التدريس و لغة الجسد  
المؤلف: محمد عيد محمد قرعان وغادة عبد الفتاح
التصنيف: الديداكتيك
عرض PDFالوصف:
محمد عيد محمد قرعان وغادة عبد الفتاح، التدريس و لغة الجسد، دار الجنان للنشر والتوزيع، المملكة الهاشمية الأردنية-عمان.
مقدمة
التدريس ابتداءً هو العملية التي يتفاعل فيها الطلبة فكرياً مع من يرسل لهم المعرفة، فالمعلم مرسل والطالب مستقبل ويجب أن يتفاعلا فكرياً وأن يحسن المعلم عملية الإرسال ،ويتقنها، ولا يتأتى له ذلك من غير اتباع استراتيجيات وطرائق وأساليب مبتكرة لديمومة عملية التفاعل واستمرارها، ومن غير ذلك لا تحدث عمليه التعلم، وقد حصل جدل كثير حول التدريس هل هو علم أم فن. وإذا كان العلم حقائق توصل لها العقل البشري بالتجربة، فالفن مهارات تخضع للذوق، وهنا أصبح التدريس أقرب إلى الفنّ منه إلى العلم، مع أنه مرتبط ارتباطاً حقيقياً بعلم النفس، ومن هنا وجب اطلاع المعلم على النظريات النفسية ونظريات التعلم؛ ليكتمل لديه الجانب التربوي النفسي مع الجانب الأكاديمي.
إن المعلم يمكن أن ينجح في التدريس إذا كان تأهيله متكاملا، ومن هنـا تطلب الأمر أن تتوافر لدى المعلم ثلاثة أبعاد، إذا كانت فيه أصبح معلما محترفًا، وهذه الأبعاد هي شخصية متميزة متوازنة قوية تتصف بأداء أدوار قيادية ناجحة، ومادة علمية رصينة في تخصصه، وطريقة تدريس صحيحة، وهذه الأبعاد متضامنة متكاملة، إذ إن أي خلل في أحدها ينعكس سلبياً على البعدين الآخرين فلا قيمة لشخصيّة من غير مادة علميّة تعزّز هذه الشخصية، ولا قيمة للمادة من غير طريقة جذابة تسهل عملية وصول مضمونها إلى الطلبة، ولا قيمة للطريقة إذا لم تكن هناك ماده تعززها شخصية قوية.
الصفحة 11
وفي ما يتعلق بكتاب التدريس ولغة الجسد فهو إنجاز تربوي تعليمي منهجي يحمل مواصفات المدرّس من حيث أنه العنصر الأساسي في عملية التدريس، فجاءت النظرة العامة للكتاب في فصله الأول مجسدة لمكانة مهنة التدريس وتأهيل المدرس والمهارات الواجبة التي منها مهارات لغة الجسد التي تجعل من المدرس إذا ما أتقن استخدامها مدرّساً متميزاً عن غيره، ومن هنـا تكون للكتاب الذي بين أيدينا ميزة عن غيره من الكتب التي لم تول لغة الجسد اهتماماً كبيراً، وفي النظرة العامة – أيضاً – جرى تناول كفايات التدريس، والاستراتيجيات التي هي مبادئ لتناول مجالات المعرفة الإنسانية بشمول وتكامل لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات سلوكية أكانت أم معرفية أم فوق معرفية .
وجاء الفصل الثاني من الكتاب بعنوان مدخل إلى التدريس، وفيه جرت معالجة مفهوم التدريس وتعريفاته المختلفة، حتى خلص المؤلفان إلى أن التدريس نظام كأي نظام، يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات ويتصف هذا النظام بتكامل العلاقات والتفاعلات، فقد تدرج التدريس من عملية تواصل إلى عملية تعاون وتشارك، إلى إيصال المعلومات والمهارات، إلى اتصال أطرافه وهي المعلم والطالب والمنهاج والبيئة، إلى تعليم المهارات والمعارف، إلى استهداف الطالب وجعله محور العملية التعليمية .
وعولج في هذا الفصل موضوع المفاهيم المرتبطة بالتدريس وأولها استراتيجيات التدريس وطرائقه وأساليبه وهناك أيضاً – نظريات التدريس التي هي مبادئ متكاملة قائمة على أسس علمية يمكن تطبيقها.
الصفحة 12
وعولج في الفصل الثاني – أيضاً – موضوع التدريس الذي هو النشاط الهادف إلى تحقيق التعلّم، وذلك بعمليات يؤدّيها المدرس لنقل المعارف والمهارات إلى المتعلم. وعولج التعلّم الذي هو التغيير الطارئ على الاستجابة الدائمة وليس مجرد المرور بالخبرة . أما مهارات التدريس فهي القدرة على الأداء بفاعلية، وأداء الممارسات بكفاءة عالية ودقة. ويظهر ذلك في ترجمة هذه المهارات إلى عمليات تخطيط وتنفيذ وتقويم، وهذه من أهم المهارات التي يجب أن يتقنها من يتصدى لمهنة التدريس، أمّا نظام التدريس أو عناصره فهي أربعة عوامل مرتبطة بعلاقة تفاعلية تبادلية، وهذه العوامل هي: المنهج والهدف والمعلّم والطالب.
إن لغة الجسد هي البعد الثاني الرئيس في كتاب (التدريس ولغة الجسد)، وتضمن الفصل الثالث من الكتاب كذلك لغة الجسد المتمثلة في اللغة التي هي ظاهرة بشرية أنعمها الله على البشر دون سائر الأحياء، والجسد الذي يستجيب لهذه اللغة. ومن هنا أصبحت لغه الجسد إيماءات ترسل المشاعر الدفينة في ذهن المرسل، يفهمها الآخر ويتفاعل معها، وتعد هذه اللغة لغة عالمية ، إذ إنّ الناس جميعاً يعرفون لغة العيون والابتسامة وحركة اليد والرّأس أو ربما الجسد كله... وهكذا أصبحت لغة الجسد عمليّة التواصل غير المنطوق تظهر على شكل إيماءات وإشارات وحركات وعدّت العين أو التواصل البصري أول وسائل لغة الجسد ، فهي لغة القلب ونافذته الرّوحيّة ومرآة الشعور فرحاً وحزناً وحباً. أما اليد فهي اللغة الناطقة عندما تغيب كل اللغات فلا غرابة أن تعبر الـيـد بحركتها باتجاه وإشارة معينة إلى المشاعر والأحاسيس والعواطف والأفكار. وتترك الابتسامة التي هي . – الوسيلة الثالثة للغة الجسد – آثاراً عظيمةً في النفس فهي التي تزيد وجه الإنسان جمالاً، وهي لغة قوية مفهومة من الجميع، يترتب
الصفحة 13
عليها الاحترام والتقدير والابتسامة قدرة على التعبير عن الفرح والحزن معاً، مثلما تعبّر عن التفاؤل وتسمى لغة الجسد باللغة الصامتة وهي ذات علاقة باللغة المنطوقة ويكون ذلك بالتكرار، أي تكرار الكلمة المنطوقة بإشارة لتأكيد أهميتها. وتؤكد الكلمة المنطوقة بإحدى لغات الجسد، ويكون ذلك أيضاً بالإدارة والضبط ، كتغيير المعلّم نبرة صوته لتوجيه رسالة إلى طالب مشاكس مثلا، ويكون كذلك بالتفسير والتوضيح، كأننا نفسر ونوضح كلمة أجنبية.
إن لغة الجسد أكثر ما تستخدم في التدريس، فهناك علاقة بين الاتصال التعليمي والتدريس الفعّال بالتواصل غير اللفظي، ويكون ذلك بالتخطيط والتنفيذ، ودراسة هذا التنفيذ وتقويمه، ومراجعة ما ذكر وتحسينه في ضوء تلك المراجعة. وهناك أقسام متعدّدة متنوّعة للإيماءات أهمها: الإيماءات الواضحة التي تنسجم مع ما ينطق، والإيماءات المقصودة لتنبيه أحد الطلبة مثلا، والإيماءات الانفعالية التي تعبر عن حالة نفسية معينة، وهكذا تعمل لغة الجسد في التدريس على: تقوية الأحاسيس والمشاعر، والتأثير الإقناعي واستقبال المعارف والمهارات، وإثارة الدافعيّة وترسيخ المعلومات، والإسهام في تعديل السلوك، والتدريب على التلقائية والعفوية.
أما مهارات التدريس الفعّال التي جاءت في الفصل الرابع من هذا الكتاب فهي من المسائل المهمة في نوع من التدريس وهو التدريس الفعال، إذ لا يأخذ هذا التدريس سمة الفعاليّة إلا بإشراك لغة الجسد بفاعلية أيضاً. وتتلخص مهارات التدريس الفعال بالتهيئة وإثارة الدافعية، والعرض والتقديم، واستخدام الوسائل، وإثارة الأسئلة أو طرحها، والإدارة والضبط.
الصفحة 14
وتكون التهيئة باستخدام مهارات عليا من التفكير، وتفسير المعلومات،و عصف الذهن، وتظهر أهمّيّة الدافعية في الاستجابة للموقف، وتحرير الطاقة الانفعالية، ومواجهة المشكلات والتحديات والتنبؤ بحدوث السلوك، وتحديد التوتر والمشاعر السلبية. أما العرض والإلقاء فيكون باستخدام الوسائل، وتوظيف حركات الجسد والتلوين الصوتي والسماح بالتفاعل، وتفعيل المشاركة وتنويع الحواس ويجب أيضا التنويع في الأسئلة، من أسئلة مفتوحة إلى أسئلة ضيقة، إلى أسئلة التفكير المتلاقي إلى أسئلة التفكير المتمايز. وتظهر أهمية الإدارة والانضباط في تحقيق الأهداف وإزالة العقبات والتحديات، وحدوث التدريس الفعال و ومنح الحرية للتعبير عن الآراء.
وجرت معالجة مهارات التدريس ولغة الجسد في الفصل الخامس من الكتاب ووردت عناصر لغة الجسد في المظهر، واليدين، والوقفة، والدخول، والحركة، والاتصال البصري، والإيماءات.
وجرى تعزيز كل ذلك بصور تبين كل حركة وإيماءة. أما الفصل الأخير السادس، فتضمن تطبيقات في لغة الجسد معززة بخطة تطبيقية في درس من دروس اللغة العربية .
بقلم الأستاذ الدكتور طه علي حسين
أستاذ المناهج والتدريس
الصفحة 15
الفصل الأول: نظرة عامة
التدريس بناء له ركائز راسخة بنتائج البحوث التربوية والنفسية، والنظريات المفسّرة له، والفلسفة التي تضفي عليه الشرعية وتمنحه المسوغات العلمية، وفي ظل الثورة المعرفية والعلميّة الهائلة التي تشهدها الساحة التربوية في هذا العصر – عصر الانفجار المعلوماتي الضخم والمتجدد – النابع من نتائج البحوث والدراسات والنظريات الحديثة والطرائق التدريسية المناسبة، والملائمة للبيئة التعليمية باتت الضرورة ملحة في إيجاد إطار جديد يرسم متطلبات التدريس وملامحه بمنظور حديث، ويجري به توظيف ذلك واستثماره في إنجاح عملية التدريس؛ إذ إن نجاح العملية التعليمية برمتها، متوقف بشكل أساسي على عملية التدريس الصادرة من المدرّس ودوره في التأثير الإيجابي، وقدرته على توصيل المعرفة وإكساب المهارة لطلبته، ومدى كفاءته في مواجهـة التحديات والصعوبات في الميدان.
ولمهنة التدريس مكانة مرموقة في المجتمع بشكل عام والمجتمع التربوي بشكل خاص، فقد حظيت بقدر كبير من اهتمام صناع القرار في السياسيات التربوية، بتسليط الضوء عليه، والكشف عن أسراره وبذل الجهود من أجل الرقي بممارساته التي تعود بالنفع على المجتمع، بجعله مجتمعا معرفيا قويا قادراً على مواجهة التحديات، وعاملا من عوامل رفعة الوطن.
إن المدرس المؤهل ينجح العملية التعليمية ، ويذلل الصعوبات والتحديات التي يمكن أن تواجهه، لأنه يعد حلقة الوصل بين المنهاج الذي يضم في ثناياه
الصفحة 17
المادة الدّراسيّة من معلومات ومهارات وبين الطلبة، المترجم للمادة وهو النظرية، باستخدام الاستراتيجيات والطرائق والأساليب المناسبة للطلبة. والمدرّس كذلك هو الركيزة الأساسية في بناء الصرح التربوي، والروح التي تمنح الحياة لجسد التربية، إذ لا فائدة مرجوة من أي تطوير للعملية التعليمية، ما لم يكن المدرس قادراً على ترجمة هذه التطلعات من برامج ومناهج وممارسات إلى أرض الواقع في الغرفة الصفية. ومن هنا وجب تمكين المدرس برفع كفاياته، وتحسين مهاراته التدريسية .
وللتدريس مهارات متعدّدة ومتطلبات جديدة تتماشى ومتغيرات العصر، وما جرى من تغيير وجهة النظر اتجاه التدريس، إذ لم يعد دور المدرس ناقلاً للمعرفة، أو مقتصراً على الجانب النظري صاحب المعرفة ومصدرها، بل أصبح له أدوار متعدّدة مثل: المدرّب والميسر والموجّه . وينظر التربويون إلى المدرس بأنه الشخص المؤهل تربوياً، والمتمكن معرفياً من تخصصه، والماهر في توصيل المعرفة بكل كفاءة وقدرة، والمتسلح بالمهارات الذاتية من الاتصال والتواصل وإتقان لغة الجسد، وأنه يمارس أدواره الجديدة بكل اقتدار. وعلى كاهل المدرس واجب اتجاه المسؤولية الملقاة عليه، وهي بذل الجهد في معرفة المتطلبات، والتسلح بالمعرفة العلمية، وكيفية الوصول إلى الطريقة التي تجعل من ممارساته التدريسية ناجحة تخدم تطلعات وزارة التربية والتعليم، وتحقق الآمال المرجوة منه بأن يكون المدرسة الفعّالة، ويكسب الطّلبة مهارات القرن الواحد والعشرين. وهنالك مسؤولية اتجاه المدرّس من التربويين تتمثل في تدريبه وتأهيله، من أجل امتلاك المهارات الجديدة في ضوء هذه المتطلبات.
الصفحة18
وتعد لغة الجسد من الموضوعات الحديثة التي سلط الضوء عليها تربوياً ، بوصفها مهارة تمكن المدرس من اكتساب القدرة والكفاءة اللازمة ، ليصبح مميزاً في ممارساته التدريسية، وقادراً على إدارة صفّه وميسراً للمعرفة بشكل فعال ، و متصلاً إيجابياً مع طلبته ومحققاً للأهداف التربوية المختلفة. ولغة الجسد تعين المدرس في حياته العملية والعلميّة والاجتماعية على أن يكون في مصاف المبدعين على مستوى الاتصال والتواصل والتأثير الإيجابي ، والوصول إلى النجاح في تحقيق الهدف. وللغة الجسد الأثر الكبير في عملية التدريس، إذ إنها تعكس مهارات المدرس وقوته أمام طلبته ، فهي خير دليل وبرهان على شخصية المدرّس التربوية المؤثرة وصدقه في المعاملة وإظهار حزمه وحكمته في الإدارة، وفنّ التعامل مع المواقف داخل الغرفة الصفية.
والملاحظ في هذا الصدد عدم استهداف هذه المهارة في البحوث والدراسات والدورات التدريبية في معظم الدول العربية، علاوة على ندرة الكتب والمؤلفات التي تتناول لغة الجسد في العملية التعليمية، وحجم الكتب في المكتبة التربوية العربية يعد قليلاً، بالرغم من أهميتها تربوياً، وتركيز معظم الدول المتقدمة على إقحام هذه المهارة في قطاعات الحياة المختلفة، ومنها القطاع التربوي، فهنالك استهداف واضح المعالم للغة الجسد في القطاعات السياسية، والاقتصادية، والإعلامية والتربوية.
وهنالك ثغرة أخرى، من وجهة نظر المؤلّفين، تكمن في ضعف المعرفة العلمية الصحيحة في التدريس والمصطلحات المتعلقة به وما ينبثق عنهـا مـن نظریات ومتطلبات والتعرف إلى طبيعته، وما هي الممارسات التدريسية المرغوب فيها، فضلاً. حالة عن عدم الاستقرار والثبات في الإجماع والاتفاق
الصفحة19
على مدلولات التدريس ومصطلحاته، بالرغم من كثرة الكتب والمؤلفات التربوية في هذا الحقل، فنجد تخبطاً واضحاً في تحديد معالم التدريس لفظياً، وتمييز مصطلحاته ومعرفة أبعاده بطريقة سليمة.
