجاهات بين أعضاء الجماعة ، إلا أنه في هذه الوحدة قد نجد التنوع ، ومن العوامل التي تحدث التنوع داخل الجماعة في اتجاهات أعضائها وجود فروق في شخصيات هؤلاء الأعضاء ، وقد أكد علماء النفس الاجتماعيون وجود بين الاتجاهات ، وسمات الشخصية مثل ..." الانبساط / الانطواء ، السيطرة / الخضوع ، واتجاهات التحرر/المحافظة (25).
الصفحة 271
أما عن تعديل الاتجاهات وتغييرها ، فعلى الرغم من الثبات النسبي للاتجاهات ومقاومتها للتغير، فإنها عرضة للتعديل ، والتغيير ، نتيجة للتفاعل المستمر بين الفرد ومتغيرات بيئته ، وتخضع عملية تغيير الاتجاهات المجموعة من العوامل منها ما يتعلق بالفرد ذاته ، فكلما كان هذا الفرد أكثر انفتاحاً على الخبرات ، كان أكثر تقبلا لتعديل اتجاهاته ، ومنها ما يتعلق بموضوع الاتجاه ذاته فكلما كان هذا الموضوع أكثر التصاقا بذات الفرد أو شخصيته ، كان الاتجاه أقل عرضة للتغير أو التعديل ، فاتجاهات الفرد نحو دينه أو ثقافته ، أقل عرضة للتغير من اتجاهاتـه نحـو مـادة دراسية معينة ، أو استخدام التكنولوجيا في الحياة الاجتماعية ، وتتعلق بعض العوامل الأخرى بالفرد القائم على تغيير الاتجاه موضوع الاهتمام ، فالأب والأم أكثر تأثيراً في تغيير اتجاهات الأطفال من الراشدين الآخرين(27).
وتعتمد بعض أساليب تغيير الاتجاهات على الجانب المعرفي، وتنطوي على استخدام الحجج المنطقية ، وشرح المعلومات ، والحقائق الموضوعية ، الخاصة بموضوع الاتجاه ، كما نعتمد بعض الأساليب الأخرى على الجانب العاطفي، وتتضمن عملية استثارة دوافع الفرد ، وانفعالاته ، وعواطفه ، وتوجهها نحو أو ضد موضوعات معينة ، غي أن فعالية أي أسلوب تتوقف على التوفيق بين مفهوم الذات الراهن للفرد ، وطبيعة الاتجاه موضوع التعديل أو التغيير(28) .
وتوجه أكثر من نظرية تتعرض لموضوع تغيير الاتجاهات، حيث ترتكز كل نظرية على جانب معين ، وبالتالي تفسر فقط أنماطاً محددة في تغيير الاتجاهات ، ومن أمثلته هذه النظريات : نظرية التحليل النفسي ، ونظرية التنافر المعرفي ، والنظرية السلوكية ،وتعتبر النظرية الفعالة في تغيير الاتجاه ، هي تلك النظرية التي تكون قادرة على التنبؤ مقدماً بالحالات التي يمكن فيها تغيير الاتجاه ، وسوف نعرض هنا بإيجاز للنظرية السلوكية في تغيير الاتجاه(29).
الصفحة 272
النظرية السلوكية وتغيير الاتجاه :
تركز هذه النظرية على أشكال المثيرات الخاصة بالاتصال الذي يؤدي إلى تغيير الاتجاه ، كما تأخذ في اعتبارها خصائص المرسل،
المصدر وكذلك خصائص المستقبل وموضوع الاتصال كما تفترض هذه النظرية – کنظرية سلوكية – أن السلوك الاجتماعي يمكن أن يُفهم من خلال تحليل المثيرات ، والاستجابات ، وكذلك أنواع الثواب والعقاب المرتبط باستجابات خاصة.
وقد أكد (سيد الطواب1990)ما أشار إليه كل من هو فلاند Holand " ، " وجينز Janis " ، "وكيلي Kelly " إلى عملية تغيير الاتجاه تشبه تماماً التعلم، وأن مبادىء اكتساب المهارات اللفظية ، والحركية ، يجب أن تستخدم لفهم كيفية تكوين الاتجاه وتغييره ، كما أكد هؤلاء الباحثون وجود ثلاث متغيرات مهمة في تعلم الاتجاهات الجديدة وهي : الانتباه ، والفهم ، والقبول ،ويمكن توضيح العلاقة بين المتغيرات الثلاثة السابقة من خلال الشكل التالي(30)
(انظر الشكل اعلاه الموجود في بدف الصفحة273)
الصفحة 273
ويرى أصحاب النظرية السلوكية أن الاتجاهات تتغير، إذا كانت الدوافع لعمل استجابات جديدة أقوى من الدوافع لعمل استجابات قديمة .
ويشير (فؤاد أبو حطب 1996 )إلى وجود نمطين لتغيير الاتجاهات هما(31) :
1- التغير المضاد :
وفيه يتغير الاتجاه من حالة السلب إلى الإيجاب أو العكس ، من التأييد إلى المعارضة أو العكس فالتغيير في هذا النمط ينصب على وجهة الاتجاه ، وكثيراً ما يقتصر الكلام في تغيير الاتجاهات على هذا النمط من التغيير .
2- التغيير المطابق :
وفيه يسير التغيير مع الوجهة الأصلية للاتجاه ، حيث يسايره في سلبيته أو في إيجابيته ، ويرى الباحثون أن هذا النمط من التغيير يكون أسهل وأكثر شمولاً ، واتساقاً، وتماسكاً ، وكذلك أكثر إشباعاً لحاجات الشخص صاحب هذا الاتجاه
أما عن أساليب وفنيات تغيير الاتجاهات فيمكن الإشارة إليها فيما يلي (32):
- استخدام المعلومات .
- استخدام الجماعات . - استخدام أساليب الاشتراط .
- أهمية التعلم بالملاحظة .
- استخدام أساليب تعديل السلوك.
- التواصل الإقناعي.
وتتوقف قابلية الاتجاه للتعديل والتغيير على مجموعة من الخصائص منها(33) :
- بساطة الاتجاه مع غيره من الاتجاهات
- انسجام الاتجاه مع غيره من الاتجاهات .
- مركزية المكونات المتصلة بالاتجاه .
- قوة الحاجات النفسية التي يُشبعها الاتجاه وكثرتها .
- الذكاء .
- القابلية للاستهواء .
الصفحة 274
وعن قياس الاتجاهات فتوجد مجموعة من الوسائل والمقاييس التي تستخدم لذلك ونذكر منها بعض المقاييس المعروفة لقياس الاتجاهات ومنها :
أ- مقاييس تقرير الذات
ب- مقیاس لیکرت
ج – مقياس ترستون
د – مقياس التمايز السيمانتى
هـ - ملاحظة السلوك الظاهرة
و –استجابة الاختيار الاسقاطي
ويعتبر المقياس الأول والثاني أكثر المقاييس التي حظيت بالجزء الأكبر من الاستخدام في دراسة الاتجاهات.
الاتجاه نحو المواد الدراسية مثل العلوم
يمثل العلوم كمادة دراسية موضوعاً حيوياً في الحياة العامة للأفراد ؛ ولذلك يتولد لديهم اتجاهان نحوها نتيجة تعاملهم معها وارتباطهم بها ، وتنمية الاتجاه نحو العلوم ، وتدريسها ، يمثـل هـدفـاً من أهداف التربية العلمية وتدريس العلوم ، وعلى الرغم من ذلك فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الاتجاه نحو العلوم وتدريسها لا زالت ميداناً يحتاج إلى دراسات إضافية للكشف عن تلك الاتجاهات وإمكانية تنميتها .
. ويرى بعض الباحثين أن الاتجاه نحو العلوم يعني الإحساس بحب العلوم ، والاهتمام بها ، مما يؤدي إلى تحصيل عالي المستوى ، وإلى الرغبة في مواصلة دراسة العلوم في المراحل الدراسية التالية . ويشير (حسين قورة 1985)(35)إلى أن الاتجاه نحو شيء ما معناه الرضـا بـه، والإحسـاس بالاندفاع إليه عملاً ، وتفكيراً ، كلما أتيحت الفرصة لذلك ، وتعتبر الاتجاهات المرغوب فيها عناصر دافعية نحو التعليم والتعلم و ومؤشرات سلوكية تسوق الفرد إلى تحقيق الهدف المطلوب منه ؛ ولذلك ينبغي أن يتم تصميم عملية التعلم ، وبيئته بحيث تؤدى إلى خلق مثل هذه الاتجاهات وتنميتها .
الصفحة 275
ويوضح المختصون(36) أن هناك عدة داخل البداية يمكن من التركيز على اتجاهات نحو الأشخاص ، أو أشياء ، أو مواد أساسية ، ومن هذه المداخل ما يلي :
ـاستيعاب المادة ومثلها من البيئة .
- الآثار الانفعالية لأنواع معينة من الخبرات .
- الخبرات ذات التأثير الوجداني "الانفعالي" .
- العمليات الناشئة
-التفاعل بين التعليم والتلميذ .
دورة تعليم المفردات في اتجاهات العلوم :
ولأنه من الطبيعي أن تزداد فرص المتعلم في تطوره ، نحـو مـادة العلوم ،وتدريسها ، عند تقديمها من خلال نظم وتنوع تفريد التعليم، والتي تسمى في المكان المناسب لإثارة الاهتمام تجاه التعلم، أصبح هناك مادة دراسية أكثر تشويقاً ومتاعاً، وهذا قد يؤدي إلى حـد المادة والاتجاه نحوها، وقد أشار أبو كتاب 1996(37) إلى أسلوب التعزيز ، والتغذية المؤقتة التي اقترحتها النموذج الهندي الإجرائي تصبح دورًا مهمًا في تنمية المدربين المدرسين ،والمعلم ، والمادة الدراسية ، واختيار الاختيار في الاختيار التعليمي المفرد .