وهذه الأسباب دعت المؤلّفين إلى تناول موضوع (التدريس ولغة الجسد) في كتابهما لسد الثغرات المعرفية، وإكساب المهارات التدريسية، وبخاصة توظيف لغة الجسد في التدريس، بحيث يكون الكتاب مرشدًا ودليلا لكل مدرس مقبل على العمل التدريسي، سواءً أكان التدريس قبل الجامعي أم التدريس الجامعي أو التدريب التربوي وذلك بتسليط الضوء على التدريس بمفاهيم ومهارته، وتبسيطه وتحليله بطريقة سلسلة، فضلا عن معرفة ركائزه ومتطلباته في هـذا العصر، ومهارات التقديم والعرض والتحدث وذكر نماذج توضيحية لكل شكل من أشكال لغة الجسد.
وعودة إلى التدريس الذي هو موقف أو فكر ينطلق منه المدرس في أدائه لعملية التدريس، وهو محصلة خبراته، وما يتاح له في أثناء مرحلة الإعداد والتدريب، فضلاً. عن اتجاهاته، والقيمة الحاكمة لسلوكه التدريسي. إن أفضل من يؤدي عملية التدريس بشكل علمي وفني هو المدرّس المحيط بالفكر التربوي والتعليمي، والمطلع على نظريات التدريس.
والتدريس عملية الاتصال، التي تنجح في إدراك دور المرسل والمستقبل والوسيلة. وشرط التدريس التواصل الذي يشكل علاقة اجتماعية بين الأفراد. والتدريس تفكير، لأنه يخضع لسلسلة من النشاطات العقلية، وفيه تحدث عملية تصوّر وتجريد وحكم وتخيل واستدلال .
الصفحة20
ولا بد من امتلاك كفايات خاصة في التدريس، ففيها يصبح المدرس قادراً على الأداء بحل المشكلات في التدريس خاصة، والتربية عامة. وفي التدريس تجري عملية أداء فعل معقد بنشاط معين على نحو متقن، والمدرّس هنا يؤدي معاً مهارات حركية ولفظية وعقلية، موظفاً الاستراتيجيات والطرائق المختلفة. وإن التدريس بعد ذلك هو حقيقة وتعزيز، وتغذية راجعة، وتقنيات، وفكر تربوي، وتنمية مستدامة، وقيم، وذكاءات متعددة أهمها الذكاء العاطفي.
أما الاستراتيجية فهي أفكار ومبادئ تتناول مجالاً من مجالات المعرفة كذلك وهي تلك الإنسانية، بصورة شاملة ومتكاملة تنطلق نحو تحقيق الأهداف إجراءات وممارسات يتبعها المعلّم، للوصول إلى مخرجات في ضوء تلك الأهداف. والاستراتيجية تتضمن أساليب ووسائل وأنشطة وتقويماً، أو هـي خطة منظمة يمكن تعديلها وتطويرها ومتابعتها لتحسين الأداء، لكل من يؤدّي دوراً معيناً على صعيد التعليم أو غيره.
واستراتيجيات التدريس الحديثة كثيرة لا حصر لها، وإذا أردنا الخوض فيها بشكل تفصيلي فإن الأمر يتطلب أكثر من مجرد كتاب بعنوان التدريس ولغة الجسد. ولعلّ من المناسب استعراض أهم هذه الاستراتيجيات بشكل عام. ويمكن التعريف بالاستراتيجيات على أساس استراتيجيات سلوكية تعلمية، وسلوكية تعليمية، واستراتيجيات معرفية.
ويمكن تناول الاستراتيجية السلوكية التعلمية، ممثلة باستراتيجية التعليم السلوكية، بافتراضاتها وأسسها والاستراتيجية السلوكية والتعلم الصفي،
الصفحة 21
والمدرّس والمتعلم في الاستراتيجية السلوكية. ومن هذه الاستراتيجيات : استراتيجية التعلم المبرمج، واستراتيجية التعلم التلقيني، واستراتيجيات التعلم الإتقاني. أما مبادئ التعلم الصفي فتتحدد بطريقة حدوث التعليم، والعوامل المؤثرة في التعليم، ودور الذاكرة، وانتقال أثر التعليم والتدريس، ونتائج السلوك، وتنظيم الموقف التعليمي.
وفي الاستراتيجية السلوكية التعليمية هناك استراتيجية تشكيل السلوك، واستراتيجيات في السلوكية وتشمل المحاضرة والمناقشة، والتعليم المباشر، والمحاكاة، والتعليم الاجتماعي، والتعليم الانتقائي، والتعليم المبرمج.
أما الاستراتيجية المعرفية التعليمية فتشمل : البنائية باستراتيجياتها المختلفة، والاكتشافية والاستقصائية، والمنظم المتقدم. وهناك استراتيجيات التعلم المعرفية وتشمل الاستبصار والمجال، ومعالجة المعلومات ومن الاستراتيجيات المعرفية أيضا : استراتيجية (SNIP) واستراتيجية. (SQ3R ( واستراتيجية التفكير بصوت عال، واستراتيجية حل المشكلات، واستراتيجية الجدول الذاتي بأنواعها (KWL)و (KWLA)و (KWLH)و غيرها و استراتيجية العصف الذهني و استراتيجية سوم SWOM) ) التدريس التبادلي و استراتيجيات اكتساب اللغة وتعليمها وتشمل السلوكية والمعرفية والتوليدية، واستراتيجية الاستيعاب القرائي، وتشمل تعيين الأهمية، وطرح الأسئلة، والصور الحسية الذهنية، والاستدلالية ،وروبنسن والتعديل والتصحيح، والتلخيص، والحفر الأعمق، والمراقبة.
الصفحة22
وهناك استراتيجيات عمليات التفكير العليا والذكاءات المتعددة، واستراتيجية ما وراء المعرفة وبرنامج الكوت وبرنامج القبعات الست للتفكير، واستراتيجية التعليم الفعال والتعلم الفعّال واستراتيجيات عادات العقل، واستراتيجية الذكاء العاطفي.
وإذا جرى تقسيم الاستراتيجيات الحديثة بحسب التعلم المعرفي، فهناك: التعلم بالملاحظة، والتعلم بالاستقبال، والتعلم بالاكتشاف، ونمط برونر الاستقبالي، والاختباري لاكتساب المفاهيم، وتفريد التعليم، أوزبل وتعلّم المفاهيم والحقائق، والنظرية الترابطية في تعلّم المفاهيم، وتحليل المهمة، والتعليم المبرمج، والتعليم المتمازج التعليم المعزز بالحاسوب، والتعليم التعاوني ... وغير ذلك كثير.
الصفحة 23
الفصل الثاني: مدخل إلى التدريس
لقد شهد القطاع التربوي في نهاية القرن العشرين ظهور تغيرات جديدة للتدريس تتماشى وما أفرزه هذا العصر من تغيررات، لتلبية احتياجاته الملحة من مفاهيم ومهارات، فأصبح التدريس بمفهومه وشروطه وأركانه يحاكي متطلبات التغيير، ومنسجما مع البيئة الحالية، بتغيير الإطار الفلسفي التربوي.
أولا : مفهوم التدريس
هناك تباين في تعريف التدريس، إذ ينظر التربويون إليه من زوايا تختلف باختلاف فلسفة المجتمع، وأهداف التربية تبعا للتطور الذي حدث، وبالنتيجة أصبح التوصل إلى تعريف شامل للتدريس أمراً في غاية الصعوبة.
ولغوياً التدريس من (درس) أي عانده حتى انقاد لحفظه. ونقول: درس الكتاب أي قرأه ودرست السورة بمعنى حفظتها، ودرس الثوب بمعنى أخلقه. ونجد التدريس في الحديث النبوي الشريف (تدارسوا القرآن) أي بمعنى اقرؤوه، وفي القرآن الكريم نجد لفظ التدريس في آيات متعددة حيث وردت خمس مرات وعند البحث في مدلولها وفي تفسيراتها المختلفة نجد أن المعنى الأكثر بروزاً ووضوحاً، هو القراءة والتلاوة والفهم، وهو ما يتناسب و معنى الآيتين
في قوله تعالى: قَالَ تَعَالَى:( وَكَذَلِكَ نُصَرِفُ الْآيَتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسَتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأنعام ، وقَالَ تَعَالَى:( أَمْ لَكُمْ كِتَبُ فِيهِ تَدْرُسُونَ ) القلم: 73
الصفحة 24
أما التفسير المستخلص الآخر أنه قرأ الكتاب كثيرا ويسر كل شيء فيه، وحاول فهم ما استصعب منه، أي أصبح سهلاً فهمه واستيعاب محتواه ومضمونه، وتيسر حفظه.
وهو يتوافق مع ما ذكر في لسان العرب: درست الكتاب أدرسه درسًا أي ذللته بكثرة القراءة حتى خف حفظه علي.
أما التفسير الأخير يتوافق مع تفسير الآية القرآنية في قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لنا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضَ يَسْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذَ عَلَيْهِم ثَقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقِّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الأعراف: 169
وقال بعض العلماء: إن معنى ودرسوا ما فيه أي محوه بترك العمل به والفهم له من قولك: درست الريح الآثار، إذا محتها. وخط دارس وربع دارس، إذا امحى وعفا أثره. ونستخلص أن مدلول كلمة (الدرس) تأتي بمفهوم الإمعان والتأمل وكثرة القراءة في الكتاب، حتى يسهل فهمه وليس ذلك فحسب، وإنما العمل بما أدركه القارئ بما قرأ حتى يتمكن منه وعدم زواله من فكره وعمله.
ومن جانب آخر هنالك تعريفات متعددة للتدريس منها: إنه عملية تقديم الحقائق والمعلومات والمفاهيم المقرّرة في المنهج للمتعلم، باستخدام نمط تعليمي محدد داخل الغرفة الصفية.
وهذا التعريف يوضح أن التدريس عبارة عن نموذج تقليدي ضيق قائم على دور سلبي لعملية التعليم، تتمثل في دور المدرّس الملقن أو الناقل للمعرفة والمسيطر على الأجواء التدريسية بالتحكم والتسلط، والمتعلم غير متفاعل، وليس له أي نشاط أو مشاركة ووسيلة التعليم هي المحاضرة التقليدية التلقينية الشفهية. والمأخذ على هذا التعريف أنه لا ذكر لتنمية تفكير المتعلم فيه، أو تناول تنمية الشخصية أو الاهتمام بميول المتعلم ونمو شخصيته من جوانبها المتعددة.
وفي ظل التغييرات ومتطلبات العصر ظهرت تعريفات متعددة للتدريس منها :
التدريس نظام : مكون من المدخلات والعمليات والمخرجات، وهو نظام متكامل من العلاقات والتفاعلات.
الصفحة27
شكل يوضح عملية التدريس كنظام متكامل(انظر الخطاطة الصفحة 28 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
وتتمثل المدخلات في العنصر البشري وهما المدرّس والطلبة، فضلا عن المادة التعليمية (المنهاج) و البيئة الصفية .
أما العمليات أو الإجراءات فتمثل في الجانب التنفيذي التطبيقي الذي يؤديه المدرس من استراتيجيات وطرائق وأساليب وتحضير البيئة التدريسية والوسائل المستخدمة والتغذية الراجعة والتقويم. أما المخرجات فهي النتاجات التي تظهر على المتعلم في المجال المعرفي، أو العاطفي، أو المهاري، ويتمثل في سلوكه ويسمى بالتعلم.
الصفحة28
وهكذا يهدف هذا النظام بشكل أساسي إلى إحداث نمو المتعلم في جوانب شخصيته المختلفة ، العقلية والمهارية والوجدانية. التدريس عملية اتصال :التدريس عملية تواصل واتصال بين المدرس والمتعلم، تهدف إلى إكساب المتعلمين جملة من المهارات والمعارف المتنوعة (الرسالة)، باستخدام أساليب وطرائق تدريس ووسائل مختلفة، بمواقف اتصالية تتسم بالتفاعل والنشاط. وهو بذلك يعد نقل محتوى معين من مهارة أو معرفة، أو غيرها، من شخص (المدرس) إلى شخص أو أشخاص آخرين (طلبة) إذ يتم فهم محتوى أو اكتساب المهارة بشكل صحيح من قبل الطلبة.
وبالرجوع إلى مكونات دائرة الاتصال الثمانية وربطها بالتدريس يمكـن الوصول إلى الآتي:
شكل يوضح مفهوم التدريس كعملية اتصال(انظر الخطاطة الصفحة 29 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة 29
الصفحة30
. 7 بيئة الاتصال (بيئة التدريس): هي كل المؤثرات المحيطة بالمكان والأفراد المرتبطين بالتدريس من تجهيزات الغرفة الصفية، والأجهزة والمعدات، وحالة الجو والخدمات والتسهيلات المتوفرة ... .
ويرى المؤلفان أن التدريس عبارة عن التنفيذ المخطط له بطريقة هادفة تجري داخل الغرفة الصفية من أجل تحقيق الأهداف في بيئة تفاعلية إيجابية، ولها عناصر تتمثل في المدرس والطالب والبيئة التعليمية والمنهاج.
وهكذا يندرج التدريس تحت ما يأتي:
عملية تعاون وتشارك الأطراف جميعها.
ثانيا : التدريس والمفاهيم المرتبطة به
وينسب للتدريس طرائق واستراتيجيات وأساليب، تسمى باسمه، ومفاهيم ومصطلحات تربوية ذات علاقة بمجاله، ويجب التفريق بين هذه المفاهيم، وأن نميز بين دلالاتها، بالرغم من أن بعض الدراسين يعتقد بأنهـا
الصفحة31
مفاهيم مترادفة لمفهوم واحد ، وأنه لا توجد حدود فارقة بينهم. ومن أبرز هذه المفاهيم : استراتيجية التدريس، وأسلوب التدريس، وطريقة التدريس، والتعلم، والتعليم.
استراتيجية التدريس
يعد مصطلح الاستراتيجية مصطلحا عسكريا، وتعني الخطة الحربية، أي فن التخطيط للعمليات العسكرية وإدارتها. وتقوم الاستراتيجية على أساس الخطط المعدة من قبل لتحقيق الأهداف. وبهذا فهي ترشد إلى كيفية العمل والتحركات.
وجرى استخدامها في الحقل التربوي والاستفادة منها في الاستخدام الأمثل لكل ما يتعلق بالعملية التعليمية من الأدوات والمواد التعليمية واستثمارها بالشكل الأفضل لتحقيق أفضل مخرجات تعليمية ممكنة، وتمنع حدوث أي مخرجات تعليمية غير مرغوب فيها.
وتعرف استراتيجية التدريس بأنها مجموعة الإجراءات والخطوات التي يقوم بها المدرس داخل الغرفة الصفية بشكل منتظم ومتسلسل لتحقيق أهداف تدريسية معدة مسبقا.
وتعرف أيضا بأنها ما يقوم به المدرس من إجراءات تعليمية داخل الغرفة الصفية وتهدف الى تحسين التعليم وتطوير مهماته على وفق ما تتوصل إليه الدراسات والبحوث.
فالاستراتيجية إذن: مجموعة الخطوات المنظمة بطريقة متسلسلة، والإجراءات التي تراعي الواقع التعليمي، والهادفة إلى تحسين تعلم الطلبة داخل الغرفة الصفية بطريقة تفاعلية ومرنة.
الصفحة32
طريقة التدريس
وسيلة للتفاعل بين المدرّس والطالب، وهي الطريقة التي يستخدمها المدرّس بما لديه من خبرة ومعرفة لتوصيل المحتوى من المعارف والمفاهيم والمهارات والقيم إلى المتعلم أثناء قيامه بالعملية التعليمية.
أسلوب التدريس
الشكل والنمط التدريسي الخاص بالمدرّس ، أي ما يفضله المدرّس في تدريسه من استخدام الإجراءات بشكل خاص به ويمكن القول: إن أسلوب الكيفية أو الأسلوب الذي يتناوله المدرّس أثناء عملية التدريس، أو الأسلوب الذي يتبعه المدرس في توظيف طرائق تدريسه بفاعليه تميزه عن غيره. والأسلوب هو ما يميز شخص عن آخر، فلكل شخص أسلوبه في التفكير والعمل والأسلوب يعني الشخصية.
ويمكننا أن نوضح الفرق بين المصطلحات الثلاثة آنفة الذكر، بأن الفرق يتمثل بما يأتي:
واستراتيجية التدريس أعم وأشمل من طريقة التدريس وأسلوب التدريس، فالاستراتيجية تضم مجموعة الإجراءات التدريسية للوصول إلى
الصفحة33
الهدف، أي أنها تختار الطريقة المناسبة لجميع الظروف والمتغيرات المختلفة في المواقف التعليمية.
شكل يوضح حجم الفرق بين استراتيجية وطريقة وأسلوب التدريس (انظر الشكل الصفحة 34 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
وأقدم هذا المثال التوضيحي لتمثيل الفرق بين المصطلحات:
الصفحة 34
من وجهة نظرة وبناءً على تقديراته مثل تقديم وتأخير الطرائق المستخدمة وشكلها، واختيار الوقت المناسب للتنفيذ، والتعامل بحرية أو حزم . (هذه تسمى الطريقة)
مثال تربوي : استراتيجية طرح الأسئلة : ( يتم ذكر تفاصيل الاستراتيجية وأهدافها وعناصرها وأنواعها وكيفية التطبيق وما هي الأدوار .....) هذه تسمى استراتيجية .
طرائق التطبيق : يطبق المدرّس في الغرفة الصفية الاستراتيجية من خلال مجموعة من الطرائق :
الطريقة الأولى : استخدام الأسئلة السابرة.
الطريقة الثانية : استخدام العصف الذهني.
الطريقة الثالثة: استخدام الأسئلة المفتوحة.
الطريقة الرابعة: استخدام أسئلة التفكير المتمايز.
الطريقة الخامسة : استخدام أسئلة التفكير المتلاقي.
فيحقق بذلك تطبيق الاستراتيجية من إطارها إلى الممارسات التطبيقية، والطريقة جزء من الاستراتيجية الكبيرة التي تضم جميع أ أشكال الطرائق.
أسلوب التدريس : يقوم المدرّس بتطبيق الطرائق بما يراه مناسباً من وجهة نظره، كأن يقدّم الأسئلة ( العصف الذهني أو الأسئلة السابرة ... ) لجميع الطلبة، أو أن يختار طالباً مميزاً، أو مجموعةً من الطلبة الأذكياء (سؤال القمة أو سؤال الهضبة)، بمعنى الحريّة في تطبيق الطريقة من أجل تحقيق الهدف بناء على ما يراه مناسبًا من وجهة نظره.
الصفحة 35
مع العلم بأن الطريقة يمكن أن تتداخل مع الأسلوب، واعتبار الأسلوب طريقة أو العكس، فالحكم على المسميات يخضع لآلية التطبيق وما أقصده، بسبب عدم وجود حدود فارقة وواضحة المعالم بين المصطلحين يصعب من التفريق بينهما إلا من خلال الفهم للمقصود وآلية التطبيق.
نظرية التدريس
تعرف نظرية التدريس بأنها مجموعة المبادئ المتكاملة المبنية على أسس علمية قابلة للتطبيق في المواقف التربوية، التي تمكننا من التنبؤ، بما يؤثر في تعلم الطلبة وإكسابهم، وتصف طرق تحقيق الأهداف التربوية.
ويتضح لنا أن نظرية التدريس تهدف إلى تحقيق الأهداف التربوية بتحسين الممارسات التدريسية داخل الغرفة الصفية، ووصف العلاقة بين أطراف العملية التعليمية. وهذا كله ينصب في مساعدة الطلبة على اكتساب التعلم. ونظرية التدريس ليست عشوائية؛ لأنّها مستندة إلى نتائج البحوث العلمية والدراسات التربوية، وهي مرتبطة بنظريات المعرفة، وعلم النفس التربوي، وعلم نفس النمو، وعلم الاجتماع.
ولكي نلم بنظرية التدريس يجب أن ندرك الأمور الآتية: عناصر العملية التعليمية وأهدافها، وأنماط المحتوى التعليمي الذي يتضمنه الكتاب المدرسي، وطرائق تحليله إلى المعرفة والمعلومات، وكيفية تنظيمها وفقاً للنظريات التعليمية المختلفة وطرائق التدريس واختيار الوسائل التعليمية المناسبة، واختيار المنشطات العقلية التي تحث على الفهم، وأخيرًا كفية صياغة الأسئلة التعليمية وطرحها بمهارة، والقيام بالعملية التقويمية الشاملة.
الصفحة36
التعليم
ورد لفظ التعليم كمفهوم مستقل عن التدريس، وهذا ملاحظ في اللغة العربية بورودها في القرآن الكريم والسنة النبوية إذ جاءت في الآيات الكريمة الآتية ﴿هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِي الْأُمِنَ رَسُولَا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَابَيْهِ، وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * ﴾الجمعة: 2
وفي الآية : ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَنْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَنُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَرُوتَ وَمَرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَقَ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ البقرة: 102
في حين وردت كلمة التدريس في خمسة مواضع سبق ذكرها في التدريس. وفي اللغة الإنجليزية تطلق مصطلحات مختلفة المعاني للألفاظ الثلاثة ,Teaching Instruction, Learning ويظهر هنا عدم اتفاق على ترجمتها للغة العربية، وللأسف الشديد نجد من الصعب التفريق بينهما فيما أورده التربويون في مؤلّفاتهم حول مفهوم التعليم والتدريس وما الفرق بينهما، فهنالك تخبط واضح في قاموس التربية الذي يعرف التعليم بمفهوم وخصائص ومدلولات معينة، تميزه عن التدريس، وفي مصدر آخر نجد أنه ساق المفهوم نفسه والتعريف
الصفحة37
والدلالات للتدريس تميزه عن التعليم، فضلاً عن إن كتبا تربوية معتمدة تعدّ التعليم أشمل من التدريس وأعم منه . وفي كتب أخرى تنعكس ذلك. وحتى في ترجمة الكتب الأجنبية لهذين المصطلحين كان هنالك اختلاف ولغط واضح فمنهم من يترجم التعليم أنه Instruction والتدريس بأنه Teaching، وفي ترجمة أخرى نجد العكس، Teaching تعني التعليم وInstruction، تعني التدريس. والذي يعنينا هو التمييز بينهما وتحديد المدلولات للمفهوم باللغة العربية، وسوف نعرف التعليم ونفرّق بينه وبين التدريس بطريقة سلسلة حتى يستطيع القارئ أن يلم بشكل دقيق بحيثيات كل مفهوم وتفصيلاته ومدلولاته، وتوصلنا إلى ذلك بعد جهد كبير قمنا به بالرجوع إلى البحوث والدراسات والكتب المتعددة، وعمل موازنات وفي ضوء ذلك جرى استنتاج ما يلي:
وفي ضوء التعريفين السابقين للتعليم ما زالت الصورة ضبابية، والتفريق بينه وبين تعريف التدريس في الجزء السابق مبهما حيث أن هذين التعريفين يتداخلان مع مفهوم التدريس، ولكي نفرق بينهما ونحدّد الفروق الفاصلة التي تميزهما طرحنا هذه النقاط :
الصفحة38
ونعلم السباحة، ونعلم الدين والأخلاق الحميدة، فهذا يكون تعليما، ولا نقول ندرس السباحة أو الأخلاق؛ لأن التعليم يشمل جانب إكساب المهارات والقيم والمعارف المختلفة وتعلمها .
فضلا عن المعارف، وهذا لا يكون في التدريس الذي يشمل جانبًا واحدًا هو المعـارف والنظريات والمفاهيم.
وفي اللغة الإنجليزية يطلق لفظ (المدرّس) Teacher على من يعمل في مهنة التعليم قبل الجامعي إذ إنّه يعمل ضمن إطار محدد لـه بمعايير وثوابت تم صياغتها من وزارة التعليم فدوره مقتصر على تنفيذ خطوات وأنشطة وتحقيق أهداف مقدمة في قالب معرفي (المنهاج ) . بينما يطلق على المدرّس الجامعي لفظ Instructor، إذ إنه يعمل ضمن إطار غير محدد وغير مقيد بمنهاج تعليمي، ولا يفرض عليه مقررات معينة أو قوالب جاهزة فهو يعدّ صانعاً لصياغة المحتوى المعرفي وله الحرية في اختيار ما يراه مناسباً.
الصفحة39
التعلم
يمكننا أن نعرف التعلم بكل بساطة بأنه التغيير الذي يطرأ على الأداء أو الاستجابة، وهو تغيير دائم وليس سببه المرور بخبرات.
والتعلم هو المخرجات التي نرغب أن نحققها أي ما يكتسبه الطالب من المعارف والقيم والاتجاهات وغيرها.
والفرق بين التعلم والتعليم واضح، إذ إنّ التعليم عبارة عن الإجراءات والعمليات المستخدمة، والتعلم هو عبارة عن نتاج تلك العملية.
أما الفرق بينه وبين التدريس، فتتمثل في أنّ الأخير هو وسيلة اتصال وتفاهم بين طرفين أي إنه لا بد من وجود مرسل ومستقبل بطريقة معينة، ويجب أن يحدث التعلم، ولكن العكس غير صحيح، بمعنى أن التعلم لا يتوقف حدوثه على التدريس، فهناك أشياء كثيرة يمكننا أن نتعلمها في حياتنا بالتجربة والخطأ أو بالصدفة، فنقول التعلم الذاتي والتعلم من خلال التجربة.
ثالثاً : التدريس بين الفن والعلم
ابتداءً يجب أن نعرف ما العلم وما الفنّ وما الفرق بينهما؟ العلم هو ما توصل إليه الإنسان بالتجربة العلمية من حقائق ونظريات مسلمة قائمة على العقل والتفكير والبرهان والدليل المادي، ولا يختلف عليها اثنان لأنّ العقل هو مصدرها والعقل واحد حيال البديهيات.
أما الفن فهو مجموعة المهارات كالغناء والرسم والموسيقى، ومصدرها الذوق والإحساس والمشاعر النابعة من العاطفة وتختلف العاطفة والذوق من شخص إلى آخر، لأنها نسبية وليست ثابتة. بمعنى ما هو جميل بنظر شخص قـد لا يعجب شخصا آخر. فالقصيدة تكون ذات تأثير ووقع في النفس لدى شخص، وليس شرطا أن تكون ذات تأثير عند شخص آخر.
الصفحة40
إن العلم والفنّ متداخلان فلا يمكن أن يكون العلم بلا فنّ، والفن بلا علم، فهو جسد له روح تحيا به. فمثلا الشعر هو فن وموهبة يعتمد على الذوق والشعور والوجدان، وفي الوقت نفسه هو علم له قواعد علمية يحكم عليها بناءً على معايير وقواعد ثابتة مثل بحور الشعر والقافية وصحة اللغة والمفردات وغيرها.
إذن هل التدريس عبارة عن مجموعة من الحقائق والنظريات والقواعد الثابتة التي لا مجال للشك فيها ؟ أو هل هو نوع من المهارات التطبيقية التي تكتسب بالخبرة والتدريب من الميدان؟
وبعد النظر في واقع التدريس يمكننا القول من وجهة نظرنا إن التدريس له صبغة فنية في الغالب إذ إنّ جوهر التدريس وانطلاقه يتمثل في المهارات التي يقوم بها المدرّس وكفاءته وقدرته في فنّ الاتصال . مع طلبته، وفن التأثير عليهم وقدرته على مواجهة التحديات والوقائع بذكاء وفطنة، وهذه مظاهر ذات طابع فردي تعكس خبرة المدرس. وهذا الفنّ له ارتباط وثيق بالعلم، وللتدريس بعد ذلك أصوله وقواعد مستمدة من علم النفس والنظريات التي تساعد في فهم التدريس والتفسير لما يحدث والتنبؤ بما سيحدث والتحليل والتقويم.
علم التدريس مهم جداً للمبتدئين؛ لأنه يساعدهم في كسب المهارات الأساسية واللازمة لممارسة المهنة، وبعد إتقان هذه المهارات يأتي دور البراعة أو الفن.
إن فن التدريس يقوم على مبدأين هما: الفطرة (الموهبة)، والتعلم المكتسب، وتتمثل الفطرة في قوة شخصية المدرّس وقدرته على ضبط نفسه والتحكم بمشاعره وغضبه وفطنته وذكائه وحسن التعامل والتصرف. أما الجانب التعلمي المكتسب، فيتطلب تعليم المدرس المادة الدراسية للمقرر، بأن يكون
الصفحة41
لديه العمق المعرفي في التخصص الذي سيقوم بتدريسه. وهذا ينعكس على قوة المدرس وثقته بنفسه مما يولد لديه النشاط والحماس والتميز.
وبهذا فإن المدرس يمزج في ممارساته بين التدريس كعلم والتدريس كفن وبعد مروره بالممارسات التدريسية لفترات من الزمن يكتسب الخبرة العملية التي تجعل منه مميزاً.
وفي هذا الصدد يمكن أن نطرح تساؤلاً على مجموعة من المدرسين والمدرسات مفاده هل المدرس المميز يولد بالفطرة، أم يكون باكتساب العلم والممارسة مميزاً ؟؟ وهل كل شخص قادر على أن يكون مدرساً ومحاضرا ومدرباً ناجحاً ؟ أم أن هنالك معوقات تعيق نجاحه في أن يكون مدرسا مميزا كالصفات الشخصية والذكاء ( الفطرة ) ؟
التدريس مزيج من العمليات والإجراءات والأنشطة التي تعمل بصورة دينامية متداخلة، فضلا عن المواقف المعقدة التي تحتاج إلى اليقظة والفطنة، وإلى قدرات ومهارات ومعارف سليمة، وهي أيضا عملية إنسانية واجتماعية لها أبعاد شخصية تتمثل في العلاقة بين المدرس وطلابه والمحتوى التعليمي والبعد المعرفي العقلي، فالتدريس مهنة لا تصنف من المهن السهلة والبسيطة، ويحتاج التدريس الفعال إلى من يمتلك مقومات وكفاءات، ويمكن تقسيمها على قسمين:
الصفحة42
إن التدريس الفعال بمهاراته وأسسه مبني على الجانب التطبيقي -الممارسات التدريسية للمدرس – في الميدان بطريقة علمية سليمة، وهذا يأتي من خلال المعرفة الصحيحة بطرائق التدريس، وفن التعامل مع المواقف، أي ما نسميه الخبرة والممارسة. ولا يكون التدريس فعّالاً إن وجد فقط الذكاء والفطنة وحسن الإدارة وقوة الشخصية بمعزل عن العمق المعرفي، وعلم التدريس وفنونه العلمية والعكس ليس صحيحا. إذ نجد أن القدرات المكتسبة بالعلم هي التي تصنع مدرساً ناجحا بالأسس السليمة، وهي ما تؤثر في مجموعة الصفات الذاتية الفطرية؛ لأن المدرس الممارس للتدريس يأخذ الثقة والتوازن والذكاء بتطبيقه وممارسته التدريسية، أي الخبرة العملية المبنية على الأسس العلمية السلمية. وبهذا نرى أن العامل الأقوى والمؤثر هو القدرات المكتسبة.
على أن هنالك رأيا يشير إلى أن الصفات الشخصية الذاتية لا يمكن أن تنمى بالممارسة والمعرفة والتدريب.
رابعاً : مهارات التدريس
تكتسب مهارات التدريس بالتعلم والتدريب والخبرة، إذا ما بنيت على قواعد معرفية سليمة، والمهارة هي القدرة على الأداء بشكل فعال، ومهارات التدريس تعني القدرة على القيام بالممارسات التدريسية بكفاءة عالية ودقة متناهية، وترتبط مهارات التدريس بالقدرة والكفاءة على أداء ثلاثة جوانب هي: تخطيط التدريس و تنفيذه وتقويمه.
الصفحة43
أنواع مهارات التدريس
قسمت مهارات التدريس على ثلاث عمليات تمثل سير مرحلة التدريس، وهذه العمليات هي:
- عملية التصميم ( التخطيط)
- عملية التنفيذ
- عملية التقويم
مهارات التخطيط
التخطيط نقطة البدء المنطقية للممارسات التدريسية الصحيحة، وبه يتم نجاحها وتحقق أهدافها، وهو التفكير لما سيقوم به المدرس من أجل تحقيق طلبته، وينظر إليه بأنه عملية اختيار أفضل طريق يضمن تحقق أهدافه مع الأهداف. بمعنى توضيح كيفية تنفيذ الدرس وتقويمه، ووصف شامل لكل العمليات والإجراءات التي ستحدث في الغرفة الصفيّة. ويشمل التخطيط جميع عناصر العملية التعليمية المتمثلة في الطلبة والمدرس وعملية التعلم والمنهج والتقويم. وتكون مهارة التخطيط في تحليل المحتوى، وتحليل خصائص الطلبة، وصياغة الأهداف (النتاجات المتوقع من الطالب تحقيقها، وتحديد طرائق التدريس المناسبة والتقويم.