الصفحة 276
مراجع الفصل التاسع(انظر من الصفحة 277 الى الصفحة 28)
الصفحة 280
الفصل العاشر: دراسات وبحوث في مجال تكنولوجيا التعليم المقرر والابتكار والأساليب المعرفية
الصفحة 281 الصفحة 282
الدراسات السابقة :
تقدم في هذا الفصل عرضاً لأهم الدراسات السابقة المتعلقة بفصـول هـذا الكتـاب سـواء كانـت
عربية أو أجنبية ، ويتم فيها :
- عرض موجز لكل دراسة وأهم النتائج التي توصلت إليها .
- تعليق موجز أو توظيف لنتائج بعض الدراسات مع الهدف من الدراسة الحالية .
- تعقيب خاص بعد نهاية كل محور ، ثم تعقيب عام بعد نهاية عرض الدراسات السابقة .
- تقسيم الدراسات السابقة في فئات ، أ و محاور ومحاولة ترتيبها زمنياً داخـل كـل محـور ؛ لإبـراز التطـوير
الفكري المرتبط بالمتغريات التي تناولتها تلك الدراسات والمحاور.
ويمكن أن تُقسم الدراسات السابقة كما يلي :
أولاً : دراسات تناولت العلاقة بين الكمبيوتر وبعض المتغيرات التابعة مثل "الاتجاهات –
التحصيل الدراسي – الابتكار ".
ثانياً : دراسات تناولت العلاقة بين استراتيجيات التعلم المُفرد ، وبعض المتغيرات التابعة مثـل " الاتجاهـات والتحصيل الدراسي ، وعوامل أخرى ".
ثالثاً : دراسات تناولت العلاقة بين التعليم المفرد والابتكار .
رابعاً : دراسات تناولت العلاقة بين استراتيجيات التعليم المفرد ، والأساليب المعرفية.
خامساً : دراسات تناولت العلاقة بين الأساليب المعرفية والابتكار.
أولاً : دراسات تناولت العلاقة بين استخدام الكمبيوتر وبعض العوامل التابعة مثل "الاتجاه نحو المادة – التحصيل الدراسي – الابتكار – عوامل أخرى ".
أ-الدراسات المؤيدة :
فقد استهدفت دراسة "(بلوجير" 1981ploger) (1)التعرف على فاعلية برنامج المحاكاة بالكمبيوتر في تقويم مهارة معلمي العلوم قبل وأثناء الخدمة وتطويرها ، وتكونت عينة الدراسة من "74" طالباً وطالبة من طلاب شعبة العلوم بكلية التربية بجامعة تكساس بأمريكا ، كـان مـنهم "22 طالباً متخصصين في تدريس العلوم للمرحلة الثانوية" ، و "52" طالباً متخصصين في:
الصفحة 283
تدريس العلوم للمرحلة الابتدائية .
وقد أسفرت نتائج هذه الدراسة عن نتائج من أهمها :فاعلية استخدام الكمبيوتر في تنمية مهارات التدريس بصفة عامة ، والدروس العملية في مادة العلوم بصفة خاصة، كما أكدت هذه الدراسة قدرة أفراد العينة على التعامل السليم مع الأدوات والأجهزة المستخدمة مع الدروس العملية في مادة العلوم .
كما استهدفت الدراسة التي قام بها ("بنيت" Bennet 1986)(2) التعرف على أثر استخدام الكمبيوتر في تدريس الفيزياء على تنمية التحصيل والاتجاه نحو مادة الفيزياء لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وتم تقسيم عينة من الدراسة إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية وهي التي درست باستخدام الكمبيوتر .
الثانية : ضابطة وهي التي درست عن طريق المحاضرات والمعامل .
واستخدم الباحث في هذه الدراسة الأدوات الآتية :
- مقياس للاتجاه نحو مادة الفيزياء
- اختبار تحصيلي في مادة الفيزياء .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
–وجود فروق ذات دلالة إحصائية في كل من الاتجاه نحو المادة، والتحصيل الدراسي، لصالح المجموعة
التجريبية .
وتناولت الدراسة التي قام بها شيو, وجينيرو"Chio , Gennero،1987 (3) فاعلية محاكاة التجارب المعملية بالكمبيوتر ، على تحصيل تلاميذ الصف الثامن بالتعليم المتوسط ، لمفهوم الإزاحة في الحجوم ، من واقع مناهج العلوم ، وقُسمت عينة الدراسة التي قوامها 128 تلميذاً وتلميذة " إلى مجموعتين:
الأولى : تجريبية وعددها 63 تلميذاً وتلميذة " وهي التي درست باستخدام الكمبيوتر.
الثانية : ضابطة وعددها 63 تلميذاً وتلميذة" وهي التي درست باستخدام الخبرات المعملية المباشرة .
الصفحة 284
وأسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
-وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية ؛وذلك في التحصيل الدراسي
- إن تقديم التجارب من خلال المحاكاة بالكمبيوتر لا تقل فاعلية عن تقديم التجارب من خلال الخبرات المعملية المباشرة ، وذلك بالنسبة لتحصيل مفهوم الإزاحة في العلوم . وحاولت الدراسة التي قام بها كل من "جيمس وسول James & Saul) (4) كشف العلاقة بين الكمبيوتر ، ومنهج العلوم والدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية بولاية كاليفورنيا بأمريكا ، وفي هذه الدراسة عرض الباحثان التطور التاريخي لاستخدام الكمبيوتر والفيديو في مجال التدريس .
و أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- أهمية استخدام الكمبيوتر في مجال العلوم والدراسات الاجتماعية وخصوصاً لتلاميذ المرحلة الابتدائية الذين يواجهون صعوبات في تعلم المناهج المجردة بتلك المواد .
- فاعلية استخدام الكمبيوتر في تحسين الاتجاهات نحو المادة ، ونحو الجهاز ، حيث أصبح الكمبيوتر من الأنشطة المحببة للتلاميذ "أفراد العينة".
- فاعلية استخدام الكمبيوتر في إكساب التلاميذ العديد من المعلومات والمهارات الخاصة بدراسة العلوم والدراسات الاجتماعية ، وقد تطلب التقيد بروتين اليوم الدراسي المعتاد، واستغرقت الدراسة بالكمبيوتر مدة أطول من الدراسة العادية ؛ لأن الدراسة بمعاونة الكمبيوتر تتم وفقاً لميول وقدرات واستعدادات التلاميذ .
اتساقاً مع نتائج الدراسة السابقة قام ("سلايك" 1990 Slik ) بدراسة عقد فيها مقارنة بين استخدام طريقتين لتدريس الكيمياء بواسطة الكمبيوتر واثر ذلك على التحصيل والاتجاه نحو مـادة الكيمياء لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وقد قسمت عينة الدراسة إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية وقوامها "22" طالباً" وهي التي يطلب من أفرادها تحديد المشكلة من خلال البيانات التي يقدمها الكمبيوتر عن جزء التحليل الكيميائي .
الصفحة 285
الثانية : ضابطة وقوامها 24 طالباً وهي التي تدرس جزء التحليل الكيميائي بالطريقة المعتادة وقد استغرقت تجربة الدراسة حوالي "36 يوماً" واستخدمت الأدوات الآتية :
- مقياس الاتجاه نحو مادة الكيمياء.
- اختبار تحصيلي في الكيمياء
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق فردية ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية في الاتجاه نحو الكيمياء .
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين : التجريبية والضابطة في التحصيل الدراسي الأكاديمي لمادة الكيمياء .
كما استهدفت الدراسة التي أعدها (فوزي الشربيني1991) (6)التعرف على برنامج علاجي باستخدام الكمبيوتر في تحصيل تلاميذ الصف الرابع الابتدائي في الدراسات الاجتماعية وتكونت عينـة الدراسات من "44" تلميذاً وتلميذة بالصف الرابع الابتدائي بمدرسة نفسية الحصري بدمياط ، وقد استخدم الباحث في هذه الدراسة برنامج كمبيوتر يعمل كإطار عام يمكن أن يوضع بداخله الخرائط والصور والرسوم والأشكال والكروكيات المراد تقديمها بالكمبيوتر .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- فعالية البرنامج العلاجي باستخدام الكمبيوتر في تحصيل تلاميذ الصف الرابع لمفاهيم الظواهر الجغرافية ، ويمكن إرجاع ذلك إلى إقبال التلاميذ على الكمبيوتر لتميزه بالتشويق في تعليم المفاهيم المعقدة والتي تُقدم في شكل خرائط ، ورسوم ، من خلال الكمبيوتر .
واستطاع كل من (سلام أحمد والحذيفي1991) (7)إجراء دراسة استهدفت التعرف على أثر استخدام الكمبيوتر في تعليم العلوم على التحصيل الأكاديمي ، والاتجاه نحو مادة العلوم ، والاستدلال المنطقي لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي المتوسط ، وقسمت عينة الدراسة والتي قوامها "118" تلميذاً الى مجموعتين:
الأولى تجريبية : وقوامها " 60 تلميذا " وهي التي درست باستخدام الكمبيوتر .
الصفحة 286
الثانية ضابطة : وقوامها "58 تلميذاً " وهي التي درست باستخدام الطريقة المعتادة .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق ذات دلالة إحصائية في التحصيل الدراسي لصالح المجموعة التجريبية . – وجود فروق ذات دلالة إحصائية في الاتجاه نحو مادة العلوم لصالح المجموعة التجريبية .
– وجود فروق ذات دلالة إحصائية في الاستدلال المنطقي لصالح المجموعة التجريبية .
وأشار (محمد المقدم 1991 )(8) إلى قيام تروبريدج بدراسة عنوانها " دراسة مجموعات تعمل على الكمبيوتر " استهدفت مقارنة تعلم الأفراد في صورة فردية، وتعلم الأفراد في صورة مجموعات صغيرة أمام الكمبيوتر ، وقسمت عينة الدراسة إلى مجموعات متساوية تقريباً من طلاب ذوي قدرات متوسطة في المهارات الأكاديمية كما يلي :
- طلاب يعملون فرادى .
- طلاب يعملون في مجموعات صغيرة
- طلاب يدرسون بالطريقة المعتادة .