مهارات التنفيذ
تعكس هذه المهارة الجانب التطبيقي، وتتمثل في مهارة المدرس في ترجمة المادة النظرية باستخدام الممارسات والأنشطة وتتطلب جملة من العمليات مثل: مهارة التهيئة ومهارة الإلقاء، ومهارة الإدارة والقيادة، ومهارة التدريس،
الصفحة44
ومهارة طرح الأسئلة، ومهارة التحفيز ومهارة التعزيز، ومهارة الاتصال والتواصل الإيجابي، ومهارة الأساليب التدريسية المتنوعة.
مهارات التقويم
يعد التقويم مهارة ملازمة للعملية التعليمة وهي جزء يعمل على تحديد مدى تحقيق الأهداف وتبرير ذلك بتبيين نقاط الضعف والقوة .
والتقويم مهارة تتكون من مجموعة عمليات منظمة لتحديد مدى تحقق الأهداف بطريقة منظمة بتشخيصها وعلاجها. ولها وظائف متعددة منها: إصدار الحكم على نجاح الطلبة في التحصيل الدراسي وتشخيص الصعوبات وتحديدها، وتبيين دور عناصر التدريس وفاعليتها. وهنالك أساليب للتقويم وهي: الاختبارات التحريرية والاختبارات الشفهية وقائمة رصد الدرجات
والعلامات، والتقويم الواقعي.
استراتيجيات التدريس
لاستراتيجيات التدريس تصنيفات متعددة بحسب نظرة المتخصصين إليها، فهناك من يصنفها إلى ثلاثة أصناف في ضوء المعايير وهي:
أولها: بناء على دور الطالب ونشاطه فتقسم على ثلاثة أقسام هي:
الصفحة45
ثانياً: بناء على نوع التعلم: وتقسم إلى نوعين هما:
ثالثاً: وفقاً للتفاعل بين المدرّس والطالب: وتقسم إلى قسمين هما:
نظام التدريس
للتدريس نظامه الخاص، أو ما يسمى بعناصر التدريس، ويعرف نظام التدريس بأنه مجموعة متكاملة من العوامل الأربعة التي تربطها علاقة تفاعلية تبادلية كل عامل يؤثر ويتأثر في الآخر هدفها تحقيق المخرجات والنتاجات التعليمية لدى الطلبة.
والعوامل التي تكوّن النظام هي:
الصفحة46
شكل يوضح نظام التدريس( انظر الخطاطة الصفحة 47)
إنّ العلاقة التي تربط بين العوامل علاقة تبادلية تفاعلية، وتتفاعل معا داخل البيئة التعليمية من أجل تحقيق الأهداف المرجو من الطالب أن يحققها.
ويتكون المنهاج من المكونات الآتية: الأهداف والمحتوى والطرائق والأنشطة والتقويم. أما الأهداف فهي الأهداف التربوية العريضة التي تشتق عنها أهداف تفصيلية حسب المنهاج والمستوى التعليمي. والمدرس هو مهندس عملية التعليم والناقل للمعرفة والمترجم المنهاج والطالب هو محور العملية الذي أسس التدريس له، ومن أجله وضعت جميع العناصر التعليمية.
الصفحة47
الفصل الثالث: مقدمة في لغة الجسد
تعد لغة الجسد لغةً عالميّةً، إذ إنّ علماء الإنثربولوجيا وعلماء النفس والاجتماع قد بحثوا في مفهوم قراءة الجسد، ولكن لم تستوف هذه المهارة حقها في الدّراسة والبحث وما تم الوصول إليه يعد غير كاف، إذ ما زالت مفاهيمه ومعانيه عند دارسيه مستفزة للبحث أكثر فأكثر، وفي نهاية المطاف قد أتفق على بعض الإيماءات والإشارات غير اللفظية في الثقافات المختلفة في معنى واحد مثل هزّ الرأس في جميع لغة العالم تدل على الموافقة الابتسامة تدل على الفرح، فضلا عن أن هناك إشارات تم الاتفاق عليها للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وضعاف السمع .
وما زالت الدراسات عاجزة عن تفسير بعض الإيماءات والإشارات لفهمها بدقة وبخاصة أنّ بعض الأشخاص يخفون بقصد حركات جسدهم لغاية معينة وبهدف يتماشى مع مصالحهم. وأشارت الدراسات إلى أن لغة الجسد قد تسبب سوء الفهم لدى الأفراد وحتى على مستوى الدول؛ لأن بعض الإيماءات يختلف معناها من مكان إلى آخر، وتختلف بعض الألفاظ والتراكيب المنطوقة.
وسوف نتناول في هذا الفصل لغة الجسد من مفهومها ووسائلها وتاريخها.
مفهوم لغة الجسد
يتكون مفهوم لغة الجسد من مصطلحين هما لغة وجسد، واللغة ظاهرة بشرية تميز بها الإنسان عن سائر الكائنات الحية، وهي من نعم الله تعالى علـى
الصفحة49
الإنسان، وتعرّف بأنها نظام صوتي يمثل سياقا اجتماعيا وثقافيا له دلالة و رموز، وأبسط تعريف لها أنها أداة تواصل يعبر بها الفرد عن رغباته وحاجاته باستخدام الأصوات. وكلمة (جسد) تعني الكتلة أو المجسم أو البدن، وهـو كـل ما يشغل حيزا، و تطلق على جسم الإنسان. وظهر مصطلح لغة الجسد حديثا، وعرفه مختصون متعددون وأسهبوا في شرح واف للحركات والإيماءات ومعانيها، ومن التعريفات:
الصفحة 50
ونستخلص من التعريفات آنفة الذكر أن لغة الجسد: نوع من التواصل غير المنطوق، يظهر على شكل إشارات وإيماءات وحركات عبر قنوات التواصل غير اللفظية، بملامح الوجه والعينين والفم والحواجب والأنف وحركات اليدين والقدمين وانحناءات الجسد المختلفة، وقد تكون إرادية أو لا إرادية، وهي ترجمة لعواطف الإنسان الداخلية وأفكاره أي إنها مهارة لحظية تعبر عن لحظة، كردة فعل لموقف ما أو حدث ما، وهناك إشارات مفهومة لدى الجميع مرسخة وثابتة في عادات الشعوب وثقافاتهم، وهناك إشارات لا يفهمها إلا المتدرب على قراءة لغة الجسد ومعانيها ودلالاتها .
وعلى الرغم من أهميتها البالغة، فإننا غالبا ما نعجز عن الانتباه إلى المعاني الدقيقة التي تنقلها تعابير الوجه وإيماءات الجسد ونبرة الصوت وإيقاعه، وعناصر التواصل التي تشكل أهمية أكبر من الكلمات التي تنطق بها. إن حركة واحدةً يمكنها أن تؤثر سلبًا أو إيجاباً على مسار علاقاتنا، وحتى على قدرتنا على التفاعل اليومي والنجاح في المفاوضات وإقناع الآخرين بوجهة نظرنا.
أهمية لغة الجسد
تعد لغة الجسد أحد أبرز الموضوعات التي تتناولها فئات المجتمع علـى اختلاف تخصصاتهم، وثقافاتهم لما لها من أهمية بالغة، إذ إن لغة الجسد هي الأكثر طلاقة، والأكثر تعبيرًا عن الأفكار والمشاعر من أي شكل من أشكال التواصل الأخرى بين البشر.
الصفحة 51
ويمكن للإيماءات الإيجابية أن تحقق لنا النجاح والتأثير، بينما يمكن للإيماءات السلبية أن تحرمنا منها، ولهذا فمن الضروري أن نتعلم كيف نطوّر لغة الجسد بعناية إذا كنا نريد بلوغ أهدافنا وتحقيق أحلامنا.
وتؤثر إيماءات لغة الجسد بشكل كبير في عمق حياتنا العملية والعلمية والعائلية. حيث إنّ أي إشارة خاطئة تصدر من لغة جسدنا في بيئة العمل، أو الحياة الاجتماعية تكلفك خسارةً باهظة الثمن، ويمكن لإيماءات مضللة أن تحدد مسارا مختلفا لما كنت ترغب به، وعلى العكس تماماً يمكن لها أن تصنع منك موظفاً ناجحاً، ومدرّساً مميزاً قادرًا على امتلاك زمام الأمور إذا ما وظفتها بشكل سليم في ممارساتك التدريسية.
وبينت الدراسات أن (7٪) فقط من قوة الاتصال يكون بالكلمات و (38 ٪)بنبرة الصوت، و( 55 ٪) بلغة الجسد، أي أنّ نسبة لغة الجسد ممزوجة بنبرة الصوت تكوّن ما نسبته (93٪) من قوة الاتصال ونجاحه ولو اختلفت الكلمات ولغة الجسد، فإن الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد. وهذا يبين مكانة لغة الجسد وأهميتها وضرورة استثمارها في القطاعات المختلفة.
Body Languageشكل يبين حجم لغة الجسد في التأثير في الاتصال( انظر الشكل الصفحة 52ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه )
الصفحة 52
وظهرت لغة الجسد كموضوع ودراسة في الستينات من القرن الماضي –على الرغم أنها مستخدمة منذ ملايين السنين على يد (دجوليوس فاست)،عندما نشر كتابه عن لغة الجسد عام 1970.
ويعد كتاب ( تشارليز داروين) بعنوان (التعبير عن العواطف لدى الإنسان والحيوانات 1872) من أكثر الكتب تأثيرًا في هذا المجال، وقد كان سببًا في فتح الباب للكثير من الدراسات والبحوث حول تعبيرات الوجه ولغة الجسد، ومنذ ذلك الحين سجلت البحوث حوالي مليون تلميح وإشارة غير شفهية، مما يشير إلى الانتباه إلى أهمية لغة الجسد في إيصال الرسالة وقوة التأثير. وفي دراسات حول واقع لغة الجسد توصلت إلى أن الشخص العادي يتحدث بالكلمات ما يناهز (10) دقائق في اليوم الواحد، وأن الجملة المتوسطة تستغرق حوالي الثانيتين والنصف.
ويتفق معظم الباحثين على أنّ القناة الشفهية تستخدم أساسا لنقل المعلومات، في حين أنّ القناة غير الشفهية تستخدم للتفاوض في المواقف ما بين الأشخاص، وفي بعض الحالات كبديل للرسائل الشفهية.
وللغة الجسد طرفا معادلة يجري فيهما تحقيق الإشارات والإيماءات التي تصدر عنهما، وهما الشخص الذي تصدر عنه هذه الإشارات (المرسل)، والشخص المتلقي لهذه الإشارات (المستقبل)، ولكل منهما دور في لغة الجسد، من حيث إرسالها أو تلقيها، وهذا يتطلب تدرب الفرد المرسل والمتلقي على فهم قراءة لغة الجسد حتى تتكون لديه مهارة اجتماعية لقراءة هذه اللغة.
الصفحة 53
وأخيرًا، تشير الدراسات إلى أنّ النساء أكثر إدراكا من الرجال لقراءة لغة الجسد، والدليل على ذلك تواصلهن مع أطفالهن وفهمهن لإيماءاتهم غير اللفظية مبكراً.
وبهذا نلاحظ واقع استهداف لغة الجسد بالدراسات والبحوث لما لها من أهمية كبيرة في التأثير والتأثر.
تاريخ لغة الجسد
نجد للغة الجسد جذوراً تاريخية تتمثل في كتابات عن الإيماءات وما شابه ذلك، فكان الإغريق القدماء أول من لاحظ تعلّق الحديث والإيماءات معاً، وأدرك الرومان كذلك أن الكلمات وحدها لا تصنع خطيبًا عظيما، لذلك وضعوا مجالا كاملا من الإيماءات المرافقة لإلقاء الخطب. وأشار الخطيب الروماني شيشرون (Cicero ) ( 16 – 4 ق . م ) أن حركات الجسد تعبر عن مشاعر الروح وانفعالاتها. ورأى بأنّ الجسد والكلمات والتعابير والإيماءات تستخدم ككل واحد لتعمل كوسيلة للتخاطب.
وفي القرن السابع عشر، نجد للغة الجسد تواجدًا كبيرًا في كتب ومؤلفات باللغة الإنجليزية، مثل كتاب (علم قراءة اليد) للمؤلّف جون بولوار، حيث تناول فيه التاريخ الطبيعي لليد عام (1644 ) ، وكتاب ((باثو مايوتامبا )) ( عام 1649) (( تقدّم التعلم)) حيث ربط بين الإيماءات وما يشعر به المتحدث عندما يتحدّث .
وفي القرن الثامن عشر قام (آبيه ليبيه) في فرنسا بتدريس لغة الإشارة للصم، باستخدام الإيماءات. وتزايد الاهتمام بين الممثلين ومعلمي فن البانتومايم ( التمثيل الايمائي) بالنسبة للمشاعر التي يمكن إظهارها باستخدام حركات اليد والوجه.
الصفحة 54
وفي عام 1921، نجد كتاب لغة (الإيماءات) لويلهلم فندت، الذي بين أن الإيماءات هي مرآة لعواطف المتحدث وعالمه الداخلي.
وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأ البحث على نطاق أوسع حول لغة الجسد والإيماءات، إذ تناول (غريغوري باتسون) أن الكلمات تستطيع أن تصور أفكاراً مجردة، مجردة، بينما تمتلك لغة الجسد وظيفة مختلفة هي إظهار العواطف التي تشكل تأثيراً حاسماً على الطريقة التي تكون بها العلاقات.
لغة الجسد في القرآن الكريم والسنة النبوية
إذا عدنا إلى التاريخ الإسلامي العربي، لوجدنا ذكرًا للغة الجسد في الخطاب القرآني والخطاب النبوي، إذ إنّ النّصوص الدينية المنقولة وغير المنقولة تؤثر تأثيرًا كبيرًا في نفوس الناس وعقولهم ، لأن الدين يرمز إلى الطهارة والقداسة والنزاهة والمثالية ونقاء النفس والسريرة، ويعد إنموذجاً إرشاديا لسلوكيات الكثير منا اعتقادًا واستخداماً.
لذلك يتأمل الكثير من العلماء في النّصوص الدينية، ويتفكرون فيها بمنهج علمي عقلاني منطقي يتناسب والزمان والمكان والثقافة ويحافظ على تأويل النص الديني وعدم تحريفه؛ لذلك كان للتعليم القرآني والنبوي عن طريق لغة الجسد، الأثر الكبير في إيصال المعلومة بإيجاز وثباتها وقبولها في النفس، وسرعة تداولها وحفظها ونقلها، مما يؤدي إلى استخدامها سلوكًا واقعا متمثلا.
واستخدمت لغة الجسد في النصوص الدينية لأهداف كثيرة منها: التأكيد والتوضيح والتنظيم والتعليم، وحسن التعبير عن المواقف، وتوصيل فكرة أو جزء منها وجذب الانتباه، فضلا عن إضفاء الجانب الجمالي في التعبير القرآني والنبوي.
الصفحة 55
والحديث عن أهمية استخدام لغة الجسد في القرآن والسنة يطول، ويحتاج إلى مساحة كبيرة لاحتواء الموضوع ولإعطائه حقه، وإيضاحه بالشكل الذي يليق به. وأردنا أن نشير في موضوعنا هذا إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية قد أشارت إلى لغة الجسد وإلى أهميته في سلوكيات الإنسان، ووضعت له قواعد، ونظمته بطريقة معجزة لا يستطيع علماء النفس وعلماء لغة الجسد أن يفهموها، ويدركوا أهميتها في حياة الإنسان، فضلا عن أن القرآن والحديث النبوي قد عبرا عن لغة الجسد في مواقف كثيرة وبطريقة جمالية تهتز لها النفس الإنسانية، وتوقن أنّ القرآن هو المعلّم الأول لكل العلوم المكتشفة، وأن الله على كل شيء قدير.
وفي هذا الصدد سنكتفي بإيراد بعض الأمثلة التي ظهرت فيها لغة الجسد، واللغة غير المنطوقة في بعض المواقف القرآنية والحديث النبوي منها:
- قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَرَكَهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيُّ وَقَالَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمِ .﴾ الشورى: 45
الشاهد: طرف خفي: ينظرون نظرًا منبعثا من حركة الجفن الخفية، كناية عن الذليل يظهر الذل في عينيه وكذلك العزيز.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ المطففين: 30
الشاهد: يتغامزون، فالغموض هو الإشارة بالجفن والحاجب، أي يشيرون إليهم باستهزاء.
الصفحة 56
الشاهد يدك مغلولة: كناية عن البخل والامتناع عن الإنفاق في الحقوق. - قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ، فَأَصْبَحَ يُقَلِبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَنلَيْنَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾ ( الكهف: 42)
الشاهد: يقلب كفيه : كناية عن الندم والتحسّر.
الشاهد: صحت وجهها أي ضربته مستخدمة كف اليد تعجبا.
- قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴾ :مریم 29
الشاهد: أشارت إليه أي أشارت إليه أن كلموه.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت.
الشاهد ليصمت مظهر من مظاهر لغة الجسد.
- يقول كعب بن مالك - رضي الله عنه - عن قصة تخلفه وما كان من شأنه في غزوة تبوك: فجئته - أي النبي- صلى الله عليه وسلم - فلما سلمت عليه تبسم تبسم الغاضب.
الشاهد: تبسم الغاضب.
وبهذا يعد القرآن الكريم مصدرًا غنيا لموضوع لغة الجسد، ويضم العديد من مفاهيمه ودلالاته وأمثلته التطبيقية، ويذكر كثير من علماء الدين شروحات
الصفحة 57
وتفسيرات بهذا الشأن فالقران الكريم حافل بالأمثلة الكفيلة باثبات أن قناة الاتصال غير اللفظي يمكن فهمها بالقرآن الكريم.
لغة الجسد فطرية أم مكتسبة
تشير كثير من الدراسات والبحوث التي أجريت حول الإشارات غير اللفظية إلى أنها فطرية، إذ إنّ النتائج حول المصابين بالعمي بأنهم يتقنون لغة الجسد من غير أي تعلم، و أن أطفال العالم بثقافاتهم وبيئاتهم المختلفة لديهم لغة جسد متشابهة، وعند ملاحظة الإيماءات في ثقافات مختلفة نجدها متشابهة. فضلا عن أن التعبير عن الحالات الانفعالية يكون متشابها، كالتعبير عن الفرح أو الحزن ويكون ذلك واضحا من خلال الوجه. وكذلك جميع شعوب العالم تعبر عن الفرح والحزن بالطريقة نفسها.
وبهذا نستطيع الحكم على أن لغة الجسد فطريّة، وليست مكتسبة من التعلم أو الخبرات، على أنه يمكن أن تنمى لغة الجسد وتعطي مساحة كبيرة من اهتمام شرائح المجتمع لأهميتها ودورها من خلال التدريب على توظيفها واكتساب مهاراتها.
ودراسات لغة الجسد تعطي رؤيةً في فهم إيماءات الناس، ومعرفة قصدهم وحالتهم الصادرة عن سلوكم. وترى أنّ الإيماءات تقسم إلى إيماءات فطرية ووراثية ومكتسبة إذ أشارت الدراسات في هذا الصدد إلى أن التعبيرات الباسمة عند الأطفال المولودين بإصابات كالصم والعمى تحدث بدون تعليم مسبق وبدون تقليد، أي إنها إيماءات فطرية، وعندما قاموا بدراسة تعبير الوجه لأشخاص من ثقافات مختلفة، ووجدوا أن كل ثقافة تستخدم إيماءات الوجه الأساسية نفسها لإظهار المشاعر، مما جعلهم يستنتجون أن هذه الإيماءات لأبد أن تكون فطرية.
الصفحة 58
وهناك إيماءات قد تكون وراثية، وإيماءات يستطيع الفرد تعلمها واكتسابها من خلال التدريب والتركيز عليها لاستثمارها في إيصال الرسائل والتواصل القوي والمؤثر في الناس. إنّ لغة الجسد سبب في نجاح الاتصال والتأثير في الناس إذ تم استثمارها بالشكل الصحيح.
وسائل لغة الجسد
للغة الجسد وسائل تعبّر بلسان حالها عن فحوى الرسالة المتضمنة، واتفق العلماء على الوسائل المعبّرة عن لغة الجسد وأهميتها وهي: العين، والابتسامة، واليد، والوقفة والهيئة واتجاه القدم والإيماءات الصغيرة مثل (الحاجب والأذن، والجبين، والكتف، والأصابع، والفم، وهزّ الرأس). والغريب أن كل الكائنات الحية تتواصل باستخدام لغة خاصة بها، للتعبير عن حاجاتها الأساسية، وعن مشاعرها وأفكارها عبر وسائل مختلفة، وسنتحدث بشكل موجز عن أهمها وأبرزها:
العين (التواصل البصري)
تعد العين لغة القلب ونافذته الروحية ومرآة الشعور بالفرح والحزن والحب والكره، وقد عرف التواصل البصري منذ القدم خصوصا في اللغة الهيروغليفية، حيث رسومات الكهوف البدائية كأداة للتواصل، وهذا أكبر دليل على التواصل البصري عبر امتداد التاريخ.
ومن يمعن النظر بالعين ويتأملها بالتركيز في البؤبؤ أو الرموش أو إشارات الحاجب، يجد لها مدلولات مختلفة. والتواصل البصري يشكل حالة إيجابية للمتواصلين، وقد أطلق في القديم على العين أوصافاً مختلفة: العين المتخاذلة،
الصفحة 59
والبريئة، والضعيفة والزجاجية والزائفة والواثقة والساخرة، والثابتة، وما إلى ذلك.
وذكرت العين في القرآن الكريم بمدلولات مختلفة وهذه أمثلة على ذلك: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَرِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لمَجْنُون ﴾ القلم: 51
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين يقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)
و قال الشاعر جرير
إن العيون التي في طرفها حورٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصر عن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا
العين ليست وسيلة لالتقاط الصور فحسب بل وإرسالها وترجمة أفكار القلب والعقل للعواطف، والمشاعر والخواطر بحسب الموقف والحدث، وهي وسيلة مهمة وضرورية وبارزة من وسائل التواصل غير اللفظية لدى الفرد.
اليد
تعد اليد اللغة الناطقة عندما تغيب كل اللغات المنطوقة، فهي تعبر عن كل مشاعرنا وأحاسيسنا، وعواطفنا وأفكارنا بأشكال مختلفة، وتستخدم أصابع اليد من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة وضعاف السمع والبصر بلغة مفادها أن الكلام يصدر من هنا وتبرز قصة (هيلين كيللر ) عن كيفية نطقها، وهي المصابة بالخرس والعمى والصمم، فعندما يعجز الإنسان عن التواصل بسبب العمى، تمنحه قوة اليد القدرة على القراءة، من خلال تجسيد أفكاره بالكتابة بطريقة
الصفحة 60
النقش، وتمنحه التعبير عن الكلمات والصوت و الإفصاح والاتصال، بالأصوات والتصفيق المعبّر عن المشاعر وفن التواصل عن طريق الاهتزازات والتعبيرات والتعليم وإرسال الرسائل القيمة.
ولليد إشارات توحي بالصدق والسلطة والتسلط والقوة والازدراء، وتعبر اليد عن الحالة النفسية للفرد، فوضعيات اليد تعطي إشارة للخوف أو الانغلاق أو غيرها. وترسل رسالة مفادها قوة الشخصية، والثقة بالنفس، والاتصال الإيجابي.
الابتسامة
تترك الابتسامة أعظم الأثر في النفوس، فهي تزيّن وجه الإنسان وتعطي الانطباع الأول الذي يأخذه الإنسان عن الآخر، وتأتي الرسالة مـن تعابير الوجه، لأنها تظهر إيماءات سلبيّة أكانت أم إيجابية، وأجمل ما في الإنسان ابتسامته، فهي لغة قوية يفهمها الجميع ويقدرونها. وتعبر الابتسامة عن الحزن، أو الفرح أو التفاؤل بكل صراحة ووضوح، وهناك أنواع مختلفة من الابتسامات مثل: الابتسامة العريضة، أو المنغلقة أو الباهتة أو المنفتحة وهكذا. وكل ابتسامة لها مدلولها الخاص، وتحمل بالنتيجة التعبير الخاص بها. وهي قادرة على جذب الآخر، وهي لغة تواصل محببة بين الأفراد وترسم الثقة والمحبة بينهم.
علاقة لغة الجسد باللغة المنطوقة
هنالك علاقة وثيقة بين لغة الجسد الصامتة غير المنطوقة، واللغة المنطوقة، إما إيجابيا وتكون بتأكيد
الصفحة 61
فحوى الرسالة المنطوقة، وعدم المعارضة، بتوافق لغة الجسد من إيماءات وملامح ونبرة صوت مع مضمون الرسالة، فالحديث عن الحزن تعابير محزنة في الوجه، وإيماءات دالة على ذلك، ونبرة صوت تتوافق مع الحالة. وإما سلبيًا بأن تكون لغة الجسد مختلفة عن فحوى الرسالة المنطوقة فالحديث عن قوة الشخصية مثلاً ترافقه إيماءات تشير إلى التوتر والقلق، النابع من ضعف الشخصيّة، وهنا يحدث الخلل في مصداقية الرسالة وقوة التأثير على المتلقي.
وفي حالة اختلاف اللغة المنطوقة عن اللغة الصامتة فإن الإنسان يصدق دلالات اللغة الصامتة، ويلغي دلالات اللغة المنطوقة.
ونلاحظ أن للغة الصامتة علاقة قوية مع اللغة المنطوقة ودوراً ملحوظاً في إرسال المحتوى للمتلقي وذلك بما يأتي:
الصفحة 62
قراءة لغة الجسد وأثره في التواصل بين الناس
يحاول الكثير من الناس إخفاء مشاعرهم الحقيقية لأسباب مختلفة، قد تكون لأسباب شخصية أو عملية أو نفسيّة، إلا أنّ هناك حركات لا إرادية تكشف الإنسان على حقيقته وتعبر بلسان حاله وخصوصاً إذا ظهرت متناقضة مع الكلام المنطوق وغير المتناسب مع الإيماءات وحركات الجسد، وقد أظهرت الدراسات أن الكثير من الناس يحاولون التلاعب بلغة الجسد واستغلالها، إذ يقولون عكس ما يفعلون كالسياسيين وغيرهم؛ وذلك لإقناع الناس بأفكارهم.
ولقراءة الإيماءات لابد من عدم تفسير إيماءة منعزلة عن الإيماءات الأخرى، وأن تفسر الإيماءات حسب الموقف المعاش فقط، ولغة الجسد مرآة للعالم الداخلي للإنسان، إن أحسن استخدامها، فقد تنجح في جذب الآخرين وتحسن التواصل معهم، فهي لغة للحياة ووصف لحالة شعورية لشخص ما في لحظة ما.
الصفحة 63
ويمكننا أن نحدد أهمية لغة الجسد في عملية الاتصال فهي تعد جسرا يعبر المرسل به بقوة واقتدار يصل به للطرف الآخر، من أجل فهم المشاعر وتوضيحها والإفصاح عنها في نقل الرسالة للطرف الآخر، فضلاً عن دورها الفعال في تأكيد مصداقية الرسالة ووقعها في المتلقي.
وتتلخص أهمية لغة الجسد في التواصل بالنقاط الآتية:
لغة الجسد والتدريس
لأننا في عصر يتسم بالسرعة والانفتاح والتطور التكنولوجي وازدهار المعرفة، والتغيير في جميع المجالات كان لابد أن يغير التربويون فلسفتهم التربوية برمتها، وجعلها تتناسب وهذه التغيرات الجديدة والمستمرة التي تطرأ على العالم بأكمله، وتؤثر في العقل البشري وفي ثقافة المجتمع وعاداته وأنماط حياته، وبــاب التغيير يكمن في الممارسات التدريسية.
الصفحة 64
والتدريس الفعال بالاتصال الناجح سواء أكان تدريساً قبل المرحلة الجامعية أو أثناءها أو الإلقاء (التدريب) لا بد أن يوجهه مدرّس ومدرب ومحاضر متميز فعال، لإنتاج طلبة أو متعلمين باحثين ومحاورين وناقدين و مفكرين، ومحبين للعلم والتعلم الذاتي والاستقلالية في التفكير، ومتقنين لمهارات القرن الواحد والعشرين ومبتكرين قادرين على حل المشكلات واتخاذ القرار.
والمدرس يتعامل مع مختلف الطلبة في المدارس والجامعات بأعدادهم الكبيرة، وكل طالب يستخدم أكثر الوسائل تواصلاً مع المدرس، من خلال البصر والأذن، ويصب اهتمامه على حركة المدرّس وأسلوبه وأدائه ومواقفه وحركة جسده. في حين يعتني المدرّس بالمحتوى التعليمي، غير مدرك أنه يتعامل مع طلبة ذوي طبيعة إنسانية وثقافية ودينية متنوعة ومختلفة، وأنهم عبارة عن مشاعر و اهتمامات ورغبات وعادات مختلفة. ففهم المدرس للجوانب السابقة تجعله يعي تماماً حقيقة التدريس وأهميته.
قد يمتلك المدرّس ذكاءً عالياً ومؤهلات علمية عليا، وشهادات ودورات مختلفة، ولكن لا يمتلك التطبيق الصحيح لمهارة التفاعل الجاذبة مع طلبته، وتكوين علاقات إيجابية نشطة معهم، ومع ذويهم. لذلك تأتي من هنا أهمية لغة الجسد، وانسجامه مع التواصل اللفظي الذي ينتج مدرسا متميزا مبدعًا متفردًا في حصته ومحاضرته وتدريبيه المتفاعلة الممتعة وأنشطته المختلفة وطرائق التدريس والتدريب الجاذبة، ومن أجل ذلك لا يكتفي المدرس بتطوير أدائه فحسب، بل أن يطوّر قدرته على التأثير في طلابه.
الصفحة 65
والمدرّس والمحاضر والمدرّب المتميّز هو الذي يتقن لغة الجسد (حركات يديه، وابتسامته، وطبيعة وقفته ...)، ونبرة صوته ويوظفها في ممارساته واتصاله داخل الغرفة الصفية أو القاعة التدريبية فهي متغيرات تساعده على أن يكون إيجابيا نحو طلبته، وردود فعل بالإيجابية نفسها بل أكثر من قبل طلبته، مما يسهل عملية الانضباط الصفي والتواصل الرمزي والفهم السريع لكل إشارة أو إيماءة أو حركة بينه وبين طلبته في الأداء والسلوك والفهم الصحيح للمحتوى، وتجاوز سلوك الطالب السلبي وتحويله إلى طالب إيجابي، وإنتاج طالب مبدع متميز، ويوظف كل معلوماته ومهاراته وسلوكه في مواقف جديدة في حياته الخاصة والعامة.
علاقة الاتصال التعليمي والتدريس الفعال بالتواصل غير اللفظي
يعد التدريس بمفهومه الحديث الممارسات التدريسية التفاعلية التي تجعل من الطالب محوراً للعملية التعليمية ، نشطاً متفاعلا، وهذا يشير إلى نوعية العملية التدريسية وكفاءتها، ويقال بأنّ التدريس الفعال يعلّم المتعلمين مهاجمة الأفكار لا مهاجمة الأشخاص، وهذا يعني أن التدريس الفعال يحول العملية التعليمية التعلمية إلى شراكة بين المدرّس والمتعلم والاتصال التعليمي يعرف بأنه: تبادل المعلومات بين طرفين، وبأنه : عملية تفاعل بين طرفين حول رسالة معينة أي مفهوم أو فكرة أو رأي أو مبدأ، أو مهارة، أو اتجاه، إلى أن تصير الرسالة مشتركة بينهما. وهو أيضا عملية نقل الرسالة بين مرسل ومستقبل خلال مدة من الزمن، والعملية ليس لها بداية أو نهاية أو تسلسل في الأحداث.
ونظر إلى التدريس بأنه : العملية Process أو الطريقة التي يتم عن طريقها انتقال المعرفة من شخص إلى آخر حتى تصبح مشاعا بينهما، وتؤدّي إلى
الصفحة 66
التفاهم بين هذين الشخصين أو أكثر، وبذلك يصبح لهذه العملية عناصر ومكونات ولها اتجاه تسير فيه وهدف تسعى إلى تحقيقه، ومجال تعمل فيه ويؤثرفيها.
ونستنتج من التعريفات السابقة أن الاتصال التعليمي هو مهارة تطبق في الموقف التعليمي، بهدف توفير المعرفة والمهارة وتعميق الوجدان والخبرة، لتنمية شخصية الطالب بكل جوانبها. وهي عملية تفاعلية مشتركة بين طرفين تستقبل وترسل سواء بالتواصل اللفظي أو غير اللفظي، أو باستخدام كليهما منسجمين.