وتم بحث التفاعلية بين الطلاب الذين يعملون بمفردهم، والطلاب الذين يعملون على الكمبيوتر في ظل مجموعات صغيرة ثم مقارنة أداء المجموعتين التجريبيتين بأداء المجموعة الضابطة .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- استخدام المجموعات الصغيرة ، لمواد تعلم الكمبيوتر ذات الفاعلية العالية لها عدة مميزات بالمقارنة بالاستخدام الفردي بصفة عامة
- بالنسبة لمقاييس التحصيل البعدي للكفايات الفردية لم توجد فروق بين الطلاب الذين يعملون فرادى والطلاب الذين يعملون في مجموعات صغيرة على الكمبيوتر .
- بمقارنة تحصيل الطلاب في المجموعتين التجريبيتين اللتين درستا المواد التعليمية بالمجموعة الضابطة والتي لم تدرس المواد التعليمية ، أشارت النتائج بوضوح إلى أن
الصفحة 287
الطلاب الذين درسوا المواد التعليمية تعلموا بعض الأفكار الأولية عن مرور التيار الكهربائي .
كما أجرى (محمود أبو ناجي 1994) دراسة استهدفت التعرف على أثـر اسـتخدام الكمبيوتر في تعليم الفيزياء في الصف الأول الثانوي على التحصيل الدراسي والاتجاه نحو مادة الفيزياء ، وقد قام - الباحث – بإعداد برنامج للكمبيوتر بلغة البيسك في وحدة الحركة وقوانينها واستخدام الأدوات الآتية :
- اختبار تحصيلي في مستويات التذكر" – الفهم – التطبيق ".
-مقياس للاتجاه نحو مادة الفيزياء .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين نتائج المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة في الاختبار التحصيلي عند مستوى " ۰۱ ، " لصالح المجموعة التجريبية .
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين نتائج المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة في مقياس الاتجاه نحو مادة الفيزياء عند مستوى دلالة 01 " لصالح المجموعة التجريبية.
وأشار (ماهر ميخائيل 1997) إلى الدراسة التي أجراها طلال" شعبان 1995" بهدف الكشف عن أثر استخدام مدخل التدريس بمساعدة الكمبيوتر ، والتدريس باستخدام الحقائب التعليمية في تعليم هندسة التحويلات لتلاميذ الصف الثاني الإعدادي، وقسمت عينة الدراسة التي قوامها " "171 تلميذاً " إلى ثلاث مجموعات :
-تجريبية أولى وقوامها "52" تلميذاً، وهي التي تدرس باستخدام الكمبيوتر كأداة مساعدة.
- تجريبية ثانية وقوامها "57" تلميذاً ، وهي التي تدرس باستخدام الحقائب التعليمية .
- مجموعة ضابطة وقوامها "61" تلميذاً ، وهي التي تدرس باستخدام الطريقة المعتادة وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- فاعلية استخدام كل من التدريس بمساعدة الكمبيوتر والحقائب التعليمية في تعلم هندسة التحويلات عن استخدام الطريقة المعتادة .
الصفحة 288
عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين المدخلين في تحصيل الرياضيات
ب الدراسات المحايدة :
ومنها الدراسة التي قام بها (سومر فلی) كما جاء في ( ويلر 1995)(11) والتي حاول من خلالها التعرف على فاعلية التعليم بمساعدة الكمبيوتر ، ومستويات التحصيل ، ومعدلات سرعة التعلم لدى طلاب الصف الأول بالمرحلة الثانوية في مادة الكيمياء ، وقسمت عينة الدراسة التي قوامها 92 طالباً وطالبة" إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية وهي التي درست باستخدام الكمبيوتر .
الثانية : ضابطة وهي التي درست باستخدام الطريقة المعتادة ، وتم تطبيق اختبار تحصيلي في الكيمياء قبلياً وبعدياً على عينة الدراسة .
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- لا توجد أي فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعتين التجريبية والضابطة عند مستوى ". " في التحصيل أو معدل التعليم ، مع ملاحظة أن - الباحث – قد وجد أن متوسط درجات الطلاب الذين درسوا بالكمبيوتر أكبر نسبياً من الطلاب الذين درسوا بالطريقة المعتادة .
كما استهدفت الدراسة التي أجراها (شوا, 1984) (12) التعرف على أثر استخدام برنامج المحاكاة بالكمبيوتر على التحصيل والاتجاهات نحو الكمبيوتر، وتدريس العلوم لدى تلاميذ المدرسة المتوسطة ذوى المستويات المختلفة في القدرة على التحليل المنطقي ، وتركزت مشكلة الدراسة على مقارنة آثار البدائل المختلفة لاستخدام المحاكاة بالكمبيوتر على المتغيرات التابعة السابقة والبدائل التي قورنت بها المحاكاة وهي :
- المحاكاة بالكمبيوتر والأنشطة التعليمية .
- الأنشطة المعملية
- طريقة التدريس المعتادة .
الصفحة 289
وتكونت عينة الدراسة من "173" تلميذاً في الصف السادس والسابع في إحدى المدارس بجنوب ولاية جورجيا وتم تقسيم العينة كما يلي :
-6- فصول مثلت المجموعة التجريبية .
ـ3 ـ فصول مثلت المجموعة الضابطة.
وكان كل ثلاث تلاميذ يدرسون على يد معلم واحد ، وقام – الباحث – بإعداد المـواد التعليميـة الخاصة لكل من المجموعات التجريبية والضابطة ، وقام كذلك بإعداد الأدوات الآتية:
- مقياس القدرة على التعليل المنطقي اشتمل على " 13 سؤال ".
- اختبار تحصيلي في تحديد المفاهيم اشتمل على " 30 سؤالاً ".
وقد أسفرت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين التلاميذ الذين يدرسون بالطرق الثلاثة في المتغيرات التابعة ، وإن كانت متوسطات درجات التلاميذ في التحصيل للمجموعات التجريبية أفضل نسبياً من المجموعة الضابطة .
– أثر البدائل كان ثابتاً خلال مستويات التحليل المنطقي على كل من التحصيل ، والاتجاه وتحديد المفاهيم.
كما استطاع (دالتون 1986 ) (13)إجراء دراسة استهدفت التعرف على فاعلية استخدام الكمبيوتر في تدريس الأحياء على التحصيل ، والاتجاه نحوها لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وتم تقسيم عينة الدراسة على مجموعتين :
الأولى : تجريبية وقوامها "104 طالباً " وهي التي درست باستخدام الكمبيوتر.
الثانية : ضابطة وقوامها " 67 طالباً وهي التي درست باستخدام الطريقة المعتادة .
واستخدم الباحث الأدوات الآتية :
- مقياس للاتجاه نحو مادة الأحياء .
- اختبار تحصيلي في مادة الأحياء
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
-عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين المجموعتين في مقياس الاتجاه نحو مادة الأحياء .
الصفحة 290
. وعلى جانب آخر تناولت بعض الدراسات أثر استخدام الكمبيوتر ، وفاعليته، على تنمية الابتكار فقد أشار (يسرى دنيور 1998) (14)إلى الدراسة التي قام بها (مورفی) والـت يحاول من خلالها الكشف عن أثر استخدام الميكروكمبيوتر في تنمية الابتكار لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية ، وتكونت عينة الدراسة من " 2140 تلميذاً وتلميذة " وقسمت إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية وقوامها 114" تلميذاً وتلميذة " وهي التي استخدمت الميكروكمبيوتر
الثانية : ضابطة وقوامها 100 تلميذاً وتلميذة" والتي استخدمت الطريقة المعتادة في التدريس.
واستخدم الباحث نوعين من مقاييس الاختبارات هما : "الاختبار اللفظي – الاختبار المصور ".
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- نمو دال في كل من الاختبارات اللفظية الفرعية الطلاقة – المرونة – الأصالة"، وكذلك في الاختبارات اللفظية ككل نتيجة استخدام الميكروكمبيوتر .
- عدم وجود تأثير على الابتكار المصور نتيجة استخدام الميكروكمبيوتر .
كما قام من (كليمنتس، جيوللو 1991) (15) بدراسة استهدفت التعرف على آثار بيئة الكمبيوتر المبنية بلغة "اللوجو" على الابتكار والتحصيل لدى الأطفال ، وتم تقسيم العينة والتي قوامها 73 طفلاً" في عمر 8 سنوات إلى ثلاثة مجموعات :
الأولى : وهي التي تدرس برمجة الكمبيوتر بلغة "اللوجو" .
الثانية : وهي التي تلقت تدريبات ابتکاریه دون استخدام لغة "اللوجو".
الثالثة : وهي التي درست باستخدام الطريقة المعتادة
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
تفوق أفراد المجموعة التي درست برمجة الكمبيوتر بلغة اللوجو" عن المجموعة التي تلقت تدريبات بدون لغة "اللوجو" ، وكذلك التي درست بالطريقة المعتادة .
كما قام (محمود السيد 1991 )بدراسة استهدفت الكشف عن إمكانيات الكمبيوتر في تنمية قدرات عقلية عليا تؤدي بدورها إلى تنمية الابتكار عند الأطفال في مادة الرياضيات ، وقسمت عينة البحث والتي قوامها " 60 تلميذا " من تلاميذ الصف الرابع والخامس الابتدائي إلى ثلاث مجموعات :
تجريبية أولى : وقوامها " 20 تلميذا " وهي التي استخدمت ألعاب الكمبيوتر في مادة الرياضيات .
تجريبية ثانية : وقوامها 20 تلميذاً " وهي التي استخدمت ألعاب الكمبيوتر الخاصة بالتسلية .
مجموعة ضابطة : وقوامها 20 تلميذاً " وهي التي درست باستخدام الطريقة المعتادة .
الصفحة 291
وقام – الباحث – بإعداد برنامج لألعاب الكمبيوتر في مادة الرياضيات بحيث يتمشى مع الخلفية الرياضية للتلاميذ ويعمل على تنمية ابتكارهم في الرياضيات وتم عرض هذا البرنامج لكل تلميذين في الصف نفسه على جهاز كمبيوتر ، بينما عُرضت ألعاب الكمبيوتر المخصصة للتسلية على جهاز ماركة "أتاري " واستغرق التجريب " 6 أسابيع " بمعدل حصتين أسبوعياً .