ويستخدم المدرّس الحواس والإيماءات والإشارات وحركات الجسد ويوظفها في الاتصال التعليمي، وفي هذه الحالة : يصبح الاتصال أكثر فاعلية وترسيخاً وثباتاً . عند الطالب، مما يؤدّي إلى تدريس فعال، يحسن من تعلم الطالب، ويعالج الخلل في اعتماد الطالب على حاسة دون أخرى، حيث يستطيع أن يطبق المدرس استراتيجيات متنوعة باستخدام لغة الجسد مثل: استراتيجية لعب الأدوار والتواصل اللغوي، والتعليم التعاوني، والتفكيرالإبداعي مستخدماً منظومة تكوين المدرّس في ضوء معايير الجودة وهي:
الصفحة 67
شكل يوضح منظومة المدرس في ضوء معايير الجودة(انظر الشكل الصفحة 68 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
ويجب على المدرّس أن يتدرب على استثمار حواسه، ويدرك لغة الحواس لدى طلابه ويدرب طلابه على ذلك؛ ليصل إلى تواصل تعليمي وتدريسي فعال. ولذلك هناك أقسام متعددة ومتنوعة للإيماءات نلخصها على النحو الآتي:
الإيماءة الواضحة : وهي انسجام المنطوق مع لغة الجسد وإيماءاته وحركاته.
الإيماءة المقصودة: يستخدمها المدرس قاصدًا في موقف ما يتكرر لدى المدرس في مواقفه الصفيّة مثل: أن يلاحظ المدرس حديثا جانبيـا بـين
الصفحة 68
طالبين فدون أن يستخدم التواصل اللفظي، وبنظرة حازمة صارمة جادة بالتواصل البصري، يدرك الطلبة انزعاج المدرس من حديثهما.
وللغة الجسد أهمية في العملية التدريسية إذ تؤثر في قوة المعلومات المقدمة (المحتوى) وفهمه واستيعاب أهميتها والاحتفاظ بها. والأهمية الثانية تكمن في الطلبة الذين يتلقون المعلومات بطريقة تتماشى وتفكيرهم، مما ينمي قدراتهم بالشكل الإيجابي، فضلا عن أن تفاعلهم بطريقة ممتعة وشيقة يجعل من التدريس ممتعاً. أما الأهمية الأخيرة فهي للمدرس من ناحية القوة والجاذبية في ممارساتة واتصاله، وإدارته، وتحقيقه للأهداف المرجوة. وهذا ينعكس إيجابياً على العملية التدريسية برمتها.
شكل يوضح أهمية لغة الجسد في التدريس ( انظر الشكل الصفحة 69 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة 69
وهنالك فوائد أخرى من وجهة نظرنا لاستخدام لغة الجسد في التدريس وهي :
الصفحة 70
معيقات التواصل غير اللفظي (لغة الجسد ) بين المدرس والطالب :
هناك مجموعة من المعيقات التي تحدّ من استخدام لغة الجسد في التدريس وتوظيفها بالشكل المثالي ومنها:
الصفحة 71
الفصل الرابع: مهارات التدريس الفعال
يكون التدريس فعالا إذ ما اتسم بالمهارات اللازمة لتحقيق الهدف والذي يضم في ثناياه الممارسات التدريسية السليمة، وتم ذكر ثلاثة أمور يبنى عليهـا التدريس وهي: التخطيط والتنفيذ، والتقييم. وسوف نستعرض أهم المهارات الخمس في الجانب التنفيذي التطبيقي التي تجعل من التدريس بممارساته التطبيقية فعالاً، والتي يحكم من خلالها على تميز المدرس. وهي:
شكل يوضح مهارات التدريس الفعال ( انظر الشكل الصفحة 73 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة 73
والجدير بالذكر أن هذه المهارات متداخلة، بمعنى أن أي خلل يؤثر بالتالي على باقي المهارات الأخرى.
أولاً : مهارة التهيئة
تعد التهيئة عاملاً حاسماً من عمليات التدريس والتدريب، إذ يحكم على جودة العملية التدريسية والتعليمية بمدى تطبيق التهيئة الجاذبة للطلبة التي تعمل على الاندماج والمشاركة. والتهيئة تعني العملية الهادفة إلى جذب انتباه الطلبة ذهنيا وانفعاليًا وجسميًا من أجل تقبل الموضوع المطروح في الدرس الجديد، والإقبال عليه من تلقاء أنفسهم، وتأكيد المشاركة الفعالة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. والتهيئة لا تكون فقط بالتركيز على الجانب النظري للمادة بل على الجانب الانفعالي. وتكون التهيئة بالاهتمام بمشاعر الطلبة والتأثير فيهم، بتقبل مشاعرهم وإظهار الاحترام والتقدير لهم.
وتهدف التهيئة الصفية إلى جملة من الأهداف منها:
والجدير بالذكر أن التهيئة لا تقتصر فقط على بداية تقديم الموضوع أو الدرس، بل تكون ضرورية مع كل نشاط في مراحل العمليات التدريسية والتعليمية.
الصفحة 74
ويجب التفريق بين أشكال التهيئة الصفية المختلفة وهي:
أساليب التهيئة الصفية
هنالك أساليب متعددة لتفعيل التهيئة الصفية بطريقة فعالة في العملية التدريسية منها :
ثانياً : مهارة إثارة الدافعية
تعد الدافعية هدفاً تبتغيه العملية التدريسية من أجل إرشاد الطلبة وتوجيههم نحو التعلم، وذلك بتحفيزهم للقيام بأنشطة سلوكية محددة تعمل على إشباع حاجاتهم، ورغباتهم في التعلم وتحقيق الأهداف. وتكون الدافعية عندما يرغب الطلبة بالتعلم من تلقاء أنفسهم بكل حماس وشغف ومن غير ملل أو خوف.
الصفحة 75
وتعرف الدافعية بأنها الحالة الذاتية من الشعور والرغبة التي تولد الطاقة المستمرة اتجاه الموقف، أو الحالة التعليمية من أجل تحقيق الهدف.
والتدريس الفعال هو الذي يولد هذه الطاقة التي تكسب الطالب فرصة المشاركة بالتعلم وبناء الخبرات ونعني بإثارة الدافعية ما يأتي:
ويستدل على أن التدريس يراعي وجود الدافعية في ممارساته بالدلائل الآتية:
الصفحة 76
ويمكن توظيف استراتيجيات إثارة الدافعية في التدريس بما يأتي:
الصفحة 77
أهمية الدوافع :
من الثابت أنه لا تعلّم بدون دافع، فالدافعية تؤدي إلى عملية تحقيـق التعلم، ووظيفة الدافع ذات أبعاد أهمها:
ثالثاً : مهارة العرض والإلقاء
عملية التدريس عبارة عن عملية اتصال وتواصل تسعى إلى تحقيق هدف
بطريقة تفاعلية تشاركية تضمن سير العملية بسلاسة ويسر، يكون فيها المدرس مرسلاً تارةً ومستقبلاً تارةً أخرى، كما هو الطالب، فجوهر التدريس الفعال قائم على مهارات الاتصال والتواصل بطريقة الإلقاء والعرض، وقوة التأثير الإيجابي، وهذا يتطلب جملة من المهارات الضرورية كمهارة الإلقاء والعرض ونمطه، ونبرة الصوت وارتفاعه والتحركات واستخدام الوقفات (السكتات)، واستخدام المثيرات بأنواعها، حتى يخرج التدريس من نمط التقليد والملل إلى جو المتعة والتركيز.
الصفحة 78
إن عملية التدريس لا يمكن أن تؤتي أكلها إلا باستخدام مهارات العرض والتقديم بطريقة فعّالة جذابة، تجعل من التدريس عملية تفاعلية. وهذا ما يقودنا نحو أهمية الاستخدام الأمثل لمهارات الإلقاء والعرض والتقديم، ولذلك يجب معرفة تفاصيل تطبيق هذه المهارة من طريقة التحدث ومتى التحدث والصمت برهة من الزمن، فضلاً عن استخدام المثيرات اللفظية وغيرها، والمنبهات في أثناء العرض.
إن التدريس الذي لا يراعي هذه المهارة يكون تدريساً عقيماً يتسم بالملل والشرود الذهني، وقتل التفاعل والإبداع . وهنالك طرائق مختلفة لتطبيق مهارات العرض وهي:
الصفحة 79
رابعاً : مهارة استخدام الوسائل التعليمية
الوسائل مجموعة الطرائق والوسائل والأدوات المستخدمة من أجل توصيل الرسالة التعليمية، وتحقيق الهدف. وفي نظرنا أن الوسائل هي مجموعة الأدوات التي يجري توظيفها في العملية التدريسية والتي تعين المدرس في إيصال رسالته للطلبة كاستخدام المعينات البصرية واللوحات وغيرها لتحقيق الأهداف.
وهنالك وسائل متعددة تستخدم في التدريس منها: اللوح القلاب، واللوحات التعليمية (السبورة، واللوحة الوبرية و السبورة الذكية، والبطاقات التعليمية المتنوعة، والخرائط والرسومات والحاسوب والشرائح Slideshow في عرض (البوربوينت)، وأوراق العمل، والمجسمات، ووسائل الاتصال الاجتماعي، والتطبيقات الحديثة وغيرها.
وتستخدم الوسائل والتقنيات في التدريس لتجعل منه أكثر متعة وفائدة وتحقق الأهداف. فاستخدام الوسائل يسهم بشكل كبير في جودة التدريس وممارساته الفعالة، وتزيد من فرصة اكتساب المعرفة، وتكوين المفاهيم الصحيحة، وتنمية التفكير لدى الطلبة، مما يسهم في اكتسابهم لمختلف المهارات والخبرات المختلفة والاستفادة منها في الحياة العملية.
وللوسائل فوائد أخرى مثل تثبيت المعلومات والمفاهيم الجديدة في أذهان الطلبة كما في المقولة الآتية : (ما أسمعه أنساه ، وما أراه أتذكره وما أفعله أفهمه ) . وتعمل على إثارة الدافعية والرغبة في التعلم. وتساعد في هضم المادة التعليمية بتبسيطها وتقسيمها إلى مفاهيم جزئية .
الصفحة 80
وتستخدم الوسيلة في التدريس بثلاث مراحل: مرحلة قبل الحصة التدريسية، ومرحلة في أثناء الحصة التدريسية ومرحلة الانتهاء من عرض الوسيلة التدريسية .
شكل يوضح مراحل استخدام الوسائل ( انظر الشكل الصفحة 81 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
قبل الحصة التدريسية يخطط المدرس تخطيطاً جيداً لكيفية استخدام الوسيلة وتطبيقها ، وكيفية تهيئة الطلبة وتشويقهم لرؤية الوسيلة بالأسئلة المثيرة، ويشمل التخطيط معرفة الهدف من استخدام الوسيلة، وتحديد الوقت المناسب لاستخدامها، والمدة الزمنية لعرضها، ومكان العرض، والتأكد من جاهزية الوسيلة للعرض إن كان جهازاً، وجاهزية الغرفة الصفية لاستخدام
الوسيلة.
أما في أثناء الحصة فيكون الترتيب المثالي لتطبيق الوسيلة بشكل سليم، وتهيئة المناخ الملائم لعرض الوسيلة كترتيب المقاعد وتقسيم الطلبة إلى مجموعات، وتوزيع المهام. وبعد الانتهاء من العرض يقوم المدرس الوسيلة التعليمية بطرح أسئلة مثل:
الصفحة 81
ما نقاط القوة في الوسيلة كي نعززها ؟ وما نقاط الضعف حتى نحدّ منها ؟
معايير استخدام السبورة في التدريس
عند استخدام السبورة في التدريس - وهي من أكثر الوسائل استخداماً – يجب :
خامساً : مهارات طرح الأسئلة الصفية
تعد الأسئلة محوراً أساسياً للمهارات التدريسية، حيث لا تخلو أية مهارة من كم الأسئلة ونوعها، التي يطرحها المدرس، أو التي يلقيها الطلبة.
الصفحة 82
مفهوم السؤال
وهنالك تعريفات متعددة لمفهوم السؤال منها بأنه جملة استفهامية تحتاج إلى جواب، ويعبر عن السؤال بلغة واضحة مباشرة يستطيع الطالب فهمها. و بأنها عبارات لفظية تنطوي على مطالبة المدرس لطلبته بإجابات ترتبط بهدف تعليمي محدد داخل غرفة الصف لسد الثغرات التي تحصل بين عرض محتوى الدرس وفهم الطلبة له، وهي أدوات يستخدمها المعلم لتشجيع التفكير وإيجاد أجوبة للمعلومات والمعارف التي تناقش.
أهمية الأسئلة في التدريس
وتظهر أهمية الأسئلة بوصفها أبرز طرائق التدريس التي تقود المتعلم نحو الحقيقة والإبداع، والأسئلة لها مساحة كبيرة من وقت العملية التعليمية، إذ يصرف الوقت الكثير في إيصال الأفكار والمعلومات عن طريق طرح الأسئلة المتنوعة بالسؤال والجواب والمناقشة والتعقيب وما ينتج عنها من إثارة القدرات العقلية والتفكير فهي أداة يتواصل بها المدرس والطلبة وتثير المناقشة، ويعول عليها في تحقيق الأهداف التدريسية.
وتتفق المدرستان السلوكية والمعرفية حول أهمية السؤال في وصول الطالب والمشارك إلى استجابة إبداعية وخصوصاً إذا كانت الأسئلة أكثر عمقاً، ويؤكد (سكنر) أهمية الأسئلة كمثيرات للتعلم، إذ يبين أنه كلما كانت الأسئلة منظمة ومتسلسلة فإنّه يؤدّي إلى تعلم جديد، ويؤكد أيضاً كل من برونر
الصفحة 83
وبياجيه وأوزبل أنّ الأسئلة لها إسهامات مهمة في تحفيز الطلبة المشاركين واستثارتهم للمناقشة والوصول إلى أفكار جديدة بأنفسهم. .
وتستخدم الأسئلة في كل استراتيجيات التدريس وطرائقه، بغض النظر عن كمها أو تنوع مستوياتها وأهدافها. وعدت أيضاً أنها أكثر أنواع السلوك التعليمي تأثيراً في التدريس؛ لأنها تحفز التفكير والتعلم.
وفي نظرنا أن الأسئلة لها أهمية واضحة المعالم في سير العملية التدريسية وذلك لما لها من أثر في تنمية العلاقة بين المدرس والطلبة من جهة، وإبراز شخصية المدرس الكفء من جهة أخرى، فضلاً عن تحفيزها على المشاركة الإيجابية.
أنواع الأسئلة
يمكن أن تكون الأسئلة ضيّقة أو واسعة تشجع على إجابة خاصة، ومحددة، أو قد تشجع على إجابة عامة أو واسعة وتدعى الأسئلة المحددة باستجابة واحدة أو عدد قليل من الاستجابات بالأسئلة التقاربية (Convergent). وتدعى الأسئلة التي تتطلب استجابة عامة بالأسئلة المفتوحة (Divergent)، ومثل هذا النوع من الأسئلة ليس له جواب واحد أو جواب أفضل من غيره.
وتختلف الأسئلة تبعاً لاختلاف الاستجابة المطلوبة من المتلقي، فقد تتطلب الاستجابة تفكيراً عميقاً، وقد تتطلب تذكر بعض الحقائق، وقد تتطلب الإجابة عن بعض الأسئلة البحث والاستقصاء، أو الإتيان بشيء غير مألوف. وتصنف الأسئلة إلى نوعين، هما:
الصفحة 84
وهناك كذلك نوعان من الأسئلة هما:
أولاً: أسئلة التفكير المتلاقي التي تتطلب تحليلاً كاملاً، وربطاً للمعلومات؛ من أجل الوصول إلى الإجابة الصحية، وتتفاوت قدرات الأفراد على استخدام مهارات التفكير باختلاف المخزون المعرفي لديهم، مثل أسئلة التحليل والتطبيق والمقارنة.
ثانيا : أسئلة التفكير المتمايز وهذه الأسئلة ليس لها صفة الصواب أو الخطأ، وتدور حول مشكلة لم تقع بعد، فهي تتيح الفرصة الكافية أمام الطالب ليفكر حسب قدراته الخاصة، وبالاتجاه الذي يريده.
خصائص ومهارات الأسئلة الشفوية ومهاراتها
يعد توجيه الأسئلة مهارة أساسية يمكن استخدامها في التدريس، وعندما تستخدم الأسئلة بفاعلية فإنّها تشجع على المشاركة، وتثير الدافعية، وتشير إلى نوعية التعلم، وتوفر التغذية الراجعة إلا أنّ الأسئلة لها خصائص، ومـن هـذه الخصائص التي تجعلها أسئلة فعّالة كونها مختصرة، وواضحة ومركزة، و مناسبة، وبنائية، ومحايدة ومفتوحة النهاية ( Open-Ended). لذا ينبغي التخطيط لها بعناية، والاستماع بحرص إلى أجوبة الطلبة، ويفضل أن يكون عددها قليلاً.
الصفحة 85
إن طرح الأسئلة في التدريس تتطلب سبع مهارات هي:
وعلى المدرس الذي يطرح الأسئلة أن تكون لديه مهارات استخدام التعزيز الإيجابي قدر الإمكان، وذلك بمدح الطلبة على أفكارهم الجيدة ومقترحاتهم، ولا يسخر من اقتراحاتهم غير المناسبة، ولا يهمل الإجابات فإهمال الإجابة غير مناسب. أما بخصوص الاتصال بالعين فهو معزّز مهم ووسيلة لتلقي التغذية الراجعة.
وبالاختصار فإن مرحلة التنفيذ : تعني كيف يقوم المدرّس بعمله، وحجر الزاوية في كيفية التعليم والتدريس الفعال هو استخدام الأسئلة، وتطرح الأسئلة لأسباب متعددة، قد يكون من أهمها وأكثرها شيوعاً التحقق من الفهم لما تم تقديمه، وتقييم فعالية ،الموضوع وزيادة المستويات العليا في التفكير.
الصفحة 86
ويتضمن التدريس الفعّال أسئلة من المدرّس يلقيها على الطلبة بمهارة وفن، وهنالك أيضاً أسئلة من الطلبة تطرح على المدرس أو على الطلبة الآخرين، وهذا يتطلب مهارة تسمى مهارة استقبال الأسئلة ونري بأن على المدرس أن يقوم بالخطوات الآتية:
سادساً : مهارة إدارة الصف والضبط الصفي
تعد مهارة الإدارة والضبط الصفي واحدة من شروط حدوث التعليم المهمة، وشرط أساسي لنجاح العملية التربوية، وهي من أهم مهارات التدريس، ونعني بمفهوم الإدارة الاستثمار الأمثل للمواقف التدريسية التي تقود إلى تحقيق الأهداف التعليمية في التدريس بكفاءة عالية وبأقل مجهود. إذ إنّ
الصفحة 87
تصرفات المدرس وسلوكياته ومهاراته في التعامل مع المواقف التعليمية وإيجاد الظروف الملائمة والمحافظة على النظام له أثر واضح في التأسيس لبناء التدريس الفعال.
ونعني بالانضباط: لغة الحزم، وهو بمفهومه التربوي التزام الطالب بالتعليمات والقوانين والأنظمة الصادرة عن المدرسة والمدرس، والسير ذاتياً في ضوء التعليمات من أجل تحقيق الأهداف.
وهناك نوعان من الانضباط الصفي هما:
أهمية الإدارة الصفية والانضباط
تتوقف العملية التدريسية برمتها على تحقيق مبادئ الإدارة والانضباط في التدريس والمهارة الإدارة والانضباط أهمية نذكر منها :
الصفحة 88
الفصل الخامس: مهارات التدريس ولغة الجسد
تتحقق مهارات التدريس السابقة بفاعلية إذ ما استخدمت مهارات لغة الجسد، ووظفت بالشكل المناسب في الممارسات التدريسية في المرحلة الجامعية أو قبلها، إذ توثر كل مهارة في الأخرى؛ فمهارة العرض والتقديم مثلاً تتطلب وجود مهارات التهيئة والضبط، واستخدام الوسائل التدريسية، وطرح الأسئلة، والقدرة على إثارة الدافعية. وللغة الجسد ونبرة الصوت دور مهم في تفعيل المهارات التدريسية معاً، إذ ينبغي على المدرس توظيفها من أجل الإلمام بالجوانب المختلفة التي تمثل أبعاد هذه المهارات. وسوف نتناول بشيء من التفصيل كيفية توظيف لغة الجسد في الأمور الآتية: الهيئة، والاتصال البصري، والحركة، والوقفة، وحركة اليدين والإيماءات، فضلاً عن تناول كيفية تنمية مهارات الإدارة الصفية والضبط، واستخدام الوسائل التعليمية، وتطبيقات الصوت (نبرة الصوت)، وطرح الأسئلة بتوظيف مهارات لغة الجسد.
وهنالك عناصر للإلقاء الجسدي يمكننا توظيفها في التدريس من أجل تفعيل مهارات التدريس السابقة وتتمثل في:
الصفحة 89
عناصر لغة الجسد
( انظر الشكل الصفحة 90 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه )
مهارات التدريس
أولاً : المظهر (الهندام)
يظهر (الهندام ) معالم شخصية المدرس التي تعكس مهنيته ومهاراته وقوته في التدريس، وذلك بالمظهر العام المتمثل في
الهندام والأناقة والترتيب. ولا بد للمدرس من ارتداء الملابس الرسمية الجذابة التي تليق بمهنته، وتعكس ثقافته ومكانته المرموقة، وأن تكون الملابس ملائمة لثقافة المجتمع باختيار الألوان وتنسيقها، وأن تكون مراعية لذوقهم، ومنسجمة مع الزي الرسمي ومتماشية مع طبيعة عمله . ونرى أن المظهر الخارجي يعطي للمدرس الفرصة لنيل إعجاب طلبته والتأثير فيهم وقبوله بشكل كبير، إذ إنّ عيون الطلبة تتابع بعناية مظهر المدرس وترصده فيكون بذلك أنموذجاً لهم. وتترك الأناقة والهندام والترتيب (المظهر) الأثر الإيجابي في تقبل الطرف الآخر، وزيادة الاهتمام بما يجري من عرض وتقديم. وقيل إنّ ألوان ملابس المدرس تؤثر بشكل ملحوظ في حفظ الطلبة، إذ إنها تؤثر في حالتهم النفسية، وتعمل على إثارة انتباهم مما يؤدي إلى سرعة حفظ المعلومات، وأكد الاختصاصيون أهمية اختيار المدرس الألوان المثيرة التي
الصفحة 90
يرتديها كاللون البرتقالي واللون الأصفر، (قميص أو ربطة عنق) التي تزيد من النشاط العقلي وتنمي الشعور بالحماس. فاللون الأصفر مثلاً لون إيجابي يرفع المشاعر، ويبث السعادة والفرح وينشط بالنتيجة العقل. والتركيز على اللون الأحمر وبخاصة في تدريس المرحلة الابتدائية؛ لأنها تعد من الألوان ذات الطاقة العالية.
وعلى المدرس الابتعاد عن الملابس غير اللائقة والغريبة التي لا تتماشى وطبيعة العمل التي من شأنها أن تعيق عمله، فضلاً عن عدم المبالغة في الملابس وبخاصة المدرسات وللمظهر الخارجي نصيب من تقييم المدرس، إذ تقوم الإدارة المدرسية بعمل تقييم للمدرس. وللمظهر( الهندام) جزء من هذا التقييم لأهميته في العملية التعليمية، وهنالك تقييم وحكم ذاتي يصدره الطلبة اتجاه المدرس بناء على المظهر الخارجي للمدرس.
فاستثمار المظهر الخارجي يؤثر على اتصال المدرس والمحاضر والمدرب وقبوله بشكل إيجابي، مما ينعكس على مهاراته التدريسية.
ثانياً : دخول المدرس لغرفة التدريس
تفعل عملية التدريس بتوظيف لغة الجسد قبل دخول المدرس أو المحاضر الغرفة الصفية أو القاعة، أي عند وصوله إلى الباب وبمجرد دخوله وأبرز الممارسات التدريسية الموظفة للغة الجسد ما يأتي:
الصفحة 91
الصفحة92
ثالثاً : استخدام الإيماءات
الإيماءات هي حركات معينة يستطيع المتعلم أن يقرأ الرسالة منها، وتكون بتوظيف إيماءات الرأس، وحركة اليدين، وتعبيرات الجسم بالموافقة على الموقف أو العكس، ويظهر أثر الإيماءات في توصيل المعلومات، وقوة الرسالة ومهارة المرسل، فضلاً عن الضبط والإدارة للمواقف التدريسية والتدريبية. وتتمثل الإيماءات في الآتي:
الابتسامة: تعد أحد أبرز اللغات التي يدركها الناس، وهنالك علاقة قوية بين قوة الشخصية والابتسامة فهي دليل على الثقة بالنفس وقوة الحضور والشجاعة، لما لها من تأثير إيجابي في نفسية الآخرين، والتدريس عبارة عـن علاقات تقوم على الود والاحترام وتقبّل الآخرين، وتترك الابتسامة للمتلقي الشعور بالأمان والاستمتاع بالتدريس، وهنالك جانب آخر للابتسامة يتمثل في التخلص من القلق أو الخوف، حيث من المستحيل أن تكون مبتسماً وأنت في حالة خوف أو قلق. وأشار النبي محمد –صلى الله عليه وسلم – بحديثه تبسمك في وجه أخيك صدقة عن أهمية الابتسامة. وإذ قام المدرس بالضحك فيجب عليه عدم رفع رأسه للأعلى والضحك بصوت عال، بل ينزل رأسه قليلاً للأسفل ويضحك بصوت معقول وغير مبالغ فيه.
إيماءات الرأس : وهي اللغة التي تعمل على التعزيز الإيجابي للطالب عندما يشعره المدرس بالاهتمام الملحوظ ،تجاهه وشدة الإعجاب بما يبديه من رأي،
الصفحة 93
وإرسال معنى الاحترام والتقدير له ويكون ذلك عندما يتحدث الطالب سواء أكان بالإجابة عن السؤال، أم طرح فكرة أم مناقشة ، ويطبق المـدرس إيماءات إيجابية كهزّ الرأس والابتسامة واستخدام تعابير الوجه (الرضا) فيكون ذلك بمثابة تعزيز قوي الأثر للطالب.
وهنالك إيماءات إيجابية تصدر من الطلبة منها:
أما الإيماءات السلبية فهي:
الصفحة94
ويستثمر المدرس والمحاضر الناجح قوة الإيماءات وأثرها في ممارساته التدريسية بتوظيفها في جانب الإدارة الصفية والضبط تجاه المواقف غير المرغوب فيها، مثل الحديث الجانبي، أو الفوضى من الطلبة، أو غيرها. باستخدام إيماءات السكوت والإشارات البصرية، التي تعبر عن عدم الرغبة اتجاه هذا السلوك. فتغيير نبرة الصوت أو ارتفاعه مدة من الزمن، أو غير ذلك من الإيماءات، أو نظرة بصرية، أو تعبيرات الوجه، تستطيع أن ترسل رسالة قوية مؤثرة في الطالب مفادها تغيير السلوك غير المرغوب فيه دون كلام، وبهذا تعين المدرس على امتلاك مهارة الضبط والإدارة الصفية.
رابعاً : التحرك في غرفة الصف (القاعة)
الحركة أو السير في الغرفة الصفية هي لغة اتصال وتواصل تعطي انطباعاً لقوة العرض التقديمي، ويكون ذلك بالحركة الدالة على الموقف بطريقة إيجابية، ويجب على المدرّس توظيف حركته وسيره بطريقة إيجابية، فأثناء السير يجب المحافظة على وضع الجسم بحالة استرخاء معبرة عن الراحة والثقة بالنفس وهنالك جملة من الحركات الإيجابية كأن تكون الحركة:
الصفحة 95
السير إلى الأمام ووجهه نحو الطلبة
الوقوف بهذا الشكل ( انظر الشكل الصفحة 96 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة96
السير إلى الأمام باتجاه الطلبة
( انظر الاشكال الصفحة 97 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
السير إلى الأمام باتجاه الطلبة الرجوع إلى الخلف ونظره باتجاه الطلبة بحيث يضمن المدرس عند الرجوع للخلف بألا يعطي ظهره للطلبة، بل يرجع ونظره باتجاههم بشكل زاوية، وكذلك السير إلى الأمام بالطريقة نفسها.
وهذه الحركات من شأنها أن تقدم نموذجا للاتصال والتواصل الفعال، وعندما يوظف المدرس الحركات والتنقلات في العرض والتقديم فإنّ ذلك يوثر في إدارته للعملية التدريسية ويؤثر في رفع الدافعية.
الصفحة 97
ومن جهة أخرى، قد يهمل المدرس مهارات التحرك في الغرفة الصفية وتطبيقاتها بوقوفه في زاوية واحدة طيلة العملية التدريسية أو جلوسه مدة طويلة من وقت التدريس أو الحركة في حيز ضيق من الغرفة الصفية، مما يؤدي إلى خلل في الانضباط وشيوع الفوضى والملل وانصراف عدد كبير من الطلبة عن الموقف التدريسي، وانشغالهم بأمور ثانوية وإفساد فاعلية التدريس وإحداث الخلل.
وهنالك حركات يجب أن يبتعد عنها المدرس أثناء التدريس مثل :
خامساً: الاتصال البصري
طريقة تواصل باستخدام العينين عند الحديث مع الآخرين، من أجل نقل الرسالة بفاعلية والتأثير بهم كما جاءت المقولة كلما قمت باتصال بصري فعال فإنك تقدم انطباعاً إيجابياً وفعّالاً أكبر عن نفسك، واستطعت أن تبني علاقة أفضل مع المستقبل.
والاتصال البصري يختلف كلياً عن التحديق الذي يعني ا الاتصال الذي يركز على نقطة واحدة فقط بطريقة متواصلة، وإهمال الأجزاء الأخرى من التواصل البصري، وهذا أمر غير مرغوب فيه، لأنه يؤدي إلى الحرج والضيق.
الصفحة 98
في حين يجري في الاتصال البصري توزيع الاتصال بالنظر للجميع وبمدة محددة من الوقت دون التواصل المستمر بالطريقة نفسها والاتصال البصري يكون بطريقة حميمة ولطيفة .
الصفحة 99
الاتصال البصري في التدريس
يكون الاتصال البصري في العملية التدريسية على النحو الآتي:
الصفحة 100
وعندما يبدأ الطالب بالتحدث أو الإجابة فإن التركيز يكون بالاتصال البصري من المدرس بالنظر إليه مع لغة الجسد المعززة له. مانحاً بذلك الثقة والاهتمام.
ولا ينصح بارتداء النظارات الشمسية في أثناء العملية التدريسية.
سادساً : حركة اليدين
لليدين تعبيرات ولغة يستطيع الآخرون إدراكها والتفاعل معها، ويمكن توظيف حركة اليدين الإيجابية في أثناء التدريس، مما يدعم من مكانة المدرس وقوة التأثير في طلبته. وهذه بعض حركات اليدين:
الصفحة 101
فتح اليدين : تشير هذه الحركة المحببة للجميع إلى أنّ المتحدث صادق وصريح في طرحه للمعلومات وتعطي هذه الحركة للمدرس الفرصة لنيل ثقة طلبته والاستماع إليه. و بأنه يقول الحقيقة.
اليدين في وضع الجيبة: تشير حركة وضع اليدين في وضع الجيبة، كما في الشكل، إلى القدرة على السيطرة والاستعداد للإجابة، أو تقديم الحل السريع بكل ثقة . على أنّ هذه الحركة يمكن أن تكون سلبيةً في بعض الأحيان.
الصفحة 102
الإشارة بإصبع اليد: تعدّ هذه الحركة حركة سلبية؛ لأن فيها إشارة إلى العدوانية وإخضاع الآخرين، ولا ينصح للمدرس استخدامها في أثناء التدريس لأن مردودها سلبي.
تستخدم اليد بطريقة إيجابية إذ ما كانت مفتوحة، كما في الشكل الآتي،(انظر الشكل الصفحة 103 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه) والعكس صحيح. فإذا كانت راحة اليد لأعلى فإنها تشير إلى عدم التهديد بل تدل على الإيجابية والطلب بلطف وود. وأنك تتوقع إجابة وتكلماً مفيداً، وأنك مستعد للاستماع إليه. في حين راحة الكف إلى الأسفل فإنها تعطي انطباعاً سلبياً مفاده السيطرة والأمر .
الصفحة 103
وتشير الدراسات إلى أن الشخص الذي يرفع يده في الهواء هو الذي يرغب بالتحدث، والذي يضع يده للأسفل أو خلف ظهره فهذا يعني الرغبة في الاستماع وعدم الحديث.