وقد توصلت هذه الدراسة عن عدة نتائج من أهمها :
- تنمى ألعاب الكمبيوتر الرياضية في التلميذ القدرة على الابتكار العام ، والابتكار في الرياضيات ، مقارنة بألعاب الكمبيوتر الخاصة بالتسلية والطريقة المعتادة .
وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات أفراد المجموعة المستخدمة لألعاب الكمبيوتر في مادة الرياضيات ، والمجموعة المستخدمة لألعاب الكمبيوتر الخاصة بالتسلية ، والطريقة المعتادة في اختبار الابتكار لمادة الرياضيات لصالح أفراد مجموعة ألعاب الكمبيوتر الخاصة بمادة الرياضيات .
كما قام (سامح خميس 1997) (16) بإجراء دراسة استهدفت الكشف عن أ ثر استخدام الكمبيوتر على تنمية القدرات العقلية المرتبطة بالابتكار ، وقام بتطبيق هذا البحث على عينة من طلاب كلية التربيـة النوعية شعبة تربية فنية واقتصاد منزلي.
الصفحة 292
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين مستخدمي الكمبيوتر وغير مستخدميه في نمو القدرات العقلية المرتبطة بالإيداع لصالح مستخدمي الكمبيوتر – وحاول (يسري دنيور 1998) (27) الكشف عن فاعلية استخدام الكمبيوتر في تنمية التحصيل الأكاديمي ، والقدرات الابتكاري بجانبيها المعرفي والوجداني في مادة الفيزياء ، لدى طلبة الأول الثانوي . وللتحقيق من ذلك ، قام - الباحث – بإعداد برنامج تعليمي في مادة الفيزياء بحيث يسهل عرضه على جهاز الكمبيوتر . وقسمت عينة الدراسة والتي قوامها 120 طالباً "إلى ثلاث مجموعات هي :
الأولى : درست البرنامج باستخدام الكمبيوتر .
الثانية : درست البرنامج بدون استخدام الكمبيوتر
الثالثة : درست باستخدام الطريقة المعتادة .
واستخدم – الباحث – الأدوات الآتية :
- اختبار تحصيلي من نوع الاختيار من متعدد في مادة الفيزياء .
- اختبار في التفكير الابتكاري في مادة الفيزياء .
- اختبارات "وليامز" للمشاعر والقدرات الابتكاري .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- توجد فروق دالة إحصائية بين متوسطات درجات التلاميذ الذين درسوا البرنامج بالكمبيوتر، والذين درسوا البرنامج بدون كمبيوتر ، لصالح الذين درسوا البرنامج بالكمبيوتر في اختبار التفكير الابتكاري في مادة الفيزياء عند مستوى "0.5" ، في عوامل "الأصالة - المرونة – الدرجة الكلية ".
- لا توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطات درجات التلاميذ الذين درسوا البرنامج بالكمبيوتر والذين درسوا البرنامج بدون كمبيوتر في اختبار التفكير الابتكارى في مادة الفيزياء عند مستوى "5,0" في عوام الطلاقة والتحسينات .
الصفحة 293
تعقيب على دراسات المحور الأول :
–من العرض السابق للدراسات التي تناولت العلاقة بين الكمبيوتر وبعض المتغيرات التابعة يمكن أن نخلص الى:
–1استخدمت غالبية الدراسات أسلوب المحاكاة عند بناء وتصميم برامج تعليمية للكمبيوتر مثل البرامج المستخدمة في دراسة (بلوجير 1981 )ودراسة (شو وجينيرو 1987)
2–أثبتت غالبية الدراسات فاعلية استراتيجية التعليم بمعاونة الكمبيوتر "C.A.I" في تحسين التحصيل الدراسي والاتجاه نحو المادة ، وبرغم ذلك فهناك بعض الدراسات التي أظهرت نتائج سلبية للتحصيل والاتجاه نحو المادة مثل : دراسات (سيومر فلى )، ودراسة (شوا) (1984) و(دراسة دالتون 1986 )مما يدعو إلى إجراء مزيد من الدراسات حول هذا النوع من التعليم.
–3 لم تقتصر الدراسات السابقة على بناء البرامج التعليمية للكمبيوتر في مادة العلوم ، بل تناولت مواد أخرى مثل : الكيمياء ، والفيزياء ، والدراسات الاجتماعية
4–لم تتعرض الدراسات السابقة إلى استخدام الكمبيوتر كمعلم خصوصي .
5– تنوعت عينات الدراسة ما بين المستوى الجامعي والمراحل الدراسية المختلفة " الابتدائية – الإعدادية – الثانوية. 6–تناولت عينات الدراسة "تروبريدج " المقارنة بين تعليم الأفراد أمام الكمبيوتر في صورة فردية وتعليمهم في صورة مجموعات ، وقد أثبتت هذه الدراسة أن التعلم في مجموعات لا يقل فاعلية عن التعلم في صورة فردية ، بل أنه قد يكون أفضل من التعلم بصورة فردية ، وفي ضوء هذه النتيجة يرى المؤلف أن التعلم في مجموعات متعاونة صغيرة (2-3) طلاب ربما يعادل التعلم بشكل فردي مستقل في نتائجه أو يفوقه .
الصفحة 294
7–توجد بعض الدراسات التي تناولت العلاقة بين الكمبيوتر وتنمية الابتكار وإن كانت قليلة مقارنة بأهمية الكمبيوتر في التعليم ومدى غزوه لكافة المجالات من أهمها مجال الابتكار ، وقد أكدت معظم الدراسات على فاعلية الكمبيوتر في تنمية الابتكار ومنها دراسة (محمود السيد 1991) ودراسة (سامح خميس 1997)، ودراسة (يسرى دنيور1998).
ثانياً : دراسات تناولت العلاقة بين استراتيجيات التعليم المفرد وبعض المتغيرات التابعة " التحصيل . الاتجاهات – عوامل أخرى :
1– دراسات تناولت التعليم الموصوف للفرد (I. P. I ) :
يتم الحصول على دراسات كثيرة تناولت التعليم الموصوف للفرد I.P.I وخاصة في البيئة العربية وتم التوصل إلى بعض الدراسات التي تتفق مع طبيعة التعليم الموصوف للفرد في بعض إجراءاته ، وإن كانت لا تتطابق معه تماماً .
فقد أجرى (مسعد نوح 1980) (18)دراسة استهدفت التعرف على فاعلية استخدم استراتيجية التدريس الفردي الإرشادي في تدريس بعض المهارات الأساسية الخاصة بموضوع القسمة على التحصيل المعرفي لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائي، وتكونت عينة الدراسة من " 35 تلميذاً " من تلاميذ الصف الخامس الابتدائي بالإسكندرية .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق ذات دلالة إحصائياً بين المجموعات التجريبية والمجموعة الضابطة في تحصيل التلاميذ لصالح المجموعة التجريبية التي درست باستخدام التدريس الفردي الإرشادي.
كما أجرى (إبراهيم الفار 1981 )(19) دراسة استهدفت التعرف على أثر استخدام طريقتين من الطرق التشخيصية العلاجية في إطار استراتيجية التعلم للتمكن على تنمية التحصيل ، وبقاء أثر التعلم ، ووقت التعلم ، وهاتان الطريقتان هما :
1- حقائب النشاط التعليمي :
الصفحة 295
2–التغذية المرتجعة الكاملة المكتولة .
وتم تطبيق هذه الدراسة على 179 طالباً وطالبة بالسنة الأولى شعبة الرياضيات بكلية التربية بجامعة طنطا .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
–الطريقتين التشخيصيتين العلاجيتين لهما أثر موجب على رفع مستوى تحصيل الطلاب وبقاء أثر التعلم لديهم.
- استخدام طريقة حقائب النشاط التعليمي يؤدي إلى استغراق وقت أكبر في التعلم من استخدام التغذية المرتجعة الكاملة المكتوبة .
كما أجرت (بشرى قاسم 1983 )(20) دراسة كان الهدف منها الكشف عن مدى فاعلية استخدام طريقة التدريس الفردي الإرشادي العلاجي في تعليم الرياضيات بالمرحلة الابتدائية في العراق في ظل الظروف والإمكانيات المدرسية الموجودة ، وذلك باستخدام نفس المستوى المقرر لجميع تلاميذ الصف السادس الابتدائي
وقامت الباحثة بإعداد برنامج التدريس الفردي الإرشادي ، وبناء بعض وحدات مقرر الرياضيات بطريقة تسمح بالتدريس الفردي والتعلم الذاتي، وإبراز الدور المعدل للمعلم ، والانتقال به إلى دور المرشد ، والموجه والمبسط ، لعملية التعليم .
وتكونت عينة البحث من "29" تلميذاً وتلميذة من مدرسة الحاريثة الابتدائية المختلطة في بغداد ، وقد واستخدمت الباحثة لأدوات الآتية :
- اختبار تحصيلي في الرياضيات " قبلي وبعدي" .
- مقياس في الاتجاه نحو الرياضيات "قبلي وبعدي"
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- أن "100٪ " من تلاميذ تمكنوا من الوحدة التي درسوها فردياً ، ووصلوا إلى مستوى التمكن المحدد والمتفق عليه
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى "0.05" بين متوسطات درجات تلاميذ المجموعة التجريبية في مقياس الاتجاهات القبلي والبعدي نحو الرياضيات ، حيث أن اتجاهات التلاميذ القبلية كانت إيجابية .
الصفحة 296
- لا توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوى "0.05" بين درجات التلاميذ الذين يدرسون بطريقة التدريس الفردي الإرشادي وزملائهم الذين يدرسون الموضوعات بالطريقة المعتادة ، ولكن توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوى دلالة "0.01" لصالح المجموعة التجريبية وذلك بعد تقديم التدريس العلاجي في التحصيل المعرفي .
وتأكيداً لنتائج الدراسة السابقة ، فقد أجرى ( محمد عوض الله 1986 )(21) دراسة استهدفت قياس أثر التعليم الفردي البرنامجي كطريقة علاجية في استراتيجية "بلوم" للتعلم حتى التمكن في رياضيات الصف الثاني الإعدادي واتجاهات الطلاب نحوها ، وقام الباحث بإعداد الأدوات الآتية :
- إعداد البرنامج .
- إعداد مقياس الاتجاه نحو الرياضيات.
- إعداد اختبار التمكن في الجبر .
- إعداد اختبار التمكن في الهندسة .
تم تدريس المقرر على ثلاثة فصول بطريقة عشوائية من مدرسة " سعد زغلول الإعدادية بطنطا" ، ويمثل كل فصل مجموعة تجريبية وتدرس البرامج الآتية " فردى خطى - متشعب بالأمثلة – متشعب بالتلميح" ، وبعد تطبيق اختباري التمكن في الجبر والهندسة ومقياس الاتجاه نحو الرياضيات ، قبل تدريس البرامج العلاجية وبعدها .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
-أثر البرامج العلاجية الثلاثة يكاد يكون متساوياً بالنسبة لتغيير اتجاه الطلاب نحو الرياضيات ، إلا أنهـا غيرت الاتجاه نحو الرياضيات تغيراً موجباً على عكس ما كان عليه قبل إجراء التجربة .
- في حالة "الجبر" أظهرت البرامج العلاجية الثلاثة فاعلية متساوية ؛ وبالتالي يمكن استخدام أي منهـا كطريقة تدريس علاجية من خلال استراتيجية "بلوم" للتعلم حتى التمكن في الصف الثاني الإعدادي .
- في حالة الهندسة اتضح أن البرنامج المتشعب بالأمثلة أفضل من البرنامج الخطى والبرنامج المتشعب بالتلميح.
الصفحة 297
وفي دراسة مشابهة حاول (مصطفى إسماعيل 1991) (22) الكشف عن أثر استخدام الطريقة الفردية الإرشادية في تعليم الكتابة على تحسين الأداء الكتابي وتحصيل قواعد الإملاء لدى الطلاب شعبة التعليم الأساسي بكلية التربية بالمنيا ، واستخدام الباحث الأدوات الآتية :
- برنامج لتدريس موضوع همزتي الوصل والقطع وفق خطوات الطريقة الفردية الإرشادية .
– اختبار التحصيل في قواعد همزتي الوصل والقطع
- اختبار الأداء الكتابي .
وقد استخدم الباحث في هذه الدراسة التصميم التجريبي المعروف بتصميم المجموعتين ، ذي الاختبارين القبلي والبعدي .
وقد توصلت في هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
-وجود فروق ذات دلالة إحصائية في اختبارات الأداء الكتابي ، والتحصيل الإملائي بين طلاب المجموعتين : التجريبية والضابطة في القياس البعدي لصالح المجموعة التجريبية ؛ ويعني ذلك تفوق طلاب المجموعة التجريبية الذين درسوا بالطريقة الفردية الإرشادية .
واستطاع كل من (لونج ، وأوكى ، وياني 1992) إجراء دراسة استهدفت الكشف عن فاعلية المساعدات التشخيصية العلاجية وبإدارة الطلاب على التحصيل ، والاتجاهات نحو البيولوجي ، وطريقة التدريس "التعليم " لدى طلاب المرحلة الثانوية المختلفين في درجة الاستعداد ، والجنس ، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي ، ووجهة الضبط .
وقد اشتملت عينة الدراسة على "9" طالباً وطالبة في إحدى المدارس الثانوية الشاملة بأمريكا، وقد قسمت العينة من حيث درجة الاستعداد غلى ثلاثة مستويات : "عالي - متوسط – منخفض " ومن حين وجهة الضبط إلى مستويين "داخلي – خارجي" وقسمت المعالجات إلى ثلاث مجموعات :
المجموعة الأولى "ضابطة" : وهي التي درست بالطريقة المعتادة .
الصفحة 298
المجموعة الثانية "تجريبية "أ" : وهي التي درست باستخدام أسلوب التشخيص والعلاج الذي يديره المعلم
المجموعة الثانية " تجريبية "ب" : وهي التي درست باستخدام أسلوب التشخيص والعلاج الذي يديره
الطلاب بأنفسهم . واستخدم الباحثون الأدوات الآتية :
- اختباراً تحصيلياً قبلياً في البيولوجي .
- اختباراً تحصيلياً بعدياً في البيولوجي مكوناً من ثلاثة أجزاء تغطى الوحدات التي تم تدريسها .
- مقياس في الاتجاه نحو البيولوجي ونحو طريقة التعلم .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
ب- دراسات تناولت نظام التعليم الشخصي P .S .I :
لقد تعددت الدراسات التي تناولت نظام التعليم التشخيصي وفاعليته على بعض نواتج التعليم وأهمها "التحصيل – الاتجاهات " وسوف نعرض بعضاً منها :
الصفحة 299
- فقد قام ( آدامز 1981 )(24) بإجراء دراسة استهدفت الكشف عن أثر استخدام نظام التعليم الشخصي كاستراتيجية للتعليم المفرد في تنمية التحصيل الدراسي ، والاتجاهات نحو مادة الرياضيات مقارناً بالطريقة المعتادة .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- توجد فروق دالة إحصائياً من متوسطي درجات طلاب المجموعتين التجريبية والضابطة في الاتجاهات نحو الرياضيات لصالح المجموعة التجريبية .
- توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجات طلاب المجموعتين التجريبية والضابطة في التحصيل الدراسي في الرياضيات لصالح المجموعة التجريبية .
وفي دراسة مشابهة للدراسة السابقة، حاول (جراي 1982) إجراء مقارنة بين نظام التعليم الشخصي كاستراتيجية للتعليم المفرد المعتادة وفاعليتها في تنمية التحصيل الدراسي واتجاهات الطلاب نحو أحد المقررات الدراسية الأساسية في الخطابة .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
كما تناولت الدراسة التي أجراها (تاج السر 1986)(26) مدى فاعلية تطبيق استراتيجيتين من استراتيجيات التعليم المفرد التي تعتمد على التقويم التكويني كأساس لها ؛ وذلك في تدريس علم البيئة بالمدارس الثانوية في السودان .
وقسمت عينة الدراسة التي قوامها "235" طالباً من طلاب الصف الأول الثانوي إلى أربع مجموعات :
– تجريبية ثالثة : قوامها 59" طالبة درست باستخدام نظام التعليم الشخصي .
الصفحة 300
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- لا توجد فروق ذات إحصائية من متوسط درجات التلاميذ الذين درسوا بنظام التعليم الشخصي ، الذين درسوا باستراتيجية "بلوم" للتعلم حتى التمكن وذلك في التحصيل وتدل هذه النتائج على تماثل فاعلية هاتين الاستراتيجيتين .
- توجد فروق دالة إحصائياً لصالح الطالبات في التحصيل عند استخدام استراتيجية "بلوم" للتعلم حتى التمكن .
وفي دراسة لـ (غدنانة المقبل 1989 )(27) حاولت التعرف من خلالها على أثر استخدام نظام التعليم الشخصي على تحمل الطالبات المعلمات في مادة الجغرافيا، وعلاقة ذلك بأنماط شخصية الطالبات "انبساطي - انطوائي " والاتجاه نحو التعلم الذاتي، وكذلك الكشف عن أثر التفاعل بين المعالجات التدريسية المستخدمة نظام التعليم الشخصي – طريقة تقليدية" ونمط الشخصية "انبساطي – انطوائي " على التحصيل
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق دالة إحصائياً في التحصيل لصالح التدريس باستخدام نظام التعليم الشخصي .
- وجود فروق دالة إحصائياً في التحصيل لصالح النمط الانطوائي .
- وجود فروق دالة إحصائياً في التحصيل لصالح النمط الانطوائي باستخدام نظام التعليم الشخصي .
وحاولت دراسة (جمال الخطيب 1993 )(28) الكشف عن فاعلية نظام التعليم الشخصي خطة "كيلر" في تدريس مادة " مدخل إلى علم النفس على التحصيل مقارنة ذلك بالطريقة المعتادة لدى طلاب الجامعة الأردنية,
وقسمت عينة الدراسة والتي قوامها "118" طالباً وطالبة إلى مجموعتين:
الصفحة 301
–الأولى : تجريبية درست باستخدام بعض عناصر خطة كلير"
–الثانية : ضابطة درست باستخدام الطريقة المعتادة .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق دالة إحصائياً في التحصيل النهائي لمادة "مدخل غلى علم النفس " لصالح المجموعة
التجريبية .
وفي دراسة مسحية جامعة تناول كل من ( كوليك، بانجيرت ، دراونس 1993)(29) مدى فاعلية برامج التعلم حتى التمكن من خلال التحليل البعدي لنتائج بعض الدراسات التي تناولت برامج التعلم للتمكن ، وقد اشتملت هذه الدراسة على "108" دراسة منها :
- 72 دراسة تناولت نظام التعليم الشخصي .PS I والتعليم العلاجي الفردي .
- 36 دراسة تناولت إستراتيجية "بلوم" للتعليم حتى التمكن .
وقد انتهت هذه الدراسة إلى عدة نتائج وتوصيات يمكن إيجازها فيما يلي :
- سجلت كل من استراتيجية "بلوم" للتعلم حتى التمكن ونظام التعليم الشخصي نتائج مشابهة إلى حد ما لأثر كل منهما على معظم نواتج التعلم .
- معظم الدراسات التي استخدمت اختبارات محكية المرجع كانت اكثر ملاءمة من الاختبارات العامة المقننة كمقاييس التحصيل الأكاديمي .
- معظم الدراسات أثبتت أن إدارة المعلم لإجراءات التشخيص والعلاج كأساليب تعليمية أفضل من إدارة لإجراءات التشخيص والعلاج بأنفسهم .