ثني الذراعين (تكتيف اليدين): تفيد وضعية اليدين بهذا الشكل إلى وضعية سلبية لا ينصح المدرس بأن يستخدمها، لأنها تؤدي إلى ترجمة سلبية مفادها عدم الثقة بالنفس ووجود حاجز بمعنى أنك لن تقترب منه، وأنه لن يخرج ما بداخله.
اليدين في الخلف: تشير الدلائل إلى أن وضع اليدين (عقد اليدين) في الخلف إشارة سلبية، لأنها تشير إلى عدم الثقة بالنفس والخوف. وتفسر أيضاً بأنها دليل على إخفاء شيء ما. وضع اليد خلف الظهر المقرونة برفع الرأس والسير بثقة و (أحد اليدين تمسك بالأخرى خلف الظهر)، فهذا يدل على الثقة بالنفس والاستعلاء. أما مسك اليد من الرسخ أو أعلى الذراع من الخلف، فهي تشير إلى الإحباط أو الغضب الشديد.
وضع اليدين على الوجه :عند وضع اليدين على أي جزء من الوجه، كالأذن تارة والذقن تارة أخرى تشير إلى فقدان السيطرة على الموقف، بسبب عدم القدرة على التحكم في الموقف، وعدم القدرة على التفكير السليم، وإخفاء معلومة غير متحقق منها. وتحدث هذه الحركة في التدريس عند حدوث مواقف صعبة أثناء عملية التدريس.
الصفحة 104
والجدير بالذكر أن استخدام حركات اليد يؤثر إيجاباً في ذاكرة المتلقي، ويلفت انتباهه ويزيد تأثير التواصل، ويساعده على الاحتفاظ بالمعلومات حيث أجريت دراسة على متطوعين قاموا بالاستماع إلى مجموعة من القصص التي استخدم فيها حركات وتمثيلات اليد المختلفة، وآخرين يستمعون إلى مجموعة من القصص من غير أي حركات وتمثيلات اليد، وعند اختبارهم بالمعلومات كانت النتيجة تذكر التفاصيل أعلى بنسبة الثلث للذين شاهدوا حركات اليد وتمثيلاتها. وهذا يبين أثر استخدام حركات اليد في زيادة القدرة على التذكر.
سابعاً : الوقوف (الهيئة) :
هنا إشارات ودلائل ومواقف يقرؤها الآخرون عند الوقوف بطبيعة معينة بشكل من الأشكال، فالوقفة بشكل مستقيم، والرأس مرفوع مؤشر على الثقة بالنفس. في حين تعطي الوقفة المائلة أو المنحنية انطباعاً عن قلة الثقة بالنفس، وتكون بذلك إشارة سلبية.
والوقفة المستقيمة والرأس مرفوع، واليدان أمام الطلبة . يعني بأن المدرس يطلب منهم الاستماع والملاحظة، وهو سيد الموقف قبل البدء في تقديم الدرس، وتعطي الوقفة انطباعاً بالحيوية والنشاط، وأنها تمهيد للدرس المهـم مـن مـدرس قوي مؤثر. والوقفة بمقدمة الجسم يعطي كذلك انطباعاً بالثقة العالية والمرونة .
الصفحة 105
وعلى المدرس أن يقف بشكل يضمن ظهور كامل جسده للطلبة منذ بداية التدريس، وعدم الوقوف خلف شيء ما.
وعند تطبيق عناصر لغة الجسد السابقة، فإن هذا يعني قوة المدرس والمحاضر في ممارساته التدريسية المختلفة، وعليه فإنّ دعم المدرس لعناصر لغـة الجسد السابقة ودمجها كالاتصال البصري مع الإيماءات والتحرك وحسن الهندام واستخدم تعبيرات الوجه وطريقة الوقوف أو الجلوس ونبرة الصوت في ممارساته التدريسية مع طلبته، فإن هذا يعني تدريساً فعالاً، يؤثر إيجابياً في رفع الدافعية وتحقيق الأهداف.
مهارة التَّعبيرات اللفظية (نبرة الصوت) ولغة الجسد :
وفيها يجري استخدام التعبيرات اللفظية ذات الطابع المؤثر بمهارة النبرة، والتلوين الصوتي والتنوع في الإيقاع، وتغيير السرعة في الكلام بمعنى مراعاة عناصر الصوت). وتتكون الدائرة من:
) انظر الشكل الصفحة 106 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة 106
وبالنسبة لعناصر الصوت قد أثبتت الدراسات ما يأتي:
وقدمت الدراسات والبحوث بهذا المجال أنّ أفضل حالات الصوت يكون في الأمور الآتية : عندما تكون مرتاحاً أي غير متعب ومجهد، وهذا يتطلب الهدوء والاسترخاء قبل الشروع بالحديث. وعندما تكون واقفاً أو جالساً وقدماك ثابتتان على الأرض، فهذه أفضل حالة للصوت المثالي، وضرورة
الصفحة 107
التنفس من المعدة بطريقة صحيحة، والابتسامة لها أثر في صحة الصوت وسلامته. وعند التحدث يجب أن تراعي حساسية الصوت ودرجة الخفض والتحدث وفمك فارغ.
الصمت : إنّ السكوت مدّة من الزمن يفيد العرض التقديمي، حيث يصمت المدرس لمدة لا تزيد عن ثلاث ثوان، وهذا الصمت يعطي فرصة لترتيب الأفكار، ويترك انطباعا ذهنيا للمتلقي ويسمح بترتيب الأفكار والاستنتاجات والتخزين وغير ذلك. ويقول المتخصصون في مجال الإعلام والتحدث: إنّ هنالك ثلاثة مواقف يمكن أن يقف عندها المتحدث تاركا الأثر الكبير في المتلقي وهي :
الصفحة 108
إن هذه المهارة تكون بشكل فعّال حين تنسجم مع الإيماءات والحركة والاتصال البصري ( لغة الجسد).
مهارة توجيه السؤال وتوظيف لغة الجسد
يمكن للمدرس توظيف مهاراته في لغة الجسد في طرحه للأسئلة الصفية وتتكون من جملة من المهارات الأتية:
الصفحة 109
الصفحة 110
وعند تطبيق الخطوات السابقة ينتج عن ذلك ما يأتي:
اختيار طالب واحد للإجابة عن السؤال ومنع الإجابات الجماعية: الهدف من السؤال التفاعل الإيجابي والمشاركة الفعالة للطلبة، ولكن بشرط أن يكون في جو يسوده النظام واحترام الرأي، وحسن الاستماع لكي تعم الفائدة المرجوة، ونبتعد عن الفوضى والعشوائية غير المفيدة، ويكون ذلك بحسن تصرف المدرس في طرح الأسئلة وقدرته على السيطرة بلغة الجسد على الجو التفاعلي.
الصفحة 111
مهارة الإدارة الصفية والضبط
تحدث مشكلة الإدارة والضبط الصفي مثلاً بسبب انشغال الطلبة عن الموقف التدريسي أثناء عملية شرح المدرس ومناقشته، أو حتى الكتابة على السبورة، والسبب عدم قدرته على متابعة قضايا الطلبة، وعدم استثمار الوسائل التعليمية بشكل صحيح، وعدم توظيف مهارات العرض والتقديم وطرح الأسئلة التحفيزية مما يحدث الفوضى في أثناء العرض والتقديم، فضلاً عن ارتباط ذلك بعدم إثارة دافعية الطلبة نحو التعلم وتحقيق الأهداف، وهذا حتماً مؤشر على ممارسات تدريسية غير ناجحة والحل توظيف مهارات لغة الجسد في العملية التدريسية . لذا يجب اتباع الخطوات الآتية:
مهارات عرض الوسائل التعليمية
تعد مهارة استخدام الوسائل التعليمية واحدةً من أبرز مهارات التدريس التي يجب على المدرس أن يدرك بكيفية استخدامها وتوظيفها بشكل فعال، ويمكن للمدرس استغلال هذه المهارة بتوظيف مهارات لغة الجسد بما يأتي:
الصفحة 112
شكل يوضح الوقفة الصحيحة أمام العرض (انظر الشكل الصفحة 113 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
الصفحة113
لا تعط ظهرك للطلبة عند الكتابة أو الشرح، يجب عليك أن تكتب بطريقة احترافية تتمثل في أن تقف عند أحد جانبي السبورة أو اللوح القلاب ونظرك باتجاه الطلبة. كما في الشكل الآتي ) انظر الشكل الصفحة 114 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
ــ لا تقم بالقراءة من الجهاز المحمول بل يجب القراءة من جهاز العرض؛ من أجل التواصل البصري ومشاهدة الطلبة لما تشرح عنه بالتأشير.
ــ وأخيرًا ابتعد عن بعض الممارسات غير الصحيحة التي تقود إلى فشل مهارة العرض والتقديم وتعمل على الملل ومنها ما يأتي :
الصفحة 114
الفصل السادس: تطبيقات في لغة الجسد
أولا : مواقف تربوية
يصادف كل منا - نحن التربويين - بعض المواقف الصفية التي تحدث في أثناء العملية لتدريسية، وأحياناً نعجز عن حلها والتعامل معها، لذلك ارتأينا عرض بعض المواقف التدريسية المتعلقة بلغة الجسد، التي يستطيع المدرس ملاحظتها، مما يساعده في التعامل مع الموقف، والتواصل مع الطلبة بطريقة إيجابية، وتجنب استفزازه. لقد اخترنا بعض المواقف العامة، ووضعنا حلولاً إرشادية اجتهدنا في وضعها وهي ليست ملزمة، وقد يجتهد غيرنا بما هو أفضل.
مواقف وحلول مقترحة
الشاهد بلغة الجسد : يفرك أنفه، أو يحك مؤخرة الرأس أو العنق: وهـذا يدل على عدم الثقة أو الرفض أو الكذب. فالطالب هنا غير صادق.
الصفحة 115
الشاهد بلغة الجسد: وضع اليد على الخد وإسناد الرأس: وهذا يشير إلى استغراقه في التفكير، والتركيز العالي.
الشاهد بلغة الجسد: ينقر أصابعه ويضرب دلالة على عدم صبره أو ملله.
• ويمكن للمدرس أن يتحدث معه حول أهمية الدرس وإتمام المهمة المطلوبة، أو أن يقوم بتغيير سير الحصة الدراسية، أو إخراجه مدة من الزمن، أو تغيير الأسلوب أو إعطاء نشاط كسر جمود.
الشاهد: دلالة على (التوتر، العصبية، الاجهاد، الخوف).
• يجب على المدرس أن يتحدث مع الطالب حول سبب الحالة التي تعتريه وأن يباشر في إخراجه من الحالة بإعطائه أسئلة تحفيزية، أو الاتصال معه وتعزيزه بلغة جسد ايجابية. ويمكن بعد ذلك التواصل مع الأهل، أو الاستعانة بالمرشد التربوي.
الصفحة 116
الشاهد: الحالة تشير إلى العصبية الشديدة من الطالب.
• على المدرس العمل على تهدئة الطالب نفسيا، و امتصاص غضبه وعصبيته، باتباع ما يأتي إخراجه من الجو بإشراكه في عمل محبب له، أو الطلب منه التعبير عن رأيه، أو استخدام إيماءات مثل وضع المدرس يده على كتفه، أو الابتسامة.
الشاهد : تكتيف ذراعية دلالة على عدم الثقة، وأن هنالك حاجزاً ومانعا .
• على المدرس أن يقوم بإعطاء الطالب شيئا يحمله مثل القلم أو ما شابه ذلك، أو الطلب إليه أن يفعل شيئاً ، ويمكن التحدث معه قبل البدء في تقديم الموضوع .
ماذا تقرأ من الحالات الآتية ؟
تشير إلى أنك غير مرغوب فيك عقلياً وجسدياً.
دلالة على رفض الاستماع.
(دلالة على القلق والملل )
الصفحة 117
(دلالة على عدم الراحة )
( الحزن، أو الخجل، أو فقدان الثقة).
ثانيا: خطة دراسية
إرشادات للمعلم قبل دخول الحصة الصفية
تعد طريقة دخول المدرس إلى الصف توجيهاً لطلبته إلى كيفية التعامل معه، لذلك يجب عليه اتباع الخطوات الآتية أثناء دخوله إلى الغرفة الصفية:
الصفحة 118
والآن لنبدأ درسنا في هذه الحصة
تطبيقا عمليا
نموذج خطة درس قراءة في اللغة العربية
اللغة العربية
الصف العاشر
عنوان النص: ما أسهل أن تكون قوياً!
نوع النص: قصة قصيرة.
الكاتب: . أنطون تشيخوف.
المهارات :
- مهارة تنويع المثيرات.
- مهارة إثارة الدافعية للتعلم.
- مهارة طرح الأسئلة المثيرة للتأمل والتفكير.
- مهارة التعزيز.
ملحوظة : لتحقيق المهارات السابقة يستخدم المدرس أساليب مختلفة واستراتيجيات متنوعة لتحقيقها والهدف من هذا الكتاب إرشاد المدرس إلى أن
الصفحة 119
لغة الجسد إحدى الاستراتيجيات التي يمكن للمدرس استخدامها وإحدى الاختيارات التي قد تحقق نتاجات التعلم لدى الطلبة.
النتاجات:
يتوقع من الطالب بعد نهاية هذه الحصة الوحدة أن يكون قادراً على مايلي:
الصفحة 120
النص
ما أسهل أن تكون قوياً !
منذ أيام دعوت إلى غرفة مكتبتي مربية أولادي (يوليا) لكي أدفع لها أجرها ، قلت لها: اجلسي يا (يوليا)، أنت في حاجةٍ إلى النقود، ولكنك خجولة إلى درجة أنك لن تطلبيها بنفسك ، حسناً، لقد اتفقنا على أن أدفع لـك ثلاثين (روبل) شهرياً.
الصفحة 121
نحسم منها تسعة أيام آحاد فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تأخذينه في نزهة فقط، ثم ثلاثة أيام أعياد.
تضرج وجه (يوليا) وعبثت أناملها بأهداب الفستان، ولكن لم تنبس ببنت شفة .
واصلت:
الصفحة 122
امتلأت عيناها بالدمع، وتعرّق أنفها ، يا للفتاة المسكينة !
ومددت لها أحد عشر (روبل).
فتناولتها، ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة، وهمست: شكراً.
انتفضت واقفاً، أخذت أروح وأجيء في الغرفة، واستحوذ علي الغضب
سأعطيك الثمانين (روبل) كلّها .. ها هي جهزتها لك! ولكن هل يمكن أن تكوني ضعيفةً إلى هذه الدرجة؟ لم لا تحتجين؟ لم تسكتين عن حقك؟ ألا يمكن أن تكوني قوية؟ لا تكوني عاجزةً إلى هذا الحد.
الصفحة 123
تبسمت، وقرأت على وجهها ربما
سألتها الصفح عن هذا الدرس القاسي وأعطيتها ـ وسط دهشتها ـ الثمانين (روبل) كلها، فشكرتني بخجل وخرجت.
تطلعت في أثرها قلت في نفسي ما أسهل أن تكون قوياً في هذه الدنيا!
أنطون تشيخوف، الأعمال القصصية، ترجمة أبو بكر يوسف
الصفحة 124
رحلة تنفيذ مهارات التدريس من خلال أمثلة من النص ( انظر الجدول الموضح من الصفحة 125 إلى الصفحة 132 ضمن النسخة الورقية بدف أعلاه)
المراجع :
أولاً: المراجع باللغة العربية
الصفحة 133
الصفحة 134
الصفحة 135
الصفحة 136
الصفحة 137
ثانياً : الدراسات الأجنبية :
1. Aggarwal, James. C. (2007). Teaching of Social Studies. A Practical Approach Vikas publishing House. New delhi
2. Borich , Gary D. (2004). Effective teaching methods. NJ. U.S.A. Prentice Hall.
3. Brtrong, D. Henson, K. & Savage, T” (2005). “Teaching today. An introduction". Upper Saddle River. NJ. Pearson Education.
4. Jacobson, A. David, Eggen Paul. & Kauchak, Donald. (2006).
Methods for Teaching. Promoting Student Learning in K12 Classrooms. NJ. U.S.A. Prentice Hall.
5. Orlich, D. (2003). Teaching strategies:’A guide to better instruction (4th ed.). Lexington, MA: D. C. Heath and Company.
. 6. Shwlly, Hagen.(2017). Every think ”ody Language. 2nd edition, UAE jarir book shop
الصفحة 138