- هناك أثر سالب متكرر في معظم الدراسات التي استخدمت جميع استراتيجيات التعليم المفرد ، ويتمثل في عدم استكمال الطلاب للمقرر ، عندما منحوا حرية إدارة عمليات التعليم للتمكن بأنفسهم ، على عكس الطلاب الذين درسوا بطرق التدريس الجمعي والذين درسوا المقرر بالكامل ، ورغم ذلك فقد حققوا نتائج أفضل في الامتحان النهائي من أقرانهم الذين درسوا بطرق التدريس الجمعي .
الصفحة 302
تعقيب على دراسات المحور الثاني :
من خلال استعراض أهم الدراسات التي تناولت العلاقة بين استراتيجيات التعليم المفرد وبعض المتغيرات التابعة ومن أهمها "الاتجاهات – التحصيل – بعض المتغيرات – الأخرى" يمكن أن نخلص إلى :
1– بالنسبة للدراسات التي تناولت استراتيجية التعليم الموصوف للفرد I.P.I ، لم يتم التوصل لأي دراسات تناولت هذه الاستراتيجية بكامل ملامحها وإجراءاتها كما هو متعارف عليها ، وخاصة في البيئة العربية ، وتم التوصل لبعض الدراسات التي ارتبطت ببعض ملامح أو أهداف هذه الإستراتيجية ، ومن هذه الدراسات دراسة (مسعد نوح 1980 ) ، و(دراسة الفار 1981) ، ودراسة ( بشرى قاسم 1983) و ودراسة (محمد عوض 1980 ) ، ودراسة (لونج 1987) ، وآخرين و(مصطفى إسماعيل 1991 ).
2– أما بالنسبة للدراسات التي تناولت نظام التعليم الشخصي P.S.I فيلاحظ تنوعها وتعدها في كافة المواد الدراسية كالعلوم ، والرياضيات وغيرها في البيئات العربية والأجنبية على حد سواء ، ومن هذه الدراسات دراسة( آدمز 1981) ودراسة (جراى" 1983 )ودراسة (غدنانة المقبل 1989).
3– لم توجد أي دراسات حتى بدايات عام 2000م عربية أو أجنبية تعرضت للمقارنة بين التعليم الموصوف للفرد ونظام التعليم الشخصي كاستراتيجية للتعليم المفرد وفاعليتها في تنمية بعض المتغيرات التابعة کالاتجاه والتحصيل الدراسي.
4– تناولت معظم الدراسات السابقة فاعلية نظام التعليم الشخصي على بعض المتغيرات التابعة ومن أهمها "الاتجاهات ، التحصيل الدراسي ، وتناولت دراسات قليلة التفاعل بسن نظام التعليم الشخصي ونمط الشخصية "انبساط – انطواء " مثل دراسة (غدنانة المقبل 1989).
الصفحة 303
ثالثاً : دراسات تناولت العلاقة بين إستراتيجيات التعليم المفرد والابتكار :
فقد استهدفت الدراسة التي أجراها (أحمد منصور 1979)(29) الكشف عن أثر التدريس باستخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة على تنمية القدرة على التفكير الابتكارى لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق ذات دلالة إحصائية لصالح المجموعة التجريبية التي درست باستخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة من حيث نمو القدرة على التفكير الابتكارى .
- تفوق البنين على البنات في المجموعة التجريبية وذلك في الاختبار اللفظي، وتساوي الجنسين في الاختبار المصور وذلك في اختبار القدرة على التفكير الابتكاري .
كما أجريت دراسة أعدها (أسامة عبد العظيم 1989 )(30) بهدف الكشف عن فاعلية استراتيجية مقترحة في تدريس الرياضيات لتنمية التفكير الابتكارى لدى تلاميذ الصف السادس من التعليم الأساسي .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق دالة إحصائياً لصالح المجموعة التجريبية وذلك في القدرة على التفكير الابتكارى ، والتحصيل
في مادة الرياضيات .
وقام (فايز محمد 1992)(31) بإجراء دراسة استهدفت الكشف عن فاعلية التعليم البرنامجي على التحصيل الدراسي ، والتفكير الابتكاري لدى طلاب الصف الثالث الثانوي بالمملكة العربية السعودية ، وقام الباحث بإعداد برنامج خطي بعد إعادة صياغة الوحدة الدراسية المقررة وقسمت عينة الدراسة التي قوامها "98" طالباً إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية درست باستخدام التعليم المبرمج وقوامها " 50 طالباً ".
الثانية : ضابطة درست باستخدام الطريقة المعتادة وقوامها "48 طالباً "
واستخدم الباحث في دراسته هذه الأدوات :
- اختبار تحصيلي في وحدة الكهرباء من مقرر الفيزياء للصف الثالث الثانوي .
الصفحة 304
–اختبار "تورانس" للتفكير الابتكاري.
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- وجود فروق دالة إحصائياً بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة لصالح المجموعة التجريبية في التحصيل الدراسي في الفيزياء .
- وجود فروق دالة إحصائياً بين المجموعة التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية في تنمية التفكير الابتكارى.
وفي دراسة لـ (عبد الرحيم سلامة 1994 )حاول من خلالها الكشف عن أثر استخدام الموديلات التعليمية في تدريس وحدة المادة وحالاتها على التحصيل الدراسي ، ونمو التفكير الابتكاري لتلاميذ الصف الرابع الابتدائي وقسمت عينة الدراسة التي قوامها "86" إلى مجموعتين هما :
الأولى : تجريبية وقوامها "43" تلميذاً درست باستخدام الموديلات التعليمية .
الثانية : ضابطة وقوامها "43" تلميذاً درست باستخدام الطريقة المعتادة .
واستخدم الباحث في هذه الدراسة الأدوات التالية :
-اختبار تحصيلي في المادة وحالاتها على مستويات التذكر - الفهم – التطبيق " قبلي وبعدي" .
-اختبار القدرة على التفكير الابتكاري من إعداد " سيد خير الله"
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
-وجود فروق دالة إحصائياً بين متوسط درجات المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعـدي لاختبار القدرة على التفكير الابتكارى والتحصيل لصالح أفراد المجموعة التجريبية .
تعقيب على دراسات المحور الثالث :
من خلال استعراض للدراسات التي تناولت العلاقة بين استراتيجيات التعليم المفرد ، والابتكار نخلص الى:
1_تناولت الدراسات السابقة فاعلية استخدام بعض استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية في تنمية القرارات الابتكاري مثل دراسة ( عبد الرحيم سلامة 1994 ).
الصفحة 305
الذي استخدم الموديلات التعليمية ، ودراسة (فايز عبده 1992 ) الذي استخدم التعليم المبرمج ، وبعض الدراسات تناولت أثر استخدام الوسائل التكنولوجية بصفة عامة مثل دراسة (احمد حامد منصور 1979)
2- غالبية الدراسات التي تناولت فاعلية استراتيجيات التعليم المفرد ركزت فعلاً على تطبيق كل استراتيجية بطريقة يدوية في صورة موديلات أو في صورة إطارات كما في التعليم المبرمج ، ولم تستخدم أي دراسة جهازاً مستحدثاً كالكمبيوتر كأداة مساعدة في عرض المعلومات من خلال البرنامج التعليمي المعد لذلك، وكان هذا دافعاً قوياً للكشف عن العلاقة تكنولوجيا التعليم المفرد والابتكار وذلـك مـن خلال الاستعانة بالكمبيوتر في تقديم المحتوى التعليمي وذلك في إطار استراتيجيات التعليم المفرد مع مقارنة ذلك بتقديم المحتوى التعليمي بطريقة يدوية وبدون الكمبيوتر وبهدف تنمية مهارات التفكير الابتكاري لدى المتعلمين.
3- جميع الدراسات التي استخدمت استراتيجيات التعليم المفرد التقليدية في تنمية الابتكار كانت في وضع مقارنة مع استخدام الطريقة المعتادة في تنمية الابتكار.
رابعاً : دراسة تناولت استراتيجيات التعليم المفرد والأساليب المعرفية :
ورد في التراث السيكولوجي عدد محدد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين الأساليب المعرفية بصفة عامة، واستراتيجيات التعليم المفرد بصفة خاصة ، وإن كانت هناك بعض الدراسات التي تناولت هذه العلاقة فإنها ركزت على استراتيجيات أخرى مختلفة عن الاستراتيجيات التي ترتبط بالتعليم الموصوف للفرد أو التعليم الشخصي ويتضح ذلك من خلال عرض لنماذج من هذه الدراسات .
فأجرى (جيري 1980 )(33) دراسة استهدفت التعرف على الأساليب المعرفية للتلاميذ من ذوي التحصيل المنخفض في مادة الجبر ، واختيار أنسب المعالجات التدريسية التي تلائم تلك الأساليب المعرفية، وقسمت عينة الدراسة إلى مجموعتين :
الأولى : تجريبية وقوامها " 81 تلميذاً درست بطريقة فردية ذات السرعة المتمركزة حول المتعلم.
الثانية : ضابطة وقوامها "79 تلميذاً درست بالطريقة المعتادة .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- أن التلاميذ يمتلكون أساليب معرفية مختلفة ويمكن استخدام هذه الأساليب كمؤشر لتوزيع التلاميذ على معالجة تدريسية وفق هذه الأساليب
- استخدام معالجة تدريسية واحدة مع جميع التلاميذ لا يراعى ما بينهم من فروق فردية وبذلك فانه من الأفضل التنوع في استخدام معالجة تدريسية متباينة .
وفي دراسة أكثر وضوحاً وتحديداً حاولت ( نادية الشريف 1981) الكشف عن التفاعـل بـين الأساليب المعرفية الإدراكية من نوع "الاعتماد / الاستقلال" عن المجال الإدراكي" وبعض المعالجات التدريسية و المختلفة ولذلك قسمت الباحثة عينة الدراسة إلى مجموعتين هما :
الأولى : تجريبية درست باستخدام الطريقة الذاتية الفردية .
الثانية : ضابطة درست باستخدام الطريقة المعتادة.
الصفحة 306
وقامت الباحثة باستخدام اختبار الأشكال المتضمنة لتقسيم عينة الدراسة إلى أفراد مستقلين معتمدين عن المجال الإدراكي
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
-وجود تفاعل إحصائي بين الأساليب المعرفية "الاستقلال / الاعتماد" وطرق التدريس "ذاتي / تقليدي".
- لا توجد فروق دالة بين الأفراد المستقلين والمعتمدين في التحصيل الدراسي .
كما أشارت (سوسن عز الدين 1997) (35) لدراسة هانن " التي حاول من خلالها مقارنة بعض المعالجات التدريسية والأساليب المعرفية على تحصيل الطلاب وقسمت عينة الدراسة التي قوامها "127" طالباً جامعياً إلى ثلاث مجموعات كما يلي :
الأولى تجريبية "أ" : درست باستخدام الوسائل المتعددة في التدريس .
الثانية تجريبية "ب" : درست باستخدام الكمبيوتر كمعاون في عملية التدريس.
الثالثة ضابطة : درست باستخدام الطريقة المعتادة
وكان المقرر يتكون من "5" دروس وبعد التدريب تم تطبيق اختبار تحصيلي مكون من مفردة من نوع الاختيار من متعدد ، وتم تطبيق اختبار الأشكال المتضمنة على مجموعات الدراسة وذلك بهدف قياس أسلوب "الاستقلال / الاعتماد عن المجال الادراكي ".
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- أداء الأفراد في المجموعتين التجريبيتين كان أفضل وذا دلالة عن أداء الأفراد في المجموعة الضابطة وذلك في الاختبار التحصيلي .
- لا توجد فروق دالة إحصائياً بين المجموعتين التجريبيتين وذلك في أداء الأفراد على الاختبار التحصيلي .
– أداء الأفراد المستقلين كان أفضل بصفة عامة من أداء الأفراد المعتمدين عن المجال الإدراكي .
وفي دراسة مشابهة حاول (بوست 1987) (36) الكشف عن استخدام التعليم بمعاونة الكمبيوتر كاستراتيجية للتعليم المفرد على تحصيل الطلاب ذوى النمط المعرفي "مستقل/ معتمد" وقسمت عينة الدراسة إلى مجموعتين من طلاب كلية الهندسة والتكنولوجيا
الأولى تجريبية : درست باستخدام التعليم بمعاونة الكمبيوتر .
الثانية ضابطة : درست باستخدام الطريقة المعتادة .
الصفحة 307
واستخدم الباحث الأدوات الآتية :
1-اختبار تحصيلي .
2-اختبار الأشكال المتضمنة لتقسيم أفراد العينة إلى "مستقلين / معتمدين .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- أداء الأفراد المستقلون كان أفضل في الاختبار التحصيلي من الأفراد المعتمدون .
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أفراد المجموعة التجريبية في الاختبار التحصيلي سواء المستقلين أم المعتمدين ، وتوجد علاقة بين الأسلوب المعرفي للطالب.
الصفحة 308
وتحصيله الدراسي بمعاونة الكمبيوتر ، وكان الطلاب المستقلون أكثر استفادة من التعليم بمعاونة الكمبيوتر .
في محاولة تجريبية شاملة حاولت (نادية الشريف ) و( قاسم الصوف 1987 ) (37) الكشف عن مدى ارتباط الأسلوب المعرفي "الاستقلال / الاعتماد عن المجال الإدراكي" والأسلوب المعرفي "التروى/الاندفاع" وذلك من خلال الدراسة التي استهدفت التعرف عن مدى تأثير الأسلوب المعرفي في أداء الأفراد في بعض المواقف الاختبارية .
واستخدم الباحثان اختبار تزاوج الأشكال المألوفة لتقسيم أفراد العينة التي قوامها "44 طالباً " إلى مجموعتين : الأولى : مجموعة الطلاب المتروين وعددها "23 طالباً".
الثانية : مجموعة الطلاب المندفعين وعددها "21 طالباً".
وقام الباحثان بتطبيق عدة أدوات على هذه العينة وهي :
-اختبار الأشكال المتضمنة وذلك لتقسيم الطلاب إلى مستقلين ومعتمدين .
-اختبار التفكير المجرد
-اختبار الذكاء اللغوي
-اختبار تحصيلي .
وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- الطلاب المتروين أكثر استقلالاً عن المجال الإدراكي بالمقارنة بالطلاب المندفعين الذين يتميز أسلوبهم المعرفي بأنه أكثر اعتماداً عن المجال الادراكي.
- وقد أكدت هذه النتيجة العديد من النتائج الدراسات الأخرى ، التي أشارت في مجملها إلى وجود علاقة ارتباطية قوية بين الأسلوب المعرفي "الاستقلال في مقابـل الاعتماد عـن المجـال الإدراكي" والأسـلوب المعـرفي "التروى في مقابل الاندفاع".
ويمكن الإشارة إلى هذه العلاقة من خلال الشكل رقم 36
الصفحة 309
(انظر الشكل 36 في بدف الصفحة 310)
وفي ضوء هذه النتيجة تم الاقتصار على اختيار الأسلوب المعرفي "التروى في مقابل الاندفاع الإدراكي" ليمثل جانب الاستعدادات للاعتبارات الآتية :
1–طبيعة المعالجات التدريسية المستخدمة المتمثلة وهي استراتيجيات التعليم المفرد وعدم ارتباطها بوقت محدد أو حصص دراسية محددة.
2–الرغبة في كشف العلاقة بين هذا الأسلوب المعرفي ، وتفاعل التلاميذ مع برنامج الكمبيوتر المستخدم في هذه الدراسة.
3–ندرة الأبحاث التي حاولت الكشف عن العلاقة بين هذا الأسلوب المعرفي ، واستراتيجيات التعليم المفرد التقليدية كانت أم المعاصرة.
4- دراسة العلاقة بين أسلوب التروى الاندفاع والعمر الزمني لهذه المرحلة السنية .
5- توفر العديد من الدراسات التي تناولت الأسلوب المعرفي الاستقلال /الاعتماد عن المجال الإدراكي فهو أكثر الأساليب المعرفية انتشاراً في البحوث والدراسات السابقة.
6- محاولة جديدة للتعرف إلى العلاقة بين الأسلوب المعرفي التروى الاندفاع والتفكير الابتكاري نظراً لتضارب نتائج البحوث والدراسات السابقة التي تناولت هذه العلاقة.
الصفحة 310
تعقيب عام على دراسات المحور الرابع :
من خلال استعراض الدراسات التي تناولت علاقة الأساليب المعرفية واستراتيجيات التعليم المفرد يمكن أن نخلص إلى :
1–تناولت بعض الدراسات العلاقة بين الأساليب المعرفية بصفة عامة باعتبارها أحد أهـم الاستعدادات النفسية لدى الأفراد وبين المعالجات التدريسية التي يمكن أن تتلائم مع هذه الاستعدادات مثل( دراسة جيري 1980)
2–ركزت بعض الدراسات على كشف العلاقة بين الأساليب المعرفية والتعلم الذاتي مثل دراسة (نادية الشريف 1981).
3–ركزت جميع الدراسات السابقة على كشف العلاقة يبين الأسلوب المعرفي "الاستقلال مقابل الاعتماد الإدراكي " وبعض المعالجات التدريسية وأهملت بقية الأساليب المعرفية الأخرى والتي منها أسلوب "التروى مقابل الاندفاع" .
4–لم توجد دراسة تناولت العلاقة بين الأساليب المعرفية كاستعدادات وخاصة أسلوب التروى مقابل الاندفاع وبين استراتيجيات التعليم المفرد المعاصرة كمعالجات تدريسية ، وخاصة نظام التعليم
الموصوف للفرد، نظام التعليم الشخصي في البيئة العربية أو البيئة الأجنبية.
خامساً : دراسات تناولت العلاقة بين الابتكار والأسلوب المعرفي "التروى مقابل الاندفاع":
لقد تعددت الدراسات التي تناولت علاقة التفكير الابتكارى والأساليب المعرفية بصفة عامة. وإن المتتبع لهذه الدراسات سيجد أن هناك دراسات قليلة تناولت العلاقة بين التفكير الابتكارى والأسلوب المعرفي التروى مقابل الاندفاع الإداكي وإن كانت معظم هذه الدراسات قد أجريت خلال عقدي السبعينات والثمانينات ومن تلك الدراسات.
ما قامت به فوكيا" وآخرون ، من دراسة استهدفت الكشف عن العلاقة بين الإيقاع الإدراكي التروى مقابل الاندفاع والابتكارية لدى الأطفال في عمر ما قبل المدرسة ، وافترضت هذه الدراسة أن الأطفال ذوي الإيقاع
الصفحة 311
الإدراكي المندفع سيسجلون درجات أعلى وذات دلالة من الأفراد ذوى الإيقاع الإدراكي المتروى في اختبارالابتكارية .
وتكونت عينة الدراسة من "70" طفلاً من أطفال عمر ما قبل المدرسة ، من عدد كبير من أطفال
الحضانة وكان متوسط أعمار المفحوصين "57.5" شهراً .
وطبق على المفحوصين الاختبارات والمقاييس الآتية :
- اختبار إكمال الصور ، وهو من اختبار الصور البنود الخمسة الأولى " بعد تعديلها لتلائم أطفال عمـر مـا قبل المدرسة من اختبار "تورانس" " لقياس الابتكاري "TTCT".
- اختبار تزاوج الأشكال المألوفة "MFFT " الخاص بأطفال عمر ما قبل المدرسة الابتدائية وذلك لقياس بعـد التروى / الاندفاع لدى الأطفال .
وقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى :
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية سواء في التأثيرات الرئيسية والتفاعلات بين المتغيرات ، حيث لم توجد فروق دالة بين البنين والبنات في الأسلوب المعرفي التروى / الاندفاع .
- الدرجات المعيارية لدرجة التفكير الابتكارى الكلية للمتروين أعلى من درجات المندفعين في مقاييس الابتكاري .
كما وجد أن المفحوصين المتروين سجلوا درجات أعلى ومتناسقة من بين المفحوصين المندفعين في كل مقاييس الابتكاري . وفي ضوء هذه النتيجة فلم يتحقق الغرض من هذه الدراسة حيث سجل المفحوصين المتروين درجات أعلى وذات دلالة من المفحوصين المندفعين خلال الاختبارات الفرعية لقياس التفكير الابتكاري
كما أجرى (جيلبرت 1977) (39)، محاولة تجريبية بهدف الكشف عن العلاقة بين الابتكاري ، والإيقاع الإدراكي والمرح والذكاء لدى الأطفال في الصف الأول الابتدائي .
حيث كان الغرض من هذه الدراسة بحث العلاقة بين تذوق النكتة ودرجة استيعابها للقدرات الابتكاري وكذلك بحث العلاقة بين استيعاب وتذوق النكتة ، والإيقاع الإدراكي، والكشف عن الدور الذي تلعبه نسبة الذكاء IQ في العلاقة بين استيعاب وتذوق النكتة ،
الصفحة 312
والقدرات الابتكاري ، والتعرف على الفروق بين المفحوصين البنين والبنات في كل المتغيرات التي شملتها الدراسة وأخيراً التحقق من التفاعل فيما بين المتغيرات المختلفة للدراسة .
وتكونت عينة الدراسة من" 112 مفحوصاً " 52 ولداً ، 60 بنتاً " من أطفال الأول الابتدائي وتم تطبيق الأدوات الآتية :
- اختبار "تورانس " "TTCT " لقياس القدرة على التفكير الابتكاري لدى المفحوصين
– اختبار مطابقة الأشكال المألوفة MFFT لقياس بعد التروى والاندفاع .
- اختبار "كاريكاتيرى" مكون من 16 صورة كاريكاتيرية ، وأربع صور مصقولة وذلك لقياس تذوق النكتة .
- اختبار" وكسلر " لقياس ذكاء الأطفال .
وانتهت هذه الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها :
- أن الأطفال المتروين ومعهم ذوو السرعة مع الدقة أكثر ابتكاراً ، يليهم المندفعين ، وأخيراً الأطفال ذوى الأقل ابتكارياً ، وذلك في عدم عزل تأثير الذكاء ، أما في حالة عزل تأثير الدقة فإنه لم توجد أي نتائج ذات دلالة في أي نوع من التحليلات .
- الأطفال المتروين كان لديهم استيعاب أكبر للنكتة.
وتمكن (كيوز ايمسکی 1977) )(40), من إجراء دراسة أخرى حول العلاقة بين الطبيعي للعب التخيلي ، التفكير الابتكارى ، وأسلوب التروى / الاندفاع لدى أطفال الصف الثاني الابتدائي ، وقد افترضت هذه الدراسة وجود علاقة موجبة بين المتغيرات الثلاثة السابقة وتكونت عينة الدراسة من "50 طفلاً" من أطفال الصف الثاني الإعدادي 25 ولداً ، 25 بنتاً ، واستخدم الباحث في هذه الدراسة الأدوات الآتية :
الصفحة 313
- اختبار "سنجر" ( (SIPPI وذلك لقياس الاستعداد الطبيعي للعب التخيلي .
- اختبار الاستعمالات المتعددة لقياس القدرة على التفكير الابتكارى .
- اختبار تزاوج الأشكال المألوفة (MFFT ) لقياس بعد التروى / الاندفاع. وتم تطبيق جميع الاختبارات على المفحوصين بصورة فردية .
وقد أشارت النتائج إلى ما يلي :
- وجود ارتباط ذي دلالة عند مستوى "05 " بين الاستعداد الطبيعي لعب التخيلي والتفكير الابتكارى ، ويرى المؤلف أن هذه النتيجة تكشف عن العلاقة الدينامية بين التخيل وحدوث الابتكار ، مما يستلزم تصميم برامج تعليمية من خلال الكمبيوتر تقوم على تنشيط التخيل باستخدام المحاكاة ، وذلك إذا رغبنا في تنمية القدرة على التفكير الابتكارى .
وجود تأثير ذي دلالة للتفاعل بين التروى / الاندفاع على التفكير الابتكارى حيث مال الأولاد المتروون وكذلك البنات المندفعات لأن يسجلوا درجات أعلى من الآخرين في مقاييس الابتكاري .
كما أشارت (فاطمة فرير 1986) (41) إلى الدراسة التي أجراها كل من (روزنفيلد، وهوتز)، )وستيفرو 1978 , ( والتي استهدفت الكشف عن العلاقة بين الإيقاع الإدراكي لدى الأطفال وكل من حل المشكلة والتفكير الابتكارى .
وكشفت هذه الدراسة عن العلاقة بين مجموعات الإيقاع الإدراكي الأربعة "المتروين المندفعين ذوي السرعة مع الدقة : ذوى البطء - مع عدم الدقة " مع كل من حل المشكلة والابتكارية .
وتكونت عينة الدراسة من أطفال الصف الابتدائي وشملت" 42 ولداً ، 59 بنتاً"، وطبقت الاختبارات الآتية :
- اختبار MFFT لقياس بعد التروى / الاندفاع .
الصفحة 314
- اختبار المهمات لقياس القدرة على التفكير الابتكاري وهو عبارة عن اختبارات فرعية وهي "مهمة طلاقة التداعي – مهمة الطلاقة التعبيرية – مهمة الطلاقة اللفظية – مهمة المرونة التكيفية – مهمة قياس الطلاقة الفكرية – مهمة قياس المرونة التكيفية – مهمة قياس الأصالة .
- اختبار مهام المتاهة اللفظية "الدراجة "الجديدة" لقياس القدرة على حل المشكلة .
وأشارت نتائج هذه الدراسة إلى :
-عدم وجود فروق ذات إحصائية بين المجموعات الأربعة للإيقاع الإدراكي في أي من مقاييس الابتكاري أو
حل المشكلة.
- كما لا توجد علاقة ذات دلالة لدى أي جنس بنين أو بنات بين مقاييس الابتكاري أو حل المشكلة مع الإيقاع الإدراكي.
واتساقاً مع نتائج الدراسة السابقة ، أثبتت الدراسة التي قام بها كل من "سيج وجارجيلوا "عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الأفراد المتروين والأفراد المندفعين في مقاييس الابتكاري ، حيث استهدفت دراستهما بحث العلاقة بين الابتكاري والأسلوب المعرفي لدى الأطفال العاديين والأطفال غير العاديين على التعليم في عمر المدرسة .
تعقيب على دراسات المحور الخامس :
من خلال استعراض الدراسات التي تناولت العلاقة بين الابتكار والأسلوب المعرفي " التروى / الاندفاعي " نخلص إلى:
الصفحة 315
ودراسة (روزنفيلد 1977 )إلى عدم وجود فروق دالة إحصائياً بين الأفراد المندفعين والمتروين في الابتكار .
2– يلاحظ أم معظم الدراسات التي تناولت العلاقة بين الابتكار والأسلوب المعرفي التروى / الاندفاع أجريت خلال عقد السبعينات والثمانينات .
3- هناك العديد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين الأساليب المعرفية والابتكار ولكنها تناولت الأسلوب الأكثر شيوعاً وهو أسلوب الاستقلال / الاعتماد عن المجال الإدراكي .
تعقيب عام على الدراسات السابقة :
- بالنسبة للكمبيوتر يمكن ملاحظة ما يلي :
- اعتمدت معظم الدراسات السابقة على تطبيق الكمبيوتر كمعاون للعملية التعليمية C.A.I .
- كانت المحاكاة بالكمبيوتر هي الأساس في بناء معظم البرامج التعليمية المستخدمة في غالبية الدراسات التي تناولت التعليم بالكمبيوتر .
- أثبتت بعض الدراسات أنه لا توجد فروق بين التعليم في صورة فردية أو صورة مجموعات عند التعامل مع الكمبيوتر كمعاون في التعليم
- قلة الأبحاث والدراسات التي تناولت العلاقة بين فاعلية الكمبيوتر في تنمية الابتكار برغم وجود نتائج إيجابية تدل على دور الكمبيوتر في تنمية الابتكار عكس ما هو شائع من سلبية الكمبيوتر في تنمية الابتكار .
- بالنسبة للتعليم المفرد وبعض المتغيرات التابعة كالاتجاهات والتحصيل يمكن ملاحظة:
- عدم وجود أبحاث أو دراسات عربية أو أجنبية تناولت العلاقة بين استراتيجية التعليم الموصوف للفرد P.I. وأي من المتغيرات التابعة السابقة وخاصة الاتجاهات نحو المادة .
- تعددت وتنوعت الدراسات التي تناولت نظام التعليم الشخصي - P.S.I وفاعليته على بعض المتغيرات التابعة مثل الاتجاه نحو المادة والتحصيل الدراسي وغير ذلك من متغيرات.
الصفحة 316
بالنسبة للتعليم المفرد والابتكار يمكن ملاحظة :
- معظم الدراسات التي تناولت علاقة التعليم المفرد والابتكار ، ركزت على إستراتيجيات التعليم المفرد التقليدية ، ولم يتوصل الباحث إلى أي دراسات بحثت العلاقة بين الابتكار واستراتيجيات التعليم المفرد المعاصرة التي منها I.P.I. P.S.I .
بالنسبة للتعليم المفرد والأساليب المعرفية يمكن ملاحظة :
بالنسبة للابتكار والأساليب المعرفية يمكن ملاحظة :
الصفحة 317
مراجع الفصل العاشر
(انظر الصفحات من ص318 الى ص322 في بدف اعلاه)
الصفحات من318 الى 322
توصيات الكتاب
(انظر الصفحات من ص323 الى ص326 في بدف اعلاه)
الصفحات من323 الى 326
ملاحق الكتاب
(انظر الصفحات من ص327 الى ص358 في بدف اعلاه)
الصفحات من327 الى 358
مراجع الكتاب
(انظر الصفحات من ص358 الى ص382 في بدف اعلاه)
الصفحات من358 الى 382
فهرسة الكتاب الفصيلي
(انظر الصفحات من ص383 الى ص391 في بدف اعلاه)
الصفحات من383 الى 391